يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ أَبُو يَعْقُوْبَ
الإِمَامُ، العَارفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، أَبُو يَعْقُوْبَ.
أَكْثَر التَّرحَال، وَأَخَذَ عَنْ ذِي النُّوْن المِصْرِيّ، وَقَاسِم الجوعِي، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَدُحَيْم، وَأَبِي تُرَابٍ عَسْكَر النَّخْشَبِيّ.
وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ إِمَامَ وَقته، لَمْ يَكُنْ فِي المَشَايِخ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَته فِي تَذْلِيل النَّفْس وَإِسقَاط الجَاهُ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ: كَانَ نسيجَ وَحْدِهِ فِي إِسْقَاط التَّصَنُّع.
يُقَال: كَتَبَ إِلَى الجُنَيْد: لاَ أَذَاقَكَ اللهُ طعم نَفْسك، فَإِنْ ذُقْتَهَا لاَ تُفْلِح.
وَقَالَ: إِذَا رَأَيْتَ المُرِيدَ يشتغلُ بِالرُّخَص فَاعلمْ أَنَّهُ لاَ يَجِيْء مِنْهُ شَيْء.
وَقِيْلَ: كَانَ يَسْمَعُ الأَبيَاتَ وَيَبْكِي.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ سَمِعَ قَوَّالاً يُنشد :
رَأَيْتُكَ تَبْنِي دَائِماً فِي قَطِيْعَتِي ... وَلَوْ كُنْتَ ذَا حَزْمٍ لَهَدَّمْتَ مَا تَبْنِي
كَأَنِّيْ بِكُمْ وَاللَّيْتُ أَفْضَلُ قَوْلِكُم ... أَلاَ لَيْتَنَا كُنَّا إِذَا اللَّيْتُ لاَ تُغْنِي
فَبَكَى كَثِيْراً وَقَالَ لِلْمنشد: يَا أَخِي! لاَ تَلُم أَهْلَ الرَّيّ أَنْ يُسَمُّونِي زِنْدِيْقاً، أَنَا مِنْ بكرَةٍ أَقرأُ فِي المُصْحَفِ مَا خَرَجَتْ مِنْ عَيْنِي دَمْعَة، وَوقَعَ مِنِّي إِذْ غَنَّيْتَ مَا رَأَيْتَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ - مَعَ عِلْمه وَتمَامِ حَاله - هَجَرَهُ أَهْلُ الرَّيّ، وَتكلَّمُوا فِيْهِ بِالقبَائِح، خُصُوْصاً الزُّهَّاد، وَأَفْشَوْا أُمُوراً، حَتَّى بَلَغَنِي أَنَّ شَيْخاً رَأَى فِي النَّوْمِ كَأَنَّ برَاءةً نزلتْ مِنَ السَّمَاء، فِيْهَا مَكْتُوْب: هَذِهِ برَاءةٌ ليُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ مِمَّا قِيْلَ فِيْهِ.فَسَكَتُوا.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ.
قُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ حِكَايَة الفَأْرَة مَعَ ذِي النُّوْنِ لَمَّا سأَله الاسْم الأَعْظَم.
وَقَدْ عُمِّرَ دَهْراً.
وَعَنْهُ، قَالَ: بِالأَدب تَتَفَهَّم العِلْم، وَبَالعِلْمِ يصحُّ لَكَ العَمَل، وَبَالعَمَلِ تنَالُ الحِكْمَة، وَبَالحِكْمَة تفهَمُ الزُّهْد، وَبَالزُّهْدِ تتركُ الدُّنْيَا، وَترغبُ فِي الآخِرَةِ، وَبِذَلِكَ تنَالُ رِضَى الله تَعَالَى.
قَالَ السُّلَمِيُّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
طَوَّل ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَته.
قَالَ الخُلْدِيّ: كتبَ الجُنَيْد إِلَى يُوْسُفَ بن الحُسَيْنِ: أُوْصِيْكَ بِتَرْكِ الاَلتفَاتِ إِلَى كُلِّ حَالٍ مَضَتْ، فَإِنَّ الاَلتفَاتَ إِلَى مَا مَضَى شغلٌ عَنِ الأولَى، وَأُوصِيْكَ بِتَرْكِ ملاَحظَةِ الحَالِ الكَائِنَة، اعملْ عَلَى تخليصِ هَمِّكَ مِنْ هَمِّكَ لِهَمِّكَ، وَاعملْ عَلَى محقِ شَاهِدِكَ مِنْ شَاهدك حَتَّى يَكُوْنَ الشَّاهدُ عَلَيْكَ شَاهداً لَكَ وَبِكَ وَمنكَ ... فِي كَلاَم طَوِيْل.
وَليُوْسُف رسَالَة إِلَى الجُنَيْد مِنْهَا:
كَيْفَ السَّبِيْلُ إِلَى مَرْضَاةِ مَنْ غَضِبَا ... مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ وَلَمْ أَعْرِفْ لَهُ سَبَبَاقَالَ وَالد تمَام: سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ الحُسَيْنِ يَقُوْلُ: قيلَ لِي: ذُو النُّوْنِ يَعْرِفُ الاسْمَ الأَعْظَم.
فَسِرْتُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِي وَأَنَا طَوِيْلُ اللِّحْيَة، وَمعِي ركوَة طَوِيْلَة، فَاسْتَشْنَعَ مَنْظرِي.
قَالَ وَالد تمَام: يُقَال: كَانَ يُوْسُفُ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالكَلاَم وَبعلم الصُّوْفِيَّة.
قَالَ: فَجَاءَ مَتَكَلِّمٌ، فَنَاظَر ذَا النُّوْنِ، فَلَمْ يَقم لَهُ بِحجَّة.
قَالَ: فَاجْتَذَبْتُهُ إِلَيَّ، وَنَاظرْتُه، فَقَطَعْتُهُ، فَعَرَف ذُو النُّوْنِ مَكَانِي، وَعَانَقَنِي، وَجَلَسَ بَيْنَ يَديَّ، وَقَالَ: اعذُرْنِي.
قَالَ: فَخَدَمْتُهُ سنَة.
الإِمَامُ، العَارفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، أَبُو يَعْقُوْبَ.
أَكْثَر التَّرحَال، وَأَخَذَ عَنْ ذِي النُّوْن المِصْرِيّ، وَقَاسِم الجوعِي، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَدُحَيْم، وَأَبِي تُرَابٍ عَسْكَر النَّخْشَبِيّ.
وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ إِمَامَ وَقته، لَمْ يَكُنْ فِي المَشَايِخ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَته فِي تَذْلِيل النَّفْس وَإِسقَاط الجَاهُ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ: كَانَ نسيجَ وَحْدِهِ فِي إِسْقَاط التَّصَنُّع.
يُقَال: كَتَبَ إِلَى الجُنَيْد: لاَ أَذَاقَكَ اللهُ طعم نَفْسك، فَإِنْ ذُقْتَهَا لاَ تُفْلِح.
وَقَالَ: إِذَا رَأَيْتَ المُرِيدَ يشتغلُ بِالرُّخَص فَاعلمْ أَنَّهُ لاَ يَجِيْء مِنْهُ شَيْء.
وَقِيْلَ: كَانَ يَسْمَعُ الأَبيَاتَ وَيَبْكِي.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ سَمِعَ قَوَّالاً يُنشد :
رَأَيْتُكَ تَبْنِي دَائِماً فِي قَطِيْعَتِي ... وَلَوْ كُنْتَ ذَا حَزْمٍ لَهَدَّمْتَ مَا تَبْنِي
كَأَنِّيْ بِكُمْ وَاللَّيْتُ أَفْضَلُ قَوْلِكُم ... أَلاَ لَيْتَنَا كُنَّا إِذَا اللَّيْتُ لاَ تُغْنِي
فَبَكَى كَثِيْراً وَقَالَ لِلْمنشد: يَا أَخِي! لاَ تَلُم أَهْلَ الرَّيّ أَنْ يُسَمُّونِي زِنْدِيْقاً، أَنَا مِنْ بكرَةٍ أَقرأُ فِي المُصْحَفِ مَا خَرَجَتْ مِنْ عَيْنِي دَمْعَة، وَوقَعَ مِنِّي إِذْ غَنَّيْتَ مَا رَأَيْتَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ - مَعَ عِلْمه وَتمَامِ حَاله - هَجَرَهُ أَهْلُ الرَّيّ، وَتكلَّمُوا فِيْهِ بِالقبَائِح، خُصُوْصاً الزُّهَّاد، وَأَفْشَوْا أُمُوراً، حَتَّى بَلَغَنِي أَنَّ شَيْخاً رَأَى فِي النَّوْمِ كَأَنَّ برَاءةً نزلتْ مِنَ السَّمَاء، فِيْهَا مَكْتُوْب: هَذِهِ برَاءةٌ ليُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ مِمَّا قِيْلَ فِيْهِ.فَسَكَتُوا.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ.
قُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ حِكَايَة الفَأْرَة مَعَ ذِي النُّوْنِ لَمَّا سأَله الاسْم الأَعْظَم.
وَقَدْ عُمِّرَ دَهْراً.
وَعَنْهُ، قَالَ: بِالأَدب تَتَفَهَّم العِلْم، وَبَالعِلْمِ يصحُّ لَكَ العَمَل، وَبَالعَمَلِ تنَالُ الحِكْمَة، وَبَالحِكْمَة تفهَمُ الزُّهْد، وَبَالزُّهْدِ تتركُ الدُّنْيَا، وَترغبُ فِي الآخِرَةِ، وَبِذَلِكَ تنَالُ رِضَى الله تَعَالَى.
قَالَ السُّلَمِيُّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
طَوَّل ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَته.
قَالَ الخُلْدِيّ: كتبَ الجُنَيْد إِلَى يُوْسُفَ بن الحُسَيْنِ: أُوْصِيْكَ بِتَرْكِ الاَلتفَاتِ إِلَى كُلِّ حَالٍ مَضَتْ، فَإِنَّ الاَلتفَاتَ إِلَى مَا مَضَى شغلٌ عَنِ الأولَى، وَأُوصِيْكَ بِتَرْكِ ملاَحظَةِ الحَالِ الكَائِنَة، اعملْ عَلَى تخليصِ هَمِّكَ مِنْ هَمِّكَ لِهَمِّكَ، وَاعملْ عَلَى محقِ شَاهِدِكَ مِنْ شَاهدك حَتَّى يَكُوْنَ الشَّاهدُ عَلَيْكَ شَاهداً لَكَ وَبِكَ وَمنكَ ... فِي كَلاَم طَوِيْل.
وَليُوْسُف رسَالَة إِلَى الجُنَيْد مِنْهَا:
كَيْفَ السَّبِيْلُ إِلَى مَرْضَاةِ مَنْ غَضِبَا ... مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ وَلَمْ أَعْرِفْ لَهُ سَبَبَاقَالَ وَالد تمَام: سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ الحُسَيْنِ يَقُوْلُ: قيلَ لِي: ذُو النُّوْنِ يَعْرِفُ الاسْمَ الأَعْظَم.
فَسِرْتُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِي وَأَنَا طَوِيْلُ اللِّحْيَة، وَمعِي ركوَة طَوِيْلَة، فَاسْتَشْنَعَ مَنْظرِي.
قَالَ وَالد تمَام: يُقَال: كَانَ يُوْسُفُ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالكَلاَم وَبعلم الصُّوْفِيَّة.
قَالَ: فَجَاءَ مَتَكَلِّمٌ، فَنَاظَر ذَا النُّوْنِ، فَلَمْ يَقم لَهُ بِحجَّة.
قَالَ: فَاجْتَذَبْتُهُ إِلَيَّ، وَنَاظرْتُه، فَقَطَعْتُهُ، فَعَرَف ذُو النُّوْنِ مَكَانِي، وَعَانَقَنِي، وَجَلَسَ بَيْنَ يَديَّ، وَقَالَ: اعذُرْنِي.
قَالَ: فَخَدَمْتُهُ سنَة.