عبد الله بن رئاب روى عن النبي صلى الله عليه وسلم [مرسلا - ] ويقال ابن زبيب روى معمر عن كثير بن سويد عنه.
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl - ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 17284 9831. عبد الله بن دينار الشامي الدمشقي2 9832. عبد الله بن دينار مولى عبد الله بن عمر...1 9833. عبد الله بن ذئب الكوفي3 9834. عبد الله بن ذكوان7 9835. عبد الله بن ذكوان ابو الزناد4 9836. عبد الله بن رئاب29837. عبد الله بن راشد9 9838. عبد الله بن راشد الدمشقي1 9839. عبد الله بن راشد الزوفي4 9840. عبد الله بن راشد العامري1 9841. عبد الله بن راشد المكي2 9842. عبد الله بن راشد مولى عثمان بن عفان1 9843. عبد الله بن رافع9 9844. عبد الله بن رافع ابو رافع مولى ام سلمة...1 9845. عبد الله بن رافع ابو سلمة الحضرمي1 9846. عبد الله بن رافع بن خديج الانصاري3 9847. عبد الله بن رباح3 9848. عبد الله بن رباح ابو رباح القرشي1 9849. عبد الله بن ربيعة6 9850. عبد الله بن ربيعة الحصرمي1 9851. عبد الله بن ربيعة الرهاوي الشامي1 9852. عبد الله بن ربيعة بن جداعة1 9853. عبد الله بن ربيعة بن عبد الله بن الهدير القرشي التيمي...1 9854. عبد الله بن رجاء ابو عمرو الغداني البصري...1 9855. عبد الله بن رجاء البصري3 9856. عبد الله بن رقيم الكناني2 9857. عبد الله بن زبيب بن ثعلبة العنبري2 9858. عبد الله بن زبيد بن الحارث اليامي3 9859. عبد الله بن زرارة بن مصعب بن شيبة القرشي...1 9860. عبد الله بن زرير الغافقي7 9861. عبد الله بن زياد4 9862. عبد الله بن زياد بن سمعان مولى ام سلمة...1 9863. عبد الله بن زياد ابو مريم الاسدي1 9864. عبد الله بن زياد بن درهم4 9865. عبد الله بن زيد14 9866. عبد الله بن زيد ابو خمير1 9867. عبد الله بن زيد الازرق1 9868. عبد الله بن زيد ابو قلابة الجرمي1 9869. عبد الله بن زيد ابو همام الطائي1 9870. عبد الله بن زيد بن اسلم مولى عمر بن الخطاب...1 9871. عبد الله بن زيد بن سهل2 9872. عبد الله بن زيد بن عاصم الانصاري1 9873. عبد الله بن زيد بن عبد ربه2 9874. عبد الله بن سالم الاشعري الحمصي الوحاظي...1 9875. عبد الله بن سالم البزاز الرازي1 9876. عبد الله بن سالم القزاز1 9877. عبد الله بن سبرة7 9878. عبد الله بن سبرة ابو سبرة1 9879. عبد الله بن سبع4 9880. عبد الله بن سخبرة ابو معمر الازدي2 9881. عبد الله بن سراقة7 9882. عبد الله بن سرجس المزني9 9883. عبد الله بن سعد18 9884. عبد الله بن سعد ابوخشينة الزبادي1 9885. عبد الله بن سعد الدشتكي ابو عبد الرحمن...1 9886. عبد الله بن سعد بن ابراهيم بن سعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن ابن عو...1 9887. عبد الله بن سعد بن ابي سرح المصري القرشي...1 9888. عبد الله بن سعد بن ابي وقاص القرشي1 9889. عبد الله بن سعد بن خيثمة الانصاري الاوسي...1 9890. عبد الله بن سعد مولى عائشة1 9891. عبد الله بن سعد الجاري1 9892. عبد الله بن سعيد9 9893. عبد الله بن سعيد بن معقل النصري1 9894. عبد الله بن سعيد ابو سعيد الاشج الكندي...1 9895. عبد الله بن سعيد بن ابان بن سعيد بن العاص الاموي القرشي...1 9896. عبد الله بن سعيد بن ابي سعيد المقبري ابو عباد...1 9897. عبد الله بن سعيد بن ابي هند المديني1 9898. عبد الله بن سعيد بن جبير مولى بني والبة الاسدي...1 9899. عبد الله بن سعيد بن عاصم1 9900. عبد الله بن سعيد بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان القرشي الامو...1 9901. عبد الله بن سفيان5 9902. عبد الله بن سفيان الازدي6 9903. عبد الله بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي الطائفي...1 9904. عبد الله بن سفيان بن عقبة بن ابي عائشة الليثي مولى بنى ليث المدين...1 9905. عبد الله بن سلام بن الحارث الخزرجي6 9906. عبد الله بن سلامة2 9907. عبد الله بن سلم2 9908. عبد الله بن سلمان3 9909. عبد الله بن سلمة14 9910. عبد الله بن سلمة الافطس5 9911. عبد الله بن سلمة الهمداني الكوفي1 9912. عبد الله بن سليط2 9913. عبد الله بن سليم4 9914. عبد الله بن سليم الرقي1 9915. عبد الله بن سليمان ابو حمزة الطويل1 9916. عبد الله بن سليمان البكري1 9917. عبد الله بن سليمان النوفلي2 9918. عبد الله بن سليمان بن ابي سلمة الاسلمي...1 9919. عبد الله بن سليمان بن جنادة بن ابي امية...1 9920. عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت الخزرجي الانصاري...1 9921. عبد الله بن سنان13 9922. عبد الله بن سنان الهروي2 9923. عبد الله بن سندر ابو الاسود1 9924. عبد الله بن سهل ابو ليلى1 9925. عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل1 9926. عبد الله بن سهيل3 9927. عبد الله بن سوادة القشيري3 9928. عبد الله بن سوار العنبري1 9929. عبد الله بن سويد الانصاري2 9930. عبد الله بن سويد بن حيان2 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl - ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=156170&book=5525#dca68c
عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ بنِ وَاضِحٍ الحَنْظَلِيُّ
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، عَالِمُ زَمَانِهِ، وَأَمِيْرُ الأَتْقِيَاءِ فِي وَقْتِهِ،
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَنْظَلِيُّ مَوْلاَهُم، التُّرْكِيُّ، ثُمَّ المَرْوَزِيُّ، الحَافِظُ، الغَازِي، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ خُوَارِزْميَّةٌ.مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
فَطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
فَأَقْدَمُ شَيْخٍ لَقِيَهُ: هُوَ الرَّبِيْعُ بنُ أَنَسٍ الخُرَاسَانِيُّ، تَحَيَّلَ وَدَخَلَ إِلَيْهِ إِلَى السِّجنِ، فَسمِعَ مِنْهُ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً، ثُمَّ ارْتَحَلَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، وَأَخَذَ عَنْ بقَايَا التَّابِعِيْنَ، وَأَكْثَرَ مِنَ التَّرْحَالِ وَالتَّطْوَافِ، وَإِلَى أَنْ مَاتَ فِي طَلَبِ العِلْمِ، وَفِي الغَزْوِ، وَفِي التِّجَارَةِ، وَالإِنفَاقِ عَلَى الإِخْوَانِ فِي اللهِ، وَتَجهِيزِهِم مَعَهُ إِلَى الحَجِّ.
سَمِعَ مِنْ: سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَالجُرَيْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَبُرِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بُردَةَ، وَخَالِدٍ الحَذَّاءِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ، وَمُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، وَأَجْلَحَ الكِنْدِيِّ، وَحُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَحَنْظَلَةَ السَّدُوْسِيِّ، وَحَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ المِصْرِيِّ، وَكَهْمَسٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَيُوْنُسَ الأَيْلِيِّ، وَالحَمَّادَيْنِ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ،
وَهُشَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَبَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.وَصنَّفَ التَّصَانِيْفَ النَّافِعَةَ الكَثِيْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَعْمَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَطَائِفَةٌ مِنْ شُيُوْخِه، وَبَقِيَّةُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَقرَانِهِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ، وَالقَطَّانُ، وَعَفَّانُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَحِبَّانُ بنُ مُوْسَى، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ، وَمُسْلِمٌ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدَانُ، وَالحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُوْرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَعَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، وَالحَسَنُ بنُ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَالحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُجَشِّرٍ، وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَأُمَمٌ يَتَعَذَّرُ إِحصَاؤُهُم، وَيَشُقُّ اسْتِقصَاؤُهُم.
وَحَدِيْثُهُ حُجَّةٌ بِالإِجْمَاعِ، وَهُوَ فِي المَسَانِيْدِ وَالأُصُوْلِ.
وَيقعُ لَنَا حَدِيْثُهُ عَالِياً، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ سِتَّةُ أَنْفُسٍ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَعِدَّةٌ، عَنْ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بَيَانٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ الأَيْلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَتِ الفُتْيَا فِي (المَاءُ مِنَ المَاءِ) رُخصَةً فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ، ثُمَّ نُهِيَ عَنْهَا.
أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَرُوَاتُهُ
ثِقَاتٌ، لَكِنْ لَهُ عِلَّةٌ، لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ سَهْلٍ.ارْتَحَلَ ابْنُ المُبَارَكِ إِلَى: الحَرَمَيْنِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقَ، وَالجَزِيْرَةِ، وَخُرَاسَانَ، وَحَدَّثَ بِأَمَاكِنَ.
قَالَ قَعْنَبُ بنُ المُحَرِّرِ: ابْنُ المُبَارَكِ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، مِنْ تَمِيْمٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: وَلاَؤُهُ لِبَنِي حَنْظَلَةَ.
وَقَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ فِي (تَارِيْخِ مَرْوَ) : كَانَتْ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ خُوَارِزمِيَّةً، وَأَبُوْهُ تُرْكِيٌّ، وَكَانَ عَبداً لِرَجُلٍ تَاجِرٍ مِنْ هَمَذَانَ، مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ، فَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا قَدِمَ هَمَذَانَ، يَخضَعُ لِوَالِدَيْهِ وَيُعَظِّمُهُم.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ المُسْلِمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيُّ، وَغَيْرُهُ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ السِّيْبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادِ بنِ سُفْيَانَ بِالكُوْفَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رِزْمَةَ، سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
نَظَرَ أَبُو حَنِيْفَةَ إِلَى أَبِي، فَقَالَ: أَدَّتْ أُمُّهُ
إِلَيْكَ الأَمَانَةَ، وَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بعَبْدِ اللهِ.قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: وُلِدَ ابْنُ المُبَارَكِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَأَمَّا الحَاكِمُ، فَرَوَى عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ الحَمَّادِيِّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى البَاشَانِيَّ، سَمِعْتُ عَبْدَانَ بنَ عُثْمَانَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: ذَاكَرَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ السُّننَ، فَقُلْتُ: إِنَّ العَجَمَ لاَ يَكَادُوْنَ يَحفَظُوْنَ ذَلِكَ، لَكِنِّي أَذْكُرُ أَنِّي لَبِستُ السَّوَادَ وَأَنَا صَغِيْرٌ، عِنْدَمَا خَرَجَ أَبُو مُسْلِمٍ، وَكَانَ أَخَذَ النَّاسَ كُلَّهُم بِلبسِ السَّوَادِ، الصِّغَارَ وَالكِبَارَ.
نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يُكثِرُ الجُلُوْسَ فِي بَيْتِهِ، فَقِيْلَ لَهُ: أَلاَ تَسْتَوحِشُ؟
فَقَالَ: كَيْفَ أَسْتَوحِشُ وَأَنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ؟!
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ أَتَى حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَأَعْجَبَهُ سَمْتُهُ، فَقَالَ: مَنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
قَالَ: مَنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، مِنْ مَرْوَ.
قَالَ: تَعْرِفُ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مَا فَعَلَ؟
قَالَ: هُوَ الَّذِي يُخَاطِبُكَ.
قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَرَحَّبَ بِهِ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ:
أَنَّهُ حضَرَ عِنْدَ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، فَقَالَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ لِحَمَّادٍ: سَلْ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْ يُحَدِّثَنَا.
فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! تُحِدِّثُهُم، فَإِنَّهُم قَدْ سَأَلُوْنِي؟
قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! يَا أَبَا إِسْمَاعِيْلَ، أُحَدِّثُ وَأَنْتَ حَاضِرٌ.
فَقَالَ: أَقسَمتُ عَلَيْكَ لَتَفْعَلَنَّ.
فَقَالَ: خُذُوا، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، فَمَا حَدَّثَ بِحَرْفٍ إِلاَّ عَنْ حَمَّادٍ.قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ مَسْرُوْقٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ:
عَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ المُبَارَكِ: أَيش يَقُوْلُ الرَّجُلُ إِذَا عَطَسَ؟
قَالَ: الحَمْدُ للهِ.
فَقَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ابْنُ المُبَارَكِ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ، رَجُلٌ صَالِحٌ، يَقُوْلُ الشِّعْرَ، وَكَانَ جَامِعاً لِلْعِلْمِ.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: جَمَعَ عَبْدُ اللهِ الحَدِيْثَ، وَالفِقْهَ، وَالعَرَبِيَّةَ، وَأَيَّامَ النَّاسِ، وَالشَّجَاعَةَ، وَالسَّخَاءَ، وَالتِّجَارَةَ، وَالمَحَبَّةَ عِنْدَ الفَرْقِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى.
عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ آدَمَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ إِذَا طَلَبتُ دَقِيْقَ المَسَائِلِ، فَلَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ ابْنِ المُبَارَكِ، أَيِسْتُ مِنْهُ.
عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ الفَرَائِضِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ صَدَقَةَ، سَمِعْتُ شُعَيْبَ بنَ حَرْبٍ، قَالَ:مَا لَقِيَ ابْنُ المُبَارَكِ رَجُلاً إِلاَّ وَابْنُ المُبَارَكِ أَفْضَلُ مِنْهُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ يَقُوْلُ: ابْنُ المُبَارَكِ فِي المُحَدِّثِيْنَ مِثْلُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي النَّاسِ.
عُمَرُ بنُ مُدْرِكٍ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بنُ شُعْبَةَ المَصِّيْصِيُّ، قَالَ:
قَدِمَ الرَّشِيْدُ الرَّقَّةَ، فَانْجَفَلَ النَّاسُ خَلْفَ ابْنِ المُبَارَكِ، وَتَقَطَّعَتِ النِّعَالُ، وَارتَفَعَتِ الغَبَرَةُ، فَأَشرَفَتْ أُمُّ وَلَدٍ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ بُرْجٍ مِنْ قَصْرِ الخَشَبِ، فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟
قَالُوا: عَالِمٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَدِمَ.
قَالَتْ: هَذَا -وَاللهِ- المُلْكُ، لاَ مُلْكَ هَارُوْنَ الَّذِي لاَ يَجْمَعُ النَّاسَ إِلاَّ بِشُرَطٍ وَأَعْوَانٍ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زَيْدٍ الجَهْضَمِيُّ، قَالَ:
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: رَأَيْتَ ابْنَ المُبَارَكِ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: لَوْ رَأْيْتَهُ لَقَرَّتْ عَيْنُكَ.
وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي رِزمَةَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ نَاحِيتِكُم مِثْلُ ابْنِ المُبَارَكِ.
الدَّغُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بنُ زَمْعَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ خَالِدٍ، قَالَ:
تَعَرَّفْتُ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ بِعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، فَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ: مَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِثْلُ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ خَلَقَ خَصْلَةً مِنْ خِصَالِ الخَيْرِ، إِلاَّ وَقَدْ جَعَلَهَا فِي عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ.
وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أَصْحَابِي أَنَّهُم صَحِبُوهُ مِنْ مِصْرَ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُطْعِمُهُمُ
الخَبِيْصَ، وَهُوَ الدَّهْرَ صَائِمٌ.قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ سَعِيْدٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ الصُّوْفِيُّ بِمَنْبِجَ، قَالَ:
خَرَجَ ابْنُ المُبَارَكِ مِنْ بَغْدَادَ يُرِيْدُ المَصِّيْصَةَ، فَصَحِبَهُ الصُّوفِيَّةُ،
فَقَالَ لَهُم: أَنْتُم لَكُم أَنْفُسٌ تَحْتَشِمُوْنَ أَنْ يُنفَقَ عَلَيْكُم، يَا غُلاَمُ! هَاتِ الطَّسْتَ.
فَأَلْقَى عَلَيْهِ مِنْدِيلاً، ثُمَّ قَالَ: يُلقِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُم تَحْتَ المِندِيلِ مَا مَعَهُ.
فَجَعَلَ الرَّجُلُ يُلقِي عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، وَالرَّجُلُ يُلقِي عِشْرِيْنَ، فَأَنفَقَ عَلَيْهِم إِلَى المَصِّيْصَةِ، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ بِلاَدُ نَفِيرٍ، فَنَقْسِمُ مَا بَقِيَ، فَجَعَلَ يُعطِي الرَّجُلَ عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، فَيَقُوْلُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّمَا أَعْطَيْتُ عِشْرِيْنَ دِرْهَماً.
فَيَقُوْلُ: وَمَا تُنْكِرُ أَنْ يُبَارِكَ اللهُ لِلْغَازِي فِي نَفَقَتِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الكَاتِبُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ المُقْرِئُ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ:
كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ إِذَا كَانَ وَقْتُ الحجِّ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ إِخْوَانُهُ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ، فَيَقُوْلُوْنَ: نَصْحَبُكَ.
فَيَقُوْلُ: هَاتُوا نَفَقَاتِكُم.
فَيَأْخُذُ نَفَقَاتِهِم، فَيَجْعَلُهَا فِي صُنْدُوْقٍ، وَيُقْفِلُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَكتَرِي لَهُم، وَيُخْرِجُهُم مِنْ مَرْوَ إِلَى بَغْدَادَ، فَلاَ يَزَالُ يُنفِقُ عَلَيْهِم، وَيُطعِمُهُم أَطْيَبَ الطَّعَامِ، وَأَطْيَبَ الحَلوَى، ثُمَّ يُخْرِجُهُم مِنْ بَغْدَادَ بِأَحْسَنِ زِيٍّ، وَأَكمَلِ مُرُوءةٍ، حَتَّى يَصِلُوا إِلَى مَدِيْنَةِ الرَّسُوْلِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُوْلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ: مَا أَمَرَكَ عِيَالُكَ أَنْ تَشتَرِيَ لَهُم مِنَ المَدِيْنَةِ مِنْ طُرَفِهَا؟
فَيَقُوْلُ: كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ
يُخْرِجُهُم إِلَى مَكَّةَ، فَإِذَا قَضَوْا حَجَّهُم، قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم: مَا أَمَرَكَ عِيَالُكَ أَنْ تَشتَرِيَ لَهُم مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ؟فَيَقُوْلُ: كَذَا وَكَذَا.
فَيَشْتَرِي لَهُم، ثُمَّ يُخْرِجهُم مِنْ مَكَّةَ، فَلاَ يَزَالُ يُنْفِقُ عَلَيْهِم إِلَى أَنْ يَصِيْرُوا إِلَى مَرْوَ، فَيُجَصِّصُ بُيُوْتَهُم وَأَبْوَابَهُم، فَإِذَا كَانَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، عَمِلَ لَهُم وَلِيمَةً وَكَسَاهُم، فَإِذَا أَكَلُوا وَسُرُّوا، دَعَا بِالصُّنْدُوقِ، فَفَتَحَهُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُم صُرَّتَهُ عَلَيْهَا اسْمُهُ.
قَالَ أَبِي: أَخْبَرَنِي خَادمُهُ أَنَّهُ عَملَ آخرَ سَفْرَةٍ سَافَرَهَا دَعْوَةً، فَقَدَّمَ إِلَى النَّاسِ خَمْسَةً وَعِشْرِيْنَ خِوَاناً فَالُوْذَجَ، فَبَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ لِلْفُضَيْلِ: لَوْلاَكَ وَأَصْحَابَكَ مَا اتَّجَرْتُ.
وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى الفُقَرَاءِ، فِي كُلِّ سَنَةٍ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ المُبَارَكِ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَقضِيَ دَيْناً عَلَيْهِ، فَكَتَبَ لَهُ إِلَى وَكِيلٍ لَهُ.
فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ الكِتَابُ، قَالَ لَهُ الوَكِيلُ: كَمِ الدَّيْنُ الَّذِي سَأَلتَهُ قَضَاءهُ؟
قَالَ: سَبْعُ مائَةِ دِرْهَمٍ.
وَإِذَا عَبْدُ اللهِ قَدْ كَتَبَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ سَبْعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَرَاجَعَهُ الوَكِيلُ، وَقَالَ: إِنَّ الغَلاَّتِ قَدْ فَنِيَتْ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ: إِنْ كَانَتِ الغَلاَّتُ قَدْ فَنِيَتْ، فَإِنَّ العُمْرَ أَيْضاً قَدْ فَنِيَ، فَأَجِزْ لَهُ مَا سَبَقَ بِهِ قَلمِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنِي يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، قَالَ:
كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ كَثِيْرَ الاختِلاَفِ إِلَى طَرَسُوْسَ، وَكَانَ يَنْزِلُ الرَّقَّةَ فِي خَانٍ، فَكَانَ شَابٌّ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ، وَيَقُوْمُ بِحَوَائِجِهِ، وَيَسْمَعُ مِنْهُ الحَدِيْثَ، فَقَدِمَ عَبْدُ اللهِ مَرَّةً، فَلَمْ يَرَهُ، فَخَرَجَ فِي النَّفِيْرِ مُسْتَعجِلاً، فَلَمَّا
رَجَعَ، سَأَلَ عَنِ الشَّابِّ، فَقَالَ: مَحْبُوْسٌ عَلَى عَشْرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ.فَاسْتَدَلَّ عَلَى الغَرِيْمِ، وَوَزَنَ لَهُ عَشْرَةَ آلاَفٍ، وَحَلَّفَهُ أَلاَّ يُخْبِرَ أَحَداً مَا عَاشَ، فَأُخْرِجَ الرَّجُلُ، وَسَرَى ابْنُ المُبَارَكِ، فَلَحِقَهُ الفَتَى عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنَ الرَّقَّةِ، فَقَالَ لِي: يَا فَتَى أَيْنَ كُنْتَ؟ لَمْ أَرَكَ!
قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! كُنْتُ مَحْبُوْساً بِدَيْنٍ.
قَالَ: وَكَيْفَ خَلصتَ؟
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَقَضَى دَيْنِي، وَلَمْ أَدرِ.
قَالَ: فَاحْمَدِ اللهَ، وَلَمْ يَعْلَمِ الرَّجُلُ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ اللهِ.
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ الفُضَيْلِ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ لابْنِ المُبَارَكِ:
أَنْتَ تَأْمُرُنَا بِالزُّهْدِ وَالتَّقَلُّلِ وَالبُلْغَةِ، وَنَرَاكَ تَأْتِي بِالبَضَائِعِ، كَيْفَ ذَا؟
قَالَ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، إِنَّمَا أَفْعَلُ ذَا لأَصُوْنَ وَجْهِي، وَأُكرِمَ عِرضِي، وَأَسْتَعِيْنَ بِهِ عَلَى طَاعَةِ رَبِّي.
قَالَ: يَا ابْنَ المُبَارَكِ مَا أَحْسَنَ ذَا إِنْ تَمَّ ذَا.
الفَتْحُ بنُ سُخْرُفٍ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بنُ مُوْسَى، قَالَ:
عُوتِبَ ابْنُ المُبَارَكِ فِيْمَا يُفَرِّقُ مِنَ المَالِ فِي البُلْدَانِ دُوْنَ بَلَدِهِ، قَالَ: إِنِّيْ أَعْرِفُ مَكَانَ قَوْمٍ لَهُم فَضْلٌ وَصِدْقٌ، طَلَبُوا الحَدِيْثَ، فَأَحْسَنُوا طَلَبَهُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِم، احْتَاجُوا، فَإِنْ تَرَكْنَاهُم، ضَاعَ عِلْمُهُم، وَإِنْ أَعَنَّاهُم، بَثُّوا العِلْمَ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ أَعْلَمُ بَعْدَ النُّبُوَّةِ أَفْضَلَ مِنْ بَثِّ العِلْمِ.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً يُحَدِّثُ للهِ إِلاَّ سِتَّةُ نَفَرٍ، مِنْهُم ابْنُ المُبَارَكِ.
أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ الطَّبَّاعِ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: الأَئِمَّةُ أَرْبَعَةٌ:
سُفْيَانُ، وَمَالِكٌ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ.وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَعْلَمَ بِالحَدِيْثِ مِنْ سُفْيَانَ، وَلاَ أَحْسَنَ عَقْلاً مِنْ مَالِكٍ، وَلاَ أَقشَفَ مِنْ شُعْبَةَ، وَلاَ أَنصَحَ لِلأُمَّةِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ أَرْبَعَةٍ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ لِلْحَدِيْثِ مِنَ الثَّوْرِيِّ، وَلاَ أَشَدَّ تَقَشُّفاً مِنْ شُعْبَةَ، وَلاَ أَعقَلَ مِنْ مَالِكٍ، وَلاَ أَنصَحَ لِلأُمَّةِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
أَبُو نَشِيْطٍ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ:
قُلْتُ لابْنِ مَهْدِيٍّ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ، ابْنُ المُبَارَكِ أَوْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ؟
فَقَالَ: ابْنُ المُبَارَكِ.
قُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يُخَالِفُوْنَكَ.
قَالَ: إِنَّهُم لَمْ يُجَرِّبُوا، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ ابْنِ المُبَارَكِ.
نُوْحُ بنُ حَبِيْبٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، وَكَانَ نَسِيْجَ وَحْدِهِ.
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحْرِزٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: ابْنُ المُبَارَكِ أَعْلَمُ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَعْيَنَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَقَالُوا لَهُ: جَالَسْتَ الثَّوْرِيَّ، وَسَمِعْتَ مِنْهُ، وَمِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، فَأَيُّهُمَا أَرْجَحُ؟
قَالَ: لَوْ أَنَّ سُفْيَانَ جَهِدَ عَلَى أَنْ يَكُوْنَ يَوْماً مِثْلَ عَبْدِ اللهِ، لَمْ يَقْدِرْ.
ابْنُ أَبِي العَوَّامِ: حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ شُعَيْبَ بنَ حَرْبٍ يَقُوْلُ:قَالَ سُفْيَانُ: إِنِّيْ لأَشتَهِي مِنْ عُمُرِي كُلِّهِ أَنْ أَكُوْنَ سَنَةً مِثْلَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَكُوْنَ وَلاَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَحْرٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى الطَّرَسُوْسِيُّ، قَالَ:
سَأَلَ رَجُلٌ سُفْيَانَ، فَقَالَ: مَنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
قَالَ: مَنْ أَهْلِ المَشْرِقِ.
قَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُم أَعْلَمُ أَهْلِ المَشْرِقِ؟
قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟
قَالَ: عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ.
قَالَ: وَهُوَ أَعْلَمُ أَهْلِ المَشْرِقِ؟!
قَالَ: نَعَمْ، وَأَهْلِ المَغْرِبِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ قَالَ:
كَانَ فُضَيْلٌ وَسُفْيَانُ وَمَشْيَخَةٌ جُلُوْساً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَطَلَعَ ابْنُ المُبَارَكِ مِنَ الثَّنِيَّةِ، فَقَالَ سُفْيَانُ: هَذَا رَجُلُ أَهْلِ المَشْرِقِ.
فَقَالَ فُضَيْلٌ: رَجُلُ أَهْلِ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي جَمِيْلٍ، قَالَ:
كُنَّا حَوْلَ ابْنِ المُبَارَكِ بِمَكَّةَ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا عَالِمَ الشَّرقِ، حَدِّثْنَا - وَسُفْيَانُ قَرِيْبٌ مِنَّا يَسْمَعُ - فَقَالَ: وَيْحَكُمْ! عَالِمَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قُهْزَاذَ: سَمِعْتُ أَبَا الوَزِيْرِ يَقُوْلُ: قَدِمْتُ عَلَى سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالُوا لَهُ: هَذَا وَصِيُّ عَبْدِ اللهِ.
فَقَالَ: رَحِمَ اللهُ عَبْدَ اللهِ، مَا خَلَّفَ بِخُرَاسَانَ مِثْلَهُ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: حَدَّثَنَا أَبُو عِصْمَةَ قَالَ:شَهِدتُ سُفْيَانَ وَفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، قَالَ سُفْيَانُ لِفُضَيْلٍ: يَا أَبَا عَلِيٍّ! أَيُّ رَجُلٍ ذَهَبَ!
يَعْنِي: ابْنَ المُبَارَكِ.
قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! وَبَقِيَ بَعْدَ ابْنِ المُبَارَكِ مَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ ؟!
مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الوَهَّابِ بنَ عَبْدِ الحَكَمِ يَقُوْلُ:
لَمَّا مَاتَ ابْنُ المُبَارَكِ، بَلَغَنِي أَنَّ هَارُوْنَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ: مَاتَ سَيِّدُ العُلَمَاءِ.
المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الفَزَارِيَّ يَقُوْلُ: ابْنُ المُبَارَكِ إِمَامُ المُسْلِمِيْنَ أَجْمَعِيْنَ.
قُلْتُ: هَذَا الإِطلاَقُ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ مَعْنِيٌّ بِمُسْلِمِي زَمَانِهِ.
قَالَ المُسَيَّبُ: وَرَأَيْتُ أَبَا إِسْحَاقَ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ المُبَارَكِ قَاعِداً يَسْأَلُهُ.
قَالَ أَبُو وَهْبٍ أَحْمَدُ بنُ رَافِعٍ - وَرَّاقُ سُوَيْدِ بنِ نَصْرٍ -: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: نَظَرْتُ فِي أَمرِ الصَّحَابَةِ وَأَمرِ عَبْدِ اللهِ، فَمَا رَأَيْتُ لَهُم عَلَيْهِ فَضْلاً، إِلاَّ بِصُحْبَتِهِمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَغَزْوِهِم مَعَهُ.
مَحْمُودُ بنُ وَالاَن، قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بنَ الحَسَنِ يَمدَحُ ابْنَ المُبَارَكِ، وَيَقُوْلُ:
إِذَا سَارَ عَبْدُ اللهِ مِنْ مَرْوَ لَيْلَةَ ... فَقَدْ سَارَ مِنْهَا نُوْرُهَا وَجَمَالُهَاإِذَا ذُكِرَ الأَحْبَارُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ ... فَهُم أَنْجُمٌ فِيْهَا وَأَنْتَ هِلاَلُهَا
هَاشِمُ بنُ مَرْثَدٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ طَالُوْتَ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
انْتَهَى العِلْمُ إِلَى رَجُلَيْنِ: إِلَى ابْنِ المُبَارَكِ، ثُمَّ إِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ الجَارُوْدِ: قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ:
عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ أَوسَعُ عِلْماً مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بنِ آدَمَ.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ: سَمِعْتُ سَلاَّمَ بنَ أَبِي مُطِيْعٍ يَقُوْلُ: مَا خَلَّفَ ابْنُ المُبَارَكِ بِالمَشْرِقِ مِثْلَهُ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَذَكَرُوا عَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَافِظاً.
فَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ عَبْدُ اللهِ -رَحِمَهُ اللهُ- كَيِّساً، مُسْتَثْبِتاً، ثِقَةً، وَكَانَ عَالِماً، صَحِيْحَ الحَدِيْثِ، وَكَانَتْ كُتُبُهُ الَّتِي يُحَدِّثُ بِهَا عِشْرِيْنَ أَلْفاً أَوْ وَاحِداً وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ حَمْدَوَيْه بنُ الخَطَّابِ البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ نَصْرَ بنَ المُغِيْرَةِ البُخَارِيَّ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ شَمَّاسٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَفقَهَ النَّاسِ ابْنَ المُبَارَكِ، وَأَورَعَ النَّاسِ الفُضَيْلَ، وَأَحْفَظَ النَّاسِ وَكِيْعَ بنَ الجَرَّاحِ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ - وَذَكَرَ أَصْحَابَ سُفْيَانَ - فَقَالَ:خَمْسَةٌ: ابْنُ المُبَارَكِ - فَبَدَأَ بِهِ - وَوَكِيْعٌ، وَيَحْيَى، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: قُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ: اخْتَلَفَ القَطَّانُ، وَوَكِيْعٌ؟
قَالَ: القَوْلُ قَوْلُ يَحْيَى.
قَالَ: فَإِذَا اخْتَلَفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى؟
قَالَ: يَحتَاجُ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: فَأَبُو نُعَيْمٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ؟
قَالَ: يَحتَاجُ مَنْ يَفصِلُ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: الأَشْجَعِيُّ؟
قَالَ: مَاتَ الأَشْجَعِيُّ، وَمَاتَ حَدِيْثُهُ مَعَهُ.
قُلْتُ: ابْنُ المُبَارَكِ؟
قَالَ: ذَاكَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
مَحْمُودُ بنُ وَالاَنَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُوْسَى يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَنْ أَثْبَتُ فِي مَعْمَرٍ، ابْنُ المُبَارَكِ أَوْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ؟
وَكَانَ يَحْيَى مُتَّكِئاً، فَجَلَسَ، وَقَالَ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ خَيْراً مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ، كَانَ عَبْدُ اللهِ سَيِّداً مِنْ سَادَاتِ المُسْلِمِيْنَ.
وَسُئِلَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: إِذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَعْمَرٍ؟
قَالَ: القَوْلُ قَوْلُ ابْنِ المُبَارَكِ.
الدَّغُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ بنِ مُسَاوِرٍ، قَالَ:
قَالَ أَبِي: قُلْتُ لابْنِ المُبَارَكِ: هَلْ تَتَحَفَّظُ الحَدِيْثَ؟
فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَقَالَ: مَا تَحَفَّظْتُ حَدِيْثاً قَطُّ، إِنَّمَا آخُذُ الكِتَابَ، فَأَنظُرُ فِيْهِ، فَمَا اشْتَهَيْتُهُ، عَلِقَ بِقَلْبِي.
قَالَ الحَسَنُ بنُ عِيْسَى: أَخْبَرَنِي صَخْرٌ - صَدِيْقُ ابْنِ المُبَارَكِ - قَالَ:كُنَّا غِلْمَاناً فِي الكُتَّابِ، فَمَرَرْتُ أَنَا وَابْنُ المُبَارَكِ، وَرَجُلٌ يَخطُبُ، فَخَطَبَ خُطْبَةً طَوِيْلَةً، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ لِي ابْنُ المُبَارَكِ: قَدْ حَفِظتُهَا.
فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقَالَ: هَاتِهَا.
فَأَعَادهَا وَقَدْ حَفِظَهَا.
نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ، قَالَ:
قَالَ لِي أَبِي: لَئِنْ وَجَدْتُ كُتُبَكَ، لأُحَرِقَنَّهَا.
قُلْتُ: وَمَا عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ فِي صَدْرِي.
وَقَالَ أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُزَاحِمٍ: العَجَبُ مِمَّنْ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ رَجُلٍ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الرَّجُلَ حَتَّى يُحَدِّثُه بِهِ.
قَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: ابْنُ المُبَارَكِ مَرْوَزِيٌّ، ثِقَةٌ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبَّادٍ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ بِمَكَّةَ أَتَى زَمْزَمَ، فَاسْتَقَى شُربَةً، ثُمَّ اسْتَقبَلَ القِبْلَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ أَبِي المَوَّالِ حَدَّثَنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: (مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ) وَهَذَا أَشرَبُهُ لِعَطَشِ القِيَامَةِ، ثُمَّ شَرِبَهُ.
كَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي المَوَّالِ، وَصَوَابُهُ: ابْنُ المُؤَمَّلِ عَبْدُ اللهِ المَكِّيُّ، وَالحَدِيْثُ بِهِ يُعْرَفُ، وَهُوَ مِنَ الضُّعَفَاءِ، لَكِنْ يَرْوِيْهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، فَعَلَى كُلِّ حَالٍ خَبَرُ ابْنِ المُبَارَكِ فَرْدٌ مُنْكَرٌ، مَا أَتَى بِهِ سِوَى سُوَيْدٍ، رَوَاهُ: المَيَانَجِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ.أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: سَمِعْتُ الخَلِيْلَ أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، قَالَ:
بُغْضُ الحَيَاةِ وَخَوْفُ اللهِ أَخْرَجَنِي ... وَبَيْعُ نَفْسِي بِمَا لَيْسَتْ لَهُ ثَمَنَا
إِنِّيْ وَزَنْتُ الَّذِي يَبْقَى لِيَعْدِلَهُ ... مَا لَيْسَ يَبْقَى فَلاَ وَاللهِ مَا اتَّزَنَا
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ إِذَا قَرَأَ كِتَابَ (الرِّقَاقِ) ، يَصِيْرُ كَأَنَّهُ ثَوْرٌ مَنْحُوْرٌ، أَوْ بَقَرَةٌ مَنْحُوْرَةٌ مِنَ البُكَاءِ، لاَ يَجْتَرِئُ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ دَفَعَهُ.
أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ المَرْوَزِيُّ، قَالَ:
كُنَّا سَرِيَّةً مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ فِي بِلاَدِ الرُّوْمِ، فَصَادَفْنَا العَدُوَّ، فَلَمَّا التَقَى الصَّفَّانِ، خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ العَدُوِّ، فَدَعَا إِلَى البِرَازِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ آخَرُ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ آخَرُ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ دَعَا إِلَى البِرَازِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَطَارَدَهُ سَاعَةً، فَطَعَنَهُ، فَقَتَلَهُ، فَازدَحَمَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَإِذَا هُوَ يَكْتُمُ وَجْهَهُ بِكُمِّهِ، فَأَخَذْتُ بِطَرَفِ كُمِّهِ، فَمَدَدْتُهُ، فَإِذَا هُوَ هُوَ، فَقَالَ: وَأَنْتَ
يَا أَبَا عَمْرٍو مِمَّنْ يُشَنِّعُ عَلَيْنَا !!قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا وَهْبٍ يَقُوْلُ: مَرَّ ابْنُ المُبَارَكِ بِرَجُلٍ أَعْمَى، فَقَالَ لَهُ: أَسْأَلُكَ أَنْ تَدعُوَ لِي أَنْ يَرُدَّ اللهَ عَلَيَّ بَصَرِي.
فَدَعَا اللهَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَأَنَا أَنْظُرُ.
وَقَالَ أَبُو حَسَّانٍ عِيْسَى بنُ عَبْدِ اللهِ البَصْرِيُّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي ابْنُ المُبَارَكِ: اسْتَعَرتُ قَلَماً بِأَرْضِ الشَّامِ، فَذَهَبتُ عَلَى أَنْ أَرُدَّهُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ مَرْوَ، نَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ مَعِي، فَرَجَعتُ إِلَى الشَّامِ حَتَّى رَدَدْتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ.
قَالَ أَسْوَدُ بنُ سَالِمٍ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ إِمَاماً يُقْتَدَى بِهِ، كَانَ مِنْ أَثبَتِ النَّاسِ فِي السُّنَّةِ، إِذَا رَأَيْتَ رَجُلاً يَغمِزُ ابْنَ المُبَارَكِ، فَاتَّهِمْهُ عَلَى الإِسْلاَمِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ بِهَا، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الدَّايَةِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ كِتَابَةً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ المُقْرِئُ، وَأَنْبَأَنَا يَحْيَى، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّرَّاحِ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبُو غَالِبٍ بنُ البَنَّاءِ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو المُرْهفِ المِقْدَادُ بنُ أَبِي القَاسِمِ القَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الرَّزَازُ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلاَّنَ فِي كِتَابِهِ، وَغَيْرُهُ، أَنَّ دَاوُدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الوَكِيْلَ أَخْبَرَهُم، قَالُوا:أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ الأُرْمَوِيُّ، وَكَتَبَ إِلَيْنَا الفَخْرُ عَلِيُّ بنُ البُخَارِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَتْنَا نِعْمَةُ بِنْتُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، قَالَ سبْعَتُهُم:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُعَدِّلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَلْخِيُّ بِسَمَرْقَنْدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمَائَتَيْنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو المُصْعَبِ مِشْرَحُ بنُ هَاعَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا ) .
وَبِهِ: إِلَى الفِرْيَابِيِّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ مِشْرَحٍ، ... فَذَكَرَهُ.
وَبِهِ: إِلَى الفِرْيَابِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ سَعِيْدُ بنُ يَعْقُوْبَ الطَّالْقَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ هَارُوْنَ بنِ رِئَابٍ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو لَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ، قَالَ: انْظُرُوا فُلاَناً لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَإِنِّي كُنْتُ قُلْتُ لَهُ فِي ابْنَتِي قَوْلاً كَشَبِيْهِ العِدَةِ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَلْقَى الله -تَعَالَى- بِثُلُثِ النِّفَاقِ، وَأُشْهِدُكُم أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُهُ.
هَارُوْنُ ثِقَةٌ، لَكِنَّهُ لَمْ يَلْحَقْ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي زَمَانِ ابْنِ المُبَارَكِ أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ مِنْهُ.وَعَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ مِثْلُ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَهُوَ فِي المُحَدِّثِيْنَ مِثْلُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي النَّاسِ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ مَوْلَى ابْنِ المُبَارَكِ: اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِثْلُ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، وَمَخْلَدِ بنِ الحُسَيْنِ، فَقَالُوا:
تَعَالَوْا نَعُدُّ خِصَالَ ابْنِ المُبَارَكِ مِنْ أَبْوَابِ الخَيْرِ، فَقَالُوا: العِلْمُ، وَالفِقْهُ، وَالأَدَبُ، وَالنَّحْوُ، وَاللُّغَةُ، وَالزُّهْدُ، وَالفَصَاحَةُ، وَالشِّعْرُ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ، وَالعِبَادَةُ، وَالحَجُّ، وَالغَزْوُ، وَالشَّجَاعَةُ، وَالفُرُوْسِيَّةُ، وَالقُوَّةُ، وَتَرْكُ الكَلاَمِ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْهِ، وَالإِنصَافُ، وَقِلَّةُ الخِلاَفِ عَلَى أَصْحَابِهِ.
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ المُبَارَكِ: قَرَأْتُ البَارِحَةَ القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ.
فَقَالَ: لَكِنِّي أَعْرِفُ رَجُلاً لَمْ يَزَلِ البَارِحَةَ يُكَرِّرُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} إِلَى الصُّبْحِ، مَا قَدِرَ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا -يَعْنِي نَفْسَهُ-.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْحَاقَ البُنَانِيِّ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ:
حَمَلتُ العِلْمَ عَنْ أَرْبَعَةِ آلاَفِ شَيْخٍ، فَرَويتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ.
ثُمَّ قَالَ العَبَّاسُ: فَتَتَبَّعْتُهُم حَتَّى وَقَعَ لِي ثَمَانُ مائَةِ شَيْخٍ لَهُ.
قَالَ حَبِيْبٌ الجَلاَّبُ: سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ: مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الإِنْسَانُ؟
قَالَ: غَرِيْزَةُ عَقْلٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: حُسْنُ أَدَبٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: أَخٌ شَفِيْقٌ يَسْتَشِيْرُهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: صَمْتٌ طَوِيْلٌ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: مَوْتٌ عَاجِلٌ.
وَرَوَى: عَبْدَانُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:إِذَا غَلَبَتْ مَحَاسِنُ الرَّجُلِ عَلَى مَسَاوِئِهِ، لَمْ تُذْكَرِ المَسَاوِئُ، وَإِذَا غَلَبَتِ المَسَاوِئُ عَنِ المَحَاسِنِ، لَمْ تُذْكَرِ المَحَاسِنُ.
قَالَ نُعَيْمٌ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
عَجِبتُ لِمَنْ لَمْ يَطلُبِ العِلْمَ، كَيْفَ تَدعُوْهُ نَفْسُهُ إِلَى مَكْرُمَةٍ؟!
قَالَ عُبَيْدُ بنُ جَنَّادٍ: قَالَ لِي عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ: رَأَيْتَ ابْنَ المُبَارَكِ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: مَا رَأَيْتَ وَلاَ تَرَى مِثْلَهُ.
قَالَ عُبَيْدُ بنُ جَنَّادٍ: وَسَمِعْتُ العُمَرِيَّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ فِي دَهْرِنَا هَذَا مَنْ يَصلُحُ لِهَذَا الأَمْرِ -يَعْنِي: الإِمَامَةَ- إِلاَّ ابْنَ المُبَارَكِ.
قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ ابْنِ المُبَارَكِ، تُصِيْبُ عِنْدَهُ الشَّيءَ الَّذِي لاَ تُصِيْبُهُ عِنْدَ أَحَدٍ.
قَالَ شَقِيْقٌ البَلْخِيُّ: قِيْلَ لابْنِ المُبَارَكِ: إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ لِمَ لاَ تَجْلِسُ مَعَنَا؟
قَالَ: أَجلِسُ مَعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، أَنْظُرُ فِي كُتُبِهِم وَآثَارِهِم، فَمَا أَصْنَعُ مَعَكُم؟ أَنْتُم تَغْتَابُوْنَ النَّاسَ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: لِيَكُنْ عُمْدَتُكُم الأَثَرُ، وَخُذُوا مِنَ الرَّأْيِ مَا يُفَسِّرُ لَكُمُ الحَدِيْثَ.
مَحْبُوبُ بنُ الحَسَنِ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
مَنْ بَخِلَ بِالعِلْمِ، ابْتُلِي بِثَلاَثٍ: إِمَّا مَوْتٌ يُذْهِبُ عِلْمَهُ، وَإِمَّا يَنْسَى، وَإِمَّا يَلْزَمُ السُّلْطَانَ، فَيَذْهَبُ عِلْمُهُ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْفَعَةِ العِلْمِ أَنْ يُفِيْدَ بَعْضُهُم بَعْضاً.
المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ قِيْلَ لَهُ: الرَّجُلُ يَطلُبُ الحَدِيْثَ للهِ، يَشتَدُّ فِي سَنَدِهِ.قَالَ: إِذَا كَانَ للهِ، فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَشتَدَّ فِي سَنَدِهِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا فِي القَلْبِ، وَالذُّنُوْبُ فَقَدِ احْتَوَشَتْهُ، فَمَتَى يَصِلُ الخَيْرُ إِلَيْهِ؟
وَعَنْهُ، قَالَ: لَوِ اتَّقَى الرَّجُلُ مائَةَ شَيْءٍ، وَلَمْ يَتَّقِ شَيْئاً وَاحِداً، لَمْ يَكُ مِنَ المُتَّقِيْنَ، وَلَو تَوَرَّعَ عَنْ مائَةِ شَيْءٍ، سِوَى وَاحِدٍ، لَمْ يَكُنْ وَرِعاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيْهِ خُلَّةٌ مِنَ الجَهْلِ، كَانَ مِنَ الجَاهِلِيْنَ، أَمَا سَمِعْتَ اللهَ يَقُوْلُ لِنُوْحٍ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- مِنْ أَجْلِ ابْنِهِ: {إِنِّيْ أَعِظُكَ أَنْ تَكُوْنَ مِنَ الجَاهِلِيْنَ} [هُوْدُ: 460] .
إِسْنَادُهَا لاَ يَصِحُّ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ خِلاَفُ هَذَا، وَأَنَّ الاعْتِبَارَ بِالكَثْرَةِ، وَمُرَادُهُ بِالخُلَّةِ مِنَ الجَهْلِ: الإِصرَارُ عَلَيْهَا.
وَجَاءَ أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ سُئِلَ: مَنِ النَّاسُ؟
فَقَالَ: العُلَمَاءُ.
قِيْلَ: فَمَنِ المُلُوْكُ؟
قَالَ: الزُّهَّادُ.
قِيْلَ: فَمَنِ الغَوْغَاءُ؟
قَالَ: خُزَيْمَةُ وَأَصْحَابُهُ -يَعْنِي: مِنْ أُمَرَاءِ الظَّلَمَةِ-.
قِيْلَ: فَمَنِ السَّفِلَةُ؟
قَالَ: الَّذِيْنَ يَعِيْشُوْنَ بِدِيْنِهِم.
وَعَنْهُ، قَالَ: لِيَكُنْ مَجْلِسُكَ مَعَ المَسَاكِيْنِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَجلِسَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: إِذَا عَرَفَ الرَّجُلُ قَدْرَ نَفْسِهِ، يَصِيْرُ عِنْدَ نَفْسِهِ أَذَلَّ مِنْ كَلْبٍ.
وَعَنْهُ، قَالَ: لاَ يَقَعُ مَوقِعَ الكَسْبِ عَلَى العِيَالِ شَيْءٌ، وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيْلِ اللهِ.
وَقَالَ: رُبَّ عَمَلٍ صَغِيْرٍ تُكَثِّرُهُ النِّيَّةُ، وَرُبَّ عَمَلٍ كَثِيْرٍ تُصَغِّرُهُ النِّيَّةُ.أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ إِجَازَةً، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاغِدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَنْ أَبَوَيهِ، فَقَالَ: مَنْ يَرْوِيْهِ؟
قُلْتُ: شِهَابُ بنُ خِرَاشٍ.
قَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ؟
قُلْتُ: عَنِ الحَجَّاجِ بنِ دِيْنَارٍ.
قَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ؟
قُلْتُ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَفَاوِزُ تَنْقَطِعُ فِيْهَا أَعْنَاقُ الإِبِلِ.
أَخْبَرَنَا بِيْبَرْسُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَجْدِيُّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدَّوَامِيُّ، أَخْبَرَتْنَا تَجَنِّي مَوْلاَةُ ابْنِ وَهْبَانَ، وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْدَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الخَطِيْبُ، وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّةُ، وَفَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ (ح) .
وَأَخْبَرَتْنَا سِتُّ الأَهْلِ بِنْتُ النَّاصِحِ، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْد الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا طِرَادُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَغْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُخْتَارٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الحَفَّارُ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى القَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُجَشِّرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
عَاصِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ - وَمَرَرْتُ مَعَهُ بِبُقْعَةٍ - فَقَالَ:سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (رُبَّ يَمِيْنٍ لاَ تَصْعَدُ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي هَذِهِ البُقْعَةِ ) .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَرَأَيْتُ فِيْهَا النَّخَّاسِيْنَ.
وَبِهِ: إِلَى ابْنِ المُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَكُلُّ مُسْكرٍ خَمْرٌ ) .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ الأَسَدِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاغِدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي رِزْمَةَ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
إِنَّا لَنَحكِي كَلاَمَ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارِى، وَلاَ نَستَطِيْعُ أَنْ نَحكِيَ كَلاَمَ الجَهْمِيَّةِ.
وَبِهِ: إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ: سَمِعْتُ أَبَا يَحْيَى يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ: كَيْفَ يُعْرَفُ رَبُّنَا -عَزَّ وَجَلَّ-؟قَالَ: فِي السَّمَاءِ عَلَى العَرْشِ.
قُلْتُ لَهُ: إِنَّ الجَهْمِيَّةَ تَقُوْلُ هَذَا.
قَالَ: لاَ نَقُوْلُ كَمَا قَالَتِ الجَهْمِيَّةُ، هُوَ مَعَنَا هَا هُنَا.
قُلْتُ: الجَهْمِيَّةُ يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ البَارِي -تَعَالَى- فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالسَّلَفُ يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ عِلْمَ البَارِي فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: {وَهُوَ مَعَكُم أَيْنَمَا كُنْتُمْ} [الحَدِيْدُ: 4] يَعْنِي: بِالعِلْمِ، وَيَقُوْلُوْنَ: إِنَّهُ عَلَى عَرْشِهِ اسْتَوَى، كَمَا نَطَقَ بِهِ القُرْآنُ وَالسُّنَّةُ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ - وَهُوَ إِمَام وَقْتِهِ -: كُنَّا - وَالتَّابِعُوْنَ مُتَوَافِرُوْنَ - نَقُوْلُ:
إِنَّ اللهَ -تَعَالَى- فَوْقَ عَرْشِهِ، وَنُؤمِنُ بِمَا وَردَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ صِفَاتِهِ، وَمَعْلُوْمٌ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنَ الطَّوَائِفِ أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ إِمرَارُ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيْثِهَا كَمَا جَاءتْ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلاَ تَحرِيْفٍ، وَلاَ تَشْبِيْهٍ وَلاَ تَكْيِيفٍ، فَإِنَّ الكَلاَمَ فِي الصِّفَاتِ فَرْعٌ عَلَى الكَلاَمِ فِي الذَّاتِ المُقَدَّسَةِ.
وَقَدْ عَلِمَ المُسْلِمُوْنَ أَنَّ ذَاتَ البَارِي مَوْجُوْدَةٌ حَقِيْقَةٌ، لاَ مِثْلَ لَهَا، وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ -تَعَالَى- مَوْجُوْدَةٌ، لاَ مِثْلَ لَهَا.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ شَبِيْبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ اللُّبْنَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِ (الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ ) لَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، قَالَ:سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ: كَيْفَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْرِفَ رَبَّنَا؟
قَالَ: عَلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِه، وَلاَ نَقُوْلُ كَمَا تَقُوْلُ الجَهْمِيَّةُ: إِنَّهُ هَا هُنَا فِي الأَرْضِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ فِي هَذَا الكِتَاب بِإِسْنَادِهِ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ:
أَنَّ رَجُلاً قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَدْ خِفْتُ اللهَ -تَعَالَى- مِنْ كَثْرَةِ مَا أَدْعُو عَلَى الجَهْمِيَّةِ.
قَالَ: لاَ تَخَفْ، فَإِنَّهُم يَزْعُمُوْنَ أَنَّ إِلَهَكَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ ابْنُ المُبَارَكِ، فَنَحْنُ مِنْهُ بَرَاءٌ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: فِي صَحِيْحِ الحَدِيْثِ شُغْلٌ عَنْ سَقِيْمِهِ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الجُذَامِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحَاجِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثنَا العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ:
سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ قَرَأَ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا مَخْلُوْقٌ، فَقَدْ كَفَرَ بِاللهِ العَظِيْمِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ: قُمْتُ لأَخْرُجَ مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَذَاكَرَنِي عِنْد البَابِ بِحَدِيْثٍ - أَوْ ذَاكَرْتُهُ - فَمَا زِلْنَا نَتَذَاكَرُ حَتَّى جَاءَ المُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ.وَقَالَ فَضَالَةُ النَّسَائِيُّ: كُنْتُ أُجَالِسُهُم بِالكُوْفَةِ، فَإِذَا تَشَاجَرُوا فِي حَدِيْثٍ، قَالُوا: مُرُّوا بِنَا إِلَى هَذَا الطَّبِيْبِ حَتَّى نَسْأَلَه - يَعنُوْنَ: ابْنَ المُبَارَكِ -.
قَالَ وَهْبُ بنُ زَمْعَةَ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بِحَدِيْثٍ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الحَمِيْدِ! تُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ، وَقَدْ لَقِيْتَ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ؟
فَغَضِبَ، وَقَالَ: أَنَا مِثْلُ عَبْدِ اللهِ، أَحْمِلُ عِلْمَ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَعِلمَ أَهْلِ العِرَاقِ، وَأَهْلِ الحِجَازِ، وَأَهْلِ اليَمَنِ، وَأَهْلِ الشَّامِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ لِيَسْمَعَ مِنْهُ، فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَهُ.
فَقَالَ الشَّرِيْفُ لِغُلاَمِهِ: قُمْ، فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لاَ يَرَى أَنْ يُحَدِّثَنَا.
فَلَمَّا قَامَ لِيَركَبَ، جَاءَ ابْنُ المُبَارَكِ لِيُمْسِكَ بِرِكَابِه، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تَفْعَلُ هَذَا، وَلاَ تَرَى أَنْ تُحَدِّثَنِي؟
فَقَالَ: أَذِلُّ لَكَ بَدَنِي، وَلاَ أَذِلُّ لَكَ الحَدِيْثَ.
رَوَى المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ المُبَارَكِ - وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَمَّنْ يَأْخُذُ - فَقَالَ:
قَدْ يَلقَى الرَّجُلُ ثِقَةً، وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ، وَقَدْ يَلْقَى الرَّجُلُ غَيْرَ ثِقَةٍ يُحَدِّثُ عَنْ ثِقَةٍ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ: ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ.
عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ
ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ قَطُّ: (حَدَّثَنَا) ، كَانَ يَرَى (أَخْبَرَنَا) أَوْسَعَ، وَكَانَ لاَ يَرُدُّ عَلَى أَحَدٍ حَرفاً إِذَا قَرَأَ.وَقَالَ نُعَيْمٌ: مَا رَأَيْتُ أَعقَلَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ أَكْثَرَ اجْتِهَاداً فِي العِبَادَةِ.
الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ: قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي حَدِيْثِ ثَوْبَانَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اسْتَقِيْمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ ) : يُفَسِّرُهُ حَدِيْثُ أُمِّ سَلَمَةَ: (لاَ تَقْتُلُوْهُمْ مَا صَلَّوْا ) .
وَاحْتَجَّ ابْنُ المُبَارَكِ فِي مَسْأَلَةِ الإِرْجَاءِ، وَأَنَّ الإِيْمَانَ يَتَفَاوَتُ، بِمَا رَوَى عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيْلَ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ: لَوْ وُزِنَ إِيْمَانُ أَبِي بَكْرٍ بِإِيْمَانِ أَهْلِ الأَرْضِ، لَرَجَحَ.
قُلْتُ: مُرَادُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَهْلُ أَرْضِ زَمَانِهِ.
نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
السَّيْفُ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِتْنَةٌ، وَلاَ أَقُوْلُ لأَحَدٍ مِنْهُم هُوَ مَفْتُونٌ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَسُئِلَ: مَنِ السِّفْلَةُ؟قَالَ: الَّذِي يَدُورُ عَلَى القُضَاةِ يَطلُبُ الشَّهَادَاتِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: إِنَّ البُصرَاءَ لاَ يَأْمنُوْنَ مِنْ أَرْبَعٍ: ذَنْبٍ قَدْ مَضَى لاَ يُدْرَى مَا يَصْنَعُ فِيْهِ الرَّبُّ -عَزَّ وَجَلَّ- وَعُمُرٍ قَدْ بَقِيَ لاَ يُدْرَى مَا فِيْهِ مِنَ الهَلَكَةِ، وَفَضْلٍ قَدْ أُعْطِيَ العَبْدُ لَعَلَّهُ مَكْرٌ وَاسْتِدْرَاجٌ، وَضَلاَلَةٌ قَدْ زُيِّنَتْ، يَرَاهَا هُدَىً، وَزَيْغِ قَلْبٍ سَاعَةً فَقَدْ يُسلَبُ المَرْءُ دِيْنَهُ وَلاَ يَشعُرُ.
قَالَ مَنْصُوْرُ بنُ دِيْنَارٍ؛ صَاحِبُ ابْنِ المُبَارَكِ:
إِنَّ عَبْدَ اللهِ كَانَ يَتَصَدَّقُ لِمُقَامِهِ بِبَغْدَادَ كُلَّ يَوْمٍ بِدِيْنَارٍ.
وَعَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ السُّكَّرِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يُعجِبُه إِذَا خَتَمَ القُرْآنَ أَنْ يَكُوْنَ دُعَاؤُهُ فِي السُّجُودِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ نُوْحٍ المَوْصِلِيُّ: قَدِمَ الرَّشِيْدُ عَيْنَ زَرْبَةَ، فَأَمَرَ أَبَا سُلَيْمٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بَابْنِ المُبَارَكِ.
قَالَ: فَقُلْتُ: لاَ آمَنُ أَنْ يُجِيْبَ ابْنُ المُبَارَكِ بِمَا يَكرَهُ، فَيَقتُلُهُ، فَقُلْتُ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! هُوَ رَجُلٌ غَلِيْظُ الطِّبَاعِ، جِلْفٌ.
فَأَمسَكَ الرَّشِيْدُ.
الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْأَلُ ابْنَ المُبَارَكِ عَنِ الرَّجُلِ يَصُوْمُ يَوْماً وَيُفطِرُ يَوْماً.
قَالَ: هَذَا رَجُل يُضِيعُ نِصْفَ عُمُرِهِ، وَهُوَ لاَ يَدْرِي.
يَعْنِي: لِمَ لاَ يَصُوْمُهَا.
قُلْتُ: أَحسِبُ ابْنَ المُبَارَكِ لَمْ يَذْكُرْ حِيْنَئِذٍ حَدِيْثَ: (أَفْضَلُ
الصَّوْمِ صَوْمُ دَاوُدَ ) ، وَلاَ حَدِيْثَ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ.قَالَ أَبُو وَهْبٍ المَرْوَزِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ: مَا الكِبْرُ؟
قَالَ: أَنْ تَزْدَرِيَ النَّاسَ.
فَسَأَلْتُهُ عَنِ العُجْبِ؟
قَالَ: أَنْ تَرَى أَنَّ عِنْدَكَ شَيْئاً لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِك، لاَ أَعْلَمُ فِي المُصَلِّيْنَ شَيْئاً شَرّاً مِنَ العُجْبِ.
قَالَ حَاتِمُ بنُ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ قَرْحَةٍ خَرَجتْ فِي رُكبَتِهِ مُنْذُ سَبْعِ سِنِيْنَ، وَقَدْ عَالَجتُهَا بِأَنْوَاعِ العِلاَجِ، وَسَأَلْتُ الأَطِبَّاءَ، فَلَمْ أَنْتَفِعْ بِهِ.
فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ، فَاحفِرْ بِئْراً فِي مَكَانِ حَاجَةٍ إِلَى المَاءِ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَنبُعَ هُنَاكَ عَيْنٌ، وَيُمْسِكَ عَنْكَ الدَّمَ.
فَفَعَلَ الرَّجُلُ، فَبَرَأَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يُحَدِّثُ مِنَ الكِتَابِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ سَقطٌ كَثِيْرٌ، وَكَانَ وَكِيْعٌ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ، فَكَانَ يَكُوْنُ لَهُ سَقطٌ كَمْ يَكُوْنُ حَفِظُ الرَّجُلِ.
وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ قِيْلَ لَهُ: إِلَى مَتَى تَكتُبُ العِلْمَ؟
قَالَ: لَعَلَّ الكَلِمَةَ الَّتِي أَنْتَفِعُ بِهَا لَمْ أَكتُبْهَا بَعْدُ.
قَالَ عَمْرٌو النَّاقِدُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ يُشْبِهُ ابْنَ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي زَائِدَةَ.
وَقَالَ مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ: جَالَسْتُ أَيُّوْبَ، وَابْنَ عَوْنٍ، فَلَمْ أَجِدْ فِيْهِم مَنْ أُفَضِّلُهُ عَلَى ابْنِ المُبَارَكِ.قَالَ عَبْدَانُ: قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ - وَذَكَرَ التَّدْلِيسَ - فَقَالَ فِيْهِ قَوْلاً شَدِيْداً، ثُمَّ أَنْشَدَ:
دَلَّسَ لِلنَّاسِ أَحَادِيْثَهُ ... وَاللهُ لاَ يَقْبَلُ تَدْلِيْسَا
عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: مَنِ اسْتَخَفَّ بِالعُلَمَاءِ، ذَهَبتْ آخِرَتُهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالأُمَرَاءِ، ذَهَبتْ دُنْيَاهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالإِخْوَانِ، ذَهَبتْ مُرُوءتُهُ.
قَدْ أَسلَفْنَا لِعَبْدِ اللهِ مَا يَدلُّ عَلَى فُرُوْسِيَّتِه.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سِنَانٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ بِطَرَسُوْسَ، فَصَاحَ النَّاسُ: النَّفِيرُ.
فَخَرَجَ ابْنُ المُبَارَكِ، وَالنَّاسُ، فَلَمَّا اصطَفَّ الجَمْعَانِ، خَرَجَ رُوْمِيٌّ، فَطَلَبَ البِرَازَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَشَدَّ العِلْجُ عَلَيْهِ، فَقَتَلَهُ، حَتَّى قَتَلَ سِتَّةً مِنَ المُسْلِمِيْنَ، وَجَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يَطلُبُ المُبَارَزَةَ، وَلاَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ ابْنُ المُبَارَكِ، فَقَالَ: يَا فُلاَنُ! إِنْ قُتِلْتُ، فَافعَلْ كَذَا وَكَذَا.
ثُمَّ حَرَّكَ دَابَّتَه، وَبَرَزَ لِلْعِلْجِ، فَعَالَجَ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَتَلَ العِلْجَ، وَطَلَبَ المُبَارَزَةَ، فَبَرَزَ لَهُ عِلْجٌ آخَرُ، فَقَتَلَهُ، حَتَّى قَتَلَ سِتَّةَ عُلُوجٍ، وَطَلَبَ البِرَازَ، فَكَأَنَّهُم كَاعُوا عَنْهُ،
فَضَرَبَ دَابَّتَه، وَطَرَدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ غَابَ، فَلَمْ نَشْعُرْ بِشَيْءٍ، وَإِذَا أَنَا بِهِ فِي المَوْضِعِ الَّذِي كَانَ، فَقَالَ لِي:يَا عَبْدَ اللهِ! لَئِنْ حَدَّثتَ بِهَذَا أَحَداً، وَأَنَا حَيٌّ ... ، فَذَكَرَ كَلِمَةً.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ الفَرَّاءُ: سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ عَنْ كِتَابَةِ العِلْمِ، فَقَالَ: لَوْلاَ الكِتَابُ مَا حَفِظْنَا.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: الحِبْرُ فِي الثَّوْبِ خَلُوْقُ العُلَمَاءِ.
وَقَالَ: تَوَاطُؤُ الجِيْرَانِ عَلَى شَيْءٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ المُبَارَكِ مَرَّ بِرَاهِبٍ عِنْدَ مَقْبُرَةٍ وَمَزْبَلَةٍ، فَقَالَ:
يَا رَاهِبُ، عِنْدَكَ كَنْزُ الرِّجَالِ، وَكَنْزُ الأَمْوَالِ، وَفِيْهِمَا مُعْتَبَرٌ.
وَقَدْ تَفَقَّهَ ابْنُ المُبَارَكِ بِأَبِي حَنِيْفَةَ، وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي تَلاَمِذَتِهِ.
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ غَنِيّاً، شَاكِراً، رَأْسُ مَالِهِ نَحْوُ الأَرْبَعِ مائَةِ أَلْفٍ.
قَالَ حِبَّانُ بنُ مُوْسَى: رَأَيْتُ سُفرَةَ ابْنِ المُبَارَكِ حُمِلَتْ عَلَى عَجَلَةٍ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ: رَأَيْتُ بَعِيْرَيْنِ مُحَمَّلَيْنِ دَجَاجاً مَشْوِياً لِسُفْرَةِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَهْمٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَكَانَ يَأْكُلُ كُلَّ يَوْمٍ، فَيُشْوَى لَهُ جَدْيٌ، وَيُتَّخَذُ لَهُ فَالُوذَقُ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:
إِنِّيْ دَفَعتُ إِلَى وَكِيلِي أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَأَمَرتُهُ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْنَا.
قَالَ الحَسَنُ بنُ حَمَّادٍ: دَخَلَ أَبُو أُسَامَةَ عَلَى ابْنِ المُبَارَكِ، فَوَجَدَ فِي
وَجْهِه عَبْدُ اللهِ أَثَرَ الضُّرِّ، فَلَمَّا خَرَجَ، بَعَثَ إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ:وَفَتَىً خَلاَ مِنْ مَالِهِ ... وَمِنَ المُرُوءةِ غَيْرُ خَالِ
أَعْطَاكَ قَبْلَ سُؤَالِهِ ... وَكَفَاكَ مَكْرُوهَ السُّؤَالِ
وَقَالَ المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: أَرْسَلَ ابْنُ المُبَارَكِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: سُدَّ بِهَا فِتْنَةَ القَوْمِ عَنْكَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمَ: قُلْتُ لِعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ:
كَيْفَ فَضَلَكُمُ ابْنُ المُبَارَكِ، وَلَمْ يَكُنْ بِأَسَنَّ مِنْكُم؟
قَالَ: كَانَ يَقْدَمُ، وَمَعَهُ الغِلْمَةُ الخُرَاسَانِيَّةُ، وَالبِزَّةُ الحَسَنَةُ، فَيَصِلُ العُلَمَاءَ، وَيُعْطِيْهِم، وَكُنَّا لاَ نَقدِرُ عَلَى هَذَا.
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: قَدِمَ ابْنُ المُبَارَكِ أَيْلَةَ عَلَى يُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ، وَمَعَهُ غُلاَمٌ مُفرَّغٌ لِعَمَلِ الفَالُوذَجِ، يَتَّخِذُهُ لِلْمُحَدِّثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الخَيْرِ فِي كِتَابِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (البَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ ) .
فَقُلْتُ لِلْوَلِيْدِ: أَيْنَ سَمِعْتَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ؟
قَالَ: فِي الغَزْوِ.
عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: لِيَكُنْ مَجْلِسُكَ مَعَ المَسَاكِيْنِ، وَاحْذَرْ أَنْ تَجلِسَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ.قَالَ الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ: لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي السَّفَرِ، قَالَ: أَشْتَهِي سَوِيْقاً.
فَلَمْ نَجِدْه إِلاَّ عِنْدَ رَجُلٍ كَانَ يَعْمَلُ لِلسُّلْطَانِ، وَكَانَ مَعَنَا فِي السَّفِيْنَةِ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِعَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: دَعُوْهُ.
فَمَاتَ وَلَمْ يَشْرَبْهُ.
قَالَ العَلاَءُ بنُ الأَسْوَدِ: ذُكِرَ جَهْمٌ عِنْدَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَقَالَ:
عَجِبتُ لِشَيْطَانٍ أَتَى النَّاسَ دَاعِياً ... إِلَى النَّارِ وَانشَقَّ اسْمُهُ مِنْ جَهَنَّمِ
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نَزَلَ بِأَهْلِهِ الضِّيْقُ، أَمَرَهُمْ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا، لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً، نَحْنُ نَرْزُقُكَ}.
هَذَا مُرْسَلٌ، قَدِ انْقَطَع فِيْهِ مَا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَجَدِّ أَبِيْهِ عَبْدِ اللهِ.
وَقَدْ كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ -رَحِمَهُ اللهُ- شَاعِراً، مُحْسِناً، قَوَّالاً بِالحَقِّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ جَمِيْلٍ المَرْوَزِيُّ: قِيْلَ لابْنِ المُبَارَكِ:
إِنَّ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عُلَيَّةَ قَدْ وَلِي القَضَاءَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
يَا جَاعِلَ العِلْمِ لَهُ بَازِياً ... يَصْطَادُ أَمْوَالَ المَسَاكِيْنِ
احْتَلْتَ لِلدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا ... بِحِيْلَةٍ تَذْهَبُ بِالدِّيْنِفِصِرتَ مَجْنُوْناً بِهَا بَعْد مَا ... كُنْتَ دَوَاءً لِلمَجَانِيْنِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِي سَرْدِهَا ... عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَابْنِ سِيْرِيْنِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِيْمَا مَضَى ... فِي تَرْكِ أَبْوَابِ السَّلاَطِيْنِ
إِنْ قُلْتَ: أُكْرِهْتُ، فَمَاذَا كَذَا ... زَلَّ حِمَارُ العِلْمِ فِي الطِّيْنِ
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ قَاضِي نَصِيْبِيْنَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي سُكَيْنَةَ، قَالَ:
أَمْلَى عَلَيَّ ابْنُ المُبَارَكِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَأَنفَذَهَا مَعِي إِلَى الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ مِنْ طَرَسُوْسَ:
يَا عَابِدَ الحَرَمِيْنِ لَوْ أَبْصَرْتَنَا ... لَعَلِمْتَ أَنَّكَ فِي العِبَادَةِ تَلْعَبُ
مَنْ كَانَ يَخْضِبُ جِيْدَهُ بِدُمُوْعِهِ ... فَنُحُوْرُنَا بِدِمَائِنَا تَتَخَضَّبُ
أَوْ كَانَ يُتْعِبُ خَيْلَهُ فِي بَاطِلٍ ... فَخُيُوْلُنَا يَوْمَ الصَّبِيْحَةِ تَتْعَبُ
رِيْحُ العَبِيْرِ لَكُمْ وَنَحْنُ عَبِيْرُنَا ... رَهَجُ السَّنَابِكِ وَالغُبَارُ الأَطْيَبُ
وَلَقَدْ أَتَانَا مِنْ مَقَالِ نَبِيِّنَا ... قَوْلٌ صَحِيْحٌ صَادِقٌ لاَ يُكْذَبُ:
لاَ يَسْتَوِي وَغُبَارُ خَيْلِ اللهِ فِي ... أَنْفِ امْرِئٍ وَدُخَانُ نَارٍ تَلهبُ
هَذَا كِتَابُ اللهِ يَنْطِقُ بَيْنَنَا ... لَيْسَ الشَّهِيْدُ بِمَيِّتٍ لاَ يُكْذَبُ
فَلَقِيْتُ الفُضَيْلَ بِكِتَابِهِ فِي الحَرَمِ، فَقَرَأَهُ، وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَنَصَحَ.قَالَ ابْنُ سَهْمٍ الأَنْطَاكِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُنْشِدُ:
فَكَيْفَ قَرَّتْ لأَهْلِ العِلْمِ أَعْيُنُهُم ... أَوِ اسْتَلَذُّوا لَذِيذَ النَّوْمِ أَوْ هَجَعُوا
وَالنَّارُ ضَاحِيَةٌ لاَ بُدَّ مَوْرِدُهَا ... وَلَيْسَ يَدْرُوْنَ مَنْ يَنْجُو وَمَنْ يَقَعُ
وَطَارَتِ الصُّحْفُ فِي الأَيْدِي مُنَشَّرَةً ... فِيْهَا السَّرَائِرُ وَالجَبَّارُ مُطَّلِعُ
إِمَّا نَعِيْمٌ وَعَيْشٌ لاَ انْقِضَاءَ لَهُ ... أَوِ الجَحِيمُ فَلاَ تُبْقِي وَلاَ تَدَعُ
تَهْوِي بِسَاكِنِهَا طَوْراً وَتَرْفَعُهُ ... إِذَا رَجَوْا مَخْرَجاً مِنْ غَمِّهَا قُمِعُوا
لِيَنْفَعِ العِلْمُ قَبْلَ المَوْتِ عَالِمَهُ ... قَدْ سَالَ قَوْمٌ بِهَا الرُّجْعَى فَمَا رَجَعُوا
وَرَوَى: إِسْحَاقُ بنُ سُنَيْنٍ لابْنِ المُبَارَكِ:
إِنِّيْ امْرُؤٌ لَيْسَ فِي دِيْنِي لِغَامِزِه ... لِيْنٌ، وَلَسْتُ عَلَى الإِسْلاَمِ طَعَّانَا
فَلاَ أَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَلاَ عُمَراً ... وَلَنْ أَسُبَّ - مَعَاذَ اللهِ - عُثْمَانَا
وَلاَ ابْنَ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ أَشْتِمُهُ ... حَتَّى أُلَبَّسَ تَحْتَ التُّربِ أَكْفَانَا
وَلاَ الزُّبَيْرَ حَوَارِيَّ الرَّسُوْلِ، وَلاَ ... أُهْدِي لِطَلْحَةَ شَتْماً عَزَّ أَوْ هَانَاوَلاَ أَقُوْلُ: عَلِيٌّ فِي السَّحَابِ، إِذاً ... قَدْ قُلْتُ -وَاللهِ- ظُلْماً ثُمَّ عُدْوَانَا
وَلاَ أَقُوْلُ بِقَوْلِ الجَهْمِ، إِنَّ لَهُ ... قَوْلاً يُضَارِعُ أَهْلَ الشِّركِ أَحْيَانَا
وَلاَ أَقُوْلُ: تَخَلَّى مِنْ خَلِيقَتِهِ ... رَبُّ العِبَادِ وَوَلَّى الأَمْرَ شَيْطَانَا
مَا قَالَ فِرْعَوْنُ هَذَا فِي تَمَرُّدِهِ ... فِرْعَوْنُ مُوْسَى وَلاَ هَامَانُ طُغْيَانَا
اللهُ يَدْفَعُ بِالسُّلْطَانِ مُعْضِلَةً ... عَنْ دِيْنِنَا رَحْمَةً مِنْهُ وَرِضْوَانَا
لَوْلاَ الأَئِمَّةُ لَمْ تَأْمَنْ لَنَا سُبُلٌ ... وَكَانَ أَضْعَفُنَا نَهْباً لأَقْوَانَا
فَيُقَالُ: إِنَّ الرَّشِيْدَ أَعْجَبَهُ هَذَا، فَلَمَّا أَن بَلَغَهُ مَوْتُ ابْنِ المُبَارَكِ بِهِيْتَ، قَالَ:
إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، يَا فَضْلُ! إِيْذَنْ لِلنَّاسِ يُعَزُّونَا فِي ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ: أَمَا هُوَ القَائِلُ:
اللهُ يَدفَعُ بِالسُّلْطَان مُعْضِلَةً ... ...
فَمَنِ الَّذِي يَسْمَعُ هَذَا مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ يَعْرِفُ حَقَّنَا؟
قَالَ الكُدَيْمِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ فُضَيلِ
بنِ عِيَاضٍ وَعِنْدَهُ ابْنُ المُبَارَكِ، فَقَالَ قَائِلٌ: إِنَّ أَهْلَكَ وَعِيَالَكَ قَدِ احْتَاجُوا مَجْهُوْدِيْنَ مُحْتَاجِينَ إِلَى هَذَا المَالِ، فَاتَّقِ اللهَ، وَخُذْ مِنْ هَؤُلاَءِ القَوْمِ.فَزَجَرَهُ ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:
خُذْ مِنَ الجَارُوْشِ وَال ـ ... آرُزِّ وَالخُبْزِ الشَّعِيْرِ
وَاجْعَلَنْ ذَاكَ حَلاَلاً ... تَنْجُ مِنْ حَرِّ السَّعِيْرِ
وَانْأَ مَا اسْطَعْتَ هَدَا ... كَ اللهُ عَنْ دَارِ الأَمِيْرِ
لاَ تَزُرْهَا وَاجْتَنِبْهَا ... إِنَّهَا شَرُّ مَزُورِ
تُوهِنُ الدِّيْنَ وَتُدْ ... نِيْكَ مِنَ الحُوبِ الكَبِيْرِ
قَبْلَ أَنْ تَسْقُطَ يَا ... مَغْرُوْرُ فِي حُفْرَةِ بِيْرِ
وَارْضَ - يَا وَيْحَكَ! - مِنْ ... دُنْيَاكَ بِالقُوتِ اليَسِيْرِ
إِنَّهَا دَارُ بَلاَءٍ ... وَزَوَالٍ وَغُرُوْرِ
مَا تَرَى قَدْ صَرَعَتْ ... قَبْلَكَ أَصْحَابَ القُصُوْرِ؟
كَمْ بِبَطْنِ الأَرْضِ مِنْ ... ثَاوٍ شَرِيْفٍ وَوَزِيْرِ؟
وَصَغِيْرِ الشَّأْنِ عَبْدٍ ... خَامِلِ الذِّكرِ حَقِيْرِ؟
لَوْ تَصَفَّحتَ وُجُو ... هَ القَوْمِ فِي يَوْمٍ نَضِيْرِ
لَمْ تُمَيِّزْهُم، وَلَم ... تَعْرِفْ غَنِيّاً مِنْ فَقِيْرِ
خَمَدُوا فَالقَوْمُ صَرْعَى ... تَحْتَ أَشقَاقِ الصُّخُورِ
وَاسْتَوَوْا عِنْدَ مَلِيكٍ ... بِمَسَاوِيهِم خَبِيْرِ
احْذَرِ الصَّرْعَةَ يَا ... مِسْكِيْنُ مِنْ دَهْرٍ عَثُورِ
أَيْنَ فِرْعَوْنُ وَهَا ... مَانُ وَنُمْرُودُ النُّسُورِ؟
أَوَ مَا تَخْشَاهُ أَنْ ... يَرْمِيكَ بِالمَوْتِ المُبِيْرِ؟
أَوَ مَا تَحْذَرُ مِنْ ... يَوْمٍ عَبُوْسٍ قَمْطَرِيْرِ؟
اقْمَطرَّ الشَّرُّ فِيْهِ ... بِعَذَابِ الزَّمْهرِيْرِ
قَالَ: فَغُشِيَ عَلَى الفُضَيْلِ، فَردَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْخُذْه.وَلابْنِ المُبَارَكِ:
جَرَّبتُ نَفْسِي فَمَا وَجَدْتُ لَهَا ... مِنْ بَعْدِ تَقْوَى الإِلَهِ كَالأَدَبِ
فِي كُلِّ حَالاَتِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ ... أَفْضَلَ مِنْ صَمْتِهَا عَنِ الكَذِبِ
أَوْ غِيْبَةِ النَّاسِ إِنَّ غِيْبَتَهُم ... حَرَّمَهَا ذُو الجَلاَلِ فِي الكُتُبِ
قُلْتُ لَهَا طَائِعاً وَأُكْرِهُهَا ... : الحِلْمُ وَالعِلْمُ زَيْنُ ذِي الحَسَبِ
إِنْ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ كَلاَمُكِ يَا ... نَفْسُ، فَإِنَّ السُّكُوتَ مِنْ ذَهَبِ
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: أَنْشَدَنِي يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ لابْنِ المُبَارَكِ:
أَبِإِذْنٍ نَزَلْتَ بِي يَا مَشِيْبُ ... أَيُّ عَيْشٍ وَقَدْ نَزَلْتَ يَطِيْبُ؟
وَكَفَى الشَّيْبُ وَاعِظاً غَيْرَ أَنِّي ... آمُلُ العَيْشَ وَالمَمَاتُ قَرِيْبُ
كَمْ أُنَادِي الشَّبَابَ إِذْ بَانَ مِنِّي ... وَنِدَائِي مُوَلِّياً مَا يُجِيْبُ
وَبِهِ:
يَا عَائِبَ الفَقْرِ أَلاَ تَزْدَجِرْ؟ ... عَيْبُ الغِنَى أَكْثَرُ لَوْ تَعْتَبِرْ
مِنْ شَرَفِ الفَقْرِ وَمِنْ فَضْلِهِ ... عَلَى الغِنَى لَوْ صَحَّ مِنْكَ النَّظَرْ
أَنَّكَ تَعْصِي لِتَنَالَ الغِنَى ... وَلَيْسَ تَعْصِي اللهَ كِي تَفْتَقِرْ
قَالَ حِبَّانُ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُنشِدُ:
كَيْفَ القَرَارُ وَكَيْفَ يَهْدَأُ مُسْلِمٌ ... وَالمُسْلِمَاتُ مَعَ العَدُوِّ المُعْتَدِي؟
الضَّارِبَاتُ خُدُوْدَهُنَّ بِرَنَّةٍ ... الدَّاعِيَاتُ نَبِيَّهُنَّ مُحَمَّدِ
القَائِلاَتُ إِذَا خَشِيْنَ فَضِيحَةً ... جَهدَ المَقَالَةِ: لَيْتَنَا لَمْ نُولَدِ
مَا تَسْتَطِيْعُ وَمَا لَهَا مِنْ حِيْلَةٍ ... إِلاَّ التَّسَتُّرُ مِنْ أَخِيْهَا بِاليَدِ
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَانْهَدَّ القَهَنْدَزُ، فَأَتَى بِسِنَّيْنِ، فَوُجِدَ وَزْنُ أَحَدِهِمَا مَنَوَانِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ:أَتَيْتُ بِسِنَّيْنِ قَدْ رُمَّتَا ... مِنَ الحِصْنِ لَمَّا أَثَارُوا الدَّفِيْنَا
عَلَى وَزْنِ مَنَوَيْنِ، إِحْدَاهُمَا ... تُقِلُّ بِهِ الكَفُّ شَيْئاً رَزِيْنَا
ثَلاَثُوْنَ سِنّاً عَلَى قَدْرِهَا ... تَبَارَكْتَ يَا أَحسَنَ الخَالِقِيْنَا!
فَمَاذَا يَقُوْمُ لأَفْوَاهِهَا ... وَمَا كَانَ يَمْلأُ تِلْكَ البُطُونَا
إِذَا مَا تَذَكَّرْتُ أَجسَامَهُم ... تَصَاغَرَتِ النَّفْسُ حَتَّى تَهُوْنَا
وَكُلٌّ عَلَى ذَاكَ ذَاقَ الرَّدَى ... فَبَادُوا جَمِيْعاً، فَهُم هَامِدُوْنَا
وَجَاءَ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ - وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ لِحَمِيْدٍ النَّحْوِيِّ -:
اغْتَنِمْ رَكْعَتَيْنِ زُلفَى إِلَى اللهِ ... إِذَا كُنْتَ فَارِغاً مُسْتَرِيْحَا
وَإِذَا مَا هَمَمْتَ بِالنُّطْقِ بِالبَاطِلِ ... فَاجْعلْ مَكَانَهُ تَسْبِيْحَا
فَاغْتِنَامُ السُّكُوتِ أَفْضَلُ مِنْ ... خَوْضٍ، وَإِنْ كُنْتَ بِالكَلاَمِ فَصِيْحَا
وَسَمِعَ بَعْضُهُم ابْنَ المُبَارَكِ وَهُوَ يُنْشِدُ عَلَى سُوْرِ طَرَسُوْسَ:
وَمِنَ البَلاَءِ وَلِلْبَلاَءِ عَلاَمَةٌ ... أَنْ لاَ يُرَى لَكَ عَنْ هَوَاكَ نُزُوعُ
العَبْدُ عَبْدُ النَّفْسِ فِي شَهَوَاتِهَا ... وَالحُرُّ يَشْبَعُ مَرَّةً وَيَجُوْعُ
قَالَ أَبُو أُمَيَّةَ الأَسْوَدُ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
أُحِبُّ الصَّالِحِيْنَ وَلَسْتُ مِنْهُم، وَأُبْغِضُ الطَّالِحِيْنَ وَأَنَا شَرٌّ مِنْهُم، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
الصَّمْتُ أَزْيَنُ بِالفَتَى ... مِنْ مَنْطِقٍ فِي غَيْرِ حِيْنِهِوَالصِّدْقُ أَجْمَلُ بِالفَتَى ... فِي القَوْلِ عِنْدِي مِنْ يَمِيْنِهِ
وَعَلَى الفَتَى بِوَقَارِهِ ... سِمَةٌ تَلُوحُ عَلَى جَبِيْنِهِ
فَمَنِ الَّذِي يَخفَى عَلَي ـ ... ـكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى قَرِيْنِهِ
رُبَّ امْرِئٍ مُتَيَقِّنٍ ... غَلَبَ الشَّقَاءُ عَلَى يَقِيْنِهِ
فَأَزَالَهُ عَنْ رَأْيِهِ ... فَابْتَاعَ دُنْيَاهُ بِدِيْنِهِ
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ المُبَارَكِ، جَعَلَ رَجُلٌ يُلَقِّنُهُ، قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
فَأَكْثَرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: لَسْتَ تُحْسِنُ، وَأَخَافُ أَنْ تُؤْذِيَ مُسْلِماً بَعْدِي، إِذَا لَقَّنْتَنِي، فَقُلْتُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، ثُمَّ لَمْ أُحْدِثْ كَلاَماً بَعْدَهَا، فَدَعْنِي، فَإِذَا أَحْدَثْتُ كَلاَماً، فَلَقِّنِّي حَتَّى تَكُوْنَ آخِرَ كَلاَمِي.
يُقَالُ: إِنَّ الرَّشِيْدَ لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَاتَ اليَوْمَ سَيِّدُ العُلَمَاءِ.
قَالَ عَبْدَانُ بنُ عُثْمَانَ: مَاتَ ابْنُ المُبَارَكِ بِهِيْتَ وَعَانَاتَ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ حَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ: قَالَ لِي ابْنُ المُبَارَكِ قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ: أَنَا ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ذَهَبْتُ لأَسْمَعَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، فَلَمْ أُدْرِكْهُ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ، فَخَرَجَ إِلَى الثَّغْرِ، وَلَمْ أَرَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ: رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ فِي النَّومِ، فَقُلْتُ: أَيُّ العَمْلِ أَفْضَلُ؟قَالَ: الأَمْرُ الَّذِي كُنْتُ فِيْهِ.
قُلْتُ: الرِّبَاطُ وَالجِهَادُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَمَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي مَغْفِرَةً مَا بَعْدَهَا مَغْفِرَةٌ.
رَوَاهَا: رَجُلاَنِ، عَنْ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّسَفِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ الفِرَبْرِيَّ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ وَاقِفاً عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، بِيَدِهِ مِفْتَاحٌ، فَقُلْتُ: مَا يُوقِفُكَ هَهُنَا؟
قَالَ: هَذَا مِفْتَاحُ الجَنَّةِ، دَفَعَهُ إِلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: حَتَّى أَزُورَ الرَّبَّ، فَكُنْ أَمِيْنِي فِي السَّمَاءِ، كَمَا كُنْتَ أَمِيْنِي فِي الأَرْضِ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَصِّيْصِيُّ: رَأَيْتُ الحَارِثَ بنَ عَطِيَّةَ فِي النَّومِ، فَسَأَلتُهُ، فَقَالَ: غَفَر لِي.
قُلْتُ: فَابْنُ المُبَارَكِ؟
قَالَ: بَخٍ بَخٍ، ذَاكَ فِي عِلِّيِّينَ، مِمَّنْ يَلِجُ عَلَى اللهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ.
وَعَنْ نَوْفَلٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ فِي النَّومِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي بِرِحْلَتِي فِي الحَدِيْثِ، عَلَيْكَ بِالقُرْآنِ، عَلَيْكَ بِالقُرْآنِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ السَّوَاقُ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي بِرِحْلَتِي.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الأَوْزَاعِيِّ: عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ.
قَالَ الفَسَوِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ الرَّبِيْعِ يَقُوْلُ:
شَهِدْتُ مَوْتَ ابْنِ المُبَارَكِ، مَاتَ لِعَشْرٍ مَضَى مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، وَمَاتَ سَحَراً، وَدَفَنَّاهُ بِهِيْتَ.
وَلبَعْضِ الفُضَلاَءِ:
مَرَرْتُ بِقَبْرِ ابْنِ المُبَارَكِ غَدْوَةً ... فَأَوْسَعَنِي وَعْظاً وَلَيْسَ بِنَاطِقِ
وَقَدْ كُنْتُ بِالعِلْمِ الَّذِي فِي جَوَانِحِي ... غَنِيّاً وَبِالشَّيْبِ الَّذِي فِي مَفَارِقِيوَلَكِنْ أَرَى الذِّكْرَى تُنَبِّهُ عَاقِلاً ... إِذَا هِيَ جَاءتْ مِنْ رِجَالِ الحَقَائِقِ
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيِّ، أَخْبَرَكُمُ القَاضِي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ مُميلٍ الشَّافِعِيُّ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِمَنْزِلِهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ الخَرَقِيُّ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ السُّوْسِيُّ، أَخْبَرَنَا سَهْلُ بنُ بِشْرٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُنِيْرٍ الخَلاَّلُ، حَدَّثَنِي خَالِي أَحْمَدُ بنُ عَتِيْقٍ الخَشَّابُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الأَصْبَغِ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بنُ مَرْثَدٍ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ الفَرَّاءَ، سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
المَرْءُ مِثْلُ هِلاَلٍ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ ... يَبدُو ضَئِيْلاً تَرَاهُ ثُمَّ يَتَّسِقُ
حَتَّى إِذَا مَا تَرَاهُ ثُمَّ أَعقَبَهُ ... كَرُّ الجَدِيْدَيْنِ نَقْصاً ثُمَّ يَمَّحِقُ
مِنْ (تَارِيْخِ أَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الصَّدَفِيِّ) : مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَاسْتُؤْذِنَ لِعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ بِالدُّخُولِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَرَأَيْنَا مَالِكاً تَزَحزَحَ لَهُ فِي مَجْلِسِهِ، ثُمَّ أَقعَدَهُ بِلصْقِهِ، وَمَا رَأَيْتُ مَالِكاً تَزَحزَحَ لأَحَدٍ فِي مَجْلِسِهِ غَيْرِه، فَكَانَ القَارِئُ يَقْرَأُ عَلَى مَالِكٍ، فَرُبَّمَا مَرَّ بِشَيْءٍ، فَيَسْأَلُهُ مَالِكٌ: مَا مَذْهَبُكُم فِي هَذَا؟ أَوْ: مَا عِنْدَكُم فِي هَذَا؟
فَرَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُجَاوِبُه، ثُمَّ قَامَ، فَخَرَجَ، فَأُعْجِبَ مَالِكٌ بِأَدَبِهِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا مَالِكٌ: هَذَا ابْنُ المُبَارَكِ فَقِيْهُ خُرَاسَانَ.
عَنِ المُسَيَّبِ بنِ وَاضِحٍ، قَالَ: أَرْسَلَ ابْنُ المُبَارَكِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: سُدَّ بِهَذِهِ فِتْنَةَ القَوْمِ عَنْكَ.
وَسُئِلَ ابْنُ المُبَارَكِ بِحُضُوْرِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ:
إِنَّا نُهِيْنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ عِنْد أَكَابِرِنَا.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يُحَدِّثُ مِنْ كِتَابٍ، وَمَنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابٍ، لاَ يَكَادُ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ سَقطٌ كَثِيْرٌ.وَكَانَ وَكِيْعٌ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ، فَكَانَ يَكُوْنُ لَهُ سَقَطٌ، كَمْ يَكُوْنُ حِفْظُ الرَّجُلِ؟
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، عَالِمُ زَمَانِهِ، وَأَمِيْرُ الأَتْقِيَاءِ فِي وَقْتِهِ،
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَنْظَلِيُّ مَوْلاَهُم، التُّرْكِيُّ، ثُمَّ المَرْوَزِيُّ، الحَافِظُ، الغَازِي، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ خُوَارِزْميَّةٌ.مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
فَطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
فَأَقْدَمُ شَيْخٍ لَقِيَهُ: هُوَ الرَّبِيْعُ بنُ أَنَسٍ الخُرَاسَانِيُّ، تَحَيَّلَ وَدَخَلَ إِلَيْهِ إِلَى السِّجنِ، فَسمِعَ مِنْهُ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً، ثُمَّ ارْتَحَلَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، وَأَخَذَ عَنْ بقَايَا التَّابِعِيْنَ، وَأَكْثَرَ مِنَ التَّرْحَالِ وَالتَّطْوَافِ، وَإِلَى أَنْ مَاتَ فِي طَلَبِ العِلْمِ، وَفِي الغَزْوِ، وَفِي التِّجَارَةِ، وَالإِنفَاقِ عَلَى الإِخْوَانِ فِي اللهِ، وَتَجهِيزِهِم مَعَهُ إِلَى الحَجِّ.
سَمِعَ مِنْ: سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَالجُرَيْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَبُرِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بُردَةَ، وَخَالِدٍ الحَذَّاءِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ، وَمُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، وَأَجْلَحَ الكِنْدِيِّ، وَحُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَحَنْظَلَةَ السَّدُوْسِيِّ، وَحَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ المِصْرِيِّ، وَكَهْمَسٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَيُوْنُسَ الأَيْلِيِّ، وَالحَمَّادَيْنِ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ،
وَهُشَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَبَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.وَصنَّفَ التَّصَانِيْفَ النَّافِعَةَ الكَثِيْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَعْمَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَطَائِفَةٌ مِنْ شُيُوْخِه، وَبَقِيَّةُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَقرَانِهِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ، وَالقَطَّانُ، وَعَفَّانُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَحِبَّانُ بنُ مُوْسَى، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ، وَمُسْلِمٌ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدَانُ، وَالحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُوْرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَعَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، وَالحَسَنُ بنُ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَالحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُجَشِّرٍ، وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَأُمَمٌ يَتَعَذَّرُ إِحصَاؤُهُم، وَيَشُقُّ اسْتِقصَاؤُهُم.
وَحَدِيْثُهُ حُجَّةٌ بِالإِجْمَاعِ، وَهُوَ فِي المَسَانِيْدِ وَالأُصُوْلِ.
وَيقعُ لَنَا حَدِيْثُهُ عَالِياً، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ سِتَّةُ أَنْفُسٍ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَعِدَّةٌ، عَنْ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بَيَانٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ الأَيْلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَتِ الفُتْيَا فِي (المَاءُ مِنَ المَاءِ) رُخصَةً فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ، ثُمَّ نُهِيَ عَنْهَا.
أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَرُوَاتُهُ
ثِقَاتٌ، لَكِنْ لَهُ عِلَّةٌ، لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ سَهْلٍ.ارْتَحَلَ ابْنُ المُبَارَكِ إِلَى: الحَرَمَيْنِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقَ، وَالجَزِيْرَةِ، وَخُرَاسَانَ، وَحَدَّثَ بِأَمَاكِنَ.
قَالَ قَعْنَبُ بنُ المُحَرِّرِ: ابْنُ المُبَارَكِ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، مِنْ تَمِيْمٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: وَلاَؤُهُ لِبَنِي حَنْظَلَةَ.
وَقَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ فِي (تَارِيْخِ مَرْوَ) : كَانَتْ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ خُوَارِزمِيَّةً، وَأَبُوْهُ تُرْكِيٌّ، وَكَانَ عَبداً لِرَجُلٍ تَاجِرٍ مِنْ هَمَذَانَ، مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ، فَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا قَدِمَ هَمَذَانَ، يَخضَعُ لِوَالِدَيْهِ وَيُعَظِّمُهُم.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ المُسْلِمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيُّ، وَغَيْرُهُ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ السِّيْبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادِ بنِ سُفْيَانَ بِالكُوْفَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رِزْمَةَ، سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
نَظَرَ أَبُو حَنِيْفَةَ إِلَى أَبِي، فَقَالَ: أَدَّتْ أُمُّهُ
إِلَيْكَ الأَمَانَةَ، وَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بعَبْدِ اللهِ.قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: وُلِدَ ابْنُ المُبَارَكِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَأَمَّا الحَاكِمُ، فَرَوَى عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ الحَمَّادِيِّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى البَاشَانِيَّ، سَمِعْتُ عَبْدَانَ بنَ عُثْمَانَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: ذَاكَرَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ السُّننَ، فَقُلْتُ: إِنَّ العَجَمَ لاَ يَكَادُوْنَ يَحفَظُوْنَ ذَلِكَ، لَكِنِّي أَذْكُرُ أَنِّي لَبِستُ السَّوَادَ وَأَنَا صَغِيْرٌ، عِنْدَمَا خَرَجَ أَبُو مُسْلِمٍ، وَكَانَ أَخَذَ النَّاسَ كُلَّهُم بِلبسِ السَّوَادِ، الصِّغَارَ وَالكِبَارَ.
نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يُكثِرُ الجُلُوْسَ فِي بَيْتِهِ، فَقِيْلَ لَهُ: أَلاَ تَسْتَوحِشُ؟
فَقَالَ: كَيْفَ أَسْتَوحِشُ وَأَنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ؟!
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ أَتَى حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَأَعْجَبَهُ سَمْتُهُ، فَقَالَ: مَنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
قَالَ: مَنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، مِنْ مَرْوَ.
قَالَ: تَعْرِفُ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مَا فَعَلَ؟
قَالَ: هُوَ الَّذِي يُخَاطِبُكَ.
قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَرَحَّبَ بِهِ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ:
أَنَّهُ حضَرَ عِنْدَ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، فَقَالَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ لِحَمَّادٍ: سَلْ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْ يُحَدِّثَنَا.
فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! تُحِدِّثُهُم، فَإِنَّهُم قَدْ سَأَلُوْنِي؟
قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! يَا أَبَا إِسْمَاعِيْلَ، أُحَدِّثُ وَأَنْتَ حَاضِرٌ.
فَقَالَ: أَقسَمتُ عَلَيْكَ لَتَفْعَلَنَّ.
فَقَالَ: خُذُوا، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، فَمَا حَدَّثَ بِحَرْفٍ إِلاَّ عَنْ حَمَّادٍ.قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ مَسْرُوْقٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ:
عَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ المُبَارَكِ: أَيش يَقُوْلُ الرَّجُلُ إِذَا عَطَسَ؟
قَالَ: الحَمْدُ للهِ.
فَقَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ابْنُ المُبَارَكِ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ، رَجُلٌ صَالِحٌ، يَقُوْلُ الشِّعْرَ، وَكَانَ جَامِعاً لِلْعِلْمِ.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: جَمَعَ عَبْدُ اللهِ الحَدِيْثَ، وَالفِقْهَ، وَالعَرَبِيَّةَ، وَأَيَّامَ النَّاسِ، وَالشَّجَاعَةَ، وَالسَّخَاءَ، وَالتِّجَارَةَ، وَالمَحَبَّةَ عِنْدَ الفَرْقِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى.
عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ آدَمَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ إِذَا طَلَبتُ دَقِيْقَ المَسَائِلِ، فَلَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ ابْنِ المُبَارَكِ، أَيِسْتُ مِنْهُ.
عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ الفَرَائِضِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ صَدَقَةَ، سَمِعْتُ شُعَيْبَ بنَ حَرْبٍ، قَالَ:مَا لَقِيَ ابْنُ المُبَارَكِ رَجُلاً إِلاَّ وَابْنُ المُبَارَكِ أَفْضَلُ مِنْهُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ يَقُوْلُ: ابْنُ المُبَارَكِ فِي المُحَدِّثِيْنَ مِثْلُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي النَّاسِ.
عُمَرُ بنُ مُدْرِكٍ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بنُ شُعْبَةَ المَصِّيْصِيُّ، قَالَ:
قَدِمَ الرَّشِيْدُ الرَّقَّةَ، فَانْجَفَلَ النَّاسُ خَلْفَ ابْنِ المُبَارَكِ، وَتَقَطَّعَتِ النِّعَالُ، وَارتَفَعَتِ الغَبَرَةُ، فَأَشرَفَتْ أُمُّ وَلَدٍ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ بُرْجٍ مِنْ قَصْرِ الخَشَبِ، فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟
قَالُوا: عَالِمٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَدِمَ.
قَالَتْ: هَذَا -وَاللهِ- المُلْكُ، لاَ مُلْكَ هَارُوْنَ الَّذِي لاَ يَجْمَعُ النَّاسَ إِلاَّ بِشُرَطٍ وَأَعْوَانٍ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زَيْدٍ الجَهْضَمِيُّ، قَالَ:
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: رَأَيْتَ ابْنَ المُبَارَكِ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: لَوْ رَأْيْتَهُ لَقَرَّتْ عَيْنُكَ.
وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي رِزمَةَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ نَاحِيتِكُم مِثْلُ ابْنِ المُبَارَكِ.
الدَّغُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بنُ زَمْعَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ خَالِدٍ، قَالَ:
تَعَرَّفْتُ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ بِعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، فَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ: مَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِثْلُ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ خَلَقَ خَصْلَةً مِنْ خِصَالِ الخَيْرِ، إِلاَّ وَقَدْ جَعَلَهَا فِي عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ.
وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أَصْحَابِي أَنَّهُم صَحِبُوهُ مِنْ مِصْرَ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُطْعِمُهُمُ
الخَبِيْصَ، وَهُوَ الدَّهْرَ صَائِمٌ.قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ سَعِيْدٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ الصُّوْفِيُّ بِمَنْبِجَ، قَالَ:
خَرَجَ ابْنُ المُبَارَكِ مِنْ بَغْدَادَ يُرِيْدُ المَصِّيْصَةَ، فَصَحِبَهُ الصُّوفِيَّةُ،
فَقَالَ لَهُم: أَنْتُم لَكُم أَنْفُسٌ تَحْتَشِمُوْنَ أَنْ يُنفَقَ عَلَيْكُم، يَا غُلاَمُ! هَاتِ الطَّسْتَ.
فَأَلْقَى عَلَيْهِ مِنْدِيلاً، ثُمَّ قَالَ: يُلقِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُم تَحْتَ المِندِيلِ مَا مَعَهُ.
فَجَعَلَ الرَّجُلُ يُلقِي عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، وَالرَّجُلُ يُلقِي عِشْرِيْنَ، فَأَنفَقَ عَلَيْهِم إِلَى المَصِّيْصَةِ، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ بِلاَدُ نَفِيرٍ، فَنَقْسِمُ مَا بَقِيَ، فَجَعَلَ يُعطِي الرَّجُلَ عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، فَيَقُوْلُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّمَا أَعْطَيْتُ عِشْرِيْنَ دِرْهَماً.
فَيَقُوْلُ: وَمَا تُنْكِرُ أَنْ يُبَارِكَ اللهُ لِلْغَازِي فِي نَفَقَتِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الكَاتِبُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ المُقْرِئُ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ:
كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ إِذَا كَانَ وَقْتُ الحجِّ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ إِخْوَانُهُ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ، فَيَقُوْلُوْنَ: نَصْحَبُكَ.
فَيَقُوْلُ: هَاتُوا نَفَقَاتِكُم.
فَيَأْخُذُ نَفَقَاتِهِم، فَيَجْعَلُهَا فِي صُنْدُوْقٍ، وَيُقْفِلُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَكتَرِي لَهُم، وَيُخْرِجُهُم مِنْ مَرْوَ إِلَى بَغْدَادَ، فَلاَ يَزَالُ يُنفِقُ عَلَيْهِم، وَيُطعِمُهُم أَطْيَبَ الطَّعَامِ، وَأَطْيَبَ الحَلوَى، ثُمَّ يُخْرِجُهُم مِنْ بَغْدَادَ بِأَحْسَنِ زِيٍّ، وَأَكمَلِ مُرُوءةٍ، حَتَّى يَصِلُوا إِلَى مَدِيْنَةِ الرَّسُوْلِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُوْلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ: مَا أَمَرَكَ عِيَالُكَ أَنْ تَشتَرِيَ لَهُم مِنَ المَدِيْنَةِ مِنْ طُرَفِهَا؟
فَيَقُوْلُ: كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ
يُخْرِجُهُم إِلَى مَكَّةَ، فَإِذَا قَضَوْا حَجَّهُم، قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم: مَا أَمَرَكَ عِيَالُكَ أَنْ تَشتَرِيَ لَهُم مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ؟فَيَقُوْلُ: كَذَا وَكَذَا.
فَيَشْتَرِي لَهُم، ثُمَّ يُخْرِجهُم مِنْ مَكَّةَ، فَلاَ يَزَالُ يُنْفِقُ عَلَيْهِم إِلَى أَنْ يَصِيْرُوا إِلَى مَرْوَ، فَيُجَصِّصُ بُيُوْتَهُم وَأَبْوَابَهُم، فَإِذَا كَانَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، عَمِلَ لَهُم وَلِيمَةً وَكَسَاهُم، فَإِذَا أَكَلُوا وَسُرُّوا، دَعَا بِالصُّنْدُوقِ، فَفَتَحَهُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُم صُرَّتَهُ عَلَيْهَا اسْمُهُ.
قَالَ أَبِي: أَخْبَرَنِي خَادمُهُ أَنَّهُ عَملَ آخرَ سَفْرَةٍ سَافَرَهَا دَعْوَةً، فَقَدَّمَ إِلَى النَّاسِ خَمْسَةً وَعِشْرِيْنَ خِوَاناً فَالُوْذَجَ، فَبَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ لِلْفُضَيْلِ: لَوْلاَكَ وَأَصْحَابَكَ مَا اتَّجَرْتُ.
وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى الفُقَرَاءِ، فِي كُلِّ سَنَةٍ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ المُبَارَكِ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَقضِيَ دَيْناً عَلَيْهِ، فَكَتَبَ لَهُ إِلَى وَكِيلٍ لَهُ.
فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ الكِتَابُ، قَالَ لَهُ الوَكِيلُ: كَمِ الدَّيْنُ الَّذِي سَأَلتَهُ قَضَاءهُ؟
قَالَ: سَبْعُ مائَةِ دِرْهَمٍ.
وَإِذَا عَبْدُ اللهِ قَدْ كَتَبَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ سَبْعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَرَاجَعَهُ الوَكِيلُ، وَقَالَ: إِنَّ الغَلاَّتِ قَدْ فَنِيَتْ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ: إِنْ كَانَتِ الغَلاَّتُ قَدْ فَنِيَتْ، فَإِنَّ العُمْرَ أَيْضاً قَدْ فَنِيَ، فَأَجِزْ لَهُ مَا سَبَقَ بِهِ قَلمِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنِي يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، قَالَ:
كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ كَثِيْرَ الاختِلاَفِ إِلَى طَرَسُوْسَ، وَكَانَ يَنْزِلُ الرَّقَّةَ فِي خَانٍ، فَكَانَ شَابٌّ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ، وَيَقُوْمُ بِحَوَائِجِهِ، وَيَسْمَعُ مِنْهُ الحَدِيْثَ، فَقَدِمَ عَبْدُ اللهِ مَرَّةً، فَلَمْ يَرَهُ، فَخَرَجَ فِي النَّفِيْرِ مُسْتَعجِلاً، فَلَمَّا
رَجَعَ، سَأَلَ عَنِ الشَّابِّ، فَقَالَ: مَحْبُوْسٌ عَلَى عَشْرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ.فَاسْتَدَلَّ عَلَى الغَرِيْمِ، وَوَزَنَ لَهُ عَشْرَةَ آلاَفٍ، وَحَلَّفَهُ أَلاَّ يُخْبِرَ أَحَداً مَا عَاشَ، فَأُخْرِجَ الرَّجُلُ، وَسَرَى ابْنُ المُبَارَكِ، فَلَحِقَهُ الفَتَى عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنَ الرَّقَّةِ، فَقَالَ لِي: يَا فَتَى أَيْنَ كُنْتَ؟ لَمْ أَرَكَ!
قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! كُنْتُ مَحْبُوْساً بِدَيْنٍ.
قَالَ: وَكَيْفَ خَلصتَ؟
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَقَضَى دَيْنِي، وَلَمْ أَدرِ.
قَالَ: فَاحْمَدِ اللهَ، وَلَمْ يَعْلَمِ الرَّجُلُ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ اللهِ.
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ الفُضَيْلِ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ لابْنِ المُبَارَكِ:
أَنْتَ تَأْمُرُنَا بِالزُّهْدِ وَالتَّقَلُّلِ وَالبُلْغَةِ، وَنَرَاكَ تَأْتِي بِالبَضَائِعِ، كَيْفَ ذَا؟
قَالَ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، إِنَّمَا أَفْعَلُ ذَا لأَصُوْنَ وَجْهِي، وَأُكرِمَ عِرضِي، وَأَسْتَعِيْنَ بِهِ عَلَى طَاعَةِ رَبِّي.
قَالَ: يَا ابْنَ المُبَارَكِ مَا أَحْسَنَ ذَا إِنْ تَمَّ ذَا.
الفَتْحُ بنُ سُخْرُفٍ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بنُ مُوْسَى، قَالَ:
عُوتِبَ ابْنُ المُبَارَكِ فِيْمَا يُفَرِّقُ مِنَ المَالِ فِي البُلْدَانِ دُوْنَ بَلَدِهِ، قَالَ: إِنِّيْ أَعْرِفُ مَكَانَ قَوْمٍ لَهُم فَضْلٌ وَصِدْقٌ، طَلَبُوا الحَدِيْثَ، فَأَحْسَنُوا طَلَبَهُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِم، احْتَاجُوا، فَإِنْ تَرَكْنَاهُم، ضَاعَ عِلْمُهُم، وَإِنْ أَعَنَّاهُم، بَثُّوا العِلْمَ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ أَعْلَمُ بَعْدَ النُّبُوَّةِ أَفْضَلَ مِنْ بَثِّ العِلْمِ.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً يُحَدِّثُ للهِ إِلاَّ سِتَّةُ نَفَرٍ، مِنْهُم ابْنُ المُبَارَكِ.
أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ الطَّبَّاعِ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: الأَئِمَّةُ أَرْبَعَةٌ:
سُفْيَانُ، وَمَالِكٌ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ.وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَعْلَمَ بِالحَدِيْثِ مِنْ سُفْيَانَ، وَلاَ أَحْسَنَ عَقْلاً مِنْ مَالِكٍ، وَلاَ أَقشَفَ مِنْ شُعْبَةَ، وَلاَ أَنصَحَ لِلأُمَّةِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ أَرْبَعَةٍ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ لِلْحَدِيْثِ مِنَ الثَّوْرِيِّ، وَلاَ أَشَدَّ تَقَشُّفاً مِنْ شُعْبَةَ، وَلاَ أَعقَلَ مِنْ مَالِكٍ، وَلاَ أَنصَحَ لِلأُمَّةِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
أَبُو نَشِيْطٍ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ:
قُلْتُ لابْنِ مَهْدِيٍّ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ، ابْنُ المُبَارَكِ أَوْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ؟
فَقَالَ: ابْنُ المُبَارَكِ.
قُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يُخَالِفُوْنَكَ.
قَالَ: إِنَّهُم لَمْ يُجَرِّبُوا، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ ابْنِ المُبَارَكِ.
نُوْحُ بنُ حَبِيْبٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، وَكَانَ نَسِيْجَ وَحْدِهِ.
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحْرِزٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: ابْنُ المُبَارَكِ أَعْلَمُ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَعْيَنَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَقَالُوا لَهُ: جَالَسْتَ الثَّوْرِيَّ، وَسَمِعْتَ مِنْهُ، وَمِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، فَأَيُّهُمَا أَرْجَحُ؟
قَالَ: لَوْ أَنَّ سُفْيَانَ جَهِدَ عَلَى أَنْ يَكُوْنَ يَوْماً مِثْلَ عَبْدِ اللهِ، لَمْ يَقْدِرْ.
ابْنُ أَبِي العَوَّامِ: حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ شُعَيْبَ بنَ حَرْبٍ يَقُوْلُ:قَالَ سُفْيَانُ: إِنِّيْ لأَشتَهِي مِنْ عُمُرِي كُلِّهِ أَنْ أَكُوْنَ سَنَةً مِثْلَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَكُوْنَ وَلاَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَحْرٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى الطَّرَسُوْسِيُّ، قَالَ:
سَأَلَ رَجُلٌ سُفْيَانَ، فَقَالَ: مَنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
قَالَ: مَنْ أَهْلِ المَشْرِقِ.
قَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُم أَعْلَمُ أَهْلِ المَشْرِقِ؟
قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟
قَالَ: عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ.
قَالَ: وَهُوَ أَعْلَمُ أَهْلِ المَشْرِقِ؟!
قَالَ: نَعَمْ، وَأَهْلِ المَغْرِبِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ قَالَ:
كَانَ فُضَيْلٌ وَسُفْيَانُ وَمَشْيَخَةٌ جُلُوْساً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَطَلَعَ ابْنُ المُبَارَكِ مِنَ الثَّنِيَّةِ، فَقَالَ سُفْيَانُ: هَذَا رَجُلُ أَهْلِ المَشْرِقِ.
فَقَالَ فُضَيْلٌ: رَجُلُ أَهْلِ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي جَمِيْلٍ، قَالَ:
كُنَّا حَوْلَ ابْنِ المُبَارَكِ بِمَكَّةَ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا عَالِمَ الشَّرقِ، حَدِّثْنَا - وَسُفْيَانُ قَرِيْبٌ مِنَّا يَسْمَعُ - فَقَالَ: وَيْحَكُمْ! عَالِمَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قُهْزَاذَ: سَمِعْتُ أَبَا الوَزِيْرِ يَقُوْلُ: قَدِمْتُ عَلَى سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالُوا لَهُ: هَذَا وَصِيُّ عَبْدِ اللهِ.
فَقَالَ: رَحِمَ اللهُ عَبْدَ اللهِ، مَا خَلَّفَ بِخُرَاسَانَ مِثْلَهُ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: حَدَّثَنَا أَبُو عِصْمَةَ قَالَ:شَهِدتُ سُفْيَانَ وَفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، قَالَ سُفْيَانُ لِفُضَيْلٍ: يَا أَبَا عَلِيٍّ! أَيُّ رَجُلٍ ذَهَبَ!
يَعْنِي: ابْنَ المُبَارَكِ.
قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! وَبَقِيَ بَعْدَ ابْنِ المُبَارَكِ مَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ ؟!
مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الوَهَّابِ بنَ عَبْدِ الحَكَمِ يَقُوْلُ:
لَمَّا مَاتَ ابْنُ المُبَارَكِ، بَلَغَنِي أَنَّ هَارُوْنَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ: مَاتَ سَيِّدُ العُلَمَاءِ.
المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الفَزَارِيَّ يَقُوْلُ: ابْنُ المُبَارَكِ إِمَامُ المُسْلِمِيْنَ أَجْمَعِيْنَ.
قُلْتُ: هَذَا الإِطلاَقُ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ مَعْنِيٌّ بِمُسْلِمِي زَمَانِهِ.
قَالَ المُسَيَّبُ: وَرَأَيْتُ أَبَا إِسْحَاقَ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ المُبَارَكِ قَاعِداً يَسْأَلُهُ.
قَالَ أَبُو وَهْبٍ أَحْمَدُ بنُ رَافِعٍ - وَرَّاقُ سُوَيْدِ بنِ نَصْرٍ -: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: نَظَرْتُ فِي أَمرِ الصَّحَابَةِ وَأَمرِ عَبْدِ اللهِ، فَمَا رَأَيْتُ لَهُم عَلَيْهِ فَضْلاً، إِلاَّ بِصُحْبَتِهِمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَغَزْوِهِم مَعَهُ.
مَحْمُودُ بنُ وَالاَن، قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بنَ الحَسَنِ يَمدَحُ ابْنَ المُبَارَكِ، وَيَقُوْلُ:
إِذَا سَارَ عَبْدُ اللهِ مِنْ مَرْوَ لَيْلَةَ ... فَقَدْ سَارَ مِنْهَا نُوْرُهَا وَجَمَالُهَاإِذَا ذُكِرَ الأَحْبَارُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ ... فَهُم أَنْجُمٌ فِيْهَا وَأَنْتَ هِلاَلُهَا
هَاشِمُ بنُ مَرْثَدٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ طَالُوْتَ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
انْتَهَى العِلْمُ إِلَى رَجُلَيْنِ: إِلَى ابْنِ المُبَارَكِ، ثُمَّ إِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ الجَارُوْدِ: قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ:
عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ أَوسَعُ عِلْماً مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بنِ آدَمَ.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ: سَمِعْتُ سَلاَّمَ بنَ أَبِي مُطِيْعٍ يَقُوْلُ: مَا خَلَّفَ ابْنُ المُبَارَكِ بِالمَشْرِقِ مِثْلَهُ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَذَكَرُوا عَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَافِظاً.
فَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ عَبْدُ اللهِ -رَحِمَهُ اللهُ- كَيِّساً، مُسْتَثْبِتاً، ثِقَةً، وَكَانَ عَالِماً، صَحِيْحَ الحَدِيْثِ، وَكَانَتْ كُتُبُهُ الَّتِي يُحَدِّثُ بِهَا عِشْرِيْنَ أَلْفاً أَوْ وَاحِداً وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ حَمْدَوَيْه بنُ الخَطَّابِ البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ نَصْرَ بنَ المُغِيْرَةِ البُخَارِيَّ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ شَمَّاسٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَفقَهَ النَّاسِ ابْنَ المُبَارَكِ، وَأَورَعَ النَّاسِ الفُضَيْلَ، وَأَحْفَظَ النَّاسِ وَكِيْعَ بنَ الجَرَّاحِ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ - وَذَكَرَ أَصْحَابَ سُفْيَانَ - فَقَالَ:خَمْسَةٌ: ابْنُ المُبَارَكِ - فَبَدَأَ بِهِ - وَوَكِيْعٌ، وَيَحْيَى، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: قُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ: اخْتَلَفَ القَطَّانُ، وَوَكِيْعٌ؟
قَالَ: القَوْلُ قَوْلُ يَحْيَى.
قَالَ: فَإِذَا اخْتَلَفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى؟
قَالَ: يَحتَاجُ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: فَأَبُو نُعَيْمٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ؟
قَالَ: يَحتَاجُ مَنْ يَفصِلُ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: الأَشْجَعِيُّ؟
قَالَ: مَاتَ الأَشْجَعِيُّ، وَمَاتَ حَدِيْثُهُ مَعَهُ.
قُلْتُ: ابْنُ المُبَارَكِ؟
قَالَ: ذَاكَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
مَحْمُودُ بنُ وَالاَنَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُوْسَى يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَنْ أَثْبَتُ فِي مَعْمَرٍ، ابْنُ المُبَارَكِ أَوْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ؟
وَكَانَ يَحْيَى مُتَّكِئاً، فَجَلَسَ، وَقَالَ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ خَيْراً مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ، كَانَ عَبْدُ اللهِ سَيِّداً مِنْ سَادَاتِ المُسْلِمِيْنَ.
وَسُئِلَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: إِذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَعْمَرٍ؟
قَالَ: القَوْلُ قَوْلُ ابْنِ المُبَارَكِ.
الدَّغُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ بنِ مُسَاوِرٍ، قَالَ:
قَالَ أَبِي: قُلْتُ لابْنِ المُبَارَكِ: هَلْ تَتَحَفَّظُ الحَدِيْثَ؟
فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَقَالَ: مَا تَحَفَّظْتُ حَدِيْثاً قَطُّ، إِنَّمَا آخُذُ الكِتَابَ، فَأَنظُرُ فِيْهِ، فَمَا اشْتَهَيْتُهُ، عَلِقَ بِقَلْبِي.
قَالَ الحَسَنُ بنُ عِيْسَى: أَخْبَرَنِي صَخْرٌ - صَدِيْقُ ابْنِ المُبَارَكِ - قَالَ:كُنَّا غِلْمَاناً فِي الكُتَّابِ، فَمَرَرْتُ أَنَا وَابْنُ المُبَارَكِ، وَرَجُلٌ يَخطُبُ، فَخَطَبَ خُطْبَةً طَوِيْلَةً، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ لِي ابْنُ المُبَارَكِ: قَدْ حَفِظتُهَا.
فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقَالَ: هَاتِهَا.
فَأَعَادهَا وَقَدْ حَفِظَهَا.
نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ، قَالَ:
قَالَ لِي أَبِي: لَئِنْ وَجَدْتُ كُتُبَكَ، لأُحَرِقَنَّهَا.
قُلْتُ: وَمَا عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ فِي صَدْرِي.
وَقَالَ أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُزَاحِمٍ: العَجَبُ مِمَّنْ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ رَجُلٍ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الرَّجُلَ حَتَّى يُحَدِّثُه بِهِ.
قَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: ابْنُ المُبَارَكِ مَرْوَزِيٌّ، ثِقَةٌ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبَّادٍ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ بِمَكَّةَ أَتَى زَمْزَمَ، فَاسْتَقَى شُربَةً، ثُمَّ اسْتَقبَلَ القِبْلَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ أَبِي المَوَّالِ حَدَّثَنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: (مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ) وَهَذَا أَشرَبُهُ لِعَطَشِ القِيَامَةِ، ثُمَّ شَرِبَهُ.
كَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي المَوَّالِ، وَصَوَابُهُ: ابْنُ المُؤَمَّلِ عَبْدُ اللهِ المَكِّيُّ، وَالحَدِيْثُ بِهِ يُعْرَفُ، وَهُوَ مِنَ الضُّعَفَاءِ، لَكِنْ يَرْوِيْهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، فَعَلَى كُلِّ حَالٍ خَبَرُ ابْنِ المُبَارَكِ فَرْدٌ مُنْكَرٌ، مَا أَتَى بِهِ سِوَى سُوَيْدٍ، رَوَاهُ: المَيَانَجِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ.أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: سَمِعْتُ الخَلِيْلَ أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، قَالَ:
بُغْضُ الحَيَاةِ وَخَوْفُ اللهِ أَخْرَجَنِي ... وَبَيْعُ نَفْسِي بِمَا لَيْسَتْ لَهُ ثَمَنَا
إِنِّيْ وَزَنْتُ الَّذِي يَبْقَى لِيَعْدِلَهُ ... مَا لَيْسَ يَبْقَى فَلاَ وَاللهِ مَا اتَّزَنَا
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ إِذَا قَرَأَ كِتَابَ (الرِّقَاقِ) ، يَصِيْرُ كَأَنَّهُ ثَوْرٌ مَنْحُوْرٌ، أَوْ بَقَرَةٌ مَنْحُوْرَةٌ مِنَ البُكَاءِ، لاَ يَجْتَرِئُ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ دَفَعَهُ.
أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ المَرْوَزِيُّ، قَالَ:
كُنَّا سَرِيَّةً مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ فِي بِلاَدِ الرُّوْمِ، فَصَادَفْنَا العَدُوَّ، فَلَمَّا التَقَى الصَّفَّانِ، خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ العَدُوِّ، فَدَعَا إِلَى البِرَازِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ آخَرُ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ آخَرُ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ دَعَا إِلَى البِرَازِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَطَارَدَهُ سَاعَةً، فَطَعَنَهُ، فَقَتَلَهُ، فَازدَحَمَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَإِذَا هُوَ يَكْتُمُ وَجْهَهُ بِكُمِّهِ، فَأَخَذْتُ بِطَرَفِ كُمِّهِ، فَمَدَدْتُهُ، فَإِذَا هُوَ هُوَ، فَقَالَ: وَأَنْتَ
يَا أَبَا عَمْرٍو مِمَّنْ يُشَنِّعُ عَلَيْنَا !!قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا وَهْبٍ يَقُوْلُ: مَرَّ ابْنُ المُبَارَكِ بِرَجُلٍ أَعْمَى، فَقَالَ لَهُ: أَسْأَلُكَ أَنْ تَدعُوَ لِي أَنْ يَرُدَّ اللهَ عَلَيَّ بَصَرِي.
فَدَعَا اللهَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَأَنَا أَنْظُرُ.
وَقَالَ أَبُو حَسَّانٍ عِيْسَى بنُ عَبْدِ اللهِ البَصْرِيُّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي ابْنُ المُبَارَكِ: اسْتَعَرتُ قَلَماً بِأَرْضِ الشَّامِ، فَذَهَبتُ عَلَى أَنْ أَرُدَّهُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ مَرْوَ، نَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ مَعِي، فَرَجَعتُ إِلَى الشَّامِ حَتَّى رَدَدْتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ.
قَالَ أَسْوَدُ بنُ سَالِمٍ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ إِمَاماً يُقْتَدَى بِهِ، كَانَ مِنْ أَثبَتِ النَّاسِ فِي السُّنَّةِ، إِذَا رَأَيْتَ رَجُلاً يَغمِزُ ابْنَ المُبَارَكِ، فَاتَّهِمْهُ عَلَى الإِسْلاَمِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ بِهَا، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الدَّايَةِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ كِتَابَةً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ المُقْرِئُ، وَأَنْبَأَنَا يَحْيَى، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّرَّاحِ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبُو غَالِبٍ بنُ البَنَّاءِ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو المُرْهفِ المِقْدَادُ بنُ أَبِي القَاسِمِ القَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الرَّزَازُ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلاَّنَ فِي كِتَابِهِ، وَغَيْرُهُ، أَنَّ دَاوُدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الوَكِيْلَ أَخْبَرَهُم، قَالُوا:أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ الأُرْمَوِيُّ، وَكَتَبَ إِلَيْنَا الفَخْرُ عَلِيُّ بنُ البُخَارِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَتْنَا نِعْمَةُ بِنْتُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، قَالَ سبْعَتُهُم:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُعَدِّلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَلْخِيُّ بِسَمَرْقَنْدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمَائَتَيْنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو المُصْعَبِ مِشْرَحُ بنُ هَاعَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا ) .
وَبِهِ: إِلَى الفِرْيَابِيِّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ مِشْرَحٍ، ... فَذَكَرَهُ.
وَبِهِ: إِلَى الفِرْيَابِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ سَعِيْدُ بنُ يَعْقُوْبَ الطَّالْقَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ هَارُوْنَ بنِ رِئَابٍ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو لَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ، قَالَ: انْظُرُوا فُلاَناً لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَإِنِّي كُنْتُ قُلْتُ لَهُ فِي ابْنَتِي قَوْلاً كَشَبِيْهِ العِدَةِ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَلْقَى الله -تَعَالَى- بِثُلُثِ النِّفَاقِ، وَأُشْهِدُكُم أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُهُ.
هَارُوْنُ ثِقَةٌ، لَكِنَّهُ لَمْ يَلْحَقْ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي زَمَانِ ابْنِ المُبَارَكِ أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ مِنْهُ.وَعَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ مِثْلُ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَهُوَ فِي المُحَدِّثِيْنَ مِثْلُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي النَّاسِ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ مَوْلَى ابْنِ المُبَارَكِ: اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِثْلُ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، وَمَخْلَدِ بنِ الحُسَيْنِ، فَقَالُوا:
تَعَالَوْا نَعُدُّ خِصَالَ ابْنِ المُبَارَكِ مِنْ أَبْوَابِ الخَيْرِ، فَقَالُوا: العِلْمُ، وَالفِقْهُ، وَالأَدَبُ، وَالنَّحْوُ، وَاللُّغَةُ، وَالزُّهْدُ، وَالفَصَاحَةُ، وَالشِّعْرُ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ، وَالعِبَادَةُ، وَالحَجُّ، وَالغَزْوُ، وَالشَّجَاعَةُ، وَالفُرُوْسِيَّةُ، وَالقُوَّةُ، وَتَرْكُ الكَلاَمِ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْهِ، وَالإِنصَافُ، وَقِلَّةُ الخِلاَفِ عَلَى أَصْحَابِهِ.
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ المُبَارَكِ: قَرَأْتُ البَارِحَةَ القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ.
فَقَالَ: لَكِنِّي أَعْرِفُ رَجُلاً لَمْ يَزَلِ البَارِحَةَ يُكَرِّرُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} إِلَى الصُّبْحِ، مَا قَدِرَ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا -يَعْنِي نَفْسَهُ-.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْحَاقَ البُنَانِيِّ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ:
حَمَلتُ العِلْمَ عَنْ أَرْبَعَةِ آلاَفِ شَيْخٍ، فَرَويتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ.
ثُمَّ قَالَ العَبَّاسُ: فَتَتَبَّعْتُهُم حَتَّى وَقَعَ لِي ثَمَانُ مائَةِ شَيْخٍ لَهُ.
قَالَ حَبِيْبٌ الجَلاَّبُ: سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ: مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الإِنْسَانُ؟
قَالَ: غَرِيْزَةُ عَقْلٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: حُسْنُ أَدَبٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: أَخٌ شَفِيْقٌ يَسْتَشِيْرُهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: صَمْتٌ طَوِيْلٌ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: مَوْتٌ عَاجِلٌ.
وَرَوَى: عَبْدَانُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:إِذَا غَلَبَتْ مَحَاسِنُ الرَّجُلِ عَلَى مَسَاوِئِهِ، لَمْ تُذْكَرِ المَسَاوِئُ، وَإِذَا غَلَبَتِ المَسَاوِئُ عَنِ المَحَاسِنِ، لَمْ تُذْكَرِ المَحَاسِنُ.
قَالَ نُعَيْمٌ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
عَجِبتُ لِمَنْ لَمْ يَطلُبِ العِلْمَ، كَيْفَ تَدعُوْهُ نَفْسُهُ إِلَى مَكْرُمَةٍ؟!
قَالَ عُبَيْدُ بنُ جَنَّادٍ: قَالَ لِي عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ: رَأَيْتَ ابْنَ المُبَارَكِ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: مَا رَأَيْتَ وَلاَ تَرَى مِثْلَهُ.
قَالَ عُبَيْدُ بنُ جَنَّادٍ: وَسَمِعْتُ العُمَرِيَّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ فِي دَهْرِنَا هَذَا مَنْ يَصلُحُ لِهَذَا الأَمْرِ -يَعْنِي: الإِمَامَةَ- إِلاَّ ابْنَ المُبَارَكِ.
قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ ابْنِ المُبَارَكِ، تُصِيْبُ عِنْدَهُ الشَّيءَ الَّذِي لاَ تُصِيْبُهُ عِنْدَ أَحَدٍ.
قَالَ شَقِيْقٌ البَلْخِيُّ: قِيْلَ لابْنِ المُبَارَكِ: إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ لِمَ لاَ تَجْلِسُ مَعَنَا؟
قَالَ: أَجلِسُ مَعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، أَنْظُرُ فِي كُتُبِهِم وَآثَارِهِم، فَمَا أَصْنَعُ مَعَكُم؟ أَنْتُم تَغْتَابُوْنَ النَّاسَ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: لِيَكُنْ عُمْدَتُكُم الأَثَرُ، وَخُذُوا مِنَ الرَّأْيِ مَا يُفَسِّرُ لَكُمُ الحَدِيْثَ.
مَحْبُوبُ بنُ الحَسَنِ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
مَنْ بَخِلَ بِالعِلْمِ، ابْتُلِي بِثَلاَثٍ: إِمَّا مَوْتٌ يُذْهِبُ عِلْمَهُ، وَإِمَّا يَنْسَى، وَإِمَّا يَلْزَمُ السُّلْطَانَ، فَيَذْهَبُ عِلْمُهُ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْفَعَةِ العِلْمِ أَنْ يُفِيْدَ بَعْضُهُم بَعْضاً.
المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ قِيْلَ لَهُ: الرَّجُلُ يَطلُبُ الحَدِيْثَ للهِ، يَشتَدُّ فِي سَنَدِهِ.قَالَ: إِذَا كَانَ للهِ، فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَشتَدَّ فِي سَنَدِهِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا فِي القَلْبِ، وَالذُّنُوْبُ فَقَدِ احْتَوَشَتْهُ، فَمَتَى يَصِلُ الخَيْرُ إِلَيْهِ؟
وَعَنْهُ، قَالَ: لَوِ اتَّقَى الرَّجُلُ مائَةَ شَيْءٍ، وَلَمْ يَتَّقِ شَيْئاً وَاحِداً، لَمْ يَكُ مِنَ المُتَّقِيْنَ، وَلَو تَوَرَّعَ عَنْ مائَةِ شَيْءٍ، سِوَى وَاحِدٍ، لَمْ يَكُنْ وَرِعاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيْهِ خُلَّةٌ مِنَ الجَهْلِ، كَانَ مِنَ الجَاهِلِيْنَ، أَمَا سَمِعْتَ اللهَ يَقُوْلُ لِنُوْحٍ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- مِنْ أَجْلِ ابْنِهِ: {إِنِّيْ أَعِظُكَ أَنْ تَكُوْنَ مِنَ الجَاهِلِيْنَ} [هُوْدُ: 460] .
إِسْنَادُهَا لاَ يَصِحُّ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ خِلاَفُ هَذَا، وَأَنَّ الاعْتِبَارَ بِالكَثْرَةِ، وَمُرَادُهُ بِالخُلَّةِ مِنَ الجَهْلِ: الإِصرَارُ عَلَيْهَا.
وَجَاءَ أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ سُئِلَ: مَنِ النَّاسُ؟
فَقَالَ: العُلَمَاءُ.
قِيْلَ: فَمَنِ المُلُوْكُ؟
قَالَ: الزُّهَّادُ.
قِيْلَ: فَمَنِ الغَوْغَاءُ؟
قَالَ: خُزَيْمَةُ وَأَصْحَابُهُ -يَعْنِي: مِنْ أُمَرَاءِ الظَّلَمَةِ-.
قِيْلَ: فَمَنِ السَّفِلَةُ؟
قَالَ: الَّذِيْنَ يَعِيْشُوْنَ بِدِيْنِهِم.
وَعَنْهُ، قَالَ: لِيَكُنْ مَجْلِسُكَ مَعَ المَسَاكِيْنِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَجلِسَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: إِذَا عَرَفَ الرَّجُلُ قَدْرَ نَفْسِهِ، يَصِيْرُ عِنْدَ نَفْسِهِ أَذَلَّ مِنْ كَلْبٍ.
وَعَنْهُ، قَالَ: لاَ يَقَعُ مَوقِعَ الكَسْبِ عَلَى العِيَالِ شَيْءٌ، وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيْلِ اللهِ.
وَقَالَ: رُبَّ عَمَلٍ صَغِيْرٍ تُكَثِّرُهُ النِّيَّةُ، وَرُبَّ عَمَلٍ كَثِيْرٍ تُصَغِّرُهُ النِّيَّةُ.أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ إِجَازَةً، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاغِدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَنْ أَبَوَيهِ، فَقَالَ: مَنْ يَرْوِيْهِ؟
قُلْتُ: شِهَابُ بنُ خِرَاشٍ.
قَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ؟
قُلْتُ: عَنِ الحَجَّاجِ بنِ دِيْنَارٍ.
قَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ؟
قُلْتُ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَفَاوِزُ تَنْقَطِعُ فِيْهَا أَعْنَاقُ الإِبِلِ.
أَخْبَرَنَا بِيْبَرْسُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَجْدِيُّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدَّوَامِيُّ، أَخْبَرَتْنَا تَجَنِّي مَوْلاَةُ ابْنِ وَهْبَانَ، وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْدَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الخَطِيْبُ، وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّةُ، وَفَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ (ح) .
وَأَخْبَرَتْنَا سِتُّ الأَهْلِ بِنْتُ النَّاصِحِ، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْد الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا طِرَادُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَغْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُخْتَارٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الحَفَّارُ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى القَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُجَشِّرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
عَاصِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ - وَمَرَرْتُ مَعَهُ بِبُقْعَةٍ - فَقَالَ:سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (رُبَّ يَمِيْنٍ لاَ تَصْعَدُ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي هَذِهِ البُقْعَةِ ) .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَرَأَيْتُ فِيْهَا النَّخَّاسِيْنَ.
وَبِهِ: إِلَى ابْنِ المُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَكُلُّ مُسْكرٍ خَمْرٌ ) .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ الأَسَدِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاغِدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي رِزْمَةَ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
إِنَّا لَنَحكِي كَلاَمَ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارِى، وَلاَ نَستَطِيْعُ أَنْ نَحكِيَ كَلاَمَ الجَهْمِيَّةِ.
وَبِهِ: إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ: سَمِعْتُ أَبَا يَحْيَى يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ: كَيْفَ يُعْرَفُ رَبُّنَا -عَزَّ وَجَلَّ-؟قَالَ: فِي السَّمَاءِ عَلَى العَرْشِ.
قُلْتُ لَهُ: إِنَّ الجَهْمِيَّةَ تَقُوْلُ هَذَا.
قَالَ: لاَ نَقُوْلُ كَمَا قَالَتِ الجَهْمِيَّةُ، هُوَ مَعَنَا هَا هُنَا.
قُلْتُ: الجَهْمِيَّةُ يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ البَارِي -تَعَالَى- فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالسَّلَفُ يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ عِلْمَ البَارِي فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: {وَهُوَ مَعَكُم أَيْنَمَا كُنْتُمْ} [الحَدِيْدُ: 4] يَعْنِي: بِالعِلْمِ، وَيَقُوْلُوْنَ: إِنَّهُ عَلَى عَرْشِهِ اسْتَوَى، كَمَا نَطَقَ بِهِ القُرْآنُ وَالسُّنَّةُ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ - وَهُوَ إِمَام وَقْتِهِ -: كُنَّا - وَالتَّابِعُوْنَ مُتَوَافِرُوْنَ - نَقُوْلُ:
إِنَّ اللهَ -تَعَالَى- فَوْقَ عَرْشِهِ، وَنُؤمِنُ بِمَا وَردَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ صِفَاتِهِ، وَمَعْلُوْمٌ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنَ الطَّوَائِفِ أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ إِمرَارُ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيْثِهَا كَمَا جَاءتْ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلاَ تَحرِيْفٍ، وَلاَ تَشْبِيْهٍ وَلاَ تَكْيِيفٍ، فَإِنَّ الكَلاَمَ فِي الصِّفَاتِ فَرْعٌ عَلَى الكَلاَمِ فِي الذَّاتِ المُقَدَّسَةِ.
وَقَدْ عَلِمَ المُسْلِمُوْنَ أَنَّ ذَاتَ البَارِي مَوْجُوْدَةٌ حَقِيْقَةٌ، لاَ مِثْلَ لَهَا، وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ -تَعَالَى- مَوْجُوْدَةٌ، لاَ مِثْلَ لَهَا.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ شَبِيْبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ اللُّبْنَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِ (الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ ) لَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، قَالَ:سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ: كَيْفَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْرِفَ رَبَّنَا؟
قَالَ: عَلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِه، وَلاَ نَقُوْلُ كَمَا تَقُوْلُ الجَهْمِيَّةُ: إِنَّهُ هَا هُنَا فِي الأَرْضِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ فِي هَذَا الكِتَاب بِإِسْنَادِهِ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ:
أَنَّ رَجُلاً قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَدْ خِفْتُ اللهَ -تَعَالَى- مِنْ كَثْرَةِ مَا أَدْعُو عَلَى الجَهْمِيَّةِ.
قَالَ: لاَ تَخَفْ، فَإِنَّهُم يَزْعُمُوْنَ أَنَّ إِلَهَكَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ ابْنُ المُبَارَكِ، فَنَحْنُ مِنْهُ بَرَاءٌ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: فِي صَحِيْحِ الحَدِيْثِ شُغْلٌ عَنْ سَقِيْمِهِ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الجُذَامِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحَاجِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثنَا العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ:
سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ قَرَأَ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا مَخْلُوْقٌ، فَقَدْ كَفَرَ بِاللهِ العَظِيْمِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ: قُمْتُ لأَخْرُجَ مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَذَاكَرَنِي عِنْد البَابِ بِحَدِيْثٍ - أَوْ ذَاكَرْتُهُ - فَمَا زِلْنَا نَتَذَاكَرُ حَتَّى جَاءَ المُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ.وَقَالَ فَضَالَةُ النَّسَائِيُّ: كُنْتُ أُجَالِسُهُم بِالكُوْفَةِ، فَإِذَا تَشَاجَرُوا فِي حَدِيْثٍ، قَالُوا: مُرُّوا بِنَا إِلَى هَذَا الطَّبِيْبِ حَتَّى نَسْأَلَه - يَعنُوْنَ: ابْنَ المُبَارَكِ -.
قَالَ وَهْبُ بنُ زَمْعَةَ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بِحَدِيْثٍ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الحَمِيْدِ! تُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ، وَقَدْ لَقِيْتَ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ؟
فَغَضِبَ، وَقَالَ: أَنَا مِثْلُ عَبْدِ اللهِ، أَحْمِلُ عِلْمَ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَعِلمَ أَهْلِ العِرَاقِ، وَأَهْلِ الحِجَازِ، وَأَهْلِ اليَمَنِ، وَأَهْلِ الشَّامِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ لِيَسْمَعَ مِنْهُ، فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَهُ.
فَقَالَ الشَّرِيْفُ لِغُلاَمِهِ: قُمْ، فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لاَ يَرَى أَنْ يُحَدِّثَنَا.
فَلَمَّا قَامَ لِيَركَبَ، جَاءَ ابْنُ المُبَارَكِ لِيُمْسِكَ بِرِكَابِه، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تَفْعَلُ هَذَا، وَلاَ تَرَى أَنْ تُحَدِّثَنِي؟
فَقَالَ: أَذِلُّ لَكَ بَدَنِي، وَلاَ أَذِلُّ لَكَ الحَدِيْثَ.
رَوَى المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ المُبَارَكِ - وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَمَّنْ يَأْخُذُ - فَقَالَ:
قَدْ يَلقَى الرَّجُلُ ثِقَةً، وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ، وَقَدْ يَلْقَى الرَّجُلُ غَيْرَ ثِقَةٍ يُحَدِّثُ عَنْ ثِقَةٍ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ: ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ.
عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ
ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ قَطُّ: (حَدَّثَنَا) ، كَانَ يَرَى (أَخْبَرَنَا) أَوْسَعَ، وَكَانَ لاَ يَرُدُّ عَلَى أَحَدٍ حَرفاً إِذَا قَرَأَ.وَقَالَ نُعَيْمٌ: مَا رَأَيْتُ أَعقَلَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ أَكْثَرَ اجْتِهَاداً فِي العِبَادَةِ.
الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ: قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي حَدِيْثِ ثَوْبَانَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اسْتَقِيْمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ ) : يُفَسِّرُهُ حَدِيْثُ أُمِّ سَلَمَةَ: (لاَ تَقْتُلُوْهُمْ مَا صَلَّوْا ) .
وَاحْتَجَّ ابْنُ المُبَارَكِ فِي مَسْأَلَةِ الإِرْجَاءِ، وَأَنَّ الإِيْمَانَ يَتَفَاوَتُ، بِمَا رَوَى عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيْلَ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ: لَوْ وُزِنَ إِيْمَانُ أَبِي بَكْرٍ بِإِيْمَانِ أَهْلِ الأَرْضِ، لَرَجَحَ.
قُلْتُ: مُرَادُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَهْلُ أَرْضِ زَمَانِهِ.
نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
السَّيْفُ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِتْنَةٌ، وَلاَ أَقُوْلُ لأَحَدٍ مِنْهُم هُوَ مَفْتُونٌ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَسُئِلَ: مَنِ السِّفْلَةُ؟قَالَ: الَّذِي يَدُورُ عَلَى القُضَاةِ يَطلُبُ الشَّهَادَاتِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: إِنَّ البُصرَاءَ لاَ يَأْمنُوْنَ مِنْ أَرْبَعٍ: ذَنْبٍ قَدْ مَضَى لاَ يُدْرَى مَا يَصْنَعُ فِيْهِ الرَّبُّ -عَزَّ وَجَلَّ- وَعُمُرٍ قَدْ بَقِيَ لاَ يُدْرَى مَا فِيْهِ مِنَ الهَلَكَةِ، وَفَضْلٍ قَدْ أُعْطِيَ العَبْدُ لَعَلَّهُ مَكْرٌ وَاسْتِدْرَاجٌ، وَضَلاَلَةٌ قَدْ زُيِّنَتْ، يَرَاهَا هُدَىً، وَزَيْغِ قَلْبٍ سَاعَةً فَقَدْ يُسلَبُ المَرْءُ دِيْنَهُ وَلاَ يَشعُرُ.
قَالَ مَنْصُوْرُ بنُ دِيْنَارٍ؛ صَاحِبُ ابْنِ المُبَارَكِ:
إِنَّ عَبْدَ اللهِ كَانَ يَتَصَدَّقُ لِمُقَامِهِ بِبَغْدَادَ كُلَّ يَوْمٍ بِدِيْنَارٍ.
وَعَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ السُّكَّرِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يُعجِبُه إِذَا خَتَمَ القُرْآنَ أَنْ يَكُوْنَ دُعَاؤُهُ فِي السُّجُودِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ نُوْحٍ المَوْصِلِيُّ: قَدِمَ الرَّشِيْدُ عَيْنَ زَرْبَةَ، فَأَمَرَ أَبَا سُلَيْمٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بَابْنِ المُبَارَكِ.
قَالَ: فَقُلْتُ: لاَ آمَنُ أَنْ يُجِيْبَ ابْنُ المُبَارَكِ بِمَا يَكرَهُ، فَيَقتُلُهُ، فَقُلْتُ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! هُوَ رَجُلٌ غَلِيْظُ الطِّبَاعِ، جِلْفٌ.
فَأَمسَكَ الرَّشِيْدُ.
الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْأَلُ ابْنَ المُبَارَكِ عَنِ الرَّجُلِ يَصُوْمُ يَوْماً وَيُفطِرُ يَوْماً.
قَالَ: هَذَا رَجُل يُضِيعُ نِصْفَ عُمُرِهِ، وَهُوَ لاَ يَدْرِي.
يَعْنِي: لِمَ لاَ يَصُوْمُهَا.
قُلْتُ: أَحسِبُ ابْنَ المُبَارَكِ لَمْ يَذْكُرْ حِيْنَئِذٍ حَدِيْثَ: (أَفْضَلُ
الصَّوْمِ صَوْمُ دَاوُدَ ) ، وَلاَ حَدِيْثَ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ.قَالَ أَبُو وَهْبٍ المَرْوَزِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ: مَا الكِبْرُ؟
قَالَ: أَنْ تَزْدَرِيَ النَّاسَ.
فَسَأَلْتُهُ عَنِ العُجْبِ؟
قَالَ: أَنْ تَرَى أَنَّ عِنْدَكَ شَيْئاً لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِك، لاَ أَعْلَمُ فِي المُصَلِّيْنَ شَيْئاً شَرّاً مِنَ العُجْبِ.
قَالَ حَاتِمُ بنُ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ قَرْحَةٍ خَرَجتْ فِي رُكبَتِهِ مُنْذُ سَبْعِ سِنِيْنَ، وَقَدْ عَالَجتُهَا بِأَنْوَاعِ العِلاَجِ، وَسَأَلْتُ الأَطِبَّاءَ، فَلَمْ أَنْتَفِعْ بِهِ.
فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ، فَاحفِرْ بِئْراً فِي مَكَانِ حَاجَةٍ إِلَى المَاءِ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَنبُعَ هُنَاكَ عَيْنٌ، وَيُمْسِكَ عَنْكَ الدَّمَ.
فَفَعَلَ الرَّجُلُ، فَبَرَأَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يُحَدِّثُ مِنَ الكِتَابِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ سَقطٌ كَثِيْرٌ، وَكَانَ وَكِيْعٌ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ، فَكَانَ يَكُوْنُ لَهُ سَقطٌ كَمْ يَكُوْنُ حَفِظُ الرَّجُلِ.
وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ قِيْلَ لَهُ: إِلَى مَتَى تَكتُبُ العِلْمَ؟
قَالَ: لَعَلَّ الكَلِمَةَ الَّتِي أَنْتَفِعُ بِهَا لَمْ أَكتُبْهَا بَعْدُ.
قَالَ عَمْرٌو النَّاقِدُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ يُشْبِهُ ابْنَ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي زَائِدَةَ.
وَقَالَ مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ: جَالَسْتُ أَيُّوْبَ، وَابْنَ عَوْنٍ، فَلَمْ أَجِدْ فِيْهِم مَنْ أُفَضِّلُهُ عَلَى ابْنِ المُبَارَكِ.قَالَ عَبْدَانُ: قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ - وَذَكَرَ التَّدْلِيسَ - فَقَالَ فِيْهِ قَوْلاً شَدِيْداً، ثُمَّ أَنْشَدَ:
دَلَّسَ لِلنَّاسِ أَحَادِيْثَهُ ... وَاللهُ لاَ يَقْبَلُ تَدْلِيْسَا
عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: مَنِ اسْتَخَفَّ بِالعُلَمَاءِ، ذَهَبتْ آخِرَتُهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالأُمَرَاءِ، ذَهَبتْ دُنْيَاهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالإِخْوَانِ، ذَهَبتْ مُرُوءتُهُ.
قَدْ أَسلَفْنَا لِعَبْدِ اللهِ مَا يَدلُّ عَلَى فُرُوْسِيَّتِه.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سِنَانٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ بِطَرَسُوْسَ، فَصَاحَ النَّاسُ: النَّفِيرُ.
فَخَرَجَ ابْنُ المُبَارَكِ، وَالنَّاسُ، فَلَمَّا اصطَفَّ الجَمْعَانِ، خَرَجَ رُوْمِيٌّ، فَطَلَبَ البِرَازَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَشَدَّ العِلْجُ عَلَيْهِ، فَقَتَلَهُ، حَتَّى قَتَلَ سِتَّةً مِنَ المُسْلِمِيْنَ، وَجَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يَطلُبُ المُبَارَزَةَ، وَلاَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ ابْنُ المُبَارَكِ، فَقَالَ: يَا فُلاَنُ! إِنْ قُتِلْتُ، فَافعَلْ كَذَا وَكَذَا.
ثُمَّ حَرَّكَ دَابَّتَه، وَبَرَزَ لِلْعِلْجِ، فَعَالَجَ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَتَلَ العِلْجَ، وَطَلَبَ المُبَارَزَةَ، فَبَرَزَ لَهُ عِلْجٌ آخَرُ، فَقَتَلَهُ، حَتَّى قَتَلَ سِتَّةَ عُلُوجٍ، وَطَلَبَ البِرَازَ، فَكَأَنَّهُم كَاعُوا عَنْهُ،
فَضَرَبَ دَابَّتَه، وَطَرَدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ غَابَ، فَلَمْ نَشْعُرْ بِشَيْءٍ، وَإِذَا أَنَا بِهِ فِي المَوْضِعِ الَّذِي كَانَ، فَقَالَ لِي:يَا عَبْدَ اللهِ! لَئِنْ حَدَّثتَ بِهَذَا أَحَداً، وَأَنَا حَيٌّ ... ، فَذَكَرَ كَلِمَةً.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ الفَرَّاءُ: سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ عَنْ كِتَابَةِ العِلْمِ، فَقَالَ: لَوْلاَ الكِتَابُ مَا حَفِظْنَا.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: الحِبْرُ فِي الثَّوْبِ خَلُوْقُ العُلَمَاءِ.
وَقَالَ: تَوَاطُؤُ الجِيْرَانِ عَلَى شَيْءٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ المُبَارَكِ مَرَّ بِرَاهِبٍ عِنْدَ مَقْبُرَةٍ وَمَزْبَلَةٍ، فَقَالَ:
يَا رَاهِبُ، عِنْدَكَ كَنْزُ الرِّجَالِ، وَكَنْزُ الأَمْوَالِ، وَفِيْهِمَا مُعْتَبَرٌ.
وَقَدْ تَفَقَّهَ ابْنُ المُبَارَكِ بِأَبِي حَنِيْفَةَ، وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي تَلاَمِذَتِهِ.
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ غَنِيّاً، شَاكِراً، رَأْسُ مَالِهِ نَحْوُ الأَرْبَعِ مائَةِ أَلْفٍ.
قَالَ حِبَّانُ بنُ مُوْسَى: رَأَيْتُ سُفرَةَ ابْنِ المُبَارَكِ حُمِلَتْ عَلَى عَجَلَةٍ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ: رَأَيْتُ بَعِيْرَيْنِ مُحَمَّلَيْنِ دَجَاجاً مَشْوِياً لِسُفْرَةِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَهْمٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَكَانَ يَأْكُلُ كُلَّ يَوْمٍ، فَيُشْوَى لَهُ جَدْيٌ، وَيُتَّخَذُ لَهُ فَالُوذَقُ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:
إِنِّيْ دَفَعتُ إِلَى وَكِيلِي أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَأَمَرتُهُ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْنَا.
قَالَ الحَسَنُ بنُ حَمَّادٍ: دَخَلَ أَبُو أُسَامَةَ عَلَى ابْنِ المُبَارَكِ، فَوَجَدَ فِي
وَجْهِه عَبْدُ اللهِ أَثَرَ الضُّرِّ، فَلَمَّا خَرَجَ، بَعَثَ إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ:وَفَتَىً خَلاَ مِنْ مَالِهِ ... وَمِنَ المُرُوءةِ غَيْرُ خَالِ
أَعْطَاكَ قَبْلَ سُؤَالِهِ ... وَكَفَاكَ مَكْرُوهَ السُّؤَالِ
وَقَالَ المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: أَرْسَلَ ابْنُ المُبَارَكِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: سُدَّ بِهَا فِتْنَةَ القَوْمِ عَنْكَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمَ: قُلْتُ لِعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ:
كَيْفَ فَضَلَكُمُ ابْنُ المُبَارَكِ، وَلَمْ يَكُنْ بِأَسَنَّ مِنْكُم؟
قَالَ: كَانَ يَقْدَمُ، وَمَعَهُ الغِلْمَةُ الخُرَاسَانِيَّةُ، وَالبِزَّةُ الحَسَنَةُ، فَيَصِلُ العُلَمَاءَ، وَيُعْطِيْهِم، وَكُنَّا لاَ نَقدِرُ عَلَى هَذَا.
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: قَدِمَ ابْنُ المُبَارَكِ أَيْلَةَ عَلَى يُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ، وَمَعَهُ غُلاَمٌ مُفرَّغٌ لِعَمَلِ الفَالُوذَجِ، يَتَّخِذُهُ لِلْمُحَدِّثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الخَيْرِ فِي كِتَابِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (البَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ ) .
فَقُلْتُ لِلْوَلِيْدِ: أَيْنَ سَمِعْتَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ؟
قَالَ: فِي الغَزْوِ.
عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: لِيَكُنْ مَجْلِسُكَ مَعَ المَسَاكِيْنِ، وَاحْذَرْ أَنْ تَجلِسَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ.قَالَ الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ: لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي السَّفَرِ، قَالَ: أَشْتَهِي سَوِيْقاً.
فَلَمْ نَجِدْه إِلاَّ عِنْدَ رَجُلٍ كَانَ يَعْمَلُ لِلسُّلْطَانِ، وَكَانَ مَعَنَا فِي السَّفِيْنَةِ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِعَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: دَعُوْهُ.
فَمَاتَ وَلَمْ يَشْرَبْهُ.
قَالَ العَلاَءُ بنُ الأَسْوَدِ: ذُكِرَ جَهْمٌ عِنْدَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَقَالَ:
عَجِبتُ لِشَيْطَانٍ أَتَى النَّاسَ دَاعِياً ... إِلَى النَّارِ وَانشَقَّ اسْمُهُ مِنْ جَهَنَّمِ
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نَزَلَ بِأَهْلِهِ الضِّيْقُ، أَمَرَهُمْ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا، لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً، نَحْنُ نَرْزُقُكَ}.
هَذَا مُرْسَلٌ، قَدِ انْقَطَع فِيْهِ مَا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَجَدِّ أَبِيْهِ عَبْدِ اللهِ.
وَقَدْ كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ -رَحِمَهُ اللهُ- شَاعِراً، مُحْسِناً، قَوَّالاً بِالحَقِّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ جَمِيْلٍ المَرْوَزِيُّ: قِيْلَ لابْنِ المُبَارَكِ:
إِنَّ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عُلَيَّةَ قَدْ وَلِي القَضَاءَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
يَا جَاعِلَ العِلْمِ لَهُ بَازِياً ... يَصْطَادُ أَمْوَالَ المَسَاكِيْنِ
احْتَلْتَ لِلدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا ... بِحِيْلَةٍ تَذْهَبُ بِالدِّيْنِفِصِرتَ مَجْنُوْناً بِهَا بَعْد مَا ... كُنْتَ دَوَاءً لِلمَجَانِيْنِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِي سَرْدِهَا ... عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَابْنِ سِيْرِيْنِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِيْمَا مَضَى ... فِي تَرْكِ أَبْوَابِ السَّلاَطِيْنِ
إِنْ قُلْتَ: أُكْرِهْتُ، فَمَاذَا كَذَا ... زَلَّ حِمَارُ العِلْمِ فِي الطِّيْنِ
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ قَاضِي نَصِيْبِيْنَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي سُكَيْنَةَ، قَالَ:
أَمْلَى عَلَيَّ ابْنُ المُبَارَكِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَأَنفَذَهَا مَعِي إِلَى الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ مِنْ طَرَسُوْسَ:
يَا عَابِدَ الحَرَمِيْنِ لَوْ أَبْصَرْتَنَا ... لَعَلِمْتَ أَنَّكَ فِي العِبَادَةِ تَلْعَبُ
مَنْ كَانَ يَخْضِبُ جِيْدَهُ بِدُمُوْعِهِ ... فَنُحُوْرُنَا بِدِمَائِنَا تَتَخَضَّبُ
أَوْ كَانَ يُتْعِبُ خَيْلَهُ فِي بَاطِلٍ ... فَخُيُوْلُنَا يَوْمَ الصَّبِيْحَةِ تَتْعَبُ
رِيْحُ العَبِيْرِ لَكُمْ وَنَحْنُ عَبِيْرُنَا ... رَهَجُ السَّنَابِكِ وَالغُبَارُ الأَطْيَبُ
وَلَقَدْ أَتَانَا مِنْ مَقَالِ نَبِيِّنَا ... قَوْلٌ صَحِيْحٌ صَادِقٌ لاَ يُكْذَبُ:
لاَ يَسْتَوِي وَغُبَارُ خَيْلِ اللهِ فِي ... أَنْفِ امْرِئٍ وَدُخَانُ نَارٍ تَلهبُ
هَذَا كِتَابُ اللهِ يَنْطِقُ بَيْنَنَا ... لَيْسَ الشَّهِيْدُ بِمَيِّتٍ لاَ يُكْذَبُ
فَلَقِيْتُ الفُضَيْلَ بِكِتَابِهِ فِي الحَرَمِ، فَقَرَأَهُ، وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَنَصَحَ.قَالَ ابْنُ سَهْمٍ الأَنْطَاكِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُنْشِدُ:
فَكَيْفَ قَرَّتْ لأَهْلِ العِلْمِ أَعْيُنُهُم ... أَوِ اسْتَلَذُّوا لَذِيذَ النَّوْمِ أَوْ هَجَعُوا
وَالنَّارُ ضَاحِيَةٌ لاَ بُدَّ مَوْرِدُهَا ... وَلَيْسَ يَدْرُوْنَ مَنْ يَنْجُو وَمَنْ يَقَعُ
وَطَارَتِ الصُّحْفُ فِي الأَيْدِي مُنَشَّرَةً ... فِيْهَا السَّرَائِرُ وَالجَبَّارُ مُطَّلِعُ
إِمَّا نَعِيْمٌ وَعَيْشٌ لاَ انْقِضَاءَ لَهُ ... أَوِ الجَحِيمُ فَلاَ تُبْقِي وَلاَ تَدَعُ
تَهْوِي بِسَاكِنِهَا طَوْراً وَتَرْفَعُهُ ... إِذَا رَجَوْا مَخْرَجاً مِنْ غَمِّهَا قُمِعُوا
لِيَنْفَعِ العِلْمُ قَبْلَ المَوْتِ عَالِمَهُ ... قَدْ سَالَ قَوْمٌ بِهَا الرُّجْعَى فَمَا رَجَعُوا
وَرَوَى: إِسْحَاقُ بنُ سُنَيْنٍ لابْنِ المُبَارَكِ:
إِنِّيْ امْرُؤٌ لَيْسَ فِي دِيْنِي لِغَامِزِه ... لِيْنٌ، وَلَسْتُ عَلَى الإِسْلاَمِ طَعَّانَا
فَلاَ أَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَلاَ عُمَراً ... وَلَنْ أَسُبَّ - مَعَاذَ اللهِ - عُثْمَانَا
وَلاَ ابْنَ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ أَشْتِمُهُ ... حَتَّى أُلَبَّسَ تَحْتَ التُّربِ أَكْفَانَا
وَلاَ الزُّبَيْرَ حَوَارِيَّ الرَّسُوْلِ، وَلاَ ... أُهْدِي لِطَلْحَةَ شَتْماً عَزَّ أَوْ هَانَاوَلاَ أَقُوْلُ: عَلِيٌّ فِي السَّحَابِ، إِذاً ... قَدْ قُلْتُ -وَاللهِ- ظُلْماً ثُمَّ عُدْوَانَا
وَلاَ أَقُوْلُ بِقَوْلِ الجَهْمِ، إِنَّ لَهُ ... قَوْلاً يُضَارِعُ أَهْلَ الشِّركِ أَحْيَانَا
وَلاَ أَقُوْلُ: تَخَلَّى مِنْ خَلِيقَتِهِ ... رَبُّ العِبَادِ وَوَلَّى الأَمْرَ شَيْطَانَا
مَا قَالَ فِرْعَوْنُ هَذَا فِي تَمَرُّدِهِ ... فِرْعَوْنُ مُوْسَى وَلاَ هَامَانُ طُغْيَانَا
اللهُ يَدْفَعُ بِالسُّلْطَانِ مُعْضِلَةً ... عَنْ دِيْنِنَا رَحْمَةً مِنْهُ وَرِضْوَانَا
لَوْلاَ الأَئِمَّةُ لَمْ تَأْمَنْ لَنَا سُبُلٌ ... وَكَانَ أَضْعَفُنَا نَهْباً لأَقْوَانَا
فَيُقَالُ: إِنَّ الرَّشِيْدَ أَعْجَبَهُ هَذَا، فَلَمَّا أَن بَلَغَهُ مَوْتُ ابْنِ المُبَارَكِ بِهِيْتَ، قَالَ:
إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، يَا فَضْلُ! إِيْذَنْ لِلنَّاسِ يُعَزُّونَا فِي ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ: أَمَا هُوَ القَائِلُ:
اللهُ يَدفَعُ بِالسُّلْطَان مُعْضِلَةً ... ...
فَمَنِ الَّذِي يَسْمَعُ هَذَا مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ يَعْرِفُ حَقَّنَا؟
قَالَ الكُدَيْمِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ فُضَيلِ
بنِ عِيَاضٍ وَعِنْدَهُ ابْنُ المُبَارَكِ، فَقَالَ قَائِلٌ: إِنَّ أَهْلَكَ وَعِيَالَكَ قَدِ احْتَاجُوا مَجْهُوْدِيْنَ مُحْتَاجِينَ إِلَى هَذَا المَالِ، فَاتَّقِ اللهَ، وَخُذْ مِنْ هَؤُلاَءِ القَوْمِ.فَزَجَرَهُ ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:
خُذْ مِنَ الجَارُوْشِ وَال ـ ... آرُزِّ وَالخُبْزِ الشَّعِيْرِ
وَاجْعَلَنْ ذَاكَ حَلاَلاً ... تَنْجُ مِنْ حَرِّ السَّعِيْرِ
وَانْأَ مَا اسْطَعْتَ هَدَا ... كَ اللهُ عَنْ دَارِ الأَمِيْرِ
لاَ تَزُرْهَا وَاجْتَنِبْهَا ... إِنَّهَا شَرُّ مَزُورِ
تُوهِنُ الدِّيْنَ وَتُدْ ... نِيْكَ مِنَ الحُوبِ الكَبِيْرِ
قَبْلَ أَنْ تَسْقُطَ يَا ... مَغْرُوْرُ فِي حُفْرَةِ بِيْرِ
وَارْضَ - يَا وَيْحَكَ! - مِنْ ... دُنْيَاكَ بِالقُوتِ اليَسِيْرِ
إِنَّهَا دَارُ بَلاَءٍ ... وَزَوَالٍ وَغُرُوْرِ
مَا تَرَى قَدْ صَرَعَتْ ... قَبْلَكَ أَصْحَابَ القُصُوْرِ؟
كَمْ بِبَطْنِ الأَرْضِ مِنْ ... ثَاوٍ شَرِيْفٍ وَوَزِيْرِ؟
وَصَغِيْرِ الشَّأْنِ عَبْدٍ ... خَامِلِ الذِّكرِ حَقِيْرِ؟
لَوْ تَصَفَّحتَ وُجُو ... هَ القَوْمِ فِي يَوْمٍ نَضِيْرِ
لَمْ تُمَيِّزْهُم، وَلَم ... تَعْرِفْ غَنِيّاً مِنْ فَقِيْرِ
خَمَدُوا فَالقَوْمُ صَرْعَى ... تَحْتَ أَشقَاقِ الصُّخُورِ
وَاسْتَوَوْا عِنْدَ مَلِيكٍ ... بِمَسَاوِيهِم خَبِيْرِ
احْذَرِ الصَّرْعَةَ يَا ... مِسْكِيْنُ مِنْ دَهْرٍ عَثُورِ
أَيْنَ فِرْعَوْنُ وَهَا ... مَانُ وَنُمْرُودُ النُّسُورِ؟
أَوَ مَا تَخْشَاهُ أَنْ ... يَرْمِيكَ بِالمَوْتِ المُبِيْرِ؟
أَوَ مَا تَحْذَرُ مِنْ ... يَوْمٍ عَبُوْسٍ قَمْطَرِيْرِ؟
اقْمَطرَّ الشَّرُّ فِيْهِ ... بِعَذَابِ الزَّمْهرِيْرِ
قَالَ: فَغُشِيَ عَلَى الفُضَيْلِ، فَردَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْخُذْه.وَلابْنِ المُبَارَكِ:
جَرَّبتُ نَفْسِي فَمَا وَجَدْتُ لَهَا ... مِنْ بَعْدِ تَقْوَى الإِلَهِ كَالأَدَبِ
فِي كُلِّ حَالاَتِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ ... أَفْضَلَ مِنْ صَمْتِهَا عَنِ الكَذِبِ
أَوْ غِيْبَةِ النَّاسِ إِنَّ غِيْبَتَهُم ... حَرَّمَهَا ذُو الجَلاَلِ فِي الكُتُبِ
قُلْتُ لَهَا طَائِعاً وَأُكْرِهُهَا ... : الحِلْمُ وَالعِلْمُ زَيْنُ ذِي الحَسَبِ
إِنْ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ كَلاَمُكِ يَا ... نَفْسُ، فَإِنَّ السُّكُوتَ مِنْ ذَهَبِ
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: أَنْشَدَنِي يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ لابْنِ المُبَارَكِ:
أَبِإِذْنٍ نَزَلْتَ بِي يَا مَشِيْبُ ... أَيُّ عَيْشٍ وَقَدْ نَزَلْتَ يَطِيْبُ؟
وَكَفَى الشَّيْبُ وَاعِظاً غَيْرَ أَنِّي ... آمُلُ العَيْشَ وَالمَمَاتُ قَرِيْبُ
كَمْ أُنَادِي الشَّبَابَ إِذْ بَانَ مِنِّي ... وَنِدَائِي مُوَلِّياً مَا يُجِيْبُ
وَبِهِ:
يَا عَائِبَ الفَقْرِ أَلاَ تَزْدَجِرْ؟ ... عَيْبُ الغِنَى أَكْثَرُ لَوْ تَعْتَبِرْ
مِنْ شَرَفِ الفَقْرِ وَمِنْ فَضْلِهِ ... عَلَى الغِنَى لَوْ صَحَّ مِنْكَ النَّظَرْ
أَنَّكَ تَعْصِي لِتَنَالَ الغِنَى ... وَلَيْسَ تَعْصِي اللهَ كِي تَفْتَقِرْ
قَالَ حِبَّانُ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُنشِدُ:
كَيْفَ القَرَارُ وَكَيْفَ يَهْدَأُ مُسْلِمٌ ... وَالمُسْلِمَاتُ مَعَ العَدُوِّ المُعْتَدِي؟
الضَّارِبَاتُ خُدُوْدَهُنَّ بِرَنَّةٍ ... الدَّاعِيَاتُ نَبِيَّهُنَّ مُحَمَّدِ
القَائِلاَتُ إِذَا خَشِيْنَ فَضِيحَةً ... جَهدَ المَقَالَةِ: لَيْتَنَا لَمْ نُولَدِ
مَا تَسْتَطِيْعُ وَمَا لَهَا مِنْ حِيْلَةٍ ... إِلاَّ التَّسَتُّرُ مِنْ أَخِيْهَا بِاليَدِ
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَانْهَدَّ القَهَنْدَزُ، فَأَتَى بِسِنَّيْنِ، فَوُجِدَ وَزْنُ أَحَدِهِمَا مَنَوَانِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ:أَتَيْتُ بِسِنَّيْنِ قَدْ رُمَّتَا ... مِنَ الحِصْنِ لَمَّا أَثَارُوا الدَّفِيْنَا
عَلَى وَزْنِ مَنَوَيْنِ، إِحْدَاهُمَا ... تُقِلُّ بِهِ الكَفُّ شَيْئاً رَزِيْنَا
ثَلاَثُوْنَ سِنّاً عَلَى قَدْرِهَا ... تَبَارَكْتَ يَا أَحسَنَ الخَالِقِيْنَا!
فَمَاذَا يَقُوْمُ لأَفْوَاهِهَا ... وَمَا كَانَ يَمْلأُ تِلْكَ البُطُونَا
إِذَا مَا تَذَكَّرْتُ أَجسَامَهُم ... تَصَاغَرَتِ النَّفْسُ حَتَّى تَهُوْنَا
وَكُلٌّ عَلَى ذَاكَ ذَاقَ الرَّدَى ... فَبَادُوا جَمِيْعاً، فَهُم هَامِدُوْنَا
وَجَاءَ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ - وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ لِحَمِيْدٍ النَّحْوِيِّ -:
اغْتَنِمْ رَكْعَتَيْنِ زُلفَى إِلَى اللهِ ... إِذَا كُنْتَ فَارِغاً مُسْتَرِيْحَا
وَإِذَا مَا هَمَمْتَ بِالنُّطْقِ بِالبَاطِلِ ... فَاجْعلْ مَكَانَهُ تَسْبِيْحَا
فَاغْتِنَامُ السُّكُوتِ أَفْضَلُ مِنْ ... خَوْضٍ، وَإِنْ كُنْتَ بِالكَلاَمِ فَصِيْحَا
وَسَمِعَ بَعْضُهُم ابْنَ المُبَارَكِ وَهُوَ يُنْشِدُ عَلَى سُوْرِ طَرَسُوْسَ:
وَمِنَ البَلاَءِ وَلِلْبَلاَءِ عَلاَمَةٌ ... أَنْ لاَ يُرَى لَكَ عَنْ هَوَاكَ نُزُوعُ
العَبْدُ عَبْدُ النَّفْسِ فِي شَهَوَاتِهَا ... وَالحُرُّ يَشْبَعُ مَرَّةً وَيَجُوْعُ
قَالَ أَبُو أُمَيَّةَ الأَسْوَدُ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
أُحِبُّ الصَّالِحِيْنَ وَلَسْتُ مِنْهُم، وَأُبْغِضُ الطَّالِحِيْنَ وَأَنَا شَرٌّ مِنْهُم، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
الصَّمْتُ أَزْيَنُ بِالفَتَى ... مِنْ مَنْطِقٍ فِي غَيْرِ حِيْنِهِوَالصِّدْقُ أَجْمَلُ بِالفَتَى ... فِي القَوْلِ عِنْدِي مِنْ يَمِيْنِهِ
وَعَلَى الفَتَى بِوَقَارِهِ ... سِمَةٌ تَلُوحُ عَلَى جَبِيْنِهِ
فَمَنِ الَّذِي يَخفَى عَلَي ـ ... ـكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى قَرِيْنِهِ
رُبَّ امْرِئٍ مُتَيَقِّنٍ ... غَلَبَ الشَّقَاءُ عَلَى يَقِيْنِهِ
فَأَزَالَهُ عَنْ رَأْيِهِ ... فَابْتَاعَ دُنْيَاهُ بِدِيْنِهِ
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ المُبَارَكِ، جَعَلَ رَجُلٌ يُلَقِّنُهُ، قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
فَأَكْثَرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: لَسْتَ تُحْسِنُ، وَأَخَافُ أَنْ تُؤْذِيَ مُسْلِماً بَعْدِي، إِذَا لَقَّنْتَنِي، فَقُلْتُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، ثُمَّ لَمْ أُحْدِثْ كَلاَماً بَعْدَهَا، فَدَعْنِي، فَإِذَا أَحْدَثْتُ كَلاَماً، فَلَقِّنِّي حَتَّى تَكُوْنَ آخِرَ كَلاَمِي.
يُقَالُ: إِنَّ الرَّشِيْدَ لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَاتَ اليَوْمَ سَيِّدُ العُلَمَاءِ.
قَالَ عَبْدَانُ بنُ عُثْمَانَ: مَاتَ ابْنُ المُبَارَكِ بِهِيْتَ وَعَانَاتَ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ حَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ: قَالَ لِي ابْنُ المُبَارَكِ قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ: أَنَا ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ذَهَبْتُ لأَسْمَعَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، فَلَمْ أُدْرِكْهُ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ، فَخَرَجَ إِلَى الثَّغْرِ، وَلَمْ أَرَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ: رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ فِي النَّومِ، فَقُلْتُ: أَيُّ العَمْلِ أَفْضَلُ؟قَالَ: الأَمْرُ الَّذِي كُنْتُ فِيْهِ.
قُلْتُ: الرِّبَاطُ وَالجِهَادُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَمَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي مَغْفِرَةً مَا بَعْدَهَا مَغْفِرَةٌ.
رَوَاهَا: رَجُلاَنِ، عَنْ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّسَفِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ الفِرَبْرِيَّ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ وَاقِفاً عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، بِيَدِهِ مِفْتَاحٌ، فَقُلْتُ: مَا يُوقِفُكَ هَهُنَا؟
قَالَ: هَذَا مِفْتَاحُ الجَنَّةِ، دَفَعَهُ إِلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: حَتَّى أَزُورَ الرَّبَّ، فَكُنْ أَمِيْنِي فِي السَّمَاءِ، كَمَا كُنْتَ أَمِيْنِي فِي الأَرْضِ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَصِّيْصِيُّ: رَأَيْتُ الحَارِثَ بنَ عَطِيَّةَ فِي النَّومِ، فَسَأَلتُهُ، فَقَالَ: غَفَر لِي.
قُلْتُ: فَابْنُ المُبَارَكِ؟
قَالَ: بَخٍ بَخٍ، ذَاكَ فِي عِلِّيِّينَ، مِمَّنْ يَلِجُ عَلَى اللهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ.
وَعَنْ نَوْفَلٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ فِي النَّومِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي بِرِحْلَتِي فِي الحَدِيْثِ، عَلَيْكَ بِالقُرْآنِ، عَلَيْكَ بِالقُرْآنِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ السَّوَاقُ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي بِرِحْلَتِي.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الأَوْزَاعِيِّ: عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ.
قَالَ الفَسَوِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ الرَّبِيْعِ يَقُوْلُ:
شَهِدْتُ مَوْتَ ابْنِ المُبَارَكِ، مَاتَ لِعَشْرٍ مَضَى مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، وَمَاتَ سَحَراً، وَدَفَنَّاهُ بِهِيْتَ.
وَلبَعْضِ الفُضَلاَءِ:
مَرَرْتُ بِقَبْرِ ابْنِ المُبَارَكِ غَدْوَةً ... فَأَوْسَعَنِي وَعْظاً وَلَيْسَ بِنَاطِقِ
وَقَدْ كُنْتُ بِالعِلْمِ الَّذِي فِي جَوَانِحِي ... غَنِيّاً وَبِالشَّيْبِ الَّذِي فِي مَفَارِقِيوَلَكِنْ أَرَى الذِّكْرَى تُنَبِّهُ عَاقِلاً ... إِذَا هِيَ جَاءتْ مِنْ رِجَالِ الحَقَائِقِ
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيِّ، أَخْبَرَكُمُ القَاضِي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ مُميلٍ الشَّافِعِيُّ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِمَنْزِلِهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ الخَرَقِيُّ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ السُّوْسِيُّ، أَخْبَرَنَا سَهْلُ بنُ بِشْرٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُنِيْرٍ الخَلاَّلُ، حَدَّثَنِي خَالِي أَحْمَدُ بنُ عَتِيْقٍ الخَشَّابُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الأَصْبَغِ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بنُ مَرْثَدٍ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ الفَرَّاءَ، سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
المَرْءُ مِثْلُ هِلاَلٍ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ ... يَبدُو ضَئِيْلاً تَرَاهُ ثُمَّ يَتَّسِقُ
حَتَّى إِذَا مَا تَرَاهُ ثُمَّ أَعقَبَهُ ... كَرُّ الجَدِيْدَيْنِ نَقْصاً ثُمَّ يَمَّحِقُ
مِنْ (تَارِيْخِ أَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الصَّدَفِيِّ) : مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَاسْتُؤْذِنَ لِعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ بِالدُّخُولِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَرَأَيْنَا مَالِكاً تَزَحزَحَ لَهُ فِي مَجْلِسِهِ، ثُمَّ أَقعَدَهُ بِلصْقِهِ، وَمَا رَأَيْتُ مَالِكاً تَزَحزَحَ لأَحَدٍ فِي مَجْلِسِهِ غَيْرِه، فَكَانَ القَارِئُ يَقْرَأُ عَلَى مَالِكٍ، فَرُبَّمَا مَرَّ بِشَيْءٍ، فَيَسْأَلُهُ مَالِكٌ: مَا مَذْهَبُكُم فِي هَذَا؟ أَوْ: مَا عِنْدَكُم فِي هَذَا؟
فَرَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُجَاوِبُه، ثُمَّ قَامَ، فَخَرَجَ، فَأُعْجِبَ مَالِكٌ بِأَدَبِهِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا مَالِكٌ: هَذَا ابْنُ المُبَارَكِ فَقِيْهُ خُرَاسَانَ.
عَنِ المُسَيَّبِ بنِ وَاضِحٍ، قَالَ: أَرْسَلَ ابْنُ المُبَارَكِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: سُدَّ بِهَذِهِ فِتْنَةَ القَوْمِ عَنْكَ.
وَسُئِلَ ابْنُ المُبَارَكِ بِحُضُوْرِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ:
إِنَّا نُهِيْنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ عِنْد أَكَابِرِنَا.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يُحَدِّثُ مِنْ كِتَابٍ، وَمَنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابٍ، لاَ يَكَادُ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ سَقطٌ كَثِيْرٌ.وَكَانَ وَكِيْعٌ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ، فَكَانَ يَكُوْنُ لَهُ سَقَطٌ، كَمْ يَكُوْنُ حِفْظُ الرَّجُلِ؟
Expand
▼
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63857&book=5525#5e02e5
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة. ويكنى أَبَا مُحَمَّد. وأمه أميمة بِنْت عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم بْن عبد مناف بن قصي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَأَبُو أَحْمَدَ بَنُو جَحْشٍ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ. قَالُوا: وَهَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا جَحْشٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ. وَكَانَتْ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ زَوْجَتُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ. فَتَنَصَّرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَمَاتَ بِهَا. وَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى مكة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ بَنُو غَنْمِ بْنُ دُودَانَ أَهْلَ الإسلام قَدْ أَوْعَبُوا فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ فَخَرَجُوا جَمِيعًا وَتَرَكُوا دُورَهُمْ مُغْلَقَةٌ. فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَأَخُوهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشٍ. وَاسْمُهُ عَبْدٌ. وَعُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ وَأَبُو سِنَانِ بْنُ مِحْصَنٍ وَسِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ وَشُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ وَأَخُوهُ عُقْبَةُ بْنُ وَهْبٍ وأَرْبَدُ بْنُ حُمَيْرَةَ وَمَعْبَدُ بْنُ نُبَاتَةَ وَسَعِيدُ بْنُ رُقَيْشٍ وَيَزِيدُ بْنُ رُقَيْشٍ وَمُحْرِزُ بْنُ نَضْلَةَ وَقَيْسُ بْنُ جَابِرٍ وَعَمْرُو بْنُ مِحْصَنِ بْنِ مَالِكٍ وَمَالِكُ بْنُ عَمْرٍو وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو وَثقَافُ بْنُ عَمْرٍو وَرَبِيعَةُ بْنُ أَكْثَمَ وَزُبَيْرُ بْنُ عُبَيْدٍ. فَنَزَلُوا جَمِيعًا عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ في الهجرة إلى المدينة فأوعبوا رجالهم ونساؤهم. وَغَلَّقُوا دُورَهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا خَرَجَ مُهَاجِرًا. دَارُ بَنِي غَنْمِ بْنِ دُودَانَ وَدَارُ بَنِي أَبِي الْبُكَيْرِ وَدَارُ بَنِي مَظْعُونٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قال: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَعَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَفْلَحِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ فِي رَجَبٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا سَرِيَّةً إِلَى نَخْلَةَ وَخَرَجَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ لَيْسَ فِيهِمْ أَنْصَارِيُّ. وَأَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا وَقَالَ: إِذَا سِرْتَ يَوْمَيْنِ فَانْشُرْهُ فَانْظُرْ فِيهِ ثُمَّ امْضِ لأَمْرِيَ الَّذِي أَمَرْتُكَ بِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَجِيحٌ أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ تَسَمَّى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلا سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ يَقُولُ قَبْلَ يَوْمِ أُحُدٍ بيوم: اللهم إذا لاقوا هؤلاء غدا فإني أُقْسِمُ عَلَيْكَ لَمَا يَقْتُلُونِي وَيَبْقُرُوا بَطْنِي وَيَجْدَعُونِي. فَإِذَا قُلْتَ لِي لِمَ فُعِلَ بِكَ هَذَا؟ فَأَقُولُ اللَّهُمَّ فِيكَ. فَلَمَّا الْتَقَوْا فَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ. وَقَالَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَهُ: أَمَّا هَذَا فقد استجيب لَهُ وَأَعْطَاهُ اللَّهُ مَا سَأَلَ فِي جَسَدِهِ فِي الدُّنْيَا. وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُعْطَى مَا سَأَلَ فِي الآخِرَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ نَزَلَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فَأَصْبَحَ هُنَاكَ فَجَاءَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِكَتِفٍ مَشْوِيَّةٍ فَأَكَلَهَا. ثُمَّ جَاءَتْهُ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَ. ثُمَّ أَخَذَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَشَرِبَ مِنْهُ. ثُمَّ أَخَذَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فَعَبَّ فِيهِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: بَعْضَ شَرَابِكَ. أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْدُو؟ قَالَ: نَعَمْ. أَلْقَى اللَّهَ وَأَنَا رَيَّانُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَاهُ وَأَنَا ظَمْآنُ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ أُسْتَشْهَدَ وَأَنْ يُمَثَّلَ بِي فَتَقُولُ فِيمَ صُنِعَ بِكَ هَذَا؟ فَأَقُولُ: فِيكَ وَفِي رَسُولِكَ. قَالَ عُمَرُ: فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ يَوْمَ أُحُدٍ شهيدا. قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شَرِيفٍ الثَّقَفِيُّ. وَدُفِنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَهُوَ خَالُهُ. فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. وَكَانَ رَجُلا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلا بِالْقَصِيرِ. كَثِيرَ الشَّعْرِ. وَوَلِيَ تَرِكَتَهُ رسول الله. ص. فَاشْتَرَى لابْنِهِ مَالا بِخَيْبَرَ.
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة. ويكنى أَبَا مُحَمَّد. وأمه أميمة بِنْت عَبْد المُطَّلِب بْن هاشم بْن عبد مناف بن قصي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَأَبُو أَحْمَدَ بَنُو جَحْشٍ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ. قَالُوا: وَهَاجَرَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا جَحْشٍ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ. وَكَانَتْ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ زَوْجَتُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ. فَتَنَصَّرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَمَاتَ بِهَا. وَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى مكة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ بَنُو غَنْمِ بْنُ دُودَانَ أَهْلَ الإسلام قَدْ أَوْعَبُوا فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ فَخَرَجُوا جَمِيعًا وَتَرَكُوا دُورَهُمْ مُغْلَقَةٌ. فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَأَخُوهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشٍ. وَاسْمُهُ عَبْدٌ. وَعُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ وَأَبُو سِنَانِ بْنُ مِحْصَنٍ وَسِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ وَشُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ وَأَخُوهُ عُقْبَةُ بْنُ وَهْبٍ وأَرْبَدُ بْنُ حُمَيْرَةَ وَمَعْبَدُ بْنُ نُبَاتَةَ وَسَعِيدُ بْنُ رُقَيْشٍ وَيَزِيدُ بْنُ رُقَيْشٍ وَمُحْرِزُ بْنُ نَضْلَةَ وَقَيْسُ بْنُ جَابِرٍ وَعَمْرُو بْنُ مِحْصَنِ بْنِ مَالِكٍ وَمَالِكُ بْنُ عَمْرٍو وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو وَثقَافُ بْنُ عَمْرٍو وَرَبِيعَةُ بْنُ أَكْثَمَ وَزُبَيْرُ بْنُ عُبَيْدٍ. فَنَزَلُوا جَمِيعًا عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ في الهجرة إلى المدينة فأوعبوا رجالهم ونساؤهم. وَغَلَّقُوا دُورَهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا خَرَجَ مُهَاجِرًا. دَارُ بَنِي غَنْمِ بْنِ دُودَانَ وَدَارُ بَنِي أَبِي الْبُكَيْرِ وَدَارُ بَنِي مَظْعُونٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قال: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَعَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَفْلَحِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ فِي رَجَبٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا سَرِيَّةً إِلَى نَخْلَةَ وَخَرَجَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ لَيْسَ فِيهِمْ أَنْصَارِيُّ. وَأَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا وَقَالَ: إِذَا سِرْتَ يَوْمَيْنِ فَانْشُرْهُ فَانْظُرْ فِيهِ ثُمَّ امْضِ لأَمْرِيَ الَّذِي أَمَرْتُكَ بِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَجِيحٌ أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ تَسَمَّى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلا سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ يَقُولُ قَبْلَ يَوْمِ أُحُدٍ بيوم: اللهم إذا لاقوا هؤلاء غدا فإني أُقْسِمُ عَلَيْكَ لَمَا يَقْتُلُونِي وَيَبْقُرُوا بَطْنِي وَيَجْدَعُونِي. فَإِذَا قُلْتَ لِي لِمَ فُعِلَ بِكَ هَذَا؟ فَأَقُولُ اللَّهُمَّ فِيكَ. فَلَمَّا الْتَقَوْا فَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ. وَقَالَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَهُ: أَمَّا هَذَا فقد استجيب لَهُ وَأَعْطَاهُ اللَّهُ مَا سَأَلَ فِي جَسَدِهِ فِي الدُّنْيَا. وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُعْطَى مَا سَأَلَ فِي الآخِرَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ نَزَلَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فَأَصْبَحَ هُنَاكَ فَجَاءَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِكَتِفٍ مَشْوِيَّةٍ فَأَكَلَهَا. ثُمَّ جَاءَتْهُ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَ. ثُمَّ أَخَذَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَشَرِبَ مِنْهُ. ثُمَّ أَخَذَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فَعَبَّ فِيهِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: بَعْضَ شَرَابِكَ. أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْدُو؟ قَالَ: نَعَمْ. أَلْقَى اللَّهَ وَأَنَا رَيَّانُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَاهُ وَأَنَا ظَمْآنُ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ أُسْتَشْهَدَ وَأَنْ يُمَثَّلَ بِي فَتَقُولُ فِيمَ صُنِعَ بِكَ هَذَا؟ فَأَقُولُ: فِيكَ وَفِي رَسُولِكَ. قَالَ عُمَرُ: فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ يَوْمَ أُحُدٍ شهيدا. قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شَرِيفٍ الثَّقَفِيُّ. وَدُفِنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَهُوَ خَالُهُ. فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. وَكَانَ رَجُلا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلا بِالْقَصِيرِ. كَثِيرَ الشَّعْرِ. وَوَلِيَ تَرِكَتَهُ رسول الله. ص. فَاشْتَرَى لابْنِهِ مَالا بِخَيْبَرَ.
Expand
▼
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63857&book=5525#0d1ae3
عبد الله بن أبي أحمد بن جحش بن رئاب الأسدي: من كبار التابعين قد لقي عمرَ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63857&book=5525#573b4b
عبد اللَّه بن جحش
قال صالح: وقال: عبد اللَّه بن جحش هو الذي شهد بدرًا، وبعثه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في السرية، فقال: إنها أول سرية بعثت. وعبيد اللَّه بن جحش تنصر حين خرجوا إلى النجاشي.
"مسائل صالح" (698)
قال صالح: وقال: عبد اللَّه بن جحش هو الذي شهد بدرًا، وبعثه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في السرية، فقال: إنها أول سرية بعثت. وعبيد اللَّه بن جحش تنصر حين خرجوا إلى النجاشي.
"مسائل صالح" (698)
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63857&book=5525#e5fae6
عبد الله بن جحش
ب د ع: عَبْد اللَّهِ بْن جحش بْن رياب بْن يعمر بن صبرة بْن مرة بْن كثير بْن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خزيمة، أَبُو مُحَمَّد الأسدي.
أمه أميمة بنت عبد المطلب عمة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حليف لبني عبد شمس، وقيل: حليف حرب بْن أمية، وَإِذا كان حليفًا لحرب فهو حليف لعبد شمس، لأنه منهم.
أسلم قبل دخول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم، وهاجر الهجرتين إِلَى أرض الحبشة هو وأخوه أَبُو أحمد، وعبيد اللَّه، وأختهم زينب بنت جحش، زوج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأم حبيبة، وحمنة بنات جحش، فأما عبيد اللَّه فإنه تنصر بالحبشة ومات بها نصرانيًا، وبانت منه زوجه أم حبيبة بنت أَبِي سفيان، فتزوجها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي بأرض الحبشة، وهاجر عَبْد اللَّهِ إِلَى المدينة بأهله وأخيه أَبِي أحمد، فنزل عَلَى عاصم بْن ثابت بْن أَبِي الأقلح.
وأمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سرية، وهو أول أمير أمره، في قول، وغنيمته أول غنيمة غنمها المسلمون، وخمس الغنيمة وقسم الباقي، فكان أول خمس في الإسلام.
ثم شهد بدرًا، وقتل يَوْم أحد.
روى إِسْحَاق بْن سعد بْن أَبِي وقاص، عن أبيه، أن عَبْد اللَّهِ بْن جحش قال له يَوْم أحد: ألا تأتي ندعو اللَّه؟ فخلينا في ناحية فدعا سعد فقال: اللهم إذا لقيت العدو غدًا، فلقني رجلًا شديدًا بأسه، شديدًا حرده فأقتله فيك وآخذ سلبه.
فأمن عَبْد اللَّهِ بْن جحش، ثم قال عَبْد اللَّهِ: اللهم ارزقني غدًا رجلًا شديدًا بأسه، شديدًا حرده، أقاتله فيك ويقاتلني، ثم يقتلني ويأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك قلت: يا عَبْد اللَّهِ، فيم جدع أنفك وأذناك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فيقول: صدقت، قال سعد: كانت دعوة عَبْد اللَّهِ خيرً من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وَإِن أنفه وأذنيه معلقان في خيط.
(726) أخبرنا أَبُو الْقَاسِم يحيى بْن سعد بْن يحيى بْن يونس الأزجي، أخبرنا أَبُو غالب بْن البناء، أخبرنا أَبُو الحسين مُحَمَّد بْن أحمد بْن عَلِيِّ بْنِ الأبنوسي، أخبرنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدِ بْنِ الفتح الجلي المصيصي، أخبرنا أَبُو يوسف مُحَمَّد بْن سفيان بْن موسى الصفار المصيصي، حدثنا أَبُو عثمان سَعِيد بْن رحمة بْن نعيم الأصبحي، قال: سمعت ابن المبارك، حدثنا سفيان بْن عيينة، عن علي بْن زيد بْن جدعان، عن سَعِيدِ بْنِ المسيب، قال: قال عَبْد اللَّهِ بْن جحش يَوْم أحد: " اللهم أقسم عليك أن نلقى العدو، وَإِذا لقينا العدو أن يقتلوني، ثم يبقروا بطني، ثم يمثلوا بي، فإذا لقيتك سألتني: فيم هذا؟ فأقول: فيك، فلقي العدو ففعل وفعل به ذلك، قال ابن المسيب: فإني أرجو أن يبر اللَّه آخر قسمه كما بر أوله " وروى الزبير بْن بكار في الموفقيات، أن عَبْد اللَّهِ بْن جحش انقطع سيفه يَوْم أحد، فأعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرجون نخلة، فصار في يده سيفًا، فكان يسمى العرجون، ولم يزل يتناول حتى بيع من بغا التركي بمائتي دينار، وكان الذي قتله يَوْم أحد أَبُو الحكم بْن الأخنس بْن شريق الثقفي، وكان عمره حين قتل نيفًا وأربعين سنة، ودفن هو وخاله حمزة بْن عبد المطلب في قبر واحد، صلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليهما.
وولي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تركته، فاشترى لابنه مالًا بخيبر.
وكان عَبْد اللَّهِ يقال له: المجدع في اللَّه.
روى الزبير بْن بكار، عن الحسن بْن زيد بْن الحسن بْن عَلِيٍّ، أَنَّهُ قال: قاتل اللَّه ابن هشام! ما أجرأه عَلَى اللَّه، دخلت إليه يومًا مع أَبِي هذه الدار، يعني دار مروان، وقد أمره هشام بْن عَبْد الْمَلِكِ بْن مروان أن يفرض للناس، فدخل ابن لعبد اللَّه المجدع في اللَّه، فانتسب له وسأله الفريضة، فلم يجبه بشيء، ولو كان أحد يرفع إِلَى السماء لكان ينبغي أن يرفع لمكان أبيه، وأجرى لابن أَبِي تجراة الكندي، لأنه قال: صاحبت عمك عمارة بْن الْوَلِيد بْن المغيرة فقال: لينفعك، وفرض له.
أخرجه الثلاثة.
ب د ع: عَبْد اللَّهِ بْن جحش بْن رياب بْن يعمر بن صبرة بْن مرة بْن كثير بْن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خزيمة، أَبُو مُحَمَّد الأسدي.
أمه أميمة بنت عبد المطلب عمة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حليف لبني عبد شمس، وقيل: حليف حرب بْن أمية، وَإِذا كان حليفًا لحرب فهو حليف لعبد شمس، لأنه منهم.
أسلم قبل دخول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم، وهاجر الهجرتين إِلَى أرض الحبشة هو وأخوه أَبُو أحمد، وعبيد اللَّه، وأختهم زينب بنت جحش، زوج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأم حبيبة، وحمنة بنات جحش، فأما عبيد اللَّه فإنه تنصر بالحبشة ومات بها نصرانيًا، وبانت منه زوجه أم حبيبة بنت أَبِي سفيان، فتزوجها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي بأرض الحبشة، وهاجر عَبْد اللَّهِ إِلَى المدينة بأهله وأخيه أَبِي أحمد، فنزل عَلَى عاصم بْن ثابت بْن أَبِي الأقلح.
وأمره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سرية، وهو أول أمير أمره، في قول، وغنيمته أول غنيمة غنمها المسلمون، وخمس الغنيمة وقسم الباقي، فكان أول خمس في الإسلام.
ثم شهد بدرًا، وقتل يَوْم أحد.
روى إِسْحَاق بْن سعد بْن أَبِي وقاص، عن أبيه، أن عَبْد اللَّهِ بْن جحش قال له يَوْم أحد: ألا تأتي ندعو اللَّه؟ فخلينا في ناحية فدعا سعد فقال: اللهم إذا لقيت العدو غدًا، فلقني رجلًا شديدًا بأسه، شديدًا حرده فأقتله فيك وآخذ سلبه.
فأمن عَبْد اللَّهِ بْن جحش، ثم قال عَبْد اللَّهِ: اللهم ارزقني غدًا رجلًا شديدًا بأسه، شديدًا حرده، أقاتله فيك ويقاتلني، ثم يقتلني ويأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك قلت: يا عَبْد اللَّهِ، فيم جدع أنفك وأذناك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فيقول: صدقت، قال سعد: كانت دعوة عَبْد اللَّهِ خيرً من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وَإِن أنفه وأذنيه معلقان في خيط.
(726) أخبرنا أَبُو الْقَاسِم يحيى بْن سعد بْن يحيى بْن يونس الأزجي، أخبرنا أَبُو غالب بْن البناء، أخبرنا أَبُو الحسين مُحَمَّد بْن أحمد بْن عَلِيِّ بْنِ الأبنوسي، أخبرنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدِ بْنِ الفتح الجلي المصيصي، أخبرنا أَبُو يوسف مُحَمَّد بْن سفيان بْن موسى الصفار المصيصي، حدثنا أَبُو عثمان سَعِيد بْن رحمة بْن نعيم الأصبحي، قال: سمعت ابن المبارك، حدثنا سفيان بْن عيينة، عن علي بْن زيد بْن جدعان، عن سَعِيدِ بْنِ المسيب، قال: قال عَبْد اللَّهِ بْن جحش يَوْم أحد: " اللهم أقسم عليك أن نلقى العدو، وَإِذا لقينا العدو أن يقتلوني، ثم يبقروا بطني، ثم يمثلوا بي، فإذا لقيتك سألتني: فيم هذا؟ فأقول: فيك، فلقي العدو ففعل وفعل به ذلك، قال ابن المسيب: فإني أرجو أن يبر اللَّه آخر قسمه كما بر أوله " وروى الزبير بْن بكار في الموفقيات، أن عَبْد اللَّهِ بْن جحش انقطع سيفه يَوْم أحد، فأعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرجون نخلة، فصار في يده سيفًا، فكان يسمى العرجون، ولم يزل يتناول حتى بيع من بغا التركي بمائتي دينار، وكان الذي قتله يَوْم أحد أَبُو الحكم بْن الأخنس بْن شريق الثقفي، وكان عمره حين قتل نيفًا وأربعين سنة، ودفن هو وخاله حمزة بْن عبد المطلب في قبر واحد، صلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليهما.
وولي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تركته، فاشترى لابنه مالًا بخيبر.
وكان عَبْد اللَّهِ يقال له: المجدع في اللَّه.
روى الزبير بْن بكار، عن الحسن بْن زيد بْن الحسن بْن عَلِيٍّ، أَنَّهُ قال: قاتل اللَّه ابن هشام! ما أجرأه عَلَى اللَّه، دخلت إليه يومًا مع أَبِي هذه الدار، يعني دار مروان، وقد أمره هشام بْن عَبْد الْمَلِكِ بْن مروان أن يفرض للناس، فدخل ابن لعبد اللَّه المجدع في اللَّه، فانتسب له وسأله الفريضة، فلم يجبه بشيء، ولو كان أحد يرفع إِلَى السماء لكان ينبغي أن يرفع لمكان أبيه، وأجرى لابن أَبِي تجراة الكندي، لأنه قال: صاحبت عمك عمارة بْن الْوَلِيد بْن المغيرة فقال: لينفعك، وفرض له.
أخرجه الثلاثة.
Expand
▼
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63857&book=5525#db9f0e
عبد الله بن جحش، ابن رئاب بْن يعمر بْن صبرة بْن مُرَّةَ بن كثير ابن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي
أمه أميمة بِنْت عبد المطلب، وَهُوَ حليف لبني عبد شمس. وقيل: حليف لحرب بْن أُمَيَّة. أسلم- فيما ذكر الْوَاقِدِيّ- قبل دخول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم، وَكَانَ هُوَ وأخوه أَبُو أَحْمَد عبد بْن جَحْش من المهاجرين الأولين ممن هاجر الهجرتين، وأخوهما عُبَيْد الله بْن جَحْش تنصر بأرض الحبشة، ومات بها نصرانيا، وبانت
منه امرأته أم حبيبة بِنْت أَبِي سُفْيَان، فتزوجها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأختهم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأم حبيبة وحمنة، وسيأتي ذكر كل واحد منهم فِي موضعه من هَذَا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وَكَانَ عَبْد اللَّهِ ممن هاجر إِلَى أرض الحبشة مع أخويه: أبى أحمد، وعبيد الله ابن جَحْش، ثُمَّ هاجر إِلَى المدينة، وشهد بدرا، واستشهد يَوْم أحد، يعرف بالمجدع فِي الله، لأنه مثل بِهِ يَوْم أحد وقطع أنفه. روى مجاهد، عن زياد ابن عِلاقَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهُمْ وَقَالَ: لأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلا لَيْسَ بِخَيْرِكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَصْبَرُكُمْ لِلْجُوعِ وَالْعَطَشِ، فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ.
وروى عَاصِم الأحول، عَنِ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ قَالَ: أول لواء عقده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلعبد الله بْن جَحْش حليف لبني أُمَيَّة.
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: بل لواء عُبَيْدَة بْن الْحَارِث. وَقَالَ المدائني: بل لواء حَمْزَة.
وعبد الله بْن جَحْش هَذَا هُوَ أول من سن الخمس من الغنيمة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قبل أن يفرض الله الخمس، فأنزل الله تعالى بعد ذَلِكَ آية الخمس، وإنما كَانَ قبل ذَلِكَ المرباع. قَالَ الْوَاقِدِيّ، عَنْ أشياخه: كَانَ فِي الجاهلية المرباع، فلما رجع عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش من سريته خمس مَا غنم، وقسم سائر الغنيمة، فكان أول من خمس فِي الإسلام، ثُمَّ أنزل الله تعالى : وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ... 8: 41 الآية.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عن ابن قسيط ، عن إسحاق
ابن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ:
أَلا تَأْتِي فَنَدْعُوا اللَّهَ، فَجَلَسُوا فِي ناحية، فدعا سعد، وقال: يارب، إِذَا لَقِيتُ الْعَدُوَّ غَدًا فَلَقِّنِي رَجُلا شَدِيدًا بَأْسُهُ، شَدِيدًا حَرْدُهُ، أُقَاتِلُهُ فِيكَ، وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ ارْزُقْنِي عَلَيْهِ الظَّفْرَ حَتَّى أَقْتُلَهُ، وَآخُذَ سَلَبَهُ، فَأَمَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، ثُمَّ قَالَ:
اللَّهمّ ارْزُقْنِي غَدًا رَجُلا شَدِيدًا بَأْسُهُ، شَدِيدًا حَرْدُهُ، أُقَاتِلُهُ فِيكَ وَيُقَاتِلُنِي فَيَقْتُلَنِي، ثُمَّ يَأْخُذُنِي فَيَجْدَعُ أَنْفِي وَأُذُنِي، فَإِذَا لَقِيتُكَ قُلْتَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، فِيمَ جُدِعَ أَنْفُكَ وَأُذُنُكَ؟ فَأَقُولُ: فِيكَ وَفِي رَسُولِكَ، فَتَقُولُ: صَدَقْتَ.
قَالَ سَعْدٌ: كَانَتْ دَعْوَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ خَيْرًا مِنْ دَعْوَتِي، لَقَدْ رَأَيْتُهُ آخِرَ النَّهَارِ وَإِنَّ أُذُنَهُ وَأَنْفَهُ مُعَلَّقَانِ جَمِيعًا فِي خَيْطٍ.
وذكر الزُّبَيْر فِي الموفقيات أن عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش انقطع سيفه يَوْم أحد، فأعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرجون نخلة، فصار فِي يده سيفا، يقال إن قائمته منه، وَكَانَ يسمى العرجون، ولم يزل يتناول حَتَّى بيع من بغا التركي بمائتي دينار، ويقولون: إنه قتله يَوْم أحد أَبُو الحكم بْن الأخنس بْن شريق الثقفي، وَهُوَ يَوْم قتل ابْن نيف وأربعين سنة.
قَالَ الْوَاقِدِيّ: دفن هُوَ وحمزة فِي قبر واحد، وولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تركته، فاشترى لابنه مالا بخير.
وذكر الزُّبَيْر، قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن صَالِح، عَنِ الْحَسَن بْن زَيْد أَنَّهُ قَالَ: قاتل الله ابْن هِشَام مَا أجرأه على الله! دخلت عَلَيْهِ يوما مع أَبِي فِي هَذِهِ الدار- يعنى دار مَرَوَان- وقد أمره هِشَام أن يفرض للناس، فدخل عَلَيْهِ ابْن لعبد الله
ابن جَحْش المجدع أنفه فِي الله، فانتسب لَهُ، وسأله الفريضة فلم يجبه بشيء، ولو كَانَ أحد يرفع إِلَى السماء كَانَ ينبغي لَهُ أن يرفع بمكان أَبِيهِ، ثُمَّ دخل عَلَيْهِ ابْن أَبِي بجراة وهم أهل بيت من كندة وقفوا بمكة، فَقَالَ ابْن أَبِي بجراة: صاحبت عمّك عمارة ابن الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة فِي سفره. فَقَالَ لَهُ: لينفعنك ذَلِكَ اليوم، ففرض لَهُ ولأهل بيته.
وذكر السَّاجِيُّ فِي «كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ» لَهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الأعمش، عن عمرو ابن مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسَارَى بَدْرٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. روى عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص. وَرَوَى عَنْهُ سَعِيد بْن المسيب، ولم يسمع منه.
أمه أميمة بِنْت عبد المطلب، وَهُوَ حليف لبني عبد شمس. وقيل: حليف لحرب بْن أُمَيَّة. أسلم- فيما ذكر الْوَاقِدِيّ- قبل دخول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم، وَكَانَ هُوَ وأخوه أَبُو أَحْمَد عبد بْن جَحْش من المهاجرين الأولين ممن هاجر الهجرتين، وأخوهما عُبَيْد الله بْن جَحْش تنصر بأرض الحبشة، ومات بها نصرانيا، وبانت
منه امرأته أم حبيبة بِنْت أَبِي سُفْيَان، فتزوجها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأختهم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأم حبيبة وحمنة، وسيأتي ذكر كل واحد منهم فِي موضعه من هَذَا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وَكَانَ عَبْد اللَّهِ ممن هاجر إِلَى أرض الحبشة مع أخويه: أبى أحمد، وعبيد الله ابن جَحْش، ثُمَّ هاجر إِلَى المدينة، وشهد بدرا، واستشهد يَوْم أحد، يعرف بالمجدع فِي الله، لأنه مثل بِهِ يَوْم أحد وقطع أنفه. روى مجاهد، عن زياد ابن عِلاقَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهُمْ وَقَالَ: لأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلا لَيْسَ بِخَيْرِكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَصْبَرُكُمْ لِلْجُوعِ وَالْعَطَشِ، فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ.
وروى عَاصِم الأحول، عَنِ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ قَالَ: أول لواء عقده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلعبد الله بْن جَحْش حليف لبني أُمَيَّة.
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: بل لواء عُبَيْدَة بْن الْحَارِث. وَقَالَ المدائني: بل لواء حَمْزَة.
وعبد الله بْن جَحْش هَذَا هُوَ أول من سن الخمس من الغنيمة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قبل أن يفرض الله الخمس، فأنزل الله تعالى بعد ذَلِكَ آية الخمس، وإنما كَانَ قبل ذَلِكَ المرباع. قَالَ الْوَاقِدِيّ، عَنْ أشياخه: كَانَ فِي الجاهلية المرباع، فلما رجع عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش من سريته خمس مَا غنم، وقسم سائر الغنيمة، فكان أول من خمس فِي الإسلام، ثُمَّ أنزل الله تعالى : وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ... 8: 41 الآية.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عن ابن قسيط ، عن إسحاق
ابن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ:
أَلا تَأْتِي فَنَدْعُوا اللَّهَ، فَجَلَسُوا فِي ناحية، فدعا سعد، وقال: يارب، إِذَا لَقِيتُ الْعَدُوَّ غَدًا فَلَقِّنِي رَجُلا شَدِيدًا بَأْسُهُ، شَدِيدًا حَرْدُهُ، أُقَاتِلُهُ فِيكَ، وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ ارْزُقْنِي عَلَيْهِ الظَّفْرَ حَتَّى أَقْتُلَهُ، وَآخُذَ سَلَبَهُ، فَأَمَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، ثُمَّ قَالَ:
اللَّهمّ ارْزُقْنِي غَدًا رَجُلا شَدِيدًا بَأْسُهُ، شَدِيدًا حَرْدُهُ، أُقَاتِلُهُ فِيكَ وَيُقَاتِلُنِي فَيَقْتُلَنِي، ثُمَّ يَأْخُذُنِي فَيَجْدَعُ أَنْفِي وَأُذُنِي، فَإِذَا لَقِيتُكَ قُلْتَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، فِيمَ جُدِعَ أَنْفُكَ وَأُذُنُكَ؟ فَأَقُولُ: فِيكَ وَفِي رَسُولِكَ، فَتَقُولُ: صَدَقْتَ.
قَالَ سَعْدٌ: كَانَتْ دَعْوَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ خَيْرًا مِنْ دَعْوَتِي، لَقَدْ رَأَيْتُهُ آخِرَ النَّهَارِ وَإِنَّ أُذُنَهُ وَأَنْفَهُ مُعَلَّقَانِ جَمِيعًا فِي خَيْطٍ.
وذكر الزُّبَيْر فِي الموفقيات أن عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش انقطع سيفه يَوْم أحد، فأعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرجون نخلة، فصار فِي يده سيفا، يقال إن قائمته منه، وَكَانَ يسمى العرجون، ولم يزل يتناول حَتَّى بيع من بغا التركي بمائتي دينار، ويقولون: إنه قتله يَوْم أحد أَبُو الحكم بْن الأخنس بْن شريق الثقفي، وَهُوَ يَوْم قتل ابْن نيف وأربعين سنة.
قَالَ الْوَاقِدِيّ: دفن هُوَ وحمزة فِي قبر واحد، وولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تركته، فاشترى لابنه مالا بخير.
وذكر الزُّبَيْر، قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن صَالِح، عَنِ الْحَسَن بْن زَيْد أَنَّهُ قَالَ: قاتل الله ابْن هِشَام مَا أجرأه على الله! دخلت عَلَيْهِ يوما مع أَبِي فِي هَذِهِ الدار- يعنى دار مَرَوَان- وقد أمره هِشَام أن يفرض للناس، فدخل عَلَيْهِ ابْن لعبد الله
ابن جَحْش المجدع أنفه فِي الله، فانتسب لَهُ، وسأله الفريضة فلم يجبه بشيء، ولو كَانَ أحد يرفع إِلَى السماء كَانَ ينبغي لَهُ أن يرفع بمكان أَبِيهِ، ثُمَّ دخل عَلَيْهِ ابْن أَبِي بجراة وهم أهل بيت من كندة وقفوا بمكة، فَقَالَ ابْن أَبِي بجراة: صاحبت عمّك عمارة ابن الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة فِي سفره. فَقَالَ لَهُ: لينفعنك ذَلِكَ اليوم، ففرض لَهُ ولأهل بيته.
وذكر السَّاجِيُّ فِي «كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ» لَهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الأعمش، عن عمرو ابن مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسَارَى بَدْرٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. روى عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن جَحْش سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص. وَرَوَى عَنْهُ سَعِيد بْن المسيب، ولم يسمع منه.
Expand
▼
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=151641&book=5525#6c24f5
عبد الله بن عبد أبي أحمد
ابن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار الأسدي حليف بني عبد شمس بن عبد مناف، أدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووفد على معاوية، وكان جواداً كريماً، وأبوه أبو أحمد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المهاجرين، وكذلك عمه عبد الله بن جحش، وشهد أبوه أحداً.
قال عبد الله بن أبي أحمد: قال علي بن أبي طالب: حفظت لكم على - وفي رواية عن - رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستاً: " لا طلاق إلا من بعد نكاح، ولا عتاق إلا من بعد ملك، - وفي رواية ملكة - ولا وفاء لنذر في معصية الله، ولا يتم بعد الاحتلام، ولا صمات يوم إلى الليل، ولا وصال في الصيام " - وفي رواية ولا رضاع بعد فصال بدل ولا وفاء لنذر في معصية الله -.
عن عبد الله بن أبي أحمد بن جحش قال: هاجرت أم كلثوم بنة عقبة بن أبي معيط في الهدنة، فخرج أخواها الوليد وعمارة ابنا عقبة حتى قدما على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكلماه في أم كلثوم أن يردها إليهم، فنقض الله عز وجل العهد بين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين المشركين في النساء خاصة، ومنعهن أن يرددن إلى المشركين، وأنزل الله عز وجل آية الامتحان.
قال عثمان الجحشي عن أبيه: كان بنو غنم بن دودان أهل إسلامٍ، قد أوعبوا في الهجرة إلى المدينة رجالهم
ونساؤهم، فخرجوا جميعاً، وتركوا دورهم مغلقةً، فخرج عبد الله بن جحش، وأخوه أبو أحمد بن جحش، واسمه عبد، وعكاشة بن محصن، وأبو سنان بن محصن، وسنان بن أبي سنان، وشجاع بن وهب، وأخوه عقبة بن وهب، وأربد بن حميرة، ومعبد بن نباتة، وسعيد بن رقيش، ومحرز بن نضلة، وقيس بن جابر، وعمرو بن محصن بن مالك، ومالك بن عمرو، وصفوان بن عمرو، وثقاف بن عمرو، وربيعة بن أكثم، وزبير بن عبيد: فنزلوا جميعاً على مبشر بن عبد المنذر. وأم عبد الله بن جحش: أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
قال ابن ماكولا: وأما برة، باؤه مضمومة: برة بن رئاب، وهو جحش، والد عبد الله وأبي أحمد، وعبيد الله، وزينب، وحمنة بني جحش، كان اسم جحش في الجاهلية برة، ورد ذلك في حديث رواه مقسم، عن ابن عباس، عن زينب بنت جحش.
قال عبد الله بن أبي أحمد: قدمت من عند معاوية بثلاثمائة ألف دينار، ثم أقمت سنة فحاسبت قوامي، فوجدتني أنفقت مائة ألف دينار ليس بيدي منها إلا رقيق، وغنم، وقصور، وأثاث ففزعت من ذلك فزعاً شديداً، فلقيت كعب الأحبار، فذكرت ذلك له، فقال: أين أنت عن النخل؟ فإنها تجدها في كتاب الله: المُطعِمات في المحل، الراسيات في الوحل، وخير المال النخل، بائعها ممحوق، ومبتاعها مرزوق، مَثَلُ من باعها ثم لم يجعل ثمنها في مثلها كمثل رماد على صفوان اشتدت به الريح في يومٍ عاصف، ففزعت للنخل فابتعتها.
قال معاوية لابن أبي أحمد: أصب لي مالاً أبتاعه، قال: قد أصبت لك مالاً، قال: ما هو؟ قال: البلدة، قال: لا حاجة لي بها، قال: النخيل، قال: لا حاجة لي فيه، قال: ودعان، قال: لا حاجة لي به، قال: الغابة: قال: نعم اشترها.
قال له: يا أمير المؤمنين، سميت لك أموالاً تعرفها، فكرهتها، وأخبرتك بما لا تعرف فاخترته؟ قال: نعم، سميت لي البلدة، فتبلدت علي، وسميت النخيل، فكان مصغراً، وسميت لي ودعان فنهتني نفسي عنها، وسميت لي الغابة فعلمت أنها كثيرة الماء، وقد قال الأول: من السريع
إن كنت تبغي العلم أو مثله ... أو شاهداً يخبر عن غائب
فاعتبر الأرض بأسمائها ... واعتبر الصاحب بالصاحب
ابن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار الأسدي حليف بني عبد شمس بن عبد مناف، أدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووفد على معاوية، وكان جواداً كريماً، وأبوه أبو أحمد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المهاجرين، وكذلك عمه عبد الله بن جحش، وشهد أبوه أحداً.
قال عبد الله بن أبي أحمد: قال علي بن أبي طالب: حفظت لكم على - وفي رواية عن - رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستاً: " لا طلاق إلا من بعد نكاح، ولا عتاق إلا من بعد ملك، - وفي رواية ملكة - ولا وفاء لنذر في معصية الله، ولا يتم بعد الاحتلام، ولا صمات يوم إلى الليل، ولا وصال في الصيام " - وفي رواية ولا رضاع بعد فصال بدل ولا وفاء لنذر في معصية الله -.
عن عبد الله بن أبي أحمد بن جحش قال: هاجرت أم كلثوم بنة عقبة بن أبي معيط في الهدنة، فخرج أخواها الوليد وعمارة ابنا عقبة حتى قدما على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكلماه في أم كلثوم أن يردها إليهم، فنقض الله عز وجل العهد بين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين المشركين في النساء خاصة، ومنعهن أن يرددن إلى المشركين، وأنزل الله عز وجل آية الامتحان.
قال عثمان الجحشي عن أبيه: كان بنو غنم بن دودان أهل إسلامٍ، قد أوعبوا في الهجرة إلى المدينة رجالهم
ونساؤهم، فخرجوا جميعاً، وتركوا دورهم مغلقةً، فخرج عبد الله بن جحش، وأخوه أبو أحمد بن جحش، واسمه عبد، وعكاشة بن محصن، وأبو سنان بن محصن، وسنان بن أبي سنان، وشجاع بن وهب، وأخوه عقبة بن وهب، وأربد بن حميرة، ومعبد بن نباتة، وسعيد بن رقيش، ومحرز بن نضلة، وقيس بن جابر، وعمرو بن محصن بن مالك، ومالك بن عمرو، وصفوان بن عمرو، وثقاف بن عمرو، وربيعة بن أكثم، وزبير بن عبيد: فنزلوا جميعاً على مبشر بن عبد المنذر. وأم عبد الله بن جحش: أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
قال ابن ماكولا: وأما برة، باؤه مضمومة: برة بن رئاب، وهو جحش، والد عبد الله وأبي أحمد، وعبيد الله، وزينب، وحمنة بني جحش، كان اسم جحش في الجاهلية برة، ورد ذلك في حديث رواه مقسم، عن ابن عباس، عن زينب بنت جحش.
قال عبد الله بن أبي أحمد: قدمت من عند معاوية بثلاثمائة ألف دينار، ثم أقمت سنة فحاسبت قوامي، فوجدتني أنفقت مائة ألف دينار ليس بيدي منها إلا رقيق، وغنم، وقصور، وأثاث ففزعت من ذلك فزعاً شديداً، فلقيت كعب الأحبار، فذكرت ذلك له، فقال: أين أنت عن النخل؟ فإنها تجدها في كتاب الله: المُطعِمات في المحل، الراسيات في الوحل، وخير المال النخل، بائعها ممحوق، ومبتاعها مرزوق، مَثَلُ من باعها ثم لم يجعل ثمنها في مثلها كمثل رماد على صفوان اشتدت به الريح في يومٍ عاصف، ففزعت للنخل فابتعتها.
قال معاوية لابن أبي أحمد: أصب لي مالاً أبتاعه، قال: قد أصبت لك مالاً، قال: ما هو؟ قال: البلدة، قال: لا حاجة لي بها، قال: النخيل، قال: لا حاجة لي فيه، قال: ودعان، قال: لا حاجة لي به، قال: الغابة: قال: نعم اشترها.
قال له: يا أمير المؤمنين، سميت لك أموالاً تعرفها، فكرهتها، وأخبرتك بما لا تعرف فاخترته؟ قال: نعم، سميت لي البلدة، فتبلدت علي، وسميت النخيل، فكان مصغراً، وسميت لي ودعان فنهتني نفسي عنها، وسميت لي الغابة فعلمت أنها كثيرة الماء، وقد قال الأول: من السريع
إن كنت تبغي العلم أو مثله ... أو شاهداً يخبر عن غائب
فاعتبر الأرض بأسمائها ... واعتبر الصاحب بالصاحب
Expand
▼
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=102800&book=5525#bf52de
عَبْد اللَّه بْن جحش بْن رِئَاب بْن يعمر بْن صبرَة بْن مرّة بْن كَبِير بْن غنم بْن دودان بْن أَسد بْن خُزَيْمَة الْأَسدي لَهُ صُحْبَة أَخُو أبي أَحْمَد بْن جحش أمهما أُمَيْمَة بنت عَبْد الْمطلب
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=102800&book=5525#4bb312
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ صَبِرَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكُرْدِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، نا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الْأَشْجَعِيِّ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، قَالَ شُعْبَةُ: أَوْ قَالَ: عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , ثُمَّ عَاشَ , ثُمَّ قُتِلَ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى دَيْنُهُ»
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكُرْدِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، نا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الْأَشْجَعِيِّ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، قَالَ شُعْبَةُ: أَوْ قَالَ: عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , ثُمَّ عَاشَ , ثُمَّ قُتِلَ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى دَيْنُهُ»
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=101714&book=5525#359386
عبد الله، ويزيد ابنا رئاب الأسلميّان: شهدا فتح مصر، ولهما خطّة فى الراية مع أسلم .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=78203&book=5525#11c270
عبد الله بن زَائِدَة يروي عَن هَارُون بن رِئَاب روى عَنْهُ حَمَّاد بْن زيد
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=78203&book=5525#7f7dbc
عَبْد اللَّه بْن زائدة
عَنْ هارون بْن رئاب عَنْ يزيد (2) الرقاشي، سمع منه حماد بْن زيد.
عَنْ هارون بْن رئاب عَنْ يزيد (2) الرقاشي، سمع منه حماد بْن زيد.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=78203&book=5525#bc892d
عبد الله بن زائدة
ب د ع: عَبْد اللَّهِ بْن زائدة بْن الأصم، وهو المعروف بابن أم مكتوم، هكذا سماه قتادة، وقال غيره: عَبْد اللَّهِ بْن قيس بْن زائدة، وقيل غير ذلك، ويرد في موضعه، إن شاء اللَّه تعالى.
أخرجه الثلاثة.
ب د ع: عَبْد اللَّهِ بْن زائدة بْن الأصم، وهو المعروف بابن أم مكتوم، هكذا سماه قتادة، وقال غيره: عَبْد اللَّهِ بْن قيس بْن زائدة، وقيل غير ذلك، ويرد في موضعه، إن شاء اللَّه تعالى.
أخرجه الثلاثة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=78203&book=5525#59bcc9
عَبْدُ اللهِ بْنُ زَائِدَةَ وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى مُخْتَلَفٌ فِي اسْمِهِ، فَقِيلَ: عَمْرٌو، وَقِيلَ: عَبْدُ اللهِ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ شُرَيْحِ بْنِ قَيْسِ بْنِ زَائِدَةَ بْنِ الْأَصَمِّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ قَيْسِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: وَأُمُّ مَكْتُومٍ اسْمُهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَنْكَثَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَخْزُومٍ، تَزَوَّجَهَا قَيْسُ بْنُ زَائِدَةَ بْنِ الْأَصَمِّ بْنِ صُرَمَ، وَقِيلَ: هَرِمُ بْنُ رَوَاحَةَ بْنِ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ الْأَعْمَى الَّذِي ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى فَقَالَ {عَبْسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} [عبس: 2] وَاسْمُهُ: عَمْرٌو، وَقَالَ أَبُو هِلَالٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ قَتَادَةَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ زَائِدَةَ، وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَشَهِدَ الْقَادِسِيَّةِ، وَمَعَهُ اللِّوَاءُ، كَانَ يَرْتَجِزُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ حِينَ طَافَ بِالْبَيْتِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْمِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ بِالْبَيْتِ عَلَى نَاقَتِهِ الْجَدْعَاءِ، وَعَبْدُ اللهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ آخِذٌ خِطَامَهَا يَرْتَجِزُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا أَبُو النَّضْرِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ شَيْبَانُ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كَبِيرٌ ضَرِيرٌ شَاسِعُ الدَّارِ، وَلِيَ قَائِدٌ لَا يُلَائِمُنِي تَجِدُ لِي رُخْصَةً أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي قَالَ: «أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ؟» قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: «مَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً» رَوَاهُ الْحَمَّادَانِ، وَزَائِدَةُ، وَمَعْمَرٌ، وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَقِيلَ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقِيلَ: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَقِيلَ: عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ أَوْهَامٌ، وَالْمَشْهُورُ عَاصِمٌ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْمِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ بِالْبَيْتِ عَلَى نَاقَتِهِ الْجَدْعَاءِ، وَعَبْدُ اللهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ آخِذٌ خِطَامَهَا يَرْتَجِزُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا أَبُو النَّضْرِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ شَيْبَانُ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كَبِيرٌ ضَرِيرٌ شَاسِعُ الدَّارِ، وَلِيَ قَائِدٌ لَا يُلَائِمُنِي تَجِدُ لِي رُخْصَةً أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي قَالَ: «أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ؟» قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: «مَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً» رَوَاهُ الْحَمَّادَانِ، وَزَائِدَةُ، وَمَعْمَرٌ، وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَقِيلَ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقِيلَ: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَقِيلَ: عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ أَوْهَامٌ، وَالْمَشْهُورُ عَاصِمٌ
Expand
▼
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64196&book=5525#b58742
- وعبد الله الأصغر. أمه ابنة عبد الله بن عمرو بن حفص بن المغيرة. قال خليفة: لا أدري عن أيهما روي الحديث.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64196&book=5525#fe9456
عَبْد الله الأصغر
- عَبْد الله الأصغر ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بْن كلاب. وأمه بِنْت عُتْبة بْن مَسْعُود بْن رئاب بْن عَبْد العزى بْن سُبَيْعِ بْن جعثمة بْن سعد بْن مليح من خزاعة. وكان عَبْد الله يسمى عَبْد الجان فَلَمَّا أسلم سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْد الله. وهو عَبْد الله الأصغر ابن شهاب أسلم قديمًا بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي رواية مُحَمَّد بْن عُمَر وَهِشَامُ بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي. ثُمَّ قدم مكة فمات بها قبل الهجرة إلى المدينة. وهو جد الزُّهْرِيّ من قبل أمه. وأما جَدّه من قبل أَبِيهِ فهو عَبْد الله الأكبر ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بْن كلاب. وأمه أيضًا بِنْت عُتْبة بْن مَسْعُود بْن رئاب بْن عَبْد العزى بْن سُبَيْعِ بْن جعثمة بْن سعد بْن مليح من خزاعة. وليست له هجرة. وشهد بدْرًا مع المشركين. وكان أحد النفر الأربعة الّذين تعاهدوا وتعاقدوا يوم أحد لئن رأوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليقتلنه أو ليقتلن دونه: عَبْد الله بْن شهاب. وأبي بْن خلف. وابن قميئة. وعتبة بْن أبي وقاص.
- عَبْد الله الأصغر ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بْن كلاب. وأمه بِنْت عُتْبة بْن مَسْعُود بْن رئاب بْن عَبْد العزى بْن سُبَيْعِ بْن جعثمة بْن سعد بْن مليح من خزاعة. وكان عَبْد الله يسمى عَبْد الجان فَلَمَّا أسلم سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْد الله. وهو عَبْد الله الأصغر ابن شهاب أسلم قديمًا بمكّة وهاجر إِلَى أرض الحبشة فِي رواية مُحَمَّد بْن عُمَر وَهِشَامُ بْن مُحَمَّد بْن السائب الكلبي. ثُمَّ قدم مكة فمات بها قبل الهجرة إلى المدينة. وهو جد الزُّهْرِيّ من قبل أمه. وأما جَدّه من قبل أَبِيهِ فهو عَبْد الله الأكبر ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بْن كلاب. وأمه أيضًا بِنْت عُتْبة بْن مَسْعُود بْن رئاب بْن عَبْد العزى بْن سُبَيْعِ بْن جعثمة بْن سعد بْن مليح من خزاعة. وليست له هجرة. وشهد بدْرًا مع المشركين. وكان أحد النفر الأربعة الّذين تعاهدوا وتعاقدوا يوم أحد لئن رأوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليقتلنه أو ليقتلن دونه: عَبْد الله بْن شهاب. وأبي بْن خلف. وابن قميئة. وعتبة بْن أبي وقاص.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=123858&book=5525#d91a5d
عَبْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ شَهِدَ بَدْرًا، وَاسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ، مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ، وَهُوَ مِنْ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ، أَخُو أَبِي أَحْمَدَ، سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الشَّهَادَةَ فَاسْتُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ، وَهُوَ أَوَّلُ أَمِيرٍ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَنِمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ غَنِيمَةً، فَبَعَثَهُ إِلَى نَخْلَةٍ يَتَحَسَّسُ أَخْبَارَ قُرَيْشٍ، فَكَانَتْ غَنِيمَتُهُ أَوَّلَ غَنِيمَةٍ غَنَمِهَا الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَفِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ نَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} نَزَلَ هُوَ وَأَخُوهُ أَبُو أَحْمَدَ حِينَ قَدِمَا الْمَدِينَةَ مُهَاجِرِينَ عَلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ، كَانَ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُخْتُهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ تَحْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ أُمُّهُ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، رَوَى عَنْهُ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ
- حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ صَبِرَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ ذُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا طَاهِرُ بْنُ عِيسَى بْنِ قَيْرَسٍ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَحْشٍ قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: أَلَا تَدْعُو اللهَ؟ فَخَلُّوا فِي نَاحِيَةٍ، فَدَعَا سَعْدٌ فَقَالَ: يَا رَبِّ إِذَا لَقِيتُ الْعَدُوَّ فَلَقِّنِّي رَجُلًا شَدِيدًا بَأْسُهُ شَدِيدًا حَرَدُهُ أُقَاتِلُهُ وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ ارْزُقْنِي عَلَيْهِ الظَّفَرَ حَتَّى أَقْتُلَهُ وَآخُذَ سَلَبَهُ، فَأَمَّنَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ ارْزُقْنِي رَجُلًا شَدِيدًا حَرَدُهُ شَدِيدًا بَأْسُهُ، أُقَاتِلُهُ فِيكَ وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ يَأْخُذُنِي فَيَجْدَعُ أَنْفِي وَأُذُنِي، فَإِذَا لَقِيتُكَ غَدًا قُلْتَ: يَا عَبْدَ اللهِ مَنْ جَدَعَ أَنْفَكَ وَأُذُنَكَ؟ فَأَقُولُ: فِيكَ وَفِي رَسُولِكَ، فَتَقُولُ: صَدَقْتَ، قَالَ سَعْدٌ: يَا بُنَيَّ كَانَتْ دَعْوَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشِ خَيْرًا مِنْ دَعْوَتِي، لَقَدْ رَأَيْتُهُ آخِرَ النَّهَارِ، وَإِنَّ أَنْفَهُ وَأُذُنَهُ لَمُعَلَّقَتَانِ فِي خَيْطٍ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: أَوَّلُ رَايَةٍ عُقِدَتْ فِي الْإِسْلَامِ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ
Expand
▼
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64197&book=5525#c984e5
عبد الله بن شهَاب
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64197&book=5525#f9f5a9
عَبْد الله بْن شهاب
- عَبْد الله بْن شهاب بن عبد الله بْن الحارث بْن زهرة بْن كلاب. وأمه بنت عُتْبة بْن مَسْعُود بْن رئاب بْن عَبْد العزى بْن سُبَيْعِ بْن جعثمة بْن سعد بْن مليح من خزاعة. أسلم بمكّة ومات بها قديمًا قبل الهجرتين إِلَى أرض الحبشة. من ولده الزُّهْرِيّ الفقيه واسمه مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شهاب. وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ
- عَبْد الله بْن شهاب بن عبد الله بْن الحارث بْن زهرة بْن كلاب. وأمه بنت عُتْبة بْن مَسْعُود بْن رئاب بْن عَبْد العزى بْن سُبَيْعِ بْن جعثمة بْن سعد بْن مليح من خزاعة. أسلم بمكّة ومات بها قديمًا قبل الهجرتين إِلَى أرض الحبشة. من ولده الزُّهْرِيّ الفقيه واسمه مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شهاب. وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64197&book=5525#a7bf01
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِهَابِ
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِهَابِ. الْخَوْلانِيُّ. روى عن عمر بن الخطاب. رضي الله عنه. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ الْخَوْلانِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَأَتَاهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي خُلْعٍ فَأَجَازَهُ وَقَالَ: إِنَّمَا طَلَّقَكِ بِمَالِكِ.
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِهَابِ. الْخَوْلانِيُّ. روى عن عمر بن الخطاب. رضي الله عنه. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ الْخَوْلانِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَأَتَاهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي خُلْعٍ فَأَجَازَهُ وَقَالَ: إِنَّمَا طَلَّقَكِ بِمَالِكِ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64436&book=5525#500195
عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَحْمَدَ
- عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَحْمَدَ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.
- عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَحْمَدَ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بْن دودان بْن أسد بْن خُزَيْمَة حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=127607&book=5525#2a22d7
عبد بن جحش بن رئاب الأسدي
من بني أسد بن خزيمة، تقدم ذكر نسبه إلى أسد عند أخيه عبد الله بن جحش، يكنى عبد هذا أبا أحمد، غلبت عليه كنيته، وعرف بها، هو حليف حرب بن أمية، كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة، وهو من المهاجرين الأولين، صهر رَسُول الله صلّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ذكرناه في الكنى بأتم من هذا.
من بني أسد بن خزيمة، تقدم ذكر نسبه إلى أسد عند أخيه عبد الله بن جحش، يكنى عبد هذا أبا أحمد، غلبت عليه كنيته، وعرف بها، هو حليف حرب بن أمية، كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة، وهو من المهاجرين الأولين، صهر رَسُول الله صلّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ذكرناه في الكنى بأتم من هذا.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=103965&book=5525#ec4b4a
عَبْد بْن جحش أَبُو أَحْمَد بْن رِئَاب بْن يعمر بْن صبرَة بْن مرّة بن
كَبِير بْن غنم بْن دودان بْن أَسد بْن خُزَيْمَة لَهُ صُحْبَة مَاتَ فِي خلَافَة عمر بْن الْخطاب رَضِي اللَّه عَنهُ
كَبِير بْن غنم بْن دودان بْن أَسد بْن خُزَيْمَة لَهُ صُحْبَة مَاتَ فِي خلَافَة عمر بْن الْخطاب رَضِي اللَّه عَنهُ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64421&book=5525#dad3d6
عبد الرَّحْمَن بن سعيد عَن الشّعبِيّ عَن النُّعْمَان
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64421&book=5525#ac995f
عبد الرحمن بن سعيد
- عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني. وكان قليل الحديث.
- عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني. وكان قليل الحديث.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64421&book=5525#09800a
عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد (3) عَنْ صفية بِنْت شيبة، روى عَنْهُ شُعْبَة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64421&book=5525#a27f00
عبد الرحمن بن سعيد أرَاهُ ابْن وهب الْهَمدَانِي
روى عَن الشّعبِيّ فِي الْبيُوع
روى عَنهُ مُحَمَّد بن عجلَان
روى عَن الشّعبِيّ فِي الْبيُوع
روى عَنهُ مُحَمَّد بن عجلَان
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64421&book=5525#9626de
- وعبد الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. أمه أم جميل بنت الخطاب بن نفيل.
- وعبد الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل الصغير. أمه من غسان, ولا أدري أيهما روي عنه الحديث, الصغير أم الكبير, فأشبههما أن يكون الصغير.
- وعبد الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل الصغير. أمه من غسان, ولا أدري أيهما روي عنه الحديث, الصغير أم الكبير, فأشبههما أن يكون الصغير.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64421&book=5525#1b1bad
عبد الرحمن بن سعيد
- عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم. وأمه أم عبيد أروى بنت عركي بن عمرو بن قيس بن سويد بن عمرو من عد. فولد عبد الرحمن بن سعيد عثمان وأبا بكر وسعيدا وعمر وأمهم الرابعة بنت يزيد بن عبد الله بن عمرو بن حبيب بن عتاب بن رئاب من بني عبس. وعباسا وخالدا ويحيى وأمهم أم الحكم بنت بلعاء بن نهيك بن معاوية بن الوحيد من بني عامر. وعكرمة وأمه أم الفضل بنت عكرمة بن ربيعة من بني هلال. ومحمدا لأم ولد وأم حكيم وأمها عاتكة بنت سعد بن الأعشى من بلمصطلق من خزاعة. ويكنى عبد الرحمن أبا محمد. توفي في سنة تسع ومائة وهو ابن ثمانين سنة. وكان ثقة في الحديث.
- عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم. وأمه أم عبيد أروى بنت عركي بن عمرو بن قيس بن سويد بن عمرو من عد. فولد عبد الرحمن بن سعيد عثمان وأبا بكر وسعيدا وعمر وأمهم الرابعة بنت يزيد بن عبد الله بن عمرو بن حبيب بن عتاب بن رئاب من بني عبس. وعباسا وخالدا ويحيى وأمهم أم الحكم بنت بلعاء بن نهيك بن معاوية بن الوحيد من بني عامر. وعكرمة وأمه أم الفضل بنت عكرمة بن ربيعة من بني هلال. ومحمدا لأم ولد وأم حكيم وأمها عاتكة بنت سعد بن الأعشى من بلمصطلق من خزاعة. ويكنى عبد الرحمن أبا محمد. توفي في سنة تسع ومائة وهو ابن ثمانين سنة. وكان ثقة في الحديث.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64421&book=5525#836417
عَبْدُ الرحمن بن سعيد
- عَبْدُ الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عَديّ بْن كعب. وأمه أمامة بِنْت الدجيج من غسّان. فولد عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد زيدا وسعيدا لا بقيّة لَهُ. وفاطمة وأمهم أم وُلِدَ. وعَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَن وأمه من بني خطمة. ويقال بل أمه أم ثابت. ويقال أم أناس بِنْت ثابت بْن قيس بْن شماس. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ مِنْ آلِ يَرْبُوعٍ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَدَوِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَكَانَ اسْمُهُ مُوسَى فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَثَبَتَ اسْمُهُ إِلَى الْيَوْمِ. وَذَلِكَ حِينَ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُغَيِّرَ اسْمَ مَنْ تَسَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ. أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ربيعة بْنُ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: دُعِيَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَهُوَ يَسْتَجْمِرُ لِلْجُمُعَةِ فَذَهَبَ إِلَيْهِ وَذَهَبْنَا مَعَهُ. فَأَمَرَنِي فَغَسَلْتُهُ. وَابْنُ عُمَرَ يَصُبُّ الْمَاءَ. وَغَسَلَ رَجُلٌ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَوَجْهَهُ وَجَعَلَ الْمَاءَ فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِي فِيهِ. ثُمَّ غَسَلَ عُنُقَهُ وَصَدْرَهُ وَفَرْجَهُ. وَقَدْ جَعَلَ عَلَى فَرْجِهِ خِرْقَةً أَوَّلَ ذَلِكَ حِينَ جَرَّدَهُ. فَغَسَلَهُ حَتَّى بَلَغَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ قَلَبَهُ. فَغَسَّلْنَا خَلْفَهُ كَمَا غَسَّلْنَا مُقَدَّمَهُ. ثُمَّ أَقْعَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَأَمْسَكَ رَجُلٌ بِمَنْكِبَيْهِ فَعَصَرَ بَطْنَهُ وَرَجُلٌ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ. ثُمَّ نَفَضَ رَأْسَهُ. هَذِهِ غَسْلَةٌ بِالْمَاءِ. ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّانِيَةَ بِالسِّدْرِ وَالْمَاءِ. ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ يُصِبْهُ عَلَيْهِ. فَهَذِهِ ثَلاثُ غَسَلاتٍ. ثُمَّ جَفَّفَهُ فِي شَيْءٍ. ثُمَّ حَشَوْهُ قُطْنًا فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِيهِ وَأُذُنَيْهِ وَدُبُرِهِ. ثُمَّ أُتِيَ بِهِ إِلَى أَكْفَانِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ. فَأُلْبِسَ الْقَمِيصَ غَيْرَ مُزَرَّرٍ ثُمَّ حُنِّطَ فِي مُقَدَّمَهِ وَعِنْدَ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ حَتَّى بَلَغَ رِجْلَيْهِ فَمَا فَضَّلَهُ جَعَلَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ. ثُمَّ لَفَّ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ بِعِمَامَةٍ. ثُمَّ أُدْرِجَ بِالأَثْوَابِ الثَّلاثَةِ فَأَدْخَلَهَا هَكَذَا وَهَكَذَا وَلَمْ تُعْقَدْ. ثُمَّ قَالَ نَافِعٌ هَكَذَا غُسِّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
- عَبْدُ الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عَديّ بْن كعب. وأمه أمامة بِنْت الدجيج من غسّان. فولد عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد زيدا وسعيدا لا بقيّة لَهُ. وفاطمة وأمهم أم وُلِدَ. وعَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَن وأمه من بني خطمة. ويقال بل أمه أم ثابت. ويقال أم أناس بِنْت ثابت بْن قيس بْن شماس. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ مِنْ آلِ يَرْبُوعٍ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَدَوِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَكَانَ اسْمُهُ مُوسَى فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَثَبَتَ اسْمُهُ إِلَى الْيَوْمِ. وَذَلِكَ حِينَ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُغَيِّرَ اسْمَ مَنْ تَسَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ. أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ربيعة بْنُ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: دُعِيَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَهُوَ يَسْتَجْمِرُ لِلْجُمُعَةِ فَذَهَبَ إِلَيْهِ وَذَهَبْنَا مَعَهُ. فَأَمَرَنِي فَغَسَلْتُهُ. وَابْنُ عُمَرَ يَصُبُّ الْمَاءَ. وَغَسَلَ رَجُلٌ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَوَجْهَهُ وَجَعَلَ الْمَاءَ فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِي فِيهِ. ثُمَّ غَسَلَ عُنُقَهُ وَصَدْرَهُ وَفَرْجَهُ. وَقَدْ جَعَلَ عَلَى فَرْجِهِ خِرْقَةً أَوَّلَ ذَلِكَ حِينَ جَرَّدَهُ. فَغَسَلَهُ حَتَّى بَلَغَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ قَلَبَهُ. فَغَسَّلْنَا خَلْفَهُ كَمَا غَسَّلْنَا مُقَدَّمَهُ. ثُمَّ أَقْعَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَأَمْسَكَ رَجُلٌ بِمَنْكِبَيْهِ فَعَصَرَ بَطْنَهُ وَرَجُلٌ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ. ثُمَّ نَفَضَ رَأْسَهُ. هَذِهِ غَسْلَةٌ بِالْمَاءِ. ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّانِيَةَ بِالسِّدْرِ وَالْمَاءِ. ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ يُصِبْهُ عَلَيْهِ. فَهَذِهِ ثَلاثُ غَسَلاتٍ. ثُمَّ جَفَّفَهُ فِي شَيْءٍ. ثُمَّ حَشَوْهُ قُطْنًا فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِيهِ وَأُذُنَيْهِ وَدُبُرِهِ. ثُمَّ أُتِيَ بِهِ إِلَى أَكْفَانِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ. فَأُلْبِسَ الْقَمِيصَ غَيْرَ مُزَرَّرٍ ثُمَّ حُنِّطَ فِي مُقَدَّمَهِ وَعِنْدَ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ حَتَّى بَلَغَ رِجْلَيْهِ فَمَا فَضَّلَهُ جَعَلَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ. ثُمَّ لَفَّ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ بِعِمَامَةٍ. ثُمَّ أُدْرِجَ بِالأَثْوَابِ الثَّلاثَةِ فَأَدْخَلَهَا هَكَذَا وَهَكَذَا وَلَمْ تُعْقَدْ. ثُمَّ قَالَ نَافِعٌ هَكَذَا غُسِّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
Expand
▼