Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب
Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 5806
3557. المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله القرشي...1 3558. المفسر منصور بن الحسين بن محمد النيسابوري...1 3559. المفيد محمد بن أحمد بن محمد الجرجرائي...1 3560. المقانعي أبو الحسن علي بن العباس بن الوليد...1 3561. المقتدي بأمر الله عبيد الله بن محمد العباسي...1 3562. المقتفي لأمر الله محمد ابن المستظهر بالله...13563. المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك الكندي...1 3564. المقدام بن معد يكرب بن عمرو بن يزيد1 3565. المقدسي أبو عبد الله أحمد بن مسعود1 3566. المقدسي أبو محمد عبد الله بن محمد بن سلم...1 3567. المقدمي أبو عبد الله محمد بن أبي بكر1 3568. المقرئ عبد الله بن يزيد الأهوازي1 3569. المقعد المنقري عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج...1 3570. المقنع عطاء الساحر العجمي1 3571. المقوم يحيى بن حكيم البصري1 3572. المقومي أبو منصور محمد بن الحسين بن أحمد...1 3573. المكتفي بالله الخليفة علي ابن المعتضد بالله...1 3574. الملاحمي أبو نصر محمد بن أحمد بن محمد...1 3575. الملاحي محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم...1 3576. الملحمي أبو بكر أحمد بن إسحاق بن إبراهيم...1 3577. الملقاباذي أبو بكر محمد بن حسان بن محمد...1 3578. الملك الرحيم أبو الفضائل لؤلؤ الأرمني النوري الأتابكي...1 3579. الملك الرحيم أبو نصر خسرو بن أبي كاليجار بن سلطان الدولة...1 3580. الملك الصالح1 3581. الملك الصالح أبو الفتوح أيوب ابن الكامل ابن العادل...1 3582. الملك المؤيد إبراهيم بن مسعود ابن السلطان محمود بن سبكتكين...1 3583. الملك المحسن أبو العباس أحمد بن يوسف بن أيوب...1 3584. الملك المحسن أحمد بن صلاح الدين يوسف بن أيوب...1 3585. الملك الموحد عبد الله1 3586. الملك سبكتكين1 3587. الملنجي محمد بن محمد بن أبي القاسم1 3588. المليحي عبد الواحد بن أحمد بن أبي القاسم...1 3589. الممسي أبو الفضل العباس بن عيسى1 3590. المنازي أبو نصر أحمد بن يوسف الكاتب1 3591. المنبجي أبو بكر عمر بن سعيد بن أحمد1 3592. المنتجب منتجب الدين بن أبي العز بن رشيد الهمذاني...1 3593. المنتصر بالله محمد ابن المتوكل علي الله...1 3594. المنتظر أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري...1 3595. المنجم أبو الحسن علي بن يحيى بن أبي منصور...1 3596. المنجم أبو عبد الله هارون بن علي بن يحيى...1 3597. المنجنيقي أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس...1 3598. المنجنيقي أبو يوسف يعقوب بن صابر بن بركات...1 3599. المندائي أبو الفتح محمد بن أحمد بن بختيار...1 3600. المنذر بن الزبير الأسدي أبو عثمان1 3601. المنذر بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم أبو الحكم المرواني...1 3602. المنصور أبو الطاهر إسماعيل بن القائم بن المهدي...1 3603. المنصور الخليفة أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي الهاشمي...1 3604. المنصور نور الدين علي ابن المعز أيبك التركي التركماني...1 3605. المنقي أبو بكر أحمد بن طلحة البغدادي...1 3606. المنكدري أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر1 3607. المنهال بن عمرو أبو عمرو الأسدي1 3608. المنيعي أبو علي حسان بن سعيد بن حسان1 3609. المنيني أبو بكر محمد بن رزق الله بن عبيد الله...1 3610. المهتدي بالله بن الواثق بن المعتصم العباسي...1 3611. المهدي عبيد الله أبو محمد1 3612. المهدي محمد بن المنصور1 3613. المهرواني أبو القاسم يوسف بن محمد بن أحمد...1 3614. المهري أبو بكر محمد بن عمار الأندلسي...1 3615. المهلب بن أبي صفرة ظالم الأزدي1 3616. المهلب بن أحمد بن أبي صفرة أسيد بن عبد الله الأسدي...1 3617. المهلبي أبو عمران إبراهيم بن هانىء بن خالد...1 3618. المهلبي أبو محمد الحسن بن محمد بن عبد الله...1 3619. المهلبي أبو منصور نصر بن جعفر بن علي1 3620. المهلبي أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز بن محمد...1 3621. المهلبي عبد الرحمن بن عبد المؤمن بن خالد...1 3622. المهلبي محمد بن عباد بن عباد بن حبيب1 3623. الموسوي أبو البركات مهدي بن محمد الحسيني...1 3624. الموسوي أبو الحسن علي بن حمزة بن إسماعيل...1 3625. الموفق بن المتوكل علي الله جعفر بن المعتصم محمد...1 3626. الموفق عبد اللطيف بن يوسف بن محمد الموصلي...1 3627. الموفق قاسم بن هبة الله بن محمد المدائني...1 3628. الميانجي أبو بكر يوسف بن القاسم بن يوسف...1 3629. الميداني أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد...1 3630. الميداني أبو علي محمد بن أحمد بن محمد...1 3631. الميداني عبد الوهاب بن جعفر الدمشقي1 3632. الميرتلي أبو عمران موسى بن حسين1 3633. الميرماهاني أبو يزيد محمد بن يحيى بن خالد...1 3634. الميغي عبد الكريم بن محمد بن موسى البخاري...1 3635. الميمذي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد...1 3636. الميموني أبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد...1 3637. الميهني أبو الفتح أسعد بن أبي نصر بن الفضل...1 3638. الميهني أبو الفضل أحمد بن طاهر بن سعيد...1 3639. الميهني أبو سعيد فضل بن محمد بن أحمد1 3640. النابغة الجعدي أبو ليلى1 3641. الناشئ الصغير علي بن عبد الله بن وصيف الحلاء...1 3642. الناشي الكبير عبد الله بن محمد الأنباري...1 3643. الناصح عبد الرحمان بن نجم بن عبد الوهاب الأنصاري...1 3644. الناصحي أبو بكر محمد بن عبد الله بن الحسين...1 3645. الناصحي أبو محمد عبد الله بن الحسين1 3646. الناصر بن علناس بن حماد بن بلكين بن زيري الصنهاجي...1 3647. الناصر داود ابن المعظم عيسى ابن العادل...1 3648. الناصر لدين الله أبو العباس أحمد ابن المستضيء...1 3649. الناصر لدين الله علي بن حمود بن ميمون...1 3650. الناصر يوسف بن محمد بن غازي بن يوسف بن أيوب...1 3651. النباجي أبو عبد الله سعيد بن بريد الصوفي...1 3652. النجاد أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل...1 3653. النجاد علي بن القاسم بن الحسن البصري...1 3654. النجيرمي أبو يعقوب يوسف بن يعقوب البصري...1 3655. النجيرمي يوسف بن يعقوب بن إسماعيل1 3656. النخشبي أبو تراب عسكر بن الحصين1 Prev. 100
«
Previous

المقتفي لأمر الله محمد ابن المستظهر بالله

»
Next
المُقْتَفِي لأَمْرِ اللهِ مُحَمَّدُ ابنُ المُسْتَظْهِرِ بِاللهِ
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابنُ المُسْتَظْهِر بِاللهِ أَحْمَدَ ابْن المقتدِي بِاللهِ ابْن الذَّخيرَةِ مُحَمَّد ابنِ القَائِم بِأَمْرِ اللهِ عَبْدِ اللهِ ابْن القَادِر بِاللهِ عَبْد اللهِ أَحْمَد ابْن الأَمِيْر إِسْحَاق ابْن المُقْتَدِرِ الهَاشِمِيّ، العَبَّاسِيّ، البَغْدَادِيّ، الحَبَشِيّ الأُمُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ العَلاَّفِ، وَمِنْ مُؤَدِّبِهِ أَبِي البَرَكَات السِّيْبِيّ.
وَبُوْيِع بِالإِمَامَة فِي سَادِسَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَة ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: وَأَظُنُّهُ سَمِعَ (جُزْءَ ابْنِ عَرَفَةَ) مِنِ ابْنِ بَيَانٍ، كَتَبتُ إِلَيْهِ قِصَّةً أَسْأَلُه الإِنعَامَ بِالإِذن فِي السَّمَاع مِنْهُ، فَأَنْعَم، وَفتش عَلَى الجُزْء، وَنفَّذه إِلَيَّ عَلَى يَدِ إِمَامِهِ ابْنِ الجَوَالِيْقِيّ، فَسمِعتُه مِنِ ابْنِ الجَوَالِيْقِيّ عَنْهُ،
حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ بن الجَوَالِيْقِيّ، أَخْبَرَنَا المُقْتَفِي لأَمْرِ اللهِ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.قَرَأْته عَلَى الأَبَرْقُوْهِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ الجَوَالِيْقِيّ، أَخْبَرَنَا الوَزِيْر عَوْن الدِّيْنِ، أَخْبَرَنَا المُقْتَفِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيْفِيْنِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الوَرَّاق، حَدَّثَنَا حَفْصٌ الرَّبَالِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو سُحَيْم، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ يَزْدَادُ الأَمْرُ إِلاَّ شِدَّةً، وَلاَ النَّاسُ إِلاَّ شُحّاً، وَلاَ تَقُوْمُ السَّاعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ ) .
وَأَنْبَأَنَاهُ جَمَاعَة سَمِعُوْهُ مِنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ البَيْضَاوِيّ، أَخْبَرَنَا الصَّرِيْفِيْنِيّ.
كَانَ المُقْتَفِي عَاقِلاً لَبِيْباً، عَامِلاً مَهِيْباً، صَارِماً، جَوَاداً، مُحِبّاً لِلْحَدِيْثِ وَالعِلْمِ، مُكْرماً لأَهْلِهِ، وَكَانَ حَمِيْدَ السيرَةِ، يَرْجِع إِلَى تديُّنٍ وَحُسنِ سِيَاسَةٍ، جدَّد معَالِمَ الخِلاَفَة، وَبَاشر المُهمَّاتِ بِنَفْسِهِ، وَغَزَا فِي جُيُوْشه.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ بنُ عَبْدِ السَّمِيْعِ: كَانَتْ أَيَّامه نَضِرَةً بِالعَدْلِ زهرَة
بِالخَيْرِ، وَكَانَ عَلَى قَدَمٍ مِنَ العِبَادَة قَبْل الخِلاَفَة وَمَعَهَا، وَلَمْ يُرَ مَعَ لينه بَعْد المُعْتَصِم فِي شهَامتِه مَعَ الزُّهْد وَالوَرَع، وَلَمْ تَزل جُيُوْشُه مَنْصُوْرَة.قُلْتُ: وَكَانَ مِنْ حَسَنَاتِهِ وَزِيْرُهُ عَوْنُ الدِّينِ بنُ هُبَيْرَةَ، وَقِيْلَ: كَانَ لاَ يَجرِي فِي دَوْلَتِهِ شَيْءٌ إِلاَّ بِتَوقِيعِهِ، وَكَتَبَ فِي خِلاَفَتِهِ ثَلاَثَ رَبَعَاتٍ، وَوَزَرَ لَهُ عَلِيُّ بنُ طِرَادٍ، ثُمَّ أَبُو نَصْرٍ بنُ جَهِيرٍ، ثُمَّ عَلِيُّ بنُ صَدَقَةَ، ثُمَّ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَحجبَهُ أَبُو المَعَالِي بنُ الصَّاحبِ، ثُمَّ كَامِلُ بنُ مُسَافِرٍ، ثُمَّ ابْنُ المعوّجِ، ثُمَّ أَبُو الفَتْحِ بنُ الصَّيْقَلِ، ثُمَّ أَبُو القَاسِمِ بنُ الصَّاحبِ.
وَكَانَ أَسْمَرَ، آدَمَ، مَجْدُورَ الوَجْهِ، مليحَ الشَّيْبَةِ، أَقَامَ حِشْمَةَ الخِلاَفَةِ، وَقطعَ عَنْهَا أَطمَاعَ السَّلاَطِيْنِ السَّلْجُوْقيَّةِ وَغَيْرِهِم، وَكَانَ مِنْ سَلاَطِيْنِ خِلاَفَتِهِ صَاحِبُ خُرَاسَانَ سَنْجَرُ بنُ مَلِكْشَاه، وَالملكُ نورُ الدِّينِ صَاحِبُ الشَّامِ، وَأَبُوْهُ قسيمُ الدَّوْلَةِ.
أَنْبَؤُوْنَا عَنِ ابْنِ الجَوْزِيِّ، قَالَ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الفَرَجِ الحَدَّادِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي مَنْ أَثقُ بِهِ: أَنَّ المُقْتَفِي رَأَى فِي مَنَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخلَفَ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ لَهُ: سيصِلُ هَذَا الأَمْرُ إِلَيْكَ، فَاقتَفِ بِي؛ فَلِذَا لُقِّبَ المُقْتَفِي لأَمرِ اللهِ.
وَكَانَ قَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ السُّلْطَانُ مَسْعُوْدٌ السَّلْجُوْقِيُّ، وَذَهَبَ الرَّاشدُ مِنْ بَغْدَادَ، فَاجْتَمَعَ القُضَاةُ وَالكُبَرَاءُ، وَخلعُوا الرَّاشدَ - كَمَا ذكرنَا - لِعدَمِ أَهْليَّتِهِ،
وَحكمَ بِخلعِهِ ابْنُ الكَرْخِيِّ القَاضِي، وَبَايَعُوا عَمَّهُ.قَالَ السَّديدُ بنُ الأَنْبَارِيِّ: نَفَّذَ السُّلْطَانُ إِلَى عَمِّهِ سَنْجَر: مَنْ نَستخلفُ؟
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: لاَ تُوَلِّ إِلاَّ مَنْ يَضمنُهُ الوَزِيْرُ وَصَاحِبُ المخزنِ وَابْنُ الأَنْبَارِيِّ.
قَالَ: فَاجْتَمَعَ بِنَا مَسْعُوْدٌ، فَقَالَ الوَزِيْرُ: نُوَلِّي الدَّيِّنَ الزَّاهِدَ مُحَمَّدَ بنَ المُسْتظهِرِ.
قَالَ: تضمنُهُ.
قَالَ: نَعَمْ، وَكُنَّا صهراً لِلوزِيْرِ عَلَى بِنْتِهِ، تَزَوَّجَ بِهَا فِي دَوْلَةِ أَبِيْهِ.
وَأَخَذَ مَسْعُوْدٌ كُلَّ حَوَاصِلِ دَارِ الخِلاَفَةِ، بِحَيْثُ لَمْ يَدعْ فِي إِصطبلِ الخِلاَفَةِ سِوَى أَرْبَعَةِ أَفرَاسٍ وَثَمَانِيَةِ بغَالٍ.
فَقِيْلَ: بَايَعُوا مُحَمَّداً عَلَى أَنْ لاَ يَكُوْنَ عِنْدَهُ خيلٌ وَلاَ عِدَّةُ سفرٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْ سِنِيِّهِ صَادرَ مَسْعُوْدٌ أَهْلَ بَغْدَادَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ ابْنُ الكوَّازِ الزَّاهِدُ، وَوعظَهُ، فَتركَ، وَلَمْ يَدعْ لِلْخَلِيْفَةِ سِوَى العَقَار، ثُمَّ تَزَوَّجَ الخَلِيْفَةُ بِأُخْتِ مَسْعُوْدٍ.
وَفِيْهَا اقتتلَ مَسْعُوْدٌ وَعَسَاكِرُ أَذْرَبِيْجَانَ وَالرَّاشدُ المخلوعُ، وَتَمَّتْ وَقْعَةٌ مَهُولَةٌ، وَكَتَبَ الخَلِيْفَةُ لِزِنْكِي بِعَشْرَةِ بِلاَدٍ، وَأَنْ لاَ يُعِينَ الرَّاشدَ، فَخُطِبَ بِالمَوْصِلِ لِلمُقْتَفِي، فَنَفَّذَ الرَّاشدُ يَقُوْلُ لِزِنْكِي: غدرتَ.
قَالَ: مَا لَنَا طَاقَةٌ بِمَسْعُوْدٍ.
وَفَارقَ الرَّاشدَ وَزِيْرُهُ ابْنُ صَدَقَة، وَقلَّ جَمعُهُ، وَتَحيَّزَ إِلَى مرَاغَةَ، وَبَكَى عِنْدَ قَبْرِ أَبِيْهِ، وَحَثَا عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ، فَثَارَ مَعَهُ أَهْلُ مَرَاغَةَ، وَبذلُوا لَهُ الأَمْوَالَ، وَقَوِيَ بِالملكِ دَاوُدَ، وَعَمِلَ مَصَافّاً مَعَ مَسْعُوْدٍ فَاسْتظهَرَ دَاوُدَ.
وَفِيْهَا هَرَبَ وَزِيْر مِصْر تَاج الدَّوْلَة بَهْرَامَ النَّصْرَانِيّ الأَرْمَنِيّ، وَكَانَ قَدْ
تَمَكَّنَ، وَاسْتَعْمَلَ الأَرمن، فَظلم الرَّعِيَّة، فَجمعَ رِضْوَانُ الولخشِي جَيْشاً، وَقصد القَاهِرَةَ، فَسَارَ بَهْرَامُ فِي جَيْشِهِ إِلَى الصّعيد وَأَكْثَرهُم أَرمن نَصَارَى، فَمنعه أَمِيْر أُسْوَان مِنْ دُخُوْلهَا، فَاقْتَتَلُوا، وَقُتِلَ عِدَّةٌ مِنَ الأَرمن وَالسودَان، ثُمَّ بَعَثَ يَطلب أَمَاناً مِنَ الحَافِظِ العبيدِي، فَآمَنَهُ، فَعَاد وَحُبِس بِالقَاهِرَةِ، ثُمَّ ترهَّبَ، ثُمَّ أُطْلِقَ، وَوزر لِلْحَافِظ رِضْوَان، وَلُقب بِالملك الأَفْضَل، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الحَافِظ بَعْد سنتَيْن، فَهَرَبَ إِلَى الشَّامِ، فَنَزَلَ عَلَى أَمِيْرِ الدَّوْلَة كَمشتِكين صَاحِب صَرْخَد، فَأَكْرَمَه، وَعظَّمه.وَأُعِيْدت إِلَى المُقْتَفِي ضِيَاعه وَمعَامِلاَتُهُ، وَتَمَكَّنَ، وَنَصْر عَسْكَر دِمَشْق وَعَلَيْهِم بزوَاش عَلَى فِرْنَج طَرَابُلُس، وَالتَقَى زِنْكِي وَالفِرَنْج أَيْضاً فَهَزمهُم، وَاسْتَوْلَى عَلَى قَلْعَةٍ لَهُم، ثُمَّ سَارَ وَأَخَذَ بَعْلَبَكَّ، وَأَخَذتِ الرُّوْم بُزَاعَةَ بِالأَمَانِ، وَتنصَّر قَاضِيهَا وَجَمَاعَة، فَلله الأَمْر.
وَتَزَوَّجَ السُّلْطَان مَسْعُوْدٌ بِبنتِ دُبَيْسٍ الأَسَدِيِّ لِملاَحتهَا، وَأُغلقت بَغْدَاد لِلْعرس أُسْبُوْعاً فِي سَنَةِ 532.
وَفِيْهَا : اسْتفحل أَمر الرَّاشد، وَالتف عَلَيْهِ عَسَاكِر، فَقتلته البَاطِنِيَّة، وَنَازلت عَسَاكِر الرُّوْم حلب، وَحمِي الحَرْب، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ النَّصَارَى، وَقُتِلَ بِطْرِيْقُهُم، ثُمَّ نَازلُوا شَيْزَر مُدَّة، وَعَاثُوا فِي الشَّام، وَمَا قحم عَلَيْهِم زِنْكِي، بَلْ ضَايقهُم، وَطلب النّجدَة مِنَ السُّلْطَان مَسْعُوْد، ثُمَّ قلعهُم الله.
وَفِي سَنَةِ 533: زلْزلت جَنْزَة.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ : فَأَهْلكت مائَتَيْ
أَلفٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، فَسَمِعْتُ شَيْخنَا ابْنَ نَاصِرٍ يَقُوْلُ:جَاءَ الخَبَر أَنَّهُ خُسفت جَنْزَة، وَصَارَ مَكَان البَلَدِ مَاءٌ أَسودُ.
وَكَذَا عدهُم ابْن الأَثِيْرِ فِي (كَامِلِه ) ، لَكِن أَرَّخهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ.
وَفِيْهَا: حَاصر زِنْكِي دِمَشْق غَيْرَ مَرَّةٍ، وَعُزِلَ ابْنُ طِرَاد مِنَ الوِزَارَة، وَوَلِيهَا أُسْتَاذ الدَّار أَبُو نَصْرٍ بنُ جَهِيْرٍ، وَعَظُمَ الخطبُ بِالعَيَّارِيْنَ، وَأَخَذُوا الدُّور بِالشُّموع وَالثِّيَاب مِنَ الحمَامَات، وَأَعَانَهُم وَزِيْر السُّلْطَان، فَتَحَزَّب النَّاسُ لَهُم، وَأَذِنَ فِي ذَلِكَ السُّلْطَانُ، وَتَتَبَّعُوهُم.
وَفِيْهَا: كَانَتْ وَقْعَةٌ عُظْمَى بَيْنَ سَنْجَر السُّلْطَان وَبَيْنَ كَافِر ترك بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، فَانْكَسَرَ المُسْلِمُوْنَ، وَنَجَا سَنْجَر فِي طَائِفَةٍ، فَتوصَّل إِلَى بَلْخَ فِي سِتَّة نَفرٍ، وَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الجَيْش حَتَّى قِيْلَ: قُتل مائَةُ أَلْف، وَسَارَ اللعينُ فِي ثَلاَثِ مائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ، وَأَحَاطُوا بِسَنْجَرَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ.
وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ : حَاصَرَ زِنْكِي الفِرَنْج بِالرُّهَا، وَافْتَتَحَهَا، ثُمَّ بَعْد سَنَوَات أَخَذَتهَا الفِرَنْج.
وَفِيهَا: افْتَتَحَ عَبْدُ المُؤْمِنِ مدينَة تِلِمْسَان، ثُمَّ فَاس.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ: حَاصر زِنْكِي قَلْعَة جَعْبَرَ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ ثَلاَثَةٌ مِنْ غِلمَانِه، فَقَتَلُوْهُ، وَعَارض شِحْنَةُ مَسْعُوْدٍ المُقْتَفِي فِي دَارِ الضَّرب، فَأَمر بِحَبسِهِ، وَعظُم المُقْتَفِي، وَأَخَذتِ الفِرَنْجُ طَرَابُلُسَ المَغْرِبِ، وَاسْتفحلَ أَمرُ
الْمَلِكِ عَبْدِ المُؤْمِنِ، وَغَلَبَ عَلَى مَمَالِكِ المَغْرِبِ.وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ: وَلِي ابْن هُبَيْرَةَ دِيْوَانَ الزِّمَام، وَعُزل مِنِ ابْنِ جَهِيْر، وَوزر أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ صَدَقَةَ.
وَفِي سَنَةِ 543: جَاءت ثَلاَثَةُ مُلُوْكٍ مِنَ الفِرَنْجِ إِلَى القُدْسِ، مِنْهُم طَاغِيَةُ الأَلمَانِ، وَصَلَّوْا صَلاَة المَوْت، وَفَرَّقُوا عَلَى جُندهِم سَبْع مائَة أَلْف دِيْنَارٍ، فَلَمْ يَشعُر بِهِم أَهْل دِمَشْقَ إِلاَّ وَقَدْ صبَّحوهُم فِي عَشْرَة آلاَف فَارِس وَسِتِّيْنَ أَلْفَ رَجُلٍ، فَخَرَجَ المُسْلِمُوْنَ فَارِسُهُم وَرَاجِلُهُم، وَالتَقَوْا، فَاسْتُشْهِدَ نَحْوُ المائَتَيْنِ، مِنْهُم الفَنْدَلاَوِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ الحَلْحُوْلِيّ، ثُمَّ اقْتَتَلُوا مِنَ الغَدِ، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الفِرَنْج، فَلَمَّا كَانَ خَامِس يَوْم، وَصل مِنَ الجَزِيْرَة غَازِي بنُ زِنْكِي فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً، وَتَبِعَهُ أَخُوْهُ نُور الدِّيْنِ، وَكَانَ الضَّجِيج وَالدُّعَاء وَالتَّضَرُّع بِدِمَشْقَ لاَ يُعَبَّرُ عَنْهُ، وَوَضَعُوا المُصْحَف العُثْمَانِيّ فِي صَحنِ الجَامِعِ، وَكَانَ قِسِّيسُ العَدُوّ قَالَ: وَعَدَنِي المَسِيْحُ بِأَخْذَ دِمَشْق.
فَحفُّوا بِهِ، وَرَكِبَ حِمَارَه وَفِي يَدِهِ الصَّليب، فَشدَّ عَلَيْهِ الدَّمَاشقَة، فَقتلُوْهُ، وَقتلُوا حِمَاره، وَجَاءت النّجدَات، فَانْهَزَمَ الفِرَنْجُ.
وَقَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ : سَارَ ملكُ الأَلمَان مِنْ بِلاَدِه لِقَصْدِ المُسْلِمِيْنَ، وَانضمَّ إِلَيْهِم فِرْنَجُ الشَّامِ، فَنَازلَ دِمَشْقَ، وَبِهَا الْملك مُجِيْرُ الدِّيْنِ أَبَقُ وَأَتَابَكُهُ مُعِيْنُ الدِّيْنِ أَنُر، فَنَجَدَه أَوْلاَدُ زِنْكِي، وَنَزَلَ ملكُ الأَلمَان بِالمَيْدَانِ الأَخْضَر،
وَأَيِسَ أَهْلُ دِمَشْقَ، وَوصل صَاحِبُ المَوْصِلِ إِلَى حِمْصَ، فَرَاسلَ أَنُر مُلُوْكَ فِرْنَجِ السَّاحِلِ يَقُوْلُ: بأَيِّ عقل تُسَاعِدُوْنَ الأَلمَان عَلَيْنَا؟! وَإِنْ ملكُوا أَخذُوا مِنْكُم السوَاحل، وَأَنَا إِذَا عجزت سلَّمت دِمَشْق إِلَى ابْنِ زِنْكِي، فَلاَ تَقُوْمُوْنَ بِهِ.فَتخَاذلُوا، وَبَذَلَ لَهُم بَانِيَاس، فَخوَّفُوا ملك الأَلمَان مِنْ عَسَاكِر الشَّرْق، فَرد إِلَى بِلاَده، وَهِيَ وَرَاء قُسْطَنْطِيْنِيَّة.
وَفِيْهَا: ظُهُوْر الدَّوْلَة الغُورِيَة، فَقصد سُوْرِيُّ بنُ حُسَيْنٍ مَدينَةَ غَزْنَةَ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، فَجرت بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَهْرَامَ شَاه وَقْعَةٌ، فَقُتلَ سُورِي، فَغضبت الغُوْر لِقَتلِهِ، وَحَشَدُوا، فَكَانَ خُرُوْجُهُم فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَالملكُ فِي بَقَايَاهُم إِلَى اليَوْمِ، وَافْتَتَحُوا إِقْلِيْم الهِنْد.
وَاشتدَّ بِإِفْرِيْقِيَةَ القَحطُ، لاَ بَلْ كَانَ القَحطُ عَامّاً، فَقَالَ المُؤَيَّد عِمَادُ الدِّيْنِ: فِيْهَا كَانَ الغلاَءُ العَامُّ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى العِرَاقِ إِلَى الشَّامِ إِلَى بِلاَد المَغْرِبِ.
وَفِي سَنَةِ 44: كسر نُوْر الدِّيْنِ مَحْمُوْد صَاحِبُ حلب الفِرَنْجَ، وَقَتَلَ صَاحِب أَنطَاكيَة فِي أَلف وَخَمْس مائَة مِنْهُم، وَأَسَرَ مِثْلهُم، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُم حصن فَامِيَة.
وَكَانَ جُوسلين طَاغِيَةُ تلّ باشِر، قَدْ أَلهبَ المُسْلِمِيْنَ بِالغَارَات، وَاسْتَوْلَى عَلَى إِلبيرَة وَبَهَسْنَا وَمَرْعَش وَالرَّاوندَان وَعين تَابَ وَعَزَاز، فَحَارَبَهُ سلحدَار نُوْرِ الدِّيْنِ، فَأَسره جُوسلين، فَدَسَّ نُوْر الدِّيْنِ
جَمَاعَة مِنَ التُّركمَان، وَقَالَ: مَنْ جَاءنِي بِجُوسلين فَلَهُ مَا طلبَ.فَنَزَلُوا بِنَاحيَة عين تَابَ، وَأَغَار عَلَيْهِم جُوسلين، وَأَخَذَ مِنْهُم امْرَأَة مليحَة، وَافتضَّهَا تَحْتَ شَجَرَة، فَكمن لَهُ التُّرُكْمَانُ، وَأَسروهُ، فَأَعْطَاهُم نُوْر الدِّيْنِ عَشْرَة آلاَف دِيْنَار، وَاسْتَوْلَى نُوْر الدِّيْنِ عَلَى بِلاَدِه، وَاشتدَّ القَحط بِالعِرَاقِ عَام أَوّل، وَزَال فِي العَامِ، وَوزر ابْن هُبَيْرَةَ، وَنكثتْ فِرْنَج السوَاحل، فَشن أَنُر الغَارَات عَلَيْهِم، وَفعل مِثْلَه العربُ وَالتُّرُكْمَان، حَتَّى طلبُوا تَجديد الهُدنَة، وَأَنْ يَتركُوا بَعْض القطيعَة.
وَالتَقَى نُوْر الدِّيْنِ الفِرَنْج، فَهَزمهُم، وَقَتَلَ قَائِدهُم البُرْنُس أَحَد الأَبْطَال، وَمَرِضَ أَنُر بِحَوْرَان وَمَاتَ، ثُمَّ دُفِنَ بِالمُعَيْنِيَّةِ.
وَمَاتَ الحَافِظُ صَاحِب مِصْرَ، وَقَامَ وَلَدُهُ الظَّافرُ، وَوزر لَهُ ابْن مصَال، ثُمَّ اخْتلف المِصْرِيّون، وَقُتِلَ خَلْقٌ.
وَفِي سَنَةِ 545: ضَايق نُور الدِّيْنِ دِمَشْقَ، فَأَذْعَنُوا، وَخطبُوا لَهُ بِهَا بَعْد ملكهَا، فَخلع عَلَى ملكهَا، وَطوَّقه، وَردَّه إِلَى البَلَد، وَاسْتدعَى الرَّئِيْس مُؤَيَّد الدِّيْنِ إِلَى مُخيَّمه، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَردَّ إِلَى حلب.
وَفِيْهَا أُخِذَ ركبُ العِرَاق، وَقلَّ مَنْ نَجَا، وَقُتِلَ ابْنُ مصَال الوَزِيْر، وَغلبَ ابْنُ السَّلاَّر.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ : جَاءَ بِاليَمَنِ مَطَرٌ كُلُّه دَم.
وَفِي سَنَةِ 46: عَاود نُوْر الدِّيْنِ مُحَاصرَة دِمَشْق، وَرَاسلهُم نُوْر الدِّيْنِ: إِنِّيْ أُوْثِر إِصْلاَح الرَّعِيَّة وَجِهَاد الفِرَنْج، فَإِنْ أَعَاننِي عَسْكَركُم عَلَى الغَزْو، فَهُوَ المُرَاد.فَنفرُوا، وَامتنعُوا، وَخربت الغُوْطَة، وَعَاث العَسْكَر، وَتحركت الفِرَنْج إِنجَاداً لملك دِمَشْق، فَضَاقت صُدُور الأَخيَار، وَجُرح خلق، ثُمَّ تَحَوَّلَ نُوْر الدِّيْنِ إِلَى البِقَاع لَمَّا جَاءت جُيُوْش الفِرَنْج نَجدَة، فَطَلبُوا مِنْ دِمَشْقَ مَال القطيعَة المَبْذُوْلَة لَهُم عَلَى تَرْحِيلُ نُوْر الدِّيْنِ، ثُمَّ عَادَ نُوْرُ الدِّيْنِ إِلَى دَارَيَّا، وَبَرَزَ عَسْكَر البَلَد، وَوقعت المنَاوشَة، وَتَصَالَحُوا، ثُمَّ سَارَ ملك دِمَشْق مُجِيْر الدِّيْنِ إِلَى خدمَة نُوْر الدِّيْنِ إِلَى حلب، فَأَكْرَمَه، وَبَقِيَ كَنَائِبٍ لِنُوْر الدِّيْنِ بِدِمَشْقَ، وَافتَتَح نُوْر الدِّيْنِ أَنطرطوس وَتل بَاشر وَعِدَّة معَاقل لِلْفرنج، وَنَازلت أَرْبَعونَ أَلْفاً مِنَ الفِرَنْج قُرْطُبَة ثَلاَثَة أَشْهُرٍ، حَتَّى كَادُوا أَنْ يَأْخذوهَا، فَكشف عَنْهَا جَيْشُ عَبْد المُؤْمِنِ، وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، وَقَدِمَ السُّلْطَان مَسْعُوْد بَغْدَاد.
وَفِي سَنَةِ 47: مَاتَ مَسْعُوْد، وَقَامَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ مُحَمَّد، وَعظم شَأْن المُقْتَفِي، وَسَارَ إِلَى وَاسِط، فَمهدهَا، وَعطف إِلَى الكُوْفَةِ، ثُمَّ عَادَ مُؤيداً مَنْصُوْراً، فَعُملتْ لَهُ قِبَاب الزِّينَة.
وَفِي سَنَةِ 48: أَخذت الفِرَنْج عَسْقَلاَن، وَاشتدَّ الغلاَء بِدِمَشْقَ، وَمَاتَ الفُقَرَاء، فَطمع نُوْر الدِّيْنِ فِي أَخْذِهَا، فَفِي أَوَّلِ سَنَة تِسْع قَدِمَ شِيْركُوه رَسُوْلاً، فَنَزَلَ فِي أَلف فَارِس، فَلَمْ يَخْرُجُوا لِتلقيه، وَقَوِيت الوحشَة، وَأَقْبَلَ نُوْر الدِّيْنِ، فَنَزَلَ بِبَيْتِ الأَبَّار، وَزَحَفَ عَلَى البَلَد مَرَّتين، وَأَقْبَلَ عَسْكَره إِلَى بَاب كَيْسَان، فَإِذَا لَيْسَ عَلَى السُّوْر كَبِيْر أَحَد، فَتَقَدَّم رَاجل، فَرَأَتْه يَهُوْديَة، فَدلَّت لَهُ حبلاً، فَصَارَ عَلَى السُّوْر، وَتَبِعَهُ جَمَاعَة، فَنصبُوا
سَنْجَقاً، وَصَاحُوا: نُوْر الدِّيْنِ يَا مَنْصُوْر.وَفتر القِتَال، وَبَادر قطَّاع خشب بفَأْسه، فَكسر قفل بَاب شرقِي، وَدَخَلَ نُوْر الدِّيْنِ، وَفرحت بِهِ الرَّعِيَّة، فَتحصن الْملك مُجِيْر الدِّيْنِ بِالقَلْعَة طَالباً لِلأَمَان، ثُمَّ نَزل، فَطيب نُوْر الدِّيْنِ قَلْبه، وَخَرَجَ بِأَمْوَاله إِلَى الدَّارِ الأَتَابَكيَة، ثُمَّ ذهب إِلَى حِمْصَ، وَكُتِبَ لَهُ بِهَا مَنْشُوْر.
وَأَقْبَلت الغُزّ التُّرُكْمَان، فَنهبُوا نَيْسَابُوْر، وَعَذَّبُوا وَقتلُوا بِهَا أُلُوْفاً، وَخدمُوا السُّلْطَان سَنْجَر، وَأَخَذوهُ مَعَهُم، فَصَارَ فِي حَال زرِيَة بَعْد الْعِزّ وَالملك، يَرْكُب أَكدُشاً، وَرُبَّمَا جَاع.
وَفِيْهَا: يَوْمَ الجُمُعَةِ، ثَانِي شَوَّال، وَقعت صَاعِقَة عَظِيْمَة فِي التَّاج الَّذِي بِدَارِ الخِلاَفَة، فَتَأَججت فِيْهِ وَفِي القُبَّة وَالدَّار، فَبقيت النَّار تَعْمَل فِيْهِ تِسْعَة أَيَّام حَتَّى أُطْفِئَتْ بَعْدَ أَنْ صَيَّرته كَالحُمَمَة، وَكَانَتْ آيَة هَائِلَة وَكَائِنَة مدهشَة، وَكَانَ هَذَا التَّاج مِنْ مَحَاسِن الدُّنْيَا، أَنشَأَه المكتفِي فِي دَوْلَته، وَكَانَ شَاهقاً، بَدِيْع البنَاء، ثُمَّ رُمَّ شَعْثُه وَطُرِّي.
وَفِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ: سَارَ المُقْتَفِي إِلَى الكُوْفَةِ، وَاجتَاز بِسُوقهَا، وَقُتِلَ فِي العَامِ المَاضِي الظَّافرُ بِمِصْرَ، وَقَدِمَ طلاَئِع بن زُرِّيك مِنَ الصّعيد لِلأَخْذَ بِثَأْر الظَّافر مِنْ قَاتِلِه عَبَّاسٍ، فَفَرَّ عَبَّاس نَحْو الشَّام بِأَمْوَاله، فَأَخَذتْهُ فِرْنَجُ عَسْقَلاَن، فَقَتَلُوْهُ، وَبَاعُوا ابْنه نصرَا لِلمِصرِيِّينَ، وَاضْطَرَب أَمرُ مِصْر، وَعزمت الفِرَنْج عَلَى أَخْذِهَا، وَأَرست مَرَاكِب جَاءت مِنْ صَقِلِّيَّة عَلَى تِنِّيْسَ، فَهجموهَا، وَقتلُوا، وَسَبَوْا، وَافتَتَح نُوْر الدِّيْنِ قِلاعاً لِلْفرنج وَبَعْض بِلاَدِ الرُّوْم بِالأَمَانِ، وَاتَّسَعَ مُلكُه، فَبَعَثَ إِلَيْهِ المُقْتَفِي تَقلِيداً، وَلقَّبه بِالملك العَادل، وَأَمره بِقصد مِصْر.
وَفِي سَنَةِ 551: سَارَ المُقْتَفِي وَالسُّلْطَان سُلَيْمَان بن مُحَمَّدِ بنِ مَلِكْشَاه إِلَى حُلْوَان، ثُمَّ نَفَّذ المُقْتَفِي العَسَاكِر مَعَ السُّلْطَان، وَفِي رَمَضَانهَا هَرَبَ سَنْجَر مِنَ الغُزّ فِي خوَاصه إِلَى تِرْمِذ، وَتَمنع بِهَا.وَكَانَ أَتْسِز خُوَارِزْمشَاه وَابْن أُخْت سَنْجَر الخَاقَانُ مَحْمُوْد يُحَاربَان الغُزّ، وَالحَرْب بَيْنهُم سجَال، وَذلَّت الغُزّ بِمَوْت عليّ بِك، وَأَتَتِ الأَترَاك الفَارغليَة إِلَى خدمَة سَنْجَر، وَعظم حَاله، وَرجع إِلَى دَار ملكه مَرْو.
وَفِيْهَا: جَاءت الزَّلْزَلَة العُظْمَى بِالشَّامِ.
وَفِي سَنَةِ 52: وَرد كِتَاب السُّلْطَان سَنْجَر إِلَى الْملك نُوْر الدِّيْنِ يَتودد فِيْهِ، وَأَنَّهُ انْتَصر عَلَى الغُزّ بحيلَة، وَيَعده بِنصره عَلَى الفِرَنْج، فَزُيِّنَت دِمَشْق وَالقَلْعَة بِالمغَانِي، وَكسر عَسْكَر نُوْر الدِّيْنِ الفِرَنْج، وَأَخَذَ نُوْر الدِّيْنِ بَانِيَاس بِالسَّيْف، ثُمَّ التَقَى نُوْرُ الدِّيْنِ، وَنُصِرَ عَلَيْهِم - وَللهِ الحَمْدُ -.
وَفِيْهَا: نَازل مُحَمَّد شَاه بنُ مَحْمُوْدٍ وَعلِي كوجك بَغْدَاد فِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَاقْتَتَلُوا أَيَّاماً، وَعظم الْخطب، وَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيْر، وَبَذَلَ المُقْتَفِي الأَمْوَال وَالغلاَل، ثُمَّ ترحلُوا، وَسَارَ المُقْتَفِي إِلَى أَوَانَا، وَتَصيد، وَمَاتَ سَنْجَر السُّلْطَان، وَهَزَمَ نُوْر الدِّيْنِ الفِرَنْج عَلَى صَفد، وَأُخِذت غزَة مِنَ الفِرَنْج.
وَفِي سَنَةِ 53: سَارَ المُقْتَفِي إِلَى وَاسِط، وَزَار مشْهد الحُسَيْن، وَرد، ثُمَّ سَارَ إِلَى المَدَائِن، وَشَهِدَ العِيْد فِي تَجمل بَاهِر.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ : كَانَ مصرع الإِسْمَاعِيليَة الخُرَاسَانِيين، نَزلُوا وَكَانُوا أَلْفاً وَسَبْع مائَة، فَأَخذُوا زَوَّقَ تركمَان، فَتنَاخت التُّرُكْمَان، وَكَرُّوا عَلَيْهِم، وَوضعُوا فِيهِم السَّيْف، فَمَا نَجَا مِنْهُم إِلاَّ تِسْعَة أَنْفُس.وَكَانَتْ ملحمَة كُبْرَى بَيْنَ الغُزّ وَبَيْنَ أُمَرَاء خُرَاسَان، وَدَام المَصَافّ يَوْمَيْنِ، وَانتصرت الغُزّ، وَاسْتَغْنَوْا، وَشرعُوا فِي العَدْل قَلِيْلاً.
وَفِيْهَا: التَقَى المِصْرِيّون وَالفِرَنْجُ بِفِلَسْطِيْن، فَاسْتُبيحت الفِرَنْج.
وَفِيْهَا: التَقَى نُوْر الدِّيْنِ وَالفِرَنْج، فَانْهَزَم عَسْكَرُهُ، وَنَجَا نُوْرُ الدِّيْنِ، وَانْهَزَمَ العَدُوُّ أَيْضاً.
وَفِيْهَا: أَقْبَل صَاحِب قُسْطَنْطِيْنِيَّة فِي جُيُوْش الرُّوْم، وَأَغَار أَوَائِلُهُم عَلَى بِلاَدِ أَنطَاكيَة.
وَفِي سَنَةِ 554: مرض نُوْر الدِّيْنِ، وَعهد بِالمُلك بَعْدَهُ لأَخِيهِ مَوْدُوْدٍ، وَصَالَحَ صَاحِبَ القُسْطَنْطِيْنِيَّة، وَأَطلق لَهُ مُقدَّمين مِنْ أَسرَى الفِرَنْج، فَبَعَثَ هُوَ إِلَى نُوْر الدِّيْنِ هدَايَا وَتحفاً، وَسَارَ نُوْر الدِّيْنِ، فَتَمَلَّكَ حرَان، وَمد سِمَاطاً لأَخِيه مَوْدُوْد لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ.
وَفِي سَنَةِ 4: كَانَ الفَسَاد بِالغز عَمَّالاً، وَسَارَ الخَلِيْفَة إِلَى وَاسِط، وَسَارَ عَبْد المُؤْمِنِ سُلْطَان المَغْرِب، فَحَاصَر المهديَة سَبْعَة أَشهر، وَأَخَذَهَا بِالأَمَان، وَبِهَا خلق مِنَ النَّصَارَى، وَكَانَتْ بِأَيْدِيهِم مِنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَافتَتَح أَيْضاً قَبْلهَا تُوْنُس.
وَفِي (كَامِل ابْن الأَثِيْرِ ) : أَنَّ نَقيب العَلَوِيَّة بِنَيْسَابُوْرَ ذُخْرَ الدِّيْنِ قتل شَافعِيٌّ بَعْض أَصْحَابه، فَطَلَبَهُ مِنْ رَئِيْس الشَّافِعِيَّة المُوفَّقِي، فَحمَاهُ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّاماً، وَعظم الْخطب، وَأُحرقت المدَارس وَالأَسواق، وَاسْتَحَرَّ الْقَتْل بِالشَّافِعِيَّة بِحَيْثُ اسْتُؤصل البَلَد - فَلله الأَمْر -.قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ : مرض المُقْتَفِي بعلَة الترَاقِي، وَقِيْلَ: بِدُمَّل فِي عُنُقه، فَتُوُفِّيَ فِي ثَانِي رَبِيْع الأَوّل، سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، سِوَى ثَمَانِيَة وَعِشْرِيْنَ يَوْماً، وَكَذَا مَاتَ أَبُوْهُ بعلَة الترَاقِي.
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to Al-Dhahabī (d. 1348 CE) - Siyar aʿlām al-nubalāʾ - الذهبي - سير أعلام النبلاء are being displayed.