Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب
Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 5806
442. أبو يعلى الصابوني إسحاق بن عبد الرحمن بن أحمد...1 443. أبو يعلى بن الهبارية محمد بن صالح العباسي...1 444. أبو يوسف القزويني عبد السلام بن محمد...1 445. أبو يونس الجمحي محمد بن أحمد1 446. أبو يونس سليم بن جبير1 447. أبي الحسين النوري الخراساني1448. أبي النرسي أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون...1 449. أبي الوليد هشام بن عمار بن نصير1 450. أبي بن كعب بن قيس بن عبيد الأنصاري1 451. أتسز بن أوق الخوارزمي1 452. أحمد الخجستاني1 453. أحمد بن أبي الحواري عبد الله بن ميمون الثعلبي...1 454. أحمد بن أبي جعفر أبو الحسين السمناني...1 455. أحمد بن أبي خالد الأحول1 456. أحمد بن أبي دواد فرج بن حريز الإيادي1 457. أحمد بن أبي سريج عمر بن الصباح الرازي...1 458. أحمد بن أبي عوف1 459. أحمد بن أصرم بن خزيمة بن عباد بن عبد الله المزني...1 460. أحمد بن إبراهيم بن خالد الموصلي1 461. أحمد بن إبراهيم بن عبد الله النيسابوري...1 462. أحمد بن إبراهيم بن كثير الدورقي1 463. أحمد بن إسحاق أبو إسحاق1 464. أحمد بن إسحاق الحضرمي2 465. أحمد بن إسرائيل بن الحسين الأنباري1 466. أحمد بن إشكاب أبو عبد الله الحضرمي1 467. أحمد بن الأزهر بن منيع بن سليط النيسابوري...1 468. أحمد بن الحسن بن جنيدب الترمذي2 469. أحمد بن الحسن بن خراش البغدادي1 470. أحمد بن الخصيب بن عبد الحميد الجرجرائي أبو العباس...1 471. أحمد بن الخليل أبو علي البزاز1 472. أحمد بن الخليل النوفلي القومسي1 473. أحمد بن العلاء بن هلال الباهلي1 474. أحمد بن الفرج بن عبد الله أبو علي الجشمي...1 475. أحمد بن المعذل بن غيلان بن حكم العبدي...1 476. أحمد بن المقدام بن سليمان بن أشعث العجلي...1 477. أحمد بن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري...1 478. أحمد بن بديل بن قريش بن بدير بن الحارث اليامي...1 479. أحمد بن بشير أبو بكر الكوفي المحدث العالم أبو بكر الكوفي...1 480. أحمد بن بقي بن مخلد أبو عمر القرطبي1 481. أحمد بن بقي بن مخلد القرطبي1 482. أحمد بن بكار ابن أبي ميمونة زيد الأموي...1 483. أحمد بن بكر أبو سعيد البالسي1 484. أحمد بن بهزاد بن مهران المصري1 485. أحمد بن جناب بن المغيرة المصيصي1 486. أحمد بن جواس أبو عاصم الحنفي1 487. أحمد بن حرب بن فيروز أبو عبد الله النيسابوري...1 488. أحمد بن حفص أبو حفص البخاري الحنفي1 489. أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد النيسابوري...1 490. أحمد بن حنبل أبو عبد الله1 491. أحمد بن خالد أبو جعفر الخلال1 492. أحمد بن خضرويه أبو حامد البلخي1 493. أحمد بن خليد أبو عبد الله الكندي الحلبي...1 494. أحمد بن سعد بن الحكم بن أبي مريم المصري...1 495. أحمد بن سعيد بن بشر أبو جعفر الهمداني...1 496. أحمد بن سلمة بن عبد الله أبو الفضل النيسابوري...1 497. أحمد بن سليمان الباجي أبو القاسم1 498. أحمد بن سنان بن أسد بن حبان الواسطي1 499. أحمد بن سهل بن إبراهيم أبو حامد الأنصاري...1 500. أحمد بن سيار بن أيوب بن عبد الرحمن المروزي...1 501. أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي1 502. أحمد بن شيبان بن الوليد بن حيان الرملي...1 503. أحمد بن صالح ابن الطبري1 504. أحمد بن طارق بن سنان أبو الرضا الكركي...1 505. أحمد بن طولون التركي أبو العباس1 506. أحمد بن عاصم أبو عبد الله الأنطاكي2 507. أحمد بن عبد الرحمن بن بكار البسري1 508. أحمد بن عبد الرحيم بن يزيد بن فصيل الحوطي...1 509. أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب الأموي1 510. أحمد بن عبد الله بن البرقي1 511. أحمد بن عبد الملك بن هود المستنصر بالله الأندلسي...1 512. أحمد بن عبد الملك بن واقد الأسدي1 513. أحمد بن عبيد الصفار1 514. أحمد بن عبيد بن إبراهيم أبو جعفر الأسدي...1 515. أحمد بن عصام أبو يحيى الأنصاري1 516. أحمد بن علي الدمشقي الخراز1 517. أحمد بن عمر بن حفص بن جهم بن واقد الكندي...1 518. أحمد بن عيسى ابن الشهيد زيد بن علي الحسيني...1 519. أحمد بن عيسى بن حسان ابن التستري1 520. أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد العلوي...1 521. أحمد بن محمد بن عبدوس الزعفراني1 522. أحمد بن محمد بن عمر اليمامي1 523. أحمد بن محمد بن موسى السمسار المروزي...1 524. أحمد بن ملاعب أبو الفضل البغدادي1 525. أحمد بن منصور بن ثابت أبو العباس الشيرازي...1 526. أحمد بن منصور بن عيسى أبو حامد الطوسي...1 527. أحمد بن منيع بن عبد الرحمن البغوي1 528. أحمد بن مهدي بن رستم أبو جعفر الأصبهاني...1 529. أحمد بن نجدة بن العريان أبو الفضل الهروي...1 530. أحمد بن نصر العتكي السمرقندي1 531. أحمد بن نصر بن زياد القرشي1 532. أحمد بن وقشي1 533. أحمد بن يوسف بن خالد بن سالم النيسابوري...1 534. أحمد بن يونس التميمي اليربوعي الكوفي...1 535. أحمد بن يونس بن المسيب بن زهير بن عمرو الكوفي...1 536. أحمديل1 537. أخبرنا أبو بكر بن سلم1 538. أخطل بن الحكم أبو القاسم القرشي1 539. أخو ابن دحية أبو عمرو عثمان بن حسن بن علي الجميل...1 540. أخو السراج إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي...1 541. أخو المحاملي القاسم بن إسماعيل الضبي...1 Prev. 100
«
Previous

أبي الحسين النوري الخراساني

»
Next
أَبِي الحُسَيْنِ النُّوْرِيِّ الخُرَاسَانِيِّ
وَهُوَ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخُرَاسَانِيُّ، البَغَوِيُّ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ الطَّائِفَةِ بِالعِرَاقِ، وَأَحْذَقُهُم بِلَطَائِفِ الحَقَائِقِ، وَلَهُ عِبَارَاتٌ دَقِيْقَةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَنِ انْحَرَفَ مِنَ الصُّوْفِيَّةِ - نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ -.
صَحِبَ السَّرِيَّ السَّقَطِيَّ، وَغَيْرَهُ، وَكَانَ الجُنَيْدُ يُعَظِّمُهُ، لَكِنَّهُ فِي الآخِرِ رَقَّ لَهُ وَعذَرَهُ، لَمَّا فَسَدَ دِمَاغُهُ.
وَقَدْ سَاحَ النُّوْرِيُّ إِلَى الشَّامِ، وَأَخَذَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَقَدْ جَرَتْ لَهُ مِحْنَةٌ، وَفَرَّ عَنْ بَغْدَادَ فِي قِيَامِ غُلاَمِ خَلِيْلٍ عَلَى الصُّوْفِيَّةِ، فَأَقَامَ بِالرَّقَّةِ مُدَّةً مُتَخَلِّياً مُنْعَزِلاً.حَكَى ذَلِكَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، قَالَ: ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ وَقَدْ فَقَدَ جُلاَّسَهُ وَأُنَاسَهُ وَأَشْكَالَهُ، فَانْقَبَضَ لِضَعْفِ قُوَّتِهِ، وَضَعْفِ بَصَرِهِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ البَنَّاءَ البَغْدَادِيَّ بِمَكَّةَ يَحكِي مِحْنَةَ غُلاَمِ خَلِيْلٍ، قَالَ:
نَسَبُوا الصُّوْفِيَّةَ إِلَى الزَّنْدَقَةِ، فَأَمَرَ الخَلِيْفَةُ المُعْتَمِدُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالقَبْضِ عَلَيْهِم، فَأَخَذَ فِي جُمْلَتِهِم النُّوْرِيَّ، فَأُدْخِلُوا عَلَى الخَلِيْفَةِ، فَأَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِم، فَبَادَرَ النُّوْرِيُّ إِلَى السَّيَّافِ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: آثَرْتُ حَيَاتَهُم عَلَى نَفْسِي سَاعَةً.
فَتَوَقَّفَ السَّيَّافُ عَنْ قَتْلِهِ، وَرَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى الخَلِيْفَةِ، فَرَدَّ الخَلِيْفَةُ أَمْرَهُم إِلَى قَاضِي القُضَاةِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ، فَسَأَلَ أَبَا الحُسَيْنِ النُّوْرِيَّ عَنْ مَسَائِلَ فِي العِبَادَاتِ، فَأَجَابَ، ثُمَّ قَالَ: وَبَعْدَ هَذَا، فَلِلَّهِ عِبَادٌ يَنْطِقُوْنَ بِاللهِ، وَيَأْكلُوْنَ بِاللهِ، وَيَسْمَعُوْنَ بِاللهِ.
فَبَكَى إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَقَالَ: إِنْ كَانَ هَؤُلاَءِ القَوْمُ زَنَادِقَةٌ، فَلَيْسَ فِي الأَرْضِ مُوَحِّدٌ.
فَأَطْلَقُوْهُمُ.
أَبُو نُعَيْمٍ :سَمِعْتُ أَبَا الفَرَجِ الوَرْثَانِيَّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ الرَّحِيْمِ يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ عَلَى النُّوْرِيِّ، فَرَأَيْتُ رِجْلَيهِ مُنْتَفِخَتَينِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَمرِهِ، فَقَالَ: طَالَبَتْنِي نَفْسِي بِأَكْلِ تَمْرٍ، فَدَافَعْتُهَا، فَأَبَتْ عَلَيَّ، فَاشْتَرَيْتُهُ، فَلَمَّا أَكَلْتُ، قُلْتُ: قُومِي فَصَلِّي.
فَأَبَتْ، فَقُلْتُ: للهِ عَلَيَّ إِنْ قَعَدتِ عَلَى الأَرْضِ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، فَمَا قَعَدْتُ - يَعْنِي: إِلاَّ فِي صَلاَةٍ -.
وَعَنِ النُّوْرِيِّ، قَالَ: مَنْ رَأَيْتَهُ يَدَّعِي مَعَ اللهِ حَالَةً تُخْرِجُ عَنِ الشَّرْعِ، فَلاَ تَقْرَبَنْ مِنْهُ.قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عَطَاءٍ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ النُّوْرِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ فِي نَفْسِي مِنْ هَذِهِ الكَرَامَاتِ، فَأَخَذْتُ مِنَ الصِّبْيَانِ قَصَبَةً، ثُمَّ قُمْتُ بَيْنَ زَوْرَقَينِ، وَقُلْتُ: وَعِزَّتِكَ، لَئِنْ لَمْ تُخْرِجْ لِي سَمَكَةً فِيْهَا ثَلاَثَةُ أَرْطَالٍ، لأُغرِقَنَّ نَفْسِي.
قَالَ: فَخَرَجَتْ لِي سَمَكَةٌ ثَلاَثَةُ أَرْطَالٍ.
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ الجُنَيْدَ، فَقَالَ: كَانَ حُكْمُهُ أَنْ تَخْرُجَ لَهُ أَفْعَى فَتَلْدَغُهُ.
وَعَنِ النُّوْرِيِّ، قَالَ: سَبِيْلُ الفَانِينَ الفَنَاءُ فِي مَحْبُوْبِهِم، وَسَبِيْلُ البَاقِيْنَ البَقَاءُ بِبَقَائِهِ، وَمَنِ ارْتَفَعَ عَنِ الفَنَاءِ وَالبَقَاءِ، فَحِيْنَئِذٍ لاَ فَنَاءَ وَلاَ بَقَاءَ.
عَنِ القَنَّادِ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى النُّوْرِيِّ وَأَنَا حَدَثٌ:
إِذَا كَانَ كُلُّ المَرْءِ فِي الكُلِّ فَانِياً ... أَبِنْ لِيَ عَنْ أَيِّ الوُجُودَيْنِ يُخْبِرُ؟
فَأَجَابَ لِوَقْتِهِ:
إِذَا كُنْتَ فِيْمَا لَيْسَ بِالوَصْفِ فَانِياً ... فَوَقْتُكَ فِي الأَوْصَافِ عِنْدِي تَحَيُّرُ
قُلْتُ: هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ طَوِيْلٍ، وَتَحُرُّزٍ عَنِ الفَنَاءِ الكُلِّيِّ، وَمُرَادُهُم بِالفَنَاءِ، فَنَاءُ الأَوْصَافِ النَّفْسَانِيَّةِ وَنَحْوِهَا، وَنِسْيَانُهَا بِالاشْتِغَالِ بِاللهِ - تَعَالَى - وَبِعِبَادَتِهِ، فَإِنَّ ذَاتَ العَارِفِ وَجَسَدَهُ لاَ يَنْعَدِمُ مَا عَاشَ، وَالكَونُ وَمَا حَوَى فَمَخْلُوْقٌ، وَاللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَمُبْدِعُهُ - أَعَاذَنَا اللهُ وَإِيَّاكُم مِنْ قَوْلِ
الاتِّحَادِ فَإِنَّهُ زَنْدَقَةٌ -.قَالَ فَارِسٌ الحَمَّالُ: رَأَيْتُ النُّوْرِيَّ خَرَجَ مِنَ البَادِيَةِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلاَّ خَاطِرُهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ يَلْحَقُ الأَسْرَارَ مَا يَلْحَقُ الصِّفَاتِ؟ - يُرِيْدُ الضَّنَا الَّذِي رَأَى بِهِ - فَقَالَ: إِنَّ اللهَ أَقْبَلَ عَلَى الأَسْرَارِ فَحَمَلَهَا، وَأَعْرَضَ عَنِ الصِّفَاتِ فَمَحَقَهَا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
أَهَكَذَا صَيَّرَنِي ... أَزْعَجَنِي عَنْ وَطَنِي
حَتَّى إِذَا غِبْتُ بِهِ ... وَإِذْ بَدَا غَيَّبَنِي
وَاصَلَنِي..حَتَّى إِذَا ... وَاصَلْتُهُ قَاطَعَنِي
يَقُوْلُ: لاَ تَشْهَدُ مَا ... تَشْهَدُ أَوْ تَشْهَدُنِي
قَالَ: وَلَمَّا مَاتَ النُّوْرِيُّ، قَالَ الجُنَيْدُ: ذَهَبَ نِصْفُ العِلْمِ بِمَوتِهِ.
وَقِيْلَ: قَالَ النُّوْرِيُّ لِلْجُنَيْدِ: غَشَشْتَهُمْ فَصَدَّرُوكَ، وَنَصَحْتُ لَهُمْ فَرَمَونِي بِالحِجَارَةِ.
قِيْلَ: كَانَ النُّوْرِيُّ يَلْهَجُ بِفَنَاءِ صِفَاتِ العَارِفِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَبُو جَادَ فَنَاءِ ذَاتِ العَارِفِ كَمَا زَعَمَتِ الاتِّحَادِيَّةُ، فَقَالُوا بِتَعْمِيمِ فَنَاءِ السِّوَى، وَقَالُوا: مَا فِي الكَوْنِ سِوَى اللهِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ تَعَالَى اتَّحَدَ لِخَلْقِهِ، وَأَنْتَ أَنَا، وَأَنَا أَنْتَ، وَأَنْشَدُوا:
وَأَلْتَذُّ إِنْ مَرَّتْ عَلَى جَسَدِي يَدِي ... لأَنِّي فِي التَّحْقِيْقِ لَسْتُ سِواكُمفَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الضَّلاَلِ.
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: مَضَيْتُ يَوْماً أَنَا وَرُوَيْمٌ وَأَبُو بَكْرٍ العَطَّارُ نَمْشِي عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ، فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ فِي مَسْجِدٍ بِلاَ سَقْفٍ.
فَقَالَ رُوَيْمٌ: مَا أَشْبَهَ هَذَا بِأَبِي الحُسَيْنِ النُّوْرِيِّ!
فَمِلْنَا إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ هُوَ، فَسَلَّمْنَا وَعَرَفَنَا، وَذَكَرَ أَنَّهُ ضَجِرَ مِنَ الرَّقَّةِ فَانْحَدَرَ، وَأَنَّهُ الآنَ قَدِمَ وَلاَ يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ، وَكَانَ قَدْ غَابَ عَنْ بَغْدَادَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَعَرَضْنَا عَلَيْهِ مَسْجِدَنَا، فَقَالَ: لاَ أُرِيدُ مَوْضِعاً فِيْهِ الصُّوْفِيَّةُ، قَدْ ضَجِرْتُ مِنْهُم.
فَلَمْ نَزَلْ نَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى طَابَتْ نَفْسُهُ.
وَكَانَتِ السَّوْدَاءُ قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ، وَحَدِيْثُ النَّفْسِ، ثُمَّ ضَعُفَ بَصَرُهُ، وَانْكَسَرَ قَلْبُهُ، وَفَقَدَ إِخْوَانَهُ، فَاسْتَوْحَشَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ.
ثمَّ إِنَّهُ تَأَنَّسَ وَسَأَلَنَا عَنْ نَصْرِ بنِ رَجَاءَ وَعُثْمَانَ - وَكَانَا صَدِيْقَيْنِ لَهُ، إِلاَّ أَنَّ نَصْراً تَنَكَّرَ لَهُ - فَقَالَ: مَا أَخَافُ بَغْدَادَ إِلاَّ مِنْ نَصْرٍ.
فَعَرَّفنَاهُ أَنَّهُ بِخِلاَفِ مَا فَارَقَهُ، فَجَاءَ مَعَنَا إِلَى نَصْرٍ، فَلَمَّا دَخَلَ مَسْجِدَهُ، قَامَ نَصْرٌ، وَمَا أَبْقَى فِي إِكرَامِهِ غَايَةً، وَبِتْنَا عِنْدَهُ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، رَكِبْنَا مَعَ نَصْرٍ زَوْرَقاً مِن زَوَارِقِهِ إِلَى مَكَانٍ، وَصَعَدْنَا إِلَى الجُنَيْدِ، فَقَامَ القَوْمُ وَفَرِحُوا، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الجُنَيْدُ، يُذَاكِرُهُ وَيُمَازِحُهُ، فَسَأَلَهُ ابْنُ مَسْرُوْقٍ مَسْأَلَةً، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِأَبِي القَاسِمِ.
فَقَالَ الجُنَيْدُ: أَجِبْ يَا أَبَا الحُسَيْنِ، فَإِنَّ القَوْمَ أَحَبُّوا أَنْ يَسْمَعُوا جَوَابَكَ.
قَالَ: أَنَا قَادِمٌ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ.
فَتَكَلَّمَ الجُنَيْدُ وَالجَمَاعَةُ، وَالنُّوْرِيُّ سَاكِتٌ، فَعَرَّضُوا لَهُ لِيَتَكَلَّمَ، فَقَالَ: قَدْ لُقِّبْتُم أَلْقَاباً لاَ أَعْرِفُهَا، وَكَلاَماً غَيْرَ مَا كُنْتُ أَعْهَدُ، فَدَعُونِي حَتَّى أَسْمَعَ، وَأَقِفَ عَلَى مَقْصُودِكُمْ.
فَسَأَلُوهُ عَنِ الفَرْقِ الَّذِي بَعْدَ الجَمْعِ: مَا عَلاَمَتُهُ؟ وَمَا الفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الفَرْقِ الأَوَّلِ؟ - لاَ أَدْرِي سَأَلُوهُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ بِمَعْنَاهُ -.
وكُنْتُ قَدْ لَقِيْتُهُ بِالرَّقَّةِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَسَأَلَنِي عَنِ الجُنَيْدِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ يُشِيْرُونَ إِلَى شَيْءٍ يُسَمُّونَهُ الفَرْقَ الثَّانِي وَالصَّحْوَ.فَقَالَ: اذْكُر لِي شَيْئاً مِنْهُ.
فَذَكَرْتُهَ، فَضَحِكَ، وَقَالَ: مَا يَقُوْلُ ابْنُ الخَلْنَجِيِّ؟
قُلْتُ: مَا يُجَالِسُهُم.
قَالَ: فَأَبُو أَحْمَدَ القَلاَنِسِيُّ؟
قُلْتُ: مَرَّةً يُخَالِفُهُم، وَمَرَّةً يُوَافِقُهُم.
قَالَ: فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟
قُلْتُ: مَا عَسَى أَنْ أَقُوْلَ أَنَا؟
ثُمَّ قُلْتُ: أَحْسِبُ أَنَّ هَذَا الَّذِي يُسَمُّونَهُ فَرْقاً ثَانِياً هُوَ عَيْنٌ مِنْ عُيُونِ الجَمْعِ، يَتَوَهَّمُوْنَ بِهِ أَنَّهُم قَدْ خَرَجُوا عَنِ الجَمْعِ.
فَقَالَ: هُوَ كَذَاكَ، أَنْتَ إِنَّمَا سَمِعْتَ هَذَا مِنَ القَلاَنِسِيِّ.
فَقُلْتُ: لاَ.
فَلَمَّا قَدِمْتُ بَغْدَادَ، حَدَّثْتُ أَبَا أَحْمَدَ القَلاَنِسِيَّ بِذَلِكَ، فَأَعْجَبَهُ قَولُ النُّوْرِيِّ.
وَأَمَّا أَبُو أَحْمَدَ فَكَانَ رُبَّمَا يَقُوْلُ: هُوَ صَحْوٌ وَخُرُوْجٌ عَنِ الجَمْعِ، وَرُبَّمَا قَالَ: بَلْ هُوَ شَيْءٌ مِنَ الجَمْعِ.
ثُمَّ إِنَّ النُّوْرِيَّ شَاهَدَهُم، فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ عَيْنٌ مِنْ عُيُونِ الجَمْعِ، وَلاَ هُوَ صَحْوٌ مِنَ الجَمْعِ، وَلَكِنَّهُم رَجَعُوا إِلَى مَا يَعْرِفُونَ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ذَكَرَ رُوَيْمٌ وَابْنُ عَطَاءٍ: أَنَّ النُّوْرِيَّ يَقُوْلُ الشَّيْءَ وَضِدَّهُ، وَلاَ نَعْرِفُ هَذَا إِلاَّ قَوْلَ سُوْفَسْطَا وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ.
وَكَانَ بَيْنَهُم وَحْشَةٌ، وَكَانَ يُكْثِرُ مِنْهُمُ التَّعَجُّبَ، وَقَالُوا لِلْجُنَيْدِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِم، وَقَالَ: لاَ تَقُولُوا مِثْلَ هَذَا لأَبِي الحُسَيْنِ، وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ لَعَلَّهُ قَدْ تَغَيَّرَ دِمَاغُهُ.
ثمَّ إِنَّ أَبَا الحُسَيْنِ انْقَبَضَ عَنْ جَمِيْعِهِم، وَجَفَاهُم، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ العِلَّةُ، وَعَمِيَ، وَلَزِمَ الصَّحَارَى وَالمَقَابِرَ، وَكَانَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ أَحْوَالٌ يَطُوْلُ شَرْحُهَا.
وَسَمِعْتُ جَمَاعَةً يَقُوْلُوْنَ: مَنْ رَأَى النُّوْرِيَّ بَعْدَ قُدُومِهِ مِنَ الرَّقَّةِ وَلَمْ يَكُنْ رَآهُ قَبْلَهَا، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِتَغَيُّرِهِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الجَلاَّءُ، قَالَ:كَانَ النُّوْرِيُّ إِذَا رَأَى مُنْكراً، غَيَّرَه، وَلَوْ كَانَ فِيْهِ تَلَفُهُ، نَزَلَ يَوْماً، فَرَأَى زَوْرَقاً فِيْهِ ثَلاَثُوْنَ دَنّاً، فَقَالَ لِلْمَلاَّحِ: مَا هَذَا؟
قَالَ: مَا يَلْزَمُكَ؟
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتَ - وَاللهِ - صُوْفِيٌّ كَثِيْرُ الفُضُولِ، هَذَا خَمْرٌ لِلْمُعْتَضِدِ.
قَالَ: أَعْطِنِي ذَلِكَ المِدْرَى، فَاغْتَاظَ، وَقَالَ لأَجِيْرِهِ: نَاوِلْهُ حَتَّى أُبْصِرَ مَا يَصْنَعُ.
فَأَخَذَهُ، وَنَزَلَ، فَكَسَّرَهَا كُلَّهَا غَيْرَ دَنٍّ، فَأُخِذَ، وَأُدْخِلَ إِلَى المُعْتَضِدِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ وَيْلَكَ؟!
قَالَ: مُحْتَسِبٌ.
قَالَ: وَمَنْ وَلاَّكَ الحِسْبَةَ؟
قَالَ: الَّذِي وَلاَّكَ الإِمَامَةَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ!
فَأَطْرَقَ، وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى فِعْلِكَ؟
قَالَ: شَفَقَةً مِنِّي عَلَيْكَ!
قَالَ: كَيْفَ سَلِمَ هَذَا الدَّنُّ؟
فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْسِرُ الدِّنَانَ وَنَفْسُهُ مُخْلِصَةٌ خَاشِعَةٌ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى هَذَا الدَّنِّ، أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ، فَارْتَابَ فِيْهَا، فَتَرَكَهُ.
عَنْ أَبِي أَحْمَدَ المَغَازِلِيِّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ أَعْبَدَ مِنَ النُّوْرِيِّ!
قِيْلَ: وَلاَ الجُنَيْدُ؟
قَالَ: وَلاَ الجُنَيْدُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الجُنَيْدَ مَرِضَ مَرَّةً، فَعَادَهُ النُّوْرِيُّ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَعُوفِيَ لِوَقْتِهِ.
تُوُفِّيَ النُّوْرِيُّ: قَبْلَ الجُنَيْدِ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ شَاخَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
وَقَدْ مَرَّ مَوتُ الجُنَيْدِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ العَطَوِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ الجُنَيْدِ لَمَّا احْتُضِرَ، فَخَتَمَ القُرْآنَ، ثُمَّ ابْتَدَأَ سُوْرَةَ البَقَرَةِ، فَتَلاَ سَبْعِيْنَ آيَةً وَمَاتَ.
قَالَ الخُلْدِيُّ: رَأَيْتهُ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
فَقَالَ: طَاحَتْ
تِلْكَ الإِشَارَاتُ، وَغَابَتْ تِلْكَ العِبَارَاتُ، وَفَنِيَتْ تِلْكَ العُلُوْمُ، وَنَفِدَتْ تِلْكَ الرُّسُوْمُ، وَمَا نَفَعَنَا إِلاَّ رَكَعَاتٌ كُنَّا نَرْكَعُهَا فِي الأَسْحَارِ.قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: ذُكِرَ لِي أَنَّهُم حَزَرُوا الجَمْعَ يَوْمَ جَنَازَةِ الجُنَيْدِ الَّذِيْنَ صَلَّوْا عَلَيْهِ نَحْوَ سِتِّيْنَ أَلْفاً، وَمَا زَالُوا يَنْتَابُوْنَ قَبْرَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ نَحْوَ الشَّهْرِ، وَدُفِنَ عِنْدَ السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ.
قُلْتُ: غَلِطَ مَنْ وَرَّخَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to Al-Dhahabī (d. 1348 CE) - Siyar aʿlām al-nubalāʾ - الذهبي - سير أعلام النبلاء are being displayed.