92060. منذر بن زياد ابو يحيى الطائي البصري1 92061. منذر بن زياد البصري1 92062. منذر بن زياد الطائي2 92063. منذر بن سعد4 92064. منذر بن سعد بن المنذر ابو حميد الساعدي...1 92065. منذر بن سعيد البلوطي أبو الحكم الأندلسي...192066. منذر بن سلهب2 92067. منذر بن شاذان ابو عمر التمار الرازي1 92068. منذر بن عائذ1 92069. منذر بن عائذ الأشج1 92070. منذر بن عبد الله1 92071. منذر بن عبد الله ابو ابراهيم الحزامي...1 92072. منذر بن عبد الله المدني والد إبراهيم...1 92073. منذر بن عبد اليشكري1 92074. منذر بن عبيد الله بن المنذر2 92075. منذر بن عبيد الله بن المنذر1 92076. منذر بن عبيد المدني3 92077. منذر بن عمرو الانصاري1 92078. منذر بن مالك1 92079. منذر بن مالك ابو نضرة1 92080. منذر بن مالك بن قطعة1 92081. منذر بن مالك بن قطعة ابو نضرة2 92082. منذر بن محمد بن المنذر1 92083. منذر بن نافع1 92084. منذر بن هوذة3 92085. منذر بن يعلى أبو يعلى الثوري2 92086. منذر بن يعلى ابو يعلى الثوري2 92087. منذر بين عبيد المدني1 92088. منذر بن أبي الجهم1 92089. منذر وقيل منيذر الاسلمي1 92090. منذز الثوري1 92091. منصور1 92092. منصور أبو أمية الخصي1 92093. منصور ابن المهدي محمد بن منصور أبي جعفر العباسي...1 92094. منصور ابو امية حضر عمر بن عبد العزيز1 92095. منصور القصاب1 92096. منصور الكلبي4 92097. منصور بن آذين1 92098. منصور بن أبي الأسود2 92099. منصور بن أبي الأسود الليثي1 92100. منصور بن أبي سريرة1 92101. منصور بن أبي سليمان1 92102. منصور بن أبي مزاحم2 92103. منصور بن أبي مزاحم بشير أبو نصر البغدادي...1 92104. منصور بن أبي منصور2 92105. منصور بن أبي نويرة1 92106. منصور بن إسماعيل أبو الحسن التميمي الشافعي...1 92107. منصور بن ابراهيم بن اسحاق ابو القاسم الهلالي...1 92108. منصور بن ابى الاسود1 92109. منصور بن ابى منصور1 92110. منصور بن ابي الاسود1 92111. منصور بن ابي الاسود الليثي1 92112. منصور بن ابي الحسن اسماعيل ابو الفضل الطبري الفقيه...1 92113. منصور بن ابي الحسن بن اسماعيل المخزومي ابو الفضل الطبري الفقيه ال...1 92114. منصور بن ابي سريرة الخراساني1 92115. منصور بن ابي سريرة مروزي1 92116. منصور بن ابي سليمان2 92117. منصور بن ابي مزاحم2 92118. منصور بن ابي مزاحم ابو نصر1 92119. منصور بن ابي مزاحم ابو نصر التركي الكاتب...1 92120. منصور بن ابي مزاحم التركي1 92121. منصور بن ابي منصور2 92122. منصور بن ابي نويرة1 92123. منصور بن ابي نويرة العلاف1 92124. منصور بن احمد بن محمد ابو نصر القلانسي الشيرازي...1 92125. منصور بن احمد بن نصر ابو بشر الانصاري الهروي...1 92126. منصور بن اذين1 92127. منصور بن اسماعيل1 92128. منصور بن اسماعيل التميمي المصري1 92129. منصور بن اسماعيل الحراني1 92130. منصور بن الجنيد ابو محمد1 92131. منصور بن الحارث الحارثي أبو الحسن1 92132. منصور بن الحسن بن زياد الاشناني الشلحي...1 92133. منصور بن الحسين بن علي بن القاسم بن محمد بن رواد ابو الفتح التاني...1 92134. منصور بن المعتمر6 92135. منصور بن المعتمر أبو عتاب السلمي2 92136. منصور بن المعتمر أبو عتاب السلمي1 92137. منصور بن المعتمر ابن عبد الله بن رببيعة السلمي...1 92138. منصور بن المعتمر ابو عتاب السلمي الكوفي...2 92139. منصور بن المعتمر السلمي أبو عتاب الكوفي...1 92140. منصور بن المعتمر السلمي ابو عتاب2 92141. منصور بن المعتمر السلمي الكوفي1 92142. منصور بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة...1 92143. منصور بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة السلمي...1 92144. منصور بن المهاجر الواسطي1 92145. منصور بن الموفق1 92146. منصور بن النضر بن اسماعيل الشيعي1 92147. منصور بن النعمان ابو حفص اليشكري البصري...1 92148. منصور بن النعمان اليشكري ابو حفص1 92149. منصور بن النعمان اليشكري الربعي2 92150. منصور بن النعمان بن المغيرة اليشكري الربعي...1 92151. منصور بن امير المؤمنين المهدي واسمه محمد بن عبد الله بن محمد بن ع...1 92152. منصور بن بشير1 92153. منصور بن بشير أبي مزاحم1 92154. منصور بن جعفر بن محمد بن ملاعب ابو القاسم الصيرفي...1 92155. منصور بن جعونة بن الحارث العامري1 92156. منصور بن جمهور بن حصن1 92157. منصور بن حيان1 92158. منصور بن حيان بن حصين الأسدي2 92159. منصور بن حيان بن حصين الأسدي1 Prev. 100
«
Previous

منذر بن سعيد البلوطي أبو الحكم الأندلسي

»
Next
مُنْذِرُ بنُ سَعِيْدٍ البَلُّوْطِيُّ أَبُو الحَكَمِ الأَنْدَلُسِيُّ
قَاضِي الجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ، يُنسَبُ إِلَى قبيلَةٍ يُقَال لَهَا: كُزْنَةَ، وَهُوَ مِنْ مَوْضِعٍ قريبٍ مِنْ قُرْطُبَةَ، يُقَال لَهُ: فحصُ البَلُّوْطِ.
كَانَ فَقِيْهاً مُحَقِّقاً، وَخطيباً بَلِيْغاً مُفَوَّهاً، لَهُ اليَوْمُ المَشْهُوْرُ الَّذِي ملأَ فِيْهِ الآذَانَ، وَبَهَرَ العُقولَ، وَذَلِكَ أَنَّ المُسْتَنصرَ بِاللهِ، كَانَ مشغُوفاً بَأَبِي عليٍّ القَالِيِّ، يُؤَهِّلُهُ لِكُلِّ مُهِمٍّ، فَلَمَّا وَرَدَ رَسُوْلُ الرُّوْمِ أَمَرَهُ أَنْ يقومَ خَطِيْباً عَلَى العَادَةِ الجَارِيَةِ، فَلَمَّا شَاهدَ أَبُو عَلِيٍّ الجمعَ العظيمَ جَبُنَ فَلَمْ تَحْمِلْهُ رِجْلاَهُ، وَلاَ سَاعَدَهُ لسَانُهُ، وَفطِنَ لَهُ مُنذرُ بنُ سَعِيْدٍ، فَوَثَبَ فِي الحَالِ، وَقَامَ مقَامَهُ، وَارتَجَلَ خطبَةً بَدِيْعَةً، فَأَبهَتَ الخَلْقَ، وَأَنشدَ فِي آخِرِهَا لِنَفْسِهِ:هَذَا المَقَالُ الَّذِي مَا عَابَهُ فَنَدُ ... لَكِنَّ صَاحِبَهُ أَزْرَى بِهِ البَلَدُ
لَوْ كُنْتُ فِيهِمْ غَرِيباً كُنْتُ مُطَّرفاً ... لكِنَّنِي مِنْهُمُ فَاغتَالَنِي النَّكَدُ
لَوْلاَ الخِلاَفَةُ أَبقَى اللهُ بَهَجْتَهَا ... مَا كُنْتُ أَبقَى بِأَرضٍ مَا بِهَا أَحَدُ
فَاستَحْسَنُوا ذَلِكَ، وَصلَّبَ الرَّسُولُ، وَقَالَ: هَذَا كبشُ رِجَالِ الدَّوْلَةِ.
وَمِنْ تَصَانِيْفِهِ: كِتَابُ (الإِنْبَاهِ عَنِ الأَحْكَامِ مِنْ كِتَابِ اللهِ) ، وَكِتَابُ (الإِباَنَةِ عَنْ حَقَائِقِ أُصولِ الدِّيَانَةِ) .
قَالَ ابْنُ بشكوَالٍ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ: مُنذرُ بنُ سَعِيْدٍ خطيبٌ بَلِيْغٌ مِصْقَعٌ، لَمْ يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ أَخطبَ مِنْهُ، مَعَ العِلْمِ البَارعِ، وَالمعرفَةِ الكَامِلَةِ، وَاليَقِينِ فِي العلومِ، وَالدِّينِ، وَالوَرَعِ، وَكَثْرَةِ الصِّيَامِ، وَالتَّهجُّدِ، وَالصَّدْعِ بِالْحَقِّ.
كَانَ لاَ تَأَخُذُهُ فِي اللهِ لومَةُ لاَئِمٍ، وَقَدِ اسْتَسْقَى غَيْرَ مَرَّةٍ، فَسُقِيَ.
ذَكَرَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ الحَكَمَ، فَقَالَ: كَانَ فَقِيْهاً، فَصِيْحاً، خَطِيْباً، لَمْ
يُسمعْ بِالأَنْدَلُسِ أَخطبُ مِنْهُ، وَكَانَ أَعلمَ النَّاسِ بِاخْتِلاَفِ العُلَمَاءِ، شَاعِراً لبيباً أَدِيباً، لَهُ تَصَانِيْف حسَانٌ جِدّاً، وَكَانَ مَذهَبُهُ النَّظَرَ وَالجَدَلَ، يَمِيلُ إِلَى مَذْهَبِ دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ.وَذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بنُ حَارثٍ القَرَوِيِّ، فَقَالَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّفَاذِ وَالتَّحْصِيْلِ، مُتدرِّباً للمنَاظرَةِ، مُتخلِّقاً بِالإِنصَافِ، جَيِّدَ الفَهْمِ، طَوِيْلَ العِلْمِ، بَلِيْغاً مُوجزاً، يَمِيْلُ إِلَى طُرُقِ الفضَائِلِ، وَيُوَالِي أَهلَهَا، وَيلهَجُ بِأَخْبَارِ الصَّالِحِيْنَ.
حَجَّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَأَقَامَ فِي رِحْلَتِهِ أَرْبَعينَ شهراً، وَانْصَرَفَ، فَأَدْخَلَ الأَنْدَلُسَ مِنْ عِلمِ النَّظَرِ وَمِنْ عِلمِ اللُّغَةِ كُتُباً كَثِيْرَةً.
وَامتَحَنَهُ النَّاصرُ بِغَيْرِ مَا أَمَانَةٍ، وَأَخرجَهُ رسولاً إِلَى غَيْرِ مَا وَجْهٍ، فَخَلُصَ محموداً، وَأَقَامَ بِمَا حَمَلَ مشكوراً، ثُمَّ وَلاَّهُ قَضَاءَ كورَةَ مَارِدَةَ، ثُمَّ وَلاَّهُ قَضَاءَ الثُّغُوْرِ الشَّرْقِيَّةِ كُلِّهَا، ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى قَضَاءِ القُضَاةِ، وَالصَّلاَةِ بِجَامعِ الزَّهرَاءِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ: أَخْبَرَنِي حَكَمُ بنُ مُنذرِ بنِ سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ حَجَّ رَاجِلاً مَعَ قَوْمٍ رَجَّالَةٍ، فَانقَطَعُوا وَأَعوَزَهُمُ المَاءُ فِي الحِجَازِ وَتَاهُوا.
قَالَ: فَأَوَيْنَا إِلَى غَارٍ نَنْتَظِرُ المَوْتَ، فَوَضَعْتُ رَأْسِي مُلْصَقاً بِالجَبَلِ، فَإِذَا حجرٌ كَانَ فِي قُبَالَتِهِ، فَعَالَجْتُهُ، فَنَزَعْتُهُ، فَانبَعَثَ المَاءُ، فَشَرِبْنَا وَتَزَوَّدَنَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: حُدِّثْتُ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ القَاضِي مُنْذِرَ بنَ سَعِيْدٍ فِي بَعْضِ الأَسحَارِ عَلَى دكَّانِ المَسْجَدِ، فَعَرفَهُ، فَجَلَسَ إِلَيْهِ، وَقَالَ: يَا
سيِّدَي إِنَّكَ لتغرِّرُ بِخُروجِكَ، وَأَنْتَ أَعْظَمُ الحكَّامِ، وَفِي النَّاسِ المحكومُ عَلَيْهِ وَالرَّقيقُ الدِّينِ، فَقَالَ: يَا أَخِي وَأَنَّى لِي بِمِثْلِ هَذِهِ المنزلَةِ؟ وَأَنَّى لِي بِالشَّهَادَةِ، مَا أَخرجُ تعرُّضاً للتَّغرُّرِ، بَلْ أَخرجُ مُتَوَكِّلاً عَلَى اللهِ إِذْ أَنَا فِي ذِمَّتِهِ.فَاعلَمْ أَنَّ قَدَرَهُ لاَ محيدَ عَنْهُ، وَلاَ وَزَرَ دُوْنَهُ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ: قَحطَ النَّاسُ فِي بَعْضِ السِّنينَ آخِرَ مُدَّةِ النَّاصِرِ، فَأَمرَ القَاضِيَ منذرَ بنَ سَعِيْدٍ بِالبُرُوزِ إِلَى الاسْتِسْقَاءِ بِالنَّاسِ، فصَامَ أَيَّاماً وَتَأَهَّبَ، وَاجتمعَ الخلقُ فِي مصلَّى الرَّبَضِ، وَصعِدَ النَّاصِرُ فِي أَعْلَى قَصرِهِ لِيشَاهِدَ الجمعَ، فَأَبطأَ مُنذرٌ، ثُمَّ خَرَجَ رَاجِلاً مُتخشِّعاً، وَقَامَ لِيَخْطُبَ، فَلَمَّا رَأَى الحَالَ بَكَى وَنَشَجَ وَافتَتَحَ خُطْبَتَهُ بِأَنْ قَالَ: سلاَمٌ عليكُمٌ، ثُمَّ سَكَتَ شبهَ الحَسِيرِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ، فَنَظَرَ النَّاسُ بعضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ لاَ يَدْرُوْنَ مَا عَرَاهُ، ثُمَّ انْدَفَعَ، فَقَالَ: {سَلاَمٌ عليكُمٌ، كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} الآيَةِ [الأَنْعَام:54] اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، وَتقرَّبُوا بِالأَعمَالِ الصَّالِحَةِ لَدَيْهِ، فَضَجَّ النَّاسُ بِالبُكَاءِ، وَجَأَرُوا بِالدُّعَاءِ وَالتَّضرُّعِ، وَخَطَبَ فَأَبْلَغَ، فَلَمْ يَنْفَضَّ القَوْمُ حَتَّى نَزَلَ غَيثٌ عَظِيْمٌ.
واسْتَسْقَى مَرَّةً، فَقَالَ يَهْتِفُ بِالخلقِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ} الآيتينِ [فَاطِر:15 - 16] فَهَيَّجَ الخلقَ عَلَى البُكَاءِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَذكُرُ أَنَّ رَسُوْلَ النَّاصِرِ جَاءهُ للاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: هَا أَنَا سَائِرٌ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي يَصْنَعُهُ الخَلِيْفَةُ فِي يَوْمنَا هَذَا؟
فَقَالَ: مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ أَخْشَعَ مِنْهُ فِي يَوْمِهِ هَذَا، إِنَّهُ مُنفردٌ بِنَفْسِهِ، لاَبسٌ أَخشنَ الثِّيَابِ، مُفترشٌ التُّرَابَ، قَدْ عَلاَ نَحِيْبُهُ وَاعْتَرَافُهُ بِذُنُوبِهِ، يَقُوْلُ: ربِّ هَذِهِ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، أَتُرَاكَ تُعذِّبُ الرَّعِيَّةَ وَأَنْتَ أَحكمُ الحَاكمِينَ وَأَعدلُهُمْ، أَنْ
يَفُوتَكَ مِنِّي شَيْءٌ.فَتَهَلَّلَ مُنذرُ بنُ سَعِيْدٍ، وَقَالَ: يَا غُلاَمُ احملِ المِمْطَرَةَ مَعَكَ، إِذَا خَشَعَ جَبَّارُ الأَرضِ رَحِمَ جَبَّارُ السَّمَاءِ.
قَالَ ابْنُ عَفِيْفٍ: مِنْ أَخبارِهِ المحفوظَةِ: أَنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ عَمِلَ فِي بَعْضِ سُطُوحِ الزَّهْرَاءِ قُبَّةً بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَجَلَسَ فِيْهَا، وَدَخَلَ الأَعْيَانُ، فَجَاءَ مُنذرُ بنُ سَعِيْدٍ، فَقَالَ لَهُ الخَلِيْفَةُ كَمَا قَالَ لِمَنْ قَبْلَهُ: هَلْ رَأَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ أَنَّ أَحَداً مِنَ الخُلَفَاءِ قَبْلِي فَعَلَ مِثْلَ هَذَا؟ فَأَقْبَلَتْ دُمُوعُ القَاضِي تَتَحَدَّرُ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا ظَنَنْتُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْكَ هَذَا المَبْلَغَ، أَنْ أَنْزَلَكَ مَنَازِلَ الكُفَّارِ، قَالَ: لِمَ؟
فَقَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْلاَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أَمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهُمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلمُتَّقِيْنَ} [الزُّخْرُف:33 - 34] فَنَكَسَ النَّاصِرُ رَأْسَهُ طَوِيْلاً، ثُمَّ قَالَ: جَزَاكَ اللهُ عَنَّا خَيراً وَعَنِ المُسْلِمِينَ، الَّذِي قُلْتَ هُوَ الحَقُّ، وَأَمَرَ بِنَقْضِ سَقْفِ القُبَّةِ.
وَخَطَبَ يَوْماً فَأَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ، فَقَالَ: حَتَّى مَتَى أَعِظُ وَلاَ أَتَّعِظُ، وَأَزجُرُ وَلاَ أَزدَجِرُ، أَدُلُّ عَلَى الطَّرِيْقِ المُسْتَدِلِّيْنَ، وَأَبقَى مُقيماً مَعَ الحَائِرِينَ، كلاَّ إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاَءُ المُبِيْنُ.
اللَّهُمَّ فَرَغِّبْنِي لِمَا خَلَقْتَنِي لَهُ، وَلاَ تَشْغَلْنِي بِمَا تَكَفَّلْتَ لِي بِهِ.
وَقَدِ اسْتغرقَ مرَّةً فِي خطْبَتِهِ بِجَامعِ الزَّهرَاءِ فَأَدْخَلَ فِيْهَا: {أَتبنُوْنَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُوْنَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُوْنَ، وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبِّارِيْنَ} [الشُّعرَاء:128 - 130] فَتَخَيَّرَ النَّاصِرُ لخطَابَةِ الزَّهْرَاءِ أَحْمَدَ بنَ مطرِّفٍ إِذَا حَضَرَ النَّاصِرُ.
تُوُفِّيَ مُنذرُ فِي انسلاخِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.وَقَدْ سَمِعَ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَخَذَ عَنِ ابْنِ المُنْذِرِ (كِتَابَ الإِشرَافِ ) .
وَمِنْ خطبَتِهِ إِذْ أُرتِجَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ القَالِيِّ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ لِكُلِّ حَادثَةٍ مَقَاماً، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالاً، وَلَيْسَ بَعْدَ الحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَل، وَإِنِّي قَدْ قُمْتُ فِي مَقَامٍ كَرِيمٍ بَيْنَ يَدَيْ مَلكٍ عَظيمٍ، فَأَصغُوا إِلَى مَعْشَرِ الملأِ بِأَسْمَاعكُمْ إِنَّ مِنَ الحَقِّ أَنْ يُقَالَ للمُحِقِّ: صَدَقْتَ، وَللمُبْطِلِ: كَذبتَ.
وَإِنَّ الجَلِيْلَ تَعَالَى فِي سَمَائِهِ، وَتَقَدَّسَ بِأَسمَائِهِ، أَمرَ كَلِيْمَهُ مُوْسَى أَنْ يُذَكِّرَ قومَهُ بِنِعَمِ اللهِ عِنْدَهُمْ، وَأَنَا أُذكِّرُكُمْ نِعَمَ اللهِ عَلَيْكُمْ.
وَتَلاَ فِيْهِ لَكُمْ بِوِلاَيَةِ أَمِيْرِكُم الَّتِي آمَنَتْ سِرْبَكُمْ، وَرَفَعَتْ خَوفَكُمْ، وَكُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ، وَمُسْتَضْعَفِينَ فَقوَّاكُمْ، وَمُستَذلِّينَ فَنَصَرَكُمْ، وَلاَّهُ اللهُ أَيَّاماً ضَرَبَتِ الفِتْنَةُ سُرَادقَهَا عَلَى الآفَاقِ، وَأَحَاطَتْ بِكُمْ شُعَلُ النِّفَاقِ، حَتَّى صِرتُمْ مِثْلَ حَدَقَةِ البَعيرِ، مَعَ ضِيقِ الحَالِ وَالتَّغييرِ، فَاسْتُبْدِلْتُمْ بِخِلاَفَتِهِ مِنَ الشِدَّةِ بِالرَّخَاءِ ... إِلَى أَنْ قَالَ: فَنَاشدتُكُمُ اللهَ، أَلَمْ تَكُنِ الدِّمَاءُ مسفوكَةً فَحَقَنَهَا؟ وَالسُّبُلُ مخوفَةً فآمَنَهَا، وَالأَمْوَالُ منتَهَبَةً فَأَحْرَزَهَا، وَالبِلاَدُ خرَاباً فَعَمَّرَهَا، وَالثُّغُوْرُ مُهتضمَةً فَحَمَاهَا وَنَصَرَهَا، فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللهِ عَلَيْكُمْ ... ، وَذَكَرَ بَاقِي الخطْبَةِ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَولِدَهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَيَكُونُ عمُرُهُ تِسْعِيْنَ سنَةً كَاملَةً - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.