حَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنذِرِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ شَاعِرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُنَافِحُ عَنْهُ، وَالْمُنَاضِلُ الْمُؤَيَّدُ بِرُوحِ الْقُدُّوسِ، يُكَنَّى: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ: أَبَا الْوَلِيدِ، وَكَانَ يُكَنَّى أَيْضًا بِأَبِي الْحُسَامِ لِمُنَاضَلَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِسَانِهِ الْغَازِي بِهِ أَعْرَاضَ الْمُشْرِكِينَ، عَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ عَاشَ أَبُوهُ وَأَبُو أَبِيهِ: جَدُّهُ وَأَبُو جَدِّهِ حَرَامٌ، لَا يُعْرَفُ فِي الْعَرَبِ أَرْبَعَةٌ تَنَاسَلُوا مِنْ صُلْبٍ وَاحِدٍ اتَّفَقَتْ مُدَّةُ تَعْمِيرِهِمْ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً غَيْرُهُمْ، شُجَاعُ اللِّسَانِ، جَبَانُ الْجَنَانِ، لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَشْهَدُ الْوَغَى، وَلَا يَهْتَزُّ إِلَى اللِّقَاءِ لِيَتَحَصَّنَ بِالْآطَامِ وَيُنَاضِلَ بِالْكَلَامِ رَوَى عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ، وَابْنُهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ مِنْبَرًا فِي الْمَسْجِدِ يَقُومُ عَلَيْهِ قَائِمًا يُفَاخِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ الْقُدُسِ بِمَا نَافَحَ أَوْ فَاخَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي الدَّمِيكِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلَانُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ هِلَالٍ الْوَزَّانِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْبَرًا يَنْشُدُ عَلَيْهِ هِجَاءَ الْمُشْرِكِينَ " وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ مُخْتَصَرًا
- حَدَّثَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «كَيْفَ بِنَسَبِي فِيهِمْ» قَالَ: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ" وَقِيلَ: إِنَّهُ اسْتَأْذَنَ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ» فَقَالَ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ" وَمِمَّا هَجَا بِهِ أَبَا سُفْيَانَ:
[البحر الطويل]
إِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... بَنُو بِنْتِ مَخْزُومٍ وَوَالِدُكَ الْعَبْدُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ح وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَا: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اهْجُوا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ» فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: «اهْجُهُمْ» ، فَهَجَاهُمْ، فَلَمْ يَرْضَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ حَسَّانُ قَالَ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ، ثُمَّ دَلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ فَرْيَ الْأَدِيمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يَخْلُصَ لَكَ نَسَبِي» ، فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ خَلَصَ لِي نَسَبُكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَنْسِلَنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ: «إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنْ الَّلهِ وَرَسُولِهِ» قَالَتْ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى» فَقَالَ حَسَّانُ:
[البحر الوافر]
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
ثَكَلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ
يُنَازِعْنَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمْ عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ
وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللهُ فِيهِ مَنْ يَشَاء ُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا ... هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
تُلَاقِي مِنْ مَعَدٍّ كُلَّ يَوْمٍ ... سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللهِ فِينَا ... وَرُوحُ الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ"
- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثنا نُوحُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو غَزِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْزَّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: " مَرَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بِمَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَسَّانُ يُنْشِدُهُمْ مِنْ شَعْرِهِ وَهُمْ غَيْرُ نُشَاطٍ مِمَّا يَسْمَعُونَ مِنْهُ، فَجَلَسَ الزُّبَيْرُ وَقَالَ: مَالِي أَرَاكُمْ غَيْرَ أَذِنِينَ بِمَا تَسْمَعُونَ مِنْ شِعْرِ ابْنِ الْفُرَيْعَةِ فَلَقَدْ كَانَ يَعْرِضُ بِهِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُحْسِنُ اسْتِمَاعَهُ وَيُجْزِلُ عَلَيْهِ ثَوَابَهُ وَلَا يُشْغَلُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ حَسَّانُ:
[البحر الطويل]
أَقَامَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ وَهَدْيِهِ ... حَوَارِيُّهُ وَالْقَوْلُ بِالْفِعْلِ يُعْدِلُ
أَقَامَ عَلَى مِنْهَاجِهِ وَطَرِيقِهِ ... يُوَالِي وَلِيَّ الْحَقِّ وَالْحَقُّ أَعْدَلُ
هُوَ الْفَارِسُ الْمَشْهُورُ وَالْبَطَلُ الَّذِي ... يَصُولُ إِذَا مَا كَانَ يَوْمٌ مُحَجَّلُ
إِذَا كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ حَشَّهَا ... بِأَبْيَضَ سَبَّاقٍ إِلَى الْمَوْتِ يَرْفُلُ
فَمَا مِثْلُهُ فِيهِمْ وَلَا كَانَ قَبْلَهُ ... وَلَيْسَ يَكُونُ الدَّهْرُ مَا دَامَ يَذْبُلُ
ثَنَاؤُكَ خَيْرٌ مِنْ فَعَالِ مَعَاشِرَ ... وَفِعْلُكَ يَا ابْنَ الْهَاشِمِيَّةِ أَفْضَل ُ
وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمَّهُ ... وَمَنْ أَسَدٍ فِي بَيْتِهَا لَمُرْقَلُ
فَكَمْ كُرْبَةٍ ذَبَّ الزُّبَيْرُ بِسَيْفِهِ ... عَنِ الْمُصْطَفَى وَاللهُ يُعْطِي فَيُجْزِلُ"
قَالَ الشَّيْخُ: وَزَادَ غَيْرُهُ:
لَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ قُرْبِي قُرَيْبَةٌ ... وَمِنْ نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ مَجْدٌ مُؤَثَّلُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسَيَّبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِيهِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: " بَدَتْ لَنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِلَى الْوَالِي حَاجَةٌ وَكَانَ الَّذِي طَلَبْنَا إِلَيْهِ أَمْرًا صَعْبًا فَمَشَيْنَا إِلَيْهِ بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ فَكَلَّمُوهُ وَذَكَرُوا لَهُ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَا فَتَذَكَّرَ صُعُوبَةَ الْأَمْرِ فَعَذَرَهُ الْقَوْمُ وَخَرَجُوا وَأَلَحَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَاللهِ مَا وَجَدَ بُدًّا مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِنَا، فَخَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا الْقَوْمُ أُنَدِّيَةٌ قَالَ حَسَّانُ: فَصِحْتُ وَأَنَا أَسْمَعَهُمْ إِنَّهُ وَاللهِ كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا، إِنَّهَا وَاللهِ صُبَابَةُ النُّبُوَّةِ وَوِرَاثَةُ أَحْمَدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَهْذِيبُ أَعْرَاقِهِ وَانْتِزَاعِ شِبْهَ طَبَائِعِهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَجْمِلْ يَا حَسَّانُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صِدْقًا فَأَجْمَلَ حَسَّانُ وَأَنْشَأَ يَمْدَحُ ابْنَ عَبَّاسٍ:
[البحر الطويل]
إِذَا مَا ابْنُ عَبَّاسٍ بَدَا لَكَ وَجْهُهُ ... رَأَيْتَ لَهُ فِي كُلِّ مَجْمَعَةٍ فَضْلَا
إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ ... بِمُلْتَقَطَاتٍ لَا تَرَى بَيْنَهَا فَصْلَا
كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوسِ فَلَمْ يَدَعْ ... لِذِي إِرْبَةٍ فِي الْقَوْلِ جِدًّا وَلَا هَزْلَا
سَمَوْتَ إِلَى الْعُلْيَا بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ ... فَنِلْتَ ذُرَاهَا لَا جَبَانًا وَلَا وَغْلَا
خُلِقْتَ خَلِيقًا لِلْمُرُوءَةِ وَالنَّدَى ... بَلِيجًا وَلَمْ تُخْلَقْ كَهَامًا وَلَا جَبَلَا
فَقَالَ الْوَالِي: وَاللهِ مَا أَرَادَ بِالْكَهَامِ وَالْجَبَلِ غَيْرِي، وَاللهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ"
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الصَّائِغُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ الْحَدَّادِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ الْأَعْرَجُ، خَتَنُ سَلَمَةَ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: «عَاشَ حَرَامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ عِشْرِينَ وَمِائَةً وَعَاشَ ابْنُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ حَرَامٍ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَعَاشَ ابْنُهُ ثَابِتُ بْنُ الْمُنْذِرِ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَعَاشَ ابْنُهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ إِذَا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثُ اسْتَلْقَى عَلَى فِرَاشِهِ وَضَحِكَ وَتَمَدَّدَ، فَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حُرَيْمِلَةَ، رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: أَتَيْتُ حَسَّانَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْحُسَامِ
- حَدَّثَنَا فَاروقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَتَى عَلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ يُنْشِدُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: أَهَاهُنَا، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، فَوَلَّى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يَقُولَ: رَسُولُ اللهِ وَأَقْبَلَ حَسَّانُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ أَتَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» قَالَ: نَعَمْ " اخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِيهِ، فَرَوَاهُ الزُّبَيْرُ وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَعُقَيْلٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ، وَمِمَّا أَسْنَدَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّيَّانِ، قَالَا: ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا قَبِيصَةُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ مِنْبَرًا فِي الْمَسْجِدِ يَقُومُ عَلَيْهِ قَائِمًا يُفَاخِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ الْقُدُسِ بِمَا نَافَحَ أَوْ فَاخَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي الدَّمِيكِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلَانُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ هِلَالٍ الْوَزَّانِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْبَرًا يَنْشُدُ عَلَيْهِ هِجَاءَ الْمُشْرِكِينَ " وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ مُخْتَصَرًا
- حَدَّثَنَاهُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «كَيْفَ بِنَسَبِي فِيهِمْ» قَالَ: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ" وَقِيلَ: إِنَّهُ اسْتَأْذَنَ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ» فَقَالَ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ" وَمِمَّا هَجَا بِهِ أَبَا سُفْيَانَ:
[البحر الطويل]
إِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... بَنُو بِنْتِ مَخْزُومٍ وَوَالِدُكَ الْعَبْدُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ح وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَا: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اهْجُوا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ» فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: «اهْجُهُمْ» ، فَهَجَاهُمْ، فَلَمْ يَرْضَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ حَسَّانُ قَالَ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ، ثُمَّ دَلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ فَرْيَ الْأَدِيمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يَخْلُصَ لَكَ نَسَبِي» ، فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ خَلَصَ لِي نَسَبُكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَنْسِلَنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ: «إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنْ الَّلهِ وَرَسُولِهِ» قَالَتْ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى» فَقَالَ حَسَّانُ:
[البحر الوافر]
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
ثَكَلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ
يُنَازِعْنَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمْ عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ
وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللهُ فِيهِ مَنْ يَشَاء ُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا ... هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
تُلَاقِي مِنْ مَعَدٍّ كُلَّ يَوْمٍ ... سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللهِ فِينَا ... وَرُوحُ الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ"
- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثنا نُوحُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو غَزِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْزَّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: " مَرَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بِمَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَسَّانُ يُنْشِدُهُمْ مِنْ شَعْرِهِ وَهُمْ غَيْرُ نُشَاطٍ مِمَّا يَسْمَعُونَ مِنْهُ، فَجَلَسَ الزُّبَيْرُ وَقَالَ: مَالِي أَرَاكُمْ غَيْرَ أَذِنِينَ بِمَا تَسْمَعُونَ مِنْ شِعْرِ ابْنِ الْفُرَيْعَةِ فَلَقَدْ كَانَ يَعْرِضُ بِهِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُحْسِنُ اسْتِمَاعَهُ وَيُجْزِلُ عَلَيْهِ ثَوَابَهُ وَلَا يُشْغَلُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ حَسَّانُ:
[البحر الطويل]
أَقَامَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ وَهَدْيِهِ ... حَوَارِيُّهُ وَالْقَوْلُ بِالْفِعْلِ يُعْدِلُ
أَقَامَ عَلَى مِنْهَاجِهِ وَطَرِيقِهِ ... يُوَالِي وَلِيَّ الْحَقِّ وَالْحَقُّ أَعْدَلُ
هُوَ الْفَارِسُ الْمَشْهُورُ وَالْبَطَلُ الَّذِي ... يَصُولُ إِذَا مَا كَانَ يَوْمٌ مُحَجَّلُ
إِذَا كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ حَشَّهَا ... بِأَبْيَضَ سَبَّاقٍ إِلَى الْمَوْتِ يَرْفُلُ
فَمَا مِثْلُهُ فِيهِمْ وَلَا كَانَ قَبْلَهُ ... وَلَيْسَ يَكُونُ الدَّهْرُ مَا دَامَ يَذْبُلُ
ثَنَاؤُكَ خَيْرٌ مِنْ فَعَالِ مَعَاشِرَ ... وَفِعْلُكَ يَا ابْنَ الْهَاشِمِيَّةِ أَفْضَل ُ
وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمَّهُ ... وَمَنْ أَسَدٍ فِي بَيْتِهَا لَمُرْقَلُ
فَكَمْ كُرْبَةٍ ذَبَّ الزُّبَيْرُ بِسَيْفِهِ ... عَنِ الْمُصْطَفَى وَاللهُ يُعْطِي فَيُجْزِلُ"
قَالَ الشَّيْخُ: وَزَادَ غَيْرُهُ:
لَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ قُرْبِي قُرَيْبَةٌ ... وَمِنْ نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ مَجْدٌ مُؤَثَّلُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسَيَّبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِيهِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: " بَدَتْ لَنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِلَى الْوَالِي حَاجَةٌ وَكَانَ الَّذِي طَلَبْنَا إِلَيْهِ أَمْرًا صَعْبًا فَمَشَيْنَا إِلَيْهِ بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ فَكَلَّمُوهُ وَذَكَرُوا لَهُ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَا فَتَذَكَّرَ صُعُوبَةَ الْأَمْرِ فَعَذَرَهُ الْقَوْمُ وَخَرَجُوا وَأَلَحَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَاللهِ مَا وَجَدَ بُدًّا مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِنَا، فَخَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا الْقَوْمُ أُنَدِّيَةٌ قَالَ حَسَّانُ: فَصِحْتُ وَأَنَا أَسْمَعَهُمْ إِنَّهُ وَاللهِ كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا، إِنَّهَا وَاللهِ صُبَابَةُ النُّبُوَّةِ وَوِرَاثَةُ أَحْمَدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَهْذِيبُ أَعْرَاقِهِ وَانْتِزَاعِ شِبْهَ طَبَائِعِهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَجْمِلْ يَا حَسَّانُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صِدْقًا فَأَجْمَلَ حَسَّانُ وَأَنْشَأَ يَمْدَحُ ابْنَ عَبَّاسٍ:
[البحر الطويل]
إِذَا مَا ابْنُ عَبَّاسٍ بَدَا لَكَ وَجْهُهُ ... رَأَيْتَ لَهُ فِي كُلِّ مَجْمَعَةٍ فَضْلَا
إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ ... بِمُلْتَقَطَاتٍ لَا تَرَى بَيْنَهَا فَصْلَا
كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوسِ فَلَمْ يَدَعْ ... لِذِي إِرْبَةٍ فِي الْقَوْلِ جِدًّا وَلَا هَزْلَا
سَمَوْتَ إِلَى الْعُلْيَا بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ ... فَنِلْتَ ذُرَاهَا لَا جَبَانًا وَلَا وَغْلَا
خُلِقْتَ خَلِيقًا لِلْمُرُوءَةِ وَالنَّدَى ... بَلِيجًا وَلَمْ تُخْلَقْ كَهَامًا وَلَا جَبَلَا
فَقَالَ الْوَالِي: وَاللهِ مَا أَرَادَ بِالْكَهَامِ وَالْجَبَلِ غَيْرِي، وَاللهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ"
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الصَّائِغُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ الْحَدَّادِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ الْأَعْرَجُ، خَتَنُ سَلَمَةَ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: «عَاشَ حَرَامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ عِشْرِينَ وَمِائَةً وَعَاشَ ابْنُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ حَرَامٍ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَعَاشَ ابْنُهُ ثَابِتُ بْنُ الْمُنْذِرِ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَعَاشَ ابْنُهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عِشْرِينَ وَمِائَةً، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ إِذَا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثُ اسْتَلْقَى عَلَى فِرَاشِهِ وَضَحِكَ وَتَمَدَّدَ، فَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حُرَيْمِلَةَ، رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: أَتَيْتُ حَسَّانَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْحُسَامِ
- حَدَّثَنَا فَاروقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَتَى عَلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ يُنْشِدُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: أَهَاهُنَا، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، فَوَلَّى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يَقُولَ: رَسُولُ اللهِ وَأَقْبَلَ حَسَّانُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ أَتَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» قَالَ: نَعَمْ " اخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِيهِ، فَرَوَاهُ الزُّبَيْرُ وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَعُقَيْلٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ، وَمِمَّا أَسْنَدَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّيَّانِ، قَالَا: ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا قَبِيصَةُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ»