محمد بن يزيد الأنصاري مولاهم البصري
كتب الحجاج إلى عبد الملك يشير عليه أن يستكتب محمد بن يزيد وكتب إليه: إن أردت رجلاً مأموناً فاضلاً عادلاً ورعاً مسلماً كتوماً، تتخذه لنفسك، وتضع عنده سرك وما لا تحب أن يظهر، فاتخذ محمد بن يزيد؛ فكتب إليه عبد الملك: احمله؛ فحمله، فاتخذه عبد الملك كاتباً.
قال محمد: فلم يكن يأتيه كتابٌ إلا دفعه إلي، ولا بشر شيئاً إلا أخبرني به، وكتمه الناس، ولا يكتب إلى عاملٍ إلا أعلمنيه؛ فإني لجالسٌ يوماً نصف النهار، إذا أنا بيزيد قد قدم من مصر، فقال: الإذن على أمير المؤمنين؛ قلت: ليست هذه ساعة إذنٍ، فأعلمني ما قدمت له؛ قال: لا؛ قلت: فإن كان معك كتابٌ فادفعه إلي؛ قال: لا؛ قال: فأبلغ بعض من حضرني أمير المؤمنين، فخرج فقال: ما هذا؟ قلت: رسولٌ قدم من مصر؛ قال: فخذ الكتاب؛ قلت: زعم أنه ليس معه كتاب؛ قال: فسله عما قدم فيه؛ قلت: قد سألته، فلم يخبرني؛ قال: أدخله؛ فدخل فقال: آجرك الله يا أمير المؤمنين في عبد العزيز؛ فاسترجع وبكى، ووجم ساعةً؛ ثم قال: يرحم الله عبد العزيز، مضى لشأنه
وتركنا وما نحن فيه، وبكى النساء وأهل الدار؛ ثم دعاني من غدٍ، فقال لي: قد مضى عبد العزيز لسبيله ولابد للناس من علمٍ وقائمٍ يقوم بالأمر من بعدي فمن ترى؟ قلت: يا أمير المؤمنين سيد الناس وأرضاهم وأفضلهم الوليد بن عبد الملك؛ قال: صدقت وفقك الله؛ ثم من ترى أن يكون بعد؟ قلت: يا أمير المؤمنين أين تعدوها عن سليمان فتى العرب؟ قال: وفقت، أما إنا لو تركناها للوليد لجعلها لبنيه، اكتب عهد الوليد وسليمان من بعده؛ فكتبت بيعة الوليد ثم سليمان من بعده، فغضب علي الوليد فلم يولني شيئاً حين أشرت لسليمان من بعده.
قال محمد بن يزيد: لما قام سليمان بن عبد الملك بعثني إلى العراق إلى المسيرين، إلى أهل الديماس الذي سجنهم الحجاج؛ قال: فأخرجتهم فيهم يزيد الرقاشي ويزيد الضبي وعابدةٌ من أهل البصرة، فأخرجتهم في عمل ابن أبي مسلم وعنفت ابن أبي مسلم بصنيعه، وكسوت كل رجلٍ منهم بثوبين؛ فلما مات سليمان ومات عمر كنت مستعملاً على إفريقية، فقدم علي يزيد بن أبي مسلم أميراً في عمل يزيد بن عبد الملك فعذبني عذاباً شديداً حتى كسر عظامي، فأتي بي يوماً أحمل في كساءٍ عند المغرب؛ فقلت: ارحمني، قال: التمس الرحمة عند غيري، لو رأيت ملك الموت عند رأسك لناذرته نفسك، اذهب حتى أصبح لك.
قال: فدعوت الله عز وجل، فقلت: اللهم اذكرني ما كان مني في أهل الديماس، اذكرني يزيد الرقاشي وفلاناً وفلاناً واكفني شر ابن أبي مسلم، وسلط عليه من لا يرحمه، واجعل ذلك من قبل أن يرتد إلي طرفي، وجعلت أحبس طرفي رجاء الإجابة، فدخل عليه ناسٌ من الري فقتلوه، ثم أتوني يطلقوني؛ فقلت: اذهبوا ودعوني فإني أخاف إن فعلتم أن يروا أن ذلك من سببي؛ فذهبوا وتركوني.
وحدث بطريقٍ آخر: قال: بعثني عمر بن عبد العزيز حين ولي فأخرجت من في السجون من حبس سليمان، ما خلا يزيد بن أبي مسلم فنذر دمي، فلما مات عمر ولاه يزيد بن عبد الملك إفريقية وأنا بها فأخذت فأتى بي في شهر رمضان عند الليل، فقال لي: محمد بن يزيد؟
قلت: نعم؛ قال: الحمد لله الذي أمكنني منك بلا عهدٍ ولا عقدٍ، وطالما سألت الله أن يمكنني منك؛ فقلت: وأنا طال ما سألت الله أن يعيذني منك؛ فقال: والله ما أعاذك الله مني، لو أن ملك الموت يسابقني إليه لسبقته؛ قال: وأقيمت المغرب، فصلى ركعة وثار به الجند فقتلوه؛ وقالوا لي: خذ أي طريقٍ شئت.
وقيل: كان السبب في قتل يزيد بن أبي مسلم والي إفريقية، أن كان عزم أن يسير فيهم بسيرة الحجاج بن يوسف، فأجمع رأيهم على قتله، فقتلوه، وولوا على أنفسهم الوالي الذي كان عليهم قبل وهو محمد بن يزيد مولى الأنصار، وكان في حبس يزيد بن مسلم، وكتبوا إلى يزيد بن عبد الملك: إنا لم نخلع أيدينا من الطاعة ولكن يزيد بن أبي مسلم سامنا ما لا يرضي الله عز وجل والمسلمين، فقتلناه وأعدنا عاملك؛ فكتب إليهم يزيد بن عبد الملك: إني لم أرض ما صنع يزيد بن أبي مسلم؛ وأقر محمد بن يزيد على إفريقية.
كتب الحجاج إلى عبد الملك يشير عليه أن يستكتب محمد بن يزيد وكتب إليه: إن أردت رجلاً مأموناً فاضلاً عادلاً ورعاً مسلماً كتوماً، تتخذه لنفسك، وتضع عنده سرك وما لا تحب أن يظهر، فاتخذ محمد بن يزيد؛ فكتب إليه عبد الملك: احمله؛ فحمله، فاتخذه عبد الملك كاتباً.
قال محمد: فلم يكن يأتيه كتابٌ إلا دفعه إلي، ولا بشر شيئاً إلا أخبرني به، وكتمه الناس، ولا يكتب إلى عاملٍ إلا أعلمنيه؛ فإني لجالسٌ يوماً نصف النهار، إذا أنا بيزيد قد قدم من مصر، فقال: الإذن على أمير المؤمنين؛ قلت: ليست هذه ساعة إذنٍ، فأعلمني ما قدمت له؛ قال: لا؛ قلت: فإن كان معك كتابٌ فادفعه إلي؛ قال: لا؛ قال: فأبلغ بعض من حضرني أمير المؤمنين، فخرج فقال: ما هذا؟ قلت: رسولٌ قدم من مصر؛ قال: فخذ الكتاب؛ قلت: زعم أنه ليس معه كتاب؛ قال: فسله عما قدم فيه؛ قلت: قد سألته، فلم يخبرني؛ قال: أدخله؛ فدخل فقال: آجرك الله يا أمير المؤمنين في عبد العزيز؛ فاسترجع وبكى، ووجم ساعةً؛ ثم قال: يرحم الله عبد العزيز، مضى لشأنه
وتركنا وما نحن فيه، وبكى النساء وأهل الدار؛ ثم دعاني من غدٍ، فقال لي: قد مضى عبد العزيز لسبيله ولابد للناس من علمٍ وقائمٍ يقوم بالأمر من بعدي فمن ترى؟ قلت: يا أمير المؤمنين سيد الناس وأرضاهم وأفضلهم الوليد بن عبد الملك؛ قال: صدقت وفقك الله؛ ثم من ترى أن يكون بعد؟ قلت: يا أمير المؤمنين أين تعدوها عن سليمان فتى العرب؟ قال: وفقت، أما إنا لو تركناها للوليد لجعلها لبنيه، اكتب عهد الوليد وسليمان من بعده؛ فكتبت بيعة الوليد ثم سليمان من بعده، فغضب علي الوليد فلم يولني شيئاً حين أشرت لسليمان من بعده.
قال محمد بن يزيد: لما قام سليمان بن عبد الملك بعثني إلى العراق إلى المسيرين، إلى أهل الديماس الذي سجنهم الحجاج؛ قال: فأخرجتهم فيهم يزيد الرقاشي ويزيد الضبي وعابدةٌ من أهل البصرة، فأخرجتهم في عمل ابن أبي مسلم وعنفت ابن أبي مسلم بصنيعه، وكسوت كل رجلٍ منهم بثوبين؛ فلما مات سليمان ومات عمر كنت مستعملاً على إفريقية، فقدم علي يزيد بن أبي مسلم أميراً في عمل يزيد بن عبد الملك فعذبني عذاباً شديداً حتى كسر عظامي، فأتي بي يوماً أحمل في كساءٍ عند المغرب؛ فقلت: ارحمني، قال: التمس الرحمة عند غيري، لو رأيت ملك الموت عند رأسك لناذرته نفسك، اذهب حتى أصبح لك.
قال: فدعوت الله عز وجل، فقلت: اللهم اذكرني ما كان مني في أهل الديماس، اذكرني يزيد الرقاشي وفلاناً وفلاناً واكفني شر ابن أبي مسلم، وسلط عليه من لا يرحمه، واجعل ذلك من قبل أن يرتد إلي طرفي، وجعلت أحبس طرفي رجاء الإجابة، فدخل عليه ناسٌ من الري فقتلوه، ثم أتوني يطلقوني؛ فقلت: اذهبوا ودعوني فإني أخاف إن فعلتم أن يروا أن ذلك من سببي؛ فذهبوا وتركوني.
وحدث بطريقٍ آخر: قال: بعثني عمر بن عبد العزيز حين ولي فأخرجت من في السجون من حبس سليمان، ما خلا يزيد بن أبي مسلم فنذر دمي، فلما مات عمر ولاه يزيد بن عبد الملك إفريقية وأنا بها فأخذت فأتى بي في شهر رمضان عند الليل، فقال لي: محمد بن يزيد؟
قلت: نعم؛ قال: الحمد لله الذي أمكنني منك بلا عهدٍ ولا عقدٍ، وطالما سألت الله أن يمكنني منك؛ فقلت: وأنا طال ما سألت الله أن يعيذني منك؛ فقال: والله ما أعاذك الله مني، لو أن ملك الموت يسابقني إليه لسبقته؛ قال: وأقيمت المغرب، فصلى ركعة وثار به الجند فقتلوه؛ وقالوا لي: خذ أي طريقٍ شئت.
وقيل: كان السبب في قتل يزيد بن أبي مسلم والي إفريقية، أن كان عزم أن يسير فيهم بسيرة الحجاج بن يوسف، فأجمع رأيهم على قتله، فقتلوه، وولوا على أنفسهم الوالي الذي كان عليهم قبل وهو محمد بن يزيد مولى الأنصار، وكان في حبس يزيد بن مسلم، وكتبوا إلى يزيد بن عبد الملك: إنا لم نخلع أيدينا من الطاعة ولكن يزيد بن أبي مسلم سامنا ما لا يرضي الله عز وجل والمسلمين، فقتلناه وأعدنا عاملك؛ فكتب إليهم يزيد بن عبد الملك: إني لم أرض ما صنع يزيد بن أبي مسلم؛ وأقر محمد بن يزيد على إفريقية.