Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب
Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 6554
2934. عامر بن أبي عامر2 2935. عامر بن المعمر الأزدي1 2936. عامر بن خريم بن محمد1 2937. عامر بن ربيعة بن كعب1 2938. عامر بن سعيد1 2939. عامر بن شراحيل42940. عامر بن عبد الله9 2941. عامر بن عبد الله بن الجراح3 2942. عامر بن عبد الله بن الجراح أبو عبيدة القرشي الفهري...1 2943. عامر بن عبد الله بن قيس2 2944. عامر بن عمارة بن خريم الناعم1 2945. عامر بن فهيرة6 2946. عامر بن لدين ويقال عمرو1 2947. عامر بن مالك بن أهيب1 2948. عامر بن مالك بن جعفر1 2949. عامر بن محمد بن يعقوب1 2950. عامر بن مسعود3 2951. عامر بن واثلة بن عبد الله1 2952. عامر بن يحيى2 2953. عايذ الله بن عبد الله1 2954. عباد بن الريان1 2955. عباد بن زياد4 2956. عبادة المخنث1 2957. عبادة بن أوفى1 2958. عبادة بن الصامت5 2959. عبادة بن نسي الكندي الأزدي1 2960. عباية بن أبي الدرداء1 2961. عبد الأعلي بن أبي عبد الله الغبري1 2962. عبد الأعلي بن أبي عمرة الشيباني1 2963. عبد الأعلي بن عبيد الله1 2964. عبد الأعلي بن مسهر2 2965. عبد الأعلي بن مسهر بن عبد الأعلي بن مسهر...1 2966. عبد الأعلي بن هلال1 2967. عبد الباري بن عبد الملك بن عبد العزيز...1 2968. عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم بن علي1 2969. عبد الباقي بن أحمد بن محمد1 2970. عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله1 2971. عبد الباقي بن جامع بن الحسن1 2972. عبد الباقي بن عبد الكريم بن الحسين بن إسماعيل...1 2973. عبد الجبار الخولاني6 2974. عبد الجبار بن أحمد بن عبد الله بن علي...1 2975. عبد الجبار بن الحارث بن مالك1 2976. عبد الجبار بن عاصم2 2977. عبد الجبار بن عبد الصمد بن إسماعيل بن علي...1 2978. عبد الجبار بن عبد الله بن إبراهيم بن برزة...1 2979. عبد الجبار بن عبد الله بن علي1 2980. عبد الجبار بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحيم...1 2981. عبد الجبار بن عبد الواحد التنوخي1 2982. عبد الجبار بن عبيد الله بن سلمان1 2983. عبد الجبار بن محمد1 2984. عبد الجبار بن مسلم3 2985. عبد الجبار بن واقد الليثي1 2986. عبد الجبار بن يزيد الكلبي1 2987. عبد الجبار بن يزيد بن عبد الملك1 2988. عبد الجليل بن عبد الجبار بن عبد الله بن طلحة...1 2989. عبد الجليل بن محمد بن الحسن1 2990. عبد الحليم بن محمد بن عبيد الله1 2991. عبد الحميد بن الحسين بن علي1 2992. عبد الحميد بن بكار1 2993. عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين4 2994. عبد الحميد بن حريث بن أبي حريث1 2995. عبد الحميد بن حماد بن عبيد الله1 2996. عبد الحميد بن شميط1 2997. عبد الحميد بن عبد الرحمن5 2998. عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الحميد...1 2999. عبد الحميد بن محمود بن خالد بن يزيد1 3000. عبد الحميد بن يحيى بن داود1 3001. عبد الحميد بن يحيى بن سعد1 3002. عبد الخالق بن زيد بن واقد الدمشقي4 3003. عبد الخالق بن محمد بن محمد بن عبد الوهاب...1 3004. عبد الخالق بن منصور1 3005. عبد الدائم بن الحسن بن عبيد الله1 3006. عبد الدائم بن المحسن بن عبد الله بن خليل...1 3007. عبد الرؤوف بن عثمان1 3008. عبد الرب بن محمد بن عبد الله1 3009. عبد الرحمن أبو المهاجر البهليبي1 3010. عبد الرحمن الأكبر بن صفوان1 3011. عبد الرحمن السيدي1 3012. عبد الرحمن الطويل1 3013. عبد الرحمن بن آدم1 3014. عبد الرحمن بن آدم الأزدي1 3015. عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم1 3016. عبد الرحمن بن أبي الرجال2 3017. عبد الرحمن بن أبي بكرة نفيع1 3018. عبد الرحمن بن أبي ثور الكوفي1 3019. عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني2 3020. عبد الرحمن بن أبي قسيمة1 3021. عبد الرحمن بن أبي كبشة1 3022. عبد الرحمن بن أبي كبيرة العنسي الداراني...1 3023. عبد الرحمن بن أبي هريرة الدوسي1 3024. عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن1 3025. عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين1 3026. عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن الفضل...1 3027. عبد الرحمن بن أحمد بن عطية1 3028. عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر1 3029. عبد الرحمن بن أحمد بن عمران1 3030. عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف...1 3031. عبد الرحمن بن أرطأة بن سيحان1 3032. عبد الرحمن بن أزهر بن عبد عوف3 3033. عبد الرحمن بن أيوب بن نافع بن كيسان1 Prev. 100
«
Previous

عامر بن شراحيل

»
Next
عامر بن شراحيل بن عَبد
أبو عَمرو الشعبي الكوفي قدم دمشق.
روى الشعبي قال: كان أبو سعيد جالساً فمرت به جنازة، فقام، فقال له مروان: اجلس، فقال: إني رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام، فقام مروان معه.
وحدث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قال الله عزّ وجلّ: ابن آدم، إنك ما ذكرتني شكرتني، وما نسيتني كفرتني ".
ذكر الشعبي أنه ولد عام جلولاء. وقيل: كان عام جلولاء سنة سبع عشرة. وقيل: ولد سنة عشرين. وقيل: إحدى وعشرين. وقيل: سنة ثمان وعشرين.
قال محمد بن سعد: في الطبقة الثانية من أهل الكوفة عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي، وهو من حِمْيَر، وعداده في هَمْدان.
قال محمد بن أبي أمية، وكان عالماً: إن مطراً أصاب اليمن، فجعف السيل موضعاً، فأبدى عن أَزَجٍ عليه باب من حجارة، فكسر الغَلْق فدخل، فإذا بهو عظيم فيه سرير من ذهب، وإذا عليه رجل، قال: فشبرناه فإذا طوله اثنا عشر شبراً وإذا عليه جِباب من وشي منسوجة بالذهب، وإلى جنبه مِحْجَن من ذهب على رأسه ياقوتة حمراء، وإذا رجل أبيض الرأس واللحية، له ضفيرتان، وإلى جنبه لوح مكتوب فيه بالحِمْيَرية: باسمك اللهم، ربّ حِمْيَر، أنا حسان بن عمرو القَيْل، إذ لا قَيْل إلا الله، عشتُ بأمل، ومتّ بأجل، أيام وَخْز هَيْد، وما وخز هيد، هلك فيه اثنا عشر ألف قَيْل فكنت آخرهم قَيْلاً. فأتيت جبل ذي شَعْبين لُيجيرني من الموت فأخفرني، وإلى جنبه سيف مكتوب فيه بالحميرية: أنا قُبار، بي يدرك الثار.
قال عبد الله بن محمد بن مرّة الشعباني: هو حسان بن عمرو بن قيس بن معاوية بن حُشّم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن قَطَن بن عَريب بن زهير بن أيمن بن الهَمَيْسَع بن حِمْيَر. وحسان هو ذو الشَّعبين، وهو جبل باليمن نزله هو وولده، ودفن به، ونسب إليه هو وولده. فمن كان بالكوفة قيل لهم: شعبيون، منهم عامر الشعبي، ومن كان بالشام قيل لهم: شعبانيون، ومن كان باليمن قيل لهم: آل ذي شعبين، ومن كان بمصر والمغرب قيل لهم: الأشعوب، وهم جميعاً بنو حسان بن عمرو ذي شعبين. فبنو علي بن حسان بن عمرو رهط عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي دخلوا في أُخمور هَمْدان باليمن، فعدادهم فيه. والأُخمور: خارف، والصائديون، وآل ذي بارق والسَّبيع، وآل ذي حُدّان، وآل ذي رضوان، وآل ذي لَعْوة، وآل ذي مُرَان. وأعراب هَمْدان: عُذْر، ويام، ونُهم، وشاكر، وأرحب. وفي هَمْدان مِن حِمْيَر قبائل كثيرة منهم: آل ذي حَوال، وكان على مقدمة تُبّع، منهم يَعْفُر بن الصّباح المتغلب على مخاليف صنعاء اليوم.
وكان الشعبي ضئيلاً، نحيفاً، وكان وُلِد هو وأخ له تَوَماً، فقيل: يا أبا عمرو، مالنا نراك ضئيلاً؟! قال: إني زوحمت في الرحم.
قد الشعبي الشام على عبد الملك بن مروان، وقدم إلى مصر رسولاً من عبد الملك بن مروان إلى أخيه عبد العزيز، ويقال: بل بلغ عبد العزيز بن مروان براعته وعقله وطيب مجالسته، فكتب إلى أخيه عبد الملك في أن يؤثره الشعبي، ففعل، وكتب إليه: إني آثرتك به على نفسي فلا يلبث عندك إلا شهراً أو نحو شهر، فأقام بمصر عند عبد العزيز نحو أربعين يوماً، ثم رده إلى أخيه عبد الملك.
وأم عامر من سبي جلولاء.
قال أبو نصر: أما كِبار بكسر الكاف وباء موحدة وآخره راء فهو قَيل من أقيال اليمن، من ولده عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار.
قال الشعبي: أدركت خمس مئة من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلهم يقولون: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي.
وقال: أدركت خمسمئة من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أكثر كلهم يقول: عثمان وعلي وطلحة والزبير في الجنة.
وقال الشعبي: ما كتبت سواداً في بياض قط، ولا حدثني رجل حديثاً إلا حفظته، وما أحببت أن يعيده علي.
وقال الشعبي: ما سمعت منذ عشرين سنة رجلاً يحدث بحدث إلا أنا أعلم به منه، ولقد نسيت من العلم ما لو حفظه رجل لكان به عالماً.
وفي حديث آخر بمعناه: ثم يقول: هذا وقد زوحمتُ في الرحم. كيف لو كنت نسيج وحدي؟ وعن الشعبي أنه قال:
ما أروي شيئاً أقلَّ من الشعر، ولو شئت لأنشدتكم شهراً لا أعيد.
قال أبو أسامة: كان عمر بن الخطاب في زمانه، رأس الناس، وهو جامع، وكان بعده ابن عباس في زمانه، وكان بعد ابن عباس في زمانه الشعبي، وكان بعد الشعبي في زمانه سفيان الثوري، وكان بعد الثوري في زمانه يحيى بن آدم.
قيل للشعبي: من أين لك كل هذا العلم؟ قال: بنَفْيِ الاغتمام، والسير في البلاد، وصبرٍ كصبر الحمار، وبكور كبكور الغراب.
وعن الشعبي: أن ابن عمر سمعه يحدث بأحاديث المغازي، فاستمع له وقال: إن هذا الفتى ليحدث بأحاديث قد حضرناها، هو أعلم بها منا.
قال: ما لقيت أحداً أعلم بسنة ماضية من الشعبي.
وقال أيضاً: ما رأيت أفقه من الشعبي.
وقال منصور: ما رأيت أحداً أحسب من الشعبي.
قال صالح بن مسلم: لقيت الشعبي بالسُّدة فمشيت معه حتى حاذتنا أبواب المسجد فنظر إليه فقال: الله يعلم، لقد بغّض إليّ هؤلاء هذا المسجد. قلت: مَن يا أبا عمرو؟ قال: هؤلاء الرأييون، أصحاب الرأي. قيل: مَن في المسجد؟ قال: الحكم بن عُتيبة ونظراؤه، ثم مضى، فلقيه رجل، فسأله عن الورع فأبى أن يجيبه، فألح عليه فقال: يا عبد الله، إنك إن علمت، ثم علمت كان أوجب عليه بالحجة، وإن عملت قبل أن تعلم كان أيسر عليك في الأمر. قال: ثم مضينا نحو باب القصر فلقيه رجل، فقال: يا أبا عمرو، ما تقول في الرجل يضرب مملوكه؟ فقال بيده يقلبها: ما أدري، يوم يضرب الشعبي مملوكه فهو حرّ يومئذ.
قال سعيد: كلمت مطراً الوراق في بيع المصاحف فقال: أتنهوني عن بيع المصاحف وقد كان حَبْرا هذه الأمة أو قال: فقيها هذه الأمة لا يريان به بأساً: الحسن والشعبي!.
وعن أبي عون قال: ذكر إبراهيم والشعبي فقال: كان إبراهيم يسكت، فإذا جاءت الفتن أو الفتيا انبرى لها. وكان الشعبي يتحدث، ويذكر الشعر وغير ذلك، فإذا جاءت الفتنة أو الفتيا أمسك.
وعن حماد بن زيد وذكر له قول إبراهيم: في الفأرة جزاء إذا قتلها المحرم فقال حماد: ما كان بالكوفة رجل أوحش ردّاً للأثار من إبراهيم، وذلك لقلة ما سمع من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا كان بالكوفة رجل أحسن اتباعاً، ولا أحسن اقتداء من الشعبي، وذلك لكثرة ما سمع.
قال الشعبي: والله إنه لعلم حسن أن يقول الرجل إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم.
قال أبو وهب محمد بن مزاحم: قيل للشعبي: إنا لنستحيي من كثرة ما تُسأل فتقول: لا أدري، فقال: لكن ملائكةُ الله المقربون لم يستحيوا حيث سئلوا عما لا يعلمون أن قالوا: " لا عِلْمَ لَنَا إِلاّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ".
كان إبراهيم النَّخَعي صاحب قياس، والشعبي صاحب آثار، وكان الشعبي منبسطاً، وكان إبراهيم منقبضاً فإذا وقعت الفتوة انقبض الشعبي، وانبسط إبراهيم.
قال الشعبي: اقتصاد في سُنّة خير من اجتهاد في بدعة.
قال الشعبي: تفرق الناس منذ وقع هذا الأمر يعني: قَتْل عثمان على أربعة أصناف: محب
لعلي مبغض لعثمان، محب لعثمان مبغض لعلي، محب لهما كلاهما، مبغض لهما كلاما. قيل: يا أبا عمر، من أي هذه الأصناف أنت؟ قال: محبّ لهما جميعاً.
قال الشعبي: أحبَّ أهل بيت نبيّك، ولا تكن رافضياً، واعمل بالقرآن، ولا تكون حرورياً، واعلم أن ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، ولا تكن قدرياً، وأطعِ الإمام وإن كان عبداً حبشياً.
وفي حديث بمعناه: وقِفْ عند الشبهات ولا تكون مرجئاً.
وذكر الشعبي الرافضة فقال: ولو كانوا من الطير لكانوا رَخَماً، ولو كانوا من الدواب لكانوا حُمُراً.
وكان الرجل يخرج إلى السوق في الحاجة، فيمرّ بالمسجد فيقول الرجل: أدخل فأصلي ركعتين، ثم أخرج فأقضي حاجتي، فيرى الشعبي يحدث فيجلس إليه حتى تفوته حاجته. ويفترض السوق. فكان هذا الرجل يقول للشعبي: أيْ مبطلَ الحاجات، أيْ مبطلَ الحاجات.
كان الشعبي لا يقوم من مجلسه حتى يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: وأشهد أن الدين كما شرع، وأشهد أن الإسلام كما وصف، وأشهد أن الكتاب كما أنزل، وأن القرآن كما حدث، وأشهد أن الله هو الحق المبين. فإذا ذهب لينهض قال: ذكر الله محمداً منا بالسلام.
قال الشعبي: ما ضربت مملوكاً لي قط، ولا أخذت له ضريبة.
جاء رجل إلى الشعبي فشتمه في ملأ من الناس فقال الشعبي: إن كنت كاذباً فغفر الله لك، وإن كنت صادقاً فغفر الله لي.
وعن الشعبي قال: العلم أكثر من أن يُحصى، فخذ من كل شيء أحسنه.
وعنه قال: ليس حسن الجوار أن تكفَّ أذاك عن الجار، ولكن حسن الجوار أن تصبر على أذى الجار.
وكان الشعبي من أولع الناس بهذا البيت: " المديد "
ليستِ الأحلامُ في حينِ الرضا ... إنما الأحلامُ في حينِ الغضبْ
كان الشعبي يحدث ورجل خلفه يغتابه، فالتفت فقال: " الطويل "
هنيئاً مريئاً غيرَ داءٍ مُخامرٍ ... لعزَّةَ من أعراضِنا ما استحلَّتِ
دخل الشعبي على عبد الملك بن مروان، فقال: يا شعبي، لقد وخِمتَ من كلّ شيء إلا في الحديث الحسن، قال: نعم يا أمير المؤمنين، إن الحديث ذو شجون تُسلى به الهموم، قال: يا شعبي، ما العلم؟ قال: يا أمير المؤمنين: العلم ما يقربك من الجنة، ويباعدك من النار، قال: يا شعبي، ما العقل؟ قال: ما يعرّفك عواقب رُشْدك ومواقع غيّك، قال: متى يَعرِف الرجل كمال عقله؟ قال: إذا كان حافظاً لسانه، مدارياً لأهل زمانه، مقبلاً على شانه.
وجّه عبد الملك بن مروان عامراً الشعبي إلى ملك الروم في بعض الأمر، فاستكثر الشعبيَّ، فقال له: أمن أهل بيت الملك أنت؟ قال: لا، قال: فلما أراد الرجوع إلى عبد الملك حمّله رقعة لطيفة، وقال له: إذا رجعت إلى صاحبك فأبلغته جميع ما تحتاج إلى
معرفته من ناحيتنا فادفع إليه هذه الرقعة. فلما صار الشعبي إلى عبد الملك ذكر له ما احتاج إلى ذكره، ونهض من عنده،. فلما خرج ذكر الرقعة، فرجع فقال: يا أمير المؤمنين، إنه حمّلني إليك رقعة نسيتها، حتى خرجت، وكانت في آخر ما حمّلني، فدفعها إليه ونهض، فقرأها عبد الملك فقال: أعلمت ما في الرقعة؟ قال: لا، قال: فيها: " عجبت من العرب كيف ملّكت غير هذا ". أفتدري لم كتب إليّ بهذا؟ قال: لا، فقال: حسدني بك، فاراد أن يغريني بقتلك، فقال الشعبي: لو كان رآك يا أمير المؤمنين ما استكثرني، فبلغ ذلك ملك الروم وما ذكر عبد الملك فقال: لله أبوه، والله ما أردت إلا ذاك.
وفي موضع آخر أنه لما قال له: أنت أحق بموضع صاحبك منه، قال له: على بابه عشرة آلاف كلهم خير مني، فقال: هذا من عقلك، ثم قال: يا شعبي، أريد أن أسألك عن ثلاث خلال، فإن خرجت منهن فأنت أعلم الناس، قلت: سَلْ، قال: حتى تخرج وأشيعك وأسألك عنهن فتمضي وليس في نفسي منهن شيء. فلما شيعني قلت: سَلْ عن الثلاث خلال، فقال: يا شعبي، لكم مَثَلٌ؟ قلت: نعم، ليس في الأرض مَثَل مثله، قال: وما هو؟ قال: قلت: إذا لم تستَحْي فاصنع ما شئت. قال: حسبك، ما سمعت بهذا المثل قط، قال: يا شعبي، لم غيّرت لحيتك بصفرة، ألا صبرت على البياض كما ابتُليت، لو رددتها إلى نسجها الأول فخضبت بالسواد؟ فقلت هذه سُنّة نبينا، قال: ما جاء به البنون فليس فيه حيلة، قال: أخبرني؛ أنت خير أم أبوك؟ قال: أبي خير مني، قال: وأنت خير من ابنك؟ قلت: نعم، قال: وابنك خير من ابن ابنك؟ قلت: نعم، قال: الحمد لله الذي ظفرني بك يا شعبي، آخركم يكون قردة وخنازير إذا كنتم تزدادون في كل قَرن شرّاً.
هرب الشعبي من الحجاج بن يوسف حتى وقع إلى خراسان، فكتب عبد الملك إلى قتيبة بن مسلم في طلبه، وردِّه إلى حضرته. فلما ورد على عبد الملك خطّأه عبد الملك في أول مجلس جلس إليه في ثلاث: سمع من عبد الملك حديثاً فقال: أَكْتِبْنِيه يا أمير المؤمنين، فقال: نحن معاشرَ الخلفاء لا نُكتِب، وذكر الشعبي رجلاً فكناه فقال: نحن معاشر الخلفاء لا يُكنى في مجالسنا الناس، ودخل الأخطل على عبد الملك فدعا له
بكرسي، فقال له الشعبي: مَن هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: نحن الخلفاء فلا نُسأل، فأخجله.
قال الشعبي:
لما قدم الحجاج الكوفة قال لابن أبي مسلم: اعرض عليّ العرفاء، فعرضهم عليه، فرأى فيهم وُخْشاً من وَخْش الناس، قال: ويحك! هؤلاء خلفاء الغزاة في عيالهم؟! قال: نعم، قال: اطرحهم واغدُ علي بالقبائل، فغدا عليه بالقبائل على راياتها، فجعلوا يُعرَضون عليه، فإذا وقعت عينه على رجل دعاه، فدعا بالشعبيين، فمرت به السنّ الأولى، فلم يدع منهم أحداً. ومرّت السنّ الثانية فدعاني، فقال: من أنت؟ فأخبرته، فقال: اجلس، فجلست، فقال: قرأت القرآن؟ قلت: نعم: قال: فرضتّ الفرائض؟ قلت: نعم، قال: فما تقول في كذا وكذا، في قول أبي تراب؟ فأخبرته، فقال: أصبت، فقال لي: نظرت في العربية؟ فقتل: نعم. قال: رويت الشعر؟ قلت: قد نظرت في معانيه، قال: نظرت في الحساب؟ قلت: نعم، فقال ابن أبي مسلم: إنا لنحتاج إليه في بعض الدواوين، قال: رويت مغازي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت: نعم، قال: حدثني بحديث بدر، قال: فابتدأت له من رؤيا عاتكة حتى أذن المؤذن الظهر، ثم دخل وقال لي: لا تبرح، فخرج فصلى الظهر وأتممتها له، فجعلني عريفاً على الشعبيين، ومَنكِباً على جميع هَمْدان، وفرض لي في الشرف. فلم أزل عنده بأحسن منزلة حتى كان عبد الرحمن بن الأشعث، فأتاني قراء أهل الكوفة، فقالوا: يا أبا عمرو، إنك زعيم القراء، فلم يزالوا حتى خرجت معهم، فقمت بين الصَّفَّين أذكر الحجاج وأعيبه بأشياء قد علمتها، قال: فبلغني أنه قال: ألا تعجبون من هذا الشعبي الخبيث الذي جاءني وليس في الشرق من قومه، فألحقته بالشرف، وجعلته عريفاً على الشعبيين، ومَنكباً على جميع همدان، ثم خرج مع عبد الرحمن يحرض علي! أما لئن أمكن الله منه لأجعلن الدنيا عليه أضيق من مَسْك حَمَل. قال: فما لبثنا أن هربنا، فجئت إلى بيتي فدخلته،
فمكثت تسعة أشهر، الدنيا أضيق علي كما قال من مَسْك حَمَل. فندب الناس لخراسان، فقام قتيبة بن مسلم فقال: أنا لها، فعقد له على خراسان، وعلى ما غلب عليه منها، وأمّن له كل خائف. فنادى مناديه: من لحق بعسكر قتيبة فهو آمن. فجاءني شيء، لم يجئني شيء هو أشد منه، فبعثت مولى لي، فاشترى لي حماراً، وزودني، ثم خرجت مع العسكر، فلم أزل معه حتى أتينا فرغانة، فجلس ذات يوم وقد بَرِق، فعرفت ما يريد، فقلت: أيها الأمير، عندي علم ما تريد، قال: ومن أنت؟ قال: قلت: أعيذك ألا تسأل عن ذاك، قال: أجل، فعرف أني ممن يُخفي نفسه، فقال: فدعا بكتاب، فقال: اكتب نسخة، قلت: لستّ تحتاج إلى ذلك، فجعلت أملي عليه، وهو ينظر إلي حتى فرغت من كتاب الفتح، قال: فحملني على بغلة، وأرسل إلي بسَرَق من حرير، وكنت عنده بأحسن منزلة، فإني ليلة أتعشى معه إذا أنا برسول من الحجاج بكتاب فيه: إذا نظرت في كتابي هذا فإن صاحب كتابك عامرٌ الشعبي، فإن فاتك قطعت يدك على رجلك وعزلتك، قال: فالتفت إلي فقال: ما عرفتك قبل الساعة، فاذهب حيث شئت من الأرض، فوالله لأحلَفن له بكل يمين، قال: قلت: أيها الأمير، إن مثلي لا يخفى، فقال: أنت أعلم، قال: فبعثني إليه مع قوم وأوصاهم بي. قال: إذا نظرتم إلى خضراء واسط فاجعلوا في رجليه قيداً، ثم أدخِلوه على الحجاج. فلما دنوت من واسط استقبلني ابن أبي مسلم، فقال: يا أبا عمرو، إني لأضنّ بك على القتل، إذا دخلت على الأمير فقل كذا وقل كذا. قال: فسكتُ عنه، ثم دخلت على الحجاج، فلما رآني قال: لا مرحباً ولا أهلاً يا شعبي الخبيث، جئتني ولست في الشرف من قومك ولا عريفاً ولا مَنكباً، فألحقتك بالشرف، وجعلتك عريفاً على الشعبيِّين، ومَنكِباً على جميع هَمْدان، ثم خرجت مع عبد الرحمن تحرض عليّ! قال: وأنا ساكت لا أجيبه، قال: فقال لي: تكلّمْ. قال: قلت: أصلح الله الأمير، كل ما ذكرت من فعلك فهو على ما ذكرت، وكل ما ذكرت من خروجي مع عبد الرحمن فهو كما ذكرت،
ولكنا قد اكتحلنا بعدك السهر. وتحلَّسنا الخوفّ، ولم نكن مع ذلك بَرَرة أتقياء، ولا فجرة أقوياء، فهذا أوان حقنت لي دمي. واستقبلت بي التوبة. قال: قد حقنت دمك، واستقبلت بكل التوبة. قال: فقال ابن أبي مسلم: الشعبي كان أعلم بي مني حيث لم يقبل الذي قلت له.
ولي عامر قضاء الكوفة، ولاه عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب والي عمر بن عبد العزيز على العراق.
قال أبو السكن:
دخلت على الشعبي بالغداة، وهو يأكل خبزاً وجبناً فقلت: ما هذا يا أبا عمرو؟! فقال: آخذ حكمي قبل أن أخرج. يريد: قبل أن أخرج إلى مجلس القضاء حتى إذا حكم يكون شعبان.
قال عامر بن مسلم: إني لجالسُ في مسجد الكوفة ومعنا هذيل الأشجعي، والشعبي جالس في مجلس القضاء إذ مرت بنا أم جعفر بنت عيسى جراد - وكانت امرأة حسنة، وعليها كساء خزّ أسود - في مجلس القضاء في خصومة لها، فذهبت إليه ثم رجعت، فقال لها هذيل: ما صنعتِ؟ فقالت: سألني البيّنة، ومن يُسأل البينة فقد أفلح، فقال هذيل: دواة وقرطاس، فكتب إلى الشعبي: " مجزوء الرمل "
فُننِ الشعبي لما ... رفعَ الطرفَ إليها
فَتنَتْه ببَيانٍ ... كيف لورا معصمَيها؟
ومشت مشياً رويداً ... ثم هزّت مَنْكِبَيْها
بنتُ عيسى بن جرادٍ ... دفع الملكَ إليها
وقضى جَوْراً على الخَصْ ... مِ ولم يقضِ عليها
قالَ للجلوازِ: قدِّمْ ... ها وأحضِرْ شاهدَيْها
كيفَ لو أبصرَ منها ... نحرَها أو ساعدّيها
لَسعى حتى تراه ... ساجداً بينَ يديها
فلما قرأ الشعبي الكتاب قال: أرغم الله أنفه، ما قضينا إلا بحق.
وفي رواية أن الشعبي قال: إن كنتّ كاذباً فأعمى الله بصرك، قال: فعمي الرجل.
وفي رواية قال له عبد الملك: يا شعبي، بلغني أنه اختصم إليك امرأة وبعلها، فقضيت للمرأة على بعلها، فأخبرني عن قصتها، فأخبره، فقال له عبد الملك: ما صنعت به يا شعبي؟ قال: أوجعت ظهره حين جوّرني في شعره.
قال الشعبي لعُمر بن هُبَيرة: عليك بالتؤدة، فإنك على فِعل ما لم تفعل أقدر منك عل ردّ ما فعلت.
قال الشعبي: اتقوا الفاجر من العلماء، والجاهل من المتعبدين فإنهما آفة كل مفتون.
قال الشعبي: زَيْن العلم بحِلم أهلِه.
وقال: آفةُ خُلْفُ الموعد.
قال الشعبي: تعاشر الناس زماناً بالدين والتقوى، ثم رُفع ذلك فعاشروا بالحياء والتذمُّم، ثم رُفع ذلك فما يتعاشر الناس إلى بالرغبة والرهبة، وأظنه سيجيء ما هو شرّ من هذا.
قال الشعبي: الرجال ثلاثة: فرجلٌ، ونصف رجل، ولا شيء: فأما الرجل التام فالذي له رأي وهو يستشير، وأما نصف الرجل فالذي ليس له رأي وهو يستشير، وأما الذي لا شيء فالذي ليس له رأي ولا يستشير.
قال الشعبي: عيادة حمقى القراء أشدُّ على المريض من مريضهم، يجيئون في غيرِ حينِ عيادةٍ، ويطيلون الجلوس.
وزاد في حديث آخر: حتى يُضجروا العليل وأهله.
قال الشعبي: كنت مع قتيبة بن مسلم بخراسان على مائدته فقال لي: يا شعبي، من أيّ شراب أسقيك؟ قلت: أهونه موجوداً، وأعزه مفقوداً، قال: يا غلام، اسقه الماء.
سئل الشعبي عن رجل فقال: رزين المقعد، نافذ الطعنة، فزوَّجوه، ثم علموا أنه خياط، فقالوا للشعبي: غررتنا. قال: ما كذبتكم.
دخل رجل إلى مسجد ومع الشعبي امرأة فقال: أيكم الشعبي؟ فقال: هذه.
دخل الشعبي الحمام فرأى داود الأودي بلا مئزر، فغمَّض عينيه، فقال له داود: متى عميت يا أبا عمرو؟ قال: منذُ هتكَ الله سترك.
قال عامر بن يساف: قال لي الشعبي: امض بنا حتى نفرّ من أصحاب الحديث. قال: فمضينا حتى أتينا الجبانة. قال: فكوّم كومة ثم اتكأ عليها، فمرّ بنا شيخ من أهل الحيرة عِباديّ، فقال له الشعبي: يا عبادي، ما صنعتك؟ قال: رفّاء. قال: عندنا دنّ مكسور، ترفوه لنا؟ قال: إن هيأت لي سُلوكاً من رمل رفيتُ لك دّنَّك. قال: فضحك الشعبي حتى استلقى، ثم قال: هذا أحب إلينا من مجالسة أصحاب الحديث.
كان الشعبي ينشد: " البسيط "
أرى أناساً بأدنى الدينِ قد قنِعوا ... ولا أراهم رَضُوا في العيش بالدونِ
فاستغنِ باللهِ عن دنيا الملوكِ كما استغ ... نى الملوكُ بدنياهُم عنِ الدينِ
قال ابن ادريس: قلت لابن أبي الزناد: ما كان أبو الزناد يقول في الشعبي؟ قال: ما أفقهه! قلت: أين هو من أهل المدينة؟ قال: ولا مثل غلمانهم.
روى عبد الملك عن سعيد بن جبير قال: العمرة تطوُّع. قال فذكرته للشعبي فقال: هي واجبة، فقال سعيد بن جبير: كذب الشعبي.
قال زكريا بن يحيى الكندي:
دخلت على الشعبي وهو يشتكي، فقلت له: كيف تجدك؟ قال: أجدني وَجِعاً مجهوداً، اللهم، إني أحتسب نفسي عندك، فإنها أعزّ الأنفس عليّ.
وقيل: إنه مات فجأة.
قال إسماعيل بن أبي خالد: مرّ بي الشعبي وهو راكب على إكاف، ثم دخل داره، فصاحوا عليه: مات فجأة.
وعن أشعث بن سوّار قال: نعى لنا الحسن البصري الشعبيَّ فقال: كان والله ما علمتُ كثير العلم، عظيم الحلم، قديم السلم، من الإسلام بمكان.
توفي سنة ثلاث ومئة. وقيل: سنة أربع ومئة. وقيل: سنة خمس. وقيل: سنة ست. وقيل: سنة سبع. وقيل: سنة عشر ومئة، وسنّه سبع وسبعون. وقيل: جاوز الثمانين.
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to Ibn Manẓūr (d. 1311 CE) - Mukhtaṣar Tārīkh Dimashq - ابن منظور - مختصر تاريخ دمشق are being displayed.