يزِيد بن الطّيب يروي عَن عمر بن عبد الْعَزِيز روى عَنهُ الْمُغيرَة بن مقسم
Ibn Ḥibbān (d. 965 CE) - al-Thiqāt - ابن حبان - الثقات
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 16018 15588. يزيد بن الحارث العبدي4 15589. يزيد بن الحارث بن قيس بن مالك3 15590. يزيد بن الخليل النخعي1 15591. يزيد بن السكن الانصاري4 15592. يزيد بن السمط3 15593. يزيد بن الطيب215594. يزيد بن المبارك الفارسي1 15595. يزيد بن المعلي الاسدي1 15596. يزيد بن المقدام بن شريح بن هانئ3 15597. يزيد بن النعمان بن بشير1 15598. يزيد بن الوليد الكوفي1 15599. يزيد بن امية3 15600. يزيد بن امية القرشي1 15601. يزيد بن اوس4 15602. يزيد بن ايهم1 15603. يزيد بن بابنوس4 15604. يزيد بن بشر3 15605. يزيد بن بشر السكسكي5 15606. يزيد بن ثابت الانصاري3 15607. يزيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد1 15608. يزيد بن ثعلبة الانصاري1 15609. يزيد بن جابر الازدي2 15610. يزيد بن جبير بن شيبة الحجبي القرشي1 15611. يزيد بن حاتم1 15612. يزيد بن حازم الازدي1 15613. يزيد بن حدير1 15614. يزيد بن حريث1 15615. يزيد بن حسان او بن ابي حسان1 15616. يزيد بن حصين بن نمير3 15617. يزيد بن حكيم ابو نائلة اليامي1 15618. يزيد بن حيان5 15619. يزيد بن حيان التيمي2 15620. يزيد بن خارجة الانصاري1 15621. يزيد بن خالد الازدي الشامي1 15622. يزيد بن خالد بن مرشل1 15623. يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله1 15624. يزيد بن خثيم1 15625. يزيد بن خمير اليزني2 15626. يزيد بن دثار بن عبيد بن الابرص2 15627. يزيد بن درهم ابو العلاء العجمي2 15628. يزيد بن رباح1 15629. يزيد بن رجاء بن حيوة الشامي الكندي1 15630. يزيد بن رفاعة اللخمي3 15631. يزيد بن رقيش3 15632. يزيد بن روح اللخمي5 15633. يزيد بن رومان7 15634. يزيد بن زاذي الواسطي1 15635. يزيد بن زريع بن يزيد العبسي1 15636. يزيد بن زهير الضبعي3 15637. يزيد بن زياد القرظي2 15638. يزيد بن زياد بن ابى الجعد1 15639. يزيد بن زياد بن ابي زياد2 15640. يزيد بن زيد8 15641. يزيد بن زيد الازدي2 15642. يزيد بن سعيد ابو عبد الله الساجي1 15643. يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي2 15644. يزيد بن سعيد بن ذي عصوان3 15645. يزيد بن سعيد بن يزيد الاصبحي1 15646. يزيد بن سلمة الجعفي5 15647. يزيد بن سليط1 15648. يزيد بن سمرة3 15649. يزيد بن سمرة ابو هران الدهان1 15650. يزيد بن سنان القزاز ابو خالد1 15651. يزيد بن سهيل بن مسلم3 15652. يزيد بن سويد1 15653. يزيد بن سيف بن حارثة اليربوعي1 15654. يزيد بن شجرة الرهاوي7 15655. يزيد بن شراحيل3 15656. يزيد بن شراحيل العامري3 15657. يزيد بن شرحبيل3 15658. يزيد بن شريح الحضرمي3 15659. يزيد بن شريك الفزاري2 15660. يزيد بن شريك بن طارق التيمي تيم1 15661. يزيد بن شيبان5 15662. يزيد بن صالح اليشكري1 15663. يزيد بن صبح1 15664. يزيد بن صليح الرحبي2 15665. يزيد بن صهيب الفقير6 15666. يزيد بن صيفى بن صهيب بن سنان1 15667. يزيد بن طريف1 15668. يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة1 15669. يزيد بن طلق4 15670. يزيد بن طهمان ابو المعتمر الرقاشي1 15671. يزيد بن عامر السوائي ابو حاجر1 15672. يزيد بن عامر الضبي3 15673. يزيد بن عبد الرحمن الاودي الزعافري1 15674. يزيد بن عبد الرحمن بن ابي مالك الهمداني...1 15675. يزيد بن عبد الرحمن بن اذينة السحيمي1 15676. يزيد بن عبد العزيز التنوخي2 15677. يزيد بن عبد العزيز الرعيني1 15678. يزيد بن عبد العزيز بن سياه2 15679. يزيد بن عبد الله الحارثي3 15680. يزيد بن عبد الله الشيباني ابو عبد الله...1 15681. يزيد بن عبد الله القرشي2 15682. يزيد بن عبد الله النحوي1 15683. يزيد بن عبد الله بن اسامة2 15684. يزيد بن عبد الله بن اسامة بن الهاد2 15685. يزيد بن عبد الله بن الجراح2 15686. يزيد بن عبد الله بن الشخير العامري2 15687. يزيد بن عبد الله بن خصيفة4 ◀ Prev. 100▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 16018 15588. يزيد بن الحارث العبدي4 15589. يزيد بن الحارث بن قيس بن مالك3 15590. يزيد بن الخليل النخعي1 15591. يزيد بن السكن الانصاري4 15592. يزيد بن السمط3 15593. يزيد بن الطيب215594. يزيد بن المبارك الفارسي1 15595. يزيد بن المعلي الاسدي1 15596. يزيد بن المقدام بن شريح بن هانئ3 15597. يزيد بن النعمان بن بشير1 15598. يزيد بن الوليد الكوفي1 15599. يزيد بن امية3 15600. يزيد بن امية القرشي1 15601. يزيد بن اوس4 15602. يزيد بن ايهم1 15603. يزيد بن بابنوس4 15604. يزيد بن بشر3 15605. يزيد بن بشر السكسكي5 15606. يزيد بن ثابت الانصاري3 15607. يزيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد1 15608. يزيد بن ثعلبة الانصاري1 15609. يزيد بن جابر الازدي2 15610. يزيد بن جبير بن شيبة الحجبي القرشي1 15611. يزيد بن حاتم1 15612. يزيد بن حازم الازدي1 15613. يزيد بن حدير1 15614. يزيد بن حريث1 15615. يزيد بن حسان او بن ابي حسان1 15616. يزيد بن حصين بن نمير3 15617. يزيد بن حكيم ابو نائلة اليامي1 15618. يزيد بن حيان5 15619. يزيد بن حيان التيمي2 15620. يزيد بن خارجة الانصاري1 15621. يزيد بن خالد الازدي الشامي1 15622. يزيد بن خالد بن مرشل1 15623. يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله1 15624. يزيد بن خثيم1 15625. يزيد بن خمير اليزني2 15626. يزيد بن دثار بن عبيد بن الابرص2 15627. يزيد بن درهم ابو العلاء العجمي2 15628. يزيد بن رباح1 15629. يزيد بن رجاء بن حيوة الشامي الكندي1 15630. يزيد بن رفاعة اللخمي3 15631. يزيد بن رقيش3 15632. يزيد بن روح اللخمي5 15633. يزيد بن رومان7 15634. يزيد بن زاذي الواسطي1 15635. يزيد بن زريع بن يزيد العبسي1 15636. يزيد بن زهير الضبعي3 15637. يزيد بن زياد القرظي2 15638. يزيد بن زياد بن ابى الجعد1 15639. يزيد بن زياد بن ابي زياد2 15640. يزيد بن زيد8 15641. يزيد بن زيد الازدي2 15642. يزيد بن سعيد ابو عبد الله الساجي1 15643. يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي2 15644. يزيد بن سعيد بن ذي عصوان3 15645. يزيد بن سعيد بن يزيد الاصبحي1 15646. يزيد بن سلمة الجعفي5 15647. يزيد بن سليط1 15648. يزيد بن سمرة3 15649. يزيد بن سمرة ابو هران الدهان1 15650. يزيد بن سنان القزاز ابو خالد1 15651. يزيد بن سهيل بن مسلم3 15652. يزيد بن سويد1 15653. يزيد بن سيف بن حارثة اليربوعي1 15654. يزيد بن شجرة الرهاوي7 15655. يزيد بن شراحيل3 15656. يزيد بن شراحيل العامري3 15657. يزيد بن شرحبيل3 15658. يزيد بن شريح الحضرمي3 15659. يزيد بن شريك الفزاري2 15660. يزيد بن شريك بن طارق التيمي تيم1 15661. يزيد بن شيبان5 15662. يزيد بن صالح اليشكري1 15663. يزيد بن صبح1 15664. يزيد بن صليح الرحبي2 15665. يزيد بن صهيب الفقير6 15666. يزيد بن صيفى بن صهيب بن سنان1 15667. يزيد بن طريف1 15668. يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة1 15669. يزيد بن طلق4 15670. يزيد بن طهمان ابو المعتمر الرقاشي1 15671. يزيد بن عامر السوائي ابو حاجر1 15672. يزيد بن عامر الضبي3 15673. يزيد بن عبد الرحمن الاودي الزعافري1 15674. يزيد بن عبد الرحمن بن ابي مالك الهمداني...1 15675. يزيد بن عبد الرحمن بن اذينة السحيمي1 15676. يزيد بن عبد العزيز التنوخي2 15677. يزيد بن عبد العزيز الرعيني1 15678. يزيد بن عبد العزيز بن سياه2 15679. يزيد بن عبد الله الحارثي3 15680. يزيد بن عبد الله الشيباني ابو عبد الله...1 15681. يزيد بن عبد الله القرشي2 15682. يزيد بن عبد الله النحوي1 15683. يزيد بن عبد الله بن اسامة2 15684. يزيد بن عبد الله بن اسامة بن الهاد2 15685. يزيد بن عبد الله بن الجراح2 15686. يزيد بن عبد الله بن الشخير العامري2 15687. يزيد بن عبد الله بن خصيفة4 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Ḥibbān (d. 965 CE) - al-Thiqāt - ابن حبان - الثقات are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=136233&book=5528#f9fb39
يزيد بن الحسن بن يزيد، أبو الطيب البزاز، يعرف بابن المسلمة:
سَمِعَ مُحَمَّد بْن عبد الملك زنجويه، وَالحسن بْن مُحَمَّد الزعفراني، وَالحسن بْن عرفة، وَمُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن واره، وأَحْمَد بْن عَبْد الجبار العطاردي. رَوى عَنْهُ أَبُو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ وأبو حفص بْن شاهين، والكتاني، وَأَحْمَد بْن الفرج بْن الحجاج، وغيرهم. وكان ثقةً يسكن سوق يَحْيَى.
أَخْبَرَنِي العتيقي قَالَ: سمعتُ أَحْمَد بْن الفرج بْن منصور الوراق يقول: توفي يزيد ابن الْحَسَن بْن يزيد السمسار يوم الأحد لثمان خَلَون من جُمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة.
سَمِعَ مُحَمَّد بْن عبد الملك زنجويه، وَالحسن بْن مُحَمَّد الزعفراني، وَالحسن بْن عرفة، وَمُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن واره، وأَحْمَد بْن عَبْد الجبار العطاردي. رَوى عَنْهُ أَبُو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ وأبو حفص بْن شاهين، والكتاني، وَأَحْمَد بْن الفرج بْن الحجاج، وغيرهم. وكان ثقةً يسكن سوق يَحْيَى.
أَخْبَرَنِي العتيقي قَالَ: سمعتُ أَحْمَد بْن الفرج بْن منصور الوراق يقول: توفي يزيد ابن الْحَسَن بْن يزيد السمسار يوم الأحد لثمان خَلَون من جُمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=136228&book=5528#9e3665
يزيد بن هارون بن زاذي بن ثابت، أبو خالد السلمي مولاهم :
من أهل واسط. سمع يحيى بن سعيد الأنصاري، وسليمان التيمي، وعاصما
الأحول، وحُميدًا الطويل، وداود بْن أَبِي هند، وعبد اللَّه بْن عون، وحسينًا المعلم، وحجاج بن أبي زينب، وعوام بن حوشب، وحجاج بن أرطاة، وبَهْز بن حكيم، وهشام بن كيسان، وأبا غسان محمد بن مطرِّف، وشعبة بن الحجاج، ومحمد بن عمرو الليثي، والحمادين، وخلقًا سواهم. روي عنه أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبو خيثمة، وأبو بكر بْن أبي شيبة، وخلف بن سالِم، وأحْمد بن منيع، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، ويعقوب الدورقي، ومحمد بن حسان الأزرق، والحسن بن الصباح البزار، والحسن بْن مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاح الزعفراني، والحسن بن عرفة، وسعدان بن نصر، والحسن بن مكرم، والحارث بن أبي أسامة، في آخرين. قدم يزيد بغداد وحدث بِها، ثُم عاد إلى واسط فمات بِهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدثنا حنبل بن إسحاق قال: حدثني أبو عبد الله قال: يزيد بن هارون، ثمان عشرة- يعني ولد سنة ثَمان عشرة ومائة.
أخبرنا علي بن أحمد الرزاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا بشر بن موسى، حَدَّثَنَا عمرو بْن علي قَالَ:
وأَخْبَرَنَا ابن رزق قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى المزكى، أخبرنا محمّد ابن إسحاق بن السراج قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن حسان يَقُولُ: ولد يزيد بْن هارون سنة ثَمان عشرة ومائة.
قلت: ويُقال إن أصله كَانَ من بخارى.
أخبرني أبو الوليد الدربندي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ ببخارى، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بن موسى البزّاز، حَدَّثَنَا أَبُو علي الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل الفارسي قَالَ: سمعت أبا معشر- حمدويه بن الخطاب- يَقُول:
سمعتُ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن يَقُول: كَانَ يزيد بْن هارون بُخاريًا.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا إبراهيم بن محمّد المزكى، أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قَالَ: سمعت أَبَا يَحْيَى يَقُولُ: كَانَ يزيد بْن هارون يخضب خضابًا قانيًا إلى الحمرة ما هُوَ.
أخبرني ابن التّنوخيّ، حدثنا علي بن عمر الختلي، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن بُنان قَالَ:
سمعتُ أَبَا عَبْد الله حُبَيْش بْن مُبَشِّر يَقُولُ: سَمِعْتُ يحيى بْن معين- وسئل عَنْ يزيد ابن هارون- هو مثل هشيم، وإسماعيل بن عُلية؟ قَالَ: نعم! إلا أنَّهم أقل خطأ منه.
أَخْبَرَنَا بُشْرَى بْن عَبْد الله الرومي، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا محمّد ابن جعفر الراشدي. وَأَخْبَرَنَا إبراهيم بْن عمر البرمكي، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ الدّقّاق، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد الجوهري. قالا: حَدَّثَنَا أَبُو بكر الأثرم قَالَ:
سَمِعْت أَبَا عَبْد الله ذكر سماع يزيد بْن هارون من سَعِيد بْن أبي عَروبة فضعَّفه.
وقال: كذا وكذا حديثا خطأ.
أخبرنا الصيمري، حدثنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدثنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ، حَدَّثَنَا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بْن معين يَقُولُ: يزيد بْن هارون لَيْسَ من أصحاب الحديث، لأنه كَانَ لا يميز ولا يبالي عمن روى. قال أَحْمَد بْن زُهير: سمعتُ أبي يَقُولُ: كَانَ يُعاب عَلَى يزيد بْن هارون حيث ذهب بصره: أَنَّهُ ربما سُئِلَ عَن الحديث لا يعرفه فيأمر جارية لَهُ فتُحفظه من كتابه.
قلت: قد وصف غير واحد من الأئمة حفظ يزيد بْن هارون كَانَ لحديثه وضبطه لَهُ، ولعله ساء حفظه لما كُفّ بصره، وعلت سنه، فكان يستثبت جاريته فيما شك فِيهِ ويأمرها بمطالعة كتابه لذلك.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفتح منصور بن ربيعة الزهري الخطيب- بالدينور- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ راشد، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قال علي بن الْمَدِينِيّ: لَم أر أحفظ من يزيد بْن هارون.
وقال فِي موضع آخر: ما رأيتُ أحدًا أحفظ عَن الصِّغَار والكبار من يزيد بْن هارون.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا إبراهيم بن محمّد المزكى، أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن يزيد القنطري، وعبدوس بْن مالك العطّار يقولان:
سمعنا علي بن الْمَدِينِيّ يَقُولُ: ما رأيتُ رجلا قط أحفظ من يزيد بْنَ هَارُونَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: سمعت أَبَا منصور مُحَمَّد بْن القاسم العتكي يَقُولُ: سمعتُ أَحْمَد بْن سلمة يَقُولُ: سمعتُ مُحَمَّد بْن رافع يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن يَحْيَى يَقُولُ: كَانَ بالعراق يُعد أربعة من الحفاظ شيخان وكهلان. فأما الشيخان فهشيم، ويزيد بْن زريع. وأمّا الكهلان فوكيع ويزيد بْن هارون، وأحفظ الكهلين يزيد بْن هارون.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد محمد بن موسى الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن أبي طالب يَقُولُ: سمعتُ مُحَمَّد بْن قدامة الجوهري يَقُولُ:
وَأَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن قُدامة قَالَ: سمعتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: أحفظُ خمسة وعشرين ألف إسناد ولا فَخر، وأنا سيد من روى عَن حمّاد بْن سلمة ولا فَخر.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا المزكى، أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قَالَ: سمعت علي بن شعيب يقول: سمعت يزيد بن هارون يَقُولُ: أحفظُ أربعة وعشرين ألف حديث إسناد ولا فخر.
وقال السراج سَمِعْتُ عَلِيّ بْن شعيب يَقُولُ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: أحفظ للشاميين عشرين ألف حديث ولا أسأل عنها.
أخبرني الأزهري، حدثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن أبي الطيب يَقُولُ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون- وقيل له إن هارون المستملي يريد أن يدخل عليك- يعني فِي حديثك فتحفظ، فبينا هُوَ كذلك إذ دخل هارون فسمع يزيد نغمته فقال: يا هارون بلغني
أنك تريد أن تدخل علي فِي حديثي فاجتهد جهدك لا أرعى الله عليك إن أرعيت، أحفظ ثلاثة وعشرين ألف حديث ولا بَغي. لا أقامني الله إن كنت لا أقوم بحديثي.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا دَعْلَجِ بْنِ أَحْمَدَ، أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأبار قال: سمعت أَحْمَد بْن خَالِد قَالَ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: سَمِعْتُ حديث الفتون مرة فحفظته. قَالَ: وسمعت يزيد يَقُولُ: أحفظُ عشرين ألفًا، فمن شاء فليدخل فيها حرفًا.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا المزكى، أَخْبَرَنَا السراج قَالَ: سَمِعْتُ زياد بْن أيوب يَقُولُ: ما رأيتُ ليزيد بْن هارون كتابًا قط ولا حديثا إلا حفظًا وكنتُ رَأَيْته قبل أن يذهب بصره بواسط.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حَدَّثَنَا الفضل- يعني ابن زياد- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد الله وقيل لَهُ: يزيد بْن هارون لَهُ فقه؟
قَالَ: نعم! ما كَانَ أفطنه وأذكاه وأفهمه. قِيلَ لَهُ: فابن عُلَيَّة؟ فقال: كَانَ لَهُ فقهٌ، إلا أني لم أخبره خُبري يزيد بن هارون، وما كَانَ أجمع أمر يزيد، صاحب صلاة حافظ متقن للحديث، صرامة وحسن مذهب.
أَخْبَرَنِي الخلال، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن عُفَيْر قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن سنان: ما رأينا عالِمًا قَط أحسن صلاة من يزيد بْن هارون يقوم كأنه أسطوانة، كَانَ يصلي بين المغرب والعشاء والظهر والعصر لَم يكن يَفتُر من صلاة الليل والنهار هُوَ وهشيم، جميعا معروفين بطول الصّلاة في الليل والنهار.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، أخبرنا الوليد بن بكر الأندلسي، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجليّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَاسِطِيٌّ سلمى، يكنى أبا حذيفة. ثَبْتٌ فِي الْحَدِيثِ، وَكَانَ مُتَعَبِّدًا حَسَنَ الصَّلاةِ جِدًّا. وَكَانَ قَدْ عَمِيَ، كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً، بِهَا مِنَ الْجَوْدَةِ غَيْرُ قَلِيلٍ. وَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أَحْفَظَ الْقُرْآنَ حَتَّى لا أُخْطِئَ فِيهِ شَيْئًا لِئَلا يُدْرِكَنِي مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَوَارِجِ «يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمْيَةِ»
. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بن حمدون القاضي بيعقوبا، أخبرنا عبيد الله
ابن أحمد بن علي المقرئ، حدثنا محمد بن مخلد قال: سمعت محمد بْن الْعَبَّاس يَقُولُ: سَمِعْتُ عاصم بْن علي يَقُولُ: كنت أَنَا ويزيد بْن هارون عِنْدَ قَيس- يعني ابن الربيع- سنة إحدى وستين. فأمَّا يزيد فكان إذا صلى العَتمة لا يزالُ قائمًا حتى يُصلي الغداة بذلك الوضوء، نيفًا وأربعين سنة، وأمّا قيس فكان يقوم ويصلي، وينام ويقوم وينام. وأمّا أَنَا فكنتُ أُصلي أربع رَكعات وأقعد أسبح.
أَخْبَرَنَا العتيقي، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ الكاتب- بِمصر- قَالَ:
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الملك- بدمشق- قَالَ: سمعتُ أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الصائغ- بِمكة- يَقُولُ: قَالَ رجلٌ ليزيد بْن هارون؟ كم حِزبُك من الليل؟
فقال: وأنامُ من الليل شيئًا؟ إذًا لا أنام الله عَيْني.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا المزكى، أَخْبَرَنَا السراج قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن مُحَمَّد الزعفراني يَقُولُ: ما رأيتُ أحدًا قط خيرًا من يزيد بْن هارون.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أحمد الرزاز، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى النيسابوري، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَزْهَرِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن عرفة بْن يزيد العبدي يَقُولُ: رأيتُ يزيد بْن هارون بواسط وهو من أحسن الناس عَيْنين. ثُمَّ رَأَيْته بعين واحدة. ثُمَّ رأيته وقد ذهبت عيناه. فقلتُ: يا أَبَا خَالِد، ما فعلت العينان الجميلتان؟
قَالَ: ذهبَ بِهَما بُكاء الأسحار.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحِيرِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّد بْن مُوسَى الصيرفِي قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّد بْن يَعْقُوبَ الأصم، حدثنا يحيى بن أبي طالب.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن شاذان الواسطي- وكان محدثًا من أحفظ الناس- قَالَ: حدَّثَنِي ابن عرعرة قَالَ: حدَّثَنِي ابن أكثم قَالَ: قَالَ لنا المأمون: لولا مكان يزيد بْن هارون لأظهرتُ القرآن مخلوق. فقال بعض جلسائه: يا أمير المؤمنين ومن يزيد حتى يكون يُتَّقَى؟ قَالَ: فقال: ويحك، إني لا أتقيه لأن لَهُ سلطانًا أو سلطنة، ولكن أخافُ إن أظهرته فيردَّ علي، فيختلف الناس وتكون فتنة، وأنا أكرهُ الفتنة. قَالَ: فقال لَهُ الرجل فأنا أخبرُ لك ذَلِكَ منه. قَالَ: فقال لَهُ: نعم! قال: فخرج إلى واسط فجاء إلى يزيد فدخل عَلَيْهِ المسجد، وجلسَ إِلَيْهِ. فقال لَهُ: يا أَبَا خَالِد إنّ أمير المؤمنين يُقرئك السلام ويقول لك: إني أريد أن أظهرَ القرآن مخلوق قَالَ: فقال: كذبت عَلَى أمير المؤمنين،
أمير المؤمنين لا يحمل الناس على مالا يعرفونه، فإن كنت صادقًا فاقعد إلى المجلس فإذا اجتمعَ الناس فقل. قَالَ: فلمّا أن كَانَ من الغد اجتمع الناس فقام فقال: يا أَبَا خَالِد رضي الله عنك إن أمير المؤمنين يُقرئك السلام ويقول لك: إني أردت أن أظهر القرآن مخلوق فما عندك فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: كذبت عَلَى أمير المؤمنين، أمير المؤمنين لا يحمل الناس على مالا يعرفونه وما لَم يَقل بِهِ أحد. قَالَ فقدم. فقال: يا أمير المؤمنين كنت أنت أعلم قَالَ: كَانَ من القصة كيت وكيت، قال: فقال له: ويحك تلعّب بك.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا المزكى، أَخْبَرَنَا السراج قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السَّكَنِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: سمعت شاد بْن يَحْيَى يَقُولُ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يحلفُ بالله الَّذِي لا إله إلا هُوَ أنّ من قَالَ القرآن مخلوق فهو كافر.
وقال السراج: سمعتُ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرحيم قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيل بْن عُبيد- وهو ابن أبي كريمة- قَالَ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: القرآن كلامُ الله لعن الله جهمًا، ومن يَقُولُ بقوله كَانَ كافرًا جاحدًا.
أَخْبَرَنِي أَبُو الفتح مُحَمَّد بْن المظفر بْن مُحَمَّد بْن غالب الدينوري- بها- أخبري سعد بن عبد الله المشعبي، أخبرنا أبو القاسم بن زيد، حَدَّثَنَا عُمَر بْن سهل قَالَ:
امتدح شاعرٌ يزيد بن هارون، فأنشأ يقول:
شفي الغليل إذا ما قال حَدَّثَنَا ... يحيى فيا لك من ذي منطق حسن
أو قال أَخْبَرَنَا داود مبتدئًا ... والعلم والدر منظومان في قرن
يعني- يحيى بن سعيد الأنصاري، وداود بن أبي هند.
أخبرني الأزهري، حدثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدثنا جدي قال: رأيت عليّ بن الجندي الحراني الَّذِي وفد عَلَى يزيد بْن هارون، لحديث الفتون يسمعه منه فقيل لَهُ: إنه قد حلف أن لا يحدث بِهِ، فقال قصيدة يستخرج بِهَا الحديث منه. فقام بالقرب منه، فبلغني أَنَّهُ لما أنشدها يزيد ابن هارون استمع لَهُ فكان إذا مر فيها بمدحه نهاه ويعض يده، ثُمَّ يستمع لَهُ بعد حتى أتمها فقال:
دع عنك ما قد مضى في سالف الزمن ... من نعت ربع ديار الحي والدمن
واذكر مسيرك في غبراء موحشة ... من الفدافد والقيعان والمنن
من كل بلقعة، ديمومة سحق ... تنائف قفرة داوية شزن
عسفتها بعلندات مركبة ... موارة الضبع ممراح من السمن
تستن بين قراريد الآكام إذا ... ترقرق الآل عند الناظر الفطن
وفي الظلام إذا ما الليل ألبسها ... جلبابه، وتَجلى عين ذي الوسن
حتى إذا ما مضى شهر وقابلها ... شهر، وعاودها وهن عن الظعن
ظلت تشكي إلي الأين مرجفة ... فقلت: مهلا لحاك الله، لا تَهني
ما زلت أتبعها سيرًا وأدأبُها ... نصًا، وأحضرها بالسير والمشن
حتى تفرقت الأوصال وانجدلت ... بين الرمال على الأعفاج والثفن
فجئت أهوى على حيزوم طافية ... في لجة الماء لا ألوي على شجن
إلى يزيد بن هارون الذي كملت ... فيه الفضائل أو أشفى على ختن
حتى أتيت إمام الناس كلهم ... في العلم والفقه والآثار والسنن
والدين والزهد والإسلام قد علموا ... والخوف لله في الإسرار والعلن
برًّا، تقيًا، نقيًا، خاشعًا، ورعًا ... مبرأ من ذوي الآفات والأُبَن
ما زال مذ كان طفلا في شبيبته ... حتى علاه مشيب الرأس والذقن
مباركًا هاديًا للناس مُحتسبا ... على الأنام، بلا منّ ولا ثَمن
إذا بدا خلت بدرًا عند طلعته ... نورًا حباه به الرحمن ذو المنن
يظل منعفرًا لله مبتهلا ... يدعو الإله بقلب دائم الحَزَن
يشفي القلوب إذا ما قال أَخْبَرَنَا ... يَحيى، فيا لك من ذي منظر حسن
أو قال أَخْبَرَنَا داود مبتدئًا ... أو عاصم، تلك منه أعظم الفتن
أو قال أَخْبَرَنَا التيمي منفردًا ... فالعلم والدر مقرونان في قرن
فإن بدا بِحميد، ثُم أتبعه ... عوّام، خلت بنا جنًّا من الجنن
وإن بدا بابن عون، أو بصاحبه ... فالمسّ ثَم علينا غير مؤتَمَن
أو قال حجاج، فالحجاج غايتنا ... أو الحسين سها ذو اللب والفطن
والأشجعي وعمرو عند ذكرهما ... ينسى الغريب جَميع الأهل والوطن
وبعد ذلك أشياخ له أخر ... مثل المصابيح أوهى ذكرهم بدني
بَهْز، وعوف، وسفيان، وغيرهم ... محمد، وهشام، أزين الزين
والعزرمي وإسماعيل أصغر من ... يروي له هكذا من كان فليكن
يا طالب العلم، لا تعدل به أحدًا ... قد كنت في غفلة عنه وفي ددن
بقية الناس من هذا يعادله؟ ... في سالف الدهر أو في غابر الزمن
يلقى إليه رفاق الناس عامدة ... على المحامل والأقتاب والسفن
من الجزيرة أرسالا متابعة ... ومن خراسان، أهل الريف والمدن
ومن حجاز هناك العير قاصدة ... ومن عراق، ومن شام، ومن يمن
يأتون عنه غزير العلم مُحتسبًا ... ترى الحديث لديه غير مُخْتَزِن
يزيد، أصبحت فوق الناس كلهم ... شيئًا خصصت به يا واسع العطن
ساويت شعبة والثوري قد علموا ... وابن المبارك، لم يصبح على عين
إليك أصبحت من حَرَّان مغتديًا ... شوقا إليك، لعل الله يرْحَمُنِي
إن الذي جئت أبغيه وأطلبه ... منك الفتون حديثًا كي تُحدثنِي
عجل سراحي، جزاك الله صالِحة ... وقل نعم! ونعيمًا، يا أبا الحسن
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الصيرفي قَالَ: سمعت أبا الْعَبَّاس محمد بن يعقوب الأصم يَقُولُ:
سمعتُ أَبَا بَكْر يَحْيَى بْن أبي طالب يَقُولُ: كُنَّا فِي مجلس يزيد- يعني ابن هارون- فألحُّوا عَلَيْهِ من كل جانب يسألونه عَن شيء، وهو ساكتٌ لا يُجيب حتى إذا سكتوا قَالَ يزيد: إنا واسطيون. يعني ما قِيلَ: تغافل كأنك واسطي.
قرأتُ عَلِيّ الجوهري، عَنْ أَبِي عُبَيْد اللَّهِ المرزباني قَالَ: أَخْبَرَنِي الصولي قَالَ: كُنَّا يومًا عِنْدَ أبي الْعَبَّاس المبرد. فقال لَهُ غلام لإسماعيل القاضي: كلمت فلانا فتغافلَ واسطية. فسئل أَبُو الْعَبَّاس عَن هذا فقال: كتبَ الحجاج إلى عَبْد الملك إني قد بنيتُ مدينة عَلَى كرش دجلة فكان يصاح بالواحد منهم يا كرش فيتغافل ويقول أنا واسطي ولست بكرش. ثُمَّ أنشدنا الفضلُ الرقاشي:
تركت عبادتي ونسيت ربي ... وقدما كنت بي برًا حفيّا
فما هذا التغافل يا بن عيسى ... أظنك صرت بعدي واسطيا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسن بْن أَحْمَد الأهوازي، حدثنا أبو أحمد الْحَسَن بن أَحْمَدَ بْنِ عَبْد اللَّهِ بْن سعيد العسكريّ، حدثنا الحسن بن علي السراج، حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي قال: سمعتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: لا ينبل أحد من أهل واسط بواسط لأنَّهم حُسَّاد، وقيل: ولا أنت يا أَبَا خَالِد؟ فقال: ما عرفتُ حتى خرجت من واسط.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو بكر الحيرى، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا يحيى بن أبي طالب قال: سمعت يزيد بْن هارون فِي المجلس ببغداد. وكان يُقال: إنَّ فِي المجلس سبعين ألفًا.
أخبرنا ابن الفضل، أَخْبَرَنَا جعفر الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحضرميّ، حَدَّثَنَا جَابِر بْن كردي قَالَ: وُلدَ يزيد بْن هارون سنة سبع عشرة أو ثَمان عشرة.
وقال الحضرمي: حَدَّثَنَا جَابِر بْن كردي قَالَ: مات يزيد بْن هارون سنة ست ومائتين وكان واسطيًا يُكنى أَبَا خَالِد.
أَخْبَرَنَا حمزة بْن محمد بن طاهر قَالَ: حدثنا الوليد بن بكر الاندلسي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجليّ، حدَّثَنِي أبي قَالَ: يزيد بْن هارون يُكنى بابي خَالِد ثقةٌ، وكان أعمى مُتنسكًا عابدًا. تُوُفِّيَ سنة ست ومائتين.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا المزكى، أَخْبَرَنَا السراج قَالَ: سمعتُ أَبَا يَحْيَى وإسماعيل ابن أبي الحارث يقولان: مات يزيد بْن هارون سنة ست ومائتين.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بْن سُفْيَان قَالَ: قَالَ مُحَمَّد- يعني ابن فضل: مات يزيد أول سنة ست ومائتين، وولد سنة سبع عشرة ومائة.
أخبرني الأزهري، حدثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: يزيد بْن هارون ثقةٌ وهو مولى لبني سُليم، وهو يزيد بْن هارون بْن زاذي. وكان ممن يُعدُّ من الآمرين بالمعروف والنَّاهين عَن المنكر. تُوُفِّيَ بواسط غرة شهر ربيع الآخر سنة ست ومائتين.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَد بْن أَبِي علانة المقرئ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ، حدثنا أبو محمّد السّكّري، حدثنا يحيى بن إسحاق ابن إبراهيم بن سافري، حدَّثَنِي أَبُو نافع ابْن بِنْت يَزِيد بْن هارون قَالَ: كنت عِنْدَ أَحْمَد بْن حنبل وعنده رجلان- وأحسبه قَالَ شيخان- قَالَ: فقال أحدهما: يا أَبَا عَبْد اللَّهِ رأيت يزيد بْن هارون فِي المنام، فقلت لَهُ يا أَبَا خَالِد، ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غفر لي وشفعني وعاتبني. قَالَ: قلت غفر لك وشفَّعك قد عرفت. ففيم عاتبك؟ قَالَ قَالَ لي: يا يزيد أتحدث عَن جرير بْن عثمان؟ قَالَ: قلتُ يا رب ما علمتُ إلا خيرًا. قَالَ:
يا يزيد إنه كَانَ يُبغضُ أَبَا حسن عَلِيّ بْن أبي طالب. قَالَ: وقال الآخر: أنا رأيت يزيد ابن هارون فِي المنام، فقلت لَهُ: هَلْ أتاك مُنكر ونَكير؟ قَالَ: إي والله: وسألاني؟ من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ قَالَ: فقلت ألمثلي يُقال هذا؟ وأنا كنت أعلم الناس بِهذا فِي دار الدُّنْيَا؟ فقالا لي صدقت، فنم نومة العروس لا بؤس عليك.
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعي، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، حدثني محمّد بن حمّاد المقرئ، حدثنا وهب ابن بيان قَالَ: رأيتُ يزيد بْن هارون فِي المنام فقلت: يا أَبَا خَالِد أليس قد مت؟ قَالَ:
أَنَا فِي قبري وقبري روضة من رياض الجنة.
من أهل واسط. سمع يحيى بن سعيد الأنصاري، وسليمان التيمي، وعاصما
الأحول، وحُميدًا الطويل، وداود بْن أَبِي هند، وعبد اللَّه بْن عون، وحسينًا المعلم، وحجاج بن أبي زينب، وعوام بن حوشب، وحجاج بن أرطاة، وبَهْز بن حكيم، وهشام بن كيسان، وأبا غسان محمد بن مطرِّف، وشعبة بن الحجاج، ومحمد بن عمرو الليثي، والحمادين، وخلقًا سواهم. روي عنه أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبو خيثمة، وأبو بكر بْن أبي شيبة، وخلف بن سالِم، وأحْمد بن منيع، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، ويعقوب الدورقي، ومحمد بن حسان الأزرق، والحسن بن الصباح البزار، والحسن بْن مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاح الزعفراني، والحسن بن عرفة، وسعدان بن نصر، والحسن بن مكرم، والحارث بن أبي أسامة، في آخرين. قدم يزيد بغداد وحدث بِها، ثُم عاد إلى واسط فمات بِهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدثنا حنبل بن إسحاق قال: حدثني أبو عبد الله قال: يزيد بن هارون، ثمان عشرة- يعني ولد سنة ثَمان عشرة ومائة.
أخبرنا علي بن أحمد الرزاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا بشر بن موسى، حَدَّثَنَا عمرو بْن علي قَالَ:
وأَخْبَرَنَا ابن رزق قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى المزكى، أخبرنا محمّد ابن إسحاق بن السراج قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بْن حسان يَقُولُ: ولد يزيد بْن هارون سنة ثَمان عشرة ومائة.
قلت: ويُقال إن أصله كَانَ من بخارى.
أخبرني أبو الوليد الدربندي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ ببخارى، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بن موسى البزّاز، حَدَّثَنَا أَبُو علي الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل الفارسي قَالَ: سمعت أبا معشر- حمدويه بن الخطاب- يَقُول:
سمعتُ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن يَقُول: كَانَ يزيد بْن هارون بُخاريًا.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا إبراهيم بن محمّد المزكى، أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قَالَ: سمعت أَبَا يَحْيَى يَقُولُ: كَانَ يزيد بْن هارون يخضب خضابًا قانيًا إلى الحمرة ما هُوَ.
أخبرني ابن التّنوخيّ، حدثنا علي بن عمر الختلي، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن بُنان قَالَ:
سمعتُ أَبَا عَبْد الله حُبَيْش بْن مُبَشِّر يَقُولُ: سَمِعْتُ يحيى بْن معين- وسئل عَنْ يزيد ابن هارون- هو مثل هشيم، وإسماعيل بن عُلية؟ قَالَ: نعم! إلا أنَّهم أقل خطأ منه.
أَخْبَرَنَا بُشْرَى بْن عَبْد الله الرومي، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا محمّد ابن جعفر الراشدي. وَأَخْبَرَنَا إبراهيم بْن عمر البرمكي، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ الدّقّاق، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد الجوهري. قالا: حَدَّثَنَا أَبُو بكر الأثرم قَالَ:
سَمِعْت أَبَا عَبْد الله ذكر سماع يزيد بْن هارون من سَعِيد بْن أبي عَروبة فضعَّفه.
وقال: كذا وكذا حديثا خطأ.
أخبرنا الصيمري، حدثنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدثنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ، حَدَّثَنَا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بْن معين يَقُولُ: يزيد بْن هارون لَيْسَ من أصحاب الحديث، لأنه كَانَ لا يميز ولا يبالي عمن روى. قال أَحْمَد بْن زُهير: سمعتُ أبي يَقُولُ: كَانَ يُعاب عَلَى يزيد بْن هارون حيث ذهب بصره: أَنَّهُ ربما سُئِلَ عَن الحديث لا يعرفه فيأمر جارية لَهُ فتُحفظه من كتابه.
قلت: قد وصف غير واحد من الأئمة حفظ يزيد بْن هارون كَانَ لحديثه وضبطه لَهُ، ولعله ساء حفظه لما كُفّ بصره، وعلت سنه، فكان يستثبت جاريته فيما شك فِيهِ ويأمرها بمطالعة كتابه لذلك.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفتح منصور بن ربيعة الزهري الخطيب- بالدينور- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ راشد، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن الجارود قَالَ: قال علي بن الْمَدِينِيّ: لَم أر أحفظ من يزيد بْن هارون.
وقال فِي موضع آخر: ما رأيتُ أحدًا أحفظ عَن الصِّغَار والكبار من يزيد بْن هارون.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا إبراهيم بن محمّد المزكى، أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن يزيد القنطري، وعبدوس بْن مالك العطّار يقولان:
سمعنا علي بن الْمَدِينِيّ يَقُولُ: ما رأيتُ رجلا قط أحفظ من يزيد بْنَ هَارُونَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: سمعت أَبَا منصور مُحَمَّد بْن القاسم العتكي يَقُولُ: سمعتُ أَحْمَد بْن سلمة يَقُولُ: سمعتُ مُحَمَّد بْن رافع يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن يَحْيَى يَقُولُ: كَانَ بالعراق يُعد أربعة من الحفاظ شيخان وكهلان. فأما الشيخان فهشيم، ويزيد بْن زريع. وأمّا الكهلان فوكيع ويزيد بْن هارون، وأحفظ الكهلين يزيد بْن هارون.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد محمد بن موسى الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن أبي طالب يَقُولُ: سمعتُ مُحَمَّد بْن قدامة الجوهري يَقُولُ:
وَأَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن قُدامة قَالَ: سمعتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: أحفظُ خمسة وعشرين ألف إسناد ولا فَخر، وأنا سيد من روى عَن حمّاد بْن سلمة ولا فَخر.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا المزكى، أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قَالَ: سمعت علي بن شعيب يقول: سمعت يزيد بن هارون يَقُولُ: أحفظُ أربعة وعشرين ألف حديث إسناد ولا فخر.
وقال السراج سَمِعْتُ عَلِيّ بْن شعيب يَقُولُ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: أحفظ للشاميين عشرين ألف حديث ولا أسأل عنها.
أخبرني الأزهري، حدثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن أبي الطيب يَقُولُ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون- وقيل له إن هارون المستملي يريد أن يدخل عليك- يعني فِي حديثك فتحفظ، فبينا هُوَ كذلك إذ دخل هارون فسمع يزيد نغمته فقال: يا هارون بلغني
أنك تريد أن تدخل علي فِي حديثي فاجتهد جهدك لا أرعى الله عليك إن أرعيت، أحفظ ثلاثة وعشرين ألف حديث ولا بَغي. لا أقامني الله إن كنت لا أقوم بحديثي.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا دَعْلَجِ بْنِ أَحْمَدَ، أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأبار قال: سمعت أَحْمَد بْن خَالِد قَالَ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: سَمِعْتُ حديث الفتون مرة فحفظته. قَالَ: وسمعت يزيد يَقُولُ: أحفظُ عشرين ألفًا، فمن شاء فليدخل فيها حرفًا.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا المزكى، أَخْبَرَنَا السراج قَالَ: سَمِعْتُ زياد بْن أيوب يَقُولُ: ما رأيتُ ليزيد بْن هارون كتابًا قط ولا حديثا إلا حفظًا وكنتُ رَأَيْته قبل أن يذهب بصره بواسط.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حَدَّثَنَا الفضل- يعني ابن زياد- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد الله وقيل لَهُ: يزيد بْن هارون لَهُ فقه؟
قَالَ: نعم! ما كَانَ أفطنه وأذكاه وأفهمه. قِيلَ لَهُ: فابن عُلَيَّة؟ فقال: كَانَ لَهُ فقهٌ، إلا أني لم أخبره خُبري يزيد بن هارون، وما كَانَ أجمع أمر يزيد، صاحب صلاة حافظ متقن للحديث، صرامة وحسن مذهب.
أَخْبَرَنِي الخلال، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن عُفَيْر قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن سنان: ما رأينا عالِمًا قَط أحسن صلاة من يزيد بْن هارون يقوم كأنه أسطوانة، كَانَ يصلي بين المغرب والعشاء والظهر والعصر لَم يكن يَفتُر من صلاة الليل والنهار هُوَ وهشيم، جميعا معروفين بطول الصّلاة في الليل والنهار.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، أخبرنا الوليد بن بكر الأندلسي، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجليّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَاسِطِيٌّ سلمى، يكنى أبا حذيفة. ثَبْتٌ فِي الْحَدِيثِ، وَكَانَ مُتَعَبِّدًا حَسَنَ الصَّلاةِ جِدًّا. وَكَانَ قَدْ عَمِيَ، كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى سِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً، بِهَا مِنَ الْجَوْدَةِ غَيْرُ قَلِيلٍ. وَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أَحْفَظَ الْقُرْآنَ حَتَّى لا أُخْطِئَ فِيهِ شَيْئًا لِئَلا يُدْرِكَنِي مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَوَارِجِ «يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمْيَةِ»
. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بن حمدون القاضي بيعقوبا، أخبرنا عبيد الله
ابن أحمد بن علي المقرئ، حدثنا محمد بن مخلد قال: سمعت محمد بْن الْعَبَّاس يَقُولُ: سَمِعْتُ عاصم بْن علي يَقُولُ: كنت أَنَا ويزيد بْن هارون عِنْدَ قَيس- يعني ابن الربيع- سنة إحدى وستين. فأمَّا يزيد فكان إذا صلى العَتمة لا يزالُ قائمًا حتى يُصلي الغداة بذلك الوضوء، نيفًا وأربعين سنة، وأمّا قيس فكان يقوم ويصلي، وينام ويقوم وينام. وأمّا أَنَا فكنتُ أُصلي أربع رَكعات وأقعد أسبح.
أَخْبَرَنَا العتيقي، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ الكاتب- بِمصر- قَالَ:
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الملك- بدمشق- قَالَ: سمعتُ أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الصائغ- بِمكة- يَقُولُ: قَالَ رجلٌ ليزيد بْن هارون؟ كم حِزبُك من الليل؟
فقال: وأنامُ من الليل شيئًا؟ إذًا لا أنام الله عَيْني.
أَخْبَرَنَا ابن رزق، أخبرنا المزكى، أَخْبَرَنَا السراج قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن مُحَمَّد الزعفراني يَقُولُ: ما رأيتُ أحدًا قط خيرًا من يزيد بْن هارون.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أحمد الرزاز، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى النيسابوري، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَزْهَرِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن عرفة بْن يزيد العبدي يَقُولُ: رأيتُ يزيد بْن هارون بواسط وهو من أحسن الناس عَيْنين. ثُمَّ رَأَيْته بعين واحدة. ثُمَّ رأيته وقد ذهبت عيناه. فقلتُ: يا أَبَا خَالِد، ما فعلت العينان الجميلتان؟
قَالَ: ذهبَ بِهَما بُكاء الأسحار.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحِيرِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّد بْن مُوسَى الصيرفِي قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّد بْن يَعْقُوبَ الأصم، حدثنا يحيى بن أبي طالب.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن شاذان الواسطي- وكان محدثًا من أحفظ الناس- قَالَ: حدَّثَنِي ابن عرعرة قَالَ: حدَّثَنِي ابن أكثم قَالَ: قَالَ لنا المأمون: لولا مكان يزيد بْن هارون لأظهرتُ القرآن مخلوق. فقال بعض جلسائه: يا أمير المؤمنين ومن يزيد حتى يكون يُتَّقَى؟ قَالَ: فقال: ويحك، إني لا أتقيه لأن لَهُ سلطانًا أو سلطنة، ولكن أخافُ إن أظهرته فيردَّ علي، فيختلف الناس وتكون فتنة، وأنا أكرهُ الفتنة. قَالَ: فقال لَهُ الرجل فأنا أخبرُ لك ذَلِكَ منه. قَالَ: فقال لَهُ: نعم! قال: فخرج إلى واسط فجاء إلى يزيد فدخل عَلَيْهِ المسجد، وجلسَ إِلَيْهِ. فقال لَهُ: يا أَبَا خَالِد إنّ أمير المؤمنين يُقرئك السلام ويقول لك: إني أريد أن أظهرَ القرآن مخلوق قَالَ: فقال: كذبت عَلَى أمير المؤمنين،
أمير المؤمنين لا يحمل الناس على مالا يعرفونه، فإن كنت صادقًا فاقعد إلى المجلس فإذا اجتمعَ الناس فقل. قَالَ: فلمّا أن كَانَ من الغد اجتمع الناس فقام فقال: يا أَبَا خَالِد رضي الله عنك إن أمير المؤمنين يُقرئك السلام ويقول لك: إني أردت أن أظهر القرآن مخلوق فما عندك فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: كذبت عَلَى أمير المؤمنين، أمير المؤمنين لا يحمل الناس على مالا يعرفونه وما لَم يَقل بِهِ أحد. قَالَ فقدم. فقال: يا أمير المؤمنين كنت أنت أعلم قَالَ: كَانَ من القصة كيت وكيت، قال: فقال له: ويحك تلعّب بك.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا المزكى، أَخْبَرَنَا السراج قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السَّكَنِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: سمعت شاد بْن يَحْيَى يَقُولُ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يحلفُ بالله الَّذِي لا إله إلا هُوَ أنّ من قَالَ القرآن مخلوق فهو كافر.
وقال السراج: سمعتُ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرحيم قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيل بْن عُبيد- وهو ابن أبي كريمة- قَالَ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: القرآن كلامُ الله لعن الله جهمًا، ومن يَقُولُ بقوله كَانَ كافرًا جاحدًا.
أَخْبَرَنِي أَبُو الفتح مُحَمَّد بْن المظفر بْن مُحَمَّد بْن غالب الدينوري- بها- أخبري سعد بن عبد الله المشعبي، أخبرنا أبو القاسم بن زيد، حَدَّثَنَا عُمَر بْن سهل قَالَ:
امتدح شاعرٌ يزيد بن هارون، فأنشأ يقول:
شفي الغليل إذا ما قال حَدَّثَنَا ... يحيى فيا لك من ذي منطق حسن
أو قال أَخْبَرَنَا داود مبتدئًا ... والعلم والدر منظومان في قرن
يعني- يحيى بن سعيد الأنصاري، وداود بن أبي هند.
أخبرني الأزهري، حدثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدثنا جدي قال: رأيت عليّ بن الجندي الحراني الَّذِي وفد عَلَى يزيد بْن هارون، لحديث الفتون يسمعه منه فقيل لَهُ: إنه قد حلف أن لا يحدث بِهِ، فقال قصيدة يستخرج بِهَا الحديث منه. فقام بالقرب منه، فبلغني أَنَّهُ لما أنشدها يزيد ابن هارون استمع لَهُ فكان إذا مر فيها بمدحه نهاه ويعض يده، ثُمَّ يستمع لَهُ بعد حتى أتمها فقال:
دع عنك ما قد مضى في سالف الزمن ... من نعت ربع ديار الحي والدمن
واذكر مسيرك في غبراء موحشة ... من الفدافد والقيعان والمنن
من كل بلقعة، ديمومة سحق ... تنائف قفرة داوية شزن
عسفتها بعلندات مركبة ... موارة الضبع ممراح من السمن
تستن بين قراريد الآكام إذا ... ترقرق الآل عند الناظر الفطن
وفي الظلام إذا ما الليل ألبسها ... جلبابه، وتَجلى عين ذي الوسن
حتى إذا ما مضى شهر وقابلها ... شهر، وعاودها وهن عن الظعن
ظلت تشكي إلي الأين مرجفة ... فقلت: مهلا لحاك الله، لا تَهني
ما زلت أتبعها سيرًا وأدأبُها ... نصًا، وأحضرها بالسير والمشن
حتى تفرقت الأوصال وانجدلت ... بين الرمال على الأعفاج والثفن
فجئت أهوى على حيزوم طافية ... في لجة الماء لا ألوي على شجن
إلى يزيد بن هارون الذي كملت ... فيه الفضائل أو أشفى على ختن
حتى أتيت إمام الناس كلهم ... في العلم والفقه والآثار والسنن
والدين والزهد والإسلام قد علموا ... والخوف لله في الإسرار والعلن
برًّا، تقيًا، نقيًا، خاشعًا، ورعًا ... مبرأ من ذوي الآفات والأُبَن
ما زال مذ كان طفلا في شبيبته ... حتى علاه مشيب الرأس والذقن
مباركًا هاديًا للناس مُحتسبا ... على الأنام، بلا منّ ولا ثَمن
إذا بدا خلت بدرًا عند طلعته ... نورًا حباه به الرحمن ذو المنن
يظل منعفرًا لله مبتهلا ... يدعو الإله بقلب دائم الحَزَن
يشفي القلوب إذا ما قال أَخْبَرَنَا ... يَحيى، فيا لك من ذي منظر حسن
أو قال أَخْبَرَنَا داود مبتدئًا ... أو عاصم، تلك منه أعظم الفتن
أو قال أَخْبَرَنَا التيمي منفردًا ... فالعلم والدر مقرونان في قرن
فإن بدا بِحميد، ثُم أتبعه ... عوّام، خلت بنا جنًّا من الجنن
وإن بدا بابن عون، أو بصاحبه ... فالمسّ ثَم علينا غير مؤتَمَن
أو قال حجاج، فالحجاج غايتنا ... أو الحسين سها ذو اللب والفطن
والأشجعي وعمرو عند ذكرهما ... ينسى الغريب جَميع الأهل والوطن
وبعد ذلك أشياخ له أخر ... مثل المصابيح أوهى ذكرهم بدني
بَهْز، وعوف، وسفيان، وغيرهم ... محمد، وهشام، أزين الزين
والعزرمي وإسماعيل أصغر من ... يروي له هكذا من كان فليكن
يا طالب العلم، لا تعدل به أحدًا ... قد كنت في غفلة عنه وفي ددن
بقية الناس من هذا يعادله؟ ... في سالف الدهر أو في غابر الزمن
يلقى إليه رفاق الناس عامدة ... على المحامل والأقتاب والسفن
من الجزيرة أرسالا متابعة ... ومن خراسان، أهل الريف والمدن
ومن حجاز هناك العير قاصدة ... ومن عراق، ومن شام، ومن يمن
يأتون عنه غزير العلم مُحتسبًا ... ترى الحديث لديه غير مُخْتَزِن
يزيد، أصبحت فوق الناس كلهم ... شيئًا خصصت به يا واسع العطن
ساويت شعبة والثوري قد علموا ... وابن المبارك، لم يصبح على عين
إليك أصبحت من حَرَّان مغتديًا ... شوقا إليك، لعل الله يرْحَمُنِي
إن الذي جئت أبغيه وأطلبه ... منك الفتون حديثًا كي تُحدثنِي
عجل سراحي، جزاك الله صالِحة ... وقل نعم! ونعيمًا، يا أبا الحسن
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد الصيرفي قَالَ: سمعت أبا الْعَبَّاس محمد بن يعقوب الأصم يَقُولُ:
سمعتُ أَبَا بَكْر يَحْيَى بْن أبي طالب يَقُولُ: كُنَّا فِي مجلس يزيد- يعني ابن هارون- فألحُّوا عَلَيْهِ من كل جانب يسألونه عَن شيء، وهو ساكتٌ لا يُجيب حتى إذا سكتوا قَالَ يزيد: إنا واسطيون. يعني ما قِيلَ: تغافل كأنك واسطي.
قرأتُ عَلِيّ الجوهري، عَنْ أَبِي عُبَيْد اللَّهِ المرزباني قَالَ: أَخْبَرَنِي الصولي قَالَ: كُنَّا يومًا عِنْدَ أبي الْعَبَّاس المبرد. فقال لَهُ غلام لإسماعيل القاضي: كلمت فلانا فتغافلَ واسطية. فسئل أَبُو الْعَبَّاس عَن هذا فقال: كتبَ الحجاج إلى عَبْد الملك إني قد بنيتُ مدينة عَلَى كرش دجلة فكان يصاح بالواحد منهم يا كرش فيتغافل ويقول أنا واسطي ولست بكرش. ثُمَّ أنشدنا الفضلُ الرقاشي:
تركت عبادتي ونسيت ربي ... وقدما كنت بي برًا حفيّا
فما هذا التغافل يا بن عيسى ... أظنك صرت بعدي واسطيا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسن بْن أَحْمَد الأهوازي، حدثنا أبو أحمد الْحَسَن بن أَحْمَدَ بْنِ عَبْد اللَّهِ بْن سعيد العسكريّ، حدثنا الحسن بن علي السراج، حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي قال: سمعتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: لا ينبل أحد من أهل واسط بواسط لأنَّهم حُسَّاد، وقيل: ولا أنت يا أَبَا خَالِد؟ فقال: ما عرفتُ حتى خرجت من واسط.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو بكر الحيرى، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا يحيى بن أبي طالب قال: سمعت يزيد بْن هارون فِي المجلس ببغداد. وكان يُقال: إنَّ فِي المجلس سبعين ألفًا.
أخبرنا ابن الفضل، أَخْبَرَنَا جعفر الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحضرميّ، حَدَّثَنَا جَابِر بْن كردي قَالَ: وُلدَ يزيد بْن هارون سنة سبع عشرة أو ثَمان عشرة.
وقال الحضرمي: حَدَّثَنَا جَابِر بْن كردي قَالَ: مات يزيد بْن هارون سنة ست ومائتين وكان واسطيًا يُكنى أَبَا خَالِد.
أَخْبَرَنَا حمزة بْن محمد بن طاهر قَالَ: حدثنا الوليد بن بكر الاندلسي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجليّ، حدَّثَنِي أبي قَالَ: يزيد بْن هارون يُكنى بابي خَالِد ثقةٌ، وكان أعمى مُتنسكًا عابدًا. تُوُفِّيَ سنة ست ومائتين.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا المزكى، أَخْبَرَنَا السراج قَالَ: سمعتُ أَبَا يَحْيَى وإسماعيل ابن أبي الحارث يقولان: مات يزيد بْن هارون سنة ست ومائتين.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بْن سُفْيَان قَالَ: قَالَ مُحَمَّد- يعني ابن فضل: مات يزيد أول سنة ست ومائتين، وولد سنة سبع عشرة ومائة.
أخبرني الأزهري، حدثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: يزيد بْن هارون ثقةٌ وهو مولى لبني سُليم، وهو يزيد بْن هارون بْن زاذي. وكان ممن يُعدُّ من الآمرين بالمعروف والنَّاهين عَن المنكر. تُوُفِّيَ بواسط غرة شهر ربيع الآخر سنة ست ومائتين.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَد بْن أَبِي علانة المقرئ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ، حدثنا أبو محمّد السّكّري، حدثنا يحيى بن إسحاق ابن إبراهيم بن سافري، حدَّثَنِي أَبُو نافع ابْن بِنْت يَزِيد بْن هارون قَالَ: كنت عِنْدَ أَحْمَد بْن حنبل وعنده رجلان- وأحسبه قَالَ شيخان- قَالَ: فقال أحدهما: يا أَبَا عَبْد اللَّهِ رأيت يزيد بْن هارون فِي المنام، فقلت لَهُ يا أَبَا خَالِد، ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غفر لي وشفعني وعاتبني. قَالَ: قلت غفر لك وشفَّعك قد عرفت. ففيم عاتبك؟ قَالَ قَالَ لي: يا يزيد أتحدث عَن جرير بْن عثمان؟ قَالَ: قلتُ يا رب ما علمتُ إلا خيرًا. قَالَ:
يا يزيد إنه كَانَ يُبغضُ أَبَا حسن عَلِيّ بْن أبي طالب. قَالَ: وقال الآخر: أنا رأيت يزيد ابن هارون فِي المنام، فقلت لَهُ: هَلْ أتاك مُنكر ونَكير؟ قَالَ: إي والله: وسألاني؟ من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ قَالَ: فقلت ألمثلي يُقال هذا؟ وأنا كنت أعلم الناس بِهذا فِي دار الدُّنْيَا؟ فقالا لي صدقت، فنم نومة العروس لا بؤس عليك.
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعي، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، حدثني محمّد بن حمّاد المقرئ، حدثنا وهب ابن بيان قَالَ: رأيتُ يزيد بْن هارون فِي المنام فقلت: يا أَبَا خَالِد أليس قد مت؟ قَالَ:
أَنَا فِي قبري وقبري روضة من رياض الجنة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=100124&book=5528#301bb0
يزيد أبو الطيب روى عن عمر بن عبد العزيز روى
عنه مغيرة بن مقسم الضبي سمعت ابى يقول ذلك.
عنه مغيرة بن مقسم الضبي سمعت ابى يقول ذلك.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=154728&book=5528#818373
يزيد بن معاوية بن صخر أبي سفيان
ابن حرب بن أمية بن عبد شمس أبو خالد الأموي بويع له بالخلافة بعد أبيه بعهد منه.
عن أبي خالد، عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.
قال الزبير بن بكار: ولد معاوية بن أبي سفيان يزيد، وأمه: ميسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن حارثة بن جناب. بايع له معاوية من بعده، وكان أول من جعل ولي عهد في صحته، وكان معاوية يقول: لولا هوائي في يزيد لأبصرت قصدي. وتمثل له وهو ينظر إليه: من الطويل
إن مات لم تصلح مزينة بعده ... فنوطي عليه يا مزين التّمائما
وخرج الحسين بن علي إلى الكوفة ساخطاً لولاية يزيد بن معاوية، فكتب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد، وهو واليه على العراق: إنه قد بلغني أن حسيناً سار إلى الكوفة، وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلدان، وابتليت به من بين العمال، وعندها تعتق، أتعود عبداً كما تعتبد العبيد.
فقتله عبيد الله بن زياد، وبعث برأسه إليه، فلما وضع بين يديه تمثل قول الحصين بن الحمام المري: من الطويل
يفلّقن هاماً من رجالٍ أحبّةٍ ... إلينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
ويزيد الذي أوقع بأهل المدينة، بعث إليهم مسلم بن عقبة المري، فأصابهم بالحرة.
ولد يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان سنة ست وعشرين. وقيل: ولد سنة سبع وعشرين في بيت راس.
قال سعيد بن حريث: كان يزيد بن معاوية رجلاً كثير اللحم عظيم الجسم، كثير الشعر.
وذكر سعيد بن كثير بن عفير أنه كان جميلاً، طويلاً، ضخم الهامة، مخدد الأصابع، غليظها مجدراً.
قال زهير بن بشر الكلبي: تزوج معاوية ميسون بنت بحدل، فطلقها وهي حامل بيزيد، فرأت في النوم كأن
قمراً خرج من قبلها، فقصت رؤياها على أمها، فقالت: لئن صدقت رؤياك لتلدن من يبايع له بالخلافة.
قال عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عتبة بن أبي سفيان.
جلست ميسون بنت بحدل الكلبية ترجل ابنها يزيد بن معاوية، وميسون يومئذ مطلقة، ومعاوية وفاختة بنت قرظة ينظران إليهما، ويزيد وأمه لا يعلمان، فلما فرغت من ترجيله نظرت إليه فأعجبها، وقبلت بين عينيه، فقال معاوية بيتاً من شعر، ومضى يزيد، فأتبعته فاختة بصرها، وقالت: لعن الله سواد ساقي أمك! فقال معاوية: أقد رأيتها؟ أما والله على ذلك لما فرجت عنه وركاها خير مما تفرجت عنه وركاك وكان لمعاوية من بنت قرظة عبد الله، وكان أحمق الناس قالت فاختة: لا والله، ولكنك تؤثر هذا عليه، فقال: سوف أبين لك ذلك حتى تعرفيه قبل أن تقومي من مجلسك؛ يا غلام، ادع لي عبد الله، فدعاه، فقال له معاوية: أي بني، إني قد أردت أن أسعفك، وأن أصنع بك ما أنت أهله، فاسأل أمير المؤمنين، فلست سائلاً شيئاً إلا أعطاه، فقال: حاجتي أن تشتري لي كلباً فارهاً، وحماراً، فقال معاوية: يا بني، أنت حمار، ويشترى لك حمار! قم فاخرج. قال: كيف رأيت؟ يا غلام، ادع لي يزيد، فدعاه، فقال: يا بني، إن أمير المؤمنين قد أراد أن يسعفك، ويوسع عليك، ويصنع بك ما أنت أهله، فاسأله ما بدا لك. قال: فخر ساجداً، ثم قال حين رفع رأسه: الحمد لله الذي بلغ أمير المؤمنين هذه المدة، وأراه في هذا الرأي. حاجتي أن تعقد لي العهد من بعدك، وتوليني العام صائفة المسلمين، وتحسن جهازي، وتقويني، فتكون الصائفة أول أسفاري. وتأذن لي في الحج إذا رجعت، وتوليني الموسم، وتزيد أهل الشام عشرة دنانير لكل رجل، وتجعل ذلك بشفاعتي، وتفرض لأيتام بني جمح، وأيتام بني سهم، وأيتام بني عدي. قال: مالك ولبني عدي؟ قال: لأنهم حالفوني، وانتقلوا إلى داري. قال معاوية: قد فعلت، إذا رجعت، ذلك بك، وقبل وجهه، وقال لابنه قرظة: كيف رأيت؟؟ قالت: يا أمير المؤمنين، أوصه بي، فأنت أعلم به. ففعل.
وقد روي هذا الخبر من طريق آخر، وفيه: أن عبد الله سأل مالاً، وأرضاً، وأن
يزيد قال لمعاوية: أعتقني من النار، أعتق الله رقبتك منها، فقال له: وكيف؟ قال: لأني وجدت في الأثر أنه من تلقد أمر الأمة ثلاثة أيام حرمه الله على النار؛ فاعهد إلي من بعدك.
في كتاب عبد الله بن جعفر العامري قال: ذكروا أنه كان عند معاوية بن أبي سفيان خطباء العرب، فسألهم عن المروءة، فقال له المغيرة بن شعبة: الدماثة، والرماثة، فقال معاوية: وكيف ذاك؟ قال: الدماثة في الأخلاق سنة أخلاقك، والرماثة حين تستهل في الحكم، فقال معاوية: بخ بخ، وليست هناك. فقال صعصعة بن صوحان: الصبر والصمت، فقال معاوية: وكيف ذاك؟ قال: أن تصبر على ما غاظك، وأن تصمت إلى حين ينبغي لك الكلام. فقال معاوية: بخ بخ، وليست هناك. فقال أبو الأسود الدؤلي: سخاء النفس، وحسن الخلق، فقال: بخ بخ، وليست هناك. فقال عمرو بن العاص: المال، والوالي، قال: وكيف ذاك؟ قال: لا يصلح المال إلا بوال، ولا وال إلا بمال، قال: بخ بخ، وليست هناك. فقال يزيد بن معاوية: أنا أخبرك، فأعرض عنه، ثم أعاد الثانية، فأعرض عنه، ثم أعاد الثالثة، فقال: وكيف ذاك؟ قال: الحلم إذا ذكرت، وإذا أعطيت شكرت، وإذا ابتليت صبرت، وإذا عصيت غفرت، وإذا أحسنت استبشرت، وإذا أسأت استغفرت، وإذا وعدت أنجزت. فقال معاوية: بأبي أنت وأمي، أنت مني وأنا منك.
وقيل: قدم وفد من وفود العرب على معاوية، فقال لهم: ما تعدون المروءة فيكم؟ قالوا: العفاف، والدين، والإصلاح في المعيشة. فقال معاوية: اسم يا يزيد.
عن العتبي قال: رأى معاوية يزيد يضرب غلاماً له، فقال: سوءة لك، أتضرب من لا يستطيع أن يمتنع عليك؟! والله لقد منعتني القدرة من ذوي الإحن، وإن أحق من عفا لمن قدر!
وعن العتبي قال: وفد زياد على معاوية، فأتاه بهدايا، وأموال عظام، وسفط مملوء جوهراً لم ير مثله، فسر معاوية بذلك سروراً شديداً، فلما رأى زياد ذلك صعد المنبر، فقال: أنا والله أمير المؤمنين أقمت لك صعر العراق، وجبيت لك مالها، وألفظت لك بحرها.
فقام يزيد بن معاوية، فقال: إن تفعل ذلك يا زياد فنحن نقلناك من ولاء ثقيف إلى قريش، ومن القلم إلى المنابر، ومن زياد بن عبيد إلى حرب بن أمية.
فقال له معاوية: اجلس، فداك أبي وأمي! عن عطاء بن السائب قال:
غضب معاوية على ابنه، فهجره، فقال له الأحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين، أولادنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم سماء ظليلة وأرض ذليلة؛ إن غضبوا فأرضهم، وإن سألوا فأعطهم، ولا تكن عليهم قفلاً يملوا حياتك، ويتمنوا موتك.
وروى عمرو بن جبلة هذه الحكاية، وزاد فيها: فقال معاوية: لله درك، يا أبا بحر، ثم قال معاوية: يا غلام، ائت يزيد، فأقره مني السلام، وقل له: إن أمير المؤمنين قد أمر لك بمائة ألف درهم، ومائة ثوب. فقال يزيد للرسول: من عند أمير المؤمنين؟ قال: الأحنف، فقال يزيد: لا جرم، لأقاسمنه. فبعث إلى الأحنف بخمسين ألفاً، وخمسين ثوباً.
عن ابن عائشة، عن أبيه قال: كان يزيد بن معاوية في حداثته صاحب شراب، يأخذ مآخذ الأحداث، فأحس معاوية بذلك، فأحب أن يعظه في رفق، فقال: يا بني، ما أقدرك على أن تصير إلى حاجتك من غير تهتك يذهب بمروءتك، وقدرك! ثم قال له: يا بني، إني منشدك أبياتاً، فتأدب بها، واحفظها. فأنشده: من السريع
أنصب نهاراً في طلاب العلى ... واصبر على هجر الحبيب القريب
حتى إذا الليل أتى بالدّجى ... واكتحلت بالغمض عين الرّقيب
فباشر الليل بما تشتهي ... فإنّما الليل نهار الأريب
كم فاسقٍ تحسبه ناسكاً ... قد باشر الليل بأمرٍ عجيب
غطى عليه الليل أستاره ... فبات في أمن وعيش خصيب
ولذّة الأحمق مكشوفةٌ ... يشفي بها كلّ عدوّ غريب
عن محمد بن عمر القرشي، عمن أخبره قال: جاءت وفاة الحسن بن علي، وعبد الله بن عباس بباب معاوية، فخرج الرسول، فدعا ابن عباس، فقال الناس: حدث حدثٌ بالمدينة: قال ابن عباس: فلما دخلت عليه قال: يا بن عباس، أما علمت أن حسناً هلك؟ فقلت: إذا لا يسد الله حفرة قبره، قال: ما كانت سنه؟ فقلت: ما كان ميلاده خفاء، قال: إني لأظنه قد ترك أولاداً صغاراً، قال: هم عيال من كانوا وكان في عياله، قال: أصبحت اليوم سيد قومك. قلت: ما أبقى الله أبا عبد الله حسيناً، فلا. وخرج ابن عباس، وجاء الناس يعزونه إذ رفعت الخيل، وإذا يزيد بن معاوية قد أتاه ماشياً، فلما دنا أوسع له، فلم يرتفع، وجلس بين يديه، وقال: مجلس المعزي، لا مجلس المنئ. ثم ذكر الحسن، فقال: رحم الله أبا محمد أوسع الرحمة وأفسحها، وأعظم أجرك، وأحسن جزاءك، وعوضك من مصابك ما هو خير لك ثواباً، وخير عقبى. ثم قام، فأتبعه ابن عباس بصره، فقال: إذا ذهب آل حرب ذهب حلماء قريش، ثم تمثل: من الطويل
مغاضٍ عن العوراء لا ينطقونها ... وأهل وارثات الحلوم الأوائل
قال خليفة: وفيها يعني سنة خمسين غزا يزيد بن معاوية أرض الروم، ومعه أبو أيوب الأنصاري.
قال مصعب: كانت أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز عند يزيد بن معاوية، فأغزاه
معاوية إلى الطوانة، فأصابهم موم، فرجع يزيد، فقال: من البسيط
إذا اتكأت على الأنماط مرتفقاً ... بدير سمعان عندي أمٌ كلثوم
فما أبالي بما لاقت جموعهم ... بالفرقدانة من حمّى ومن موم
قال: فقال معاوية: لا جرم والله، لتخرجن، وليصيبنك ما أصابهم.
قال خليفة: وأقام الحج يعني سنة خمسين يزيد بن معاوية بعد أن قفل من أرض الروم.
وقال أبو بكر بن عياش: ثم حج بالناس يزيد بن معاوية سنة إحدى وخمسين، ثم حج بالناس يزيد بن معاوية سنة اثنتين وخمسين، ثم حج بالناس يزيد بن معاوية سنة ثلاث وخمسين.
عن عمر بن شبة قال: لما حج الناس في خلافة معاوية جلس يزيد بالمدينة على شراب، فاستأذن عليه ابن عباس والحسين بن علي، فأمر بشرابه فرفع. وقيل له: إن ابن عباس إن وجد ريح شرابك عرفه، فحجبه، وأذن للحسين، فلما دخل وجد رائحة الشراب مع الطيب، فقال: لله در طيبك هذا ما أطيبه، وما كنت أخشى أحداً يتقدمنا في صنعة الطيب، فما هذا يا بن معاوية؟ فقال: يا أبا عبد الله، هذا طيب يصنع بالشام. ثم دعا بقدح فشربه، ثم دعا بآخر، فقال: اسق أبا عبد الله يا غلام، فقال الحسين: عليك شرابك أيها المرء، فلا عين عليك مني. فشرب يزيد، وقال: من الهزج
ألا يا صاح للعجب ... دعوتك ثمّ لم تجب
إلى القينات والشّ ... هوات والصّهباء والطّرب
وباطيةٍ مكلّلةٍ ... عليها سادة العرب
وفيهن التي تبلت ... فؤداك ثم لم تثب
فنهض الحسين وقال: بل فؤادك يا بن معاوية تبلت! عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: خير أمتي القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم والله أعلم أذكر الثالث أم لا ثم يجيء قوم يحبون السمانة، ويشهدون قبل أن يستشهدوا.
عن زرارة بن أوفى قال: القرن عشرون ومائة سنة، فبعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قرن، فكان آخره موت يزيد بن معاوية.
عن عبد الله بن عمرو قال: ملك الأرض المقدسة: معاوية وابنه.
عن بكير بن الأشج: أن معاوية بن أبي سفيان قال ليزيد ابنه: كيف تراك فاعلاً إن وليت؟ قال: يمتع الله بك، قال: لتخبرني؟ قال: كنت والله يا أبه عاملاً فيهم عمل عمر بن الخطاب، قال: سبحان الله، يا سبحان الله! والله يا بني لقد جهدت على سيرة عثمان فما أطقتها! عن عبد الله بن عوف قال: أخذ الناس على معاوية حين بايعوه أن يسير بهم سيرة عمر بن الخطاب.
عن مروان بن أبي سعيد قال: قال معاوية ليزيد وهو يوصيه عند الموت: يا يزيد، اتق الله؛ فقد وطأت لك هذا الأمر، ووليت من ذلك ما وليت، فإن يك خيراً فأنا أسعد به، وإن كان غير ذلك شقيت به؛ فارفق بالناس، وأغمض عما بلغك من قول تؤذى به، وتنتقص به، وطأ عليه يهنك عيشك، وتصلح لك رعيتك. وإياك والمناقشة، وحمل الغضب، فإنك تملك نفسك ورعيتك. وإياك وجفوة أهل الشرف، واستهانتهم، والتكبر عليهم. لن لهم ليناً بحيث لا يروا منك ضعفاً، ولا جوراً، وأوطئهم فراشك، وقربهم إليك، وأدنهم منك؛ فإنهم يعلون لك حقك. ولا تهنهم، ولا تستخفن بحقهم فيهينوك، ويستخفوا بحقك. وليتقوا فيك، فإذا أردت أمراً فادع ذوي السنين والتجربة من أهل الخير من المشايخ، وأهل التقوى، فشاورهم، ولا تخالفهم. وإياك والاستبداد برأيك؛ فإن الرأي ليس في صدر واحد. وصدق من أشار عليك إذا حملك على ما تعرف، واخزن ذلك عن نسائك وخدمك. وشمر إزارك، وتعاهد جندك، وأصلح نفسك يصلح لك الناس، لا تدع لهم فيها مقالاً؛ فإن الناس نزاع إلى الشر. واحضر الصلاة؛ فإنك إذا فعلت ما أوصيك به عرف الناس لك حقك، وعظمت مملكتك، وعظمت في أعين الناس. واعرف شرف أهل المدينة ومكة؛ فإنهم أصلك وعشيرتك. واحفظ لأهل الشام شرفهم، فإنهم أنصارك وحماتك وجندك الذين بهم تصول، وتنتصر على أعدائك، وتصل إلى أهل طاعتك. واكتب إلى أهل أمصارك بكتاب تعدهم فيه منك المعروف؛ فإن ذلك ينشط آمالهم. وإن وفد عيك وافد من الكور كلها فأحسن إليهم، وأكرمهم؛ فإنهم لمن وراءهم. ولا تسعف قول قاذف، ولا عاجل؛ فإني رأيتهم وزراء سوء.
ومن وجه آخر أن معاوية قال ليزيد: إن لي خليلاً من أهل المدينة فأكرمه. قال: ومن هو؟ قال: عبد الله بن جعفر. فلما وفد بعد موت معاوية على يزيد أضعف جائزته التي كان معاوية يعطيه إياها، وكانت جائزته على معاوية ستمائة ألف، فأعطاه يزيد ألف ألف. فقال له: بأبي أنت وأمي، فأعطاه ألف ألف أخرى. فقال له ابن جعفر: والله لا جمع أمر لأحد بعدك!
ولما خرج ابن جعفر من عند يزيد وقد أعطاه ألفي ألف رأى على باب يزيد بخاتي مبركات، قد قدمن عليه هدية من خراسان، فرجع عبد اله بن جعفر إلى يزيد، فسأله منها ثلاث بخاتي ليركب عليها إلى الحج والعمرة، وإذا وفد إلى الشام على يزيد. فقال يزيد للحاجب: ما هذه البخاتي التي بالباب؟ ولم يكن شعر بها فقال: يا أمير المؤمنين، هي أربعمائة بختية جاءتنا تحمل أنواع الألطاف وكان عليها أنواع من الأموال كلها فقال: اصرفها إلى أبي جعفر بما عليها. فكان عبد الله بن جعفر يقول: أتلومونني على حسن الرأي في هذا؟! يعني يزيد.
وقد كان يزيد فيه خصاله محمودة من الكرم والحلم والفصاحة والشعر والشجاعة وحسن الرأي في الملك، وكان حسن المعاشرة. وكان فيه أيضاً إقبال على الشهوات، وترك بعض الصلاة في بعض الأوقات.
عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يكون خلف بعد ستين سنة " أضاعُوا الصَّلاةَ، واتَّبعُوا الشَّهَواتِ فسوفَ يَلْقَون غَيّاً "، ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافق وفاجر.
قال الوليد بن قيس: المنافق كافر به، والفاجر يتأكل به، والمؤمن يعمل به.
قال المغيرة بن شعبة: لقد وضعت رجلي معاوية في غرز طويل غيه على أمة محمد. يعني بيعة يزيد.
ولما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية، فأرادوه على خلع يزيد، فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر،
ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب، فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته، وأقمت عنده، فرأيته مواظباً على الصلاة، متحرياً للخير، يسأل عن الفقه، ملازماً للسنة. قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعاً لك، فقال: وما الذي يخاف مني؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا.
ولما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله، ثم تشهد، ثم قال: أما بعد فإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، يقال له: هذه غدرة فلان. وإن من أعظم الغدر إلا يكون الإشراك بالله أن يبايع رجل رجلاً على بيع الله ورسوله، ثم ينكث بيعته، فلا يخلعن أحد منكم يزيد، ولا يسرعن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيني وبينه.
عن يزيد بن أسلم، عن أبيه أن ابن عمر دخل وهو معه على ابن مطيع، فلما دخل عليه قال: مرحباً بأبي عبد الرحمن، ضعوا له وسادة، فقال: إنما جئتك لأحدثك حديثاً سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول: من نزع يداً من طاعة فإنه يأتي يوم القيامة لا حجة له، ومن مات مفارق الجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية.
قال علي بن الحسين: دخلنا دمشق بعد أن شخصنا من الكوفة، فإذا الناس مجتمعون بباب يزيد، فأدخلت عليه وهو جالس على سرير، وعنده الناس ساكتين، من أهل الشام، ومن أهل العراق والحجاز. وكنت قدام أهل بيتي، فسلمت عليه، فقال: أيكم علي بن الحسين؟
فقلت: أنا، فقلت: ادنه، فدنوت، ثم قال: ادنه، فدنوت حتى على صدري على فراشه، ثم قال: أما إنه لو أن أباك أتاني لوصلت رحمه، وقضيت ما يلزمني من عنقه، ولكن عجل عليهم ابن زياد قتله الله فقلت: يا أمير المؤمنين، أصابتنا جفوة، فقال: يذهب الله عنكم الجفوة. فقلت: يا أمير المؤمنين، أموالنا قبضت فاكتب أن ترد علينا. فكتب لنا بردها، وقال: أقيموا عندي، فإني أقضي حوائجكم، وأفعل بكم وأفعل، فقلت: بل المدينة أحب إلي، قال: قربي خير لكم، قلت: إن أهل بيتي قد تفرقوا، فنأتيهم، فيجتمعون، ويحمدون الله على هذه النعمة.
فجهزنا، وأعطانا أكثر مما ذهب منا حتى الكسوة والجهاز، وسرح معنا رسلاً إلى المدينة، وأمرنا أن ننزل حيث شئنا.
قال عبد الرحمن بن أبي مذعور: حدثني بعض أهل العلم قال: آخر ما تكلم به يزيد بن معاوية: اللهم لا تؤاخذني بما لم أحبه، ولم أرده، واحكم بيني وبين عبيد الله بن زياد.
وكان نقش خاتمه: آمنت بالله العظيم.
مات يزيد بن معاوية بحوارين من قرى دمشق، في رابع عشر شهر ربيع الأول سنة أربع وستين، ثم حمل إلى دمشق. وصلى عليه ابنه معاوية أمير المؤمنين يومئذ.
ابن حرب بن أمية بن عبد شمس أبو خالد الأموي بويع له بالخلافة بعد أبيه بعهد منه.
عن أبي خالد، عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.
قال الزبير بن بكار: ولد معاوية بن أبي سفيان يزيد، وأمه: ميسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن حارثة بن جناب. بايع له معاوية من بعده، وكان أول من جعل ولي عهد في صحته، وكان معاوية يقول: لولا هوائي في يزيد لأبصرت قصدي. وتمثل له وهو ينظر إليه: من الطويل
إن مات لم تصلح مزينة بعده ... فنوطي عليه يا مزين التّمائما
وخرج الحسين بن علي إلى الكوفة ساخطاً لولاية يزيد بن معاوية، فكتب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد، وهو واليه على العراق: إنه قد بلغني أن حسيناً سار إلى الكوفة، وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلدان، وابتليت به من بين العمال، وعندها تعتق، أتعود عبداً كما تعتبد العبيد.
فقتله عبيد الله بن زياد، وبعث برأسه إليه، فلما وضع بين يديه تمثل قول الحصين بن الحمام المري: من الطويل
يفلّقن هاماً من رجالٍ أحبّةٍ ... إلينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
ويزيد الذي أوقع بأهل المدينة، بعث إليهم مسلم بن عقبة المري، فأصابهم بالحرة.
ولد يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان سنة ست وعشرين. وقيل: ولد سنة سبع وعشرين في بيت راس.
قال سعيد بن حريث: كان يزيد بن معاوية رجلاً كثير اللحم عظيم الجسم، كثير الشعر.
وذكر سعيد بن كثير بن عفير أنه كان جميلاً، طويلاً، ضخم الهامة، مخدد الأصابع، غليظها مجدراً.
قال زهير بن بشر الكلبي: تزوج معاوية ميسون بنت بحدل، فطلقها وهي حامل بيزيد، فرأت في النوم كأن
قمراً خرج من قبلها، فقصت رؤياها على أمها، فقالت: لئن صدقت رؤياك لتلدن من يبايع له بالخلافة.
قال عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عتبة بن أبي سفيان.
جلست ميسون بنت بحدل الكلبية ترجل ابنها يزيد بن معاوية، وميسون يومئذ مطلقة، ومعاوية وفاختة بنت قرظة ينظران إليهما، ويزيد وأمه لا يعلمان، فلما فرغت من ترجيله نظرت إليه فأعجبها، وقبلت بين عينيه، فقال معاوية بيتاً من شعر، ومضى يزيد، فأتبعته فاختة بصرها، وقالت: لعن الله سواد ساقي أمك! فقال معاوية: أقد رأيتها؟ أما والله على ذلك لما فرجت عنه وركاها خير مما تفرجت عنه وركاك وكان لمعاوية من بنت قرظة عبد الله، وكان أحمق الناس قالت فاختة: لا والله، ولكنك تؤثر هذا عليه، فقال: سوف أبين لك ذلك حتى تعرفيه قبل أن تقومي من مجلسك؛ يا غلام، ادع لي عبد الله، فدعاه، فقال له معاوية: أي بني، إني قد أردت أن أسعفك، وأن أصنع بك ما أنت أهله، فاسأل أمير المؤمنين، فلست سائلاً شيئاً إلا أعطاه، فقال: حاجتي أن تشتري لي كلباً فارهاً، وحماراً، فقال معاوية: يا بني، أنت حمار، ويشترى لك حمار! قم فاخرج. قال: كيف رأيت؟ يا غلام، ادع لي يزيد، فدعاه، فقال: يا بني، إن أمير المؤمنين قد أراد أن يسعفك، ويوسع عليك، ويصنع بك ما أنت أهله، فاسأله ما بدا لك. قال: فخر ساجداً، ثم قال حين رفع رأسه: الحمد لله الذي بلغ أمير المؤمنين هذه المدة، وأراه في هذا الرأي. حاجتي أن تعقد لي العهد من بعدك، وتوليني العام صائفة المسلمين، وتحسن جهازي، وتقويني، فتكون الصائفة أول أسفاري. وتأذن لي في الحج إذا رجعت، وتوليني الموسم، وتزيد أهل الشام عشرة دنانير لكل رجل، وتجعل ذلك بشفاعتي، وتفرض لأيتام بني جمح، وأيتام بني سهم، وأيتام بني عدي. قال: مالك ولبني عدي؟ قال: لأنهم حالفوني، وانتقلوا إلى داري. قال معاوية: قد فعلت، إذا رجعت، ذلك بك، وقبل وجهه، وقال لابنه قرظة: كيف رأيت؟؟ قالت: يا أمير المؤمنين، أوصه بي، فأنت أعلم به. ففعل.
وقد روي هذا الخبر من طريق آخر، وفيه: أن عبد الله سأل مالاً، وأرضاً، وأن
يزيد قال لمعاوية: أعتقني من النار، أعتق الله رقبتك منها، فقال له: وكيف؟ قال: لأني وجدت في الأثر أنه من تلقد أمر الأمة ثلاثة أيام حرمه الله على النار؛ فاعهد إلي من بعدك.
في كتاب عبد الله بن جعفر العامري قال: ذكروا أنه كان عند معاوية بن أبي سفيان خطباء العرب، فسألهم عن المروءة، فقال له المغيرة بن شعبة: الدماثة، والرماثة، فقال معاوية: وكيف ذاك؟ قال: الدماثة في الأخلاق سنة أخلاقك، والرماثة حين تستهل في الحكم، فقال معاوية: بخ بخ، وليست هناك. فقال صعصعة بن صوحان: الصبر والصمت، فقال معاوية: وكيف ذاك؟ قال: أن تصبر على ما غاظك، وأن تصمت إلى حين ينبغي لك الكلام. فقال معاوية: بخ بخ، وليست هناك. فقال أبو الأسود الدؤلي: سخاء النفس، وحسن الخلق، فقال: بخ بخ، وليست هناك. فقال عمرو بن العاص: المال، والوالي، قال: وكيف ذاك؟ قال: لا يصلح المال إلا بوال، ولا وال إلا بمال، قال: بخ بخ، وليست هناك. فقال يزيد بن معاوية: أنا أخبرك، فأعرض عنه، ثم أعاد الثانية، فأعرض عنه، ثم أعاد الثالثة، فقال: وكيف ذاك؟ قال: الحلم إذا ذكرت، وإذا أعطيت شكرت، وإذا ابتليت صبرت، وإذا عصيت غفرت، وإذا أحسنت استبشرت، وإذا أسأت استغفرت، وإذا وعدت أنجزت. فقال معاوية: بأبي أنت وأمي، أنت مني وأنا منك.
وقيل: قدم وفد من وفود العرب على معاوية، فقال لهم: ما تعدون المروءة فيكم؟ قالوا: العفاف، والدين، والإصلاح في المعيشة. فقال معاوية: اسم يا يزيد.
عن العتبي قال: رأى معاوية يزيد يضرب غلاماً له، فقال: سوءة لك، أتضرب من لا يستطيع أن يمتنع عليك؟! والله لقد منعتني القدرة من ذوي الإحن، وإن أحق من عفا لمن قدر!
وعن العتبي قال: وفد زياد على معاوية، فأتاه بهدايا، وأموال عظام، وسفط مملوء جوهراً لم ير مثله، فسر معاوية بذلك سروراً شديداً، فلما رأى زياد ذلك صعد المنبر، فقال: أنا والله أمير المؤمنين أقمت لك صعر العراق، وجبيت لك مالها، وألفظت لك بحرها.
فقام يزيد بن معاوية، فقال: إن تفعل ذلك يا زياد فنحن نقلناك من ولاء ثقيف إلى قريش، ومن القلم إلى المنابر، ومن زياد بن عبيد إلى حرب بن أمية.
فقال له معاوية: اجلس، فداك أبي وأمي! عن عطاء بن السائب قال:
غضب معاوية على ابنه، فهجره، فقال له الأحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين، أولادنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم سماء ظليلة وأرض ذليلة؛ إن غضبوا فأرضهم، وإن سألوا فأعطهم، ولا تكن عليهم قفلاً يملوا حياتك، ويتمنوا موتك.
وروى عمرو بن جبلة هذه الحكاية، وزاد فيها: فقال معاوية: لله درك، يا أبا بحر، ثم قال معاوية: يا غلام، ائت يزيد، فأقره مني السلام، وقل له: إن أمير المؤمنين قد أمر لك بمائة ألف درهم، ومائة ثوب. فقال يزيد للرسول: من عند أمير المؤمنين؟ قال: الأحنف، فقال يزيد: لا جرم، لأقاسمنه. فبعث إلى الأحنف بخمسين ألفاً، وخمسين ثوباً.
عن ابن عائشة، عن أبيه قال: كان يزيد بن معاوية في حداثته صاحب شراب، يأخذ مآخذ الأحداث، فأحس معاوية بذلك، فأحب أن يعظه في رفق، فقال: يا بني، ما أقدرك على أن تصير إلى حاجتك من غير تهتك يذهب بمروءتك، وقدرك! ثم قال له: يا بني، إني منشدك أبياتاً، فتأدب بها، واحفظها. فأنشده: من السريع
أنصب نهاراً في طلاب العلى ... واصبر على هجر الحبيب القريب
حتى إذا الليل أتى بالدّجى ... واكتحلت بالغمض عين الرّقيب
فباشر الليل بما تشتهي ... فإنّما الليل نهار الأريب
كم فاسقٍ تحسبه ناسكاً ... قد باشر الليل بأمرٍ عجيب
غطى عليه الليل أستاره ... فبات في أمن وعيش خصيب
ولذّة الأحمق مكشوفةٌ ... يشفي بها كلّ عدوّ غريب
عن محمد بن عمر القرشي، عمن أخبره قال: جاءت وفاة الحسن بن علي، وعبد الله بن عباس بباب معاوية، فخرج الرسول، فدعا ابن عباس، فقال الناس: حدث حدثٌ بالمدينة: قال ابن عباس: فلما دخلت عليه قال: يا بن عباس، أما علمت أن حسناً هلك؟ فقلت: إذا لا يسد الله حفرة قبره، قال: ما كانت سنه؟ فقلت: ما كان ميلاده خفاء، قال: إني لأظنه قد ترك أولاداً صغاراً، قال: هم عيال من كانوا وكان في عياله، قال: أصبحت اليوم سيد قومك. قلت: ما أبقى الله أبا عبد الله حسيناً، فلا. وخرج ابن عباس، وجاء الناس يعزونه إذ رفعت الخيل، وإذا يزيد بن معاوية قد أتاه ماشياً، فلما دنا أوسع له، فلم يرتفع، وجلس بين يديه، وقال: مجلس المعزي، لا مجلس المنئ. ثم ذكر الحسن، فقال: رحم الله أبا محمد أوسع الرحمة وأفسحها، وأعظم أجرك، وأحسن جزاءك، وعوضك من مصابك ما هو خير لك ثواباً، وخير عقبى. ثم قام، فأتبعه ابن عباس بصره، فقال: إذا ذهب آل حرب ذهب حلماء قريش، ثم تمثل: من الطويل
مغاضٍ عن العوراء لا ينطقونها ... وأهل وارثات الحلوم الأوائل
قال خليفة: وفيها يعني سنة خمسين غزا يزيد بن معاوية أرض الروم، ومعه أبو أيوب الأنصاري.
قال مصعب: كانت أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز عند يزيد بن معاوية، فأغزاه
معاوية إلى الطوانة، فأصابهم موم، فرجع يزيد، فقال: من البسيط
إذا اتكأت على الأنماط مرتفقاً ... بدير سمعان عندي أمٌ كلثوم
فما أبالي بما لاقت جموعهم ... بالفرقدانة من حمّى ومن موم
قال: فقال معاوية: لا جرم والله، لتخرجن، وليصيبنك ما أصابهم.
قال خليفة: وأقام الحج يعني سنة خمسين يزيد بن معاوية بعد أن قفل من أرض الروم.
وقال أبو بكر بن عياش: ثم حج بالناس يزيد بن معاوية سنة إحدى وخمسين، ثم حج بالناس يزيد بن معاوية سنة اثنتين وخمسين، ثم حج بالناس يزيد بن معاوية سنة ثلاث وخمسين.
عن عمر بن شبة قال: لما حج الناس في خلافة معاوية جلس يزيد بالمدينة على شراب، فاستأذن عليه ابن عباس والحسين بن علي، فأمر بشرابه فرفع. وقيل له: إن ابن عباس إن وجد ريح شرابك عرفه، فحجبه، وأذن للحسين، فلما دخل وجد رائحة الشراب مع الطيب، فقال: لله در طيبك هذا ما أطيبه، وما كنت أخشى أحداً يتقدمنا في صنعة الطيب، فما هذا يا بن معاوية؟ فقال: يا أبا عبد الله، هذا طيب يصنع بالشام. ثم دعا بقدح فشربه، ثم دعا بآخر، فقال: اسق أبا عبد الله يا غلام، فقال الحسين: عليك شرابك أيها المرء، فلا عين عليك مني. فشرب يزيد، وقال: من الهزج
ألا يا صاح للعجب ... دعوتك ثمّ لم تجب
إلى القينات والشّ ... هوات والصّهباء والطّرب
وباطيةٍ مكلّلةٍ ... عليها سادة العرب
وفيهن التي تبلت ... فؤداك ثم لم تثب
فنهض الحسين وقال: بل فؤادك يا بن معاوية تبلت! عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: خير أمتي القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم والله أعلم أذكر الثالث أم لا ثم يجيء قوم يحبون السمانة، ويشهدون قبل أن يستشهدوا.
عن زرارة بن أوفى قال: القرن عشرون ومائة سنة، فبعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قرن، فكان آخره موت يزيد بن معاوية.
عن عبد الله بن عمرو قال: ملك الأرض المقدسة: معاوية وابنه.
عن بكير بن الأشج: أن معاوية بن أبي سفيان قال ليزيد ابنه: كيف تراك فاعلاً إن وليت؟ قال: يمتع الله بك، قال: لتخبرني؟ قال: كنت والله يا أبه عاملاً فيهم عمل عمر بن الخطاب، قال: سبحان الله، يا سبحان الله! والله يا بني لقد جهدت على سيرة عثمان فما أطقتها! عن عبد الله بن عوف قال: أخذ الناس على معاوية حين بايعوه أن يسير بهم سيرة عمر بن الخطاب.
عن مروان بن أبي سعيد قال: قال معاوية ليزيد وهو يوصيه عند الموت: يا يزيد، اتق الله؛ فقد وطأت لك هذا الأمر، ووليت من ذلك ما وليت، فإن يك خيراً فأنا أسعد به، وإن كان غير ذلك شقيت به؛ فارفق بالناس، وأغمض عما بلغك من قول تؤذى به، وتنتقص به، وطأ عليه يهنك عيشك، وتصلح لك رعيتك. وإياك والمناقشة، وحمل الغضب، فإنك تملك نفسك ورعيتك. وإياك وجفوة أهل الشرف، واستهانتهم، والتكبر عليهم. لن لهم ليناً بحيث لا يروا منك ضعفاً، ولا جوراً، وأوطئهم فراشك، وقربهم إليك، وأدنهم منك؛ فإنهم يعلون لك حقك. ولا تهنهم، ولا تستخفن بحقهم فيهينوك، ويستخفوا بحقك. وليتقوا فيك، فإذا أردت أمراً فادع ذوي السنين والتجربة من أهل الخير من المشايخ، وأهل التقوى، فشاورهم، ولا تخالفهم. وإياك والاستبداد برأيك؛ فإن الرأي ليس في صدر واحد. وصدق من أشار عليك إذا حملك على ما تعرف، واخزن ذلك عن نسائك وخدمك. وشمر إزارك، وتعاهد جندك، وأصلح نفسك يصلح لك الناس، لا تدع لهم فيها مقالاً؛ فإن الناس نزاع إلى الشر. واحضر الصلاة؛ فإنك إذا فعلت ما أوصيك به عرف الناس لك حقك، وعظمت مملكتك، وعظمت في أعين الناس. واعرف شرف أهل المدينة ومكة؛ فإنهم أصلك وعشيرتك. واحفظ لأهل الشام شرفهم، فإنهم أنصارك وحماتك وجندك الذين بهم تصول، وتنتصر على أعدائك، وتصل إلى أهل طاعتك. واكتب إلى أهل أمصارك بكتاب تعدهم فيه منك المعروف؛ فإن ذلك ينشط آمالهم. وإن وفد عيك وافد من الكور كلها فأحسن إليهم، وأكرمهم؛ فإنهم لمن وراءهم. ولا تسعف قول قاذف، ولا عاجل؛ فإني رأيتهم وزراء سوء.
ومن وجه آخر أن معاوية قال ليزيد: إن لي خليلاً من أهل المدينة فأكرمه. قال: ومن هو؟ قال: عبد الله بن جعفر. فلما وفد بعد موت معاوية على يزيد أضعف جائزته التي كان معاوية يعطيه إياها، وكانت جائزته على معاوية ستمائة ألف، فأعطاه يزيد ألف ألف. فقال له: بأبي أنت وأمي، فأعطاه ألف ألف أخرى. فقال له ابن جعفر: والله لا جمع أمر لأحد بعدك!
ولما خرج ابن جعفر من عند يزيد وقد أعطاه ألفي ألف رأى على باب يزيد بخاتي مبركات، قد قدمن عليه هدية من خراسان، فرجع عبد اله بن جعفر إلى يزيد، فسأله منها ثلاث بخاتي ليركب عليها إلى الحج والعمرة، وإذا وفد إلى الشام على يزيد. فقال يزيد للحاجب: ما هذه البخاتي التي بالباب؟ ولم يكن شعر بها فقال: يا أمير المؤمنين، هي أربعمائة بختية جاءتنا تحمل أنواع الألطاف وكان عليها أنواع من الأموال كلها فقال: اصرفها إلى أبي جعفر بما عليها. فكان عبد الله بن جعفر يقول: أتلومونني على حسن الرأي في هذا؟! يعني يزيد.
وقد كان يزيد فيه خصاله محمودة من الكرم والحلم والفصاحة والشعر والشجاعة وحسن الرأي في الملك، وكان حسن المعاشرة. وكان فيه أيضاً إقبال على الشهوات، وترك بعض الصلاة في بعض الأوقات.
عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يكون خلف بعد ستين سنة " أضاعُوا الصَّلاةَ، واتَّبعُوا الشَّهَواتِ فسوفَ يَلْقَون غَيّاً "، ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافق وفاجر.
قال الوليد بن قيس: المنافق كافر به، والفاجر يتأكل به، والمؤمن يعمل به.
قال المغيرة بن شعبة: لقد وضعت رجلي معاوية في غرز طويل غيه على أمة محمد. يعني بيعة يزيد.
ولما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية، فأرادوه على خلع يزيد، فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر،
ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب، فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته، وأقمت عنده، فرأيته مواظباً على الصلاة، متحرياً للخير، يسأل عن الفقه، ملازماً للسنة. قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعاً لك، فقال: وما الذي يخاف مني؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا.
ولما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله، ثم تشهد، ثم قال: أما بعد فإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، يقال له: هذه غدرة فلان. وإن من أعظم الغدر إلا يكون الإشراك بالله أن يبايع رجل رجلاً على بيع الله ورسوله، ثم ينكث بيعته، فلا يخلعن أحد منكم يزيد، ولا يسرعن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيني وبينه.
عن يزيد بن أسلم، عن أبيه أن ابن عمر دخل وهو معه على ابن مطيع، فلما دخل عليه قال: مرحباً بأبي عبد الرحمن، ضعوا له وسادة، فقال: إنما جئتك لأحدثك حديثاً سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول: من نزع يداً من طاعة فإنه يأتي يوم القيامة لا حجة له، ومن مات مفارق الجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية.
قال علي بن الحسين: دخلنا دمشق بعد أن شخصنا من الكوفة، فإذا الناس مجتمعون بباب يزيد، فأدخلت عليه وهو جالس على سرير، وعنده الناس ساكتين، من أهل الشام، ومن أهل العراق والحجاز. وكنت قدام أهل بيتي، فسلمت عليه، فقال: أيكم علي بن الحسين؟
فقلت: أنا، فقلت: ادنه، فدنوت، ثم قال: ادنه، فدنوت حتى على صدري على فراشه، ثم قال: أما إنه لو أن أباك أتاني لوصلت رحمه، وقضيت ما يلزمني من عنقه، ولكن عجل عليهم ابن زياد قتله الله فقلت: يا أمير المؤمنين، أصابتنا جفوة، فقال: يذهب الله عنكم الجفوة. فقلت: يا أمير المؤمنين، أموالنا قبضت فاكتب أن ترد علينا. فكتب لنا بردها، وقال: أقيموا عندي، فإني أقضي حوائجكم، وأفعل بكم وأفعل، فقلت: بل المدينة أحب إلي، قال: قربي خير لكم، قلت: إن أهل بيتي قد تفرقوا، فنأتيهم، فيجتمعون، ويحمدون الله على هذه النعمة.
فجهزنا، وأعطانا أكثر مما ذهب منا حتى الكسوة والجهاز، وسرح معنا رسلاً إلى المدينة، وأمرنا أن ننزل حيث شئنا.
قال عبد الرحمن بن أبي مذعور: حدثني بعض أهل العلم قال: آخر ما تكلم به يزيد بن معاوية: اللهم لا تؤاخذني بما لم أحبه، ولم أرده، واحكم بيني وبين عبيد الله بن زياد.
وكان نقش خاتمه: آمنت بالله العظيم.
مات يزيد بن معاوية بحوارين من قرى دمشق، في رابع عشر شهر ربيع الأول سنة أربع وستين، ثم حمل إلى دمشق. وصلى عليه ابنه معاوية أمير المؤمنين يومئذ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=136227&book=5528#cad782
يزيد بْن مزيَد بْن زائدة بْن عَبْد الله بْن مطر بن شريك بن خَالِد، الشيباني، وهو ابن أخي مَعْن بْن زائدة :
وكان أحد الأمراء المشهورين، والأجواد المذكورين ولي إمارة اليمن فِي أيام الرشيد. وقدم بغداد وكان مقصودًا ممدوحًا.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن عَلِيّ الجوهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القاسم الأنباريّ، حدثني أبي، حدثنا الحسن بن عبد الرّحمن الربعي، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن سليمان الحنفي، حدَّثَنِي أبي قَالَ: دخل يزيد بْن مزيد عَلَى الرشيد فقال لَهُ: يا يزيد من الَّذِي يَقُولُ فيك:
لا يعبق الطيب كفيه ومفرقه ... ولا يمسّح عينيه من الكحل
قد عود الطير عادات وثقن بِها ... فهن يتبعنه في كل مرتحل
قَالَ: لا أدري يا أمير المؤمنين. قَالَ: أفيقال فيك مثل هذا الشعر ولا تعرف قائله؟
فانصرف خَجِلا. فقال لحاجبه: من بالباب من الشعراء؟ فقال مُسْلِم بْن الوليد فقال ومنذ كم هُوَ مقيمٌ بالباب؟ قَالَ: منذ زمان طويل منعته من الوصول إليك لما عرفته من إضاقتك. قال: أدخله فدخل فأنشده:
أجررت حبل خليع في الصبى غزل ... وقصرت همم العذال عن عذلي
رد البكاء على العين الطموح هوى ... مفرق بين توديع ومنتقل
أما كفى البين أن أرمى بأسهمه ... حتى رماني بلحظ الأعين النجل
مِما جنت لي وإن كانت مني صدقت ... ضبابة بين إثواء ومرتحل
حتى ختمها. فقال للوكيل: بع ضَيْعَتِي الْفُلانية وأعطه نصف ثَمنها واحتبس نصفًا لنفقتنا، فباعها بمائة ألف درهم، فأعطى مسلمًا خمسين ألفًا ورُفع الخبر إلى الرشيد، فاستحضر يزيد وسأله عَن الحديث، فأعلمه الخبر. فقال: قد أمرتُ لك بمائتي ألف درهم لتسترجع الضيعة بمائة ألف وتزيد الشاعر خمسين ألفًا وتحبس خمسين ألفًا لنفسك.
قَالَ أَبُو بكر الأنباري: وقال أبي: سرق مُسْلِم بْن الوليد هذا المعنى من النابغة فِي قوله:
إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طير تتقي بعصائب
جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الصفان أول غالب
لَهن عليهم عادة قد عرفنها ... إذا عرض الخطي فوق الكواثب
أَخْبَرَنِي أَبُو منصور يوسف بْن هلال صاحب التّميميّ، أخبرنا محمّد بن عبد الله ابن الحسين الدّقّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القاسم بْن بَشَّار الأنباري، حدثني أبي، حدثنا حسن بن عبد الرّحمن بن الربعي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بدر العجلي قَالَ: هجا سلم الخاسر يزيد بْن مزيد. فقال:
ليت الأمير أبا خالد ... يزيد، يزيد كما ينتقص
فحلف يزيد بن مزيد أن يقتله إن وقع في يده، فقال سلم الخاسر يمدح يزيد بن مزيد:
إن لله في البرية سيف ... ين يزيدًا وخالد بن الوليد
ذاك سيف النبي في سالف الده ... ر وهذا سيف الإمام الرشيد
ما مقامي على الثماد وقد فا ... ضت بحور الندى بكفى يزيد
أخبرنا الجوهريّ، حدثنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا محمّد بن القاسم الأنباريّ، حدثني أبي، حدثنا الحسن بن عبد الرّحمن الربعي، حدثنا عبد الرّحمن بن إسحاق
الصعيري قَالَ: قدم أَبُو الشمقمق عَلَى يزيد بْن مزيد اليمن، ويزيد إذ ذاك عَلَى اليمن فلمّا دخل عَلَيْهِ أنشأ يَقُولُ:
رحل المطي إليك طلاب الندى ... ورحلت نحوك ناقتي نعليه
إذ لم يكن لي يا يزيد مطية ... فجعلتها لك في السفار مطيه
تحدى أمام اليعملات وتفتلي ... في السير تترك خلفها المهريه
من كل طارئة الصوى مزورة ... قطعًا لكل تنوفة دويه
وإذا ركبت بِها طريقًا عامرًا ... تنساب تَحْتِي كانسياب الحيه
لولا الشراك لقد خشيت جماحها ... وزمامها ما أن تَمس يديه
تنتاب أكرم وائل في بيتها ... حسبًا وقبة مَجدها مبنيه
أعني يزيدا سيف آل محمد ... فراج كل شديدة مخشيه
يوماه يوم للمواهب والندى ... خضل ويوم دم وخطف منيه
ولقد أتيتك واثقا بك عالِما ... أن لست تسمع مدحة بنسيه
فقال: صدقت يا شمقمق، لست أقبل مدحة بنسية أعطوهُ ألف دينار.
أخبرنا التّنوخيّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد الله مُحَمَّد بْن عمران المرزباني. قَالَ: أنشدنا أَبُو الْحَسَن الأخفش عَن ثعلب، لِمسلم- يعني ابن الوليد- يرثي يزيد بْن مزيد ومات ببرذعة من أرض الرَّان:
قبر ببرذعة استسر ضريِحهُ ... خطر تقاصر دونه الأخطارُ
ألقى الزمان على معد بعده ... حزنا- لعمر الدهر- ليس يعارُ
نفضت بك الآمال أحلاس الغنى ... واسترجعت نزاعها الأمصارُ
فاذهب كما ذهبت غوادي مزنة ... أثنى عليها السهل والأوعارُ
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان. وأخبرني الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عرفة قالا: سنة خمس وثمانين ومائة فيها تُوُفِّيَ يزيد بْن مزيد- زاد يعقوب ببرذعة.
وكان أحد الأمراء المشهورين، والأجواد المذكورين ولي إمارة اليمن فِي أيام الرشيد. وقدم بغداد وكان مقصودًا ممدوحًا.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن عَلِيّ الجوهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القاسم الأنباريّ، حدثني أبي، حدثنا الحسن بن عبد الرّحمن الربعي، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن سليمان الحنفي، حدَّثَنِي أبي قَالَ: دخل يزيد بْن مزيد عَلَى الرشيد فقال لَهُ: يا يزيد من الَّذِي يَقُولُ فيك:
لا يعبق الطيب كفيه ومفرقه ... ولا يمسّح عينيه من الكحل
قد عود الطير عادات وثقن بِها ... فهن يتبعنه في كل مرتحل
قَالَ: لا أدري يا أمير المؤمنين. قَالَ: أفيقال فيك مثل هذا الشعر ولا تعرف قائله؟
فانصرف خَجِلا. فقال لحاجبه: من بالباب من الشعراء؟ فقال مُسْلِم بْن الوليد فقال ومنذ كم هُوَ مقيمٌ بالباب؟ قَالَ: منذ زمان طويل منعته من الوصول إليك لما عرفته من إضاقتك. قال: أدخله فدخل فأنشده:
أجررت حبل خليع في الصبى غزل ... وقصرت همم العذال عن عذلي
رد البكاء على العين الطموح هوى ... مفرق بين توديع ومنتقل
أما كفى البين أن أرمى بأسهمه ... حتى رماني بلحظ الأعين النجل
مِما جنت لي وإن كانت مني صدقت ... ضبابة بين إثواء ومرتحل
حتى ختمها. فقال للوكيل: بع ضَيْعَتِي الْفُلانية وأعطه نصف ثَمنها واحتبس نصفًا لنفقتنا، فباعها بمائة ألف درهم، فأعطى مسلمًا خمسين ألفًا ورُفع الخبر إلى الرشيد، فاستحضر يزيد وسأله عَن الحديث، فأعلمه الخبر. فقال: قد أمرتُ لك بمائتي ألف درهم لتسترجع الضيعة بمائة ألف وتزيد الشاعر خمسين ألفًا وتحبس خمسين ألفًا لنفسك.
قَالَ أَبُو بكر الأنباري: وقال أبي: سرق مُسْلِم بْن الوليد هذا المعنى من النابغة فِي قوله:
إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طير تتقي بعصائب
جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الصفان أول غالب
لَهن عليهم عادة قد عرفنها ... إذا عرض الخطي فوق الكواثب
أَخْبَرَنِي أَبُو منصور يوسف بْن هلال صاحب التّميميّ، أخبرنا محمّد بن عبد الله ابن الحسين الدّقّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القاسم بْن بَشَّار الأنباري، حدثني أبي، حدثنا حسن بن عبد الرّحمن بن الربعي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بدر العجلي قَالَ: هجا سلم الخاسر يزيد بْن مزيد. فقال:
ليت الأمير أبا خالد ... يزيد، يزيد كما ينتقص
فحلف يزيد بن مزيد أن يقتله إن وقع في يده، فقال سلم الخاسر يمدح يزيد بن مزيد:
إن لله في البرية سيف ... ين يزيدًا وخالد بن الوليد
ذاك سيف النبي في سالف الده ... ر وهذا سيف الإمام الرشيد
ما مقامي على الثماد وقد فا ... ضت بحور الندى بكفى يزيد
أخبرنا الجوهريّ، حدثنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا محمّد بن القاسم الأنباريّ، حدثني أبي، حدثنا الحسن بن عبد الرّحمن الربعي، حدثنا عبد الرّحمن بن إسحاق
الصعيري قَالَ: قدم أَبُو الشمقمق عَلَى يزيد بْن مزيد اليمن، ويزيد إذ ذاك عَلَى اليمن فلمّا دخل عَلَيْهِ أنشأ يَقُولُ:
رحل المطي إليك طلاب الندى ... ورحلت نحوك ناقتي نعليه
إذ لم يكن لي يا يزيد مطية ... فجعلتها لك في السفار مطيه
تحدى أمام اليعملات وتفتلي ... في السير تترك خلفها المهريه
من كل طارئة الصوى مزورة ... قطعًا لكل تنوفة دويه
وإذا ركبت بِها طريقًا عامرًا ... تنساب تَحْتِي كانسياب الحيه
لولا الشراك لقد خشيت جماحها ... وزمامها ما أن تَمس يديه
تنتاب أكرم وائل في بيتها ... حسبًا وقبة مَجدها مبنيه
أعني يزيدا سيف آل محمد ... فراج كل شديدة مخشيه
يوماه يوم للمواهب والندى ... خضل ويوم دم وخطف منيه
ولقد أتيتك واثقا بك عالِما ... أن لست تسمع مدحة بنسيه
فقال: صدقت يا شمقمق، لست أقبل مدحة بنسية أعطوهُ ألف دينار.
أخبرنا التّنوخيّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد الله مُحَمَّد بْن عمران المرزباني. قَالَ: أنشدنا أَبُو الْحَسَن الأخفش عَن ثعلب، لِمسلم- يعني ابن الوليد- يرثي يزيد بْن مزيد ومات ببرذعة من أرض الرَّان:
قبر ببرذعة استسر ضريِحهُ ... خطر تقاصر دونه الأخطارُ
ألقى الزمان على معد بعده ... حزنا- لعمر الدهر- ليس يعارُ
نفضت بك الآمال أحلاس الغنى ... واسترجعت نزاعها الأمصارُ
فاذهب كما ذهبت غوادي مزنة ... أثنى عليها السهل والأوعارُ
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان. وأخبرني الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عرفة قالا: سنة خمس وثمانين ومائة فيها تُوُفِّيَ يزيد بْن مزيد- زاد يعقوب ببرذعة.