Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب
Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 6554
4545. غياث بن غوث1 4546. غيث بن علي بن عبد السلام1 4547. غيلان بن أبي غيلان1 4548. غيلان بن أنس1 4549. غيلان بن سلمة بن معتب1 4550. غيلان بن عقبة بن مسعود14551. فاختة بنت عنبة بن سهيل1 4552. فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو1 4553. فارس بن الحسن بن منصور أبو الهيجاء بن البلخي النبهاني...1 4554. فارس بن منصور بن عبد الله1 4555. فاطمة بنت الحسن1 4556. فاطمة بنت الحسين بن علي2 4557. فاطمة بنت الوليد بن المغيرة2 4558. فاطمة بنت عبد العزيز1 4559. فاطمة بنت عبد الله بن مطيع1 4560. فاطمة بنت عبد الملك بن مروان1 4561. فاطمة بنت علي بن أبي طالب3 4562. فاطمة بنت علي بن الحسين1 4563. فاطمة بنت مجلي1 4564. فاطمة بنت مروان بن الحكم1 4565. فاطمة ست العجم1 4566. فديك بن سلمان1 4567. فرات بن مسلم ويقال ابن سالم1 4568. فراس الشعباني3 4569. فروة بن عامر ويقال ابن عمرو1 4570. فروة بن مجاهد اللخمي الفلسطيني1 4571. فريج بن أحمد بن محمد1 4572. فسيلة بنت واثلة بن الأسقع1 4573. فضائل بن الحسن بن الفتح1 4574. فضالة بن أبي سعيد المهري المصري1 4575. فضالة بن شريك بن سلمان بن خويلد1 4576. فضالة بن عبيد بن نافذ2 4577. فضالة مولى النبي2 4578. فضيل بن عياض بن مسعود1 4579. فطبة بن عامر1 4580. فقيم بن الحارث1 4581. فليح بن العوراء المكي1 4582. فهد بن سليمان بن يحيى1 4583. فهد بن موسى بن أبي رباح1 4584. فياض بن القاسم بن الحريش1 4585. فياض بن عبد الله الدمشقي1 4586. فياض بن عمرو1 4587. فيروز أبو عبد الرحمن1 4588. قابيل ويقال قابين ويقال1 4589. قباث بن أشيم الليثي2 4590. قبصة بن جابر بن وهب1 4591. قبيصة العبسي1 4592. قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة3 4593. قبيصة بن ضبيعة بن حرملة1 4594. قتادة بن النعمان بن زيد3 4595. قتير بضم القاف1 4596. قتير حاجب معاوية1 4597. قحدم بن أبي قحدم النضر1 4598. قحطبة بن شبيب بن خالد1 4599. قدامة بن حماطة الضبي الكوفي1 4600. قرة بن شريك بن مرثد1 4601. قرتع التغلبي1 4602. قريش بن الحسين بن روشك1 4603. قريش بن هشام بن عبد الملك1 4604. قزعة بن يحيى ويقال ابن الأسود1 4605. قسام بن إبراهيم بن محمد بن القاسم1 4606. قسطنطين بن عبد الله1 4607. قسيم بن هشام بن محمد1 4608. قسيم مولى معاوية1 4609. قصير ويقال قيصر1 4610. قضاعي بن عامر1 4611. قطن بن صالح1 4612. قطن مولى آل الوليد بن عبد الملك1 4613. قعدان بن عمر1 4614. قعقاع بن أبرهة الكلاعي1 4615. قعقاع بن خليد بن جزء1 4616. قعقاع بن شور السدوسي الذهلي1 4617. قعنب بن ضمرة1 4618. قفيز مولى النبي1 4619. قنان بن دارم بن أفلت بن ناشب بن هدم بن عوذ بن غالب بن قطيعة...1 4620. قواد مولى سليمان بن عبد الملك1 4621. قوام بن زيد بن عيسى1 4622. قيس الهلالي1 4623. قيس بن أبي حازم عبد عوف1 4624. قيس بن الحارث8 4625. قيس بن الحجاج بن خولي الحميري1 4626. قيس بن بسر السندي1 4627. قيس بن ثور بن مازن1 4628. قيس بن حفص3 4629. قيس بن حمزة بن مالك1 4630. قيس بن ذريح بن سنة1 4631. قيس بن سعد بن عبادة5 4632. قيس بن عباد5 4633. قيس بن عباية بن عبيد1 4634. قيس بن عمرو4 4635. قيس بن عمرو بن مالك1 4636. قيس بن مشجر1 4637. قيس بن موسى1 4638. قيس بن هانئ العبسي1 4639. قيس بن هبيرة المكشوح1 4640. قيظى بن قيس بن لوذان بن ثعلبة1 4641. كابس بن ربيعة بن مالك1 4642. كافور أبو المسك الإخشيدي1 4643. كافور بن عبد الله1 4644. كالب بن يوفنا بن بارص1 Prev. 100
«
Previous

غيلان بن عقبة بن مسعود

»
Next
غيلان بن عقبة بن مسعود
ابن حارثة بن عمرو بن ربيعة أبو الحارث العدوي، المعروف بذي الرمة الشاعر المشهور. وفي نسبه اختلاف. قيل: إنه لقب بذي الرمة لأنه أتى مية صاحبته وعلى كتفه قطعة حبل، وهي الرمة فاستسقاها فقالت: اشرب يا ذا الرمة فلقب به. وقيل: لقب بذلك لقوله: من مشكور الجز
أشعث باقي رمة التقليد
وقيل: كان يصيبه الفزع في صغره، فكانت له تميمةٌ تعلق عليه بحبل، فلقب ذا الرمة. وأمه ظبية - بالظاء المعجمة - من بني أسد. وفد على الويد بن عبد الملك.
حدث عن ابن عباسٍ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إن من الشعر حكمة.
وحدث عن ابن عباس في قوله عز وجل " والبحر المسجور " قال: الفارغ، خرجت أمةٌ تستقي، فرجعت فقالت: إن الحوض مسجور. يعني فارغاً.
قال ابن سيار: ليس لذي الرمة غير هذين الحديثين.
دخل الفرزدق على الويد بن عبد الملك أو غيره فقال له: من أشعر الناس؟ قال: أنا، قال: أفتعلم أحداً أشعر منك؟ قال: لا، إلا أن غلاماً من بني عدي بن كعب يركب أعجاز الإبل، ينعت الفلوات. ثم أتاه جرير فسأله، فقال له مثل ذلك، ثم أتاه ذو الرمة فقال له: ويحك! أنت أشعر الناس! قال: لا ولكن غلامٌ من بني عقيل يقال له مزاحم، يسكن الروضات، يقول وحشياً من الشعر، لا تقدر على أن تقول مثله.
قال عيسى بن عمر: كان ذو الرمة يملي علي شعراً وأنا أكتب الشعر، إذ قال لي: يا غلام أصلح هذا الحرف، فقلت له: أصلحك الله وإنك لتكتب! فقال: نعم، قدم علينا حضري لكم فعلمنا الخط على الرمل.
قال ذو الرمة لعيسى بن عمر: اكتب شعري، فالكتاب أعجب إلي من الحفظ، إن الأعرابي ينسى الكلمة قد شهرت في طلبها ليلةٌ فيضع في موضعها كلمةٌ في وزنها ثم ينشده الناس، والكتاب لا ينسى ولا يبدل كلاماً بكلام.
حكى الأصمعي عن عيسى بن عمر قال: قدم ذو الرمة البصرة فأتيته أعتذر لأني لم أهد إليه شيئاً، فقال: لا تعتذر، أنا وأنت نأخذ ولا نعطي أحداً شيئاً.
وكان ذو الرمة طفيلياً يأتي العرسات.
كان الشافعي يقول ليس يقدم أهل البادية على ذي الرمة أحداً. قال الشافعي: لقي رجلٌ من أهل اليمن فقال اليماني: من أشعر الناس؟ فقال: ذو الرمة، قال له: فأين ارمؤ القيس؟ - يجميه بذلك لأنه يماني - فقال: لو أن امرأ القيس كلف أن ينشد شعر ذي الرمة ما أحسنه.
كان ذو الرمة بسوق المربد وقد عارضه رجلٌ يهزأ به، فقال له: يا أعرابي أتشهد بما لم تر؟ قال: نعم، قال: بماذا؟ قال: أشهد بأن أباك ناك أمك.
كان أبو عمرو بن العلاء يقول: شعر ذي الرمة نقط العروس، تضمحل عن قليل، وأبعار ظباء لها مشم في أول شمها ثم تعود إلى أرواح البعر.
قال رؤبة بن العجاج لبلال: علام تعطي ذا الرمة؟ فوالله ما يمدحك إلا بمقطعاتنا هذه يعمد إليها فيوصلها ثم يمدحك بها. فقال بلال: والله لو لم أعطه إلا على تأليفها لأعطيته.
دخل ذو الرمة على بلال بن أبي بردة - وكان بلال راويةً فصيحاً أديباً - فأنشد بلالٌ أبيات حاتم طيئ: من الطويل
لحا الله صعلوكاً مناه وهمه ... من الدهر أن يلقى لبوساً ومطعما
يرى الخمس تعذيباً وإن نال شبعة ... يبت قلبه من قلة الهم مبهما
فقال ذو الرمة: يرى الخمص تعذيباً، وإنما الخمس للإبل، وإنما هو خمص البطون. فحسده بلال - وكان محكاً - أنشنديهما رواة طيئ، فرد عليه ذو الرمة فضحك، ودخل أبو عمرو بن العلاء فقال له بلال: كيف تنشدها - وعرف أبو عمرو الذي به - فقال: كلا الوجهين، فقال: أتأخذون عن ذي الرمة؟ قال: إنه لفصيح، وإنا لنأخذ عنه بتمريض. وخرجا من عنده، فقال ذو الرمة لأبي عمرو: والله لولا أني أعلمك حطبت في حبله وقلت في هواه، لهجوتك هجاءٌ لا يقعد إليك اثنان!.
قال ذو الرمة يوماً: لقد قلت أبياتاً إن لها لعروضاً، وإن لها لمراداً ومعنى بعيداً، قال له الفرزدق: وما هيه؟ قال: قلت: من الطويل
أحين أعاذت بي تميم نساءها ... وجردت تجريد اليماني من الغمد
ومد بضبعي الرباب ومالكٌ ... وعمرو وشالت من ورائي بنو سعد
ومن آل يربوع زهاءٌ كأنه ... زها الليل محمودٌ النكاية والرفد
فقال له الفرزدق: لا تعودن فيها فأنا أحق بها منك، قال: والله لا أعود فيها أبداً ولا أنشدها إلا لك. فهي قصيدة الفرزدق التي يقول فيها: من الطويل
وكنا إذا القيسي نب عتوده ... ضربناه فوق الأنثيين على الكرد
الأنثيين: الأذنين، والكرد: العنق.
اجتمع ذو الرمة ورؤبة عند بلال بن أبي بردة وهو أمير البصرة، وكان رؤبة يثبت القدر، وكان ذو الرمة قدرياً، فقال لهما بلال: تناظرا في القدر، فقال رؤبة: والله ما افتحص طائر أحوصاً ولا تقرمص سبعٌ قرموصاً إلا بقضاءٍ من الله وقدر. فقال ذو الرمة: والله ما قدر الله للذئب على أكل حلوبة غيائل عالةٍ ضرائك ذوي حاجة. فقال رؤبة: أفبقدرته أكلها؟ هذا كذب على الذئب! فقال ذو الرمة: الكذب على الذئب أهون من الكذب علر رب الذئب.
قال العلاء بن أسلم أشند ذو الرمة شعراً: من الطويل
وعينان قال الله كونا فكانتا ... فعولان بالألباب ماتفعل الخمر
فقال له العدوي الشاعر: قل فعولين بالألباب، فقال له ذو الرمة لو سبحت كان خيراً لك.
قال الصولي: كان العدوي مثبتاً للقدر، فأراد أن الله جعل العينين كذا، وفر ذو الرمة من هذا لينصر مذهبه.
قال الأصمعي: قلت ليونس: ما أراد ذو الرمة بقوله: من الطويل
وليلٍ كجلباب العروس ادرعته ... بأربعةٍ والشخص في العين واحد
فقال يونس: ما أحسب الجن تقع على ماوقع عليه ذو الرمة وفطن له؛ قوله: كجلباب العروس، يقول: ليل طويل كقميص العروس في الطول، لأن العروس تجر أذيالها: اردعته: أي لبسته: بأربعة: يعني نفسه وناقته وسيفه وظله؛ والشخص في العين واحد: يقول والأنسان واحد.
قال أبو بكر بن عياش: كنت إذ أنا شاب إذا أصابتني مصيبة تصبرت، وكان ذلك يبرئ بدني جميعاً، حتى رأيت بالناسة أعرابياً ينشد وقد اجتمع الناس عليه وهو يقول: من الطويل
خليلي عوجا من صدور الرواحل ... بجمهور حزوى فابكيا في المنازل
لعل انحدار الدمع يعقب راحةٌ ... من الوجد أو يشفي نجي البلابل
فسألت عنه؟ فقيل: هذا ذو الرمة، فأصابني بعد ذلك مصيبات، فكنت أبكي فأجد له راحة.
ذكر ذو الرمة في مجلسٍ فيه عدةٌ من الأعراب، فقال عصمة بن مالك - شيخٌ من بني جاسئ بن فزارة، كان قد بلغ عشرين ومئة -: إياي فاسألوا عنه، كان من أظرف الناس، كان آدم، خفيف العارضين، حسن المضحك، حلو المنطق؛ وكان إذا أنشد بربر وجش صوته، فإذا راجعك لم تسأم حديثه وكلامه، وكان له إخوة يقولون الشعر منهم
مسعود وجرفاس - وهو أوفى - وهشام، كانوا يقولون القصيدة فيرد ففيها الأبيات فيغلب عليها فتذهب له، فجمعني وإياهم مربع، فأتاني يوماً فقال لي: ياعصمة! إن ميا منقرية، وبنو منقر أخبث الحي، أقوفه لأثر، وأبصره في نظر، وأعلمه بشر؛ فهل عندك من ناقةٍ نزداد عليها ميا؟ قلت: عندي الجؤذر، بنت يمانية، قال: علي بها، فركبناها وخرجنا حتى نشرف على بيوت الحي، فإذا هم خلوف، وإذا بيت مي خلو، فعرف النساء ذا الرمة حين طلعنا عليهن، فتقوض النساء إلى بيت مي، وجئنا حتى أنخنا، ثم دنونا فسلمنا وقعدنا نتحدث، وإذا مي جايةٌ أملود، واردة الشعر، صفراء فيها عسن، وعليها سب أصفر وطاقٌ أخضر، فتحدثن مليا ثم قلن له: أنشدنا ياذا الرمة، قال: أنشدهن ياعصمة، فأنشدهن قوله: من الطويل
نظرت إلى أظعان مي كأنها ... ذرا النخل أو أثل تميل ذوائبه
فأوشلت العينان والصدر كاتم ... بمغرورق نمت عليه سواكبه
بكا وامقٍ خاف الفراق ولم تجل ... جوائلها أسراره ومعاتبه
فقالت ظريفة ممن حضر: لكن الآن فلتجل، فنظر إليها مي، ثم مضيت فيها إلى قوله:
إذا سرحت من حب مي س ... وارحٌ عن القلب ابته جميعاً عوازبه
فقالت الظريفة: قتلتهقتلك الله، فقالت مي: ما أصحه وهنيئاً له! فتنفس ذو الرمة تنفساً كاد حره يطير شعر وجهه. ومضيت حتى انتهت إلى قوله:
وقد خلفت بالله مية ما الذي ... أقول لها إلا الذي أنا كاذبه
إذاً فرماني الله من حيث لا أرى ... ولا زال في أرضي عدو أحاربه
فقالت الظريفة قتلته قتلك الله، فالتفتت إليه مي فقالت: خف عواقب الله. ثم مضت فيها حتى انتهت إلى قوله:
إذا راجعتك القول مية أو بدا ... لك الوجه منها أو نضا الدرع سالبه
فيا لك من خد آسيل ومنطق ... رخيم ومن خلق تعلل جادبه
فقالت الظريفة: ها هي ذه قد راجعتك القول، وبدا لك وجهها، فمن لنا بأن ينضو الدرع سالبه؟ فالتفتت إليها مي فقالت: قاتلك الله! ما أنكر ما تجيئين به! قال عصمة: فتحدثنا ساعة ثم قالت الظريفة للنساء: إن لهذين شأناً، فقمن بنا. فقمن وقمت معهن؛ فجلست في بيتٍ أراهما منه فسمعتهما قالت له: كذبت والله. ووالله ما أدري ما قال لها وما أكذبته فيه، فلبث قليلاً ثم جاءني ومعه قارورةٌ فيها دهن وقلائد، فقال: هذا دهن طيب أتحفتنا به مي، وهذه قلائد الجؤذر، ولا والله لا أقلدهن بعيراً أبداً، وشدهن بذؤابة سيفه، وانصرفنا؛ فكان يختلف إليها حتى تقضي الربيع، ودعا الناس المصيف، فأتاني فقال: يا عصمة قد رحلت مي، ولم يبق إلا الآثار والنظر في الديار، فاذهب بنا ننظر في ديارهم، ونقفو آثارها. فخرجنا حتى أتينا منزلها فوقف ينظر ثم قال: من الطويل
ألا فاسلمي يا دار مي على البلى ... ولا زال منهلا بجرعائك القطر
قال عصمة: فما ملك عينيه، فقلت: مه، فانتبه وقال: إني لجلد، وإن: ان مني ما ترى. قال: رأيت أحداً كان أشد منه صبابة يومئذ، ولا أحسن عزاء وصبراً! ثم انصرفنا، وكان آخر العهد به.
قال غيلان بن الحكم: وفد علينا ذو الرمة ونحن بكناسة الكوفة، فأنشدنا حائيته إلى أن بلغ قوله: من الطويل
إذا غير اليأس المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح
فقال له ابن شبرمة: أراه قد برح، فقلت: بم؟ قال: لم أجد رسيس الهوى. فرجعت بحديثهم إلى أبي الحكم البختري بن المختار فقال: أخطأ ابن شبرمة حين رد عليه، وأخطأ ذو الرمة حيث قبل منه، إنما هذا كقول الله عز وجل: " إذا أخرج يده لم يكد يراها " أي لم يرها ولم يكد.
كان ذو الرمة يشبب بمي بنت طلبة بن قيس بن عاصم المنقري، وكانت كنزة أمة مولدة لآل قيس بن عاصم، وهي أم سهم بن بردة الذي قتله سنان بن مخيس القشيري أيام محمد بن سليمان، فقالت كنزة: من الطويل:
على وجه مي مسحةٌ من ملاحةٍ ... وتحت الثياب الخزي لو كان باديا
ألم تر أن الماء يخبث طعمه ... ولو كان لون الماء في العين صافيا
ونحلتها ذا الرمة، فامتعض من ذلك وحلف بجهد أيمانه، ما قالهما وقال: بالله كيف أقوله وقد قطعت دهري وأفنيت شبابي أشبب بها وأمدحها، ثم أقول هذا! ثم اطلع على أن كنزة قالتهما ونحلتهما إياه.
قال أبو المهلهل الحدثي: ارتحلت إلى الرمال في طلب مي، صاحبة غيلان ذي الرمة، فما زلت أطلب موضع بيتها حتى أرشدت إلى البيت، فإذا خيمةٌ كبيرة، على بابها عجوز هتماء فسلمت عليها وقلت: أين منزل مي؟ قالت: مي ذي الرمة؟ قلت: نعم، قالت: أنا مي، فعجبت منها ثم قلت لها: العجب من ذي الرمة وكثرة ما قاله فيك! ولست أرى من المشاهد التي وصفك بها شيئاً! فقالت: لا تعجب يا هذا منه، فإني سأقوم بعذره عندك، ثم قالت: يا فلانة! فخرجت جاريةٌ ناهد، عليها برقع، فقالت أسفري، فسفرت، فتحيرت لجمالها وبراعتها وفصاحتها! فقالت لي: غلق ذو الرمة بي وأنا في سنها، فقلت: عذره الله ورحمه، أنشدني مما قال فيك؛ فجعلت تنشدني وأنا أكتب أياماً، ثم ارتحلت عنها.
وكان ذو الرمة أيضاً يشبب بخرقاء من بني عامر، تحل فلجة، ويمر بها الحاج، فتقعد لهم وتحادثهم وتهاديهم، وتقول: أنا منسك من مناسك الحج. ثم كانت تجلس معها فاطمة ابنتها، فحدثني من رآها قال: لم تكن فاطمة مثلها. وإنما قالت: أنا منسك من مناسك الحج، لقول ذي الرمة: من الوافر
تمام الحج أن تقف المطايا ... على خرقاء واضعة اللثام
قال الأصمعي: كان تشبيب ذي الرمة بخرقاء أنه مر في بعض أسفاره ببعض البوادي، فإذا خرقاء خارجةٌ من خباء، فنظر إليها فوقعت في قلبه، فخرق إداوته، ودنا منها يستطعم بذلك كلامها، فقال لها: إني رجلٌ على سفر، وقد تخرقت إداوتي فأصلحيها لي، فقالت: إني لا أحسن العمل وإني لخرقاء. وفيها يقول: من البسيط
أأن توسمت من خرقاء منزلة ... ماء الصبابة من عينيك مجوم
تعتادني زفراتٌ حين أذكرها ... تكاد تنفض منهن الحيازيم
أنشد ذو الرمة خرقاء قصيدته التي يقول فيها:
أحبك حبا خالطته نصاحةٌ ... وما كل ذي ود من الناس ناصح
فقال خرقاء: ومتى يكون محب غير ناصح؟ قال: إذا آثرت ما أهوى من قربك على ما تهوين من بعدك، واتخذتك برداً، علي منه جماله وستره وحصانته ونعمته، وعليك منه ابتداء إلى أعطافه وسجى أطرافه، فهناك نظرت لنفسي عليك، فأديت حق النصيحة إليها لا إليك. وأنشد: من الطويل
وأهوى لك الحسنى وأنت مسيئةٌ ... ونيلك ممنوعٌ ومثواك نازح
قالت خرقاء: والله ما ادري أي تفسير أحسن، السالف من نثرك، أم الرادف من نظمك؟ فقال ذو الرمة:
لأحسن من هذا وهذاك نظرةٌ ... لعينيك فيها منك آسٍ وجارح
فقالت له: ومن ذا يغالبك في محاورة؟ فقال:
يغالبني من مهجتي في إساره ... يشاكها طوراً وطوراً يسامح
ومن لم أزل أبغي السلو ولم يزل ... يتيمني منه مراضٌ صحائح
وأصدف عن سقيا ثناياه آيساً ... فيعطفني منه بروقٌ لوامح
مضاحك غر لو تبسمن في الدجى ... تجلى جبين من سنا الفجر واضح
يقر بعيني قربها وكذابها ... ألا كل ما قرت به العين صالح
ثم قطع المحاورة والاقتضاب وأنشد حتى استكمل قصيدته.
مر رجلٌ في بادية بني عذرة فإذا فتاةٌ كأحسن ما يكون، فنظر إليها، فقالت له عجوز: ما تنظر إلى هذا الغزال النجدي ولا حظٌ لك فيه! فقالت الجارية: دعيه يا أمتاه، يكون كما قال ذو الرمة: من الطويل
وإن لم يكن إلا تعلل ساعةٍ ... قليلاً فإني نافعً لي قليلها
قال أبو سلمة الكلابي: سمعت أبي يقول: لما فرغ ذو الرمة من قصيدته التي هي: من البسيط
ما بال عينك منها الماء ينسكب ... كأنه من كلى مفريةٍ سرب
تبدى له إبليس فأخذ حجزته ثم قال له: لا تظن أنك منها في ئيء، ما شركتني فيها بحرف، وأنا قلتها كلها.
دخل ذو الرمة الكوفة، فبينا هو يسير في شوارعها على نجيب له إذ رأى جارية سوداء واقفة على باب الدار، فاستحسنها ووقعت بقلبه، فدنا منها وقال: يا جارية اسقيني ماء، فسقته، فأراد أن يمازحها ويستدعي كلامها، فقال: يا جارية ما أحر ماءك! فقالت: لو شئت لأقبلت على عيوب شعرك وتركت حر مائي فبرده، فقال لها: وأي شعري له عيب؟ فقالت: ألست ذا الرمة؟ قال: بلى، قالت: من الطويل
فأنت الذي شبهت عنزاً بقفرة ... لها ذنب فوق استها أم سالم
جعلت لها قرنين فوق جبينها ... ووطبين مسودين مثل المحاجم
وساقين إن يستمسكا منك يتركا ... بحاذك يا غيلان مثل المياسم
" أيا ظبية الوعساء بين جلاجلٍ ... وبين النقا أانت أم أم سالم "
فقال: نشدتك بالله إلا أخذت راحلتي هذه وما عليها ولم تظهري هذا لأحد. ونزل عن راحلته، فدفعها إليها وذهب ليمضي، فدفعتها إليه وضمنت له ألا تذكر لأحد ما جرى.
كانت وليمة عدي على مائدةٍ عليها إسحاق بن سويد وذو الرمة، فاستسقى ذو الرمة، فسقى نبيذاً، واستسقى إسحاق بن سويد فسقى ماء، فقال ذو الرمة: من البسيط
أما النبيذ فلا يذعرك شاربه ... واحفظ ثيابك ممن يشرب الماء
مشمرين على أنصاف سوقهم ... هم اللصوص وقد يدعون قراء
فقال إسحاق بن سويد: من البسيط
أما النبيذ فقد يزري بشاربه ... ولا ترى أحداً يزري به الماء
الماء فيه حياة الناس كلهم ... وفي النبيذ إذا عاقرته الداء
ثم قال لي الرمة: زد حتى نزيد قال ذو الرمة: بلغت نصف عمر الهرم، أنا ابن أربعين سنة. ولم يبق ذو الرمة بعد ذلك إلا قليلاً. ومات وهو شاب.
قال مسعود أخو ذي الرمة: كنا بالبدو، فحضرت ذا الرمة الوفاة فقال: احملوني إلى الماء يصل علي أهل الإسلام، فحملناه على باب، فأغفى إغفاءةٌ ثم انتبه فنقر الباب فقال: مسعود! قلت لبيك، قال: هذا والله الحق المبين لا حين أقول: من الطويل
عشية مالي حيلةٌ غير أنني ... بلقط الحصى والخط في الدار مولع
كأن سناناً فارسيا أصابني ... على كبدي بل لوعة الحب أوجع
دخل رجلٌ على ذي الرمة وهو يجود بنفسه فقال كيف تجدك يا غيلان؟ قال: أجدني أجد مالا أجد أيام أزعم أني أجد فأقول: من الطويل
كأني غداة البين يا مي مدنف ... يجود بنفسٍ قد أتاها حمامها
زاد في آخر، بمعناه ثم قال: اللهم إني لا قوي فأنتصر، ولا برئ فأعتذر، ولكن لا إله إلا أنت. ثم مات.
قال الأصمعي: مات ذو الرمة عطشاناً، وأتى بالماء وبه رمق فلم ينتفع به، فكان آخر ما تكلم به قوله: من البسيط
يا مخرج الروم من نفسي إذا احتضرت ... وفارج الكرب رحزحني عن النار
بلغ ذو الرمة أربعين سنة، وتوفي وهو خارجٌ إلى هشام بن عبد الملك، فدهن بحزوى، وهي الرملة التي كان يذكرها في شعره.
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to Ibn Manẓūr (d. 1311 CE) - Mukhtaṣar Tārīkh Dimashq - ابن منظور - مختصر تاريخ دمشق are being displayed.