كَعْبُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى الشَّاعِرُ وَاسْمُ أَبِي سُلْمَى: رَبِيعَةُ بْنُ رَبَاحِ بْنِ قُرْطِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَازِنِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ هَذْمَةَ بْنِ لَاطِمِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مُزَيْنَةَ، أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَتْحِ بَعْدَ مُنْصَرَفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الطَّائِفِ، كَاتَبَهُ أَخُوهُ بُجَيْرُ بْنُ زُهَيْرٍ يَحُثُّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ يَحْتَرِزُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفْسِهِ وَدَمِهِ فَقَدْ أَهْدَرَهُ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ الْمَعْرُوفُ بِجُرَيْجٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ ذِي الرُّقَيْبَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: خَرَجَ كَعْبٌ، وَبُجَيْرٌ ابْنَا زُهَيْرٍ , حَتَّى أَتَيَا أَبْرَقَ الْعَزَّافَ قَالَ: فَقَالَ بُجَيْرٌ لِكَعْبٍ: اثْبُتْ فِي غَنِمْنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ حَتَّى آتِي هَذَا الرَّجُلَ - يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْمَعَ مَا يَقُولُ، فَثَبَتَ كَعْبٌ , وَخَرَجَ بُجَيْرٌ , فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ وَأَسْلَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ كَعْبًا فَقَالَ:
[البحر الطويل]
أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً ... عَلَى أَيِّ شَيْءٍ وَيْبَ غَيْرِكَ دَلَّكَا
عَلَى خُلُقٍ لَمْ تَلْفَ أُمًّا وَلَا أَبًا ... عَلَيْهِ وَلَمْ تُدْرِكْ عَلَيْهِ أَخًا لَكَا
سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ ... وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُورَ مِنْهَا وَعَلَّكَا
فَلَمَّا بَلَغَتْ أَبْيَاتُهُ هَذِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَهْدَرَ دَمَهُ قَالَ: «وَمَنْ لَقِيَ كَعْبًا فَلْيَقْتُلْهُ» قَالَ: فَكَتَبَ بِذَلِكَ بُجَيْرٌ إِلَى أَخِيهِ يَذْكُرُ لَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَهْدَرَ دَمَهُ، وَيَقُولُ لَهُ: النَّجَاءَ , وَمَا أَرَاكَ تَنْفَلِتُ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ إِلَّا قَبِلَ مِنْهُ، وَأَسْقَطَ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَأَسْلِمْ وَأَقْبِلْ، فَأَسْلَمَ كَعْبٌ , وَقَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي مَدَحَ بِهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَقْبَلَ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ بِبَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ مَكَانَ الْمَائِدَةِ مِنَ الْقَوْمِ، مُتَحَلِّقِينَ مَعَهُ , وَحَلْقَةٌ دُونَ حَلْقَةٍ، وَحَلْقَةٌ دُونَ حَلْقَةٍ، يُقْبِلُ إِلَى هَؤُلَاءِ مَرَّةً فَيُحَدِّثُهُمْ، وَإِلَيَّ هَؤُلَاءِ مَرَّةً فَيُحَدِّثُهُمْ , قَالَ كَعْبٌ: فَأَنَخْتُ رَاحِلَتِي بِبَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَعَرَفْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصِّفَةِ , فَتَخَطَّيْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَأَسْلَمْتُ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، الْأَمَانَ يَا رَسُولَ اللهِ , قَالَ: «وَمَنْ أَنْتَ؟» قَالَ: قُلْتُ: أَنَا كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ , قَالَ: «أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ» وَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: «كَيْفَ قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟» فَأَنْشَدَهُ أَبُو بَكْرٍ:
أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً ... عَلَى أَيِّ شَيْءٍ وَيْبَ غَيْرِكَ دَلَّكَا
عَلَى خُلُقٍ لَمْ تَلْفَ أُمًّا وَلَا أَبًا ... عَلَيْهِ وَلَمْ تُدْرِكْ عَلَيْهِ أَخًا لَكَا
سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ ... وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُورَ مِنْهَا وَعَلَّكَا
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا قُلْتُ هَكَذَا , قَالَ: «كَيْفَ قُلْتَ؟» قَالَ: قُلْتُ:
سَقَاكَ أَبُو بَكْرٍ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ وَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونَ مِنْهَا وَعَلَّكَا قَالَ: «مَأْمُونًا وَاللهِ» وَأَنْشَدَهُ الْقَصِيدَةَ كُلَّهَا:
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ ... مُتَيَّمٌ عِنْدَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ
وَذَكَرَ الْأَبْيَاتَ