Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=151456&book=5556#f2c5d7
طليحة بن خويلد بن نوفل
ابن نضلة بن الأشتر بن حَجْوان بن فقعس بن طَريف بن عمرو ابن قُعَين بن الحارث بن ثعلبة ابن دُودان ابن أسد بن خزيمة الأسدي الفقعسي كان ممن شهد من الأحزاب الخندق، ثم قدم على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة تسع، فأسلم، ثم أرتد، وادعى النبوة في عهد أبي بكر الصديق بأرض نجد، وكانت له مع المسلمين وقائع، ثم خذله الله، فهرب حتى لحق بأعمال دمشق، ونزل على آل جفنة، ثم أسلم، وقدم مكة معتمراً، أو حاجاً، ثم خرج إلى الشام مجاهداً، وشهد اليرموك، وشهد بعض حروب الفرس. وكان طليحة يُعَدّ بألف فارس، لشدته وشجاعته وبصره بالحرب.
وعن محمد بن كعب القرظي قال: قدم عشرة نفر من بني أسد وافدين على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة تسع، وفيهم طليحة بن خويلد، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس في المسجد مع أصحابه، فأسلموا، وقال متكلمهم: يا رسول الله، إنا شهدنا أن الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، وجئناك يا رسول الله، ولم تبعث إلينا بعثاً ونحن لمن وراءنا سلم. فأنزل الله تعالى: " يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ".
قالوا: فلما ارتدت العرب ارتد طليحة وأخوه سلمة فيمن ارتد من أهل الضاحية، وادعى طليحة النبوة، فلقيهم خالد بن الوليد ببُزاخة، فأوقع بهم، وهرب طليحة حتى قدم الشام، فأقام عند آل جفنة الغسانيين حتى توفي أبو بكر. ثم خرج محرماً بالحج، فقدم مكة. فلما رآه عمر قال: يا طليحة، لا أحبك بعد قتل الرجلين الصالحين
عكاشة بن مِحْصَن، وثابت بن أقرم، وكانا طليعتين لخالد بن الوليد فلقيهما طليحة وسلمة ابنا خويلد، فقتلاهما، فقال طليحة: يا أمير المؤمنين، رجلان أكرمهما الله بيدي، ولم يُهني بأيديهما، وما كل البيوت بنيت على الحب، ولكن صفحة جميلة، فإن الناس يتصافحون على الشنآن. وأسلم طليحة إسلاماً صحيحاً، ولم يُغمَص عليه في إسلامه. وشهد القادسية ونهاوند مع المسلمين. وكتب عمر أن شاوروا طليحة في حربكم ولا تُولُّوه شيئاً.
وكان طليحة في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنزل بسميراء، ودعا الناس إلى أمره، وأرسل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوادعه، فأرسل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرار بن الأزور، فقدم على سنان بن أبي سنان وعل قضاعي، ثم أتى بني ورقاء من بني الصيداء وفيهم بيت الصيداء وغيرها بكتاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمره إلى عوف بن فلان فأجابه وقبل آمره، وعسكر المسلمون بوارداتِ، واجتمعوا إلى سنان وقضاعي وضرار وعوف، وعسكر الكافرون بسميراء، واجتمعوا إلى طليحة، واجتمع ملأ عوف وسنان وقضاعي على أن دسُّوا لطليحة مخنف بن السليل الهالكي وكان بهمة، وكان قد أسلم فحسن إسلامه، وكان بقية بن الهالك، وكانوا قيوناً، ولهم يقول الشاعر: " الوافر "
جنوحُ الهالكي على يدَيْه ... مُكباً يجتلي ثقبَ النِّصالِ
وكان مخنف إذا هاجت حرب سار في القبائل يسنّ السيوف. وقالوا: لا تستنكر على حالها وشأنك طليحة، ففعل. فلما وقع إليهم أرسل إليه فأعطاه سيفه، فشحذه له، ثم قام به إليه، ورجال من قومه. فنام عليه، فطبق به هامته، فما خصه، وخرّ طليحة مغشياً عليه،
وأخذوه فقتلوه. فلما أفاق طليحة قال: هذا عمل ضرار وعوف، فأما سنان وقضاعي فإنهما تابعان لهما في هذا، وشاعت تلك الضربة في أسد وغطفان، وقالوا: لا يحيكُ في طليحة، ونما الخبر إلى المدينة، ومدت غطفان وأسد إليه أعناقهم، وصار فتنة لهم.
وفي حديث آخر: وما زال المسلمون في نماء، وما زال المشركون في نقصان حتى همَّ ضرار بالسَّير إلى طليحة، ولم يبق " أحد " إلا أخذه سَلَماً إلى أن ضرب ضربة بالجُراز، فنبا عنه، فشاعت في الناس، وأتى المسلمين وهم على ذلك موت سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال أناس لتلك الضربة: إن السلاح لا يَحيكُ في طليحة. فما أمسى المسلمون من ذلك اليوم حتى عرفوا النقصان، وأرفض الناس إلى طليحة، واستطار أمره.
عن الشعبي قال: لما ارتدت العرب بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عوامّ أو خواصّ، فارتدت أسد، واجتمعوا على طليحة واجتمعت عليه طيء. إلا ما كان من عدي بن حاتم، فإنه تعلق بالصدقات، فأمسكها، وجعل يكلم الغوث، وكان فيهم مطاعاً، فيتلطف لهم، ويترفق بهم، وكانوا قد استحلَوا أمر طليحة وأعجبهم، وقام عيينة في غطفان، فلم يزل بهم، حتى أجمعوا عليه. ثم أرسلوا وفوداً، وأرسل غيرهم، ممن حول المدينة وفوداً، فنزلوا على وجوه المهاجرين والأنصار ما خلا العباس، فإنه لم يُنزلهم ولم يطلب فيهم، فعرضوا أن يقيموا الصلاة، وأن يُعْفَوا من الزكاة، فخرج عمر، وعثمان، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وسعد، وأمثالهم يطلبون أبا بكر، فلم يجدوه في منزله، فسألوا عنه، فقيل: هو في الأنصار، فأتوه، فوجدوه فأخبروه الخبر، فقال لهم: أترَوْن ذلك؟ فقالوا جميعاً: نعم، حتى يسكن الناس، ويرجع الجنود، فلعمري لو قد رجعت الجنود لَسمحوا
بها، فقال: وهل أنا إلا رجل من المسلمين؟ ذهبوا بنا إليهم. فلما دخل المسجد نادى للصلاة جامعة. فلما تتامّوا إليه قام فحمد الله وأثنى عليه وقال: إنّ الله عزّ وجلّ توكل بهذا الأمر، فهو ناصرٌ من لزمه، وخاذلٌ مَن تركه، وإنه بلغني أن وفوداً من وفود العرب قدموا يعرضون الصلاة، ويأبَون الزكاة، ألا ولو أنهم منعوني عِقالاً مما أعطوه لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فرائضهم ما قبلته منهم. وفي حدث آخر: لو منعوني عِقالاً لجاهدتهم عليه. قال: وكانت عُقُل الصدقة على أهل الصدقة مع الصدقة. قال: ألا برئت الذمة من رجل من هؤلاء الوفود، أجد بعد يومه وليلته بالمدينة فتأبثوا يتخطون رقاب الناس حتى ما بقي منهم في المسجد أحد، ثم دعا نفراً فأمرهم بأمره، فأمر علياً بالقيام على نقب من أنقاب المدينة، وأمر الزبير بالقيام على نقب آخر، وأمر طلحة بالقيام على نقب آخر، وأمر عبد الله بن مسعود يعسّس ما وراء ذلك بالليل والارتباء نهاراً، وجدّ في أمره، وقام على رَجْل. قالوا: فرجع وفد من يلي المدينة من المرتدة إليهم، فأخبروا عشائرهم بقلة أهل المدينة، وأطمعوهم فيها، وجعل أبو بكر رضي الله عنه بعدما أخرج الوفد على أنقاب المدينة علياً، والزبير، وطلحة وعبد الله بن مسعود، وأخذ أهل المدينة بحضور المسجد، وقال لهم: إن الأرض كافرة، وقد رأى وفدهم منكم قلة، وإنكم
لا تدرون أليلاً تؤتون أو نهاراً، وأدناهم منكم على بريد، وقد كان القوم يؤملون أن نقبل منهم، ونوادعهم، وقد أبينا عليهم، فاستعدوا وأعدوا، فما لبثوا إلا ثلاثاً حتى طرقوا المدينة غارة مع الليل. وخلفوا نصفهم بذي حساً ليكونوا ردءاً لهم، فوافق الغوار الأنقاب وعليها المقاتلة، ودونهم أقوام يدرجون. فنهنهوهم، وأرسلوا إلى ابي بكر رضي الله عنه بالخبر، فأرسل إليهم أن الزموا مكانكم، ففعلوا، وخرج في أهل المسجد على النواضح إليهم، فانفشّ العدو، وأتبعهم المسلمون على إبلهم حتى بلغوا ذا حُساً، فخرج عليهم الرِّدء بأنحاء قد نفخوها، وجعلوا فيها الحبال ثم دهدهوها في وجوه الإبل بأرجلهم، فتدهدى كل نحي في طوَلِه، فنفرت إبل المسلمين وهم عليها، ولا تنفر من شيء نفارها من الأنحاء، ففاجت بهم ما يملكونها، حتى دخلت بهم المدينة، ولم يصرع مسلم، ولم يُصَب، فظن القوم بالمسلمين الوهن، وبعثوا إلى أهل ذي القصة بالخبر، فقدموا عليهم اغتماراً في الذين أخبروهم، وبات أبو بكر ليلته يتهيأ، فعبأ الناس، ثم خرج على تعبئته، من أعجاز ليلته، فما طلع الفجر إلا وهم والعدو بصعيد واحد، فما سمعوا للمسلمين حسّاً ولا همساً، حتى وضعوا فيهم السيوف واقتتلوا أعجاز ليلتهم. فما ذرّ قرن الشمس حتى ولوهم الأدبار، وغلبوهم على عامة ظهرهم، واتبعهم أبو بكر حتى نزل بذي القصة، وكان أول الفتح، فوضع بها النعمان بن مقرّن في عدد، ورجع إلى المدينة فذلّ بها المشركون، ووثب بنو ذبيان وعبس على من كان فيهم من المسلمين فقتلوهم كل قتلة، وفعل من وراءهم فعلهم، وعزّ المسلمون بوقعة أبي بكر رضي الله عنه، وحلف أبو بكر ليقتلَنّ في المشركين كل قتل. وليقتلن كل قبيلة قتلوا من المسلمين وزيادة، وازداد المسلمون ثباتاً على دينهم في كل قبيلة، وازداد المشركون أنفشاشاً عن أمرهم في كل قبيلة.
وطرقت المدينة صدقات نفر: صفوان والزبرقان وعدي بن حاتم: صفوان ثم
الزبرقان ثم عدي بن حاتم، وذلك لتمام ستين يوماً من مخرج أسامة. وقدم أسامة، فاستخلفه أبو بكر على المدينة وقال له ولجنده: أريحوا وارعَوا ظهركم. ثم خرج في الذين خرجوا إلى ذي القصة، والذين كانوا على الأنقاب على ذلك الظهر، فقال له المسلمون: ننشدك الله يا خليفة رسول الله أن تعرض نفسك، فإنك إن تُصب أمّرت آخر، فقال: والله لا أفعله ولأواسينكم بنفسي، فخرج في تعبئته إلى ذي حُساً وذي القصة، وكانت الوقعة. قال الزهري: لما استخلف أبو بكر وارتدّ من ارتدّ من العرب عن الإسلام خرج أبو بكر رضي الله عنه غازياً حتى إذا بلغ نَقْعاً من نحو البقيع خاف على المدينة، فرجع وأمرّ خالد بن الوليد سيف الله، وأمره أن يسير في ضاحية مضر فيقاتل من ارتد عن الإسلام منهم ثم يسير إلى اليمامة، فيقاتل مسيلمة الكذاب، فسار خالد بن الوليد فقاتل طليحة الكذاب الأسدي، فهزمه الله، وكان قد اتبعه عيينة بن حصن بن حذيفة. فلما رأى طليحة كثرة انهزام أصحابه قال: ويلكم! ما يهزمكم؟! قال رجل منهم: أنا أحدثك: ما يهزمنا أنه ليس منا رجل إلا وهو يحب أن يموت صاحبه قبله، وإنا لنلقى قوماً كلهم يحب أن يموت قبل صاحبه. وكان طليحة شديد البأس في القتال. فقتل طليحة يومئذ عكاشة بن محصن، وابن أقرم. فلما غلب الحق طليحة، ترجل ثم أسلم، وأهلّ بعمرة، فركب يسير في الناس آمناً حتى مرّ بأبي بكر بالمدينة، ثم نفذ إلى مكة، فقضى عمرته. استشهد طليحة بنهاوند سنة إحدى وعشرين مع النعمان بن مقرن وعمرو بن معدي كرب. ثم عدي بن حاتم، وذلك لتمام ستين يوماً من مخرج أسامة. وقدم أسامة، فاستخلفه أبو بكر على المدينة وقال له ولجنده: أريحوا وارعَوا ظهركم. ثم خرج في الذين خرجوا إلى ذي القصة، والذين كانوا على الأنقاب على ذلك الظهر، فقال له المسلمون: ننشدك الله يا خليفة رسول الله أن تعرض نفسك، فإنك إن تُصب أمّرت آخر، فقال: والله لا أفعله ولأواسينكم بنفسي، فخرج في تعبئته إلى ذي حُساً وذي القصة، وكانت الوقعة. قال الزهري: لما استخلف أبو بكر وارتدّ من ارتدّ من العرب عن الإسلام خرج أبو بكر رضي الله عنه غازياً حتى إذا بلغ نَقْعاً من نحو البقيع خاف على المدينة، فرجع وأمرّ خالد بن الوليد سيف الله، وأمره أن يسير في ضاحية مضر فيقاتل من ارتد عن الإسلام منهم ثم يسير إلى اليمامة، فيقاتل مسيلمة الكذاب، فسار خالد بن الوليد فقاتل طليحة الكذاب الأسدي، فهزمه الله، وكان قد اتبعه عيينة بن حصن بن حذيفة. فلما رأى طليحة كثرة انهزام أصحابه قال: ويلكم! ما يهزمكم؟! قال رجل منهم: أنا أحدثك: ما يهزمنا أنه ليس منا رجل إلا وهو يحب أن يموت صاحبه قبله، وإنا لنلقى قوماً كلهم يحب أن يموت قبل صاحبه. وكان طليحة شديد البأس في القتال. فقتل طليحة يومئذ عكاشة بن محصن، وابن أقرم. فلما غلب الحق طليحة، ترجل ثم أسلم، وأهلّ بعمرة، فركب يسير في الناس آمناً حتى مرّ بأبي بكر بالمدينة، ثم نفذ إلى مكة، فقضى عمرته. استشهد طليحة بنهاوند سنة إحدى وعشرين مع النعمان بن مقرن وعمرو بن معدي كرب.