33455. جواب بن عثمان الاسدي2 33456. جواب بن عبيد الله التيمي الكوفي1 33457. جواد بن عمرو الصدفي ثم العريفي1 33458. جواد بن عمرو بن محمد1 33459. جوال1 33460. جوامع حديث مقتل الحسين133461. جوثة بن ابي جوثة1 33462. جوثة بن عبيد1 33463. جوثة بن عبيد المدنى1 33464. جوثة بن عبيد المدني الديلي1 33465. جوثة بن عبيدة المزني1 33466. جودان7 33467. جوذان1 33468. جون بن بشير2 33469. جون بن بشير العبدي1 33470. جون بن قتادة6 33471. جون بن قتادة التميمي5 33472. جون بن قتادة بن الأعور1 33473. جون بن قتادة بن الأعور بن ساعدة1 33474. جوهر أبو الحسن الرومي المعزي1 33475. جوهر زوجة ابي عبد الله البراثي1 33476. جويبر2 33477. جويبر العبدي1 33478. جويبر بن سعد1 33479. جويبر بن سعيد3 33480. جويبر بن سعيد ابو القاسم الازدي الخراساني البلخي...1 33481. جويبر بن سعيد ابو القاسم البلخي1 33482. جويبر بن سعيد الأزدي1 33483. جويبر بن سعيد الازدي الخراساني1 33484. جويبر بن سعيد البلخي3 33485. جويبر بن سعيد الخراساني1 33486. جوية بن عائذ ويقال بن عاتك1 33487. جويرة بن عبيد بن مخارق1 33488. جويرية أم المؤمنين بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية...1 33489. جويرية العصري3 33490. جويرية بن أسماء1 33491. جويرية بن أسماء بن عبيد2 33492. جويرية بن أسماء بن عبيد الضبعي1 33493. جويرية بن أسماء بن عبيد بن مخراق1 33494. جويرية بن اسماء2 33495. جويرية بن اسماء بن عبيد1 33496. جويرية بن اسماء بن عبيد بن مخارق1 33497. جويرية بن اسماء بن عبيد بن مخراق2 33498. جويرية بن اسماء بن عبيد بن مخراق الضبعي...1 33499. جويرية بن بشير الهجيمي البصري1 33500. جويرية بن بشير البصري الهجيمي1 33501. جويرية بن بشير الهجيمي1 33502. جويرية بن قدامة التميمي4 33503. جويرية بنت أبي جهل1 33504. جويرية بنت أبي سفيان1 33505. جويرية بنت أبي سفيان صخر بن حرب1 33506. جويرية بنت ابي جهل1 33507. جويرية بنت ابي جهل بن هشام اسلمت1 33508. جويرية بنت الحارث3 33509. جويرية بنت الحارث ابن ابي ضرار بن الحارث...1 33510. جويرية بنت الحارث بن ابي ضرار1 33511. جويرية بنت الحارث بن ابي ضرار الخزاعي...1 33512. جويرية بنت الحارث بن ابي ضرار بن الحارث...1 33513. جويرية بنت الحارث بن ابي ضرار بن حبيب...1 33514. جويرية بنت الحارث بن ابي ضرار بن حبيب بن عائد بن مالك بن خزيمة بن...1 33515. جويرية بنت المجلل2 33516. جويرية بنت الحارث بن ابي ضرار1 33517. جويريه بن قدامة التميمي1 33518. جوين1 33519. جوين العبدي ابوابي هارون العبدي1 33520. جوين بن ضمرة القشيري ابو عمر البصري1 33521. جياش أبو فاتك بن نجاح الحبشي1 33522. جيش بن خمارويه بن أحمد بن طولون1 33523. جيش بن محمد بن صمصامة أبو الفتح المغربي...1 33524. جيفر بن الجلندي2 33525. جيفر بن الجلندي اليماني1 33526. جيلان بن فروة ابو الجلد الاسدي البصري...1 33527. جيلان بن أبي فروة1 33528. جيلان بن فروة أبو الجلد1 33529. جيلان بن فروة ابو الجلد1 33530. حابس1 33531. حابس ابو حية التميمي1 33532. حابس التميمي5 33533. حابس الطائي1 33534. حابس بن دغنة الكلبي2 33535. حابس بن ربيعة التميمي2 33536. حابس بن ربيعة اليماني1 33537. حابس بن سعد1 33538. حابس بن سعد الطائي7 33539. حابس بن سعد ويقال ابن ربيعة1 33540. حاتم الخراساني الاصم1 33541. حاتم الأصم بن عنوان بن يوسف البلخي1 33542. حاتم اللجام1 33543. حاتم بن أبي صغيرة2 33544. حاتم بن أبي صغيرة أبو يونس القشيري1 33545. حاتم بن أبي نصر القنسرينى1 33546. حاتم بن إسماعيل3 33547. حاتم بن إسماعيل الكوفي1 33548. حاتم بن إسماعيل الكوفي ثم المدني1 33549. حاتم بن ابراهيم الخلال المروزي1 33550. حاتم بن ابي صغيرة3 33551. حاتم بن ابي صغيرة ابو يونس القشيري1 33552. حاتم بن ابي صغيرة القشيري1 33553. حاتم بن ابي صغيرة بن يونس القشيري الباهلي...1 33554. حاتم بن ابي صغيرة وابو صغيرة ابو امه1 Prev. 100
«
Previous

جوامع حديث مقتل الحسين

»
Next
جوامع حديث مقتل الحسين عن جماعة رواة
قالوا: لما بايع معاوية بن أبي سفيان الناس بن معاوية، كان حسين بن علي بن أبي طالب ممن لم يبايع له، وكان أهل الكوفة يكتبون إلى حسين، يدعونه إلى الخروج إليهم في خلافة معاوية، كل ذلك يأبى.
فقدم منهم قوم إلى محمد بن الحنفية، وطلبوا إليه أن يخرج معهم فأبى، وجاء إلى الحسين فأخبره بما عرضوا عليه، وقال: إن القوم إنما يريدون أن يأكلوا بنا، ويشيطوا
دماءنا، فأقام حسين على ما هو عليه من الهموم، مرة يريد أن يسير إليهم، ومرة يجمع الإقامة.
فجاءه أبو سعيد الخدري فقال: يا أبا عبد الله، إني لكم ناصح، وإني عليكم مشفق، وقد بلغني أنه كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة، يدعونك إلى الخروج إليهم، فلا تخرج فإني سمعت أباك يقول بالكوفة: والله لقد مللتهم وأبغضتهم، وملوني وأبغضوني، وما بلوت منهم وفاء، ومن فاز بهم، فاز بالسهم الأخيب، والله ما لهم ثبات ولا عزم أمر، ولا صبر على السيف.
قال: وقدم المسيب بن نجبة الفزاري وعدة معه إلى الحسين بعد وفاة الحسن، فدعوه إلى خلع معاوية، وقالوا: قد علمنا رأيك ورأي أخيك. فقال: إني أرجو أن يعطي الله أخي على نيته في حبه للكف، وأن يعطيني على نيتي في حبي جهاد الظالمين.
وكتب مروان بن الحكم إلى معاوية: إني لست آمن أن يكون حسين مرصداً للفتنة، وأظن يومكم من حسين طويلاً.
فكتب معاوية إلى الحسين: إن من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء، وقد أنبئت أن قوماً من أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق، وأهل العراق من قد جربت، قد أفسدوا على أبيك وأخيك، فاتق الله واذكر الميثاق، فإنك متى تكدني أكدك.
فكتب إليه الحسين: أتاني كتابك، وأنا بغير الذي بلغك عني جدير، والحسنات لا يهدي لها إلا الله، وما أردت لك محاربة، ولا عليك خلافاً، وما أظن لي عند الله عذراً في ترك جهادك، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر هذه الأمة.
فقال معاوية: إن أثرنا بأبي عبد الله إلا أسداً.
وكتب إليه معاوية أيضاً في بعض ما بلغه عنه: إني لأظن أن في رأسك نزوة فوددت أني أدركها فأغفرها لك.
ولما حضر معاوية دعا يزيد بن معاوية، فأوصاه بما أوصاه به، وقال له: انظر حسين بن علي ابن فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه أحب الناس إلى الناس فصل رحمه،
وارفق به يصلح لك أمره، فإن يك منه شيء فإني أرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه.
وتوفي معاوية نصف رجب سنة ستين، وبايع الناس يزيد.
فكتب يزيد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري عامر بن لؤي إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وهو على المدينة: أن ادع الناس فبايعهم وابدأ بوجوه قريش، وليكن أول من تبدأ به الحسين بن علي فإن أمير المؤمنين، رحمه الله، عهد إلي في أمره للرفق به واستصلاحه.
فبعث الوليد من ساعته نصف الليل إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير فأخبرهما بوفاة معاوية، ودعاهما إلى البيعة ليزيد، فقالا: نصبح وننظر ما يصنع الناس، ووثب الحسين فخرج، وخرج معه ابن الزبير، وهو يقول: هو يزيد الذي نعرف، والله ما حدث له حزم ولا مروءة، وقد كان الوليد أغلظ للحسين، فشتمه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه، فقال الوليد: إن هجنا بأبي عبد الله إلا أسداً. فقال له مروان أو بعض جلسائه: اقتله، قال: إن ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف.
فلما صار الوليد إلى منزله قالت له امرأته أسماء بنة عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أسببت حسيناً؟ قال: هو بدأ فسبني، قالت: وإن سبك حسين تسبه، وإن سب أباك تسب أباه؟ قال: لا.
وخرج الحسين وعبد الله بن الزبير من ليلتهما إلى مكة، وأصبح الناس، فغدوا على البيعة ليزيد، وطلب الحسين وابن الزبير فلم يوجدا، فقال المسور بن مخرمة: عجل أبو عبد الله، وابن الزبير الآن يلفته ويزجيه إلى العراق ليخلو بمكة.
فقدما مكة، فنزل الحين دار العباس بن عبد المطلب، ولزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري، وجعل يحرض الناس على بني أمية، وكان يغدو ويروح إلى الحسين،
ويشير عليه أن يقدم العراق، ويقول: هم شيعتك وشيعة أبيك، فكان عبد الله بن عباس ينهاه عن ذلك، ويقول: لا تفعل.
وقال له عبد الله بن مطيع: إني فداك أبي وأمي، متعنا بنفسك، ولا تسر إلى العراق، فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذنا خولاً وعبيداً.
ولقيهما عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس بن أبي ربيعة بالأبواء منصرفين من العمرة، فقال لهما ابن عمر: أذكركما الله إلا رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس، وتنظرا، فإن اجتمع الناس عليه لم تشذا، وإن افترق عليه كان الذي تريدان.
وقال ابن عمر لحسين: لا تخرج، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيره الله بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنك بضعة منه، ولا تنالها يعني الدنيا فاعتنقه وبكى وودعه.
فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين بن علي بالخروج، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له ألا يتحرك ما عاش، وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس، فإن الجماعة خير.
وقال له ابن عباس: أين تريد يا بن فاطمة؟ قال: العراق وشيعتي، فقال: إني لكاره لوجهك هذا، تخرج إلى قوم قتلوا أباك، وطعنوا أخاك حتى تركهم سخطة وملة لهم، أذكرك الله أن تغرر بنفسك.
وقال أبو سعيد الخدري: غلبني الحسين بن علي على الخروج وقد قلت له: اتق الله في نفسك، والزم بيتك، فلا تخرج على إمامك.
وقال أبو واقد الليثي: بلغني خروج الحسين، فأدركته بملل فناشدته الله ألا يخرج، فإنه يخرج في غير وجه خروج، إنما يقتل نفسه، فقال: لا أرجع.
وقال جابر بن عبد الله: كلمت حسيناً فقلت: اتق الله، ولا تضرب الناس بعضهم ببعض، فوالله ما حمدتم ما صنعتم. فعصاني.
وقال سعيد بن المسيب: لو أن حسيناً لم يخرج لكان خيراً له.
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: قد كان ينبغي لحسين أن يعرف أهل العراق، ولا يخرج إليهم، ولكن شجعه على ذلك ابن الزبير.
وكتب إليه المسور بن مخرمة: إياك أن تغتر بكتب أهل العراق، ويقول لك ابن الزبير: الحق بهم فإنهم ناصروك، إياك أن تبرح الحرم، فإنهم إن كانت لهم بك حاجة، فسيضربون آباط الإبل حتى يوافوك، فتخرج في قوة وعدة. فجزاة خيراً، وقال: أستخير الله في ذلك.
وكتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن تعظم عليه ما يريد أن يصنع، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه. وتقول: أشهد لحدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يقتل حسين بأرض بابل.
فلما قرأ كتابها قال: فلا بد لي إذاً من مصرعي. ومضى.
وأتاه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: يا بن عم، إن الرحم تظأرني عليك، وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك، قال: يا أبا بكر: ما أنت ممن تستغش ولايتهم، فقل. قال: قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك، وأنت تريد أن تسير إليهم، وهم عبيد الدنيا، فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك، ويخذلك من أنت أحب إليه ممن ينصرهن فأذكرك الله في نفسك، فقال: جزاك الله يا بن عمر خيراً، فقد اجتهدت، ومهما يقض الله من أمر يكن، فقال أبو بكر إنا لله، عند الله نحتسب أبا عبد الله.
وكتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب إليه كتاباً يحذره أهل الكوفة، ويناشده الله
أن يشخص إليهم. فكتب إليه الحسين: إني رأيت رؤيا، ورأيت فيها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمرني بأمر أنا ماضٍ له، ولست بمجبر بها أحداً حتى ألاقي عملي.
وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص: إني أسأل الله أن يلهمك رشدك، وأن يصرفك عما يرديك، بلغني أنك قد اعتزمت على الشخوص إلى العراق، فإني أعيذك بالله من الشقاق، فإن كنت خائفاً فأقبل إلي، فلك عندي الأمان، والبر والصلة.
فكتب إليه الحسين: إن كنت أردت بكتابك إلي بري وصلتي، فجزيت خيراً في الدنيا والآخرة، وإنه لم يشاقق من دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، وخير الأمان أمان الله، ولم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآخرة عنده.
وكتب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن عباس يخبره بخروج حسين إلى مكة ويحسبه جاءه رجال من أهل هذا المشرق فمنوه الخلافة وعندك منهم خبرة وتجربة، فإن كان فعل فقد قطع واشج القرابة، وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه، فاكففه عن السعي في الفرقة.
وكتب بهذه الأبيات إليه وإلى من بمكة والمدينة من قريش: من البسيط
يا أيّها الراكب الغادي لطيّته ... على عذافرةٍ في سيرها قحم
أبلغ قريشاً على نأي المزار بها ... بيني وبين حسين الله والرّحم
وموقفٌ بفناء البيت أنشده ... عهد الإله وما توفى به الذّمم
عنّيتم قومكم فخراً بأمّكم ... أمّ لعمري حصان برّة كرم
هي التي لا يداني فضلها أحدٌ ... بنت الرسول، وخير الناس قد علموا
وفضلها لكم فضل وغيركم ... من قومكم لهم في فضلها قسم
إني لأعلم أو ظنا كعالمه ... والظنّ يصدق أحياناً فينتظم
أن سوف يترككم ما تدّعون بها ... قتلى تهاداكم العقبان والرّخم
يا قومنا لا تشبّوا الحرب إذ سكنت ... ومسكوا بحبال السّلم واعتصموا
قد غرّت الحرب من قد كان قبلكم ... من القرون وقد بادت بها الأمم
فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخاً ... فرب ذي بذخٍ زلت به القدم
قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس: إني لأرجو ألا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه، ولست أدع النصيحة له في كل ما يجمع الله به الألفة ويطفئ به الثائرة.
ودخل عبد الله بن العباس على الحسين، فكلمه ليلاً طويلاً، وقال: أنشدك الله أن تهلك غداً بحال مضيعة، لا تأتي العراق، وإن كنت لا بد فاعلاً فأقم حتى ينقضي الموسم وتلقى الناس، وتعلم على ما يصدرون، ثم ترى رأيك، وذلك في عشر ذي الحجة سنة ستين، فأبى الحسين إلا أن يمضي إلى العراق.
فقال له ابن عباس: والله إني لأظنك ستقتل غداً بين نسائك وبناتك، كما قتل عثمان بين نسائه وبناته، والله إني لأخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان، فإنا لله وإنا إليه راجعون. فقال: أبا العباس، إنك شيخ قد كبرت.
فقال ابن عباس: لولا أن يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك، ولو أعلم أننا إذا تناصينا أقمت لفعلت، ولكن لا إخال ذلك نافعي.
فقال له الحسين: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي أن تستحل بي يعني مكة.
قال: فبكى ابن عباس وقال: أقررت عين ابن الزبير، فذاك الذي سلى بنفسي عنه.
ثم خرج عبد الله بن عباس من عنده وهو مغضب وابن الزبير على الباب، فلما رآه قال: يا بن الزبير قد أتى ما أحببت، قرت عينك؟ هذا أبو عبد الله يخرج ويتركك والحجاز: من الرجز.
يالك من قبّرةٍ بمعمر
خلالك الجوّ فبيضي واصفري
ونقّري ما شئت أن تنقّري
وبعث حسين إلى المدينة، فقدم عليه من خف معه من بني عبد المطلب، وهم تسعة عشر رجلاً ونساء وصبيان من إخوانه وبناته ونسائهم، وتبعهم محمد بن الحنفية فأدرك حسيناً بمكة، وأعلمه أن الخروج ليس له برأي يومه هذا، فأبى الحسين أن يقبل؛ فحبس محمد بن علي ولده؛ فلم يبعث معه أحداً منهم حتى وجد حسين في نفسه على محمد، وقال: ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه؟ فقال محمد: وما حاجتي أن تصاب ويصابون معك، وإن كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم.
وبعث أهل العراق إلى الحسين الرسل والكتب يدعونه إليهم، فخرج متوجهاً إلى العراق في أهل بيته وستين شيخاً من أهل الكوفة يوم الاثنين في عشر ذي الحجة سنة ستين، فكتب مروان إلى عبيد الله بن زياد: أما بعد: فإن الحسين بن علي قد توجه إليك، وهو الحسين بن فاطمة، وفاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتالله ما أحد يسلمه الله أحب إلينا من الحسين، فإياك أن تهيج على نفسك ما لا يسده شيء، ولا تنساه العامة ولا تدع ذكره، والسلام عليك.
وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص: أما بعد: فقد توجه إليك الحسين، وفي مثلها تعتق أو تكون عبداً تسترق كما تسترق العبيد.
قال لبطة بن الفرزدق: قال الفرزدق: خرجنا حجاجاً، فلما كنا بالصفاح غذ نحن بركب عليهم اليلامق، ومعهم الدرق، فلما دنوت منهم إذا أنا بحسين بن علي، فقلت: أي أبو عبد الله؟؟! قال: يا فرزدق: ما وراءك؟ قال: أنت أحب الناس إلى الناس، والقضاء في السماء، والسيوف مع بني أمية.
قال: ثم دخلنا مكة. فقلت له: لو أتينا عبد الله بن عمرو فسألناه عن حسين وعن مخرجه. فأتينا منزله بمنى، فإذا نحن بصبية له سود مولدين يلعبون، قلنا: أين أبوكم؟ قالوا: في الفسطاط يتوضأ، فلم نلبث أن خرج علينا من فسطاطه، فسألناه عن حسين فقال: أما إنه لا يحيك فيه السلاح، قال: فقلت له: تقول هذا فيه وأنت الذي قاتلته وأباه؟ فسبني؛ فسببته.
ثم خرجنا حتى أتينا ما يقال له: تعشار، فجعل لا يمر بنا أحد إلا سألناه عن حسين، حتى مر بنا ركب فناديناهم: ما فعل حسين بن علي؟ قالوا: قتل. قلت: فعل الله بعبد الله بن عمرو وفعل.
قال سفيان: ذهب الفرزدق إلى غير المعنى، أو قال: الوجه، إنما هو لا يحيك فيه السلاح، لا يضره القتل مع ما قد سبق له.
قال إسماعيل بن علي الخطبي: وكان مسير الحسين بن علي من مكة إلى العراق، بعد أن بايع له من أهل الكوفة اثنا
عشر ألفاً على يدي مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وكتبوا إليه في القدوم عليهم، فخرج من مكة إلى الكوفة.
وبلغ يزيد خروجه، فكتب إلى عبيد الله بن زياد عامله على العراق يأمره بمحاربته، وحمله إليه، إن ظفر به.
فوجه اللعين عبيد الله بن زياد الجيش إليه مع عمر بن سعد بن أبي وقاص، وعدل الحسين إلى كربلاء. فلقيه عمر بن سعد هناك، فاقتتلوا، فقتل الحسين رضوان الله عليه ورحمته وبركاته، ولعنة الله على قاتليه في يوم عاشوراء سنة إحدى وستين.
قال الضحاك: كتب يزيد إلى ابن زياد واليه على العراق: إنه قد بلغني أن حسيناً قد صار إلى الكوفة وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلدان، وابتليت به أنت من بين العمال، وعندها تعتق أو تعود عبداً كما تعتبد العبيد. فقتله ابن زياد وبعث برأسه إليه.
قال الفرزدق: لقيت الحسين بن علي بذات عرق وهو يريد الكوفة فقال لي: ما ترى أهل الكوفة صانعين؟ معي حمل بعير من كتبهم. قلت: لا شيء، يخذلونك، لا تذهب إليهم، فلم يطعني.
قال العريان بن الهيثم: كان أبي يتبدى فينزل قريباً من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين، فكنا لا نبدو إلا وجدنا رجلاً من بني أسد هناك، فقال له أبي: أراك ملازماً هذا المكان، قال: بلغني أن حسيناً يقتل ههنا، فأنا أخرج لعلي أصادفه فأقتل معه، فلما قتل الحسين قال أبي: انطلقوا ننظر هل الأسدي فيمن قتل؟ فأتينا المعركة وطوفنا، فإذا الأسدي مقتول.
قال أبو خالد الكاهلي:
لما صبحت الخيل الحسين بن علي رفع يديه فقال: اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، فكم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، فأنزلته بك وشكوته إليك رغبة فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل غاية.
قال محمد بن حسن: لما نزل عمر بن سعد بحسين، وأيقن أنهم قاتلوه، قام في أصحابه خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قد نزل بنا ما ترون من الأمر، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت، وأدبر معروفها، واستمرت حتى لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، إلا حشيش علسٌ كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحق لا يعمل به، والباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، وإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برماً.
وعن عبد ربه: أن الحسين لما أرهقه السلاح قال: ألا تقبلون مني ما كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل من المشركين؟ قالوا: وما كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل من المشركين؟ قال: كان إذا جنح أحدهم قبل منه. قالوا: لا. قال: لا تدعوني أرجع. قالوا: لا. قال: فدعوني آتي أمير المؤمنين، فأخذ له رجل السلاح، فقال له: أبشر بالنار. فقال: بل إن شاء الله برحمة ربي عز وجل، وشفاعة نبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فقتل، وجيء برأسه حتى وضعه في طست بين يدي ابن زياد، فنكته بقضيبه وقال: لقد كان غلاماً صبيحاً، ثم قال: أيكم قاتله؟ فقام الرجل فقال: أنا قتلته، فقال: ما قال لك؟ فأعاد الحديث، فاسود وجهه.
وقيل: إن الحسين قال حين نزلوا كربلاء: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: كربلاء، قال: كرب وبلاء.
وبعث عبيد الله بن زياد عمر بن سعد فقاتلهم. فقال الحسين: يا عمر اختر مني ثلاث خصال: إما أن تتركني أرجع كما جئت، فإن أبيت هذه فسيرني إلى يزيد، فأضع يدي في يده فيحكم في ما رأى، فإن أبيت هذه فسيرني إلى الترك فأقاتلهم حتى أموت.
فأرسل إلى ابن زياد بذلك، فهم أن يسيره إلى يزيد فقال له شمر بن جوشن: لا، إلا أن ينزل على حكمك، فأرسل إليه بذلك، فقال الحسين: والله، لا أفعل، وأبطأ عمر عن قتاله، فأرسل إليه ابن زياد شمر بن جوشن، فقال: إن تقدم عمر يقاتل، وإلا فاقتله، وكن أنت مكانه، وكان مع قريب من ثلاثين رجلاً من أهل الكوفة، فقالوا: يعرض عليكم ابن بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث خصال، فلا تقبلون منها شيئاً؟! فتحولوا مع الحسين فقاتلوا.
وعن أبي ليلى قال: قال الحسين بن علي حين أحس بالقتل: ابغوني ثوباً لا يرغب فيه أجعله تحت ثيابي لا أجرد، فقيل له: تبان، فقال: ذلك لباس من ضربت عليه الذلة، فأخذ ثوباً فخرقه فجعله تحت ثيابه، فلما قتل جرد صلوات الله عليه ورضوانه.
وعن شيبان بن مخرم، وكان عثمانياً، قال: إني لمع علي إذ أتى كربلاء، فقال: يقتل في هذا الموضع شهداء، ليس مثلهم شهداء إلا شهداء بدر، فقلت: بعض كذباته، وثم رجل حمار ميت، فقلت لغلامي: خذ رجل هذا الحمار فأوتدها في مقعده وغيبها، فضرب الدهر ضربه، فلما قتل الحسين انطلقت ومعي أصحاب لي، فإذا جثة الحسين بن علي على رجل ذلك الحمار، وإذا أصحابه ربضة حوله.
وعن هرثمة بن سلمى قال: خرجنا مع علي في بعض غزوه، فسار حتى انتهى إلى كربلاء، فنزل إلى شجرة فصلى إليها، فأخذ تربة من الأرض فشمها، ثم قال: واهاً لك تربة ليقتلن بك قوم يدخلون الجنة بغير حساب.
قال: فقفلنا من غزاتنا، وقتل علي، ونسيت الحديث.
قال: فكنت في الجيش الذين ساروا إلى الحسين، فلما انتهيت إليه نظرت إلى الشجرة، فذكرت الحديث، فتقدمت على فرس لي، فقلت: أبشرك ابن بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحدثته الحديث، قال: معنا أو علينا؟ قلت: لا معك ولا عليك، تركت عيالاً وتركت، قال: إما لا؛ فول في الأرض، فوالذي نفس حسين بيده، لا يشهد قتلنا اليوم رجل إلا دخل جهنم، فانطلقت هارباً مولياً في الأرض حتى خفي علي مقتله.
وعن مسلم بن رباح مولى علي بن أبي طالب قال:
كنت مع الحسين يوم قتل، فرمي في وجهه بنشابة، فقال لي: يا مسلم أدن يديك من الدم، فأدنيتهما، فلما امتلأتا قال: اسكبه في يدي؛ فسكبته في يده؛ فنفخ بهما إلى السماء، وقال: اللهم اطلب بدم ابن بنت نبيك، قال مسلم: فما وقع منه إلى الأرض قطرة.
حدث العباس بن هشام بن محمد الكوفي عن أبي عن جده، قال: كان رجل من بني أبان بن دارم، يقال له: زرعة، شهد قتل الحسين، فرمى الحسين بسهم فأصاب حنكه فجعل يلتقي الدم، ثم يقول هكذا إلى السماء فيرمي به، وذلك أن الحسين دعاء بماء ليشرب، فلما رماه حال بينه وبين الماء فقال: اللهم ظمه، اللهم ظمه.
قال: فحدثني من شهده، وهو يموت وهو يصيح من الحر في بطنه، والبرد في ظهره، وبين يديه المراوح والثلج، وخلفه الكافور، وهو يقول: اسقوني أهلكني العطش، فيؤتى بالعس العظيم فيه السويق أو الماء واللبن، لو شربه خمسة لكفاهم، قال: فيشربه ثم يعود فيقول: اسقوني أهلكني العطش، قال: فانقد بطنه كانقداد البعير.
وقتل مع الحسين ستة عشر رجلاً من أهل بيته.
وعن ابن عباس قال: أوحى الله تعالى إلى محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً وأنا قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً.
قال ابن سيرين: لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن علي.
وعن خلف بن خليفة عن أبيه قال: لما قتل الحسين اسودت السماء وظهرت الكواكب نهاراً، حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر.
حدث خلاد، وكان ينزل بني جحدر، قال: حدثتني أمي، قالت: كنا زماناً بعد مقتل الحسين، وإن الشمس تطلع محمرة على الحطيان والجدر بالغداة والعشي، قالت: وكانوا لا يرفعون حجراً إلا يوجد تحته دم.
قال عيسى بن الحارث الكندي: لما قتل الحسين مكثنا سبعة أيام، إذا صلينا العصر فنظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة، ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضها بعضاً.
وعن المنذر الثوري قال: جاء رجل يبشر الناس بقتل الحسين، فرأيته أعمى يقاد.
وعن نصرة الأزدية قالت: لما أن قتل الحسين مطرت السماء دماً، فأصبحت وكل شيء لنا ملآن دماً.
وعن أبي قبيل قال: لما قتل الحسين كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي.
وعن ابن سيرين قال: لم نكن نرى هذه الحمرة في السماء حتى قتل الحسين بن علي.
وعن جعفر بن سالم قال حدثتني خالتي أم سالم قالت: لما قتل الحسين مطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر، قال: وبلغني أنه كان بخراسان والشام والكوفة.
قال بواب عبيد الله بن زياد: لما جيء برأس الحسين فوضع بين يديه رأيت حيطان دار الإمارة تسايل دماً.
وعن أم حيان قالت: يوم قتل الحسين أظلمت علينا ثلاثاً، ولم يمس أحد من زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه إلا احترق، ولم يقلب حجر ببيت المقدس إلا أصبح تحته دم عبيط.
قال محمد بن عمر بن علي: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كشف يومئذ حجر إلا وجد تحته دم عبيط.
وعن يزيد بن أبي زياد قال: قتل الحسين ولي أربع عشرة سنة، وصار الورس الذي كان في عسكرهم رماداً، واحمرت آفاق السماء، ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران.
وعن أبي حميد الطحان قال: كنت في خزاعة، فجاؤوا بشيء من تركة الحسين فقيل لهم: نتجر أو نبيع فنقسم؟ قالوا: اتجروا، قال: فجعل على جفنة، فلما وضعت فارت ناراً.
قال جميل بن مرة: أصابوا إبلا في عسكر الحسين يوم قتل، فنحروها وطبخوها، قال: فصارت مثل العلقم، فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئاً.
حدث شيخ من النخع قال: قال الحجاج: من كان له بلاء فليقم، فقام قوم فذكروا، وقام سنان بن أنس،
فقال: أنا قاتل حسين، فقال: بلاء حسن، ورجع إلى منزله فاعتقل لسانه، وذهب عقله، فكان يأكل ويحدث مكانه.
لا تسبوا علياً، يا لهفتا على أسهم رميته بهن يوم الجمل، مع ذلك، لقد قصرن، والحمد لله، عنه.
وعنه أيضاً قال: لا تسبوا أهل البيت، أو أهل بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه كان لنا جار من بلهجيم قدم علينا الكوفة قال: ما ترون إلى هذا الفاسق ابن الفاسق قتله الله، يعني الحسين، فرماه الله بكوبين من السماء فطمس بصره. قال أبو رجاء: فأنا رأيته.
وعن السدي قال: كنا غلمة نبيع البز في رستاق كربلاء، قال: فنزلنا برجل من طيئ، فقرب إلينا العشاء. قال: فتذاكرنا قتلة الحسين، قال: فقلنا: ما بقي أحد ممن شهد قتلة الحسين إلا وقد أماته الله ميتة سوء، أو بقتلة سوء، قال فقال: ما أكذبكم يا أهل الكوفة! تزعمون أنه ما بقي أحد ممن شهد قتل الحسين إلا وقد أماته الله ميتة سوء أو بقتلة سوء، وإنه لممن شهد قتلة الحسين وما بها أكثر مالاً منه. قال: فنزعنا أيدينا عن الطعام، قال: وكان السراج يوقد فذهب ليطفأ، قال: فذهب ليخرج الفتيلة بأصبعه فأخذت النار بأصبعه قال: ومدها إلى فيه فأخذت بلحيته، قال: فحضر أو قال: فأحضر إلى الماء حتى يلقي نفسه، قال: فرأيته تتوقد فيه حتى صار حممةً.
وعن أنس بن مالك قال: لما أتي برأس الحسين إلى عبيد الله بن زياد فجعل ينكت بقضيب على ثناياه وقال: إن كان لحسن الثغر، فقلت: أما والله لأسوءنك، لقد رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل موضع قضيبك من فيه.
وفي حديث آخر عنه: أتي برأس الحسين في طست إلى ابن زياد، فجعل ينكت فاه ويقول: إن كان لصبيحاً، إن كان لقد خضب.
وعن زيد بن أرقم قال: كنت عند عبيد الله بن زياد إذ أتي برأس الحسين بن علي فوضع في طست بين يديه، فأخذ قضيباً فجعل يفتر به عن شفتيه وعن أسنانه فلم أر ثغراً قط كان أحسن منه، كأنه الدر، فلم أتمالك أن رفعت صوتي بالبكاء فقال: ما يبكيك أيها الشيخ؟ قال: يبكيني ما رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمص موضع هذا القضيب ويلثمه، ويقول: اللهم إني أحبه فأحبه.
وعن زيد بن أرقم أنه خرج من عند ابن زياد يومئذ وهو يقول: أما والله لقد سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول: اللهم إني أستودعكه وصالح المؤمنين، فكيف حفظكم لوديعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وعن محمد بن خالد قال: قال إبراهيم: لو كنت فيمن قتل الحسين ثم أدخلت الجنة لاستحييت أن أنظر إلى وجه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن علي بن زيد بن جدعان قال: استيقظ ابن عباس من نومه فاسترجع وقال: قتل الحسين والله، فقال له أصحابه: كلا يا بن عباس، كلا، قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه زجاجة من دم فقال: ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعدي؟ قتلوا ابني الحسين، وهذا دمه ودم أصحابه، أرفعها إلى الله عز وجل.
قال: فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه، وتلك الساعة، فما لبثوا إلا أربعة وعشرين يوماً حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنه قتل ذلك اليوم وتلك الساعة.
وعن سلمى قالت: دخلت علي أم سلمة وهي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: مالك يا رسول الله؟ قال: شهدت قتل آنفاً.
وعن شهر بن حوشب قال: إنا لعند أم سلمة، زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فسمعنا صارخة، فأقبلت حتى انتهت إلى أم سلمة، فقالت: قتل الحسين، قالت: قد فعلوها، ملأ الله بيوتهم أو قبورهم عليهم ناراً، ووقعت مغشياً عليها وقمنا.
قال ابن أبي مليكة: بينما ابن عباس جالس في المسجد الحرام، وهو يتوقع خبر الحسين بن علي، إلى أن أتاه آتٍ فساره بشيء؛ فأظهر الاسترجاع، فقلنا: ما حدث يا أبا العباس؟ قال: مصيبة عظيمة، عند الله نحتسبها، أخبرني مولاي أنه سمع ابن الزبير يقول: قتل الحسين بن علي، فلم نبرح حتى جاءه ابن الزبير فعزاه، ثم انصرف.
فقام ابن عباس فدخل منزله، ودخل عليه الناس يعزونه، فقال: إنه ليعدل عندي مصيبة حسين شماتة ابن الزبير، أترون مشي ابن الزبير إلي يعزيني، إن ذلك منه إلا شماتة.
قال ابن جريج:
كان المسور بن مخرمة بمكة حين جاء نعي حسين بن علي، فلقي ابن الزبير فقال له: قد جاء ما كنت تمنى، موت حسين بن علي، فقال ابن الزبير: يا أبا عبد الرحمن تقول لي هذا؟ فوالله ليته بقي ما بقي بالجماء حجر، والله ما تمنيت ذلك له، قال المسور: أنت أشرت عليه بالخروج إلى غير وجه، قال: نعم، أشرت به عليه ولم أدر أنه يقتل، ولم يكن بيدي أجله، ولقد جئت ابن عباس فعزيته فعرفت أن ذلك يثقل عليه مني، ولو أني تركت تعزيته قال: مثلي تترك لا تعزيني بحسين؟ فما أصنع؟ أخوالي وغرة الصدور علي، وما أدري على أي شيء ذلك، فقال له المسور: ما حاجتك إلى ذكر ما مضى وبثه، دع الأمور وبر أخوالك، فأبوك أحمد عندهم منك.
قالت أم سلمة: سمعت الجن يبكين على الحسين، وقالت أيضاً: سمعت الجن تنوح على الحسين.
وقال الواقدي: لم تدرك أم سلمة قتل الحسين، ماتت سنة ثمان وخمسين.
قالت أم سلمة: سمعت الجن تنوح على الحسين يوم قتل ويقلن: من الخفيف
أيها القاتلون ظلماً حسيناً ... أبشروا بالعذاب والتنكيل
كلّ أهل السماء تدعو عليكم ... من نبي ومرسل وقبيل
قد لعنتم على لسان ابن داوو ... د وموسى وصاحب الإنجيل
قال حبيب بن أبي ثابت: قالت أم سلمة: ما سمعت نوح الجن منذ قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا الليلة، وما أرى ابني إلا قد قتل، تعني الحسين، فقالت لجاريتها: اخرجي فسلي، فأخبرت أنه قد قتل، وإذا جنية تنوح: من الوافر
ألا يا عين فاحتفلي بجهد ... ومن يبكي على الشهداء بعدي؟
على رهطٍ تقودهم المنايا ... إلى متجبّرٍ في ملك عبد
قال أبو جناب الكلبي: أتيت كربلاء، فقلت: لرجل من أشراف العرب بها: بلغني أنكم تسمعون نوح الجن. قال: ما تلقى حراً ولا عبداً إلا أخبرك أنه سمع ذلك، قلت: فأخبرني ما سمعت أنت، قال سمعتهم يقولون: من مجزوء الكامل
مسح الرسول جبينه ... فله بريقٌ في الخدود
أبواه من عليا قري ... شٍ، جدّه خير الجدود
قال محمد المصقلي لما قتل الحسين: إنه سمع منادياً ينادي ليلاً، يسمع صوته، ولم ير شخصه: من الكامل
عقرت ثمودٌ ناقةً فاستؤصلوا ... وجرت سوانحهم بغير الأسعد
فبنو رسول الله أعظم حرمةً ... وأجلّ من أمّ الفصيل المقصد
عجباً لهم، ولما أتوا لم يمسخوا ... والله يملي للطغاة الجحّد
حدث إمام مسجد بني سليم قال: غزا أشياخ لنا الروم فوجدوا في كنيسة من كنائسهم: من الوافر
أترجو أمةٌ قتلت حسيناً ... شفاعة جدّه يوم الحساب؟
فقالوا: منذ كم وجدتم هذا الكتاب في هذه الكنيسة؟ قالوا: قبل أن يخرج نبيكم بست مئة عام.
وعن أبي قبيل قال: لما قتل الحسين بن علي احتزوا رأسه، وقعدوا في أول مرحلة يشربون النبيذ وينحتون الرأس، فخرج عليهم قلم من حديد فكتب بسطر دم من الوافر
أترجو أمةٌ قتلت حسيناً ... شفاعة جدّه يوم الحساب؟
فهربوا وتركوا الرأس، ثم رجعوا.
قال الأعمش: أحدث رجل من بني أسد على قبر حسين بن علي قال: فأصاب أهل ذلك البيت خبل وجنون وجذام ومرض وفقر.
وعن هشام بن محمد قال: لما أجري الماء على قبر الحسين نضب بعد أربعين يوماً وامحى أثر القبر، فجاء أعرابي من بني أسد، فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمه حتى وقع على قبر الحسين وبكاه وقال: بأبي وأمي ما كان أطيبك وأطيب ترتبك ميتاً، ثم بكى وأنشأ يقول: من الطويل
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه ... فطيب تراب القبر دلّ على القبر
قيل: إن الحسين قتل وهو ابن ثمان وخمسين سنة. وقيل: وهو ابن ست وخمسين سنة.
وقتله سنان بن أبي أنس، وجاء برأسه خولي بن يزيد الأصبحي، جاء به إلى عبيد الله بن زياد.
وقيل: قتل وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر ونصف.
وقيل: ابن خمس وخمسين، وكان في يوم سبت يوم عاشوراء سنة إحدى وستين. وقتل بالطف بكربلاء وعليه جبة خز دكناء، وهو صابغ بالسواد، قتله سنان بن أبي أنس النخعي، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير وحز رأسه وأتى به عبيد الله بن زياد فقال: من مشطور الرجز
أوقر ركابي فضةً وذهبا ... أنا قتلت الملك المحبّبا
قتلت خير الناس أمّاً وأباً
وقيل: كان قتله سنة ستين، وقيل: سنة اثنتين وستين.
وقال ابن لهيعة: كان قتل الحسين بن علي وقت عقبة بن نافع وحريق الكعبة في سنة واحدة سنة ثنتين أو ثلاث وستين.
قال عامر بن سعد البجلي: لما قتل الحسين بن علي رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فقال: إن رأيت البراء بن عازب فأقرئه مني السلام وأخبره أن قتلة الحسين بن علي في النار، وإن كاد الله أن يسحت أهل الأرض منه بعذاب أليم. قال: فأتيت البراء فأخبرته. فقال: صدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتصور بي.
قال الفضيل بن الزبير: كنت جالساً إلى السدي فأقبل رجل فجلس إليه، رائحته القطران فقال له: يا هذا، أتبيع القطران؟ قال: ما بعته قط. قال: فما هذه الرائحة؟ قال: كنت فيمن شهد عسكر عمر بن سعد، وكنت أبيعهم أوتاد الحديد، فلما جن علي الليل، رقدت فرأيت في نومي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه علي، وعلي يسقي القتلى من أصحاب حسين، فقلت له: اسقني؟ فأبى، فقلت: يا رسول الله: مره يسقني، فقال: ألست ممن عاون علينا؟ فقلت: يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم، ولكني كنت أبيعهم أوتاد الحديد، فقال: يا علي اسقه، فناولني قعباً مملوءاً قطراناً، فشربت منه قطراناً، ولم أزل أبول القطران أياماً، ثم انقطع ذلك البول عني، وبقيت الرائحة في جسمي. فقال له السدي: يا عبد الله، كل من بر العراق، واشرب من ماء الفرات، فما أراك تعاين محمداً أبداً.
وعن أبي النضر الجرمي قال: رأيت رجلاً سمج العمى فسألت عن سبب ذهاب بصره فقال: كنت فيمن حضر عسكر عمر بن سعد، فلما جاء الليل رقدت، فرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام بين يديه طست فيها دم، وريشة في الدم، وهو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد، فيأخذ الريشة فيخط بها بين أعينهم، فأتي بي، فقلت: يا رسول الله، والله ما ضربت بسيفٍ ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم قال: أفلم تكن عدونا؟ وأدخل أصبعيه في الدم، السبابة والوسطى، وأهوى بها إلى عيني، فأصبحت وقد ذهب بصري.
وعن أسد بن القاسم الحلبي قال: رأى جدي صالح بن الشحام بحلب في النوم كلباً أسود، وهو يلهث عطشاً، ولسانه قد خرج على صدره، فقلت: هذا كلب عطشان دعني أسقه ماءً أدخل فيه الجنة، وهممت لأفعل ذلك، فإذا بهاتف يهتف من ورائه وهو يقول: يا صالح لا تسقه، يا صالح لا تسقه، هذا قاتل الحسين بن علي، أعذبه بالعطش إلى يوم القيامة.
وقال سليمان بن قتة يرثي الحسين بن علي عليهما السلام: من الطويل
وإنّ قتيل الطّفّ من آل هاشمٍ ... أذلّ رقاباً من قريشٍ فذلّت
فإن تتبعوه عائذ البيت تصبحوا ... كعادٍ تعمّت عن هداها فضلّت
مررت على أبيات آل محمدٍ ... فألفيتها أمثالها حيث حلّت
وكانوا لنا غنماً فعادوا رزيّةً ... لقد عظمت تلك الرّازيا وجلّت
فلا يبعد الله الديار وأهلها ... وإن أصبحت منهم برغمي تخلّت
إذا افتقرت قيسٌ جبرنا فقيرها ... وتقتلنا قيسٌ إذا النّعل زلّت
وعند غنيٍّ قطرةٌ من دمائنا ... سنجزيهم يوماً بها حيث حلّت
ألم تر أنّ الأرض أضحت مريضةً ... لفقد حسين والبلاد اقشعرّت
يريد أنهم لا يرعوون عن قتل قرشي بعد الحسين، وعائذ البيت عبد الله بن الزبير.