عَلِيّ بْن مُوسَى بْنُ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْن بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن، الملقب بالرضا :
وأمه أم ولد نوبية، واسمها مسكينة، ولد بمدينة النبي صلّى الله عليه وسلّم في سنة ثمان وأربعين ومائة ونشأ بها، وسمع الحديث من والده وعمومته إسماعيل، وعبد الله، وإسحاق، وعلي بني جعفر، وعبد الرحمن بن أبي الموالي القرشي، وغيرهم من أهل الحجاز، وكان من العلم والدين بمكان، كان يفتي فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابن نيف وعشرين سنة، استدعاه أمير المؤمنين المأمون إلى خراسان وجعله ولي عهده فلم تطل أيامه حتى أدركه أجله، وكان قد حدث بخراسان وغيرها من البلاد، روى عنه عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي، وأحمد بن عامر بن سليمان الطائي، وعبد الله بن العباس القزويني، وأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حنبل، والمعلى بن منصور الرازي، وآدم بن أبي إياس العسقلاني، ومحمد بن رافع التستري، وخالد بن أحمد الذهلي، ونصر بن علي الجهضمي، وأبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف بن عبد الله الغازي، وغيرهم.
أخبرني أبو عبد الله محمد بن أبي سعيد الحنبلي بقراءتي عليه بأصبهان، أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن الحسين الحمامي، أنبأنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ العطار الحافظ، حدّثنا أبو القاسم عبيد الله بن هارون بن محمد الواسطي بها، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محمد المفيد، أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حنبل، حدثني أبي، أنبأنا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى، عن آبائه، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم من اسمه أحمد أو محمد فشاوره إلا خير لهم» .
وقد وقع لنا حديث علي بن موسى الرضا أعلى من هذا الإسناد برجل في نسخة رواها داود بن سليمان الغازي، أخبرتنا رقية بنت مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْفَاخِرِ بِقِرَاءَتِي عليها بأصبهان قالت: أخبرتنا فاطمة بنت محمد بن أحمد البغدادي، أنبأنا أبو عثمان سعيد بن أحمد النيسابوري، أنبأنا علي بن الحسين بن بندار بن المثنّى العنبري، أنبأنا أبو الحسن علي بن مهرويه القزويني، حدّثنا أبو أحمد داود بن سليمان ابن يوسف بن عبد الله الغازي، قال: حدثني علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبيه عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ [عَلِيِّ بْنِ] أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «يقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم ما أنصفتني أتحبب إليك بالنعم وتنقمت إليّ
بالمعاصي خيري عليك منزّل وشرك إليّ صاعد ولا يزال ملك كريم يأتيني عنك كل يوم وليلة بعمل قبيح، يا ابن آدم لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تدري من الموصوف لسارعت إلى مقته» .
قرأت على أبي عبد الله الواسطي، عن أبي المحاسن الجوهري قال: كتب إليّ ظفر ابن الداعي العلوي: أن أبا عَبْد الرحمن مُحَمَّد بْن الحسين السلمي أخبره قال: سمعت محمد بن محمد بن أحمد الحربي يقول: سمعت الصولي، حَدَّثَنَا القاسم بْن إسماعيل قَالَ:
سمعت إبراهيم بن العباس الصولي، حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ أنه قال: إذا أقبلت الدنيا على إنسان أعطته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبت عنه محاسن نفسه.
قرأت على أَبِي غانم مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن زينة بِأَصْبَهَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الواحد: أن أحمد بن عبد الرحمن الهمداني أخبره، أنبأنا أبو الربيع الأسترآباذي، أنبأنا أبو بكر اليشكري، حدثني علي بن محمد مولى بني هاشم، حدثني الحسن بن محمد بن يونس قال: سمعت علي بن موسى الرضا يقول: لا تغتر بكرامة الأمير إذا غشك الوزير.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفُتُوحِ دَاوُدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْقُرَشِيُّ بأصبهان، أنبأنا أبو الحسن بن أبي القاسم ابن أحمد الثقفي، أنبأنا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الحافظ قال: أخبرني حاتم بن أبي سعد الحلواني، أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، حدّثنا أبو سعيد محمد بن الفضل المعلم قال: سمعت الفضل بن فضالة النسوي يقول: قال يحيى بن أكثم: كنت يوما عند المأمون أمير المؤمنين وعنده علي بن موسى الرضا، فدخل الفضل بن سهل ذو الرئاستين فقال للمأمون: قد وليت ثغر الفلاني فلانا التركي، فسكت المأمون، فقال علي بن موسى: ما جعل الله لإمام المسلمين وخليفة رب العالمين والقائم بأمور الدين أن يولي شيئا من ثغور المسلمين أحدا من سبي ذلك الثغر، لأن الأنفس تحن إلى أوطانها وتشفق على أجناسها وتحب مصالحها، وإن كانت مخالفة لأديانها، فقال المأمون: اكتبوا هذا الكلام بماء الذهب.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي أَحْمَد عَبْد الوهاب بْن علي الأمين، عن أبي منصور عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الواحد الشيباني، أنبأنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن النقور،
محمد بن عبد الواحد الشيباني، أنبأنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن النقور، حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ هارون الضبي إملاء قال: وحدث في كتاب والدي قَالَ: حَدَّثَنِي أبو القاسم عبد الله بن أحمد الطائي، حدثني أبي قال: لما دخل على المأمون رجل نصراني قد وجد مع امرأة هاشمية، فلما أدخل عليه أسلم فغاظ المأمون ذلك غيظا شديدا فاستفتى الفقهاء فكل قال: هدر إسلامه ما فعله، فقال رجل: يا أمير المؤمنين اكتب إلى علي بن موسى في هذا، قال: فكتب إليه فوافاه علي ابن موسى فقال: يا أمير المؤمنين، اضرب عنقه، فإنه إنما أسلم مخافة من السيف، فقال الفقهاء: من أين لك هذا؟ قال: فقرأ علي بن موسى فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ
[غافر: 84، 85] .
أخبرنا القاضي عبد المجير بن محمد بن عشائر الشافعي بحلب، أنبأنا عبد الله ابن أحمد الطوسي، أنبأنا علي بن عبد الرحمن بن الجراح، حدّثنا عبد الملك بن محمد ابن عبد الله بن بشران إملاء قَالَ: وجدت فِي كتاب والدي قَالَ: حدثني أحمد بن محمد ابن موسى، حدّثنا إبراهيم بن محمد الأهوازي، حدثني محمد بن أحمد بن الحسن، حدثني أبو الحسين بن أبي مسعود الشعراني، عن أبي الحسين كاتب الفياض ، عن أبيه قال: حضرنا مجلس الرضا فشكى رجل أخاه فأنشأ الرضا يقول:
اعذر أخاك على ذنوبه ... واستر وغط على عيوبه
واصبر على بهت السفيه ... وللزمان على خطوبه
ودع الجواب تفضلا ... وكل الظلوم إلى حسيبه
أخبرنا ضياء بن أحمد، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الشَّاهِدُ، أَنْبَأَنَا القاضي هناد بن إبراهيم النسفي، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن المخزومي ، أنشدنا أبو بكر محمد بن علي بن الإمام، أنشدني محمد بن أحمد بن أبي الثلج الكاتب، أنشدني النوفلي لعلي بن موسى الرضا:
رأيت الشيب مكروها وفيه ... وقار لا يليق به الذنوب
إذا ركب الذنوب أخو مشيب ... فما أحد يقول متى يتوب
لئن كان الشباب لي حبيبا ... فإن الشيب أيضا لي حبيب
سأصحبه بتقوى الله حتى ... يفرق بيننا الأجل القريب
أنبأنا أبو أحمد الصوفي قال: كتب إلى أبو الغنائم العلوي، أنبأنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي قراءة عليه، حدّثنا الحاكم أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحافظ قال:
حدثني الزبير بن عبد الله بن موسى البغدادي، حدّثنا محمد بن يحيى الصولي، حدّثنا أحمد بن يحيى بإسناد ذكره عن الشعبي أنه قال: أفخر بيت قيل في الإسلام قول الأنصار يوم بدر:
وينير بدر إذ نرد وجوههم ... جبريل تحت لوائنا ومحمد
قال الصولي: أقول: أفخر من هذا قول الحسن بن هانئ في علي بن موسى الرضا:
قيل لي أنت واحد الناس في ... كل كلام من المقال بدية
لك في جوهر الكلام بديع ... يثمر الدر في يدي مجتنيه
فعلى ما تركت مدح ابن موسى ... كان جبريل خادما لأبيه
أنبأنا عبد الوهاب بن علي الأمين قال: كتب إلى أبو الغنائم هبة الله بن حمزة العلوي، أنبأنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي قراءة عليه، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، أنبأنا أبو علي الحسين بن محمد بن سورة الصغاني بمرو، حدّثنا أحمد بن محمد بن عمرو الفقيه، حدّثنا خالد بن أحمد بن خالد الذهلي، حدّثنا أبي قال: صليت خلف علي بن موسى الرضا بنيسابور، فجهر «بسم الله الرحمن الرحيم» في كل سورة ويَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يجهر «بسم الله الرحمن الرحيم» .
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، حدّثنا أبو أحمد إسحاق بن محمد بن علي بن خالد الهاشمي بالكوفة، حدّثنا القاسم بن أحمد العلوي الحسيني، حدثني أبو الصلت عبد السلام بن صالح، حدثني علي بن موسى الرضا قَالَ: من قَالَ القُرْآن مخلوق فَهُوَ كافر.
حدّثنا أبو عبد الله الحافظ قَالَ: سمعت أبا الحسن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن الحسين بن جعفر بن موسى بن جعفر بمدينة رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الروضة يقول: سمعت أبي يذكر عن آبائه: أن علي بن موسى كان يقعد في الروضة وهو شاب ملتحف بمطرف خز فتسأله الناس ومشايخ العلماء في المسجد فسئل عن القدر فقال: قال الله عز وجل: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ. يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ
الله عز وجل: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ. يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ. إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ
[القمر: 47، 48] [قال علي] الرضا: كان أبي يذكر عن آبائه: أن أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: الله تعالى خلق كل شيء بقدر حتى العجز والكيس، وإليه [ ... ] وبه الحول والقوة .
حدّثنا الحاكم أبو عبد الله قال: أخبرني أبو تراب أحمد بن محمد بن الحسين بن مهدي المذكر بالنوقان ، حدّثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل البغدادي، حدّثنا مذكور ابن سليمان قال: سمعت أبا الصلت عبد السلام بن صالح الهروي يقول: حججت مع علي بن موسى الرضا فسمعته يقول يدعو بالموقف بهذا الدعاء: اللهم كما سترت علي ما أعلم فاغفر لي ما تعلم، وكما وسعني علمك فليسعني عفوك، وكما ابتدأتني بالإحسان فأتم نعمتك بالغفران، وكما اكرمتني بمعرفتك فاستعفها بمغفرتك وكما عرفتني وحدانيتك فألزمني طواعيتك، وكما عصمتني مما لم أكن أعتصم منه إلا بعصمتك فاغفر لي ما لو شئت لعصمتني منه يا جواد يا كريم يا ذا الجلال والإكرام.
أخبرنا يوسف بن المبارك بن كامل الخفاف قراءة عليه قال: قرئ على أبي منصور مُحَمَّد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيِّ وأنا أسمع، أنبأنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِذْنًا، أنبأنا أبو حاتم محمد بن حبان البستي في كتابه قال: علي بن موسى الرضا يروي عن أبيه العجائب، روى عنه أبو الصلت وغيره، كأنه كان يهم ويخطئ.
أنبأنا أبو محمد بن الأخضر ونقلته من خطه، أنبأنا يحيى بن ثابت بن بندار فيما قرأته عليه عن أبيه، حدّثنا أبو ثعلب عَبْد الوهاب بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن الملحمي، أنبأنا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيُّ، حدّثنا أبو السائب عتبة بن عبيد الله، حدّثنا عبد الله بن محمد الجمال الزوزني قال: كنت وعلي بن موسى بن نوبا القمي وفد أهل الري فلما بلغنا نيسابور قلت لعلي بن موسى القمي: هل لك في زيارة قبر الرضا بطوس؟ فقال: خرجنا إلى هذا الملك ونخاف أن يتصل به عدو لنا إلى
يتحدث أهل الري أني خرجت من عندهم مرجئا وأرجع إليهم رافضيا، فقلت:
فتنتظرني في مكانك؟ فقال: أفعل، وخرجت فأتيت القبر عند غروب الشمس وأزمعت المبيت على القبر، فسألت امرأة حضرت من بعض سدنة القبر: هل من جدير بالليل؟ فقالت: لا، فاستدعيت منها سراجا وأمرتها بإغلاق الباب ونويت أن أختم القرآن على القبر، فلما كان في بعض الليل سمعت قراءة فبدرت أنها قد أذنت لغيري، فأتيت الباب فوجدته مغلقا فانطفأ السراج، فبقيت أسمع الصوت، فوجدته من القبر وهو يقرأ سورة مريم فقرأ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً
[مريم: 85- 86] ، وما كنت سمعت هذه القراءة، فلما قدمت الري بدأت بأبي القاسم بن العباس بن الفضل بن شاذان فسألته هل قرأ أحد بذلك؟ فقال: نعم النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأخرج لي قراءته صلّى الله عليه وسلّم، فإذا هو قرأ به عليه السلام.
ذكر محمد بن جرير الطبري في تاريخه: أن عيسى بن محمد بن أبي خالد بينما هو فيه من عرض أصحابه منصرفه من معسكره إلى بغداد ورد عليه كتاب من الحسن بن سهل يعلمه فيه: أن أمير المؤمنين المأمون قد جعل علي بن موسى بن جعفر ولي عهده من بعده، وذلك أنه نظر في بني العباس وبني علي فلم يجد أحدا هو أفضل ولا أورع ولا أعلم منه، وأنه سماه الرضا من آل محمد وأمره [بطرح] لبس السواد ولبس ثياب الخضرة- وذلك يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين ويأمره أن يأمر [من] قبله من أصحابه والجند والقواد وبني هاشم بالبيعة له وأن يأخذهم بلبس الخضرة في أقبيتهم وقلانسهم وأعلامهم، ويأخذ أهل بغداد جميعا بذلك، فلما أتي عيسى الكتاب دعا أهل بغداد على ذلك على أن يعجل لهم رزق شهر والباقي إذا أدركت الغلة، فقال بعضهم: لا نبايع، ولا نلبس الخضرة ولا تخرج هذا الأمر من ولد العباس، وإنما هذا دسيس من قبل الفضل بن سهل، فمكثوا بذلك أياما، وغضب ولد العباس من ذلك واجتمع بعضهم وتكلموا فيه وقالوا: ونولي بعضنا وتخلع المأمون، وكان المتكلم في هذا والمختلف فيه والمتقلد له إبراهيم ومنصور ابنا المهدي .
وفي هذه السنة بايع أهل بغداد إبراهيم بن المهدي بالخلافة وخلعوا المأمون.
قلت: ولم يثبت عندي دخول علي بن موسى إلى بغداد لأن أحمد بن أبي طاهر قال في كتاب بغداد: إن المأمون كتب إلى علي بن موسى مع رجاء بن أبي الضحاك فقدم به على طريق البصرة ثم خرج من البصرة فأخذ على الأهواز ثم أخذ على جبال أصبهان ومضى إلى خراسان.
أنبأنا عبد الوهاب بن علي قال: كتب إلى أَبُو الغنائم حمزة بْن هبة اللَّه بْن محمد العلوي، أنبأنا الحاكم بن عبد الرحمن الشاذياخي قراءة عليه، أنبأنا الحاكم أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحافظ قال: علي بن موسى بن جعفر الرضا ورد نيسابور سنة مائتين، بعث أمير المؤمنين المأمون رجاء بن [أبي] الضحاك لإشخاصه من المدينة إلى البصرة، ثم أمر بحمله منها إلى الأهواز ثم إلى فارس، ثم إلى نيسابور على طريق بست، وأمره أن لا يسلك به طريق الجبال، فلما وافى الرضا نيسابور وأقام بها مدة والمأمون بمرو إلى أن أمر بإخراجه إليه، ثم كان بعد ذلك ما كان، فعلى هذا أن يدخل بغداد .
وإنما ذكرناه في هذا الكتاب لحكاية أخبرناها القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد الواسطي، أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، أنبأنا أَبُو القاسم علي بْن المحسن بْن علي التنوخي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الشيباني، حدّثنا عبد الله ابن محمد بن عجلان اليماني العابد بالدالية قال: سمعت ابن علي بن موسى الرضا بسر من رأى يقول: الغوغاء قتلة الأنبياء والعامة اسم مشتق من العمى ما رضي الله لهم أن شبههم بالأنعام حتى قال (بل هم أضل) .
وفي هذه الحكاية نظر من وجوه أحدها أن اليماني مجهول لا يعرف، والراوي عنه فهو أبو الفضل الشيباني وهو ذاهب الحديث مشهور بالكذب والوضع، ويبعد أن يروي عن واحد عن علي بن موسى الرضا- فالله أعلم.
وقوله «بسامراء» وإنما بنيت بعد علي بن موسى بزمان لأن عليّا مات سنة ثلاث ومائتين وبنى المعتصم سامراء سنة إحدى وعشرين ومائتين، فإن المعتصم كان قد جددها، وقد كانت قبل ذلك مدينة قديمة، ويكون الرضا قد اجتاز بها قبل طلب المأمون له، وأظنه بعيدا والذي يغلب على ظني أن الذي سمع منه اليماني بسامراء هو محمد بن علي بن موسى الملقب بالجواد، فإنه كان بسامراء، ومات ببغداد ودفن بمقابر قريش- فالله أعلم.
والذي دعانا إلى ذكر علي بن موسى في هذا الكتاب مع ضعف هذه الحكاية الخوف من أن يراها بعض العلماء فيقول هذا الرضا قد دخل سامراء ولم يذكره الخطيب ولا من ذيل عليه، ويظن أننا جهلنا هذه الحكاية ولم تمر بنا فأوردناها وبينا عليها وأزلنا ظن من توهم أنها لم تبلغنا.
قال ابن جرير في تاريخه: فلما دخلت سنة ثلاث ومائتين شخص المأمون إلى طوس، وأقام بها عند قبر أبيه أياما، ثم إن علي بن موسى أكل عنبا فأكثر منه فمات فجأة في آخر صفر، فدفن عند قبر الرشيد، وصلى عليه المأمون، ودخل عليه بموته غم كثير.
أنبأنا عبد الوهاب الأمين قال: كتب إلى هبة الله بن حمزة العلوي، أنبأنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي قراءة عليه قال: سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول: استشهد علي بن موسى الرضا بسناباذ من طوس لتسع بقين من شهر رمضان ليلة الجمعة من سنة ثلاث ومائتين وهو ابن تسع وأربعين سنة وستة أشهر منها مع أبيه موسى تسعا وعشرين سنة وشهرين وبعد أبيه عشرين سنة وأربعة أشهر، وذكر غير ابن جرير أن الرضا خلف من الولد محمدا والحسن وجعفرا وإبراهيم والحسين وعائشة.
وأمه أم ولد نوبية، واسمها مسكينة، ولد بمدينة النبي صلّى الله عليه وسلّم في سنة ثمان وأربعين ومائة ونشأ بها، وسمع الحديث من والده وعمومته إسماعيل، وعبد الله، وإسحاق، وعلي بني جعفر، وعبد الرحمن بن أبي الموالي القرشي، وغيرهم من أهل الحجاز، وكان من العلم والدين بمكان، كان يفتي فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابن نيف وعشرين سنة، استدعاه أمير المؤمنين المأمون إلى خراسان وجعله ولي عهده فلم تطل أيامه حتى أدركه أجله، وكان قد حدث بخراسان وغيرها من البلاد، روى عنه عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي، وأحمد بن عامر بن سليمان الطائي، وعبد الله بن العباس القزويني، وأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حنبل، والمعلى بن منصور الرازي، وآدم بن أبي إياس العسقلاني، ومحمد بن رافع التستري، وخالد بن أحمد الذهلي، ونصر بن علي الجهضمي، وأبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف بن عبد الله الغازي، وغيرهم.
أخبرني أبو عبد الله محمد بن أبي سعيد الحنبلي بقراءتي عليه بأصبهان، أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن الحسين الحمامي، أنبأنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ العطار الحافظ، حدّثنا أبو القاسم عبيد الله بن هارون بن محمد الواسطي بها، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محمد المفيد، أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حنبل، حدثني أبي، أنبأنا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى، عن آبائه، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم من اسمه أحمد أو محمد فشاوره إلا خير لهم» .
وقد وقع لنا حديث علي بن موسى الرضا أعلى من هذا الإسناد برجل في نسخة رواها داود بن سليمان الغازي، أخبرتنا رقية بنت مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْفَاخِرِ بِقِرَاءَتِي عليها بأصبهان قالت: أخبرتنا فاطمة بنت محمد بن أحمد البغدادي، أنبأنا أبو عثمان سعيد بن أحمد النيسابوري، أنبأنا علي بن الحسين بن بندار بن المثنّى العنبري، أنبأنا أبو الحسن علي بن مهرويه القزويني، حدّثنا أبو أحمد داود بن سليمان ابن يوسف بن عبد الله الغازي، قال: حدثني علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبيه عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ [عَلِيِّ بْنِ] أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «يقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم ما أنصفتني أتحبب إليك بالنعم وتنقمت إليّ
بالمعاصي خيري عليك منزّل وشرك إليّ صاعد ولا يزال ملك كريم يأتيني عنك كل يوم وليلة بعمل قبيح، يا ابن آدم لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تدري من الموصوف لسارعت إلى مقته» .
قرأت على أبي عبد الله الواسطي، عن أبي المحاسن الجوهري قال: كتب إليّ ظفر ابن الداعي العلوي: أن أبا عَبْد الرحمن مُحَمَّد بْن الحسين السلمي أخبره قال: سمعت محمد بن محمد بن أحمد الحربي يقول: سمعت الصولي، حَدَّثَنَا القاسم بْن إسماعيل قَالَ:
سمعت إبراهيم بن العباس الصولي، حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ أنه قال: إذا أقبلت الدنيا على إنسان أعطته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبت عنه محاسن نفسه.
قرأت على أَبِي غانم مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن زينة بِأَصْبَهَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الواحد: أن أحمد بن عبد الرحمن الهمداني أخبره، أنبأنا أبو الربيع الأسترآباذي، أنبأنا أبو بكر اليشكري، حدثني علي بن محمد مولى بني هاشم، حدثني الحسن بن محمد بن يونس قال: سمعت علي بن موسى الرضا يقول: لا تغتر بكرامة الأمير إذا غشك الوزير.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفُتُوحِ دَاوُدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْقُرَشِيُّ بأصبهان، أنبأنا أبو الحسن بن أبي القاسم ابن أحمد الثقفي، أنبأنا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الحافظ قال: أخبرني حاتم بن أبي سعد الحلواني، أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، حدّثنا أبو سعيد محمد بن الفضل المعلم قال: سمعت الفضل بن فضالة النسوي يقول: قال يحيى بن أكثم: كنت يوما عند المأمون أمير المؤمنين وعنده علي بن موسى الرضا، فدخل الفضل بن سهل ذو الرئاستين فقال للمأمون: قد وليت ثغر الفلاني فلانا التركي، فسكت المأمون، فقال علي بن موسى: ما جعل الله لإمام المسلمين وخليفة رب العالمين والقائم بأمور الدين أن يولي شيئا من ثغور المسلمين أحدا من سبي ذلك الثغر، لأن الأنفس تحن إلى أوطانها وتشفق على أجناسها وتحب مصالحها، وإن كانت مخالفة لأديانها، فقال المأمون: اكتبوا هذا الكلام بماء الذهب.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي أَحْمَد عَبْد الوهاب بْن علي الأمين، عن أبي منصور عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الواحد الشيباني، أنبأنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن النقور،
محمد بن عبد الواحد الشيباني، أنبأنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن النقور، حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ هارون الضبي إملاء قال: وحدث في كتاب والدي قَالَ: حَدَّثَنِي أبو القاسم عبد الله بن أحمد الطائي، حدثني أبي قال: لما دخل على المأمون رجل نصراني قد وجد مع امرأة هاشمية، فلما أدخل عليه أسلم فغاظ المأمون ذلك غيظا شديدا فاستفتى الفقهاء فكل قال: هدر إسلامه ما فعله، فقال رجل: يا أمير المؤمنين اكتب إلى علي بن موسى في هذا، قال: فكتب إليه فوافاه علي ابن موسى فقال: يا أمير المؤمنين، اضرب عنقه، فإنه إنما أسلم مخافة من السيف، فقال الفقهاء: من أين لك هذا؟ قال: فقرأ علي بن موسى فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ
[غافر: 84، 85] .
أخبرنا القاضي عبد المجير بن محمد بن عشائر الشافعي بحلب، أنبأنا عبد الله ابن أحمد الطوسي، أنبأنا علي بن عبد الرحمن بن الجراح، حدّثنا عبد الملك بن محمد ابن عبد الله بن بشران إملاء قَالَ: وجدت فِي كتاب والدي قَالَ: حدثني أحمد بن محمد ابن موسى، حدّثنا إبراهيم بن محمد الأهوازي، حدثني محمد بن أحمد بن الحسن، حدثني أبو الحسين بن أبي مسعود الشعراني، عن أبي الحسين كاتب الفياض ، عن أبيه قال: حضرنا مجلس الرضا فشكى رجل أخاه فأنشأ الرضا يقول:
اعذر أخاك على ذنوبه ... واستر وغط على عيوبه
واصبر على بهت السفيه ... وللزمان على خطوبه
ودع الجواب تفضلا ... وكل الظلوم إلى حسيبه
أخبرنا ضياء بن أحمد، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الشَّاهِدُ، أَنْبَأَنَا القاضي هناد بن إبراهيم النسفي، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن المخزومي ، أنشدنا أبو بكر محمد بن علي بن الإمام، أنشدني محمد بن أحمد بن أبي الثلج الكاتب، أنشدني النوفلي لعلي بن موسى الرضا:
رأيت الشيب مكروها وفيه ... وقار لا يليق به الذنوب
إذا ركب الذنوب أخو مشيب ... فما أحد يقول متى يتوب
لئن كان الشباب لي حبيبا ... فإن الشيب أيضا لي حبيب
سأصحبه بتقوى الله حتى ... يفرق بيننا الأجل القريب
أنبأنا أبو أحمد الصوفي قال: كتب إلى أبو الغنائم العلوي، أنبأنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي قراءة عليه، حدّثنا الحاكم أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحافظ قال:
حدثني الزبير بن عبد الله بن موسى البغدادي، حدّثنا محمد بن يحيى الصولي، حدّثنا أحمد بن يحيى بإسناد ذكره عن الشعبي أنه قال: أفخر بيت قيل في الإسلام قول الأنصار يوم بدر:
وينير بدر إذ نرد وجوههم ... جبريل تحت لوائنا ومحمد
قال الصولي: أقول: أفخر من هذا قول الحسن بن هانئ في علي بن موسى الرضا:
قيل لي أنت واحد الناس في ... كل كلام من المقال بدية
لك في جوهر الكلام بديع ... يثمر الدر في يدي مجتنيه
فعلى ما تركت مدح ابن موسى ... كان جبريل خادما لأبيه
أنبأنا عبد الوهاب بن علي الأمين قال: كتب إلى أبو الغنائم هبة الله بن حمزة العلوي، أنبأنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي قراءة عليه، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، أنبأنا أبو علي الحسين بن محمد بن سورة الصغاني بمرو، حدّثنا أحمد بن محمد بن عمرو الفقيه، حدّثنا خالد بن أحمد بن خالد الذهلي، حدّثنا أبي قال: صليت خلف علي بن موسى الرضا بنيسابور، فجهر «بسم الله الرحمن الرحيم» في كل سورة ويَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يجهر «بسم الله الرحمن الرحيم» .
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، حدّثنا أبو أحمد إسحاق بن محمد بن علي بن خالد الهاشمي بالكوفة، حدّثنا القاسم بن أحمد العلوي الحسيني، حدثني أبو الصلت عبد السلام بن صالح، حدثني علي بن موسى الرضا قَالَ: من قَالَ القُرْآن مخلوق فَهُوَ كافر.
حدّثنا أبو عبد الله الحافظ قَالَ: سمعت أبا الحسن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن الحسين بن جعفر بن موسى بن جعفر بمدينة رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الروضة يقول: سمعت أبي يذكر عن آبائه: أن علي بن موسى كان يقعد في الروضة وهو شاب ملتحف بمطرف خز فتسأله الناس ومشايخ العلماء في المسجد فسئل عن القدر فقال: قال الله عز وجل: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ. يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ
الله عز وجل: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ. يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ. إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ
[القمر: 47، 48] [قال علي] الرضا: كان أبي يذكر عن آبائه: أن أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: الله تعالى خلق كل شيء بقدر حتى العجز والكيس، وإليه [ ... ] وبه الحول والقوة .
حدّثنا الحاكم أبو عبد الله قال: أخبرني أبو تراب أحمد بن محمد بن الحسين بن مهدي المذكر بالنوقان ، حدّثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل البغدادي، حدّثنا مذكور ابن سليمان قال: سمعت أبا الصلت عبد السلام بن صالح الهروي يقول: حججت مع علي بن موسى الرضا فسمعته يقول يدعو بالموقف بهذا الدعاء: اللهم كما سترت علي ما أعلم فاغفر لي ما تعلم، وكما وسعني علمك فليسعني عفوك، وكما ابتدأتني بالإحسان فأتم نعمتك بالغفران، وكما اكرمتني بمعرفتك فاستعفها بمغفرتك وكما عرفتني وحدانيتك فألزمني طواعيتك، وكما عصمتني مما لم أكن أعتصم منه إلا بعصمتك فاغفر لي ما لو شئت لعصمتني منه يا جواد يا كريم يا ذا الجلال والإكرام.
أخبرنا يوسف بن المبارك بن كامل الخفاف قراءة عليه قال: قرئ على أبي منصور مُحَمَّد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيِّ وأنا أسمع، أنبأنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِذْنًا، أنبأنا أبو حاتم محمد بن حبان البستي في كتابه قال: علي بن موسى الرضا يروي عن أبيه العجائب، روى عنه أبو الصلت وغيره، كأنه كان يهم ويخطئ.
أنبأنا أبو محمد بن الأخضر ونقلته من خطه، أنبأنا يحيى بن ثابت بن بندار فيما قرأته عليه عن أبيه، حدّثنا أبو ثعلب عَبْد الوهاب بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن الملحمي، أنبأنا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيُّ، حدّثنا أبو السائب عتبة بن عبيد الله، حدّثنا عبد الله بن محمد الجمال الزوزني قال: كنت وعلي بن موسى بن نوبا القمي وفد أهل الري فلما بلغنا نيسابور قلت لعلي بن موسى القمي: هل لك في زيارة قبر الرضا بطوس؟ فقال: خرجنا إلى هذا الملك ونخاف أن يتصل به عدو لنا إلى
يتحدث أهل الري أني خرجت من عندهم مرجئا وأرجع إليهم رافضيا، فقلت:
فتنتظرني في مكانك؟ فقال: أفعل، وخرجت فأتيت القبر عند غروب الشمس وأزمعت المبيت على القبر، فسألت امرأة حضرت من بعض سدنة القبر: هل من جدير بالليل؟ فقالت: لا، فاستدعيت منها سراجا وأمرتها بإغلاق الباب ونويت أن أختم القرآن على القبر، فلما كان في بعض الليل سمعت قراءة فبدرت أنها قد أذنت لغيري، فأتيت الباب فوجدته مغلقا فانطفأ السراج، فبقيت أسمع الصوت، فوجدته من القبر وهو يقرأ سورة مريم فقرأ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً
[مريم: 85- 86] ، وما كنت سمعت هذه القراءة، فلما قدمت الري بدأت بأبي القاسم بن العباس بن الفضل بن شاذان فسألته هل قرأ أحد بذلك؟ فقال: نعم النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأخرج لي قراءته صلّى الله عليه وسلّم، فإذا هو قرأ به عليه السلام.
ذكر محمد بن جرير الطبري في تاريخه: أن عيسى بن محمد بن أبي خالد بينما هو فيه من عرض أصحابه منصرفه من معسكره إلى بغداد ورد عليه كتاب من الحسن بن سهل يعلمه فيه: أن أمير المؤمنين المأمون قد جعل علي بن موسى بن جعفر ولي عهده من بعده، وذلك أنه نظر في بني العباس وبني علي فلم يجد أحدا هو أفضل ولا أورع ولا أعلم منه، وأنه سماه الرضا من آل محمد وأمره [بطرح] لبس السواد ولبس ثياب الخضرة- وذلك يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين ويأمره أن يأمر [من] قبله من أصحابه والجند والقواد وبني هاشم بالبيعة له وأن يأخذهم بلبس الخضرة في أقبيتهم وقلانسهم وأعلامهم، ويأخذ أهل بغداد جميعا بذلك، فلما أتي عيسى الكتاب دعا أهل بغداد على ذلك على أن يعجل لهم رزق شهر والباقي إذا أدركت الغلة، فقال بعضهم: لا نبايع، ولا نلبس الخضرة ولا تخرج هذا الأمر من ولد العباس، وإنما هذا دسيس من قبل الفضل بن سهل، فمكثوا بذلك أياما، وغضب ولد العباس من ذلك واجتمع بعضهم وتكلموا فيه وقالوا: ونولي بعضنا وتخلع المأمون، وكان المتكلم في هذا والمختلف فيه والمتقلد له إبراهيم ومنصور ابنا المهدي .
وفي هذه السنة بايع أهل بغداد إبراهيم بن المهدي بالخلافة وخلعوا المأمون.
قلت: ولم يثبت عندي دخول علي بن موسى إلى بغداد لأن أحمد بن أبي طاهر قال في كتاب بغداد: إن المأمون كتب إلى علي بن موسى مع رجاء بن أبي الضحاك فقدم به على طريق البصرة ثم خرج من البصرة فأخذ على الأهواز ثم أخذ على جبال أصبهان ومضى إلى خراسان.
أنبأنا عبد الوهاب بن علي قال: كتب إلى أَبُو الغنائم حمزة بْن هبة اللَّه بْن محمد العلوي، أنبأنا الحاكم بن عبد الرحمن الشاذياخي قراءة عليه، أنبأنا الحاكم أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحافظ قال: علي بن موسى بن جعفر الرضا ورد نيسابور سنة مائتين، بعث أمير المؤمنين المأمون رجاء بن [أبي] الضحاك لإشخاصه من المدينة إلى البصرة، ثم أمر بحمله منها إلى الأهواز ثم إلى فارس، ثم إلى نيسابور على طريق بست، وأمره أن لا يسلك به طريق الجبال، فلما وافى الرضا نيسابور وأقام بها مدة والمأمون بمرو إلى أن أمر بإخراجه إليه، ثم كان بعد ذلك ما كان، فعلى هذا أن يدخل بغداد .
وإنما ذكرناه في هذا الكتاب لحكاية أخبرناها القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد الواسطي، أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، أنبأنا أَبُو القاسم علي بْن المحسن بْن علي التنوخي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الشيباني، حدّثنا عبد الله ابن محمد بن عجلان اليماني العابد بالدالية قال: سمعت ابن علي بن موسى الرضا بسر من رأى يقول: الغوغاء قتلة الأنبياء والعامة اسم مشتق من العمى ما رضي الله لهم أن شبههم بالأنعام حتى قال (بل هم أضل) .
وفي هذه الحكاية نظر من وجوه أحدها أن اليماني مجهول لا يعرف، والراوي عنه فهو أبو الفضل الشيباني وهو ذاهب الحديث مشهور بالكذب والوضع، ويبعد أن يروي عن واحد عن علي بن موسى الرضا- فالله أعلم.
وقوله «بسامراء» وإنما بنيت بعد علي بن موسى بزمان لأن عليّا مات سنة ثلاث ومائتين وبنى المعتصم سامراء سنة إحدى وعشرين ومائتين، فإن المعتصم كان قد جددها، وقد كانت قبل ذلك مدينة قديمة، ويكون الرضا قد اجتاز بها قبل طلب المأمون له، وأظنه بعيدا والذي يغلب على ظني أن الذي سمع منه اليماني بسامراء هو محمد بن علي بن موسى الملقب بالجواد، فإنه كان بسامراء، ومات ببغداد ودفن بمقابر قريش- فالله أعلم.
والذي دعانا إلى ذكر علي بن موسى في هذا الكتاب مع ضعف هذه الحكاية الخوف من أن يراها بعض العلماء فيقول هذا الرضا قد دخل سامراء ولم يذكره الخطيب ولا من ذيل عليه، ويظن أننا جهلنا هذه الحكاية ولم تمر بنا فأوردناها وبينا عليها وأزلنا ظن من توهم أنها لم تبلغنا.
قال ابن جرير في تاريخه: فلما دخلت سنة ثلاث ومائتين شخص المأمون إلى طوس، وأقام بها عند قبر أبيه أياما، ثم إن علي بن موسى أكل عنبا فأكثر منه فمات فجأة في آخر صفر، فدفن عند قبر الرشيد، وصلى عليه المأمون، ودخل عليه بموته غم كثير.
أنبأنا عبد الوهاب الأمين قال: كتب إلى هبة الله بن حمزة العلوي، أنبأنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي قراءة عليه قال: سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول: استشهد علي بن موسى الرضا بسناباذ من طوس لتسع بقين من شهر رمضان ليلة الجمعة من سنة ثلاث ومائتين وهو ابن تسع وأربعين سنة وستة أشهر منها مع أبيه موسى تسعا وعشرين سنة وشهرين وبعد أبيه عشرين سنة وأربعة أشهر، وذكر غير ابن جرير أن الرضا خلف من الولد محمدا والحسن وجعفرا وإبراهيم والحسين وعائشة.