عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم
الأنصاري الشاعر المعروف بالأحوص وأمه أُثيلة بنت عمير بن مخشي، وكان أصفر أحوص العينين، والحوص أن يكون في مؤخر العين ضيق.
ذكره ابن سلام في الطبقة السادسة من الإسلاميين.
قال الوليد بن هشام القحذمي:
وفَد وفْد من أهل المدينة إلى الوليد بن عبد الملك بالشام، فبينما هو جالس والناس عنده إذ دخل عليه عبد الأحوص بن محمد الأنصاري، فقال: أعوذ بالله، وبك يا أمير المؤمنين مما يكلفني الأحوص! قال: وما يكلفك؟ فأخبره أنه يريده على أمرٍ مذموم، فقال له الوليد: كذبت أي عدو الله على مولاك، اخرج قال: فخرج، فلما شاع الخبر اندس الأحوص إلى غلامٍ من آل أبي لهب، فقال له: إن دخلت على أمير المؤمنين، فشكوت من مولاك ما شكا عبدي مني أعطيتك مائتي دينار، فدخل العبد على الوليد، فشكا من مولاه ما شكا عبد الأحوص منه، ومولاه جالس عند الوليد في السماطين، فنظر إليه الوليد، فقال: ما هذا يا فلان!؟ قال: مظلوم يا أمير المؤمنين، والله ما كان هذا، وهذا وفد أهل المدينة، فسلهم عني، فسألهم، فقالوا: ما أبعده مما رماه به غلامه. فقال: خذوه فأُخذ الغلام فضُرب بين يدي الوليد، فقال: يا أمير المؤمنين، لا تعجل عليّ حتى أخبرك بالأمر: أتاني الأحوص، فجعل لي مائتي دينارٍ على أن أدخل عليك، وأشكو من مولاي ما شكا عبده منه، فأرسل إلى الأحوص فأتى به، فأمر به الوليد فجرد وضرب بين يديه ضرباً مبرحاً، وقال: أي عدو الله، سترت عليك ما شكا عبدك، فعمدت إلى رجلٍ من قريشٍ تريد أن تفضحه؟! فسُيّر إلى دَهْلك - جزيرة في البحر - فلم يزل مسيراً أيام الوليد وسليمان؛ فلما كانت خلافة عمر بن عبد العزيز رجع الأحوص إلى المدينة، وقال: هذا رجل أنا خاله - يعني عمر - فما يصنع؟ - وكانت أم عمر بن عبد العزيز أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، وأم أم عاصم أنصارية بنت عاصم بن أبي الأقلح الأنصاري - فبلغ ذلك عمر بن عبد العزيز فأمر به فرد إلى دهلك.
فلما قام يزيد بن عبد الملك رجع الأحوص إلى المدينة؛ ثم إنه خرج وافداً إلى
يزيد بن عبد الملك، فمر بمعبدٍ المغني، فقال له معبد: الصحبة، يا أبا عثمان، قال: ما أحب أن تصحبني، تقول وفود العرب: هذا ابن الذي حمت لحمه الدبر والغسيل معبد معه مغنٍ! قال: لا بد والله من الصحبة فلما أبى إلا أن يصحبه ذهب، فلما نزل البلقاء وهي من الشام، أصابهم مطر من الليل، فأصبحت الغدر مملوءة، فقال الأحوص: لو أقمنا اليوم ها هنا، فتغدينا على هذا الغدير ففعلا.
ورفع لهما قصر لم يريا بناءً غيره، فلما أصبحوا خرجت جارية معها جرة إلى غدير من تلك الغدر، فملأت جرتها، فلما رفعتها ومضت بها رمت بالجرة فكسرتها، فقال معبد للأحوص: أرأيت ما رأيت، وما صنعت هذه؟ قال: نعم، فأرسل إليها الأحوص بعض غلمانه، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: أنا طربت، قال: وما أطربك؟ قالت: ذكرت صوتاً كنا نغني به أنا وصواحب لي بالمدينة، فأطربني، فكسرت الجرة، قال: وما الصوت؟ قالت: من الكامل
يا بيت عاتكة الذي أتعزل ... حذر العدى وبه الفؤاد موكل
قال: ولمن هذا الشعر؟ قالت: للأحوص الأنصاري، قال: والغناء؟ قالت: لمعبد، فقالا لها: أفتعرفينا؟ قالت: لا، قال: فأنا الأحوص وهذا معبد. لمن كنت بالمدينة؟ قالت: لآل فلان، اشتراني أهل هذا القصر، فصرت ها هنا ما أرى أحداً غيرهم. وقالت: فإن لي حاجةً، قالا: ما حاجتك؟ قالت لمعبد: أن تغنيني قال الأحوص لمعبد: غنِّها، قال: فجعلت تقترح ويغنيها حتى قضت حاجتها، ثم قالا لها: أتحبين أن نعمل لك في الخروج من ها هنا؟ قالت: نعم، قالا: فإن نحن فعلنا أتشكريننا؟ قالت: نعم، فلما قدما على يزيد بن عبد الملك، ودخلا عليه قال الأحوص: يا أمير
المؤمنين إني رأيت في مسيرنا عجباً! نزلت إلى البلقاء فرأينا جارية - وقص عليه قصتها - قال: أفتعرفها؟ قال: نعم. فسماها وأهلها وموضعها، وقال: يا أمير المؤمنين أنا الذي أقول فيها: من الخفيف:
إن زين الغدير من كسر الجر ... ر وغنى غناء فحلٍ مجيد
قلت: من أنت يا ظعين؟ فقالت ... كنت فيما مضى لآل الوليد
ثم بُدّلت بعد حي قريشٍ ... من بني عامرٍ لآل الوحيد
فغنائي لمعبدٍ ونشيدي ... لفتى الناس الأحوص الصنديد
يعجز المال عن شراك ولكن ... أنت في ذمة الهمام يزيد
قال: فمضى لذلك ما مضى، ثم دخل الأحوص ومعبد يوماً على يزيد، فأخرج إليهما الجارية، ثم قال: يا أحوص، أفتعرف هذه الجارية؟ قال: نعم. ثم قال لها الأحوص: أوفينا لك؟ قالت: نعم، جزاكما الله خيراً.
عن أيوب بن عمر، عن أبيه قال: ركب الأحوص إلى الوليد قبل ضرب ابن حزم إياه، ليشكوه إليه، فلقيه رجل من بني مخزوم، يقال له: ابن عنبة، فوعده أن يعينه على ابن حزم، فلما دخلا على الوليد قال له الوليد: ويلك! ما هذا الذي أتيت به يا أحوص؟ قال: يا أمير المؤمنين، والله لو كان الذي رماني به ابن حزمٍ أمراً من أمر الدين، إلا أن دناءته ونذالته على ما هي عليه لاجتنبته، فكيف وهو من أكبر معاصي الله؟ وأنا الذي أقول: " لظلوا وأيديهم إليك تشير " قال: فقال ابن عنبة: يا أمير المؤمنين، إن ابن حزمٍ من فضله، وعدله، ورضاه في بلده، وليس ممن يتهم له قول ولا حكم، فقال الأحوص: هذا والله كما قال الأول: من الطويل
وكنت كذئب السوء لما رأى دماً ... بصاحبه يوماً أحال على الدم
وفي رواية: أغار - وعدني والله أن يعينني على ابن حزم ثم هذا قوله! قال محمد بن سلام: كان الأحوص الشاعر يشبب بنساء أهل المدينة، فتأذوا به، وكان معبد وغيره من المغنين يتغنون في شعره، فشكاه قومه، فبلغ ذلك سليمان بن عبد الملك، فكتب إلى عامله بالمدينة أن يضربه مائة سوطٍ، ويقيمه على البلس للناس، ثم يسيره إلى دهلك. ففعل به. فثوى بها سلطان سليمان، وعمر بن عبد العزيز، فأتى رجال من الأنصار عمر بن عبد العزيز، فسألوه أن يرده إلى حرم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقالوا: عرفت نسبه، وموضعه من قومه، وقد أخرج إلى أرض الشرك، فنطلب إليك أن ترده إلى حرم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودار قومه، فقال عمر: من الذي يقول: من الطويل
فما هو إلا أن أراها فجاءةً ... فأبهت حتى ما أكاد أجيب؟
قالوا: الأحوص، قال: فمن الذي يقول: من الطويل
أدور، ولولا أن أرى أم جعْفَرٍ ... بأبياتكم ما درت حيث أدور؟
قالوا: الأحوص، قال: فمن الذي يقول: مجزوء البسيط
الله بيني وبين قيِّمها ... يفر مني بها وأتّبع؟
قالوا: الأحوص، قال: فمن الذي يقول: من الطويل
سيُلقى لها في القلب في مضمر الحشا ... سريرة حبٍّ يوم تبلى السرائر؟
قالوا: الأحوص، قال: إنه عنها يومئذ لمشغول، والله لا أرده ما كان لي سلطان.
فمكث هنالك صدراً، ثم استخلف يزيد بن عبد الملك، فبينا يزيد ليلةً على سطح، وجاريته حبابة تغنيه بشعر الأحوص، إذا قال يزيد: من يقول هذا الشعر؟ قالت: لا وعينيك ما أدري. قال: وقد كان ذهب من الليل شطره، فقال: ابعثوا إلى الزهري فعسى أن يكون عنده علم من ذلك، فأتي ابن شهاب الزهري، فقرع بابه، فخرج فزعاً حتى أتى يزيد، فلما صعد إليه قال: لا بأس، لم ندعك إلا لخيرٍ، اجلس. فجلس، فقال: من يقول هذا الشعر؟ قال: الأحوص يا أمير المؤمنين، قال: ما فعل؟ قال: قد طال حبسه بدهلك، قال: عجبت لعمر بن عبد العزيز كيف أغفله؟ فأمر بالكتاب بتخلية سبيله، ثم قدم عليه، فأجازه وأحسن جائزته.
قال يحيى بن عروة بن أذينة: لما قدم الفرزدق أتى مجلس أبي، فأنشده الأحوص شعراً، قال: من أنت؟ قال: الأحوص بن محمد، قال: ما أحسن شعرك! فقال: أهكذا تقول لي؟ فوالله لأنا أشعر منك، قال: وكيف تكون أشعر مني، وأنت تقول: من الطويل
يقر بعيني ما يقر بعينها ... وأفضل شيء ما به العين قرت
فإنه يقر بعينها أن تنكح، فيقر ذاك بعينك؟! عن خويلد الهذلي قال: بينما أنا وأبي نطوف بالبيت إذا نحن بعجوز يضرب أحد لحييها بالآخر، أقبح عجوزٍ رأيتها قط، فقال: أي بني، أتعرف هذه؟ قلت: لا، ومن هذه؟ قال: هذه التي يقول فيها الأحوص: من البسيط
سلام ليت لساناً تنطقين به ... قبل الذي نالني من خبله قطعا
أدعو إلى هجرها قلبي فيتبعني ... حتى إذا قلت: هذا صادق نزعا
يلومني فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالي أطار اللوم أم وقعا
عن يوسف بن عنيزة قال:
هجا الأحوص بن محمد رجلاً من الأنصار من بني حرام يقال له: ابن بشير، وكان كثير المال، فغضب من ذلك، فخرج حتى قدم على الفرزدق بالبصرة، فأهدى له وألطفه، فقبل ذلك منه، فجلسا يتحدثان، فقال له الفرزدق: ممن أنت؟ قال: من الأنصار، قال: ما أقدمك؟ قال: جئت مستجيراً بالله ثم بك من رجلٍ هجاني، قال: قد أجارك الله منه وكفاك مؤونته، فأين أنت عن الأحوص بن محمد؟ قال: هو الذي هجاني، فأطرق ساعةً، ثم قال: أليس الذي يقول: من الطويل
ألا قف برسم الدار فاستنطق الرسما ... فقد هاج أحزاني وذكرني نعما؟
قال: بلى، قال:
فلا والله ما أهجو رجلاً هذا شعره، فخرج ابن بشير، فاشترى أفضل من الشراء الأول من الهدايا، وقدم بها على جرير، فأخذها وقال له: ما أقدمك؟ قال: جئت مستجيراً بالله وبك من رجل هجاني، قال: قد أجارك الله وكفاك، أين أنت عن ابن عمك الأحوص بن محمد؟ قال: هو الذي هجاني، قال: فأطرق ساعةً ثم قال: أليس الذي يقول: من الطويل
تمشى بشتمي في أكاريس مالك ... شبابة كالكلب الذي ينبح النجما
فما أنا بالمخسوس في جذم مالكٍ ... ولا بالمسمى ثم يلتزم الاسما
ولكن بيتي إن سألت وجدته ... توسط منها العز والحسب الضخما؟
لا والله، لا أهجو رجلاً هذا شعره. فاشترى أفضل من تلك الهدايا، وقدم على الأحوص، فأهداها له، وصالحه.
عن إسماعيل بن محمد المخزومي قال: اجتمع خمس نسوةٍ عند امرأةٍ من أهل المدينة، فقلن: أرسلي إلى الأحوص، فإنا نحب أن نتحدث معه، ونسمع من شعره، قالت: إذاً لا يزيد إذا خرج من عندكن، وعرفكن أن يفضحكن بالشعر، فلم يزلن بها حتى أرسلت رسولاً يذكر رسولاً يذكر له أمرهن، ولا يسميهن، ويأتي مخمراً رأسه.
ففعل، وتحدث معهن، وأنشدهن؛ فلما أراد الخروج شق طرة من ردائه فوضعها على جدار باب الدار، ثم تيمم الموضع لما أصبح، فطاف عليه حتى وجد العلامة، فقال: من الكامل
خمس دسنن إليّ في لطفٍ ... حور العيون نواعم زهر
فطرقتهن مع الرسول وقد ... نام الرقيب، وحلق النسر
متأبطاً للحي إن فزعوا ... عضباً يلوح بمتنه أثر
فعكفن ليلتهن ناعمةً ... ثم استفقن وقد بدا الفجر
بأشم معسولٍ بحاجبه ... غض الشباب رداؤه غمر
قامت تخاصره لكلتها ... تمشي التأود غادة بكر
فتناغيا من دون نسوتها ... كلما يُسَرُّ كأنه سحر
كل يرى أن الشباب له ... في كل مبلغ لذةٍ عذر
قال إسماعيل: فخرجت وأنا شاب، ومعي شباب، لنزور مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرنا خبر الأحوص هذا وشعره، وقدامنا عجوز عليها وسم جمالٍ، فلما بلغنا المسجد وقفت، والتفتت إلينا، فقالت: يا فتيان، أنا والله إحدى الخمس، كذب ورب هذا القبر والمنبر ما خلت معه واحدة، ولا راجعته دون نسوتها كلاماً.
وقال من قصيدة يرثي معاوية: من الكامل
يا أيها الرجل الموكل بالصبا ... وصبا الكبير إذا صبا تعليل
قدّم لنفسك قبل موتك صالحاً ... واعمل، فليس إلى الخلود سبيل
لا بد من يومٍ لكل معمرٍ ... فيه لمدة عيشه تكميل
أين ابن هندٍ، وهو فيه عبرة؟ ... إما اعتبرت لمن له معقول
ملك تدين له الملوك مبارك ... كادت لمهلكه الجبال تزول
تجبى له بلخ ودجلة كلها ... وله الفرات وما سقاه النيل
لو أنه وزن الجبال بحلمه ... لوفى بها، أو ظل وهو يميل
فأزال ذلك ريب يومٍ واحدٍ ... عنه وحكم ماله تبديل
حتى ثوى جدثاً كأن ترابه ... مما تطرده الصبا منخول
فهو الذي لو كان حي خالداً ... يوماً لكان من المنون يؤول
وقال يمدح عبد العزيز بن مروان: من الطويل
أقول بعمانٍ، وهل طربي به ... إلى أهل سلعٍ، إن تشوفت نافع؟
أصاحِ، ألم تحزنك ريح مريضة ... وبرق تلالا بالعقيقين رافع
فإن الغريب الدار مما يشوقه ... نسيم الرياح، والبروق اللوامع
نظرت على فوتٍ، وأوفى عشيةً ... بناء منظر من حصن عمان يافع
لأبصر أحياء بخاخٍ تضمنت ... منازلهم منها التلال الداوفع
فأبدت كثيراً نظرتي من صبابتي ... وأكثر منها ما تجن الأضالع
وكيف اشتياق المرء يبكي صاببةً ... إلى من نأى عن داره وهو طائع
وإنا عدانا عن بلادٍ نحبها ... إمام دعانا نفعه المتتابع
أغر لمروانٍ وحربٍ كأنه ... حسام جلت عنه الصياقل قاطع
هو الفرع من عبدي منافٍ كليهما ... إليه انتهت أحسابها والدسائع
هو الموت أحياناً يكون، وإنه ... لغيث حيا يحيى به الناس واسع
قال عبد الله بن عمران بن أبي فروة: أتت الأحوص الأنصار حين وقفه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في سوق المدينة، وإنه يصيح: من الكامل
ما من مصيبة نكبةٍ أعنى بها ... إلا تعظمني وترفع شاني
وتزول حين تزول عن متخمطٍ ... تخشى بوادره على الأقران
إني إذا خفي اللئام رأيتني ... كالشمس لا تخفى بكل مكان
وأنشد نفطويه النحوي للأحوص: من الطويل
وإني لآتي البيت ما إن أحبه ... وأكثر هجر البيت وهو حبيب
وأغضي عن الأشياء منكم تريبني ... وأدعى إلى ما سركم فأجيب
وقال الأحوص: من الوافر
أأن نادى هديلاً ذات فلجٍ ... مع الإشراق في فننٍ حمام
ظللت كأن دمعك در سلكٍ ... هوى نسقاً وأسلمه النظام
تموت تشوق طرباً وتحيا ... وأنت جوٍ بدائك مستهام
كأنك من تذكر أم حفص ... وحبل وصالها خلق رمام
صريع مدامةٍ غلبت عليه ... تموت لها المفاصل والعظام
وأنى من بلادك أم حفص ... سقى بلداً تحل به الغمام
سلام الله يا مطر عليها ... وليس عليك يا مطر السلام
ولا غفر الإله لمُنكحيها ... ذنوبهم، وإن صلوا وصاموا
فطلقها فلست لها بأهلٍ ... وإلا شق مفرقك الحسام
وقال الأحوص في مرضه الذي مات فيه: من البسيط
يا بشر، يا رب محزونٍ بمصرعنا ... وشامتٍ جذلٍ ما مسه الحزن
وما شمات امرئ إن مات صاحبه ... وقد يرى أنه بالموت مرتهن؟!
الأنصاري الشاعر المعروف بالأحوص وأمه أُثيلة بنت عمير بن مخشي، وكان أصفر أحوص العينين، والحوص أن يكون في مؤخر العين ضيق.
ذكره ابن سلام في الطبقة السادسة من الإسلاميين.
قال الوليد بن هشام القحذمي:
وفَد وفْد من أهل المدينة إلى الوليد بن عبد الملك بالشام، فبينما هو جالس والناس عنده إذ دخل عليه عبد الأحوص بن محمد الأنصاري، فقال: أعوذ بالله، وبك يا أمير المؤمنين مما يكلفني الأحوص! قال: وما يكلفك؟ فأخبره أنه يريده على أمرٍ مذموم، فقال له الوليد: كذبت أي عدو الله على مولاك، اخرج قال: فخرج، فلما شاع الخبر اندس الأحوص إلى غلامٍ من آل أبي لهب، فقال له: إن دخلت على أمير المؤمنين، فشكوت من مولاك ما شكا عبدي مني أعطيتك مائتي دينار، فدخل العبد على الوليد، فشكا من مولاه ما شكا عبد الأحوص منه، ومولاه جالس عند الوليد في السماطين، فنظر إليه الوليد، فقال: ما هذا يا فلان!؟ قال: مظلوم يا أمير المؤمنين، والله ما كان هذا، وهذا وفد أهل المدينة، فسلهم عني، فسألهم، فقالوا: ما أبعده مما رماه به غلامه. فقال: خذوه فأُخذ الغلام فضُرب بين يدي الوليد، فقال: يا أمير المؤمنين، لا تعجل عليّ حتى أخبرك بالأمر: أتاني الأحوص، فجعل لي مائتي دينارٍ على أن أدخل عليك، وأشكو من مولاي ما شكا عبده منه، فأرسل إلى الأحوص فأتى به، فأمر به الوليد فجرد وضرب بين يديه ضرباً مبرحاً، وقال: أي عدو الله، سترت عليك ما شكا عبدك، فعمدت إلى رجلٍ من قريشٍ تريد أن تفضحه؟! فسُيّر إلى دَهْلك - جزيرة في البحر - فلم يزل مسيراً أيام الوليد وسليمان؛ فلما كانت خلافة عمر بن عبد العزيز رجع الأحوص إلى المدينة، وقال: هذا رجل أنا خاله - يعني عمر - فما يصنع؟ - وكانت أم عمر بن عبد العزيز أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، وأم أم عاصم أنصارية بنت عاصم بن أبي الأقلح الأنصاري - فبلغ ذلك عمر بن عبد العزيز فأمر به فرد إلى دهلك.
فلما قام يزيد بن عبد الملك رجع الأحوص إلى المدينة؛ ثم إنه خرج وافداً إلى
يزيد بن عبد الملك، فمر بمعبدٍ المغني، فقال له معبد: الصحبة، يا أبا عثمان، قال: ما أحب أن تصحبني، تقول وفود العرب: هذا ابن الذي حمت لحمه الدبر والغسيل معبد معه مغنٍ! قال: لا بد والله من الصحبة فلما أبى إلا أن يصحبه ذهب، فلما نزل البلقاء وهي من الشام، أصابهم مطر من الليل، فأصبحت الغدر مملوءة، فقال الأحوص: لو أقمنا اليوم ها هنا، فتغدينا على هذا الغدير ففعلا.
ورفع لهما قصر لم يريا بناءً غيره، فلما أصبحوا خرجت جارية معها جرة إلى غدير من تلك الغدر، فملأت جرتها، فلما رفعتها ومضت بها رمت بالجرة فكسرتها، فقال معبد للأحوص: أرأيت ما رأيت، وما صنعت هذه؟ قال: نعم، فأرسل إليها الأحوص بعض غلمانه، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: أنا طربت، قال: وما أطربك؟ قالت: ذكرت صوتاً كنا نغني به أنا وصواحب لي بالمدينة، فأطربني، فكسرت الجرة، قال: وما الصوت؟ قالت: من الكامل
يا بيت عاتكة الذي أتعزل ... حذر العدى وبه الفؤاد موكل
قال: ولمن هذا الشعر؟ قالت: للأحوص الأنصاري، قال: والغناء؟ قالت: لمعبد، فقالا لها: أفتعرفينا؟ قالت: لا، قال: فأنا الأحوص وهذا معبد. لمن كنت بالمدينة؟ قالت: لآل فلان، اشتراني أهل هذا القصر، فصرت ها هنا ما أرى أحداً غيرهم. وقالت: فإن لي حاجةً، قالا: ما حاجتك؟ قالت لمعبد: أن تغنيني قال الأحوص لمعبد: غنِّها، قال: فجعلت تقترح ويغنيها حتى قضت حاجتها، ثم قالا لها: أتحبين أن نعمل لك في الخروج من ها هنا؟ قالت: نعم، قالا: فإن نحن فعلنا أتشكريننا؟ قالت: نعم، فلما قدما على يزيد بن عبد الملك، ودخلا عليه قال الأحوص: يا أمير
المؤمنين إني رأيت في مسيرنا عجباً! نزلت إلى البلقاء فرأينا جارية - وقص عليه قصتها - قال: أفتعرفها؟ قال: نعم. فسماها وأهلها وموضعها، وقال: يا أمير المؤمنين أنا الذي أقول فيها: من الخفيف:
إن زين الغدير من كسر الجر ... ر وغنى غناء فحلٍ مجيد
قلت: من أنت يا ظعين؟ فقالت ... كنت فيما مضى لآل الوليد
ثم بُدّلت بعد حي قريشٍ ... من بني عامرٍ لآل الوحيد
فغنائي لمعبدٍ ونشيدي ... لفتى الناس الأحوص الصنديد
يعجز المال عن شراك ولكن ... أنت في ذمة الهمام يزيد
قال: فمضى لذلك ما مضى، ثم دخل الأحوص ومعبد يوماً على يزيد، فأخرج إليهما الجارية، ثم قال: يا أحوص، أفتعرف هذه الجارية؟ قال: نعم. ثم قال لها الأحوص: أوفينا لك؟ قالت: نعم، جزاكما الله خيراً.
عن أيوب بن عمر، عن أبيه قال: ركب الأحوص إلى الوليد قبل ضرب ابن حزم إياه، ليشكوه إليه، فلقيه رجل من بني مخزوم، يقال له: ابن عنبة، فوعده أن يعينه على ابن حزم، فلما دخلا على الوليد قال له الوليد: ويلك! ما هذا الذي أتيت به يا أحوص؟ قال: يا أمير المؤمنين، والله لو كان الذي رماني به ابن حزمٍ أمراً من أمر الدين، إلا أن دناءته ونذالته على ما هي عليه لاجتنبته، فكيف وهو من أكبر معاصي الله؟ وأنا الذي أقول: " لظلوا وأيديهم إليك تشير " قال: فقال ابن عنبة: يا أمير المؤمنين، إن ابن حزمٍ من فضله، وعدله، ورضاه في بلده، وليس ممن يتهم له قول ولا حكم، فقال الأحوص: هذا والله كما قال الأول: من الطويل
وكنت كذئب السوء لما رأى دماً ... بصاحبه يوماً أحال على الدم
وفي رواية: أغار - وعدني والله أن يعينني على ابن حزم ثم هذا قوله! قال محمد بن سلام: كان الأحوص الشاعر يشبب بنساء أهل المدينة، فتأذوا به، وكان معبد وغيره من المغنين يتغنون في شعره، فشكاه قومه، فبلغ ذلك سليمان بن عبد الملك، فكتب إلى عامله بالمدينة أن يضربه مائة سوطٍ، ويقيمه على البلس للناس، ثم يسيره إلى دهلك. ففعل به. فثوى بها سلطان سليمان، وعمر بن عبد العزيز، فأتى رجال من الأنصار عمر بن عبد العزيز، فسألوه أن يرده إلى حرم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقالوا: عرفت نسبه، وموضعه من قومه، وقد أخرج إلى أرض الشرك، فنطلب إليك أن ترده إلى حرم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودار قومه، فقال عمر: من الذي يقول: من الطويل
فما هو إلا أن أراها فجاءةً ... فأبهت حتى ما أكاد أجيب؟
قالوا: الأحوص، قال: فمن الذي يقول: من الطويل
أدور، ولولا أن أرى أم جعْفَرٍ ... بأبياتكم ما درت حيث أدور؟
قالوا: الأحوص، قال: فمن الذي يقول: مجزوء البسيط
الله بيني وبين قيِّمها ... يفر مني بها وأتّبع؟
قالوا: الأحوص، قال: فمن الذي يقول: من الطويل
سيُلقى لها في القلب في مضمر الحشا ... سريرة حبٍّ يوم تبلى السرائر؟
قالوا: الأحوص، قال: إنه عنها يومئذ لمشغول، والله لا أرده ما كان لي سلطان.
فمكث هنالك صدراً، ثم استخلف يزيد بن عبد الملك، فبينا يزيد ليلةً على سطح، وجاريته حبابة تغنيه بشعر الأحوص، إذا قال يزيد: من يقول هذا الشعر؟ قالت: لا وعينيك ما أدري. قال: وقد كان ذهب من الليل شطره، فقال: ابعثوا إلى الزهري فعسى أن يكون عنده علم من ذلك، فأتي ابن شهاب الزهري، فقرع بابه، فخرج فزعاً حتى أتى يزيد، فلما صعد إليه قال: لا بأس، لم ندعك إلا لخيرٍ، اجلس. فجلس، فقال: من يقول هذا الشعر؟ قال: الأحوص يا أمير المؤمنين، قال: ما فعل؟ قال: قد طال حبسه بدهلك، قال: عجبت لعمر بن عبد العزيز كيف أغفله؟ فأمر بالكتاب بتخلية سبيله، ثم قدم عليه، فأجازه وأحسن جائزته.
قال يحيى بن عروة بن أذينة: لما قدم الفرزدق أتى مجلس أبي، فأنشده الأحوص شعراً، قال: من أنت؟ قال: الأحوص بن محمد، قال: ما أحسن شعرك! فقال: أهكذا تقول لي؟ فوالله لأنا أشعر منك، قال: وكيف تكون أشعر مني، وأنت تقول: من الطويل
يقر بعيني ما يقر بعينها ... وأفضل شيء ما به العين قرت
فإنه يقر بعينها أن تنكح، فيقر ذاك بعينك؟! عن خويلد الهذلي قال: بينما أنا وأبي نطوف بالبيت إذا نحن بعجوز يضرب أحد لحييها بالآخر، أقبح عجوزٍ رأيتها قط، فقال: أي بني، أتعرف هذه؟ قلت: لا، ومن هذه؟ قال: هذه التي يقول فيها الأحوص: من البسيط
سلام ليت لساناً تنطقين به ... قبل الذي نالني من خبله قطعا
أدعو إلى هجرها قلبي فيتبعني ... حتى إذا قلت: هذا صادق نزعا
يلومني فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالي أطار اللوم أم وقعا
عن يوسف بن عنيزة قال:
هجا الأحوص بن محمد رجلاً من الأنصار من بني حرام يقال له: ابن بشير، وكان كثير المال، فغضب من ذلك، فخرج حتى قدم على الفرزدق بالبصرة، فأهدى له وألطفه، فقبل ذلك منه، فجلسا يتحدثان، فقال له الفرزدق: ممن أنت؟ قال: من الأنصار، قال: ما أقدمك؟ قال: جئت مستجيراً بالله ثم بك من رجلٍ هجاني، قال: قد أجارك الله منه وكفاك مؤونته، فأين أنت عن الأحوص بن محمد؟ قال: هو الذي هجاني، فأطرق ساعةً، ثم قال: أليس الذي يقول: من الطويل
ألا قف برسم الدار فاستنطق الرسما ... فقد هاج أحزاني وذكرني نعما؟
قال: بلى، قال:
فلا والله ما أهجو رجلاً هذا شعره، فخرج ابن بشير، فاشترى أفضل من الشراء الأول من الهدايا، وقدم بها على جرير، فأخذها وقال له: ما أقدمك؟ قال: جئت مستجيراً بالله وبك من رجل هجاني، قال: قد أجارك الله وكفاك، أين أنت عن ابن عمك الأحوص بن محمد؟ قال: هو الذي هجاني، قال: فأطرق ساعةً ثم قال: أليس الذي يقول: من الطويل
تمشى بشتمي في أكاريس مالك ... شبابة كالكلب الذي ينبح النجما
فما أنا بالمخسوس في جذم مالكٍ ... ولا بالمسمى ثم يلتزم الاسما
ولكن بيتي إن سألت وجدته ... توسط منها العز والحسب الضخما؟
لا والله، لا أهجو رجلاً هذا شعره. فاشترى أفضل من تلك الهدايا، وقدم على الأحوص، فأهداها له، وصالحه.
عن إسماعيل بن محمد المخزومي قال: اجتمع خمس نسوةٍ عند امرأةٍ من أهل المدينة، فقلن: أرسلي إلى الأحوص، فإنا نحب أن نتحدث معه، ونسمع من شعره، قالت: إذاً لا يزيد إذا خرج من عندكن، وعرفكن أن يفضحكن بالشعر، فلم يزلن بها حتى أرسلت رسولاً يذكر رسولاً يذكر له أمرهن، ولا يسميهن، ويأتي مخمراً رأسه.
ففعل، وتحدث معهن، وأنشدهن؛ فلما أراد الخروج شق طرة من ردائه فوضعها على جدار باب الدار، ثم تيمم الموضع لما أصبح، فطاف عليه حتى وجد العلامة، فقال: من الكامل
خمس دسنن إليّ في لطفٍ ... حور العيون نواعم زهر
فطرقتهن مع الرسول وقد ... نام الرقيب، وحلق النسر
متأبطاً للحي إن فزعوا ... عضباً يلوح بمتنه أثر
فعكفن ليلتهن ناعمةً ... ثم استفقن وقد بدا الفجر
بأشم معسولٍ بحاجبه ... غض الشباب رداؤه غمر
قامت تخاصره لكلتها ... تمشي التأود غادة بكر
فتناغيا من دون نسوتها ... كلما يُسَرُّ كأنه سحر
كل يرى أن الشباب له ... في كل مبلغ لذةٍ عذر
قال إسماعيل: فخرجت وأنا شاب، ومعي شباب، لنزور مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرنا خبر الأحوص هذا وشعره، وقدامنا عجوز عليها وسم جمالٍ، فلما بلغنا المسجد وقفت، والتفتت إلينا، فقالت: يا فتيان، أنا والله إحدى الخمس، كذب ورب هذا القبر والمنبر ما خلت معه واحدة، ولا راجعته دون نسوتها كلاماً.
وقال من قصيدة يرثي معاوية: من الكامل
يا أيها الرجل الموكل بالصبا ... وصبا الكبير إذا صبا تعليل
قدّم لنفسك قبل موتك صالحاً ... واعمل، فليس إلى الخلود سبيل
لا بد من يومٍ لكل معمرٍ ... فيه لمدة عيشه تكميل
أين ابن هندٍ، وهو فيه عبرة؟ ... إما اعتبرت لمن له معقول
ملك تدين له الملوك مبارك ... كادت لمهلكه الجبال تزول
تجبى له بلخ ودجلة كلها ... وله الفرات وما سقاه النيل
لو أنه وزن الجبال بحلمه ... لوفى بها، أو ظل وهو يميل
فأزال ذلك ريب يومٍ واحدٍ ... عنه وحكم ماله تبديل
حتى ثوى جدثاً كأن ترابه ... مما تطرده الصبا منخول
فهو الذي لو كان حي خالداً ... يوماً لكان من المنون يؤول
وقال يمدح عبد العزيز بن مروان: من الطويل
أقول بعمانٍ، وهل طربي به ... إلى أهل سلعٍ، إن تشوفت نافع؟
أصاحِ، ألم تحزنك ريح مريضة ... وبرق تلالا بالعقيقين رافع
فإن الغريب الدار مما يشوقه ... نسيم الرياح، والبروق اللوامع
نظرت على فوتٍ، وأوفى عشيةً ... بناء منظر من حصن عمان يافع
لأبصر أحياء بخاخٍ تضمنت ... منازلهم منها التلال الداوفع
فأبدت كثيراً نظرتي من صبابتي ... وأكثر منها ما تجن الأضالع
وكيف اشتياق المرء يبكي صاببةً ... إلى من نأى عن داره وهو طائع
وإنا عدانا عن بلادٍ نحبها ... إمام دعانا نفعه المتتابع
أغر لمروانٍ وحربٍ كأنه ... حسام جلت عنه الصياقل قاطع
هو الفرع من عبدي منافٍ كليهما ... إليه انتهت أحسابها والدسائع
هو الموت أحياناً يكون، وإنه ... لغيث حيا يحيى به الناس واسع
قال عبد الله بن عمران بن أبي فروة: أتت الأحوص الأنصار حين وقفه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في سوق المدينة، وإنه يصيح: من الكامل
ما من مصيبة نكبةٍ أعنى بها ... إلا تعظمني وترفع شاني
وتزول حين تزول عن متخمطٍ ... تخشى بوادره على الأقران
إني إذا خفي اللئام رأيتني ... كالشمس لا تخفى بكل مكان
وأنشد نفطويه النحوي للأحوص: من الطويل
وإني لآتي البيت ما إن أحبه ... وأكثر هجر البيت وهو حبيب
وأغضي عن الأشياء منكم تريبني ... وأدعى إلى ما سركم فأجيب
وقال الأحوص: من الوافر
أأن نادى هديلاً ذات فلجٍ ... مع الإشراق في فننٍ حمام
ظللت كأن دمعك در سلكٍ ... هوى نسقاً وأسلمه النظام
تموت تشوق طرباً وتحيا ... وأنت جوٍ بدائك مستهام
كأنك من تذكر أم حفص ... وحبل وصالها خلق رمام
صريع مدامةٍ غلبت عليه ... تموت لها المفاصل والعظام
وأنى من بلادك أم حفص ... سقى بلداً تحل به الغمام
سلام الله يا مطر عليها ... وليس عليك يا مطر السلام
ولا غفر الإله لمُنكحيها ... ذنوبهم، وإن صلوا وصاموا
فطلقها فلست لها بأهلٍ ... وإلا شق مفرقك الحسام
وقال الأحوص في مرضه الذي مات فيه: من البسيط
يا بشر، يا رب محزونٍ بمصرعنا ... وشامتٍ جذلٍ ما مسه الحزن
وما شمات امرئ إن مات صاحبه ... وقد يرى أنه بالموت مرتهن؟!