92245. منصور بن علي بن منصور بن طاهر1 92246. منصور بن عمار1 92247. منصور بن عمار أبو السري الواعظ1 92248. منصور بن عمار ابو السري1 92249. منصور بن عمار القاص1 92250. منصور بن عمار بن كثير192251. منصور بن عمار بن كثير أبو السري السلمي...1 92252. منصور بن عمار بن كثير ابو السري السلمي الواعظ...1 92253. منصور بن عمر بن علي أبو القاسم البغدادي...1 92254. منصور بن عمر بن علي ابو القاسم الفقيه الشافعي الكرخي...1 92255. منصور بن عمير1 92256. منصور بن مجاهد2 92257. منصور بن محمد الزاهد1 92258. منصور بن محمد المهدي1 92259. منصور بن محمد بن أحمد بن حرب1 92260. منصور بن محمد بن الحسن ابو القاسم المقرئ الحذاء...1 92261. منصور بن محمد بن عبد الله ابو الفتح الاصبهاني ابن المقدر...1 92262. منصور بن محمد بن علي الوليدي1 92263. منصور بن محمد بن علي بن قرينة البزدي الدهقاني النسفي...1 92264. منصور بن محمد بن قتيبة بن معمر ابو نصر...1 92265. منصور بن محمد بن محمد ابو احمد القاضي الحنفي النيسابوري...1 92266. منصور بن محمد بن محمد بن محمد1 92267. منصور بن محمد بن منصور ابو الحسن الحربي القزاز المقرئ...1 92268. منصور بن محمد بن منصور بن نصر بن بحر1 92269. منصور بن معاذ الكوفي1 92270. منصور بن موفق1 92271. منصور بن نصر بن منصور1 92272. منصور بن نصر بن منصور بن الحسين بن العطار ابو بكر الحراني الاصل ا...1 92273. منصور بن هارون1 92274. منصور بن وردان1 92275. منصور بن وردان الكوفي1 92276. منصور بن وردان أبو محمد الأسدى العطار الكوفي...1 92277. منصور بن وردان ابو عبد الله وقيل ابو محمد الاسدي العطار الكوفي...1 92278. منصور بن وردان الاسدي العطار1 92279. منصور بن وردان الكوفي1 92280. منصور بن وردان الكوفي الاسدي العطار1 92281. منصور بن وردان المصري3 92282. منصور بن يزيد1 92283. منصور بن يعقوب بن ابي نويرة1 92284. منصور والد الحسن بن منصور1 92285. منصوربن زاذان1 92286. منظور بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي1 92287. منظور بن ثعلبة بن ابي مالك القرظي2 92288. منظور بن زبان4 92289. منظور بن زهير بن الفرات بن وكيع1 92290. منظور بن سيار2 92291. منظور بن سيار بن منظور1 92292. منفعة3 92293. منقذ7 92294. منقذ بن حيان2 92295. منقذ بن حيان الغنمي2 92296. منقذ بن خنيس1 92297. منقذ بن زيد1 92298. منقذ بن زيد بن الحارث1 92299. منقذ بن سراقة1 92300. منقذ بن عمر والمازني الأنصاري1 92301. منقذ بن عمرو1 92302. منقذ بن عمرو الانصاري المازني3 92303. منقذ بن عمرو المازني الانصاري1 92304. منقذ بن لبابة1 92305. منقذ بن لبابة الاسدي1 92306. منقذ مولى سراقة1 92307. منقذ مولى بن سراقة1 92308. منقر1 92309. منقر ابو بشامة1 92310. منقر بن الحكم1 92311. منقع3 92312. منقع التميمي2 92313. منقع بن الضياع1 92314. منكدر القرشي التيمي1 92315. منكدر القرشي والد محمد بن المنكدر1 92316. منكدر بن عبد الله بن الهدير1 92317. منكدر بن محمد بن المنكدر2 92318. منكدر بن محمد بن المنكدر التيمي2 92319. منهال3 92320. منهال ابو عبد الملك1 92321. منهال ابو عبد الملك القيسي1 92322. منهال بن الجراج1 92323. منهال بن الجراح1 92324. منهال بن بحر1 92325. منهال بن بحر ابو سلمة العقيلي القشيري...1 92326. منهال بن بحر البصري1 92327. منهال بن خليفة2 92328. منهال بن خليفة أبو قدامة1 92329. منهال بن خليفة ابو قدامة1 92330. منهال بن عمرو1 92331. منهال بن عمرو الاسدي1 92332. منهال بن عمرو أبو محمد الأسدي1 92333. منهال بن عمرو الاسدي كوفي2 92334. منهال بن عيسى العبدي1 92335. منهال بن عيسى العبدي1 92336. منهال بن ملحان القيسي1 92337. منهال بن يزيد بن المنهال1 92338. منوجهر بن محمد بن تركانشاه ابو الفضل بن ابي الوفاء البروجردي الاص...1 92339. منوجهر بن محمد بن تركانشاه بن محمد بن الفرج ابو الفضل بن ابي الوف...1 92340. منوية بنت عبد الله بن احمد بن عبد القادر بن يوسف...1 92341. منيب2 92342. منيب الأزدي1 92343. منيب الأوزاعي1 92344. منيب الازدي3 Prev. 100
«
Previous

منصور بن عمار بن كثير

»
Next
منصور بن عمار بن كثير
أبو السري السلمي الخراساني الواعظ حدث عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أعيته المكاسب فعليه بمصر، وعليه بالجانب الغربي منها.
وحدث عنه بسنده إلى أبي سعيد أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن السباع. والسباع: المفاخرة بالجماع.
وحدث عنه بسنده إلى عقبة بن عامر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: كل طعام لا يذكر أسن اله عليه فإنما هو داء، ولا بركة فيه، وكفارة ذلك - إن كانت المائدة موضوعة - أن تسمي وتعيد يدك؛ كانت قد رفعت أن تسمي الله وتعلق أصابعك.
قدم منصور بن عمار مصر وجلس يقص، فسمع الليث بن سعد كلامه، فاستحسن قصصه وفصاحته، فقال له الليث: ما لاذي أقدمك بلادنا؟ قال: طلبت
أكسبت بها ألف دينار. قال له الليث: فهي لك على قص كلامك هذا الحسن، ولا تبتذل. فأقام بمصر في جملة الليث بن سعد وفي جرايته إلى أن خرج عن مصر، فدفع له الليث ألف يدنار ودفع إليه بنو الليث أيضاً ألف دينار، فخرج وسكن بغداد ومات يها.
ودخل منصور بن عمار العراق، وأقام بها؛ أوتي الحكمة، وكان سبب ذلك أنه وجد رقعة في الرض، مكتوب عليها بسم الله الرحمن الرحيم، فأخذها فلم يجد لها موضعاً فأكلها، فأوي فيما يرى النائم كأن قائلاً قال له: قد فتح عليك باب الحكمة باحترامك لتلك الرقعة. فكان بعد ذلك يتلكم بالحكمة.
وكان منصور بن عمار من الواعظين الأكابر.
قال منصور بن عمار: من جزع من مصائب الدنيا تحولت مصيبة في دينه.
وقال منصور: أحسن لباس العبد التواضع والإنكسار؛ وأحسن لباس العارفين التقوى، قال الله تعالى: " ولباس التقوى ذلك خير " قال منصور بن عمار: قال لي رجل بالشام: يا أبا السري، عندنا رجل عائد من واسط، لا يأكل إلا من كديده، من سف الخص، ورو رأيته لوقذك النظر إليه، فهل لك أن تمضي بنا إليه؟ قلت: نعم. فأتينا فدققنا بابه فخرج وسمعته يقول: اللهم إني أعوذ بك ممن جاء ليشغلني عما أتلذذ به من مناجاتك. فدخلنا وإذا رجل يرى به الآخرة، وإذا قبر محفور، ووصيته قد كبها في الحائط، وكساؤه قد أعده لكفنه، فقلت: أي موقف لهذذا الخلق؟ قال: بين يدي من؟ فصاح وخر لوجهه، ثم أفاق من غشيته، فقال له صاحبي: يا أبا عباد؟ هذا منصور بن عمار. فقال: مرحباً بأخي، ما زلت إليك مشتاقاً
قال: وأراه صافحني - أعلمك أن بي داء قد أعيا المتطلب بين قبلك قديماً، فهل لك أن تتأتى به برفقك، وتلصق عليه بعض مراهمك، لعل الله أن ينفع بك؟ قلت: وكيف يعالج مثلي مثلك، وجرحي انغل من جرحك؟! فقال: وإن كان ذاك كذلك فإني مشتاق منك إلى ذلك. قلت: أما إذا أبيت، فلئن كنت تمسكنت باحتقار قبرك في بيتك، وبوصية رسمتها بعد وفاتهك، وبكفن أعددته ليوم منيتك فإن لله عباداً اقتطعهم خوفه عن النظر إلى قبورهم. قال: فصاح صيحة ووقع في قبره، وجعل يفحص برجليه وبال، فعرفت بالبول ذهاب عقله، فخرجت إلى طحان على بابه فقلت: ادخل فأعنا على هذا الشيخ؛ فاستخرجناه من قبره وهو في غشيته، فقال لي الطحان: ويحك، ما أردت إلى ما صنعت بهذا الشيخ؟ والله لا يغفر الله لك ما صنعت؛ فخرجت وتركته صريع فترة، فلما كان من الغد عدت إليه، فإذا بسلخ في وجهه، وشريط شد به رأسه لصداع وجده، فلما رآني قال: يا أبا السري! المعاودة. قلت: يكون من ذلك ما قدر. فقلت له: فأين بلغت أيها المتعبد من أحزانك؟ وهل بلغ الخوف ليلة من منامك؟ فتالله لكأني انظر إلى أكل الفطير والصابر على خبز الشعير، يأكل ما اشتهى وسعي عليه بلحم الطير، وسقي من الرحيق المختوم! قال: فشهق شهقة، فحركته فإذا هو قد فارق الدنيا.
قال منصور بن عمار: حججت حجة فنزلت سكة من سكك الكوفة، فخرجت في ليلة مظلمة، فإذا بصارخ يصرخ في جوف الليل وهو يقول: إلهي! وعزتك وجلالك، ما أردت مخالتفك، ولقد عصيتك إذ عصيتك وما أنا بمكانك جاهل، ولكن خطيئة عرضت، أعانني عليها شقائي، وغرني سترك المرخى علي، وقد عصيتك بجهدي، وخالفتك بجهلي، فالآن من عذابك من يستنقذني، وبحبل من أتصل إلا أن أتصل إن أنت قطعت حبلك مني، وأشباباه! فلما فرغ من قوله تلوت آية من كتاب الله: " وقدوها الناس والحجارة عليها
ملائكة غلاظ شداد " الآية، فسمعت دكدكة شديدة، ثم لم أسمع بعدها شيئاً فمضيت، فلما كان من الغد رجعت في مدرجتي، فإذا بجنازة قد وضعت، وإذا بعجوز كبيرة، فسألتها عن أمر الميت - ولم تكن عرفتني - فقلت: هذا رجل لا جزاه الله إلا جزاءه، مر بابني البارحة وهو قائم، فتلا آية من كتاب لله فلما سمعها ابني تفطرت مرارته فمات.
وعن محمد بن هشام قال: قال منصور بن عمار: قال لي هارون: كيف تعلمت الكلام؟ قال: قلت يا أمير المؤمنين، رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامي وكأنه تفل في في وقال لي: يا منصور! قل. فأنطقت بإذن الله عز وجل.
قال منصور بن عمار:
لما قدمت مصر وكان الناس قد قحطوا، فلما صلوا الجمعة رفعوا أصواتهم بالبكاء والدعاء، فحضرتني النية، فصرت إلى صحن المسجد فقلت: يا قوم! تقربوا إلى الله بالصدقة، فإنه ما تقرب إليه بشيء أفضل منها؛ ثم ميت بكسائي فقلت: اللهم هذا كسائي وهو جهدي وفوق طاقتي؛ فجعل الناس يتصدقون ويعطوني ويلقون على الكساء وهو جهدي وفوق طاقتي؛ فجعل الناس يتصدقون ويعطوني ويلقون على الكساء، حتى جعلت المرأة تلقي خرصها وسخابها حتى فاض الكساء من أطرافه، ثم هطلت السماء فخرج الناس في الطين والمطر، فلما صليت العصر قلت: يا أهل مصر! أنا رجل غريب، ولا علم لي بفقرائكم، فأين فقهاؤكم؟ فدفعت إلى الليث بن سعد وابن لهيعة، فنظرا إلى كثرة المال فقال أحدهما لصاحبه: لا تحرك؛ فوكلوا به الثقات، حتى أصبحوا فأدلجت إلى الإسكندرية، فأقمت بها شهرين، فبينا أنا أطوف على حصنها وأكبر، إذا برجل يرمقني فقلت: مالك؟ قال: يا هذا أنت قدمت مصر؟ قلت: نعم. قال: أنت المتكلم يوم الجمعة؟ قلت: نعم. قال: فإنك صرت فتنة على
أهل مصر. قلت: وما ذاك؟ قال: قالوا كان ذلك الخضر، دعا فاستجيب له. قلت: ما كان الخضر، بل أنا العبد الخاطئ. فأدلجت فقدمت مصر، فلقيت الليث بن سعد، فلما نظر إلي قال: أنت المتكلم يوم الجمعة؟ قلت: نعم. قال: فهل لك في المقام عندنا؟ قلت: كيف أقيم وما أملك إلا جبتي وساويلي؟! قال: قد أقطعتك خمسة عشر فداناً. ثم صرت إلى ابن لهيعة فقال لي مثل مقالته، وأقطعني خمس فدادين، فأقمت بمصر.
وفي رواية آخر مثله مختصراً، أن الليث بن سعد كان إذا تكلم بمصر أحد نفاه، فتكلم منصور في المسجد، فطلبه الليث بن سعد، فتكلم بحضرته، وأعطاه ألف دينار، ثم عاوده فأعطاه خمس مئة دينار، ثم عاوده فأطعاه ثلاث مئة ثم قال: يا جارية! هات ثياب إحرام منصور. فجاءت يازار فيه أربعون ثوباً فلك. قلت: رحمك الله، اكتفي بثوبين. فقال: أنت رجل كريم فيصحبك قوم فأعطهم. وقال للجارية التي تحمل الثياب معه: وهذه الجارية لك.
وفي رواية: أن الليث أعطاه ألف دينار وقال: لا يعلم بها ابني فتهون عليه. فبلغ ذلك سعيد بن الليث، فوصله بألف دينار وقال: إنما نقصتك هذا الدينار لئلا أساوي الشيخ في عطيته.
قال منصور عن عمار: رأيت كأني دنوت من جحر، فخرج قبلي عشر نحلات فلدغنني، فقصصتها على أبي المثنى المعبر البصري فقال: الجد ما تقول، أعطني شيئاً. قال: إن صدقت رؤياك تصلك امرأة بعشرة آلاف، لكل نحلة ألف؛ قال منصور: فقلت لأبي المثنى: منأين قلت هذا؟ قال: لأنه ليس شيء من الخلق ينتفع ببطنه من ولد آدم إلا النساء، فإنهم ولدوا
الصديقين والأنبياء؛ والطير ليس فيها شيء ينتفع ببطنه إلا النحل. فلما كان من الغد وجهت إلي زبيدة بعشرة آلاف درهم.
لقي بشر المريسي منصور بن عمار فقال له: أخبرني عن كلام الله، أهو الله أم غير الله أم دون الله؟ فقال: إن كلام الله لا ينبغي أن يقال هو الله، ولا ينبغي أن يقال هو غير الله، ولا هو دون الله، ولكنه كلامه وقوله، وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله، أي لم يقله أحد إلا الله، فرضينا حيث رضي لنفسه، واخترنا له من حيث اختار لنفسه، فقلنا: لكلام اله ليس بخالق ولا مخلوق، فمن سمى القرآن بالاسم الذي سماه الله به كان من المهتدين، ومن سماه باسم من عنده كان من الغالين فاله عن هذا وذر " الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون " فإن تأبى كنت من الذين " يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ".
كتب بشر المريسي إلى منصور عن عمار: بلغني اجتماع الناس عليك، وما حكي من العلم، فأخبرني عن القرآن، خالق أو مخلوق؟
فكتب إليه منصور: بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله وإياك من كل فتنة، فإنه إن يفعل فأعظم بها نعمة، وإن لم يفعل فتلك أسباب الهلكة وليست لأحد على الله بعد المرسلين حجة؛ نحن نرى أن الكلام في القرآن بدعة، اشترك فيها السائل والمجيب، فتعاطى السائل ما ليس به، وتكلف المجيب ما ليس عليه، وما أعلم خالقاً إلا الله، وما دون الله مخلوق، والقرآن كلام الله، ولو كان القرآن خالقاً لم يكن للذين وعوه إلى الله شافعاً، ولا بالذين ضيعوه ماحلاً. فاتنه بنفسك وبالمختلفين بالقرآن إلى أسمائه التي سماه الله بها تكن من المهتدين " وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون "
ولا تسمي القرآن باسم من عندك فتكون من الضالين، جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون ".
وكتب بشر إلى مصور أيضاً يسأله عن قوله الله عز وجل " الرحمن على العرش استوى " كيف استوى؟ فكتب إليه منصور: استواؤه غير محود، والجواب فيه تكلف، ومسألتك عن ذلك بدعة، والإيمان بجملة ذلك واجب، قال الله تعالى: " فأما الذين في قلوبهم زيغ فييتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله " وحده ثم استأنف الكلام فقال: والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب " فنسبهم إلى الرسوخ في العلم بأن قالوا لما تشابه منه عليهم: آمنا به كل من عند ربنا. فهؤلاء هم الذين أغناهم الرسوخ في العلم على الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب، بما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب؛ فمدح اعترافهم بالعجز عن تأول ما لم يحيطوا به علماً، وسمي تركهم التعميق فيما لم يكلفهم رسوخاً في العلم. فاتنه رحمك الله من العلم إلى حيث انتهى بك إليه، ولا تجاوز ذلك إلى ما حظر عنك علمه، فتكون من المتكلفين، وتهلك مع الهالكين. والسلام عليك.
قال منصور بن عمار في مجلس له، وقد فرغ من كلامه: لي إليكم حاجة، أريد حبة لم يزينها المطففون، ولم تخرج من أكياس المربين ولم تجر عليها أحكام الظالمين. قالوا: ما عندنا هذه.
كتب بشر إلى منصور بن عمار: اكتب إلي بما من الله علينا. فكتب إليه منصور: أما بعد يا أخي، فقد أصبح بنا من نعم الله ما لا نحصيه، في كثرة ما نعصيه ولقد بقيت متحيراً فيما بين هاتين: لا أدري كيف أشكره بجميل ما نشر أو قبيح ما ستر.
قال منصور بن عمار: دخلت على المنصور أمير المؤمنين فقال لي: يا منصور! عظني وأوجز، فقلت: إن من حق المنعم على المنعم عليه أن لا يحول ما أنعم به عليه سبباً لمعصيته. فقال: أحسنت وأوجزت! رئي منصور بن عمار في النوم فقيل له: يا أبا السري! ما فعل الله بك؟ قال: أوثقني في عذابه وقال لي: منت تخلط، ولكني قد غفرت لك لأنك كنت تحببني إلى خلقي، قم فمجدني بين ملائكتي كما كنت تمجدني في الدنيا، فوضع لي كرسي، فمجدت الله بين ملائكته.
قيل لمنصور بن عمار: تكلم بهذا الكلام ونرى منك أشياء! قال: احسبوني درة وجدتموها على كناسة، استنفعوا بالدرة ودعوا الكناسة مكانها.
وكان منصور بن عمار لا يبقي له شيئان في رمضان، لا كسوة ولا دراهم، ولا طعاماً حتى يبعث به إلى إخواته المتقللين.
قال سليمان بن منصور: رأيت أبي منصوراً في المنام فقلت: ما فعل بك ربك؟ فقال: إن الرب قربني وأدناني وقال لي: يا شيخ السوء، تدري لم غفرت لك؟ قلت: لا إلهي. قال: إنك جلست للناس يوماً مجلساً فبكيتهم، فبكى فيهم عبد من عبادي لم يبك من خشيتي قط، فغفرت له ووهبت أهل المجلس كلهم له، ووهبتك فيمن وهبته له.
قال أحمد بن العباس: خرجت من بغداد، فاستقبلني رجل عليه أثر العبادة فقال لي: من أين خرجت؟ قلت: من بغداد، هربت منها لما رأيت فيها من الفساد، خفت أن يخسف بأهلها. فقال: ارجع ولا تخف، فإن قبور أربعة من أولياء الله، هم حصن لهم من جميع البلايا. قلت: من هم؟ قال: أحمد بن حنبل، ومعروف الكرخي، وبشر الحافي، ومنصور بن عمار. فرجعت وزرت القبور ولم أحج تلك السنة.