- ومالك الدار. مولى عمر بن الخطاب.
Khalīfa b. al-Khayyāṭ (d. 854 CE) - al-Ṭabaqāt - خليفة بن الخياط - الطبقات
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 2454 2023. لهيعة بن عقبة3 2024. لوط بن إسحاق بن المغيرة1 2025. ليث بن أبي سليم5 2026. ليث بن سعد2 2027. مؤرق بن عبد الله العجلي1 2028. مالك الدار12029. مالك بن أبي عامر الأصبحي2 2030. مالك بن أنس بن مالك2 2031. مالك بن أوس بن الحدثان1 2032. مالك بن إسماعيل1 2033. مالك بن الحويرث بن أشيم1 2034. مالك بن الحويرث بن حشيش1 2035. مالك بن الخشخاش بن مالك1 2036. مالك بن النحام الألهاني1 2037. مالك بن دينار7 2038. مالك بن ربيعة3 2039. مالك بن صعصعة7 2040. مالك بن عامر الوادعي1 2041. مالك بن عبد الله5 2042. مالك بن عمرو القشيري4 2043. مالك بن مغول6 2044. مالك بن نضلة3 2045. مالك بن نضلة بن خديج1 2046. مالك بن هبيرة بن خالد3 2047. مالك بن يخامر السكسكي4 2048. مبشر بن إسماعيل1 2049. مجاشع بن مسعود بن ثعلبة1 2050. مجاشع ومجالد ابنا مسعود بن ثعلبة1 2051. مجاعة بن مرارة بن سلمى2 2052. مجالد بن سعيد بن مجالد1 2053. مجالد بن مسعود3 2054. مجاهد بن جبر12 2055. مجمع بن يزيد بن جارية4 2056. مجمع بن يعقوب بن مجمع2 2057. مجير بن سعد الكلاعي1 2058. محارب بن دثار7 2059. محجن الديلي3 2060. محجن بن الأدرع4 2061. محرر بن أبي هريرة3 2062. محرش الكعبي7 2063. محل بن محرز الضبي4 2064. محمد بن أبان بن صالح1 2065. محمد بن أبي إسماعيل3 2066. محمد بن أبي بكر5 2067. محمد بن أبي عدي5 2068. محمد بن أبي يعقوب2 2069. محمد بن أسامة بن زيد3 2070. محمد بن إبراهيم4 2071. محمد بن إبراهيم بن الحارث2 2072. محمد بن إسحاق8 2073. محمد بن إسحاق بن يسار4 2074. محمد بن إسماعيل بن فديك1 2075. محمد بن الأسود بن خلف2 2076. محمد بن الأشعث بن قيس1 2077. محمد بن الحسن القاضي1 2078. محمد بن الزبير7 2079. محمد بن السائب بن بشر2 2080. محمد بن الفضيل بن غزوان1 2081. محمد بن المنكدر بن الهدير1 2082. محمد بن الوليد الزبيدي5 2083. محمد بن بشر العبدي6 2084. محمد بن بكر البرساني2 2085. محمد بن ثابت بن قيس1 2086. محمد بن جابر7 2087. محمد بن جبير بن مطعم3 2088. محمد بن جعفر3 2089. محمد بن جعفر بن الزبير2 2090. محمد بن حاطب بن الحارث3 2091. محمد بن حرب4 2092. محمد بن خازم1 2093. محمد بن ربيعة بن الحارث2 2094. محمد بن زيد بن عبد1 2095. محمد بن زيد بن مهاجر1 2096. محمد بن سعد بن مالك1 2097. محمد بن سلمة4 2098. محمد بن سواء3 2099. محمد بن سيرين11 2100. محمد بن سيف1 2101. محمد بن شعيب بن شابور4 2102. محمد بن صالح التمار6 2103. محمد بن صيفي بن سهل2 2104. محمد بن طلحة بن ركانة1 2105. محمد بن طلحة بن عبيد1 2106. محمد بن طلحة بن مصرف4 2107. محمد بن عبد الرحمن34 2108. محمد بن عبد الرحمن الطفاوي8 2109. محمد بن عبد الله40 2110. محمد بن عبد الله الأنصاري1 2111. محمد بن عبد الله بن جحش4 2112. محمد بن عبد الله بن جحش1 2113. محمد بن عبيد5 2114. محمد بن عبيد الأحدب1 2115. محمد بن عجلان6 2116. محمد بن علي بن أبي طالب1 2117. محمد بن علي بن حسين1 2118. محمد بن علي بن عبد الله1 2119. محمد بن عمر بن حسن1 2120. محمد بن عمر بن واقد2 2121. محمد بن عمران بن إبراهيم1 2122. محمد بن عمرو بن حزم4 ◀ Prev. 100▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 2454 2023. لهيعة بن عقبة3 2024. لوط بن إسحاق بن المغيرة1 2025. ليث بن أبي سليم5 2026. ليث بن سعد2 2027. مؤرق بن عبد الله العجلي1 2028. مالك الدار12029. مالك بن أبي عامر الأصبحي2 2030. مالك بن أنس بن مالك2 2031. مالك بن أوس بن الحدثان1 2032. مالك بن إسماعيل1 2033. مالك بن الحويرث بن أشيم1 2034. مالك بن الحويرث بن حشيش1 2035. مالك بن الخشخاش بن مالك1 2036. مالك بن النحام الألهاني1 2037. مالك بن دينار7 2038. مالك بن ربيعة3 2039. مالك بن صعصعة7 2040. مالك بن عامر الوادعي1 2041. مالك بن عبد الله5 2042. مالك بن عمرو القشيري4 2043. مالك بن مغول6 2044. مالك بن نضلة3 2045. مالك بن نضلة بن خديج1 2046. مالك بن هبيرة بن خالد3 2047. مالك بن يخامر السكسكي4 2048. مبشر بن إسماعيل1 2049. مجاشع بن مسعود بن ثعلبة1 2050. مجاشع ومجالد ابنا مسعود بن ثعلبة1 2051. مجاعة بن مرارة بن سلمى2 2052. مجالد بن سعيد بن مجالد1 2053. مجالد بن مسعود3 2054. مجاهد بن جبر12 2055. مجمع بن يزيد بن جارية4 2056. مجمع بن يعقوب بن مجمع2 2057. مجير بن سعد الكلاعي1 2058. محارب بن دثار7 2059. محجن الديلي3 2060. محجن بن الأدرع4 2061. محرر بن أبي هريرة3 2062. محرش الكعبي7 2063. محل بن محرز الضبي4 2064. محمد بن أبان بن صالح1 2065. محمد بن أبي إسماعيل3 2066. محمد بن أبي بكر5 2067. محمد بن أبي عدي5 2068. محمد بن أبي يعقوب2 2069. محمد بن أسامة بن زيد3 2070. محمد بن إبراهيم4 2071. محمد بن إبراهيم بن الحارث2 2072. محمد بن إسحاق8 2073. محمد بن إسحاق بن يسار4 2074. محمد بن إسماعيل بن فديك1 2075. محمد بن الأسود بن خلف2 2076. محمد بن الأشعث بن قيس1 2077. محمد بن الحسن القاضي1 2078. محمد بن الزبير7 2079. محمد بن السائب بن بشر2 2080. محمد بن الفضيل بن غزوان1 2081. محمد بن المنكدر بن الهدير1 2082. محمد بن الوليد الزبيدي5 2083. محمد بن بشر العبدي6 2084. محمد بن بكر البرساني2 2085. محمد بن ثابت بن قيس1 2086. محمد بن جابر7 2087. محمد بن جبير بن مطعم3 2088. محمد بن جعفر3 2089. محمد بن جعفر بن الزبير2 2090. محمد بن حاطب بن الحارث3 2091. محمد بن حرب4 2092. محمد بن خازم1 2093. محمد بن ربيعة بن الحارث2 2094. محمد بن زيد بن عبد1 2095. محمد بن زيد بن مهاجر1 2096. محمد بن سعد بن مالك1 2097. محمد بن سلمة4 2098. محمد بن سواء3 2099. محمد بن سيرين11 2100. محمد بن سيف1 2101. محمد بن شعيب بن شابور4 2102. محمد بن صالح التمار6 2103. محمد بن صيفي بن سهل2 2104. محمد بن طلحة بن ركانة1 2105. محمد بن طلحة بن عبيد1 2106. محمد بن طلحة بن مصرف4 2107. محمد بن عبد الرحمن34 2108. محمد بن عبد الرحمن الطفاوي8 2109. محمد بن عبد الله40 2110. محمد بن عبد الله الأنصاري1 2111. محمد بن عبد الله بن جحش4 2112. محمد بن عبد الله بن جحش1 2113. محمد بن عبيد5 2114. محمد بن عبيد الأحدب1 2115. محمد بن عجلان6 2116. محمد بن علي بن أبي طالب1 2117. محمد بن علي بن حسين1 2118. محمد بن علي بن عبد الله1 2119. محمد بن عمر بن حسن1 2120. محمد بن عمر بن واقد2 2121. محمد بن عمران بن إبراهيم1 2122. محمد بن عمرو بن حزم4 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Khalīfa b. al-Khayyāṭ (d. 854 CE) - al-Ṭabaqāt - خليفة بن الخياط - الطبقات are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64401&book=5517#a77277
مالك الدار مولى عُمَر
- مالك الدار مولى عُمَر بْن الْخَطَّاب. وقد انتموا إلى جبلان من حمير. وروى مالك الدار عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق وعُمَر. رحمهما اللَّه. روى عَنْهُ أَبُو صالح السمان. وكان معروفا.
- مالك الدار مولى عُمَر بْن الْخَطَّاب. وقد انتموا إلى جبلان من حمير. وروى مالك الدار عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق وعُمَر. رحمهما اللَّه. روى عَنْهُ أَبُو صالح السمان. وكان معروفا.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=66689&book=5517#c4802e
مَالك بن دِينَار
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=66689&book=5517#79d451
مَالك بن دِينَار الزَّاهِد صَدُوق مَا علمت فِيهِ جرحا وَقد قَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ ثِقَة وَخرج لَهُ مُسلم مُتَابعَة وَالْبُخَارِيّ تَعْلِيقا
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=66689&book=5517#02b226
مالك بن دينار مولى لبنى ناجية بن سامة بن لؤي بن غالب القرشي أبويحيى من زهاد التابعين وعبادهم ممن يصبر على الفقر الشديد والورع الجهيد وكان يأكل من كد يده من الوراقة مات سنة ثلاث وعشرين ومائة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=66689&book=5517#ded45b
مالك بن دينار
- مالك بن دينار. ويكنى أبا يحيى. مولى لامرأة من بني سامة بن لؤي. وكان ثقة قليل الحديث. وكان يكتب المصاحف. ومات قبل الطاعون بيسير. وكان الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومائة.
- مالك بن دينار. ويكنى أبا يحيى. مولى لامرأة من بني سامة بن لؤي. وكان ثقة قليل الحديث. وكان يكتب المصاحف. ومات قبل الطاعون بيسير. وكان الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=66689&book=5517#4d17a6
مالك بن دينار: حدثني عبد الله بن صالح، قال: مر مالك بن دينار بقصر يبنى لرجل قد ولي عملا، فأخذ آجرتين فمضى بهما، فتبعه الذين يبنون، فقالوا: اللعين سرق آجرتين؛ فقال لهم: أعداء الله سرق هذا القصر كله فلم تقولوا له شيئًا، وأنا أخذت آجرتين فقلتم: السارق السارق، ثم رمى بهما.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=66689&book=5517#0fe94e
مالك بن دينار
أبو يحيى البصري الزاهد.
كان أبوه من سبي سجستان.
وقيل كان كابلياً، مولى امرأة من بني ناجية من بني سامة بن لؤي.
ويقال: مولى خلاس بن عمرو بن المنذر بن عصر بن أصبح بن عبد الله.
اجتاز بدمشق أو بأعمالها متوجهاً إلى بيت المقدس.
روي عن أنس بن مالك، قال: صليت خلف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي بكر وعثمان وعلي، فكانوا يفتتحون القراءة ب " الحمد لله رب العالمين " ويقرؤون " ملك يوم الدين ".
وعنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا حدث الرجل ثم التفت فهي أمانة ".
عن عبد الواحد بن زيد، قال: خرجت أنا ومحمد بن واسع ومالك بن دينار، نؤم بيت المقدس، فلما كنا بين
الرصافة وحمص سمعنا منادياً ينادي من تلك الرمال: يا محفوظ، يا مستور، اعقل في ستر من أنت؛ فإن كنت لا تعقل فاحذر الدنيا؛ فإن كنت لا تحس أن تحذرها فاجعلها شوكاً، وانظر أين تضع رجلك.
قال محمد بن سعد: في الطبقة الثالثة من أهل البصرة: مالك بن دينار، ويكنى أبا يحيى، مولى لامرأة من بني سامة بن لؤي، وكان ثقة قليل الحديث، وكان يكتب المصاحف، مات قبل الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومئة.
قال مالك: أتينا أنس بن مالك، صفو كل قبيلة، أنا وثابت البناني ويزيد الرقاشي وزياد النميري وأشباهنا، فنظر إلينا فقال: ما أشبهكم بأصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: رؤوسكم ولحاكم، ثم قال: والله لأنتم أحب إلي من عدة ولدي إلا أن يكونوا في الفضل مثلكم، وإني لأدعو لكم بالأسحار.
وقال: دخل علي جابر بن يزيد وأنا أكتب المصحف، فقال لي: مالك صنعة إلا أن تنقل كتاب الله من ورقة إلى ورقة؟ هذا والله كسب الحلال، هذا والله كسب الحلال.
قال جعفر: كان مالك بن دينار يلبس إزار صوف وعباءة خفيفة، فإذا كان الشتاء ففرو وكبل وعباءة، وكان يكتب المصاحف ولا يأخذ عليها من الأجر أكثر من عمل يده، فيدفعه عند البقال فيأكله، وكان يكتب المصحف في أربعة أشهر.
عن جعفر بن سليمان، قال: كنا عند مالك بن دينار، فحضرت العصر، فقام يتوضأ، فقال ابن واسع: نعم الرجل مالك، خذوا عن مالك وثابت، وإن أبا عمران الجوني لحسن الحديث.
عن أبي بكر البرقاني، قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقلت: أين بدلاء أمتك؟ قال: فأومى بيده نحو الشام. قال: فقلت: هل بالعراق منهم أحد؟ قال: " بلى، محمد بن واسع، وحسان بن أبي سنان، ومالك بن دينار ".
قال مالك: خرجت يوماً إلى المقابر، فإذا شابان جالسان يكتبان شيئاً؛ فقلت لهما: رحمكما الله، من أنتما؟ فقالا: ملكان، نكتب المحبين لله. فقلت لهما. نشدتكما الله لما كتبتماني في أسفل سطر: مالك بن دينار طفيلي يحب المحبين لله. فلما كان الليل أتيت في منامي فقيل لي: كتبت فيهم، " المرء مع من أحب ".
وقال: خلطت دقيقي بالرماد، فضعفت عن الصلاة، ولو قويت على الصلاة ما أكلت غيره.
عن حزم، قال: دخلت على مالك بن دينار، وبين يديه آجرة عليها رغيف شعير، وملح عجين، فقال: يا أبا عبد الله ادن فكل، فإن هذا مع العافية طيب.
عن سلام بن سكين، قال: دخلت على مالك بن دينار في مرضه الذي مات فيه، فإذا البيت فيه سرير أثل
مرمول بالشريط، وعليه قطعة بوري، وإذا تحت رأسه قطعة كساء، وإذا ركوة وصاغرة؛ فرفع رأسه فأخرج من تحت رأسه رغيفين يابسين، فقعد يكسر ذينك الرغيفين في الماء، حتى إذا ظن أن الخبز قد ابتل قال: ناولني الدوخلة؛ فإذا دوخلة معلقة يابسة، فوضعتها، فأخرج منها صرة فيها ملح، وقال لي: ادن. فقلت: يا أبا يحيى، لا أشتهي. فقال: هيهات هيهات، أنت ممن غذي في الماء العذب فلا تصبر في الماء الملح.
عن سلام بن أبي مطيع، قال: دخلنا على مالك بن دينار ليلاً وهو في بيت مظلم بغير سراج، وفي يده رغيف يكدمه؛ فقلنا له: أبا يحيى، ألا سراج تبصر، ألا شيء تضع عليه خبزك؟ فقال: دعوني، فوالله إني نادم على ما مضى.
عن أبي بلج، قال: كان أدم مالك بن دينار كل سنة ملحاً بفلسين.
عن السري بن يحيى، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: إنه لتأتي علي السنة لا آكل فيها لحماً، إلا في يوم الأضحى فإني آكل من أضحيتي لما يذكر فيه.
قال المنذر أبو يحيى: رأيت مالكاً ومعه كراع من هذه الأكارع التي قد طبخت. قال: فهو يشمه ساعة بساعة. قال: ثم مر على شيخ مسكين على ظهر الطريق يتصدع، فقال: هاه يا شيخ؛ فناوله إياه، ثم مسح يده بالجدار، ثم وضع كساءه على رأسه، وذهب. فلقيت صديقاً له، فقلت: رأيت مالك اليوم كذا وكذا. قال: أنا أخبرك، كان يشتهيه منذ زمان، فاشتراه فلم تطب نفسه أن يأكله، فتصدق به.
عن جعفر ببن سليمان، قال: قال مالك بن دينار: انظر إلي، كيف ترى عقلي؟ قال: قلت: ما أرى به بأساً. قال: ما أكلت من فاكهتكم هذه منذ ثلاثون سنة، لا رطبها ولا يابسها، وما نقص من عقلي شيء، وزاد في عقولكم شيئاً.
قال أزهر السمان: كان مالك يدخل أسواق البصرة ينظر إليها وإلى أشياء كثيرة، يشمها فيرجع، فيقول لنفسه: اصبري، فوالله ما أحرمتك ما رأيت إلا من كرامتك.
قال مالك: من دخل بيتي فأخذ شيئاً فهو له حلال، أما أنا فلا أحتاج إلى قفل ولا إلى مفتاح؛ وكان يأخذ الحصاة من المسجد فيقول: لوددت أن هذه أجزأتني في الدنيا ما عشت، لا أزيد على مصها من الطعام والشراب.
وكان يقول: لو صلح لي أن آكل الرماد لأكلته، ولو صلح لي أن أعمد إلى بوري فأقطعه باثنتين، فأتزر بقطعة وأرتدي بقطعة لفعلت.
قال بشر بن الحارث: قال مالك بن دينار: أدعو وأمنوا على دعائي: اللهم لا تدخل بيت مالك من الدنيا قليلاً ولا كثيراً، قولوا: آمين.
قال جعفر: سمعت مالكاً يقول: والله لقد أصبحت ما أملك ديناراً ولا درهماً ولا دانقاً، ولئن لم يكن لي عند الله خير ما كانت لي دنيا ولا آخرة.
عن جعفر بن أبي شعيب، قال: كان رجل من أهل البصرة، كانت له تجارة، وكان له عقل، فترك التجارة وأقبل على العبادة، فكان يسمع الناس يقولون: مالك بن دينار، مالك بن دينار! فقال: والله لأذهبن إلى مالك هذا الذي أشغف الناس فلأنظرن ما عمله.
قال: فأتيته فإذا هو جالس في المسجد، وإذا حوله قوم يقرؤون القرآن. قال: فجلست في ناحية حتى تفرقوا، وجاء آخرون فسمعوا الحديث، فلما تفرقوا قام فصلى ركعتين أو أربعاً، ثم خرج وتبعته. فقال لي: ألك حاجة؟ قلت: نعم، أريد أن أجيء معك إلى بيتك. قال: مر. فذهب بي إلى حجرة مكنوسة نظيفة، وظل بارد طيب، وبيت مكنوس، وفيه بواري ودورق ومطهرة، وحلة فيها كسر. قلت: يا مالك، ألك امرأة؟ قال: أعوذ بالله. قلت: يا مالك، يزعم الناس أنك أزهد الناس، وأنت خريم الناعم! زاد غيره: فشهق شهقة.
قال مالك: لما وقعت الفتنة أتيت الحسن ثلاثة أيام أسأله: يا أبا سعيد، ما تأمرني؟ فلا يجيبني. قال: فقلت: يا أبا سعيد، أتيتك ثلاثة أيام أسألك وأنت معلمي فلا تجيبني، والله لقد هممت أن آخذ الأرض بقدمي، وأشرب من أفواه الأنهار، وآكل من بقل البرية حتى يحكم الله بين عباده. فقال: فأرسل الحسن عينيه باكياً، ثم قال: يا مالك، ومن يطيق ما تطيق، لكنا والله ما نطيق هذا.
عن حذيفة المرعشي، قال: قيل لمالك بن دينار: ألا تتزوج؟ قال: ما لي إلا نفس واحدة، لو استطعت طلقتها، فكيف أضم إليها أخرى.
عن أبي جعفر البصري، قال: جاءت امرأة إلى مالك بن دينار، فقالت: يا مالك بن دينار، عندي من المال كذا وكذا، فقد أردت أن أتزوجك فتصرف مالي هذا في أي الأنواع شئت. قال: اذهبي إلى ثابت. قالت: لا حاجة لي في ثابت، لا أريد غيرك. قال: أما علمت أني طلقت نساء الدنيا ثلاثاً؟ فأنت منهن، اذهبي.
قال الهيثم بن معاوية، حدثني شيخ لي، قال: كان رجل من الأغنياء بالبصرة، وكانت له ابنة نفيسة فائقة الجمال، فقال لها أبوها: قد خطبك بنو هاشم والعرب والموالي فأبيت، أراك تريدين مالك بن دينار وأصحابه؟ قالت: هو والله غايتي. فقال الأب لأخ له: أئت مالك بن دينار فأخبره بمكان ابنتي، وهواها له.
قال فأتاه، فقال له: فلان يقرئك السلام، ويقول: إنك تعلم أني أكثر هذه المدينة مالاً، وأفشاها ضيعاً، ولي ابنة نفيسة، وقد هويتك، فشأنك وهي. فقال مالك للرجل: عجباً لك يا فلان، أما علمت أني طلقت الدنيا ثلاثاً؟.
قال مالك: اشتريت لأهلي طيباً بدرهم، وإني لأحاسب نفسي فيه منذ عشرين سنة فما أجد لي مخرجاً.
ذكر عبد الله بن المبارك، قال: وقع حريق بالبصرة، فأخذ مالك بطرف كسائه يجره، وقال: هلك أصحاب الأثفال.
عن جعفر بن سليمان، قال: خرجت مع مالك بن دينار إلى مكة، فلما أحرم أراد أن يلبي فسقط؛ ثم أفاق فأراد أن يلبي فسقط، ثم أفاق فأراد أن يلبي فسقط. فقلت: مالك يا أبا يحيى؟ قال: أخشى القول: لبيك، فيقول: لا لبيك ولا سعديك.
وعنه، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: وددت أن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة، فيقول لي: يا مالك، وأقول: لبيك: فيأذن لي أن أسجد بين يديه سجدة فأعرف أنه قد رضي عني، فيقول: يا مالك كن اليوم تراباً.
وعنه، قال: سمعت مالك بن دينار قال: لو كان لأحد أن يتمنى لتمنيت أنا أن يكون لي في الآخرة خص من قصب، وأروى من الماء، وأنجو من النار.
وقال: ليتني لم أخلق، فإذا خلقن مت صغيراً، ويا ليتني إذا مت صغيراً عمرت حتى أعمل في خلاص نفسي.
وقال جعفر: سمعت المغيرة بن حبيب أبا صالح ختن مالك بن دينار يقول: يموت مالك بن دينار وأنا معه في الدار لا أدري ما عمله؟ قال: فصليت معه العشاء الآخرة ثم جئت فلبست قطيفة في أطول ما يكون الليل. قال: وجاء مالك فقرب رغيفه فأكل، ثم قام إلى الصلاة، فاستفتح، ثم أخذ بلحيته فجعل يقول: يا رب إذا جمعت الأولين والآخرين فحرم شيبة مالك بن دينار على النار. فوالله ما زال كذلك حتى غلبتني عيني، ثن انتبهت فإذا هو على تلك الحال يقدم رجلاً ويؤخر رجلاً، ويقول: يا رب إذا جمعت الأولين والآخرين فحرم شيبة مالك بن دينار على النار. فما زال كذلك حتى طلع الفجر، فقلت في نفسي: والله لئن خرج مالك بن دينار فرآني لا يبل لي عنده بالة أبداً. قال: فجئت إلى المنزل وتركته.
وعنه، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: لو استطعت أن لا أنام لم أنم مخافة أن ينزل العذاب وأنا نائم، ولو وجدت أعواناً لفرقتهم ينادون في سائر الدنيا كلها: يا أيها الناس، النار، النار.
وقال: إن القلب إذا لم يحزن خرب، كما أن البيت إذا لم يسكن خرب.
وفي رواية:
زاد البيهقي: يريد حزن الآخرة.
وقال: الحزن حزنان: فحزن حائل وحزن حامد رابغ، فالحزن الحائل حسن، وأحسن من ذلك ما حمد في البدن وربغ، فذلك لا يرى صاحبه إلا كئيباً محزوناً مغموماً حيث ما رأيته يطلب قلبه، ولو علم أن قلبه يصلح على مزبلة لأتاها، فذلك الحزن النافع.
وقال: أربع من علم الشقاء؛ قسوة القلب، وجمود العين، وطول الأمل، والحرص على الدنيا.
عن عبد الله بن مروان - وكان والله من الزاهدين في دار الدنيا - قال: دخل مالك بن دينار المقابر ذات يوم، فإذا برجل يدفن، فجاء حتى وقف على القبر، فجعل ينظر إلى الرجل وهو يدفن، فجعل يقول: غداً مالك هكذا يصير، غداً هكذا مالك يصير، وليس له شيء يؤنسه في قبره؛ فلم يزل يقول ذلك حتى خر مغشياً عليه في جوف القبر، فحملوه وانطلقوا به إلى منزله مغشياً عليه.
عن محمد بن عبد العزيز بن سلمان العابد، قال: سمعت أبي يقول: سمعت مالك بن دينار يقول: عجباً لمن يعلم أن الموت مصيره، والقبر مورده، كيف تقر بالدنيا عينه؟ وكيف يطيب فيها عيشه.
قال: ثم يبكى مالك حتى يسقط مغشياً عليه.
قال ثابت البناني لمالك بن دينار: يا أبا يحيى وددت أني رأيتك عروساً. قال: فقال مالك: والله لو لم أر ميتاً غير الحسن لكفاني حزناً ما بقيت.
قال مالك: " من المتقارب "
أتيت القبور فناديتها ... أين المعظم والمحتقر
وأين المدل بسلطانه ... وأين المزكي إذا ما افتخر
قال: فنوديت من بينها ولا أرى أحداً: " من المتقارب "
تفانوا جميعاً فما مخبر ... وماتوا جميعاً ومات الخبر
تروح وتغدو بنات الثرى ... فتمحو محاسن تلك الصور
فيا سائلي عن أناس مضوا ... أمالك فيما ترى معتبر
عن مهدي بن سابق، قال: كان مالك بن دينار يتمثل بهذين البيتين: " من البسيط "
زرنا القبور فسلمنا فما رجعت ... لنا الجواب ولكن زدن أحزانا
ومن يزرهن يرجع من زيارتها ... وقد رأى من يقين الموت تبيانا
قال جعفر: كنا نخرج مع مالك بن دينار زمن الحطمة، فنجمع الموتى ونجهزهم، ثم يخرج على حمار قصير لجامه من ليف، قال: وعليه عباءة مرتدياً بها. قال: فيعظنا في الطريق، حتى إذا أشرف على القبور وأحسن بنا ثم، أقبل بصوت له محزون يقول: " من الوافر ".
ألا حي القبور ومن بهنة ... وجوه في التراب أحبهنه
ولو أن القبور أجبن حياً ... إذاً لأجبنني إذ زرتهنه
ولكن القبور صمتن عني ... فأبت حزينة من عندهنه
قال: فإذا سمعنا بصوته جئنا إليه، فيقول: إنما الخبر في الشباب. قال: ثم يجمعهم فيصلي عليهم.
عن حبان بن يسار، قال: كنا عند مالك، فجاء رجل من بني ناجية فقال: يا أبا يحيى، ذكر لي أنك ذكرتني بسوء. قال: أنت إذاً أكرم علي من نفسي.
عن أبي قدامة، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: لو أن الملكين الذين يكتبان أعمالكم عدوا عليكم يتقاضيانكم أثمان الصحف التي ينسخان فيها أعمالكم لأمسكتم من فضول كلامكم، فإذا كانت الصحف من عند ربكم أفلا تربعون على أنفسكم؟.
قال مالك: منذ عرفت الناس ما أبالي من حمدني ولا من ذمني، لأني لا أرى إلا حامداً مفرطاً أو ذاماً مفرطاً.
قال بشر: قال رجل لمالك بن دينار: يا مرائي! قال: متى عرفت اسمي؟ ما عرف اسمي غيرك.
عن جعفر بن سليمان، قال: رأيت مع مالك بن دينار كلباً، فقلت: ما هذا؟ قال: هذا خير من جليس السوء.
وعنه، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبه كذا؟ ألست صاحبه كذا؟ ثم زمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله فكان لها قائداً.
عن المغيرة أبي صالح، وكان ختن مالك بن دينار، قال: قال لي مالك بن دينار: انظر يا أخي كل أخ وصديق وصاحب لا تستفيد منه خيراً في أمر دينك ففر منه.
قال مالك: لولا أن يقول الناس: جن مالك، للبست المسوح ووضعت الرماد على رأسي أنادي في الناس: من رآني فلا يعص ربه.
عن الحسين بن عبد الرحمن، قال: أمر مالك امرأة بشيء، فقالت: يا شيخ النار. فبكى مالك وقال: لعلها كلمة وافقت حقاً.
عن جعفر بن سليمان، قال:
جاء محمد بن واسع إلى مالك بن دينار، فقال له: يا أبا يحيى، إن كنت من سكان الجنة فطوبى لك. قال: فقال مالك: ينبغي لنا إذا ذكرنا الجنة أن نخزى.
قال مالك: إنما طلب العابدون بطول النصب دوام الراحة، وطلب الزاهدون بطول الزهد طول الغنى.
عن الحسن الحفري، قال: خرجت أنا وزين القراء حسان بن أبي سنان نزور المقابر، فلما أشرف عليها سبقته عبرته، ثم أقبل علي فقال: يا أبا يحيى، هذه عساكر الموتى ينتظر بها من بقي من الأحياء، ثم يصاح بهم صيحة فإذا هم قيام ينظرون.
قال: فوضع يده مالك على رأسه وجعل يبكي ويقول: واي أزان روز، واي أزان روز. معناه: ويلي من ذلك اليوم.
قال مالك: بقدر ما تفرح للدنيا كذلك تخرج حلاوة الآخرة من قلبك.
وقال: إن لكل شيء لقاحاً، وإن هذا الحزن لقاح العمل الصالح، إنه لا يصبر أحد على هذا الأمر إلا بحزن، ووالله ما اجتمعا في قلب عبد قط، حزن بالآخرة وفرح بالدنيا، إن أحدهما ليطرد صاحبه.
وقال: إن البدن إذا سقم لم ينجع فيه طعام ولا شراب ولا نوم ولا راحة، كذلك القلب إذا علق حب الدنيا لم تنجع فيه المواعظ.
وعن جعفر بن سليمان الضبعي، عن مالك بن دينار أنه قال لختنة مغيرة: يا مغيرة، انظر كل أخ لك، وصاحب لك، لا تستفيد منه في دينك خيراً فانبذ عنك صحبته، فإنما ذلك لك عدو.
وقال: يا مغيرة، الناس أشكال: الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب، والصعو مع الصعو، وكل مع شكله.
قال الحكم أبو عون: كان من دعاء مالك بن دينار: أنت أصلحت الصالحين، فاجعلنا صالحين حتى نكون صالحين.
عن جعفر بن سليمان، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: اتخذ طاعة الله تجارة تأتيك بالأرباح من غير بضاعة.
وقال مالك: تلقى الرجل وما يلحن حرفاً وإن عمله لحن كله.
وقال: اصطلحنا على حب الدنيا، فلا يأمر بعضنا بعضاً، ولا ينهى بعضنا بعضاً، ولا يذرنا الله على هذا، فليت شعري أي عذاب ينزل.
عن عبد الله بن صالح، قال: مر مالك بن دينار بقصر يبنى لرجل قد ولي عملاً، فأخذ آجرتين فمضى بهما، فتبعه الذين يبنون فقالوا: اللص سرق آجرتين! فقال لهم: أعداء الله سرق هذا القصر كله لم تقولوا له شيئاً، وأنا أخذت آجرتين قلتم: السارق السارق؛ ثم رمى بهما.
عن جعفر بن سليمان، قال: مر والي البصرة بمالك بن دينار يرفل، فصاح به مالك: أقل من مشيتك هذه. فهم خدمة به، فقال: دعوه. ما أراك تعرفني. فقال له مالك: ومن أعرف بك مني: أما أولك فنطفة مذرة، وأما آخرك فجيفة قذرة، ثم أنت بين ذلك تحمل العذرة. فنكس الوالي رأسه ومشى.
قال سري: دخل لص على مالك بن دينار فما وجد في الدار شيئاً، ومالك يراه. فجاء ليخرج، فقال له مالك: سلام. قال: وعليكم السلام. قال: أعلم أن شيئاً من الدنيا ما حصل لك، ترغب في شيء من الآخرة؟ قال: نعم قال: تطهر من ذلك المركن، وصل ركعتين؛ فصلى. ثم قال: يا سيدي اجلس إلى الصبح؛ فجلس، فلما خرج مالك بن دينار إلى المسجد والرجل جالس معه قال أصحابه؛ من هذا؟ قال: هذا جاء يسرق سرقناه.
عن هاشم بن يحيى الفراء المجاشعي، قال: بينما مالك بن دينار جالس إذ جاءه رجل، فقال: يا أبا يحيى، ادع لامرأة حبلى منذ أربع سنين، قد أصبحت في كرب شديد. فغضب مالك وأطبق المصحف، ثم قال: ما يرى هؤلاء القوم إلا أننا أنبياء؛ ثم قرأ، ثم دعا: اللهم، هذه المرأة إن كان في بطنها ريح فأخرجها عنها الساعة، وإن كان في بطنها جارية فأبدلها بها غلاماً فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، ثم رفع مالك يده ورفع الناس أيديهم؛ وجاء الرسل
إلى الرجل: أدرك امرأتك. فذهب الرجل، فما حط مالك يده حتى طلع الرجل من باب المسجد على رقبته غلام جعد قطط ابن أربع سنين، قد استوت أسنانه، ما قطعت سراره.
عن جعفر بن سليمان، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: كفى بالمرء شراً أن لا يكون صالحاً، وهو يقع في الصالحين.
وقال: لأن يترك الرجل درهماً حراماً خير له من أن يتصدق بمئة ألف درهم.
عن عبد الواحد بن زيد، قال: شهدت مالك بن دينار وقيل له: يا أبا يحيى، ادع الله أن يسقينا الغيث. قال: تستبطؤون المطر؟ قالوا: نعم. قال: لكني والله أستبطىء الحجارة.
عن جعفر بن سليمان الضبعي، قال:
سمعت مالك بن دينار يقول: بينما أنا أطوف بالبيت فإذا أنا بجويرية متعبدة متعلقة بأستار الكعبة، وهي تقول: يا رب، كم من شهوة ذهبت لذتها وبقيت تبعتها، يا رب ما كان لك أدب إلا بالنار؛ وتبكي، فما زال ذلك مقامها حتى مطلع الفجر، فلما رأيت ذلك وضعت يدي على رأسي صارخاً أقول: ثكلت مالكاً أمه وعدمته، جويرية منذ الليلة قد بطلته! عن صدقة، قال: قرأت على عكازة مالك بن دينار: " من الخفيف "
عبرات خططن في الخد سطرا ... قد قراه من ليس يحسن يقرا
إن موت المحب من ألم الوج ... د وحسن البلاء يورث عذرا
صبر الصبر فاستغاث به الصب ... ر فصاح المحب بالصبر صبرا
قال مالك: من طلب العلم لنفسه فالقليل منه يكفي، ومن طلب للناس فحوائج الناس كثيرة.
وقال: إن العبد إذ طلب العلم للعمل كسره علمه، وإذا طلبه لغير ذلك ازداد به فجوراً.
وقال: إنكم في زمان أشهب، لا يبصر زمانكم إلا البصير، إنكم في زمان كثير نفاجهم قد انتفخت ألسنتهم في أفواههم، وطلبوا الدنيا بعمل الآخرة، فاحذروهم على أنفسكم، لا يوقعوكم في نسائكم، يا عالم تكاثر بعلمك، يا عالم أنت عالم تستطيل بعلمك، لو كان هذا العلم طلبته لله عز وجل لرئي ذلك فيك وفي علمك.
وقال: مكتوب في التوراة: من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه، وكفى للمرء خيانة أن يكون أميناً للخونة.
وقال: لا يصطلح المؤمن والمنافق حتى يصطلح الذئب والحمل.
وقال: مرضت حتى برسمت. قال: وكنت في ذلك عاقلاً. قال: فدخل علي الحسن يعودني وفلان وفلان. فقلت: يا أبا سعيد، لولا أني أخشى أن يكون بدعة لأمرت أهلي إذ أنا مت أن يغلوني بشريط كما يصنع بالعبد الآبق. قال: فقال الحسن: صاحبكم يهجر. قال: قال مالك: فعافى الله.
قال: فكنت مع الحسن في أهله جلوساً. قال: فقال لي: يا صاحب الشريط كنت في ظلمة من ظلمة الأرض. قال: أقبل علي يعظني، وكان معلماً.
عن حصين بن القاسم، قال: قلت لعبد الواحد بن زيد: ما كان سبب موت مالك بن دينار؟ قال: أنا كنت سببه؛ سألته عن رؤيا رآها، رأى فيها مسلم بن يسار، فقصها علي، فانتفضت، فجعل يشهق ويضطرب حتى ظننت أن كبده قد تقطعت في جوفه، ثم هدأ، فحملناه إلى بيته، فلم يزل مريضاً يعوده إخوانه حتى مات منها؛ فهذا كان سبب موته.
عن أبي عيسى، قال: دخلنا على مالك عند الموت، فجعل ينظر ويقول: لمثل هذا اليوم كان ذوب أبي يحيى.
عن حزم القطيعي، قال: دخلنا على مالك بن دينار في مرضه الذي مات فيه، فرفع رأسه إلى السماء، ثم قال: اللهم إنك تعلم أني لم أحب البقاء في الدنيا لبطن ولا فرج.
مات مالك بن دينار سنة سبع عشرة ومئة؛ وقيل: سنة ثلاث وعشرين ومئة.
وقيل: مات قبل الطاعون بيسير وكان الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومئة. وقيل: سنة ست وعشرين ومئة؛ وقيل: سنة سبع وعشرين ومئة. وقيل: سنة ثلاثين ومئة.
عن مهدي بن ميمون، قال: رأيت ليلة مات مالك بن دينار كأن منادياً ينادي من السماء: ألا إن مالك بن دينار أصبح من سكان الجنة.
قال سهيل أخو حزم: رأيت مالك بن دينار بعد موته في منامي، فقلت: يا أبا يحيى، ليت شعري ما قدمت به؟ قال: قدمت بذنوب كثيرة محاها عني حسن الظن بالله.
مالك بن دينار
أبو هاشم الحرسي من حرس عمر بن عبد العزيز.
قال المصنف: وقول البخاري ومسلم والنسائي وأبي أحمد الحاكم وهم، تابعوا فيه كلهم البخاري؛ وقد قال ابن أبي حاتم: مالك بن زياد؛ وكذلك قال البخاري في موضع آخر فرق بينهما وهو واحد. والقول الأول وهم، والله أعلم.
أبو يحيى البصري الزاهد.
كان أبوه من سبي سجستان.
وقيل كان كابلياً، مولى امرأة من بني ناجية من بني سامة بن لؤي.
ويقال: مولى خلاس بن عمرو بن المنذر بن عصر بن أصبح بن عبد الله.
اجتاز بدمشق أو بأعمالها متوجهاً إلى بيت المقدس.
روي عن أنس بن مالك، قال: صليت خلف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي بكر وعثمان وعلي، فكانوا يفتتحون القراءة ب " الحمد لله رب العالمين " ويقرؤون " ملك يوم الدين ".
وعنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا حدث الرجل ثم التفت فهي أمانة ".
عن عبد الواحد بن زيد، قال: خرجت أنا ومحمد بن واسع ومالك بن دينار، نؤم بيت المقدس، فلما كنا بين
الرصافة وحمص سمعنا منادياً ينادي من تلك الرمال: يا محفوظ، يا مستور، اعقل في ستر من أنت؛ فإن كنت لا تعقل فاحذر الدنيا؛ فإن كنت لا تحس أن تحذرها فاجعلها شوكاً، وانظر أين تضع رجلك.
قال محمد بن سعد: في الطبقة الثالثة من أهل البصرة: مالك بن دينار، ويكنى أبا يحيى، مولى لامرأة من بني سامة بن لؤي، وكان ثقة قليل الحديث، وكان يكتب المصاحف، مات قبل الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومئة.
قال مالك: أتينا أنس بن مالك، صفو كل قبيلة، أنا وثابت البناني ويزيد الرقاشي وزياد النميري وأشباهنا، فنظر إلينا فقال: ما أشبهكم بأصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: رؤوسكم ولحاكم، ثم قال: والله لأنتم أحب إلي من عدة ولدي إلا أن يكونوا في الفضل مثلكم، وإني لأدعو لكم بالأسحار.
وقال: دخل علي جابر بن يزيد وأنا أكتب المصحف، فقال لي: مالك صنعة إلا أن تنقل كتاب الله من ورقة إلى ورقة؟ هذا والله كسب الحلال، هذا والله كسب الحلال.
قال جعفر: كان مالك بن دينار يلبس إزار صوف وعباءة خفيفة، فإذا كان الشتاء ففرو وكبل وعباءة، وكان يكتب المصاحف ولا يأخذ عليها من الأجر أكثر من عمل يده، فيدفعه عند البقال فيأكله، وكان يكتب المصحف في أربعة أشهر.
عن جعفر بن سليمان، قال: كنا عند مالك بن دينار، فحضرت العصر، فقام يتوضأ، فقال ابن واسع: نعم الرجل مالك، خذوا عن مالك وثابت، وإن أبا عمران الجوني لحسن الحديث.
عن أبي بكر البرقاني، قال:
رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقلت: أين بدلاء أمتك؟ قال: فأومى بيده نحو الشام. قال: فقلت: هل بالعراق منهم أحد؟ قال: " بلى، محمد بن واسع، وحسان بن أبي سنان، ومالك بن دينار ".
قال مالك: خرجت يوماً إلى المقابر، فإذا شابان جالسان يكتبان شيئاً؛ فقلت لهما: رحمكما الله، من أنتما؟ فقالا: ملكان، نكتب المحبين لله. فقلت لهما. نشدتكما الله لما كتبتماني في أسفل سطر: مالك بن دينار طفيلي يحب المحبين لله. فلما كان الليل أتيت في منامي فقيل لي: كتبت فيهم، " المرء مع من أحب ".
وقال: خلطت دقيقي بالرماد، فضعفت عن الصلاة، ولو قويت على الصلاة ما أكلت غيره.
عن حزم، قال: دخلت على مالك بن دينار، وبين يديه آجرة عليها رغيف شعير، وملح عجين، فقال: يا أبا عبد الله ادن فكل، فإن هذا مع العافية طيب.
عن سلام بن سكين، قال: دخلت على مالك بن دينار في مرضه الذي مات فيه، فإذا البيت فيه سرير أثل
مرمول بالشريط، وعليه قطعة بوري، وإذا تحت رأسه قطعة كساء، وإذا ركوة وصاغرة؛ فرفع رأسه فأخرج من تحت رأسه رغيفين يابسين، فقعد يكسر ذينك الرغيفين في الماء، حتى إذا ظن أن الخبز قد ابتل قال: ناولني الدوخلة؛ فإذا دوخلة معلقة يابسة، فوضعتها، فأخرج منها صرة فيها ملح، وقال لي: ادن. فقلت: يا أبا يحيى، لا أشتهي. فقال: هيهات هيهات، أنت ممن غذي في الماء العذب فلا تصبر في الماء الملح.
عن سلام بن أبي مطيع، قال: دخلنا على مالك بن دينار ليلاً وهو في بيت مظلم بغير سراج، وفي يده رغيف يكدمه؛ فقلنا له: أبا يحيى، ألا سراج تبصر، ألا شيء تضع عليه خبزك؟ فقال: دعوني، فوالله إني نادم على ما مضى.
عن أبي بلج، قال: كان أدم مالك بن دينار كل سنة ملحاً بفلسين.
عن السري بن يحيى، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: إنه لتأتي علي السنة لا آكل فيها لحماً، إلا في يوم الأضحى فإني آكل من أضحيتي لما يذكر فيه.
قال المنذر أبو يحيى: رأيت مالكاً ومعه كراع من هذه الأكارع التي قد طبخت. قال: فهو يشمه ساعة بساعة. قال: ثم مر على شيخ مسكين على ظهر الطريق يتصدع، فقال: هاه يا شيخ؛ فناوله إياه، ثم مسح يده بالجدار، ثم وضع كساءه على رأسه، وذهب. فلقيت صديقاً له، فقلت: رأيت مالك اليوم كذا وكذا. قال: أنا أخبرك، كان يشتهيه منذ زمان، فاشتراه فلم تطب نفسه أن يأكله، فتصدق به.
عن جعفر ببن سليمان، قال: قال مالك بن دينار: انظر إلي، كيف ترى عقلي؟ قال: قلت: ما أرى به بأساً. قال: ما أكلت من فاكهتكم هذه منذ ثلاثون سنة، لا رطبها ولا يابسها، وما نقص من عقلي شيء، وزاد في عقولكم شيئاً.
قال أزهر السمان: كان مالك يدخل أسواق البصرة ينظر إليها وإلى أشياء كثيرة، يشمها فيرجع، فيقول لنفسه: اصبري، فوالله ما أحرمتك ما رأيت إلا من كرامتك.
قال مالك: من دخل بيتي فأخذ شيئاً فهو له حلال، أما أنا فلا أحتاج إلى قفل ولا إلى مفتاح؛ وكان يأخذ الحصاة من المسجد فيقول: لوددت أن هذه أجزأتني في الدنيا ما عشت، لا أزيد على مصها من الطعام والشراب.
وكان يقول: لو صلح لي أن آكل الرماد لأكلته، ولو صلح لي أن أعمد إلى بوري فأقطعه باثنتين، فأتزر بقطعة وأرتدي بقطعة لفعلت.
قال بشر بن الحارث: قال مالك بن دينار: أدعو وأمنوا على دعائي: اللهم لا تدخل بيت مالك من الدنيا قليلاً ولا كثيراً، قولوا: آمين.
قال جعفر: سمعت مالكاً يقول: والله لقد أصبحت ما أملك ديناراً ولا درهماً ولا دانقاً، ولئن لم يكن لي عند الله خير ما كانت لي دنيا ولا آخرة.
عن جعفر بن أبي شعيب، قال: كان رجل من أهل البصرة، كانت له تجارة، وكان له عقل، فترك التجارة وأقبل على العبادة، فكان يسمع الناس يقولون: مالك بن دينار، مالك بن دينار! فقال: والله لأذهبن إلى مالك هذا الذي أشغف الناس فلأنظرن ما عمله.
قال: فأتيته فإذا هو جالس في المسجد، وإذا حوله قوم يقرؤون القرآن. قال: فجلست في ناحية حتى تفرقوا، وجاء آخرون فسمعوا الحديث، فلما تفرقوا قام فصلى ركعتين أو أربعاً، ثم خرج وتبعته. فقال لي: ألك حاجة؟ قلت: نعم، أريد أن أجيء معك إلى بيتك. قال: مر. فذهب بي إلى حجرة مكنوسة نظيفة، وظل بارد طيب، وبيت مكنوس، وفيه بواري ودورق ومطهرة، وحلة فيها كسر. قلت: يا مالك، ألك امرأة؟ قال: أعوذ بالله. قلت: يا مالك، يزعم الناس أنك أزهد الناس، وأنت خريم الناعم! زاد غيره: فشهق شهقة.
قال مالك: لما وقعت الفتنة أتيت الحسن ثلاثة أيام أسأله: يا أبا سعيد، ما تأمرني؟ فلا يجيبني. قال: فقلت: يا أبا سعيد، أتيتك ثلاثة أيام أسألك وأنت معلمي فلا تجيبني، والله لقد هممت أن آخذ الأرض بقدمي، وأشرب من أفواه الأنهار، وآكل من بقل البرية حتى يحكم الله بين عباده. فقال: فأرسل الحسن عينيه باكياً، ثم قال: يا مالك، ومن يطيق ما تطيق، لكنا والله ما نطيق هذا.
عن حذيفة المرعشي، قال: قيل لمالك بن دينار: ألا تتزوج؟ قال: ما لي إلا نفس واحدة، لو استطعت طلقتها، فكيف أضم إليها أخرى.
عن أبي جعفر البصري، قال: جاءت امرأة إلى مالك بن دينار، فقالت: يا مالك بن دينار، عندي من المال كذا وكذا، فقد أردت أن أتزوجك فتصرف مالي هذا في أي الأنواع شئت. قال: اذهبي إلى ثابت. قالت: لا حاجة لي في ثابت، لا أريد غيرك. قال: أما علمت أني طلقت نساء الدنيا ثلاثاً؟ فأنت منهن، اذهبي.
قال الهيثم بن معاوية، حدثني شيخ لي، قال: كان رجل من الأغنياء بالبصرة، وكانت له ابنة نفيسة فائقة الجمال، فقال لها أبوها: قد خطبك بنو هاشم والعرب والموالي فأبيت، أراك تريدين مالك بن دينار وأصحابه؟ قالت: هو والله غايتي. فقال الأب لأخ له: أئت مالك بن دينار فأخبره بمكان ابنتي، وهواها له.
قال فأتاه، فقال له: فلان يقرئك السلام، ويقول: إنك تعلم أني أكثر هذه المدينة مالاً، وأفشاها ضيعاً، ولي ابنة نفيسة، وقد هويتك، فشأنك وهي. فقال مالك للرجل: عجباً لك يا فلان، أما علمت أني طلقت الدنيا ثلاثاً؟.
قال مالك: اشتريت لأهلي طيباً بدرهم، وإني لأحاسب نفسي فيه منذ عشرين سنة فما أجد لي مخرجاً.
ذكر عبد الله بن المبارك، قال: وقع حريق بالبصرة، فأخذ مالك بطرف كسائه يجره، وقال: هلك أصحاب الأثفال.
عن جعفر بن سليمان، قال: خرجت مع مالك بن دينار إلى مكة، فلما أحرم أراد أن يلبي فسقط؛ ثم أفاق فأراد أن يلبي فسقط، ثم أفاق فأراد أن يلبي فسقط. فقلت: مالك يا أبا يحيى؟ قال: أخشى القول: لبيك، فيقول: لا لبيك ولا سعديك.
وعنه، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: وددت أن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة، فيقول لي: يا مالك، وأقول: لبيك: فيأذن لي أن أسجد بين يديه سجدة فأعرف أنه قد رضي عني، فيقول: يا مالك كن اليوم تراباً.
وعنه، قال: سمعت مالك بن دينار قال: لو كان لأحد أن يتمنى لتمنيت أنا أن يكون لي في الآخرة خص من قصب، وأروى من الماء، وأنجو من النار.
وقال: ليتني لم أخلق، فإذا خلقن مت صغيراً، ويا ليتني إذا مت صغيراً عمرت حتى أعمل في خلاص نفسي.
وقال جعفر: سمعت المغيرة بن حبيب أبا صالح ختن مالك بن دينار يقول: يموت مالك بن دينار وأنا معه في الدار لا أدري ما عمله؟ قال: فصليت معه العشاء الآخرة ثم جئت فلبست قطيفة في أطول ما يكون الليل. قال: وجاء مالك فقرب رغيفه فأكل، ثم قام إلى الصلاة، فاستفتح، ثم أخذ بلحيته فجعل يقول: يا رب إذا جمعت الأولين والآخرين فحرم شيبة مالك بن دينار على النار. فوالله ما زال كذلك حتى غلبتني عيني، ثن انتبهت فإذا هو على تلك الحال يقدم رجلاً ويؤخر رجلاً، ويقول: يا رب إذا جمعت الأولين والآخرين فحرم شيبة مالك بن دينار على النار. فما زال كذلك حتى طلع الفجر، فقلت في نفسي: والله لئن خرج مالك بن دينار فرآني لا يبل لي عنده بالة أبداً. قال: فجئت إلى المنزل وتركته.
وعنه، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: لو استطعت أن لا أنام لم أنم مخافة أن ينزل العذاب وأنا نائم، ولو وجدت أعواناً لفرقتهم ينادون في سائر الدنيا كلها: يا أيها الناس، النار، النار.
وقال: إن القلب إذا لم يحزن خرب، كما أن البيت إذا لم يسكن خرب.
وفي رواية:
زاد البيهقي: يريد حزن الآخرة.
وقال: الحزن حزنان: فحزن حائل وحزن حامد رابغ، فالحزن الحائل حسن، وأحسن من ذلك ما حمد في البدن وربغ، فذلك لا يرى صاحبه إلا كئيباً محزوناً مغموماً حيث ما رأيته يطلب قلبه، ولو علم أن قلبه يصلح على مزبلة لأتاها، فذلك الحزن النافع.
وقال: أربع من علم الشقاء؛ قسوة القلب، وجمود العين، وطول الأمل، والحرص على الدنيا.
عن عبد الله بن مروان - وكان والله من الزاهدين في دار الدنيا - قال: دخل مالك بن دينار المقابر ذات يوم، فإذا برجل يدفن، فجاء حتى وقف على القبر، فجعل ينظر إلى الرجل وهو يدفن، فجعل يقول: غداً مالك هكذا يصير، غداً هكذا مالك يصير، وليس له شيء يؤنسه في قبره؛ فلم يزل يقول ذلك حتى خر مغشياً عليه في جوف القبر، فحملوه وانطلقوا به إلى منزله مغشياً عليه.
عن محمد بن عبد العزيز بن سلمان العابد، قال: سمعت أبي يقول: سمعت مالك بن دينار يقول: عجباً لمن يعلم أن الموت مصيره، والقبر مورده، كيف تقر بالدنيا عينه؟ وكيف يطيب فيها عيشه.
قال: ثم يبكى مالك حتى يسقط مغشياً عليه.
قال ثابت البناني لمالك بن دينار: يا أبا يحيى وددت أني رأيتك عروساً. قال: فقال مالك: والله لو لم أر ميتاً غير الحسن لكفاني حزناً ما بقيت.
قال مالك: " من المتقارب "
أتيت القبور فناديتها ... أين المعظم والمحتقر
وأين المدل بسلطانه ... وأين المزكي إذا ما افتخر
قال: فنوديت من بينها ولا أرى أحداً: " من المتقارب "
تفانوا جميعاً فما مخبر ... وماتوا جميعاً ومات الخبر
تروح وتغدو بنات الثرى ... فتمحو محاسن تلك الصور
فيا سائلي عن أناس مضوا ... أمالك فيما ترى معتبر
عن مهدي بن سابق، قال: كان مالك بن دينار يتمثل بهذين البيتين: " من البسيط "
زرنا القبور فسلمنا فما رجعت ... لنا الجواب ولكن زدن أحزانا
ومن يزرهن يرجع من زيارتها ... وقد رأى من يقين الموت تبيانا
قال جعفر: كنا نخرج مع مالك بن دينار زمن الحطمة، فنجمع الموتى ونجهزهم، ثم يخرج على حمار قصير لجامه من ليف، قال: وعليه عباءة مرتدياً بها. قال: فيعظنا في الطريق، حتى إذا أشرف على القبور وأحسن بنا ثم، أقبل بصوت له محزون يقول: " من الوافر ".
ألا حي القبور ومن بهنة ... وجوه في التراب أحبهنه
ولو أن القبور أجبن حياً ... إذاً لأجبنني إذ زرتهنه
ولكن القبور صمتن عني ... فأبت حزينة من عندهنه
قال: فإذا سمعنا بصوته جئنا إليه، فيقول: إنما الخبر في الشباب. قال: ثم يجمعهم فيصلي عليهم.
عن حبان بن يسار، قال: كنا عند مالك، فجاء رجل من بني ناجية فقال: يا أبا يحيى، ذكر لي أنك ذكرتني بسوء. قال: أنت إذاً أكرم علي من نفسي.
عن أبي قدامة، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: لو أن الملكين الذين يكتبان أعمالكم عدوا عليكم يتقاضيانكم أثمان الصحف التي ينسخان فيها أعمالكم لأمسكتم من فضول كلامكم، فإذا كانت الصحف من عند ربكم أفلا تربعون على أنفسكم؟.
قال مالك: منذ عرفت الناس ما أبالي من حمدني ولا من ذمني، لأني لا أرى إلا حامداً مفرطاً أو ذاماً مفرطاً.
قال بشر: قال رجل لمالك بن دينار: يا مرائي! قال: متى عرفت اسمي؟ ما عرف اسمي غيرك.
عن جعفر بن سليمان، قال: رأيت مع مالك بن دينار كلباً، فقلت: ما هذا؟ قال: هذا خير من جليس السوء.
وعنه، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبه كذا؟ ألست صاحبه كذا؟ ثم زمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله فكان لها قائداً.
عن المغيرة أبي صالح، وكان ختن مالك بن دينار، قال: قال لي مالك بن دينار: انظر يا أخي كل أخ وصديق وصاحب لا تستفيد منه خيراً في أمر دينك ففر منه.
قال مالك: لولا أن يقول الناس: جن مالك، للبست المسوح ووضعت الرماد على رأسي أنادي في الناس: من رآني فلا يعص ربه.
عن الحسين بن عبد الرحمن، قال: أمر مالك امرأة بشيء، فقالت: يا شيخ النار. فبكى مالك وقال: لعلها كلمة وافقت حقاً.
عن جعفر بن سليمان، قال:
جاء محمد بن واسع إلى مالك بن دينار، فقال له: يا أبا يحيى، إن كنت من سكان الجنة فطوبى لك. قال: فقال مالك: ينبغي لنا إذا ذكرنا الجنة أن نخزى.
قال مالك: إنما طلب العابدون بطول النصب دوام الراحة، وطلب الزاهدون بطول الزهد طول الغنى.
عن الحسن الحفري، قال: خرجت أنا وزين القراء حسان بن أبي سنان نزور المقابر، فلما أشرف عليها سبقته عبرته، ثم أقبل علي فقال: يا أبا يحيى، هذه عساكر الموتى ينتظر بها من بقي من الأحياء، ثم يصاح بهم صيحة فإذا هم قيام ينظرون.
قال: فوضع يده مالك على رأسه وجعل يبكي ويقول: واي أزان روز، واي أزان روز. معناه: ويلي من ذلك اليوم.
قال مالك: بقدر ما تفرح للدنيا كذلك تخرج حلاوة الآخرة من قلبك.
وقال: إن لكل شيء لقاحاً، وإن هذا الحزن لقاح العمل الصالح، إنه لا يصبر أحد على هذا الأمر إلا بحزن، ووالله ما اجتمعا في قلب عبد قط، حزن بالآخرة وفرح بالدنيا، إن أحدهما ليطرد صاحبه.
وقال: إن البدن إذا سقم لم ينجع فيه طعام ولا شراب ولا نوم ولا راحة، كذلك القلب إذا علق حب الدنيا لم تنجع فيه المواعظ.
وعن جعفر بن سليمان الضبعي، عن مالك بن دينار أنه قال لختنة مغيرة: يا مغيرة، انظر كل أخ لك، وصاحب لك، لا تستفيد منه في دينك خيراً فانبذ عنك صحبته، فإنما ذلك لك عدو.
وقال: يا مغيرة، الناس أشكال: الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب، والصعو مع الصعو، وكل مع شكله.
قال الحكم أبو عون: كان من دعاء مالك بن دينار: أنت أصلحت الصالحين، فاجعلنا صالحين حتى نكون صالحين.
عن جعفر بن سليمان، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: اتخذ طاعة الله تجارة تأتيك بالأرباح من غير بضاعة.
وقال مالك: تلقى الرجل وما يلحن حرفاً وإن عمله لحن كله.
وقال: اصطلحنا على حب الدنيا، فلا يأمر بعضنا بعضاً، ولا ينهى بعضنا بعضاً، ولا يذرنا الله على هذا، فليت شعري أي عذاب ينزل.
عن عبد الله بن صالح، قال: مر مالك بن دينار بقصر يبنى لرجل قد ولي عملاً، فأخذ آجرتين فمضى بهما، فتبعه الذين يبنون فقالوا: اللص سرق آجرتين! فقال لهم: أعداء الله سرق هذا القصر كله لم تقولوا له شيئاً، وأنا أخذت آجرتين قلتم: السارق السارق؛ ثم رمى بهما.
عن جعفر بن سليمان، قال: مر والي البصرة بمالك بن دينار يرفل، فصاح به مالك: أقل من مشيتك هذه. فهم خدمة به، فقال: دعوه. ما أراك تعرفني. فقال له مالك: ومن أعرف بك مني: أما أولك فنطفة مذرة، وأما آخرك فجيفة قذرة، ثم أنت بين ذلك تحمل العذرة. فنكس الوالي رأسه ومشى.
قال سري: دخل لص على مالك بن دينار فما وجد في الدار شيئاً، ومالك يراه. فجاء ليخرج، فقال له مالك: سلام. قال: وعليكم السلام. قال: أعلم أن شيئاً من الدنيا ما حصل لك، ترغب في شيء من الآخرة؟ قال: نعم قال: تطهر من ذلك المركن، وصل ركعتين؛ فصلى. ثم قال: يا سيدي اجلس إلى الصبح؛ فجلس، فلما خرج مالك بن دينار إلى المسجد والرجل جالس معه قال أصحابه؛ من هذا؟ قال: هذا جاء يسرق سرقناه.
عن هاشم بن يحيى الفراء المجاشعي، قال: بينما مالك بن دينار جالس إذ جاءه رجل، فقال: يا أبا يحيى، ادع لامرأة حبلى منذ أربع سنين، قد أصبحت في كرب شديد. فغضب مالك وأطبق المصحف، ثم قال: ما يرى هؤلاء القوم إلا أننا أنبياء؛ ثم قرأ، ثم دعا: اللهم، هذه المرأة إن كان في بطنها ريح فأخرجها عنها الساعة، وإن كان في بطنها جارية فأبدلها بها غلاماً فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، ثم رفع مالك يده ورفع الناس أيديهم؛ وجاء الرسل
إلى الرجل: أدرك امرأتك. فذهب الرجل، فما حط مالك يده حتى طلع الرجل من باب المسجد على رقبته غلام جعد قطط ابن أربع سنين، قد استوت أسنانه، ما قطعت سراره.
عن جعفر بن سليمان، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: كفى بالمرء شراً أن لا يكون صالحاً، وهو يقع في الصالحين.
وقال: لأن يترك الرجل درهماً حراماً خير له من أن يتصدق بمئة ألف درهم.
عن عبد الواحد بن زيد، قال: شهدت مالك بن دينار وقيل له: يا أبا يحيى، ادع الله أن يسقينا الغيث. قال: تستبطؤون المطر؟ قالوا: نعم. قال: لكني والله أستبطىء الحجارة.
عن جعفر بن سليمان الضبعي، قال:
سمعت مالك بن دينار يقول: بينما أنا أطوف بالبيت فإذا أنا بجويرية متعبدة متعلقة بأستار الكعبة، وهي تقول: يا رب، كم من شهوة ذهبت لذتها وبقيت تبعتها، يا رب ما كان لك أدب إلا بالنار؛ وتبكي، فما زال ذلك مقامها حتى مطلع الفجر، فلما رأيت ذلك وضعت يدي على رأسي صارخاً أقول: ثكلت مالكاً أمه وعدمته، جويرية منذ الليلة قد بطلته! عن صدقة، قال: قرأت على عكازة مالك بن دينار: " من الخفيف "
عبرات خططن في الخد سطرا ... قد قراه من ليس يحسن يقرا
إن موت المحب من ألم الوج ... د وحسن البلاء يورث عذرا
صبر الصبر فاستغاث به الصب ... ر فصاح المحب بالصبر صبرا
قال مالك: من طلب العلم لنفسه فالقليل منه يكفي، ومن طلب للناس فحوائج الناس كثيرة.
وقال: إن العبد إذ طلب العلم للعمل كسره علمه، وإذا طلبه لغير ذلك ازداد به فجوراً.
وقال: إنكم في زمان أشهب، لا يبصر زمانكم إلا البصير، إنكم في زمان كثير نفاجهم قد انتفخت ألسنتهم في أفواههم، وطلبوا الدنيا بعمل الآخرة، فاحذروهم على أنفسكم، لا يوقعوكم في نسائكم، يا عالم تكاثر بعلمك، يا عالم أنت عالم تستطيل بعلمك، لو كان هذا العلم طلبته لله عز وجل لرئي ذلك فيك وفي علمك.
وقال: مكتوب في التوراة: من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه، وكفى للمرء خيانة أن يكون أميناً للخونة.
وقال: لا يصطلح المؤمن والمنافق حتى يصطلح الذئب والحمل.
وقال: مرضت حتى برسمت. قال: وكنت في ذلك عاقلاً. قال: فدخل علي الحسن يعودني وفلان وفلان. فقلت: يا أبا سعيد، لولا أني أخشى أن يكون بدعة لأمرت أهلي إذ أنا مت أن يغلوني بشريط كما يصنع بالعبد الآبق. قال: فقال الحسن: صاحبكم يهجر. قال: قال مالك: فعافى الله.
قال: فكنت مع الحسن في أهله جلوساً. قال: فقال لي: يا صاحب الشريط كنت في ظلمة من ظلمة الأرض. قال: أقبل علي يعظني، وكان معلماً.
عن حصين بن القاسم، قال: قلت لعبد الواحد بن زيد: ما كان سبب موت مالك بن دينار؟ قال: أنا كنت سببه؛ سألته عن رؤيا رآها، رأى فيها مسلم بن يسار، فقصها علي، فانتفضت، فجعل يشهق ويضطرب حتى ظننت أن كبده قد تقطعت في جوفه، ثم هدأ، فحملناه إلى بيته، فلم يزل مريضاً يعوده إخوانه حتى مات منها؛ فهذا كان سبب موته.
عن أبي عيسى، قال: دخلنا على مالك عند الموت، فجعل ينظر ويقول: لمثل هذا اليوم كان ذوب أبي يحيى.
عن حزم القطيعي، قال: دخلنا على مالك بن دينار في مرضه الذي مات فيه، فرفع رأسه إلى السماء، ثم قال: اللهم إنك تعلم أني لم أحب البقاء في الدنيا لبطن ولا فرج.
مات مالك بن دينار سنة سبع عشرة ومئة؛ وقيل: سنة ثلاث وعشرين ومئة.
وقيل: مات قبل الطاعون بيسير وكان الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومئة. وقيل: سنة ست وعشرين ومئة؛ وقيل: سنة سبع وعشرين ومئة. وقيل: سنة ثلاثين ومئة.
عن مهدي بن ميمون، قال: رأيت ليلة مات مالك بن دينار كأن منادياً ينادي من السماء: ألا إن مالك بن دينار أصبح من سكان الجنة.
قال سهيل أخو حزم: رأيت مالك بن دينار بعد موته في منامي، فقلت: يا أبا يحيى، ليت شعري ما قدمت به؟ قال: قدمت بذنوب كثيرة محاها عني حسن الظن بالله.
مالك بن دينار
أبو هاشم الحرسي من حرس عمر بن عبد العزيز.
قال المصنف: وقول البخاري ومسلم والنسائي وأبي أحمد الحاكم وهم، تابعوا فيه كلهم البخاري؛ وقد قال ابن أبي حاتم: مالك بن زياد؛ وكذلك قال البخاري في موضع آخر فرق بينهما وهو واحد. والقول الأول وهم، والله أعلم.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=81861&book=5517#1d4635
مالك بْن عياض الدار
أن عُمَر قَالَ فِي قحط يا رب لا آلو إلا ما عجزت عنه قَالَه علي عَنْ مُحَمَّد بْن خازم (5) عن ابى صالح
عَنْ مالك الدار.
أن عُمَر قَالَ فِي قحط يا رب لا آلو إلا ما عجزت عنه قَالَه علي عَنْ مُحَمَّد بْن خازم (5) عن ابى صالح
عَنْ مالك الدار.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=81861&book=5517#efe9a2
مَالك بن عِيَاض الدَّار يروي عَن عمر بْن الْخطاب روى عَنهُ أَبُو صَالح السمان وَكَانَ مولى لعمر بن الْخطاب أَصله من جبلان
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=128143&book=5517#ea6b48
مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار.
شهد بدرا. ذكره مُوسَى بْن عقبة فيمن شهد بدرا.
شهد بدرا. ذكره مُوسَى بْن عقبة فيمن شهد بدرا.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=153915&book=5517#2ba400
مالك بن أدهم بن محرز بن أسيد
ابن أخشن بن رياح بن أبي خالد الباهلي وبنو باهلة أولاد معن وأولاد مالك أبيه، لأن معناً خلف على امرأة أبيه باهلة بنت صعب بن سعد العشيرة.
كان المنصور يسأل مالك بن أدهم كثيراً عن حديث عجلان بن سهيل أخي حوثرة بن سهيل، قال: كنا جلوساً مع عجلان إذ مر بنا هشام بن عبد الملك، فقال رجلٌ من القوم: قد مر الأحوال؛ قال: من تعني؟ قال: هشاماً؛ قال: تسمي أمير المؤمنين بالنبز، والله ولولا رحمك لضربت عنقك؛ فقال المنصور: هذا والله الذي ينفع مع مثله المحيا والممات.
قال مالك بن أدهم: غزونا الصائفة مع معاوية بن هشام، فلما قفلنا وقدمنا وفداً إلى هشام، قدم وفد البحر، فأذن لنا هشام جميعاً فدخلنا عليه، وقام خطيبنا، فتكلم فأحسن، ثم قام خطيب البحر من الموالي فبذ خطيبنا كلاماً.
قال: وقد كان بعث البحر نكبوا قبل ذلك ثلاث غزوات؛ فقال خطيب البحر في كلامه: يا أمير المؤمنين إن لكل شيء إسطاماً وإن إسطام الموالي العرب، فإن كان لك بثغرك في البحر حاجةٌ فاسطم الموالي بالعرب، فإنه أحسن لذات بيننا وأسخى لأنفسنا وأهيب لنا في صدور عدونا؛ قال هشام: صدقت ونصحت؛ فقطع البعث على الموالي والعرب.
قيل: إن مالكاً بلغ مئة سنةً، وصحب المنصور، والله أعلم.
نجز الجزء الثالث والعشرون من تاريخ دمشق ويتلوه في الرابع والعشرين إن شاء الله عز وجل مالك بن أسماء بن خارجة علقه عبد الله محمد بن المكرم بن أبي الحسن الأنصاري الكاتب عفا الله عنه وفرغ في العشرين من شهر رجب الفرد سنة أربع وتسعين وست مئة أحسن الله تقضيها الحمد لله رب العالمين كما هو أهله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلامه حسبنا الله ونعم الوكيل /
مالك بن أسماء بن خارجة وفد على عبد الملك بن مروان.
حدث، قال: كنت مع أبي أسماء إذ دخل رجل إلى أمير من الأمراء، فأثنى عليه وأطراه، ثم جاء إلى أبي أسماء، فجلس إليه وهو جالس في جانب الدار، فجرى حديثهما، فما برح حتى وقع فيه، فقال أسماء: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: إن ذا اللسانين في الدنيا له يوم القيامة لسانان من نار.
عن أبي الحسن المدائني، قال: أوفد الحجاج مالك بن أسماء بن خارجة إلى عبد الملك، فدخل عليه، فسمع صراخاً في داره، فقال: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: مات أبان بن عبد الملك في هذه الليلة. فقال مالك: أعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين، فو الله ما على ظهر الأرض أهل بيت أعظم مرزئة، ولا الله أكفى لهم بالواحد الباقي من أنفسهم منكم أهل البيت. فأعجب عبد الملك كلامه، فاستعاده، وفضله.
وكان الحجاج لا يستعمل مالكاً لإدمانه الشراب، واستهتاره به، فكتب عبد الملك إلى الحجاج: إنك أوفدت إلي رجل أهل العراق، فوله وأكرمه.
عن محمد بن عبيد الله العيني، قال:
كان مالك بن أسماء بن خارجة الفزاري عاملاً للحجاج عل الحيرة، وكان صهراً له، فبلغه عنه شيء، فعزله، فلما ورد عليه قال: أنت القائل: " من الخفيف "
حبذا ليلتي بحيث نسقى ... قهوة من شرابنا ونغنى
حيث دارت بنا الزجاجة حتى ... يحسب الجاهلون أنا جننا
فمررنا بنسوة عطرات ... وسماع وقرقف فنزلنا
وقد مات للحجاج ابن، وأخ لمالك؛ فقال مالك: بل أنا القائل: " من الخفيف "
ربما قد لقيت أمس كئيباً ... أقطع الليل عبرة ونحيبا
أيها المشفق الملح حذاراً ... إن للموت طالباً ورقيبا
فضل ما بين ذي الغنى وأخيه ... أن يعار الغني ثوباً قشيبا
قال: فرقّ الحجاج لهذا الشعر حتى دمعت عيناه، ثم أمر بحبسه وأداء ما عليه، وبعث إلى أهل عمله: أن ارفعوا عليه كل شيء.
فقال بعضهم لبعض: هذا صهر الأمير، ويغضب عليه اليوم ويرضى عنه غداً، لا تتعرضوا له.
فلما دخلوا على الحجاج، دخل عليه شيخ منهم، فسأله، فقال: ما ولينا عامل أعف عن أشعارنا وأبشارنا وأموالنا منه. فضرب ثلاثمئة سوط: ثم دعا بقية أصحابه، فسألهم عنه، فلما رأوا ما أصاب الشيخ رفعوا عليه كل شيء؛ فقال الحجاج: ما تقول يا مالك فيما يقول هؤلاء؟ قال أصلح الله الأمير، مثلي ومثلك ومثل هؤلاء ومثل المضروب مثل أسد كان يخرج إلى الصيد، فصحبه ذئب وثعلب، فخرجوا يتصيدون،
فأصادوا حمار وحش، وتيساً، وأرنباً؛ فقال الأسد للذئب: من يكون القاضي ويقسم هذا بيننا؟ قال: أما الحمار فلك يا أبا الحارث، والتيس لي، والأرنب للثعلب؛ فضربه الأسد ضربة وضع رأسه بين يديه، ثم قال للثعلب: من يقسم هذا بيننا؟ قال: أنت، أصلحك الله. قال الأسد: لا، بل أنت، أنا الأمير وأنت القاضي. قال الثعلب: الحمار لك تتغذى به، والأرنب لك تتفكه به ما بينك وبين الليل، والتيس لك تتعشى به. قال الأسد: ويحك - يا أبا الحصين - ما أعدلك، من علمك هذا القضاء؟ قال: علمنيه الرأس الذي بين يديك؛ ولكن الشيخ المضروب هو الذي علم هؤلاء حتى قالوا ما سمعت؛ فضحك الحجاج، ووصل المضروب، وخلى سبيل العامل.
عن أبي الحسن المدائني، قال: دخل مالك بن أسماء سجن الكوفة، قال: فجلس إلي رجل من بني مرة، ثم اتكأ علي في يوم حار. قال مالك: وأقبل علي المري يحدثني حتى أكثر وغمني، ثم قال: أتدري كم قتلنا منكم في الجاهلية؟ قال: قلت: أما في الجاهلية فلا، ولكن أعرف من قتلتم منا في الإسلام. قال: من؟ قلت: أنا، قد قتلتني غماً.
حدث سعيد بن سلم، قال: كان الحجاج بن يوسف ينشد ول مالك بن أسماء بن خارجة: " من المنسرح "
يا منزل الغيث بعدما قنطوا ... ويا ولي النعماء والمنن
يكون ما شئت أن يكون وما ... قدرت ألا يكون لم يكن
لو شئت إذ كان حبها عرضاً ... لم ترني وجهها ولم ترني
يا جارة الحي كنت لي سكناً ... إذ ليس بعض الجيران بالسكن
أذكر من جارتي ومجلسها ... طرائفاً من حديثها الحسن
ومن حديث يزيدني مقةً ... ما لحديث المحبوب من ثمن
ثم يقول الحجاج: ما له، فضّ الله فاه، ما أشعره، وما أخبره!
عن مصعب بن عبد الله، ويعقوب الزهري، قالا: رأى عمر بن أبي ربيعة رجلاً يطوف بالبيت، فبهره جماله وتمامه، فسأل عنه، فقيل: مالك بن أسماء بن خارجة بن حصن الفزاري، فجاءه يعانقه وسلم عليه، وقال: أنت أخي. قال مالك: ومن أنا؟ ومن أنت قال: أما إنك ستعرفني، وأما أنت، فالذي تقول: " من الخفيف "
إن لي عند كل نفحة بستا ... ن من الورد أو من الياسمينا
نظرة والتفاتة لك أرجو ... أن تكوني حللت فيما يلينا
قال: أنت عمر. قال: أنا عمر. قال: وأنت الذي تقول: " من الكامل "
طرقتك بين مسبح ومكبر ... بحطيم مكة حيث سال الأبطح
فحسبت مكة والمشاعر كلها ... ورحالنا باتت بمسك تنفح
قال جهم بن مسعدة: كان بين مالك بن أسماء وبين عيينة بن أسماء بن خارجة شيء، فلما عذب الحجاج بن يوسف عيينة بن أسماء قال مالك بن أسماء: " من الكامل "
لما أتاني عن عيينة أنه ... عان عليه تظاهر الأقياد
نحلت له نفسي النصيحة إنه ... عند الشدائد تذهب الأحقاد
أنشد محمد بن إبراهيم الزبيري، لمالك بن أسماء بن خارجة: " من الخفيف "
أمغطي مني على بصري في ال ... حب أم أنت أكمل الناس حسنا
وحديث ألذه هو مما ... تشتهيه النفوس يوزن وزنا
منطق صائب وتلحن أحيا ... ناً وخير الحديث ما كان لحنا
عن أبي العباس محمد بن يزيد، قال: أول ما سمعت الرياشي ينشد شعراً لمالك بن أسماء بن خارجة: " من الكامل "
يا ليت لي خصاً بداركم ... بدلاً بداري في بني أسد
الخص فيه تقر أعيننا ... خير من الآجر والكمد
وعن الشافعي، قال: كانت لهند بنت أسماء جارية حسناء ظريفة، وكان أخواها عيينة ومالك يتعشقانها، ويكتمان ذلك، ثم إن عيينة كتب إلى أخيه مالك يستشفع به على أخته هند، فكتب مالك إلى عيينة جوابه: " من الكامل "
أعيين هلا إذ كلفت بها ... كنت استغثت بفارغ العقل
أقبلت ترجو الغوث من قبلي ... والمستغاث إليه في شغل
فلما قرأ جواب أخيه علم أن به مثل ما به، فأمسك عن ذلك.
ابن أخشن بن رياح بن أبي خالد الباهلي وبنو باهلة أولاد معن وأولاد مالك أبيه، لأن معناً خلف على امرأة أبيه باهلة بنت صعب بن سعد العشيرة.
كان المنصور يسأل مالك بن أدهم كثيراً عن حديث عجلان بن سهيل أخي حوثرة بن سهيل، قال: كنا جلوساً مع عجلان إذ مر بنا هشام بن عبد الملك، فقال رجلٌ من القوم: قد مر الأحوال؛ قال: من تعني؟ قال: هشاماً؛ قال: تسمي أمير المؤمنين بالنبز، والله ولولا رحمك لضربت عنقك؛ فقال المنصور: هذا والله الذي ينفع مع مثله المحيا والممات.
قال مالك بن أدهم: غزونا الصائفة مع معاوية بن هشام، فلما قفلنا وقدمنا وفداً إلى هشام، قدم وفد البحر، فأذن لنا هشام جميعاً فدخلنا عليه، وقام خطيبنا، فتكلم فأحسن، ثم قام خطيب البحر من الموالي فبذ خطيبنا كلاماً.
قال: وقد كان بعث البحر نكبوا قبل ذلك ثلاث غزوات؛ فقال خطيب البحر في كلامه: يا أمير المؤمنين إن لكل شيء إسطاماً وإن إسطام الموالي العرب، فإن كان لك بثغرك في البحر حاجةٌ فاسطم الموالي بالعرب، فإنه أحسن لذات بيننا وأسخى لأنفسنا وأهيب لنا في صدور عدونا؛ قال هشام: صدقت ونصحت؛ فقطع البعث على الموالي والعرب.
قيل: إن مالكاً بلغ مئة سنةً، وصحب المنصور، والله أعلم.
نجز الجزء الثالث والعشرون من تاريخ دمشق ويتلوه في الرابع والعشرين إن شاء الله عز وجل مالك بن أسماء بن خارجة علقه عبد الله محمد بن المكرم بن أبي الحسن الأنصاري الكاتب عفا الله عنه وفرغ في العشرين من شهر رجب الفرد سنة أربع وتسعين وست مئة أحسن الله تقضيها الحمد لله رب العالمين كما هو أهله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلامه حسبنا الله ونعم الوكيل /
مالك بن أسماء بن خارجة وفد على عبد الملك بن مروان.
حدث، قال: كنت مع أبي أسماء إذ دخل رجل إلى أمير من الأمراء، فأثنى عليه وأطراه، ثم جاء إلى أبي أسماء، فجلس إليه وهو جالس في جانب الدار، فجرى حديثهما، فما برح حتى وقع فيه، فقال أسماء: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: إن ذا اللسانين في الدنيا له يوم القيامة لسانان من نار.
عن أبي الحسن المدائني، قال: أوفد الحجاج مالك بن أسماء بن خارجة إلى عبد الملك، فدخل عليه، فسمع صراخاً في داره، فقال: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: مات أبان بن عبد الملك في هذه الليلة. فقال مالك: أعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين، فو الله ما على ظهر الأرض أهل بيت أعظم مرزئة، ولا الله أكفى لهم بالواحد الباقي من أنفسهم منكم أهل البيت. فأعجب عبد الملك كلامه، فاستعاده، وفضله.
وكان الحجاج لا يستعمل مالكاً لإدمانه الشراب، واستهتاره به، فكتب عبد الملك إلى الحجاج: إنك أوفدت إلي رجل أهل العراق، فوله وأكرمه.
عن محمد بن عبيد الله العيني، قال:
كان مالك بن أسماء بن خارجة الفزاري عاملاً للحجاج عل الحيرة، وكان صهراً له، فبلغه عنه شيء، فعزله، فلما ورد عليه قال: أنت القائل: " من الخفيف "
حبذا ليلتي بحيث نسقى ... قهوة من شرابنا ونغنى
حيث دارت بنا الزجاجة حتى ... يحسب الجاهلون أنا جننا
فمررنا بنسوة عطرات ... وسماع وقرقف فنزلنا
وقد مات للحجاج ابن، وأخ لمالك؛ فقال مالك: بل أنا القائل: " من الخفيف "
ربما قد لقيت أمس كئيباً ... أقطع الليل عبرة ونحيبا
أيها المشفق الملح حذاراً ... إن للموت طالباً ورقيبا
فضل ما بين ذي الغنى وأخيه ... أن يعار الغني ثوباً قشيبا
قال: فرقّ الحجاج لهذا الشعر حتى دمعت عيناه، ثم أمر بحبسه وأداء ما عليه، وبعث إلى أهل عمله: أن ارفعوا عليه كل شيء.
فقال بعضهم لبعض: هذا صهر الأمير، ويغضب عليه اليوم ويرضى عنه غداً، لا تتعرضوا له.
فلما دخلوا على الحجاج، دخل عليه شيخ منهم، فسأله، فقال: ما ولينا عامل أعف عن أشعارنا وأبشارنا وأموالنا منه. فضرب ثلاثمئة سوط: ثم دعا بقية أصحابه، فسألهم عنه، فلما رأوا ما أصاب الشيخ رفعوا عليه كل شيء؛ فقال الحجاج: ما تقول يا مالك فيما يقول هؤلاء؟ قال أصلح الله الأمير، مثلي ومثلك ومثل هؤلاء ومثل المضروب مثل أسد كان يخرج إلى الصيد، فصحبه ذئب وثعلب، فخرجوا يتصيدون،
فأصادوا حمار وحش، وتيساً، وأرنباً؛ فقال الأسد للذئب: من يكون القاضي ويقسم هذا بيننا؟ قال: أما الحمار فلك يا أبا الحارث، والتيس لي، والأرنب للثعلب؛ فضربه الأسد ضربة وضع رأسه بين يديه، ثم قال للثعلب: من يقسم هذا بيننا؟ قال: أنت، أصلحك الله. قال الأسد: لا، بل أنت، أنا الأمير وأنت القاضي. قال الثعلب: الحمار لك تتغذى به، والأرنب لك تتفكه به ما بينك وبين الليل، والتيس لك تتعشى به. قال الأسد: ويحك - يا أبا الحصين - ما أعدلك، من علمك هذا القضاء؟ قال: علمنيه الرأس الذي بين يديك؛ ولكن الشيخ المضروب هو الذي علم هؤلاء حتى قالوا ما سمعت؛ فضحك الحجاج، ووصل المضروب، وخلى سبيل العامل.
عن أبي الحسن المدائني، قال: دخل مالك بن أسماء سجن الكوفة، قال: فجلس إلي رجل من بني مرة، ثم اتكأ علي في يوم حار. قال مالك: وأقبل علي المري يحدثني حتى أكثر وغمني، ثم قال: أتدري كم قتلنا منكم في الجاهلية؟ قال: قلت: أما في الجاهلية فلا، ولكن أعرف من قتلتم منا في الإسلام. قال: من؟ قلت: أنا، قد قتلتني غماً.
حدث سعيد بن سلم، قال: كان الحجاج بن يوسف ينشد ول مالك بن أسماء بن خارجة: " من المنسرح "
يا منزل الغيث بعدما قنطوا ... ويا ولي النعماء والمنن
يكون ما شئت أن يكون وما ... قدرت ألا يكون لم يكن
لو شئت إذ كان حبها عرضاً ... لم ترني وجهها ولم ترني
يا جارة الحي كنت لي سكناً ... إذ ليس بعض الجيران بالسكن
أذكر من جارتي ومجلسها ... طرائفاً من حديثها الحسن
ومن حديث يزيدني مقةً ... ما لحديث المحبوب من ثمن
ثم يقول الحجاج: ما له، فضّ الله فاه، ما أشعره، وما أخبره!
عن مصعب بن عبد الله، ويعقوب الزهري، قالا: رأى عمر بن أبي ربيعة رجلاً يطوف بالبيت، فبهره جماله وتمامه، فسأل عنه، فقيل: مالك بن أسماء بن خارجة بن حصن الفزاري، فجاءه يعانقه وسلم عليه، وقال: أنت أخي. قال مالك: ومن أنا؟ ومن أنت قال: أما إنك ستعرفني، وأما أنت، فالذي تقول: " من الخفيف "
إن لي عند كل نفحة بستا ... ن من الورد أو من الياسمينا
نظرة والتفاتة لك أرجو ... أن تكوني حللت فيما يلينا
قال: أنت عمر. قال: أنا عمر. قال: وأنت الذي تقول: " من الكامل "
طرقتك بين مسبح ومكبر ... بحطيم مكة حيث سال الأبطح
فحسبت مكة والمشاعر كلها ... ورحالنا باتت بمسك تنفح
قال جهم بن مسعدة: كان بين مالك بن أسماء وبين عيينة بن أسماء بن خارجة شيء، فلما عذب الحجاج بن يوسف عيينة بن أسماء قال مالك بن أسماء: " من الكامل "
لما أتاني عن عيينة أنه ... عان عليه تظاهر الأقياد
نحلت له نفسي النصيحة إنه ... عند الشدائد تذهب الأحقاد
أنشد محمد بن إبراهيم الزبيري، لمالك بن أسماء بن خارجة: " من الخفيف "
أمغطي مني على بصري في ال ... حب أم أنت أكمل الناس حسنا
وحديث ألذه هو مما ... تشتهيه النفوس يوزن وزنا
منطق صائب وتلحن أحيا ... ناً وخير الحديث ما كان لحنا
عن أبي العباس محمد بن يزيد، قال: أول ما سمعت الرياشي ينشد شعراً لمالك بن أسماء بن خارجة: " من الكامل "
يا ليت لي خصاً بداركم ... بدلاً بداري في بني أسد
الخص فيه تقر أعيننا ... خير من الآجر والكمد
وعن الشافعي، قال: كانت لهند بنت أسماء جارية حسناء ظريفة، وكان أخواها عيينة ومالك يتعشقانها، ويكتمان ذلك، ثم إن عيينة كتب إلى أخيه مالك يستشفع به على أخته هند، فكتب مالك إلى عيينة جوابه: " من الكامل "
أعيين هلا إذ كلفت بها ... كنت استغثت بفارغ العقل
أقبلت ترجو الغوث من قبلي ... والمستغاث إليه في شغل
فلما قرأ جواب أخيه علم أن به مثل ما به، فأمسك عن ذلك.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=153920&book=5517#11653d
مالك بن الحارث بن عبد يغوث
ابن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جذيمة بن سعد بن مالك بن النخع، واسمه جسر بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك وهو مذحج بن أدد بن زيد بن يشجب الأشتر النخعي شهد اليرموك، ثم سيره عثمان من الكوفة إلى دمشق، وكان من أصحاب علي، وولاه مصر، فمات قبل أن يصل إليها.
حدث، قال: لما قدم عمر بن الخطاب، بعث إلى الناس، فنودوا: الصلاة جامعة؛ عند باب الجابية، فلما صفوا، قام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وذكر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما يحق عليه ذكره، ثم قال لهم: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن يد الله على الجماعة، والفذ من الشيطان، وإن الحق أصل في الجنة، وإن الباطل أصل في النار، وإن أصحابي خياركم، فأكرموهم، ثم القرن الذي يلونهم، ثم القرن الذي يلونهم، ثم يظهر الكذب والهرج ".
عن محمد بن سعد، قال: في الطبقة الأولى من أهل الكوفة الأشتر، واسمه مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جذيمة بن مالك بن النخع، من مذحج.
روي عن خالد بن الوليد، أنه كان يضرب الناس على الصلاة بعد العصر.
وكان الأشتر من أصحاب علي بن أبي طالب، وشهد معه الجمل وصفين ومشاهده كلها، وولاه على مصر، فخرج إايها، فلما كان بالعريش شرب شربة عسل، فمات.
قال الصوري: الصواب بالقلزم.
عن عبد الله بن سلمة، قال: دخلنا على عمر بن الخطاب في وفد مذحج، ومعنا الأشتر، فجعل ينظر إلى الأشتر ويصرف بصره عنه، فقال: ويل لهذه الأمة منك ومن ولدك، إن للمؤمنين منك يوماً عصيباً.
عن أبي الحذيفة إسحاق بن بشر، قال: ومضى خالد يطلب عظم الناس حتى أدركهم بثنية العقاب، وهي مهبط الهابط المغرب منها إلى غوطة دمشق ليدرك عظم الناس، حتى أدركهم بغوطة دمشق، فلما انتهوا إلى تلك الجماعة من الروم، وأقبلوا يرمونهم بالحجارة من فوقهم، فتقدم إليهم الأشتر وهو في رجلين من المسلمين، فإذا أمامهم رجل من الروم جسيم عظيم، فمضى إليه حتى وقف عليه، فاستوى هو والرومي على صخرة مستوية، فاضطربا بسيفهما، فأطر الأشتر كف الرومي، وضرب الرومي الأشتر بسيفه فلم يضره، واعتنق كل واحد منهما صاحبه، فوقعا على الصخرة، ثم انحدرا، وأخذ الأشتر يقول - وهو في ذلك ملازم العلج لا يتركه -: " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين ".
قال: فلم يزل يقول ذلك حتى انتهى إلى مستوى الجبل وقرار، فلما استقر وثب على الرومي فقتله، وصاح في الناس: أن جوزوا.
قال: فلما رأت الروم أن صاحبهم قد قتل، خلوا الثنية وانهزموا.
قالوا: وكان الأشتر الأحسن في اليرموك. قالوا: لقد قتل ثلاثة عشر.
عن الهيثم بن عدي، قال في تسمية العور: عن مكحول: أن شرحبيل بن حسنة أغار على ساسمة مصبحاً، فقال لمن معه من المسلمين:
صلوا على الظهر. فمر بالأشتر يصلي على الأرض. فقال: مخالف، خالف الله به. ومضى شرحبيل ومن معه فاستحوذ على ساسمة فخربها، فهي خراب إلى اليوم.
وكان الأشتر ممن سعى في الفتنة، وألب على عثمان، وشهد حصره.
عن طلق بن خشاف البكري، قال: لما قتل أمير المؤمنين عثمان، قدمنا المدينة، فتفرقنا، فمنا من أتى علياً، ومنا من أتى الحسن بن علي، ومنا من أتى أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأتيت عائشة، فقلت: يا أم المؤمنين، فيم قتل عثمان؟ قالت: قتل - والله - مظلوماً، قاد الله به ابن أبي بكر، وأهراق الله دم بديل على ضلالة، وساق الله إلى الأشتر هواناً في بيته، وفعل الله بفلان، وفعل بفلان.
قال: فوالله ما منهم إلا أصابته دعوتها.
قال المصنف: المحفوظ أن عائشة لم تكن وقت قتل عثمان بالمدينة، وإنما كانت حاجة.
عن الشعبي، قال: لزم الخطام يوم الجمل سبعون رجلاً من قريش، كلهم يقتل وهو آخذ بالخطام، وحمل الأشتر فاعترضه عبد الله بن الزبير، فاختلفا ضربتين، ضربه الأشتر فأمه، وواثبه عبد الله فاعتنقه فصرعه، وجعل يقول: اقتلوني ومالكاً: وما كان الناس يعرفونه بمالك، ولو قال: الأشتر، ثم كانت له ألف نفس ما نجا منها بشيء، وما زال يضطرب في يدي عبد الله حتى أفلت؛ وكان الرجل إذا حمل على الجمل ثم نجا لم يعد؛ وجرح يومئذ مروان وعبد الله بن الزبير.
عن زهير بن قيس، قال: دخلت مع ابن الزبير الحمام، فإذا في رأسه ضربة لو صب فيها قارورة من دهن لاستقرت. قال: تدري من ضربني هذه؟ قلت: لا. قال: ضربنيها ابن عمك الأشتر.
عن ابن إسحاق الهمذاني: أن عمار بن ياسر والأشتر دخلا على عائشة، فقال عمار: السلام عليك يا أمتاه. قالت: أمك أنا؟ قال: نعم، وإن كرهت. قالت: فمن هذا معك؟ قال: هذا الأشتر. قالت: هذا الذي أراد أن يقتل ابن أختي الزبير؟ قال الأشتر: نعم، والله لقد ضربته على رأسه بالسيف ضربة ما ظننت إلا رأسه قد سقط، فإذا هي العمامة. فقالت: أما والله لو قتلته لدخلت النار، وأذكرك الله يا عمار، هل سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يحل دم امرء مسلم إلا بإحدى ثلاث؛ رجل كفر بعد إسلامه، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفساً بغير نفس، فيقتل "؟ قال " اللهم نعم.
عن نجاد الضبي، قال: دخل الأشتر مع ابن عباس على عائشة، وهي في قصر بني خلف، فقالت: أنت أردت قتل ابن أختي؟ فقال: معذرة إلى الله ثم إليك: " من الطويل "
فوالله لولا أنني كنت طاوياً ... ثلاثاً لألفيت ابن أختك هالكا
غداة ينادي والرجال تحوزه ... بأبعد صوتيه اقتلوني ومالكا
ونجاه مني أكله وشبابه ... وخلوة بطن لم يكن متماسكا
فقالت على أي الأمور قتلته ... أقتلاً أتى أم ردةً لا أبا لكا
أم المحصن الزاني الذي حل قتله ... فقيل لها لا بد من بعض ذالكا
عن عمير بن سعيد النخعي، قال: لما أراد علي أن يسير إلى الشام، إلى صفين، اجتمعت النخع، فأتوا الأشتر في منزله حتى ملؤوا عليه داره؛ فقال الأشتر: هل في البيت أو الدار إلا نخعي؟ قالوا: لا. فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن هذه الأمة عمدت إلى خيرها - أو لخيرها - فقتلته -
يعني عثمان - ثم سرنا إلى أهل البصرة، قوم لنا عليهم بيعة فنكثوها، فنصرنا عليهم بنكثهم، وأنتم تسيرون إلى أهل الشام، قوم ليس لكم عليهم بيعة، فلينظر امرؤ أين يضع سيفه.
قال يعقوب في تسمية أمراء علي بن أبي طالب يوم صفين: مالك بن الحارث الأشتر.
عن الفضيل بن خديج، عن رجل من النخع، قال:
رأيت إبراهيم بن الأشتر دخل على مصعب بن الزبير فسأله عن الحال كيف كانت، قال: كنت مع علي حين بعث الأشتر يأتيه، وقد أشرف على عسكر معاوية ليدخله، فأرسل إليه علي يزيد بن هانئ: أن ائتني. فبلغه عن علي، فقال له: ليس هذه الساعة التي ينبغي لك أن تزيلني عن موقعي، وأنا أرجو أن يفتح الله لي. فرجع يزيد إلى علي فأخبره؛ فما هو إلا أن انتهى إلينا يزيد إذ ارتفع الرهج من قبل الأشتر، وعلت الأصوات، وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق، ودلائل الخذلان والإدبار على أهل الشام فقال له القوم: والله ما نراك أمرته إلا أن يقاتل القوم. فقال علي: ومن أين ترون ذلك؟ أرأيتموني ساررته؟ أليس إنما كلمته على رؤوسكم علانية؟ قالوا: فابعث إليه فليأتك، وإلا والله اعتزلناك. فقال: ويحك يا يزيد، لأئته فقل له: أقبل إلي، فإن الفتنة قد وقعت. فأتاه يزيد فأخبره. فقال الأشتر: ألرفع هذه المصاحف؟ قال: نعم. ققال الأشتر: أما والله لقد ظننت أنها حين رفعت أنها ستوقع اختلافاً وفرقة، إنها مشورة عمرو بن العاص. ثم قال ليزيد: ألا ترى إلى الفتح؟ ألا ترى ما يلقون؟ ما ينبغي لنا أن ندع هذا وننصرف عنه. فقال يزيد: أتحب أنك ظفرت ها هنا وهو بمكانه الذي هو به - يعني علياً - يفرج عنه أو يسلم إلى عدوه؟ فقال الأشتر: سبحان الله، لا والله ما أحب ذلك. قال: فإنهم قد قالوا له: لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلك كما قتلنا ابن عفان. فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم، وصاح بهم: يا أهل الذل والوهن، أحين علوتم القوم ظهراً وظنوا أنكم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى
ما فيها؟ وقد - والله - تركوا ما أمر الله فيها، وسنة من أنزلت عليه، فلا تجيبوهم وأمهلوني فواقاً، فإني قد أحسنت بالفتح. فقالوا: لا والله. فقال: أمهلوني عدوة الفرس فإني قد طمعت في النصر. قالوا: إذا ندخل معك في خطيئتك. قال: فحدثوني عنكم - وقد قتل أماثلكم - متى كنتم محقين؟ أحين كنتم تقاتلون وخياركم يقتلون، أم أنتم الآن إذ أمسكتم عن القتال مبطلون؟ أم أنتم الآن محقون؟ فقتلاكم إذن الذين لا تنكرون فضلهم، وكانوا خيراً منكم، في النار؟ فقالوا: دعنا منك يا أشتر، قاتلناهم في الله، وندع قتالهم لله. فقال: خدعتم - والله - فانخدعتم، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم؛ يا أصحاب الجباه السود، كنا نظن أن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوقاً إلى الله! أفراراً من الموت إلى الدنيا؟ يا أشباه النيب الجلالة، ما أنتم برائين بعدها عزاً أبداً، فابعدوا كما بعد القوم الظالمون. فسبوه وسبهم، فصاح بهم علي، فكفوا، وقالوا له: إن علياً قد قبل الحكومة، ورضي بحكم القرآن. فقال الأشتر: قد رضينا بما رضي به أمير المؤمنين.
عن خليفة، قال في تسمية عمال علي: ولي الجزيرة الأشتر مالك بن الحارث النخعي، ومصر ولي محمد بن أبي حذيفة ثم عزله، وولاها قيس بن سعد ثم عزله، وولى الأشتر مالك بن الحارث النخعي فمات قبل أن يصل إليها، فولى محمد بن أبي بكر.
عن يزيد بن أبي حبيب، أنه قال: بعث علي بن أبي طالب مالكاً بعد قيس بن سعد أميراً على مصر، فسار يريد مصر، وتنكب طريق الشام، حتى نزل جسر القلزم، فصلى حين نزل من راحلته، ودعا الله وسأله إن كان في دخوله مصر خيراً أن يدخله إياها، وإلا صرفه عنها، فشرب شربة من عسل، فمات؛ فبلغ عمرو بن العاص موته فقال: إن لله جنوداً من العسل.
عن عبد الله بن جعفر، قال: كان علي قد شنف الأشتر، وكان إذا سألته شيئاً يمسني سألته بحق جعفر فأعطاني، فقلت له: إن الأشتر من علية أصحابك ودواهيهم، فلو أرسلته إلى مصر، فإن افتتحها كان ذلك، وإن قتل كنت قد استرحت منه؛ فأبى. فلم نزل به حتى فعل.
قال: وكان عندي طيران من العرب فأرسلتهما معه، فلم يلبثا أن رجعا، فقلت: ما الخبر؟ فقالا: ما هو إلا أن وردنا القلزم تلقاه أهل مصر بما تتلقى به الأمراء من الأطعمة والأشربة، فطعم، وشرب شربة عسل، فمات.
فدخلت إلى علي فأخبرته، فقال: لليدين والفم.
عن عامر الشعبي: إن علياً كان استعمل الأشتر على مصر؛ قال: واسمه مالك بن الحارث، فخرج فأخذ طريق الحجاز، حتى مر بالمدينة، فاتبعه مولى لعثمان يقال له: نافع، فخدمه وألطفه وحف له؛ فقال له الأشتر: من أنت؟ فقال: أنا نافع مولى عمر بن الخطاب.
قال: وكان الأشتر محباً لعمر بن الخطاب؛ فأدناه الأشتر وقربه، وولاه أمره كله؛ فلم يزل معه كذلك حتى نزل الأشتر عين شمس، وتلقاه أشراف أهل مصر، فتغدى الأشتر بها، فأتى بسمك فأكل منه، فأنبتت عنقه، فمات.
ففتشوا متاعه فوجدوا عهده من علي في ثقله، فقرؤوه، فوجدوا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى الملأ الذين عصوا الله من بعد ما عصي الله في الأرض، وضرب الجود بأرواقه على البر والفاجر، فلا حق يتربع إليه، ولا منكر يتناهى عنه.
سلام عليكم، فإني قد بعثت إليكم عبداً من عباد الله، لا نائي الضريبة، ولا كليل الحد، ولا ينام على الخوف، ولا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، أشد على الفجار من حريق النار؛ وهو مالك بن الحارث، أخو مذحج، وإنه سيف من سيوف الله، فإن استنفركم فانفروا، وإن أمركم بالإقامة فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري، وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم وشدة شكيمته على عدوه؛ وعصمكم ربكم بالهدى وثبتكم باليقين، والسلام عليكم.
قال عوانة بن الحكم: لما جاء نعي الأشتر ووفاته على علي بن أبي طالب، قال: " إنا لله وإنا إليه راجعون " لله مالك وما مالك! وهل موجود مثل مالك؟ لو كان من جبل كان فنداً، ولو كان من حجر لكان صلداً، على مثل مالك فلتبك البواكي.
قال: ولما جاء معاوية نعيه ووفاته، قال: الحمد لله، إن لله جنوداً من العسل.
قال ابن يونس: وكانت وفاته بالقلزم في سنة سبع وثلاثين.
وقال خليفة: سنة ثمان وثلاثين، فيها ولى علي الأشتر مصر، فمات قبل أن يصل إليها، فولى محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: وفيها - يعني سنة ثمان وثلاثين - مات الأشتر بن الحارث النخعي.
ابن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جذيمة بن سعد بن مالك بن النخع، واسمه جسر بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك وهو مذحج بن أدد بن زيد بن يشجب الأشتر النخعي شهد اليرموك، ثم سيره عثمان من الكوفة إلى دمشق، وكان من أصحاب علي، وولاه مصر، فمات قبل أن يصل إليها.
حدث، قال: لما قدم عمر بن الخطاب، بعث إلى الناس، فنودوا: الصلاة جامعة؛ عند باب الجابية، فلما صفوا، قام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وذكر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما يحق عليه ذكره، ثم قال لهم: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن يد الله على الجماعة، والفذ من الشيطان، وإن الحق أصل في الجنة، وإن الباطل أصل في النار، وإن أصحابي خياركم، فأكرموهم، ثم القرن الذي يلونهم، ثم القرن الذي يلونهم، ثم يظهر الكذب والهرج ".
عن محمد بن سعد، قال: في الطبقة الأولى من أهل الكوفة الأشتر، واسمه مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جذيمة بن مالك بن النخع، من مذحج.
روي عن خالد بن الوليد، أنه كان يضرب الناس على الصلاة بعد العصر.
وكان الأشتر من أصحاب علي بن أبي طالب، وشهد معه الجمل وصفين ومشاهده كلها، وولاه على مصر، فخرج إايها، فلما كان بالعريش شرب شربة عسل، فمات.
قال الصوري: الصواب بالقلزم.
عن عبد الله بن سلمة، قال: دخلنا على عمر بن الخطاب في وفد مذحج، ومعنا الأشتر، فجعل ينظر إلى الأشتر ويصرف بصره عنه، فقال: ويل لهذه الأمة منك ومن ولدك، إن للمؤمنين منك يوماً عصيباً.
عن أبي الحذيفة إسحاق بن بشر، قال: ومضى خالد يطلب عظم الناس حتى أدركهم بثنية العقاب، وهي مهبط الهابط المغرب منها إلى غوطة دمشق ليدرك عظم الناس، حتى أدركهم بغوطة دمشق، فلما انتهوا إلى تلك الجماعة من الروم، وأقبلوا يرمونهم بالحجارة من فوقهم، فتقدم إليهم الأشتر وهو في رجلين من المسلمين، فإذا أمامهم رجل من الروم جسيم عظيم، فمضى إليه حتى وقف عليه، فاستوى هو والرومي على صخرة مستوية، فاضطربا بسيفهما، فأطر الأشتر كف الرومي، وضرب الرومي الأشتر بسيفه فلم يضره، واعتنق كل واحد منهما صاحبه، فوقعا على الصخرة، ثم انحدرا، وأخذ الأشتر يقول - وهو في ذلك ملازم العلج لا يتركه -: " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين ".
قال: فلم يزل يقول ذلك حتى انتهى إلى مستوى الجبل وقرار، فلما استقر وثب على الرومي فقتله، وصاح في الناس: أن جوزوا.
قال: فلما رأت الروم أن صاحبهم قد قتل، خلوا الثنية وانهزموا.
قالوا: وكان الأشتر الأحسن في اليرموك. قالوا: لقد قتل ثلاثة عشر.
عن الهيثم بن عدي، قال في تسمية العور: عن مكحول: أن شرحبيل بن حسنة أغار على ساسمة مصبحاً، فقال لمن معه من المسلمين:
صلوا على الظهر. فمر بالأشتر يصلي على الأرض. فقال: مخالف، خالف الله به. ومضى شرحبيل ومن معه فاستحوذ على ساسمة فخربها، فهي خراب إلى اليوم.
وكان الأشتر ممن سعى في الفتنة، وألب على عثمان، وشهد حصره.
عن طلق بن خشاف البكري، قال: لما قتل أمير المؤمنين عثمان، قدمنا المدينة، فتفرقنا، فمنا من أتى علياً، ومنا من أتى الحسن بن علي، ومنا من أتى أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأتيت عائشة، فقلت: يا أم المؤمنين، فيم قتل عثمان؟ قالت: قتل - والله - مظلوماً، قاد الله به ابن أبي بكر، وأهراق الله دم بديل على ضلالة، وساق الله إلى الأشتر هواناً في بيته، وفعل الله بفلان، وفعل بفلان.
قال: فوالله ما منهم إلا أصابته دعوتها.
قال المصنف: المحفوظ أن عائشة لم تكن وقت قتل عثمان بالمدينة، وإنما كانت حاجة.
عن الشعبي، قال: لزم الخطام يوم الجمل سبعون رجلاً من قريش، كلهم يقتل وهو آخذ بالخطام، وحمل الأشتر فاعترضه عبد الله بن الزبير، فاختلفا ضربتين، ضربه الأشتر فأمه، وواثبه عبد الله فاعتنقه فصرعه، وجعل يقول: اقتلوني ومالكاً: وما كان الناس يعرفونه بمالك، ولو قال: الأشتر، ثم كانت له ألف نفس ما نجا منها بشيء، وما زال يضطرب في يدي عبد الله حتى أفلت؛ وكان الرجل إذا حمل على الجمل ثم نجا لم يعد؛ وجرح يومئذ مروان وعبد الله بن الزبير.
عن زهير بن قيس، قال: دخلت مع ابن الزبير الحمام، فإذا في رأسه ضربة لو صب فيها قارورة من دهن لاستقرت. قال: تدري من ضربني هذه؟ قلت: لا. قال: ضربنيها ابن عمك الأشتر.
عن ابن إسحاق الهمذاني: أن عمار بن ياسر والأشتر دخلا على عائشة، فقال عمار: السلام عليك يا أمتاه. قالت: أمك أنا؟ قال: نعم، وإن كرهت. قالت: فمن هذا معك؟ قال: هذا الأشتر. قالت: هذا الذي أراد أن يقتل ابن أختي الزبير؟ قال الأشتر: نعم، والله لقد ضربته على رأسه بالسيف ضربة ما ظننت إلا رأسه قد سقط، فإذا هي العمامة. فقالت: أما والله لو قتلته لدخلت النار، وأذكرك الله يا عمار، هل سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يحل دم امرء مسلم إلا بإحدى ثلاث؛ رجل كفر بعد إسلامه، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفساً بغير نفس، فيقتل "؟ قال " اللهم نعم.
عن نجاد الضبي، قال: دخل الأشتر مع ابن عباس على عائشة، وهي في قصر بني خلف، فقالت: أنت أردت قتل ابن أختي؟ فقال: معذرة إلى الله ثم إليك: " من الطويل "
فوالله لولا أنني كنت طاوياً ... ثلاثاً لألفيت ابن أختك هالكا
غداة ينادي والرجال تحوزه ... بأبعد صوتيه اقتلوني ومالكا
ونجاه مني أكله وشبابه ... وخلوة بطن لم يكن متماسكا
فقالت على أي الأمور قتلته ... أقتلاً أتى أم ردةً لا أبا لكا
أم المحصن الزاني الذي حل قتله ... فقيل لها لا بد من بعض ذالكا
عن عمير بن سعيد النخعي، قال: لما أراد علي أن يسير إلى الشام، إلى صفين، اجتمعت النخع، فأتوا الأشتر في منزله حتى ملؤوا عليه داره؛ فقال الأشتر: هل في البيت أو الدار إلا نخعي؟ قالوا: لا. فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن هذه الأمة عمدت إلى خيرها - أو لخيرها - فقتلته -
يعني عثمان - ثم سرنا إلى أهل البصرة، قوم لنا عليهم بيعة فنكثوها، فنصرنا عليهم بنكثهم، وأنتم تسيرون إلى أهل الشام، قوم ليس لكم عليهم بيعة، فلينظر امرؤ أين يضع سيفه.
قال يعقوب في تسمية أمراء علي بن أبي طالب يوم صفين: مالك بن الحارث الأشتر.
عن الفضيل بن خديج، عن رجل من النخع، قال:
رأيت إبراهيم بن الأشتر دخل على مصعب بن الزبير فسأله عن الحال كيف كانت، قال: كنت مع علي حين بعث الأشتر يأتيه، وقد أشرف على عسكر معاوية ليدخله، فأرسل إليه علي يزيد بن هانئ: أن ائتني. فبلغه عن علي، فقال له: ليس هذه الساعة التي ينبغي لك أن تزيلني عن موقعي، وأنا أرجو أن يفتح الله لي. فرجع يزيد إلى علي فأخبره؛ فما هو إلا أن انتهى إلينا يزيد إذ ارتفع الرهج من قبل الأشتر، وعلت الأصوات، وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق، ودلائل الخذلان والإدبار على أهل الشام فقال له القوم: والله ما نراك أمرته إلا أن يقاتل القوم. فقال علي: ومن أين ترون ذلك؟ أرأيتموني ساررته؟ أليس إنما كلمته على رؤوسكم علانية؟ قالوا: فابعث إليه فليأتك، وإلا والله اعتزلناك. فقال: ويحك يا يزيد، لأئته فقل له: أقبل إلي، فإن الفتنة قد وقعت. فأتاه يزيد فأخبره. فقال الأشتر: ألرفع هذه المصاحف؟ قال: نعم. ققال الأشتر: أما والله لقد ظننت أنها حين رفعت أنها ستوقع اختلافاً وفرقة، إنها مشورة عمرو بن العاص. ثم قال ليزيد: ألا ترى إلى الفتح؟ ألا ترى ما يلقون؟ ما ينبغي لنا أن ندع هذا وننصرف عنه. فقال يزيد: أتحب أنك ظفرت ها هنا وهو بمكانه الذي هو به - يعني علياً - يفرج عنه أو يسلم إلى عدوه؟ فقال الأشتر: سبحان الله، لا والله ما أحب ذلك. قال: فإنهم قد قالوا له: لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلك كما قتلنا ابن عفان. فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم، وصاح بهم: يا أهل الذل والوهن، أحين علوتم القوم ظهراً وظنوا أنكم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى
ما فيها؟ وقد - والله - تركوا ما أمر الله فيها، وسنة من أنزلت عليه، فلا تجيبوهم وأمهلوني فواقاً، فإني قد أحسنت بالفتح. فقالوا: لا والله. فقال: أمهلوني عدوة الفرس فإني قد طمعت في النصر. قالوا: إذا ندخل معك في خطيئتك. قال: فحدثوني عنكم - وقد قتل أماثلكم - متى كنتم محقين؟ أحين كنتم تقاتلون وخياركم يقتلون، أم أنتم الآن إذ أمسكتم عن القتال مبطلون؟ أم أنتم الآن محقون؟ فقتلاكم إذن الذين لا تنكرون فضلهم، وكانوا خيراً منكم، في النار؟ فقالوا: دعنا منك يا أشتر، قاتلناهم في الله، وندع قتالهم لله. فقال: خدعتم - والله - فانخدعتم، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم؛ يا أصحاب الجباه السود، كنا نظن أن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوقاً إلى الله! أفراراً من الموت إلى الدنيا؟ يا أشباه النيب الجلالة، ما أنتم برائين بعدها عزاً أبداً، فابعدوا كما بعد القوم الظالمون. فسبوه وسبهم، فصاح بهم علي، فكفوا، وقالوا له: إن علياً قد قبل الحكومة، ورضي بحكم القرآن. فقال الأشتر: قد رضينا بما رضي به أمير المؤمنين.
عن خليفة، قال في تسمية عمال علي: ولي الجزيرة الأشتر مالك بن الحارث النخعي، ومصر ولي محمد بن أبي حذيفة ثم عزله، وولاها قيس بن سعد ثم عزله، وولى الأشتر مالك بن الحارث النخعي فمات قبل أن يصل إليها، فولى محمد بن أبي بكر.
عن يزيد بن أبي حبيب، أنه قال: بعث علي بن أبي طالب مالكاً بعد قيس بن سعد أميراً على مصر، فسار يريد مصر، وتنكب طريق الشام، حتى نزل جسر القلزم، فصلى حين نزل من راحلته، ودعا الله وسأله إن كان في دخوله مصر خيراً أن يدخله إياها، وإلا صرفه عنها، فشرب شربة من عسل، فمات؛ فبلغ عمرو بن العاص موته فقال: إن لله جنوداً من العسل.
عن عبد الله بن جعفر، قال: كان علي قد شنف الأشتر، وكان إذا سألته شيئاً يمسني سألته بحق جعفر فأعطاني، فقلت له: إن الأشتر من علية أصحابك ودواهيهم، فلو أرسلته إلى مصر، فإن افتتحها كان ذلك، وإن قتل كنت قد استرحت منه؛ فأبى. فلم نزل به حتى فعل.
قال: وكان عندي طيران من العرب فأرسلتهما معه، فلم يلبثا أن رجعا، فقلت: ما الخبر؟ فقالا: ما هو إلا أن وردنا القلزم تلقاه أهل مصر بما تتلقى به الأمراء من الأطعمة والأشربة، فطعم، وشرب شربة عسل، فمات.
فدخلت إلى علي فأخبرته، فقال: لليدين والفم.
عن عامر الشعبي: إن علياً كان استعمل الأشتر على مصر؛ قال: واسمه مالك بن الحارث، فخرج فأخذ طريق الحجاز، حتى مر بالمدينة، فاتبعه مولى لعثمان يقال له: نافع، فخدمه وألطفه وحف له؛ فقال له الأشتر: من أنت؟ فقال: أنا نافع مولى عمر بن الخطاب.
قال: وكان الأشتر محباً لعمر بن الخطاب؛ فأدناه الأشتر وقربه، وولاه أمره كله؛ فلم يزل معه كذلك حتى نزل الأشتر عين شمس، وتلقاه أشراف أهل مصر، فتغدى الأشتر بها، فأتى بسمك فأكل منه، فأنبتت عنقه، فمات.
ففتشوا متاعه فوجدوا عهده من علي في ثقله، فقرؤوه، فوجدوا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى الملأ الذين عصوا الله من بعد ما عصي الله في الأرض، وضرب الجود بأرواقه على البر والفاجر، فلا حق يتربع إليه، ولا منكر يتناهى عنه.
سلام عليكم، فإني قد بعثت إليكم عبداً من عباد الله، لا نائي الضريبة، ولا كليل الحد، ولا ينام على الخوف، ولا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، أشد على الفجار من حريق النار؛ وهو مالك بن الحارث، أخو مذحج، وإنه سيف من سيوف الله، فإن استنفركم فانفروا، وإن أمركم بالإقامة فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري، وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم وشدة شكيمته على عدوه؛ وعصمكم ربكم بالهدى وثبتكم باليقين، والسلام عليكم.
قال عوانة بن الحكم: لما جاء نعي الأشتر ووفاته على علي بن أبي طالب، قال: " إنا لله وإنا إليه راجعون " لله مالك وما مالك! وهل موجود مثل مالك؟ لو كان من جبل كان فنداً، ولو كان من حجر لكان صلداً، على مثل مالك فلتبك البواكي.
قال: ولما جاء معاوية نعيه ووفاته، قال: الحمد لله، إن لله جنوداً من العسل.
قال ابن يونس: وكانت وفاته بالقلزم في سنة سبع وثلاثين.
وقال خليفة: سنة ثمان وثلاثين، فيها ولى علي الأشتر مصر، فمات قبل أن يصل إليها، فولى محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: وفيها - يعني سنة ثمان وثلاثين - مات الأشتر بن الحارث النخعي.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=153931&book=5517#c1ba88
مالك بن عوف بن سعيد
ويقال: سعد بن ربيعة بن يربوع بن وائلة بن دهمان بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن أبو عي النصري كان أميراً على المشركين لما قاتلوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة حنين، ثم أسلم، وكان من المؤلفة، وأعطاه مئة من الإبل، وعقد له لواء، وشهد فتح دمشق؛ والدار التي تعرف بدار بني نصر داره.
ذكر أبو الحسين الرازي، عن شيوخه الدمشقيين؛ أن الدار التي على شارع دار البطيخ الكبيرة، التي فيها البناء القديم تعرف بدار بني نصر كانت كنيسة للنصارى، فنزلها مالك بن عوف النصري أول ما فتحت دمشق، وخاصم النصارى فيها إلى عمر بن عبد العزيز فردها عليهم، فلما ولي يزيد بن عبد الملك ردها على بني نصر.
ويقال: إن معاوية أقطعه إياها.
وكان مالك بن عوف قائد المشركين يوم حنين، ثم أسلم.
ويقال: مالك بن عبد الله بن عوف النصري.
عن ابن إسحاق حدثني أبو وجزة، قال: وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوفد هوزان، وسألهم عن مالك بن عوف ما فعل؟ فقالوا: هو بالطائف. فقال: " خبروا مالكاً أنه إن أتاني مسلماً رددت إليه أهله، وأعطيته مئة من الإبل ". فأتى مالك بذلك، فخرج إليه من الطائف؛ وقد كان مالك خاف على نفسه من ثقيف أن يعلموا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ما قال، فيحبسوه؛ فأمر براحلته فهيئت له، وأمر بفرس له فأتى به الطائف، ثم خرج ليلاً، فجلس على فرسه، وركضه حتى أتى راحلته حيث أمر بها، فجلس عليها، ثم لحق برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأدركه بالجعرانة أو بمكة؛ فرد عليه أهله وماله، وأعطاه مئة من الإبل، وأسلم فحسن إسلامه؛ فقال مالك بن عوف حين أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من الكامل "
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... في الناس كلهم بمثل محمد
أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتذي ... وإذا تشأ يخبرك عما في غد
وإذا الكتيبة عردت أبناؤها ... أم العدى فيها بكل مهند
فكأنه ليث لدى أشباله ... وسط الهباءة خادر في مرصد
فاستعمله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على من أسلم من قومه، وتلك القبائل من ثمالة وسلمة وفهم، فكان يقاتل بهم ثقيفاً، فلا يخرج لهم سرح إلا أغادر عليه، حتى يصيبه؛ فقال أبو محجن الثقفي: " من الرمل "
هابت الأعداء جانبنا ... ثم تغزونا بنو سلمة
وأتانا مالك بهم ... ناقض للعهد والحرمه
وأتونا في منازلنا ... ولقد كنا أولي نقمه
وقال مالك بن عوف يذكر مسيرهم بعد إسلامه: " من البسيط "
اذكر مسيركم للناس إذ جمعوا ... ومالك فوقه الرايات تختنق
ومالك مالك ما فوقه أحد ... يومي حنين عليه التاج يأتلق
حتى لقوا الباس حين الباس يقدمهم ... عليهم البيض والأبدان والدرق
فضاربوا الناس حتى لم يروا أحداً ... حول النبي وحتى جنة الغسق
حتى تنزل جبريل بنصرهم ... فالقوم منهزم منهم ومعتنق
منا ولو غير جبريل يقاتلنا ... لمنعتنا إذا أسيافنا الفلق
وقال مالك بن عوف: " من الكامل "
منع الرقاد فما أغمض ساعة ... نعم بأجراع السدير مخضرم
سائل هوازن هل أضر عدوها ... وأعين غارمها إذا لم يغرم
وكتيبة لبستها بكتيبة ... فئتين منها حاسر وملام
ومقدم تعيا النفوس لضيقه ... قدمته وشهود قومي أعلم
فرددته وتركت إخواناً له ... يردون غمرته وغمرته الدم
فإذا انجلت غمراته ورثنني ... مجد الحياة ومجد غنم يقسم
كلفتموني ذنب آل محمد ... والله أعلم من أعق وأظلم
وخذلتموني إذ أقاتل في البرا ... يا وخذلتموني إذ تقاتل خثعم
فإذا بنيت المجد يهدم بعضكم ... لا يستوي بان وآخر يهدم
ويقال: سعد بن ربيعة بن يربوع بن وائلة بن دهمان بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن أبو عي النصري كان أميراً على المشركين لما قاتلوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة حنين، ثم أسلم، وكان من المؤلفة، وأعطاه مئة من الإبل، وعقد له لواء، وشهد فتح دمشق؛ والدار التي تعرف بدار بني نصر داره.
ذكر أبو الحسين الرازي، عن شيوخه الدمشقيين؛ أن الدار التي على شارع دار البطيخ الكبيرة، التي فيها البناء القديم تعرف بدار بني نصر كانت كنيسة للنصارى، فنزلها مالك بن عوف النصري أول ما فتحت دمشق، وخاصم النصارى فيها إلى عمر بن عبد العزيز فردها عليهم، فلما ولي يزيد بن عبد الملك ردها على بني نصر.
ويقال: إن معاوية أقطعه إياها.
وكان مالك بن عوف قائد المشركين يوم حنين، ثم أسلم.
ويقال: مالك بن عبد الله بن عوف النصري.
عن ابن إسحاق حدثني أبو وجزة، قال: وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوفد هوزان، وسألهم عن مالك بن عوف ما فعل؟ فقالوا: هو بالطائف. فقال: " خبروا مالكاً أنه إن أتاني مسلماً رددت إليه أهله، وأعطيته مئة من الإبل ". فأتى مالك بذلك، فخرج إليه من الطائف؛ وقد كان مالك خاف على نفسه من ثقيف أن يعلموا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ما قال، فيحبسوه؛ فأمر براحلته فهيئت له، وأمر بفرس له فأتى به الطائف، ثم خرج ليلاً، فجلس على فرسه، وركضه حتى أتى راحلته حيث أمر بها، فجلس عليها، ثم لحق برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأدركه بالجعرانة أو بمكة؛ فرد عليه أهله وماله، وأعطاه مئة من الإبل، وأسلم فحسن إسلامه؛ فقال مالك بن عوف حين أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من الكامل "
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... في الناس كلهم بمثل محمد
أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتذي ... وإذا تشأ يخبرك عما في غد
وإذا الكتيبة عردت أبناؤها ... أم العدى فيها بكل مهند
فكأنه ليث لدى أشباله ... وسط الهباءة خادر في مرصد
فاستعمله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على من أسلم من قومه، وتلك القبائل من ثمالة وسلمة وفهم، فكان يقاتل بهم ثقيفاً، فلا يخرج لهم سرح إلا أغادر عليه، حتى يصيبه؛ فقال أبو محجن الثقفي: " من الرمل "
هابت الأعداء جانبنا ... ثم تغزونا بنو سلمة
وأتانا مالك بهم ... ناقض للعهد والحرمه
وأتونا في منازلنا ... ولقد كنا أولي نقمه
وقال مالك بن عوف يذكر مسيرهم بعد إسلامه: " من البسيط "
اذكر مسيركم للناس إذ جمعوا ... ومالك فوقه الرايات تختنق
ومالك مالك ما فوقه أحد ... يومي حنين عليه التاج يأتلق
حتى لقوا الباس حين الباس يقدمهم ... عليهم البيض والأبدان والدرق
فضاربوا الناس حتى لم يروا أحداً ... حول النبي وحتى جنة الغسق
حتى تنزل جبريل بنصرهم ... فالقوم منهزم منهم ومعتنق
منا ولو غير جبريل يقاتلنا ... لمنعتنا إذا أسيافنا الفلق
وقال مالك بن عوف: " من الكامل "
منع الرقاد فما أغمض ساعة ... نعم بأجراع السدير مخضرم
سائل هوازن هل أضر عدوها ... وأعين غارمها إذا لم يغرم
وكتيبة لبستها بكتيبة ... فئتين منها حاسر وملام
ومقدم تعيا النفوس لضيقه ... قدمته وشهود قومي أعلم
فرددته وتركت إخواناً له ... يردون غمرته وغمرته الدم
فإذا انجلت غمراته ورثنني ... مجد الحياة ومجد غنم يقسم
كلفتموني ذنب آل محمد ... والله أعلم من أعق وأظلم
وخذلتموني إذ أقاتل في البرا ... يا وخذلتموني إذ تقاتل خثعم
فإذا بنيت المجد يهدم بعضكم ... لا يستوي بان وآخر يهدم
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=153932&book=5517#9cfb0f
مالك بن عياض
المعروف بمالك الدار المدني مولى عمر بن الخطاب.
ويقال: الجبلاني.
قدم مع عمر بن الخطاب الشام، وشهد معه فتح بيت المقدس، وخطبته بالجابية.
عن مالك الدار، قال: أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب، فجاء رجل إلى قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، استسق الله أمتك. فأتاه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقال: " ايت عمر، فأقره السلام، وقل له: إنكم مسقون، فعليكم بالكيس ". قال: فبكى عمر، وقال: يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه.
وعنه قال: دعاني عمر بن الخطاب يوماً، فإذا عنده صرة فيها ذهب فيها أربعمئة دينار، فقال: اذهب بهذه إلى عبيدة بن الجراح، فقل له: أرسل بهذه إليك أمير المؤمنين صله لك تعود بها على عيالك.
قال: فذهب بها، فسلمت، فوجدته في مسجد بيته وهو يصلي فيه، فقلت له كما قال لي عمر، فقال: افتحها؛ ففتحت الصرة فوضعتها. فقال: ادع لي فلاناً وفلاناً ناساً من أهله، فطفق يرسلهم بها؛ اذهب بذا إلى فلان وفلان، حتى لم يبق في الصرة شيء، ثم رجعت إلى أمير المؤمنين، وقد كان أمرني أن أرجع إليه بما يصنع فيها.
قال: فأخبرته أنه لم يبق عنده منها دينار؛ ووجدت عنده صرة مثلها، فقال: اذهب بها إلى معاذ بن جبل الأنصاري، فقل له مثل ما قلت لصاحبه، وانظر ما يصنع بها.
قال: فجئته، فاستأذنت عليه، فوجدته يصلي في مسجد له في بيته، فقلت له: هذه أمر لك بها أمير المؤمنين. قال: وما هي؟ قلت: صلة تعود بها على عيالك وأهلك. قال: حلها، وضعها مكانها، ادع لي فلاناً وفلاناً، كما قال صاحبه، فلم يزل يرسل منها ويقسم حتى لم يبق في الصرة إلا دينارين، فقالت امرأته من وراء الستر في البيت: ياهذا - لزوجها - إنا مساكيين، فتقسم للناس وتدعنا، والله ما لنا شيء. قال: فإن كان ليس لك شيء فهاك هذين الدينارين.
قال: فرجعت إلى عمر، فأخبرته ما رأيت؛ فقال له: والله الذي جعلهم هكذا، وجعل بعضهم من بعض.
وعنه، قال: صاح علي عمر يوماً، وعلاني بالدرة، فقلت: أذكرك بالله. قال: فطرحها، وقال: لقد ذكرتني عظيماً.
قال علي بن المديني: كان مالك الدار خازناً لعمر.
المعروف بمالك الدار المدني مولى عمر بن الخطاب.
ويقال: الجبلاني.
قدم مع عمر بن الخطاب الشام، وشهد معه فتح بيت المقدس، وخطبته بالجابية.
عن مالك الدار، قال: أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب، فجاء رجل إلى قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، استسق الله أمتك. فأتاه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقال: " ايت عمر، فأقره السلام، وقل له: إنكم مسقون، فعليكم بالكيس ". قال: فبكى عمر، وقال: يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه.
وعنه قال: دعاني عمر بن الخطاب يوماً، فإذا عنده صرة فيها ذهب فيها أربعمئة دينار، فقال: اذهب بهذه إلى عبيدة بن الجراح، فقل له: أرسل بهذه إليك أمير المؤمنين صله لك تعود بها على عيالك.
قال: فذهب بها، فسلمت، فوجدته في مسجد بيته وهو يصلي فيه، فقلت له كما قال لي عمر، فقال: افتحها؛ ففتحت الصرة فوضعتها. فقال: ادع لي فلاناً وفلاناً ناساً من أهله، فطفق يرسلهم بها؛ اذهب بذا إلى فلان وفلان، حتى لم يبق في الصرة شيء، ثم رجعت إلى أمير المؤمنين، وقد كان أمرني أن أرجع إليه بما يصنع فيها.
قال: فأخبرته أنه لم يبق عنده منها دينار؛ ووجدت عنده صرة مثلها، فقال: اذهب بها إلى معاذ بن جبل الأنصاري، فقل له مثل ما قلت لصاحبه، وانظر ما يصنع بها.
قال: فجئته، فاستأذنت عليه، فوجدته يصلي في مسجد له في بيته، فقلت له: هذه أمر لك بها أمير المؤمنين. قال: وما هي؟ قلت: صلة تعود بها على عيالك وأهلك. قال: حلها، وضعها مكانها، ادع لي فلاناً وفلاناً، كما قال صاحبه، فلم يزل يرسل منها ويقسم حتى لم يبق في الصرة إلا دينارين، فقالت امرأته من وراء الستر في البيت: ياهذا - لزوجها - إنا مساكيين، فتقسم للناس وتدعنا، والله ما لنا شيء. قال: فإن كان ليس لك شيء فهاك هذين الدينارين.
قال: فرجعت إلى عمر، فأخبرته ما رأيت؛ فقال له: والله الذي جعلهم هكذا، وجعل بعضهم من بعض.
وعنه، قال: صاح علي عمر يوماً، وعلاني بالدرة، فقلت: أذكرك بالله. قال: فطرحها، وقال: لقد ذكرتني عظيماً.
قال علي بن المديني: كان مالك الدار خازناً لعمر.