علي بن محمد بن فهد، أبو الحسن التهامي، الشاعر :
مولده ومنشؤه باليمن، وطرا إلى الشام، وسافر منها إلى العراق، ولقي الصاحب ابن عباد، وقرأ عليه وانتحل مذهب الاعتزال، وأقام ببغداد ودوّن بها شيئا من شعره، ثم عاد إلى الشام. وكان أديبا فاضلا متورعا.
وبلغ من تورعه أنه كان نسخ شعر البحتري، فلما بلغ إلى أبيات فيها هجو امتنع من كتبها وقال: لا أسطر بخطي مثالب الناس ومساوئهم تحرجا من ذلك؛ ومن شعره قوله:
لها ريقة أستغفر الله إنها ... ألذ وأشهى في المذاق من الخمر
وصارم طرف ما يفارق غمده ... ولم أر شيئا قط في غمده يفرى
وقال:
هل الوجد إلا أن تلوح خيامها ... فتقضي يا هذا السلام ذمامها
وقفت بها أبكي وتردم أينقي ... وتصهل أفراسي وتدعو حمامها
ولو بكت الورق الحما [ثم] شجوها ... بعين نجى أطواقهن انسجامها
وفي كبدي أستغفر الله غلة ... إلى برد يثنى عليه لثامها
وبرد رضاب سلس غير أنه ... إذا شربته النفس زاد هيامها
فوا عجبا من غلة كلما ارتوت ... من السلسبيل العذب زاد اضطرامها
كأن بعيد النوم في رشفاتها ... سلاف رحيق رق منها مدامها
وتعبق ريّاها وأنفاسها معا ... كنافجة قد فض عنها ختامها
ولم أنس يوم التقى در دمعها ... ودر الثنايا فذها وتوامها
وقد بسمت عن ثغرها فكأنه ... قلائد در في العقيق انتظامها
وقد نثرت در الكلام بعتبها ... ولذ بسمعي عتبها وملامها
فلم أدر أي الدر أنفس قيمة ... أدمعها أم ثغرها أم كلامها؟
وقد سفرت عن وجهها فكأنما ... تحسر عن شمس النهار جهامها
ومن حيثما دارت بطلعتها يرى ... لإشراقها في الحسن نورا تمامها
وألقت عصاها في رياض كأنما ... يفض عن المسك العتيق ختامها
وضاحكها نور الأقاحي فراقني ... تبسمه رأد الضحى وابتسامها
نظرت ولي عينان عين ترقرقت ... ففاضت وأخرى حار فيها جمامها
فلم أر عيبا غير سقم جفونها ... وصحة أجفان الحسان سقامها
خليليّ هل يأتي مع الطّيف نحوها ... سلامي كما يأتي إليّ سلامها؟
ألمت بنا في ليلة مكفهرة ... فما سفرت حتى تجلى ظلامها
أتت موهنا والليل أسود فاحم ... طويل حكاه فرعها وقوامها
فأبصر مني الطيف نفسا أبية ... تيقظها عن عفة ومنامها
إذا كان حظي أين حلت خيالها ... فسّيان عندي نأيها ومقامها
وهل نافعي أن تجمع الدار بيننا ... بكل مقام وهي صعب مرامها
أسيدتي رفقا بمهجة وامق ... أيعذبها بالبعد منك غرامها
لك الخير جودي بالجمال فإنه ... سحابة صيف ليس يرجى دوامها
وما الحسن إلا دولة فاصنعي بها ... يدا قبل أن يمضي ويعبر رامها
أرى النفس تستحلى الهوى وهو حتفها ... بعيشك هل يحلو لنفس حمامها
ذكر أبو الخطاب أن التهامي أظهر الانتساب في ولد الحسين بن علي، وحصل في أحياء طي، ودعا إلى نفسه، فأنفذ الطاهر بن الحاكم صاحب مصر إلى ابن عليان أمير طي، فقبض عليه وأنفذه إلى مصر فحبس بها، وقيل: إنه قتل.
مولده ومنشؤه باليمن، وطرا إلى الشام، وسافر منها إلى العراق، ولقي الصاحب ابن عباد، وقرأ عليه وانتحل مذهب الاعتزال، وأقام ببغداد ودوّن بها شيئا من شعره، ثم عاد إلى الشام. وكان أديبا فاضلا متورعا.
وبلغ من تورعه أنه كان نسخ شعر البحتري، فلما بلغ إلى أبيات فيها هجو امتنع من كتبها وقال: لا أسطر بخطي مثالب الناس ومساوئهم تحرجا من ذلك؛ ومن شعره قوله:
لها ريقة أستغفر الله إنها ... ألذ وأشهى في المذاق من الخمر
وصارم طرف ما يفارق غمده ... ولم أر شيئا قط في غمده يفرى
وقال:
هل الوجد إلا أن تلوح خيامها ... فتقضي يا هذا السلام ذمامها
وقفت بها أبكي وتردم أينقي ... وتصهل أفراسي وتدعو حمامها
ولو بكت الورق الحما [ثم] شجوها ... بعين نجى أطواقهن انسجامها
وفي كبدي أستغفر الله غلة ... إلى برد يثنى عليه لثامها
وبرد رضاب سلس غير أنه ... إذا شربته النفس زاد هيامها
فوا عجبا من غلة كلما ارتوت ... من السلسبيل العذب زاد اضطرامها
كأن بعيد النوم في رشفاتها ... سلاف رحيق رق منها مدامها
وتعبق ريّاها وأنفاسها معا ... كنافجة قد فض عنها ختامها
ولم أنس يوم التقى در دمعها ... ودر الثنايا فذها وتوامها
وقد بسمت عن ثغرها فكأنه ... قلائد در في العقيق انتظامها
وقد نثرت در الكلام بعتبها ... ولذ بسمعي عتبها وملامها
فلم أدر أي الدر أنفس قيمة ... أدمعها أم ثغرها أم كلامها؟
وقد سفرت عن وجهها فكأنما ... تحسر عن شمس النهار جهامها
ومن حيثما دارت بطلعتها يرى ... لإشراقها في الحسن نورا تمامها
وألقت عصاها في رياض كأنما ... يفض عن المسك العتيق ختامها
وضاحكها نور الأقاحي فراقني ... تبسمه رأد الضحى وابتسامها
نظرت ولي عينان عين ترقرقت ... ففاضت وأخرى حار فيها جمامها
فلم أر عيبا غير سقم جفونها ... وصحة أجفان الحسان سقامها
خليليّ هل يأتي مع الطّيف نحوها ... سلامي كما يأتي إليّ سلامها؟
ألمت بنا في ليلة مكفهرة ... فما سفرت حتى تجلى ظلامها
أتت موهنا والليل أسود فاحم ... طويل حكاه فرعها وقوامها
فأبصر مني الطيف نفسا أبية ... تيقظها عن عفة ومنامها
إذا كان حظي أين حلت خيالها ... فسّيان عندي نأيها ومقامها
وهل نافعي أن تجمع الدار بيننا ... بكل مقام وهي صعب مرامها
أسيدتي رفقا بمهجة وامق ... أيعذبها بالبعد منك غرامها
لك الخير جودي بالجمال فإنه ... سحابة صيف ليس يرجى دوامها
وما الحسن إلا دولة فاصنعي بها ... يدا قبل أن يمضي ويعبر رامها
أرى النفس تستحلى الهوى وهو حتفها ... بعيشك هل يحلو لنفس حمامها
ذكر أبو الخطاب أن التهامي أظهر الانتساب في ولد الحسين بن علي، وحصل في أحياء طي، ودعا إلى نفسه، فأنفذ الطاهر بن الحاكم صاحب مصر إلى ابن عليان أمير طي، فقبض عليه وأنفذه إلى مصر فحبس بها، وقيل: إنه قتل.