Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=151750&book=5519#cb9604
عبد الله بن معاوية بن عبد الله
ابن جعفر بن أبي طالب أبو معاوية الهاشمي الجعفري وفد على بعض خلفاء بني أمية، وكان صديقاً للوليد بن يزيد قبل أن تفضي إليه الخلافة.
حدث عن أبيه معاوية بن عبد الله بن جعفر عن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: علي أصلي، وجعفر فرعي، أو جعفر أصلي، وعلي فرعي.
وحدث عن أبيه عن جده قال: خرج إلينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: الناس من شجرة، يعني أنا وجعفر من شجرة.
حدث عبد الله بن معاوية الهاشمي أن عبد المطلب جمع بنيه عند وفاته، وهم يومئذ عشرة، فأمرهم، ونهاهم، وقال: وإياكم والبغي، فوالله ما خلق الله عز وجل شيئاً أعجل عقوبة من البغي، ولا رأيت أحداً بقي على البغي إلا إخوتكم من بني عبد شمس.
كان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر صديقاً للوليد يأتيه ويؤانسه، فجلسا يوماً يلعبان بالشطرنج، وأتاه الإذن، فقال: أصلح الله الأمير، رجل من أخوالك من أشراف ثقيف قدم غازياً، وأحب السلام عليك، فقال: دعه، فقال عبد الله: وما عليك؟ ائذن له، فقال: نحن على لعبنا وقد أنجحت عليك، قال: فادع بمنديل فضع عليها، ويسلم الرجل، ونعود، ففعل، ثم قال: ائذن له فدخل يشمر، له هيئة، بين عينيه أثر السجود، وهو معتم، قد رجل لحيته، فسلم ثم قال: أصلح الله الأمير، قدمت غازياً فكرهت أن أجوزك حتى أقضي حقك، قال: حياك الله وبارك عليك، ثم سكت عنه. فلما أنس أقبل عليه الوليد فقال: يا خال، هل جمعت
القرآن، قال: لا، كانت تشغلنا عنه شواغل، قال: هل حفظت من سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومغازيه وأحاديثه شيئاً؟ قال: كانت تشغلنا من ذلك أموالنا، قال: فأحاديث العرب وايامها وأشعارها؟ قال: لا، قال: فأحاديث أهل الحجاز ومضاحكها؟ قال: لا، قال: فأحاديث العجم وآدابها؟ قال: إن ذلك شيء ما كنت أطلبه، فرفع الوليد المنديل وقال: شاهك. قال عبد الله بن معاوية: سبحان الله، قال: لا والله ما معنا في البيت أحد. فلما رأى ذلك الرجل خرج، وأقبلوا على لعبهم.
قال المصنف: ما اعجب كلام الوليد هذا وألطفه، ويشبهه ما روي أن رجلاً خاطب معاوية فأكثر اللغو في كلامه، فضجر معاوية وأعرض عنه، فقال: أسكت يا أمير المؤمنين؟! فقال: وهل تكلمت؟! ولعمري إن ذا الجهل والغباوة إلى منزلةٍ من النقص وسقوط القدر وغن اتفق لهم بالجد إعظام كثير من الناس لهم. وقد ذكر أن بزرجمهر سئل: ما نعمة لا يحسد صاحبها عليها؟ قال: التواضع، قال: فما بلية لا يرحم صاحبها؟ قال: الكبر. قيل: فما الذي إذا انفرد لم يساو شيئاً؟ قال: الحسب بلا أدب.
وكان عبد الله بن معاوية جواداً، شاعراً، وخرج عبد الله بن معاوية بالكوفة في خلافة مروان بن محمد، فبعث إليه مروان جنداً، فلحق بأصبهان، فغلب عليها وعلى تلك الناحية، واجتمع إليه قوم كثير في سنة إحدى وثلاثين ومئة، ثم قتل بمدينة جي. وقيل: بل هرب ولحق بخرسان وأبو مسلم يدعو بها، فبلغه مكانه، فأخذه فحبسه في السجن حتى مات في سنة إحدى وثلاثين ومئة.
وكان عبد الله بن معاوية ظهر وبويع له بالخلافة بأصبهان سنة سبع وعشرين ومئة في خلافة مروان بن محمد، وملك فارس وكرمان، وكثر تبعه، وجبى الأموال، وملك تلك البلاد، وقوي أمره، وكانت بينه وبين عمال مروان وقائع وحروب كثيرة، ولم يزل هناك إلى أن جاءت الدولة العباسية ثم حاربه مالك بن الهيثم صاحب أبي مسلم، فظفربه، وحمله إلى أبي مسلم، فحبسه وقتله. وقيل: بل مات في سجنه.
كتب بند إلى عمران بن هند أن عبد الله بن معاوية بعث إليك مع فلان بعشرين ألف درهم صلة وبخمسين ثوباً وجارية وخدماً من الغلمان، فقطع بذلك المال في جبال الأكراد، وذكر له أنه قد اجتمع الخلق من الناس إليه، فكتب عمران بن هند إلى بند: الطويل
أتاني كتاب منك يا بند سرني ... يخبرني فيه بإحدى الرغائب
تخبرني أن العجوز تزوجت ... على كبرٍ منها كريم الضرائب
فهناكم الله المليك نكاحها ... وراش بكم كل ابن عم وصاحب
يكني عن الخلافة بالعجوز.
ومن شعر عبد الله بن معاوية من ولد ذي الجناحين: الخفيف
أيها المرء لا تقولن قولاً ... ليس تدري ما يعيبك منه
الزم الصمت إن في الصمت حكماً ... وإذا أنت قلت قولاً فزنه
وإذا القوم ألغطوا في حديث ... ليس يعنيك شأنه فاله عنه
ومن شعره: الطويل
رأيت فضيلاً كان شيئاً ملفقاً ... فكشفه التمحيص حتى بداليا
أأنت أخي ما لم تكن لي حاجة ... فإن عرضت أيقنت أن لا أخاليا
فلا زاد ما بيني وبينك بعدما ... بلوتك في الحاجات إلا تماديا
فلست براء عيب ذي الود كله ... ولا بعض ما فيه إذا كنت راضياً
فعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا
كلانا غني عن أخيه حياته ... ونحن إذا متنا أشد تغانيا
ونسب ابن طلاب هذه الأبيات لجعفر بن محمد الصادق، وهو وهم. والفضيل في الشعر هو الفضيل بن السائب بن الأقرع الثقفي، قاله فيه حين لم ينهض بحاجته.
قالوا. وظهر أبو مسلم في رمضان سنة تسع وعشرين ومئة فحبس عبد الله بن معاوية وأخويه ثم قتله، ثم خلى عن أخويه في سنة ثلاثين ومئة.