40283. ذو اللحية الكلابي ابن عمرو بن قرط1 40284. ذو اللحية الكلاعي شريح بن عامر1 40285. ذو اللسانين1 40286. ذو المحاسن ابو محمد جعفر بن القاضي ابي عمر القاسم...1 40287. ذو النون المصري ثوبان بن إبراهيم1 40288. ذو النون بن إبراهيم140289. ذو النون بن ابراهيم ابو الفيض المصري...1 40290. ذو النون بن علي بن أحمد1 40291. ذو اليدين9 40292. ذو اليدين وهو ذو الشمالين بن عبد عمرو...1 40293. ذو اليدين ويقال ذو الشمالين1 40294. ذو جدن1 40295. ذو حوشب1 40296. ذو خيوان الهمداني1 40297. ذو دجن1 40298. ذو ظليم2 40299. ذو عمرو2 40300. ذو قربات1 40301. ذو قرنات4 40302. ذو كلاع ابو شراحيل ابن1 40303. ذو مخبر4 40304. ذو مخبر الحبشي1 40305. ذو مخبر الحبشي ابن اخي النجاشي1 40306. ذو مخمر ابن أخي النجاشي1 40307. ذو مخمر ابن اخي النجاشي1 40308. ذو مخمر الحبشي بن اخي النجاشي1 40309. ذو مخمر ويقال ذو مخيمر الحبشي1 40310. ذو مخمر وقيل ذو مخبر ابن اخي النجاشي...1 40311. ذو مران الهمداني1 40312. ذو مناحب1 40313. ذو منادح1 40314. ذو مهدم1 40315. ذو مهدم وذو جدن وذو مناح1 40316. ذو مهدم وذو مناحب وذو مخبر وذو دجن1 40317. ذو يزن الرهاوي1 40318. ذواد1 40319. ذواد بن علبة الحارثى الكوفى3 40320. ذواد العقيلي2 40321. ذواد العقيلي ان سعدا1 40322. ذواد العقيلي الجزري1 40323. ذواد بن علبة ابو المنذر الحارثي1 40324. ذواد بن علبة الحارثي2 40325. ذواد بن علبة الحارثي الكوفي1 40326. ذواد بن علية1 40327. ذواد بن علية ابو المنذر1 40328. ذواد بن علية ابو المنذر الحارثي الكوفي...1 40329. ذويب بن حبيب ابو قبيصة بن ذؤيب1 40330. ذويد1 40331. ذيال1 40332. ذيال بن حرملة الأسدي1 40333. ذيال بن حرملة الاسدي1 40334. ذيال بن عبيد بن حنظلة بن حذيم1 40335. ذيال بن عبيد بن حنظلة بن حذيم بن حنيفة...1 40336. ذيال بن محمد بن ذيال بن عامر1 40337. ذيال بن مسلم الشامي1 40338. رؤبة بن العجاج4 40339. رؤبة بن العجاج التميمي الراجز1 40340. رؤبة بن العجاج الشاعر1 40341. رؤبة بن العجاج بن رؤبة بن العجاج1 40342. رؤبة بن العجاح1 40343. رؤية بن العجاج1 40344. رئاب المزني1 40345. رئاب بن المهاجر الفهمي1 40346. رئاب بن حنيف1 40347. رئاب بن سليمان2 40348. رئاب بن عبد الله بن رؤبة1 40349. رئاب بن عبد الله بن روبة1 40350. رئاب بن مهشم1 40351. رئيس الرؤساء علي بن الحسن بن أبي الفرج بن المسلمة...1 40352. رائطة1 40353. رائطة المعروفة بزينب بنت عبد الله بن معاوية...1 40354. رائطة امراة عبد الله بن مسعود1 40355. رائطة بنت الحارث1 40356. رائطة بنت حيان1 40357. رائطة بنت سفيان1 40358. رائطة بنت سفيان بن الحارث الخزاعية1 40359. رائطة بنت عبد الله1 40360. رائطة بنت منبه بن الحجاج السهمي ام عبد الله...1 40361. رائع بن عبد الله المقدسي1 40362. رائعة بنت ثابت1 40363. رابة2 40364. رابعة العدوية أم عمرو بنت إسماعيل العتكية...1 40365. رابعة بنت إسماعيل1 40366. راشد14 40367. راشد السلمي أبو اثيلة حجازى1 40368. راشد أبو السرية1 40369. راشد أبو الكميت1 40370. راشد أبو سعد1 40371. راشد أبو سلمة الفزاري الأحمسي1 40372. راشد أبو محمد الحمانى1 40373. راشد ابو السرية2 40374. راشد ابو السرية اليمامي1 40375. راشد ابو الكميت2 40376. راشد ابو سعد1 40377. راشد ابو سلمة الصائغ الفزاري1 40378. راشد ابو سلمة الفزاري1 40379. راشد ابو سلمة الكوفي1 40380. راشد ابو شعيب السمان2 40381. راشد ابو كميت1 40382. راشد ابو محمد الحماني1 Prev. 100
«
Previous

ذو النون بن إبراهيم

»
Next
ذو النون بن إبراهيم
ويقال ابن أحمد اسمه ثوبان ويقال: اسمه الفيض أبو الفيض ويقال: أبو الفياض الإخميمي الصري الزاهد قدم الشام للسياحة، وطاف جبل لبنان، ودخل دمشق.
حدث عن الليث بن سعد بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنما الصبر عند الصدمة الأولى، واتقوا النالر ولو بشق تمرة.
كان ذو النون حكيماً، فصيحاً، عالماً. وأصلة من النوبة، وكان من قرية من قرى مصر يقال لها إخميم. ونزل مصر، وكان رجلاً ننحيفاً تعلوه صفرة، ليس بأبيض اللحية، وكان رئيس القوم، والمرجوع إليه، والمقبول على جميع الألسنة، وأول من عبر عن علوم المنازلات. ودخل بغداد، ونزل سر من رأى.
حمل إلى المتوكل على البريد، استحضره من مصر، فدخل عليه ووعظه. وكان أهل مصر يسمونه الزنديق، فلما مات أظلت الطير جنازته فاحترموا بعد ذلك قبره. ولما مرض ذو النون مرضه الذي مات فيه قيل له: ما تشتهي؟ قال: أن اعرفه قبل موتي بلح؟ ة، ولما مات وجد على قبره مكتوب: مات ذو النون حبيب الله من الشوق، بقتيل الله.
قال أبو عبد الله الهاشمي: دخل ذو النون المصري مسجد دمشق، فاجتمع مع سيد حمدويه، فدعانا بعض أبناء الدنيا إلى داره، فلما أكلنا قال صاحب الدار: هاهنا سماع فيكم، من يرغب؟ فقال ذو
النون: فهلاً قبل الطعام؛ أما علمت أن المقدحة إذا ابتلت لم تور.
وعن أيوب بن إبراهيم مؤذن ذي النون قال: كان أصحاب المطالب أتوا ذا النون، وخرج معهم إلى فقط وهو شاب؛ فاحتفروا قبراً فوجدوا فيه أشياء، ووجدوا لوحاً فيه اسم الله الأعظم، فأخذه ذو النون وسلم إليهم ماوجدوا.
قال يوسف بن الحسين: حضرت مجلس ذي النون يوماً وفيه سالم المغربي، فقالا له: يا أبا الفيض، ما كان سبب توبتك؟ قال: عجب لاتطيقه، فقال: سألتك بمعبودك إلا أخبرتني؟ فقال ذو النون: أردت الخروج من مصر إلى بعض القرى. فلما كنت في الصحاري نمت، ففتحت عيني وإذا أنا بطير يقال له القبرة، أعمى معلق بمكان ذكره، فسقط غلى الأرض، فانشقت الأرض فخرج منها سكرجتان، إحداهما ذهب والأخرى فضة، في إحداهما سمسم وفي الأخرى ماء. فجعل يأكل من هذا ويشرب من هذا. فقلت: حسبي قدت تبت، ولزمت الباب إلى أن قبلني.
قال علي بن حاتم الثماني بمصر: سمعت ذا النون يقول: القرآن كلام الله، غير مخلوق.
قال يوسف بن الحسين: سمعت ذا النون المصري يقول وقد سئل عن التوحيد فقال: أن تعلم أن قدرة الله في الأشياء بلا مزاج، وسنعته للأشياء بلا علاج، وعلة كل شيء صنعه، ولا علة لصنعه؛ وليس في السماوات العلى ولا في الأرضين السفلى مدبر غير الله؛ وكل ما تصور في وهمك فالله بخلاف ذلك.
قال عمر بن صدقة الحمال: كنت مع ذي النون يإخميم، فسمع صوت لهو ودقاف وأكبار، فقال: ما هذا؟
فقيل: عرس لبعض أهل المدينة؛ وسمع إلى جانبه بكاءً وصياحاً وولولةً فقال: ما هذا؟ فقالوا: فلان مات، فقال لي: يا عمر بن صدقة، أعطي هؤلاء فما شكروا، وابتلي هؤلاء فما صبروا، ولله علي إن بت في هذه المدينة. فخرج من ساعته من إخميم إلى الفسطاط.
قال أحمد بن جعفر السمسار: سمعت ذا النون يقول: دخلت إخميم الصعيد، فدخلت في بعض البراري، فسمعت صوتاً ولم أر شخصاًَ وهو يقول: يا أبا الفيض، أقبل علي، فاتبعت الصوت، فإذا أنا بوجه قد خرج من موضعه، فقال لي: أنت ذو النون المصري؟ فقلت: نعم، فقال لي: أنت زاهد أهل زمانك؟ قلت: يا عبد الله، كذا يقال؛ فقال لي: يا أبا الفيض، أليس يقولون: إن الدنيا ليس تسوى عند الله جناح بعوضة؟ فازهدوا في الآخرة خير لكم؛ فقلت له: وكيف نزهد في الآخرة؟ قال: تزهدون في جنتها ونارها، وترغبون في النظر إلى الله جلت عظمته. ثم أمسك عني ورجعت.
قال يوسف بن الحسين الرازي: سمعت ذا النون المصري يقول: وجدت صخرة ببيت المقدس، عليها أسطر مكتوب، فجئت من يترجمها فإذا عليها مكتوب: كل عاص مستوحش؛ وكل مطيع مستأنس؛ وكل خائف هارب؛ وكل راج طالب؛ وكل قانع غني؛ وكل محب ذليل. ففكرت في هذه الأحرف، فإذا هي أصول لكل ما استعبد الله عز وجل به الخلق.
حدث أحمد بن رجاء بمكة قال: سمعت ذا الكفل المصري وهو أخو ذي النون يقول: دخل غلام لذي النون إلى بغداد، فسمع قوالاً يقول، فصاح غلام لذي النون صيحةً فخر ميتا؛ فاتصل الخبر بذي النون، فدخل إلى بغداد فقال: علي بالقوال، واسترده الأبيات، فصاح ذو النون صيحةً فمات القوال. ثم خرج ذو النون وهو يقول: النفس بالنفس والجروح قصاص.
قال عبد الرحمن بن بكر: سمعت ذا النون المصري يقول: من ذكر الله ذكراً على الحقيقة، نسي في جنب ذكره كل شيء، وحفظ الله عليه كل شيء، وكان له عوضاً عن كل شيء.
قال يوسف بن الحسين: قيل لذي النون: بم عرفت ربك؟ فقال: عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي.
قال محمد بن الحسين الجوهري: سمعت ذا النون يقول وقد جاءه رجل فقال: ادع الله لي، فقال: إن كنت قد أيدت في علم الغيب بصدق التوحيد فكم من دعوة مجابة قد سبقت لك، وإلا فإن النداء لا ينقذ الغرقى.
قال أبو محمد نعمان بن موسى الجيزي: رأيت ذا النون المصري وقد تقاتل اثنان، أحدهما من أولياء السلطان؛ فعدا الذي من الرعية عليه فكسر ثنيته، فتعلق الجندي بالرجل فقال: بيني وبينك الأمير، فجاوزا بذي النون، فقال لهم الناس: اصعدوا إلى الشيخ، فصعدوا، فعرفوه ما جرى، فأخذ السن فبلها بريقه وردها إلى فم الرجل في الموضع الذي كانت فيه، وحرك شفتيه، فتعلقت بإذن الله، فبقي الرجل يقيس فاه، فلم يجد الأسنان إلا سواء.
قال أحمد بن محمد السلمي: دخلت على ذي النون المصري يوماً فرأيت بين يديه طستاً من ذهب، وحوله الند والعنبر يسجر، فقال لي: أنت ممن يدخل على الملوك في حال بسطهم؟ ثم أعطاني درهماً أنفقت منه إلى بلخ.
قال يوسف بن الحسين: سمعت ذا النون يقول: قال الله تعالى: " من كان لي مطيعاً كنت له ولياً، فليثق بي وليحلم علي؛ فوعزتي لو سألني زوال الدنيا لأزلتها له.
قال محمد بن يعقوب الفرجي: رأيت ليلةً ذا النون التف في عباءة ورمى بنفسه طويلاً، ثم كشف عن وجهه العباءة، ونظر إلى السماء فقال: اللهم إنك تعلم أن كثرة استغفاري مع منامي على الذنوب لؤم؛ ثم غطى رأسه طويلاً، ثم كشف عن وجهه ونظر إلى السماء وقال: اللهم إنك تعلم أني أعلم أن تركي الاستغفار مع علمي بسعة رحمتك عجز.
قال يوسف بن الحسين: سئل ذو النون عن الاستغفار فقال: يا أخي الاستغفار اسم جامع لمعان كثيرة؛ أولهن الندم على ما مضى؛ والثاني العزم على ترك الرجوع إلى الذنوب؛ والثالث أداء كل فرض ضيعته فيما بينك وبين الله عز وجل؛ والرابع أداء المظالم إلى المخلوقين في أموالهم وأعراضهم أو مصالحتهم عليها؛ والخامس إذابة كل لحم ودم نبت من الحرام؛ والسادس إذاقة البدن ألم الطاعات كما ذاق حلاوة المعصية.
قال يوسف بن الحسين الرازي: سمعت ذا النون المصري يقول: أنا أسير قدرتك فاجعلني طليق رحمتك.
قال إسحاق بن إبراهيم السرخسي: سمعت ذا النون يقول وفي يده الغل، وفي رجليه القيد، وهو يساق إلى المطبق، والناس يبكون حوله وهو يقول: هذا من مواهب الله ومن عاطاياه، وكل فعل له حسن طيب؛ ثم أنشد:
لك من قلبي المكان المصون ... كل لوم علي فيك يهون
لك غرم بأن أكون قتيلاً ... فيك والصبر عنك مالا يكون
قال عمرو السراج: قلت لذي النون: كيف كان خلاصك من المتوكل وقد أمر بقتلك؟ قال: لما أوصلني الغلام إلى الستر رفعه ثم قال: ادخل، فإذا المتوكل في غلالة مكشوف الرأس،
وعبيد الله قائم على رأسه، متكئ على السيف؛ وعرفت في وجوه القوم الشر، ففتح لي باب فقلت في نفسي: يا من ليس في السماوات قطرات، ولا في البحار قطرات، ولا في ذيل الرياح دلجات، ولا في الأرض خبيئات، ولا في قلوب الخلائق خطرات، ولا في أعضائهم حركات، ولا في عيونهم لحظات إلا وهي ساهرات، وعليك دالات وبربوبيتك معترفات، وفي قدرتك متحيرات؛ فبالقدرة التي تحير بها من في الأرضين ومن في السماوات إلا صليت على محمد وعلى آل محمد وأخذت قلبه عني. قال: فقام المتوكل يخطو حتى اعتنقني ثم قال: أتعبناك يا أبا الفيض، إن تشأ أن تقيم عندنا فأقم، وإن تشأ أن تنصرف فانصرف. فاخترت الانصراف.
قال يوسف بن الحسين: سئل ذو النون المصري عن معنى قوله عز وجل: " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان "؟ قال: معناه: هل جزاء من أحسنت إليه إلا أن أحفظ إحساني عليه، فيكون إحساناً إلى إحسان.
وكان ذو النون يقول: ثلاثة من أعلام اليقين: النظر إلى الله في كل شيء؛ والرجوع إليه في كل شيء؛ والاستعانة به في كل حال.
قال أبو الحسين المهلبي: قال ذو النون: علامة السعادة للعبد ثلاث: متى زيد في عمره نقص من حرصه؛ ومتى ما زيد في ماله زاد هو في سخائه وبذله؛ ومتى ما زيد في قدره زاد في تواضعه. وعلامة الشقاء ثلاث: متى ما زيد في عمره زيد في حرصه؛ ومتى ما زيد في ماله زيد في بخله؛ ومتى ما زيد في قدره زيد في تجبره وكبره.
وكان يقول: من وثق بالمقادير لم يغتم. وقال: من عرف الله رضي بالله وسر بما قضى الله.
وقال ذو النون: ما أعز الله عبداً بعز هو أعز له من أن يدله على ذل نفسه، وما أذل الله عبداً بذل هو أذل له من أن يحجبه عن ذل نفسه.
قال رجل لذي النون: الدنيا لمن؟ قال: لمن تركها، قال الآخرة؟ قال: لمن طلبها. وكان ذو النون يقول: من علامة المحب لله ترك كل ما يشغله عن الله، حتى يكون الشغل بالله وحده؛ ثم قال: من علامة المحبين لله أن لا يأتوا بسواه ولا يستوحشوا معه، ثم قال: إذا سكن حب الله القلب أنس بالله، لأن الله أجل في قلوب العارفين من أن يحبوا سواه.
قيل لذي النون: متى يأنس العبد بربه؟ قال: إذا خافه أنس به، أما علمتم أنه من واصل الذنوب نحي عن باب المحبوب. وكان يقول: ما رجع من رجع إلا من الطريق، ولو وصلوا إليه ما رجعوا. فازهد في الدنيا تر العجب.
كان ذو النون يقول: ثلاثة مفقودة، وثلاثة موجودة: العلم موجود، والعمل بالعلم مفقود؛ والعمل موجود، والإخلاص فيه مفقود؛ والحب موجود، والصدق فيه مفقود.
قال ذو النون: علامة أهل الجنة خمس: وجه حسن؛ وخلق حسن؛ وقلب رحيم؛ ولسان لطيف؛ واجتناب المحارم.
وكان يقول: ليس العجب ممن ابتلي فصبر، وإنما العجب ممن ابتلي فرضي. وكان ذو النون يقول: الناس كلهم موتى إلا العلماء، والعلماء كلهم نيام إلا العاملون، والعاملون كلهم مغترون إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم؛ قال الله عز وجل: " ليسأل الصادقين عن صدقهم ".
وكان يقول: ترك الرياء للرياء أقبح من كل رياء. وقال: أمت نفسك أيام حياتك لتحيا بين الأموات بعد وفاتك. وقال: الخوف رقيب العمل، والرجاء شفيع المحن.
سئل ذو النون عن التوبة فقال: توبة العوام من الذنوب؛ وتوبة الخواص من الغفلة.
قال عبد الباري: سألت ذا النون رحمه الله فقلت: لم صير الموقف بالمشعر الحرام ولم يصير بالحرم؟ فقال لي: الكعبة بيت الله، والحرم حجابه، والموقف بابها؛ فلما قصده الوافدون أوقفهم بالباب يتضرعون، فلما أذن لهم بالدخول أوقفهم بالحجاب الثاني وهو المزدلفة؛ فلما نظر إلى طول تضرعهم له أمرهم بتقريب قربانهم، حتى إذا قربوا قربانهم وقضوا تفثهم وتطهروا من الذنوب التي كانت لهم حجاباً دونه أمرهم بالزيارة على طهارة. قلت: يا أبا الفيض، فلم كره الصوم أيام التشريق؟ فقال: القوم في ضيافة الله، فلا ينبغي للرجل أن يصوم عند من ضاف به. قلت: فما بال القوم يتعلقون بأستار الكعبة؟ فقال: مثل ذلك كمثل رجل له على رجل دين، فهو يتعلق بثوبه ويخضع له رجاء أن يهب له ذلك الدين.
قال يوسف بن الحسين الرازي: سمعت ذا النون يقول: كنت في الطواف فإذا أنا بجاريتين قد أقبلتا فتعلقت إحداهما بأستار الكعبة، فإذا هي تقول:
أما لفتاة حرد الهجر بينها ... وبين الذي تهواه يا رب من وصل
حججت ولم أحجج لسوء عملته ... ولكن لتعذيبي على قاطع الحبل
ذهبت بعقلي في هواه صغيرةً ... فقد كبرت سني فرد به عقلي
وإلا فساو الحب بيني وبينه ... فإنك يا مولاي توصف بالعدل
قال: فصحت بها وقلت: ويحك! أمثل هذا الشعر يقال لله عز وجل؟! فقالت: إليك عني يا ذا النون، فلو أطلعك الخبير على الضمير لرحمت من عذلت؛ ثم وثبت الأخرى فقالت: يا ذا النون؛ لأقولن أعجب من هذا، ثم أنشأت تقول:
صبرت وكان الصبر خير مغبة ... وهل جزع يجدي علي فأجزع؟
صبرت على ما لو تحمل بعضه ... جبال شرورى أصبحت تتصدع
ملكت دموع العين ثم رددتها ... إلى ناظري فالعين في القلب تدمع
فقلت: مماذا يا جارية؟ فقالت: من مصيبة نالتني، لم تصب أحداً قط؛ قلت: وما هي؟ قالت: كان لي شبلان يلعبان أمامي، وكان أبوهما ضحى بكبش، فقال أحدهما
لأخيه: يا أخيه، أريك كيف ضحى أبونا بكبشه؟ فنام أحدهما، فأخذ الآخر الشفرة فنحره، وهرب القاتل؛ فدخل أبوهما، فقلت: إن ابنك قتل أخاه وهرب؛ فخرج في طلبه، فوجده قد افترسه السبع، فرجع الأب فمات في الطريق ظمأً وجوعاً، وكان له طفل صغير، وكنت أطبخ قدراً، فغفلت عنه فسقط القدر عليه فمات حرقاً. قال ذو النون: فلم أسمع بشيء أعجب من ذلك.
قيل لذي النون عند النزع: أوصنا، فقال: لا تشغلوني فإني متعجب من محاسن لطفه.
توفي ذو النون سنة خمس وأربعين ومئتين. وقيل: مات بالجيزة وحمل في مركب وعدي به إلى الفسطاط خوفاً عليه من زحمة الناس على الجسر. ودفن في مقابر أهل المعافر سنة ست وأربعين ومئتين. وقيل: سنة ثمان وأربعين ومئتين.
قال أبو بكر بن زبان: وقفت في حمام الغلة بمصر وقد جاؤوا بنعش ذي النون، فرأيت طيوراً خضراً تزقزق عليه إلى أن وصل إلى قبره، فلما دفن غابت.