26519. المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدعان2 26520. المهاجر بن مسمار2 26521. المهاجر بن يزيد2 26522. المهاجر مولى ام سلمة3 26523. المهتدي بالله بن الواثق بن المعتصم العباسي...1 26524. المهدي عبيد الله أبو محمد126525. المهدي محمد بن المنصور1 26526. المهذب بن ابي الحسن علي بن ابي نصر بن عبد الله بن قنيدة ابو نصر...1 26527. المهذب بن علي بن هبة الله ابو نصر الخياط...1 26528. المهرواني أبو القاسم يوسف بن محمد بن أحمد...1 26529. المهري أبو بكر محمد بن عمار الأندلسي...1 26530. المهلب بن أبي حبيبة البصري1 26531. المهلب بن أبي صفرة1 26532. المهلب بن أبي صفرة العتكي1 26533. المهلب بن أبي صفرة ظالم الأزدي1 26534. المهلب بن أبي صفرة ظالم بن سراق1 26535. المهلب بن أحمد بن أبي صفرة أسيد بن عبد الله الأسدي...1 26536. المهلب بن ابي1 26537. المهلب بن ابي حبيبة1 26538. المهلب بن ابي صفرة الازدي1 26539. المهلب بن ابي صفرة عمن1 26540. المهلب بن الاخطل بن المهلب بن الرواد...1 26541. المهلبي أبو عمران إبراهيم بن هانىء بن خالد...1 26542. المهلبي أبو محمد الحسن بن محمد بن عبد الله...1 26543. المهلبي أبو منصور نصر بن جعفر بن علي1 26544. المهلبي أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز بن محمد...1 26545. المهلبي عبد الرحمن بن عبد المؤمن بن خالد...1 26546. المهلبي محمد بن عباد بن عباد بن حبيب1 26547. الموجه الخراساني1 26548. الموسوي أبو البركات مهدي بن محمد الحسيني...1 26549. الموسوي أبو الحسن علي بن حمزة بن إسماعيل...1 26550. الموفق بن احمد بن محمد المكي ابو المؤيد خطيب خوارزم...1 26551. الموفق بن المتوكل علي الله جعفر بن المعتصم محمد...1 26552. الموفق عبد اللطيف بن يوسف بن محمد الموصلي...1 26553. الموفق قاسم بن هبة الله بن محمد المدائني...1 26554. الميانجي أبو بكر يوسف بن القاسم بن يوسف...1 26555. الميداني أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد...1 26556. الميداني أبو علي محمد بن أحمد بن محمد...1 26557. الميداني عبد الوهاب بن جعفر الدمشقي1 26558. الميرتلي أبو عمران موسى بن حسين1 26559. الميرماهاني أبو يزيد محمد بن يحيى بن خالد...1 26560. الميغي عبد الكريم بن محمد بن موسى البخاري...1 26561. الميمذي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد...1 26562. الميموني أبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد...1 26563. الميهني أبو الفتح أسعد بن أبي نصر بن الفضل...1 26564. الميهني أبو الفضل أحمد بن طاهر بن سعيد...1 26565. الميهني أبو سعيد فضل بن محمد بن أحمد1 26566. النابغة1 26567. النابغة الجعدي5 26568. النابغة الجعدي أبو ليلى1 26569. النابغة الجعدي قيس بن حصن بن قيس1 26570. الناشئ الصغير علي بن عبد الله بن وصيف الحلاء...1 26571. الناشي الكبير عبد الله بن محمد الأنباري...1 26572. الناصح عبد الرحمان بن نجم بن عبد الوهاب الأنصاري...1 26573. الناصحي أبو بكر محمد بن عبد الله بن الحسين...1 26574. الناصحي أبو محمد عبد الله بن الحسين1 26575. الناصر بن علناس بن حماد بن بلكين بن زيري الصنهاجي...1 26576. الناصر داود ابن المعظم عيسى ابن العادل...1 26577. الناصر لدين الله أبو العباس أحمد ابن المستضيء...1 26578. الناصر لدين الله علي بن حمود بن ميمون...1 26579. الناصر يوسف بن محمد بن غازي بن يوسف بن أيوب...1 26580. النباجي أبو عبد الله سعيد بن بريد الصوفي...1 26581. النباش بن زرارة1 26582. النجاد أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل...1 26583. النجاد علي بن القاسم بن الحسن البصري...1 26584. النجراني1 26585. النجيرمي أبو يعقوب يوسف بن يعقوب البصري...1 26586. النجيرمي يوسف بن يعقوب بن إسماعيل1 26587. النحام الكناني1 26588. النخشبي أبو تراب عسكر بن الحصين1 26589. النخشبي عبد العزيز بن محمد بن محمد1 26590. النخعي أبو علي الحسين بن علي بن محمد1 26591. النرسي أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد...1 26592. النرسي أبو بكر أحمد بن عبيد بن إدريس1 26593. النزال العصري العبدي1 26594. النزال بن الهندواني1 26595. النزال بن سبرة4 26596. النزال بن سبرة الهذلي1 26597. النزال بن سبرة الهلالي2 26598. النزال بن سبرة الهلالي العامري2 26599. النزال بن سبرة الهلالي العامري الكوفي...1 26600. النزال بن سبرة الهلالي العامري بن قيس...1 26601. النزال بن عمار2 26602. النساء الراويات عن النبي1 26603. النسائي أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد...1 26604. النسائي أبو بكر محمد بن زهير بن أخطل1 26605. النسائي أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي...1 26606. النسابة محمد بن أحمد بن محمد ابن عساكر الدمشقي...1 26607. النسفي أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد1 26608. النسفي أبو علي الحسن بن عبد الملك بن علي...1 26609. النسفي أبو عمرو بكر بن محمد بن جعفر1 26610. النسوي محمد بن عبد الرحمن بن أحمد1 26611. النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس...1 26612. النشبي شمس الدين علي بن المظفر بن القاسم الربعي...1 26613. النشتبري أبو محمد عبد الخالق بن الأنجب بن معمر...1 26614. النصراباذي إبراهيم بن محمد بن أحمد1 26615. النصرويي عبد الرحمن بن حمدان بن محمد...1 26616. النصيبي أبو العباس أحمد بن نصر بن محمد...1 26617. النضر1 26618. النضر أبو عمر الخزاز1 Prev. 100
«
Previous

المهدي عبيد الله أبو محمد

»
Next
المَهْدِيُّ عُبَيْدُ اللهِ أَبُو مُحَمَّدٍ،
وَذُرِّيَتُهُ أَوَّلُ مَنْ قَامَ مِنَ الخُلَفَاءِ الخَوَارِجِ العُبَيْدِيَّة البَاطنيَّةِ الَّذِيْنَ قَلَبُوا الإِسْلاَمَ، وَأَعْلنُوا بِالرَّفضِ، وَأَبطنُوا مَذْهَبَ الإِسْمَاعِيليَّة، وَبثُّوا الدُّعَاةَ، يَسْتَغوون الجَبَليَّة وَالجَهَلَةَ.
وَادَّعَى هَذَا المدْبرُ، أَنَّهُ فَاطمِيٌّ مِنْ ذُرِّيَّة جَعْفَر الصَّادِق فَقَالَ:
أَنَا عُبَيْد اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَيْمُوْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّد.
وَقِيْلَ: بَلْ قَالَ:
أَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ.
وَقِيْلَ: لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ عُبَيْد اللهِ، بَلْ إِنَّمَا هُوَ سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ.
وَقِيْلَ: سَعِيْدُ بنُ الحُسَيْنِ.
وَقِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ يَهُودِيّاً.وَقِيْلَ: مِنْ أَوْلاَد دَيصَان الَّذِي أَلَّف فِي الزَّنْدَقَةِ.
وَقِيْلَ: لمَا رَأَى اليَسَعُ صَاحِبُ سِجِلْمَاسَة الغَلَبَة، دَخَلَ فَذَبَحَ المَهْدِيَّ.
فَدَخَلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيُّ، فَرَآهُ قَتِيلاً، وَعِنْدَهُ خَادمٌ لَهُ، فَأَبْرَزَ الخَادِمَ، وَقَالَ لِلنَّاسِ: هَذَا إِمَامكُمْ.
وَالمحقِّقوْنَ عَلَى أَنَّهُ دَعِيٌّ بِحَيْثُ إِنَّ المُعزّ مِنْهُم لَمَّا سأَله السَّيِّدُ بنُ طَبَاطَبَا عَنْ نسبه، قَالَ:
غداً أُخْرِجه لَكَ، ثُمَّ أَصْبَحَ وَقَدْ أَلقَى عَرَمَة مِنَ الذَّهب، ثُمَّ جَذَبَ نِصْف سَيفِهِ مِنْ غِمُّدِهِ.
فَقَالَ: هَذَا نسبِي، وَأَمرهُمْ بنهبِ الذَّهب، وَقَالَ: هَذَا حَسَبِي،
وَقَدْ صَنَّفَ ابْنُ البَاقِلاَّنِي وَغَيْرُهُ مِنَ الأَئِمَّةِ فِي هَتْكِ مقَالاَتِ العُبَيْدِيَّة، وَبُطلاَنِ نَسَبهم.فَهَذَا نَسَبُهُم، وَهَذِهِ نِحْلَتُهُم.
وَقَدْ سُقتُ فِي حَوَادِثِ تَارِيْخنَا مِنْ أَحْوَالِ هَؤُلاَءِ وَأَخْبَارِهِم فِي تفَاريقِ السّنينَ عجَائِب.
وَكَانَ هَذَا مِنْ أَهْلِ سَلَمِيَّة لَهُ غوْر، وَفِيْهِ دهَاءٌ وَمكرٌ، وَلَهُ هِمَّة عليَّة، فَسَرَى عَلَى أُنموذج عَلِيّ بنِ مُحَمَّدٍ الخَبِيْثِ، صَاحِبِ الزِّنْجِ الَّذِي خَرَّبَ البَصْرَةَ وَغيرَهَا، وَتَمَلَّك بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَأَهلكَ البِلاَدَ وَالعِبَادَ.
وَكَانَ بلاَءً عَلَى الأُمَّةِ، فَقُتِلَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فَرَأَى عُبَيْدُ اللهِ أَنَّ مَا يَرُومه مِنَ المُلْك، لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ ظُهُوْره بِالعِرَاقِ وَلاَ بِالشَّامِ، فَبَعَثَ أَوَّلاً لَهُ دَاعِيينِ شيطَانينِ دَاهيتينِ، وَهُمَا الأَخوَانِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ، وَأَخُوْهُ أَبُو العَبَّاسِ، فَظَهَرَ أَحَدُهُمَا بِاليَمَنِ، وَالآخر بِأَفْرِيقية، وَأَظْهَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا الزُّهْدَ وَالتَأَلُّه، وَأَدَّبَا أَوْلاَدَ النَّاسِ، وَشوَّقَا إِلَى الإِمَام المَهْدِيِّ.
وَلهُم البَلاغَاتُ السَّبْعَة: فَالأَوَّل للعوَام وَهُوَ الرَّفض، ثُمَّ البَلاَغ الثَّانِي لِلْخوَاصّ، ثُمَّ البلاغُ الثَّالِث لِمَنْ تَمَكَّنَ، ثُمَّ الرَّابِعُ لِمَنِ اسْتمَّر سَنَتَيْنِ، ثُمَّ الخَامِسُ لِمَنْ ثَبْتَ فِي المَذْهَب ثَلاَثَ سِنِيْنَ، ثُمَّ السَّادِسُ لِمَنْ أَقَامَ أَرْبَعَة أَعْوَامٍ، ثُمَّ الخِطَابُ بِالبلاغ السَّابعِ وَهُوَ النَّاموسُ الأَعْظَمُ.قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْم: قرأْتُهُ فرَأَيْتُ فِيْهِ أَمراً عَظِيْماً مِنْ إِباحَةِ المَحْظُورَاتِ، وَالوَضْع مِنَ الشَّرَائِعِ وَأَصحَابهِا، وَكَانَ فِي أَيَّام معزِّ الدَّوْلَةِ ظَاهِراً شَائِعاً، وَالدُّعَاةُ منبَثُّونَ فِي النَّوَاحِي، ثُمَّ تَنَاقَصَ.
قُلْتُ: ثُمَّ اسْتَحْكَم أَمْر أَبِي عَبْدِ اللهِ بِالمَغْرِب، وَتَبِعَهُ خلقٌ مِنَ البَرْبَر، ثُمَّ لَحِقَ بِهِ أَخُوْهُ، وَعَظُمَ جمْعُهُ، حَتَّى حَاربَ مُتَوَلِّي المَغْرِبِ وَقَهَرَه، وَجرتْ لَهُ أُمُورٌ طَوِيْلَة فِي أَزيدَ مِنْ عَشْرَة أَعْوَام.
فلَمَّا سَمِعَ عُبَيْد اللهِ بظُهُوْر دَاعِيه، سَارَ بِوَلَدِهِ فِي زِيِّ تُجَّار، وَالعُيُونُ عَلَيْهِمَا إِلَى أَنْ ظَفرَ بِهِمَا مُتَوَلِّي الإِسْكَنْدَرِيَّة فسرَّ بِهِمَا، وَكَاشر لَهُمَا التَّشَيُّع فِيْهِ فَدَخَلاَ المَغْرِب.
فَظَفِرَ بِهِمَا أَمِيْرُ المَغْرِب فسجَنَهُمَا، وَلَمْ يقرَّا لَهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ التَقَى هُوَ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ، فَانتصَرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَتَمَلَّك البِلاَد، وَأَخْرَجَ المَهْدِيَّ مِنَ السجنِ، وَقَبَّلَ يَدَهُ وَقَالَ لقُوَّاده: هَذَا إِمَامُنَا، فَبايَعَه الملأُ.
وَوَقع بَعْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَاعيَيه لِكَوْنِهِ مَا أَنْصَفَهُمَا، وَلاَ جَعَلَ لَهُمَا كَبِيْرَ مَنْصِب، فَشَكَّكَا فِيْهِ خوَاصَّهُمَا، وَتفرَّقَتْ كلمَةُ الجنودِ، وَوَقَعَ بينهُم مَصَافٌّ.فَانتصر عُبَيْد اللهِ، وَذَبَحَ الأَخوينِ.
وَدَانَتْ لَهُ الأَممُ.
وَأَنشَأَ مَدِيْنَةَ المَهْدِيّةِ، وَلَمْ يتوجَّه لِحَرْبِهِ جَيْشٌ لبُعْدِ الشُّقَّة وَلوَهْنِ شَأْنِ الخِلاَفَة بِإِمَارَةِ المُقْتَدِرِ.
وَجَهَّزَ مِنَ المَغْرِب وَلَدَه ليَأْخذ مِصْرَ، فَلَمْ يتمّ لَهُ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ القَابِسيُّ، صَاحِبُ (الملخَّص ) :إِنَّ الَّذِيْنَ قَتَلَهُم عُبَيْدُ اللهِ، وَبنوهُ أَرْبَعَة آلاَفٍ فِي دَارِ النَّحْرِ فِي العَذَابِ مِنْ عَالِمٍ وَعَابِدٍ ليرُدَّهُمْ عَنِ التَّرَضِّي عَنِ الصَّحَابَةِ، فَاختَارُوا المَوْتَ.
فَقَالَ سهل الشَّاعِر:
وَأَحَلَّ دَارَ النَّحْرِ فِي أَغْلاَلِهِ ... مَنْ كَانَ ذَا تَقْوَى وَذَا صلوَاتِ
وَدُفِنَ سَائرُهُم فِي المُنَسْتِيْر، وَهُوَ بلسَان الفرَنْجِ: المعْبَدُ الكَبِيْرُ.
وكَانَتْ دَوْلَةُ هَذَا بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
حَكَى الوَزِيْرُ القِفْطِيُّ فِي سيرَةِ بنِي عُبَيْد، قَالَ:
كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيُّ أَحَدَ الدَّوَاهِي، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَمَعَ مَشَايِخ كُتَامَة ليشكِّكَهُم فِي الإِمَامِ.
فَقَالَ: إِنَّ الإِمَامَ كَانَ بسَلَمِيَّة قَدْ نَزَلَ عِنْد يهودِي عَطَّار يُعْرَف بعُبَيْد، فَقَامَ بِهِ وَكَتَمَ أَمْرَهُ، ثُمَّ مَاتَ عُبَيْد عَنْ وَلَدَيْنِ فَأَسْلَمَاهُمَا وَأُمُّهُمَا عَلَى يَد الإِمَام، وَتَزَوَّجَ بِهَا، وَبَقِيَ مُخْتَفِياً.وَبَقِيَ الأَخوَان فِي دُكَّانِ العِطْر.
فَوَلَدَتْ لِلإِمَامِ ابْنينِ، فَعِنْدَ اجتمَاعِي بِهِ سَأَلْتُهُ أَيُّ الاثْنَيْن إِمَامِي بَعْدَك؟
فَقَالَ: مَنْ أَتَاكَ مِنْهُمَا فَهُوَ إِمَامُك.
فسيَّرْتُ أَخِي لإِحْضَارهِمَا، فَوَجَدَ أَبَاهُمَا قَدْ مَاتَ هُوَ وَابْنُهُ الوَاحِدُ.
فَأَتَى بِهَذَا.
وَقَدْ خِفْتُ أَنْ يَكُوْنَ أَحَدَ وَلديّ عُبَيْد.
فَقَالُوا: وَمَا أَنكرتَ مِنْهُ؟
قَالَ: إِنَّ الإِمَام يَعْلَمُ الكَائِنَاتِ قَبْلَ وَقوعهَا.
وَهَذَا قَدْ دَخَلَ مَعَهُ بِوَلَدَيْنِ.
وَنَصَّ الأَمْر فِي الصَّغِيْرِ بَعْدَهُ، وَمَاتَ بَعْد عِشْرِيْنَ يَوْماً - يَعْنِي: الوَلَد -.
وَلَوْ كَانَ إِمَاماً لَعَلِمَ بِموته.
قَالُوا: ثُمَّ مَاذَا؟
قَالَ: وَالإِمَامُ لاَ يَلْبَسُ الحَرِيرَ وَالذَّهبَ.
وَهَذَا قَدْ لَبِسَهُماً.
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَ إِلاَّ مَا تحقَّق أَمرَهُ.
وَهَذَا قَدْ وَطِئَ نسَاء زِيَادَة الله، يَعْنِي: مُتَوَلِّي المَغْرِبِ.
قَالَ: فَشَكَّكَتْ كُتَامَةُ فِي أَمرِهِ.
وَقَالُوا: فَمَا تَرَى؟
قَالَ: قبضُه ثُمَّ نُسيِّر مَنْ يكشِفُ لَنَا عَنْ أَوْلاَدِ الإِمَامِ عَلَى الحَقِيْقَة.
فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ.
وَخَفَّ كَبِيْر كُتَامَة فواجَهَ المَهْدِيَّ، وَقَالَ:
قَدْ شَكَكْنَا فِيك، فَائِتِ بآيَةٍ.
فَأَجَابَهُ بِأَجوبَةٍ، قَبِلَهَا عَقْلُه.
وَقَالَ: إِنَّكُم تيقَّنْتُم، وَاليقينُ لاَ يَزُول إِلاَّ بيقينٍ لاَ بشكٍ.
وَإِنَّ الطِّفْلَ لَمْ يَمُتْ، وَإِنَّهُ إِمَامُك، وَإِنَّمَا الأَئِمَّة يَنْتَقِلُوْنَ، وَقَدِ انْتَقَلَ لإِصْلاَحِ جهَةٍ أُخْرَى.
قَالَ: آمنتُ، فَمَا لُبْسَك الحَريرَ؟
قَالَ: أَنَا نَائِب الشَّرْع أَحلِّل لنفسِي مَا أُرِيْد، وَكُلُّ الأَمْوَالِ لِي، وَزِيَادَة الله كَانَ عَاصياً.
وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ الشِّيْعِيُّ وَأَخُوْهُ، فَإِنهُمَا أَخذَا يُخَبّبَان عَلَيْهِ فَقَتَلَهُمَا.
وَخَرَجَ عَلَيْهِ خَلْقٌ مِنْ كُتَامَةَ، فَظَفِرَ بحيلَةٍ وَقَتَلَهُم.وَخَرَجَ عَلَيْهِ أَهْلُ طَرَابُلُس، فَجَهَّزَ وَلدَه القَائِمَ، فَافتتحهَا عَنْوَةً، وَافتَتَحَ بَرْقَة، ثُمَّ افتَتَح صَقِلِّيَّة، وَجَهَّزَ القَائِمَ مرَّتين لأَخذ مِصْرَ، وَيَرْجِعُ مهزوماً.
وَبنَى المهديَّةَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَخَلَّفَ ستَةَ بَنِينَ، وَسَبْعَ بنَاتٍ.
وآخرهُم وَفَاةً أَحْمَد، عَاشَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِمِصْرَ.
وفِي أَيَّامِ المَهْدِيِّ، عَاثت القَرَامِطَةُ بِالبحرين، وَأَخَذُوا الحجيجَ، وَقتلُوا وَسبَوا، وَاسْتبَاحُوا حَرَمَ الله، وَقلَعُوا الْحجر الأَسودَ.
وَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ يُكَاتِبهُم، وَيحرِّضُهُم، قَاتَلَه اللهُ.
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي (تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ) أَنَّ فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ ظهرتْ دَعْوَةُ المَهْدِيّ بِاليَمَنِ، وَكَانَ قَدْ سَيَّرَ دَاعِيينِ أَبَا القَاسِمِ بنَ حَوْشَب الكُوْفِيَّ، وَأَبَا الحُسَيْنِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ ابْنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ الصَّادِق جَعْفَر بن مُحَمَّد.
وَنَقَلَ المُؤَيَّد الحَمَوِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ ) ، أَنَّ المَهْدِيَّ اسْمُهُ فِيْمَا
وَكَانَ قِيْلَ: سَعِيْدُ بنُ الحُسَيْنِ، وَأَنَّ أَبَاهُ الحُسَيْنَ قَدِمَ سَلَمِيَّة.فَوُصِفَتْ لَهُ امْرَأَةُ يهودِي حدَّاد، قَدْ مَاتَ عَنْهَا.
فتَزَوَّجَهَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ القَدَّاح هَذَا وَكَانَ لَهَا وَلَدٌ مِنَ اليَهوديِّ، فَأَحَبَّه الحُسَيْنُ وَأَدَّبَه.
وَلَمَّا احْتُضِرَ عَهِدَ إِلَيْهِ بِأُمُورٍ، وَعَرَّفَه أَسرَارَ البَاطنيَّة، وَأَعطَاهُ أَمْوَالاً، فَبثَّ لَهُ الدُّعَاة.
وَقَدِ اخْتلف المُؤرخون، وَكثر كَلاَمُهُم فِي قِصَّةِ عُبَيْدِ اللهِ القَدَّاحِ بنِ مَيْمُوْنِ بنِ دَيْصَان.
فَقَالُوا: إِن دَيْصَان هَذَا هُوَ صَاحِبُ كتَاب (المِيزَان) ، فِي الزَّنْدَقَة.
وَكَانَ يتولَّى أَهْلَ البَيْتِ.
وَقَالَ: وَنَشَأَ لمَيْمُوْنَ بنِ دَيْصَان ابْنُه عَبْد اللهِ، فَكَانَ يَقْدَحُ العينَ، وَتعلَّم مِنْ أَبِيْهِ حِيَلاً وَمَكْراً.
سَار عَبْدُ اللهِ فِي نَوَاحِي أَصْبَهَانَ، وَإِلَى البَصْرَةِ.
ثُمَّ إِلَى سَلَمِيَّة يدعُو إِلَى أَهْلِ البَيْتِ، ثُمَّ مَاتَ، فَقَامَ ابْنُهُ أَحْمَدُ بَعْدَهُ، فَصَحِبَه رُسْتُم بنُ حَوْشَب النَّجَّار الكُوْفِيُّ، فَبَعَثَه أَحْمَدُ إِلَى اليَمَنِ يدعُو لَهُ، فَأَجَابوهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيُّ مِنْ صَنْعَاء، وَكَانَ بِعَدَنَ، فَصَحِبَه، وَصَارَ مِنْ كُبَرَاء أَصْحَابِهِ، وَكَانَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ هَذَا دَهَاء وَعُلُوْمٌ وَذكَاء، وَبَعَثَ ابْنُ حَوْشَب دُعَاةً إِلَى المَغْرِب، فَأَجَابَتْه كُتَامَةُ، فَنَفَّذَ ابْنُ حَوْشَب إِلَيْهِم أَبَا عَبْدِ اللهِ وَمَعَهُ ذهبٌ كَثِيْرٌ فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فَصَارَ مِنْ أَمْره مَا صَارَ.
فهَذَا قَوْلٌ، وَنرجِعُ إِلَى قَوْلٍ آخر هُوَ أَشهر.
فسيَّر - أَعنِي: وَالد المَهْدِيّ - أَبَا عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيَّ، فَأَقَامَ بِاليَمَنِ أَعْوَاماً، ثُمَّ حَجَّ، فصَادَفَ طَائِفَةٌ مِنْ كُتَامَة حُجَّاجاً، فَنَفَقَ عَلَيْهِم، وَأَخذوهُ إِلَى المَغْرِب، فَأَضلَّهُم، وَكَانَ
يَقُوْلُ:إِنَّ لظوَاهِرِ الآيَاتِ وَالأَحَادِيْثِ بواطنَ، هِيَ كَالّلبِّ، وَالظَّاهِرُ كَالقِشْر، وَقَالَ:
لِكُلِّ آيَةٍ ظهرٌ وَبطنٌ.
فَمَنْ وَقَفَ عَلَى عِلْمِ البَاطِنِ، فَقَدِ ارْتَقَى، عَنْ رُتْبَةِ التَّكَالِيفِ.
وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ذَا مَكْرٍ وَدَهَاءٍ وَحِيَل وَرَبْط.
وَلَهُ يدٌ فِي العِلْمِ.
فَاشْتَهَرَ بِالقَيْرَوَانِ، وَبَايَعَتْهُ البربرُ، وَتَأَلَّهوهُ لزُهده، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُتَوَلِّي إِفْرِيْقِيَة يخوِّفُه وَيُهدَّدُه، فَمَا أَلوَى عَلَيْهِ.
فَلَمَّا هَمَّ بقبضِهِ، اسْتَنْهَضَ الَّذِيْنَ تَبِعُوهُ، وَحَارَبَ فَانتصَرَ مَرَّاتٍ، وَاسْتفحَلَ أَمرُهُ، فَصَنَعَ صَاحِبُ إِفْرِيْقِيَة صُنْعَ مُحَمَّدِ بنِ يَعفُر صَاحِبِ اليَمَن، فَرَفَضَ الإِمَارَة، وَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ، وَلبِسَ الصُّوف، وَردَّ المَظَالِم، وَمَضَى غَازياً نَحْو الرُّوْم، فتملَّك بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو العَبَّاسِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ، وَوصل الأَبُ إِلَى صَقِلِّيَّة، وَمِنْهَا إِلَى طَبَرْمِين فَافْتَتَحهَا.
ثُمَّ مَاتَ مَبْطُوناً فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
كَانَتْ دولتُه ثَمَانِياً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَدُفِنَ بصَقليَة.
وشُهِرَ الشِّيْعِيُّ بِالمَشْرقِيِّ، وَكَثُرَتْ جيوشُه، وَزَادَ الطَّلَبُ لعُبَيْدِ اللهِ، فَسَارَ بِابْنِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ وَمَعَهُمَا أَبُو العَبَّاسِ أَخُو الدَّاعِي الشِّيْعِيّ فتحيّلُوا حَتَّى وَصلوا إِلَى طَرَابُلُس المَغْرِب، وَتَقَدَّمَهُمَا أَبُو العَبَّاسِ إِلَى القَيْرَوَان، وَبَالَغَ زِيَادَةُ اللهِ الأَغْلَبِيُّ فِي تَطَلُّبِهِمَا، فَوَقَعَ بِأَبِي العَبَّاسِ فَقرَّره، فَأَصرَّ عَلَى الإِنْكَارِ، فَحَبَسَهُ برَقَّادَةَ.
وَعَرَفَ بِذَلِكَ المَهْدِيُّ فَعَدَلَ إِلَى سِجِلْمَاسَةَ، وَأَقَامَ بِهَا يتَّجِر، فَعَلِمَ بِهِ زِيَادَةُ الله، وَقَبَضَ مُتَوَلِّي البَلَد عَلَى المَهْدِيِّ وَابْنِهِ. ثُمَّ
التقَى زِيَادَةُ اللهِ وَالشِّيْعِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَينتصر الشِّيْعِيُّ، وَانهَزَمَ مِنَ السجنِ أَبُو العَبَّاسِ، ثُمَّ أُمْسِكَ.وَأَمَّا زِيَادَةُ الله فَأَيس مِنَ المَغْرِب، وَلحِقَ بِمِصْرَ.
وَأَقبلَ الشِّيْعِيُّ وَأَخُوْهُ فِي جَمْعٍ كَثِيْرٍ.
فَقَصَدَا سِجِلْمَاسَةَ، فَبَرَزَ لَهُمَا مُتَوَلِّيهَا اليَسَع، فَانهزمَ جَيْشُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَأَخرج الشِّيْعِيُّ عُبَيْدَ اللهِ وَابْنَه، وَاسْتَوْلَى عَلَى البِلاَد، وَتمهَّدَتْ لَهُ المَغْرِبُ.
ثمَّ سَارَ فِي أَرْبَعِيْنَ أَلفاً براً وَبَحْراً يقصِدُ مِصْرَ، فَنَزَلَ لَبْدَة، وَهِيَ عَلَى أَرْبَعَة مرَاحِل مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّة.
فَفَجَّرَ تِكْين الخَاصَّة عَلَيْهِم النّيلَ فَحَال المَاءُ بينَهُم وَبَيْنَ مِصْرَ.
قَالَ المُسَبِّحِيّ :فَكَانَتْ وَقْعَةُ بَرْقَةَ، فَسَلَّمَهَا المَنْصُوْرُ، وَانهزَمَ إِلَى مِصْرَ.
وَفِيْهَا: سَارَ حباسَة الكُتَامِيُّ فِي عَسْكَرٍ عَظِيْمٍ طليعَةً بَيْنَ يَدي ابْن المَهْدِيِّ.
فَوَصَلَ إِلَى الجِيزَة، فتَاهُ عَلَى المَخَاضَة، وَبَرَزَ إِلَيْهِ عَسْكَرٌ وَمَنَعُوهُ.
وَكَانَ النِّيلُ زَائِداً، فَرَجَعَ جَيْشُ المَهْدِيِّ وَعَاثُوا وَأَفسدُوا.
ثمَّ قصدُوا مِصْرَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ مَعَ القَائِم، فَأَخَذَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، وَكَثِيْراً مِنَ الصَّعيد.ثُمَّ رَجَعَ، ثُمَّ أَقبلُوا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَملكُوا الجِيزَةَ.
وفِي نسَب المَهْدِيِّ أَقوَالٌ: حَاصِلُهَا أَنَّهُ لَيْسَ بهَاشمِيٍّ وَلاَ فَاطمِيِّ.
وَكَانَ مَوْتُهُ قِي نِصْفِ ربيعٍ الأَوَّلِ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ اثنتَانِ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
وَكَانَتْ دولتُهُ خمساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً وَأَشهراً.
وقَام بَعْدَهُ ابْنُهُ القَائِم.
نَقَلَ القَاضِي عِيَاض فِي تَرْجَمَة أَبِي مُحَمَّدٍ الكسترَاتِي، أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ أَكْرَهَهُ بَنو عُبَيْد عَلَى الدُّخول فِي دَعْوَتهم أَوْ يُقْتَل؟
فَقَالَ: يختَارُ القَتْلَ وَلاَ يُعذر، وَيَجِبُ الفِرَار، لأَنَّ المُقَامَ فِي مَوْضِعٍ يُطلَب مِنْ أَهلِهِ تعطيلُ الشَّرَائِعِ، لاَ يَجُوْزُ.
قَالَ القَاضِي عِيَاض: أَجمع العُلَمَاءُ بِالقَيْرَوَان، أَنَّ حَالَ بَنِي عُبَيْد حَال المرتَدِّينَ وَالزَّنَادِقَةِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ عُبَيْدَ اللهِ تملَّكَ المَغْرِب، فَلَمْ يَكُنْ يُفْصِحُ بِهَذَا المَذْهب إِلاَّ لِلْخوَاصِّ.
فَلَمَّا تَمَكَّنَ أَكثَرَ القَتْلَ جِدّاً، وَسبَى الحريمَ، وَطَمِعَ فِي أَخذِ مِصْرَ.