محمد بن عبد الرحمن بن ذؤيب سمع من عبد الله بن الزبير روى عنه عبد الله بن الوليد بن عبد الله بن معقل بن مقرن المزني سمعت أبي يقول ذلك.
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl - ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 17284 14133. محمد بن عبد الرحمن بن القارة2 14134. محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة3 14135. محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان القرشي4 14136. محمد بن عبد الرحمن بن جبر الانصاري1 14137. محمد بن عبد الرحمن بن خلاد الانصاري2 14138. محمد بن عبد الرحمن بن ذؤيب214139. محمد بن عبد الرحمن بن سهم الانطاكي5 14140. محمد بن عبد الرحمن بن شداد1 14141. محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله7 14142. محمد بن عبد الرحمن بن عبيد مولى ال طلحة...1 14143. محمد بن عبد الرحمن بن عرق ابو الوليد اليحصبي...1 14144. محمد بن عبد الرحمن بن عمرو4 14145. محمد بن عبد الرحمن بن عمرو الاوزاعي2 14146. محمد بن عبد الرحمن بن عنج2 14147. محمد بن عبد الرحمن بن عوف2 14148. محمد بن عبد الرحمن بن غنم1 14149. محمد بن عبد الرحمن بن فرقد2 14150. محمد بن عبد الرحمن بن قارب2 14151. محمد بن عبد الرحمن بن مجبر4 14152. محمد بن عبد الرحمن بن مهران المزني1 14153. محمد بن عبد الرحمن بن نضلة الدؤلي3 14154. محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ابو الاسود القرشي الاسدي...1 14155. محمد بن عبد الرحمن بن يحنس3 14156. محمد بن عبد الرحمن بن يزيد النخعي3 14157. محمد بن عبد الرحيم ابو يحيى4 14158. محمد بن عبد الصمد بن جابر1 14159. محمد بن عبد العزيز التيمي الكوفي1 14160. محمد بن عبد العزيز الجرمي2 14161. محمد بن عبد العزيز الدينوري2 14162. محمد بن عبد العزيز الراسبي2 14163. محمد بن عبد العزيز الرملي5 14164. محمد بن عبد العزيز العوفي2 14165. محمد بن عبد العزيز بن ابي رزمة5 14166. محمد بن عبد العزيز بن عمر4 14167. محمد بن عبد العزيز بن جريج1 14168. محمد بن عبد الكريم الرازي1 14169. محمد بن عبد الكريم المروزي2 14170. محمد بن عبد الله40 14171. محمد بن عبد الله ابن ابي سارة1 14172. محمد بن عبد الله ابو الدهماء البصري2 14173. محمد بن عبد الله الاسدي1 14174. محمد بن عبد الله الاعشي القارئ1 14175. محمد بن عبد الله البصري4 14176. محمد بن عبد الله البينوني ابو عبد الله...1 14177. محمد بن عبد الله التميمي العمي1 14178. محمد بن عبد الله الجبلاني1 14179. محمد بن عبد الله الدؤلي1 14180. محمد بن عبد الله الدباغ الكوفي1 14181. محمد بن عبد الله الرزي ابو جعفر1 14182. محمد بن عبد الله السنجي1 14183. محمد بن عبد الله الصراري2 14184. محمد بن عبد الله العبسي1 14185. محمد بن عبد الله الكناني8 14186. محمد بن عبد الله المقرئ ابو عبد الله...1 14187. محمد بن عبد الله بن ابي جعفر1 14188. محمد بن عبد الله بن ابي حرة1 14189. محمد بن عبد الله بن ابي خيرة1 14190. محمد بن عبد الله بن ابي سعيد1 14191. محمد بن عبد الله بن ابي سليم2 14192. محمد بن عبد الله بن ابي عتيق3 14193. محمد بن عبد الله بن ابي مريم2 14194. محمد بن عبد الله بن ابي هذبة1 14195. محمد بن عبد الله بن ابي يعقوب3 14196. محمد بن عبد الله بن ادريس1 14197. محمد بن عبد الله بن اسمعيل1 14198. محمد بن عبد الله بن اسيد3 14199. محمد بن عبد الله بن افلح الطائفي1 14200. محمد بن عبد الله بن الجنيد ابو عبد الله النيسابوري...1 14201. محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابى طالب...1 14202. محمد بن عبد الله بن الزبير ابو احمد الزبيري الكوفي...1 14203. محمد بن عبد الله بن العباس1 14204. محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي3 14205. محمد بن عبد الله بن المثني2 14206. محمد بن عبد الله بن انسان الطائفي1 14207. محمد بن عبد الله بن بزيع البصري1 14208. محمد بن عبد الله بن بكر الصنعاني1 14209. محمد بن عبد الله بن جبير مولى علي بن ابي طالب ...1 14210. محمد بن عبد الله بن جحش4 14211. محمد بن عبد الله بن حبيب الواسطي1 14212. محمد بن عبد الله بن حسن2 14213. محمد بن عبد الله بن حسين2 14214. محمد بن عبد الله بن حوشب الطائفي5 14215. محمد بن عبد الله بن داود الانصاري2 14216. محمد بن عبد الله بن زيد5 14217. محمد بن عبد الله بن سابور الرقي1 14218. محمد بن عبد الله بن سلام3 14219. محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي1 14220. محمد بن عبد الله بن صفوان1 14221. محمد بن عبد الله بن صيفي3 14222. محمد بن عبد الله بن طاوس2 14223. محمد بن عبد الله بن عباد3 14224. محمد بن عبد الله بن عبد الحكم1 14225. محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن9 14226. محمد بن عبد الله بن عبد القاري3 14227. محمد بن عبد الله بن عبيد5 14228. محمد بن عبد الله بن عتبة1 14229. محمد بن عبد الله بن عتيك الانصاري1 14230. محمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعي1 14231. محمد بن عبد الله بن علاثة القاضي3 14232. محمد بن عبد الله بن عمرو8 ◀ Prev. 100▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 17284 14133. محمد بن عبد الرحمن بن القارة2 14134. محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة3 14135. محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان القرشي4 14136. محمد بن عبد الرحمن بن جبر الانصاري1 14137. محمد بن عبد الرحمن بن خلاد الانصاري2 14138. محمد بن عبد الرحمن بن ذؤيب214139. محمد بن عبد الرحمن بن سهم الانطاكي5 14140. محمد بن عبد الرحمن بن شداد1 14141. محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله7 14142. محمد بن عبد الرحمن بن عبيد مولى ال طلحة...1 14143. محمد بن عبد الرحمن بن عرق ابو الوليد اليحصبي...1 14144. محمد بن عبد الرحمن بن عمرو4 14145. محمد بن عبد الرحمن بن عمرو الاوزاعي2 14146. محمد بن عبد الرحمن بن عنج2 14147. محمد بن عبد الرحمن بن عوف2 14148. محمد بن عبد الرحمن بن غنم1 14149. محمد بن عبد الرحمن بن فرقد2 14150. محمد بن عبد الرحمن بن قارب2 14151. محمد بن عبد الرحمن بن مجبر4 14152. محمد بن عبد الرحمن بن مهران المزني1 14153. محمد بن عبد الرحمن بن نضلة الدؤلي3 14154. محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ابو الاسود القرشي الاسدي...1 14155. محمد بن عبد الرحمن بن يحنس3 14156. محمد بن عبد الرحمن بن يزيد النخعي3 14157. محمد بن عبد الرحيم ابو يحيى4 14158. محمد بن عبد الصمد بن جابر1 14159. محمد بن عبد العزيز التيمي الكوفي1 14160. محمد بن عبد العزيز الجرمي2 14161. محمد بن عبد العزيز الدينوري2 14162. محمد بن عبد العزيز الراسبي2 14163. محمد بن عبد العزيز الرملي5 14164. محمد بن عبد العزيز العوفي2 14165. محمد بن عبد العزيز بن ابي رزمة5 14166. محمد بن عبد العزيز بن عمر4 14167. محمد بن عبد العزيز بن جريج1 14168. محمد بن عبد الكريم الرازي1 14169. محمد بن عبد الكريم المروزي2 14170. محمد بن عبد الله40 14171. محمد بن عبد الله ابن ابي سارة1 14172. محمد بن عبد الله ابو الدهماء البصري2 14173. محمد بن عبد الله الاسدي1 14174. محمد بن عبد الله الاعشي القارئ1 14175. محمد بن عبد الله البصري4 14176. محمد بن عبد الله البينوني ابو عبد الله...1 14177. محمد بن عبد الله التميمي العمي1 14178. محمد بن عبد الله الجبلاني1 14179. محمد بن عبد الله الدؤلي1 14180. محمد بن عبد الله الدباغ الكوفي1 14181. محمد بن عبد الله الرزي ابو جعفر1 14182. محمد بن عبد الله السنجي1 14183. محمد بن عبد الله الصراري2 14184. محمد بن عبد الله العبسي1 14185. محمد بن عبد الله الكناني8 14186. محمد بن عبد الله المقرئ ابو عبد الله...1 14187. محمد بن عبد الله بن ابي جعفر1 14188. محمد بن عبد الله بن ابي حرة1 14189. محمد بن عبد الله بن ابي خيرة1 14190. محمد بن عبد الله بن ابي سعيد1 14191. محمد بن عبد الله بن ابي سليم2 14192. محمد بن عبد الله بن ابي عتيق3 14193. محمد بن عبد الله بن ابي مريم2 14194. محمد بن عبد الله بن ابي هذبة1 14195. محمد بن عبد الله بن ابي يعقوب3 14196. محمد بن عبد الله بن ادريس1 14197. محمد بن عبد الله بن اسمعيل1 14198. محمد بن عبد الله بن اسيد3 14199. محمد بن عبد الله بن افلح الطائفي1 14200. محمد بن عبد الله بن الجنيد ابو عبد الله النيسابوري...1 14201. محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابى طالب...1 14202. محمد بن عبد الله بن الزبير ابو احمد الزبيري الكوفي...1 14203. محمد بن عبد الله بن العباس1 14204. محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي3 14205. محمد بن عبد الله بن المثني2 14206. محمد بن عبد الله بن انسان الطائفي1 14207. محمد بن عبد الله بن بزيع البصري1 14208. محمد بن عبد الله بن بكر الصنعاني1 14209. محمد بن عبد الله بن جبير مولى علي بن ابي طالب ...1 14210. محمد بن عبد الله بن جحش4 14211. محمد بن عبد الله بن حبيب الواسطي1 14212. محمد بن عبد الله بن حسن2 14213. محمد بن عبد الله بن حسين2 14214. محمد بن عبد الله بن حوشب الطائفي5 14215. محمد بن عبد الله بن داود الانصاري2 14216. محمد بن عبد الله بن زيد5 14217. محمد بن عبد الله بن سابور الرقي1 14218. محمد بن عبد الله بن سلام3 14219. محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي1 14220. محمد بن عبد الله بن صفوان1 14221. محمد بن عبد الله بن صيفي3 14222. محمد بن عبد الله بن طاوس2 14223. محمد بن عبد الله بن عباد3 14224. محمد بن عبد الله بن عبد الحكم1 14225. محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن9 14226. محمد بن عبد الله بن عبد القاري3 14227. محمد بن عبد الله بن عبيد5 14228. محمد بن عبد الله بن عتبة1 14229. محمد بن عبد الله بن عتيك الانصاري1 14230. محمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعي1 14231. محمد بن عبد الله بن علاثة القاضي3 14232. محمد بن عبد الله بن عمرو8 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl - ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=148034&book=5525#059183
محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب أبو عبد الله الذُهلي مولاهم النيسابوري.
مات سنة خمس وخمسين ومائتين.
وقيل: مات بعد أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري.
ومات البخاري ليلة الفطر سنة ست وخمسين ومائتين.
روى عن: أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري البخاري القاضي البصري، وأبي محمد عبيد الله بن موسى بن باذام العبسي الكوفي، وأبي بكر عبد الرازق بن همام بن نافع الحميري الصنعاني، وأبي محمد عثمان بن عمر ابن فارس بن لقيط البصري، وابي عثمان عفان بن مسلم الأنصاري مولاهم الصفار نزيل بغداد، وأبي أيوب سليمان بن حرب الواشحي قاضي مكة، وأبي المورع المحاضر بن المورع الهمداني، وابي سعيد حماد بن مسعد التميمي ويقال: الباهلي مولاهم البصري، وأبي عبد الله محمد بن عبدي الحنفي الطنافسي الكوفي، وأبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي البصري المعروف بعارم، وابي عمرو عبد الله بن رجاء الغدائي البصري، وأبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل النفيلي الحراني، وأبي محمد حجاج بن منهال السلمي البرساني الأنماطي البصري، وأبي حفص عمر بن حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، وأبي الحسن عاصم بن علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، وأبي يحيى محمد بن موسى بن أعين الجزري، وأبي عبد الله محمد بن وهب بن عطية السلمي الدمشقي، وأبي جعفر ويقال: أبو سعيد محمد بن سابق التميمي، وأبي محمد سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري، وأبي القاسم عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي، وأبي حفص عمرو بن أبي سلمة التنيسي، وأبي أحمد حسين بن محمد التميمي المروروذي، وأبي الحسن أحمد بن أبي شعيب الحراني، وأبي جعفر أحمد بن صالح المصري، وأبي يعقوب إسحاق ابن محمد القروي، وابي عمرو عثمان بن الهيثم بن الجهم العبدي البصري، وأبي
الحسين شريح بن النعمان الجوهري البغدادي، وابي زكريا يحيى بن صالح الوحاظي، وأبي زكريا يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي وغيرهم.
روى عنه: أبو داود السجستاني، وأبو عيسى الترمذي، وأبو عبد الله النسائي، وأبو العباس السراج، وأبو بكر بن خزيمة، وابو بكر النيسابوري، وأبو حاتم الرازي، وابو علي الحسين بن محمد بن زياد القباني، وأبي عبد الله محمد ابن نصر المروزي، وأبو جعفر محمد بن سليمان بن داود المنقري، وأبو الفضل عياش ابن محمد الدوري وغيرهم.
وروى عنه من شيوخه: أبو صالح عبد الله بن صالح الجهني كاتب الليث ابن سعد، وأبو محمد سعيد بن الحكم بن أبي مريم المصري، وأبو موسى محمد ابن المثنى العبدي الزمني البصري.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: كتب أبي عنه بالري وهو ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين.
ثم قال: ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: ثقة صدوق.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي محمد بن يحيى بن عبد الله أبو عبد الله نيسابوري ثقة ثبت، أحد الأئمة في الحديث.
وقال أبو الحسن الدارقطني، محمد بن يحيى الذهلي ثقة حافظ.
وقال أبو القاسم اللالكائي: أنا العلاء بن محمد ومحمد بن أحمد بن الحسن الرازي قالا: سمعنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعت أبي يقول: محمد بن يحيى الذُهلي إمام أهل زمانه.
وقال محمد بن سهل بن عسكر، كنا عند أحمد بن حنبل فدخل عليه محمد ابن يحيى فقام إليه أحمد وتعجب منه الناس، ثم قال لبنيه وأصحابه: اذهبوا إلى أبي عبد الله فاكتبوا عنه.
وقال أبو عمر أحمد بن نصر بن إبراهيم الخفاف النيسابوري: رأيت محمد ابن يحيى بعد وفاته في المنام فقتل: يا أبا عبد الله، ما فعل بك ربك؟ قال: غفر لي، قال: قلت فما فعل بحديثك قال: كتب بماء الذهب ورفع في عليين.
قال محمد: حدث البخاري عن محمد بن يحيى هذا في غير موضع من الجامع فلم ينسبه إلى أبيه يحيى، فمن ذلك ما ذكر في آخر تفسير سورة البقرة
فقال: ثنا محمد: ثنا النفيلي: ثنا مسكين، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن مروان الأصفر، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن عمر أنها قد نسخت (إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه ...) الآية.
فقيل: إن محمدًا هذا هو محمد بن يحيى الذهلي، قاله أبو عبد الله الحاكم.
وروى أبو عيسى الترمذي في مصنفه عن محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد النفيلي.
وذكر أبو نصر الكلاباذي في كتاب الإرشاد في اسم مسكين بن بكير فقال: وقال لي أبو عبد الله بن البيع الحافظ: إن محمدًا هذا هو ابن إبراهيم البوشنجي، وهذا الحديث مما أملاه بنيسابور البوشنجي والله أعلم.
قال محمد: سقط ذكر محمد هذا من كتاب ابن السكن.
وقال البخاري في تفسير سورة براءة:
ثنا محمد: أنا أحمد بن أبي شعيب: ثنا موسى بن أعين: ثنا إسحاق بن راشد أن الزهري حدثه وذكر حديث نوبة بن كعب ابن مالك مختصرًا.
فقيل: إن محمد هذا هو محمد بن يحيى الذُهلي.
وقيل: هو محمد بن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري.
وقيل: هو محمد بن إبراهيم البوشنجي.
ولم يقع في نسخه ابن السكن ذكر محمد هذا قبل أحمد بن أبي شُعيب وثبت لغيره من الرواية.
وروى هذا الحديث أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف، عن محمد بن يحيى الذهلي، عن أحمد بن ابي شعيب الحراني، عن موسى بن أعين بإسناده.
وقال البخاري في: الإحصار وجزاء الصيد:
ثنا محمد: ثنا يحيى بن صالح، ونذكر هذا إن شاء الله في باب يحيى من هذا الكتاب.
وقال البخاري في تفسير سورة بني إسرائيل: ثنا محمد قال: نا حجاج بن منهال.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى يعني الذُهلي.
وقد تقدم الخلاف فيه في باب حجاج من هذا الكتاب.
وقال البخاي في كتاب الجنائز: ثنا محمد قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، عن الأوزاعي قال: أخبرني ابن شهاب: أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوى وتشميت العاطس".
ومحمد غير منسوب هذا هو محمد بن يحيى الذُهلي، قاله أبو عبد الله الحاكم.
وذكره أبو نصر الكلاباذي في كتاب الإرشاد فقال: ومحمد غير منسوب يقال أنه محمد بن يحيى الذُهلي.
قال محمد: حدث أبو عيسى الترمذي في مصنفه عن محمد بن يحيى، عن عمرو بن أبي سلمة أبي حفص التنيسي.
وقد روى بقية بن الوليد وبشر بن بكر هذا الحديث عن الأوزاعي فقال: أبو عبد الرحمن النسائي في مصنفه: أنا عمرو بن عثمان: ثنا بقية، عن الأوزاعي قال: أخبرني ابن شهاب أن سعيد بن المسيب أخبره أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدادي، وتشميت العاطس".
وقال أبو جعفر الطحاوي في كتاب المشكل: نا يونس بن عبد الأعلى قال: أخبري بشر بن بكر قال: أخبرني الأزواعي، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس".
وقد روى هذا الحديث أيضًا محمد بن يحيى الذُهلي، عن عبد الرازق، عن معمر، عنا لزهري حدثني به أبو عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون الأنصاري قراءة مني عليه: ثنا عبد الرحمن بن محمد: ثنا أبي: ثنا عبد الرحمن بن مروان: ثنا الحسن بن يحيى: ثنا ابن الجارود: ثنا محمد بن يحيى قال: ثنا عبد الرازق قال: أنا
معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس يجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة".
وأخرجه مسلم في مسنده الصحيح، عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق.
وقال البخاري في المغازي في باب: مرض النبي صلى الله عليه وسلم: ثنا محمد: ثنا عفان: ثنا صخر بن جويرية ... الحديث.
ومحمد غير منسوب هذا هو محمد بن يحيى الذُهلي قاله أبو عبد الله الحاكم.
وقال البخاري في تفسير سورة اقتربت الساعة: ثنا محمد: ثنا عفان بن مسلم، عن وهيب ... الحديث.
وهذا عندي محمد بن يحيى الذُهلي، وسقط ذكر محمد هذا في هذا الموضع قبل عفان من نسخة ابن السكن. وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عفان.
وقال البخاري في العيدين: ثنا محمد: ثنا عمر بن حفص بن غياث: ثنا أبي، عن عاصم، عن حفصة، عن أم عطية هكذا عند أبي ذر الهروي.
وكذلك أخرجه أبو مسعود الدمشقي في كتابه.
وذكره أيضًا أبو عبد الله الحاكم وقال: هو محمد بن يحيى ـ يعني الذُهلي ـ وسقط عن أبي علي بن السكن، وابي أحمد الجرجاني، وأبي زيد المروزي ذكر محمد قبل عمر.
وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عمر بن حفص بن غياث.
وقال البخاري في التفسير في سورة بني إسرائيل: ثنا محمد: ثنا عبد الله بن رجاء: ثنا همام ... الحديث.
ومحمد غير منسوب هذا هو محمد بن يحيى، قاله أبو عبد الله الحاكم.
وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقي عن محمد بن يحيى، عن عبد الله
ابن رجاء.
وقال البخاري في البيوع: ثنا محمد: ثنا عبد الله بن يزيد يعني المقرئ، ولم أر أحدًا نسب محمدًا هذا، ولعله محمد بن يحيى الذهلي.
وقال البخاري في آخر كتاب اللباس، في باب الذريرة: ثنا عثمان بن الهيثم أو محمد، عنه، عن ابن جريج ومحمد هذا يقال: أنه ابن يحيى الذهلي، وقد حدث ابن جالرود في كتاب المنتقي له عن محمد بن يحيى، عن عثمان بن الهيثم وقال في كتاب الحج، في باب الإدلاج من المحصب: وزادني محمد: ثنا محاضر: ثنا الأعمش.
فنسبه ابن السكن محمد بن سلام، وقيل هو محمد بن يحيى الذهلي.
وقدحدث ابن الجرود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن محاضر.
وقال البخاري في تفسير سورة المائدة: وزادني محمد، عن أبي النعمان قال: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة فنزل تحريم الخمر ... الحديث،
يقال: هو محمد بن يحيى الذهلي.
وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى له عن محمد بن يحيى، عن أبي النعمان.
وقال البخاري في باب ذكر الملائكة:
ثنا محمد: ثنا ابن أبي مريم: أنا الليث، عن ابن أبي جعفر، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة تنزل في العنان وهو السحاب ... " الحديث.
هكذا روى عن أبي ذر الهروي، عن أبي الهيثم الكشميهني، ولم يوجد لغيره، لا عند ابن السكن ولا الأصيلي ولا عند أبي مسعود الدمشقي، فإن كان محفوظًا فهو محمد بن يحيى الذُهلي.
وقد حدث ابن الجارود عن محمد بن يحيى، عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم.
وقال البخاري في كتاب التوحيد:
ثنا محمد ثنا أحمد بن صالح قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو، عن ابن أبي هلال أن أبا الرجال حدثه عن أمه عمرة، عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية ... الحديث.
هكذا في نسخة أبي ذر، وكذلك في نسخة الأصيلي، عن أبي أحمد.
وذكره أبو نصر الكلاباذي فقال: وهو فيما أحسب ابن يحيى الذُهلي، وكذلك نسبه أبو عبد الله الحاكم محمد بن يحيى، وهو عندي صحيح فقد حدث عنه، وسقط من نسخة ابن السكن ذكر محمد الذي قبل أحمد بن صالح.
وقال البخاري في العتق: ثنا محمد: ثنا عبد الرازق: وأنا عمر.
وقال أيضًا في الفتن: ثنا محمد: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر، فنسبه أبو عبد الله الحاكم محمد بن يحيى.
ونسب ابن السكن الذي في كتاب العتق محمد بن سلام.
وقد حدث الترمذي في مصنفه عن محمد بن يحيى، عن عبد الرزاق.
وكذلك حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عبد الرزاق.
وقال البخاري في سورة الكهف:
ثنا محمد بن عبد الله: ثنا سعيد بن أبي مريم: أنا المغيرة يعني ابن عبد الرحمن قال: حدثني أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة" وقال: اقرءوا إن شئتم (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا).
وعن يحيى بن بكير، عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد مثله، وهو محمد بن يحيى بن عبد الله الذُهلي.
ذكره أبو مسعود الدمشقي في كتاب الأطراف.
وقد أخرج مسلم بن الحجاج هذا الحديث في المسند الصحيح عن أبي بكر ابن إسحاق هو الصاغاني، عن يحيى بن بكير بإسناده مثله.
وقال البخاري في تفسير سورة ص.
ثنا محمد بن عبد الله: ثنا بن عبيد الطنافسي، عن العوام يعني ابن حوشب قال: سألت مجاهدًا عن سجدة (ص) ... الحديث.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى بن عبد الله يعني الذُهلي، نسبة إلى جده.
وذكره أبو نصر الكلاباذي فقال: أراه ابن يحيى بن عبد الله الذُهلي، قلت: وقد حدث ابن الجارود في المنتقى عن محمد بن يحيى، عن محمد بن عبيد هذا وقد حدث البخاري عن محمد بن بشار، عن غندر، عن شعبة، عن العوام بن حوشب هذا الحديث في تفسير هذه السورة قبل حديث محمد بن عبد الله.
وذكره أيضًا في الأنبياء في ذكر داود فقال: ثنا محمد: ثنا سهل بن يوسف قال: سمعت العوام، عن مجاهد قال: قلت لابن عباس: أأسجد في ص؟ فقرأ (ومن ذريته داود وسليمان). حتى (فبهداهم اقتده) فقال: نبيكم صلى الله عليه وسلم ممن أمر أن يقتدى بهم.
نسب محمد هذا ابن السكن في نسخته محمد بن سلام.
وقال أبو نصر الكلاباذي: سألت أبا أحمد الحافظ عنه فقال: هو ابن المثنى.
وقد حدث البخاري عن محمد بن بشار، عن ابن أبي عدي، وسهل بن يوسف، عن سعيد يعني ابن أبي عروبة، عن قتادة عن أنس في الجهاد نا محمد ابن عبد الله: ثنا حسين بن محمد: ثنا شيبان، نسبه ابن السكن محد بن عبد الله بن المبارك المخرمي.
وقال أبو نصر الكلاباذي: هو محمد بن يحيى بن عبد الله الذُهلي نسبه إلى جده.
وقال البخاري في بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الخرقان من جهينة: ثنا محمد بن عبد الله: ثنا حماد بن مسعدة، عن يزيد، عن سلمة يعني ابن الأكوع.
ذكره أبو نصر الكلاباذي فقال: وهو فيما يقال محمد بن يحيى بن عبد الله
الذُهلي النيسابوري، نسبه البخاري إلى جده.
قلت: وقد حدث ابن الجارود في المنتقى عن محمد بن يحيى، عن حماد بن مسعدة هذا.
وقال البخاري في الكفارات:
ثنا محمد بن عبد الله قال: نا عثمان بن عمر بن فارس قال: أنا ابن عون، عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسأل الإمارة ... " الحديث.
ومحمد بن عبد الله هذا هو: محمد بن يحيى بن عبد الله الذُهلي نسبه البخاري إلى جده، قاله أبو عبد الله الحاكم.
وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عثمان بن عمر هذا بهذا الحديث.
وقال البخاري في الحدود:
ثنا محمد بن عبد الله: ثنا عاصم بن علي: ثنا عاصم بن محمد، عن واقد بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث تحريم مكة.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى بن عبد الله يعني الذُهلي، نسبه إلى جده.
وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عاصم بن علي.
وقال البخاري في القسامة في باب: حنين المرأة:
ثنا محمد بن عبد الله: ثنا محمد بن سابق: ثنا زائدة: ثنا هشام بن عروة، عن ابيه أنه سمع المغيرة بن شعبة يحدث عن عمر أنه استشارهم في إملاص المرأة.
قال أبو نصر الكلاباذي: يقال إنه محمد بن يحيى بن عبد الله الذُهلي.
قال البخاري في كتاب الصلح:
ثنا محمد بن عبد الله قال: نا عبد العزيز الأويسي، وإسحاق بن محمد القروي قالا: ثنا محمد بن جعفر، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد أن أهل قباء اقتتلوا ... الحديث.
هكذا ذكره أكثر الشيوخ وكذا أخرجه أبو مسعود الدمشقي عن البخاري في كتاب الأطراف يقال: إنه محمد بن يحيى بن عبد الله الذُهلي، نسبه البخاري إلى جده.
وقد حدث أبو عيسى الترمذي في مصنفه عن محمد بن يحيى، عن إسحاق ابن محمد الفروي.
وسقط ذكر محمد هذا قبل إسحاق وعبد العزيز الأويسي من رواية أبي أحمد الجرجاني ومن نسخة النسفي عن البخاري.
وقال البخاري في كتاب الأحكام:
ثنا محمد بن خالد: ثنا الأنصاري محمد يعني ابن عبد الله بن المثنى: حدثني أبي، عن ثمامة، عن أنس بن مالك أن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم منزلة صاحب الشرط من الأمير.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي، نسبه إلى جد أبيه.
وقال أبو نصر الكلاباذي، يقال إنه محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي.
قلت: وقد حدث ابن الجارود في المنتقى له عن محمد بن يحيى، عن محمد ابن عبد الله بن المثنني.
وقال أبو عيسى الترمذي في مصنفعه في مناقب قيس بن سعد بن عبادة:
ثنا محمد بن مرزوق البصري ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري: ثنا أبي عن
ثمامة عن أنس قال: كان قيس بن سعد من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرط من الأمير. قال الأنصاري: يعني مما يلي من أموره.
ثم قال الترمذي:
ثنا محمد بن يحيى: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري نحوه، ولم يذكر فيه قول الأنصاريز
وقال البخاري في كتاب التوحيد:
ثنا محمد بن خالد: ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن منصور عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن آخر أهل الجنة دخولاً وآخر أهل النار خروجًا من النار رجل يخرج حبوًا، فيقول له ربه: ادخل الجنة، فيقول: أي رب الجنة ملء، فيقول له ذلك ثلاث مرات كل ذلك يعيد عليه الجنة ملء فيقول: إن لك مثل الدنيا عشر مرات".
أبو نصر الكلاباذي: محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي.
وقال أيضًا أبو عبد الله الحاكم: قلت: وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عبيد الله بن موسى.
وقال البخاري في كتاب الصوم، في باب من مات وعليه صوم:
ثنا محمد بن خالد: ثنا محمد بن موسى بن أعين: ثنا ابي، عن عمرو بن الحارث، عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه عن عروة ابن الزبير، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه".
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي، نسبه إلى جد أبيه.
وقال أبو نصر الكلاباذي: يقال أنه محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي النيسابوري.
قلت: وقد حدث ابن الجارود في المنتقى عن محمد بن يحيى، عن محمد بن
موسى بن أعين هذا الحديث.
وأخرج مسلم هذا الحديث في مسنده الصحيح عن هارون بن سعيد الأيلي، وأحمد بن عيسى التستري، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث.
وقال البخاري في الطب في باب رقية العين: ثنا محمد بن خالد: ثنا محمد ابن وهب بن عطية الدمشقي: ثنا محمد بن حرب: ثنا محمد بن الوليد الزبيدي قال: أنا الزهري، عن عروة، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية وفي وجهها سفعة فقال: "استرقوا لها فإن بها النظرة".
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي نسبه إلى جد أبيه.
وقال ابي نصر الكلاباذي: يقال: إنه محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي.
قلت: وقد حدث ابن الجارود بهذا الحديث عن محمد بن يحيى، عن محمد ابن وهب بن عطية خارج المنتقى.
وأخرجه مسلم في صحيحه عن أبي الربيع سليمان بن داود البغدادي الأحول، عن محمد بن حرب بإسناده.
قال محمد: وقد ذكر أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني في أسامة شيوخ البخاري محمد بن خالد بن جبلة الرافقي من أهل الرافقة، ولعله أراد بذلك محمد بن خالد الذي قدمنا ذكره، عن محمد بن عبد الله بن المثني الأنصاري، وعبيد الله بن موسى العبسي، ومحمد بن موسى بن أعين الجزري، ومحمد بن وهب بن عطية الدمشقي والله أعلم، والرافقي هو أبو بكر محمد بن (عيلة) الرافقي، كذا ذكره ابن أبي حاتم الرازي، وأبو عبد الرحمن النسائي وغيرهما، ولم يذكروا بين محمد وجبلة خالدًا وهو الصواب عندي والله أعلم.
روى عن: أبي محمد الحجاج بن أبي منيع الرصافي، وأبي مسعود المعافي بن عمران الموصلي، وأبي يحيى محمد بن موسى بن أعين الجزري، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي، وأبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، وأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم وغيرهم.
روى عنه: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وأبو عروبة الحسين ابن محمد بن مودود الحراني.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: كتب إلي أبي وأبي زرعة بأحاديث من فوائده.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي: محمد بن جبلة رافقي لا بأس به.
مات سنة خمس وخمسين ومائتين.
وقيل: مات بعد أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري.
ومات البخاري ليلة الفطر سنة ست وخمسين ومائتين.
روى عن: أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري البخاري القاضي البصري، وأبي محمد عبيد الله بن موسى بن باذام العبسي الكوفي، وأبي بكر عبد الرازق بن همام بن نافع الحميري الصنعاني، وأبي محمد عثمان بن عمر ابن فارس بن لقيط البصري، وابي عثمان عفان بن مسلم الأنصاري مولاهم الصفار نزيل بغداد، وأبي أيوب سليمان بن حرب الواشحي قاضي مكة، وأبي المورع المحاضر بن المورع الهمداني، وابي سعيد حماد بن مسعد التميمي ويقال: الباهلي مولاهم البصري، وأبي عبد الله محمد بن عبدي الحنفي الطنافسي الكوفي، وأبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي البصري المعروف بعارم، وابي عمرو عبد الله بن رجاء الغدائي البصري، وأبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل النفيلي الحراني، وأبي محمد حجاج بن منهال السلمي البرساني الأنماطي البصري، وأبي حفص عمر بن حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، وأبي الحسن عاصم بن علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، وأبي يحيى محمد بن موسى بن أعين الجزري، وأبي عبد الله محمد بن وهب بن عطية السلمي الدمشقي، وأبي جعفر ويقال: أبو سعيد محمد بن سابق التميمي، وأبي محمد سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري، وأبي القاسم عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي، وأبي حفص عمرو بن أبي سلمة التنيسي، وأبي أحمد حسين بن محمد التميمي المروروذي، وأبي الحسن أحمد بن أبي شعيب الحراني، وأبي جعفر أحمد بن صالح المصري، وأبي يعقوب إسحاق ابن محمد القروي، وابي عمرو عثمان بن الهيثم بن الجهم العبدي البصري، وأبي
الحسين شريح بن النعمان الجوهري البغدادي، وابي زكريا يحيى بن صالح الوحاظي، وأبي زكريا يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي وغيرهم.
روى عنه: أبو داود السجستاني، وأبو عيسى الترمذي، وأبو عبد الله النسائي، وأبو العباس السراج، وأبو بكر بن خزيمة، وابو بكر النيسابوري، وأبو حاتم الرازي، وابو علي الحسين بن محمد بن زياد القباني، وأبي عبد الله محمد ابن نصر المروزي، وأبو جعفر محمد بن سليمان بن داود المنقري، وأبو الفضل عياش ابن محمد الدوري وغيرهم.
وروى عنه من شيوخه: أبو صالح عبد الله بن صالح الجهني كاتب الليث ابن سعد، وأبو محمد سعيد بن الحكم بن أبي مريم المصري، وأبو موسى محمد ابن المثنى العبدي الزمني البصري.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: كتب أبي عنه بالري وهو ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين.
ثم قال: ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: ثقة صدوق.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي محمد بن يحيى بن عبد الله أبو عبد الله نيسابوري ثقة ثبت، أحد الأئمة في الحديث.
وقال أبو الحسن الدارقطني، محمد بن يحيى الذهلي ثقة حافظ.
وقال أبو القاسم اللالكائي: أنا العلاء بن محمد ومحمد بن أحمد بن الحسن الرازي قالا: سمعنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعت أبي يقول: محمد بن يحيى الذُهلي إمام أهل زمانه.
وقال محمد بن سهل بن عسكر، كنا عند أحمد بن حنبل فدخل عليه محمد ابن يحيى فقام إليه أحمد وتعجب منه الناس، ثم قال لبنيه وأصحابه: اذهبوا إلى أبي عبد الله فاكتبوا عنه.
وقال أبو عمر أحمد بن نصر بن إبراهيم الخفاف النيسابوري: رأيت محمد ابن يحيى بعد وفاته في المنام فقتل: يا أبا عبد الله، ما فعل بك ربك؟ قال: غفر لي، قال: قلت فما فعل بحديثك قال: كتب بماء الذهب ورفع في عليين.
قال محمد: حدث البخاري عن محمد بن يحيى هذا في غير موضع من الجامع فلم ينسبه إلى أبيه يحيى، فمن ذلك ما ذكر في آخر تفسير سورة البقرة
فقال: ثنا محمد: ثنا النفيلي: ثنا مسكين، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن مروان الأصفر، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن عمر أنها قد نسخت (إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه ...) الآية.
فقيل: إن محمدًا هذا هو محمد بن يحيى الذهلي، قاله أبو عبد الله الحاكم.
وروى أبو عيسى الترمذي في مصنفه عن محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد النفيلي.
وذكر أبو نصر الكلاباذي في كتاب الإرشاد في اسم مسكين بن بكير فقال: وقال لي أبو عبد الله بن البيع الحافظ: إن محمدًا هذا هو ابن إبراهيم البوشنجي، وهذا الحديث مما أملاه بنيسابور البوشنجي والله أعلم.
قال محمد: سقط ذكر محمد هذا من كتاب ابن السكن.
وقال البخاري في تفسير سورة براءة:
ثنا محمد: أنا أحمد بن أبي شعيب: ثنا موسى بن أعين: ثنا إسحاق بن راشد أن الزهري حدثه وذكر حديث نوبة بن كعب ابن مالك مختصرًا.
فقيل: إن محمد هذا هو محمد بن يحيى الذُهلي.
وقيل: هو محمد بن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري.
وقيل: هو محمد بن إبراهيم البوشنجي.
ولم يقع في نسخه ابن السكن ذكر محمد هذا قبل أحمد بن أبي شُعيب وثبت لغيره من الرواية.
وروى هذا الحديث أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف، عن محمد بن يحيى الذهلي، عن أحمد بن ابي شعيب الحراني، عن موسى بن أعين بإسناده.
وقال البخاري في: الإحصار وجزاء الصيد:
ثنا محمد: ثنا يحيى بن صالح، ونذكر هذا إن شاء الله في باب يحيى من هذا الكتاب.
وقال البخاري في تفسير سورة بني إسرائيل: ثنا محمد قال: نا حجاج بن منهال.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى يعني الذُهلي.
وقد تقدم الخلاف فيه في باب حجاج من هذا الكتاب.
وقال البخاي في كتاب الجنائز: ثنا محمد قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، عن الأوزاعي قال: أخبرني ابن شهاب: أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوى وتشميت العاطس".
ومحمد غير منسوب هذا هو محمد بن يحيى الذُهلي، قاله أبو عبد الله الحاكم.
وذكره أبو نصر الكلاباذي في كتاب الإرشاد فقال: ومحمد غير منسوب يقال أنه محمد بن يحيى الذُهلي.
قال محمد: حدث أبو عيسى الترمذي في مصنفه عن محمد بن يحيى، عن عمرو بن أبي سلمة أبي حفص التنيسي.
وقد روى بقية بن الوليد وبشر بن بكر هذا الحديث عن الأوزاعي فقال: أبو عبد الرحمن النسائي في مصنفه: أنا عمرو بن عثمان: ثنا بقية، عن الأوزاعي قال: أخبرني ابن شهاب أن سعيد بن المسيب أخبره أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدادي، وتشميت العاطس".
وقال أبو جعفر الطحاوي في كتاب المشكل: نا يونس بن عبد الأعلى قال: أخبري بشر بن بكر قال: أخبرني الأزواعي، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس".
وقد روى هذا الحديث أيضًا محمد بن يحيى الذُهلي، عن عبد الرازق، عن معمر، عنا لزهري حدثني به أبو عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون الأنصاري قراءة مني عليه: ثنا عبد الرحمن بن محمد: ثنا أبي: ثنا عبد الرحمن بن مروان: ثنا الحسن بن يحيى: ثنا ابن الجارود: ثنا محمد بن يحيى قال: ثنا عبد الرازق قال: أنا
معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس يجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة".
وأخرجه مسلم في مسنده الصحيح، عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق.
وقال البخاري في المغازي في باب: مرض النبي صلى الله عليه وسلم: ثنا محمد: ثنا عفان: ثنا صخر بن جويرية ... الحديث.
ومحمد غير منسوب هذا هو محمد بن يحيى الذُهلي قاله أبو عبد الله الحاكم.
وقال البخاري في تفسير سورة اقتربت الساعة: ثنا محمد: ثنا عفان بن مسلم، عن وهيب ... الحديث.
وهذا عندي محمد بن يحيى الذُهلي، وسقط ذكر محمد هذا في هذا الموضع قبل عفان من نسخة ابن السكن. وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عفان.
وقال البخاري في العيدين: ثنا محمد: ثنا عمر بن حفص بن غياث: ثنا أبي، عن عاصم، عن حفصة، عن أم عطية هكذا عند أبي ذر الهروي.
وكذلك أخرجه أبو مسعود الدمشقي في كتابه.
وذكره أيضًا أبو عبد الله الحاكم وقال: هو محمد بن يحيى ـ يعني الذُهلي ـ وسقط عن أبي علي بن السكن، وابي أحمد الجرجاني، وأبي زيد المروزي ذكر محمد قبل عمر.
وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عمر بن حفص بن غياث.
وقال البخاري في التفسير في سورة بني إسرائيل: ثنا محمد: ثنا عبد الله بن رجاء: ثنا همام ... الحديث.
ومحمد غير منسوب هذا هو محمد بن يحيى، قاله أبو عبد الله الحاكم.
وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقي عن محمد بن يحيى، عن عبد الله
ابن رجاء.
وقال البخاري في البيوع: ثنا محمد: ثنا عبد الله بن يزيد يعني المقرئ، ولم أر أحدًا نسب محمدًا هذا، ولعله محمد بن يحيى الذهلي.
وقال البخاري في آخر كتاب اللباس، في باب الذريرة: ثنا عثمان بن الهيثم أو محمد، عنه، عن ابن جريج ومحمد هذا يقال: أنه ابن يحيى الذهلي، وقد حدث ابن جالرود في كتاب المنتقي له عن محمد بن يحيى، عن عثمان بن الهيثم وقال في كتاب الحج، في باب الإدلاج من المحصب: وزادني محمد: ثنا محاضر: ثنا الأعمش.
فنسبه ابن السكن محمد بن سلام، وقيل هو محمد بن يحيى الذهلي.
وقدحدث ابن الجرود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن محاضر.
وقال البخاري في تفسير سورة المائدة: وزادني محمد، عن أبي النعمان قال: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة فنزل تحريم الخمر ... الحديث،
يقال: هو محمد بن يحيى الذهلي.
وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى له عن محمد بن يحيى، عن أبي النعمان.
وقال البخاري في باب ذكر الملائكة:
ثنا محمد: ثنا ابن أبي مريم: أنا الليث، عن ابن أبي جعفر، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة تنزل في العنان وهو السحاب ... " الحديث.
هكذا روى عن أبي ذر الهروي، عن أبي الهيثم الكشميهني، ولم يوجد لغيره، لا عند ابن السكن ولا الأصيلي ولا عند أبي مسعود الدمشقي، فإن كان محفوظًا فهو محمد بن يحيى الذُهلي.
وقد حدث ابن الجارود عن محمد بن يحيى، عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم.
وقال البخاري في كتاب التوحيد:
ثنا محمد ثنا أحمد بن صالح قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو، عن ابن أبي هلال أن أبا الرجال حدثه عن أمه عمرة، عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية ... الحديث.
هكذا في نسخة أبي ذر، وكذلك في نسخة الأصيلي، عن أبي أحمد.
وذكره أبو نصر الكلاباذي فقال: وهو فيما أحسب ابن يحيى الذُهلي، وكذلك نسبه أبو عبد الله الحاكم محمد بن يحيى، وهو عندي صحيح فقد حدث عنه، وسقط من نسخة ابن السكن ذكر محمد الذي قبل أحمد بن صالح.
وقال البخاري في العتق: ثنا محمد: ثنا عبد الرازق: وأنا عمر.
وقال أيضًا في الفتن: ثنا محمد: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر، فنسبه أبو عبد الله الحاكم محمد بن يحيى.
ونسب ابن السكن الذي في كتاب العتق محمد بن سلام.
وقد حدث الترمذي في مصنفه عن محمد بن يحيى، عن عبد الرزاق.
وكذلك حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عبد الرزاق.
وقال البخاري في سورة الكهف:
ثنا محمد بن عبد الله: ثنا سعيد بن أبي مريم: أنا المغيرة يعني ابن عبد الرحمن قال: حدثني أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة" وقال: اقرءوا إن شئتم (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا).
وعن يحيى بن بكير، عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد مثله، وهو محمد بن يحيى بن عبد الله الذُهلي.
ذكره أبو مسعود الدمشقي في كتاب الأطراف.
وقد أخرج مسلم بن الحجاج هذا الحديث في المسند الصحيح عن أبي بكر ابن إسحاق هو الصاغاني، عن يحيى بن بكير بإسناده مثله.
وقال البخاري في تفسير سورة ص.
ثنا محمد بن عبد الله: ثنا بن عبيد الطنافسي، عن العوام يعني ابن حوشب قال: سألت مجاهدًا عن سجدة (ص) ... الحديث.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى بن عبد الله يعني الذُهلي، نسبة إلى جده.
وذكره أبو نصر الكلاباذي فقال: أراه ابن يحيى بن عبد الله الذُهلي، قلت: وقد حدث ابن الجارود في المنتقى عن محمد بن يحيى، عن محمد بن عبيد هذا وقد حدث البخاري عن محمد بن بشار، عن غندر، عن شعبة، عن العوام بن حوشب هذا الحديث في تفسير هذه السورة قبل حديث محمد بن عبد الله.
وذكره أيضًا في الأنبياء في ذكر داود فقال: ثنا محمد: ثنا سهل بن يوسف قال: سمعت العوام، عن مجاهد قال: قلت لابن عباس: أأسجد في ص؟ فقرأ (ومن ذريته داود وسليمان). حتى (فبهداهم اقتده) فقال: نبيكم صلى الله عليه وسلم ممن أمر أن يقتدى بهم.
نسب محمد هذا ابن السكن في نسخته محمد بن سلام.
وقال أبو نصر الكلاباذي: سألت أبا أحمد الحافظ عنه فقال: هو ابن المثنى.
وقد حدث البخاري عن محمد بن بشار، عن ابن أبي عدي، وسهل بن يوسف، عن سعيد يعني ابن أبي عروبة، عن قتادة عن أنس في الجهاد نا محمد ابن عبد الله: ثنا حسين بن محمد: ثنا شيبان، نسبه ابن السكن محد بن عبد الله بن المبارك المخرمي.
وقال أبو نصر الكلاباذي: هو محمد بن يحيى بن عبد الله الذُهلي نسبه إلى جده.
وقال البخاري في بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الخرقان من جهينة: ثنا محمد بن عبد الله: ثنا حماد بن مسعدة، عن يزيد، عن سلمة يعني ابن الأكوع.
ذكره أبو نصر الكلاباذي فقال: وهو فيما يقال محمد بن يحيى بن عبد الله
الذُهلي النيسابوري، نسبه البخاري إلى جده.
قلت: وقد حدث ابن الجارود في المنتقى عن محمد بن يحيى، عن حماد بن مسعدة هذا.
وقال البخاري في الكفارات:
ثنا محمد بن عبد الله قال: نا عثمان بن عمر بن فارس قال: أنا ابن عون، عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسأل الإمارة ... " الحديث.
ومحمد بن عبد الله هذا هو: محمد بن يحيى بن عبد الله الذُهلي نسبه البخاري إلى جده، قاله أبو عبد الله الحاكم.
وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عثمان بن عمر هذا بهذا الحديث.
وقال البخاري في الحدود:
ثنا محمد بن عبد الله: ثنا عاصم بن علي: ثنا عاصم بن محمد، عن واقد بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث تحريم مكة.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى بن عبد الله يعني الذُهلي، نسبه إلى جده.
وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عاصم بن علي.
وقال البخاري في القسامة في باب: حنين المرأة:
ثنا محمد بن عبد الله: ثنا محمد بن سابق: ثنا زائدة: ثنا هشام بن عروة، عن ابيه أنه سمع المغيرة بن شعبة يحدث عن عمر أنه استشارهم في إملاص المرأة.
قال أبو نصر الكلاباذي: يقال إنه محمد بن يحيى بن عبد الله الذُهلي.
قال البخاري في كتاب الصلح:
ثنا محمد بن عبد الله قال: نا عبد العزيز الأويسي، وإسحاق بن محمد القروي قالا: ثنا محمد بن جعفر، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد أن أهل قباء اقتتلوا ... الحديث.
هكذا ذكره أكثر الشيوخ وكذا أخرجه أبو مسعود الدمشقي عن البخاري في كتاب الأطراف يقال: إنه محمد بن يحيى بن عبد الله الذُهلي، نسبه البخاري إلى جده.
وقد حدث أبو عيسى الترمذي في مصنفه عن محمد بن يحيى، عن إسحاق ابن محمد الفروي.
وسقط ذكر محمد هذا قبل إسحاق وعبد العزيز الأويسي من رواية أبي أحمد الجرجاني ومن نسخة النسفي عن البخاري.
وقال البخاري في كتاب الأحكام:
ثنا محمد بن خالد: ثنا الأنصاري محمد يعني ابن عبد الله بن المثنى: حدثني أبي، عن ثمامة، عن أنس بن مالك أن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم منزلة صاحب الشرط من الأمير.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي، نسبه إلى جد أبيه.
وقال أبو نصر الكلاباذي، يقال إنه محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي.
قلت: وقد حدث ابن الجارود في المنتقى له عن محمد بن يحيى، عن محمد ابن عبد الله بن المثنني.
وقال أبو عيسى الترمذي في مصنفعه في مناقب قيس بن سعد بن عبادة:
ثنا محمد بن مرزوق البصري ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري: ثنا أبي عن
ثمامة عن أنس قال: كان قيس بن سعد من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرط من الأمير. قال الأنصاري: يعني مما يلي من أموره.
ثم قال الترمذي:
ثنا محمد بن يحيى: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري نحوه، ولم يذكر فيه قول الأنصاريز
وقال البخاري في كتاب التوحيد:
ثنا محمد بن خالد: ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن منصور عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن آخر أهل الجنة دخولاً وآخر أهل النار خروجًا من النار رجل يخرج حبوًا، فيقول له ربه: ادخل الجنة، فيقول: أي رب الجنة ملء، فيقول له ذلك ثلاث مرات كل ذلك يعيد عليه الجنة ملء فيقول: إن لك مثل الدنيا عشر مرات".
أبو نصر الكلاباذي: محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي.
وقال أيضًا أبو عبد الله الحاكم: قلت: وقد حدث ابن الجارود في كتاب المنتقى عن محمد بن يحيى، عن عبيد الله بن موسى.
وقال البخاري في كتاب الصوم، في باب من مات وعليه صوم:
ثنا محمد بن خالد: ثنا محمد بن موسى بن أعين: ثنا ابي، عن عمرو بن الحارث، عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه عن عروة ابن الزبير، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه".
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي، نسبه إلى جد أبيه.
وقال أبو نصر الكلاباذي: يقال أنه محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي النيسابوري.
قلت: وقد حدث ابن الجارود في المنتقى عن محمد بن يحيى، عن محمد بن
موسى بن أعين هذا الحديث.
وأخرج مسلم هذا الحديث في مسنده الصحيح عن هارون بن سعيد الأيلي، وأحمد بن عيسى التستري، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث.
وقال البخاري في الطب في باب رقية العين: ثنا محمد بن خالد: ثنا محمد ابن وهب بن عطية الدمشقي: ثنا محمد بن حرب: ثنا محمد بن الوليد الزبيدي قال: أنا الزهري، عن عروة، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية وفي وجهها سفعة فقال: "استرقوا لها فإن بها النظرة".
قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي نسبه إلى جد أبيه.
وقال ابي نصر الكلاباذي: يقال: إنه محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُهلي.
قلت: وقد حدث ابن الجارود بهذا الحديث عن محمد بن يحيى، عن محمد ابن وهب بن عطية خارج المنتقى.
وأخرجه مسلم في صحيحه عن أبي الربيع سليمان بن داود البغدادي الأحول، عن محمد بن حرب بإسناده.
قال محمد: وقد ذكر أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني في أسامة شيوخ البخاري محمد بن خالد بن جبلة الرافقي من أهل الرافقة، ولعله أراد بذلك محمد بن خالد الذي قدمنا ذكره، عن محمد بن عبد الله بن المثني الأنصاري، وعبيد الله بن موسى العبسي، ومحمد بن موسى بن أعين الجزري، ومحمد بن وهب بن عطية الدمشقي والله أعلم، والرافقي هو أبو بكر محمد بن (عيلة) الرافقي، كذا ذكره ابن أبي حاتم الرازي، وأبو عبد الرحمن النسائي وغيرهما، ولم يذكروا بين محمد وجبلة خالدًا وهو الصواب عندي والله أعلم.
روى عن: أبي محمد الحجاج بن أبي منيع الرصافي، وأبي مسعود المعافي بن عمران الموصلي، وأبي يحيى محمد بن موسى بن أعين الجزري، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي، وأبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، وأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم وغيرهم.
روى عنه: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وأبو عروبة الحسين ابن محمد بن مودود الحراني.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: كتب إلي أبي وأبي زرعة بأحاديث من فوائده.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي: محمد بن جبلة رافقي لا بأس به.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#dced46
- ومحمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن أسد.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#b65297
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى آل طَلْحَة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#826e83
- ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. ثقفي, مولى لآل الأخنس بن شريق.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#f55697
- ومحمد بن عبد الرحمن بن المجبر بن عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#ed64e9
محمد بن عبد الرحمن
- محمد بن عبد الرحمن بن ماعز. روى عنه الزهري.
- محمد بن عبد الرحمن بن ماعز. روى عنه الزهري.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#6746c6
محمد بن عبد الرحمن
- محمد بن عبد الرحمن بن نضلة الديلي من أنفسهم. وكان قليل الحديث.
- محمد بن عبد الرحمن بن نضلة الديلي من أنفسهم. وكان قليل الحديث.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#00fddb
- ومحمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#f58506
- ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة. لبيبة أم محمد, وهي أعجمية الأب. عبد الرحمن مولى لقريش.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#cc55dd
محمد بن عبد الرحمن
- محمد بن عبد الرحمن بن ذؤيب. وقد روى عنه أيضا. وهو قليل الحديث. وإنما عرف بأخيه.
- محمد بن عبد الرحمن بن ذؤيب. وقد روى عنه أيضا. وهو قليل الحديث. وإنما عرف بأخيه.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#0a7add
- ومحمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذيب. مولى بني عامر بن لؤي, يكنى أبا الحارث. مات سنة تسع وخمسين ومائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#ec6ed9
- محمد بن عبد الرحمن بن أبي الزناد. يكنى أبا عبد الله. كان بينه وبين ابنه في السن تسع عشرة سنة, ومات بعد أبيه بإحدى وعشرين ليلة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#324b22
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي ربيعة. كان قليل الحديث.
- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي ربيعة. كان قليل الحديث.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#a6b8f7
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى آل طَلْحَة يروي عَنْ عِيسَى بْن طَلْحَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ روى عَنهُ مسعر بْن كدام وأخاف أَن يكون هَذَا هُوَ الأول
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#6d8a05
مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ حبيب بْن الشهيد أَبِي مرزوق قَالَ عُمَر، مرسل، قَالَه (4) لي حسن حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن يحيى حَدَّثَنَا سَعِيد بْن أَبِي أيوب عَنْ مُحَمَّد.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#61335a
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى الزهريين أخرج البُخَارِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن يحيى بن أبي كثير عَنهُ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ يحيى وأحسبني أَنا سَمِعت من أبي سَلمَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقْرَأ الْقُرْآن فِي شهر الحَدِيث
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#3a936f
محمد بن عبد الرحمن
- محمد بن عبد الرحمن ابن لبيبة. وهي أم محمد. وهي امرأة أعجمية. والأب عبد الرحمن مولى لقريش. وقد أدرك محمد بن عبد الرحمن ابن عمر وروى عنه. وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص. وروى عن محمد بن عبد الرحمن: عبد الحميد بن جعفر. وأسامة بن زيد. وقد رآه محمد بن عمر ولم يرو عنه شيئا. وكان قليل الحديث.
- محمد بن عبد الرحمن ابن لبيبة. وهي أم محمد. وهي امرأة أعجمية. والأب عبد الرحمن مولى لقريش. وقد أدرك محمد بن عبد الرحمن ابن عمر وروى عنه. وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص. وروى عن محمد بن عبد الرحمن: عبد الحميد بن جعفر. وأسامة بن زيد. وقد رآه محمد بن عمر ولم يرو عنه شيئا. وكان قليل الحديث.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#e65019
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن
- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بن ثوبان مولى لآل الأخنس بن شريق الثقفي. وقد كان بعضهم انتمى إلى اليمن. وكان محمد بن عبد الرحمن يكنى أبا عبد الله. روى عن زيد بن ثابت وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وابن عباس وابن عمر ومحمد بن إياس بن أبي البكير وعن أمه عن عائشة. وكان ثقة كثير الحديث.
- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بن ثوبان مولى لآل الأخنس بن شريق الثقفي. وقد كان بعضهم انتمى إلى اليمن. وكان محمد بن عبد الرحمن يكنى أبا عبد الله. روى عن زيد بن ثابت وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وابن عباس وابن عمر ومحمد بن إياس بن أبي البكير وعن أمه عن عائشة. وكان ثقة كثير الحديث.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#bcc9a3
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وأمه فاختة بنت عنبة بن سهيل بن عمرو. فولد محمد بن عبد الرحمن القاسم وفاختة وأمهما أم علي بنت يسار بن قيس بن الحارث من بني الْحَارِث بْن عَبْد مناة بْن كنانة. وخالدا وأبا بكر وسلمة وهشاما وحنتمة وأم حكيم وأمهم أم سلمة بنت عبد الله بن أبي أحمد بن جحش. وقد روى الزهري عن محمد بن عبد الرحمن. وكان ثقة قليل الحديث.
- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وأمه فاختة بنت عنبة بن سهيل بن عمرو. فولد محمد بن عبد الرحمن القاسم وفاختة وأمهما أم علي بنت يسار بن قيس بن الحارث من بني الْحَارِث بْن عَبْد مناة بْن كنانة. وخالدا وأبا بكر وسلمة وهشاما وحنتمة وأم حكيم وأمهم أم سلمة بنت عبد الله بن أبي أحمد بن جحش. وقد روى الزهري عن محمد بن عبد الرحمن. وكان ثقة قليل الحديث.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#3a616b
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. وأمه هند بنت زيد بن أبي عامر الراهب وهو عَبْد عَمْرو بْن صيفي بْن النُّعمان بن مالك بن أمية بن ضبيعة بْن زَيْد مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الأَوْسِ. فولد محمد بن عبد الرحمن: إبراهيم. وعبد الملك. وأمه الحميد وأمهم أم ولد. وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد. وهي عمة أبي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمن بن سعد. وكان محمد ثقة له أحاديث. وتوفي سنة أربع وعشرين ومائة.
- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. وأمه هند بنت زيد بن أبي عامر الراهب وهو عَبْد عَمْرو بْن صيفي بْن النُّعمان بن مالك بن أمية بن ضبيعة بْن زَيْد مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الأَوْسِ. فولد محمد بن عبد الرحمن: إبراهيم. وعبد الملك. وأمه الحميد وأمهم أم ولد. وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد. وهي عمة أبي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمن بن سعد. وكان محمد ثقة له أحاديث. وتوفي سنة أربع وعشرين ومائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#c10c86
مُحَمد بْن عَبد الرحمن سمع أبا مالك الأشجعي.
سمعتُ ابن حماد يذكره عن البخاري.
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ صَالِحٍ الْهَاشِمِيُّ، قَال: حَدَّثَنا أبو كامل، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ قُدَامَةَ الثَّقَفِيُّ مَنْ أْهَل الْكُوفَةِ، حَدَّثَنا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رأيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ حَوْلَ الْبَيْتِ فَإِذَا ازْدَحَمَ النَّاسُ اسْتَلَمَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِحْجَنٍ بِيَدِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَمُحمد بْنُ عَبد الرَّحْمَنِ هَذَا رَأَيْتُهُ قَلِيلَ الْحَدِيثِ وَالْبُخَارِيُّ أَشَارَ إِلَى هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ لَهُ مِنَ الرِّوَايَاتِ شَيْءٌ قَلِيلٌ وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ البُخارِيّ بِهَذَا الإِسْنَادِ الَّذِيَ ذَكَرْتُهُ يُحْتَمَلُ.
سمعتُ ابن حماد يذكره عن البخاري.
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ صَالِحٍ الْهَاشِمِيُّ، قَال: حَدَّثَنا أبو كامل، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ عَبد الرَّحْمَنِ بْنِ قُدَامَةَ الثَّقَفِيُّ مَنْ أْهَل الْكُوفَةِ، حَدَّثَنا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رأيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ حَوْلَ الْبَيْتِ فَإِذَا ازْدَحَمَ النَّاسُ اسْتَلَمَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِحْجَنٍ بِيَدِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَمُحمد بْنُ عَبد الرَّحْمَنِ هَذَا رَأَيْتُهُ قَلِيلَ الْحَدِيثِ وَالْبُخَارِيُّ أَشَارَ إِلَى هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ لَهُ مِنَ الرِّوَايَاتِ شَيْءٌ قَلِيلٌ وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ البُخارِيّ بِهَذَا الإِسْنَادِ الَّذِيَ ذَكَرْتُهُ يُحْتَمَلُ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#a079d0
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ وهو ابن أخي الأسود بن يزيد النخعي. قَالَ: سَمِعْتُ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ الْجُعْفِيَّ يَقُولُ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ يُكْنَى أَبَا جَعْفَرٍ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَيِّسُ لِتَلَطُّفِهِ في العبادة. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ يُقَالُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْمَرْضِيُّ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الكيس. وكان يقال له الرفيق. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ. قَالَ مَالِكٌ: كَانَتْ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ مَا تَرَاهُ أَصَابَهَا إِلا بِالدُّعَاءِ. قَالَ سُفْيَانُ: وَكَانَ يُدْعَى الرَّفِيقَ. وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ وهو ابن أخي الأسود بن يزيد النخعي. قَالَ: سَمِعْتُ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ الْجُعْفِيَّ يَقُولُ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ يُكْنَى أَبَا جَعْفَرٍ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَيِّسُ لِتَلَطُّفِهِ في العبادة. قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ يُقَالُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْمَرْضِيُّ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الكيس. وكان يقال له الرفيق. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ. قَالَ مَالِكٌ: كَانَتْ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ مَا تَرَاهُ أَصَابَهَا إِلا بِالدُّعَاءِ. قَالَ سُفْيَانُ: وَكَانَ يُدْعَى الرَّفِيقَ. وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#836599
محمد بن عبد الرحمن مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم
ع س: مُحَمَّد بْن عبد الرحمن مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكره مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الحضرمي فِي المفاريد.
قَالَ أَبُو نعيم: هُوَ عندي غير متصل.
2434
(1482) روى صفوان بْن سُلَيْم، عن عَبْد اللَّهِ بْن يَزِيدَ مولى الأسود، عن مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كشف عورة امرأة فقد وجب عَلَيْهِ صداقها ".
قَالَ أَبُو موسى: لَيْسَ عَلَى ما قَالَ أَبُو نعيم: إنه غير متصل، أراه ابن البيلماني، وقد ترجمه عبدان بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى الْمَرْوَزِيّ فِي كتاب معرفة الصحابة لمحمد بْن ثوبان، وأورد لَهُ هَذَا الحديث عن قُتَيْبَة، عن اللَّيْث، عن عُبَيْد اللَّه، وقال فِيهِ: عن مُحَمَّدِ بْنِ ثوبان، وقال عبدان: لا أدري لَهُ رؤية أم لا، إلا أني رأيت بعض أصحابنا وضعه فِي المسند.
قَالَ أَبُو موسى: وهذا إنما هُوَ مُحَمَّد بْن عبد الرحمن بْن ثوبان تابعي، من أصحاب أَبِي هريرة، وروي لَهُ ما أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو موسى إجازة، أَنْبَأَنَا القاضي أَبُو سهل بْن عزيزة، أَنْبَأَنَا عبد الوهاب بْن مُحَمَّد، أَنْبَأَنَا أَبِي، أَنْبَأَنَا أحمد بْن مُحَمَّد بْن العباس، أَنْبَأَنَا بشر بْن موسى، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْن إِسْحَاق، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْن أيوب، عن عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر، عن صفوان بْن سُلَيْم، عن عَبْد اللَّهِ بْن يَزِيدَ مولى الأسود بْن سفيان، عن مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن بْن ثوبان مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ النَّبِيّ، مثله. قَالَ أَبُو موسى: وَإِنما أوردنا هَذَا وأمثاله لئلا يقع إِلَى غمر فيظن أَنَّهُ صحيح، حَيْثُ أورده الحفاظ فِي جملة الصحابة، وأننا غفلنا فلم نورده، فيستدركه علينا، كما استدركه أَبُو زكريا عَلَى جده.
أخرجه أَبُو نعيم، وَأَبُو موسى.
ع س: مُحَمَّد بْن عبد الرحمن مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكره مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الحضرمي فِي المفاريد.
قَالَ أَبُو نعيم: هُوَ عندي غير متصل.
2434
(1482) روى صفوان بْن سُلَيْم، عن عَبْد اللَّهِ بْن يَزِيدَ مولى الأسود، عن مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كشف عورة امرأة فقد وجب عَلَيْهِ صداقها ".
قَالَ أَبُو موسى: لَيْسَ عَلَى ما قَالَ أَبُو نعيم: إنه غير متصل، أراه ابن البيلماني، وقد ترجمه عبدان بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى الْمَرْوَزِيّ فِي كتاب معرفة الصحابة لمحمد بْن ثوبان، وأورد لَهُ هَذَا الحديث عن قُتَيْبَة، عن اللَّيْث، عن عُبَيْد اللَّه، وقال فِيهِ: عن مُحَمَّدِ بْنِ ثوبان، وقال عبدان: لا أدري لَهُ رؤية أم لا، إلا أني رأيت بعض أصحابنا وضعه فِي المسند.
قَالَ أَبُو موسى: وهذا إنما هُوَ مُحَمَّد بْن عبد الرحمن بْن ثوبان تابعي، من أصحاب أَبِي هريرة، وروي لَهُ ما أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو موسى إجازة، أَنْبَأَنَا القاضي أَبُو سهل بْن عزيزة، أَنْبَأَنَا عبد الوهاب بْن مُحَمَّد، أَنْبَأَنَا أَبِي، أَنْبَأَنَا أحمد بْن مُحَمَّد بْن العباس، أَنْبَأَنَا بشر بْن موسى، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْن إِسْحَاق، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْن أيوب، عن عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر، عن صفوان بْن سُلَيْم، عن عَبْد اللَّهِ بْن يَزِيدَ مولى الأسود بْن سفيان، عن مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن بْن ثوبان مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ النَّبِيّ، مثله. قَالَ أَبُو موسى: وَإِنما أوردنا هَذَا وأمثاله لئلا يقع إِلَى غمر فيظن أَنَّهُ صحيح، حَيْثُ أورده الحفاظ فِي جملة الصحابة، وأننا غفلنا فلم نورده، فيستدركه علينا، كما استدركه أَبُو زكريا عَلَى جده.
أخرجه أَبُو نعيم، وَأَبُو موسى.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#884d1d
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ ويكني أبا عبد الله. وكان بينه وبين أبيه في السن سبع عشرة سنة. وفي الموت إحدى وعشرون ليلة. ودفنا في مقابر باب التين. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرحمن بن أبي الزناد قَالَ: لحقني أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فقال: يا عبد الرحمن ولد لك؟ قَالَ قلت: نعم. قَالَ: ابن كم أنت؟ قلت: ابن سبع عشرة سنة. قَالَ: وأنا ولد لي محمد وأنا ابن سبع عشرة سنة. قال محمد بن عمر: وكان محمد بن عبد الرحمن قد لقي رجال أبيه علقمة وشريك بن عبد الله بن أبي نمر وكل رجال أبيه غير أبي الزناد. وكان يسأل أن يحدث فيأبي ويقول: أحدث وأبي حي؟ إلا الخاصة به في الحديث بعد الحديث. وكان بارا بأبيه معظما له هائبا له. قال رأيته يوما وقد أصابته الخاصرة وإنه علي الباب لجالس ينتظر أن يأذن له أبوه فينصرف. وإنه لمبلغ من الخاصرة حتي خرج رسول أبيه فقال: انصرف. فانصرف. قَالَ فقلت له: لو ذهبت. قَالَ: سبحان الله إذا جاء حد الضرورة. قَالَ: لو مكثت كم ما شاء الله لا يأذن بي ما ذهبت حتي يأذن لي. قَالَ وكان في محمد بن عبد الرحمن خصال لا تستغني عن واحدة منهن. الخصلة منهن تكون في الرجل فيكون من الكلمة: قراءة القرآن وقراءة السنة والعربية والعروض والحساب ووضع الكتب في البروات والسجلات وأذكار الحقوق. قَالَ محمد بن عمر: سمعت محمد بن عمران الطلحي قاضينا وأتي بكتاب يقرأ عليه فقال: اعرض علي محمد بن عبد الرحمن. فقيل: لا. فقال: اذهب به فاعرضه عليه ثم جئني به. قَالَ وكان أعلم الناس بحساب القسم والفرائض وبحسابها وبقسمها وبالحديث إتقانا له ومعرفة به. أخبرنا محمد بن عمر قَالَ: أخبرني سليمان بن بلال قَالَ: ما رأيت أحدا يجترئ علي زيد بن أسلم فيقول له: أسمعت؟ غير محمد بن عبد الرحمن فإني سمعته يقول لزيد بن أسلم: سمعت يا أبا أسامة. قَالَ محمد بن عمر: وكان محمد بن عبد الرحمن من أبر الناس بأبيه. وكان أبوه يكون في الحلقة وهو متأخر عنها فيقول أبوه: يا محمد. فلا يجيبه حتي يثب فيقوم علي رأسه فيلبيه. فيأمره بحاجته فلا يستثبته هيبة له حتي يسأل من فهم ذلك عن أبيه فيخبره. أخبرنا محمد بن عمر قَالَ: كان محمد بن عبد الرحمن مع أبيه عبد الرحمن بن أبي الزناد ببغداد فمات بعد أبيه بإحدى وعشرين ليلة. سنة أربع وسبعين ومائة. وهو يوم مات ابن سبع وخمسين سنة. ودفنا جميعا في مقابر باب التين. لم يحدث عنه أحد إلا محمد بن عمر.
- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ ويكني أبا عبد الله. وكان بينه وبين أبيه في السن سبع عشرة سنة. وفي الموت إحدى وعشرون ليلة. ودفنا في مقابر باب التين. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرحمن بن أبي الزناد قَالَ: لحقني أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فقال: يا عبد الرحمن ولد لك؟ قَالَ قلت: نعم. قَالَ: ابن كم أنت؟ قلت: ابن سبع عشرة سنة. قَالَ: وأنا ولد لي محمد وأنا ابن سبع عشرة سنة. قال محمد بن عمر: وكان محمد بن عبد الرحمن قد لقي رجال أبيه علقمة وشريك بن عبد الله بن أبي نمر وكل رجال أبيه غير أبي الزناد. وكان يسأل أن يحدث فيأبي ويقول: أحدث وأبي حي؟ إلا الخاصة به في الحديث بعد الحديث. وكان بارا بأبيه معظما له هائبا له. قال رأيته يوما وقد أصابته الخاصرة وإنه علي الباب لجالس ينتظر أن يأذن له أبوه فينصرف. وإنه لمبلغ من الخاصرة حتي خرج رسول أبيه فقال: انصرف. فانصرف. قَالَ فقلت له: لو ذهبت. قَالَ: سبحان الله إذا جاء حد الضرورة. قَالَ: لو مكثت كم ما شاء الله لا يأذن بي ما ذهبت حتي يأذن لي. قَالَ وكان في محمد بن عبد الرحمن خصال لا تستغني عن واحدة منهن. الخصلة منهن تكون في الرجل فيكون من الكلمة: قراءة القرآن وقراءة السنة والعربية والعروض والحساب ووضع الكتب في البروات والسجلات وأذكار الحقوق. قَالَ محمد بن عمر: سمعت محمد بن عمران الطلحي قاضينا وأتي بكتاب يقرأ عليه فقال: اعرض علي محمد بن عبد الرحمن. فقيل: لا. فقال: اذهب به فاعرضه عليه ثم جئني به. قَالَ وكان أعلم الناس بحساب القسم والفرائض وبحسابها وبقسمها وبالحديث إتقانا له ومعرفة به. أخبرنا محمد بن عمر قَالَ: أخبرني سليمان بن بلال قَالَ: ما رأيت أحدا يجترئ علي زيد بن أسلم فيقول له: أسمعت؟ غير محمد بن عبد الرحمن فإني سمعته يقول لزيد بن أسلم: سمعت يا أبا أسامة. قَالَ محمد بن عمر: وكان محمد بن عبد الرحمن من أبر الناس بأبيه. وكان أبوه يكون في الحلقة وهو متأخر عنها فيقول أبوه: يا محمد. فلا يجيبه حتي يثب فيقوم علي رأسه فيلبيه. فيأمره بحاجته فلا يستثبته هيبة له حتي يسأل من فهم ذلك عن أبيه فيخبره. أخبرنا محمد بن عمر قَالَ: كان محمد بن عبد الرحمن مع أبيه عبد الرحمن بن أبي الزناد ببغداد فمات بعد أبيه بإحدى وعشرين ليلة. سنة أربع وسبعين ومائة. وهو يوم مات ابن سبع وخمسين سنة. ودفنا جميعا في مقابر باب التين. لم يحدث عنه أحد إلا محمد بن عمر.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#2d76b9
محمد بن عبد الرحمن
- محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب واسمه هشام بن شعبة بْن عَبْد الله بْن أبي قَيْس بْن عَبْد ود بْن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وأمه بريهة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئب. وأم أبي ذئب أم حبيب بِنْت العاص بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ. وكان أبو أحيحة سعيد بن العاص خاله. وكان أبو ذئب قد أتى قيصر. فسعى به عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى- وكان يقال له شيطان قريش- إلى قيصر. فحبس قيصر أبا ذئب حتى مات في حبسه. وقال: أخبرنا محمد بن عمر. قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ذئب يكنى أبا الحارث. ولد سنة ثمانين. عام الجحاف. وكان من أورع الناس وأفضلهم. وكانوا يرمونه بالقدر. وما كان قدريا. لقد كان ينفي قولهم ويعيبه. ولكنه كان رجلا كريما. يجلس إليه كل أحد ويغشاه فلا يطرده. ولا يقول له شيئا وإن هو مرض عاده. فكانوا يتهمونه بالقدر لهذا وشبهه. وكان يصلي الليل أجمع ويجتهد في العبادة. ولو قيل له إن القيامة تقوم غدا ما كان فيه مزيد من الاجتهاد. وأخبرني أخوه قَالَ: يصوم يوما ويفطر يوما. فوقعت الرجفة بالشام. فقدم رجل من أهل الشام فسأله عن الرجفة. فأقبل يحدثه وهو يستمع لقوله. فلما قضى حديثه- وكان ذلك اليوم يوم إفطاره- قلت له- قم نغد. قَالَ: دعه اليوم. قَالَ: فسرد من ذلك اليوم إلى أن مات. وكان شديد الحال. يتعش بالخبز والزيت. وكان له طيلسان وقميص. فكان يشتو فيه ويصيف. وكان من رجال الناس صرامة وقولا بالحق وكان يتشبب في حداثته حتى كبر وطلب الحديث. وقال: لو طلبته وأنا صغير كنت أدركت مشايخ فرطت فيهم. وكنت أتهاون بهذا الأمر حتى كبرت وعقلت. وكان يحفظ حديثه كله. لم يكن له كتاب. ولا شيء ينظر فيه. ولا له حديث مثبت في شيء. قَالَ: وسألت سلامة أم ولده. أنه كتب؟ قالت: لا. ما له كتاب واحد. قَالَ: وأول يوم جئته أنا وأخي شملة انقلبنا من الكتاب. فعمدت أمي إلينا فألبستنا ثيابا. وأخذت دفترا لي قد كتبت فيه بعض أحاديث ابن أبي ذئب. فجئته فقرأت عليه قراءة رديئة وخط رديء. فتتعتعت فيه. قَالَ: فضجر وأخذ الدفتر فطرحه. فقال: صبيان لا يحسنون شيئا. قوموا عنا فقمنا. فلما كان الغد وانقلبنا من الكتاب. قالت أمي: اذهبوا إلى ابن أبي ذئب. فأما أخي شملة فحلف ألا يذهب إليه. وأما أنا فذهبت إليه. فحين رآني قَالَ: تعال تعال اذهب إلى فلان فخذ منه كتابه وتعال. قَالَ: فصبرني حتى فرغت منه كله. قَالَ: فعرفت أنه يريد به الله. قَالَ: ثم عاد إليه أخي بعد. وكنا نختلف إليه كلانا ثم لم يخرج من الدنيا حتى سمعتها منه سماعا مما يرددها. وحتى صار إذا شك في حديث التفت إلي فقال: ما تقول في كذا وكذا. كيف حدثتك؟ فأقول: حدثتنا به كذا وكذا. فيرجع إلى قولي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: سَمِعْتُ ابن أبي ذئب. وسأله رجل من أهل مصر فقال: يا أبا الحارث. ما قرأت عليك من الحديث أقول حدثني؟ قَالَ: نعم. وما كان في ذلك من تباعة فهو في عنقي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: وَكَانَ ابن أبي ذئب يروح يوم الجمعة إلى الصلاة باكرا. فيصلي حتى يخرج الإمام. وما رأيته نظر إلى شمس قط- يعني في قول من رأى الكرامة للصلاة نصف النهار-. قَالَ: أخبرنا محمد بن عمر. قَالَ: رأيت ابن أبي ذئب يأتي دار أجداده بين الصفا والمروة. فيأخذ كراءها فيأخذ حصته ويقسم عليهم حصصهم. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: وَكَانَ ابن أبي ذئب لا يغير شيبه. قَالَ: اخبرنا محمد بن عمر. قال: لما خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بالمدينة لزم ابن أبي ذئب بيته. فلم يخرج منه حتى قتل محمد بن عَبْد اللَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: كان ابن أبي ذئب إذا جلس إليه رجل فاقتعده سأل أهل المجلس ما فعل صاحبكم؟ فإن قالوا لا ندري. قَالَ: أين منزله؟ فإن قالوا لا ندري. ضجر عليهم وقال: لأي شيء تصلحون؟ يجلس إليكم رجل لا تدرون إذا أعقل لم تعوده! وإن كانت له حاجة لم تعينوه! فإن عرفوا منزله قَالَ: قوموا بنا إليه حتى نأتيه في منزله فنسأل به ونعوده. قَالَ: اخبرنا محمد بن عمر. قال: إني لجالس عند أبي ذئب إذ أتاه شيخ فقال: تذكر يا أبا الحارث يوم سابقنا بالحمام فعدونا تحتها. فكان وكان. قَالَ: وأقبل يحدثه وابن أبي ذئب يتغافل عنه ساكت. فلما أكثر عليه. قَالَ: نعم. فكنت فيها لئيما راضعا. قَالَ: أخبرنا محمد بن عمر. قَالَ: دعا زياد بن عبيد الله الحارثي ابن أبي ذئب ليستعمله على بعض عمله فأبى. فحلف زياد ليعملن. فحلف ابن أبي ذئب أن لا يفعل فقال زياد: ادفعوا إليه كتابه. قَالَ: لا أقبله. قَالَ: ادفعوه إليه شاء أو أبى. واسحبوه برجله. وقال له زياد: ابن الفاعلة. فقال له ابن أبي ذئب: والله ما هو من هيبتك تركت أن أردها عليك مائة مرة. ولكن تركتها لله تعالى. قَالَ: وندم زياد على ما قَالَ له وصنع به. وقال له من حضره: إن مثل ابن أبي ذئب لا يصنع به مثل هذا. إن من شرفه وحاله في نفسه. وقدره عند أهل البلد أمرا عظيما. فازداد زياد ندامة. وغمّه ما صنع به. وقال: فأنا آتيه فأترضاه وأتحلله مما قلت له. قالوا: ألا تفعل فإنه أمحك ما يكون عند ذلك. ولا نأمن أن يسمعك ما تكره. فأرسل إلى أخيه طالوت. فقال: هذه مائة دينار خذها واعطها أخاك. وتحلل لي منه. فقال طالوت: ما أجترئ عليه بذلك وهو لا يحللك أبدا. قَالَ: فخذ هذه الدنانير فأوصلها إليه. قَالَ: إن علم أنها من قبلك لم يقبلها. قَالَ: فخذها واصنع له بها شيئا يصل إليه نفعه. قَالَ: فأخذها فاشترى له منها جارية. فهي أم ولده. اسمها سلامة. ولا يعلم ابن أبي ذئب بذلك. ولو علم ما قبلها أبدا. قَالَ: وكان لا يذكر فرية زياد عليه إلا بكى وتلهف. فقال: لولا خوف الله لرددتها عَلَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: كان الحسن بن زيد يجري على ابن أبي ذئب خمسة دنانير في كل شهر. فلما غضب أبو جعفر المنصور على حسن بن زيد عزله عن المدينة. وولى عبد الصمد بن علي. وأمر بحبس حسن بن زيد والتضييق عليه. فأرسل المهدى إلى عبد الصمد بن علي سرا. أن وسع على الحسن بن زيد. ولا تضيق عليه. فأرسل عبد الصمد إلى عشرة من اهل المسجد فيهم ابن أبي ذئب فقال: ادخلوا على حسن بن زيد فانظروا إليه وإلى ما هو فيه فدخلوا عليه ونظروا إليه وخرجوا ودعا بهم عبد الرحمن بن عبد الصمد بن علي. ورسول المهدي عنده يريد أن يسمع مقالهم فيخبر بذلك المهدي. فقال لهم عبد الصمد: كيف رأيتم الرجل وحاله في حبسه؟ فقالوا: رأيناه في سعة وفي خير وطبري وعنده ريحان. قالوا وابن أبي ذئب ساكت لا يتكلم فقال: ما تقول أنت؟ قَالَ ابن أبي ذئب: كذبوك وخدعوك وغروك. الرجل في مكان ضيق ويحدث تحته. ورأيت ضيعة. ثم قام ليخرج فقال له عبد الصمد: تعال أي شيء عندك. قَالَ: عندي الذي أخبرتك. قَالَ: أخبرنا محمد بن عمر قَالَ: دخل ابن أبي ذئب على عبد الصمد وهو والي المدينة فكلمه في شيء. فقال له عبد الصمد: إني لأراك مرائيا. فأخذ ابن أبي ذئب عودا. أو شيئا من الأرض فقال: من أرائي. فو الله للناس عندي أهون من هذا. قَالَ: اخبرنا محمد بن عمر. قَالَ: حج أبو جعفر. فدعا الحسن بن زيد ودعا ابن أبي ذئب. فأراد أن يغري الحسن بابن أبي ذئب: وعرف أبو جعفر أن صاحب الحسن غير مغفول عنه. فقال لابن أبي ذئب. نشدتك الله. ما تعلم من الحسن بن زيد؟ قَالَ: أما إذا نشدتني. فإنه يدعونا فيستشيرنا. فنخبره بالحق. فيدعه ويعمل بهواه. إن اشتهى شيئا أخذ به. وإن لم يرده تركه. قال فقال الحسن بن زيد: نشدتك الله يا أمير المؤمنين إلا سألته عن نفسك. قَالَ: فقال أبو جعفر لابن أبي ذئب: نشدتك بالله ما تعلم مني؟ ألست أعمل بالحق؟ أليس تراني أعدل؟ فقال ابن أبي ذئب: أما إذ نشدتني بالله فأقول: اللهم لا. ما أراك تعدل. وإنك لجائر. وإنك لتستعمل الظلمة وتدع أهل الخير والفضل. قَالَ: قَالَ محمد بن عمر: فحدثني محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي وإبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي وأخبرت عن عيسى بن علي. قالوا: نحن عند أبي جعفر حين كلمه ابن أبي ذئب بما كلمه به من ذلك الكلام الشديد فظننا أن أبا جعفر سيعالجه. فجعلنا نكف إلينا ثيابنا ونتنحى مخافة أن يصيبنا من دمه. قَالَ: وجزع أبو جعفر واغتم قَالَ له: قم فاخرج. قَالَ: ورزقه الله السلامة من أبي جعفر فخرج ابن أبي ذئب إلى أم ولده سلامه وهي معه فقال احتسبي دنانيرك التي كان حسن بن زيد يجريها عليك. قالت: ولم؟ قَالَ سألني أبو جعفر عنه فقلت له كذا وكذا. وحسن حاضر. فقالت: ففي الله خلف وعوض منها. قَالَ: فخرج حسن بن زيد. وذكر ذلك لابن أبي الزناد. قَالَ: والله ما ساءني كلامه. ولقد علمت على أنه أراد الله بذلك. ولم يرد به الدنيا. ولا رضى أبي جعفر. ولكن كان ذلك الحق عنده فأراد الله به. فلما كان رأس الهلال زاده حسن بن زيد خمسة دنانير أخرى في كل شهر. فصارت عشرة. فلم يزل يجريها عليه في كل شهر حتى مات. وقال: إنما زدته ذلك لإرادته اللَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: لما ولي جعفر بن سليمان بن علي على المدينة المرة الأولى أرسل إلى ابن أبي ذئب بمائة دينار. فاشترى منها ساجا كرديا بعشرة دنانير فلبسه عمره. ثم لبسه ولده بعده ثلاثين سنة. وكانت حاله ضعيفة جدا. وأرسل إليه فقدم به عليهم بغداد. فلم يزالوا به حتى قبل منهم. فأعطوه ألف دينار فلم يقبل فقالوا: خذها وفرقها فيمن رأيت. فأخذها وانصرف يريد المدينة. فلما كان بالكوفة اشتكى ومات. فدفن بالكوفة وهو يومئذ ابن تسع وسبعين سنة. وكان ابن أبي ذئب يفتي بالمدينة وكان عالما ثقة فقيها ورعا عابدا فاضلا. وكان يرمي بالقدرة. ولم يكن الذي بينه وبين مالك بن أنس بذلك.
- محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب واسمه هشام بن شعبة بْن عَبْد الله بْن أبي قَيْس بْن عَبْد ود بْن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وأمه بريهة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئب. وأم أبي ذئب أم حبيب بِنْت العاص بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ. وكان أبو أحيحة سعيد بن العاص خاله. وكان أبو ذئب قد أتى قيصر. فسعى به عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى- وكان يقال له شيطان قريش- إلى قيصر. فحبس قيصر أبا ذئب حتى مات في حبسه. وقال: أخبرنا محمد بن عمر. قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ذئب يكنى أبا الحارث. ولد سنة ثمانين. عام الجحاف. وكان من أورع الناس وأفضلهم. وكانوا يرمونه بالقدر. وما كان قدريا. لقد كان ينفي قولهم ويعيبه. ولكنه كان رجلا كريما. يجلس إليه كل أحد ويغشاه فلا يطرده. ولا يقول له شيئا وإن هو مرض عاده. فكانوا يتهمونه بالقدر لهذا وشبهه. وكان يصلي الليل أجمع ويجتهد في العبادة. ولو قيل له إن القيامة تقوم غدا ما كان فيه مزيد من الاجتهاد. وأخبرني أخوه قَالَ: يصوم يوما ويفطر يوما. فوقعت الرجفة بالشام. فقدم رجل من أهل الشام فسأله عن الرجفة. فأقبل يحدثه وهو يستمع لقوله. فلما قضى حديثه- وكان ذلك اليوم يوم إفطاره- قلت له- قم نغد. قَالَ: دعه اليوم. قَالَ: فسرد من ذلك اليوم إلى أن مات. وكان شديد الحال. يتعش بالخبز والزيت. وكان له طيلسان وقميص. فكان يشتو فيه ويصيف. وكان من رجال الناس صرامة وقولا بالحق وكان يتشبب في حداثته حتى كبر وطلب الحديث. وقال: لو طلبته وأنا صغير كنت أدركت مشايخ فرطت فيهم. وكنت أتهاون بهذا الأمر حتى كبرت وعقلت. وكان يحفظ حديثه كله. لم يكن له كتاب. ولا شيء ينظر فيه. ولا له حديث مثبت في شيء. قَالَ: وسألت سلامة أم ولده. أنه كتب؟ قالت: لا. ما له كتاب واحد. قَالَ: وأول يوم جئته أنا وأخي شملة انقلبنا من الكتاب. فعمدت أمي إلينا فألبستنا ثيابا. وأخذت دفترا لي قد كتبت فيه بعض أحاديث ابن أبي ذئب. فجئته فقرأت عليه قراءة رديئة وخط رديء. فتتعتعت فيه. قَالَ: فضجر وأخذ الدفتر فطرحه. فقال: صبيان لا يحسنون شيئا. قوموا عنا فقمنا. فلما كان الغد وانقلبنا من الكتاب. قالت أمي: اذهبوا إلى ابن أبي ذئب. فأما أخي شملة فحلف ألا يذهب إليه. وأما أنا فذهبت إليه. فحين رآني قَالَ: تعال تعال اذهب إلى فلان فخذ منه كتابه وتعال. قَالَ: فصبرني حتى فرغت منه كله. قَالَ: فعرفت أنه يريد به الله. قَالَ: ثم عاد إليه أخي بعد. وكنا نختلف إليه كلانا ثم لم يخرج من الدنيا حتى سمعتها منه سماعا مما يرددها. وحتى صار إذا شك في حديث التفت إلي فقال: ما تقول في كذا وكذا. كيف حدثتك؟ فأقول: حدثتنا به كذا وكذا. فيرجع إلى قولي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: سَمِعْتُ ابن أبي ذئب. وسأله رجل من أهل مصر فقال: يا أبا الحارث. ما قرأت عليك من الحديث أقول حدثني؟ قَالَ: نعم. وما كان في ذلك من تباعة فهو في عنقي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: وَكَانَ ابن أبي ذئب يروح يوم الجمعة إلى الصلاة باكرا. فيصلي حتى يخرج الإمام. وما رأيته نظر إلى شمس قط- يعني في قول من رأى الكرامة للصلاة نصف النهار-. قَالَ: أخبرنا محمد بن عمر. قَالَ: رأيت ابن أبي ذئب يأتي دار أجداده بين الصفا والمروة. فيأخذ كراءها فيأخذ حصته ويقسم عليهم حصصهم. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: وَكَانَ ابن أبي ذئب لا يغير شيبه. قَالَ: اخبرنا محمد بن عمر. قال: لما خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بالمدينة لزم ابن أبي ذئب بيته. فلم يخرج منه حتى قتل محمد بن عَبْد اللَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: كان ابن أبي ذئب إذا جلس إليه رجل فاقتعده سأل أهل المجلس ما فعل صاحبكم؟ فإن قالوا لا ندري. قَالَ: أين منزله؟ فإن قالوا لا ندري. ضجر عليهم وقال: لأي شيء تصلحون؟ يجلس إليكم رجل لا تدرون إذا أعقل لم تعوده! وإن كانت له حاجة لم تعينوه! فإن عرفوا منزله قَالَ: قوموا بنا إليه حتى نأتيه في منزله فنسأل به ونعوده. قَالَ: اخبرنا محمد بن عمر. قال: إني لجالس عند أبي ذئب إذ أتاه شيخ فقال: تذكر يا أبا الحارث يوم سابقنا بالحمام فعدونا تحتها. فكان وكان. قَالَ: وأقبل يحدثه وابن أبي ذئب يتغافل عنه ساكت. فلما أكثر عليه. قَالَ: نعم. فكنت فيها لئيما راضعا. قَالَ: أخبرنا محمد بن عمر. قَالَ: دعا زياد بن عبيد الله الحارثي ابن أبي ذئب ليستعمله على بعض عمله فأبى. فحلف زياد ليعملن. فحلف ابن أبي ذئب أن لا يفعل فقال زياد: ادفعوا إليه كتابه. قَالَ: لا أقبله. قَالَ: ادفعوه إليه شاء أو أبى. واسحبوه برجله. وقال له زياد: ابن الفاعلة. فقال له ابن أبي ذئب: والله ما هو من هيبتك تركت أن أردها عليك مائة مرة. ولكن تركتها لله تعالى. قَالَ: وندم زياد على ما قَالَ له وصنع به. وقال له من حضره: إن مثل ابن أبي ذئب لا يصنع به مثل هذا. إن من شرفه وحاله في نفسه. وقدره عند أهل البلد أمرا عظيما. فازداد زياد ندامة. وغمّه ما صنع به. وقال: فأنا آتيه فأترضاه وأتحلله مما قلت له. قالوا: ألا تفعل فإنه أمحك ما يكون عند ذلك. ولا نأمن أن يسمعك ما تكره. فأرسل إلى أخيه طالوت. فقال: هذه مائة دينار خذها واعطها أخاك. وتحلل لي منه. فقال طالوت: ما أجترئ عليه بذلك وهو لا يحللك أبدا. قَالَ: فخذ هذه الدنانير فأوصلها إليه. قَالَ: إن علم أنها من قبلك لم يقبلها. قَالَ: فخذها واصنع له بها شيئا يصل إليه نفعه. قَالَ: فأخذها فاشترى له منها جارية. فهي أم ولده. اسمها سلامة. ولا يعلم ابن أبي ذئب بذلك. ولو علم ما قبلها أبدا. قَالَ: وكان لا يذكر فرية زياد عليه إلا بكى وتلهف. فقال: لولا خوف الله لرددتها عَلَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: كان الحسن بن زيد يجري على ابن أبي ذئب خمسة دنانير في كل شهر. فلما غضب أبو جعفر المنصور على حسن بن زيد عزله عن المدينة. وولى عبد الصمد بن علي. وأمر بحبس حسن بن زيد والتضييق عليه. فأرسل المهدى إلى عبد الصمد بن علي سرا. أن وسع على الحسن بن زيد. ولا تضيق عليه. فأرسل عبد الصمد إلى عشرة من اهل المسجد فيهم ابن أبي ذئب فقال: ادخلوا على حسن بن زيد فانظروا إليه وإلى ما هو فيه فدخلوا عليه ونظروا إليه وخرجوا ودعا بهم عبد الرحمن بن عبد الصمد بن علي. ورسول المهدي عنده يريد أن يسمع مقالهم فيخبر بذلك المهدي. فقال لهم عبد الصمد: كيف رأيتم الرجل وحاله في حبسه؟ فقالوا: رأيناه في سعة وفي خير وطبري وعنده ريحان. قالوا وابن أبي ذئب ساكت لا يتكلم فقال: ما تقول أنت؟ قَالَ ابن أبي ذئب: كذبوك وخدعوك وغروك. الرجل في مكان ضيق ويحدث تحته. ورأيت ضيعة. ثم قام ليخرج فقال له عبد الصمد: تعال أي شيء عندك. قَالَ: عندي الذي أخبرتك. قَالَ: أخبرنا محمد بن عمر قَالَ: دخل ابن أبي ذئب على عبد الصمد وهو والي المدينة فكلمه في شيء. فقال له عبد الصمد: إني لأراك مرائيا. فأخذ ابن أبي ذئب عودا. أو شيئا من الأرض فقال: من أرائي. فو الله للناس عندي أهون من هذا. قَالَ: اخبرنا محمد بن عمر. قَالَ: حج أبو جعفر. فدعا الحسن بن زيد ودعا ابن أبي ذئب. فأراد أن يغري الحسن بابن أبي ذئب: وعرف أبو جعفر أن صاحب الحسن غير مغفول عنه. فقال لابن أبي ذئب. نشدتك الله. ما تعلم من الحسن بن زيد؟ قَالَ: أما إذا نشدتني. فإنه يدعونا فيستشيرنا. فنخبره بالحق. فيدعه ويعمل بهواه. إن اشتهى شيئا أخذ به. وإن لم يرده تركه. قال فقال الحسن بن زيد: نشدتك الله يا أمير المؤمنين إلا سألته عن نفسك. قَالَ: فقال أبو جعفر لابن أبي ذئب: نشدتك بالله ما تعلم مني؟ ألست أعمل بالحق؟ أليس تراني أعدل؟ فقال ابن أبي ذئب: أما إذ نشدتني بالله فأقول: اللهم لا. ما أراك تعدل. وإنك لجائر. وإنك لتستعمل الظلمة وتدع أهل الخير والفضل. قَالَ: قَالَ محمد بن عمر: فحدثني محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي وإبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي وأخبرت عن عيسى بن علي. قالوا: نحن عند أبي جعفر حين كلمه ابن أبي ذئب بما كلمه به من ذلك الكلام الشديد فظننا أن أبا جعفر سيعالجه. فجعلنا نكف إلينا ثيابنا ونتنحى مخافة أن يصيبنا من دمه. قَالَ: وجزع أبو جعفر واغتم قَالَ له: قم فاخرج. قَالَ: ورزقه الله السلامة من أبي جعفر فخرج ابن أبي ذئب إلى أم ولده سلامه وهي معه فقال احتسبي دنانيرك التي كان حسن بن زيد يجريها عليك. قالت: ولم؟ قَالَ سألني أبو جعفر عنه فقلت له كذا وكذا. وحسن حاضر. فقالت: ففي الله خلف وعوض منها. قَالَ: فخرج حسن بن زيد. وذكر ذلك لابن أبي الزناد. قَالَ: والله ما ساءني كلامه. ولقد علمت على أنه أراد الله بذلك. ولم يرد به الدنيا. ولا رضى أبي جعفر. ولكن كان ذلك الحق عنده فأراد الله به. فلما كان رأس الهلال زاده حسن بن زيد خمسة دنانير أخرى في كل شهر. فصارت عشرة. فلم يزل يجريها عليه في كل شهر حتى مات. وقال: إنما زدته ذلك لإرادته اللَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: لما ولي جعفر بن سليمان بن علي على المدينة المرة الأولى أرسل إلى ابن أبي ذئب بمائة دينار. فاشترى منها ساجا كرديا بعشرة دنانير فلبسه عمره. ثم لبسه ولده بعده ثلاثين سنة. وكانت حاله ضعيفة جدا. وأرسل إليه فقدم به عليهم بغداد. فلم يزالوا به حتى قبل منهم. فأعطوه ألف دينار فلم يقبل فقالوا: خذها وفرقها فيمن رأيت. فأخذها وانصرف يريد المدينة. فلما كان بالكوفة اشتكى ومات. فدفن بالكوفة وهو يومئذ ابن تسع وسبعين سنة. وكان ابن أبي ذئب يفتي بالمدينة وكان عالما ثقة فقيها ورعا عابدا فاضلا. وكان يرمي بالقدرة. ولم يكن الذي بينه وبين مالك بن أنس بذلك.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#bafa21
- ومحمد بن عبد الرحمن بن يزيد.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#c9a704
- ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. أنصاري. مات سنة ثمان وأربعين ومائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#55201d
- محمد بن عبد الرحمن. يكنى أبا عبد الله. مات بها بعد أبيه نحوًا من عشرين يومًا.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#f9f169
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى بني زهرَة عَن أبي سَلمَة روى عَنهُ يحيى أبن أبي كثير
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#520652
مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن سَمِعَ أبا مالك الأشجعي، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه فِيهِ نظر.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#4aa67a
مُحَمَّد بن عبد الرحمن مولى بني زهرَة
روى عَن أبي سَلمَة فِي الصَّوْم
روى عَنهُ يحيى بن أبي كثير
روى عَن أبي سَلمَة فِي الصَّوْم
روى عَنهُ يحيى بن أبي كثير
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#6db903
مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن الْبَيْلَمَانِي عَن أَبِيه مُنكر الحَدِيث كَانَ الْحميدِي يتَكَلَّم فِيهِ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64546&book=5525#f4d0c5
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى بْنِ بِلالِ بْنِ بُلَيْلِ بن أحيحة بن الجلاح الأنصاري ثم أحد بني جحجبا بْن كلفة مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الأَوْسِ. أجمعوا لنا على أنه توفي بالكوفة سنة ثمان وأربعين ومائة. وقد كان ولي القضاء لبني أمية ثم وليه لبني العباس وعيسى بن موسى على الكوفة وأعمالها. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى يَوْمَ مَاتَ قَدْ بَلَغَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لا أَعْقِلُ شَيْئًا مِنْ شَأْنِ أَبِي غَيْرَ أَنِّي أَعْرِفُ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ وَكَانَ لَهُ حُبَّانِ أَخْضَرَانِ يَنْبِذُ عِنْدَ هَذِهِ يَوْمًا وَعِنْدَ هَذِهِ يَوْمًا.
- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى بْنِ بِلالِ بْنِ بُلَيْلِ بن أحيحة بن الجلاح الأنصاري ثم أحد بني جحجبا بْن كلفة مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الأَوْسِ. أجمعوا لنا على أنه توفي بالكوفة سنة ثمان وأربعين ومائة. وقد كان ولي القضاء لبني أمية ثم وليه لبني العباس وعيسى بن موسى على الكوفة وأعمالها. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى يَوْمَ مَاتَ قَدْ بَلَغَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لا أَعْقِلُ شَيْئًا مِنْ شَأْنِ أَبِي غَيْرَ أَنِّي أَعْرِفُ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ وَكَانَ لَهُ حُبَّانِ أَخْضَرَانِ يَنْبِذُ عِنْدَ هَذِهِ يَوْمًا وَعِنْدَ هَذِهِ يَوْمًا.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64480&book=5525#95ae1b
مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة هُوَ ابْن عَليّ بن أبي طَالب مَشْهُور فِي التَّهْذِيب
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64480&book=5525#d5a624
محمد بن علي ابن الحنفية، وكان يكنى: أبا القاسم، وكان رجلًا صالحًا، تابعيًّا، ثقة، "مدنيًّا"، وسأل رجل ابن عمر عن مسألة، فقال: سل محمد ابن الحنفية، ما تقول؟ فسأله عنها، ثم أخبره، فقال ابن عمر أهل بيت مفهمون.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64480&book=5525#fa2f21
محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ
- محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وهُوَ مُحَمَّد الأكبر بْن عَلِيّ بْن أبي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ المطلب بن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي. وأمه الحنفية خولة بِنْت جَعْفَر بْن قَيْس بْن مَسْلَمَة بْن ثَعْلَبَة بْن يربوع بْن ثَعْلَبَة بْن الدول بْن حنيفة بْن لجيم بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وائل. ويقال بل كانت أمه من سبي اليمامة فصارت إلى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. رَحِمَهُ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ يَذْكُرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْطَى عَلِيًّا أم محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ أُمَّ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ سِنْدِيَّةً سَوْدَاءَ وَكَانَتْ أَمَةً لِبَنِي حَنِيفَةَ وَلَمْ تَكُنْ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى الرَّقِيقِ وَلَمْ يُصَالِحْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالا: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالا: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قال: وقع بين علي وطلحة فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: لا كَجُرْأَتِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ. سَمَّيْتَ بِاسْمِهِ وَكَنَّيْتَ بِكُنْيَتِهِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ بعده. فقال عَلِيٌّ: إِنَّ الْجَرِيءَ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ. اذْهَبْ يَا فُلانُ فَادْعُ لِي فُلانًا وَفُلانًا. لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ. قَالَ فَجَاؤُوا فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُونَ؟ قَالُوا: . أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أخبرنا هُشَيْمٌ قَالَ: أخبرنا مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ ابن الْحَنَفِيَّةِ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. وَكَانَ كَثِيرُ الْعِلْمِ وَرِعًا. فَوَلَدَ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عَبْدَ اللَّهِ وَهُوَ أَبُو هَاشِمٍ وَحَمْزَةَ وَعَلِيًّا وَجَعْفَرًا الأَكْبَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ. وَالْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ. وَكَانَ مِنْ ظُرَفَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَأَهْلِ الْعَقْلِ مِنْهُمْ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ. وَلا عَقِبَ لَهُ وَأُمُّهُ جَمَالُ ابْنَةُ قَيْسِ بْن مَخْرَمَةُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَأُمُّهُ مُسْرِعَةُ ابْنَةُ عَبَّادِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ جَابِرِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ نَسِيبِ بْنِ زَيْدِ بْن مَالِكِ بْن عَوْفِ بْن الْحَارِث بْن مازن بْن مَنْصُور بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ حَلِيفُ بَنِي هَاشِمٍ. وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ لا بَقِيَّةَ لَهُ. وَأُمَّ أَبِيهَا وَأُمُّهُمْ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاسْمُهَا بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ. وَجَعْفَرًا الأَصْغَرَ وَعَوْنًا وَعَبْدَ اللَّهِ الأَصْغَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ وَرُقَيَّةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثوري قال: سمعت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ. وَذَكَرَ يَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ: لَمَّا تَصَافَفْنَا أَعْطَانِي عَلِيٌّ الرَّايَةَ فَرَأَى مِنِّي نُكُوصًا لَمَّا دَنَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَأَخَذَهَا مِنِّي فَقَاتَلَ بِهَا. قَالَ فَحَمَلْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. فَلَمَّا غَشَيْتُهُ قَالَ: أَنَا عَلَى دِينِ أَبِي طَالِبٍ. فَلَمَّا عَرَفْتُ الَّذِي أَرَادَ كَفَفْتُ عَنْهُ. بَيْنَهُمْ مَا قُوتِلَ بِهِ مِنْ سِلاحٍ أَوْ كُرَاعٍ. وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مَا أَجْلَبُوا بِهِ عَلَيْنَا مِنْ كُرَاعٍ أَوْ سِلاحٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: كَانَ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَغْزُوَ مُعَاوِيَةَ وَأَهْلَ الشَّامِ فَجَعَلَ يَعْقِدُ لِوَاءَهُ ثُمَّ يَحْلِفُ لا يَحِلُّهُ حَتَّى يَسِيرَ. فَيَأْبَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَيَنْتَشِرُ رَأْيُهُمْ وَيَجْبُنُونَ فَيُحِلُّهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ. حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. وَكُنْتُ أَرَى حَالَهُ فَأَرَى مَا لا يَسُرُّنِي. فَكَلَّمْتُ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يَوْمَئِذٍ وَقُلْتُ لَهُ: أَلا تُكَلِّمُهُ أَيْنَ يَسِيرُ بِقَوْمٍ لا وَاللَّهِ مَا أَرَى عِنْدَهُمْ طَائِلا؟ فَقَالَ الْمِسْوَرُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ يَسِيرُ لأَمْرٍ قَدْ حُمَّ. قَدْ كَلَّمْتُهُ فرأيته يأبى إلا المسير. قال محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: فَلَمَّا رَأَى مِنْهُمْ مَا رَأَى قَالَ: . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ عَلَى رَجَّالَةٍ عَلِيٌّ يَوْمَ صِفِّينَ عَمَّارُ بن ياسر. وكان محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَحْمِلُ رَايَتَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شَرَاحِيلَ عَنْ حَنَشِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ. وَقَدْ كَانَ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمًا وَالْتَقَيْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ الشَّامِ فَاقْتَتَلْنَا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لا يَبْقَى أَحَدٌ. فَأَسْمَعُ صَائِحًا يَصِيحُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُ اللَّهُ. مَنْ لِلنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ. مَنْ لِلرُّومِ. مَنْ لِلتُّرْكِ. مَنْ لِلدَّيْلَمِ؟ اللَّهُ اللَّهُ وَالْبُقْيَا. فَأَسْمَعُ حَرَكَةً مِنْ خَلْفِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيٌّ يَعْدُو بِالرَّايَةِ يُهَرْوِلُ بِهَا حَتَّى أَقَامَهَا. وَلَحِقَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ الْزَمْ رَأَيْتَكَ فَإِنِّي مُتَقَدِّمٌ فِي الْقَوْمِ. فَأَنْظُرْ إِلَيْهِ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُفْرَجَ لَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهِمْ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عند محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا أَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ بِالنَّجَاةِ وَلا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا عَلَى أَبِي الَّذِي وَلَدَنِي. قَالَ فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ. قَالَ: مَنْ كَانَ فِي النَّاسِ مِثْلَ عَلِيٍّ سَبَقَ لَهُ كَذَا سَبَقَ لَهُ كَذَا؟ أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ فِي الشِّعْبِ: لَوْ أَنَّ أَبِي عَلِيًّا أَدْرَكَ هَذَا الأَمْرَ لَكَانَ هَذَا مَوْضِعُ رَحْلِهِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ يَتَّخِذُهُمَا النَّاسُ أَنْدَادًا مِنْ دُونِ اللَّهِ. نَحْنُ وَبَنُو عَمِّنَا هَؤُلاءِ. يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ أَبُو زبيد عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَة عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى عَنْ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ نتخذ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا. نَحْنُ وَبَنُو أُمَيَّةَ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيٌّ. فَقَالَ: أَجَلْ أَنَا مَهْدِيُّ أُهْدِي إِلَى الرُّشْدِ وَالْخَيْرِ. اسْمِي اسْمُ نَبِيِّ اللَّهِ وَكُنْيَتِي كُنْيَةُ نَبِيِّ اللَّهِ. فَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ. السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلاءِ الْخَفَّافُ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ الحنفية فسلم عليه فرد ع فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ فَحَرَّكَ يَدَهُ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ. أَمَا آنَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا كَيْفَ نَحْنُ؟ إِنَّمَا مَثَلُنَا فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَثَلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ. كَانَ يَذْبَحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ. وَإِنَّ هَؤُلاءِ يَذْبَحُونَ أَبْنَاءَنَا وَيَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا بِغَيْرِ أَمْرِنَا. فَزَعَمَتِ الْعَرَبُ أَنَّ لَهَا فَضْلا عَلَى الْعَجَمِ فَقَالَتِ الْعَجَمُ: وَمَا ذاك؟ قالوا: كان محمد عَرَبِيًّا. قَالُوا: صَدَقْتُمْ. قَالُوا: وَزَعَمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ لَهَا فَضْلا عَلَى الْعَرَبِ فَقَالَتِ الْعَرَبُ: وَبِمَ ذَا؟ قَالُوا: قَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ قُرَشِيًّا. فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ صَدَّقُوا فَلَنَا فَضْلٌ عَلَى النَّاسِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أخبرنا عُمَرُ بْنُ زِيَادٍ الْهُذَلِيُّ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ حَدَّثَهُ قَالَ: لَقِيتُ بِخُرَاسَانَ رَجُلا مِنْ عَزَّةَ. قَالَ قُلْتُ لِلأَسْوَدِ: مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: لا أَدْرِي. قَالَ: أَلا أَعْرِضُ عَلَيْكَ خُطْبَةَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي رَهْطٍ يُحَدِّثُهُمْ فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ. قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ. قَالَ قُلْتُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: أَسِرٌّ هِيَ أم عَلانِيَةٌ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلْ سِرٌّ. قَالَ: اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ وَحَدَّثَ الْقَوْمَ سَاعَةً ثُمَّ قَامَ فَقُمْتُ مَعَهُ. فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ دَخَلْتُ مَعَهُ بَيْتَهُ. قَالَ: قُلْ بِحَاجَتِكَ. قَالَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَشَهِدْتُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وشهدت أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بعد فو الله مَا كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إلينا قَرَابَةً فَنُحِبُّكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ وَلَكِنْ كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إِلَى نَبِيِّنَا قَرَابَةً فَلِذَلِكَ أَحْبَبْنَاكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ مِنْ نَبِيِّنَا. فَمَا زَالَ بِنَا الشَّيْنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الأَعْنَاقُ وَأُبْطِلَتِ الشَّهَادَاتُ وَشَرَدْنَا فِي الْبِلادِ وَأُوذِينَا حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ لَوْلا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ. وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا فَيَخْرُجُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَنُقِيمُ. فَقَالَ عُمَرُ: يَعْنِي الْخَوَارِجَ. وَقَدْ كَانَتْ تَبْلُغُنَا عَنْكَ أَحَادِيثُ من وَرَاءَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهُكَ لِلْكَلامِ فَلا أَسْأَلُ عَنْكَ أَحَدًا وَكُنْتَ أَوْثَقَ النَّاسِ فِي نَفْسِي وَأَحَبَّهُ إلي أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ. فَأَرَى بِرَأْيِكَ وَكَيْفَ تَرَى الْمَخْرَجَ. أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الأَحَادِيثَ فَإِنَّهَا عَيْبٌ عَلَيْكُمْ. وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَإِنَّهُ بِهِ هَدْيُ أَوَّلِكُمْ وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ. وَلَعَمْرِي لَئِنْ أُوذِيتُمْ لَقَدْ أُوذِيَ مَنْ كَانَ خَيْرًا مِنْكُمْ. أَمَّا قِيلُكَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ وَأَجْتَنِبَ أُمُورَ النَّاسِ لَوْلا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أُمُورُ آلِ مُحَمَّدٍ. فَلا تَفْعَلْ فَإِنَّكَ تِلْكَ الْبِدْعَةُ الرَّهْبَانِيَّةُ. وَلَعَمْرِي لأَمْرُ آلِ محمد أبين من طلوع هذه الشَّمْسِ. وَأَمَّا قِيلُكَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا فَيَخْرُجُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَنُقِيمُ. فَلا تَفْعَلْ. لا تُفَارِقِ الأُمَّةَ. اتَّقِ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ بِتَقِيَّتِهِمْ. قَالَ عُمَرُ: يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. وَلا تُقَاتِلْ مَعَهُمْ. قَالَ قُلْتُ: وَمَا تَقِيَّتُهُمْ؟ قَالَ: تُحْضِرُهُمْ وَجْهَكَ عِنْدَ عَوْدَتِهِمْ فَيَدْفَعُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْكَ عَنْ دَمِكَ وَدِينِكَ وَتُصِيبُ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ. قَالَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَطَافَ بِي قِتَالٌ لَيْسَ لِي مِنْهُ بُدٌّ؟ قَالَ: تُبَايِعُ بِإِحْدَى يَدَيْكَ الأُخْرَى لِلَّهِ. وَتُقَاتِلُ لِلَّهِ. فَإِنَّ اللَّهَ سَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ الْجَنَّةَ وَسَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ النَّارَ. وَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُبَلِّغَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ مِنِّي أَوْ أَنْ تَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ. يَعْنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ: حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: بَايِعْ بِإِحْدَى يَدَيْكَ عَلَى الأُخْرَى وَقَاتِلْ عَلَى نِيَّتِكَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ مُنْذِرٍ قَالَ: سمعت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ لَصَاعِقَةٌ لا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ عَنْ أبي الطفيل عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: الْزَمْ هَذَا الْمَكَانَ وَكُنْ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُنَا فَإِنَّ أَمَرَنَا إِذَا جَاءَ فَلَيْسَ بِهِ خِفَاءٌ كَمَا لَيْسَ بِالشَّمْسِ إِذَا طَلَعَتْ خَفَاءٌ. وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَشْرِقِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ. وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَغْرِبِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّنَا سَنُؤْتَى بِهَا كَمَا يُؤْتَى بِالْعَرُوسِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ: مَنْ أَحَبَّنَا نَفَعَهُ اللَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الدَّيْلَمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: وَدِدْتُ لَوْ فديت شيعتنا هؤلاء ولو بِبَعْضِ دَمِي. قَالَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عَلَى الْمِفْصَلِ وَالْعُرُوقِ ثُمَّ قَالَ: لَحَدِيثُهُمُ الْكَذِبُ وَإِذَاعَتُهُمُ الشَّرُّ حَتَّى إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ أُمَّ أَحَدِهِمُ الَّتِي وَلَدَتْهُ أَغْرَى بِهَا حَتَّى تُقْتَلَ. أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْحَارِثِ الأَزْدِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَغْنَى نَفْسَهُ وَكُفَّ يَدَهُ وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ. لَهُ مَا احْتَسَبَ وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. أَلا إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ سُيُوفِ الْمُسْلِمِينَ. أَلا إِنَّ لأَهْلِ الْحَقِّ دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ. فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَمِنَّا كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّنَامِ الأَعْلَى. وَمَنْ يَمُتْ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قال: أخبرنا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ رَجُلا لِلَّهِ لِعَدْلٍ ظَهَرَ مِنْهُ وَهُوَ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى حُبِّهُ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَحَبَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَمَنْ أَبْغَضَ رَجُلا لِلَّهِ لِجَوْرٍ ظهر منه وهو في علم الله من أَهْلِ الْجَنَّةِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى بُغْضِهِ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَبْغَضَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ النَّارِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ قَالَتْ: كَانَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي حَصْرِهِ الأَوَّلِ أَشَدَّ النَّاسِ مَعَهُ وَيُرِيهِ أَنَّهُ شِيعَةٌ لَهُ. وَابْنُ الزُّبَيْرِ مُعْجَبٌ بِهِ وَيَحْمِلُ عَلَيْهِ فَلا يَسْمَعُ عَلَيْهِ كَلامًا. وَكَانَ الْمُخْتَارُ يختلف إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَكَانَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ فِيهِ بِحُسْنِ الرَّأْيِ وَلا يَقْبَلُ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ. فَقَالَ الْمُخْتَارُ: أَنَا خَارِجٌ إِلَى الْعِرَاقِ. فَقَالَ لَهُ محمد: فاخرج وَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَامِلٍ الْهَمْدَانِيُّ يَخْرُجُ مَعَكَ. وَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: تَحَرَّزْ مِنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ أَمَانَةٍ. وَجَاءَ الْمُخْتَارُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ مَكَانِي مِنَ الْعِرَاقِ أَنْفَعُ لَكَ مِنْ مَقَامِي هَاهُنَا. فَأَذِنَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَخَرَجَ هُوَ وَابْنُ كَامِلٍ. وَابْنُ الزُّبَيْرِ لا يَشُكُّ فِي مُنَاصَحَتِهِ. وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى الْغِشِّ لابْنِ الزُّبَيْرِ. فَخَرَجَا حَتَّى لَقِيَا لاقِيًا بِالْعُذَيْبِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ: أَخْبِرْنَا عَنِ النَّاسِ. فَقَالَ: تَرَكْتُ النَّاسَ كَالسَّفِينَةِ تَجُولُ لا مَلاحَ لَهَا. فَقَالَ الْمُخْتَارُ: فَأَنَا مَلاحُهَا الَّذِي يُقِيمُهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُخْتَارُ الْعِرَاقِ اخْتَلَفَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ. وَهُوَ وَالِي الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَأَظْهَرَ مُنَاصَحَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَابَهُ فِي السِّرِّ. وَدَعَا إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ. وَاتَّخَذَ شِيعَةً. يَرْكَبُ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُ مُطِيعٍ خَافَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: كَانَ الْمُخْتَارُ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَعْيَبَهُ لَهُ. وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لأَبِي الْقَاسِمِ. يَعْنِي ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ. ثُمَّ ظَلَمَهُ إِيَّاهُ. وَجَعَلَ يَذْكُرُ ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ وَحَالَهُ وَوَرَعَهُ وَأَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَى الْكُوفَةِ يَدْعُو لَهُ. وَأَنَّهُ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا فَهُوَ لا يَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ. وَيَقْرَأُ ذَلِكَ الْكِتَابَ عَلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ. وَجَعَلَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ لمحمد ابن الحنفية فيبايعونه لَهُ سِرًّا. فَشَكَّ قَوْمٌ مِمَّنْ بَايَعَهُ فِي أَمْرِهِ وَقَالُوا: أَعْطَيْنَا هَذَا الرَّجُلَ عُهُودَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ ابْنِ الْحَنِفِيَّةِ. وَابْنُ الْحَنِفِيَّةِ بِمَكَّةَ لَيْسَ مِنَّا بِبَعِيدٍ وَلا مُسْتَتِرٍ. فَلَوْ شَخَصَ مِنَّا قَوْمٌ إِلَيْهِ فَسَأَلُوهُ عَمَّا جَاءَ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ عَنْهُ. فَإِنْ كَانَ صَادِقًا نَصَرْنَاهُ وَأَعَنَّاهُ عَلَى أَمْرِهِ. فَشَخَصَ مِنْهُمْ قَوْمٌ فَلَقُوا ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِمَكَّةَ فَأَعْلَمُوهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ فَقَالَ: نَحْنُ حَيْثُ تَرَوْنَ مُحْتَسِبُونَ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي سُلْطَانَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ. فَاحْذَرُوا الْكَذَّابِينَ وَانْظُرُوا لأَنْفُسِكُمْ وَدِينِكُمْ. فَانْصَرَفُوا عَلَى هَذَا. وَكَتَبَ الْمُخْتَارُ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ. وَجَاءَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ الْمُخْتَارُ أَمِينُ آلِ مُحَمَّدٍ وَرَسُولُهُ. فَأَذِنَ لَهُ وَحَيَّاهُ وَرَحَّبَ بِهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَكَلَّمَ الْمُخْتَارُ. وَكَانَ مُفَوَّهًا. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهَ بِنُصْرَةِ آلِ مُحَمَّدٍ. وَقَدْ رَكِبَ مِنْهُمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ. وَحُرِمُوا وَمُنِعُوا حَقَّهُمْ وَصَارُوا إِلَى مَا رَأَيْتَ. وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْكَ الْمَهْدِيُّ كِتَابًا. وَهَؤُلاءِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ. فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَنَسٍ الأَسَدِيُّ وَأَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ الْبَجَلِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَامِلٍ الشَّاكِرِيُّ وَأَبُو عَمْرَةَ كَيْسَانُ مَوْلَى بَجِيلَةَ: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابَهُ قَدْ شَهِدْنَاهُ حِينَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ. فَقَبَضَهُ إِبْرَاهِيمُ وَقَرَأَهُ ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيبُ وَقَدْ أَمَرَنَا بِطَاعَتِكَ وَمُؤَازَرَتِكَ فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ وَادْعُ إِلَى مَا شِئْتَ. ثُمَّ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَرْكَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَزَرَعَ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ. وَوَرَدَ الْخَبَرُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَتَنَكَّرَ لِمُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَجَعَلَ أَمْرُ الْمُخْتَارِ يَغْلُظُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيَكْثُرُ تَبَعُهُ. وَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ وَمَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ فَيَقْتُلُهُمْ. ثُمَّ بَعَثَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا إِلَى عُبَيْدِ الله بْنِ زِيَادٍ فَقَتَلَهُ وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمُخْتَارِ فَعَمَدَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ فَجَعَلَهُ فِي جُونَةٍ. ثُمَّ بعث به إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَسَائِرِ بَنِي هَاشِمٍ. وَكَانَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يَكْرَهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا يَبْلُغُهُ عَنْهُ وَلا يُحِبُّ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَصَابَ بِثَأْرِنَا وَأَدْرَكَ وَغْمَنَا وَآثَرَنَا وَوَصَلَنَا. فَكَانَ يُظْهِرُ الْجَمِيلَ فِيهِ لِلْعَامَّةِ. فَلَمَّا اتَّسَقَ الأَمْرُ لِلْمُخْتَارِ كَتَبَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَهْدِيِّ: مِنَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَنْتَقِمْ مِنْ قَوْمٍ حَتَّى يُعَذِّرَ إِلَيْهِمْ. وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ الْفَسَقَةَ وَأَشْيَاعَ الْفَسَقَةِ وَقَدْ بَقِيَتْ بَقَايَا أَرْجُو أَنْ يُلْحِقَ اللَّهُ آخِرَهُمْ بِأَوَّلِهِمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَهِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَغَيْرِهِمْ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي قَالُوا: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ بِهَا يومئذ الحسين بن علي ومحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ. فَخَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ. وَأَقَامَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشٍ مسرف وأيام الْحَرَّةِ فَرَحَلَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَلَمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَبَايَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِنَفْسِهِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ دعا ابن عباس ومحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْبَيْعَةَ لَهُ فَأَبَيَا يُبَايِعَانِ لَهُ وَقَالا: حَتَّى يَجْتَمِعَ لَكَ الْبِلادُ وَيَتَّسِقَ لَكَ النَّاسُ. فَأَقَامَا عَلَى ذَلِكَ مَا أَقَامَا. فَمَرَّةً يُكَاشِرُهُمَا وَمَرَّةً يَلِينُ لَهُمَا وَمَرَّةً يُبَادِيهُمَا. ثُمَّ غَلُظَ عَلَيْهِمَا فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ كَلامٌ وَشَرٌّ. فَلَمْ يَزَلِ الأَمْرُ يَغْلُظُ حَتَّى خَافَا مِنْهُ خَوْفًا شَدِيدًا وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ. فَأَسَاءَ جوارهم وحصرهم وآذاهم. وقصد لمحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَأَظْهَرَ شَتْمُهُ وَعَيْبَهُ وَأَمَرَهُ وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَلْزَمُوا شِعْبَهُمْ بِمَكَّةَ. وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ وَقَالَ لَهُمْ فِيمَا يَقُولُ: وَاللَّهِ لَتُبَايِعَنَّ أَوْ لأَحْرِقَنَّكُمْ بِالنَّارِ. فَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ. قَالَ سُلَيْمٌ أبو عامر: فرأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مَحْبُوسًا فِي زَمْزَمَ وَالنَّاسُ يُمْنَعُونَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ. فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ: مَا بَالُكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: دَعَانِي إِلَى الْبَيْعَةِ فَقُلْتُ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ فَأَنَا كَأَحَدِهِمْ. فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا مِنِّي. فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَقُلْ يَقُولُ لَكَ ابْنُ عَمِّكَ مَا تَرَى؟ قَالَ سُلَيْمٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ ذَاهِبُ الْبَصَرِ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أَنْصَارِيٌّ. فَقَالَ: رُبَّ أَنْصَارِيٍّ هُوَ أَشَدُّ علينا من عدونا. فقلت: لا تخف. أنا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ. قَالَ: هَاتِ. فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: قُلْ لَهُ لا تُطِعْهُ ولا نعمة عين إلا ما قلت. لا تَزِدْهُ عَلَيْهِ. فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَبْلَغْتُهُ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. فَهَمَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَقْدَمَ إِلَى الْكُوفَةِ وَبَلَغَ ذَلِكَ الْمُخْتَارَ فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُومُهُ فَقَالَ: إِنَّ فِي الْمَهْدِيِّ عَلامَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُمْ هَذَا فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ فِي السُّوقِ بِالسَّيْفِ لا تَضُرُّهُ وَلا تَحِيكُ فِيهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَأَقَامَ فَقِيلَ لَهُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيعَتِكَ بِالْكُوفَةِ فَأَعْلَمْتَهُمْ مَا أنتم فيه. فبعث أبا الطفيل عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ إِلَى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ. فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: إِنَّا لا نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ. وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ. فَقَطَعَ الْمُخْتَارُ بَعْثًا إِلَى مَكَّةَ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلافٍ. فَعَقَدَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ عَلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُ: سِرْ فَإِنْ وجدت بني هاشم الْحَيَاةِ فَكُنْ لَهُمْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَضُدًا وَانْفِذْ لِمَا أَمَرُوكَ بِهِ. وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُمْ فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلْ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ ثُمَّ لا تَدَعْ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ شُفْرًا وَلا ظُفْرًا. وَقَالَ: يَا شُرْطَةَ اللَّهِ لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهَذَا الْمَسِيرِ وَلَكُمْ بِهَذَا الْوَجْهِ عَشْرُ حِجَجٍ وَعَشْرُ عُمَرَ. وَسَارَ الْقَوْمُ وَمَعَهُمُ السِّلاحُ حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ فَجَاءَ الْمُسْتَغِيثُ: أَعْجِلُوا فَمَا أُرَاكُمْ تُدْرِكُونَهُمْ. فَقَالَ النَّاسُ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُوَّةِ عَجَّلُوا. فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ ثَمَانُمِائَةٍ رَأْسُهُمْ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ جُنَادَةَ الْعَوْفِيُّ حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ فَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى دَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ. وَيُقَالُ بَلْ تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللَّهِ. قَالَ عَطِيَّةُ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَأَصْحَابُهُمَا فِي دُورٍ قَدْ جُمِعَ لَهُمُ الحطب فأحيط بهم حتى بلغ رؤوس الْجُدُرِ لَوْ أَنَّ نَارًا تَقَعُ فِيهِ مَا رثي مِنْهُمْ أَحَدٌ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ. فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ. وَعَجَّلَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس. وهو يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ. فَأَسْرَعَ فِي الْحَطَبِ يُرِيدُ الْخُرُوجَ فَأَدْمَى سَاقَيْهِ. وَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَكُنَّا صَفَّيْنِ نَحْنُ وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارُنَا وَنَهَارُهُ لا نَنْصَرِفُ إِلا إِلَى صَلاةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا. وَقَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ فِي النَّاسِ فَقُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: ذَرُونَا نُرِيحُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَقَالا: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ. مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ إِلا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَاعَةً مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ قَبْلَهُ وَلا يُحِلُّهُ لأَحَدٍ بَعْدَهُ. فَامْنَعُونَا وَأَجِيرُونَا. قَالَ فَتَحَمَّلُوا وَإِنَّ مُنَادِيًا لَيُنَادِي فِي الْجَبَلِ: مَا غَنِمَتْ سَرِيَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ. إِنَّ السَّرَايَا تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءَنَا. فَخَرَجُوا بِهِمْ حَتَّى أَنْزَلُوهُمْ مِنًى فَأَقَامُوا بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمُوا ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الطَّائِفِ فَأَقَامُوا مَا أَقَامُوا. وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وصلى عليه محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَبَقِينَا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمَّا كَانَ الْحَجُّ وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ مَكَّةَ فَوَافَى عرفة في أصحابه. ووافى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الطَّائِفِ فِي أَصْحَابِهِ. فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ. وَوَافَى نَجْدَةَ بْنَ عَامِرٍ الْحَنَفِيَّ تِلْكَ السَّنَةَ فِي أَصْحَابِهِ مِنَ الْخَوَارِجِ فَوَقَفَ نَاحِيَةً. وَحَجَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَى لِوَاءٍ فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ فِيمَنْ مَعَهُمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَقَفَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَلْوِيَةٍ بِعَرَفَةَ: محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فِي أَصْحَابِهِ عَلَى لِوَاءٍ قَامَ عِنْدَ حَبْلِ الْمُشَاةِ. وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي أَصْحَابِهِ مَعَهُ لِوَاءٌ فَقَامَ مَقَامَ الإِمَامِ الْيَوْمَ. ثُمَّ تقدم محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ بِأَصْحَابِهِ حَتَّى وَقَفَ حِذَاءَ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَوَافَى نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ فِي أَصْحَابِهِ وَمَعَهُ لِوَاءٌ فَوَقَفَ خَلْفَهُمَا. وَوَافَتْ بَنُو أُمَيَّةَ وَمَعَهُمْ لِوَاءٌ فَوَقَفُوا عَنْ يَسَارِهِمَا. فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ أَنْغَضَ لواء محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. ثُمَّ تَبِعَهُ نَجْدَةُ. ثُمَّ لِوَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ. ثُمَّ لِوَاءُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يَدْفَعِ ابْنُ الزُّبَيْرِ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إِلا بِدَفْعِهِ ابْنِ عُمَرَ. فَلَمَّا أَبْطَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. وَقَدْ مَضَى ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَجْدَةُ وَبَنُو أُمَيَّةَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَيَنْتَظِرُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ؟ ثُمَّ دَفَعَ فَدَفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أَثَرِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: دَفَعْتُ مِنْ عَرَفَةَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَتِلْكَ السُّنَّةُ فَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: عَجِّلْ مُحَمَّدُ عَجِّلْ مُحَمَّدُ. فَعَنْ مَنْ أَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الإِغْسَاقَ؟ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَقَامَ الْحَجَّ تِلْكَ السَّنَةَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَحَجَّ عامئذ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فِي الْخَشَبِيَّةِ مَعَهُ. وَهُمْ أَرْبَعَةُ آلافٍ نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ ثُوَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى فِي أَصْحَابِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خِفْتُ الْفِتْنَةَ فَمَشَيْتُ إِلَيْهِمْ جَمِيعًا فَجِئْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ فِي الشِّعْبِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّا فِي مِشْعَرٍ حَرَامٍ وَبَلَدٍ حَرَامٍ. وَالنَّاسُ وَفْدُ اللَّهِ إِلَى هَذَا الْبَيْتِ. فَلا تُفْسِدْ عَلَيْهِمْ حَجَّهُمْ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُرِيدُ ذَلِكَ وَمَا أَحُولُ بَيْنَ أَحَدٍ وَبَيْنَ هَذَا الْبَيْتِ. وَلا يُؤْتَى أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ قِبَلِي وَلَكِنِّي رَجُلٌ أَدْفَعُ عَنْ نَفْسِي مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَا يُرِيدُ مِنِّي. وَمَا أَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ إِلا أَنْ لا يَخْتَلِفَ عَلَيَّ فيه اثْنَانِ. وَلَكِنِ ائْتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلِّمْهُ وَعَلَيْكَ بِنَجْدَةَ فَكَلِّمْهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَجِئْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلَّمْتُهُ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ وَبَايَعَنِي النَّاسُ. وَهَؤُلاءِ أَهْلُ خِلافٍ. فَقُلْتُ: إِنَّ خَيْرًا لَكَ الْكَفٌّ. فَقَالَ: أَفْعَلُ. ثُمَّ جِئْتُ نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ فَأَجِدُهُ فِي أَصْحَابِهِ وَأَجِدُ عِكْرِمَةَ غُلامَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَهُ. فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى صَاحِبِكَ. قَالَ فَدَخَلَ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ فَعَظَّمْتُ عَلَيْهِ وَكَلَّمْتُهُ بِمَا كَلَّمْتُ بِهِ الرَّجُلَيْنِ فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَبْتَدِئَ أَحَدًا بِقِتَالٍ فَلا وَلَكِنْ مَنْ بَدَأْنَا بِقِتَالٍ قَاتَلْنَاهُ. قُلْتُ: فَإِنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلَيْنِ لا يُرِيدَانِ قِتَالَكَ. ثُمَّ جِئْتُ شِيعَةَ بَنِي أُمَيَّةَ فَكَلَّمْتُهُمْ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ الْقَوْمَ فَقَالُوا: نَحْنُ عَلَى لِوَائِنَا لا نُقَاتِلُ أَحَدًا إِلا أَنْ يُقَاتِلَنَا. فَلَمْ أَرَ فِي تِلْكَ الأَلْوِيَةِ أَسْكَنَ وَلا أَسْلَمَ دَفْعَةً مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الحنفية. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَقَفْتُ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إلى جنب محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ ادْفَعْ. فَدَفَعَ وَدَفَعْتُ مَعَهُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ أَصْحَابَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ يُلَبُّونَ بِعَرَفَةَ وَرَمَقْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَصْحَابَهُ فَإِذَا هُمْ يُلَبُّونَ حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ. ثُمَّ قُطِعَ. وَكَذَلِكَ فَعَلَتْ بَنُو أُمَيَّةَ. وَأَمَّا نَجْدَةُ فَلَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعُرْيَانِ الْمُجَاشِعِيُّ قَالَ: بَعَثَنَا الْمُخْتَارُ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ فَكُنَّا عِنْدَهُ. قَالَ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَذْكُرُ الْمُخْتَارَ فَيَقُولُ: أَدْرَكَ ثَأْرَنَا وَقَضَى ديوننا وأنفق علينا. قال وكان محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ لا يَقُولُ فِيهِ خَيْرًا وَلا شَرًّا. قَالَ فَبَلَغَ مُحَمَّدًا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ عِنْدَهُمْ شَيْئًا. أَيْ مِنَ الْعِلْمِ. قَالَ فَقَامَ فِينَا فَقَالَ: إِنَّا وَاللَّهِ مَا وَرَثْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّوْحَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حِلا وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ فِي ذُؤَابَةِ سَيْفِي. قَالَ فَسَأَلْتُ: وَمَا كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ الرَّمَّاحُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أُخْرِجَ مِنْ مَكَّةَ فَنَزَلَ شِعْبَ عَلِيٍّ فَخَرَجْنَا مِنَ الْكُوفَةِ لِنَأْتِيَهُ فَلَقِينَا ابْنَ عَبَّاسٍ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَهُ فِي الشِّعْبِ فَقَالَ لَنَا: أَحْصُوا سِلاحَكُمْ وَلَبُّوا بِعُمْرَةٍ. ثُمَّ ادْخُلُوا الْبَيْتَ وَطَوِّفُوا بِهِ وبين الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ وَرْدَانَ قَالَ: كُنْتُ فِي الْعِصَابَةِ الَّذِينَ انْتَدَبُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ مَنَعَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ حَتَّى يُبَايِعَهُ فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهُ. قَالَ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ فَأَرَادَ أَهْلَ الشَّامِ فَمَنَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَدْخُلَهَا حَتَّى يُبَايِعَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ. قَالَ فَسِرْنَا مَعَهُ مَا سرنا ولو أمرنا بالقتال لقتالنا مَعَهُ. فَجَمَعْنَا يَوْمًا فَقَسَمَ فِينَا شَيْئًا وَهُوَ يَسِيرُ. ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قال: ألحقوا برحالكم واتقوا الله وعليكم بِمَا تَعْرِفُونَ وَدَعُوا مَا تُنْكِرُونَ وَعَلَيْكُمْ بِخَاصَّةِ أَنْفُسِكُمْ وَدَعُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَاسْتَقِرُّوا عَنْ أَمْرَنَا كَمَا اسْتَقَرَّتِ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ. فَإِنَّ أَمْرَنَا إِذَا جاء كان كالشمس الضاحية. قالوا: وَقُتِلَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. فَلَمَّا دَخَلْتُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ أَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عُرْوَةَ بْنَ الزبير إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكَ إِنِّي تَارِكُكَ أَبَدًا حَتَّى تُبَايِعَنِي أَوْ أُعِيدَكَ فِي الْحَبْسِ وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ. وَأَجْمَعَ عَلَيَّ أَهْلُ الْعِرَاقَيْنِ. فَبَايِعْ لِي وَإِلا فَهِيَ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ إِنِ امْتَنَعْتَ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لِعُرْوَةَ: مَا أَسْرَعَ أخاك إلى قطع الرحم والاستخفاف بالحق. وأغفله عَنْ تَعْجِيلِ عُقُوبَةِ اللَّهِ. مَا يَشُكُّ أَخُوكَ فِي الْخُلُودِ وَإِلا فَقَدْ كَانَ أَحْمَدَ لِلْمُخْتَارِ وَلِهَدْيِهِ مِنِّي. وَاللَّهِ مَا بَعَثْتُ الْمُخْتَارَ دَاعِيًا وَلا نَاصِرًا. وَلَلْمُخْتَارُ كَانَ إِلَيْهِ أَشَدَّ انْقِطَاعًا مِنْهُ إِلَيْنَا. فَإِنْ كَانَ كَذَّابًا فَطَالَ مَا قَرَّبَهُ عَلَى كَذِبِهِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ. وَمَا عِنْدِي خِلافٌ. وَلَوْ كَانَ خِلافَ مَا أَقَمْتُ فِي جِوَارِهِ وَلَخَرَجْتُ إِلَى مَنْ يَدْعُونِي فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَلَكِنْ هَاهُنَا وَاللَّهِ لأَخِيكَ قَرِينًا يَطْلُبُ مِثْلَ مَا يَطْلُبُ أَخُوكَ. كِلاهُمَا يُقَاتِلانِ عَلَى الدُّنْيَا: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ بِجُيُوشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيكَ وَإِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ جِوَارَ عَبْدِ الْمَلِكِ خَيْرٌ لِي مِنْ جِوَارِ أَخِيكَ. وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قَبِلَهُ وَيَدْعُونِي إِلَيْهِ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ من ذلك؟ قال: أستخير الله وذلك أحب إلى صاحبك. قَالَ: أَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: وَاللَّهِ لَوْ أَطَعْتَنَا لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. فَقَالَ ابن الحنفية: وعلى م أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ جَاءَنَا بِرِسَالَةٍ مِنْ أَخِيهِ وَجَاوَرَنَا فَجَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ كَلامٌ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أَخِيهِ. وَالَّذِي قُلْتُمْ غَدْرٌ وَلَيْسَ فِي الْغَدْرِ خَيْرٌ. لَوْ فَعَلْتُ الَّذِي تَقُولُونَ لَكَانَ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَأْيِي لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ كُلُّهُمْ إِلا إِنْسَانٌ وَاحِدٌ لَمَا قَاتَلْتُهُ. فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَا قَالَ له محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تُعْرِضَ لَهُ. دَعْهُ فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ وَيُغَيِّبُ وَجْهَهُ فَعَبْدُ الْمَلِكِ أَمَامَهُ لا يَتْرُكُهُ يَحِلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ. وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لا يُبَايِعُهُ أَبَدًا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ. فَإِنْ صَارَ إِلَيْهِ كَفَاكَهُ إِمَّا حَبَسَهُ وَإِمَّا قَتَلَهُ فَتَكُونَ أَنْتَ قَدْ بَرِئَتْ مِنْ ذَلِكَ. فَأَفْثَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْهُ. فَقَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ: وَجَاءَ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَرَسُولٌ حَتَّى دَخَلَ الشِّعْبَ فقرأ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ الْكِتَابَ فَقَرَأَ كِتَابًا لَوْ كَتَبَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى بَعْضِ إِخْوَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ مَا زَادَ عَلَى أَلْطَافِهِ. وَكَانَ فِيهِ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ ضَيِّقَ عَلَيْكَ وَقَطَعَ رَحِمَكَ وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّكَ حَتَّى تُبَايِعَهُ فَقَدْ نَظَرْتَ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ وَأَنْتَ أَعْرَفُ بِهِ حَيْثُ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ. وَهَذَا الشَّامُ فَانْزِلْ منه حيث شئت فنحن مكرموك وواصلو رحمك وعارفو حَقَّكَ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لأَصْحَابِهِ: هَذَا وَجْهٌ نَخْرُجُ إِلَيْهِ. قَالَ فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ وَمَعَهُ كُثَيِّرُ عَزَّةَ يَنْشُدُ شَعَرًا: أَنْتَ إِمَامُ الْحَقِّ لَسْنَا نَمْتَرِي ... أَنْتَ الَّذِي نَرْضَى بِهِ وَنَرْتَجِي أَنْتَ ابْنُ خَيْرِ النَّاسِ مِنْ بَعْدِ النَّبِي ... يَا ابْنَ عَلِيٍّ سِرْ وَمَنْ مِثْلُ عَلِي حَتَّى تَحِلَّ أَرْضَ كَلْبٍ وَبَلِي قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: فَسِرْنَا حَتَّى نَزَلْنَا أَيْلَةَ فَجَاوَرُونَا بِأَحْسَنِ جِوَارٍ وَجَاوَرْنَاهُمْ بِأَحْسَنِ ذَلِكَ وَأَحَبُّوا أَبَا الْقَاسِمِ حُبًّا شَدِيدًا وَعَظَّمُوهُ وَأَصْحَابَهُ. وَأُمِرْنَا بِالْمَعْرُوفِ وَنُهِينَا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلا يُظْلَمُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قُرْبَنَا وَلا بِحَضْرَتِنَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ لِقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ وَكَانَا خَاصَّتَهُ فَقَالا: مَا نرى أَنْ نَدَعَهُ يُقِيمُ فِي قُرْبَةٍ مِنْكَ وَسِيرَتُهُ سِيرَتُهُ حَتَّى يُبَايِعَ لَكَ أَوْ تَصْرِفَهُ إِلَى الْحِجَازِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلادِي فَنَزَلْتَ فِي طَرَفٍ مِنْهَا. وَهَذِهِ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ كَمَا تَعْلَمُ. وَأَنْتَ لَكَ ذِكْرٌ وَمَكَانٌ. وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ لا تُقِيمَ فِي سُلْطَانِي إِلا أَنْ تَبَايَعَ لِي. فَإِنْ بَايَعْتَنِي فَخُذِ السُّفُنَ الَّتِي قَدِمَتْ عَلَيْنَا مِنَ الْقُلْزُمِ وَهِيَ مِائَةُ مَرْكَبٍ فَهِيَ لَكَ وَمَا فِيهَا. وَلَكَ أَلْفَا أَلْفِ دِرْهَمٍ أُعَجِّلُ لَكَ مِنْهَا خَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ وَأَلْفَ أَلْفٍ وَخَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ آتَيْتُكَ مَعَ مَا أَرَدْتَ مِنْ فَرِيضَةٍ لَكَ وَلِوَلَدِكَ وَلِقَرَابَتِكَ وَمَوَالِيكَ وَمَنْ مَعَكَ. وَإِنْ أَبَيْتَ فَتَحَوَّلْ عَنْ بَلَدِي إِلَى مَوْضِعٍ لا يَكُونُ لِي فِيهِ سُلْطَانٌ. قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. سَلامٌ عَلَيْكَ. فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَرَفْتَ رَأْيِي فِي هَذَا الأَمْرِ قَدِيمًا. وَإِنِّي لَسْتُ أُسَفِّهُهُ عَلَى أَحَدٍ. وَاللَّهِ لَوِ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَيَّ إِلا أَهْلُ الزَّرْقَاءِ مَا قَاتَلْتُهُمْ أَبَدًا وَلا اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا. نَزَلْتُ مَكَّةَ فِرَارًا مِمَّا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَجَاوَرْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَأَسَاءَ جَوَارِي وَأَرَادَ مِنِّي أَنْ أُبَايِعَهُ فَأَبَيْتُ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكَ أَوْ عَلَيْهِ. ثُمَّ أَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَأَكُونُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ. ثُمَّ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَدْعُونِي إِلَى مَا قِبَلِكَ فَأَقْبَلْتُ سَائِرًا فَنَزَلْتُ فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِكَ. وَاللَّهِ مَا عِنْدِي خِلافٌ وَمَعِي أَصْحَابِي فَقُلْنَا بِلادٌ رَخِيصَةُ الأسعار وندنو مِنْ جِوَارِكَ وَنَتَعَرَّضُ صِلَتَكَ. فَكَتَبْتَ بِمَا كَتَبْتَ بِهِ وَنَحْنُ مُنْصَرِفُونَ عَنْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَسِرْنَا مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِزِيَادَةٍ عَلَى أربعين لَيْلَةً. قَالَ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ كَتَبَ لِمُحَمَّدٍ عَهْدًا عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَصْطَلِحَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ. فَإِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَهْدٍ مِنَ اللَّهِ وَمِيثَاقٍ كَتَبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ الشَّامَ بَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي. وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ مَعَهُ سَبْعَةُ آلافٍ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي. فَفَعَلَ. فَقَامَ مُحَمَّدٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ وَلِيُّ الأُمُورِ كلها وحاكمها. ما شاء الله كان وما لا يَشَاءُ لَمْ يَكُنْ. كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ. عَجَّلْتُمْ بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُولِهِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِي أَصْلابِكُمْ لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ وَأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخَرٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَعُودَنَّ فِيكُمْ كَمَا بَدَأَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَقَنَ دِمَاءَكُمْ وَأَحْرَزَ دِينَكُمْ! مَنْ أحب منكم أن يأتي إِلَى بَلَدِهِ آمِنًا مَحْفُوظًا فَلْيَفْعَلْ. فَبَقِيَ مَعَهُ تِسْعُمِائَةِ رَجُلٍ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَقَلَّدَ هَدْيًا فَعَمَدْنَا إِلَى الْبَيْتِ فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَدْخُلَ الْحَرَمَ تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ: لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ. دَعْنَا فَلْنَدْخُلْ وَلْنَقْضِ نُسُكَنَا ثُمَّ لَنَخْرُجُ عَنْكَ. فَأَبَى. وَمَعَنَا الْبُدْنُ قَدْ قَلَّدْنَاهَا. فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ فَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ثُمَّ سَارَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ. فَلَمَّا سَارَ مَضَيْنَا فَقَضَيْنَا نُسُكَنَا وَقَدْ رَأَيْتُ الْقَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. فَلَمَّا قَضَيْنَا نُسُكَنَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عُنْوَانِ الصَّحِيفَةِ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. الطُّلَقَاءُ وَلُعَنَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنَابِرِ النَّاسِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لأُمُورٌ لَمْ يَقِرَّ قَرَارُهَا. قَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ: فَانْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ فَأَذِنَ لِلْمَوَالِي وَلِمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فَرَجَعُوا مِنْ مَدْيَنَ. وَمَضَيْنَا إِلَى مَكَّةَ حَتَّى نَزَلْنَا مَعَهُ الشِّعْبَ بِمِنًى. فَمَا مَكَثْنَا إِلا لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ أَشْخِصْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ وَلا تُجَاوِرْنَا فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: اصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَمَا هُوَ بِعَظِيمٍ مَنْ لا يَصْبِرُ عَلَى مَا لا يَجِدُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ بُدًّا حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُ مَخْرَجًا. وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ السَّيْفَ وَلَوْ كُنْتُ أُرِيدُهُ مَا تَعَبَّثَ بِي ابْنُ الزُّبَيْرِ وَلَوْ كُنْتُ أَنَا وَحْدِي وَمَعَهُ جُمُوعُهُ الَّتِي مَعَهُ. وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ هَذَا وَأَرَى ابْنَ الزُّبَيْرِ غَيْرَ مَقْصَرٍ عَنْ سُوءِ جِوَارِي فَسَأَتَحَوَّلُ عَنْهُ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا مُقِيمًا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِهِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. فحاصرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَتَلَهُ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ. وَحَجَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ تِلْكَ السَّنَةَ مِنَ الطَّائِفِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى شِعْبِهِ فَنَزَلَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الشِّعْبِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لَمْ يُقْتَلْ وَالْحَجَّاجُ مُحَاصِرُهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: قَدْ عَرَفْتُ مَقَامِي بِمَكَّةَ وَشُخُوصِي إِلَى الطائف وإلى الشام. وَأَنَا رَجُلٌ لَيْسَ عِنْدِي خِلافٌ. لَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا. فَأَوَيْتُ إِلَى أَعْظَمِ بِلادِ اللَّهِ حُرْمَةً يَأْمَنُ فِيهِ الطَّيْرُ فَأَسَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ جِوَارِي. فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الشَّامِ فَكَرِهَ عَبْدُ الْمَلِكِ قُرْبِي. فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الْحَرَمِ فَإِنْ يُقْتَلِ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَيَجْتَمِعِ النَّاسُ عَلى عَبْدِ الْمَلِكِ أُبَايِعْكَ. فَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَبَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يُقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ. فَلَمْ يَزَلْ مُحَمَّدٌ يُدَافِعُهُ حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْحَارِثِيُّ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَجَّاجَ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ لَهُ: إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ عَلَى مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ سُلْطَانٌ. قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَتَوَعَّدُهُ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُمَكِّنَ اللَّهُ مِنْكَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ وَيَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ سُلْطَانًا فَأَفْعَلُ وَأَفْعَلُ. قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ! هَلْ شَعَرْتَ أَنَّ لله في كل يوم ستون وَثَلاثَمِائَةِ لَحْظَةٍ أَوْ نَفْحَةٍ؟ فَأَرْجُو أَنْ يَرْزُقَنِي اللَّهُ بَعْضَ لَحَظَاتِهِ أَوْ نَفَحَاتِهِ فَلا يَجْعَلُ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانًا. قَالَ فَكَتَبَ بِهَا الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَتَبَ بِهَا عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الرُّومِ: إِنَّ هَذِهِ وَاللَّهِ مَا هِيَ مِنْ كَنْزِكَ وَلا كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِكَ وَلَكِنَّهَا مِنْ كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الْحَجَّاجَ. لَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَيْهِ فَجَاءَ فَقَالَ: قَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَدُوَّ اللَّهِ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ. قال: والله لأقتلنك! قال: أولا تَدْرِي أَنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاثَمِائَةٍ وستون لحظة فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَضِيَّةً؟ فَلَعَلَّهُ يَكْفِينَاكَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ. قَالَ فَكَتَبَ بِذَلِكَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَاهُ كِتَابُهُ فَأَعْجَبَهُ. وَكَتَبَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ. وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّومِ كَتَبَ إِلَيْهِ يُهَدِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً. فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِذَلِكَ الْكَلامِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ. وَكَتَبَ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ عِنْدَهُ خِلافٌ وَهُوَ يَأْتِيكَ وَيُبَايِعُكَ فَارْفُقْ بِهِ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَبَايَعَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ فَبَايِعْ. فَكَتَبَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الأُمَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتِ اعْتَزَلْتُهُمْ. فَلَمَّا أَفْضَى هَذَا الأَمْرُ إِلَيْكَ وَبَايَعَكَ النَّاسُ كُنْتُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ أَدْخُلُ فِي صَالِحِ مَا دَخَلُوا فِيهِ. فَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ الْحَجَّاجَ لَكَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِبَيْعَتِي. وَرَأَيْتُ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ. وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُؤَمِّنَنَا وَتُعْطِينَا مِيثَاقًا عَلَى الْوَفَاءِ فَإِنَّ الْغَدْرَ لا خَيْرَ فِيهِ. فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ أَرْضَ اللَّهِ وَاسِعَةٌ. فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكِتَابَ قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ: مَا لَكَ عَلَيْهِ سَبِيلٌ. وَلَوْ أَرَادَ فَتْقًا لَقَدِرَ عَلَيْهِ. وَلَقَدْ سَلَّمَ وَبَايَعَ فَنَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَيْهِ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ بِالأَمَانِ لَهُ وَالْعَهْدِ لأَصْحَابِهِ. فَفَعَلَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّكَ عِنْدَنَا مَحْمُودٌ. أَنْتَ أَحَبُّ وَأَقْرَبُ بِنَا رَحِمًا مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَلَكَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وذمة رَسُولِهِ أَنْ لا تُهَاجَ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ. ارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ. وَلَسْتَ أَدْعُ صِلَتَكَ وَعَوْنَكَ مَا حَيِيتُ. وَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يَأْمُرُهُ بِحُسْنِ جِوَارِهِ وَإِكْرَامِهِ. فَرَجَعَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْمَدِينَةِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن أبي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَنَى دَارَهُ بِالْبَقِيعِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْوفُودِ عَلَيْهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَأْذَنُ لَهُ فِي أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ. فَوَفَدَ عَلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَدِمَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِدِمَشْقَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ وَأَمَرَ لَهُ بِمَنْزِلٍ قَرِيبٍ مِنْهُ. وَأَمَرَ أَنْ يُجْرَى عَلَيْهِ نُزْلٌ يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مَنْ مَعَهُ. وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي إِذْنِ الْعَامَّةِ. إِذَا أَذِنَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَدَأَ بِأَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَسَلَّمَ. فَمَرَّةً يَجْلِسُ وَمَرَّةً يَنْصَرِفُ. فَلَمَّا مَضَى مِنْ ذَلِكَ شَهْرٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ كَلَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَالِيًا فَذَكَرَ قَرَابَتَهُ وَرَحِمَهُ وَذَكَرَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَوَعَدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَأَنْ يَصِلَ رَحِمَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْفَعَ حَوَائِجَهُ. فَرَفَعَ مُحَمَّدٌ دَيْنَهُ وَحَوَائِجَهُ وَفَرَائِضَ لِوَلَدِهِ وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ حَامَّتِهِ وَمَوَالِيهِ فَأَجَابَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ فِي الْمَوَالِي أن يَفْرِضَ لَهُمْ وَأَلَحَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فَفَرَضَ لَهُمْ فَقَصَّرَ بِهِمْ فَكَلَّمَهُ فَرَفَعَ فِي فَرَائِضِهِمْ. فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ إِلا قَضَاهَا. وَاسْتَأْذَنَهُ فِي الانْصِرَافِ فَأَذِنَ لَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: وَفَدْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَضَى حَوَائِجِي وَوَدَّعْتُهُ. فَلَمَّا كِدْتُ أَنْ أَتَوَارَى مِنْ عَيْنَيْهِ نَادَانِي: أَبَا الْقَاسِمِ أَبَا الْقَاسِمِ! فَكَرَرْتُ فَقَالَ لِي: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّكَ يَوْمَ تَصْنَعُ بِالشَّيْخِ مَا تَصْنَعُ ظَالِمٌ لَهُ؟ يَعْنِي حِينَ أَخَذَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ يَوْمَ الدَّارِ فَدَعَثَهُ بِرِدَائِهِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلِي يَوْمَئِذٍ ذُؤَابَةٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَعِنْدَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ. فَدَعَا عَبْدُ الْمَلِكِ بِسَيْفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِهِ وَدَعَا بصيقل فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ حَدِيدَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْهَا. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلا وَاللَّهِ مَا أَرَى النَّاسُ مِثْلَ صَاحِبِهَا. يَا مُحَمَّدُ هَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَيُّنَا رَأَيْتَ أَحَقَّ بِهِ فَلْيَأْخُذْهُ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إن كان لك قرابة فلكل قرابة وحق. قَالَ فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدٌ عَبْدَ الْمَلِكِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا. يَعْنِي الْحَجَّاجَ وَهُوَ عِنْدَهُ. قَدْ آذَانِي وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّي. وَلَوْ كَانَتْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَرْسِلْ إِلَيَّ فِيهَا. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا وَلَّى مُحَمَّدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَجَّاجِ: أَدْرِكْهُ فَسُلَّ سَخِيمَتَهُ. فَأَدْرَكَهُ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لأَسُلَّ سَخِيمَتَكَ وَلا مَرْحَبًا بِشَيْءٍ سَاءَكَ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ اتَّقِ اللَّهَ وَاحْذَرِ اللَّهَ. مَا مِنْ صَبَاحٍ يُصْبِحُهُ الْعِبَادُ إِلا لِلَّهِ فِي كُلِّ عَبْدٍ مِنِ عِبَادِهِ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لَحْظَةً إِنْ أَخَذَ أَخَذَ بِمَقْدِرَةِ وَإِنْ عَفَا عَفَا بِحِلْمٍ. فَاحْذَرِ اللَّهَ. فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: لا تَسْأَلْنِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكَهُ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: وَتَفْعَلُ؟ قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ صَرْمَ الدَّهْرِ. قَالَ فَذَكَرَ الْحَجَّاجُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى رَأْسِ الْجَالُوتَ فَذَكَرَ لَهُ الَّذِي قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَالَ: إِنَّ رَجُلا مِنَّا ذَكَرَ حَدِيثًا مَا سَمِعْنَاهُ إِلا مِنْهُ. وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ. فَقَالَ رَأْسُ الْجَالُوتَ: مَا خَرَجَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ إِلا مِنْ بَيْتِ نُبُوَّةٍ. أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمَقَامِ فَزَجَرَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَهَاهُ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ سَالِمِ بن أبي الجعد قال: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ رَكْعَتَيْنِ. ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قال: قال محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَكُونَ خُصُومَاتُ النَّاسِ فِي رَبِّهِمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ التَّمَّارُ قَالَ: رَأَيْتُ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مُوَسِّعًا رَأْسَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي ثُوَيْرٌ قَالَ: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ أَشْعَرَ بُدْنَهُ فِي الشِّقِّ الأَيْمَنِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ على محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَصْفَرَ بِعَرَفَةَ. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفٍ خَزٍّ بِعَرَفَاتٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ رِشْدِينَ قال: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ حَرْقَانِيَّةٍ وَيُرْخِيهَا شِبْرًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ شِبْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت على محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ. أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ نَصْرِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ على محمد بن علي ابن الْحَنَفِيَّةِ مِلْحَفَةً صَفْرَاءَ وَسِخَةً. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي إدريس قال: قال لي محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَلْبِسَ الْخَزَّ فَإِنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ؟ قُلْتُ: إِنَّهُ يُجْعَلُ فِيهِ الْحَرِيرُ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَقُلْتُ لَهُ: أَكَانَ عَلِيٌّ يُخَضِّبُ؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَمَا لَكَ؟ قَالَ: أَتَشَبَّبُ بِهِ لِلنِّسَاءِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْمٍ الْخَزَّازُ قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ مِيسَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابن الْحَنَفِيَّةِ أَثَرَ الْحِنَّاءِ فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: كُنْتُ أُخَضِّبُ أُمِّي. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي يعلى عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يُذَوِّبُ أُمَّهُ وَيُمَشِّطُهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ ابن الْحَنَفِيَّةِ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ. وَرَأَيْتُهُ مَكْحُولَ الْعَيْنَيْنِ. وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الواحد بن أيمن قال: أرسلني أبي إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُكَحَّلُ الْعَيْنَيْنِ مَصْبُوغُ اللِّحْيَةِ بِحُمْرَةٍ فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَقُلْتُ: أَرْسَلَتْنِي إِلَى شَيْخٍ مُخَنَّثٍ! فَقَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ ذَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ نَبِيذَ الدَّنِّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قال: حدثنا ربيع بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ خُفَّانِ فَنَزَعَ خُفَّيْهِ وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الأَزْرَقِ عَنْ أَبِي عُمَرَ أَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ يَغْتَسِلُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ وَفِي الشِّعْبِ. قَالَ وَكَانَ يَغْسِلُ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ. أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا رِشْدِينُ بْنُ كُرَيْبٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قال: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ يَقُولُ: هَذِهِ لِي خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً قَدْ جَاوَزْتُ سِنَّ أَبِي. تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سنة. وَمَاتَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قال: حدثنا زيد بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ الله بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: أَيْنَ دُفِنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: بِالْبَقِيعِ. قُلْتُ: أَيُّ سَنَةٍ؟ قَالَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ فِي أَوَّلِهَا. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً لا يستكملها. أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ. وَلا نَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ عُمَرَ شَيْئًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ الله بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ وَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَقِيعِ فَقَالَ: هَذَا قَبْرُ أَبِي الْقَاسِمِ. يَعْنِي أَبَاهُ. مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَهِيَ سَنَةُ الْجُحَافِ. سَيْلٌ أَصَابَ أَهْلَ مَكَّةَ جَحَفَ الْحَاجَّ. قَالَ فَلَمَّا وَضَعْنَاهُ فِي الْبَقِيعِ جَاءَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ الْوَالِي يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَخِي مَا تَرَى؟ فَقُلْتُ: لا يُصَلِّي عَلَيْهِ أَبَانُ إِلا أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ إِلَيْنَا. فَقَالَ أَبَانُ: أَنْتُمْ أَوْلَى بِجِنَازَتِكُمْ. مَنْ شِئْتُمْ فَقَدِّمُوا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ. فَقُلْنَا: تَقَدَّمْ فَصَلِّ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَحَدَّثْتُ زَيْدَ بْنَ السَّائِبِ فَقُلْتُ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُوَيْمِرٍ الأَسْلَمِيِّ أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ قَالَ يَوْمَئِذٍ: نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الإِمَامَ أَوْلَى بِالصَّلاةِ وَلَوْلا ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاكَ. فَقَالَ زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ: هَكَذَا سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ يَقُولُ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
- محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وهُوَ مُحَمَّد الأكبر بْن عَلِيّ بْن أبي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ المطلب بن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي. وأمه الحنفية خولة بِنْت جَعْفَر بْن قَيْس بْن مَسْلَمَة بْن ثَعْلَبَة بْن يربوع بْن ثَعْلَبَة بْن الدول بْن حنيفة بْن لجيم بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وائل. ويقال بل كانت أمه من سبي اليمامة فصارت إلى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. رَحِمَهُ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ يَذْكُرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْطَى عَلِيًّا أم محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ أُمَّ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ سِنْدِيَّةً سَوْدَاءَ وَكَانَتْ أَمَةً لِبَنِي حَنِيفَةَ وَلَمْ تَكُنْ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى الرَّقِيقِ وَلَمْ يُصَالِحْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالا: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالا: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قال: وقع بين علي وطلحة فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: لا كَجُرْأَتِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ. سَمَّيْتَ بِاسْمِهِ وَكَنَّيْتَ بِكُنْيَتِهِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ بعده. فقال عَلِيٌّ: إِنَّ الْجَرِيءَ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ. اذْهَبْ يَا فُلانُ فَادْعُ لِي فُلانًا وَفُلانًا. لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ. قَالَ فَجَاؤُوا فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُونَ؟ قَالُوا: . أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أخبرنا هُشَيْمٌ قَالَ: أخبرنا مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ ابن الْحَنَفِيَّةِ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. وَكَانَ كَثِيرُ الْعِلْمِ وَرِعًا. فَوَلَدَ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عَبْدَ اللَّهِ وَهُوَ أَبُو هَاشِمٍ وَحَمْزَةَ وَعَلِيًّا وَجَعْفَرًا الأَكْبَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ. وَالْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ. وَكَانَ مِنْ ظُرَفَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَأَهْلِ الْعَقْلِ مِنْهُمْ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ. وَلا عَقِبَ لَهُ وَأُمُّهُ جَمَالُ ابْنَةُ قَيْسِ بْن مَخْرَمَةُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَأُمُّهُ مُسْرِعَةُ ابْنَةُ عَبَّادِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ جَابِرِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ نَسِيبِ بْنِ زَيْدِ بْن مَالِكِ بْن عَوْفِ بْن الْحَارِث بْن مازن بْن مَنْصُور بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ حَلِيفُ بَنِي هَاشِمٍ. وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ لا بَقِيَّةَ لَهُ. وَأُمَّ أَبِيهَا وَأُمُّهُمْ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاسْمُهَا بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ. وَجَعْفَرًا الأَصْغَرَ وَعَوْنًا وَعَبْدَ اللَّهِ الأَصْغَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ وَرُقَيَّةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثوري قال: سمعت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ. وَذَكَرَ يَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ: لَمَّا تَصَافَفْنَا أَعْطَانِي عَلِيٌّ الرَّايَةَ فَرَأَى مِنِّي نُكُوصًا لَمَّا دَنَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَأَخَذَهَا مِنِّي فَقَاتَلَ بِهَا. قَالَ فَحَمَلْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. فَلَمَّا غَشَيْتُهُ قَالَ: أَنَا عَلَى دِينِ أَبِي طَالِبٍ. فَلَمَّا عَرَفْتُ الَّذِي أَرَادَ كَفَفْتُ عَنْهُ. بَيْنَهُمْ مَا قُوتِلَ بِهِ مِنْ سِلاحٍ أَوْ كُرَاعٍ. وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مَا أَجْلَبُوا بِهِ عَلَيْنَا مِنْ كُرَاعٍ أَوْ سِلاحٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: كَانَ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَغْزُوَ مُعَاوِيَةَ وَأَهْلَ الشَّامِ فَجَعَلَ يَعْقِدُ لِوَاءَهُ ثُمَّ يَحْلِفُ لا يَحِلُّهُ حَتَّى يَسِيرَ. فَيَأْبَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَيَنْتَشِرُ رَأْيُهُمْ وَيَجْبُنُونَ فَيُحِلُّهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ. حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. وَكُنْتُ أَرَى حَالَهُ فَأَرَى مَا لا يَسُرُّنِي. فَكَلَّمْتُ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يَوْمَئِذٍ وَقُلْتُ لَهُ: أَلا تُكَلِّمُهُ أَيْنَ يَسِيرُ بِقَوْمٍ لا وَاللَّهِ مَا أَرَى عِنْدَهُمْ طَائِلا؟ فَقَالَ الْمِسْوَرُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ يَسِيرُ لأَمْرٍ قَدْ حُمَّ. قَدْ كَلَّمْتُهُ فرأيته يأبى إلا المسير. قال محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: فَلَمَّا رَأَى مِنْهُمْ مَا رَأَى قَالَ: . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ عَلَى رَجَّالَةٍ عَلِيٌّ يَوْمَ صِفِّينَ عَمَّارُ بن ياسر. وكان محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَحْمِلُ رَايَتَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شَرَاحِيلَ عَنْ حَنَشِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ. وَقَدْ كَانَ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمًا وَالْتَقَيْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ الشَّامِ فَاقْتَتَلْنَا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لا يَبْقَى أَحَدٌ. فَأَسْمَعُ صَائِحًا يَصِيحُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُ اللَّهُ. مَنْ لِلنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ. مَنْ لِلرُّومِ. مَنْ لِلتُّرْكِ. مَنْ لِلدَّيْلَمِ؟ اللَّهُ اللَّهُ وَالْبُقْيَا. فَأَسْمَعُ حَرَكَةً مِنْ خَلْفِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيٌّ يَعْدُو بِالرَّايَةِ يُهَرْوِلُ بِهَا حَتَّى أَقَامَهَا. وَلَحِقَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ الْزَمْ رَأَيْتَكَ فَإِنِّي مُتَقَدِّمٌ فِي الْقَوْمِ. فَأَنْظُرْ إِلَيْهِ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُفْرَجَ لَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهِمْ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عند محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا أَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ بِالنَّجَاةِ وَلا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا عَلَى أَبِي الَّذِي وَلَدَنِي. قَالَ فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ. قَالَ: مَنْ كَانَ فِي النَّاسِ مِثْلَ عَلِيٍّ سَبَقَ لَهُ كَذَا سَبَقَ لَهُ كَذَا؟ أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ فِي الشِّعْبِ: لَوْ أَنَّ أَبِي عَلِيًّا أَدْرَكَ هَذَا الأَمْرَ لَكَانَ هَذَا مَوْضِعُ رَحْلِهِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ يَتَّخِذُهُمَا النَّاسُ أَنْدَادًا مِنْ دُونِ اللَّهِ. نَحْنُ وَبَنُو عَمِّنَا هَؤُلاءِ. يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ أَبُو زبيد عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَة عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى عَنْ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ نتخذ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا. نَحْنُ وَبَنُو أُمَيَّةَ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيٌّ. فَقَالَ: أَجَلْ أَنَا مَهْدِيُّ أُهْدِي إِلَى الرُّشْدِ وَالْخَيْرِ. اسْمِي اسْمُ نَبِيِّ اللَّهِ وَكُنْيَتِي كُنْيَةُ نَبِيِّ اللَّهِ. فَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ. السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلاءِ الْخَفَّافُ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ الحنفية فسلم عليه فرد ع فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ فَحَرَّكَ يَدَهُ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ. أَمَا آنَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا كَيْفَ نَحْنُ؟ إِنَّمَا مَثَلُنَا فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَثَلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ. كَانَ يَذْبَحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ. وَإِنَّ هَؤُلاءِ يَذْبَحُونَ أَبْنَاءَنَا وَيَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا بِغَيْرِ أَمْرِنَا. فَزَعَمَتِ الْعَرَبُ أَنَّ لَهَا فَضْلا عَلَى الْعَجَمِ فَقَالَتِ الْعَجَمُ: وَمَا ذاك؟ قالوا: كان محمد عَرَبِيًّا. قَالُوا: صَدَقْتُمْ. قَالُوا: وَزَعَمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ لَهَا فَضْلا عَلَى الْعَرَبِ فَقَالَتِ الْعَرَبُ: وَبِمَ ذَا؟ قَالُوا: قَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ قُرَشِيًّا. فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ صَدَّقُوا فَلَنَا فَضْلٌ عَلَى النَّاسِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أخبرنا عُمَرُ بْنُ زِيَادٍ الْهُذَلِيُّ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ حَدَّثَهُ قَالَ: لَقِيتُ بِخُرَاسَانَ رَجُلا مِنْ عَزَّةَ. قَالَ قُلْتُ لِلأَسْوَدِ: مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: لا أَدْرِي. قَالَ: أَلا أَعْرِضُ عَلَيْكَ خُطْبَةَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي رَهْطٍ يُحَدِّثُهُمْ فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ. قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ. قَالَ قُلْتُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: أَسِرٌّ هِيَ أم عَلانِيَةٌ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلْ سِرٌّ. قَالَ: اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ وَحَدَّثَ الْقَوْمَ سَاعَةً ثُمَّ قَامَ فَقُمْتُ مَعَهُ. فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ دَخَلْتُ مَعَهُ بَيْتَهُ. قَالَ: قُلْ بِحَاجَتِكَ. قَالَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَشَهِدْتُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وشهدت أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بعد فو الله مَا كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إلينا قَرَابَةً فَنُحِبُّكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ وَلَكِنْ كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إِلَى نَبِيِّنَا قَرَابَةً فَلِذَلِكَ أَحْبَبْنَاكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ مِنْ نَبِيِّنَا. فَمَا زَالَ بِنَا الشَّيْنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الأَعْنَاقُ وَأُبْطِلَتِ الشَّهَادَاتُ وَشَرَدْنَا فِي الْبِلادِ وَأُوذِينَا حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ لَوْلا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ. وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا فَيَخْرُجُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَنُقِيمُ. فَقَالَ عُمَرُ: يَعْنِي الْخَوَارِجَ. وَقَدْ كَانَتْ تَبْلُغُنَا عَنْكَ أَحَادِيثُ من وَرَاءَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهُكَ لِلْكَلامِ فَلا أَسْأَلُ عَنْكَ أَحَدًا وَكُنْتَ أَوْثَقَ النَّاسِ فِي نَفْسِي وَأَحَبَّهُ إلي أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ. فَأَرَى بِرَأْيِكَ وَكَيْفَ تَرَى الْمَخْرَجَ. أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الأَحَادِيثَ فَإِنَّهَا عَيْبٌ عَلَيْكُمْ. وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَإِنَّهُ بِهِ هَدْيُ أَوَّلِكُمْ وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ. وَلَعَمْرِي لَئِنْ أُوذِيتُمْ لَقَدْ أُوذِيَ مَنْ كَانَ خَيْرًا مِنْكُمْ. أَمَّا قِيلُكَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ وَأَجْتَنِبَ أُمُورَ النَّاسِ لَوْلا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أُمُورُ آلِ مُحَمَّدٍ. فَلا تَفْعَلْ فَإِنَّكَ تِلْكَ الْبِدْعَةُ الرَّهْبَانِيَّةُ. وَلَعَمْرِي لأَمْرُ آلِ محمد أبين من طلوع هذه الشَّمْسِ. وَأَمَّا قِيلُكَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا فَيَخْرُجُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَنُقِيمُ. فَلا تَفْعَلْ. لا تُفَارِقِ الأُمَّةَ. اتَّقِ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ بِتَقِيَّتِهِمْ. قَالَ عُمَرُ: يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. وَلا تُقَاتِلْ مَعَهُمْ. قَالَ قُلْتُ: وَمَا تَقِيَّتُهُمْ؟ قَالَ: تُحْضِرُهُمْ وَجْهَكَ عِنْدَ عَوْدَتِهِمْ فَيَدْفَعُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْكَ عَنْ دَمِكَ وَدِينِكَ وَتُصِيبُ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ. قَالَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَطَافَ بِي قِتَالٌ لَيْسَ لِي مِنْهُ بُدٌّ؟ قَالَ: تُبَايِعُ بِإِحْدَى يَدَيْكَ الأُخْرَى لِلَّهِ. وَتُقَاتِلُ لِلَّهِ. فَإِنَّ اللَّهَ سَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ الْجَنَّةَ وَسَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ النَّارَ. وَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُبَلِّغَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ مِنِّي أَوْ أَنْ تَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ. يَعْنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ: حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: بَايِعْ بِإِحْدَى يَدَيْكَ عَلَى الأُخْرَى وَقَاتِلْ عَلَى نِيَّتِكَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ مُنْذِرٍ قَالَ: سمعت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ لَصَاعِقَةٌ لا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ عَنْ أبي الطفيل عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: الْزَمْ هَذَا الْمَكَانَ وَكُنْ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُنَا فَإِنَّ أَمَرَنَا إِذَا جَاءَ فَلَيْسَ بِهِ خِفَاءٌ كَمَا لَيْسَ بِالشَّمْسِ إِذَا طَلَعَتْ خَفَاءٌ. وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَشْرِقِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ. وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَغْرِبِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّنَا سَنُؤْتَى بِهَا كَمَا يُؤْتَى بِالْعَرُوسِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ: مَنْ أَحَبَّنَا نَفَعَهُ اللَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الدَّيْلَمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: وَدِدْتُ لَوْ فديت شيعتنا هؤلاء ولو بِبَعْضِ دَمِي. قَالَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عَلَى الْمِفْصَلِ وَالْعُرُوقِ ثُمَّ قَالَ: لَحَدِيثُهُمُ الْكَذِبُ وَإِذَاعَتُهُمُ الشَّرُّ حَتَّى إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ أُمَّ أَحَدِهِمُ الَّتِي وَلَدَتْهُ أَغْرَى بِهَا حَتَّى تُقْتَلَ. أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْحَارِثِ الأَزْدِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَغْنَى نَفْسَهُ وَكُفَّ يَدَهُ وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ. لَهُ مَا احْتَسَبَ وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. أَلا إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ سُيُوفِ الْمُسْلِمِينَ. أَلا إِنَّ لأَهْلِ الْحَقِّ دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ. فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَمِنَّا كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّنَامِ الأَعْلَى. وَمَنْ يَمُتْ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قال: أخبرنا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ رَجُلا لِلَّهِ لِعَدْلٍ ظَهَرَ مِنْهُ وَهُوَ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى حُبِّهُ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَحَبَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَمَنْ أَبْغَضَ رَجُلا لِلَّهِ لِجَوْرٍ ظهر منه وهو في علم الله من أَهْلِ الْجَنَّةِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى بُغْضِهِ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَبْغَضَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ النَّارِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ قَالَتْ: كَانَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي حَصْرِهِ الأَوَّلِ أَشَدَّ النَّاسِ مَعَهُ وَيُرِيهِ أَنَّهُ شِيعَةٌ لَهُ. وَابْنُ الزُّبَيْرِ مُعْجَبٌ بِهِ وَيَحْمِلُ عَلَيْهِ فَلا يَسْمَعُ عَلَيْهِ كَلامًا. وَكَانَ الْمُخْتَارُ يختلف إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَكَانَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ فِيهِ بِحُسْنِ الرَّأْيِ وَلا يَقْبَلُ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ. فَقَالَ الْمُخْتَارُ: أَنَا خَارِجٌ إِلَى الْعِرَاقِ. فَقَالَ لَهُ محمد: فاخرج وَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَامِلٍ الْهَمْدَانِيُّ يَخْرُجُ مَعَكَ. وَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: تَحَرَّزْ مِنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ أَمَانَةٍ. وَجَاءَ الْمُخْتَارُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ مَكَانِي مِنَ الْعِرَاقِ أَنْفَعُ لَكَ مِنْ مَقَامِي هَاهُنَا. فَأَذِنَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَخَرَجَ هُوَ وَابْنُ كَامِلٍ. وَابْنُ الزُّبَيْرِ لا يَشُكُّ فِي مُنَاصَحَتِهِ. وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى الْغِشِّ لابْنِ الزُّبَيْرِ. فَخَرَجَا حَتَّى لَقِيَا لاقِيًا بِالْعُذَيْبِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ: أَخْبِرْنَا عَنِ النَّاسِ. فَقَالَ: تَرَكْتُ النَّاسَ كَالسَّفِينَةِ تَجُولُ لا مَلاحَ لَهَا. فَقَالَ الْمُخْتَارُ: فَأَنَا مَلاحُهَا الَّذِي يُقِيمُهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُخْتَارُ الْعِرَاقِ اخْتَلَفَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ. وَهُوَ وَالِي الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَأَظْهَرَ مُنَاصَحَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَابَهُ فِي السِّرِّ. وَدَعَا إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ. وَاتَّخَذَ شِيعَةً. يَرْكَبُ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُ مُطِيعٍ خَافَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: كَانَ الْمُخْتَارُ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَعْيَبَهُ لَهُ. وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لأَبِي الْقَاسِمِ. يَعْنِي ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ. ثُمَّ ظَلَمَهُ إِيَّاهُ. وَجَعَلَ يَذْكُرُ ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ وَحَالَهُ وَوَرَعَهُ وَأَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَى الْكُوفَةِ يَدْعُو لَهُ. وَأَنَّهُ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا فَهُوَ لا يَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ. وَيَقْرَأُ ذَلِكَ الْكِتَابَ عَلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ. وَجَعَلَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ لمحمد ابن الحنفية فيبايعونه لَهُ سِرًّا. فَشَكَّ قَوْمٌ مِمَّنْ بَايَعَهُ فِي أَمْرِهِ وَقَالُوا: أَعْطَيْنَا هَذَا الرَّجُلَ عُهُودَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ ابْنِ الْحَنِفِيَّةِ. وَابْنُ الْحَنِفِيَّةِ بِمَكَّةَ لَيْسَ مِنَّا بِبَعِيدٍ وَلا مُسْتَتِرٍ. فَلَوْ شَخَصَ مِنَّا قَوْمٌ إِلَيْهِ فَسَأَلُوهُ عَمَّا جَاءَ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ عَنْهُ. فَإِنْ كَانَ صَادِقًا نَصَرْنَاهُ وَأَعَنَّاهُ عَلَى أَمْرِهِ. فَشَخَصَ مِنْهُمْ قَوْمٌ فَلَقُوا ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِمَكَّةَ فَأَعْلَمُوهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ فَقَالَ: نَحْنُ حَيْثُ تَرَوْنَ مُحْتَسِبُونَ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي سُلْطَانَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ. فَاحْذَرُوا الْكَذَّابِينَ وَانْظُرُوا لأَنْفُسِكُمْ وَدِينِكُمْ. فَانْصَرَفُوا عَلَى هَذَا. وَكَتَبَ الْمُخْتَارُ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ. وَجَاءَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ الْمُخْتَارُ أَمِينُ آلِ مُحَمَّدٍ وَرَسُولُهُ. فَأَذِنَ لَهُ وَحَيَّاهُ وَرَحَّبَ بِهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَكَلَّمَ الْمُخْتَارُ. وَكَانَ مُفَوَّهًا. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهَ بِنُصْرَةِ آلِ مُحَمَّدٍ. وَقَدْ رَكِبَ مِنْهُمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ. وَحُرِمُوا وَمُنِعُوا حَقَّهُمْ وَصَارُوا إِلَى مَا رَأَيْتَ. وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْكَ الْمَهْدِيُّ كِتَابًا. وَهَؤُلاءِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ. فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَنَسٍ الأَسَدِيُّ وَأَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ الْبَجَلِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَامِلٍ الشَّاكِرِيُّ وَأَبُو عَمْرَةَ كَيْسَانُ مَوْلَى بَجِيلَةَ: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابَهُ قَدْ شَهِدْنَاهُ حِينَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ. فَقَبَضَهُ إِبْرَاهِيمُ وَقَرَأَهُ ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيبُ وَقَدْ أَمَرَنَا بِطَاعَتِكَ وَمُؤَازَرَتِكَ فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ وَادْعُ إِلَى مَا شِئْتَ. ثُمَّ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَرْكَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَزَرَعَ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ. وَوَرَدَ الْخَبَرُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَتَنَكَّرَ لِمُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَجَعَلَ أَمْرُ الْمُخْتَارِ يَغْلُظُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيَكْثُرُ تَبَعُهُ. وَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ وَمَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ فَيَقْتُلُهُمْ. ثُمَّ بَعَثَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا إِلَى عُبَيْدِ الله بْنِ زِيَادٍ فَقَتَلَهُ وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمُخْتَارِ فَعَمَدَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ فَجَعَلَهُ فِي جُونَةٍ. ثُمَّ بعث به إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَسَائِرِ بَنِي هَاشِمٍ. وَكَانَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يَكْرَهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا يَبْلُغُهُ عَنْهُ وَلا يُحِبُّ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَصَابَ بِثَأْرِنَا وَأَدْرَكَ وَغْمَنَا وَآثَرَنَا وَوَصَلَنَا. فَكَانَ يُظْهِرُ الْجَمِيلَ فِيهِ لِلْعَامَّةِ. فَلَمَّا اتَّسَقَ الأَمْرُ لِلْمُخْتَارِ كَتَبَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَهْدِيِّ: مِنَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَنْتَقِمْ مِنْ قَوْمٍ حَتَّى يُعَذِّرَ إِلَيْهِمْ. وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ الْفَسَقَةَ وَأَشْيَاعَ الْفَسَقَةِ وَقَدْ بَقِيَتْ بَقَايَا أَرْجُو أَنْ يُلْحِقَ اللَّهُ آخِرَهُمْ بِأَوَّلِهِمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَهِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَغَيْرِهِمْ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي قَالُوا: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ بِهَا يومئذ الحسين بن علي ومحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ. فَخَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ. وَأَقَامَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشٍ مسرف وأيام الْحَرَّةِ فَرَحَلَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَلَمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَبَايَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِنَفْسِهِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ دعا ابن عباس ومحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْبَيْعَةَ لَهُ فَأَبَيَا يُبَايِعَانِ لَهُ وَقَالا: حَتَّى يَجْتَمِعَ لَكَ الْبِلادُ وَيَتَّسِقَ لَكَ النَّاسُ. فَأَقَامَا عَلَى ذَلِكَ مَا أَقَامَا. فَمَرَّةً يُكَاشِرُهُمَا وَمَرَّةً يَلِينُ لَهُمَا وَمَرَّةً يُبَادِيهُمَا. ثُمَّ غَلُظَ عَلَيْهِمَا فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ كَلامٌ وَشَرٌّ. فَلَمْ يَزَلِ الأَمْرُ يَغْلُظُ حَتَّى خَافَا مِنْهُ خَوْفًا شَدِيدًا وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ. فَأَسَاءَ جوارهم وحصرهم وآذاهم. وقصد لمحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَأَظْهَرَ شَتْمُهُ وَعَيْبَهُ وَأَمَرَهُ وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَلْزَمُوا شِعْبَهُمْ بِمَكَّةَ. وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ وَقَالَ لَهُمْ فِيمَا يَقُولُ: وَاللَّهِ لَتُبَايِعَنَّ أَوْ لأَحْرِقَنَّكُمْ بِالنَّارِ. فَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ. قَالَ سُلَيْمٌ أبو عامر: فرأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مَحْبُوسًا فِي زَمْزَمَ وَالنَّاسُ يُمْنَعُونَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ. فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ: مَا بَالُكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: دَعَانِي إِلَى الْبَيْعَةِ فَقُلْتُ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ فَأَنَا كَأَحَدِهِمْ. فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا مِنِّي. فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَقُلْ يَقُولُ لَكَ ابْنُ عَمِّكَ مَا تَرَى؟ قَالَ سُلَيْمٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ ذَاهِبُ الْبَصَرِ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أَنْصَارِيٌّ. فَقَالَ: رُبَّ أَنْصَارِيٍّ هُوَ أَشَدُّ علينا من عدونا. فقلت: لا تخف. أنا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ. قَالَ: هَاتِ. فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: قُلْ لَهُ لا تُطِعْهُ ولا نعمة عين إلا ما قلت. لا تَزِدْهُ عَلَيْهِ. فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَبْلَغْتُهُ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. فَهَمَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَقْدَمَ إِلَى الْكُوفَةِ وَبَلَغَ ذَلِكَ الْمُخْتَارَ فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُومُهُ فَقَالَ: إِنَّ فِي الْمَهْدِيِّ عَلامَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُمْ هَذَا فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ فِي السُّوقِ بِالسَّيْفِ لا تَضُرُّهُ وَلا تَحِيكُ فِيهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَأَقَامَ فَقِيلَ لَهُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيعَتِكَ بِالْكُوفَةِ فَأَعْلَمْتَهُمْ مَا أنتم فيه. فبعث أبا الطفيل عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ إِلَى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ. فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: إِنَّا لا نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ. وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ. فَقَطَعَ الْمُخْتَارُ بَعْثًا إِلَى مَكَّةَ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلافٍ. فَعَقَدَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ عَلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُ: سِرْ فَإِنْ وجدت بني هاشم الْحَيَاةِ فَكُنْ لَهُمْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَضُدًا وَانْفِذْ لِمَا أَمَرُوكَ بِهِ. وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُمْ فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلْ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ ثُمَّ لا تَدَعْ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ شُفْرًا وَلا ظُفْرًا. وَقَالَ: يَا شُرْطَةَ اللَّهِ لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهَذَا الْمَسِيرِ وَلَكُمْ بِهَذَا الْوَجْهِ عَشْرُ حِجَجٍ وَعَشْرُ عُمَرَ. وَسَارَ الْقَوْمُ وَمَعَهُمُ السِّلاحُ حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ فَجَاءَ الْمُسْتَغِيثُ: أَعْجِلُوا فَمَا أُرَاكُمْ تُدْرِكُونَهُمْ. فَقَالَ النَّاسُ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُوَّةِ عَجَّلُوا. فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ ثَمَانُمِائَةٍ رَأْسُهُمْ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ جُنَادَةَ الْعَوْفِيُّ حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ فَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى دَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ. وَيُقَالُ بَلْ تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللَّهِ. قَالَ عَطِيَّةُ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَأَصْحَابُهُمَا فِي دُورٍ قَدْ جُمِعَ لَهُمُ الحطب فأحيط بهم حتى بلغ رؤوس الْجُدُرِ لَوْ أَنَّ نَارًا تَقَعُ فِيهِ مَا رثي مِنْهُمْ أَحَدٌ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ. فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ. وَعَجَّلَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس. وهو يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ. فَأَسْرَعَ فِي الْحَطَبِ يُرِيدُ الْخُرُوجَ فَأَدْمَى سَاقَيْهِ. وَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَكُنَّا صَفَّيْنِ نَحْنُ وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارُنَا وَنَهَارُهُ لا نَنْصَرِفُ إِلا إِلَى صَلاةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا. وَقَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ فِي النَّاسِ فَقُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: ذَرُونَا نُرِيحُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَقَالا: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ. مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ إِلا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَاعَةً مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ قَبْلَهُ وَلا يُحِلُّهُ لأَحَدٍ بَعْدَهُ. فَامْنَعُونَا وَأَجِيرُونَا. قَالَ فَتَحَمَّلُوا وَإِنَّ مُنَادِيًا لَيُنَادِي فِي الْجَبَلِ: مَا غَنِمَتْ سَرِيَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ. إِنَّ السَّرَايَا تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءَنَا. فَخَرَجُوا بِهِمْ حَتَّى أَنْزَلُوهُمْ مِنًى فَأَقَامُوا بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمُوا ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الطَّائِفِ فَأَقَامُوا مَا أَقَامُوا. وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وصلى عليه محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَبَقِينَا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمَّا كَانَ الْحَجُّ وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ مَكَّةَ فَوَافَى عرفة في أصحابه. ووافى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الطَّائِفِ فِي أَصْحَابِهِ. فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ. وَوَافَى نَجْدَةَ بْنَ عَامِرٍ الْحَنَفِيَّ تِلْكَ السَّنَةَ فِي أَصْحَابِهِ مِنَ الْخَوَارِجِ فَوَقَفَ نَاحِيَةً. وَحَجَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَى لِوَاءٍ فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ فِيمَنْ مَعَهُمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَقَفَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَلْوِيَةٍ بِعَرَفَةَ: محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فِي أَصْحَابِهِ عَلَى لِوَاءٍ قَامَ عِنْدَ حَبْلِ الْمُشَاةِ. وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي أَصْحَابِهِ مَعَهُ لِوَاءٌ فَقَامَ مَقَامَ الإِمَامِ الْيَوْمَ. ثُمَّ تقدم محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ بِأَصْحَابِهِ حَتَّى وَقَفَ حِذَاءَ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَوَافَى نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ فِي أَصْحَابِهِ وَمَعَهُ لِوَاءٌ فَوَقَفَ خَلْفَهُمَا. وَوَافَتْ بَنُو أُمَيَّةَ وَمَعَهُمْ لِوَاءٌ فَوَقَفُوا عَنْ يَسَارِهِمَا. فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ أَنْغَضَ لواء محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. ثُمَّ تَبِعَهُ نَجْدَةُ. ثُمَّ لِوَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ. ثُمَّ لِوَاءُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يَدْفَعِ ابْنُ الزُّبَيْرِ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إِلا بِدَفْعِهِ ابْنِ عُمَرَ. فَلَمَّا أَبْطَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. وَقَدْ مَضَى ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَجْدَةُ وَبَنُو أُمَيَّةَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَيَنْتَظِرُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ؟ ثُمَّ دَفَعَ فَدَفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أَثَرِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: دَفَعْتُ مِنْ عَرَفَةَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَتِلْكَ السُّنَّةُ فَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: عَجِّلْ مُحَمَّدُ عَجِّلْ مُحَمَّدُ. فَعَنْ مَنْ أَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الإِغْسَاقَ؟ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَقَامَ الْحَجَّ تِلْكَ السَّنَةَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَحَجَّ عامئذ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فِي الْخَشَبِيَّةِ مَعَهُ. وَهُمْ أَرْبَعَةُ آلافٍ نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ ثُوَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى فِي أَصْحَابِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خِفْتُ الْفِتْنَةَ فَمَشَيْتُ إِلَيْهِمْ جَمِيعًا فَجِئْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ فِي الشِّعْبِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّا فِي مِشْعَرٍ حَرَامٍ وَبَلَدٍ حَرَامٍ. وَالنَّاسُ وَفْدُ اللَّهِ إِلَى هَذَا الْبَيْتِ. فَلا تُفْسِدْ عَلَيْهِمْ حَجَّهُمْ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُرِيدُ ذَلِكَ وَمَا أَحُولُ بَيْنَ أَحَدٍ وَبَيْنَ هَذَا الْبَيْتِ. وَلا يُؤْتَى أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ قِبَلِي وَلَكِنِّي رَجُلٌ أَدْفَعُ عَنْ نَفْسِي مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَا يُرِيدُ مِنِّي. وَمَا أَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ إِلا أَنْ لا يَخْتَلِفَ عَلَيَّ فيه اثْنَانِ. وَلَكِنِ ائْتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلِّمْهُ وَعَلَيْكَ بِنَجْدَةَ فَكَلِّمْهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَجِئْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلَّمْتُهُ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ وَبَايَعَنِي النَّاسُ. وَهَؤُلاءِ أَهْلُ خِلافٍ. فَقُلْتُ: إِنَّ خَيْرًا لَكَ الْكَفٌّ. فَقَالَ: أَفْعَلُ. ثُمَّ جِئْتُ نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ فَأَجِدُهُ فِي أَصْحَابِهِ وَأَجِدُ عِكْرِمَةَ غُلامَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَهُ. فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى صَاحِبِكَ. قَالَ فَدَخَلَ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ فَعَظَّمْتُ عَلَيْهِ وَكَلَّمْتُهُ بِمَا كَلَّمْتُ بِهِ الرَّجُلَيْنِ فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَبْتَدِئَ أَحَدًا بِقِتَالٍ فَلا وَلَكِنْ مَنْ بَدَأْنَا بِقِتَالٍ قَاتَلْنَاهُ. قُلْتُ: فَإِنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلَيْنِ لا يُرِيدَانِ قِتَالَكَ. ثُمَّ جِئْتُ شِيعَةَ بَنِي أُمَيَّةَ فَكَلَّمْتُهُمْ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ الْقَوْمَ فَقَالُوا: نَحْنُ عَلَى لِوَائِنَا لا نُقَاتِلُ أَحَدًا إِلا أَنْ يُقَاتِلَنَا. فَلَمْ أَرَ فِي تِلْكَ الأَلْوِيَةِ أَسْكَنَ وَلا أَسْلَمَ دَفْعَةً مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الحنفية. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَقَفْتُ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إلى جنب محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ ادْفَعْ. فَدَفَعَ وَدَفَعْتُ مَعَهُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ أَصْحَابَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ يُلَبُّونَ بِعَرَفَةَ وَرَمَقْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَصْحَابَهُ فَإِذَا هُمْ يُلَبُّونَ حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ. ثُمَّ قُطِعَ. وَكَذَلِكَ فَعَلَتْ بَنُو أُمَيَّةَ. وَأَمَّا نَجْدَةُ فَلَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعُرْيَانِ الْمُجَاشِعِيُّ قَالَ: بَعَثَنَا الْمُخْتَارُ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ فَكُنَّا عِنْدَهُ. قَالَ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَذْكُرُ الْمُخْتَارَ فَيَقُولُ: أَدْرَكَ ثَأْرَنَا وَقَضَى ديوننا وأنفق علينا. قال وكان محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ لا يَقُولُ فِيهِ خَيْرًا وَلا شَرًّا. قَالَ فَبَلَغَ مُحَمَّدًا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ عِنْدَهُمْ شَيْئًا. أَيْ مِنَ الْعِلْمِ. قَالَ فَقَامَ فِينَا فَقَالَ: إِنَّا وَاللَّهِ مَا وَرَثْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّوْحَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حِلا وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ فِي ذُؤَابَةِ سَيْفِي. قَالَ فَسَأَلْتُ: وَمَا كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ الرَّمَّاحُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أُخْرِجَ مِنْ مَكَّةَ فَنَزَلَ شِعْبَ عَلِيٍّ فَخَرَجْنَا مِنَ الْكُوفَةِ لِنَأْتِيَهُ فَلَقِينَا ابْنَ عَبَّاسٍ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَهُ فِي الشِّعْبِ فَقَالَ لَنَا: أَحْصُوا سِلاحَكُمْ وَلَبُّوا بِعُمْرَةٍ. ثُمَّ ادْخُلُوا الْبَيْتَ وَطَوِّفُوا بِهِ وبين الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ وَرْدَانَ قَالَ: كُنْتُ فِي الْعِصَابَةِ الَّذِينَ انْتَدَبُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ مَنَعَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ حَتَّى يُبَايِعَهُ فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهُ. قَالَ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ فَأَرَادَ أَهْلَ الشَّامِ فَمَنَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَدْخُلَهَا حَتَّى يُبَايِعَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ. قَالَ فَسِرْنَا مَعَهُ مَا سرنا ولو أمرنا بالقتال لقتالنا مَعَهُ. فَجَمَعْنَا يَوْمًا فَقَسَمَ فِينَا شَيْئًا وَهُوَ يَسِيرُ. ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قال: ألحقوا برحالكم واتقوا الله وعليكم بِمَا تَعْرِفُونَ وَدَعُوا مَا تُنْكِرُونَ وَعَلَيْكُمْ بِخَاصَّةِ أَنْفُسِكُمْ وَدَعُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَاسْتَقِرُّوا عَنْ أَمْرَنَا كَمَا اسْتَقَرَّتِ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ. فَإِنَّ أَمْرَنَا إِذَا جاء كان كالشمس الضاحية. قالوا: وَقُتِلَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. فَلَمَّا دَخَلْتُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ أَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عُرْوَةَ بْنَ الزبير إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكَ إِنِّي تَارِكُكَ أَبَدًا حَتَّى تُبَايِعَنِي أَوْ أُعِيدَكَ فِي الْحَبْسِ وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ. وَأَجْمَعَ عَلَيَّ أَهْلُ الْعِرَاقَيْنِ. فَبَايِعْ لِي وَإِلا فَهِيَ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ إِنِ امْتَنَعْتَ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لِعُرْوَةَ: مَا أَسْرَعَ أخاك إلى قطع الرحم والاستخفاف بالحق. وأغفله عَنْ تَعْجِيلِ عُقُوبَةِ اللَّهِ. مَا يَشُكُّ أَخُوكَ فِي الْخُلُودِ وَإِلا فَقَدْ كَانَ أَحْمَدَ لِلْمُخْتَارِ وَلِهَدْيِهِ مِنِّي. وَاللَّهِ مَا بَعَثْتُ الْمُخْتَارَ دَاعِيًا وَلا نَاصِرًا. وَلَلْمُخْتَارُ كَانَ إِلَيْهِ أَشَدَّ انْقِطَاعًا مِنْهُ إِلَيْنَا. فَإِنْ كَانَ كَذَّابًا فَطَالَ مَا قَرَّبَهُ عَلَى كَذِبِهِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ. وَمَا عِنْدِي خِلافٌ. وَلَوْ كَانَ خِلافَ مَا أَقَمْتُ فِي جِوَارِهِ وَلَخَرَجْتُ إِلَى مَنْ يَدْعُونِي فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَلَكِنْ هَاهُنَا وَاللَّهِ لأَخِيكَ قَرِينًا يَطْلُبُ مِثْلَ مَا يَطْلُبُ أَخُوكَ. كِلاهُمَا يُقَاتِلانِ عَلَى الدُّنْيَا: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ بِجُيُوشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيكَ وَإِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ جِوَارَ عَبْدِ الْمَلِكِ خَيْرٌ لِي مِنْ جِوَارِ أَخِيكَ. وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قَبِلَهُ وَيَدْعُونِي إِلَيْهِ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ من ذلك؟ قال: أستخير الله وذلك أحب إلى صاحبك. قَالَ: أَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: وَاللَّهِ لَوْ أَطَعْتَنَا لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. فَقَالَ ابن الحنفية: وعلى م أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ جَاءَنَا بِرِسَالَةٍ مِنْ أَخِيهِ وَجَاوَرَنَا فَجَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ كَلامٌ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أَخِيهِ. وَالَّذِي قُلْتُمْ غَدْرٌ وَلَيْسَ فِي الْغَدْرِ خَيْرٌ. لَوْ فَعَلْتُ الَّذِي تَقُولُونَ لَكَانَ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَأْيِي لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ كُلُّهُمْ إِلا إِنْسَانٌ وَاحِدٌ لَمَا قَاتَلْتُهُ. فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَا قَالَ له محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تُعْرِضَ لَهُ. دَعْهُ فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ وَيُغَيِّبُ وَجْهَهُ فَعَبْدُ الْمَلِكِ أَمَامَهُ لا يَتْرُكُهُ يَحِلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ. وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لا يُبَايِعُهُ أَبَدًا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ. فَإِنْ صَارَ إِلَيْهِ كَفَاكَهُ إِمَّا حَبَسَهُ وَإِمَّا قَتَلَهُ فَتَكُونَ أَنْتَ قَدْ بَرِئَتْ مِنْ ذَلِكَ. فَأَفْثَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْهُ. فَقَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ: وَجَاءَ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَرَسُولٌ حَتَّى دَخَلَ الشِّعْبَ فقرأ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ الْكِتَابَ فَقَرَأَ كِتَابًا لَوْ كَتَبَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى بَعْضِ إِخْوَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ مَا زَادَ عَلَى أَلْطَافِهِ. وَكَانَ فِيهِ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ ضَيِّقَ عَلَيْكَ وَقَطَعَ رَحِمَكَ وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّكَ حَتَّى تُبَايِعَهُ فَقَدْ نَظَرْتَ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ وَأَنْتَ أَعْرَفُ بِهِ حَيْثُ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ. وَهَذَا الشَّامُ فَانْزِلْ منه حيث شئت فنحن مكرموك وواصلو رحمك وعارفو حَقَّكَ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لأَصْحَابِهِ: هَذَا وَجْهٌ نَخْرُجُ إِلَيْهِ. قَالَ فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ وَمَعَهُ كُثَيِّرُ عَزَّةَ يَنْشُدُ شَعَرًا: أَنْتَ إِمَامُ الْحَقِّ لَسْنَا نَمْتَرِي ... أَنْتَ الَّذِي نَرْضَى بِهِ وَنَرْتَجِي أَنْتَ ابْنُ خَيْرِ النَّاسِ مِنْ بَعْدِ النَّبِي ... يَا ابْنَ عَلِيٍّ سِرْ وَمَنْ مِثْلُ عَلِي حَتَّى تَحِلَّ أَرْضَ كَلْبٍ وَبَلِي قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: فَسِرْنَا حَتَّى نَزَلْنَا أَيْلَةَ فَجَاوَرُونَا بِأَحْسَنِ جِوَارٍ وَجَاوَرْنَاهُمْ بِأَحْسَنِ ذَلِكَ وَأَحَبُّوا أَبَا الْقَاسِمِ حُبًّا شَدِيدًا وَعَظَّمُوهُ وَأَصْحَابَهُ. وَأُمِرْنَا بِالْمَعْرُوفِ وَنُهِينَا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلا يُظْلَمُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قُرْبَنَا وَلا بِحَضْرَتِنَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ لِقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ وَكَانَا خَاصَّتَهُ فَقَالا: مَا نرى أَنْ نَدَعَهُ يُقِيمُ فِي قُرْبَةٍ مِنْكَ وَسِيرَتُهُ سِيرَتُهُ حَتَّى يُبَايِعَ لَكَ أَوْ تَصْرِفَهُ إِلَى الْحِجَازِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلادِي فَنَزَلْتَ فِي طَرَفٍ مِنْهَا. وَهَذِهِ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ كَمَا تَعْلَمُ. وَأَنْتَ لَكَ ذِكْرٌ وَمَكَانٌ. وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ لا تُقِيمَ فِي سُلْطَانِي إِلا أَنْ تَبَايَعَ لِي. فَإِنْ بَايَعْتَنِي فَخُذِ السُّفُنَ الَّتِي قَدِمَتْ عَلَيْنَا مِنَ الْقُلْزُمِ وَهِيَ مِائَةُ مَرْكَبٍ فَهِيَ لَكَ وَمَا فِيهَا. وَلَكَ أَلْفَا أَلْفِ دِرْهَمٍ أُعَجِّلُ لَكَ مِنْهَا خَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ وَأَلْفَ أَلْفٍ وَخَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ آتَيْتُكَ مَعَ مَا أَرَدْتَ مِنْ فَرِيضَةٍ لَكَ وَلِوَلَدِكَ وَلِقَرَابَتِكَ وَمَوَالِيكَ وَمَنْ مَعَكَ. وَإِنْ أَبَيْتَ فَتَحَوَّلْ عَنْ بَلَدِي إِلَى مَوْضِعٍ لا يَكُونُ لِي فِيهِ سُلْطَانٌ. قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. سَلامٌ عَلَيْكَ. فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَرَفْتَ رَأْيِي فِي هَذَا الأَمْرِ قَدِيمًا. وَإِنِّي لَسْتُ أُسَفِّهُهُ عَلَى أَحَدٍ. وَاللَّهِ لَوِ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَيَّ إِلا أَهْلُ الزَّرْقَاءِ مَا قَاتَلْتُهُمْ أَبَدًا وَلا اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا. نَزَلْتُ مَكَّةَ فِرَارًا مِمَّا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَجَاوَرْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَأَسَاءَ جَوَارِي وَأَرَادَ مِنِّي أَنْ أُبَايِعَهُ فَأَبَيْتُ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكَ أَوْ عَلَيْهِ. ثُمَّ أَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَأَكُونُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ. ثُمَّ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَدْعُونِي إِلَى مَا قِبَلِكَ فَأَقْبَلْتُ سَائِرًا فَنَزَلْتُ فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِكَ. وَاللَّهِ مَا عِنْدِي خِلافٌ وَمَعِي أَصْحَابِي فَقُلْنَا بِلادٌ رَخِيصَةُ الأسعار وندنو مِنْ جِوَارِكَ وَنَتَعَرَّضُ صِلَتَكَ. فَكَتَبْتَ بِمَا كَتَبْتَ بِهِ وَنَحْنُ مُنْصَرِفُونَ عَنْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَسِرْنَا مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِزِيَادَةٍ عَلَى أربعين لَيْلَةً. قَالَ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ كَتَبَ لِمُحَمَّدٍ عَهْدًا عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَصْطَلِحَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ. فَإِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَهْدٍ مِنَ اللَّهِ وَمِيثَاقٍ كَتَبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ الشَّامَ بَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي. وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ مَعَهُ سَبْعَةُ آلافٍ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي. فَفَعَلَ. فَقَامَ مُحَمَّدٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ وَلِيُّ الأُمُورِ كلها وحاكمها. ما شاء الله كان وما لا يَشَاءُ لَمْ يَكُنْ. كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ. عَجَّلْتُمْ بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُولِهِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِي أَصْلابِكُمْ لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ وَأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخَرٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَعُودَنَّ فِيكُمْ كَمَا بَدَأَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَقَنَ دِمَاءَكُمْ وَأَحْرَزَ دِينَكُمْ! مَنْ أحب منكم أن يأتي إِلَى بَلَدِهِ آمِنًا مَحْفُوظًا فَلْيَفْعَلْ. فَبَقِيَ مَعَهُ تِسْعُمِائَةِ رَجُلٍ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَقَلَّدَ هَدْيًا فَعَمَدْنَا إِلَى الْبَيْتِ فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَدْخُلَ الْحَرَمَ تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ: لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ. دَعْنَا فَلْنَدْخُلْ وَلْنَقْضِ نُسُكَنَا ثُمَّ لَنَخْرُجُ عَنْكَ. فَأَبَى. وَمَعَنَا الْبُدْنُ قَدْ قَلَّدْنَاهَا. فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ فَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ثُمَّ سَارَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ. فَلَمَّا سَارَ مَضَيْنَا فَقَضَيْنَا نُسُكَنَا وَقَدْ رَأَيْتُ الْقَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. فَلَمَّا قَضَيْنَا نُسُكَنَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عُنْوَانِ الصَّحِيفَةِ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. الطُّلَقَاءُ وَلُعَنَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنَابِرِ النَّاسِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لأُمُورٌ لَمْ يَقِرَّ قَرَارُهَا. قَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ: فَانْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ فَأَذِنَ لِلْمَوَالِي وَلِمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فَرَجَعُوا مِنْ مَدْيَنَ. وَمَضَيْنَا إِلَى مَكَّةَ حَتَّى نَزَلْنَا مَعَهُ الشِّعْبَ بِمِنًى. فَمَا مَكَثْنَا إِلا لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ أَشْخِصْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ وَلا تُجَاوِرْنَا فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: اصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَمَا هُوَ بِعَظِيمٍ مَنْ لا يَصْبِرُ عَلَى مَا لا يَجِدُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ بُدًّا حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُ مَخْرَجًا. وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ السَّيْفَ وَلَوْ كُنْتُ أُرِيدُهُ مَا تَعَبَّثَ بِي ابْنُ الزُّبَيْرِ وَلَوْ كُنْتُ أَنَا وَحْدِي وَمَعَهُ جُمُوعُهُ الَّتِي مَعَهُ. وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ هَذَا وَأَرَى ابْنَ الزُّبَيْرِ غَيْرَ مَقْصَرٍ عَنْ سُوءِ جِوَارِي فَسَأَتَحَوَّلُ عَنْهُ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا مُقِيمًا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِهِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. فحاصرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَتَلَهُ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ. وَحَجَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ تِلْكَ السَّنَةَ مِنَ الطَّائِفِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى شِعْبِهِ فَنَزَلَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الشِّعْبِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لَمْ يُقْتَلْ وَالْحَجَّاجُ مُحَاصِرُهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: قَدْ عَرَفْتُ مَقَامِي بِمَكَّةَ وَشُخُوصِي إِلَى الطائف وإلى الشام. وَأَنَا رَجُلٌ لَيْسَ عِنْدِي خِلافٌ. لَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا. فَأَوَيْتُ إِلَى أَعْظَمِ بِلادِ اللَّهِ حُرْمَةً يَأْمَنُ فِيهِ الطَّيْرُ فَأَسَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ جِوَارِي. فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الشَّامِ فَكَرِهَ عَبْدُ الْمَلِكِ قُرْبِي. فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الْحَرَمِ فَإِنْ يُقْتَلِ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَيَجْتَمِعِ النَّاسُ عَلى عَبْدِ الْمَلِكِ أُبَايِعْكَ. فَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَبَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يُقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ. فَلَمْ يَزَلْ مُحَمَّدٌ يُدَافِعُهُ حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْحَارِثِيُّ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَجَّاجَ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ لَهُ: إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ عَلَى مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ سُلْطَانٌ. قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَتَوَعَّدُهُ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُمَكِّنَ اللَّهُ مِنْكَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ وَيَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ سُلْطَانًا فَأَفْعَلُ وَأَفْعَلُ. قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ! هَلْ شَعَرْتَ أَنَّ لله في كل يوم ستون وَثَلاثَمِائَةِ لَحْظَةٍ أَوْ نَفْحَةٍ؟ فَأَرْجُو أَنْ يَرْزُقَنِي اللَّهُ بَعْضَ لَحَظَاتِهِ أَوْ نَفَحَاتِهِ فَلا يَجْعَلُ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانًا. قَالَ فَكَتَبَ بِهَا الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَتَبَ بِهَا عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الرُّومِ: إِنَّ هَذِهِ وَاللَّهِ مَا هِيَ مِنْ كَنْزِكَ وَلا كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِكَ وَلَكِنَّهَا مِنْ كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الْحَجَّاجَ. لَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَيْهِ فَجَاءَ فَقَالَ: قَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَدُوَّ اللَّهِ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ. قال: والله لأقتلنك! قال: أولا تَدْرِي أَنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاثَمِائَةٍ وستون لحظة فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَضِيَّةً؟ فَلَعَلَّهُ يَكْفِينَاكَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ. قَالَ فَكَتَبَ بِذَلِكَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَاهُ كِتَابُهُ فَأَعْجَبَهُ. وَكَتَبَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ. وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّومِ كَتَبَ إِلَيْهِ يُهَدِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً. فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِذَلِكَ الْكَلامِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ. وَكَتَبَ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ عِنْدَهُ خِلافٌ وَهُوَ يَأْتِيكَ وَيُبَايِعُكَ فَارْفُقْ بِهِ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَبَايَعَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ فَبَايِعْ. فَكَتَبَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الأُمَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتِ اعْتَزَلْتُهُمْ. فَلَمَّا أَفْضَى هَذَا الأَمْرُ إِلَيْكَ وَبَايَعَكَ النَّاسُ كُنْتُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ أَدْخُلُ فِي صَالِحِ مَا دَخَلُوا فِيهِ. فَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ الْحَجَّاجَ لَكَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِبَيْعَتِي. وَرَأَيْتُ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ. وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُؤَمِّنَنَا وَتُعْطِينَا مِيثَاقًا عَلَى الْوَفَاءِ فَإِنَّ الْغَدْرَ لا خَيْرَ فِيهِ. فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ أَرْضَ اللَّهِ وَاسِعَةٌ. فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكِتَابَ قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ: مَا لَكَ عَلَيْهِ سَبِيلٌ. وَلَوْ أَرَادَ فَتْقًا لَقَدِرَ عَلَيْهِ. وَلَقَدْ سَلَّمَ وَبَايَعَ فَنَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَيْهِ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ بِالأَمَانِ لَهُ وَالْعَهْدِ لأَصْحَابِهِ. فَفَعَلَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّكَ عِنْدَنَا مَحْمُودٌ. أَنْتَ أَحَبُّ وَأَقْرَبُ بِنَا رَحِمًا مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَلَكَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وذمة رَسُولِهِ أَنْ لا تُهَاجَ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ. ارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ. وَلَسْتَ أَدْعُ صِلَتَكَ وَعَوْنَكَ مَا حَيِيتُ. وَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يَأْمُرُهُ بِحُسْنِ جِوَارِهِ وَإِكْرَامِهِ. فَرَجَعَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْمَدِينَةِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن أبي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَنَى دَارَهُ بِالْبَقِيعِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْوفُودِ عَلَيْهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَأْذَنُ لَهُ فِي أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ. فَوَفَدَ عَلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَدِمَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِدِمَشْقَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ وَأَمَرَ لَهُ بِمَنْزِلٍ قَرِيبٍ مِنْهُ. وَأَمَرَ أَنْ يُجْرَى عَلَيْهِ نُزْلٌ يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مَنْ مَعَهُ. وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي إِذْنِ الْعَامَّةِ. إِذَا أَذِنَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَدَأَ بِأَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَسَلَّمَ. فَمَرَّةً يَجْلِسُ وَمَرَّةً يَنْصَرِفُ. فَلَمَّا مَضَى مِنْ ذَلِكَ شَهْرٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ كَلَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَالِيًا فَذَكَرَ قَرَابَتَهُ وَرَحِمَهُ وَذَكَرَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَوَعَدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَأَنْ يَصِلَ رَحِمَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْفَعَ حَوَائِجَهُ. فَرَفَعَ مُحَمَّدٌ دَيْنَهُ وَحَوَائِجَهُ وَفَرَائِضَ لِوَلَدِهِ وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ حَامَّتِهِ وَمَوَالِيهِ فَأَجَابَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ فِي الْمَوَالِي أن يَفْرِضَ لَهُمْ وَأَلَحَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فَفَرَضَ لَهُمْ فَقَصَّرَ بِهِمْ فَكَلَّمَهُ فَرَفَعَ فِي فَرَائِضِهِمْ. فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ إِلا قَضَاهَا. وَاسْتَأْذَنَهُ فِي الانْصِرَافِ فَأَذِنَ لَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: وَفَدْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَضَى حَوَائِجِي وَوَدَّعْتُهُ. فَلَمَّا كِدْتُ أَنْ أَتَوَارَى مِنْ عَيْنَيْهِ نَادَانِي: أَبَا الْقَاسِمِ أَبَا الْقَاسِمِ! فَكَرَرْتُ فَقَالَ لِي: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّكَ يَوْمَ تَصْنَعُ بِالشَّيْخِ مَا تَصْنَعُ ظَالِمٌ لَهُ؟ يَعْنِي حِينَ أَخَذَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ يَوْمَ الدَّارِ فَدَعَثَهُ بِرِدَائِهِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلِي يَوْمَئِذٍ ذُؤَابَةٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَعِنْدَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ. فَدَعَا عَبْدُ الْمَلِكِ بِسَيْفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِهِ وَدَعَا بصيقل فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ حَدِيدَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْهَا. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلا وَاللَّهِ مَا أَرَى النَّاسُ مِثْلَ صَاحِبِهَا. يَا مُحَمَّدُ هَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَيُّنَا رَأَيْتَ أَحَقَّ بِهِ فَلْيَأْخُذْهُ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إن كان لك قرابة فلكل قرابة وحق. قَالَ فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدٌ عَبْدَ الْمَلِكِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا. يَعْنِي الْحَجَّاجَ وَهُوَ عِنْدَهُ. قَدْ آذَانِي وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّي. وَلَوْ كَانَتْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَرْسِلْ إِلَيَّ فِيهَا. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا وَلَّى مُحَمَّدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَجَّاجِ: أَدْرِكْهُ فَسُلَّ سَخِيمَتَهُ. فَأَدْرَكَهُ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لأَسُلَّ سَخِيمَتَكَ وَلا مَرْحَبًا بِشَيْءٍ سَاءَكَ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ اتَّقِ اللَّهَ وَاحْذَرِ اللَّهَ. مَا مِنْ صَبَاحٍ يُصْبِحُهُ الْعِبَادُ إِلا لِلَّهِ فِي كُلِّ عَبْدٍ مِنِ عِبَادِهِ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لَحْظَةً إِنْ أَخَذَ أَخَذَ بِمَقْدِرَةِ وَإِنْ عَفَا عَفَا بِحِلْمٍ. فَاحْذَرِ اللَّهَ. فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: لا تَسْأَلْنِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكَهُ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: وَتَفْعَلُ؟ قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ صَرْمَ الدَّهْرِ. قَالَ فَذَكَرَ الْحَجَّاجُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى رَأْسِ الْجَالُوتَ فَذَكَرَ لَهُ الَّذِي قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَالَ: إِنَّ رَجُلا مِنَّا ذَكَرَ حَدِيثًا مَا سَمِعْنَاهُ إِلا مِنْهُ. وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ. فَقَالَ رَأْسُ الْجَالُوتَ: مَا خَرَجَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ إِلا مِنْ بَيْتِ نُبُوَّةٍ. أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمَقَامِ فَزَجَرَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَهَاهُ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ سَالِمِ بن أبي الجعد قال: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ رَكْعَتَيْنِ. ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قال: قال محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَكُونَ خُصُومَاتُ النَّاسِ فِي رَبِّهِمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ التَّمَّارُ قَالَ: رَأَيْتُ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مُوَسِّعًا رَأْسَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي ثُوَيْرٌ قَالَ: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ أَشْعَرَ بُدْنَهُ فِي الشِّقِّ الأَيْمَنِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ على محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَصْفَرَ بِعَرَفَةَ. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفٍ خَزٍّ بِعَرَفَاتٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ رِشْدِينَ قال: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ حَرْقَانِيَّةٍ وَيُرْخِيهَا شِبْرًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ شِبْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت على محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ. أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ نَصْرِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ على محمد بن علي ابن الْحَنَفِيَّةِ مِلْحَفَةً صَفْرَاءَ وَسِخَةً. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي إدريس قال: قال لي محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَلْبِسَ الْخَزَّ فَإِنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ؟ قُلْتُ: إِنَّهُ يُجْعَلُ فِيهِ الْحَرِيرُ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَقُلْتُ لَهُ: أَكَانَ عَلِيٌّ يُخَضِّبُ؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَمَا لَكَ؟ قَالَ: أَتَشَبَّبُ بِهِ لِلنِّسَاءِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْمٍ الْخَزَّازُ قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ مِيسَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابن الْحَنَفِيَّةِ أَثَرَ الْحِنَّاءِ فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: كُنْتُ أُخَضِّبُ أُمِّي. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي يعلى عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يُذَوِّبُ أُمَّهُ وَيُمَشِّطُهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ ابن الْحَنَفِيَّةِ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ. وَرَأَيْتُهُ مَكْحُولَ الْعَيْنَيْنِ. وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الواحد بن أيمن قال: أرسلني أبي إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُكَحَّلُ الْعَيْنَيْنِ مَصْبُوغُ اللِّحْيَةِ بِحُمْرَةٍ فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَقُلْتُ: أَرْسَلَتْنِي إِلَى شَيْخٍ مُخَنَّثٍ! فَقَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ ذَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ نَبِيذَ الدَّنِّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قال: حدثنا ربيع بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ خُفَّانِ فَنَزَعَ خُفَّيْهِ وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الأَزْرَقِ عَنْ أَبِي عُمَرَ أَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ يَغْتَسِلُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ وَفِي الشِّعْبِ. قَالَ وَكَانَ يَغْسِلُ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ. أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا رِشْدِينُ بْنُ كُرَيْبٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قال: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ يَقُولُ: هَذِهِ لِي خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً قَدْ جَاوَزْتُ سِنَّ أَبِي. تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سنة. وَمَاتَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قال: حدثنا زيد بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ الله بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: أَيْنَ دُفِنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: بِالْبَقِيعِ. قُلْتُ: أَيُّ سَنَةٍ؟ قَالَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ فِي أَوَّلِهَا. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً لا يستكملها. أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ. وَلا نَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ عُمَرَ شَيْئًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ الله بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ وَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَقِيعِ فَقَالَ: هَذَا قَبْرُ أَبِي الْقَاسِمِ. يَعْنِي أَبَاهُ. مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَهِيَ سَنَةُ الْجُحَافِ. سَيْلٌ أَصَابَ أَهْلَ مَكَّةَ جَحَفَ الْحَاجَّ. قَالَ فَلَمَّا وَضَعْنَاهُ فِي الْبَقِيعِ جَاءَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ الْوَالِي يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَخِي مَا تَرَى؟ فَقُلْتُ: لا يُصَلِّي عَلَيْهِ أَبَانُ إِلا أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ إِلَيْنَا. فَقَالَ أَبَانُ: أَنْتُمْ أَوْلَى بِجِنَازَتِكُمْ. مَنْ شِئْتُمْ فَقَدِّمُوا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ. فَقُلْنَا: تَقَدَّمْ فَصَلِّ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَحَدَّثْتُ زَيْدَ بْنَ السَّائِبِ فَقُلْتُ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُوَيْمِرٍ الأَسْلَمِيِّ أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ قَالَ يَوْمَئِذٍ: نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الإِمَامَ أَوْلَى بِالصَّلاةِ وَلَوْلا ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاكَ. فَقَالَ زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ: هَكَذَا سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ يَقُولُ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=130628&book=5525#18b532
مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن خالد بن فارس بن ذؤيب، أبو عبد الله النيسابوري الذهلي مولاهم :
سمع عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن بكر البرساني، وعبيد الله بن موسى، ويعلى، ومحمدا ابني عبيد، وروح بن عبادة، وأبا النضر هاشم بْن القاسم، وأسود بْن عامر، وسليمان بن داود الهاشمي، ومحمد بن عمر الواقدي، وعفان بن مسلم، وعبد الرّزّاق بن مسلم، وعبد الرزاق بن همام، وسلم بن قتيبة، ويزيد بن هارون، وغيرهم من أهل العراق، والحجاز، والشام، ومصر، والجزيرة.
وكان أحد الأئمة العارفين ، والحفاظ المتقنين، والثقات المأمونين، صنف حديث الزّهريّ وحده، وقدم بغداد، وجالس شيوخها وحدث بها، وكان أحمد بن حنبل يثنى عليه وينشر فضله، وقد حدث عنه جماعة من الكبراء، كسعيد بن أبي مريم المصري، وأبي صالح كاتب الليث بن سعد، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن [علي بْن] نفيل [النفيلي] ، وسعيد بن منصور، ومحمود بن غيلان، ومحمّد بن المثنّى، ومحمّد ابن إسماعيل الصغاني، ويعقوب بن شيبة السدوسي، وعباس بن محمد الدوري، وأبي داود السجستاني، ومن بعدهم.
حدّثنا أَبُو منصور علي بن مُحَمَّد بن الحسين الدّقّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زياد النّيسابوريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعِيدُ الْكَلَمَةَ ثَلاثًا لِتُعْقَلَ عَنْهُ .
قَالَ أَبُو بكر: حدّثنا العبّاس بن محمّد، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أحمد الحرشي، أنبأنا أبو محمّد حاجب بن أحمد الطوسي، حدّثنا محمّد بن يحيى الذهلي، حدّثنا علي بن عبد الله، حدّثنا سفيان، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: لا أَعْلَمُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ غَيْرَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَهُوَ وَهِمٌ، إِنَّمَا رَوَى النَّاسُ عَنْ يَحْيَى فِي هذا الإسناد حديث الإفلاس.
حدّثنا أبو نعيم الحافظ، أَخْبَرَنِي محمد بن عبد الله الضبي في كتابه قال: سمعت
يحيى بن منصور القاضي يقول: سمعت خالي عبد الله بن علي بن الجارود يقول:
سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول: كنا عند أحمد بن حنبل فدخل محمد بن يحيى- يعني الذهلي- فقام إليه أحمد، وتعجب منه الناس، ثم قَالَ لبنيه وأصحابه:
اذهبوا إلى أبي عبد الله واكتبوا عنه .
حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق، حدّثنا دعلج بن أحمد، حدّثنا أبو محمّد بن الجارود، حَدَّثَنِي أبو عامر النسائي الحافظ قَالَ: سمعت محمد بن داود المصيصي يقول: كنا عند أحمد بن حنبل- وهم يذكرون الحديث، فذكر محمد بن يحيى النيسابوري حديثا فيه ضعف، فقال له أحمد بن حنبل: لا تذكر مثل هذا الحديث! فكأن محمد بن يحيى دخله خجلة، فقال له أحمد: إنما قلت هذا إجلالا يا أبا عبد الله .
وأنبأنا ابن رزق، حدّثنا دعلج، حَدَّثَنَا أبو محمد بن الجارود قَالَ: سمعت أبا عَبْد الرحمن مُحَمَّد بْن أحمد بن الجراح الجوزجاني يقول: دخلت على أحمد بن حنبل فقال لي: تريد البصرة؟ قلت: نعم! قَالَ: فإذا أتيتها فالزم محمد بن يحيى فليكن سماعك معه، فإني ما رأيت خراسانيا- أو قَالَ: ما رأيت أحدا- أعلم بحديث الزهري منه، ولا أصح كتابا منه .
أَخْبَرَنِي حَمْزَة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدَّقَّاق، وأحمد بن عبد الواحد الوكيل- قَالَ حمزة: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ أحمد: حَدَّثَنَا- علي بن عمر الحافظ قَالَ: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: سمعت إبراهيم بن هانئ يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: - وذكر حديثا من حديث الزهري- فقال: ما قدم علينا رجل أعلم بحديث الزهري من محمد بن يحيى. زاد أحمد قَالَ: قَالَ لنا علي بن عمر: قَالَ لنا أبو بكر النيسابوري:
وهو عندي إمام في الحديث .
أَخْبَرَنِي حمزة بن محمّد بن طاهر، حَدَّثَنَا علي بن عمر الحافظ قَالَ: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: سمعت محمد بن يحيى يقول: قال لي علي بن المدينيّ: أنت وارث الزّهريّ.
حدّثنا محمد بن علي المقرئ قَالَ: قرأنا على الْحُسَيْن بن هارون الضبي، عن أَبِي العباس بن سعيد قَالَ حَدَّثَنِي أحمد بن محمود بن مقاتل الهروي أبو الحسن قَالَ:
سمعت رجلا قَالَ لمحمد بن يحيى: جودت في الزّهريّ؟ فقال: وأي شيء لم أجود؟.
حَدَّثْتُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي قَالَ: سمعت أَبَا الْعَبَّاسِ الدَّغُولِيَّ يَقُولُ: سمعت صَالِحًا جَزَرَةَ يَقُولُ: لَمَّا خَرَجْتُ مِنَ الرَّيِّ قُلْتُ لِفَضْلِكَ: عَمَّنْ أَكْتُبْ بِنَيْسَابُورَ؟ قَالَ: إِذَا قَدِمْتَ نَيْسَابُورَ فَانْظُرْ إِلَى شَيْخٍ بَهِيٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ، حَسَنِ الثِّيَابِ، رَاكِبًا حِمَارًا، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَاكْتُبْ عَنْهُ، فَإِنَّهُ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ فَائِدَةً. قَالَ:
فَلَمَّا قَدِمْتُ نَيْسَابُورَ اسْتَقْبَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَعَرَفْتُهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ وَانْتَخَبْتُ عَلَيْهِ مَجْلِسًا، وَقرأتهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قُلْتُ لَهُ: أَفَادَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ الرَّازِيُّ حَدِيثًا عَنْكَ عِنْدَ الْوَدَاعِ لأَسْمَعَهُ مِنَ الشَّيْخِ. فَقَالَ: هَاتِ، فَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ سعيد بن عامر، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَبِيحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَذَا خالي فليرني امْرُؤٌ خَالَهُ» فقال محمد بن يحيى: من ينتخب مثل هذا الانتخاب ويقرأ مثل هذه القراءة يعلم أن سعيد بن عامر لا يحدث بمثل هذا الحديث؟ فقال صالح: نعم، حدثكم سعيد بن واصل .
قلت: قصد صالح امتحان محمد بن يحيى في هذا الحديث لينظر أيقبل التلقين أم لا، فوجده ضابطا لروايته، حافظا لأحاديثه، محترزا من الوهم، بصيرا بالعلم .
حدّثنا محمّد بن على الصّوريّ حدّثنا أحمد بن الحسن الرازي قَالَ: سمعت عبد الله بن عدي يقول: سمعت الحسين بن الحسن بن سفيان الفارسي ببخارى يقول:
سمعت عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي يقول: سألت أحمد بن حنبل: عن محمّد ابن يحيى، ومحمد بن رافع. فقال: محمد بن يحيى أحفظ، ومحمد بن رافع أورع .
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الضَّبِّيُّ قَالَ: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ- وسأله أبو عمر الأصبهاني: عن محمد بن يحيى، وعباس بن عبد العظيم العنبري أيهما أحفظ؟ - فقال أبو علي: عباس بن عبد العظيم
حافظ إلا أن محمد بن يحيى أجل، حدثوني عن فضلك الرازي أنه قَالَ: حَدَّثَنِي من لم يخطئ في حديث قط- محمد بن يحيى الذهلي النّيسابوريّ. وقال علي بن المدينيّ: كفى محمّد بن يحيى جمع حديث الزّهريّ .
حدّثنا هِبَةُ اللَّهِ بْن الْحَسَن بْن مَنْصُورٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ: سمعت العلاء بن محمد الروياني، ومحمد بن الحسين الرازي يقولان: سمعنا عبد الرحمن بن أبي حاتم يَقُول: سمعت أبي يقول: محمد بن يحيى الذهلي إمام أهل زمانه .
أخبرني محمّد بن أبي الحسن، حدّثنا عبيد الله بن القاسم الهمذاني بأطرابلس، حَدَّثَنَا أَبُو عيسى عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل العروضي بمصر، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ- إملاء- قَالَ: محمد بن يحيى بن عبد الله النّيسابوريّ ثقة مأمون .
حدّثنا محمد بن علي المقرئ قال: قرأنا على الحسين بن هارون، عن ابن سَعِيد قَالَ: سمعت عَبْد الرحمن بْن يُوسُف- يعني ابن حراش- يقول: كان محمد بن يحيى من أئمة العلم .
أخبرني الحسن بن محمّد الخلّال، حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدّثنا عبد الله بن سليمان، حَدَّثَنَا محمد بن يحيى النيسابوري- وكان أمير المؤمنين في الحديث.
حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق، حدّثنا دعلج بْن أَحْمَد قَالَ: سمعت أَحْمَد بْن محمّد الأزهرى يقول: لمحمّد بن يحيى ثماني عشرة رحلة إلى البصرة، وله رحلتان إلى اليمن .
حدّثنا هنّاد بن إبراهيم النسفي، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ- ببخارى-.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الشافعي قَالَ: سمعت الحسين بن الحسن بن سفيان- يعني النسوي- يقول: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: لو لم أبدأ
بالبصرة لم يفتني حسين الجعفي، وأبو أسامة، وشبابة، ولما دخلت البصرة استقبلتني جنازة يحيى بن سعيد القطان على باب البصرة .
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا محمد بن نعيم قَالَ: سمعت أبا علي محمد بن أحمد بن زيد المعدل يقول: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد بن يحيى يقول: دخلت على أبي في الصيف الصائف وقت القائلة، وهو في بيت كتبه وبين يديه السراج، وهو يصنف. فقلت: يا أبة، هذا وقت الصلاة، ودخان هذا السراج بالنهار، فلو نفست عن نفسك؟ فقال لي: يا بني تقول هذا وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصحابه، والتابعين؟ .
قال ابن نعيم: أَخْبَرَنِي أبو محمد بن زياد المعدّل حَدَّثَنَا أبو العباس الأزهري قَالَ:
سمعت خادمة محمّد بن يحيى- وهو يغسل على السرير- تقول: خدمت أبا عبد الله ثلاثين سنة، وكنت أضع له الماء، فما رأيت ساقه قط، وأنا ملك له.
حدّثنا هبة الله بن الحسن الطّبريّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن زياد النيسابوري، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحسن الشرقي الحافظ قَالَ:
سمعت أبا عمرو الخفاف- غير مرة- يقول: رأيت محمد بن يحيى الذهلي فِي النوم فقلت: يا أبا عَبْد اللَّه، ما فعل بك ربك؟ قَالَ: غفر لي. قلت: فما فعل علمك؟
قَالَ: كتب بماء الذهب، ورفع في عليين .
أنبأنا السّمسار حدّثنا الصفار حَدَّثَنَا ابن قانع: أن محمد بن يحيى النيسابوري مات في سنة اثنتين وخمسين ومائتين .
قَالَ ابن قانع: وقيل سنة ست وخمسين.
أخبرني الحسين بن علي الطناجيري، حَدَّثَنَا عُمَر بْن أَحْمَدَ الْوَاعِظ قَالَ: سمعت عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زياد النَّيْسَابُوريّ يقول: مات محمد بن يحيى النيسابوري سنة سبع وخمسين ومائتين .
قلت: وبلغني أن وفاته كانت في أحد الربيعين من السنة، وقد بلغ ستّا وثمانين سنة، وكل هذه الأقوال وهم.
والصواب: ما أَخْبَرَنَا هبه الله بن الحسن الطبري، عن محمد بن نعيم قَالَ: سمعت عبد الله بن أحمد الشيباني يقول: سمعت أبا حامد الشرقي يقول: مات محمد بن يحيى الذهلي سنة ثمان وخمسين ومائتين .
سمع عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن بكر البرساني، وعبيد الله بن موسى، ويعلى، ومحمدا ابني عبيد، وروح بن عبادة، وأبا النضر هاشم بْن القاسم، وأسود بْن عامر، وسليمان بن داود الهاشمي، ومحمد بن عمر الواقدي، وعفان بن مسلم، وعبد الرّزّاق بن مسلم، وعبد الرزاق بن همام، وسلم بن قتيبة، ويزيد بن هارون، وغيرهم من أهل العراق، والحجاز، والشام، ومصر، والجزيرة.
وكان أحد الأئمة العارفين ، والحفاظ المتقنين، والثقات المأمونين، صنف حديث الزّهريّ وحده، وقدم بغداد، وجالس شيوخها وحدث بها، وكان أحمد بن حنبل يثنى عليه وينشر فضله، وقد حدث عنه جماعة من الكبراء، كسعيد بن أبي مريم المصري، وأبي صالح كاتب الليث بن سعد، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن [علي بْن] نفيل [النفيلي] ، وسعيد بن منصور، ومحمود بن غيلان، ومحمّد بن المثنّى، ومحمّد ابن إسماعيل الصغاني، ويعقوب بن شيبة السدوسي، وعباس بن محمد الدوري، وأبي داود السجستاني، ومن بعدهم.
حدّثنا أَبُو منصور علي بن مُحَمَّد بن الحسين الدّقّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زياد النّيسابوريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعِيدُ الْكَلَمَةَ ثَلاثًا لِتُعْقَلَ عَنْهُ .
قَالَ أَبُو بكر: حدّثنا العبّاس بن محمّد، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أحمد الحرشي، أنبأنا أبو محمّد حاجب بن أحمد الطوسي، حدّثنا محمّد بن يحيى الذهلي، حدّثنا علي بن عبد الله، حدّثنا سفيان، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: لا أَعْلَمُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ غَيْرَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَهُوَ وَهِمٌ، إِنَّمَا رَوَى النَّاسُ عَنْ يَحْيَى فِي هذا الإسناد حديث الإفلاس.
حدّثنا أبو نعيم الحافظ، أَخْبَرَنِي محمد بن عبد الله الضبي في كتابه قال: سمعت
يحيى بن منصور القاضي يقول: سمعت خالي عبد الله بن علي بن الجارود يقول:
سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول: كنا عند أحمد بن حنبل فدخل محمد بن يحيى- يعني الذهلي- فقام إليه أحمد، وتعجب منه الناس، ثم قَالَ لبنيه وأصحابه:
اذهبوا إلى أبي عبد الله واكتبوا عنه .
حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق، حدّثنا دعلج بن أحمد، حدّثنا أبو محمّد بن الجارود، حَدَّثَنِي أبو عامر النسائي الحافظ قَالَ: سمعت محمد بن داود المصيصي يقول: كنا عند أحمد بن حنبل- وهم يذكرون الحديث، فذكر محمد بن يحيى النيسابوري حديثا فيه ضعف، فقال له أحمد بن حنبل: لا تذكر مثل هذا الحديث! فكأن محمد بن يحيى دخله خجلة، فقال له أحمد: إنما قلت هذا إجلالا يا أبا عبد الله .
وأنبأنا ابن رزق، حدّثنا دعلج، حَدَّثَنَا أبو محمد بن الجارود قَالَ: سمعت أبا عَبْد الرحمن مُحَمَّد بْن أحمد بن الجراح الجوزجاني يقول: دخلت على أحمد بن حنبل فقال لي: تريد البصرة؟ قلت: نعم! قَالَ: فإذا أتيتها فالزم محمد بن يحيى فليكن سماعك معه، فإني ما رأيت خراسانيا- أو قَالَ: ما رأيت أحدا- أعلم بحديث الزهري منه، ولا أصح كتابا منه .
أَخْبَرَنِي حَمْزَة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدَّقَّاق، وأحمد بن عبد الواحد الوكيل- قَالَ حمزة: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ أحمد: حَدَّثَنَا- علي بن عمر الحافظ قَالَ: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: سمعت إبراهيم بن هانئ يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: - وذكر حديثا من حديث الزهري- فقال: ما قدم علينا رجل أعلم بحديث الزهري من محمد بن يحيى. زاد أحمد قَالَ: قَالَ لنا علي بن عمر: قَالَ لنا أبو بكر النيسابوري:
وهو عندي إمام في الحديث .
أَخْبَرَنِي حمزة بن محمّد بن طاهر، حَدَّثَنَا علي بن عمر الحافظ قَالَ: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: سمعت محمد بن يحيى يقول: قال لي علي بن المدينيّ: أنت وارث الزّهريّ.
حدّثنا محمد بن علي المقرئ قَالَ: قرأنا على الْحُسَيْن بن هارون الضبي، عن أَبِي العباس بن سعيد قَالَ حَدَّثَنِي أحمد بن محمود بن مقاتل الهروي أبو الحسن قَالَ:
سمعت رجلا قَالَ لمحمد بن يحيى: جودت في الزّهريّ؟ فقال: وأي شيء لم أجود؟.
حَدَّثْتُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي قَالَ: سمعت أَبَا الْعَبَّاسِ الدَّغُولِيَّ يَقُولُ: سمعت صَالِحًا جَزَرَةَ يَقُولُ: لَمَّا خَرَجْتُ مِنَ الرَّيِّ قُلْتُ لِفَضْلِكَ: عَمَّنْ أَكْتُبْ بِنَيْسَابُورَ؟ قَالَ: إِذَا قَدِمْتَ نَيْسَابُورَ فَانْظُرْ إِلَى شَيْخٍ بَهِيٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ، حَسَنِ الثِّيَابِ، رَاكِبًا حِمَارًا، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَاكْتُبْ عَنْهُ، فَإِنَّهُ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ فَائِدَةً. قَالَ:
فَلَمَّا قَدِمْتُ نَيْسَابُورَ اسْتَقْبَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَعَرَفْتُهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ وَانْتَخَبْتُ عَلَيْهِ مَجْلِسًا، وَقرأتهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قُلْتُ لَهُ: أَفَادَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ الرَّازِيُّ حَدِيثًا عَنْكَ عِنْدَ الْوَدَاعِ لأَسْمَعَهُ مِنَ الشَّيْخِ. فَقَالَ: هَاتِ، فَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ سعيد بن عامر، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَبِيحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَذَا خالي فليرني امْرُؤٌ خَالَهُ» فقال محمد بن يحيى: من ينتخب مثل هذا الانتخاب ويقرأ مثل هذه القراءة يعلم أن سعيد بن عامر لا يحدث بمثل هذا الحديث؟ فقال صالح: نعم، حدثكم سعيد بن واصل .
قلت: قصد صالح امتحان محمد بن يحيى في هذا الحديث لينظر أيقبل التلقين أم لا، فوجده ضابطا لروايته، حافظا لأحاديثه، محترزا من الوهم، بصيرا بالعلم .
حدّثنا محمّد بن على الصّوريّ حدّثنا أحمد بن الحسن الرازي قَالَ: سمعت عبد الله بن عدي يقول: سمعت الحسين بن الحسن بن سفيان الفارسي ببخارى يقول:
سمعت عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي يقول: سألت أحمد بن حنبل: عن محمّد ابن يحيى، ومحمد بن رافع. فقال: محمد بن يحيى أحفظ، ومحمد بن رافع أورع .
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الضَّبِّيُّ قَالَ: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ- وسأله أبو عمر الأصبهاني: عن محمد بن يحيى، وعباس بن عبد العظيم العنبري أيهما أحفظ؟ - فقال أبو علي: عباس بن عبد العظيم
حافظ إلا أن محمد بن يحيى أجل، حدثوني عن فضلك الرازي أنه قَالَ: حَدَّثَنِي من لم يخطئ في حديث قط- محمد بن يحيى الذهلي النّيسابوريّ. وقال علي بن المدينيّ: كفى محمّد بن يحيى جمع حديث الزّهريّ .
حدّثنا هِبَةُ اللَّهِ بْن الْحَسَن بْن مَنْصُورٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ: سمعت العلاء بن محمد الروياني، ومحمد بن الحسين الرازي يقولان: سمعنا عبد الرحمن بن أبي حاتم يَقُول: سمعت أبي يقول: محمد بن يحيى الذهلي إمام أهل زمانه .
أخبرني محمّد بن أبي الحسن، حدّثنا عبيد الله بن القاسم الهمذاني بأطرابلس، حَدَّثَنَا أَبُو عيسى عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل العروضي بمصر، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ- إملاء- قَالَ: محمد بن يحيى بن عبد الله النّيسابوريّ ثقة مأمون .
حدّثنا محمد بن علي المقرئ قال: قرأنا على الحسين بن هارون، عن ابن سَعِيد قَالَ: سمعت عَبْد الرحمن بْن يُوسُف- يعني ابن حراش- يقول: كان محمد بن يحيى من أئمة العلم .
أخبرني الحسن بن محمّد الخلّال، حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدّثنا عبد الله بن سليمان، حَدَّثَنَا محمد بن يحيى النيسابوري- وكان أمير المؤمنين في الحديث.
حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق، حدّثنا دعلج بْن أَحْمَد قَالَ: سمعت أَحْمَد بْن محمّد الأزهرى يقول: لمحمّد بن يحيى ثماني عشرة رحلة إلى البصرة، وله رحلتان إلى اليمن .
حدّثنا هنّاد بن إبراهيم النسفي، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ- ببخارى-.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الشافعي قَالَ: سمعت الحسين بن الحسن بن سفيان- يعني النسوي- يقول: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: لو لم أبدأ
بالبصرة لم يفتني حسين الجعفي، وأبو أسامة، وشبابة، ولما دخلت البصرة استقبلتني جنازة يحيى بن سعيد القطان على باب البصرة .
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا محمد بن نعيم قَالَ: سمعت أبا علي محمد بن أحمد بن زيد المعدل يقول: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد بن يحيى يقول: دخلت على أبي في الصيف الصائف وقت القائلة، وهو في بيت كتبه وبين يديه السراج، وهو يصنف. فقلت: يا أبة، هذا وقت الصلاة، ودخان هذا السراج بالنهار، فلو نفست عن نفسك؟ فقال لي: يا بني تقول هذا وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصحابه، والتابعين؟ .
قال ابن نعيم: أَخْبَرَنِي أبو محمد بن زياد المعدّل حَدَّثَنَا أبو العباس الأزهري قَالَ:
سمعت خادمة محمّد بن يحيى- وهو يغسل على السرير- تقول: خدمت أبا عبد الله ثلاثين سنة، وكنت أضع له الماء، فما رأيت ساقه قط، وأنا ملك له.
حدّثنا هبة الله بن الحسن الطّبريّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن زياد النيسابوري، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحسن الشرقي الحافظ قَالَ:
سمعت أبا عمرو الخفاف- غير مرة- يقول: رأيت محمد بن يحيى الذهلي فِي النوم فقلت: يا أبا عَبْد اللَّه، ما فعل بك ربك؟ قَالَ: غفر لي. قلت: فما فعل علمك؟
قَالَ: كتب بماء الذهب، ورفع في عليين .
أنبأنا السّمسار حدّثنا الصفار حَدَّثَنَا ابن قانع: أن محمد بن يحيى النيسابوري مات في سنة اثنتين وخمسين ومائتين .
قَالَ ابن قانع: وقيل سنة ست وخمسين.
أخبرني الحسين بن علي الطناجيري، حَدَّثَنَا عُمَر بْن أَحْمَدَ الْوَاعِظ قَالَ: سمعت عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زياد النَّيْسَابُوريّ يقول: مات محمد بن يحيى النيسابوري سنة سبع وخمسين ومائتين .
قلت: وبلغني أن وفاته كانت في أحد الربيعين من السنة، وقد بلغ ستّا وثمانين سنة، وكل هذه الأقوال وهم.
والصواب: ما أَخْبَرَنَا هبه الله بن الحسن الطبري، عن محمد بن نعيم قَالَ: سمعت عبد الله بن أحمد الشيباني يقول: سمعت أبا حامد الشرقي يقول: مات محمد بن يحيى الذهلي سنة ثمان وخمسين ومائتين .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=71914&book=5525#2b7903
محمد بن يحيى بن عبد اللَّه بن ذؤيب، أبو عبد اللَّه الهذلي
قال محمد بن سهل: كنا عند أحمد بن حنبل، فدخل محمد بن يحيى، فقام إليه أحمد، وتعجب منه الناس، ثم قال لبنيه وأصحابه: اذهبوا إلى أبي عبد اللَّه واكتبوا عنه.
"تاريخ بغداد" 3/ 416، "تهذيب الكمال" 26/ 623، "سير أعلام النبلاء" 12/ 283، "بحر الدم" (944).
وقال محمد بن داود المصيصي: كنا عند أحمد بن حنبل وهم يتذاكرون، فذكر محمد بن يحيى النيسابوري حديثًا فيه ضعف، فقال له أحمد بن حنبل: لا تذكر مثل هذا، فكأن محمدًا دخلته خجلة.
فقال أحمد: إنما قلت هذا إجلالًا لك يا أبا عبد اللَّه.
"تاريخ بغداد" 3/ 416، "تهذيب الكمال" 26/ 623، "بحر الدم" (944).
وقال ابن هانئ: سمعت أحمد يقول: ما قدم علينا رجل أعلم بحديث الزهري من محمد بن يحيى.
"تاريخ بغداد" 3/ 417، "تهذيب الكمال" 26/ 623 - 624، "بحر الدم" (944).
قال محمد بن أحمد بن الجراح الجوزجاني: دخلت على أحمد بن حنبل؛ فقال لي: تريد البصرة؟ قلت: نعم.
قال: فإذا أتيتها فالزم محمد بن يحيى، فليكن سماعك منه، فإني ما رأيت خراسانيًا، أو قال: ما رأيت أحدًا أعلم بحديث الزهري منه، ولا أصح كتابًا منه.
"تاريخ بغداد" 3/ 417، "تهذيب الكمال" 26/ 623.
قال عبد اللَّه بن عبد الوهاب الخوارزمي: سألت أحمد بن حنبل عن محمد بن يحيى، ومحمد بن رافع؛ فقال: محمد بن يحيى أحفظ ومحمد ابن رافع أورع.
"تاريخ بغداد" 3/ 418، "تهذيب الكمال" 26/ 624.
وقال أبو عمرو أحمد بن المبارك: أتيت أحمد بن حنبل؛ فقال لي: من أين أنت؟
قلت: من نيسابور.
قال: محمد بن يحيى له مجلس؟
قلت: نعم.
قال: لو أن محمد بن يحيى عندنا لجعلناه إمامًا في الحديث.
"تهذيب الكمال" 26/ 623, "سير أعلام النبلاء" 12/ 280, "بحر الدم" (944)
قال أبو العباس محمد بن عبد الرحمن: سمعت محمد بن يحيى يقول: لما رحلت بأبي زكريا -يعني: ولده- إلى العراق صحبني جماعة من الغرباء، فسألوني أي حديث عند أحمد بن حنبل أغرب؟ فكنت أقول: إذا دخلت عليه سألته عن حديث يستفيدونه، قال: فلما دخلنا عليه سألته عن حديث يحيى بن سعيد عن عثمان بن غياث، عن عبد اللَّه
ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر حديث الإيمان (1) -وقد كنت سمعته منه قديمًا وذكرته عنه.
قال: فقال أحمد: يا أبا عبد اللَّه ليس هذا الحديث عندي عن يحيى بن سعيد. فخجلت وتشورت وسكت، فلما قمنا أخذ أصحابنا يقولون: إنه ذكر هذا الحديث غير مرة، ثم لم يعرفه أحمد، وأنا ساكت لا أجيبهم بشيء ما بقينا، ثم قدمنا بغداد فدخلنا على أحمد بن حنبل فرحب بنا وسأل عنا، ثم قال: أخبرني يا أبا عبد اللَّه أي حديث أستفدت عن مسدد من حديث يحيى بن سعيد؟ فقلت: حديث عثمان بن غياث عن عبد اللَّه بن بريدة في الإيمان.
فقال أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد عن عثمان بن غياث، ثم أخرج كتابه فأملى علينا.
فسكت محمد بن يحيى ولم يقل: إنا سألناك عن الحديث، وتعجب أصحابه من صبره عليه، فقال: فأخبر أحمد أنه كان سأله عن الحديث قبل خروجه إلى البصرة، فكان أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل إذا ذكره يقول: محمد بن يحيى العاقل.
"تهذيب الكمال" 26/ 624 - 625، "سير أعلام النبلاء" 12/ 278.
قال أيوب بن إسحاق بن سافري: قلت لأحمد بن حنبل: نكتُبُ عن محمد بن يحيى؟
قال: اكتبوا عنه، فإنه ثقة.
قلتُ ليحيى بن معين: نكتبُ عن محمد بن يحيى؟
قال: اكتبوا عنه؛ فإنه ثقة، مالَهُ يُريدُ أن يُحَدَّث.
"سير أعلام النبلاء" 12/ 283
قال الأثرم: وقال في النيسابوري -يعني محمد بن يحيى الذهلي: قدم على عبد الرزاق مرتين: إحداهما بعدما عمي.
"شرح علل الترمذي" 2/ 579
قال محمد بن سهل: كنا عند أحمد بن حنبل، فدخل محمد بن يحيى، فقام إليه أحمد، وتعجب منه الناس، ثم قال لبنيه وأصحابه: اذهبوا إلى أبي عبد اللَّه واكتبوا عنه.
"تاريخ بغداد" 3/ 416، "تهذيب الكمال" 26/ 623، "سير أعلام النبلاء" 12/ 283، "بحر الدم" (944).
وقال محمد بن داود المصيصي: كنا عند أحمد بن حنبل وهم يتذاكرون، فذكر محمد بن يحيى النيسابوري حديثًا فيه ضعف، فقال له أحمد بن حنبل: لا تذكر مثل هذا، فكأن محمدًا دخلته خجلة.
فقال أحمد: إنما قلت هذا إجلالًا لك يا أبا عبد اللَّه.
"تاريخ بغداد" 3/ 416، "تهذيب الكمال" 26/ 623، "بحر الدم" (944).
وقال ابن هانئ: سمعت أحمد يقول: ما قدم علينا رجل أعلم بحديث الزهري من محمد بن يحيى.
"تاريخ بغداد" 3/ 417، "تهذيب الكمال" 26/ 623 - 624، "بحر الدم" (944).
قال محمد بن أحمد بن الجراح الجوزجاني: دخلت على أحمد بن حنبل؛ فقال لي: تريد البصرة؟ قلت: نعم.
قال: فإذا أتيتها فالزم محمد بن يحيى، فليكن سماعك منه، فإني ما رأيت خراسانيًا، أو قال: ما رأيت أحدًا أعلم بحديث الزهري منه، ولا أصح كتابًا منه.
"تاريخ بغداد" 3/ 417، "تهذيب الكمال" 26/ 623.
قال عبد اللَّه بن عبد الوهاب الخوارزمي: سألت أحمد بن حنبل عن محمد بن يحيى، ومحمد بن رافع؛ فقال: محمد بن يحيى أحفظ ومحمد ابن رافع أورع.
"تاريخ بغداد" 3/ 418، "تهذيب الكمال" 26/ 624.
وقال أبو عمرو أحمد بن المبارك: أتيت أحمد بن حنبل؛ فقال لي: من أين أنت؟
قلت: من نيسابور.
قال: محمد بن يحيى له مجلس؟
قلت: نعم.
قال: لو أن محمد بن يحيى عندنا لجعلناه إمامًا في الحديث.
"تهذيب الكمال" 26/ 623, "سير أعلام النبلاء" 12/ 280, "بحر الدم" (944)
قال أبو العباس محمد بن عبد الرحمن: سمعت محمد بن يحيى يقول: لما رحلت بأبي زكريا -يعني: ولده- إلى العراق صحبني جماعة من الغرباء، فسألوني أي حديث عند أحمد بن حنبل أغرب؟ فكنت أقول: إذا دخلت عليه سألته عن حديث يستفيدونه، قال: فلما دخلنا عليه سألته عن حديث يحيى بن سعيد عن عثمان بن غياث، عن عبد اللَّه
ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر حديث الإيمان (1) -وقد كنت سمعته منه قديمًا وذكرته عنه.
قال: فقال أحمد: يا أبا عبد اللَّه ليس هذا الحديث عندي عن يحيى بن سعيد. فخجلت وتشورت وسكت، فلما قمنا أخذ أصحابنا يقولون: إنه ذكر هذا الحديث غير مرة، ثم لم يعرفه أحمد، وأنا ساكت لا أجيبهم بشيء ما بقينا، ثم قدمنا بغداد فدخلنا على أحمد بن حنبل فرحب بنا وسأل عنا، ثم قال: أخبرني يا أبا عبد اللَّه أي حديث أستفدت عن مسدد من حديث يحيى بن سعيد؟ فقلت: حديث عثمان بن غياث عن عبد اللَّه بن بريدة في الإيمان.
فقال أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد عن عثمان بن غياث، ثم أخرج كتابه فأملى علينا.
فسكت محمد بن يحيى ولم يقل: إنا سألناك عن الحديث، وتعجب أصحابه من صبره عليه، فقال: فأخبر أحمد أنه كان سأله عن الحديث قبل خروجه إلى البصرة، فكان أبو عبد اللَّه أحمد بن حنبل إذا ذكره يقول: محمد بن يحيى العاقل.
"تهذيب الكمال" 26/ 624 - 625، "سير أعلام النبلاء" 12/ 278.
قال أيوب بن إسحاق بن سافري: قلت لأحمد بن حنبل: نكتُبُ عن محمد بن يحيى؟
قال: اكتبوا عنه، فإنه ثقة.
قلتُ ليحيى بن معين: نكتبُ عن محمد بن يحيى؟
قال: اكتبوا عنه؛ فإنه ثقة، مالَهُ يُريدُ أن يُحَدَّث.
"سير أعلام النبلاء" 12/ 283
قال الأثرم: وقال في النيسابوري -يعني محمد بن يحيى الذهلي: قدم على عبد الرزاق مرتين: إحداهما بعدما عمي.
"شرح علل الترمذي" 2/ 579
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=139812&book=5525#bdc11a
مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خَالِد بن فَارس بن ذُؤَيْب أَبُو عبد الله الذهلي النَّيْسَابُورِي أخرج البُخَارِيّ فِي الصَّوْم والطب والجنائز وَغير مَوضِع فَمرَّة يَقُول حَدثنَا مُحَمَّد لَا يزِيد عَلَيْهِ وَمرَّة يَقُول حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله فينسبه إِلَى جده وَمرَّة يَقُول حَدثنَا مُحَمَّد بن خَالِد فينسبه إِلَى جد أَبِيه وَلم يقل فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى الذهلي روى عَنهُ عَن مُحَمَّد بن مُوسَى بن أعين وَمُحَمّد بن وهب وَعَمْرو بن أبي سَلمَة وَعبد الرَّزَّاق وَغَيرهم توفّي بعد البُخَارِيّ قَالَ عبد الرَّحْمَن سُئِلَ أبي عَنهُ فَقَالَ ثِقَة وَقَالَ أَبُو زرْعَة هُوَ إِمَام من أيمة الْمُسلمين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=130307&book=5525#db315f
محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان، أبو عبد الله الضرير، مولى أبي جعفر المنصور، ويعرف بأبي العيناء :
أصله من اليمامة، ومولده بالأهواز، ومنشؤه بالبصرة، وبها كتب الحديث وطلب الأدب، وسمع من أبي عبيدة معمر بن المثنى، وأبي سعيد الأصمعي، وأبي عاصم النبيل، وأبي زيد الأنصاري ومحمد بن عبيد الله العتبي، وغيرهم. وكان من أحفظ الناس وأفصحهم لسانا، وأسرعهم جوابا، وأحضرهم نادرة. وقيل: إن بصره كف وقد بلغ أربعين سنة وانتقل من البصرة إلى بغداد، فسكنها وكتب عنه أهلها. وروى عنه أحمد بن محمد بن عيسى المكي، وأبو عبد الله الحكيمي، ومحمد بن يحيى الصولي، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الأدمي القارئ، وأحمد بن كامل القاضي، وغيرهم، ولم يسند من الحديث إلا القليل، والغالب على روايته الأخبار والحكايات.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب القمي حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني أخبرني علي بن يحيى أَخْبَرَنِي عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر عن أبيه عن محمد بن صالح بن النطاح مولى بني هاشم قَالَ: حَدَّثَنِي أبي. قَالَ: طلب المنصور رجالا ليكونوا بوابين له. فقيل إنه لا يضبط هذا إلا قوم لئام الأصول، أنذال النفوس، صلاب الوجوه، ولا تجدهم إلا في رقيق اليمامة. فكتب إلى السري بن عبد الله الهاشمي، وكان واليه
على اليمامة، فاشترى له مائتي غلام من اليمامة، فاختار بعضهم فصيرهم بوابين، وبقى الباقون فكان ممن بقى خلاد جد أبي العيناء، وحسان جد إبراهيم بن عطاء، وجد أحمد بن الحارث الخزّاز رواية المدائني.
أَخْبَرَنِي أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب حدّثني جدي محمّد بن عبيد الله ابن قرنجل حدّثنا محمّد بن يحيى حَدَّثَنَا محمد بن القاسم بن خلاد أبو العيناء.
قَالَ: دعا المنصور جدي خلادا وكان مولاه فقال له: أريدك لأمر قد همني، وقد اخترتك له، وأنت عندي كما قَالَ أبو ذؤيب الهذلي:
ألكنى إليها وخير الرسول ... أعلمهم بنواحي الخبر
فقال: أرجو أن أبلغ رضى أمير المؤمنين، فقال: صر إلى المدينة على أنك من شيعة عبد الله بن حسن، وابذل له الأموال واكتب إلى بأنفاسه وأخبار ولده فأرضاه. ثم علم عبد الله بن حسن أنه أتى من قبله، فدعا عليه وعلى نسله بالعمى. قَالَ: فنحن نتوارث ذاك إلى الساعة.
أنبأنا الحسن بن أبي بكر حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نجيح حدّثنا محمّد ابن القاسم النّحويّ أبو عبد الله حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ أَبِي الْهِنْدِيِّ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِرٍ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ آتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي» فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَحَجَبْتُهُ مَرَّتَيْنِ، فَجَاءَ فِي الثَّالِثَةِ فَأَذِنْتُ لَهُ. فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ مَا حَبَسَكَ؟» قَالَ: هَذِهِ ثَلاثُ مَرَّاتٍ قَدْ جِئْتُهَا فَحَجَبَنِي أَنَسٌ. قَالَ: «لِمَ يَا أَنَسُ؟» قَالَ: سَمِعْتُ دَعْوَتَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ رَجُلا مِنْ قَوْمِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلُ يُحِبُّ قَوْمَهُ»
. غَرِيبٌ بِإِسْنَادِهِ لَمْ نَكْتُبْهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعَيْنَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو الْهِنْدِيِّ مَجْهُولٌ وَاسْمُهُ لا يعرف.
أنبأنا أبو بكر محمد بن المؤمل المالكي قَالَ: قَالَ لنا أَبُو الحسن الدارقطني: أَبُو العيناء ليس بقوي في الحديث.
حدّثنا علي بن الحسين صاحب العبّاسي أنبأنا أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بن الْحُسَيْن بن عَلِيّ بن الْعَبَّاس بن إِسْمَاعِيل بن أَبِي سهل بن نوبخت، ويعرف بالنوبختي حدّثنا أبو
الحسين محمد بن سليمان الجوهري البصري المعروف بجوذاب. قَالَ: قدم أبو العيناء واسمه محمد بن القاسم بن خلاد أبو عبد الله اليمامي- بالبصرة في سنة ثمانين ومائة فنزل دار الحريثي في سكة ابن سمرة، فكنا نصير إليه نجالسه ونسمع كلامه، ونكتب ما يجرى في المجلس من أخباره: فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الله كيف كنيت أبا العيناء؟ قَالَ قلت لأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري يا أبا زيد كيف تصغر عينا؟ فقال عيينا يا أبا العيناء فلحقت بي منذ ذاك.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ الْبَزَّازُ وَأَبُو الفرج أحمد بن عمر المعدل وأبو العلاء محمد بن الحسن الورّاق قالوا أنبأنا أحمد بن كامل القاضي نبأنا أبو العيناء محمد بن القاسم. قَالَ: أتيت عَبْد الله بْن داود الخريبي فقال: ما جاء بك؟ قلت:
الحديث، قَالَ اذهب فتحفظ القرآن. قَالَ قلت: قد حفظت القرآن قَالَ اقرأ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ
[يونس 71] فقال: فقرأت العشر حتى أنفدته، قَالَ فقال لي:
اذهب الآن فتعلم الفرائض، قَالَ قلت قد تعلمت الصلب والجد والكبر قَالَ فأيما أقرب إليك؟ ابن أخيك أو ابن عمك؟ قَالَ قلت ابن أَخِي. قَالَ: ولم؟ قال قلت لأن أَخِي من أبي وعمى من جدي. قَالَ اذهب الآن فتعلم العربية، قَالَ قلت علمتها قبل هذين. قَالَ فلم قَالَ عمر بن الخطاب- يعني حين طعن- يالَ الله يالَ المسلمين، لم فتح تلك وكسر هذه؟ قَالَ قلت: فتح تلك اللام على الدعاء وكسر هذه على الاستغاثة والاستنصار قَالَ فقال: لو حدثت أحدا حدثتك. واللفظ لأبي الفرج.
أَخْبَرَنِي الحسين بن علي الصيمري حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى الكاتب حَدَّثَنِي علي بن محمد الوراق قَالَ حَدَّثَنِي علي بن سليمان الأخفش قَالَ سمعت أبا العيناء يقول: كنت في أيام الواثق مقيما بالبصرة فكنت يوما في الوراقين بها إذ رأيت مناديا مغفلا في يده مصحف مخلق الأداة، فقلت له: ناد عليه بالبراءة مما فيه- وأنا أعنى به أداته- فأقبل المنادي ينادى بذلك فاجتمع أهل السوق والمارة على المنادي وقالوا له:
يا عدو الله تنادي على مصحف بالبراءة مما فيه؟ قَالَ: وأوقعوا به، فقال لهم: ذلك الرجل القاعد أمرني بذلك قال فتركوا المنادي وأقبلوا إلى وتجمعوا عليَّ ورفعوني إلى الوالي وعملوا على محضرا وكتب في أمري إلى السلطان، فأمر بحملي فحملت مستوثقا مني، قَالَ واتصل خبري بأبي عبد الله بن أبي دؤاد، فتكفل بأمري والفحص
عما قرفت به، وأخذني إليه، ففك وثاقي، قال: وتجمعت العامة وبالغوا في التشنيع علي ومتابعة رفع القصص في أمري، فقلت لابن أبي دؤاد. قد كثر تجمع هؤلاء الهمج عليّ وهم كثير، فقال: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ
[البقرة 249] .
فقلت: قد بالغوا في التشنيع عليّ، فقال: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ
[فاطر 43] . قلت: فإني على غاية الخوف من كيدهم، ولن يخرج أمري عن يدك فقال: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا
[التوبة 40] . فقلت: القاضي- أعزه الله- كما قَالَ الصموت الكلابيّ:
لله درّك- أيّ جنّة خائف ... ومتاع دنيا- أنت للحدثان
متخمّط يطأ الرّجال بنعله ... وطء الفنيق دوارج القردان
ويكبهم حتى كأن رءوسهم ... مأمومة تنحط للغربان
ويفرج الباب الشديد رتاجه ... حتى يصير كأنه بابان
قال: يا غلام الدواة والقرطاس، اكتب هذه الأبيات عن أبي عبد الله. قَالَ: فكتبت له، ولم يزل يتلطف في أمري حتى خلصني.
حدّثنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حَدَّثَنَا الحسين بن القاسم الكوكبي قَالَ: قَالَ أبو العيناء قَالَ لي ابن أبي دؤاد: ما أشد ما أصابك في ذهاب بصرك؟ قلت: خلتان، يبدؤني قومي بالسلام، وكنت أحب أن ابتدئهم، وإني ربما حدثت المعرض عني وكنت أحب أن أعرف ذاك فأقطع عنه حديثي. قَالَ: أما من ابتدأك بالسلام فقد كافأته بحسن النية، وأما من أعرض عن حديثك فما أكسب نفسه من سوء الأدب أكثر مما وصل إليك من سوء اجتماعه.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب بن محمّد بن عمران المرزباني أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو العيناء قَالَ قَالَ لي المتوكل: قد أردتك لمجالستي. فقلت: لا أطيق ذاك، وما أقول جهلا بمالي في هذا المجلس من الشرف، ولكني رجل محجوب، والمحجوب تختلف إشارته ويخفى عليه إيماؤه، ويجوز علي أن أتكلم بكلام غضبان ووجهك راض، وبكلام راض ووجهك غضبان، ومتى لم أميز هذين هلكت. فقال: صدقت ولكن تلزمنا فقلت: لزوم الفرض الواجب. فوصلني بعشرة آلاف درهم.
قَالَ ورُوِيَ أَنَّ المتوكل قَالَ: أشتهي أن أنادم أبا العيناء لولا أنه ضرير. فقال أبو العيناء: إن أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الأهلة، ونقش الخواتيم، فإني أصلح.
حدّثنا علي بن الحسين صاحب العبّاسي حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حدثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ أنشدنا أحمد بن أبي طاهر لنفسه في أبي العيناء محمد بن القاسم:
كنا نخاف من الزّما ... ن عليك إذ عمى البصر
لم ندر أنك بالعمى ... تغنى ويفتقر البشر
أنبأنا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطّبريّ حدّثنا المعافي بن زكريا الجريري حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباريّ حدّثني محمّد بن المرزباني قَالَ قَالَ لي أبو العيناء الضرير: مدحني أبو العالية:
كتبت لابن قاسم مأثرات ... فهو للخير صاحب وقرين
أحول العين والمودة زين ... لا احولال بها ولا تلوين
ليس للمرء شائنا حول الع ... ين إذا كان فعله لا يشين
قال أبو بكر قال لي محمّد بن المرزباني فقلت لأبي العيناء: يا أبا عبد الله وكنت قبل أن يذهب بصرك أحول؟ من حول إلى عمى؟ من سقم إلى بلا؟ فقال لي: ما صعد إلى السماء اليوم أشنع من هذا. ابن المرزباني يتنادر على أبي العيناء!.
أخبرني الصيمري حدّثنا محمّد بن عمران الكاتب حدّثني محمّد بن أبي الأزهر حَدَّثَنِي أبو العيناء محمد بن القاسم. قَالَ: كان لي صديق فجاءني يوما فقال لي أريد الخروج إلى فلان العامل وأحببت أن يكون معي إليه وسيلة وقد سألت من صديقة؟
فقيل لي أبو عثمان الجاحظ- وهو صديقك- فأحب أن تأخذ لي كتابه إليه بالعناية، قَالَ فصرت إلى الجاحظ فقال لي: في شيء جاء أبو عبد الله؟ فقلت: مسلما وقاضيا للحق وفي حاجة لبعض أصدقائي وهي كذا وكذا، فقال: لا تشغلنا الساعة عن المحادثة وتعرف أخبارنا، إذا كان في غد وجهت إليك بهذا الكتاب، فلما كان الغد وجه إليّ بالكتاب، فقلت لابني وجه بهذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته، فقال لي: إن أبا عثمان بعيد الغور فينبغي أن نفضه وننظر ما فيه، ففعل فإذا فيه: كتابي إليك مع من لا أعرفه، فقد كلمني فيه من لا أوجب حقه، فإن قضيت حاجته لم أحمدك، وإن رددته لم أذمك. فلما قرأت الكتاب مضيت إلى الجاحظ من فورى، فقال: يا أبا عبد الله قد علمت أنك أنكرت ما في الكتاب؟ فقلت: أو ليس موضع نكرة؟ فقال: لا هذه علامة بيني وبين الرجل فيمن اعتنى به. فقلت: لا إله إلا الله، ما
رأيت أحدا أعلم بطبعك ولا بما جبلت عليه من هذا الرجل، علمت أنه لما قرأ الكتاب قَالَ: أم الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف، وأم من يسأله حاجة. فقلت: يا هذا تشتم صديقنا؟ فقال: هذه علامتي فيمن أشكره.
وأخبرني الصيمري حدّثنا محمّد بن عمران حدّثني عبد الواحد بن محمّد الخصيبي حَدَّثَنِي أبو يوسف عبد الرحمن بن محمد الكاتب قَالَ: كان الجاحظ يتقلد في خلافة إبراهيم بن العباس على ديوان الرسائل، فلما جاء إلى الديوان جاءه أبو العيناء، فلما أراد أن يخرج من عنده تقدم إلى من يحجبه أن لا يدعه يخرج ولا يدعه يرجع إليه إن أراد الرجوع، فنادى أبو العيناء بأعلى صوته: يا أبا عثمان قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك.
أَخْبَرَنِي أبو بكر البرقاني حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي. قَالَ: كتب أبو العيناء إلى صديق له ولي ولاية: أما بعد، فإني لا أعظك بموعظة الله لأنك عنها غنى، ولا أخوفك إياه لأنك أعلم به مني، ولكني أقول كما قَالَ الأول:
أحار ابن بدر قد وليت ولاية ... فكن جرذا منها تخون وتسرق
وكاثر تميما بالغنى إنما الغنى ... لسان به المرء الهيوبة ينطق
واعلم أن الخيانة فطنة، والأمانة حرفة، والجمع كيس، والمنع صرامة، وليس كل يوم ولاية، فاذكر أيام العطلة، ولا تحقرن صغيرا، فإن من الدور إلى الدور، وإبلاء الولاية رقدة فتنبه قبل أن تنبه، وأخو السلطان أعمى عن قليل سوف يبصر، وما هذه الوصية التي أوصى بها يعقوب بنيه، ولكن رأيت الحزم في أخذ العاجل، وترك الآجل.
أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الخاركي البصري قَالَ سمعت أبا عبد الله محمد بن القاسم المعروف بأبي العيناء يعزى جدي أبا بكر ابن أبي عدي على زوجته فاطمة بنت الحسن بن عمران بن ميسرة فقال: إذا كان سيدنا- أدام الله عزه- البقية، ودفعت عنه الرزية، كانت التعزية تهنئة، والمصيبة نعمة. ثم جلس وأنشد:
نحن ومن في الأرض نفديكا ... لا زلت تبقى ونعزيكا
أنبأنا الحسن بن علي الجوهريّ، أنبأنا محمّد بن عمران المرزباني، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن
محمد بن عيسى المكي قَالَ: أنشدنا محمد بن القاسم أبو العيناء:
لعمرك ما حق امرئ لا يعد لي ... على نفسه حقا على بواجب
وما أنا للنّائي علىّ بودّه ... بودي وصافى خلتي بمقارب
ولكنه إن مال يوما بجانب ... من الصد والهجران ملت بجانبي
أخبرني الصّيمريّ حدّثنا محمّد بن عمران حَدَّثَنِي علي بن محمد الوراق. قَالَ قَالَ ابن وثاب لأبي العيناء: أنا والله أحبك بكليتي. فقال: إلا عضوا واحدا؟ فبلغ ذلك ابن أبي دؤاد فقال: لقد وفق في التحديد عليه.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب حدّثنا المرزباني حدّثني محمّد بن أحمد الكاتب أنبأنا أبو العيناء. قَالَ قَالَ لي المنتصر يوما: ما أحسن الجواب؟ فقلت: ما أسكت المبطل، وحير المحق. فقال: أحسنت والله.
حدّثنا أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الوكيل. قالا: أنبأنا محمّد بن جعفر التميميّ أنبأنا أبو بكر الصولي عن أبي العيناء. قَالَ: كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها، أني مررت بسوق النخاسين يوما، فرأيت غلاما ينادى عليه- وقد بلغ ثلاثين دينارا- وهو يساوي ثلاثمائة دينار فاشتريته وكنت أبني دارا، فدفعت إليه عشرين دينارا على أن ينفقها على الصناع، فجاءني بعد أيام يسيرة فقال: قد نفدت النفقة. فقلت: هات حسابك، فرفع حسابا بعشرة دنانير. قلت: فأين الباقي؟
قَالَ اشتريت به ثوبا مصمتا وقطعته، قلت ومن أمرك؟ قال يا مولاي لا تعجل، فإن أهل المروءات والأقدار لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلا يعود بالدين على مواليهم، فقلت في نفسي: أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم. قَالَ: وكانت في نفسي امرأة أردت أن أتزوجها سرا من ابنة عمي، فقلت له يوما: أفيك خير؟ قَالَ: أي لعمري. فأطلعته على الخبر فقال: أنا نعم العون لك. فتزوجت المرأة ودفعت إليه دينارا فقلت له: اشتر لنا كذا وكذا ويكون فيما تشتريه سمك هازبي . فمضى ورجع وقد اشترى ما أردت، إلا أنه اشترى سمكا مارماهي، فغاظني فقلت له: أليس أمرتك أن تشتري هازبي، قَالَ: بلى ولكني رأيت بقراط يقول: إن الهازبي يولد السوداء، ويصف المارماهى ويقول إنه أقل غائلة. فقلت له: يا ابن الفاعلة أنا لم أعلم أني اشتريت جالينوس، وقمت إليه فضربته عشر مقارع، فلما فرغت من ضربه
أخذني وأخذ المقرعة فضربني سبع مقارع. وَقَالَ: يا مولاي الأدب ثلاث، والسبع فضل وذلك قصاص، فضربتك هذه السبع المقارع خوفا عليك من القصاص يوم القيامة. قَالَ فغاظني جدا فرميته فشججته، فمضى من وقته إلى ابنة عمي فقال لها: يا مولاتي إن الدين النصيحة، وقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غشنا فليس منا»
وأنا أعلمك يا مولاتي أن مولاي قد تزوج واستكتمني، فلما قلت له لا بد من تعريف مولاتي الخبر ضربني بالمقارع وشجني، فمنعتنى بنت عمي من دخول الدار، وحالت بيني وبين ما فيها ووقعنا في تخليط، فلم أر الأمر يصلح إلا بأن طلقت المرأة التي تزوجتها، وصلح أمري مع ابنة عمى، وسمت الغلام الناصح، فلم يكن يتهيأ لي أن أكلمه. فقلت:
أعتقه وأستريح فلعله أن يمضي عني إلى النار، فلما أعتقته لزمني وَقَالَ: الآن وجب حقك علي، ثم إنه أراد الحج فجهزته وزودته وخرج، فغاب عني عشرين يوما ورجع. فقلت له: لم رجعت؟ قَالَ قطع الطريق وفكرت فإذا الله تعالى يقول: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
. فكنت غير مستطيع، وفكرت فإذا حقك أوجب فرجعت. ثم أراد الغزو فجهزته أيضا لذلك وشخص. فلما غاب عني بعت كل ما أملكه بالبصرة من عقار وغيره، وخرجت عنها خوفا من أن يرجع.
قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أَحْمَد بْن كامل الْقَاضِي. قَالَ: مات أَبُو عبد الله بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان المعروف بأبي العيناء في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وحمل في تابوت إلى البصرة. وكان مولده بالأهواز في سنة إحدى وتسعين ومائة ومنشؤه بالبصرة، وولاؤه للمنصور، وكان ضريرا يخضب بالحمرة خضابا ليس بالمشبع، وكان فصيحا سريع الجواب.
قرأت بخط أبي الحسن الدارقطني: مات أبو العيناء الضرير سنة اثنتين وثمانين ومائتين وكان خرج من بغداد يريد البصرة في سفينة فيها ثمانون نفسا، فغرقت فما سلم منها غيره، فلما صار إلى البصرة مات!!
أصله من اليمامة، ومولده بالأهواز، ومنشؤه بالبصرة، وبها كتب الحديث وطلب الأدب، وسمع من أبي عبيدة معمر بن المثنى، وأبي سعيد الأصمعي، وأبي عاصم النبيل، وأبي زيد الأنصاري ومحمد بن عبيد الله العتبي، وغيرهم. وكان من أحفظ الناس وأفصحهم لسانا، وأسرعهم جوابا، وأحضرهم نادرة. وقيل: إن بصره كف وقد بلغ أربعين سنة وانتقل من البصرة إلى بغداد، فسكنها وكتب عنه أهلها. وروى عنه أحمد بن محمد بن عيسى المكي، وأبو عبد الله الحكيمي، ومحمد بن يحيى الصولي، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الأدمي القارئ، وأحمد بن كامل القاضي، وغيرهم، ولم يسند من الحديث إلا القليل، والغالب على روايته الأخبار والحكايات.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب القمي حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني أخبرني علي بن يحيى أَخْبَرَنِي عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر عن أبيه عن محمد بن صالح بن النطاح مولى بني هاشم قَالَ: حَدَّثَنِي أبي. قَالَ: طلب المنصور رجالا ليكونوا بوابين له. فقيل إنه لا يضبط هذا إلا قوم لئام الأصول، أنذال النفوس، صلاب الوجوه، ولا تجدهم إلا في رقيق اليمامة. فكتب إلى السري بن عبد الله الهاشمي، وكان واليه
على اليمامة، فاشترى له مائتي غلام من اليمامة، فاختار بعضهم فصيرهم بوابين، وبقى الباقون فكان ممن بقى خلاد جد أبي العيناء، وحسان جد إبراهيم بن عطاء، وجد أحمد بن الحارث الخزّاز رواية المدائني.
أَخْبَرَنِي أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب حدّثني جدي محمّد بن عبيد الله ابن قرنجل حدّثنا محمّد بن يحيى حَدَّثَنَا محمد بن القاسم بن خلاد أبو العيناء.
قَالَ: دعا المنصور جدي خلادا وكان مولاه فقال له: أريدك لأمر قد همني، وقد اخترتك له، وأنت عندي كما قَالَ أبو ذؤيب الهذلي:
ألكنى إليها وخير الرسول ... أعلمهم بنواحي الخبر
فقال: أرجو أن أبلغ رضى أمير المؤمنين، فقال: صر إلى المدينة على أنك من شيعة عبد الله بن حسن، وابذل له الأموال واكتب إلى بأنفاسه وأخبار ولده فأرضاه. ثم علم عبد الله بن حسن أنه أتى من قبله، فدعا عليه وعلى نسله بالعمى. قَالَ: فنحن نتوارث ذاك إلى الساعة.
أنبأنا الحسن بن أبي بكر حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نجيح حدّثنا محمّد ابن القاسم النّحويّ أبو عبد الله حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ أَبِي الْهِنْدِيِّ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِرٍ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ آتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي» فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَحَجَبْتُهُ مَرَّتَيْنِ، فَجَاءَ فِي الثَّالِثَةِ فَأَذِنْتُ لَهُ. فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ مَا حَبَسَكَ؟» قَالَ: هَذِهِ ثَلاثُ مَرَّاتٍ قَدْ جِئْتُهَا فَحَجَبَنِي أَنَسٌ. قَالَ: «لِمَ يَا أَنَسُ؟» قَالَ: سَمِعْتُ دَعْوَتَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ رَجُلا مِنْ قَوْمِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلُ يُحِبُّ قَوْمَهُ»
. غَرِيبٌ بِإِسْنَادِهِ لَمْ نَكْتُبْهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعَيْنَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو الْهِنْدِيِّ مَجْهُولٌ وَاسْمُهُ لا يعرف.
أنبأنا أبو بكر محمد بن المؤمل المالكي قَالَ: قَالَ لنا أَبُو الحسن الدارقطني: أَبُو العيناء ليس بقوي في الحديث.
حدّثنا علي بن الحسين صاحب العبّاسي أنبأنا أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بن الْحُسَيْن بن عَلِيّ بن الْعَبَّاس بن إِسْمَاعِيل بن أَبِي سهل بن نوبخت، ويعرف بالنوبختي حدّثنا أبو
الحسين محمد بن سليمان الجوهري البصري المعروف بجوذاب. قَالَ: قدم أبو العيناء واسمه محمد بن القاسم بن خلاد أبو عبد الله اليمامي- بالبصرة في سنة ثمانين ومائة فنزل دار الحريثي في سكة ابن سمرة، فكنا نصير إليه نجالسه ونسمع كلامه، ونكتب ما يجرى في المجلس من أخباره: فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الله كيف كنيت أبا العيناء؟ قَالَ قلت لأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري يا أبا زيد كيف تصغر عينا؟ فقال عيينا يا أبا العيناء فلحقت بي منذ ذاك.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ الْبَزَّازُ وَأَبُو الفرج أحمد بن عمر المعدل وأبو العلاء محمد بن الحسن الورّاق قالوا أنبأنا أحمد بن كامل القاضي نبأنا أبو العيناء محمد بن القاسم. قَالَ: أتيت عَبْد الله بْن داود الخريبي فقال: ما جاء بك؟ قلت:
الحديث، قَالَ اذهب فتحفظ القرآن. قَالَ قلت: قد حفظت القرآن قَالَ اقرأ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ
[يونس 71] فقال: فقرأت العشر حتى أنفدته، قَالَ فقال لي:
اذهب الآن فتعلم الفرائض، قَالَ قلت قد تعلمت الصلب والجد والكبر قَالَ فأيما أقرب إليك؟ ابن أخيك أو ابن عمك؟ قَالَ قلت ابن أَخِي. قَالَ: ولم؟ قال قلت لأن أَخِي من أبي وعمى من جدي. قَالَ اذهب الآن فتعلم العربية، قَالَ قلت علمتها قبل هذين. قَالَ فلم قَالَ عمر بن الخطاب- يعني حين طعن- يالَ الله يالَ المسلمين، لم فتح تلك وكسر هذه؟ قَالَ قلت: فتح تلك اللام على الدعاء وكسر هذه على الاستغاثة والاستنصار قَالَ فقال: لو حدثت أحدا حدثتك. واللفظ لأبي الفرج.
أَخْبَرَنِي الحسين بن علي الصيمري حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران بْن موسى الكاتب حَدَّثَنِي علي بن محمد الوراق قَالَ حَدَّثَنِي علي بن سليمان الأخفش قَالَ سمعت أبا العيناء يقول: كنت في أيام الواثق مقيما بالبصرة فكنت يوما في الوراقين بها إذ رأيت مناديا مغفلا في يده مصحف مخلق الأداة، فقلت له: ناد عليه بالبراءة مما فيه- وأنا أعنى به أداته- فأقبل المنادي ينادى بذلك فاجتمع أهل السوق والمارة على المنادي وقالوا له:
يا عدو الله تنادي على مصحف بالبراءة مما فيه؟ قَالَ: وأوقعوا به، فقال لهم: ذلك الرجل القاعد أمرني بذلك قال فتركوا المنادي وأقبلوا إلى وتجمعوا عليَّ ورفعوني إلى الوالي وعملوا على محضرا وكتب في أمري إلى السلطان، فأمر بحملي فحملت مستوثقا مني، قَالَ واتصل خبري بأبي عبد الله بن أبي دؤاد، فتكفل بأمري والفحص
عما قرفت به، وأخذني إليه، ففك وثاقي، قال: وتجمعت العامة وبالغوا في التشنيع علي ومتابعة رفع القصص في أمري، فقلت لابن أبي دؤاد. قد كثر تجمع هؤلاء الهمج عليّ وهم كثير، فقال: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ
[البقرة 249] .
فقلت: قد بالغوا في التشنيع عليّ، فقال: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ
[فاطر 43] . قلت: فإني على غاية الخوف من كيدهم، ولن يخرج أمري عن يدك فقال: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا
[التوبة 40] . فقلت: القاضي- أعزه الله- كما قَالَ الصموت الكلابيّ:
لله درّك- أيّ جنّة خائف ... ومتاع دنيا- أنت للحدثان
متخمّط يطأ الرّجال بنعله ... وطء الفنيق دوارج القردان
ويكبهم حتى كأن رءوسهم ... مأمومة تنحط للغربان
ويفرج الباب الشديد رتاجه ... حتى يصير كأنه بابان
قال: يا غلام الدواة والقرطاس، اكتب هذه الأبيات عن أبي عبد الله. قَالَ: فكتبت له، ولم يزل يتلطف في أمري حتى خلصني.
حدّثنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حَدَّثَنَا الحسين بن القاسم الكوكبي قَالَ: قَالَ أبو العيناء قَالَ لي ابن أبي دؤاد: ما أشد ما أصابك في ذهاب بصرك؟ قلت: خلتان، يبدؤني قومي بالسلام، وكنت أحب أن ابتدئهم، وإني ربما حدثت المعرض عني وكنت أحب أن أعرف ذاك فأقطع عنه حديثي. قَالَ: أما من ابتدأك بالسلام فقد كافأته بحسن النية، وأما من أعرض عن حديثك فما أكسب نفسه من سوء الأدب أكثر مما وصل إليك من سوء اجتماعه.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب بن محمّد بن عمران المرزباني أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو العيناء قَالَ قَالَ لي المتوكل: قد أردتك لمجالستي. فقلت: لا أطيق ذاك، وما أقول جهلا بمالي في هذا المجلس من الشرف، ولكني رجل محجوب، والمحجوب تختلف إشارته ويخفى عليه إيماؤه، ويجوز علي أن أتكلم بكلام غضبان ووجهك راض، وبكلام راض ووجهك غضبان، ومتى لم أميز هذين هلكت. فقال: صدقت ولكن تلزمنا فقلت: لزوم الفرض الواجب. فوصلني بعشرة آلاف درهم.
قَالَ ورُوِيَ أَنَّ المتوكل قَالَ: أشتهي أن أنادم أبا العيناء لولا أنه ضرير. فقال أبو العيناء: إن أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الأهلة، ونقش الخواتيم، فإني أصلح.
حدّثنا علي بن الحسين صاحب العبّاسي حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حدثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ أنشدنا أحمد بن أبي طاهر لنفسه في أبي العيناء محمد بن القاسم:
كنا نخاف من الزّما ... ن عليك إذ عمى البصر
لم ندر أنك بالعمى ... تغنى ويفتقر البشر
أنبأنا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطّبريّ حدّثنا المعافي بن زكريا الجريري حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباريّ حدّثني محمّد بن المرزباني قَالَ قَالَ لي أبو العيناء الضرير: مدحني أبو العالية:
كتبت لابن قاسم مأثرات ... فهو للخير صاحب وقرين
أحول العين والمودة زين ... لا احولال بها ولا تلوين
ليس للمرء شائنا حول الع ... ين إذا كان فعله لا يشين
قال أبو بكر قال لي محمّد بن المرزباني فقلت لأبي العيناء: يا أبا عبد الله وكنت قبل أن يذهب بصرك أحول؟ من حول إلى عمى؟ من سقم إلى بلا؟ فقال لي: ما صعد إلى السماء اليوم أشنع من هذا. ابن المرزباني يتنادر على أبي العيناء!.
أخبرني الصيمري حدّثنا محمّد بن عمران الكاتب حدّثني محمّد بن أبي الأزهر حَدَّثَنِي أبو العيناء محمد بن القاسم. قَالَ: كان لي صديق فجاءني يوما فقال لي أريد الخروج إلى فلان العامل وأحببت أن يكون معي إليه وسيلة وقد سألت من صديقة؟
فقيل لي أبو عثمان الجاحظ- وهو صديقك- فأحب أن تأخذ لي كتابه إليه بالعناية، قَالَ فصرت إلى الجاحظ فقال لي: في شيء جاء أبو عبد الله؟ فقلت: مسلما وقاضيا للحق وفي حاجة لبعض أصدقائي وهي كذا وكذا، فقال: لا تشغلنا الساعة عن المحادثة وتعرف أخبارنا، إذا كان في غد وجهت إليك بهذا الكتاب، فلما كان الغد وجه إليّ بالكتاب، فقلت لابني وجه بهذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته، فقال لي: إن أبا عثمان بعيد الغور فينبغي أن نفضه وننظر ما فيه، ففعل فإذا فيه: كتابي إليك مع من لا أعرفه، فقد كلمني فيه من لا أوجب حقه، فإن قضيت حاجته لم أحمدك، وإن رددته لم أذمك. فلما قرأت الكتاب مضيت إلى الجاحظ من فورى، فقال: يا أبا عبد الله قد علمت أنك أنكرت ما في الكتاب؟ فقلت: أو ليس موضع نكرة؟ فقال: لا هذه علامة بيني وبين الرجل فيمن اعتنى به. فقلت: لا إله إلا الله، ما
رأيت أحدا أعلم بطبعك ولا بما جبلت عليه من هذا الرجل، علمت أنه لما قرأ الكتاب قَالَ: أم الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف، وأم من يسأله حاجة. فقلت: يا هذا تشتم صديقنا؟ فقال: هذه علامتي فيمن أشكره.
وأخبرني الصيمري حدّثنا محمّد بن عمران حدّثني عبد الواحد بن محمّد الخصيبي حَدَّثَنِي أبو يوسف عبد الرحمن بن محمد الكاتب قَالَ: كان الجاحظ يتقلد في خلافة إبراهيم بن العباس على ديوان الرسائل، فلما جاء إلى الديوان جاءه أبو العيناء، فلما أراد أن يخرج من عنده تقدم إلى من يحجبه أن لا يدعه يخرج ولا يدعه يرجع إليه إن أراد الرجوع، فنادى أبو العيناء بأعلى صوته: يا أبا عثمان قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك.
أَخْبَرَنِي أبو بكر البرقاني حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي. قَالَ: كتب أبو العيناء إلى صديق له ولي ولاية: أما بعد، فإني لا أعظك بموعظة الله لأنك عنها غنى، ولا أخوفك إياه لأنك أعلم به مني، ولكني أقول كما قَالَ الأول:
أحار ابن بدر قد وليت ولاية ... فكن جرذا منها تخون وتسرق
وكاثر تميما بالغنى إنما الغنى ... لسان به المرء الهيوبة ينطق
واعلم أن الخيانة فطنة، والأمانة حرفة، والجمع كيس، والمنع صرامة، وليس كل يوم ولاية، فاذكر أيام العطلة، ولا تحقرن صغيرا، فإن من الدور إلى الدور، وإبلاء الولاية رقدة فتنبه قبل أن تنبه، وأخو السلطان أعمى عن قليل سوف يبصر، وما هذه الوصية التي أوصى بها يعقوب بنيه، ولكن رأيت الحزم في أخذ العاجل، وترك الآجل.
أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الخاركي البصري قَالَ سمعت أبا عبد الله محمد بن القاسم المعروف بأبي العيناء يعزى جدي أبا بكر ابن أبي عدي على زوجته فاطمة بنت الحسن بن عمران بن ميسرة فقال: إذا كان سيدنا- أدام الله عزه- البقية، ودفعت عنه الرزية، كانت التعزية تهنئة، والمصيبة نعمة. ثم جلس وأنشد:
نحن ومن في الأرض نفديكا ... لا زلت تبقى ونعزيكا
أنبأنا الحسن بن علي الجوهريّ، أنبأنا محمّد بن عمران المرزباني، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن
محمد بن عيسى المكي قَالَ: أنشدنا محمد بن القاسم أبو العيناء:
لعمرك ما حق امرئ لا يعد لي ... على نفسه حقا على بواجب
وما أنا للنّائي علىّ بودّه ... بودي وصافى خلتي بمقارب
ولكنه إن مال يوما بجانب ... من الصد والهجران ملت بجانبي
أخبرني الصّيمريّ حدّثنا محمّد بن عمران حَدَّثَنِي علي بن محمد الوراق. قَالَ قَالَ ابن وثاب لأبي العيناء: أنا والله أحبك بكليتي. فقال: إلا عضوا واحدا؟ فبلغ ذلك ابن أبي دؤاد فقال: لقد وفق في التحديد عليه.
أَخْبَرَنِي علي بن أيوب حدّثنا المرزباني حدّثني محمّد بن أحمد الكاتب أنبأنا أبو العيناء. قَالَ قَالَ لي المنتصر يوما: ما أحسن الجواب؟ فقلت: ما أسكت المبطل، وحير المحق. فقال: أحسنت والله.
حدّثنا أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الوكيل. قالا: أنبأنا محمّد بن جعفر التميميّ أنبأنا أبو بكر الصولي عن أبي العيناء. قَالَ: كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها، أني مررت بسوق النخاسين يوما، فرأيت غلاما ينادى عليه- وقد بلغ ثلاثين دينارا- وهو يساوي ثلاثمائة دينار فاشتريته وكنت أبني دارا، فدفعت إليه عشرين دينارا على أن ينفقها على الصناع، فجاءني بعد أيام يسيرة فقال: قد نفدت النفقة. فقلت: هات حسابك، فرفع حسابا بعشرة دنانير. قلت: فأين الباقي؟
قَالَ اشتريت به ثوبا مصمتا وقطعته، قلت ومن أمرك؟ قال يا مولاي لا تعجل، فإن أهل المروءات والأقدار لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلا يعود بالدين على مواليهم، فقلت في نفسي: أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم. قَالَ: وكانت في نفسي امرأة أردت أن أتزوجها سرا من ابنة عمي، فقلت له يوما: أفيك خير؟ قَالَ: أي لعمري. فأطلعته على الخبر فقال: أنا نعم العون لك. فتزوجت المرأة ودفعت إليه دينارا فقلت له: اشتر لنا كذا وكذا ويكون فيما تشتريه سمك هازبي . فمضى ورجع وقد اشترى ما أردت، إلا أنه اشترى سمكا مارماهي، فغاظني فقلت له: أليس أمرتك أن تشتري هازبي، قَالَ: بلى ولكني رأيت بقراط يقول: إن الهازبي يولد السوداء، ويصف المارماهى ويقول إنه أقل غائلة. فقلت له: يا ابن الفاعلة أنا لم أعلم أني اشتريت جالينوس، وقمت إليه فضربته عشر مقارع، فلما فرغت من ضربه
أخذني وأخذ المقرعة فضربني سبع مقارع. وَقَالَ: يا مولاي الأدب ثلاث، والسبع فضل وذلك قصاص، فضربتك هذه السبع المقارع خوفا عليك من القصاص يوم القيامة. قَالَ فغاظني جدا فرميته فشججته، فمضى من وقته إلى ابنة عمي فقال لها: يا مولاتي إن الدين النصيحة، وقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غشنا فليس منا»
وأنا أعلمك يا مولاتي أن مولاي قد تزوج واستكتمني، فلما قلت له لا بد من تعريف مولاتي الخبر ضربني بالمقارع وشجني، فمنعتنى بنت عمي من دخول الدار، وحالت بيني وبين ما فيها ووقعنا في تخليط، فلم أر الأمر يصلح إلا بأن طلقت المرأة التي تزوجتها، وصلح أمري مع ابنة عمى، وسمت الغلام الناصح، فلم يكن يتهيأ لي أن أكلمه. فقلت:
أعتقه وأستريح فلعله أن يمضي عني إلى النار، فلما أعتقته لزمني وَقَالَ: الآن وجب حقك علي، ثم إنه أراد الحج فجهزته وزودته وخرج، فغاب عني عشرين يوما ورجع. فقلت له: لم رجعت؟ قَالَ قطع الطريق وفكرت فإذا الله تعالى يقول: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
. فكنت غير مستطيع، وفكرت فإذا حقك أوجب فرجعت. ثم أراد الغزو فجهزته أيضا لذلك وشخص. فلما غاب عني بعت كل ما أملكه بالبصرة من عقار وغيره، وخرجت عنها خوفا من أن يرجع.
قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أَحْمَد بْن كامل الْقَاضِي. قَالَ: مات أَبُو عبد الله بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان المعروف بأبي العيناء في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وحمل في تابوت إلى البصرة. وكان مولده بالأهواز في سنة إحدى وتسعين ومائة ومنشؤه بالبصرة، وولاؤه للمنصور، وكان ضريرا يخضب بالحمرة خضابا ليس بالمشبع، وكان فصيحا سريع الجواب.
قرأت بخط أبي الحسن الدارقطني: مات أبو العيناء الضرير سنة اثنتين وثمانين ومائتين وكان خرج من بغداد يريد البصرة في سفينة فيها ثمانون نفسا، فغرقت فما سلم منها غيره، فلما صار إلى البصرة مات!!
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=129897&book=5525#b9e0f6
محمد بن عبد الرّحمن بن حرّة الطبري :
حدث عن الحسين بن إسماعيل الطبري. روى عنه محمد بن عبيد العجل.
أَخْبَرَنَا الأزهريّ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: محمد بن عبد الرّحمن بن حرة الطبري حدث ببغداد بنسخة لمقاتل بن حيان من رواية نوح بن أبي مريم عنه؛ رواها عن شيخ له يقال له حسين بن إسماعيل الطّبريّ.
أخبرنا محمّد بن إسماعيل الدّاوديّ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدّثنا محمّد ابن الحسين بن محمّد بن حاتم، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الطّبريّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي عِصْمَةَ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ وَلِيٍّ فَهِيَ زَانِيَةٌ»
حدث عن الحسين بن إسماعيل الطبري. روى عنه محمد بن عبيد العجل.
أَخْبَرَنَا الأزهريّ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: محمد بن عبد الرّحمن بن حرة الطبري حدث ببغداد بنسخة لمقاتل بن حيان من رواية نوح بن أبي مريم عنه؛ رواها عن شيخ له يقال له حسين بن إسماعيل الطّبريّ.
أخبرنا محمّد بن إسماعيل الدّاوديّ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدّثنا محمّد ابن الحسين بن محمّد بن حاتم، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الطّبريّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي عِصْمَةَ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ وَلِيٍّ فَهِيَ زَانِيَةٌ»
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=72996&book=5525#7b6b43
محمد بن عبد الرحمن ابن القارة عَنْ أَبِي علي الهمداني سَمِعَ قَبِيصَةَ بْن ذُؤَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَه (1) لِي أَبُو سَعِيد الجعفِي عَنِ ابْن وهب عَنْ حيوة عَنْ مُحَمَّد بْن مخلد، وقَالَ ابْن حَرْمَلَةَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ عَنْ عُقْبَةَ بْن عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَأَتَمَّ
فَلَهُ وَلَهُمْ وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ.
فَلَهُ وَلَهُمْ وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=120662&book=5525#b771dc
مُحَمَّد بن مُسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهَاب بن الْحَارِث بن زهرَة بن كلاب بن مرّة بن عبد الله بن كَعْب بن لؤَي أَبُو بكر
الزُّهْرِيّ الْقرشِي الْمدنِي أَخُو أبي مُحَمَّد عبد الله بن مُسلم وَكَانَ اصغر من أَخِيه عبد الله وَمَات عبد الله قبله سمع سهل بن سعد وَأنس بن مَالك والسائب بن يزِيد ومحمود بن الرّبيع وسنينا أَبَا جميلَة الصحابيين وَعُرْوَة بن الزبير وَسَعِيد بن الْمسيب وَأَبا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة وَعبيد الله بن عبد الله بن أبي ثَوْر وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَعبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج وسالما وَحَمْزَة وَعبيد الله بن عبد الله بن عمر رَوَى عَنهُ صَالح بن كيسَان وَعَمْرو بن دِينَار وَيَحْيَى بن سعيد وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر وَمَالك وَمعمر وَابْن عُيَيْنَة وَعقيل وَيُونُس وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَمُحَمّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ وَاللَّيْث بن سعد وَابْن أبي ذِئْب وَالْأَوْزَاعِيّ وَابْن جريج فِي (بَدْء الْوَحْي) وَغير مَوضِع مَاتَ يَعْنِي بِالشَّام سنة 124 قَالَ البُخَارِيّ نَا عَلّي بن عبد الله نَا ابْن عُيَيْنَة قَالَ وَقَالَ الذهلي نَا يَحْيَى قَالَ مَاتَ يَوْم سبع عشرَة من رَمَضَان سنة 124 وَقَالَ ابْن نمير سَمِعت يَحْيَى قَالَ مَاتَ سنة 124 وَقَالَ الْوَاقِدِيّ مثل يَحْيَى بن بكير وَزَاد وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة وَقَالَ الْوَاقِدِيّ فِي التَّارِيخ وَهُوَ ابْن سبعين سنة وَقَالَ الذهلي وَفِيمَا كتب إِلَيّ أَبُو نعيم قَالَ مَاتَ سنة 124 وَقَالَ عَمْرو بن عَلّي مثله
الزُّهْرِيّ الْقرشِي الْمدنِي أَخُو أبي مُحَمَّد عبد الله بن مُسلم وَكَانَ اصغر من أَخِيه عبد الله وَمَات عبد الله قبله سمع سهل بن سعد وَأنس بن مَالك والسائب بن يزِيد ومحمود بن الرّبيع وسنينا أَبَا جميلَة الصحابيين وَعُرْوَة بن الزبير وَسَعِيد بن الْمسيب وَأَبا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة وَعبيد الله بن عبد الله بن أبي ثَوْر وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَعبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج وسالما وَحَمْزَة وَعبيد الله بن عبد الله بن عمر رَوَى عَنهُ صَالح بن كيسَان وَعَمْرو بن دِينَار وَيَحْيَى بن سعيد وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر وَمَالك وَمعمر وَابْن عُيَيْنَة وَعقيل وَيُونُس وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَمُحَمّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ وَاللَّيْث بن سعد وَابْن أبي ذِئْب وَالْأَوْزَاعِيّ وَابْن جريج فِي (بَدْء الْوَحْي) وَغير مَوضِع مَاتَ يَعْنِي بِالشَّام سنة 124 قَالَ البُخَارِيّ نَا عَلّي بن عبد الله نَا ابْن عُيَيْنَة قَالَ وَقَالَ الذهلي نَا يَحْيَى قَالَ مَاتَ يَوْم سبع عشرَة من رَمَضَان سنة 124 وَقَالَ ابْن نمير سَمِعت يَحْيَى قَالَ مَاتَ سنة 124 وَقَالَ الْوَاقِدِيّ مثل يَحْيَى بن بكير وَزَاد وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة وَقَالَ الْوَاقِدِيّ فِي التَّارِيخ وَهُوَ ابْن سبعين سنة وَقَالَ الذهلي وَفِيمَا كتب إِلَيّ أَبُو نعيم قَالَ مَاتَ سنة 124 وَقَالَ عَمْرو بن عَلّي مثله
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=120662&book=5525#6a5d29
مُحَمَّد بن مُسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهَاب بن عبد الله بن الْحَارِث بن زهرَة بن كلاب أَبُو بكر الزُّهْرِيّ الْقرشِي الْمدنِي رأى عشرَة من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ من أحفظ أهل زَمَانه وَأَحْسَنهمْ سياقا لمتون الْأَخْبَار وَكَانَ فَقِيها فَاضلا رَحمَه الله مَاتَ لَيْلَة الثُّلَاثَاء لسبع عشرَة لَيْلَة خلت من شهر رَمَضَان سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَة من نَاحيَة الشَّام
روى عَن عبيد الله بن عبيد الله بن عتبَة بن مَسْعُود وَسَعِيد بن الْمسيب وَسَالم بن عبد الله أبي سَلمَة بن عبد الرحمن وحبِيب مولى عُرْوَة وَعَطَاء بن يزِيد وَعُرْوَة وعامر بن سعد وَأبي عبيد سعد وَنَافِع مولى أبي قَتَادَة وَعَمْرو بن أبي سُفْيَان بن أسيد بن جَارِيَة وَأبي إِدْرِيس فِي الْوضُوء وَعمرَة بنت عبد الرحمن وَعمر بن عبد العزيز وعبد الله بن أبي بكير بن عبد الرحمن الْحَارِث وَسَعِيد بن خَالِد بن عَمْرو بن عُثْمَان وجعفر بن عَمْرو بن
أُميَّة وَعباد بن تَمِيم ومحمود بو الرّبيع فِي الصَّلَاة وَأنس بن مَالك وَحَمْزَة بن عبد الله بن عمر وَعباد بن زِيَاد فِي الصَّلَاة وَمُحَمّد بن جُبَير بن مطعم وَأبي بكر بن عبد الرحمن الْحَارِث وَإِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين وَحميد بن عبد الرحمن بن عَوْف وَعَطَاء بن أبي ريَاح والأعرج وحصين بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ وعبد الله بن عَامر بن ربيعَة وعبد الله بن عبد الله بن ربيعَة بن الْحَارِث بن نَوْفَل فِي الصَّلَاة وَالزَّكَاة والسائب بن يزِيد فِي الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَأبي عبد الله سُلَيْمَان الْأَغَر فِي الصَّلَاة وَالْحج وَعلي بن الْحُسَيْن فِي الصَّلَاة والأشربة والفضائل وَأبي الطُّفَيْل فِي الصَّلَاة وَكثير بن الْعَبَّاس فِي الصَّلَاة وَأبي أُمَامَة بن سهل فِي الْجَنَائِز وَرِجَال لم يسمهم فِي الْجَنَائِز وَالضَّحَّاك الْهَمدَانِي فِي الزَّكَاة وَنَافِع بن أبي أنس فِي الصَّوْم وحَنْظَلَة بن عَليّ الْأَسْلَمِيّ فِي الْحَج وَعَطَاء مولى سِبَاع فِي الْحَج وَعِيسَى بن طَلْحَة التَّيْمِيّ وَالربيع بن سُبْرَة فِي النِّكَاح وخَالِد بن المُهَاجر بن سيف الله فِي النِّكَاح وعبد الله وَالْحسن ابْني مُحَمَّد بن عَليّ وَقبيصَة بن ذُؤَيْب فِي النِّكَاح وَيزِيد بن الْأَصَم فِي النِّكَاح وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر فِي النِّكَاح وعبد الله بن محيريز فِي النِّكَاح وَأبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن زَمعَة فِي النِّكَاح قَالَ فِي عقب حَدِيث بلغنَا أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يحدث وعبيد الله بن عبد الله بن ثَوْر فِي الطَّلَاق وَسَهل بن سعد فِي اللّعان والاستئذان وعبد الله بن كَعْب بن مَالك فِي الْبيُوع وَمَالك بن أَوْس بن الْحدثَان فِي الْبيُوع وَالْجهَاد وَمُحَمّد بن النُّعْمَان بن بشير فِي الْهِبَة وَابْن سَلمَة بن الْأَكْوَع لم يسمه فِي الْجِهَاد وَأبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر فِي الْأَطْعِمَة وَالقَاسِم بن مُحَمَّد فِي اللبَاس وَنَافِع بن جُبَير بن مطعم فِي الطِّبّ وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد ابْن الْخطاب وَسنَان بن أبي سِنَان الدؤَلِي فِي لاهام وَدَلَائِل النُّبُوَّة والسائب بن يزِيد فِي لاهام وَيحيى بن عُرْوَة بن الزبير فِي الطِّبّ وَيحيى بن سعيد بن الْعَاصِ فِي فضل عُثْمَان وَمُحَمّد بن عبد الرحمن بن الْحَارِث بن مُسلم فِي الْفَضَائِل وَأبي بكر بن سُلَيْمَان بن أبي خَيْثَمَة فِي الْفَضَائِل وعبد الله بن أبي بكر فِي الْمَعْرُوف وَعمر بن ثَابت الْأنْصَارِيّ فِي الْفِتَن
روى عَنهُ عقيل بن خَالِد وَيُونُس بن يزِيد وَصَالح بن كيسَان وَابْن عُيَيْنَة وَمعمر بن رَاشد وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَإِبْرَاهِيم بن سعد وَاللَّيْث بن سعد وَابْن جريج وَمُحَمّد بن عبد الله بن أَخِيه وَمَالك وَأَبُو أَوْس عبد الله بن عبد الله وَابْن أبي ذِئْب وَمُحَمّد بن الْوَلِيد الزبيرِي وَعَمْرو بن الْحَارِث فِي الْوضُوء وَالصَّلَاة وعبيد الله بن عمر فِي الصَّلَاة وَعَمْرو بن دِينَار فِي الصَّلَاة وَالْجهَاد وفليح بن سُلَيْمَان وعبد الرحمن بن نمر وَمُحَمّد بن أبي حَفْصَة فِي الْجَنَائِز وَالْحج وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر فِي الْبيُوع وَزَمعَة بن صَالح فِي الْحَج وعبد الرحمن بن عبد العزيز والنعمان بن رَاشد وَأَخُوهُ عبد الله بن مُسلم وَبكر بن وَائِل وَيزِيد بن أبي حبيب وَزِيَاد بن سعد ويوسف بن الْمَاجشون وَمَعْقِل بن عبيد الله وعبد الرحمن بن إِسْحَاق وَيزِيد بن الْهَاد وَمُحَمّد بن عَمْرو بن حلحلة
روى عَن عبيد الله بن عبيد الله بن عتبَة بن مَسْعُود وَسَعِيد بن الْمسيب وَسَالم بن عبد الله أبي سَلمَة بن عبد الرحمن وحبِيب مولى عُرْوَة وَعَطَاء بن يزِيد وَعُرْوَة وعامر بن سعد وَأبي عبيد سعد وَنَافِع مولى أبي قَتَادَة وَعَمْرو بن أبي سُفْيَان بن أسيد بن جَارِيَة وَأبي إِدْرِيس فِي الْوضُوء وَعمرَة بنت عبد الرحمن وَعمر بن عبد العزيز وعبد الله بن أبي بكير بن عبد الرحمن الْحَارِث وَسَعِيد بن خَالِد بن عَمْرو بن عُثْمَان وجعفر بن عَمْرو بن
أُميَّة وَعباد بن تَمِيم ومحمود بو الرّبيع فِي الصَّلَاة وَأنس بن مَالك وَحَمْزَة بن عبد الله بن عمر وَعباد بن زِيَاد فِي الصَّلَاة وَمُحَمّد بن جُبَير بن مطعم وَأبي بكر بن عبد الرحمن الْحَارِث وَإِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين وَحميد بن عبد الرحمن بن عَوْف وَعَطَاء بن أبي ريَاح والأعرج وحصين بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ وعبد الله بن عَامر بن ربيعَة وعبد الله بن عبد الله بن ربيعَة بن الْحَارِث بن نَوْفَل فِي الصَّلَاة وَالزَّكَاة والسائب بن يزِيد فِي الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَأبي عبد الله سُلَيْمَان الْأَغَر فِي الصَّلَاة وَالْحج وَعلي بن الْحُسَيْن فِي الصَّلَاة والأشربة والفضائل وَأبي الطُّفَيْل فِي الصَّلَاة وَكثير بن الْعَبَّاس فِي الصَّلَاة وَأبي أُمَامَة بن سهل فِي الْجَنَائِز وَرِجَال لم يسمهم فِي الْجَنَائِز وَالضَّحَّاك الْهَمدَانِي فِي الزَّكَاة وَنَافِع بن أبي أنس فِي الصَّوْم وحَنْظَلَة بن عَليّ الْأَسْلَمِيّ فِي الْحَج وَعَطَاء مولى سِبَاع فِي الْحَج وَعِيسَى بن طَلْحَة التَّيْمِيّ وَالربيع بن سُبْرَة فِي النِّكَاح وخَالِد بن المُهَاجر بن سيف الله فِي النِّكَاح وعبد الله وَالْحسن ابْني مُحَمَّد بن عَليّ وَقبيصَة بن ذُؤَيْب فِي النِّكَاح وَيزِيد بن الْأَصَم فِي النِّكَاح وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر فِي النِّكَاح وعبد الله بن محيريز فِي النِّكَاح وَأبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن زَمعَة فِي النِّكَاح قَالَ فِي عقب حَدِيث بلغنَا أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يحدث وعبيد الله بن عبد الله بن ثَوْر فِي الطَّلَاق وَسَهل بن سعد فِي اللّعان والاستئذان وعبد الله بن كَعْب بن مَالك فِي الْبيُوع وَمَالك بن أَوْس بن الْحدثَان فِي الْبيُوع وَالْجهَاد وَمُحَمّد بن النُّعْمَان بن بشير فِي الْهِبَة وَابْن سَلمَة بن الْأَكْوَع لم يسمه فِي الْجِهَاد وَأبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر فِي الْأَطْعِمَة وَالقَاسِم بن مُحَمَّد فِي اللبَاس وَنَافِع بن جُبَير بن مطعم فِي الطِّبّ وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد ابْن الْخطاب وَسنَان بن أبي سِنَان الدؤَلِي فِي لاهام وَدَلَائِل النُّبُوَّة والسائب بن يزِيد فِي لاهام وَيحيى بن عُرْوَة بن الزبير فِي الطِّبّ وَيحيى بن سعيد بن الْعَاصِ فِي فضل عُثْمَان وَمُحَمّد بن عبد الرحمن بن الْحَارِث بن مُسلم فِي الْفَضَائِل وَأبي بكر بن سُلَيْمَان بن أبي خَيْثَمَة فِي الْفَضَائِل وعبد الله بن أبي بكر فِي الْمَعْرُوف وَعمر بن ثَابت الْأنْصَارِيّ فِي الْفِتَن
روى عَنهُ عقيل بن خَالِد وَيُونُس بن يزِيد وَصَالح بن كيسَان وَابْن عُيَيْنَة وَمعمر بن رَاشد وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَإِبْرَاهِيم بن سعد وَاللَّيْث بن سعد وَابْن جريج وَمُحَمّد بن عبد الله بن أَخِيه وَمَالك وَأَبُو أَوْس عبد الله بن عبد الله وَابْن أبي ذِئْب وَمُحَمّد بن الْوَلِيد الزبيرِي وَعَمْرو بن الْحَارِث فِي الْوضُوء وَالصَّلَاة وعبيد الله بن عمر فِي الصَّلَاة وَعَمْرو بن دِينَار فِي الصَّلَاة وَالْجهَاد وفليح بن سُلَيْمَان وعبد الرحمن بن نمر وَمُحَمّد بن أبي حَفْصَة فِي الْجَنَائِز وَالْحج وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر فِي الْبيُوع وَزَمعَة بن صَالح فِي الْحَج وعبد الرحمن بن عبد العزيز والنعمان بن رَاشد وَأَخُوهُ عبد الله بن مُسلم وَبكر بن وَائِل وَيزِيد بن أبي حبيب وَزِيَاد بن سعد ويوسف بن الْمَاجشون وَمَعْقِل بن عبيد الله وعبد الرحمن بن إِسْحَاق وَيزِيد بن الْهَاد وَمُحَمّد بن عَمْرو بن حلحلة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=126792&book=5525#737d62
محمد رسول الله
لم يختلف أهل العلم بالأنساب والأخبار وسائر العلماء بالأمصار أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عَبْد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا ما لم يختلف فيه أحد من الناس، وقد روي من أخبار الآحاد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنه نسب نفسه كذلك
إلى نزار بن معد بن عدنان، وما ذكرنا من إجماع أهل السير وأهل العلم بالأثر يغنى عما سواه. واختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وفيما بين إبراهيم وسام بن نوح بما لم أر لذكره هاهنا وجهًا، [لكثرة الاضطراب فيه، وأنه لا يوقف منه على شيء متتابع متفق عليه، وهم مع اختلافهم واضطرابهم مجمعون] ، على أن نزارًا بأسرها، وهي ربيعة ومضر هي الصريح الصحيح من ولد إسماعيل على ما ذكرنا في (كتاب القبائل من الرواة) عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهناك ذكرنا أصح ما قيل في نسبة إلى آدم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم وقال أبو الأسود محمد ابن عَبْد الرحمن عن عروة بن الزبير: قَالَ عمر بن الخطاب رضى الله عنه: إنما ننتسب إلى معدّ، وما بعد معدّ لا ندري ما هو. وقال ابن جريج عن القاسم ابن أبي بزة، عن عكرمة: أضلت نزار نسبها من عدنان وقال خليفة بن خياط عن ابن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس: بين معد بن عدنان إلى إسماعيل ثلاثون أبا. وليس هذا الإسناد مما يقطع بصحته، ولكنه عمن علم الأنساب صنعته .
فأما عشيرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ورهطه وبطنه الّذي يتميز به من سائر بطون قريش وهاشم فقد ذكرنا بالأسانيد الحسان والطرق الصحاح قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا
من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، وقد ذكرنا في (كتاب الإنباة على القبائل الرواة) عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وهو مضاف إلى هذا الكتاب، والحمد للَّه. واسم هاشم عمرو، وإنما قيل له هاشم، لأنه أول من هشم الثريد لقومه فيما زعموا، واسم قصي زيد، هذا هو الأكثر. وقد قيل يزيد، وإنما قيل له قصي، لأنه تقصى مع أمه وهي فاطمة بنت سعد من بنى عذرة، ونشأ مع أخواله من كلب في باديتهم، وبعد في مغيبة ذلك عن مكة: فسمي بذلك قصيًا والله أعلم. وكان يدعى مجمعًا، لأنه جمع قبائل قريش بمكة في حين انصرافه إليها، وقد ذكرنا ذلك في صدر كتاب (القبائل) . وقد قيل اسم عَبْد مناف المغيرة، ويكنى أبا عَبْد شمس. وأما عَبْد المطلب فقيل أسمه عامر، ولا يصح والله أعلم. وقيل: [اسمه شيبة، وقيل] بل اسمه عَبْد المطلب. وكان يقال له شيبة الحمد لشيبة كانت في ذؤابته ظاهرة.
ومن قَالَ اسمه شيبة قَالَ: إنما قيل له عبد المطلب، لأن أباه هاشمًا قَالَ لأخيه المطلب، وهو بمكة حين حضرته الوفاة: أدرك عبدك [المطلب] بيثرب، فمن هناك سمي عَبْد المطلب، ولا يختلفون أنه يكنى أبا الحارث، بابنه الحارث، وكان أكبر ولده. وأمه سلمى بنت زيد، وقبل بنت عمرو بن زيد من بنى عدي بن النجار، ويقال: إنه أول من خضب بالسواد.
أخبرنا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ، قَالَ: أخبرنا أبو العباس محمد [ابن إسحاق] ابن إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن حنبل،
قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: اسْمُ عَبْدُ الْمُطَلَّبِ شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ. وَهَاشِمٌ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَعَبْدُ مَنَافٍ اسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قصىّ وقصيّ اسمه زيد ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي. قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ:
أَبُو طَالِبٍ اسْمُهُ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَالَ أبو عمر: أم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم آمنة بنت وهب ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة، قرشية زهرية، تزوّجها عبد الله ابن عبد المطلب، وهو ابن ثلاثين سنة، وقيل: بل كان يومئذ ابن خمس وعشرين سنة، خرج به أبوه عَبْد المطلب إلى وهب بن عَبْد مناف فزوجه ابنته. وقيل: كانت آمنة في حجر عمها وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة، فأتاه عَبْد المطلب، فخطب إليه ابنته هالة بنت وهيب لنفسه، وخطب على ابنه عَبْد الله آمنة بنت وهب، فزوجه وزوج ابنه في مجلس واحد، فولدت آمنة لعبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وولدت هالة لعبد المطلب حمزة، فأرضعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وحمزة ثويبة جارية أبي لهب، وأرضعت معهما أبا سلمة الأسدي، فكان رسول الله صلّى الله عليه آله وَسَلَّمَ يكرم ثويبة، وكانت تدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن تزوّج خديجة، وكانت خديجة تكرمها، وأعتقها أبو لهب بعد ما هاجر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يبعث إليها من المدينة بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر، فبلغت وفاتها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فسأل عن ابنها مسروح وبلبنه أرضعته، فقيل له: قد مات، فسأل عن قرابتها فقيل له:
لم يبق منهم أحد.
حدثنا سعيد بن نصر، قال: حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زيد عن بن عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَلا تَتَزَوَّجَ ابْنَةَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ [بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ] وَعَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان، قالا: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَدْ حُدِّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟ لَوْ أَنِّي لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ لَمْ تَحِلَّ لِي. إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. ثم استرضع له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في بني سعد بن بكر، حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، وردته ظئره حليمة إلى أمه آمنة بنت وهب بعد خمس سنين ويومين من مولده، وذلك سنة ست من عام الفيل،
فأخرجته آمنة إلى أخوال أبيه بني النجار تزورهم به بعد سبع سنين من عام الفيل، ووفيت أمه آمنة بعد ذلك بشهر بالأبواء ومعها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فقدمت به أم أيمن مكة بعد موت أمه بخمسة أيام، وسنذكر خبر حليمة وخير أم أيمن من بابهما في كتاب النساء في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
وقال الزبير: حملت به أمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في أيام التشريق في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى، وولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بمكة في الدار التي كانت تدعى لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، وذلك يوم الاثنين [لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان. وقيل: بل ولد يوم الاثنين] في ربيع الأول لليلتين خلتا منه. قَالَ أبو عمر: وقد قيل لثمان خلون منه.
وقيل. إنه ولد أول اثنين من ربيع الأول، وقيل: لاثنتي عشرة ليلة خلت منه عام الفيل، إذ ساقه الحبشة إلى مكة في جيشهم يغزون البيت، فردهم الله عنه، وأرسل عليهم طيرًا أبابيل [فأهلكتهم] .
وقيل أنه ولد في شعب بني هاشم، ولا خلاف أنه ولد عام الفيل:
يروى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قَالَ: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفيل. وهذا يحتمل أن يكون أراد اليوم الّذي حبس الله الفيل فيه عن وطء البيت الحرام، وأهلك الذين جاءوا به. ويحتمل أن يكون أراد بقوله يوم الفيل عام الفيل. وقيل: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد قدوم الفيل بشهر. وقيل: بأربعين يومًا. وقيل بخمسين.
يومًا. فأما الخوارزمي مُحَمَّد بن موسى فقال: كان قدوم الفيل مكة وأصحابه لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم. وقد قَالَ ذلك غير الخوارزمي أيضًا، وزاد يوم الأحد قَالَ: وكان أول المحرم تلك السنة يوم الجمعة.
قَالَ الخوارزمي وولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك بخمسين يومًا، يوم الاثنين لثمان خلت من ربيع الأول، وذلك يوم عشرين من نيسان. قَالَ: وبعث نبيّا يوم الاثنين لثمان أيضا من ربيع الأول، وذلك سنة إحدى وأربعين عام الفيل، فكان من مولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى أن بعثه الله تعالى أربعون سنة ويوم، ومن مبعثه إلى أول المحرم من السنة التي هاجر فيها اثنتا عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرون يومًا، وذلك ثلاث وخمسون سنة تامة من أول عام الفيل.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عن خالد بن أبي عمران عن حنش عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثنين، وحرج مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الاثنين، وكانت بدر يَوْمَ الاثْنَيْنِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: الأكثر على أن وقعة بدر كانت يوم الجمعة صبيحة سبع شرة من شهر رمضان، وما رأيت أحدًا ذكر أنها كانت يوم الاثنين
إلا في هذا الخبر من رواية ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش، ولا حجة في مثل هذا الإسناد عند جميعهم، إذا خالفه من هو أكثر منه.
قَالَ الخوارزمي: وقدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينة مهاجرًا يوم الاثنين، وهو اليوم الثامن من ربيع الأول سنة أربع وخمسين من عام الفيل، وهي سنة إحدى من الهجرة، يوم عشرين من أيلول فكان مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى يوم هاجر ودخل المدينة ثلاث عشرة سنة كاملة، ومكث بالمدينة عشر سنين وشهرين إلى أن مات، وذلك يوم الاثنين أول يوم من ربيع الأول سنة أربع وستين من عام الفيل، ومن الهجرة سنة إحدى عشرة، وهذا كله قول الخوارزمي، وهذا الذي قَالَ هو معنى قول ابن عباس، إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أقام بمكة ثلاث عشرة سنة، يعنى بعد المبعث، وبالمدينة عشر سنين، ويشهد بصحة ذلك قول أبى قيس صرمة بن قيس الأنصاري:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه ... فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا
فلما أتانا واستقرت به النوى ... وأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وأصبح لا يخشى ظلامة ظالم ... بعيد، ولا يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الأموال من جل مالنا ... وأنفسنا عند الوغى والتآسيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم ... جميعا وإن كان الحبيب المواتيا
ونعلم أن الله لا شيء غيره ... وأن كتاب الله أصبح هاديا
وروينا هذه الأبيات من طرق عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وهذا أكمل الروايات فيها.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عبد الله بن محمد بن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أُبَيٌّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِمْلاءً، قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، قَالَ قُلْتُ لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: كَمْ لَبِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: عَشْرَ سِنِينَ.
فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَبِثَ بِمَكَّةَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ.
قَالَ سفيان بن عيينة: وأخبرنا يحيى بن سعيد قَالَ: سمعت عجوزًا من الأنصار يقول: رأيت ابن عباس يختلف إلى صرمة بن قيس يتعلّم منه هذه الأبيات:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا
فذكر الأبيات كما ذكرتها سواء إلى آخرها.
قَالَ أبو عمر: ومات أبوه عَبْد الله بن عَبْد المطلب وأمه حامل به. وقيل:
بل توفي أبوه بالمدينة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابن ثمانية وعشرين شهرا،
وقبره بالمدينة في دار من دور بنى عدي بن النجار، وكان خرج إلى المدينة يمتار تمرًا. وقيل: بل خرج به إلى أخواله زائرًا وهو ابن سبعة أشهر.
وقيل: بل توفي أبوه وهو ابن شهرين، فكفله جده عَبْد المطلب. وفي خبر سيف بن ذي يزن: مات أبوه وأمه فكفله جده وعمه. وقد قيل: إن عَبْد الله ابن عَبْد المطلب توفي والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابن ثمانية وعشرين شهرًا.
وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قَالَ: بعث عَبْد المطلب ابنه عَبْد الله يمتار له تمرًا من يثرب، فمات بها، وكانت وفاته وهو شاب عند أخواله بنى النجار بالمدينة، ولم يكن له ولد غير رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وتوفيت أمه آمنة بالأبواء بين مكة والمدينة، وهو ابن ست سنين.
وقيل: ابن سبع سنين. وقال مُحَمَّد بن حبيب [في كتاب المحبّر ] : توفّيت أمّه صلى الله عليه وسلم، وهو ابن ثمان سنين. فال: وتوفّى جده عَبْد المطلب بعد ذلك بسنة وأحد عشر شهرًا، سنة تسع من أول عام الفيل.
وقيل: إنه توفي جده عَبْد المطلب، وهو ابن ثمان سنين. وقيل: بل توفي جده وهو ابن ثلاث سنين، فأوصى به إلى أبي طالب فصار في حجر عمه أبي طالب حتى بلغ خمس عشرة سنة، وكان أبو طالب يحبه، ثم انفرد بنفسه، وكان مائلا إلى عمه أبى طالب لو جاهته في بني هاشم وسنه، وكان مع ذلك شقيق أبيه، وخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع عمه في تجارة إلى الشام سنة ثلاث عشرة من عام الفيل، فرآه بحيرا الراهب، فقال: احتفظوا به فإنه نبي.
وشهد بعد ذلك بثمان سنين يوم الفجار سنة إحدى وعشرين، وخرج إلى الشام في تجارة لخديجة بنت خويلد، فرآه نسطور الراهب وقد أظلته غمامة فقال:
هذا نبي، وذلك سنة خمس وعشرين. وتزويج رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ بنت خويلد بن أسد بعد ذلك بشهرين وخمسة وعشرين يومًا، في عقب صفر سنة ست وعشرين، وذلك بعد خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام من يوم الفيل، وقال الزهري: كانت سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تزوج خديجة إحدى وعشرين سنة.
وقال أبو بكر بن عثمان وغيره: كان يومئذ ابن ثلاثين سنة. قالوا:
وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة، ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة.
وشهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنيان الكعبة، وتراضت قريش بحكمه في وضع الحجر بعد ذلك بعشر سنين، وذلك سنة ثلاث وثلاثين.
قَالَ أبو عمر رضى الله عنه: لو صح هذا لكانت سن خديجة يوم تزوجها خمسًا وأربعين سنة. وقال مُحَمَّد بن جبير بن مطعم: بنيت الكعبة على رأس خمس وعشرين سنة من عام الفيل. وقيل: بل كان بين بنيان الكعبة وبين مبعث النبي صلّى الله عليه وسلم خمس سنين، ثم نبّاه الله تعالى وهو ابن أربعين سنة، وكان أول يوم أوحى الله تعالى إليه فيه يوم الاثنين، فأسر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أمره ثلاث سنين أو نحوها، ثم أمره الله تعالى بإظهار دينه والدعاء إليه، فأظهره بعد ثلاث سنين من مبعثه. وقال الشعبي: أخبرت أن إسرافيل تراءى له ثلاث سنين.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لأَرْبَعِينَ، وَوُكِّلَ بِهِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَلاثَ سِنِينَ، ثُمَّ وُكِّلَ بِهِ جِبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ.
قَالَ: وأخبرنا أحمد بن حنبل، قَالَ حَدَّثَنَا هشيم ، قال حدثنا داود ابن أبى هند عن الشعبي، قال: نبيّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر مثله.
قَالَ: ثم بعث إليه جبريل عليه السلام بالرسالة.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَقُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَلاثَ سِنِينَ، فَكَانَ يُعَلِّمُهُ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمَّا مَضَتْ ثَلاثُ سِنينَ قُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ عِشْرِينَ سَنَةً.
وقيل: كان مبعثه صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وهو ابن أربعين سنة وشهرين وعشرة أيام. وقيل: بل كان مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لتمام أربعين سنة من مولده يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة أربعين، وممن قَالَ: إنه عليه السلام نبي وهو ابن أربعين سنة عَبْد الله بن عباس، ومحمد بن جبير بن مطعم، وقباث بن أشيم، وعطاء، وسعيد
ابن المسيب، وأنس بن مالك، وهو الصحيح عند أهل السير وأهل العلم بالأثر، فلما دعا قومه إلى دين الله نابذوه، فأجاره عمه أبو طالب، ومنع منه قريشًا لأنهم أرادوا قتله لما دعاهم إليه من ترك ما كانوا عليه هم وآباؤهم، ومفارقته لهم في دينه، وتسفيه أحلامهم في عبادة أصنام لا تبصر ولا تسمع، ولا تضر ولا تنفع، فلم يزل في جوار عمه أبي طالب إلى أن توفي أبو طالب، وذلك في النصف من شوال في السنة الثامنة. وقيل: العاشرة من مبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وحصرت قريش النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بني هاشم ومعهم بنو المطلب في الشعب بعد المبعث بست سنين، فمكثوا في ذلك الحصار ثلاث سنين، وخرجوا منه في أول سنة خمسين من عام الفيل.
وتوفي أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر، وتوفيت خديجة بعده بثلاثة أيام.
وقد قيل غير ذلك، وولد عَبْد الله بن عباس رضي الله عنه في الشعب قبل خروج بني هاشم منه. وقيل: إنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان ابن ثلاث عشرة سنة يوم مات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. وكان أبو طالب قد أسلم ابنه عليًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك أن قريشًا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ للعباس عمه- وكان من أيسر بني هاشم: يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال، فانطلق بنا لنخفّف عنه
من عياله. فقال: نعم. فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقال له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى يكشف الله عن الناس ما هم فيه. فقال لهما أبو طالب:
إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما. فأخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عليًا فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرًا فضمه إليه، فلم يزل علي رضى الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى ابتعثه الله نبيًا، وحتى زوجه من ابنته فاطمة على جميعهم الصلاة والسلام.
وتزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، على اختلاف في ذلك قد ذكرناه.
وكان موتها بعد موت عمه أبي طالب بأيام يسيرة. قيل: ثلاثة أيام.
وقيل: سبعة. وقيل: كان بين موت أبي طالب وموت خديجة شهر وخمسة أيام. وتوفي أبو طالب وهو ابن بضع وثمانين سنة وتوفيت خديجة وهي ابنة خمس وستين سنة، فكانت مصيبتان توالتا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بوفاة عمه أبى طالب ووفاة خديجة رضى الله عنها. وقيل: توفيت خديجة بعد ما تزوجها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بأربع وعشرين سنة وستة أشهر وأربعة أيام قبل الهجرة بثلاث سنين وثلاثة أشهر ونصف شهر.
وفي عام وفاة خديجة تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سودة وعائشة، ولم يتزوج على خديجة حتى ماتت رضى الله عنها. وكانت وفاة أبي طالب وخديجة قبل الهجرة بثلاث سنين. وقيل: بسنة. وقيل: كانت وفاتهما سنة عشر من المبعث في أولها، والله أعلم.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ حدثنا محمد بن عبد الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْرُوفٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ حَدَّثَنَا يحيى ابن معين، قال حدثنا هشام بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ. وَلَفْظُهُمَا وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ. قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ الله ابن أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَ: يَا عَمِّ، قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عند الله.
فقال له أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَمُيَّةَ. يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! فَلَمْ يَزَالا بِهِ حَتَّى كَانَ آخِرُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِّبِ. فقال النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ. فَنَزَلَتْ : مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ ... 9: 113 إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وَنَزَلَتْ : إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ... 28: 56 الآيَةَ. قَالَ ابن شهاب: قَالَ عروة بن الزبير: ما زالوا- يعني قريشًا- كافين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات أبو طالب. ولم تمت خديجة فيما ذكر ابن إسحاق وغيره إلا بعد الإسراء، وبعد أن صلت الفريضة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
قَالَ أبو عمر: قَالَ ابن إسحاق وغيره: لما توفى أبو طالب وتوفّيت بعده خديجة بأيام يسيرة خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى الطائف، ومعه زيد بن حارثة، وطلب منهم المنعة، فأقام عندهم شهرًا ولم يجد فيهم خيرًا، ثم رجع إلى مكة في جوار المطعم بن عدي. قيل: كان ذلك سنة إحدى وخمسين من عام الفيل، وفيها قدم عليه جن نصيبين بعد ثلاثة أشهر فاسلموا.
وأسرى به إلى بيت المقدس بعد سنة ونصف من حين رجوعه إلى مكة من الطائف سنة اثنتين وخمسين، وقد ذكرنا الاختلاف في تاريخ الإسراء في كتاب (التمهيد) عند ذكر فرض الصلاة والحمد للَّه.
[قَالَ ابن شهاب] عن ابن المسيب: عرج به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى بيت المقدس وإلى السماء قبل خروجه إلى المدينة بسنة. وقال غيره:
كان بين الإسراء إلى اليوم الذي هاجر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة وشهران، وذلك سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل.
قَالَ أبو عمر: قَالَ ابن إسحاق وغيره: مكث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بعد مبعثه بمكة إلى أن أذن الله له بالهجرة داعيًا إلى الله صابرًا على أذى قريش وتكذيبهم له إلا من دخل في دين الله منهم، واتبعه على ما جاء به ممن هاجر إلى أرض الحبشة فارّا بدينه، ومن بقي معه بمكة في منعة من قومه، حتى أذن له الله بالهجرة إلى المدينة، وذلك بعد أن بايعه وجوه الأوس والخزرج بالعقبة على أن يؤووه وينصروه، حتى يبلّغ عن الله رسالته،
ويقاتل من عانده وخالفه، فهاجر إلى المدينة، وكان رفيقه إليها أبو بكر الصديق رضى الله عنه لم يرافق غيره من أصحابه، وكان يخدمهما في ذلك السفر عامر بن فهيرة، وكان مكثه بمكة بعد أن بعثه الله عز وجل ثلاث عشرة سنة. وقيل: عشر سنين. وقيل: خمس عشرة سنة، والأول أكثر وأشهر عند أهل السير.
ثم أذن الله له في الهجرة إلى المدينة يوم الاثنين، فخرج معه أبو بكر إليها، وكانت هجرة إلى المدينة في ربيع الأول، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وقدم المدينة يوم الاثنين قريبًا من نصف النهار في الضحى الأعلى لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول. هذا قول ابن إسحاق. وقال ابن إسحاق وغيره: كانت بيعة العقبة حين بايعته الأنصار في أوسط أيام التشريق في ذي الحجة، وكان مخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة بعد العقبة بشهرين وليال، وخرج لهلال ربيع الأول، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت منه.
قال أبو عمر: قد روى عن ابن شهاب أنه قدم المدينة لهلال ربيع الأول.
وقال عَبْد الرحمن بن المغيرة: قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينة يوم الاثنين لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة إحدى. وقال الكلبي: خرج من الغار ليلة الاثنين أول يوم من ربيع الأول، وقدم المدينة يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت منه.
قَالَ أبو عمر: وهو قول ابن إسحاق إلا في تسمية اليوم فإن ابن إسحاق يقول: يوم الاثنين والكلبي يقول: يوم الجمعة، واتفقا لاثنتي عشرة ليلة خلت
من ربيع الأول. وغيرهما يقول لثمان خلت منه، فالاختلاف أيضا في تاريخ قدومه المدينة كما ترى.
قَالَ ابن إسحاق، فنزل علي أبي قيس كلثوم بن الهدم بن امرئ القيس أحد بني عمرو بن عوف، فأقام عنده أربعة أيام. وقيل: بل كان نزوله في بنى عمرو ابن عوف على سعد بن خيثمة، والأول أكثر. فأقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس مسجدهم، وخرج من بني عمرو بن عوف منتقلا إلى المدينة، فأدركته الجمعة في بني سالم فصلاها في بطن الوادي، ثم ارتحل إلى المدينة فنزل على أبي أيوب الأنصاري، فلم يزل عنده حتى بنى مسجده في تلك السنة، وبنى مساكنه، ثم انتقل، وذلك في السنة الأولى من هجرته.
وقال غير ابن إسحاق: نزل في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين إلى يوم الجمعة، ثم خرج من عندهم غداة يوم الجمعة على راحلته معه الناس، حتى مر ببني سالم لوقت الجمعة، فجمع بهم، وهي أول جمعة جمعها رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بالمدينة، ثم ركب لا يحرك راحلته، وهو يقول: دعوها فإنها مأمورة.
فمشت حتى بركت في موضع مسجده الذي أنزله الله به في بني النجار، فنزل عشية الجمعة سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل. ومن مقدمة المدينة أرخ التاريخ في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ولم يغز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه تلك السنة. وآخى بين المهاجرين والأنصار بعد ذلك بخمسة أشهر، وبعث عمه حمزة في جمادى الأولى، فكان أول من غرا في سبيل
الله، وأول من عقدت له راية في الإسلام، خرج في ثلاثين راكبًا إلى سيف البحر، فلقوا أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة من قريش، فحجز بينهم رجل من جهينة، فافترقوا من غير قتال، ثم بعث عبيدة بن الحارث في خمسين راكبًا يعارض عيرًا لقريش، فلقوا جمعًا كثيرًا فتراموا بالنبل، ولم يكن بينهم مسايفة.
وقيل: إن سرية عبيدة كانت قبل سرية حمزة، وفيها رمى سعد، وكان أول سهم رمي به فِي سبيل اللَّه. وقيل: أول لواء عقده رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن جحش، والأول أصح، والله أعلم.
والأكثر على أن سرية عَبْد الله بن جحش كانت في سنة اثنتين في غرة رجب إلى نخلة، وفيها قتل ابن الحضرمي لليلة بقيت من جمادى الآخرة. ثم غزا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أهل الكفر من العرب. وبعث إليهم السرايا، وكانت غزواته بنفسه ستًا وعشرين غزوة، هذا أكثر ما قيل في ذلك.
وكانت أشرف غزواته وأعظمها حرمة عند الله وعند رسوله وعند المسلمين غزوة بدر الكبرى، حيث قتل الله صناديد قريش، وأظهر دينه وأعزه الله من يومئذ، وكانت بدر في السنة الثانية من الهجرة لسبع عشرة من رمضان صبيحة يوم الجمعة، وليس في غزواته ما يعدل بها في الفضل، ويقرب منها إلا غزوة الحديبية، حيث كانت بيعة الرضوان، وذلك سنة ست من الهجرة، وكانت بعوثه وسراياه خمسًا وثلاثين من بين بعث وسرية.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: كَمْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم؟
قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَغَزَوْتُ مَعَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَسَبَقَنِي بِغَزْوَتَيْنِ.
واعتمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثلاث عمر. وفي قول من جعله قارنًا في حجة أربع عمر. وقد بينا ذلك في كتاب «التمهيد» .
وافترض عليه الحج بالمدينة، وكذلك سائر الفرائض فيما أمر به أو حرم عليه إلا الصلاة فإنها افترضت عليه حين أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وذلك بمكة، ولم يحج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من المدينة غير حجته الواحدة، حجة الوداع، وذلك سنة عشر من الهجرة.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وَآلِهِ وَسَلَّمَ عددًا كثيرًا من النساء، خص بذلك دون أمته بجمع أكثر من أربع، وأحلّ له فيهن ما شاء، فالمجمع عليه من أزواجه إحدى عشرة امرأة وهن:
خديجة بنت خويلد، أول زوجة كانت له، لم يجمع قط معها غيرها، وسنذكر أخبارها ونسبها وولدها من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وكثيرًا من فضائلها وخبرها في بابها من كتاب النساء من هذا الديوان، وكذلك نذكر كل واحدة منهن في موضع اسمها من ذلك الكتاب إن شاء الله تعالى.
ثم سودة بنت زمعة بن قيس. من بني عامر بن لؤي، تزوجها في قول الزهري قبل عائشة رضى الله عنها بمكة، وبنى بما بمكة في سنة عشر من النبوة.
وعائشة بنت أبي بكر الصديق رضى الله عنهما تزوجها بمكة قبل سودة، وقيل بعد سودة، وأجمعوا على أنه لم يبن بها إلا في المدينة. قيل سنة
هاجر، وقيل سنة اثنتين من الهجرة في شوّال، وهي ابنة تسع سنين، وكانت في حين عقد عليها بنت ست سنين. وقيل بنت سبع سنين.
وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما. تزوجها سنة ثلاث في شعبان.
وزينب بنت خزيمة. وهي من بني عامر بن صعصعه، وكان يقال لها أم المساكين، تزوجها سنة ثلاث، فكانت عنده شهرين أو ثلاثة، وتوفيت، ولم يمت أحد من أزواجه في حياته غيرها وغير خديجة قبلها.
وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، واسمها هند، تزوجها سنة أربع في شوال.
وزينب بنت جحش الأسدية من بني أسد بن خزيمة، تزوجها في سنة خمس من الهجرة في قول قتادة، وخالفه غيره على ما نذكره في بابها من كتاب النساء.
وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية، واسمها رملة، تزوجها سنة ست، وبنى بها سنة سبع، زوجه إياها النجاشي. واختلف فيمن عقد عليها على ما يأتي به الخبر عند ذكرها في بابها من كتاب النساء إن شاء الله تعالى.
وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار من بني المصطلق، كانت قد وقعت في سهم ثابت بن قيس، وذلك في سنة ست. وقيل سنة خمس، وهو الأكثر
والصواب: فكاتبها فأذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابتها وتزوجها.
وميمونة بنت الحارث [بن حزن] الهلالية، من بني هلال بن عامر بن صعصعه، نكحها سنة سبع في عمرة القضاء. على حسب ما ذكرناه في بابها من كتاب النساء.
وصفية بنت حيي بن أخطب اليهودي، وقعت في سهم دحية بن خليفة الكلبي، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منه بأرؤس اختلفوا في عددها، وأعتقها وتزوجها، وذلك سنة سبع.
فهؤلاء أزواجه اللواتي لم يختلف فيهن، وهن إحدى عشرة امرأة، منهن ست من قريش، وواحدة من بني إسرائيل من ولد هارون، وأربع من سائر العرب. وتوفي في حياته منهن اثنتان خديجة بنت خويلد بن أسد بمكة، وزينب بنت خزيمة بالمدينة، وتخلف منهن تسع بعده صلّى الله عليه وَسَلَّمَ.
وأما اللواتي أختلف فيهن ممن ابتنى بها وفارقها أو عقد عليها، ولم يدخل بها، أو خطبها ولم يتم له العقد منها، فقد اختلف فيهن، وفي أسباب فراقهن اختلافًا كثيرًا يوجب التوقف عن القطع بالصحة في واحدة منهن، وقد ذكرنا جميعهن كل واحدة منهن في بابها من كتاب النساء من كتابنا هذا، والحمد للَّه وحده.
ثم بدأ برسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم مرصه الّذي مات منه
يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة في بنت ميمونة، ثم انتقل حين اشتد وجعه إلى بيت عائشة. وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قد ولد يوم الاثنين، ونبيّ يوم الاثنين، وخرج من مكة مهاجرًا يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، وقبض صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الاثنين ضحى في مثل الوقت الذي دخل فيه المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، ودفن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الثلاثاء حين زاغت الشمس. وقيل: بل دفن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ليلة الأربعاء.
ذكر ابن إسحاق قَالَ: حدثتني فاطمة [بنت مُحَمَّد] عن عمرة عن عائشة قالت: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل ليلة الأربعاء، وصلى عليه علي والعباس رضى الله عنهما وبنو هاشم، ثم خرجوا، ثم دخل المهاجرون، ثم الأنصار، ثم الناس يصلون عليه أفذاذًا، لا يؤمهم أحد، ثم النساء والغلمان.
وقد أكثر الناس في ذكر من أدخله قبره وفي هيئة كفنه وفي صفة خلقه وخلقه وغزواته وسيره مما لا سبيل في كتابنا هذا إلى ذكره. وإنما أجرينا من ذكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ هاهنا لمعًا يحسن الوقوف عليها والمذاكرة بها، تبركًا بذكره في أول الكتاب، والله الموفق للصواب.
وأصح ذلك أنه نزل في قبره العباس عمه، وعليّ رضى الله عنهما معه، وقشم بن العباس، والفضل بن العباس، ويقال: كان أوس بن خولي وأسامة بن زيد معهم، وكان آخرهم خروجًا من القبر قثم بن العباس، وكان آخر الناس عهدًا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ذكر ذلك ابن عباس وغيره. وهو الصحيح. وقد ذكر عن المغيرة بن شعبة في ذلك خبر لا يصح أنكره أهل العلم ودفعوه. وألحد له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وبنى في قبره اللبن، يقال تسع لبنات، وطرح في قبره سمل قطيفة كان يلبسها، فلما فرغوا من وضع اللبن أخرجوها وأهالوا التراب على لحده، وجعل قبره مسطوحًا ورش عليه الماء رشًا.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعَفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: مَا صُدِّقَ نَبِيٌّ مَا صُدِّقْتُ، وَإِنَّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ. وأما فضائله وأعلام نبوته فقد وضع فيها جماعة من العلماء، وجمع كل منها ما انتهت إليه روايته ومطالعته، وهي أكثر من أن تحصى. ومما رثي به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قول صفية عمته. قَالَ الزبير: حدثني عمي مصعب بن عَبْد الله، قَالَ: حدثني أبي عَبْد الله بن مصعب، قَالَ: رويت عن هشام بن عروة لصفية بنت عَبْد المطلب ترثي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم:
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا ... وكنت بنا برًا ولم تك جافيا
وكنت رحيمًا هاديا ومعلّما ... ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمرك ما أبكى النبيّ لفقده ... ولكن لما أخثى من الهرج آتيا
كأن على قلبي لذكر مُحَمَّد ... وما خفت من بعد النبي المكاويا
أفاطم صلى الله رب مُحَمَّد ... على جدث أمسى بيثرب ثاويا
فدى لرسول الله أمي وخالتي ... وعمي وآبائي ونفسي وماليا
صدقت وبلغت الرسالة صادقا ... ومتّ صليب العود أبلج صافيا
فلو أن رب الناس أبقى نبينا ... سعدنا ولكن أمره كان ماضيا
عليك من الله السلام تحية ... وأدخلت جنات من العدن راضيا
أرى حسنا أيتمته وتركته ... يبكي ويدعو جده اليوم نائيا
وكان له صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أسماء وصفات جاءت عنه في أحاديث شتى بأسانيد حسان. قَالَ: أنا مُحَمَّد، وأنا أحمد، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الذي ختم الله بي النبوة، وأنا العاقب فليس بعدي نبي، وأنا المقفى بعد الأنبياء كلهم، ونبي التوبة، ونبي الرحمة، ونبي الملحمة، ويروى الملاحم. جاء هذا كلّه عنه في آثار شتى من وجوه صحاح، وطرق حسان، وكان يكنى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، لا خلاف في ذلك. حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قالا: حدّثنا قاسم بن صبغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، حدثنا أبو يعقوب [الحنينى]
عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: تَسَمُّوا بِاسْمِي، وَلا تَكَنُّوا بِكُنْيَتِي، فَإِنِّي أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد السلام الختنيّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: لا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي فَإِنَّمَا أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، اللَّهُ يُعْطِي، وَأَنَا أَقْسِمُ. وأما ولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فكلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وولده من خديجة أربع بنات لا خلاف في ذلك، أكبر هنّ زينب بلا خلاف وبعدها أم كلثوم، وقيل بل رقية، وهو الأولى والأصح، لأن رقية تزوجها عثمان قبل، ومعها هاجر إلى أرض الحبشة، ثم تزوج بعدها، وبعد وقعة بدر أم كلثوم، وسيأتي ذكر كل واحدة منهن في بابها من كتاب النساء في هذا الديوان إن شاء الله تعالى. وقد قيل: إن رقيّة أصغرهنّ، والأكثر والصحيح أنّ أصغر هنّ فاطمة رضى الله عنها وعن جميعهن.
واختلف في الذكور، فقيل أربعة: القاسم، وعبد الله، والطيب، والطاهر. وقيل: ثلاثة، ومن قَالَ هذا قَالَ عَبْد الله سمي الطيب، لأنه ولد في الإسلام، ومن قَالَ غلامان قَالَ القاسم، وبه كان يكنى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وعبد الله قيل له الطيب والطاهر، لأنه ولد بعد المبعث، وولد القاسم قبل المبعث، ومات القاسم بمكة قبل المبعث، وقد ذكرنا الاختلاف
في ذلك كله وسمّينا القائلين به في باب خديجة من كتاب النساء من هذا الديوان .
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنّ مُحَمَّدَ بْنَ عيسى حدّثهم قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلافُ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ شعيب بن أبى حمزة عن عطاء الخراساني، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً، وَسَمَّاهُ محمدا صلّى الله عليه وسلم. قال يحيى بن أيوب: ما وجدنا هذا الحديث عند أحد إلا عند ابن أبي السري.
وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولد مختونًا من حديث عَبْد الله بن عباس عن أبيه العباس بن عَبْد المطلب قَالَ: ولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مختونًا مسرورًا، يعني مقطوع السرة، فأعجب بذلك جدّه عبد المطلب، وقال: ليكوننّ لابني هذا شأن عظيم. وليس إسناد حديث العباس هذا بالقائم. وفي حديث ابن عباس عن أبي سفيان في قصته مع هرقل- وهو حديث ثابت من جهة الإسناد- دليل على أن العرب كانت تختتن، وأظن ذلك من جهة مجاورتهم في الحجاز ليهود، والله أعلم.
واختلف في سنة صلّى الله عليه وسلم يوم مات، فقيل ستون سنة، روى
ذَلِكَ رَبِيعَةُ وَأَبُو غَالِبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمَالِكِ ابن أَنَسٍ. وَقَدْ رَوَى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، ذكره أحمد بن زهير عن المثنى بن معاذ عن بشر بن المفضل عن حميد عن أنس، وهو قول دغفل بن حنظلة السدوسي النسابة. ورواه معاذ عن هشام عن قتادة عن أنس، ورواه الحسن البصري عن دغفل بن حنظلة قَالَ: توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وهو ابن خمس وستين سنة. ولم يدرك دغفل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. قَالَ البخاري:
ولا نعرف للحسن سماعًا من دغفل. قَالَ البخاري: وروى عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قَالَ: توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ابن خمس وستين سنة. قَالَ البخاري: ولا يتابع عليه عن ابن عباس إلا شيء رواه العلاء بن صالح عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَرَوَى عِكْرِمَةُ وأبو سلمة وَأَبُو ظَبْيَانَ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبض وهو ابن ثلاث وستين سنة.
قال أبو عمر رضي الله عنه: قد تابع عمار بن أبي عمار على روايته المذكورة عن ابن عباس رضى الله عنهما يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما في خمس وستين. والصحيح عندنا رواية من روى ثلاثا رواه عن ابن عباس من تقدم ذكر البخاري لهم في ذلك، ورواه كما رواه أولئك ممن لم يذكره البخاري أبو حمزة ومحمد بن سيرين
ومقسم عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ توفي وهو ابن ثلاث وستين. ولم يختلف عن عائشة أنه توفي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهو قول مُحَمَّد بن علي، وجرير بن عَبْد الله البجلي وأبي إسحاق السبيعي ومحمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ [بْنِ سَهْلٍ] ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر عن مُحَمَّدِ بْنِ الْوَرْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلافُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بْنِ أَبِي هِلالٍ، [عَنْ هِلالِ] بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّا لَنَجِدُ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم. إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً 33: 45، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَسْتَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ فِي الأسواق، ولا تجزى بسيئة مثلها ولكن تعفو وَتَتَجَاوَزُ، وَلَنْ أَقْبِضَكَ حَتَّى أُقِيمَ بِكَ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَفْتَحُ بِكَ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وقلوبا غلفا. قال عطا بن يسار:
وأخبرني أبو واقد الليثي أنه سمع كعب الأحبار يقول مثل ما قَالَ عَبْد الله بن سلام رضى الله عن جميعهم.
لم يختلف أهل العلم بالأنساب والأخبار وسائر العلماء بالأمصار أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عَبْد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا ما لم يختلف فيه أحد من الناس، وقد روي من أخبار الآحاد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنه نسب نفسه كذلك
إلى نزار بن معد بن عدنان، وما ذكرنا من إجماع أهل السير وأهل العلم بالأثر يغنى عما سواه. واختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وفيما بين إبراهيم وسام بن نوح بما لم أر لذكره هاهنا وجهًا، [لكثرة الاضطراب فيه، وأنه لا يوقف منه على شيء متتابع متفق عليه، وهم مع اختلافهم واضطرابهم مجمعون] ، على أن نزارًا بأسرها، وهي ربيعة ومضر هي الصريح الصحيح من ولد إسماعيل على ما ذكرنا في (كتاب القبائل من الرواة) عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهناك ذكرنا أصح ما قيل في نسبة إلى آدم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم وقال أبو الأسود محمد ابن عَبْد الرحمن عن عروة بن الزبير: قَالَ عمر بن الخطاب رضى الله عنه: إنما ننتسب إلى معدّ، وما بعد معدّ لا ندري ما هو. وقال ابن جريج عن القاسم ابن أبي بزة، عن عكرمة: أضلت نزار نسبها من عدنان وقال خليفة بن خياط عن ابن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس: بين معد بن عدنان إلى إسماعيل ثلاثون أبا. وليس هذا الإسناد مما يقطع بصحته، ولكنه عمن علم الأنساب صنعته .
فأما عشيرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ورهطه وبطنه الّذي يتميز به من سائر بطون قريش وهاشم فقد ذكرنا بالأسانيد الحسان والطرق الصحاح قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا
من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، وقد ذكرنا في (كتاب الإنباة على القبائل الرواة) عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وهو مضاف إلى هذا الكتاب، والحمد للَّه. واسم هاشم عمرو، وإنما قيل له هاشم، لأنه أول من هشم الثريد لقومه فيما زعموا، واسم قصي زيد، هذا هو الأكثر. وقد قيل يزيد، وإنما قيل له قصي، لأنه تقصى مع أمه وهي فاطمة بنت سعد من بنى عذرة، ونشأ مع أخواله من كلب في باديتهم، وبعد في مغيبة ذلك عن مكة: فسمي بذلك قصيًا والله أعلم. وكان يدعى مجمعًا، لأنه جمع قبائل قريش بمكة في حين انصرافه إليها، وقد ذكرنا ذلك في صدر كتاب (القبائل) . وقد قيل اسم عَبْد مناف المغيرة، ويكنى أبا عَبْد شمس. وأما عَبْد المطلب فقيل أسمه عامر، ولا يصح والله أعلم. وقيل: [اسمه شيبة، وقيل] بل اسمه عَبْد المطلب. وكان يقال له شيبة الحمد لشيبة كانت في ذؤابته ظاهرة.
ومن قَالَ اسمه شيبة قَالَ: إنما قيل له عبد المطلب، لأن أباه هاشمًا قَالَ لأخيه المطلب، وهو بمكة حين حضرته الوفاة: أدرك عبدك [المطلب] بيثرب، فمن هناك سمي عَبْد المطلب، ولا يختلفون أنه يكنى أبا الحارث، بابنه الحارث، وكان أكبر ولده. وأمه سلمى بنت زيد، وقبل بنت عمرو بن زيد من بنى عدي بن النجار، ويقال: إنه أول من خضب بالسواد.
أخبرنا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ، قَالَ: أخبرنا أبو العباس محمد [ابن إسحاق] ابن إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن حنبل،
قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: اسْمُ عَبْدُ الْمُطَلَّبِ شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ. وَهَاشِمٌ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَعَبْدُ مَنَافٍ اسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قصىّ وقصيّ اسمه زيد ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي. قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ:
أَبُو طَالِبٍ اسْمُهُ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَالَ أبو عمر: أم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم آمنة بنت وهب ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة، قرشية زهرية، تزوّجها عبد الله ابن عبد المطلب، وهو ابن ثلاثين سنة، وقيل: بل كان يومئذ ابن خمس وعشرين سنة، خرج به أبوه عَبْد المطلب إلى وهب بن عَبْد مناف فزوجه ابنته. وقيل: كانت آمنة في حجر عمها وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة، فأتاه عَبْد المطلب، فخطب إليه ابنته هالة بنت وهيب لنفسه، وخطب على ابنه عَبْد الله آمنة بنت وهب، فزوجه وزوج ابنه في مجلس واحد، فولدت آمنة لعبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وولدت هالة لعبد المطلب حمزة، فأرضعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وحمزة ثويبة جارية أبي لهب، وأرضعت معهما أبا سلمة الأسدي، فكان رسول الله صلّى الله عليه آله وَسَلَّمَ يكرم ثويبة، وكانت تدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن تزوّج خديجة، وكانت خديجة تكرمها، وأعتقها أبو لهب بعد ما هاجر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يبعث إليها من المدينة بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر، فبلغت وفاتها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فسأل عن ابنها مسروح وبلبنه أرضعته، فقيل له: قد مات، فسأل عن قرابتها فقيل له:
لم يبق منهم أحد.
حدثنا سعيد بن نصر، قال: حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زيد عن بن عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَلا تَتَزَوَّجَ ابْنَةَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ [بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ] وَعَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان، قالا: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَدْ حُدِّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟ لَوْ أَنِّي لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ لَمْ تَحِلَّ لِي. إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. ثم استرضع له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في بني سعد بن بكر، حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، وردته ظئره حليمة إلى أمه آمنة بنت وهب بعد خمس سنين ويومين من مولده، وذلك سنة ست من عام الفيل،
فأخرجته آمنة إلى أخوال أبيه بني النجار تزورهم به بعد سبع سنين من عام الفيل، ووفيت أمه آمنة بعد ذلك بشهر بالأبواء ومعها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فقدمت به أم أيمن مكة بعد موت أمه بخمسة أيام، وسنذكر خبر حليمة وخير أم أيمن من بابهما في كتاب النساء في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
وقال الزبير: حملت به أمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في أيام التشريق في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى، وولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بمكة في الدار التي كانت تدعى لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، وذلك يوم الاثنين [لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان. وقيل: بل ولد يوم الاثنين] في ربيع الأول لليلتين خلتا منه. قَالَ أبو عمر: وقد قيل لثمان خلون منه.
وقيل. إنه ولد أول اثنين من ربيع الأول، وقيل: لاثنتي عشرة ليلة خلت منه عام الفيل، إذ ساقه الحبشة إلى مكة في جيشهم يغزون البيت، فردهم الله عنه، وأرسل عليهم طيرًا أبابيل [فأهلكتهم] .
وقيل أنه ولد في شعب بني هاشم، ولا خلاف أنه ولد عام الفيل:
يروى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قَالَ: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفيل. وهذا يحتمل أن يكون أراد اليوم الّذي حبس الله الفيل فيه عن وطء البيت الحرام، وأهلك الذين جاءوا به. ويحتمل أن يكون أراد بقوله يوم الفيل عام الفيل. وقيل: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد قدوم الفيل بشهر. وقيل: بأربعين يومًا. وقيل بخمسين.
يومًا. فأما الخوارزمي مُحَمَّد بن موسى فقال: كان قدوم الفيل مكة وأصحابه لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم. وقد قَالَ ذلك غير الخوارزمي أيضًا، وزاد يوم الأحد قَالَ: وكان أول المحرم تلك السنة يوم الجمعة.
قَالَ الخوارزمي وولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك بخمسين يومًا، يوم الاثنين لثمان خلت من ربيع الأول، وذلك يوم عشرين من نيسان. قَالَ: وبعث نبيّا يوم الاثنين لثمان أيضا من ربيع الأول، وذلك سنة إحدى وأربعين عام الفيل، فكان من مولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى أن بعثه الله تعالى أربعون سنة ويوم، ومن مبعثه إلى أول المحرم من السنة التي هاجر فيها اثنتا عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرون يومًا، وذلك ثلاث وخمسون سنة تامة من أول عام الفيل.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عن خالد بن أبي عمران عن حنش عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثنين، وحرج مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الاثنين، وكانت بدر يَوْمَ الاثْنَيْنِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: الأكثر على أن وقعة بدر كانت يوم الجمعة صبيحة سبع شرة من شهر رمضان، وما رأيت أحدًا ذكر أنها كانت يوم الاثنين
إلا في هذا الخبر من رواية ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش، ولا حجة في مثل هذا الإسناد عند جميعهم، إذا خالفه من هو أكثر منه.
قَالَ الخوارزمي: وقدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينة مهاجرًا يوم الاثنين، وهو اليوم الثامن من ربيع الأول سنة أربع وخمسين من عام الفيل، وهي سنة إحدى من الهجرة، يوم عشرين من أيلول فكان مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى يوم هاجر ودخل المدينة ثلاث عشرة سنة كاملة، ومكث بالمدينة عشر سنين وشهرين إلى أن مات، وذلك يوم الاثنين أول يوم من ربيع الأول سنة أربع وستين من عام الفيل، ومن الهجرة سنة إحدى عشرة، وهذا كله قول الخوارزمي، وهذا الذي قَالَ هو معنى قول ابن عباس، إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أقام بمكة ثلاث عشرة سنة، يعنى بعد المبعث، وبالمدينة عشر سنين، ويشهد بصحة ذلك قول أبى قيس صرمة بن قيس الأنصاري:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه ... فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا
فلما أتانا واستقرت به النوى ... وأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وأصبح لا يخشى ظلامة ظالم ... بعيد، ولا يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الأموال من جل مالنا ... وأنفسنا عند الوغى والتآسيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم ... جميعا وإن كان الحبيب المواتيا
ونعلم أن الله لا شيء غيره ... وأن كتاب الله أصبح هاديا
وروينا هذه الأبيات من طرق عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وهذا أكمل الروايات فيها.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عبد الله بن محمد بن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أُبَيٌّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِمْلاءً، قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، قَالَ قُلْتُ لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: كَمْ لَبِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: عَشْرَ سِنِينَ.
فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَبِثَ بِمَكَّةَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ.
قَالَ سفيان بن عيينة: وأخبرنا يحيى بن سعيد قَالَ: سمعت عجوزًا من الأنصار يقول: رأيت ابن عباس يختلف إلى صرمة بن قيس يتعلّم منه هذه الأبيات:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا
فذكر الأبيات كما ذكرتها سواء إلى آخرها.
قَالَ أبو عمر: ومات أبوه عَبْد الله بن عَبْد المطلب وأمه حامل به. وقيل:
بل توفي أبوه بالمدينة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابن ثمانية وعشرين شهرا،
وقبره بالمدينة في دار من دور بنى عدي بن النجار، وكان خرج إلى المدينة يمتار تمرًا. وقيل: بل خرج به إلى أخواله زائرًا وهو ابن سبعة أشهر.
وقيل: بل توفي أبوه وهو ابن شهرين، فكفله جده عَبْد المطلب. وفي خبر سيف بن ذي يزن: مات أبوه وأمه فكفله جده وعمه. وقد قيل: إن عَبْد الله ابن عَبْد المطلب توفي والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابن ثمانية وعشرين شهرًا.
وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قَالَ: بعث عَبْد المطلب ابنه عَبْد الله يمتار له تمرًا من يثرب، فمات بها، وكانت وفاته وهو شاب عند أخواله بنى النجار بالمدينة، ولم يكن له ولد غير رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وتوفيت أمه آمنة بالأبواء بين مكة والمدينة، وهو ابن ست سنين.
وقيل: ابن سبع سنين. وقال مُحَمَّد بن حبيب [في كتاب المحبّر ] : توفّيت أمّه صلى الله عليه وسلم، وهو ابن ثمان سنين. فال: وتوفّى جده عَبْد المطلب بعد ذلك بسنة وأحد عشر شهرًا، سنة تسع من أول عام الفيل.
وقيل: إنه توفي جده عَبْد المطلب، وهو ابن ثمان سنين. وقيل: بل توفي جده وهو ابن ثلاث سنين، فأوصى به إلى أبي طالب فصار في حجر عمه أبي طالب حتى بلغ خمس عشرة سنة، وكان أبو طالب يحبه، ثم انفرد بنفسه، وكان مائلا إلى عمه أبى طالب لو جاهته في بني هاشم وسنه، وكان مع ذلك شقيق أبيه، وخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع عمه في تجارة إلى الشام سنة ثلاث عشرة من عام الفيل، فرآه بحيرا الراهب، فقال: احتفظوا به فإنه نبي.
وشهد بعد ذلك بثمان سنين يوم الفجار سنة إحدى وعشرين، وخرج إلى الشام في تجارة لخديجة بنت خويلد، فرآه نسطور الراهب وقد أظلته غمامة فقال:
هذا نبي، وذلك سنة خمس وعشرين. وتزويج رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ بنت خويلد بن أسد بعد ذلك بشهرين وخمسة وعشرين يومًا، في عقب صفر سنة ست وعشرين، وذلك بعد خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام من يوم الفيل، وقال الزهري: كانت سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تزوج خديجة إحدى وعشرين سنة.
وقال أبو بكر بن عثمان وغيره: كان يومئذ ابن ثلاثين سنة. قالوا:
وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة، ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة.
وشهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنيان الكعبة، وتراضت قريش بحكمه في وضع الحجر بعد ذلك بعشر سنين، وذلك سنة ثلاث وثلاثين.
قَالَ أبو عمر رضى الله عنه: لو صح هذا لكانت سن خديجة يوم تزوجها خمسًا وأربعين سنة. وقال مُحَمَّد بن جبير بن مطعم: بنيت الكعبة على رأس خمس وعشرين سنة من عام الفيل. وقيل: بل كان بين بنيان الكعبة وبين مبعث النبي صلّى الله عليه وسلم خمس سنين، ثم نبّاه الله تعالى وهو ابن أربعين سنة، وكان أول يوم أوحى الله تعالى إليه فيه يوم الاثنين، فأسر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أمره ثلاث سنين أو نحوها، ثم أمره الله تعالى بإظهار دينه والدعاء إليه، فأظهره بعد ثلاث سنين من مبعثه. وقال الشعبي: أخبرت أن إسرافيل تراءى له ثلاث سنين.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لأَرْبَعِينَ، وَوُكِّلَ بِهِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَلاثَ سِنِينَ، ثُمَّ وُكِّلَ بِهِ جِبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ.
قَالَ: وأخبرنا أحمد بن حنبل، قَالَ حَدَّثَنَا هشيم ، قال حدثنا داود ابن أبى هند عن الشعبي، قال: نبيّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر مثله.
قَالَ: ثم بعث إليه جبريل عليه السلام بالرسالة.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَقُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَلاثَ سِنِينَ، فَكَانَ يُعَلِّمُهُ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمَّا مَضَتْ ثَلاثُ سِنينَ قُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ عِشْرِينَ سَنَةً.
وقيل: كان مبعثه صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وهو ابن أربعين سنة وشهرين وعشرة أيام. وقيل: بل كان مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لتمام أربعين سنة من مولده يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة أربعين، وممن قَالَ: إنه عليه السلام نبي وهو ابن أربعين سنة عَبْد الله بن عباس، ومحمد بن جبير بن مطعم، وقباث بن أشيم، وعطاء، وسعيد
ابن المسيب، وأنس بن مالك، وهو الصحيح عند أهل السير وأهل العلم بالأثر، فلما دعا قومه إلى دين الله نابذوه، فأجاره عمه أبو طالب، ومنع منه قريشًا لأنهم أرادوا قتله لما دعاهم إليه من ترك ما كانوا عليه هم وآباؤهم، ومفارقته لهم في دينه، وتسفيه أحلامهم في عبادة أصنام لا تبصر ولا تسمع، ولا تضر ولا تنفع، فلم يزل في جوار عمه أبي طالب إلى أن توفي أبو طالب، وذلك في النصف من شوال في السنة الثامنة. وقيل: العاشرة من مبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وحصرت قريش النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بني هاشم ومعهم بنو المطلب في الشعب بعد المبعث بست سنين، فمكثوا في ذلك الحصار ثلاث سنين، وخرجوا منه في أول سنة خمسين من عام الفيل.
وتوفي أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر، وتوفيت خديجة بعده بثلاثة أيام.
وقد قيل غير ذلك، وولد عَبْد الله بن عباس رضي الله عنه في الشعب قبل خروج بني هاشم منه. وقيل: إنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان ابن ثلاث عشرة سنة يوم مات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. وكان أبو طالب قد أسلم ابنه عليًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك أن قريشًا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ للعباس عمه- وكان من أيسر بني هاشم: يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال، فانطلق بنا لنخفّف عنه
من عياله. فقال: نعم. فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقال له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى يكشف الله عن الناس ما هم فيه. فقال لهما أبو طالب:
إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما. فأخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عليًا فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرًا فضمه إليه، فلم يزل علي رضى الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى ابتعثه الله نبيًا، وحتى زوجه من ابنته فاطمة على جميعهم الصلاة والسلام.
وتزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، على اختلاف في ذلك قد ذكرناه.
وكان موتها بعد موت عمه أبي طالب بأيام يسيرة. قيل: ثلاثة أيام.
وقيل: سبعة. وقيل: كان بين موت أبي طالب وموت خديجة شهر وخمسة أيام. وتوفي أبو طالب وهو ابن بضع وثمانين سنة وتوفيت خديجة وهي ابنة خمس وستين سنة، فكانت مصيبتان توالتا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بوفاة عمه أبى طالب ووفاة خديجة رضى الله عنها. وقيل: توفيت خديجة بعد ما تزوجها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بأربع وعشرين سنة وستة أشهر وأربعة أيام قبل الهجرة بثلاث سنين وثلاثة أشهر ونصف شهر.
وفي عام وفاة خديجة تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سودة وعائشة، ولم يتزوج على خديجة حتى ماتت رضى الله عنها. وكانت وفاة أبي طالب وخديجة قبل الهجرة بثلاث سنين. وقيل: بسنة. وقيل: كانت وفاتهما سنة عشر من المبعث في أولها، والله أعلم.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ حدثنا محمد بن عبد الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْرُوفٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ حَدَّثَنَا يحيى ابن معين، قال حدثنا هشام بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ. وَلَفْظُهُمَا وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ. قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ الله ابن أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَ: يَا عَمِّ، قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عند الله.
فقال له أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَمُيَّةَ. يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! فَلَمْ يَزَالا بِهِ حَتَّى كَانَ آخِرُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِّبِ. فقال النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ. فَنَزَلَتْ : مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ ... 9: 113 إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وَنَزَلَتْ : إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ... 28: 56 الآيَةَ. قَالَ ابن شهاب: قَالَ عروة بن الزبير: ما زالوا- يعني قريشًا- كافين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات أبو طالب. ولم تمت خديجة فيما ذكر ابن إسحاق وغيره إلا بعد الإسراء، وبعد أن صلت الفريضة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
قَالَ أبو عمر: قَالَ ابن إسحاق وغيره: لما توفى أبو طالب وتوفّيت بعده خديجة بأيام يسيرة خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى الطائف، ومعه زيد بن حارثة، وطلب منهم المنعة، فأقام عندهم شهرًا ولم يجد فيهم خيرًا، ثم رجع إلى مكة في جوار المطعم بن عدي. قيل: كان ذلك سنة إحدى وخمسين من عام الفيل، وفيها قدم عليه جن نصيبين بعد ثلاثة أشهر فاسلموا.
وأسرى به إلى بيت المقدس بعد سنة ونصف من حين رجوعه إلى مكة من الطائف سنة اثنتين وخمسين، وقد ذكرنا الاختلاف في تاريخ الإسراء في كتاب (التمهيد) عند ذكر فرض الصلاة والحمد للَّه.
[قَالَ ابن شهاب] عن ابن المسيب: عرج به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى بيت المقدس وإلى السماء قبل خروجه إلى المدينة بسنة. وقال غيره:
كان بين الإسراء إلى اليوم الذي هاجر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة وشهران، وذلك سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل.
قَالَ أبو عمر: قَالَ ابن إسحاق وغيره: مكث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بعد مبعثه بمكة إلى أن أذن الله له بالهجرة داعيًا إلى الله صابرًا على أذى قريش وتكذيبهم له إلا من دخل في دين الله منهم، واتبعه على ما جاء به ممن هاجر إلى أرض الحبشة فارّا بدينه، ومن بقي معه بمكة في منعة من قومه، حتى أذن له الله بالهجرة إلى المدينة، وذلك بعد أن بايعه وجوه الأوس والخزرج بالعقبة على أن يؤووه وينصروه، حتى يبلّغ عن الله رسالته،
ويقاتل من عانده وخالفه، فهاجر إلى المدينة، وكان رفيقه إليها أبو بكر الصديق رضى الله عنه لم يرافق غيره من أصحابه، وكان يخدمهما في ذلك السفر عامر بن فهيرة، وكان مكثه بمكة بعد أن بعثه الله عز وجل ثلاث عشرة سنة. وقيل: عشر سنين. وقيل: خمس عشرة سنة، والأول أكثر وأشهر عند أهل السير.
ثم أذن الله له في الهجرة إلى المدينة يوم الاثنين، فخرج معه أبو بكر إليها، وكانت هجرة إلى المدينة في ربيع الأول، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وقدم المدينة يوم الاثنين قريبًا من نصف النهار في الضحى الأعلى لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول. هذا قول ابن إسحاق. وقال ابن إسحاق وغيره: كانت بيعة العقبة حين بايعته الأنصار في أوسط أيام التشريق في ذي الحجة، وكان مخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة بعد العقبة بشهرين وليال، وخرج لهلال ربيع الأول، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت منه.
قال أبو عمر: قد روى عن ابن شهاب أنه قدم المدينة لهلال ربيع الأول.
وقال عَبْد الرحمن بن المغيرة: قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينة يوم الاثنين لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة إحدى. وقال الكلبي: خرج من الغار ليلة الاثنين أول يوم من ربيع الأول، وقدم المدينة يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت منه.
قَالَ أبو عمر: وهو قول ابن إسحاق إلا في تسمية اليوم فإن ابن إسحاق يقول: يوم الاثنين والكلبي يقول: يوم الجمعة، واتفقا لاثنتي عشرة ليلة خلت
من ربيع الأول. وغيرهما يقول لثمان خلت منه، فالاختلاف أيضا في تاريخ قدومه المدينة كما ترى.
قَالَ ابن إسحاق، فنزل علي أبي قيس كلثوم بن الهدم بن امرئ القيس أحد بني عمرو بن عوف، فأقام عنده أربعة أيام. وقيل: بل كان نزوله في بنى عمرو ابن عوف على سعد بن خيثمة، والأول أكثر. فأقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس مسجدهم، وخرج من بني عمرو بن عوف منتقلا إلى المدينة، فأدركته الجمعة في بني سالم فصلاها في بطن الوادي، ثم ارتحل إلى المدينة فنزل على أبي أيوب الأنصاري، فلم يزل عنده حتى بنى مسجده في تلك السنة، وبنى مساكنه، ثم انتقل، وذلك في السنة الأولى من هجرته.
وقال غير ابن إسحاق: نزل في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين إلى يوم الجمعة، ثم خرج من عندهم غداة يوم الجمعة على راحلته معه الناس، حتى مر ببني سالم لوقت الجمعة، فجمع بهم، وهي أول جمعة جمعها رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بالمدينة، ثم ركب لا يحرك راحلته، وهو يقول: دعوها فإنها مأمورة.
فمشت حتى بركت في موضع مسجده الذي أنزله الله به في بني النجار، فنزل عشية الجمعة سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل. ومن مقدمة المدينة أرخ التاريخ في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ولم يغز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه تلك السنة. وآخى بين المهاجرين والأنصار بعد ذلك بخمسة أشهر، وبعث عمه حمزة في جمادى الأولى، فكان أول من غرا في سبيل
الله، وأول من عقدت له راية في الإسلام، خرج في ثلاثين راكبًا إلى سيف البحر، فلقوا أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة من قريش، فحجز بينهم رجل من جهينة، فافترقوا من غير قتال، ثم بعث عبيدة بن الحارث في خمسين راكبًا يعارض عيرًا لقريش، فلقوا جمعًا كثيرًا فتراموا بالنبل، ولم يكن بينهم مسايفة.
وقيل: إن سرية عبيدة كانت قبل سرية حمزة، وفيها رمى سعد، وكان أول سهم رمي به فِي سبيل اللَّه. وقيل: أول لواء عقده رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن جحش، والأول أصح، والله أعلم.
والأكثر على أن سرية عَبْد الله بن جحش كانت في سنة اثنتين في غرة رجب إلى نخلة، وفيها قتل ابن الحضرمي لليلة بقيت من جمادى الآخرة. ثم غزا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أهل الكفر من العرب. وبعث إليهم السرايا، وكانت غزواته بنفسه ستًا وعشرين غزوة، هذا أكثر ما قيل في ذلك.
وكانت أشرف غزواته وأعظمها حرمة عند الله وعند رسوله وعند المسلمين غزوة بدر الكبرى، حيث قتل الله صناديد قريش، وأظهر دينه وأعزه الله من يومئذ، وكانت بدر في السنة الثانية من الهجرة لسبع عشرة من رمضان صبيحة يوم الجمعة، وليس في غزواته ما يعدل بها في الفضل، ويقرب منها إلا غزوة الحديبية، حيث كانت بيعة الرضوان، وذلك سنة ست من الهجرة، وكانت بعوثه وسراياه خمسًا وثلاثين من بين بعث وسرية.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: كَمْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم؟
قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَغَزَوْتُ مَعَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَسَبَقَنِي بِغَزْوَتَيْنِ.
واعتمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثلاث عمر. وفي قول من جعله قارنًا في حجة أربع عمر. وقد بينا ذلك في كتاب «التمهيد» .
وافترض عليه الحج بالمدينة، وكذلك سائر الفرائض فيما أمر به أو حرم عليه إلا الصلاة فإنها افترضت عليه حين أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وذلك بمكة، ولم يحج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من المدينة غير حجته الواحدة، حجة الوداع، وذلك سنة عشر من الهجرة.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وَآلِهِ وَسَلَّمَ عددًا كثيرًا من النساء، خص بذلك دون أمته بجمع أكثر من أربع، وأحلّ له فيهن ما شاء، فالمجمع عليه من أزواجه إحدى عشرة امرأة وهن:
خديجة بنت خويلد، أول زوجة كانت له، لم يجمع قط معها غيرها، وسنذكر أخبارها ونسبها وولدها من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وكثيرًا من فضائلها وخبرها في بابها من كتاب النساء من هذا الديوان، وكذلك نذكر كل واحدة منهن في موضع اسمها من ذلك الكتاب إن شاء الله تعالى.
ثم سودة بنت زمعة بن قيس. من بني عامر بن لؤي، تزوجها في قول الزهري قبل عائشة رضى الله عنها بمكة، وبنى بما بمكة في سنة عشر من النبوة.
وعائشة بنت أبي بكر الصديق رضى الله عنهما تزوجها بمكة قبل سودة، وقيل بعد سودة، وأجمعوا على أنه لم يبن بها إلا في المدينة. قيل سنة
هاجر، وقيل سنة اثنتين من الهجرة في شوّال، وهي ابنة تسع سنين، وكانت في حين عقد عليها بنت ست سنين. وقيل بنت سبع سنين.
وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما. تزوجها سنة ثلاث في شعبان.
وزينب بنت خزيمة. وهي من بني عامر بن صعصعه، وكان يقال لها أم المساكين، تزوجها سنة ثلاث، فكانت عنده شهرين أو ثلاثة، وتوفيت، ولم يمت أحد من أزواجه في حياته غيرها وغير خديجة قبلها.
وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، واسمها هند، تزوجها سنة أربع في شوال.
وزينب بنت جحش الأسدية من بني أسد بن خزيمة، تزوجها في سنة خمس من الهجرة في قول قتادة، وخالفه غيره على ما نذكره في بابها من كتاب النساء.
وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية، واسمها رملة، تزوجها سنة ست، وبنى بها سنة سبع، زوجه إياها النجاشي. واختلف فيمن عقد عليها على ما يأتي به الخبر عند ذكرها في بابها من كتاب النساء إن شاء الله تعالى.
وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار من بني المصطلق، كانت قد وقعت في سهم ثابت بن قيس، وذلك في سنة ست. وقيل سنة خمس، وهو الأكثر
والصواب: فكاتبها فأذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابتها وتزوجها.
وميمونة بنت الحارث [بن حزن] الهلالية، من بني هلال بن عامر بن صعصعه، نكحها سنة سبع في عمرة القضاء. على حسب ما ذكرناه في بابها من كتاب النساء.
وصفية بنت حيي بن أخطب اليهودي، وقعت في سهم دحية بن خليفة الكلبي، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منه بأرؤس اختلفوا في عددها، وأعتقها وتزوجها، وذلك سنة سبع.
فهؤلاء أزواجه اللواتي لم يختلف فيهن، وهن إحدى عشرة امرأة، منهن ست من قريش، وواحدة من بني إسرائيل من ولد هارون، وأربع من سائر العرب. وتوفي في حياته منهن اثنتان خديجة بنت خويلد بن أسد بمكة، وزينب بنت خزيمة بالمدينة، وتخلف منهن تسع بعده صلّى الله عليه وَسَلَّمَ.
وأما اللواتي أختلف فيهن ممن ابتنى بها وفارقها أو عقد عليها، ولم يدخل بها، أو خطبها ولم يتم له العقد منها، فقد اختلف فيهن، وفي أسباب فراقهن اختلافًا كثيرًا يوجب التوقف عن القطع بالصحة في واحدة منهن، وقد ذكرنا جميعهن كل واحدة منهن في بابها من كتاب النساء من كتابنا هذا، والحمد للَّه وحده.
ثم بدأ برسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم مرصه الّذي مات منه
يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة في بنت ميمونة، ثم انتقل حين اشتد وجعه إلى بيت عائشة. وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قد ولد يوم الاثنين، ونبيّ يوم الاثنين، وخرج من مكة مهاجرًا يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، وقبض صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الاثنين ضحى في مثل الوقت الذي دخل فيه المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، ودفن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الثلاثاء حين زاغت الشمس. وقيل: بل دفن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ليلة الأربعاء.
ذكر ابن إسحاق قَالَ: حدثتني فاطمة [بنت مُحَمَّد] عن عمرة عن عائشة قالت: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل ليلة الأربعاء، وصلى عليه علي والعباس رضى الله عنهما وبنو هاشم، ثم خرجوا، ثم دخل المهاجرون، ثم الأنصار، ثم الناس يصلون عليه أفذاذًا، لا يؤمهم أحد، ثم النساء والغلمان.
وقد أكثر الناس في ذكر من أدخله قبره وفي هيئة كفنه وفي صفة خلقه وخلقه وغزواته وسيره مما لا سبيل في كتابنا هذا إلى ذكره. وإنما أجرينا من ذكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ هاهنا لمعًا يحسن الوقوف عليها والمذاكرة بها، تبركًا بذكره في أول الكتاب، والله الموفق للصواب.
وأصح ذلك أنه نزل في قبره العباس عمه، وعليّ رضى الله عنهما معه، وقشم بن العباس، والفضل بن العباس، ويقال: كان أوس بن خولي وأسامة بن زيد معهم، وكان آخرهم خروجًا من القبر قثم بن العباس، وكان آخر الناس عهدًا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ذكر ذلك ابن عباس وغيره. وهو الصحيح. وقد ذكر عن المغيرة بن شعبة في ذلك خبر لا يصح أنكره أهل العلم ودفعوه. وألحد له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وبنى في قبره اللبن، يقال تسع لبنات، وطرح في قبره سمل قطيفة كان يلبسها، فلما فرغوا من وضع اللبن أخرجوها وأهالوا التراب على لحده، وجعل قبره مسطوحًا ورش عليه الماء رشًا.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعَفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: مَا صُدِّقَ نَبِيٌّ مَا صُدِّقْتُ، وَإِنَّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ. وأما فضائله وأعلام نبوته فقد وضع فيها جماعة من العلماء، وجمع كل منها ما انتهت إليه روايته ومطالعته، وهي أكثر من أن تحصى. ومما رثي به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قول صفية عمته. قَالَ الزبير: حدثني عمي مصعب بن عَبْد الله، قَالَ: حدثني أبي عَبْد الله بن مصعب، قَالَ: رويت عن هشام بن عروة لصفية بنت عَبْد المطلب ترثي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم:
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا ... وكنت بنا برًا ولم تك جافيا
وكنت رحيمًا هاديا ومعلّما ... ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمرك ما أبكى النبيّ لفقده ... ولكن لما أخثى من الهرج آتيا
كأن على قلبي لذكر مُحَمَّد ... وما خفت من بعد النبي المكاويا
أفاطم صلى الله رب مُحَمَّد ... على جدث أمسى بيثرب ثاويا
فدى لرسول الله أمي وخالتي ... وعمي وآبائي ونفسي وماليا
صدقت وبلغت الرسالة صادقا ... ومتّ صليب العود أبلج صافيا
فلو أن رب الناس أبقى نبينا ... سعدنا ولكن أمره كان ماضيا
عليك من الله السلام تحية ... وأدخلت جنات من العدن راضيا
أرى حسنا أيتمته وتركته ... يبكي ويدعو جده اليوم نائيا
وكان له صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أسماء وصفات جاءت عنه في أحاديث شتى بأسانيد حسان. قَالَ: أنا مُحَمَّد، وأنا أحمد، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الذي ختم الله بي النبوة، وأنا العاقب فليس بعدي نبي، وأنا المقفى بعد الأنبياء كلهم، ونبي التوبة، ونبي الرحمة، ونبي الملحمة، ويروى الملاحم. جاء هذا كلّه عنه في آثار شتى من وجوه صحاح، وطرق حسان، وكان يكنى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، لا خلاف في ذلك. حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قالا: حدّثنا قاسم بن صبغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، حدثنا أبو يعقوب [الحنينى]
عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: تَسَمُّوا بِاسْمِي، وَلا تَكَنُّوا بِكُنْيَتِي، فَإِنِّي أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد السلام الختنيّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: لا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي فَإِنَّمَا أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، اللَّهُ يُعْطِي، وَأَنَا أَقْسِمُ. وأما ولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فكلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وولده من خديجة أربع بنات لا خلاف في ذلك، أكبر هنّ زينب بلا خلاف وبعدها أم كلثوم، وقيل بل رقية، وهو الأولى والأصح، لأن رقية تزوجها عثمان قبل، ومعها هاجر إلى أرض الحبشة، ثم تزوج بعدها، وبعد وقعة بدر أم كلثوم، وسيأتي ذكر كل واحدة منهن في بابها من كتاب النساء في هذا الديوان إن شاء الله تعالى. وقد قيل: إن رقيّة أصغرهنّ، والأكثر والصحيح أنّ أصغر هنّ فاطمة رضى الله عنها وعن جميعهن.
واختلف في الذكور، فقيل أربعة: القاسم، وعبد الله، والطيب، والطاهر. وقيل: ثلاثة، ومن قَالَ هذا قَالَ عَبْد الله سمي الطيب، لأنه ولد في الإسلام، ومن قَالَ غلامان قَالَ القاسم، وبه كان يكنى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وعبد الله قيل له الطيب والطاهر، لأنه ولد بعد المبعث، وولد القاسم قبل المبعث، ومات القاسم بمكة قبل المبعث، وقد ذكرنا الاختلاف
في ذلك كله وسمّينا القائلين به في باب خديجة من كتاب النساء من هذا الديوان .
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنّ مُحَمَّدَ بْنَ عيسى حدّثهم قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلافُ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ شعيب بن أبى حمزة عن عطاء الخراساني، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً، وَسَمَّاهُ محمدا صلّى الله عليه وسلم. قال يحيى بن أيوب: ما وجدنا هذا الحديث عند أحد إلا عند ابن أبي السري.
وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولد مختونًا من حديث عَبْد الله بن عباس عن أبيه العباس بن عَبْد المطلب قَالَ: ولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مختونًا مسرورًا، يعني مقطوع السرة، فأعجب بذلك جدّه عبد المطلب، وقال: ليكوننّ لابني هذا شأن عظيم. وليس إسناد حديث العباس هذا بالقائم. وفي حديث ابن عباس عن أبي سفيان في قصته مع هرقل- وهو حديث ثابت من جهة الإسناد- دليل على أن العرب كانت تختتن، وأظن ذلك من جهة مجاورتهم في الحجاز ليهود، والله أعلم.
واختلف في سنة صلّى الله عليه وسلم يوم مات، فقيل ستون سنة، روى
ذَلِكَ رَبِيعَةُ وَأَبُو غَالِبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمَالِكِ ابن أَنَسٍ. وَقَدْ رَوَى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، ذكره أحمد بن زهير عن المثنى بن معاذ عن بشر بن المفضل عن حميد عن أنس، وهو قول دغفل بن حنظلة السدوسي النسابة. ورواه معاذ عن هشام عن قتادة عن أنس، ورواه الحسن البصري عن دغفل بن حنظلة قَالَ: توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وهو ابن خمس وستين سنة. ولم يدرك دغفل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. قَالَ البخاري:
ولا نعرف للحسن سماعًا من دغفل. قَالَ البخاري: وروى عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قَالَ: توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ابن خمس وستين سنة. قَالَ البخاري: ولا يتابع عليه عن ابن عباس إلا شيء رواه العلاء بن صالح عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَرَوَى عِكْرِمَةُ وأبو سلمة وَأَبُو ظَبْيَانَ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبض وهو ابن ثلاث وستين سنة.
قال أبو عمر رضي الله عنه: قد تابع عمار بن أبي عمار على روايته المذكورة عن ابن عباس رضى الله عنهما يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما في خمس وستين. والصحيح عندنا رواية من روى ثلاثا رواه عن ابن عباس من تقدم ذكر البخاري لهم في ذلك، ورواه كما رواه أولئك ممن لم يذكره البخاري أبو حمزة ومحمد بن سيرين
ومقسم عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ توفي وهو ابن ثلاث وستين. ولم يختلف عن عائشة أنه توفي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهو قول مُحَمَّد بن علي، وجرير بن عَبْد الله البجلي وأبي إسحاق السبيعي ومحمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ [بْنِ سَهْلٍ] ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر عن مُحَمَّدِ بْنِ الْوَرْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلافُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بْنِ أَبِي هِلالٍ، [عَنْ هِلالِ] بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّا لَنَجِدُ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم. إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً 33: 45، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَسْتَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ فِي الأسواق، ولا تجزى بسيئة مثلها ولكن تعفو وَتَتَجَاوَزُ، وَلَنْ أَقْبِضَكَ حَتَّى أُقِيمَ بِكَ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَفْتَحُ بِكَ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وقلوبا غلفا. قال عطا بن يسار:
وأخبرني أبو واقد الليثي أنه سمع كعب الأحبار يقول مثل ما قَالَ عَبْد الله بن سلام رضى الله عن جميعهم.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=153659&book=5525#f4f72e
مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب هُوَ الْمَعْرُوف بِابْن الْحَنَفِيَّة مَشْهُور فِي التَّهْذِيب
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=153659&book=5525#dc2f7e
محمد بن علي بن أبي طالب
ابن الحنفية أبو القاسم، ويقال: أبو عبد الله الهاشمي، المعروف بابن الحنفية وفد على معاوية وعلي عبد الملك بن مروان.
قال محمد بن الحنفية: قدمت على معاوية بن أبي سفيان فسألني عن العمرى فقلت: جعلها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن أعطيها، قال: تقولون ذلك؟ قلت: نعم؛ قال: فإني أشهد أني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أعمر عمرى فهي له يرثها من عقبه من يرثه ".
وحدث محمد بن الحنفية، عن علي، قال: كنت رجلاً مذاءً فكرهت أن أسأله يعني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: " منه الوضوء ".
قال أبو عاصم: صرع محمد بن علي مروان يوم الجمل وجلس على صدر مروان، فلما وفد محمد علي عبد الملك قال له: أتذكر يوم جلست على صدر مروان؟ قال: عفواً يا أمير المؤمنين؛ قال: أم والله ما ذكرت ذلك وأنا أريد أن أكافئك به ولكن أردت أن تعلم أني قد علمت.
وأم محمد بن علي: خولة بنت جعفر بن مسلمة بن قيس بن ثعلبة بن يربوع بن فلان بن حنيفة؛ وسمته الشيعة المهدي، فقال كثير: من الوافر
هو المهدي أخبرناه كعبٌ ... أخو الأحبار في الحقب الخوالي
فقيل لكثير: لقيت كعب الأحبار؟ قال: لا؛ قيل: فلم قلت: أخبرناه كعبٌ؟ قال: بالوهم.
وقال كثير أيضاً: من الوافر
ألا إن الأئمة من قريشٍ ... ولاة الحق أربعةٌ سواء
علي والثلاثة من بنيه ... هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبطٌ سبط إيمانٍ وبر ... وسبط غيبته كربلاء
وسبطٌ لا تراه العين حتى ... يقود الخيل يقدمها لواء
تغيب لا يرى عنهم زماناً ... برضوى عنده عسلٌ وماء
وكانت شيعة محمد بن علي يزعمون أنه لم يمت؛ وله يقول السيد: من الوافر
ألا قل للوصي فدتك نفسي ... أطلت بذلك الجبل المقاما
أضر بمعشرٍ والوك منا ... وسموك الخليفة والإماما
وعادوا فيك أهل الأرض طراً ... مقامك عنهم ستين عاما
وما ذاق ابن خولة طعم موتٍ ... ولا وارت له أرضٌ عظاما
لقد أمسى بمورق شعب رضوى ... تراجعه الملائكة الكراما
وإن له به لمقيل صدقٍ ... وأنديةً تحدته كراما
هدانا الله إذا حرتم لأمرٍ ... به وعليه نلتمس التماما
تمام مودة المهدي حتى ... تروا راياتنا تترى نظاما
وقال السيد في ذلك أيضاً: من الكامل
يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى ... وبنا إليه من الصبابة أولق
حتى متى وإلى متى وكم المدا ... يا بن الوصي وأنت حي ترزق
وكانت أم محمد بن علي من سبي اليمامة، وولد في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، وكان عبد الله بن الحسن يذكر أن أبا بكرٍ أعطى علياً أم محمد بن الحنفية.
قالت أسماء بنت أبي بكر: رأيت أم محمد بن الحنفية سنديةً سوداء، وكانت أمةً لبني حنيفة ولم تك منهم وإنما صالحهم خالد بن الوليد على الرقيق ولم يصالحهم علي أنفسهم.
قال ابن الحنفية: كانت رخصةً لعلي، قال: يا رسول الله: إن ولد لي بعدك أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: " نعم " فكنى محمد بن الحنفية أبا القاسم وسماه باسمه؛ وقيل: كانت كنيته أبو عبد الله.
وروى محمد بن علي عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن ولد لك غلام فسمه باسمي وكنه بكنيتي وهو رخصة لك دون الناس ".
وروى أيضاً عن أبيه علي قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سيولد لك ولدٌ قد نحلته اسمي وكنيتي ".
وقع بين علي وطلحة كلامٌ، فقال له طلحة: لا كجرأتك على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سميت باسمه وكنيت بكنيته وقد نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجمعهما أحد من أمته بعده؛ فقال علي: إن الجريء من اجترأ على الله وعلى رسوله، اذهب يا فلان فادع لي فلاناً وفلاناً لنفرٍ من قريش؛ قال: فجاؤوا فقال: بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إنه سيولد لك بعدي غلام فقد نحلته اسمي وكنيتي ولا يحل لأحدٍ من أمتي بعده ".
قال محمد بن الحنفية: الحسن والحسين خيرٌ مني، وأنا أعلم بحديث أبي منهما.
وفي آخر غيره: ولقد علما أنه كان يستخليني دونهما، وإني صاحب البغلة الشهباء.
قال إبراهيم بن الجنيد الختلي: لا يعلم أحد السند عن علي، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر ولا أصح مما أسند محمد بن الحنفية.
كتب ملك الروم إلى عبد الملك بن مروان يتهدده ويتوعده ويحلف له ليحملن إليه مئة ألفٍ في البر ومئة ألفٍ في البحر أو يؤدي إليه الجزية؛ فسقط في روعه، فكتب إلى الحجاج: أن أكتب إلى ابن الحنفية فتهدده وتوعده ثم أعلمني ما يرد عليك؛ فكتب الحجاج إلى ابن الحنفية بكتابٍ شديدٍ يتهدده ويتوعده فيه بالقتل، فكتب إليه ابن الحنفية: إن لله تعالى ثلاث مئة وستين لحظةً إلى خلقه، وأنا أرجو أن ينظر الله إلي نظرةً يمنعني بها منك؛ فبعث الحجاج بكتابه إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك إلى ملك الروم بنسخته، فقال ملك الروم: ما خرج هذا منك ولا أنت كتبت به، ما خرج إلا من بيت نبوة.
سأل رجل ابن عمر في مسألة فقال له: سل محمد بن الحنفية ثم أخبرني ما يقول؛ فسأله عنها فأخبره فقال ابن عمر: أهل بيتٍ مفهمون.
قال عبد الواحد بن أيمن: بعثني أبي إلى محمد بن علي فرأيته مكحول العينين، فجئت فقلت لأبي: بعثتني إلى رجل كذا وكذا وقعت فيه فقال: يا بني ذاك خير الناس.
وقع بين الحسين بن علي وبين محمد بن الحنفية كلامٌ جلس كل واحد منهما عن صاحبه، فكتب إليه محمد بن الحنفية: أبي وأبوك علي بن أبي طالب، وأمي امرأةٌ من بني حنيفة لا ينكر شرفها في قومها، ولكن أمك فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت أحق بالفضل مني فصر إلي حتى ترضاني؛ فلبس الحسين رداءه ونعله فصار إليه فترضاه.
قال الرزهي: قال رجل لمحمد بن الحنفية: ما بال أبيك كان يرمي بك في مرامٍ لا يرمي فيها الحسن والحسين؟ فقال لأنهما كانا خديه وكنت يده، فكان يتوقى بيده عن خديه.
وكان محمد بن علي يمشط رأس أمه ويذوبها يعني من الذؤابة.
وفي حديث: كان يغلف رأس أمه ويمشطها وينومها.
وعن محمد بن الحنفية، قال: ليس بالحليم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بداً حتى يجعل الله من أمره فرجاً، أو قال: مخرجاً.
سأل رجل محمد بن الحنفية فقال له: أجد غماً لا أعرف له سبباً، وقد ضاق قلبي؟ فقال محمد: غم لم تعرف له سبباً، عقوبة ذنبٍ لم تفعله فقال الرجل: فما معنى ذلك؟ فقال: المعنى في ذلك أن القلب يهم بالمعصية فلا تساعده الجوارح فيعاقب بالغم دون الجوارح.
قال محمد بن الحنفية: من كرمت نفسه عليه لم يكن للدنيا عنده قدر.
قيل لابن الحنفية: من أعظم الناس قدراً؟ قال: من لم ير الدنيا كلها لنفسه خطراً.
قال محمد بن الحنفية: إن الله جعل الجنة ثمناً لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها.
قال ابن الحنفية:
من أحب رجلاً لله أثابه الله ثواب من أحب رجلاً من أهل الجنة، وإن كان الذي أحبه من أهل النار، لأنه أحبه على خصلةٍ حسنةٍ رآها منه؛ ومن أبغض رجلاً لله
أثابه الله ثواب من أبغض رجلاً من أهل النار، وإن كان الذي أبغضه من أهل الجنة، لأنه أبغضه على خصلةٍ سيئةٍ رآها منه.
قيل لمحمد بن علي بن الحنفية: إن رجلاً من قريش يقع فيك؛ قال: بحسبي من نعم الله عز وجل على أن نجى غيري مني ولم ينجني من غيري.
قال محمد بن الحنفية: أيها الناس، اعلموا أن حوائج الناس إليكم نعم من الله عليكم فلا تملوها فتحول نقماً، واعلموا أن أفضل المال ما أفاد ذخراً وأورث ذكراً وأوجب أجراً، ولو رأيتم المعروف رجلاً لرأيتموه حسناً جميلاً يسر الناظرين ويفوق العالمين.
قال محمد بن الحنفية: الكمال في ثلاث؛ الفقه في الدين، والصبر على النوائب، وحسن تقعير المعيشة.
لما جاء نعي معاوية بن أبي سفيان إلى المدينة كان بها يومئذ الحسين بن علي ومحمد بن الحنفية وابن الزبير، وكان ابن عباس بمكة، فخرج الحسين وابن الزبير إلى مكة وأقام ابن الحنفية بالمدينة حتى سمع بدنو جيش مسرفٍ أيام الحرة، فرحل إلى مكة فأقام مع ابن عباس؛ فلما جاء نعي يزيد بن معاوية وبايع ابن الزبير لنفسه ودعا الناس إليه دعا ابن عباس ومحمد بن الحنفية إلى البيعة له فأبيا يبايعان له، وقالا: حتى تجتمع لك البلاد ويأتسق لك الناس؛ فأقاما على ذلك مرةً يكاشرهما ومرةً يلين لهما؛ ثم غلط عليهما فوقع منهم كلامٌ وشر؛ فلم يزل الأمر يغلط حتى خافا منه خوفاً شديداً؛ ومعهما النساء والذرية؛ فأساء جوارهم وحصرهم وآذاهم، وقصد محمد بن الحنفية فأظهر شتمه وعيبه وأمره وبني هاشم أن يلزموا شعبهم بمكة، وجعل عليهم الرقباء وقال: فما تقول؟ والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار فخافوا على أنفسهم.
قال أبو عامر: فرأيت محمد بن الحنفية محبوساً في زمزم والناس يمتنعون من الدخول عليه، فقلت: لأدخلن عليه، فدخلت فقلت: ما بالك وهذا الرجل؟ قال: دعاني إلى
البيعة فقلت: إنما أنا من المسلمين فإذا اجتمعوا عليك فأنا كأحدهم، فلم يرض بهذا مني فاذهب إلى ابن عباس فأقره عني السلام وقل: يقول لك ابن عمك: ما ترى؟ قال أبو عامر: فدخلت على ابن عباس وهو ذاهب البصر، فقال: من أنت؟ فقلت: أنصاري؛ فقال: رب أنصاري هو أشد علينا من عدونا فقلت: لا تخف، أنا ممن لك كله؛ قال: هات؛ فأخبرته بقول ابن الحنفية فقال: قل له: لا تعطه ولا نعمة عين إلا ما قلت ولا تزده عليه؛ فرجعت إلى ابن الحنفية فأبلغتها؛ قال ابن عباس: فهم ابن الحنفية أن يقدم إلى الكوفة، وبلغ ذلك المختار فثقل عليه قدومه فقال: إن في المهدي علامة، يقدم بلدكم هذا فيضربه رجلٌ في السوق ضربةً بالسيف لا تضره ولا تحيك فيه فبلغ ذلك ابن الحنفية فأقام يعني خاف أن يجرب فيه فيموت، فقيل له: لو بعثت إلى شيعتك بالكوفة فأعلمتهم ما أنتم فيه؛ فبعث أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة فقدم عليهم فقال: إنا لا نأمن ابن الزبير على هؤلاء القوم وأخبرهم بما هم فيه من الخوف فقطع المختار بعثاً إلى مكة فانتدب منهم أربعة آلاف فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم وقال له: سر فإن وجدت بني هاشم في الحياة فكن لهم أنت ومن معك عضداً، وانقد لما أمروك به؛ وإن وجدت ابن الزبير قد قتلهم فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى ابن الزبير ثم لا تدع من آل الزبير شغراً ولا ظفراً؛ وقال: يا شرط والله لقد أكرمكم الله بهذا المسير ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عمرٍ، وسار القوم ومعهم السلاح حتى أشرفوا على مكة فجاء المستغيث: اعجلوا فما أراكم تدركونهم؛ فقال الناس: لو أن أهل القوة عجلوا فانتدب منهم ثمان مئة رأسهم عطية بن سعد بن جنادة العوفي حتى دخلوا مكة فكبروا تكبيرةً سمعها ابن الزبير فهرب ودخل دار الندوة، ويقال: تعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله.
قال عطية:
ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما في دورٍ قد جمع لهم الحطب فأحيط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن ناراً تقع فيه ما رؤي منهم أحد حتى تقوم الساعة؛ فأخرناه
عن الأبواب وعجل علي بن عبد الله بن عباس وهو رجل فأسرع في الحطب يريد الخروج فأدمى ساقيه؛ وأقبل أصحاب ابن الزبير فكنا صفين نحن وهم في المسجد نهارنا ونهارهم لا ننصرف إلا إلى صلاةٍ حتى أصبحنا، وقدم أبو عبد الله الخيل في الناس، فقلنا لابن عباس وابن الحنفية: ذرونا نرح الناس من ابن الزبير؛ فقالا: هذا بلدٌ حرمه الله ما أحله لأحدٍ إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعةً ما أحله لأحدٍ قبله ولا يحله لأحدٍ بعده فامنعونا وأجيرونا؛ قال: فتحملوا وإن منادياً لينادي في الجبل: ما غنمت سريةٌ بعد نبيها ما غنمت هذه السرية؛ إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا؛ فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى فأقاموا بها ما شاء الله أن يقيموا ثم خرجوا إلى الطائف فأقاموا ما أقاموا؛ وتوفي عبد الله بن عباس بالطائف سنة ثمان وستين وصلى عليه محمد بن الحنفية، وبقينا مع ابن الحنفية فلما كان الحج وحج ابن الزبير من مكة فوافى عرفة في أصحابه ووافى محمد بن الحنفية من الطائف في أصحابه فوقف بعرفة ووافى نجدة بن عامر الحنفي تلك السنة في أصحابه من الخوارج فوقف ناحيةً وحجت بنو أمية على لواء، فوقفوا بعرفة فيمن معهم. قالوا: وحج عامئذٍ محمد بن الحنفية في الخشبية معه وهم أربعة آلاف نزلوا في الشعب الأيسر من منى.
قال محمد بن جبير بن مطعم: قال: خفت الفتنة فمشيت إليهم جميعاً فجئت محمد بن علي في الشعب فقلت: يا أبا القاسم اتق الله فإنا في مشعرٍ حرام وبلدٍ حرام والناس وفد الله إلى هذا البيت، فلا تفسد عليهم حجهم؛ فقال: والله ما أريد ذلك وما أحول بين أحدٍ وبين هذا البيت، ولا نوى أحدٌ من الحاج من قتلٍ، ولكني رجلٌ أدفع عن نفسي من ابن الزبير وما يريد مني، وما أطلب هذا الأمر إلا أن لا يختلف علي فيه اثنان، ولكن ائت ابن الزبير فكلمه وعليك بنجدة فكلمه.
قال: فجئت ابن الزبير فكلمته بنحو ما كلمت به ابن الحنفية فقال: أنا رجلٌ قد اجتمع علي وبايعني الناس، وهؤلاء أهل خلافٍ؛ فقلت: إن خيراً لك الكف؛ فقال: أفعل.
ثم جئت نجدة الحروري فأجده في أصحابه وأجد عكرمة غلام ابن عباس عنده فقلت: استأذن لي على صاحبك فأذن لي فدخلت فعظمت عليه، وكلمته بما كلمت به الرجلين، فقال: أما أن أبتدئ أحداً بقتالٍ فلا، ولكن من بدأنا بقتالٍ قاتلناه؛ قلت: فإني رأيت الرجلين لا يريدان قتالك.
ثم جئت شيعة بني أمية فكلمتهم بنحوٍ مما كلمت به القوم فقالوا: نحن على لوائنا لا نقاتل أحداً إلا أن يقاتلنا فلم أر في تلك الألوية أسكن ولا أسلم دفعةً من أصحاب ابن الحنفية.
قال محمد بن جبير: وقفت تلك العشية إلى جنب محمد بن الحنفية، فلما غابت الشمس التفت إلي فقال: يا أبا سعيد ادفع فدفع ودفعت معه؛ فكان أول من دفع.
لما فتن عبد الله بن الزبير أرسل إلى من كان بحضرته من بني هاشم فجمعهم في شعب أبي طالب وأراد أن يحرقهم بالنار ذلك ناساً من أهل الكوفة فخرجوا ينصرونهم حتى إذا كانوا ببعض الطريق إلى ابن الحنفية سمعوا هاتفاً يقول: من الرجز
يا أيها الركب إلى المهدي ... على عناجيج من المطي
أعناقها كالقضب الخطي ... لتنصروا عاقبة النبي
محمداً خير بني علي
فدخلوا على محمد بن الحنفية فأخبروه بما سمعوا من الهاتف فقال: ذلك بعض مسلمي الجن.
لما قدم المختار مكة كان أشد الناس على ابن الزبير وجعل يلقي إلى الناس أن ابن الزبير كان يطلب هذا الأمر لابن الحنفية ثم ظلمه إياه، وجعل يذكر ابن الحنفية وورعه وحاله، وأنه بعثه إلى الكوفة يدعو له، وأنه كتب له كتاباً فهو لا يعدوه إلى غيره، ويقرأ ذلك الكتاب على من يثق به، وجعل يدعو الناس إلى البيعة لمحمد بن
الحنفية فيبايعونه له سراً؛ فسئل قومٌ ممن بايعه في أمره وقالوا: أعطينا هذا الرجل عهودنا أن زعم أنه رسول ابن الحنفية، وابن الحنفية بمكة ليس منا ببعيد ولا مستتر، فلو شخص منا قوم إليه فسألوه عما جاءنا به هذا الرجل فإن كان صادقاً نصرناه وأعناه على أمره؛ فشخص منهم قوم فلقوا ابن الحنفية بمكة فأعلموه أمر المختار وما دعاهم إليه؛ فقال: نحن حيث ترون محبسون، وما أحب أن لي سلطان الدنيا بقتل مؤمنٍ بغير حق، ولوددت أن الله انتصر لنا ممن شاء من خلقه فاحذروا الكذابين وانظروا لأنفسكم ودينكم؛ فانصرفوا على هذا، وكتب المختار كتاباً على لسان محمد بن الحنفية إلى إبراهيم بن الأشتر وجاء فاستأذن عليه، وقيل: المختار أمين آل محمد ورسولهم فأذن له وحياه ورحب به وأجلسه معه على فراشه، فتكلم المختار وكان مفوهاً فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: إنكم أهل بيت قد أكرمكم الله بنصرة آل محمد وقد ركب منهم ما قد علمت ومنعوا حقهم وصاروا إلى ما رأيت وقد كتب إليك المهدي كتاباً وهؤلاء الشهود عليه، فقال يزيد بن أنس الأسدي وأحمر بن سميط البجلي وعبد الله بن كامل وأبو عمرة كيسان مولى بجيلة: نشهد أن هذا كتابه، قد شهدناه حين دفعه إليه؛ فقبضه إبراهيم وقرأه ثم قال: أنا أول من يجيب قد أمرنا بطاعتك ومؤازرتك فقل ما بدا لك وادع إلى ما شئت.
ثم كان إبراهيم يركب إليه في كل يوم فيدع ذلك في صدور الناس؛ وورد الخبر على ابن الزبير فشكر لمحمد بن الحنفية وجعل أمر المختار يغلط كل يوم ويكثر تبعه وجعل يتتبع قتلة الحسين ومن أعان عليه فيقتلهم، ثم بعث إبراهيم بن الأشتر في عشرين ألفاً إلى عبيد الله بن زياد فقتله، وبعث برأسه إلى المختار فجعله المختار في جونةٍ وبعث به إلى محمد بن الحنفية وعلي بن الحسين وسائر بني هاشم.
فلما رأى علي بن الحسين رأس عبيد الله ترحم على الحسين وقال: أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين وهو يتغذى وأتينا برأس عبيد الله ونحن نتغدى، ولم يبق من بني هاشم أحد إلا قام بخطبةٍ في الثناء على المختار والدعاء له وجميل القول فيه.
وكان ابن الحنفية يكره أمر المختار وما يبلغه عنه، ولا يحب كثيراً مما يأتي به؛ وكان ابن عباس يقول: أصاب بثأرنا ووصلنا فكان يظهر الجميل فيه للعامة؛ فلما اتسق الأمر للمختار كتب: لمحمد بن علي من المختار بن أبي عبيد الطالب بثأر آل محمد، أما
بعد: فإن الله لم ينتقم من قوم حتى يعذر إليهم، وإن الله قد أهلك الفسقة وأتباع الفسقة، وقد بقيت بقايا فأرجو أن يلحق الله آخرهم بأولهم.
قال سعيد بن الحسن: قال محمد بن الحنفية: رحم الله من كف يده ولسانه، وجلس في بيته فإن ذنوب بني أمية أسرع إليهم من سيوف المسلمين.
قال وردان: كنت في العصابة الذين انتدبوا إلى محمد بن علي بن الحنفية وكان ابن الزبير يمنعه أن يدخل مكة حتى يبايعه، وأراد الشام فمنعه عبد الملك بن مروان أن يدخلها حتى يبايعه، فأبى، فسرنا معه ولو أمرنا بالقتال لقاتلنا معه، فجمعنا يوماً فقسم فينا شيئاً وهو يسير، ثم حمد الله وأثنى عليه وقال: الحقوا برحالكم واتقوا الله، وعليكم بما تعرفون ودعوا ما تنكرون، وعليكم بخاصة أنفسكم ودعوا أمر العامة واستقروا على أمرنا كما استقرت السماء والأرض، فإن أمرنا إذا جاء كان كالشمس الضاحية.
وقال محمد بن الحنفية: ترون أمرنا؟ لهو أبين من هذه الشمس، سفلا تعجلوا ولا تقتلوا أنفسكم.
قال الأسود بن قيس:
لقيت بخراسان رجلاً من عنزة قال: ألا أعرض عليك خطبة ابن الحنفية؟ قلت: بلى؛ قال: انتهيت إليه وهو في رهطٍ يحدثهم قلت: السلام عليك يا مهدي؛ قال: وعليك السلام؛ قلت: إن لي إليك حاجةً؛ قال: أسر هي أم علانية؟ قلت: بل سر؛ فحدث القوم ساعة ثم قام فقمت معه، ودخلت معه بيته؛ قال: قل بحاجتك؛ فحمدت الله، وأثنيت عليه، وشهدت أن لا إله إلا الله، وشهدت أن محمداً رسول الله، ثم قلت: أما بعد: فوالله ما كنتم أقرب قريشٍ إلينا قرابةً فنحبكم على قرابتكم ولكن كنتم أقرب قريشٍ إلى نبينا قرابةً، فلذلك أحببناكم على قرابتكم من نبينا، فما زال بنا حبكم حتى ضربت عليه الأعناق وأبطلت الشهادات، وشردنا في البلاد وأؤذينا حتى لقد هممت أن أذهب في الأرض
قفراً فأعبد الله حتى ألقاه، لولا أن يخفى علي أمر آل محمد، ولقد هممت أن أخرج مع قومٍ شهادتنا وشهادتهم واحدةً على أمرائنا، فيخرجون ويقاتلون ونغنم يعني الخوارج وقد كانت تبلغنا عنك أحاديث من وراء وراء فأحببت أن أشافهك الكلام فلا أسأل عنك أحداً، وكنت أوثق الناس في نفسي وأحبه إلى أن أقتدي به، فأرى برأيك وكيف المخرج، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
قال: فحمد الله محمد بن علي وأثنى عليه وتشهد فقال: أما بعد، فإياكم وهذه الأحاديث فإنها عيبٌ عليكم، وعليكم بكتاب الله فإنه هدي أولكم وبه هدي آخركم، ولعمري لئن أوذيتم لقد أوذي من كان خيراً منكم، أما قيلك: لقد هممت أن أذهب في الأرض قفراً فأعبد الله حتى ألقاه وأجتنب أمور الناس لولا أن يخفى علي أمر آل محمد، فلا تفعل فإن تلك البدعة الرهبانية، ولعمري لأمر آل محمدٍ أبين من طلوع هذه الشمس؛ وأما قيلك: لقد هممت أن أخرج مع أقوامٍ شهادتنا وشهادتهم واحدةٌ على أمرائنا فيخرجون ويقاتلون ونغنم: فلا تفعل، لا تفارق الأمة، اتق هؤلاء القوم بتقيتهم يعني بني أمية ولا تقاتل معهم.
قال: قلت: وما تقيتهم؟ قال: تحضرهم وجهك عند دعوتهم، فيدفع الله بذلك عنك من دمك وذنبك، وتصيب من مال الله الذي أنت أحق به منهم؛ قال: قلت: أرأيت إن أطاف بي قتال ليس منه بد؟ قال: تبايع بإحدى يديك الأخرى لله وتقاتل لله، فإن الله سيدخل أقواماً بسرائرهم الجنة، وسيدخل أقواماً بسرائرهم النار، وإني أذكرك الله أن تبلغ عني ما لم تسمع مني، أو أن تقول عني ما لم أقل؛ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وعن أبي الطفيل: أن محمد بن الحنفية قال له: الزم هذا المكان وكن حمامةً من حمام الحرم حتى يأتي أمرنا إذا جاء فليس به خفاء، كما ليس بالشمس إذا طلعت خفاء، وما يدريك
إن قال لك الناس: تأتي من المشرق، ويأتي الله بها من المغرب، وما يدريك إن قال لك الناس: تأتي من المغرب، ويأتي الله بها من المشرق، وما يدريك لعلنا سنؤتى بها كما يؤتى بالعروس.
قال ابن الحنفية: سمعت أبا هريرة يقول: لا حرج إلا في دم امرئٍ مسلم؛ قال: فقيل لابن الحنفية: تطعن على أبيك؟ قال: إني لست أطعن على أبي، بايعه أولو الأمر فنكث ناكثٌ فقالته ومرق مارقٌ فقاتله، وإن ابن الزبير يحسدني على مكاني هذا، ود أني ألحد في الحرم كما ألحد.
وفي حديث: إنا أهل بيتٍ لا نبتز هذه الأمة أمرها ولا نأتيها من غير وجهها، وإن علياً قد كان يرى أنه له، ولكنه لم يقاتل حتى جرت له بيعةٌ.
وعن محمد بن علي، عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا فعلوها حرمت علي دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله " فقال رجلٌ لمحمد: إنك لتزري على أبيك فقال: لست أزري على أبي، إن أبي بايعه أهل الأمر فنكث ناكثٌ فقاتله ومرق مارقٌ فقاتله، ولست كأبي، ليست لي بيعةٌ في أعناق الناس فأقاتل، وقد كان قيل له: ألا تخرج؟ وفي حديث: قال ابن الحنفية: لو أن الناس بايعوني إلا رجلٌ لم يشتد سلطاني إلا به ما قتلته.
وعن ابن الحنفية قال: رحم الله امرءاً أغنى نفسه وكف يده وأمسك لسانه وجلس في بيته، له ما احتسب وهو مع من أحب، ألا إن الأعمال بني أمية أسرع فيهم من سيوف المسلمين، ألا إن لأهل الحق دولةً يأتي بها الله إذا شاء، فمن أدرك ذلك منكم ومنا كان عندنا في السنام الأعلى، ومن يمت فما عند الله خيرٌ وأبقى.
قال المنهال بن عمرو:
جاء رجل إلى محمد بن الحنفية فسلم عليه، فرد عليه السلام فقال: كيف أنت؟ فحرك يده، فقال: كيف أنتم؟ أما آن لكم أن تعرفوا كيف نحن؟ إنما مثلنا في هذه الأمة مثل بني إسرائيل في آل فرعون؛ كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، وإن هؤلاء يذبحون أبنائنا وينكحون نساءنا بغير أمرنا، فزعمت العرب أن لها فضلاً على العجم، فقالت العجم: وما ذاك؟ قالوا: كان محمد عربياً، قالوا: صدقتم؛ قالوا: وزعمت قريش أن لها فضلاً على العرب؛ فقالت العرب: وبم ذلك؟ قالوا: كان محمد قرشياً؛ فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس.
ولما قتل المختار بن أبي عبيد في سنة ثمانٍ وستين ودخلت سنة تسع وستين أرسل عبد الله بن الزبير عروة بن الزبير إلى محمد بن الحنفية: إن أمير المؤمنين يقول لك: إني غير تاركك أبداً حتى تبايعني أو أعيدك في الحبس وقد قتل الله الكذاب الذي كنت تدعي نصرته، وأجمع أهل العراقين علي فبايع وإلا فهو الحرب بيني وبينك إن امتنعت؛ فقال ابن الحنفية لعروة: ما أسرع أخاك على قطع الرحم والاستخفاف بالحق وأغفله عن تعجيل عقوبة الله، ما يشك أخوك في الخلود، وإلا فقد كان أحمد للمختار وهديه مني، والله ما بعثت المختار داعياً ولا ناصراً، والمختار كان أشد انقطاعاً منه إلينا، فإن كان كذاباً فطال ما قربه على كذبه، وإن كان على غير ذلك فهو أعلم به، وما عندي خلافٌ؛ ولو كان خلافٌ ما أقمت في جواره ولخرجت إلى من يدعوني، فأبيت ذلك عليه؛ ولكن ها هنا والله لأخيك قرنٌ يطلب ما يطلب أخوك، كلاهما يقاتلان على الدماء عبد الملك بن مروان؛ والله لكأنك بجيوشه قد أحاطت برقبة أخيك، وإني لأحسب أن جوار عبد الملك خيرٌ لي من جوار أخيك، ولقد كتب لي يعرض علي ما قبله ويدعوني إليه؛ قال عروة: فما يمنعك من ذلك؟ قال: أستخير الله، وذلك أحب إلى صاحبك؛ قال: أذكر ذلك له؛ فقال بعض أصحاب محمد بن الحنفية: والله ما أطعتنا لضربنا عنقه؛ فقال ابن الحنفية: وعلام أضرب عنقه؟ جاءنا برسالةٍ من أخيه وجاورنا فجرى بيننا
وبينه كلامٌ فرددناه إلى أخيه؛ والذي قلتم غدرٌ وليس في الغدر خيرٌ، لو فعلت الذي يقولون لكان القتال بمكة، وأنتم تعلمون أن رأيي: لو اجتمع الناس كلهم علي إلا إنسانٌ واحدٌ لما قاتلته؛ فانصرف عروة فأخبر ابن الزبير بكل ما قال له محمد بن الحنفية، وقال: والله ما أرى أن تعرض له، دعه فليخرج عنك ويغيب وجهه فعبد الملك أمامه لا يتركه يحل بالشام حتى يبايعه، وابن الحنفية لا يبايعه أبداً حتى يجتمع الناس عليه، فإن صار إليه كفاكه؛ إما حبسه وإما قتله فتكون أنت قد برئت من ذلك.
وفي حديث: أنه لما اجتمع الناس على عبد الملك وبايع ابن عمر قال ابن عمر لابن الحنفية: ما بقي شيء فبايع؛ فكتب ابن الحنفية إلى عبد الملك: بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين من محمد بن علي، أما بعد: فإني لما رأيت الأمة قد اختلفت اعتزلتهم، فلما أفضى هذا الأمر إليك وبايعك الناس كنت كرجلٍ منهم أدخل في صالح ما دخلوا فيه، فقد بايعتك وبايعت الحجاج لك، وبعثت إليك ببيعتي ورأيت الناس قد اجتمعوا عليك ونحن نحب أن تؤمنا وتعطينا ميثاقاً على الوفاء، فإن الغدر لا خير فيه، فإن أبيت فإن أرض الله واسعةٌ.
فلما قرأ عبد الملك الكتاب قال قبيصة بن ذؤيب وروح بن زنباع: ما لك عليه سبيل، ولو أراد فتقاً لقدر عليه ولقد سلم وبايع فنرى أن تكتب إليه بالعهد والميثاق بالأمان له ولأصحابه ففعل، وكتب إليه: إنك عندنا محمودٌ، أنت أحب إلينا وأقرب بنا رحماً من ابن الزبير فلك العهد والميثاق وذمة الله وذمة رسوله أن لا تهاج ولا أحدٌ من أصحابك بشيء تكرهه، ارجع إلى بلدك واذهب حيث شئت ولست أدع صلتك وعونك ما حييت؛ وكتب إلى الحجاج يأمره بحسن جواره وإكرامه؛ فرجع ابن الحنفية إلى المدينة.
خرج الحجاج بن يوسف ومحمد بن الحنفية من عند عبد الملك بن مروان فقال الحجاج لمحمد بن الحنفية: بلغني أن أباك كان إذا فرغ من القنوت يقول كلاماً حسناً
أحببت أن أعرفه فنحفظه؛ قال: لا؛ قال: سبحان الله ما أوحش لقاءكم وأفظع لفظكم وأشد خنزوانتكم ما تعدون الناس إلا عبيداً، ولقد خضتم الفتنة خوضاً، وفللتم المهاجرين والأنصار؛ فنظر إليه ابن الحنفية وأنكر لفظه فوقف، وسار الحجاج ورجع ابن الحنفية إلى باب عبد الملك فقال للآذن: استأذن لي؛ فقال: ألم تكن عنده وخرجت آنفاً، فما ردك وقد ارتفع أمير المؤمنين؟ قال: لست أبرح حتى ألقاه؛ فكره لآذن غضب الخليفة فأعلمه فقال: لقد رده أمرٌ، ائذن له؛ فلما دخل عليه تحلحل عن مجلسه كما كان يفعل؛ فقال: يا أمير المؤمنين هذا الحجاج أسمعني كلاماً تكمشت له وذكر أبي بكلامٍ تقمعت له وما أحرت حرفاً؛ قال: فما قال لك حتى أعمل على حسبه؟ قال: وكأنما تفقأ في وجهه الرمان، فخبره عما سأله عنه؛ فقال لصاحب شرطه: علي بالحجاج الساعة؛ فأتاه حين خلع ثيابه فحمله حملاً عنيفاً، وانصرف ابن الحنفية، فجاء الحجاج فوقفه بالباب طويلاً، ثم أذن له، فدخل عليه فسلم عليه، فقال له عبد الملك: من الرجز
لا أنعم الله بعمرٍو عيناً ... تحية السخط إذا التقينا
يا لكع وهراوة النفار، ما أنت ومحمد بن الحنفية؟ قال: يا أمير المؤمنين ما كان إلا خيرٌ قال: كذبت والله لهو أصدق منك وأبر، ذكرته وذكرت أباه فوالله ما بين لابتيها أفضل من أبيه؛ ما جرى بينك وبينه؟ قال: سألته يا أمير المؤمنين عن شيءٍ بلغني أن أباه كان يقوله بعد القنوت، فقال: لا أعرفه، فعلمت أن ذلك مقتاً منه لنا ولدولتنا فأجبته بالذي بلغك؛ قال له عبد الملك: أسأت ولؤمت، والله لولا أبوه وابن عمه كنا حبارى ضلالاً، وما أنبت الشعر على رؤوسنا إلا الله وهم، وما أعزنا بما ترى إلا رحمهم وريحهم الطيبة، والله لا كلمتك كلمةً أبداً أو تجيئني بالرضى منه، وتسل سخيمته.
قال: فمضى الحجاج من فوره فألفاه وهو يتغدى مع أصحابه، فاستأذن فأبى أن يأذن له، فقال بعض أصحابه: إنه أتى برسالةٍ من أمير المؤمنين؛ فأذن له، فقال: إن أمير المؤمنين أرسلني أن أستل سخيمتك وأقسم أن لا يكلمني أبداً حتى آتيه برضاك، وأنا
أحب برحمك من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عفوت عما كان وغفرت ذنباً إن كان؛ قال: قد فعلت على شريطةٍ فتفعلها؟ قال: نعم، قال: على صرم الدهر ثم انصرف الحجاج ودخل على عبد الملك فقال: ما صنعت؟ قال: قد جئت برضاه وسللت سخيمته وأجاب إلى ما أحب وهو أهل ذاك؛ قال: فأي شيءٍ آخر ما كان بينك وبينه؟ قال: رضي علي شريطة صرم الدهر فقال: شنشنةٌ أعرفها من أخزم، انصرف.
فلما كان من الغد دخل ابن الحنفية على عبد الملك فقال له: أتاك الحجاج؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين؛ قال: فرضيت وأجبته؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين؛ قال: ثم مال إليه فقال: هل تحفظ ما سألك عنه؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، وما منعني أن أبثه إياه إلا مقتي له فإنه من بقية ثمود فضحك عبد الملك، ثم دعا بدواةٍ وقرطاس وكتب بخطه: بسم الله الرحمن الرحيم، كان أمير المؤمنين رضي الله عنه إذا فرغ من وتره رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم حاجتي العظمى التي إن قضيتها لم يضرني ما منعتني، وإن منعتني لم ينفعني ما أعطيتني، فكاك الرقاب فك رقبتي من النار، رب ما أنا إن تقصد قصدي بغضبٍ منك يدوم علي، فوعزتك ما يزين ملكك إحساني ولا يقبحه إساءتي ولا ينقص من خزائنك غناي، ولا يزيد فيها فقري، يا من هو هكذا اسمع دعائي وأجب ندائي وأقلني عثرتي وارحم غربتي ووحشتي ووحدتي في قبري، هاأنذا يا رب برمتي، ويأخذ بتلابيبه ثم يركع؛ فقال عبد الملك: حسنٌ والله، رضي الله عنه.
توفي محمد بن الحنفية سنة ثمانين بين الشام والمدينة.
قال أبو حمزة: قضينا نسكنا حتى قتل ابن الزبير ورجعنا إلى المدينة مع محمد فمكث ثلاثة أيام ثم توفي.
وقيل: توفي سنة إحدى وثمانين وسنه خمسٌ وستون سنةً؛ وقيل: سنة اثنتين وثمانين؛ وقيل: سنة ثلاث وثمانين؛ وقيل: سنة اثنتين وتسعين أو ثلاث.
ابن الحنفية أبو القاسم، ويقال: أبو عبد الله الهاشمي، المعروف بابن الحنفية وفد على معاوية وعلي عبد الملك بن مروان.
قال محمد بن الحنفية: قدمت على معاوية بن أبي سفيان فسألني عن العمرى فقلت: جعلها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن أعطيها، قال: تقولون ذلك؟ قلت: نعم؛ قال: فإني أشهد أني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أعمر عمرى فهي له يرثها من عقبه من يرثه ".
وحدث محمد بن الحنفية، عن علي، قال: كنت رجلاً مذاءً فكرهت أن أسأله يعني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: " منه الوضوء ".
قال أبو عاصم: صرع محمد بن علي مروان يوم الجمل وجلس على صدر مروان، فلما وفد محمد علي عبد الملك قال له: أتذكر يوم جلست على صدر مروان؟ قال: عفواً يا أمير المؤمنين؛ قال: أم والله ما ذكرت ذلك وأنا أريد أن أكافئك به ولكن أردت أن تعلم أني قد علمت.
وأم محمد بن علي: خولة بنت جعفر بن مسلمة بن قيس بن ثعلبة بن يربوع بن فلان بن حنيفة؛ وسمته الشيعة المهدي، فقال كثير: من الوافر
هو المهدي أخبرناه كعبٌ ... أخو الأحبار في الحقب الخوالي
فقيل لكثير: لقيت كعب الأحبار؟ قال: لا؛ قيل: فلم قلت: أخبرناه كعبٌ؟ قال: بالوهم.
وقال كثير أيضاً: من الوافر
ألا إن الأئمة من قريشٍ ... ولاة الحق أربعةٌ سواء
علي والثلاثة من بنيه ... هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبطٌ سبط إيمانٍ وبر ... وسبط غيبته كربلاء
وسبطٌ لا تراه العين حتى ... يقود الخيل يقدمها لواء
تغيب لا يرى عنهم زماناً ... برضوى عنده عسلٌ وماء
وكانت شيعة محمد بن علي يزعمون أنه لم يمت؛ وله يقول السيد: من الوافر
ألا قل للوصي فدتك نفسي ... أطلت بذلك الجبل المقاما
أضر بمعشرٍ والوك منا ... وسموك الخليفة والإماما
وعادوا فيك أهل الأرض طراً ... مقامك عنهم ستين عاما
وما ذاق ابن خولة طعم موتٍ ... ولا وارت له أرضٌ عظاما
لقد أمسى بمورق شعب رضوى ... تراجعه الملائكة الكراما
وإن له به لمقيل صدقٍ ... وأنديةً تحدته كراما
هدانا الله إذا حرتم لأمرٍ ... به وعليه نلتمس التماما
تمام مودة المهدي حتى ... تروا راياتنا تترى نظاما
وقال السيد في ذلك أيضاً: من الكامل
يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى ... وبنا إليه من الصبابة أولق
حتى متى وإلى متى وكم المدا ... يا بن الوصي وأنت حي ترزق
وكانت أم محمد بن علي من سبي اليمامة، وولد في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، وكان عبد الله بن الحسن يذكر أن أبا بكرٍ أعطى علياً أم محمد بن الحنفية.
قالت أسماء بنت أبي بكر: رأيت أم محمد بن الحنفية سنديةً سوداء، وكانت أمةً لبني حنيفة ولم تك منهم وإنما صالحهم خالد بن الوليد على الرقيق ولم يصالحهم علي أنفسهم.
قال ابن الحنفية: كانت رخصةً لعلي، قال: يا رسول الله: إن ولد لي بعدك أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: " نعم " فكنى محمد بن الحنفية أبا القاسم وسماه باسمه؛ وقيل: كانت كنيته أبو عبد الله.
وروى محمد بن علي عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن ولد لك غلام فسمه باسمي وكنه بكنيتي وهو رخصة لك دون الناس ".
وروى أيضاً عن أبيه علي قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سيولد لك ولدٌ قد نحلته اسمي وكنيتي ".
وقع بين علي وطلحة كلامٌ، فقال له طلحة: لا كجرأتك على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سميت باسمه وكنيت بكنيته وقد نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجمعهما أحد من أمته بعده؛ فقال علي: إن الجريء من اجترأ على الله وعلى رسوله، اذهب يا فلان فادع لي فلاناً وفلاناً لنفرٍ من قريش؛ قال: فجاؤوا فقال: بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إنه سيولد لك بعدي غلام فقد نحلته اسمي وكنيتي ولا يحل لأحدٍ من أمتي بعده ".
قال محمد بن الحنفية: الحسن والحسين خيرٌ مني، وأنا أعلم بحديث أبي منهما.
وفي آخر غيره: ولقد علما أنه كان يستخليني دونهما، وإني صاحب البغلة الشهباء.
قال إبراهيم بن الجنيد الختلي: لا يعلم أحد السند عن علي، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر ولا أصح مما أسند محمد بن الحنفية.
كتب ملك الروم إلى عبد الملك بن مروان يتهدده ويتوعده ويحلف له ليحملن إليه مئة ألفٍ في البر ومئة ألفٍ في البحر أو يؤدي إليه الجزية؛ فسقط في روعه، فكتب إلى الحجاج: أن أكتب إلى ابن الحنفية فتهدده وتوعده ثم أعلمني ما يرد عليك؛ فكتب الحجاج إلى ابن الحنفية بكتابٍ شديدٍ يتهدده ويتوعده فيه بالقتل، فكتب إليه ابن الحنفية: إن لله تعالى ثلاث مئة وستين لحظةً إلى خلقه، وأنا أرجو أن ينظر الله إلي نظرةً يمنعني بها منك؛ فبعث الحجاج بكتابه إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك إلى ملك الروم بنسخته، فقال ملك الروم: ما خرج هذا منك ولا أنت كتبت به، ما خرج إلا من بيت نبوة.
سأل رجل ابن عمر في مسألة فقال له: سل محمد بن الحنفية ثم أخبرني ما يقول؛ فسأله عنها فأخبره فقال ابن عمر: أهل بيتٍ مفهمون.
قال عبد الواحد بن أيمن: بعثني أبي إلى محمد بن علي فرأيته مكحول العينين، فجئت فقلت لأبي: بعثتني إلى رجل كذا وكذا وقعت فيه فقال: يا بني ذاك خير الناس.
وقع بين الحسين بن علي وبين محمد بن الحنفية كلامٌ جلس كل واحد منهما عن صاحبه، فكتب إليه محمد بن الحنفية: أبي وأبوك علي بن أبي طالب، وأمي امرأةٌ من بني حنيفة لا ينكر شرفها في قومها، ولكن أمك فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت أحق بالفضل مني فصر إلي حتى ترضاني؛ فلبس الحسين رداءه ونعله فصار إليه فترضاه.
قال الرزهي: قال رجل لمحمد بن الحنفية: ما بال أبيك كان يرمي بك في مرامٍ لا يرمي فيها الحسن والحسين؟ فقال لأنهما كانا خديه وكنت يده، فكان يتوقى بيده عن خديه.
وكان محمد بن علي يمشط رأس أمه ويذوبها يعني من الذؤابة.
وفي حديث: كان يغلف رأس أمه ويمشطها وينومها.
وعن محمد بن الحنفية، قال: ليس بالحليم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بداً حتى يجعل الله من أمره فرجاً، أو قال: مخرجاً.
سأل رجل محمد بن الحنفية فقال له: أجد غماً لا أعرف له سبباً، وقد ضاق قلبي؟ فقال محمد: غم لم تعرف له سبباً، عقوبة ذنبٍ لم تفعله فقال الرجل: فما معنى ذلك؟ فقال: المعنى في ذلك أن القلب يهم بالمعصية فلا تساعده الجوارح فيعاقب بالغم دون الجوارح.
قال محمد بن الحنفية: من كرمت نفسه عليه لم يكن للدنيا عنده قدر.
قيل لابن الحنفية: من أعظم الناس قدراً؟ قال: من لم ير الدنيا كلها لنفسه خطراً.
قال محمد بن الحنفية: إن الله جعل الجنة ثمناً لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها.
قال ابن الحنفية:
من أحب رجلاً لله أثابه الله ثواب من أحب رجلاً من أهل الجنة، وإن كان الذي أحبه من أهل النار، لأنه أحبه على خصلةٍ حسنةٍ رآها منه؛ ومن أبغض رجلاً لله
أثابه الله ثواب من أبغض رجلاً من أهل النار، وإن كان الذي أبغضه من أهل الجنة، لأنه أبغضه على خصلةٍ سيئةٍ رآها منه.
قيل لمحمد بن علي بن الحنفية: إن رجلاً من قريش يقع فيك؛ قال: بحسبي من نعم الله عز وجل على أن نجى غيري مني ولم ينجني من غيري.
قال محمد بن الحنفية: أيها الناس، اعلموا أن حوائج الناس إليكم نعم من الله عليكم فلا تملوها فتحول نقماً، واعلموا أن أفضل المال ما أفاد ذخراً وأورث ذكراً وأوجب أجراً، ولو رأيتم المعروف رجلاً لرأيتموه حسناً جميلاً يسر الناظرين ويفوق العالمين.
قال محمد بن الحنفية: الكمال في ثلاث؛ الفقه في الدين، والصبر على النوائب، وحسن تقعير المعيشة.
لما جاء نعي معاوية بن أبي سفيان إلى المدينة كان بها يومئذ الحسين بن علي ومحمد بن الحنفية وابن الزبير، وكان ابن عباس بمكة، فخرج الحسين وابن الزبير إلى مكة وأقام ابن الحنفية بالمدينة حتى سمع بدنو جيش مسرفٍ أيام الحرة، فرحل إلى مكة فأقام مع ابن عباس؛ فلما جاء نعي يزيد بن معاوية وبايع ابن الزبير لنفسه ودعا الناس إليه دعا ابن عباس ومحمد بن الحنفية إلى البيعة له فأبيا يبايعان له، وقالا: حتى تجتمع لك البلاد ويأتسق لك الناس؛ فأقاما على ذلك مرةً يكاشرهما ومرةً يلين لهما؛ ثم غلط عليهما فوقع منهم كلامٌ وشر؛ فلم يزل الأمر يغلط حتى خافا منه خوفاً شديداً؛ ومعهما النساء والذرية؛ فأساء جوارهم وحصرهم وآذاهم، وقصد محمد بن الحنفية فأظهر شتمه وعيبه وأمره وبني هاشم أن يلزموا شعبهم بمكة، وجعل عليهم الرقباء وقال: فما تقول؟ والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار فخافوا على أنفسهم.
قال أبو عامر: فرأيت محمد بن الحنفية محبوساً في زمزم والناس يمتنعون من الدخول عليه، فقلت: لأدخلن عليه، فدخلت فقلت: ما بالك وهذا الرجل؟ قال: دعاني إلى
البيعة فقلت: إنما أنا من المسلمين فإذا اجتمعوا عليك فأنا كأحدهم، فلم يرض بهذا مني فاذهب إلى ابن عباس فأقره عني السلام وقل: يقول لك ابن عمك: ما ترى؟ قال أبو عامر: فدخلت على ابن عباس وهو ذاهب البصر، فقال: من أنت؟ فقلت: أنصاري؛ فقال: رب أنصاري هو أشد علينا من عدونا فقلت: لا تخف، أنا ممن لك كله؛ قال: هات؛ فأخبرته بقول ابن الحنفية فقال: قل له: لا تعطه ولا نعمة عين إلا ما قلت ولا تزده عليه؛ فرجعت إلى ابن الحنفية فأبلغتها؛ قال ابن عباس: فهم ابن الحنفية أن يقدم إلى الكوفة، وبلغ ذلك المختار فثقل عليه قدومه فقال: إن في المهدي علامة، يقدم بلدكم هذا فيضربه رجلٌ في السوق ضربةً بالسيف لا تضره ولا تحيك فيه فبلغ ذلك ابن الحنفية فأقام يعني خاف أن يجرب فيه فيموت، فقيل له: لو بعثت إلى شيعتك بالكوفة فأعلمتهم ما أنتم فيه؛ فبعث أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة فقدم عليهم فقال: إنا لا نأمن ابن الزبير على هؤلاء القوم وأخبرهم بما هم فيه من الخوف فقطع المختار بعثاً إلى مكة فانتدب منهم أربعة آلاف فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم وقال له: سر فإن وجدت بني هاشم في الحياة فكن لهم أنت ومن معك عضداً، وانقد لما أمروك به؛ وإن وجدت ابن الزبير قد قتلهم فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى ابن الزبير ثم لا تدع من آل الزبير شغراً ولا ظفراً؛ وقال: يا شرط والله لقد أكرمكم الله بهذا المسير ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عمرٍ، وسار القوم ومعهم السلاح حتى أشرفوا على مكة فجاء المستغيث: اعجلوا فما أراكم تدركونهم؛ فقال الناس: لو أن أهل القوة عجلوا فانتدب منهم ثمان مئة رأسهم عطية بن سعد بن جنادة العوفي حتى دخلوا مكة فكبروا تكبيرةً سمعها ابن الزبير فهرب ودخل دار الندوة، ويقال: تعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله.
قال عطية:
ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما في دورٍ قد جمع لهم الحطب فأحيط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن ناراً تقع فيه ما رؤي منهم أحد حتى تقوم الساعة؛ فأخرناه
عن الأبواب وعجل علي بن عبد الله بن عباس وهو رجل فأسرع في الحطب يريد الخروج فأدمى ساقيه؛ وأقبل أصحاب ابن الزبير فكنا صفين نحن وهم في المسجد نهارنا ونهارهم لا ننصرف إلا إلى صلاةٍ حتى أصبحنا، وقدم أبو عبد الله الخيل في الناس، فقلنا لابن عباس وابن الحنفية: ذرونا نرح الناس من ابن الزبير؛ فقالا: هذا بلدٌ حرمه الله ما أحله لأحدٍ إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعةً ما أحله لأحدٍ قبله ولا يحله لأحدٍ بعده فامنعونا وأجيرونا؛ قال: فتحملوا وإن منادياً لينادي في الجبل: ما غنمت سريةٌ بعد نبيها ما غنمت هذه السرية؛ إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا؛ فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى فأقاموا بها ما شاء الله أن يقيموا ثم خرجوا إلى الطائف فأقاموا ما أقاموا؛ وتوفي عبد الله بن عباس بالطائف سنة ثمان وستين وصلى عليه محمد بن الحنفية، وبقينا مع ابن الحنفية فلما كان الحج وحج ابن الزبير من مكة فوافى عرفة في أصحابه ووافى محمد بن الحنفية من الطائف في أصحابه فوقف بعرفة ووافى نجدة بن عامر الحنفي تلك السنة في أصحابه من الخوارج فوقف ناحيةً وحجت بنو أمية على لواء، فوقفوا بعرفة فيمن معهم. قالوا: وحج عامئذٍ محمد بن الحنفية في الخشبية معه وهم أربعة آلاف نزلوا في الشعب الأيسر من منى.
قال محمد بن جبير بن مطعم: قال: خفت الفتنة فمشيت إليهم جميعاً فجئت محمد بن علي في الشعب فقلت: يا أبا القاسم اتق الله فإنا في مشعرٍ حرام وبلدٍ حرام والناس وفد الله إلى هذا البيت، فلا تفسد عليهم حجهم؛ فقال: والله ما أريد ذلك وما أحول بين أحدٍ وبين هذا البيت، ولا نوى أحدٌ من الحاج من قتلٍ، ولكني رجلٌ أدفع عن نفسي من ابن الزبير وما يريد مني، وما أطلب هذا الأمر إلا أن لا يختلف علي فيه اثنان، ولكن ائت ابن الزبير فكلمه وعليك بنجدة فكلمه.
قال: فجئت ابن الزبير فكلمته بنحو ما كلمت به ابن الحنفية فقال: أنا رجلٌ قد اجتمع علي وبايعني الناس، وهؤلاء أهل خلافٍ؛ فقلت: إن خيراً لك الكف؛ فقال: أفعل.
ثم جئت نجدة الحروري فأجده في أصحابه وأجد عكرمة غلام ابن عباس عنده فقلت: استأذن لي على صاحبك فأذن لي فدخلت فعظمت عليه، وكلمته بما كلمت به الرجلين، فقال: أما أن أبتدئ أحداً بقتالٍ فلا، ولكن من بدأنا بقتالٍ قاتلناه؛ قلت: فإني رأيت الرجلين لا يريدان قتالك.
ثم جئت شيعة بني أمية فكلمتهم بنحوٍ مما كلمت به القوم فقالوا: نحن على لوائنا لا نقاتل أحداً إلا أن يقاتلنا فلم أر في تلك الألوية أسكن ولا أسلم دفعةً من أصحاب ابن الحنفية.
قال محمد بن جبير: وقفت تلك العشية إلى جنب محمد بن الحنفية، فلما غابت الشمس التفت إلي فقال: يا أبا سعيد ادفع فدفع ودفعت معه؛ فكان أول من دفع.
لما فتن عبد الله بن الزبير أرسل إلى من كان بحضرته من بني هاشم فجمعهم في شعب أبي طالب وأراد أن يحرقهم بالنار ذلك ناساً من أهل الكوفة فخرجوا ينصرونهم حتى إذا كانوا ببعض الطريق إلى ابن الحنفية سمعوا هاتفاً يقول: من الرجز
يا أيها الركب إلى المهدي ... على عناجيج من المطي
أعناقها كالقضب الخطي ... لتنصروا عاقبة النبي
محمداً خير بني علي
فدخلوا على محمد بن الحنفية فأخبروه بما سمعوا من الهاتف فقال: ذلك بعض مسلمي الجن.
لما قدم المختار مكة كان أشد الناس على ابن الزبير وجعل يلقي إلى الناس أن ابن الزبير كان يطلب هذا الأمر لابن الحنفية ثم ظلمه إياه، وجعل يذكر ابن الحنفية وورعه وحاله، وأنه بعثه إلى الكوفة يدعو له، وأنه كتب له كتاباً فهو لا يعدوه إلى غيره، ويقرأ ذلك الكتاب على من يثق به، وجعل يدعو الناس إلى البيعة لمحمد بن
الحنفية فيبايعونه له سراً؛ فسئل قومٌ ممن بايعه في أمره وقالوا: أعطينا هذا الرجل عهودنا أن زعم أنه رسول ابن الحنفية، وابن الحنفية بمكة ليس منا ببعيد ولا مستتر، فلو شخص منا قوم إليه فسألوه عما جاءنا به هذا الرجل فإن كان صادقاً نصرناه وأعناه على أمره؛ فشخص منهم قوم فلقوا ابن الحنفية بمكة فأعلموه أمر المختار وما دعاهم إليه؛ فقال: نحن حيث ترون محبسون، وما أحب أن لي سلطان الدنيا بقتل مؤمنٍ بغير حق، ولوددت أن الله انتصر لنا ممن شاء من خلقه فاحذروا الكذابين وانظروا لأنفسكم ودينكم؛ فانصرفوا على هذا، وكتب المختار كتاباً على لسان محمد بن الحنفية إلى إبراهيم بن الأشتر وجاء فاستأذن عليه، وقيل: المختار أمين آل محمد ورسولهم فأذن له وحياه ورحب به وأجلسه معه على فراشه، فتكلم المختار وكان مفوهاً فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: إنكم أهل بيت قد أكرمكم الله بنصرة آل محمد وقد ركب منهم ما قد علمت ومنعوا حقهم وصاروا إلى ما رأيت وقد كتب إليك المهدي كتاباً وهؤلاء الشهود عليه، فقال يزيد بن أنس الأسدي وأحمر بن سميط البجلي وعبد الله بن كامل وأبو عمرة كيسان مولى بجيلة: نشهد أن هذا كتابه، قد شهدناه حين دفعه إليه؛ فقبضه إبراهيم وقرأه ثم قال: أنا أول من يجيب قد أمرنا بطاعتك ومؤازرتك فقل ما بدا لك وادع إلى ما شئت.
ثم كان إبراهيم يركب إليه في كل يوم فيدع ذلك في صدور الناس؛ وورد الخبر على ابن الزبير فشكر لمحمد بن الحنفية وجعل أمر المختار يغلط كل يوم ويكثر تبعه وجعل يتتبع قتلة الحسين ومن أعان عليه فيقتلهم، ثم بعث إبراهيم بن الأشتر في عشرين ألفاً إلى عبيد الله بن زياد فقتله، وبعث برأسه إلى المختار فجعله المختار في جونةٍ وبعث به إلى محمد بن الحنفية وعلي بن الحسين وسائر بني هاشم.
فلما رأى علي بن الحسين رأس عبيد الله ترحم على الحسين وقال: أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين وهو يتغذى وأتينا برأس عبيد الله ونحن نتغدى، ولم يبق من بني هاشم أحد إلا قام بخطبةٍ في الثناء على المختار والدعاء له وجميل القول فيه.
وكان ابن الحنفية يكره أمر المختار وما يبلغه عنه، ولا يحب كثيراً مما يأتي به؛ وكان ابن عباس يقول: أصاب بثأرنا ووصلنا فكان يظهر الجميل فيه للعامة؛ فلما اتسق الأمر للمختار كتب: لمحمد بن علي من المختار بن أبي عبيد الطالب بثأر آل محمد، أما
بعد: فإن الله لم ينتقم من قوم حتى يعذر إليهم، وإن الله قد أهلك الفسقة وأتباع الفسقة، وقد بقيت بقايا فأرجو أن يلحق الله آخرهم بأولهم.
قال سعيد بن الحسن: قال محمد بن الحنفية: رحم الله من كف يده ولسانه، وجلس في بيته فإن ذنوب بني أمية أسرع إليهم من سيوف المسلمين.
قال وردان: كنت في العصابة الذين انتدبوا إلى محمد بن علي بن الحنفية وكان ابن الزبير يمنعه أن يدخل مكة حتى يبايعه، وأراد الشام فمنعه عبد الملك بن مروان أن يدخلها حتى يبايعه، فأبى، فسرنا معه ولو أمرنا بالقتال لقاتلنا معه، فجمعنا يوماً فقسم فينا شيئاً وهو يسير، ثم حمد الله وأثنى عليه وقال: الحقوا برحالكم واتقوا الله، وعليكم بما تعرفون ودعوا ما تنكرون، وعليكم بخاصة أنفسكم ودعوا أمر العامة واستقروا على أمرنا كما استقرت السماء والأرض، فإن أمرنا إذا جاء كان كالشمس الضاحية.
وقال محمد بن الحنفية: ترون أمرنا؟ لهو أبين من هذه الشمس، سفلا تعجلوا ولا تقتلوا أنفسكم.
قال الأسود بن قيس:
لقيت بخراسان رجلاً من عنزة قال: ألا أعرض عليك خطبة ابن الحنفية؟ قلت: بلى؛ قال: انتهيت إليه وهو في رهطٍ يحدثهم قلت: السلام عليك يا مهدي؛ قال: وعليك السلام؛ قلت: إن لي إليك حاجةً؛ قال: أسر هي أم علانية؟ قلت: بل سر؛ فحدث القوم ساعة ثم قام فقمت معه، ودخلت معه بيته؛ قال: قل بحاجتك؛ فحمدت الله، وأثنيت عليه، وشهدت أن لا إله إلا الله، وشهدت أن محمداً رسول الله، ثم قلت: أما بعد: فوالله ما كنتم أقرب قريشٍ إلينا قرابةً فنحبكم على قرابتكم ولكن كنتم أقرب قريشٍ إلى نبينا قرابةً، فلذلك أحببناكم على قرابتكم من نبينا، فما زال بنا حبكم حتى ضربت عليه الأعناق وأبطلت الشهادات، وشردنا في البلاد وأؤذينا حتى لقد هممت أن أذهب في الأرض
قفراً فأعبد الله حتى ألقاه، لولا أن يخفى علي أمر آل محمد، ولقد هممت أن أخرج مع قومٍ شهادتنا وشهادتهم واحدةً على أمرائنا، فيخرجون ويقاتلون ونغنم يعني الخوارج وقد كانت تبلغنا عنك أحاديث من وراء وراء فأحببت أن أشافهك الكلام فلا أسأل عنك أحداً، وكنت أوثق الناس في نفسي وأحبه إلى أن أقتدي به، فأرى برأيك وكيف المخرج، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
قال: فحمد الله محمد بن علي وأثنى عليه وتشهد فقال: أما بعد، فإياكم وهذه الأحاديث فإنها عيبٌ عليكم، وعليكم بكتاب الله فإنه هدي أولكم وبه هدي آخركم، ولعمري لئن أوذيتم لقد أوذي من كان خيراً منكم، أما قيلك: لقد هممت أن أذهب في الأرض قفراً فأعبد الله حتى ألقاه وأجتنب أمور الناس لولا أن يخفى علي أمر آل محمد، فلا تفعل فإن تلك البدعة الرهبانية، ولعمري لأمر آل محمدٍ أبين من طلوع هذه الشمس؛ وأما قيلك: لقد هممت أن أخرج مع أقوامٍ شهادتنا وشهادتهم واحدةٌ على أمرائنا فيخرجون ويقاتلون ونغنم: فلا تفعل، لا تفارق الأمة، اتق هؤلاء القوم بتقيتهم يعني بني أمية ولا تقاتل معهم.
قال: قلت: وما تقيتهم؟ قال: تحضرهم وجهك عند دعوتهم، فيدفع الله بذلك عنك من دمك وذنبك، وتصيب من مال الله الذي أنت أحق به منهم؛ قال: قلت: أرأيت إن أطاف بي قتال ليس منه بد؟ قال: تبايع بإحدى يديك الأخرى لله وتقاتل لله، فإن الله سيدخل أقواماً بسرائرهم الجنة، وسيدخل أقواماً بسرائرهم النار، وإني أذكرك الله أن تبلغ عني ما لم تسمع مني، أو أن تقول عني ما لم أقل؛ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وعن أبي الطفيل: أن محمد بن الحنفية قال له: الزم هذا المكان وكن حمامةً من حمام الحرم حتى يأتي أمرنا إذا جاء فليس به خفاء، كما ليس بالشمس إذا طلعت خفاء، وما يدريك
إن قال لك الناس: تأتي من المشرق، ويأتي الله بها من المغرب، وما يدريك إن قال لك الناس: تأتي من المغرب، ويأتي الله بها من المشرق، وما يدريك لعلنا سنؤتى بها كما يؤتى بالعروس.
قال ابن الحنفية: سمعت أبا هريرة يقول: لا حرج إلا في دم امرئٍ مسلم؛ قال: فقيل لابن الحنفية: تطعن على أبيك؟ قال: إني لست أطعن على أبي، بايعه أولو الأمر فنكث ناكثٌ فقالته ومرق مارقٌ فقاتله، وإن ابن الزبير يحسدني على مكاني هذا، ود أني ألحد في الحرم كما ألحد.
وفي حديث: إنا أهل بيتٍ لا نبتز هذه الأمة أمرها ولا نأتيها من غير وجهها، وإن علياً قد كان يرى أنه له، ولكنه لم يقاتل حتى جرت له بيعةٌ.
وعن محمد بن علي، عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا فعلوها حرمت علي دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله " فقال رجلٌ لمحمد: إنك لتزري على أبيك فقال: لست أزري على أبي، إن أبي بايعه أهل الأمر فنكث ناكثٌ فقاتله ومرق مارقٌ فقاتله، ولست كأبي، ليست لي بيعةٌ في أعناق الناس فأقاتل، وقد كان قيل له: ألا تخرج؟ وفي حديث: قال ابن الحنفية: لو أن الناس بايعوني إلا رجلٌ لم يشتد سلطاني إلا به ما قتلته.
وعن ابن الحنفية قال: رحم الله امرءاً أغنى نفسه وكف يده وأمسك لسانه وجلس في بيته، له ما احتسب وهو مع من أحب، ألا إن الأعمال بني أمية أسرع فيهم من سيوف المسلمين، ألا إن لأهل الحق دولةً يأتي بها الله إذا شاء، فمن أدرك ذلك منكم ومنا كان عندنا في السنام الأعلى، ومن يمت فما عند الله خيرٌ وأبقى.
قال المنهال بن عمرو:
جاء رجل إلى محمد بن الحنفية فسلم عليه، فرد عليه السلام فقال: كيف أنت؟ فحرك يده، فقال: كيف أنتم؟ أما آن لكم أن تعرفوا كيف نحن؟ إنما مثلنا في هذه الأمة مثل بني إسرائيل في آل فرعون؛ كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، وإن هؤلاء يذبحون أبنائنا وينكحون نساءنا بغير أمرنا، فزعمت العرب أن لها فضلاً على العجم، فقالت العجم: وما ذاك؟ قالوا: كان محمد عربياً، قالوا: صدقتم؛ قالوا: وزعمت قريش أن لها فضلاً على العرب؛ فقالت العرب: وبم ذلك؟ قالوا: كان محمد قرشياً؛ فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس.
ولما قتل المختار بن أبي عبيد في سنة ثمانٍ وستين ودخلت سنة تسع وستين أرسل عبد الله بن الزبير عروة بن الزبير إلى محمد بن الحنفية: إن أمير المؤمنين يقول لك: إني غير تاركك أبداً حتى تبايعني أو أعيدك في الحبس وقد قتل الله الكذاب الذي كنت تدعي نصرته، وأجمع أهل العراقين علي فبايع وإلا فهو الحرب بيني وبينك إن امتنعت؛ فقال ابن الحنفية لعروة: ما أسرع أخاك على قطع الرحم والاستخفاف بالحق وأغفله عن تعجيل عقوبة الله، ما يشك أخوك في الخلود، وإلا فقد كان أحمد للمختار وهديه مني، والله ما بعثت المختار داعياً ولا ناصراً، والمختار كان أشد انقطاعاً منه إلينا، فإن كان كذاباً فطال ما قربه على كذبه، وإن كان على غير ذلك فهو أعلم به، وما عندي خلافٌ؛ ولو كان خلافٌ ما أقمت في جواره ولخرجت إلى من يدعوني، فأبيت ذلك عليه؛ ولكن ها هنا والله لأخيك قرنٌ يطلب ما يطلب أخوك، كلاهما يقاتلان على الدماء عبد الملك بن مروان؛ والله لكأنك بجيوشه قد أحاطت برقبة أخيك، وإني لأحسب أن جوار عبد الملك خيرٌ لي من جوار أخيك، ولقد كتب لي يعرض علي ما قبله ويدعوني إليه؛ قال عروة: فما يمنعك من ذلك؟ قال: أستخير الله، وذلك أحب إلى صاحبك؛ قال: أذكر ذلك له؛ فقال بعض أصحاب محمد بن الحنفية: والله ما أطعتنا لضربنا عنقه؛ فقال ابن الحنفية: وعلام أضرب عنقه؟ جاءنا برسالةٍ من أخيه وجاورنا فجرى بيننا
وبينه كلامٌ فرددناه إلى أخيه؛ والذي قلتم غدرٌ وليس في الغدر خيرٌ، لو فعلت الذي يقولون لكان القتال بمكة، وأنتم تعلمون أن رأيي: لو اجتمع الناس كلهم علي إلا إنسانٌ واحدٌ لما قاتلته؛ فانصرف عروة فأخبر ابن الزبير بكل ما قال له محمد بن الحنفية، وقال: والله ما أرى أن تعرض له، دعه فليخرج عنك ويغيب وجهه فعبد الملك أمامه لا يتركه يحل بالشام حتى يبايعه، وابن الحنفية لا يبايعه أبداً حتى يجتمع الناس عليه، فإن صار إليه كفاكه؛ إما حبسه وإما قتله فتكون أنت قد برئت من ذلك.
وفي حديث: أنه لما اجتمع الناس على عبد الملك وبايع ابن عمر قال ابن عمر لابن الحنفية: ما بقي شيء فبايع؛ فكتب ابن الحنفية إلى عبد الملك: بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين من محمد بن علي، أما بعد: فإني لما رأيت الأمة قد اختلفت اعتزلتهم، فلما أفضى هذا الأمر إليك وبايعك الناس كنت كرجلٍ منهم أدخل في صالح ما دخلوا فيه، فقد بايعتك وبايعت الحجاج لك، وبعثت إليك ببيعتي ورأيت الناس قد اجتمعوا عليك ونحن نحب أن تؤمنا وتعطينا ميثاقاً على الوفاء، فإن الغدر لا خير فيه، فإن أبيت فإن أرض الله واسعةٌ.
فلما قرأ عبد الملك الكتاب قال قبيصة بن ذؤيب وروح بن زنباع: ما لك عليه سبيل، ولو أراد فتقاً لقدر عليه ولقد سلم وبايع فنرى أن تكتب إليه بالعهد والميثاق بالأمان له ولأصحابه ففعل، وكتب إليه: إنك عندنا محمودٌ، أنت أحب إلينا وأقرب بنا رحماً من ابن الزبير فلك العهد والميثاق وذمة الله وذمة رسوله أن لا تهاج ولا أحدٌ من أصحابك بشيء تكرهه، ارجع إلى بلدك واذهب حيث شئت ولست أدع صلتك وعونك ما حييت؛ وكتب إلى الحجاج يأمره بحسن جواره وإكرامه؛ فرجع ابن الحنفية إلى المدينة.
خرج الحجاج بن يوسف ومحمد بن الحنفية من عند عبد الملك بن مروان فقال الحجاج لمحمد بن الحنفية: بلغني أن أباك كان إذا فرغ من القنوت يقول كلاماً حسناً
أحببت أن أعرفه فنحفظه؛ قال: لا؛ قال: سبحان الله ما أوحش لقاءكم وأفظع لفظكم وأشد خنزوانتكم ما تعدون الناس إلا عبيداً، ولقد خضتم الفتنة خوضاً، وفللتم المهاجرين والأنصار؛ فنظر إليه ابن الحنفية وأنكر لفظه فوقف، وسار الحجاج ورجع ابن الحنفية إلى باب عبد الملك فقال للآذن: استأذن لي؛ فقال: ألم تكن عنده وخرجت آنفاً، فما ردك وقد ارتفع أمير المؤمنين؟ قال: لست أبرح حتى ألقاه؛ فكره لآذن غضب الخليفة فأعلمه فقال: لقد رده أمرٌ، ائذن له؛ فلما دخل عليه تحلحل عن مجلسه كما كان يفعل؛ فقال: يا أمير المؤمنين هذا الحجاج أسمعني كلاماً تكمشت له وذكر أبي بكلامٍ تقمعت له وما أحرت حرفاً؛ قال: فما قال لك حتى أعمل على حسبه؟ قال: وكأنما تفقأ في وجهه الرمان، فخبره عما سأله عنه؛ فقال لصاحب شرطه: علي بالحجاج الساعة؛ فأتاه حين خلع ثيابه فحمله حملاً عنيفاً، وانصرف ابن الحنفية، فجاء الحجاج فوقفه بالباب طويلاً، ثم أذن له، فدخل عليه فسلم عليه، فقال له عبد الملك: من الرجز
لا أنعم الله بعمرٍو عيناً ... تحية السخط إذا التقينا
يا لكع وهراوة النفار، ما أنت ومحمد بن الحنفية؟ قال: يا أمير المؤمنين ما كان إلا خيرٌ قال: كذبت والله لهو أصدق منك وأبر، ذكرته وذكرت أباه فوالله ما بين لابتيها أفضل من أبيه؛ ما جرى بينك وبينه؟ قال: سألته يا أمير المؤمنين عن شيءٍ بلغني أن أباه كان يقوله بعد القنوت، فقال: لا أعرفه، فعلمت أن ذلك مقتاً منه لنا ولدولتنا فأجبته بالذي بلغك؛ قال له عبد الملك: أسأت ولؤمت، والله لولا أبوه وابن عمه كنا حبارى ضلالاً، وما أنبت الشعر على رؤوسنا إلا الله وهم، وما أعزنا بما ترى إلا رحمهم وريحهم الطيبة، والله لا كلمتك كلمةً أبداً أو تجيئني بالرضى منه، وتسل سخيمته.
قال: فمضى الحجاج من فوره فألفاه وهو يتغدى مع أصحابه، فاستأذن فأبى أن يأذن له، فقال بعض أصحابه: إنه أتى برسالةٍ من أمير المؤمنين؛ فأذن له، فقال: إن أمير المؤمنين أرسلني أن أستل سخيمتك وأقسم أن لا يكلمني أبداً حتى آتيه برضاك، وأنا
أحب برحمك من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا عفوت عما كان وغفرت ذنباً إن كان؛ قال: قد فعلت على شريطةٍ فتفعلها؟ قال: نعم، قال: على صرم الدهر ثم انصرف الحجاج ودخل على عبد الملك فقال: ما صنعت؟ قال: قد جئت برضاه وسللت سخيمته وأجاب إلى ما أحب وهو أهل ذاك؛ قال: فأي شيءٍ آخر ما كان بينك وبينه؟ قال: رضي علي شريطة صرم الدهر فقال: شنشنةٌ أعرفها من أخزم، انصرف.
فلما كان من الغد دخل ابن الحنفية على عبد الملك فقال له: أتاك الحجاج؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين؛ قال: فرضيت وأجبته؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين؛ قال: ثم مال إليه فقال: هل تحفظ ما سألك عنه؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، وما منعني أن أبثه إياه إلا مقتي له فإنه من بقية ثمود فضحك عبد الملك، ثم دعا بدواةٍ وقرطاس وكتب بخطه: بسم الله الرحمن الرحيم، كان أمير المؤمنين رضي الله عنه إذا فرغ من وتره رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم حاجتي العظمى التي إن قضيتها لم يضرني ما منعتني، وإن منعتني لم ينفعني ما أعطيتني، فكاك الرقاب فك رقبتي من النار، رب ما أنا إن تقصد قصدي بغضبٍ منك يدوم علي، فوعزتك ما يزين ملكك إحساني ولا يقبحه إساءتي ولا ينقص من خزائنك غناي، ولا يزيد فيها فقري، يا من هو هكذا اسمع دعائي وأجب ندائي وأقلني عثرتي وارحم غربتي ووحشتي ووحدتي في قبري، هاأنذا يا رب برمتي، ويأخذ بتلابيبه ثم يركع؛ فقال عبد الملك: حسنٌ والله، رضي الله عنه.
توفي محمد بن الحنفية سنة ثمانين بين الشام والمدينة.
قال أبو حمزة: قضينا نسكنا حتى قتل ابن الزبير ورجعنا إلى المدينة مع محمد فمكث ثلاثة أيام ثم توفي.
وقيل: توفي سنة إحدى وثمانين وسنه خمسٌ وستون سنةً؛ وقيل: سنة اثنتين وثمانين؛ وقيل: سنة ثلاث وثمانين؛ وقيل: سنة اثنتين وتسعين أو ثلاث.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=71919&book=5525#1bc562
محمد بن يوسف بن واقد، أبو عبد اللَّه الفريابي
قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا اختلف الفريابي ووكيع، أليس يقضى لوكيع؟
قال: مثل ماذا؟
قلت: ما لم يروه غيره.
قال: ما أدري، وكيع ربما خولف أيضًا.
"سؤالات أبي داود" (139).
وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول -وكان ذَكَر من يقدم في سفيان: لا أقدم بعد هؤلاء الأشجعي وأصحابه على الفريابي -يعني: أنه يعد الأشجعي وأصحابه بعد الفريابي في الطبقة التي تليهم.
"سؤالات أبى داود" (268).
قال ابن هانئ: ثم ابتدأ فذكر الفريابي؛ فقال: ما رأيت أكثر خطأً في الثوري من الفريابي.
"مسائل ابن هانئ" (2323)
قال المروذي: قال أحمد: ما كنت أرى الفريابي على كثرة خطئه تعلَّم، إن الأخذ كان عند سفيان شديدًا.
"العلل" رواية المروذي وغيره (253)
قال حرب: قال أحمد: الفريابي سمع من سفيان بالكوفة، وصحبه، وسمع منه.
قال أحمد: وكتبت أنا عن الفريابي بمكة.
"مسائل حرب" ص 479
قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن هذِه الأحاديث من كتاب ابن زنجويه عن الفريابي مما أخطأ فيه الفريابي:
سمعت أبي يقول في حديث الفريابي، عن سفيان، عن هلال بن قيس: رأيت عَبيدة يتطوع في المسجد أو لا يتطوع، قال أبي: إنما هو النعمان بن قيس.
سئل عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن القاسم بن عبد الرحمن أن عمر صلى بهم -يعني بالناس- وهو جنب؛ فقال أبي: سفيان لم يسمع من القاسم بن عبد الرحمن، إنما روى عن أشعث -يعني: ابن سوار- عنه.
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن نوح: من نوح هذا؟
قال أبي: نوح بن أبي بلال شيخ مديني ثقة، روى عنه الثوري وغيره.
سئل عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن سعيد بن عبد الرحمن؛ فقال أبي: إنما هو عبد الرحمن بن سعيد.
سئل عن حديث الفريابي، عن إسرائيل، عن زيد بن جبير الجشمي قال: حدثني عروة بن جميل، عن أبيه؛ قال أبي: هو خطأ، إنما هو جروة بن جميل، وقال وكيع: قال إسرائيل: جروة بن جميل. قال وكيع: وقال شريك: جروة بن حميل، وهو الصحيح.
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن منصور: من صلى لغير القبلة أجزأه؟ قال: وقال وكيع فيه: عن إبراهيم.
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن رجل، عن أبي عثمان أنه رأى عمر رفع يديه في القنوت. الرجل من هو؟
قال: هو جعفر صاحب الأنماط، وليس هو بقوي في الحديث.
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد أنه كان يجلس بعد الوتر فيقرأ؛ فقال: هو عن سليمان، كذا قال وكيع، عن سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز.
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن الثوري، عن حكيم بن جبير، عن ابن جبير، عن عائشة؛ فقال: قال وكيع: عن سفيان، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة.
وقال مرة: الأزرق، مرة: عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة.
وقال مرة: عن سعيد بن جبير، عن عائشة -يعني: ما رأيت أحدًا قط كان تعجيلًا لصلاة الظهر من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (1).
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن جُبَير أنه كان يُصلي بعد المغرب أربعًا يفصل بينهما؛ فقال أبي: قال وكيع: حبيب بن أبي عمرة.
سئل عن حديث الفريابي، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي هلال، عن شريك بن شرحبيل؛ قال أبي: هو شريك بن حنبل.
قال أبي: قال أبو وكيع: عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، عن علي.
قال أبي: وقال الثوري: عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، موقوف كلاهما عن ابن مهدي.
سئل عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن عقبة بن العيزار؛ قال أبي: إنما هو عقبة بن أبي العيزار.
سئل عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن حصين، عن أبي الذيال؛ فقال أبي: إنما هو عامر بن ذؤيب، ولا أدري هي كنية أم لا، وقال وكيع: عن أبي الذيال.
وقال أبي: وهو إن شاء اللَّه عامر بن ذؤيب.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4151) - (4164)
قال الفضل بن زياد: سمعت أحمد وقال له أبو جعفر: الفاريابي (1) كثير الخطأ، وما أصح حديث محمد بن كثير! وكان الفاريابي رجلًا صالحًا.
قال: ومحمد بن كثير سمع منه بمكة.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 169، "تاريخ دمشق" 55/ 123
قال أبو داود: قلت لأحمد: إذا اختلف الفريابي ووكيع، أليس يقضى لوكيع؟
قال: مثل ماذا؟
قلت: ما لم يروه غيره.
قال: ما أدري، وكيع ربما خولف أيضًا.
"سؤالات أبي داود" (139).
وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول -وكان ذَكَر من يقدم في سفيان: لا أقدم بعد هؤلاء الأشجعي وأصحابه على الفريابي -يعني: أنه يعد الأشجعي وأصحابه بعد الفريابي في الطبقة التي تليهم.
"سؤالات أبى داود" (268).
قال ابن هانئ: ثم ابتدأ فذكر الفريابي؛ فقال: ما رأيت أكثر خطأً في الثوري من الفريابي.
"مسائل ابن هانئ" (2323)
قال المروذي: قال أحمد: ما كنت أرى الفريابي على كثرة خطئه تعلَّم، إن الأخذ كان عند سفيان شديدًا.
"العلل" رواية المروذي وغيره (253)
قال حرب: قال أحمد: الفريابي سمع من سفيان بالكوفة، وصحبه، وسمع منه.
قال أحمد: وكتبت أنا عن الفريابي بمكة.
"مسائل حرب" ص 479
قال عبد اللَّه: سمعت أبي سئل عن هذِه الأحاديث من كتاب ابن زنجويه عن الفريابي مما أخطأ فيه الفريابي:
سمعت أبي يقول في حديث الفريابي، عن سفيان، عن هلال بن قيس: رأيت عَبيدة يتطوع في المسجد أو لا يتطوع، قال أبي: إنما هو النعمان بن قيس.
سئل عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن القاسم بن عبد الرحمن أن عمر صلى بهم -يعني بالناس- وهو جنب؛ فقال أبي: سفيان لم يسمع من القاسم بن عبد الرحمن، إنما روى عن أشعث -يعني: ابن سوار- عنه.
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن نوح: من نوح هذا؟
قال أبي: نوح بن أبي بلال شيخ مديني ثقة، روى عنه الثوري وغيره.
سئل عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن سعيد بن عبد الرحمن؛ فقال أبي: إنما هو عبد الرحمن بن سعيد.
سئل عن حديث الفريابي، عن إسرائيل، عن زيد بن جبير الجشمي قال: حدثني عروة بن جميل، عن أبيه؛ قال أبي: هو خطأ، إنما هو جروة بن جميل، وقال وكيع: قال إسرائيل: جروة بن جميل. قال وكيع: وقال شريك: جروة بن حميل، وهو الصحيح.
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن منصور: من صلى لغير القبلة أجزأه؟ قال: وقال وكيع فيه: عن إبراهيم.
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن رجل، عن أبي عثمان أنه رأى عمر رفع يديه في القنوت. الرجل من هو؟
قال: هو جعفر صاحب الأنماط، وليس هو بقوي في الحديث.
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد أنه كان يجلس بعد الوتر فيقرأ؛ فقال: هو عن سليمان، كذا قال وكيع، عن سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز.
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن الثوري، عن حكيم بن جبير، عن ابن جبير، عن عائشة؛ فقال: قال وكيع: عن سفيان، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة.
وقال مرة: الأزرق، مرة: عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة.
وقال مرة: عن سعيد بن جبير، عن عائشة -يعني: ما رأيت أحدًا قط كان تعجيلًا لصلاة الظهر من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (1).
سئل أبي عن حديث الفريابي، عن الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن جُبَير أنه كان يُصلي بعد المغرب أربعًا يفصل بينهما؛ فقال أبي: قال وكيع: حبيب بن أبي عمرة.
سئل عن حديث الفريابي، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي هلال، عن شريك بن شرحبيل؛ قال أبي: هو شريك بن حنبل.
قال أبي: قال أبو وكيع: عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، عن علي.
قال أبي: وقال الثوري: عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، موقوف كلاهما عن ابن مهدي.
سئل عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن عقبة بن العيزار؛ قال أبي: إنما هو عقبة بن أبي العيزار.
سئل عن حديث الفريابي، عن سفيان، عن حصين، عن أبي الذيال؛ فقال أبي: إنما هو عامر بن ذؤيب، ولا أدري هي كنية أم لا، وقال وكيع: عن أبي الذيال.
وقال أبي: وهو إن شاء اللَّه عامر بن ذؤيب.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4151) - (4164)
قال الفضل بن زياد: سمعت أحمد وقال له أبو جعفر: الفاريابي (1) كثير الخطأ، وما أصح حديث محمد بن كثير! وكان الفاريابي رجلًا صالحًا.
قال: ومحمد بن كثير سمع منه بمكة.
"المعرفة والتاريخ" 2/ 169، "تاريخ دمشق" 55/ 123
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=73185&book=5525#d9fece
مُحَمَّد بن مُسلم بْن عبيد اللَّه بن عَبْد اللَّه بن شِهَاب بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بن زهرَة بن كلاب الزُّهْرِيّ الْقرشِي كنيته أَبُو بكر رأى عشرَة من أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ من أحفظ أهل زَمَانه وَأَحْسَنهمْ سياقا لمتون الْأَخْبَار وَكَانَ فَقِيها فَاضلا روى عَنهُ النَّاس مَاتَ لَيْلَة الثُّلَاثَاء لسبع عشرَة خلت من شهر رَمَضَان سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَة فِي نَاحيَة الشَّام وقبره ببدا وشغب مَشْهُور يزار على
قَارِعَة الطَّرِيق أوصاه أَن يدْفن على قَارِعَة الطَّرِيق حَتَّى يمر بِهِ مار فيدعو لَهُ وَأَخُوهُ عبد الله بن مُسلم كَانَ أسن مِنْهُ كنيته أَبُو مُحَمَّد سمع بن عمر وأنسا وَمَات قبل الزُّهْرِيّ وَأمه أم أهبان بنت لَقِيط بن عُرْوَة بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بْن بكر بْن عَبْد مَنَاة بن كنَانَة
قَارِعَة الطَّرِيق أوصاه أَن يدْفن على قَارِعَة الطَّرِيق حَتَّى يمر بِهِ مار فيدعو لَهُ وَأَخُوهُ عبد الله بن مُسلم كَانَ أسن مِنْهُ كنيته أَبُو مُحَمَّد سمع بن عمر وأنسا وَمَات قبل الزُّهْرِيّ وَأمه أم أهبان بنت لَقِيط بن عُرْوَة بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بْن بكر بْن عَبْد مَنَاة بن كنَانَة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=73185&book=5525#7cf8fa
محمد بن مسلم بن عبيد الله بْن عَبْد اللَّه بْن شهاب الزُّهْرِيّ الْقُرَشِيّ مدني أَبُو بكر
سَمِعَ سهل بْن سعد وانس مالك وسنينا أبا جميلة وأبا الطفِيل، روى عَنْهُ صالح بْن كيسان ويحيى بْن سَعِيد وعكرمة ابن خَالِد وصدقة بْن يسار ومنصور وقتادة، قَالَ لِي إِبْرَاهِيم بْن المنذر عَنْ مَعْن عَنِ ابْن أخي ابْن شهاب (2) أَنَّهُ أخذ القرآن فِي ثمانين ليلة وقَالَ لي علي عَنْ عَبْد الرَّحْمَن عَنْ وهيب قَالَ قَالَ لي أيوب ما رأيت أحدا أعلم من الزُّهْرِيّ، فقَالَ لَهُ صخر بْن جويرية ولا الْحَسَن؟ قال
ما رأيت أحدا أعلم من الزُّهْرِيّ، وقَالَ لنا عَبْد الرَّحْمَن عَنْ مالك استعدته (1) حديثا فقَالَ أتستعيد؟ ما استعدت حديثا قط، وقَالَ لنا عَبْد اللَّه بْن صالح حَدَّثَنَا الليث عَنِ ابْن شهاب قَالَ ما استودعت حفظي شيئا فخانني، وقَالَ لي الأويسي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سعد عَنْ أَبِيه قَالَ ما أرى أحدا بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمَعَ ما جمَعَ ابْن شهاب، وقَالَ لي الأويسي حَدَّثَنَا مالك حَدَّثَنَا ابْن شهاب بحديث فِيهِ طول قلت أعد، أما كنت (2) تحب أن يعاد عليك؟ فقَالَ لا، فقلت أكنت تكتب؟ قَالَ لا.
حَدَّثَنَا علي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيان بْن عيينة قَالَ مات الزُّهْرِيّ محمد بن مسلم بن عبيد الله بْن شهاب سنة أربع وعشرين ومائة، وقَالَ سُلَيْمَان بْن دَاوُد الَهاشمي هو مُحَمَّد بْن مسلم بن عبيد الله (ابن عَبْد اللَّه - 3) بْن شهاب بْن زهرة بْن كلاب، مات بالشام.
سَمِعَ سهل بْن سعد وانس مالك وسنينا أبا جميلة وأبا الطفِيل، روى عَنْهُ صالح بْن كيسان ويحيى بْن سَعِيد وعكرمة ابن خَالِد وصدقة بْن يسار ومنصور وقتادة، قَالَ لِي إِبْرَاهِيم بْن المنذر عَنْ مَعْن عَنِ ابْن أخي ابْن شهاب (2) أَنَّهُ أخذ القرآن فِي ثمانين ليلة وقَالَ لي علي عَنْ عَبْد الرَّحْمَن عَنْ وهيب قَالَ قَالَ لي أيوب ما رأيت أحدا أعلم من الزُّهْرِيّ، فقَالَ لَهُ صخر بْن جويرية ولا الْحَسَن؟ قال
ما رأيت أحدا أعلم من الزُّهْرِيّ، وقَالَ لنا عَبْد الرَّحْمَن عَنْ مالك استعدته (1) حديثا فقَالَ أتستعيد؟ ما استعدت حديثا قط، وقَالَ لنا عَبْد اللَّه بْن صالح حَدَّثَنَا الليث عَنِ ابْن شهاب قَالَ ما استودعت حفظي شيئا فخانني، وقَالَ لي الأويسي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سعد عَنْ أَبِيه قَالَ ما أرى أحدا بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمَعَ ما جمَعَ ابْن شهاب، وقَالَ لي الأويسي حَدَّثَنَا مالك حَدَّثَنَا ابْن شهاب بحديث فِيهِ طول قلت أعد، أما كنت (2) تحب أن يعاد عليك؟ فقَالَ لا، فقلت أكنت تكتب؟ قَالَ لا.
حَدَّثَنَا علي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيان بْن عيينة قَالَ مات الزُّهْرِيّ محمد بن مسلم بن عبيد الله بْن شهاب سنة أربع وعشرين ومائة، وقَالَ سُلَيْمَان بْن دَاوُد الَهاشمي هو مُحَمَّد بْن مسلم بن عبيد الله (ابن عَبْد اللَّه - 3) بْن شهاب بْن زهرة بْن كلاب، مات بالشام.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=73185&book=5525#4cc0c8
محمد بن مسلم بن عبيد الله
ابن عبد الله ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة أبو بكر القرشي الزهري أحد الأعلام من أئمة الإسلام، قدم دمشق غير مرة.
حدث الزهري عن أنس بن مالك، قال: سقط رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فرسٍ فجحش شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة، فصلى قاعداً، فصلينا قعوداً، فلما قضى الصلاة قال: " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين ".
قال ابن أبي ذئب: كان ابن شهاب قد ضاقت حاله ورهقه دينٌ، فخرج إلى الشام زمن عبد الملك بن مروان، فجالس قبيصة بن ذؤيب.
قال ابن شهاب: فبينا نحن مع قبيصة ذات ليلةٍ نسمر إذ جاء رسول عبد الملك فقال: أجب أمير المؤمنين، فذهب إليه ثم رجع، فقال: من منكم يحفظ قضاء عمر في أمهات الأولاد؟ قلت: أنا؛ فأدخلني على عبد الملك بن مروان فسلمت عليه، فقال: من أنت؟ فانتسبت له؛ قال: إن كان أبوك لنعاراً في الفتن؛ قلت: يا أمير المؤمنين، عفا الله عما
سلف؛ قال: اجلس؛ قال: أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم؛ قال: اقرأ من سورة كذا، ومن سورة كذا؛ فقرأت فقال لي: أتفرض؟ قلت: نعم، قال: ما تقول في امرأةٍ تركت زوجها وأبويها؟ قلت: لزوجها النصف، ولأمها السدس، ولأبيها ما بقي؛ قال: أصبت الفرض وأخطأت اللفظ، إنما لزوجها النصف ولأمها ثلث ما بقي وهو السدس من رأس المال، ولأبيها ما بقي؛ قال: فإن الفريضة على حالها وهو رجل ترك زوجته وأبويه؛ فقلت: لزوجته الربع ولأمه الربع ولأبيه ما بقي؛ قال: فقال لي: أصبت الفرض وأخطأت اللفظ، ليس هكذا الفرض، لزوجته الربع ولأمه ثلث ما بقي وهو الربع من رأس المال، وللأب ما بقي؛ ثم قال: هات حديثك؛ قلت: حدثني سعيد بن المسيب: أن فتىً من الأنصار كان لزم عمر بن الخطاب، وكان به معجباً وأنه فقده، فقال: ما لي لا أرى فلاناً؛ فأرسل إليه فجاءه، فإذا هو بذ الهيئة، قال: ما لي أراك هكذا؟ قال: يا أمير المؤمنين، إن أخوي خيروني بين أمي وبين ميراثي من أبي، فاخترت أمي، ولم أكن لأخرجها على رؤوس الناس، فأخذتها بجميع ميراثي من أبي؛ قال: فخرج عمر مغضباً حتى رقي المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد، أيها الناس، فأي امرئٍ وطئ امرأةً فولدت منه، فله أن يستمتع منها ما عاش، فإذا مات فهي حرةٌ؛ فقال عبد الملك: هكذا حدثني سعيد بن المسيب؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، اقض ديني؛ قال: قد قضى الله دينك؛ قلت: ويفرض لي أمير المؤمنين؛ قال: لا والله ما نجمعهما لأحدٍ؛ قال: فخرجت فتجهزت حتى قدمت المدينة، فجئت سعيد بن المسيب في المسجد، فجئت لأسلم عليه، فدفع في صدري وقال: انصرف؛ وأبى أن يسلم علي، فخشيت أن يتكلم بشيء يعيبني به فيرويه من حضره. فتنحيت ناحيةً إلى أن قام فصلى أربع ركعاتٍ وانصرف، ومعه ناسٌ من أصحابه، فلما خلا وبقي وحده قلت: ما ذنبي؟ أنا ابن أخيك، واعتذرت إليه، وما يكلمني، حتى بلغ منزله، واستفتح ففتح له فأدخل رجله ثم التفت إلي فقال: أنت الذي ذهبت بحديثي إلى بني مروان؟.
وفي حديثٍ بمعناه:
فذكر أن عمر بن الخطاب أمر بأمهات الأولاد أن يقمن في أموال أبنائهن بقيمة عدل، ثم يعتقن فمكث بذلك صدراً من خلافته، ثم توفي رجلٌ من قريش، كان له ابنٌ من أم ولد، قد كان عمر يعجب بذلك الغلام، فمر ذلك الغلام على عمر في المسجد بعد وفاة أبيه بليالٍ، فقال له عمر: ما فعلت يا بن أخي في أمك؟ قال: فعلت خيراً، خيروني بين أن يسترقوا أمي أو يخرجوني من ميراثي من أبي، فكان ميراثي من أبي أهون علي من أن تسترق أمي؛ فقال عمر: أولست إنما أمرت في ذلك بقيمة عدلٍ؟ ما أرى رأياً ولا آمر بأمرٍ إلا قلتم فيه؟ ثم قام إلى المنبر فاجتمع الناس إليه، حتى إذا رضي من جماعتهم، قال: أيها الناس، إني كنت قد أمرت في أمهات الأولاد بأمرٍ قد علمتموه، ثم حدث لي رأيٌ غير ذلك، فأيما امرئٍ كانت عنده أم ولد يملكها بيمينه ما عاش، فإذا مات فهي حرةٌ لا سبيل لأحدٍ عليها؛ الحديث.
وفي آخره؛ قال: افرض لي فإني منقطعٌ من الديوان؛ قال: إن بلدك لبلدٌ ما فرضنا فيها لأحدٍ منذ كان هذا الأمر، ثم نظر إلى قبيصة فكأنه أومأ إليه: أن افرض له؛ فقال: قد فرض لك أمير المؤمنين؛ قال: فقلت: وصلةٌ يا أمير المؤمنين تصلنا بها، ولقد خرجت من أهلي وإن فيهم لحاجةً ما يعلمها إلا الله، ولقد عمت الحاجة أهل البلد؛ قال: قد وصلك أمير المؤمنين؛ قلت: يا أمير المؤمنين وخادمٌ يخدمنا، فإني تركت أهلي وما لهم خادمٌ إلا أختي، إنها الآن تخبز لهم وتعجن وتطحن لهم؛ قال: وقد أخدمك أمير المؤمنين؛ الحديث.
قال الزهري:
أتيت عبد الملك بن مروان فاستأذنت عليه، فلم يؤذن لي، فدخل الحاجب فقال: يا أمير المؤمنين إن بالباب رجلاً شاباً أحمر زعم أنه من قريش؛ قال: صفه؛ فوصفه؛ قال: لا أعرفه إلا أن يكون من ولد مسلم بن شهاب؛ فدخل عليه فقال: هو من بني مسلم؛ فدخلت عليه فقال: من أنت؟ فانتسبت له، وقلت: إن أبي هلك وترك
عيالاً صبية، وكان رجلاً مئناثاً لم يترك مالاً؛ فقال عبد الملك: أقرأت القرآن؟ قلت: نعم؛ قال: بإعرابه وما ينبغي فيه من وجوهه وعلله؟ قلت: نعم؛ قال: إنما فوق ذلك فضلٌ، إنما يعايا ويلغز به؛ قال: أفعلمت الفرائض؟ قلت: نعم؛ قال: الصلب والجد واختلافهما؟ قلت: أرجو أن أكون قد فعلت؛ قال: وكم دين أبيك؟ قلت: كذا وكذا؛ قال: قد قضى الله دين أبيك؛ وأمر لي بجائزةٍ ورزقٍ يجري وشراء دارٍ قطيعةً بالمدينة؛ وقال: اذهب فاطلب العلم، ولا تشاغل عنه بشيءٍ، فإني أرى لك عيناً حافظةً وقلباً ذكياً، وأت الأنصار من منازلهم؛ قال الزهري: وكنت أخذت العلم عنهم بالمدينة، فلما خرجت إليهم إذا علمٌ جم، فاتبعتهم حتى ذكرت لي امرأةٌ نحو قباء تروي رؤيا فأتيتها، فقلت: أخبريني برؤياك؛ فقالت: كان لي ولدان واحد حين حبا، وآخر يتبعه، وهلك أبوهما وترك لي ماهناً وداجناً ونخلاتٍ، فكان الداجن نشرب لبنها ونأكل ثمر النخلات فإني لبين النائمة واليقظانة، ولنا جديٌ، فرأيت كأن ابني الأكبر قد جاء إلى شفرةٍ لنا فأحدها، وقال: يا أمه قد أضرت بنا وحبست اللبن عنا، فأخذ الشفرة وقام إلى ولد الداجن فذبحه بتلك الشفرة، ثم نصب قدراً لنا، ثم قطعه ووضعه فيها، ثم قام إلى أخيه فذبحه بتلك الشفرة، وانتبهت مذعورةً، فإذا ابني الأكبر قد جاء فقال: يا أمه أين اللبن؟ فقلت: شربه ولد هذه الداجن؛ فقال: ما لنا في هذا من شيءٍ؛ وقام إلى الشفرة فأحدها ثم أمرها على حلق ولد الداجن، ثم نصب القدر؛ قالت: فلم أكلمه حتى قمت إلى ابني الصغير فاحتضنته وأتيت به بعض بيوت الجيران، فخبأته عندهم ثم أقبلت مغتمةً لما رأيت، ثم صعد على بعض تلك النخلات، فأنزل رطباً، وقال: يا أمه كلي؛ قلت: لا أريد، ثم مضى، وأتى القدر؛ فإني لمنكبةٌ على بلسنٍ عندي إذ ذهب بي النوم، فإذا أنا بآتٍ قد أتاني، فقال: مالك مغتمةً؟ فقلت: لكذا ولكذا؛ فنادى: يا رؤيا؛ فجاءت امرأةٌ شابةٌ، حسنة الوجه، طيبة الريح؛ فقال: ما أردت من هذه المرأة الصالحة؟ قالت: ما أردت منها شيئاً؛ فنادى: يا أحلام، فأقبلت امرأةٌ دونها في السن
واللباس والطيب؛ فقال: ما أردت من هذه المرأة الصالحة؟ قالت: ما أردت منها شيئاً؛ فنادى: يا أصغاث؛ فأقبلت امرأةٌ سوداء الخلقة، وسخة الثياب، دونها، فقال: ما أردت من هذه المرأة؟ قالت: رأيتها صالحةً فأردت أن أغمها ثم انتبهت فإذا ابني قد أقبل فقال: يا أمه أين أخي؟ قلت: لا أدري حبا إلى بعض الجيران، فذهب يمشي لهو أهدى إلى موضعه حتى أخذه، وجاء به يقبله، ثم قعد فأكل وأكلت معه.
الماهن: الخادم؛ والداجن: الشاة من شياه البيوت تعلف؛ وقوله: بلسن، البلسن: بعض ما يكون في رحل القوم من المتاع الذي يتكأ عليه، وهو اسمٌ أعجميٌ؛ وقد استعمل بمعنى ما يعلى عليه من كرسي أو ما أشبهه.
قال ابن شهاب: قدمت دمشق وأنا أريد الغزو، فأتيت عبد الملك لأسلم عليه، فوجدته في قبةٍ على فرشٍ تفوت القائم، والناس تحته سماطان، فسلمت وجلست، فقال: يا بن شهاب، أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل ابن أبي طالب؟ قلت: نعم؛ قال: هلم؛ فقمت من وراء الناس حتى أتيت خلف القبة، وحول وجهه، فأحنى علي، فقال: ما كان؟ قال: فقلت: لم يرفع حجرٌ في بيت المقدس إلا وجد تحته دمٌ فقال: لم يبق أحدٌ يعلم هذا غيري وغيرك؛ قال: فلا يسمعن منك؛ قال: فما تحدثت به حتى توفي.
ولد الزهري سنة ثمانٍ وخمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة خمسين.
قال سفيان: رأيت الزهري أحمر الرأس واللحية، وفي حمرتها انكفاءٌ، كأنه يجعل فيه كتماً، وكان رجلاً أعيمش، وعليه جميمةٌ.
وقال غيره: كان قصيراً قليل اللحية، له شعيراتٌ طوال، خفيف العارضين.
قال ابن شهاب: كنت أخدم عبيد الله بن عبد الله، حتى كنت أستقي له الماء المالح، وإن كان ليسأل الجارية: من بالباب؟ فتقول: غلامك الأعمش، تظنني غلاماً له.
ولما أخذ ابن شهاب ما عند عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود من العلم، ورأى أنه قد نفضه، فلم يبق عنده من العلم شيئاً إلا حواه واستغنى عنه، انقطع عنه، فقال عبيد الله فيه: من الطويل
إذا شئت أن تلقى خليلاً مصافحاً ... لقيت وإخوان الثقات قليل
قال صالح بن كيسان: كنت أطلب العلم أنا والزهري، قال: تعال نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: تعال نكتب ما جاء عن أصحابه، فكتب، ولم أكتب، فأنجح وضيعت.
كان الزهري ينصرف من عند عروة أو الأعرج، أو بعض العلماء وقد سمع منهم، فيقول لجاريةٍ له، فيها لكنةٌ: حدثنا عروة، حدثنا الأعرج، حدثنا فلان، فإذا أكثر عليها قالت: والله ما أدري ما تقول؛ فيقول: اسكتي لكاع، فإني لست أريدك، إنما أريد نفسي.
كان ابن شهاب يقول: ما استودعت قلبي شيئاً قط فنسيته؛ وكان يكره أكل التفاح وسؤر الفأر؛ ويقول: إنه ينسي؛ قال: وكان يشرب العسل؛ ويقول: إنه يذكر.
وكان يقول: ما أكلت تفاحاً ولا أصبت شيئاً فيه خل مذ عالجت الحفظ.
كتب عبد الملك بن مروان إلى أهل المدينة يعاتبهم، فوصل في كتابه ذلك
طومارين، فقرئ الكتاب على الناس عند المنبر، فلما فرغوا وافترق الناس اجتمع إلى سعيد بن المسيب جلساؤه، فقال لهم سعيد: ما كان في كتابهم؟ ليت أنا وجدنا من يعرف لنا ما فيه؛ فجعل الرجل من جلسائه يقول: فيه كذا، ويقول الآخر: فيه كذا؛ فكأن سعيداً لم يشتف فيما سأل عنه، فبان ذلك لابن شهاب، فقال: أتحب أن تسمع كل ما فيه؟ قال: نعم؛ قال: فأمسك، فهذه عليه هذا كأنما كان في يده يقرؤه حتى أتى عليه كله.
قال مالك بن أنس: حدثني الزهري بحديثٍ طويلٍ فلم أحفظه، فتلقاني على حمارٍ، فأخذت بلجامه فسألته عن الحديث؛ فقال: أليس قد حدثتكم به؟ قلنا: بلى؛ قال مالك: فأردت أن أستخرجه، قلت: أما كنت تكتب؟ قال: لا؛ قلت: أما كنت تستعيد؟ قال: لا؛ وفي حديث، قال: ما استعدت حديثاً قط؛ وفي حديث آخر؛ قال: فجعل عبد الرحمن بن مهدي يعجب، يقول: فذيك الطوال وتلك المغازي.
قال مالك بن أنس: حدث الزهري بمئة حديثٍ ثم التفت إلي فقال: كم حفظت يا مالك؟ قلت: أربعين حديثاً؛ قال: فوضع يده على جبهته ثم قال: إنا لله كيف نقص الحفظ.
قال ابن شهاب: لقيني سالم كاتب هشام بن عبد الملك فقال: إن أمير المؤمنين يأمرك أن تكتب لولده حديثك؛ قال: فقلت له: لو سألتني عن حديثين أتبع أحدهما الآخر ما قدرت على ذلك، ولكن ابعث إلي كاتباً أو كاتبين فإنه قل يومٌ لا يأتيني قومٌ يسألوني عما لم أسأل عنه بالأمس؛ فبعث إلي كاتبين فاختلفا إلي سنةً على دينها؛ قال: ثم لقيني فقال: يا أبا بكر
ما أرانا إلا قد أنفضناك قال: قلت: كلا، إنما كنت في عزازٍ من الأرض، الآن هبطت بطون الأودية.
سأل هشام بن عبد الملك الزهري أن يملي على بعض ولده، فدعا بكاتبٍ، فأملى عليه أربع مئة حديث، ثم خرج الزهري من عند هشام، قال: أين أنتم يا أصحاب الحديث؟ فحدثهم بتلك الأربع مئة الحديث، ثم أقام شهراً أو نحوه، ثم قال للزهري: إن ذلك الكتاب الذي أمليت علينا قد ضاع؛ قال: فلا عليك ادع بكاتبٍ، فحدثه بالأربع مئة الحديث، ثم قابل هشامٌ بالكتاب الأول فإذا هو لا يغادر حرفاً واحداً.
كان الزهري لا يترك أحداً يكتب بين يديه، فأكرهه هشام بن عبد الملك، فأملى على بنيه؛ فلما خرج من عنده دخل المسجد، فاستند إلى عمودٍ من عمده، ثم نادى: يا طلبة الحديث، قال: فلما اجتمعوا إليه، قال: إني كنت منعتكم أمراً بذلته لأمير المؤمنين آنفاً، هلم فاكتبوا، قال: فكتب عنه الناس من يومئذ، وزاد في آخر بمعناه: قال: فسمعهم يقولون: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا أهل الشام، ما لي أرى أحاديثكم ليست لها أزمةٌ ولا خطم؟ قال الوليد بن مسلم وقبض يده وقال: تمسك أصحابنا بالأسانيد من يومئذٍ.
وفي آخر مختصراً: قال الزهري: كنا نكره الكتاب حتى أكرهنا عليه الأمراء، فرأيت أن لا أمنعه مسلماً.
وقال مالك:
أول من دون العلم وكتبه ابن شهاب، قال سفيان: كان الزهري أعلم أهل المدينة؛ قال عمر بن عبد العزيز: ما رأيت أحداً آمن في الحديث من ابن شهاب، وما رأيت
أحداً الدينار والدرهم أهون عليه من ابن شهاب؛ وما كانت الدنانير والدراهم عنده إلا بمنزلة البعر.
قال الليث بن سعد: ما رأيت عالماً قط أجمع من ابن شهاب، ولا أكثر علماً منه؛ ولو سمعت من ابن شهاب بحيثٍ في الترغيب قلت: لا يحسن إلا هذا، فإن حدث عن الأنبياء وأهل الكتاب قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن العرب والأنساب قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن القرآن والسنة كان حديثه ثم يتلوه بدعاءٍ جامعٍ، يقول: اللهم إني أسألك من كل خيرٍ أحاط به علمك في الدنيا والآخرة، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك في الدنيا والآخرة؛ قال الليث: وكان ابن شهاب من أسخى من رأيت؛ كان يعطي كل من جاء وسأله، حتى إذا لم يبق معه شيءٌ يستسلف من عبيده، فيقول لأحدهم: يا فلان أسلفني كما تعرف، وأضعف إلي كما تعلم؛ فيسلفونه، ولا يرى بذلك بأساً؛ وربما جاءه السائل ولا يجد ما يعطيه فيتغير عند ذلك وجهه، ويقول للسائل: أبشر فسوف يأتي الله بخيرٍ؛ فقيض الله لابن شهابٍ على قدر صبره واحتماله إما رجلاً يهدي له ما يسعهم، وإما رجلاً يبيعه بنظرةٍ، وكان يطعم الناس بالثريد في الخصب وغيره، ويسقيهم العسل؛ وكان ابن شهاب يسمر على العسل كما يسمر أصحاب الشراب على شرابهم؛ وفي حديثٍ آخر: كما يسمر أهل الخمر، ويقول: اسقونا وحدثونا؛ فإذا رأى بعض أصحابه قد نعس قال له: ما أنت من سمار قريش الذين قال الله تبارك وتعالى " سامراً تهجرون " وكانت له قبةٌ معصفرة، وعليه ملحفةٌ معصفرة، وتحته محبسٌ معصفرٌ؛ قال: وسمعته يبكي على العلم بلسانه، فيقول: يذهب العلم وكثيرٌ ممن كان يعمل به.
وعن سعد قال: ما أرى أحداً جمع بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما جمع ابن شهاب.
قال أبو بكر بن أبي مريم: قلت لمكحول: من أعلم الناس؟ قال: ابن شهاب؛ قلت: ثم من؟ قال: ابن شهاب؛ قلت: ثم من؟ قال: ابن شهاب.
قال مالك بن أنس: كان الزهري إذا دخل المدينة لم يحدث بها أحدٌ من العلماء حتى يخرج الزهري.
قال مالك: أدركت مشايخ بالمدينة أبناء سبعين وثمانين لا يؤخذ عنهم، ويقدم ابن شهاب وهو دونهم في السن فيزدحم الناس عليه.
وعن الزهري قال: ثلاثٌ إذا كن في القاضي فليس بقاضٍ؛ إذا كره اللوائم، وأحب المحامد، وكره العزل.
كان يزيد بن عبد الملك جعل الزهري قاضياً مع سليمان بن حبيب.
أجاب الزهري بعض خلفاء بني مروان في الخنثى؛ فقال الشاعر عند قضائه بذلك: من الكامل
ومهمةٍ أعيا القضاة عياؤها ... تذر الحليم يشك شك الجاهل
عجلت قبل حنيذها بشوائها ... وأبنت مفظعها بحكمٍ فاصل
فتركتها بعد العماية سنةً ... للمقتدين وللإمام العادل
وقيل: إن بني غفار بن حرام بن عوف بن معمر البلويين اقتتلوا هم وبنو عائذ الله الجذاميون، فقتل رجلٌ من بني عائذ الله بين الصفين يقال له: جرهاس، لم يدر من أصابه، فتدافعه الفريقان؛ كل يقول للآخر: أنتم قتلتموه؛ فاختصموا فيه إلى سلطانٍ بعد سلطانٍ، فلم تمض لأحدٍ من السلاطين فيه قضيةٌ؛ ثم خرجوا إلى أمير المؤمنين في الموسم فألفوا عنده ابن شهاب؛ فقال لابن شهاب: يا أبا بكر، انظر في أمرهم فقد رددت أمرهم إليك؛ فلما رجع ابن شهاب إلى منزله أتوه؛ فقال: يا أبا العائذ هلم البينة على قتيلكم؛ فلم يجدوا بينةً؛ فقال: يا بني غفار أنفلوا أنفسكم؛ فلم يجدوا من ينفلهم؛ فقال: هلم يا أبا العائذ قسامةً تقسم على دم صاحبكم؛ فأبوا؛ قال: هلم يا بني غفار قسامة تقسم على براءتكم؛ فأبوا؛ قال: أين ولي هذا القتيل؟ قيل: هو ذا؛ قال ابن شهاب: اذهب فقد قضينا لك بديةٍ مسلمةٍ، وجعلنا نصفها في بلعائذ، ونصفها على بني غفار؛ فانصرف الفريقان ورضيا؛ وقيل فيه هذا الشعر، وزاده فيه أبياتاً.
وعن ابن شهاب قال: إن هذا العلم أدب الله الذي أدب به نبيه عليه الصلاة والسلام، وأدب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمته، أمانة الله إلى رسوله ليؤديه على ما أدي إليه، فمن سمع علماً فليجعله أمامه حجةً فيما بينه وبين الله.
قال الليث:
جئت ابن شهاب يوماً بشيء من الرأي، فقبض وجهه؛ وقال: الرأي كالكاره له ثم جئته بعد ذلك يوماً آخر بأحاديث من السنن فتهلل وجهه وقال: إذا جئتني فاتني بمثل هذا.
وعن الزهري قال: الاعتصام بالسنة نجاةٌ.
وعن الزهري قال: أمروا أحاديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما جاءت.
وعن الزهري قال: أعيى الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ناسخه من منسوخه.
قال جعفر بن ربيعة: قلت لعراك بن مالك: من أفقه أهل المدينة؟ قال: أما أعلمهم بقضايا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان وأفقههم فقهاً وأعلمهم بما مضى من أمر الناس، فسعيد بن المسيب؛ وأما أغزرهم حديثاً فعروة بن الزبير؛ ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحراً إلا فجرته؛ قال عراك: وأعلمهم عندي جميعاً ابن شهاب؛ فإنه جمع علمهم جميعاً على علمه.
قال سفيان: قيل للزهري: لو أنك سكنت المدينة، ورحت إلى مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقبره، تعلم الناس منك؛ فقال: إنه ليس ينبغي أن أفعل حتى أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة؛ قال سفيان: ومن كان مثل الزهري.
قال سفيان: بلغني عن الزهري كلامٌ حسنٌ؛ أنه قال: ليس الزهد بتقشف الشعر وتفل الريح وخشونة الملبس والمطعم، ولكن الزهد ظلف النفس عن محبوب الشهوات.
قال الزهري: إنما يذهب العلم النسيان، وترك المذاكرة.
وعن عبد الله بن عمر قال: كنت أرى الزهري يعطى الكتاب فلا يقرؤه ولا يقرأ عليه، فيقال له: نروي هذا عنك؟ فيقول: نعم.
وعن الزهري قال: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيبٌ.
قال نافع بن مالك عم مالك بن أنس: قلت للزهري: أما بلغك أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من طلب شيئاً من هذا العلم الذي يراد به وجه الله يطلب به شيئاً من عرض الدنيا دخل النار "؟ فقال الزهري: لا، ما بلغني هذا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت له: كل حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلغك؟ قال: لا، قلت: فنصفه؟ قال: عسى؛ قلت: فهذا في النصف الذي لم يبلغك.
قال الحسن بن عمارة: أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث، فألفيته على باب داره، فقلت: إن رأيت أن تحدثني؛ فقال: أما علمت أني تركت الحديث؟ فقلت: إما أن تحدثني، وإما أن أحدثك؛ فقال: حدثني؛ فقلت: حدثني الحكم بن عتيبة، عن يحيى بن الجزار، قال: سمعت علياً يقول: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا، قال: فحدثني بأربعين حديثاً.
وفي آخر بمعناه: فقال: حدثنا الحكم بن عتيبة في قوله: " وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس " فقال: ما آتى الله عالماً علماً إلا أخذ عليه ميثاق أن لا يكتمه؛ قال: فحدث الزهري.
ومن حديثٍ، عن مكحول، عن الزهري: أي رجلٍ هو، لولا أنه أفسد نفسه بصحبة الملوك.
قال عمر بن رديح: كنت أمشي مع ابن شهاب الزهري، فرآني عمرو بن عبيد، فلقيني بعد فقال: مالك ولمنديل الأمراء؛ يعني ابن شهاب.
دخل سليمان بن يسار على هشام، فقال له: يا سليمان من الذي تولى كبره منهم؟ فقال له: عبد الله بن أبي بن سلول؛ فقال له: كذبت، هو علي بن أبي طالب فقال له: أنا أكذب، لا أبا لك فوالله لو ناداني منادٍ من السماء: إن الله أحل الكذب ما كذبت.
حدثني عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله، وعلقمة بن وقاص، كلهم عن عائشة رضوان الله عليها، أن الذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي؛ فلم يزل القوم يغرون به؛ فقال له هشام: ارحل، فوالله ما كان ينبغي لنا أن نحمل عن مثلك؛ فقال له ابن شهاب: ولم ذلك؟ أنا أغتصبك على نفسي، أو أنت اغتصبتني على نفسي؟ فخل عني؛ فقال له: لا ولكنك استدنت ألفي ألف؛ فقال: قد علمت وأبوك قبلك أني ما استدنت هذا المال عليك ولا على أبيك؛ فقال هشام: إنا إن نهيج الشيخ يهتم الشيخ؛ فأمر فقضى عنه من دينه ألف ألف؛ فأخبر بذلك؛ فقال: الحمد لله الذي هذا هو من عنده.
ونزل ابن شهاب بماءٍ من المياه، فالتمس سلفاً فلم يجد، فأمر براحلته فنحرت، ودعا إليها أهل الماء، فمر به عمه، فدعاه إلى الغداء، فقال له: يا بن أخي إن مروءة سنةٍ يذهبه بذل الوجه ساعةً؛ فقال له: يا عم انزل فاطعم، وإلا فامض راشداً.
قال:
ونزل ابن شهاب بماءٍ من المياه فشكى إليه أهل الماء: أن لنا ثمان عشرة امرأةً عمرنةً؛ يعني: لهن أعمار ليس لهن خادمٌ؛ فاستسلف ابن شهاب ثمانية عشر ألفاً، وأخدم كل واحدةٍ منهن خادماً بألفٍ.
وعن سعيد بن عبد العزيز: أن هشام بن عبد الملك قضى عن الزهري سبعة آلاف دينار، ثم قال هشام للزهري: لا تعد إلى مثلها تدان؛ فقال الزهري: يا أمير المؤمنين، حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يلدغ المؤمن في حجرٍ مرتين ".
لقي الزهري يزيد بن محمد بن مروان، وهو يطوف بالبيت، وكان استقرض منه مالاً، فأداه إلا شيئاً؛ فقال: يا أبا عثمان قد استحيينا من حبس حقك، فإن رأيت أن تأمر قهرمانك أن يكف عنا حتى ييسر الله علينا؛ قال: يا بن شهاب، كم تبقى عليك؟ قال: خمسة عشر ألفاً؛ قال: اذهب فإنها لك، والله إنها لقليلٌ من الإخاء في الله عز وجل.
قيل للزهري: إن الناس لا يعيبون عليك إلا كثرة الدين؛ قال: وكم ديني؟ إنما ديني عشرون ألف دينار، وأنا ملي المحيا والممات لي خمسة أعينٍ، كل عينٍ منها ثمن أربعين ألف دينار؛ وليس يرثني إلا ابن ابني هذا، وما أبالي أن لا يرث عني شيئاً؛ قال: وكان ابن ابنه فاسقاً.
قال مالك بن أنس: كان ابن شهاب من أسخى الناس، فلما أصاب تلك الأموال، قل له مولى له، وهو
يعظه: قد رأيت ما مر عليك من الضيق والشدة، فانظر كيف تكون وأمسك عليك مالك؛ فقال له ابن شهاب: ويحك إني لم أر الكريم تحكمه التجارب؛ وفي رواية: إني لم أر السخي تنفعه أو تحكمه التجارب.
قال محمد بن إدريس الشافعي: إن رجاء بن حيوة عاتب ابن شهاب في الإسراف وكان يدان؛ فقال: لا آمن أن يحبس هؤلاء القوم أيديهم عنك فتكون قد حملت على أمانتك؛ فوعده أن يقصر، فمر بعد ذلك وقد وضع الطعام ونصبت موائد العسل؛ فوقف به رجاء فقال: يا أبا بكر، هذا الذي افترقنا عليه فقال له ابن شهاب: انزل، فإن السخي لا تؤدبه التجارب؛ وفي روايةٍ: إن الجواد لا تبخله التجارب.
وأنسد الحسين بن أبي عبد الله الكاتب في هذا المعنى: من البسيط
له سحائب جودٍ في أنامله ... أمطارها الفضة البيضاء والذهب
يقول في العسر إن أيسرت ثانيةً ... أقصرت عن بعض ما أعطي وما أهب
حتى إذا عاد أيام اليسار له ... رأيت أمواله في الناس تنتهب
قال الشافعي: مر رجلٌ من التجار بالزهري وهو في قريته، والرجل يريد الحج، فابتاع منه براً بأربع مئة دينار، إلى أن يرجع من حجه؛ قال: فلم يبرح الرجل حتى فرقه، فعرف الزهري في وجه الرجل بعض ما كره، فلما رجع من حجه مر به فقضاه ذلك، وأمر له بثلاثين دينار لينفقها في سفره؛ فقال له الزهري: كأني رأيتك يومئذٍ ساء ظنك فقال: أجل؛ فقال الزهري: والله لو لم أفعل ذلك إلا للتجارة؛ أعطي القليل فأعطى الكثير.
قال عقيل بن خالد: كان الزهري يخرج إلى الأعراب يفقههم ويعظهم؛ قال عقيل: فجاءه أعرابي وقد
نفد ما في يده، فمد الزهري يده إلى عمامتي فأخذها فأعطاها الرجل؛ وقال: يا عقيل، أعطيك خيراً منها.
قال زياد بن سعد للزهري: إن حديثك ليعجبني، ولكن ليست معي نفقةٌ فأتبعك؛ قال: اتبعني أحدثك وأنفق عليك.
قال ابن عيينة: جلست إلى الزهري فأنشده رجلٌ مديحه فأعطاه قميصه فقيل: أتعطي على كلام الشيطان؟ فقال: من ابتغى الخير، اتقى الشر.
قال حماد بن زيد: كان الزهري يحدث ثم يقول: هاتوا من أشعاركم، هاتوا من أحاديثكم، فإن الأذن مجاجةٌ، وإن للنفس حمضةً.
قال الزهري: ما طلب الناس شيئاً خيراً من المروءة، ومن المروءة ترك صحبة من لا خير فيه، ولا يستفاد منه عقلٌ، فتركه خيرٌ من كلامه.
توفي الزهري سنة ثلاثٍ وعشرين ومئة، وقيل: سنة أربعٍ وعشرين ومئة، وهو ابن اثنتين وسبعين سنةً؛ وقيل: سنة خمسٍ وعشرين ومئة.
ابن عبد الله ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة أبو بكر القرشي الزهري أحد الأعلام من أئمة الإسلام، قدم دمشق غير مرة.
حدث الزهري عن أنس بن مالك، قال: سقط رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فرسٍ فجحش شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة، فصلى قاعداً، فصلينا قعوداً، فلما قضى الصلاة قال: " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين ".
قال ابن أبي ذئب: كان ابن شهاب قد ضاقت حاله ورهقه دينٌ، فخرج إلى الشام زمن عبد الملك بن مروان، فجالس قبيصة بن ذؤيب.
قال ابن شهاب: فبينا نحن مع قبيصة ذات ليلةٍ نسمر إذ جاء رسول عبد الملك فقال: أجب أمير المؤمنين، فذهب إليه ثم رجع، فقال: من منكم يحفظ قضاء عمر في أمهات الأولاد؟ قلت: أنا؛ فأدخلني على عبد الملك بن مروان فسلمت عليه، فقال: من أنت؟ فانتسبت له؛ قال: إن كان أبوك لنعاراً في الفتن؛ قلت: يا أمير المؤمنين، عفا الله عما
سلف؛ قال: اجلس؛ قال: أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم؛ قال: اقرأ من سورة كذا، ومن سورة كذا؛ فقرأت فقال لي: أتفرض؟ قلت: نعم، قال: ما تقول في امرأةٍ تركت زوجها وأبويها؟ قلت: لزوجها النصف، ولأمها السدس، ولأبيها ما بقي؛ قال: أصبت الفرض وأخطأت اللفظ، إنما لزوجها النصف ولأمها ثلث ما بقي وهو السدس من رأس المال، ولأبيها ما بقي؛ قال: فإن الفريضة على حالها وهو رجل ترك زوجته وأبويه؛ فقلت: لزوجته الربع ولأمه الربع ولأبيه ما بقي؛ قال: فقال لي: أصبت الفرض وأخطأت اللفظ، ليس هكذا الفرض، لزوجته الربع ولأمه ثلث ما بقي وهو الربع من رأس المال، وللأب ما بقي؛ ثم قال: هات حديثك؛ قلت: حدثني سعيد بن المسيب: أن فتىً من الأنصار كان لزم عمر بن الخطاب، وكان به معجباً وأنه فقده، فقال: ما لي لا أرى فلاناً؛ فأرسل إليه فجاءه، فإذا هو بذ الهيئة، قال: ما لي أراك هكذا؟ قال: يا أمير المؤمنين، إن أخوي خيروني بين أمي وبين ميراثي من أبي، فاخترت أمي، ولم أكن لأخرجها على رؤوس الناس، فأخذتها بجميع ميراثي من أبي؛ قال: فخرج عمر مغضباً حتى رقي المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد، أيها الناس، فأي امرئٍ وطئ امرأةً فولدت منه، فله أن يستمتع منها ما عاش، فإذا مات فهي حرةٌ؛ فقال عبد الملك: هكذا حدثني سعيد بن المسيب؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، اقض ديني؛ قال: قد قضى الله دينك؛ قلت: ويفرض لي أمير المؤمنين؛ قال: لا والله ما نجمعهما لأحدٍ؛ قال: فخرجت فتجهزت حتى قدمت المدينة، فجئت سعيد بن المسيب في المسجد، فجئت لأسلم عليه، فدفع في صدري وقال: انصرف؛ وأبى أن يسلم علي، فخشيت أن يتكلم بشيء يعيبني به فيرويه من حضره. فتنحيت ناحيةً إلى أن قام فصلى أربع ركعاتٍ وانصرف، ومعه ناسٌ من أصحابه، فلما خلا وبقي وحده قلت: ما ذنبي؟ أنا ابن أخيك، واعتذرت إليه، وما يكلمني، حتى بلغ منزله، واستفتح ففتح له فأدخل رجله ثم التفت إلي فقال: أنت الذي ذهبت بحديثي إلى بني مروان؟.
وفي حديثٍ بمعناه:
فذكر أن عمر بن الخطاب أمر بأمهات الأولاد أن يقمن في أموال أبنائهن بقيمة عدل، ثم يعتقن فمكث بذلك صدراً من خلافته، ثم توفي رجلٌ من قريش، كان له ابنٌ من أم ولد، قد كان عمر يعجب بذلك الغلام، فمر ذلك الغلام على عمر في المسجد بعد وفاة أبيه بليالٍ، فقال له عمر: ما فعلت يا بن أخي في أمك؟ قال: فعلت خيراً، خيروني بين أن يسترقوا أمي أو يخرجوني من ميراثي من أبي، فكان ميراثي من أبي أهون علي من أن تسترق أمي؛ فقال عمر: أولست إنما أمرت في ذلك بقيمة عدلٍ؟ ما أرى رأياً ولا آمر بأمرٍ إلا قلتم فيه؟ ثم قام إلى المنبر فاجتمع الناس إليه، حتى إذا رضي من جماعتهم، قال: أيها الناس، إني كنت قد أمرت في أمهات الأولاد بأمرٍ قد علمتموه، ثم حدث لي رأيٌ غير ذلك، فأيما امرئٍ كانت عنده أم ولد يملكها بيمينه ما عاش، فإذا مات فهي حرةٌ لا سبيل لأحدٍ عليها؛ الحديث.
وفي آخره؛ قال: افرض لي فإني منقطعٌ من الديوان؛ قال: إن بلدك لبلدٌ ما فرضنا فيها لأحدٍ منذ كان هذا الأمر، ثم نظر إلى قبيصة فكأنه أومأ إليه: أن افرض له؛ فقال: قد فرض لك أمير المؤمنين؛ قال: فقلت: وصلةٌ يا أمير المؤمنين تصلنا بها، ولقد خرجت من أهلي وإن فيهم لحاجةً ما يعلمها إلا الله، ولقد عمت الحاجة أهل البلد؛ قال: قد وصلك أمير المؤمنين؛ قلت: يا أمير المؤمنين وخادمٌ يخدمنا، فإني تركت أهلي وما لهم خادمٌ إلا أختي، إنها الآن تخبز لهم وتعجن وتطحن لهم؛ قال: وقد أخدمك أمير المؤمنين؛ الحديث.
قال الزهري:
أتيت عبد الملك بن مروان فاستأذنت عليه، فلم يؤذن لي، فدخل الحاجب فقال: يا أمير المؤمنين إن بالباب رجلاً شاباً أحمر زعم أنه من قريش؛ قال: صفه؛ فوصفه؛ قال: لا أعرفه إلا أن يكون من ولد مسلم بن شهاب؛ فدخل عليه فقال: هو من بني مسلم؛ فدخلت عليه فقال: من أنت؟ فانتسبت له، وقلت: إن أبي هلك وترك
عيالاً صبية، وكان رجلاً مئناثاً لم يترك مالاً؛ فقال عبد الملك: أقرأت القرآن؟ قلت: نعم؛ قال: بإعرابه وما ينبغي فيه من وجوهه وعلله؟ قلت: نعم؛ قال: إنما فوق ذلك فضلٌ، إنما يعايا ويلغز به؛ قال: أفعلمت الفرائض؟ قلت: نعم؛ قال: الصلب والجد واختلافهما؟ قلت: أرجو أن أكون قد فعلت؛ قال: وكم دين أبيك؟ قلت: كذا وكذا؛ قال: قد قضى الله دين أبيك؛ وأمر لي بجائزةٍ ورزقٍ يجري وشراء دارٍ قطيعةً بالمدينة؛ وقال: اذهب فاطلب العلم، ولا تشاغل عنه بشيءٍ، فإني أرى لك عيناً حافظةً وقلباً ذكياً، وأت الأنصار من منازلهم؛ قال الزهري: وكنت أخذت العلم عنهم بالمدينة، فلما خرجت إليهم إذا علمٌ جم، فاتبعتهم حتى ذكرت لي امرأةٌ نحو قباء تروي رؤيا فأتيتها، فقلت: أخبريني برؤياك؛ فقالت: كان لي ولدان واحد حين حبا، وآخر يتبعه، وهلك أبوهما وترك لي ماهناً وداجناً ونخلاتٍ، فكان الداجن نشرب لبنها ونأكل ثمر النخلات فإني لبين النائمة واليقظانة، ولنا جديٌ، فرأيت كأن ابني الأكبر قد جاء إلى شفرةٍ لنا فأحدها، وقال: يا أمه قد أضرت بنا وحبست اللبن عنا، فأخذ الشفرة وقام إلى ولد الداجن فذبحه بتلك الشفرة، ثم نصب قدراً لنا، ثم قطعه ووضعه فيها، ثم قام إلى أخيه فذبحه بتلك الشفرة، وانتبهت مذعورةً، فإذا ابني الأكبر قد جاء فقال: يا أمه أين اللبن؟ فقلت: شربه ولد هذه الداجن؛ فقال: ما لنا في هذا من شيءٍ؛ وقام إلى الشفرة فأحدها ثم أمرها على حلق ولد الداجن، ثم نصب القدر؛ قالت: فلم أكلمه حتى قمت إلى ابني الصغير فاحتضنته وأتيت به بعض بيوت الجيران، فخبأته عندهم ثم أقبلت مغتمةً لما رأيت، ثم صعد على بعض تلك النخلات، فأنزل رطباً، وقال: يا أمه كلي؛ قلت: لا أريد، ثم مضى، وأتى القدر؛ فإني لمنكبةٌ على بلسنٍ عندي إذ ذهب بي النوم، فإذا أنا بآتٍ قد أتاني، فقال: مالك مغتمةً؟ فقلت: لكذا ولكذا؛ فنادى: يا رؤيا؛ فجاءت امرأةٌ شابةٌ، حسنة الوجه، طيبة الريح؛ فقال: ما أردت من هذه المرأة الصالحة؟ قالت: ما أردت منها شيئاً؛ فنادى: يا أحلام، فأقبلت امرأةٌ دونها في السن
واللباس والطيب؛ فقال: ما أردت من هذه المرأة الصالحة؟ قالت: ما أردت منها شيئاً؛ فنادى: يا أصغاث؛ فأقبلت امرأةٌ سوداء الخلقة، وسخة الثياب، دونها، فقال: ما أردت من هذه المرأة؟ قالت: رأيتها صالحةً فأردت أن أغمها ثم انتبهت فإذا ابني قد أقبل فقال: يا أمه أين أخي؟ قلت: لا أدري حبا إلى بعض الجيران، فذهب يمشي لهو أهدى إلى موضعه حتى أخذه، وجاء به يقبله، ثم قعد فأكل وأكلت معه.
الماهن: الخادم؛ والداجن: الشاة من شياه البيوت تعلف؛ وقوله: بلسن، البلسن: بعض ما يكون في رحل القوم من المتاع الذي يتكأ عليه، وهو اسمٌ أعجميٌ؛ وقد استعمل بمعنى ما يعلى عليه من كرسي أو ما أشبهه.
قال ابن شهاب: قدمت دمشق وأنا أريد الغزو، فأتيت عبد الملك لأسلم عليه، فوجدته في قبةٍ على فرشٍ تفوت القائم، والناس تحته سماطان، فسلمت وجلست، فقال: يا بن شهاب، أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل ابن أبي طالب؟ قلت: نعم؛ قال: هلم؛ فقمت من وراء الناس حتى أتيت خلف القبة، وحول وجهه، فأحنى علي، فقال: ما كان؟ قال: فقلت: لم يرفع حجرٌ في بيت المقدس إلا وجد تحته دمٌ فقال: لم يبق أحدٌ يعلم هذا غيري وغيرك؛ قال: فلا يسمعن منك؛ قال: فما تحدثت به حتى توفي.
ولد الزهري سنة ثمانٍ وخمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة خمسين.
قال سفيان: رأيت الزهري أحمر الرأس واللحية، وفي حمرتها انكفاءٌ، كأنه يجعل فيه كتماً، وكان رجلاً أعيمش، وعليه جميمةٌ.
وقال غيره: كان قصيراً قليل اللحية، له شعيراتٌ طوال، خفيف العارضين.
قال ابن شهاب: كنت أخدم عبيد الله بن عبد الله، حتى كنت أستقي له الماء المالح، وإن كان ليسأل الجارية: من بالباب؟ فتقول: غلامك الأعمش، تظنني غلاماً له.
ولما أخذ ابن شهاب ما عند عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود من العلم، ورأى أنه قد نفضه، فلم يبق عنده من العلم شيئاً إلا حواه واستغنى عنه، انقطع عنه، فقال عبيد الله فيه: من الطويل
إذا شئت أن تلقى خليلاً مصافحاً ... لقيت وإخوان الثقات قليل
قال صالح بن كيسان: كنت أطلب العلم أنا والزهري، قال: تعال نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: تعال نكتب ما جاء عن أصحابه، فكتب، ولم أكتب، فأنجح وضيعت.
كان الزهري ينصرف من عند عروة أو الأعرج، أو بعض العلماء وقد سمع منهم، فيقول لجاريةٍ له، فيها لكنةٌ: حدثنا عروة، حدثنا الأعرج، حدثنا فلان، فإذا أكثر عليها قالت: والله ما أدري ما تقول؛ فيقول: اسكتي لكاع، فإني لست أريدك، إنما أريد نفسي.
كان ابن شهاب يقول: ما استودعت قلبي شيئاً قط فنسيته؛ وكان يكره أكل التفاح وسؤر الفأر؛ ويقول: إنه ينسي؛ قال: وكان يشرب العسل؛ ويقول: إنه يذكر.
وكان يقول: ما أكلت تفاحاً ولا أصبت شيئاً فيه خل مذ عالجت الحفظ.
كتب عبد الملك بن مروان إلى أهل المدينة يعاتبهم، فوصل في كتابه ذلك
طومارين، فقرئ الكتاب على الناس عند المنبر، فلما فرغوا وافترق الناس اجتمع إلى سعيد بن المسيب جلساؤه، فقال لهم سعيد: ما كان في كتابهم؟ ليت أنا وجدنا من يعرف لنا ما فيه؛ فجعل الرجل من جلسائه يقول: فيه كذا، ويقول الآخر: فيه كذا؛ فكأن سعيداً لم يشتف فيما سأل عنه، فبان ذلك لابن شهاب، فقال: أتحب أن تسمع كل ما فيه؟ قال: نعم؛ قال: فأمسك، فهذه عليه هذا كأنما كان في يده يقرؤه حتى أتى عليه كله.
قال مالك بن أنس: حدثني الزهري بحديثٍ طويلٍ فلم أحفظه، فتلقاني على حمارٍ، فأخذت بلجامه فسألته عن الحديث؛ فقال: أليس قد حدثتكم به؟ قلنا: بلى؛ قال مالك: فأردت أن أستخرجه، قلت: أما كنت تكتب؟ قال: لا؛ قلت: أما كنت تستعيد؟ قال: لا؛ وفي حديث، قال: ما استعدت حديثاً قط؛ وفي حديث آخر؛ قال: فجعل عبد الرحمن بن مهدي يعجب، يقول: فذيك الطوال وتلك المغازي.
قال مالك بن أنس: حدث الزهري بمئة حديثٍ ثم التفت إلي فقال: كم حفظت يا مالك؟ قلت: أربعين حديثاً؛ قال: فوضع يده على جبهته ثم قال: إنا لله كيف نقص الحفظ.
قال ابن شهاب: لقيني سالم كاتب هشام بن عبد الملك فقال: إن أمير المؤمنين يأمرك أن تكتب لولده حديثك؛ قال: فقلت له: لو سألتني عن حديثين أتبع أحدهما الآخر ما قدرت على ذلك، ولكن ابعث إلي كاتباً أو كاتبين فإنه قل يومٌ لا يأتيني قومٌ يسألوني عما لم أسأل عنه بالأمس؛ فبعث إلي كاتبين فاختلفا إلي سنةً على دينها؛ قال: ثم لقيني فقال: يا أبا بكر
ما أرانا إلا قد أنفضناك قال: قلت: كلا، إنما كنت في عزازٍ من الأرض، الآن هبطت بطون الأودية.
سأل هشام بن عبد الملك الزهري أن يملي على بعض ولده، فدعا بكاتبٍ، فأملى عليه أربع مئة حديث، ثم خرج الزهري من عند هشام، قال: أين أنتم يا أصحاب الحديث؟ فحدثهم بتلك الأربع مئة الحديث، ثم أقام شهراً أو نحوه، ثم قال للزهري: إن ذلك الكتاب الذي أمليت علينا قد ضاع؛ قال: فلا عليك ادع بكاتبٍ، فحدثه بالأربع مئة الحديث، ثم قابل هشامٌ بالكتاب الأول فإذا هو لا يغادر حرفاً واحداً.
كان الزهري لا يترك أحداً يكتب بين يديه، فأكرهه هشام بن عبد الملك، فأملى على بنيه؛ فلما خرج من عنده دخل المسجد، فاستند إلى عمودٍ من عمده، ثم نادى: يا طلبة الحديث، قال: فلما اجتمعوا إليه، قال: إني كنت منعتكم أمراً بذلته لأمير المؤمنين آنفاً، هلم فاكتبوا، قال: فكتب عنه الناس من يومئذ، وزاد في آخر بمعناه: قال: فسمعهم يقولون: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا أهل الشام، ما لي أرى أحاديثكم ليست لها أزمةٌ ولا خطم؟ قال الوليد بن مسلم وقبض يده وقال: تمسك أصحابنا بالأسانيد من يومئذٍ.
وفي آخر مختصراً: قال الزهري: كنا نكره الكتاب حتى أكرهنا عليه الأمراء، فرأيت أن لا أمنعه مسلماً.
وقال مالك:
أول من دون العلم وكتبه ابن شهاب، قال سفيان: كان الزهري أعلم أهل المدينة؛ قال عمر بن عبد العزيز: ما رأيت أحداً آمن في الحديث من ابن شهاب، وما رأيت
أحداً الدينار والدرهم أهون عليه من ابن شهاب؛ وما كانت الدنانير والدراهم عنده إلا بمنزلة البعر.
قال الليث بن سعد: ما رأيت عالماً قط أجمع من ابن شهاب، ولا أكثر علماً منه؛ ولو سمعت من ابن شهاب بحيثٍ في الترغيب قلت: لا يحسن إلا هذا، فإن حدث عن الأنبياء وأهل الكتاب قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن العرب والأنساب قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن القرآن والسنة كان حديثه ثم يتلوه بدعاءٍ جامعٍ، يقول: اللهم إني أسألك من كل خيرٍ أحاط به علمك في الدنيا والآخرة، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك في الدنيا والآخرة؛ قال الليث: وكان ابن شهاب من أسخى من رأيت؛ كان يعطي كل من جاء وسأله، حتى إذا لم يبق معه شيءٌ يستسلف من عبيده، فيقول لأحدهم: يا فلان أسلفني كما تعرف، وأضعف إلي كما تعلم؛ فيسلفونه، ولا يرى بذلك بأساً؛ وربما جاءه السائل ولا يجد ما يعطيه فيتغير عند ذلك وجهه، ويقول للسائل: أبشر فسوف يأتي الله بخيرٍ؛ فقيض الله لابن شهابٍ على قدر صبره واحتماله إما رجلاً يهدي له ما يسعهم، وإما رجلاً يبيعه بنظرةٍ، وكان يطعم الناس بالثريد في الخصب وغيره، ويسقيهم العسل؛ وكان ابن شهاب يسمر على العسل كما يسمر أصحاب الشراب على شرابهم؛ وفي حديثٍ آخر: كما يسمر أهل الخمر، ويقول: اسقونا وحدثونا؛ فإذا رأى بعض أصحابه قد نعس قال له: ما أنت من سمار قريش الذين قال الله تبارك وتعالى " سامراً تهجرون " وكانت له قبةٌ معصفرة، وعليه ملحفةٌ معصفرة، وتحته محبسٌ معصفرٌ؛ قال: وسمعته يبكي على العلم بلسانه، فيقول: يذهب العلم وكثيرٌ ممن كان يعمل به.
وعن سعد قال: ما أرى أحداً جمع بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما جمع ابن شهاب.
قال أبو بكر بن أبي مريم: قلت لمكحول: من أعلم الناس؟ قال: ابن شهاب؛ قلت: ثم من؟ قال: ابن شهاب؛ قلت: ثم من؟ قال: ابن شهاب.
قال مالك بن أنس: كان الزهري إذا دخل المدينة لم يحدث بها أحدٌ من العلماء حتى يخرج الزهري.
قال مالك: أدركت مشايخ بالمدينة أبناء سبعين وثمانين لا يؤخذ عنهم، ويقدم ابن شهاب وهو دونهم في السن فيزدحم الناس عليه.
وعن الزهري قال: ثلاثٌ إذا كن في القاضي فليس بقاضٍ؛ إذا كره اللوائم، وأحب المحامد، وكره العزل.
كان يزيد بن عبد الملك جعل الزهري قاضياً مع سليمان بن حبيب.
أجاب الزهري بعض خلفاء بني مروان في الخنثى؛ فقال الشاعر عند قضائه بذلك: من الكامل
ومهمةٍ أعيا القضاة عياؤها ... تذر الحليم يشك شك الجاهل
عجلت قبل حنيذها بشوائها ... وأبنت مفظعها بحكمٍ فاصل
فتركتها بعد العماية سنةً ... للمقتدين وللإمام العادل
وقيل: إن بني غفار بن حرام بن عوف بن معمر البلويين اقتتلوا هم وبنو عائذ الله الجذاميون، فقتل رجلٌ من بني عائذ الله بين الصفين يقال له: جرهاس، لم يدر من أصابه، فتدافعه الفريقان؛ كل يقول للآخر: أنتم قتلتموه؛ فاختصموا فيه إلى سلطانٍ بعد سلطانٍ، فلم تمض لأحدٍ من السلاطين فيه قضيةٌ؛ ثم خرجوا إلى أمير المؤمنين في الموسم فألفوا عنده ابن شهاب؛ فقال لابن شهاب: يا أبا بكر، انظر في أمرهم فقد رددت أمرهم إليك؛ فلما رجع ابن شهاب إلى منزله أتوه؛ فقال: يا أبا العائذ هلم البينة على قتيلكم؛ فلم يجدوا بينةً؛ فقال: يا بني غفار أنفلوا أنفسكم؛ فلم يجدوا من ينفلهم؛ فقال: هلم يا أبا العائذ قسامةً تقسم على دم صاحبكم؛ فأبوا؛ قال: هلم يا بني غفار قسامة تقسم على براءتكم؛ فأبوا؛ قال: أين ولي هذا القتيل؟ قيل: هو ذا؛ قال ابن شهاب: اذهب فقد قضينا لك بديةٍ مسلمةٍ، وجعلنا نصفها في بلعائذ، ونصفها على بني غفار؛ فانصرف الفريقان ورضيا؛ وقيل فيه هذا الشعر، وزاده فيه أبياتاً.
وعن ابن شهاب قال: إن هذا العلم أدب الله الذي أدب به نبيه عليه الصلاة والسلام، وأدب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمته، أمانة الله إلى رسوله ليؤديه على ما أدي إليه، فمن سمع علماً فليجعله أمامه حجةً فيما بينه وبين الله.
قال الليث:
جئت ابن شهاب يوماً بشيء من الرأي، فقبض وجهه؛ وقال: الرأي كالكاره له ثم جئته بعد ذلك يوماً آخر بأحاديث من السنن فتهلل وجهه وقال: إذا جئتني فاتني بمثل هذا.
وعن الزهري قال: الاعتصام بالسنة نجاةٌ.
وعن الزهري قال: أمروا أحاديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما جاءت.
وعن الزهري قال: أعيى الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ناسخه من منسوخه.
قال جعفر بن ربيعة: قلت لعراك بن مالك: من أفقه أهل المدينة؟ قال: أما أعلمهم بقضايا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان وأفقههم فقهاً وأعلمهم بما مضى من أمر الناس، فسعيد بن المسيب؛ وأما أغزرهم حديثاً فعروة بن الزبير؛ ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحراً إلا فجرته؛ قال عراك: وأعلمهم عندي جميعاً ابن شهاب؛ فإنه جمع علمهم جميعاً على علمه.
قال سفيان: قيل للزهري: لو أنك سكنت المدينة، ورحت إلى مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقبره، تعلم الناس منك؛ فقال: إنه ليس ينبغي أن أفعل حتى أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة؛ قال سفيان: ومن كان مثل الزهري.
قال سفيان: بلغني عن الزهري كلامٌ حسنٌ؛ أنه قال: ليس الزهد بتقشف الشعر وتفل الريح وخشونة الملبس والمطعم، ولكن الزهد ظلف النفس عن محبوب الشهوات.
قال الزهري: إنما يذهب العلم النسيان، وترك المذاكرة.
وعن عبد الله بن عمر قال: كنت أرى الزهري يعطى الكتاب فلا يقرؤه ولا يقرأ عليه، فيقال له: نروي هذا عنك؟ فيقول: نعم.
وعن الزهري قال: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيبٌ.
قال نافع بن مالك عم مالك بن أنس: قلت للزهري: أما بلغك أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من طلب شيئاً من هذا العلم الذي يراد به وجه الله يطلب به شيئاً من عرض الدنيا دخل النار "؟ فقال الزهري: لا، ما بلغني هذا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت له: كل حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلغك؟ قال: لا، قلت: فنصفه؟ قال: عسى؛ قلت: فهذا في النصف الذي لم يبلغك.
قال الحسن بن عمارة: أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث، فألفيته على باب داره، فقلت: إن رأيت أن تحدثني؛ فقال: أما علمت أني تركت الحديث؟ فقلت: إما أن تحدثني، وإما أن أحدثك؛ فقال: حدثني؛ فقلت: حدثني الحكم بن عتيبة، عن يحيى بن الجزار، قال: سمعت علياً يقول: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا، قال: فحدثني بأربعين حديثاً.
وفي آخر بمعناه: فقال: حدثنا الحكم بن عتيبة في قوله: " وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس " فقال: ما آتى الله عالماً علماً إلا أخذ عليه ميثاق أن لا يكتمه؛ قال: فحدث الزهري.
ومن حديثٍ، عن مكحول، عن الزهري: أي رجلٍ هو، لولا أنه أفسد نفسه بصحبة الملوك.
قال عمر بن رديح: كنت أمشي مع ابن شهاب الزهري، فرآني عمرو بن عبيد، فلقيني بعد فقال: مالك ولمنديل الأمراء؛ يعني ابن شهاب.
دخل سليمان بن يسار على هشام، فقال له: يا سليمان من الذي تولى كبره منهم؟ فقال له: عبد الله بن أبي بن سلول؛ فقال له: كذبت، هو علي بن أبي طالب فقال له: أنا أكذب، لا أبا لك فوالله لو ناداني منادٍ من السماء: إن الله أحل الكذب ما كذبت.
حدثني عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله، وعلقمة بن وقاص، كلهم عن عائشة رضوان الله عليها، أن الذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي؛ فلم يزل القوم يغرون به؛ فقال له هشام: ارحل، فوالله ما كان ينبغي لنا أن نحمل عن مثلك؛ فقال له ابن شهاب: ولم ذلك؟ أنا أغتصبك على نفسي، أو أنت اغتصبتني على نفسي؟ فخل عني؛ فقال له: لا ولكنك استدنت ألفي ألف؛ فقال: قد علمت وأبوك قبلك أني ما استدنت هذا المال عليك ولا على أبيك؛ فقال هشام: إنا إن نهيج الشيخ يهتم الشيخ؛ فأمر فقضى عنه من دينه ألف ألف؛ فأخبر بذلك؛ فقال: الحمد لله الذي هذا هو من عنده.
ونزل ابن شهاب بماءٍ من المياه، فالتمس سلفاً فلم يجد، فأمر براحلته فنحرت، ودعا إليها أهل الماء، فمر به عمه، فدعاه إلى الغداء، فقال له: يا بن أخي إن مروءة سنةٍ يذهبه بذل الوجه ساعةً؛ فقال له: يا عم انزل فاطعم، وإلا فامض راشداً.
قال:
ونزل ابن شهاب بماءٍ من المياه فشكى إليه أهل الماء: أن لنا ثمان عشرة امرأةً عمرنةً؛ يعني: لهن أعمار ليس لهن خادمٌ؛ فاستسلف ابن شهاب ثمانية عشر ألفاً، وأخدم كل واحدةٍ منهن خادماً بألفٍ.
وعن سعيد بن عبد العزيز: أن هشام بن عبد الملك قضى عن الزهري سبعة آلاف دينار، ثم قال هشام للزهري: لا تعد إلى مثلها تدان؛ فقال الزهري: يا أمير المؤمنين، حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يلدغ المؤمن في حجرٍ مرتين ".
لقي الزهري يزيد بن محمد بن مروان، وهو يطوف بالبيت، وكان استقرض منه مالاً، فأداه إلا شيئاً؛ فقال: يا أبا عثمان قد استحيينا من حبس حقك، فإن رأيت أن تأمر قهرمانك أن يكف عنا حتى ييسر الله علينا؛ قال: يا بن شهاب، كم تبقى عليك؟ قال: خمسة عشر ألفاً؛ قال: اذهب فإنها لك، والله إنها لقليلٌ من الإخاء في الله عز وجل.
قيل للزهري: إن الناس لا يعيبون عليك إلا كثرة الدين؛ قال: وكم ديني؟ إنما ديني عشرون ألف دينار، وأنا ملي المحيا والممات لي خمسة أعينٍ، كل عينٍ منها ثمن أربعين ألف دينار؛ وليس يرثني إلا ابن ابني هذا، وما أبالي أن لا يرث عني شيئاً؛ قال: وكان ابن ابنه فاسقاً.
قال مالك بن أنس: كان ابن شهاب من أسخى الناس، فلما أصاب تلك الأموال، قل له مولى له، وهو
يعظه: قد رأيت ما مر عليك من الضيق والشدة، فانظر كيف تكون وأمسك عليك مالك؛ فقال له ابن شهاب: ويحك إني لم أر الكريم تحكمه التجارب؛ وفي رواية: إني لم أر السخي تنفعه أو تحكمه التجارب.
قال محمد بن إدريس الشافعي: إن رجاء بن حيوة عاتب ابن شهاب في الإسراف وكان يدان؛ فقال: لا آمن أن يحبس هؤلاء القوم أيديهم عنك فتكون قد حملت على أمانتك؛ فوعده أن يقصر، فمر بعد ذلك وقد وضع الطعام ونصبت موائد العسل؛ فوقف به رجاء فقال: يا أبا بكر، هذا الذي افترقنا عليه فقال له ابن شهاب: انزل، فإن السخي لا تؤدبه التجارب؛ وفي روايةٍ: إن الجواد لا تبخله التجارب.
وأنسد الحسين بن أبي عبد الله الكاتب في هذا المعنى: من البسيط
له سحائب جودٍ في أنامله ... أمطارها الفضة البيضاء والذهب
يقول في العسر إن أيسرت ثانيةً ... أقصرت عن بعض ما أعطي وما أهب
حتى إذا عاد أيام اليسار له ... رأيت أمواله في الناس تنتهب
قال الشافعي: مر رجلٌ من التجار بالزهري وهو في قريته، والرجل يريد الحج، فابتاع منه براً بأربع مئة دينار، إلى أن يرجع من حجه؛ قال: فلم يبرح الرجل حتى فرقه، فعرف الزهري في وجه الرجل بعض ما كره، فلما رجع من حجه مر به فقضاه ذلك، وأمر له بثلاثين دينار لينفقها في سفره؛ فقال له الزهري: كأني رأيتك يومئذٍ ساء ظنك فقال: أجل؛ فقال الزهري: والله لو لم أفعل ذلك إلا للتجارة؛ أعطي القليل فأعطى الكثير.
قال عقيل بن خالد: كان الزهري يخرج إلى الأعراب يفقههم ويعظهم؛ قال عقيل: فجاءه أعرابي وقد
نفد ما في يده، فمد الزهري يده إلى عمامتي فأخذها فأعطاها الرجل؛ وقال: يا عقيل، أعطيك خيراً منها.
قال زياد بن سعد للزهري: إن حديثك ليعجبني، ولكن ليست معي نفقةٌ فأتبعك؛ قال: اتبعني أحدثك وأنفق عليك.
قال ابن عيينة: جلست إلى الزهري فأنشده رجلٌ مديحه فأعطاه قميصه فقيل: أتعطي على كلام الشيطان؟ فقال: من ابتغى الخير، اتقى الشر.
قال حماد بن زيد: كان الزهري يحدث ثم يقول: هاتوا من أشعاركم، هاتوا من أحاديثكم، فإن الأذن مجاجةٌ، وإن للنفس حمضةً.
قال الزهري: ما طلب الناس شيئاً خيراً من المروءة، ومن المروءة ترك صحبة من لا خير فيه، ولا يستفاد منه عقلٌ، فتركه خيرٌ من كلامه.
توفي الزهري سنة ثلاثٍ وعشرين ومئة، وقيل: سنة أربعٍ وعشرين ومئة، وهو ابن اثنتين وسبعين سنةً؛ وقيل: سنة خمسٍ وعشرين ومئة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=73185&book=5525#6fd8fb
محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري القرشي أبو بكر من احفظ أهل زمانه للسنن واحسنهم لها سياقا وكان فقيها فاضلا مات ليلة البلايا لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائة