Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=135800&book=5531#a972dd
معمر بن المثنى، أَبُو عبيدة التيمي البصري، النحوي العلامة :
يقال إنه ولد في سنة عشر ومائة في الليلة التي مات فيها الحسن البصري.
وقال الجاحظ: لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي أعلم بجميع العلوم منه.
وقدم بغداد في أيام هارون الرشيد وقرئ عليه بها أشياء من كتبه، وأسند الحديث عن هشام بن عروة وغيره. روى عنه من البغداديين وغيرهم علي بن المغيرة الأثرم، وأَبُو عبيد القاسم بن سلام، وأَبُو عثمان المازني، وأَبُو حاتم السجستاني، وعمر بن شبة النميري في آخرين.
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم عمر بن أَحْمَد بْنُ إبراهيم العبدوي- بنيسابور- أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الجرجاني، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ خُزَيْمَةَ الْبُخَارِيُّ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل البخاريّ [حدّثنا عمرو بن محمّد] ، حدّثنا أبو عبيدة معمر
ابن المثنّى التّيميّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قالت: كنت قاعدة وأغزل وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، فَجَعَلَ جَبِينُهُ يَعْرَقُ، وَجَعَل عَرَقُهُ يَتَوَلَّدُ نُورًا فَبُهِتُّ، فَنَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «مالك يَا عَائِشَةُ بُهِتِّ؟» قُلْتُ: جَعَلَ جَبِينُكَ يَعْرَقُ، وَجَعَلَ عَرَقُكَ يَتَوَلَّدُ نُورًا، وَلَوْ رَآكَ أَبُو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ لَعَلِمَ أَنَّكَ أَحَقُّ بِشِعْرِهِ. قَالَ: «وَمَا يَقُولُ أَبُو كَبِيرٍ؟» قَالَتْ: قُلْتُ يَقُولُ:
وَمُبَرَّأٌ مِنْ كُلِّ غُبَّرِ حَيْضَةٍ ... وَفَسَادِ مُرْضِعَةٍ وَدَاءٍ مُغْيَلِ
فَإِذَا نَظَرْتَ إِلَى أَسِرَّةِ وَجْهِهِ ... بَرَقَتْ كَبَرْقِ الْعَارِضِ الْمُتَهَلِّلِ
قَالَتْ: فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيَّ وَقَالَ: «جَزَاكِ اللَّهُ يَا عَائِشَةُ عَنِّي خَيْرًا، مَا سُرِرْتِ مِنِّي كَسُرُورِي مِنْكِ» .
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن عمر البرمكي، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سفيان النسوي، حَدَّثَنَا أَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يوسف القاضي- إملاء- حدّثنا أبي، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حدّثنا عمرو بن محمّد بن جعفر، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ- مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى- قَالَ: حَدَّثَنِي هشام بن عروة قال: حَدَّثَنِي أبي قال: حدثتني عائشة بنحوه. قال أَبُو ذر: سألني أَبُو عَلِيٍّ صَالِحَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيَّ عَنْ حَدِيثِ أبي عبيدة معمر بن المثنى أن أحدثه به فحدثته به فقال لو سمعت بهذا عن غير أبيك عن مُحَمَّد لأنكرته أشد الإنكار لأني لم أعلم قط أن أبا عبيدة حدث عن هشام بن عروة شيئا، ولكنه حسن عندي حين صار مخرجه عن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ- قِرَاءَةً- أخبرنا أبو الحسن محمّد بن موسى بن عيسى، حدّثنا أحمد بن الحسن المقرئ، حدّثنا محمّد بن يحيى الكسائيّ المقرئ، حدّثنا علي ابن المغيرة، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا فَسَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقُرْآنِ إلا آيات يسيرة قوله: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ
[الواقعة 82] قَالَ: «شُكْرَكُمْ» .
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب القمي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عمران- أَبُو عبيد الله المرزباني- أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن يحيى الصولي قَالَ: إسحاق بن إبراهيم هو الذي أقدم أبا عبيدة من البصرة، سأل الفضل بن الربيع أن يقدمه، فورد أَبُو عبيدة في سنة ثمان وثمانين ومائة بغداد، فأخذ إسحاق عنه وعن الأصمّعي علما كثيرا.
أخبرني علي بن أيّوب، أخبرنا المرزباني، أخبرني الصولي، حدّثنا محمّد بن الفضل ابن الأسود، حَدَّثَنَا علي بن مُحَمَّد النوفلي قال: سمعت أبا عبيدة معمر بن المثنى يقول: قال الصولي.
وحَدَّثَنَا أَبُو ذكوان عن التوزي عن أبي عبيدة قال: أرسل إلي الفضل بن الربيع إلى البصرة في الخروج إليه، فقدمت عليه- وكنت أخبر عن تجبره، فأذن لي فدخلت- وهو في مجلس له طويل عريض فيه بساط واحد قد ملأه، وفي صدره فرش عالية، لا يرتقى إليها إلا على كرسي- وهو جالس عليها- فسلمت بالوزارة، فرد وضحك إلي واستدناني، حتى جلست مع فرشه ثم سألني وألطفني وبسطني. وقال: أنشدني، فأنشدته من عيون أشعار أحفظها جاهلية. فقال لي: قد عرفت أكثر هذه، وأريد من ملح الشعر فأنشدته فطرب وضحك، وزاد نشاطه. ثم دخل رجل في زي الكتاب له هيئة فأجلسه إلى جانبي، وقال له: أتعرف هذا؟ قال: لا قال هذا أَبُو عبيدة علامة أهل البصرة، أقدمناه لنستفيد من علمه، فدعا له الرجل وقرظه لفعله هذا. وقال لي: إن كنت إليك لمشتاقا، وقد سئلت عن مسألة أفتأذن لي أن أعرفك إياها؟ قلت: هات.
قال: قال الله تعالى: طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ
[الصافات 65] وإنما يقع الوعد والإيعاد بما قد عرف مثله، وهذا لم يعرف. فقلت: إنما كلم الله العرب على قدر كلامهم، أما سمعت قول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وهم لم يروا الغول قط، ولكنه لما كان أمر الغول يهولهم أو عدوا به. فاستحسن الفضل ذلك، واستحسنه السائل واعتقدت من ذلك اليوم أن أصنع كتابا في القرآن لمثل هذا وأشباهه، ولما يحتاج إليه من علمه. فلما رجعت إلى البصرة عملت كتابي الذي سميته المجاز، وسألت عن الرجل فقيل لي: هو من كتاب الوزير وجلسائه يقال له إبراهيم بن إِسْمَاعِيل بن داود الكاتب العبرتائي.
أخبرنا الجوهريّ، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أَبُو مزاحم الخاقاني قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جعفر مُحَمَّد بن فرج الغساني قَالَ: سمعت سلمة يَقُولُ: سمعت الفراء يَقُولُ لرجل: لو حمل لي أَبُو عبيدة لضربته عشرين في كتاب المجاز.
أخبرني علي بن أيّوب، أخبرنا عبيد الله المرزباني، حدثني عبد الله بن جعفر، حدّثنا المبرد- أحسبه عن الثوري- قال: بلغ أبا عبيدة أن الأصمّعي تعيب عليه تأليفه
كتاب المجاز في القرآن، وأنه قال: يفسر كتاب الله برأيه؟ قال: فسأل عن مجلس الأصمّعي في أي يوم؟ فركب حماره في ذلك اليوم ومر بحلقة الأصمعي، فنزل عن حماره وسلم عليه وجلس عنده وحادثه. ثم قال له: يا أبا سعيد ما تقول في الخبز أي شيء هو؟ قال: هو الذي نأكله ونخبزه، فقال له أَبُو عبيدة، قد فسرت كتاب الله برأيك. فإن الله قال: أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً
[يوسف 36] فقال الأصمعي: هذا شيء بان لي فقلته، لم أفسره برأيي. فقال أَبُو عبيدة: والذي تعيب علينا كله شيء بان لنا فقلناه ولم نفسره برأينا. ثم قام فركب حماره وانصرف.
أَخْبَرَنَا علي بْن المحسن بْن علي بْن مُحَمَّد التنوخي قَالَ: وجدت في كتاب جدي حَدَّثَنَا الجرمي بن أبي العلاء قال: أنشدنا أَبُو خالد يزيد بن مُحَمَّد المهلبي قال:
أنشدني إسحاق الموصليّ لنفسه قوله للفضل بن الربيع يهجو الأصمعي:
عليك أبا عبيدة فاصطعنه ... فإن العلم عند أبي عبيدة
وقدمه وآثره علينا ... ودع عنك الفريد بن الفريدة
أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق، أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الفضل بْن المأمون الهاشميّ، حَدَّثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن القاسم بْن بشار الأنباري، حدثني أبي، حدّثنا الحسن بن علي العنزي، حَدَّثَنَا أَبُو عثمان المازني قال: سمعت أبا عبيدة يقول: أدخلت على الرشيد فقال لي: يا معمر، بلغني أن عندك كتابا حسنا في صفة الخيل، أحب أن أسمعه منك فقال الأصمعي: وما تصنع بالكتب، يحضر فرس ونضع أيدينا على كل عضو منه، ونسميه ونذكر ما فيه، فقال الرشيد يا غلام فرس فأحضر فرس، فقام الأصمعي فجعل يده على عضو عضو، ويقول هذا كذا، قال فيه الشاعر كذا، حتى انقضى قوله. فقال لي الرشيد ما تقول فيما قال؟ قلت: قد أصاب في بعض وأخطأ في بعض، فالذي أصاب فيه مني تعلمه، والذي أخطأ فيه لا أدري من أين أتى به.
وأخبرنا حمزة، أخبرنا أبو الفضل محمّد بن الحسن، حدّثنا أبو بكر بن الأنباريّ، حَدَّثَنَا عبد الله بن عمرو بن لقيط قال: لما أخبر أَبُو نواس بأن الخليفة عمل على أن يجمع بين الأصمعي وأبي عبيدة، قال: أما أَبُو عبيدة فعالم ما ترك مع أسفاره يقرؤها.
والأصمعي. بمنزلة بلبل في قفص يسمع من نغمه لحونا. ويرى كل وقت من ملحه فتونا.
أخبرنا الْقَاضِي أبو العلاء الواسطي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر بن هارون النحوي- بالكوفة- أخبرنا أبو بكر الصولي، حَدَّثَنَا ثعلب قال: زعم الباهلي- صاحب المعاني- أن طلبة العلم كانوا إذا أتوا مجلس الأصمعي اشتروا البعر في سوق الدر، وإذا أتوا أبا عبيدة اشتروا الدر في سوق البعر. والمعنى أن الأصمّعي كان حسن الإنشاء والزخرفة لرديء الأخبار والأشعار، حتى يحسن عنده القبيح، وأن الفائدة عنده مع ذاك قليلة، وأن أبا عبيدة كان معه سوء عبارة وفوائد كثيرة، والعلم عنده جم.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي بن التوزي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عمران بن موسى الكاتب، حدّثنا محمّد بن يحيى، حدّثنا محمّد بن يزيد النّحويّ، حدّثنا أبو غسان زياد قال:
تكلم أَبُو عبيدة يوما في باب من العلم. ورجل يكسر عينه حياء له يوهمه أنه يعلم ما يقول. فقال أَبُو عبيدة:
يكلمني ويخلج حاجبيه ... لأحسب عنده علما دفينا
وما يدري قبيلا من دبير ... إذا قسم الذي يدري الظنونا
قال زياد: فكنا نرى أن البيتين لأبي عبيدة، وكان لا يقر بالشعر.
قرأت عَلِيّ الجوهري عَنْ أَبِي عُبَيْد اللَّهِ المرزباني قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن يحيى قَالَ:
قَالَ أَبُو العباس مُحَمَّد بن يزيد: كان أَبُو زيد أعلم من الأصمعي وأبي عبيدة بالنحو، وكانا بعده يتقاربان، وكان أَبُو عبيدة أكمل القوم.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْن أَحْمَد بن عثمان وأَبُو الْفَضْلِ عُبَيْد اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيَّانِ قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حدّثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جَدِّي قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جعفر المديني- وذكر أبا عبيدة معمر بن المثنى فأحسن ذكره وصحح روايته- وقال: كان لا يحكي عن العرب إلا الشيء الصحيح.
أخبرنا الأزهري، أخبرنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا إبراهيم بن محمّد الكندي، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّد بْن المثنى قَالَ: ومات أَبُو عبيدة النحوي سنة ثمان ومائتين.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن علي البزاز، أخبرنا محمّد بن عمران المرزباني، أخبرني محمّد بن يحيى، حدّثنا محمّد بن موسى البربريّ، حَدَّثَنِي إبراهيم بن أبي الحسين قال: حَدَّثَنِي علي بن أحمد بن سلمان، حَدَّثَنِي الخليل بن أسد بن إِسْمَاعِيل النوشجاني قال: أطعم مُحَمَّد بن القاسم بن سهل النوشجاني أبا عبيدة موزا، وكان
سبب موته ثم أتاه أَبُو العتاهية فقدم إليه موزا، فقال له: ما هذا يا أبا جعفر؟ قتلت أبا عبيدة بالموز، وترديد أن تقتلني به؟ لقد استحليت قتل العلماء.
قال الصولي: ومات أَبُو عبيدة سنة تسع ومائتين.
وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن عَلِيّ، أنبأنا المرزباني، حَدَّثَنِي المظفر بن يحيى قال: مات أَبُو عبيدة سنة تسع ومائتين وهو ابن ثلاث وتسعين سنة.
أَخْبَرَنَا عبيد الله بن أَحْمَد بن عمر الواعظ، حَدَّثَنِي أبي قَالَ: وجدت في كتاب جدي عن ابن عفير عن أبيه قال: مات أَبُو عبيدة معمر بن المثنى التيمي سنة إحدى عشرة ومائتين.
أَخْبَرَنَا الحسن بن مُحَمَّد الخلّال، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمران، أخبرنا محمّد ابن يحيى الصولي، قَالَ: سنة إحدى عشرة وَمائتين فيها مات أَبُو عبيدة معمر بن المثنى، وقيل: بل مات في سنة عشر، وقيل في سنة تسع.
قرأت في كتاب عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ: مات أَبُو عبيدة بالبصرة في سنة ثلاث عشرة ومائتين، وله ثمان وتسعون سنة.