شقيق بن سلمة أبو وائل الأسدي
أدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال شقيق بن سلمة قال: قال عبد الله:
كنا إذا صلينا خلف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا: السلام على الله دون عبارة السلام على جبريل وميكائيل، السلام على فلان وفلان، فالتفت إلينا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: الله هو السلام، فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض، اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمداً عبده ورسوله.
قال أبو وائل: غزوت مع عمر بن الخطاب الشام فنزلنا منزلاً، فجاء دهقان يستدل على أمير المؤمنين حتى أتاه. فلما رأى الدهقان عمر سجد له فقال عمر: ما هذا السجود؟! فقال: هكذا نفعل بالملوك، فقال عمر: اسجد لربك الذي خلقك، فقال: يا أمير المؤمنين، إني صنعت لك طعاماً فائتني. فقال عمر: هل في بيتك شيء من تصاوير العجم؟ قال: نعم. قال:
لا حاجة لنا في بيتك، ولكن انطلق فابعث إلينا بلون من الطعام، ولا تزدنا عليه. قال: فانطلق فبعث إليه بالطعام فأكل منه. قال عمر لغلامه: هل في إداوتك شيء من ذلك النبيذ؟ قال: نعم. قال: فأتاه فصبه في إناء ثم شمه فوجده منكر الريح، فصب عليه الماء ثلاث مرات ثم شربه، ثم قال: إذا رابكم شيء فافعلوا به هكذا، ثم قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا تلبسوا الديباج والحرير، ولا تشربوا في آنية الفضة والذهب، فإنها لهم في الدنيا، وهي لنا في الآخرة.
سكن أبو وائل الكوفة، وورد المدائن مع علي بن أبي طالب حين قاتل الخوارج بالنهروان.
وشهد صفين مع علي عليه السلام وقال: بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أمرد، فلم يقض لي أن ألقاه.
قال أبو وائل: أتانا مصدق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتيته بكبش لي فقلت: خذ صدقة هذا، قال: ليس في هذا صدقة.
قال عاصم: قلت لأبي وائل: متى أدركت؟ قال: بينما أنا أرعى غنماً لأهلي إذ مرّ ركب أو فوارس ففرقوا غنمي، فوقف رجل منهم فقال: اجمعوا للغلام غنمه كما فرقتموها عليه، فتبعت رجلاً منهم فقلت: من هذا؟ قال: هذا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الحافظ: والأحاديث في أنه لم ير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصح.
كان أبو وائل يقول: أدركت من الجاهلية سبع سنين.
قال الأعمش: قال لي شقيق بن سلمة: يا سليمان، لو رأيتني ونحن هرّب من خالد بن الوليد يوم بُزاخة، فوقعت عن البعير فكادت تندق عنقي، فلو متّ يومئذ كانت النار. قال شقيق: كنت يومئذ ابن إحدى عشرة سنة.
قال أبو وائل: ماتت أمي نصرانية، فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال: اركب دابة وسر أمام جنازتها.
وقيل: إن أبا وائل لم يلق عمر.
وقال شقيق: أعطاني عمر أربعة أعطية. وقال: لتكبيرة واحدة خير من الدنيا وما فيها.
وعن مغيرة قال: قيل لإبراهيم حين ذكر كراهية أصحابه الصلاة على الطنفسة فقيل: إن أبا وائل يصلي على الطنفسة. قال: أما إنه خير مني.
وعن إبراهيم النخعي قال: ما من قرية إلا وفيها من يدفع عن أهلها به، وإني لأرجو أن يكون أبو وائل منهم.
وعن شقيق أنه تعلم القرآن في شهرين.
وعن سفيان أنه أمَّهم أبو وائل، فرأى من صوته فقال: كأنه أعجبه، قال: فترك الإمامة.
قال عاصم: كان أبو وائل إذا خلا ينشج، ولو جعل له الدنيا على أن يفعل ذلك وأحد يراه لم يفعل.
قال عاصم: كان لأبي وائل خص من قصب، هو فيه وفرسه، فكان إذا غزا نقضه وإذا قدم بناه.
وكان عطاء أبي وائل ألفين، فإذا خرج أمسك ما يكفي أهله سنة، وتصدق بما سوى ذلك. وجاءه رجل فقال: ابنك على السوق، فقال: والله لو جئتني بموته كان أحب إلي، إن كنت لأكره أن يدخل بيتي من عمل عملهم.
وكان أبو وائل يقول لجاريته: يا بركة، إذا جاء يحيى، يعني ابنه بشيء فلا تقبيله، وإذا جاءك أصحابي بشيء فخذيه، وكان يحيى ابنه قاضياً على الكناسة، وكان يقول لجاريته: يا بركة، لا تطعميني شيئاً مما يجيء به.
قال عاصم: قال لي أبو وائل: يا عاصم، أيهما أكثر: القيراط أو الدانق؟ قال: وكان أبو وائل يمر في السوق فيسمع قيراط، دانق، فلا يدري كم هو.
وقال عاصم:
ما رأيت أبا وائل ملتفتاً في صلاة ولا في غيرها، ولا سمعته يسب دابة قط إلا أنه ذكر الحجاج يوماً فقال: اللهم، أطعم الحجاج من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، ثم تداركها فقال: إن كان ذلك أحب إليك، فقلت: واستثنى في الحجاج! فقال: يعدها ذنباً.
قال الأعمش: قال لي شقيق: ما يمنعك أن تأتينا أكثر مما تأتينا؟ قال: وكره أن يقول إني أحب أن تأتينا أكثر مما تأتينا، فيكذب.
قال عاصم بن بهدلة: قلت لأبي وائل: شهدت صفين؟ قال: نعم، وبئست الصفون كانت.
قال عاصم: قيل لأبي وائل: أيهما أحب إليك علي أو عثمان؟ قال: كان علي أحب إلي من عثمان، ثم صار عثمان أحب إلي من علي.
قال الأعمش: كنت آتي شقيق بن سلمة وبنو عمه يلعبون بالنرد والشطرنج، فيقول: سمعت أسامة ابن زيد وسمعت عبد الله، وهم لا يدرون فيم نحن.
قال الأعمش: قال لي أبو وائل: يا سليمان، ما في أمرائنا هؤلاء واحدة من اثنتين: ما فيهم تقوى أهل الإسلام، ولا فيهم عقول أهل الجاهلية.
قال الأعمش: قال لي شقيق: يا سليمان، نعم الرب ربنا لو أطعناه ما عصانا.
قال شقيق بن سلمة: مثل قراء هذا الزمان كغنم ضوائن ذات صوف، عجاف، أكلت من الحمض وشربت من الماء حتى انتفخت خواصرها، فمرت برجل فأعجبته، فقام إليها فعبط شاة منها، فإذا هي لا تنقي، ثم عبط أخرى فإذا هي كذلك، فقال: أف لك سائر اليوم.
قال أبو وائل: استعملني ابن زياد على بيت المال، فأتاني رجل بصك فيه: اعط صاحب المطبخ ثماني مئة درهم، فقلت له: مكانك، فدخلت على ابن زياد فحدثته، فقلت له: إن عمر استعمل عبد الله بن مسعود على القضاء وعلى بيت المال، وعثمان بن حنيف على ما سقى الفرات، وعمار بن ياسر على الصلاة والجند، ورزقهم كل يوم شاة، فجعل نصفها وسقطها وأكارعها لمعار لأنه على الصلاة والجند، وجعل لعبد الله بن مسعود ربعها، وجعل لعثمان ابن حنيف ربعها، ثم قال: إن مالاً يؤخذ منه كل يوم شاة إن ذلك فيه لسريع، فقال لي ابن زياد: ضع المفاتيح واذهب حيث شئت.
قال أبو وائل: أرسل إلي الحجاج فقال: ما اسمك؟ قال: قلت: ليالي هبطه أهله. قال: كم تقرأ من القرآن؟ قال: قلت: أقرأ منه ما إن تبعته كفاني، قال: إنا نريد أن نستعين بك على
بعض أعمالنا. قال: قلت: على أي عمل الأمير؟ قال: على السلسلة. قال: قالت: إن السلسلة لا يصلحها إلا رجال يقومون عليها، ويعملون عليها، وإن تستعن بي تستعن بكبير أخرق ضعيف يخاف أعوان السوء، وإن يعفني الأمير فهو أحب إلي، وإن يقحمني أقتحم. وأيم الله إني لأتعار من الليل، فأذكر الأمير فما يأتيني النوم حتى أصبخ، ولست للأمير على عمل، فكيف إذا كنت للأمير على عمل؟ وأيم الله ما أعلم الناس هابوا أميراً قط هيبتهم إياك أيها الأمير. قال: فأعجبه ما قلت له، فقال أن أعِد علي فأعدت عليه، فقال، أما قولك: إن يعفني الأمير فهو أحب إلي، وإن يقحمني أقتحم، فإنا إن لا نجد غيرك نقحمك، وإن نجد غيرك لا نقحمك. وأما قولك: إن الناس لم يهابوا أميراً هيبتهم إياي فإني والله ما أعلم اليوم رجلاً هو أجرأ على دم مني، ولقد ركبت أشياء هابها الناس ففرج لي بها، انطلق يرحمك الله. قال: فعدلت عن الطريق كأني لا أبصر، فقال: أرشدوا الشيخ: قال: فجاءني إنسان وأخذ بيدي.
توفي أبو وائل في زمن الحجاج بعد الجماجم. ولما مات قبل أبو بردة جبهته. وقيل: إنه مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. قالوا: وهو وهم، فإنه لم يبق إلى خلافته. وقيل كانت وفاته سنة تسع وتسعين.
أدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال شقيق بن سلمة قال: قال عبد الله:
كنا إذا صلينا خلف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا: السلام على الله دون عبارة السلام على جبريل وميكائيل، السلام على فلان وفلان، فالتفت إلينا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: الله هو السلام، فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض، اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمداً عبده ورسوله.
قال أبو وائل: غزوت مع عمر بن الخطاب الشام فنزلنا منزلاً، فجاء دهقان يستدل على أمير المؤمنين حتى أتاه. فلما رأى الدهقان عمر سجد له فقال عمر: ما هذا السجود؟! فقال: هكذا نفعل بالملوك، فقال عمر: اسجد لربك الذي خلقك، فقال: يا أمير المؤمنين، إني صنعت لك طعاماً فائتني. فقال عمر: هل في بيتك شيء من تصاوير العجم؟ قال: نعم. قال:
لا حاجة لنا في بيتك، ولكن انطلق فابعث إلينا بلون من الطعام، ولا تزدنا عليه. قال: فانطلق فبعث إليه بالطعام فأكل منه. قال عمر لغلامه: هل في إداوتك شيء من ذلك النبيذ؟ قال: نعم. قال: فأتاه فصبه في إناء ثم شمه فوجده منكر الريح، فصب عليه الماء ثلاث مرات ثم شربه، ثم قال: إذا رابكم شيء فافعلوا به هكذا، ثم قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا تلبسوا الديباج والحرير، ولا تشربوا في آنية الفضة والذهب، فإنها لهم في الدنيا، وهي لنا في الآخرة.
سكن أبو وائل الكوفة، وورد المدائن مع علي بن أبي طالب حين قاتل الخوارج بالنهروان.
وشهد صفين مع علي عليه السلام وقال: بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أمرد، فلم يقض لي أن ألقاه.
قال أبو وائل: أتانا مصدق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتيته بكبش لي فقلت: خذ صدقة هذا، قال: ليس في هذا صدقة.
قال عاصم: قلت لأبي وائل: متى أدركت؟ قال: بينما أنا أرعى غنماً لأهلي إذ مرّ ركب أو فوارس ففرقوا غنمي، فوقف رجل منهم فقال: اجمعوا للغلام غنمه كما فرقتموها عليه، فتبعت رجلاً منهم فقلت: من هذا؟ قال: هذا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الحافظ: والأحاديث في أنه لم ير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصح.
كان أبو وائل يقول: أدركت من الجاهلية سبع سنين.
قال الأعمش: قال لي شقيق بن سلمة: يا سليمان، لو رأيتني ونحن هرّب من خالد بن الوليد يوم بُزاخة، فوقعت عن البعير فكادت تندق عنقي، فلو متّ يومئذ كانت النار. قال شقيق: كنت يومئذ ابن إحدى عشرة سنة.
قال أبو وائل: ماتت أمي نصرانية، فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال: اركب دابة وسر أمام جنازتها.
وقيل: إن أبا وائل لم يلق عمر.
وقال شقيق: أعطاني عمر أربعة أعطية. وقال: لتكبيرة واحدة خير من الدنيا وما فيها.
وعن مغيرة قال: قيل لإبراهيم حين ذكر كراهية أصحابه الصلاة على الطنفسة فقيل: إن أبا وائل يصلي على الطنفسة. قال: أما إنه خير مني.
وعن إبراهيم النخعي قال: ما من قرية إلا وفيها من يدفع عن أهلها به، وإني لأرجو أن يكون أبو وائل منهم.
وعن شقيق أنه تعلم القرآن في شهرين.
وعن سفيان أنه أمَّهم أبو وائل، فرأى من صوته فقال: كأنه أعجبه، قال: فترك الإمامة.
قال عاصم: كان أبو وائل إذا خلا ينشج، ولو جعل له الدنيا على أن يفعل ذلك وأحد يراه لم يفعل.
قال عاصم: كان لأبي وائل خص من قصب، هو فيه وفرسه، فكان إذا غزا نقضه وإذا قدم بناه.
وكان عطاء أبي وائل ألفين، فإذا خرج أمسك ما يكفي أهله سنة، وتصدق بما سوى ذلك. وجاءه رجل فقال: ابنك على السوق، فقال: والله لو جئتني بموته كان أحب إلي، إن كنت لأكره أن يدخل بيتي من عمل عملهم.
وكان أبو وائل يقول لجاريته: يا بركة، إذا جاء يحيى، يعني ابنه بشيء فلا تقبيله، وإذا جاءك أصحابي بشيء فخذيه، وكان يحيى ابنه قاضياً على الكناسة، وكان يقول لجاريته: يا بركة، لا تطعميني شيئاً مما يجيء به.
قال عاصم: قال لي أبو وائل: يا عاصم، أيهما أكثر: القيراط أو الدانق؟ قال: وكان أبو وائل يمر في السوق فيسمع قيراط، دانق، فلا يدري كم هو.
وقال عاصم:
ما رأيت أبا وائل ملتفتاً في صلاة ولا في غيرها، ولا سمعته يسب دابة قط إلا أنه ذكر الحجاج يوماً فقال: اللهم، أطعم الحجاج من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، ثم تداركها فقال: إن كان ذلك أحب إليك، فقلت: واستثنى في الحجاج! فقال: يعدها ذنباً.
قال الأعمش: قال لي شقيق: ما يمنعك أن تأتينا أكثر مما تأتينا؟ قال: وكره أن يقول إني أحب أن تأتينا أكثر مما تأتينا، فيكذب.
قال عاصم بن بهدلة: قلت لأبي وائل: شهدت صفين؟ قال: نعم، وبئست الصفون كانت.
قال عاصم: قيل لأبي وائل: أيهما أحب إليك علي أو عثمان؟ قال: كان علي أحب إلي من عثمان، ثم صار عثمان أحب إلي من علي.
قال الأعمش: كنت آتي شقيق بن سلمة وبنو عمه يلعبون بالنرد والشطرنج، فيقول: سمعت أسامة ابن زيد وسمعت عبد الله، وهم لا يدرون فيم نحن.
قال الأعمش: قال لي أبو وائل: يا سليمان، ما في أمرائنا هؤلاء واحدة من اثنتين: ما فيهم تقوى أهل الإسلام، ولا فيهم عقول أهل الجاهلية.
قال الأعمش: قال لي شقيق: يا سليمان، نعم الرب ربنا لو أطعناه ما عصانا.
قال شقيق بن سلمة: مثل قراء هذا الزمان كغنم ضوائن ذات صوف، عجاف، أكلت من الحمض وشربت من الماء حتى انتفخت خواصرها، فمرت برجل فأعجبته، فقام إليها فعبط شاة منها، فإذا هي لا تنقي، ثم عبط أخرى فإذا هي كذلك، فقال: أف لك سائر اليوم.
قال أبو وائل: استعملني ابن زياد على بيت المال، فأتاني رجل بصك فيه: اعط صاحب المطبخ ثماني مئة درهم، فقلت له: مكانك، فدخلت على ابن زياد فحدثته، فقلت له: إن عمر استعمل عبد الله بن مسعود على القضاء وعلى بيت المال، وعثمان بن حنيف على ما سقى الفرات، وعمار بن ياسر على الصلاة والجند، ورزقهم كل يوم شاة، فجعل نصفها وسقطها وأكارعها لمعار لأنه على الصلاة والجند، وجعل لعبد الله بن مسعود ربعها، وجعل لعثمان ابن حنيف ربعها، ثم قال: إن مالاً يؤخذ منه كل يوم شاة إن ذلك فيه لسريع، فقال لي ابن زياد: ضع المفاتيح واذهب حيث شئت.
قال أبو وائل: أرسل إلي الحجاج فقال: ما اسمك؟ قال: قلت: ليالي هبطه أهله. قال: كم تقرأ من القرآن؟ قال: قلت: أقرأ منه ما إن تبعته كفاني، قال: إنا نريد أن نستعين بك على
بعض أعمالنا. قال: قلت: على أي عمل الأمير؟ قال: على السلسلة. قال: قالت: إن السلسلة لا يصلحها إلا رجال يقومون عليها، ويعملون عليها، وإن تستعن بي تستعن بكبير أخرق ضعيف يخاف أعوان السوء، وإن يعفني الأمير فهو أحب إلي، وإن يقحمني أقتحم. وأيم الله إني لأتعار من الليل، فأذكر الأمير فما يأتيني النوم حتى أصبخ، ولست للأمير على عمل، فكيف إذا كنت للأمير على عمل؟ وأيم الله ما أعلم الناس هابوا أميراً قط هيبتهم إياك أيها الأمير. قال: فأعجبه ما قلت له، فقال أن أعِد علي فأعدت عليه، فقال، أما قولك: إن يعفني الأمير فهو أحب إلي، وإن يقحمني أقتحم، فإنا إن لا نجد غيرك نقحمك، وإن نجد غيرك لا نقحمك. وأما قولك: إن الناس لم يهابوا أميراً هيبتهم إياي فإني والله ما أعلم اليوم رجلاً هو أجرأ على دم مني، ولقد ركبت أشياء هابها الناس ففرج لي بها، انطلق يرحمك الله. قال: فعدلت عن الطريق كأني لا أبصر، فقال: أرشدوا الشيخ: قال: فجاءني إنسان وأخذ بيدي.
توفي أبو وائل في زمن الحجاج بعد الجماجم. ولما مات قبل أبو بردة جبهته. وقيل: إنه مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. قالوا: وهو وهم، فإنه لم يبق إلى خلافته. وقيل كانت وفاته سنة تسع وتسعين.