النعمان بن بشير بن سعد ثعلبة
ابن خلاس بن زيد بن مالك الأغر ابن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد الأنصاري صاحب سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبوه بشير ممن شهد بدراً.
وكان النعمان بن بشير منقطعاً إلى معاوية، وولاه الكوفة، وولي قضاء دمشق.
قال الشعبي: سمعت النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووالله لا أسمع أحداً بعده يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الحلال بين وإن الحرام بين، وإن بين ذلك أموراً مشتبهات "، وربما قال: مشتبهة، " وسأضرب لكم في ذلك مثلاً: إن الله حمى حمى وإن حمى الله ما حرم، وإنه من يرع حول الحمى يوشك أن يخالط الحمى "، وربما قال: من يخالط الريبة يوشك أن يخسر.
وأم النعمان عمرة بنت رواحة بن ثعلبة أخت عبد الله بن رواحة.
وولد النعمان بن بشير بعد قدوم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة في الهجرة بأربعة عشر شهراً، هذا قول أهل المدينة، وأهل الكوفة يروون عنه رواية كثيرة تدل على أنه أكبر سناً من ذلك، وهو أول مولود ولد بعد الهجرة من الأنصار.
توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وله ثمان سنين وسبعة أشهر.
وخلاس: بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام.
وشهد بشير العقبة وبدراً وأحداً والمشاهد.
قال النعمان:
لما ولدت أتت بي أمي عمرة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكني بتمرة فتلمظت منها، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأنصار وحبها التمر ".
وقيل: إن أمه أتت به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم سابعه وعليه شعر البطن، فأبى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبرك عليه، وقال: احلقوا عنه شعر البطن، فحلق رأسه ثم برك عليه وقال: عقوا عنه بشاة.
وعن عاصم بن عمر بن قتادة: أن عمرة جاءت تحمل ابنها النعمان في ليفه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدعا بتمرة فمضغها، ثم حنكه بها، فقالت: يا رسول الله، ادع له أن يكثر ماله وولده، فقال: " أو ما ترضين أن يعيش كما عاش خاله؟ عاش حميداً، وقتل شهيداً، ودخل الجنة ".
وقيل: إن بشير بن سعد جاء بالنعمان بن بشير إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله، ادع لابني هذا، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أما ترضى أن يبلغ ما بلغت؟ ثم يأتي الشام فيقتله منافق من أهل الشام ".
وعن النعمان بن بشير: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث نعمان بقطفين، واحد له، والآخر لأمه عمرة، فلقي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرة فقال: أتاك النعمان بقطف من عنب؟ فقالت: لا، فأخذ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأذنه وقال: يا قال سماك بن حرب: استعمل النعمان بن بشير على الكوفة، فكان من أخطب من سمعت من أهل الدنيا يتكلم.
ولما عزل النعمان بن بشير عن الكوفة وولاه معاوية حمص، وفد عليه أعشى همدن، قال: ما أقدمك أبا المصبح؟ قال: جئت لتصلني، وتحفظ قرابتي، وتقضي ديني.
فأطرق النعمان، ثم رفع رأسه، ثم قال: والله ما من شيء، ثم قال: هه، كأنه ذكر شيئاً، فقام، فصعد المنبر فقال: يا أهل حمص - وهم يومئذ في الديوان عشرون ألفاً - هذا ابن عم لكم من أهل القرآن والشرف، قدم عليكم يسترفدكم، فما ترون فيه؟ قالوا: أصلح الله الأمير، احتكم له، فأبى عليهم، قالوا: فإنا قد حكما له على أنفسنا من كل رجل في العطاء بدينارين دينارين، فعجلها له من بيت المال، فعجل له أربعين ألف دينار، فقبضها، ثم أنشأ يقول: " من الطويل "
فلم أر للحاجات عند انكماشها ... كنعمان أعني ذا الندى ابن بشير
إذا قال أوفى بالمقال ولم يكن ... كمدل إلى الأقوام حبل غرور
متى أكفر النعمان لا أك شاكراً ... وما خير من لا يقتدي بشكور
ولما عزل النعمان بن بشير عن الكوفة وولاه معاوية حمص، وفد عليه أعشى همدان، قال: ما أقدمك أبا المصبح؟ قال: جئت لتصلني، وتحفظ قرابتي، وتقضي ديني.
فأطرق النعمان، ثم رفع رأسه، ثم قال: والله ما من شيء، ثم قال: هه، كأنه ذكر شيئاً، فقام، فصعد المنبر فقال: يا أهل حمص - وهم يومئذ في الديوان عشرون ألفاً - هذا ابن عم لكم من أهل القرآن والشرف، قدم عليكم يسترفدكم، فما ترون فيه؟ قالوا: أصلح الله الأمير، احتكم له، فأبى عليهم، قالوا: فإنا قد حكمنا له على أنفسنا من كل رجل في العطاء بدينارين دينارين، فعجلها له من بيت المال، فعجل له أربعين ألف دينار، فقبضها، ثم أنشأ يقول: " من الطويل "
فلم أر للحاجات عند انكماشها ... كنعمان أعني ذا الندى ابن بشير
إذا قال أوفى بالمقال ولم يكن ... كمدل إلى الأقوام حبل غرور
متى أكفر النعمان لا أك شاكراً ... وما خير من لا يقتدي بشكور
وعن النعمان قال وهو على المنبر: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن للشيطان مصالي وفخوخاً، وإن من مصاليه وفخوخه البطر بنعم الله، والفخر بعطاء الله، والكبر على عباد الله، واتباع الهوى في غير ذات الله ".
وعن النعمان قال: الهلكة كل الهلكة أن تعمل بالسيئات في أزمان البلاء.
وعن جبير بن نضير: أنه أتي بيت المقدس يريد الصلاة فيه، فجلس إلى رجل قد اجتمع الناس عليه، فقال: من الرجل؟ فقلت: رجل من أهل حمص، قال: كيف وجدتم إمارة النعمان بن بشير؟ فذكرت خيراً.
قال: إذا أتيته فاقره مني السلام، وقل له: إن فضالة بن عبيد يقول لك: قوله لك، وقولك له، فقلت: ما أدري ما هذا! قال: إني سأبينه لك:
لقيته بالمدينة وهو مغبر بالجهاد، فقلت: أين تريد؟ فقال: إني ابتعت نفسي من الله أن أجاهد وأهاجر إلى الشام، ولا أزال فيها حتى يدركني الموت، فقلت له: لقد أفلحت إذاً، ولكني أرى فيك غير هذا، فقال: ما رأيك في؟ فقلت: كأني بك أتيت الشام، أتيت معاوية فانتسبت إليه، فقلت: أنا النعمان بن بشير بن سعد أبي بشير بن سعد، وخالي عبد الله بن رواحة، فتقول له أقاويل وتحدثه بالخرافات، فيستعملك على مدينة، إما أن تهلكهم وإما أن يهلكوك.
كان كعب يقول: ليؤمرن على جند حمص أمير أشهل العينين طويل الأرنبة، كث اللحية، حلو اللسان، مر القلب، فليصيبنه بقارعة، فذكروا النعمان بن بشير.
لما قتل الضحاك بن قيس بمرج راهط في سنة أربع وستين في خلافة مروان بن الحكم أراد النعمان بن بشير أن يهرب من حمص، وكان عاملاً عليها، فحالف ودعا لابن الزبير فغلبه أهل حمص واحتزوا رأسه، فقالت امرأته الكلبية: ألقوا رأسه في حجري فأنا أحق به.
وكانت قبله عند معاوية بن أبي سفيان، فقال لامرأته ميسون أم يزيد: اذهبي فانظري إليها، فأتتها، فنظرت، ثم رجعت، فقالت: ما رأيت مثلها، وقد رأيت خالاً تحت سرتها ليوضعن رأس زوجها تحت في حجرها، فطلقها معاوية، فتزوجها حبيب بن مسلمة، ثم طلقها، فتزوجها النعمان بن بشيرن فلما قتل وضعوا رأسه في حجرها.
قالوا: ولما خرج النعمان هارباً من حمص اتبعه خالد بن خلي الكلاعي فقتله، فقالت حميدة بنت النعمان ترثي أباها: " من مجزوء الكامل "
ليت ابن مزنة وابنه ... كانوا لقتلك واقيه
وبني أمية كلهم ... لم تبق منهم باقيه
جاء البريد بقتله ... يا للكلاب العاويه
يستفتحون برأسه ... دارت عليهم ثانيه
فلأبكين مسرة ... ولأبكين علانيه
ولأبكينك ما حييت ... مع السباع العاديه
قتل النعمان بن بشير سنة أربع وستين، وقيل: سنة خمس وستين، وقيل: سنة ست وستين.
ابن خلاس بن زيد بن مالك الأغر ابن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد الأنصاري صاحب سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبوه بشير ممن شهد بدراً.
وكان النعمان بن بشير منقطعاً إلى معاوية، وولاه الكوفة، وولي قضاء دمشق.
قال الشعبي: سمعت النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووالله لا أسمع أحداً بعده يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الحلال بين وإن الحرام بين، وإن بين ذلك أموراً مشتبهات "، وربما قال: مشتبهة، " وسأضرب لكم في ذلك مثلاً: إن الله حمى حمى وإن حمى الله ما حرم، وإنه من يرع حول الحمى يوشك أن يخالط الحمى "، وربما قال: من يخالط الريبة يوشك أن يخسر.
وأم النعمان عمرة بنت رواحة بن ثعلبة أخت عبد الله بن رواحة.
وولد النعمان بن بشير بعد قدوم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة في الهجرة بأربعة عشر شهراً، هذا قول أهل المدينة، وأهل الكوفة يروون عنه رواية كثيرة تدل على أنه أكبر سناً من ذلك، وهو أول مولود ولد بعد الهجرة من الأنصار.
توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وله ثمان سنين وسبعة أشهر.
وخلاس: بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام.
وشهد بشير العقبة وبدراً وأحداً والمشاهد.
قال النعمان:
لما ولدت أتت بي أمي عمرة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكني بتمرة فتلمظت منها، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأنصار وحبها التمر ".
وقيل: إن أمه أتت به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم سابعه وعليه شعر البطن، فأبى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبرك عليه، وقال: احلقوا عنه شعر البطن، فحلق رأسه ثم برك عليه وقال: عقوا عنه بشاة.
وعن عاصم بن عمر بن قتادة: أن عمرة جاءت تحمل ابنها النعمان في ليفه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدعا بتمرة فمضغها، ثم حنكه بها، فقالت: يا رسول الله، ادع له أن يكثر ماله وولده، فقال: " أو ما ترضين أن يعيش كما عاش خاله؟ عاش حميداً، وقتل شهيداً، ودخل الجنة ".
وقيل: إن بشير بن سعد جاء بالنعمان بن بشير إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله، ادع لابني هذا، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أما ترضى أن يبلغ ما بلغت؟ ثم يأتي الشام فيقتله منافق من أهل الشام ".
وعن النعمان بن بشير: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث نعمان بقطفين، واحد له، والآخر لأمه عمرة، فلقي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرة فقال: أتاك النعمان بقطف من عنب؟ فقالت: لا، فأخذ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأذنه وقال: يا قال سماك بن حرب: استعمل النعمان بن بشير على الكوفة، فكان من أخطب من سمعت من أهل الدنيا يتكلم.
ولما عزل النعمان بن بشير عن الكوفة وولاه معاوية حمص، وفد عليه أعشى همدن، قال: ما أقدمك أبا المصبح؟ قال: جئت لتصلني، وتحفظ قرابتي، وتقضي ديني.
فأطرق النعمان، ثم رفع رأسه، ثم قال: والله ما من شيء، ثم قال: هه، كأنه ذكر شيئاً، فقام، فصعد المنبر فقال: يا أهل حمص - وهم يومئذ في الديوان عشرون ألفاً - هذا ابن عم لكم من أهل القرآن والشرف، قدم عليكم يسترفدكم، فما ترون فيه؟ قالوا: أصلح الله الأمير، احتكم له، فأبى عليهم، قالوا: فإنا قد حكما له على أنفسنا من كل رجل في العطاء بدينارين دينارين، فعجلها له من بيت المال، فعجل له أربعين ألف دينار، فقبضها، ثم أنشأ يقول: " من الطويل "
فلم أر للحاجات عند انكماشها ... كنعمان أعني ذا الندى ابن بشير
إذا قال أوفى بالمقال ولم يكن ... كمدل إلى الأقوام حبل غرور
متى أكفر النعمان لا أك شاكراً ... وما خير من لا يقتدي بشكور
ولما عزل النعمان بن بشير عن الكوفة وولاه معاوية حمص، وفد عليه أعشى همدان، قال: ما أقدمك أبا المصبح؟ قال: جئت لتصلني، وتحفظ قرابتي، وتقضي ديني.
فأطرق النعمان، ثم رفع رأسه، ثم قال: والله ما من شيء، ثم قال: هه، كأنه ذكر شيئاً، فقام، فصعد المنبر فقال: يا أهل حمص - وهم يومئذ في الديوان عشرون ألفاً - هذا ابن عم لكم من أهل القرآن والشرف، قدم عليكم يسترفدكم، فما ترون فيه؟ قالوا: أصلح الله الأمير، احتكم له، فأبى عليهم، قالوا: فإنا قد حكمنا له على أنفسنا من كل رجل في العطاء بدينارين دينارين، فعجلها له من بيت المال، فعجل له أربعين ألف دينار، فقبضها، ثم أنشأ يقول: " من الطويل "
فلم أر للحاجات عند انكماشها ... كنعمان أعني ذا الندى ابن بشير
إذا قال أوفى بالمقال ولم يكن ... كمدل إلى الأقوام حبل غرور
متى أكفر النعمان لا أك شاكراً ... وما خير من لا يقتدي بشكور
وعن النعمان قال وهو على المنبر: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن للشيطان مصالي وفخوخاً، وإن من مصاليه وفخوخه البطر بنعم الله، والفخر بعطاء الله، والكبر على عباد الله، واتباع الهوى في غير ذات الله ".
وعن النعمان قال: الهلكة كل الهلكة أن تعمل بالسيئات في أزمان البلاء.
وعن جبير بن نضير: أنه أتي بيت المقدس يريد الصلاة فيه، فجلس إلى رجل قد اجتمع الناس عليه، فقال: من الرجل؟ فقلت: رجل من أهل حمص، قال: كيف وجدتم إمارة النعمان بن بشير؟ فذكرت خيراً.
قال: إذا أتيته فاقره مني السلام، وقل له: إن فضالة بن عبيد يقول لك: قوله لك، وقولك له، فقلت: ما أدري ما هذا! قال: إني سأبينه لك:
لقيته بالمدينة وهو مغبر بالجهاد، فقلت: أين تريد؟ فقال: إني ابتعت نفسي من الله أن أجاهد وأهاجر إلى الشام، ولا أزال فيها حتى يدركني الموت، فقلت له: لقد أفلحت إذاً، ولكني أرى فيك غير هذا، فقال: ما رأيك في؟ فقلت: كأني بك أتيت الشام، أتيت معاوية فانتسبت إليه، فقلت: أنا النعمان بن بشير بن سعد أبي بشير بن سعد، وخالي عبد الله بن رواحة، فتقول له أقاويل وتحدثه بالخرافات، فيستعملك على مدينة، إما أن تهلكهم وإما أن يهلكوك.
كان كعب يقول: ليؤمرن على جند حمص أمير أشهل العينين طويل الأرنبة، كث اللحية، حلو اللسان، مر القلب، فليصيبنه بقارعة، فذكروا النعمان بن بشير.
لما قتل الضحاك بن قيس بمرج راهط في سنة أربع وستين في خلافة مروان بن الحكم أراد النعمان بن بشير أن يهرب من حمص، وكان عاملاً عليها، فحالف ودعا لابن الزبير فغلبه أهل حمص واحتزوا رأسه، فقالت امرأته الكلبية: ألقوا رأسه في حجري فأنا أحق به.
وكانت قبله عند معاوية بن أبي سفيان، فقال لامرأته ميسون أم يزيد: اذهبي فانظري إليها، فأتتها، فنظرت، ثم رجعت، فقالت: ما رأيت مثلها، وقد رأيت خالاً تحت سرتها ليوضعن رأس زوجها تحت في حجرها، فطلقها معاوية، فتزوجها حبيب بن مسلمة، ثم طلقها، فتزوجها النعمان بن بشيرن فلما قتل وضعوا رأسه في حجرها.
قالوا: ولما خرج النعمان هارباً من حمص اتبعه خالد بن خلي الكلاعي فقتله، فقالت حميدة بنت النعمان ترثي أباها: " من مجزوء الكامل "
ليت ابن مزنة وابنه ... كانوا لقتلك واقيه
وبني أمية كلهم ... لم تبق منهم باقيه
جاء البريد بقتله ... يا للكلاب العاويه
يستفتحون برأسه ... دارت عليهم ثانيه
فلأبكين مسرة ... ولأبكين علانيه
ولأبكينك ما حييت ... مع السباع العاديه
قتل النعمان بن بشير سنة أربع وستين، وقيل: سنة خمس وستين، وقيل: سنة ست وستين.