إبراهيم بن شمر أبي عبلة
ابن يقظان بن المرتحل أبو إسماعيل، ويقال: أبو سعيد، ويقال: أبو إسحاق، ويقال: أبو العبّاس الفلسطينيّ الرمليّ، ويقال: الدّمشقيّ روى عن ابن عمر وأبي أمامة وأنس بن مالك وواثلة بن الأسقع وغيرهم.
وروى عنه مالك واللّيث والأوزاعي وغيرهم.
وكان يوجهه الوليد بن عبد الملك من دمشق إلى بين المقدس فيقسم فيهم العطاء، ودخل على عمر بن عبد العزيز في مسجد داره.
روى عن أنس بن مالك، قال: دخل عينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يكن فينا أشمط غير أبي بكر، فكان يغلّفها بالحنّاء والكتم.
قال عنه أبو حاتم: هو صدوق ثقة.
قال إبراهيم: رأيت من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن عمر وعبد الله بن أم حرام وواثلة بن الأسقع وغيرهم يلبسون البرانس، ويقصّون شواربهم ولا يحفون حتى الجلدة، ولكن يكشفون الشّفة، ويصفّرون بالورس، ويخضبون بالحنّاء والكتم.
وقال الدارّ قطني عنه: الطّرقات إليه ليست تصفو، وهو بنفسه ثقة لا يخالف الثّقات إذا روى عن ثقة.
قال إبراهيم: قدم الوليد بن عبد الملك فأمرني فتكلّمت، قال: فلقيني عمر بن عبد العزيز، فقال: يا إبراهيم لقد وعظت موعظةً وقعت من القلوب.
وقال: دخلت على عمر بن عبد العزيز وهو بمسجد داره، وكنت له ناصحاً وكان مني مستمعاً، فقال: يا إبراهيم بلغني أن موسى، قال: المعنى ما الذي يخلّصني من عقابك، ويبلغني رضوانك، وينجيني من سخطك؟ قال: الاستغفار باللّسان، والنّدم بالقلب، والتّرك بالجوارح.
وقال: دخلنا على عمر بن عبد العزيز يوم العيد، والنّاس يسلّمون عليه، ويقولون: تقبّل الله منّا ومنك يا أمير المؤمنين، فردّ عليهم، ولا ينكر عليهم.
وقال: بعث إلي هشام بن عبد الملك فقال: يا إبراهيم إنّا قد عرفناك صغيراً واختبرناك كبيراً، ورضينا بسيرتك وبحالك، وقد رأيت أن تختلط بنفسي وخاصّتي، وأشركك في عملي، وقد ولّيتك خراج مصر.
قال: فقلت: أمّا الذي عليه رأيك يا أمير المؤمنين فالله يجزيك ويثيبك، وكفى به مجازياً ومثيباً؛ وأمّا الذي أنا عليه فمالي بالخراج بصر، ومالي عليه قوّة.
قال: فغضب حتى اختلج وجهه وكان في عينيه الحول فنظر، قال: فنظر إليّ نظراً منكراً، ثم قال: لتلينّ طائعاً أو لتلينّ كارهاً. قال: فأمسكت عن الكلام، حتى رأيت غضبه قد انكسر، وسورته قد طفئت، فقلت: يا أمير المؤمنين، أتكلّم؟ قال: نعم؛ قلت: إنّ الله سبحانه وبحمده قال في كتابه: " إنّا عرضنا الأمانة على السّموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها " الآية. فوالله يا أمير المؤمنين ما غضب عليهنّ إذ أبين، ولا أكرههنّ إذ كرهن، وما أنا بحقيق أن تغضب عليّ إذ أبيت،
ولا تكرهني إذ كرهت؛ قال: فضحك حتى بدت نواجذه؛ ثم قال: يا إبراهيم قد أبيت إلاّ فقهاً! قد رضينا عنك وأعفيناك.
قال ضمرة بن ربيعة: ما رأيت لذة العيش إلاّ في خصلتين: أكل الموز بالعسل في ظلّ صخرة بيت المقدس، وحديث ابن أبي عبلة، فلم أر أفصح منه.
قال إبراهيم: مرض أهلي فكانت أم الدّرداء تصنع لي الطعام، فلّما برؤوا قالت: إنّما كنا نصنع إذ كان أهلك مرضى، فأمّا إذا برؤوا فلا.
قال: وقلت للعلاء بن زياد بن مطر العدويّ: إنّي أجد وسوسة في قلبي، فقال: ما أحبّ لو أنك متّ عام أوّل، إنك العام خير منك عام أوّل.
وقال: من حمل شاذّ العلماء حمل شراً كبيراً.
وقال لمن جاء من الثغر: وقد جئتم من الجهاد الأصغر، فما فعلتم في الجهاد الأكبر؟ قالوا: يا أبا إسماعيل فما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد القلب.
ومن شعره: من الكامل
لسانك ما بخلت به مصون ... فلا تهمله ليس له قيود
وسكّن بالصّمات خبئ صدر ... كما يخبا الزّبرجد والفريد
فإنك لن تردّ الدّهر قولاً ... نطقت به وأندية قعود
كما لم ترتجع مسقاة ماء ... ولم يرتدّ في الرّحم الوليد
قال ضمرة: مات ابن أبي عبلة سنة اثنتين وخمسين ومئة.
ابن يقظان بن المرتحل أبو إسماعيل، ويقال: أبو سعيد، ويقال: أبو إسحاق، ويقال: أبو العبّاس الفلسطينيّ الرمليّ، ويقال: الدّمشقيّ روى عن ابن عمر وأبي أمامة وأنس بن مالك وواثلة بن الأسقع وغيرهم.
وروى عنه مالك واللّيث والأوزاعي وغيرهم.
وكان يوجهه الوليد بن عبد الملك من دمشق إلى بين المقدس فيقسم فيهم العطاء، ودخل على عمر بن عبد العزيز في مسجد داره.
روى عن أنس بن مالك، قال: دخل عينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يكن فينا أشمط غير أبي بكر، فكان يغلّفها بالحنّاء والكتم.
قال عنه أبو حاتم: هو صدوق ثقة.
قال إبراهيم: رأيت من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن عمر وعبد الله بن أم حرام وواثلة بن الأسقع وغيرهم يلبسون البرانس، ويقصّون شواربهم ولا يحفون حتى الجلدة، ولكن يكشفون الشّفة، ويصفّرون بالورس، ويخضبون بالحنّاء والكتم.
وقال الدارّ قطني عنه: الطّرقات إليه ليست تصفو، وهو بنفسه ثقة لا يخالف الثّقات إذا روى عن ثقة.
قال إبراهيم: قدم الوليد بن عبد الملك فأمرني فتكلّمت، قال: فلقيني عمر بن عبد العزيز، فقال: يا إبراهيم لقد وعظت موعظةً وقعت من القلوب.
وقال: دخلت على عمر بن عبد العزيز وهو بمسجد داره، وكنت له ناصحاً وكان مني مستمعاً، فقال: يا إبراهيم بلغني أن موسى، قال: المعنى ما الذي يخلّصني من عقابك، ويبلغني رضوانك، وينجيني من سخطك؟ قال: الاستغفار باللّسان، والنّدم بالقلب، والتّرك بالجوارح.
وقال: دخلنا على عمر بن عبد العزيز يوم العيد، والنّاس يسلّمون عليه، ويقولون: تقبّل الله منّا ومنك يا أمير المؤمنين، فردّ عليهم، ولا ينكر عليهم.
وقال: بعث إلي هشام بن عبد الملك فقال: يا إبراهيم إنّا قد عرفناك صغيراً واختبرناك كبيراً، ورضينا بسيرتك وبحالك، وقد رأيت أن تختلط بنفسي وخاصّتي، وأشركك في عملي، وقد ولّيتك خراج مصر.
قال: فقلت: أمّا الذي عليه رأيك يا أمير المؤمنين فالله يجزيك ويثيبك، وكفى به مجازياً ومثيباً؛ وأمّا الذي أنا عليه فمالي بالخراج بصر، ومالي عليه قوّة.
قال: فغضب حتى اختلج وجهه وكان في عينيه الحول فنظر، قال: فنظر إليّ نظراً منكراً، ثم قال: لتلينّ طائعاً أو لتلينّ كارهاً. قال: فأمسكت عن الكلام، حتى رأيت غضبه قد انكسر، وسورته قد طفئت، فقلت: يا أمير المؤمنين، أتكلّم؟ قال: نعم؛ قلت: إنّ الله سبحانه وبحمده قال في كتابه: " إنّا عرضنا الأمانة على السّموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها " الآية. فوالله يا أمير المؤمنين ما غضب عليهنّ إذ أبين، ولا أكرههنّ إذ كرهن، وما أنا بحقيق أن تغضب عليّ إذ أبيت،
ولا تكرهني إذ كرهت؛ قال: فضحك حتى بدت نواجذه؛ ثم قال: يا إبراهيم قد أبيت إلاّ فقهاً! قد رضينا عنك وأعفيناك.
قال ضمرة بن ربيعة: ما رأيت لذة العيش إلاّ في خصلتين: أكل الموز بالعسل في ظلّ صخرة بيت المقدس، وحديث ابن أبي عبلة، فلم أر أفصح منه.
قال إبراهيم: مرض أهلي فكانت أم الدّرداء تصنع لي الطعام، فلّما برؤوا قالت: إنّما كنا نصنع إذ كان أهلك مرضى، فأمّا إذا برؤوا فلا.
قال: وقلت للعلاء بن زياد بن مطر العدويّ: إنّي أجد وسوسة في قلبي، فقال: ما أحبّ لو أنك متّ عام أوّل، إنك العام خير منك عام أوّل.
وقال: من حمل شاذّ العلماء حمل شراً كبيراً.
وقال لمن جاء من الثغر: وقد جئتم من الجهاد الأصغر، فما فعلتم في الجهاد الأكبر؟ قالوا: يا أبا إسماعيل فما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد القلب.
ومن شعره: من الكامل
لسانك ما بخلت به مصون ... فلا تهمله ليس له قيود
وسكّن بالصّمات خبئ صدر ... كما يخبا الزّبرجد والفريد
فإنك لن تردّ الدّهر قولاً ... نطقت به وأندية قعود
كما لم ترتجع مسقاة ماء ... ولم يرتدّ في الرّحم الوليد
قال ضمرة: مات ابن أبي عبلة سنة اثنتين وخمسين ومئة.