Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=153722&book=5558#b8343f
محمد بن فضاء أبو أحمد الدمشقي
حدث عن موسى بن سعيد الراسبي، عن الشعبي، قال:
بينا شريحٌ سفي مجلس قضائه إذ أقبل فتىً وشيخ يختصمان إليه، قال: فكلما تكلم الشيخ بكلمةٍ أفلج عليه الفتى في حجته فأغاظ ذلك شريحاً فقال للفتى: اسكت فقال: لا والله يا قاضي مالك أن تسكتني؛ قال: لأنك فتى وهذا شيخ؛ قال: يا قاضي وما تنقم على قوم أثنى الله عليهم في القرآن، فقال: " إنهم فتيةٌ آمنوا بربهم " وقال عز وجل: " سمعنا فتىً يذكرهم يقال له إبراهيم " " وإذ قال موسى لفتاه " لولا أنه فتى صدقٍ ما صحبه موسى، قال: يا فتى أنت قاضٍ؟ تعال اقعد اقض قال: لا والله، ما لي ذلك دون أن أطعم قصتك وأستوفي منتك؛ قال: ثم استنطقه فإذا بفتىً كامل العقل وضيء الوجه، قال: يقول شريح في نفسه: لوددت لو أن لهذا الفتى أختاً فأتزوجها؛ قال: لو تمنيت الجنة كان أفضل؛ قال: لقد أقبلت يوماً من جنازةٍ مظهراً فأصابني الحر ورأيت سقيفةً فقلت: لو عدلت إلى هذه السقيفة فاستظللت واستسقيت ماءً، فلما صرت إلى السقيفة إذا باب دارٍ وإذا امرأةٌ نصفٌ قاعدةٌ خلفها جاريةٌ شابةٌ رودٌ، عليها ذؤابةٌ قد تسترت بها، قال: قلت: اسقوني ماءً، قالت: يا عبد الله أي الشراب أعجب
إليك، النبيذ أم اللبن أم الماء؟ قلت: أي ذلك تيسر عليكم، قالت: اسقوا الرجل لبناً فإني إخاله أعرابياً، قال: فلما أن شربت وحمدت الله قلت لها: من الجارية خلفك؟ قالت: ابنتي، قال: قلت: ومن هي؟ قالت: زينب بنت حدير؛ قلت: ممن؟ قالت: من نساء تميم؛ قلت: من أيها؟ قالت: من بني حنظلة، ثم من بني طهية؛ قلت: لها: أفارغةٌ أم مشغولةٌ؟ قالت: لا بل فارغة؛ قلت: تزوجينها؟ قالت: نعم إن كنت كفؤاً لها؛ قلت: فمن يلي أمرها؟ قالت: عمها؛ قال: فانصرفت إلى منزلي فامتنعت من القائلة فأرسلت إلى إخواني من القراء الأشراف مسروق بن الأجدع أمية ألك حاجة؟ قلت: إليك عمدت؛ قال: فيم ذلك؟ قال: جئت خاطباً؛ قال: من؟ قلت: زينب بنت حدير؛ قال: ما بها عنك رغبةٌ ولا تقصير؛ فحمدت الله وصليت على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكرت حاجتي؛ فحمد الله عز وجل وصلى على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزوجني؛ فوالله ما بلغت منزلي حتى ندمت، قلت: ما صنعت تزوجت امرأةً من بني طهية من حي جفاةٍ فأردت أن أفارقها، ثم قلت: سقطتين في يوم واحد لا، ولكني أجمعها إلي فإن رأيت الذي أحب وإلا كنت قادراً؛ فأرسلت إليها بصداقها وكرامتها فزفت إلي مع نساءٍ أترابٍ لها، فلما أن صارت بالباب قالت: السلام عليكم ورحمة الله؛ وأقبلن النساء ينخسنها ويقلن لها: هذا منك جفاء؛ قالت: سبحان الله، السلام والبركة فيه، فلما أن توسطت البيت قالت: يا قاضي، موضع مسجد البيت؟ فإن من السنة إذا دخلت المرأة على الرجل أن يقوم فيصلي ركعتين وتصلي خلفه ركعتين ويسألان الله خير ليلتهما تلك، ويتعوذان بالله من شرها؛ قال: قلت: خيرٌ ورب الكعبة؛ فقمت أصلي فإذا هي خلفي تصلي، فلما أن سلمت وثبت وثبةً فإذا هي في قبتها وسط فراشها قاعدةٌ؛ قال: ودخلت إليها فوضعت يدي على ناصيتها ودعوت لها بالبركة، قالت: نعم فبارك الله لك ولنا معك؛ قال: فأردت ما يريد الرجل؛ فقالت لي: هيه هيه على رسلك على حاجتك ما قدرت، الحمد لله أحمده وأستعينه
وصلى الله على محمدٍ، أما بعد؛ فإني امرأةٌ غريبةٌ لم أنشأ معك، وما سرت مسيراً أشد علي من هذا المسير وذلك أني لا أعرف أخلاقك، فأخبرني بأخلاقك التي تحب أكن معها، وأخلاقك التي تكره أزدجر عنها، أقول قولي هذا ويغفر الله لي ولك؛ قال: فاستطرت فرحاً، ثم قلت: أما بعد؛ قدمت خير مقدمٍ على أهل دارٍ زوجك سيد رجالهم، وأنت إن شاء الله سيدة نسائهم، أنا أحب من الأخلاق كذا وكذا وأكره من الأخلاق كذا؛ قالت: حدثني عن أختانك أتحب أن يزوروك؟ قلت لها: إني رجلٌ قاضٍ ما أحب أن يكثروا فيملوني، ولا يطيلوا فيهجروني؛ قالت: وفقك الله؛ قال: فبت بأنعم ليلةٍ باتها عروسٌ، ثم الليلة الأخرى أنعم منها، فليس من ليلةٍ إلا وأنا أنعم من صاحبتها، حتى إذا كان بعد سبعٍ قالت لأنها: يا أمتاه انصرفي إلى منزلك ولا تأتيني إلى حولٍ قابلٍ في هذا الأوان، ولا تتركيني من الهدايا؛ قال: فكان الرسول يجيء بالأطباق الملاء ويأخذ الفارغ شبه الطير الخاطف، حتى إذا كان رأس الحول أتتها أمها وقد ولدت غلاماً وكان شريح رجلاً غيوراً فإذا بامرأة تأمر وتنهى في بيته فقال: يا زينب من هذه المرأة؟ قالت له: هذه ختنتك
فلانة أمي؛ قال شريح: سبحان الله قد آن لك؛ قالت العجوز: يا أبا أمية كيف ترى زوجتك؟ قلت: بالخير؛ قالت: يا أبا أمية إن الرجال لم يبتوا بشيءٍ مثل الخرقة الورهاء، ولا تكون المرأة عند زوجها بأسوأ حالٍ منها في حاليه: إذا حظيت عند زوجها أو ولدت له غلاماً، فإن رابك من أهلك ريبٌ فالسوط؛ قال لها: قد كفيت الرياضة وأحسنت الأدب، أنا أشهد أنها ابنتك؛ قالت العجوز: يا أبا أمية، أخوها بالباب يطلب الإذن عليها، تأذن له؟ قال: إي والله، فليدخل؛ فلما دخل إذا بالفتى الذي كان يخاصم الشيخ قال: وإنك لهو؟ قال: نعم؛ قال: أما إني لو تمنيت الجنة كان أفضل، تذكر يوم كنت تخاصم الشيخ؟ قال: أذكره؛ قال: فإني تمنيت أن تكون أختٌ لك عندي؛ قال: يا قاضي فإن الذي أعطاك مناك قادرٌ أن يعطيكها في الآخرة؛ ثم إنه ضم الصبي ونحله ذهباً؛ ثم قال: أرشد الله أمركم ووفقكم لحظكم، ومضى. أمي؛ قال شريح: سبحان الله قد آن لك؛ قالت العجوز: يا أبا أمية كيف ترى زوجتك؟ قلت: بالخير؛ قالت: يا أبا أمية إن الرجال لم يبتوا بشيءٍ مثل الخرقة الورهاء، ولا تكون المرأة عند زوجها بأسوأ حالٍ منها في حاليه: إذا حظيت عند زوجها أو ولدت له غلاماً، فإن رابك من أهلك ريبٌ فالسوط؛ قال لها: قد كفيت الرياضة وأحسنت الأدب، أنا أشهد أنها ابنتك؛ قالت العجوز: يا أبا أمية، أخوها بالباب يطلب الإذن عليها، تأذن له؟ قال: إي والله، فليدخل؛ فلما دخل إذا بالفتى الذي كان يخاصم الشيخ قال: وإنك لهو؟ قال: نعم؛ قال: أما إني لو تمنيت الجنة كان أفضل، تذكر يوم كنت تخاصم الشيخ؟ قال: أذكره؛ قال: فإني تمنيت أن تكون أختٌ لك عندي؛ قال: يا قاضي فإن الذي أعطاك مناك قادرٌ أن يعطيكها في الآخرة؛ ثم إنه ضم الصبي ونحله ذهباً؛ ثم قال: أرشد الله أمركم ووفقكم لحظكم، ومضى.
قال شريح: فلبثت معي عشرين سنةً وما بكتت عليها في تلك السنين إلا يوماً واحداً كنت لها
ظالماً أيضاً؛ قالوا: وكيف؟ قال: كنت إمام قومي وصليت ركعتي الفجر وسمعت الإقامة فبادرت فأبصرت عقرباً فكرهت أن أضربها فتنضح علي منها فاكفيت عليها الإناء ثم قلت لها: يا زينب لا تعجلي بتحريك الإناء حتى أقبل؛ فأقبلت فإذا هي تلوى؛ قلت: مالك؟ قالت: ضربتني العقرب؛ قال: أولم أنهك؟ هكذا من خالف؟ لي في هذا عظةً وعبرةً؛ قال: فلو رأيتني يا شعبي وأنا أمغث إصبعها بالماء والملح وأقرأ عليها بفاتحة الكتاب والمعوذتين، وكان لي جارٌ من كندة يقال له: ميسرة بن عدي لا يزال يقرع مريةً له، وذلك حيث يقول: من الطويل
رأيت رجالاً يضربون نساءهم ... فشلت يميني يوم أضرب زينبا