Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب
Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 5806
3479. المزني أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل...1 3480. المزين أبو الحسن البغدادي علي بن محمد...1 3481. المسبحي محمد بن عبيد الله بن أحمد1 3482. المسترشد بالله الفضل بن المستظهر بالله...1 3483. المستضيء بأمر الله أبو محمد الحسن ابن المستنجد بالله...1 3484. المستظهر بالله أبو العباس أحمد بن المقتدي بأمر الله...13485. المستظهر بالله عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار...1 3486. المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله ابن المستنصر بالله الهاشمي...1 3487. المستعلي بالله أحمد بن المستنصر بن الظاهر...1 3488. المستعين بالله أحمد ابن المعتصم بالله...1 3489. المستعين سليمان بن الحكم بن سليمان1 3490. المستغفري أبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز...1 3491. المستكفي بالله عبد الله بن المكتفي بن المعتضد...1 3492. المستكفي محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله...1 3493. المستملي أبو عمرو أحمد بن المبارك1 3494. المستملي إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد...1 3495. المستنجد بالله يوسف ابن المقتفي لأمر الله...1 3496. المستنصر أبو القاسم أحمد ابن الظاهر بأمر الله الهاشمي...1 3497. المستنصر بالله أبو جعفر منصور بن الظاهر بأمر الله العباسي...1 3498. المستنصر بالله الحكم بن عبد الرحمن الأموي...1 3499. المستنصر بالله معد بن الظاهر لإعزاز دين الله...1 3500. المسجدي أبو القاسم سهل بن إبراهيم النيسابوري...1 3501. المسعود أقسيس بن محمد بن أبي بكر بن أيوب...1 3502. المسعودي أبو الحسن علي بن الحسين بن علي...1 3503. المسعودي أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن بن محمد...1 3504. المسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة...1 3505. المسندي أبو جعفر عبد الله بن محمد1 3506. المسوحي أبو علي الحسن بن علي البغدادي...1 3507. المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب الزهري...1 3508. المسيب بن رافع أبو العلاء الأسدي1 3509. المسيب بن واضح بن سرحان السلمي التلمنسي...1 3510. المشكاني أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد...1 3511. المصري أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد1 3512. المصري يونس بن بدران بن فيروز بن صاعد...1 3513. المصيصي أبو الحسن علي بن أحمد بن علي1 3514. المصيصي أبو محمد عبد الله بن الحسين بن جابر...1 3515. المصيصي نصر الله بن محمد بن عبد القوي...1 3516. المطرز أبو بكر القاسم بن زكريا بن يحيى...1 3517. المطرز أبو سعد محمد بن محمد بن أحمد بن سنده...1 3518. المطرزي أبو الفتح ناصر بن عبد السيد بن علي...1 3519. المطلب بن زياد بن أبي زهير الثقفي1 3520. المطلب بن عبد الله بن حنطب القرشي1 3521. المطوعي أبو العباس الحسن بن سعيد بن جعفر...1 3522. المطيري أبو بكر محمد بن جعفر بن أحمد1 3523. المطيع لله الفضل ابن المقتدر جعفر بن المعتضد...1 3524. المظفر المعتضدي1 3525. المظفر بن الأفطس1 3526. المظفر قطز بن عبد الله المعزي1 3527. المعاذي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد...1 3528. المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد النهرواني...1 3529. المعافى بن سليمان الرسعني1 3530. المعافى بن عمران الحمصي أبو عمران الحميري...1 3531. المعافى بن عمران بن نفيل بن جابر بن جبلة الأزدي...1 3532. المعبر أبو العباس الخضر بن كامل بن سالم الدمشقي...1 3533. المعتصم ابن صمادح التجيبي محمد بن معن...1 3534. المعتصم محمد بن هارون الرشيد1 3535. المعتضد بالله أحمد بن الموفق بالله الخليفة...1 3536. المعتضد عباد بن محمد بن إسماعيل اللخمي...1 3537. المعتلي أبو زكريا يحيى بن علي الإدريسي...1 3538. المعتمد بن عباد محمد ابن المعتضد بالله ابن الظافر بالله...1 3539. المعتمد علي الله الخليفة أحمد بن المتوكل على الله جعفر العباسي...1 3540. المعداني أبو القاسم رجاء بن حامد بن رجاء...1 3541. المعرور بن سويد أبو أمية الأسدي الكوفي...1 3542. المعز أيبك التركماني الصالحي الجاشنكير...1 3543. المعز لدين الله معد ابن المنصور إسماعيل بن القائم...1 3544. المعظم الحلبي أبو المفاخر تورانشاه بن يوسف بن أيوب...1 3545. المعظم تورانشاه بن أيوب ابن الكامل ابن العادل...1 3546. المعظم عيسى بن محمد بن أيوب بن شاذي الدويني...1 3547. المعمر أبو العباس محمد بن إسحاق الصبغي...1 3548. المعمري أبو علي الحسن بن علي بن شبيب1 3549. المعير أبو غالب أحمد بن عبيد الله بن أبي الفتح محمد بن أحمد...1 3550. المعين أبو علي الحسن بن صدر الدين1 3551. المغازلي أبو بكر بن المنذر البغدادي1 3552. المغامي أبو عمرو يوسف بن يحيى الأزدي...1 3553. المغربي أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف1 3554. المغفلي أبو محمد أحمد بن عبد الله بن محمد...1 3555. المغيرة بن زياد أبو هاشم الموصلي1 3556. المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب...1 3557. المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله القرشي...1 3558. المفسر منصور بن الحسين بن محمد النيسابوري...1 3559. المفيد محمد بن أحمد بن محمد الجرجرائي...1 3560. المقانعي أبو الحسن علي بن العباس بن الوليد...1 3561. المقتدي بأمر الله عبيد الله بن محمد العباسي...1 3562. المقتفي لأمر الله محمد ابن المستظهر بالله...1 3563. المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك الكندي...1 3564. المقدام بن معد يكرب بن عمرو بن يزيد1 3565. المقدسي أبو عبد الله أحمد بن مسعود1 3566. المقدسي أبو محمد عبد الله بن محمد بن سلم...1 3567. المقدمي أبو عبد الله محمد بن أبي بكر1 3568. المقرئ عبد الله بن يزيد الأهوازي1 3569. المقعد المنقري عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج...1 3570. المقنع عطاء الساحر العجمي1 3571. المقوم يحيى بن حكيم البصري1 3572. المقومي أبو منصور محمد بن الحسين بن أحمد...1 3573. المكتفي بالله الخليفة علي ابن المعتضد بالله...1 3574. الملاحمي أبو نصر محمد بن أحمد بن محمد...1 3575. الملاحي محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم...1 3576. الملحمي أبو بكر أحمد بن إسحاق بن إبراهيم...1 3577. الملقاباذي أبو بكر محمد بن حسان بن محمد...1 3578. الملك الرحيم أبو الفضائل لؤلؤ الأرمني النوري الأتابكي...1 Prev. 100
«
Previous

المستظهر بالله أبو العباس أحمد بن المقتدي بأمر الله

»
Next
المُسْتظهِرُ بِاللهِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الْمُقْتَدِي بِأَمر الله
الإِمَامُ، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابنُ الْمُقْتَدِي بِأَمر الله أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ اللهِ ابْن الذّخيرَة مُحَمَّد ابنِ القَائِم بِأَمر الله عَبْد اللهِ بن القَادِر الهَاشِمِيّ، العَبَّاسِيّ، البَغْدَادِيّ.
مَوْلِدُهُ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَاسْتُخْلِفَ عِنْد وَفَاة أَبِيْهِ فِي تَاسع عشر المُحَرَّم، وَلَهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: كَانَ مَوْصُوَفاً بِالسَّخَاء وَالجُود، وَمَحبَّةِ العُلَمَاء، وَأَهْلِ الدِّين، وَالتفقد لِلمسَاكينِ، مَعَ الفَضْل وَالنُّبلِ وَالبَلاغَةِ، وَعُلوِّ الهِمَّة، وَحُسْنِ السِّيْرَةِ، وَكَانَ رَضِيَّ الأَفعَالِ، سَدِيدَ الأَقْوَال.وَحَكَى أَبُو طَالِبٍ بنُ عبد السَّمِيْع، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ المُسْتظهرَ بِاللهِ طلب مَنْ يُصَلِّي بِهِ، وَيُلقِّن أَوْلاَدَه، وَأَنْ يَكُوْنَ ضرِيراً، فَوَقَعَ اخْتيَارُهُ عَلَى القَاضِي أَبِي الحَسَنِ المُبَارَك بن مُحَمَّدِ بنِ الدَّوَاس مُقْرِئ وَاسِط قَبْل القلاَنسِي، فَكَانَ مُكرِماً لَهُ، حَتَّى إِنَّهُ مِنْ كَثْرَةِ إِعجَابه بِهِ كَانَ أَوّل رَمَضَان قَدْ شَرَعَ فِي التَّرَاويح، فَقَرَأَ فِي الرَّكعتين الأُوليين آيَةً آيَةً، فَلَمَّا سلَّم، قَالَ لَهُ المُسْتظهر: زِدْنَا مِنَ التِّلاَوَةِ.
فَتَلاَ آيتينِ آيتينِ، فَقَالَ لَهُ: زِدْنَا.
فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى كَانَ يَقومُ كُلَّ لَيْلَةٍ بِجُزء، وَإِنَّهُ لَيْلَةً عَطِشَ، فَنَاوله الخَلِيْفَةُ الكُوزَ، فَقَالَ خَادم: ادْعُ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَإِنَّهُ شَرَّفَكَ بِمُنَاولته إِيَّاكَ.
فَقَالَ: جَزَى العَمَى عَنِّي خَيْراً.
ثُمَّ نَهَضَ إِلَى الصَّلاَةِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ: قَالَ لِي أَبُو الخَطَّابِ ابْن الجَرَّاح: صَلَّيْتُ بِالمُسْتظهِرِ فِي رَمَضَانَ، فَقَرَأْتُ: {إِنَّ ابْنَكَ سُرِّقَ } [يُوْسُف:81] ، رِوَايَةً روينَاهَا عَنِ الكِسَائِيّ، فَلَمَّا سلمتُ، قَالَ: هَذِهِ قِرَاءة حَسَنَة، فِيْهِ تَنزِيه أَوْلاَد الأَنْبِيَاء عَنِ الْكَذِب.
قُلْتُ: كَيْفَ بِقَوْلِهِم: {فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ} ، {وَجَاؤُوا عَلَى قَمِيْصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} ؟!
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ:، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ شَاتيل المُقْرِئ، حَدَّثَنِي أَبُو
سَعْد بن أَبِي عِمَامَة، قَالَ:كُنْتُ لَيْلَة جَالِساً فِي بَيْتِي، وَقَدْ نَامَ النَّاسُ، فَدُقَّ البَابُ، فَإِذَا بفَرَّاشٍ وَخَادمٍ مَعَهُ شَمعَة، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، فَأُدْخِلْتُ عَلَى المُسْتظهر، وَعَلَيْهِ أَثَرُ غَمٍّ، فَأَخَذتُ فِي الحِكَايَات وَالموَاعِظِ وَتَصْغِيْرِ الدُّنْيَا، وَهُوَ لاَ يَتَغَيَّرُ، وَأَخَذتُ فِي حِكَايَات الكِرَام وَغَيْر ذَلِكَ، فَقُلْتُ: هَذَا لاَ يَنَامُ، وَلاَ يَدعُنِي أَنَامُ.
فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، لِي مَسْأَلَةٌ.
قَالَ: قُلْ.
قُلْتُ: وَلاَ تَكْتُمنِي؟
قَالَ: لاَ.
قُلْتُ: بِاللهِ حَلَّ عَلَيْك نَقدَةٌ لِلبَائِع، أَوِ انكسَرَ زورقُكَ، أَوْ وَقعُوا عَلَى قَافلَةٍ لَكَ، وَضَاق وَقْتُكَ؟ عِنْدِي طبقُ خِلاَفٍ أَنَا أُقرِضه لَكَ، وَتبقَى بَارزِياً فِي الدُّروب وَمَا يُخلِي الله مِنْ رِزق، فَهَذَا هَمٌّ عَظِيْم، وَقَدْ مرستَنِي اللَّيْلَة.
فَضَحِكَ حَتَّى اسْتلقَى، وَقَالَ: قُمْ، فَعلَ اللهُ بِكَ وَصنع.
فَقُمْتُ، وَتبعنِي الخَادِم بِدَنَانِيْرَ وَتَختِ ثِيَاب.
قِيْلَ: إِنَّ ابْنَ مُقَلد العَوَّاد غَنَّى المُسْتظهر، فَسَرَّه، فَأَعْطَاهُ مائَتَيْ دِيْنَار، وَقطعَةَ كَافُوْر زِنَةَ ثَلاَثَةِ أَرطَالٍ مُقَمَّعَة بِذَهَبٍ.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ بنُ عبد السمِيْع: كَانَ مِنْ أَلْفَاظ المُسْتظهر:
خيرُ ذَخَائِرِ المَرْءِ لِدنِيَاهُ ذِكرٌ جَمِيْلٌ، وَلآخِرَتِهِ ثَوَابٌ جَزِيل.
شُحُّ المَرْءِ بِفَلْسِهِ مِنْ دَنَاءةِ نَفْسِهِ.
الصَّبْرُ عَلَى الشَّدَائِدِ يُنْتج الفَوَائِد.
أَدبُ السَّائِلِ أَنفعُ مِنَ الوَسَائِل.
بضَاعَة العَاقِلِ لاَ تَخْسَرُ، وَرِبْحُهَا يَظْهَرُ فِي المَحْشَرِ.
وَلَهُ نَظْمٌ حسن.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ: تُوُفِّيَ المُسْتظهر بِاللهِ سحر لَيْلَة
الخَمِيْس، سَادسَ عِشْرِيْنَ رَبِيْعٍ الآخرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة، وَمَرِضَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ يَوْماً مِنْ تَرَاقِي ظَهَرَ بِهِ، وَبَلَغَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ لَيِّنَ الجَانبِ، كَرِيْمَ الخَلاَئِقِ، مشكورَ المسَاعِي، إِذَا سُئِلَ مكرُمَةً، أَجَابَ إِلَيْهَا، وَإِذَا ذُكِّرَ بِمَثُوْبَةٍ تَشوَّف نَحْوهَا.وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَنْشَدَ قَبْل مَوْته بِقَلِيْلٍ، وَبَكَى:
يَا كَوْكَباً مَا كَانَ أَقَصَرَ عُمْرَهُ! ... وَكَذَاكَ عُمْرُ كَوَاكِبِ الأَسْحَارِ
وَفِي أَوّل خِلاَفَته، جهَّز السُّلْطَان بَرْكْيَا رُوْق بن مَلِكْشَاه جَيْشاً مَعَ قسيم الدَّوْلَة جدِّ نور الدّين وَبُوزبَان، فَالتقَاهُم تَاجُ الدَّوْلَة تُتُش بِظَاهِرِ حلبَ، فَأَسر قَسيمَ الدَّوْلَة، وَذَبَحَه تُتُش، وَأَخَذ حلب بَعْد حِصَار، وَذَبَحَ بُوزبَانَ،
وَسَجَن كَرْبوقَا، وَسَارَ، فَتملَّك الجَزِيْرَةَ، ثُمَّ خِلاَطَ، ثُمَّ أَذْرَبِيْجَانَ كُلَّهَا، وَاسْتفحل أَمره، وَكبس عَسْكَره بَرْكيَارُوْق، فَانْهَزَم، وَرَاحت خَزَائِنُهُ، وَذَهَبَ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَفَتحُوا لَهُ خديعَةً، فَأَمسكوهُ، فَمَاتَ أَخُوْهُ صَاحِبُ أَصْبَهَان مَحْمُوْد، وَلَهُ سَبْعُ سِنِيْنَ بِالجُدَرِيّ، فَملَّكُوا بَرْكْيَارُوْق، وَوَزَرَ لَهُ المُؤَيَّدُ بنُ نِظَام الْملك، وَجَمَعَ وَحَشَدَ، وَمَاتَ صَاحِبُ مِصْر المُسْتَنْصِر، وَأَمِيْرُ الجُيُوْش بدرٌ، وَوَالِي مَكَّة مُحَمَّدُ بنُ أَبِي هَاشِمٍ الَّذِي نهب الوَفْدَ، ثُمَّ التَقَى بَرْكْيَارُوْق وَعَمُّه تُتُش، فَقُتِلَ فِي المعركَة تُتُش، وَتَملَّك بَعْدَهُ دِمَشْق ابْنُهُ دُقَاقُ شَمْسُ المُلُوْك، وَقُتِلَ صَاحِبُ سَمَرْقَنْد أَحْمَد خَان، وَكَانَ قَدْ حَسَّنُوا لَهُ الإِباحَة، وَتزندق، فَقَبَضَ عَلَيْهِ الأُمَرَاءُ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ، فَأَفتَى العُلَمَاءُ بِقَتْلِهِ، وَمَلَّكُوا ابْن عَمِّهِ.وَقُتِلَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ صَاحِبُ مَرْوَ أَرغون أَخُو السُّلْطَان مَلِكْشَاه، وَكَانَ ظَلُوْماً جَبَّاراً، قَتله مَمْلُوْكٌ لَهُ، وَكَانَ حَاكماً عَلَى نَيْسَابُوْر، وَبلخ أَيْضاً، تَمرَّدَ وَخَرَّبَ أَسوَارَ بِلاَدِهِ.
وَعصَى نَائِبُ العُبَيْدِيَّةِ بِصُوْرَ، فَجَاءَ عَسْكَرٌ، وَحَاصَرُوهَا وَافْتَتَحُوهَا، وَقَتَلُوا بِهَا خَلْقاً، مِنْهُم نَائِبُهَا.
وَجَهَّزَ السُّلْطَانُ بَرْكْيَا رُوْق جَيْشاً مَعَ أَخِيْهِ سَنْجَر، فَبَلَغَهُم قتل أَرغون، فَلحقهُم السُّلْطَانُ، فَتَمَلَّك جَمِيْعَ خُرَاسَانَ، وَخُطِبَ لَهُ بِسَمَرْقَنْدَ، وَدَانت لَهُ الأُمَمُ، فَاسْتنَابَ أَخَاهُ سَنْجرَ بِخُرَاسَانَ، وَكَانَ حَدَثاً، وَأَمَّر بَرْكْيَا رُوْق عَلَى خُوَارزم مُحَمَّد بن نُوشْتِكِين مَوْلَى السَّلجوقيَة، وَكَانَ فَاضِلاً أَدِيباً عَادِلاً، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ وَلَدُهُ خُوَارزم شَاه أَتسِز وَالِدُ خُوَارزم شَاهُ عَلاَء الدِّيْنِ.
وَفِي سَنَةِ تِسْع كَانَ أَوّل ظُهُوْرِ الفِرَنْج بِالشَّامِ قَدِمُوا فِي بَحرِ القُسْطَنْطِيْنِيَّة فِي جَمعٍ كَثِيْر، وَانزعجتِ المُلُوْكُ، وَعَظُمَ الخطبُ، لاَ سِيَّمَا ابْن قُتُلمش صَاحِبُ الرُّوْمِ، فَالتقَاهُم، فَطَحَنُوهُ.وَأَمَّا ابْنُ الأَثِيْرِ، فَقَالَ: ابْتِدَاءُ دَوْلَتِهِم فِي سَنَةِ، فَأَخذُوا طُلَيْطُلَة وَغَيْرهَا، ثُمَّ صَقِلِّيَّة، وَأَخَذُوا بَعْض أَفْرِيْقِيَة، وَجَمَعَ ملكهُم بَغْدَوِين جَمعاً، وَبَعَثَ يَقُوْلُ لرُجَّار صَاحِب صَقِلِّيَّة: أَنَا وَاصِلٌ إِلَيْك لِنَفتَحَ أَفْرِيْقِيَة، فَبَعَثَ يَقُوْلُ: الأَوْلَى فَتْحُ القُدْس، فَقَصَدُوا الشَّام.
وَقِيْلَ: إِنَّ صَاحِبَ مِصْر لَمَّا رَأَى قُوَّةَ آلِ سَلْجُوق وَاسْتيلاَءهُم عَلَى المَمَالِك، كَاتَبَ الفِرَنْجَ، فَمرُوا بَسِيس، وَنَازلُوا أَنطَاكيَة، فَخَافَ صَاحِبُهَا يَاغِي بَسَان، فَأَخْرَجَ النَّصَارَى إِلَى الخَنْدَق وَحبسهُم بِهِ، فَدَام حصَارُهَا تِسْعَةَ أَشهر، وَفنِيَ الفِرَنْجُ قتلاً وَمَوتاً، ثُمَّ إِنَّهُم عَاملُوا الزَرَّاد المقدَّم، وَبَذلُوا لَهُ مَالاً، فَكَاشرَ لَهُم عَنْ بدنه، فَفَتحُوا شُبَّاكاً، وَطلعُوا مِنْهُ خَمْس مائَة فِي اللَّيْلِ، فَفَتح يَاغِي بَسَان، وَهَرَبَ، وَاسْتُبيح الْبَلَد - فَإِنَّا للهِ - فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ، وَسَقَطَت قوَة يَاغِي بَسَان أَسفاً، وَانْهَزَم غِلمَانه، فَذَبَحَه حَطَّاب أَرْمَنِيّ.
ثُمَّ أَخَذُوا المَعَرَّةَ، فَقَتَلُوا وَسَبَوْا، وَتَجَمَّعتْ عَسَاكِرُ المَوْصِلِ وَغَيْرُهَا، فَالتَقَوْا، فَانْهَزَم المُسْلِمُوْنَ، وَاسْتُشْهِدَ أُلوفٌ،
وَصَالَحَهُم صَاحِبُ حِمْصَ، وَأَقْبَلَ ابْنُ أَمِيْرِ الجُيُوْشِ، فَأَخَذَ القُدْسَ مِنِ ابْنِ أَرتُقَ، وَانتشرت البَاطِنِيَّةُ بِأَصْبَهَانَ، وَتَمَّتْ حُرُوْبٌ مُزعِجَة بَيْنَ مُلُوْكِ الْعَجم، وَأَخَذتِ الفِرَنْجُ بَيْتَ المَقْدِسِ، نَصَبُوا عَلَيْهِ أَرْبَعِيْنَ منجنِيقاً، وَهَدُّوا سُورَه، وَجَدُّوا فِي الحصَار شَهراً وَنِصْفاً، ثُمَّ مَلَكُوهُ مِنْ شَمَاليِّه فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ، وَقتلُوا بِهِ نَحْواً مِنْ سَبْعِيْنَ أَلْفاً.قَالَ يُوْسُفُ ابنُ الجَوْزِيِّ وَالعهدَة عَلَيْهِ: سَارَتِ الفِرَنْجُ، وَمقدَّمهم كُندفرِي فِي أَلفِ أَلفٍ، مِنْهُم خَمْسُ مائَة أَلْفِ مقَاتل، وَعَمِلُوا بُرجاً مِنْ خشب أَلصقوهُ بِالسُّور، حكمُوا بِهِ عَلَى الْبَلَد، وَسَارَ الأَفْضَلُ أَمِيْرُ الجُيُوْش مِنْ مِصْرَ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً نَجدَةً، فَقَدِمَ عَسْقَلاَن وَقَدِ اسْتُبيحت القُدْسُ، ثُمَّ كبست الفِرَنْجُ المِصْرِيّين، فَهَزموهُم، وَانحَاز الأَفْضَلُ إِلَى عَسْقَلاَن، وَتَمَزَّقَ جَيْشه، وَحُوْصِرَ، فَبذلَ لَهُم أَمْوَالاً، فَتَرَحَّلُوا عَنْهُ.
وَتَمَلَّكَ مُحَمَّدُ بنُ مَلِكْشَاه، فَهَزم أَخَاهُ بَرْكْيَارُوْق، ثُمَّ حَارب عَسْكَر المَوْصِل، وَجَرَتْ عَجَائِب، ثُمَّ فَرَّ بَرْكْيَارُوْقُ إِلَى خُرَاسَانَ، وَعَسَفَ، وَعَمِلَ مَصَافّاً مَعَ أَخِيْهِ سَنْجر، فَانْهَزَم كُلٌّ مِنْهُمَا، ثُمَّ سَارَ بَرْكْيَارُوْق عَلَى جُرْجَانَ طَالباً أَصْبَهَان.
وَالْتَقَى ابْن الدَّانشهد جَيْشَ الفِرَنْج فَنقل ابْنُ الأَثِيْرِ أَنَّهُم كَانُوا ثَلاَثَ
مائَةِ أَلْف، فَلَمْ يُفْلِتْ أَحَدٌ مِنْهُم سِوَى ثَلاَثَة آلاَف.وَكَانَتْ وَقْعَة بَيْنَ المِصْرِيِّينَ وَالفِرَنْج عَلَى عَسْقَلاَنَ، فَقُتِلَ مُقَدَّم المِصْرِيّينَ سَعْدُ الدَّوْلَة، لَكِنِ انتَصَرَ المُسْلِمُوْنَ.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: فَيُقَالُ: قُتِلَ مِنَ الفِرَنْجِ ثَلاَثُ مائَةِ أَلْفٍ.
قُلْتُ: هَذِهِ مُجَازفَة عَظِيْمَة.
وَالْتَقَى السُّلْطَان مُحَمَّدُ بنُ مَلِكْشَاه وَأَخُوْهُ بَرْكْيَارُوْق مَرَّات، وَغَلَتِ الأَقطَارُ بِالبَاطِنِيَّةِ، وَطَاغُوتُهُم الحَسَن بن الصَّبَّاحِ المَرْوَزِيّ الكَاتِب، كَانَ دَاعِيَةً لِبَنِي عُبَيْدٍ، وَتَعَانَوْا شُغْلَ السِّكِّين، وَقَتَلُوا غِيلَةً عِدَّةً مِنَ العُلَمَاءِ وَالأُمَرَاء، وَأَخَذُوا القِلاعَ، وَحَاربُوا، وَقَطعُوا الطُّرقَ، وَظهرُوا أَيْضاً بِالشَّامِ، وَالتفَّ عَلَيْهِم كُلُّ شَيطَانٍ وَمَارِق، وَكُلُّ مَاكِرٍ وَمُتَحَيِّل.
قَالَ الغَزَّالِي فِي (سِرِّ العَالمين) :شَاهَدتُ قِصَّة الحَسَن بنِ الصَّبَّاحِ لَمَّا تَزَهَّد تَحْتَ حِصن الأَلَموت، فَكَانَ أَهْلُ الْحصن يَتمنَّوْنَ صُعُوْدَه، وَيَتَمَنَّعُ وَيَقُوْلُ: أَمَا تَرَوْنَ المُنْكَرَ كَيْفَ فَشَا، وَفَسَدَ النَّاسُ، فَصَبَا إِلَيْهِ خلق، وَذَهَبَ أَمِيْرُ الحِصن يَتَصَيَّدُ، فَوَثَبَ عَلَى الْحصن فَتملَّكَه، وَبَعَثَ إِلَى الأَمِيْرِ مَنْ قَتَلَهُ، وَكثرت قِلاعُهُم، وَاشْتَغَل عَنْهُم أَوْلاَدُ مَلِكْشَاه بِاخْتِلاَفِهِم.
وَلابْنِ البَاقِلاَّنِي، وَالغزَالِي، وَعَبْدِ الجَبَّارِ المُعْتَزِلِي كُتُبٌ فِي فَضَائِح هَؤُلاَءِ.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: وَفِي سَنَةِ أَمر السُّلْطَانُ بَرْكْيَارُوْق بِقَتْلِ
البَاطِنِيَّة، وَهُمُ الإِسْمَاعِيْليَّةُ، وَهُمُ الَّذِيْنَ كَانُوا قديماً يُسَمَّوْنَ القرَامِطَةَ.قَالَ: وَتَجرد بِأَصْبَهَانَ لِلانتقَامِ مِنْهُم الخُجَنْدِيُّ، وَجَمَعَ الجمَّ الغفِيرَ بِالأَسلحَة، وَأَمر بِحفرِ أَخَادِيدَ أُوقِدَتْ فِيْهَا النِّيرَانُ، وَجَعَلُوا يَأْتُوْنَ بِهِم، وَيُلقُونَهُم فِي النَّارِ، إِلَى أَنْ قتلُوا مِنْهُم خَلقاً كَثِيْراً.
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ صَبَّاح شَهْماً، عَالِماً بِالهندسَة وَالنُّجُوْم وَالسّحر، مِنْ تلاَمذَة ابْنِ غَطَّاشٍ الطَّبِيْب الَّذِي تَملَّك قَلْعَة أَصْبَهَان، وَمِمَّنْ دَخَلَ بِمِصْرَ عَلَى المُسْتَنْصِر، فَأَعْطَاهُ مَالاً، وَأَمره بِالدعوَة لابْنِهِ نِزَار، وَهُوَ الَّذِي بَعَثَ مَنْ قتل نِظَام الْملك، وَقَدْ قتل صَاحِبُ كِرْمَان أَرْبَعَة آلاَف لِكَوْنِهِم سُنَّةً، وَاسْمُهُ تيرَانشَاه السَّلْجُوْقِي، حَسَّن لَهُ رَأْيَ البَاطِنِيَّة أَبُو زُرْعَةَ الكَاتِب، فَانسلخَ مِنَ الدِّينِ، وَقَتَلَ أَحْمَد بن الحُسَيْنِ البَلْخِيّ شَيْخُ الحَنَفِيَّة، فَقَامَ عَلَيْهِ جندُه وَحَاربوهُ، فَذلَّ، وَتَبِعَهُ عَسْكَر، فَقتلُوْهُ، وَقتلُوا أَبَا زُرْعَةَ، وَصَارَت الأُمَرَاءُ يُلاَزمُوْنَ لُبْس الدُّرُوْع تَحْتَ الثِّيَاب خوَفاً مِنْ فَتكِ هَؤُلاَءِ الملاَحدَةِ، وَركب السُّلْطَان بَرْكْيَارُوْق فِي تَطلُّبِهِم، وَدَوَّخهُم، حَتَّى قتلَ جَمَاعَةً بُرَآء، سَعَى بِهِم الأَعْدَاءُ، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ أَهْل عَانَة، وَاتُّهم إِلكيَا الهَرَّاسِي بِأَنَّهُ مِنْهُم - وَحَاشَاهُ - فَأَمر السُّلْطَانُ مُحَمَّد بن مَلِكْشَاه بِأَنْ يُؤْخَذَ، حَتَّى شَهِدُوا لَهُ بِالخَيْرِ، فَأُطلق.
وَفِيْهَا كَسَرَ دُقَاق صَاحِبُ دِمَشْق الفِرَنْجَ، وَحَاصَرَ صَاحِبُ القُدْس كندفرِي عكَّا، فَقُتِلَ بِسَهمٍ، وَتَملَّكَ أَخُوْهُ بغدوين، وَأَخَذتِ الفِرَنْجُ سَرُوجَ
بِالسَّيْف، وَأَرْسُوفَ وَحَيْفَا بِالأَمَان، وَقَيْسَارِيَّةَ عَنْوَةً.وَفِي سَنَةِ مَاتَ المُسْتعلِي صَاحِبُ مِصْر، وَوَلِيَ الآمِرُ، وَكَانَتْ حُرُوْبٌ بَيْنَ الأَخوينِ بَرْكْيَارُوْق وَمُحَمَّد، وَبلاَءٌ وَحصَار، وَنَازلت الفِرَنْجُ طَرَابُلُس، فَسَارَ لِلْكشف عَنْهَا جُنْدُ دِمَشْقَ وَحِمْصَ، فَانكسرُوا، ثُمَّ التَقَى العَسْكَر، وَبغدوين، فَهَزمُوْهُ، وَقَلَّ مَنْ نَجَا مِنْ أَبْطَاله، وَظَفِرَ ثَلاَثَةٌ مِنَ البَاطِنِيَّة عَلَى جَنَاحِ الدَّوْلَة صَاحِب حِمْص، فَقَتَلُوْهُ فِي الجَامِع، فَنَازلتهَا الفِرَنْجُ، فَصُولحُوا عَلَى مَال، وَتَسَلَّمهَا شَمْسُ المُلُوْك، وَقَتلَتْ البَاطِنِيَّة الأَعزَّ، وَزِيْر بَرْكْيَارُوْق، وَمَاتَ كُربوقَا صَاحِبُ المَوْصِلِ بِخَوَيّ، وَقَدِ اسْتولَى عَلَى أَكْثَر أَذْرَبِيْجَانَ.
وَخَطَبَ سَنْجَرُ بِخُرَاسَانَ لأَخِيه مُحَمَّد، وَحَارَبَ قدرْخَان صَاحِبَ مَا وَرَاء النَّهْر، فَأَسره سَنْجَر وَقتله، وَملَّكَ ابْنَ بغرَاجَان سَمَرْقَنْدَ، وَنَازل المُسْلِمُوْنَ بَلَنْسِيَةَ، وَاسْتَرجَعُوهَا مِنَ الفِرَنْجِ بَعْدَ أَنْ تَمَلَّكُوهَا ثَمَانِيَة أَعْوَامٍ، ثُمَّ رَاحت مِنَ المُسْلِمِينَ فِي سَنَةِ .
وَفِي سَنَة سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ سَارَ شَمْسُ المُلُوْك، فَحَاصَر الرَّحْبَة، وَأَخَذَهَا، وَجَاءَ عَسْكَرُ مِصْر، فَالتَقَوا الفِرَنْجَ بِيَافَا، وَخُذِلَتْ الفِرَنْجُ، وَتَصَالَحَ بَرْكْيَارُوْقُ وَأَخُوْهُ، وَملُّوا مِنَ الحَرْب، وَتَحَالفُوا، وَطَال حِصَارُ الفِرَنْج لِطَرَابُلُس، وَأَخَذُوا جُبيلَ، وَأَخَذُوا عكَّا، وَنَازلُوا حَرَّانَ، فَجَاءَ العَسْكَر، وَوَقَعَ المَصَافُّ، وَنَزَلَ النَّصْرُ، وَأُبيدتِ الملاعِينُ، وَبلغت
قَتْلاَهُم اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، وَمَاتَ شَمْسُ المُلُوْك دُقَاقُ، وَتَملَّكَ وَلدُهُ بِدِمَشْقَ، وَأَتَابِكُهُ طُغْتِكِين.وَفِي سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ مَاتَ بَرْكْيَارُوْق، وَسلطنُوا ابْنه ملكشَاه وَهُوَ صَبِيّ، وَالتقَى المُسْلِمُوْنَ وَالفِرَنْج، فَأُصِيْب المُسْلِمُوْنَ، ثُمَّ قَدِمَ عَسْكَر مِصْر، وَانضمَّ إِلَيْهِم عَسْكَر دِمَشْق، فَكَانَ المَصَافّ مَعَ بغدوين عِنْد عَسْقَلاَن، وَثبت الفَرِيقَان، وَقُتِلَ مِنَ الفِرَنْج فَوْقَ الأَلف، وَمِنَ المُسْلِمِين مِثْلُهُم، ثُمَّ تَحَاجزُوا، وَفِيْهَا تَمَكَّنَ السُّلْطَان مُحَمَّد وَبسط العَدْل.
وَفِي سَنَةِ كبس الأَتَابك طُغْتِكِين الفِرَنْج بِالأُرْدُنّ، فَقتل وَأَسَرَ، وَزُيِّنت دِمَشْق، وَأَخَذَ مِنَ الفِرَنْج حِصْنَيْنِ.
وَاستَولَتِ الإِسْمَاعِيْليَّة عَلَى فَامِيَة، وَقتلُوا صَاحِبَهَا ابْنَ مُلاَعِبٍ، وَكَانَ جَبَّاراً يَقطع الطَّرِيْق.
وَفِي سَنَةِ خَمْسِ مائَةٍ مَاتَ صَاحِبُ المَغْرِب وَالأَنْدَلُس يُوْسُفُ بن تَاشفِيْن، وَتَملَّكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عَلِيّ، وَكَانَ يَخطُب لِبَنِي العَبَّاسِ، وَجَاءته خِلَع السَّلطنَة وَالأَلْويَةِ، وَكَانَ أَنشَأَ مَرَّاكُشَ.
وَقُتِلَ وَاحِدٌ مِنَ الإِسْمَاعِيْليَّة فَخرَ المُلك بنَ نِظَام الْملك، وَزَرَ لِبَرْكْيَارُوْق، ثُمَّ لِسَنْجَر.
وَقبض مُحَمَّد عَلَى وَزِيْرِهِ سَعْدِ المُلك، وَصَلَبَه بِأَصْبَهَانَ، وَاسْتَوْزَرَ أَحْمَد بن نظَامِ المُلك.وَقُتِلَ مُقدَّم الإِسْمَاعِيْليَّة بِقَلْعَةِ أَصْبَهَان أَحْمَدُ بنُ غطَّاش، قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: قَتَلَ أَتْبَاعُهُ خلقاً لاَ يُمْكِنُ إِحْصَاؤهُم ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَخرَّب السُّلْطَانُ مُحَمَّد القَلْعَةَ، وَكَانَ أَبُوْهُ مَلِكْشَاه أَنشَأَهَا عَلَى جبل، يُقَال: غَرِمَ عَلَيْهَا أَلفَيْ أَلف دِيْنَار وَزِيَادَة، فَتَحَيَّلَ ابْنُ غَطَّاش حَتَّى تَمَلَّكهَا، وَبَقِيَ بِهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَعَزَلَ المُسْتظهرُ وَزِيْرَه أَبَا القَاسِمِ بن جَهير، وَوَزَرَ هِبَة اللهِ بن المُطَّلِبِ.
وَغَرِقَ ملكُ قُوْنِيَة قلج رسلاَن بن سُلَيْمَانَ بن قتلمش السَّلْجُوْقِي.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِ مائَة مَاتَ صَاحِبُ الحِلَّة سَيْفُ الدَّوْلَة صَدَقَةُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ دُبَيْسٍ الأَسَدِيّ مَلِك الْعَرَب الَّذِي أَنشَأَ الحِلَّة عَلَى الرَّفض، قُتِلَ فِي وَقْعَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّلْطَانِ مُحَمَّد بنِ مَلِكْشَاه.
وَفِيْهَا سَارَ طُغْتِكِين فِي جُنْدِ دِمَشْقَ، فَهَزمَ الفِرَنْجَ، وَأَسَرَ صَاحِبَ طَبَرَيَّة جرمَاس، وَحَاصَرَ بغدوين الكلبُ صُوْرَ، وَبَنَى بِإِزَائِهَا حِصناً، ثُمَّ بَذَلَ لَهُ
أَهْلُهَا سَبْعَة آلاَف دِيْنَار، فَتَرحَّلَ عَنْهُم.وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ سَارَ طُغْتِكِين فِي أَلْفَيْنِ، فَالتَقَى الفِرَنْجَ، فَانْهَزَم جَمعُه، وَثبتَ هُوَ، ثُمَّ تَرَاجعُوا إِلَيْهِ، وَنُصِرُوا، وَأَسَرُوا قَوْمصاً، بَذَلَ فِي نَفْسِهِ جُمْلَةً، فَأَبَى طُغْتِكِين وَذَبحه، ثُمَّ هَادن بغدوين أَرْبَعَةَ أَعْوَام.
وَفِيْهَا تَزَوَّجَ المُسْتظهر بِأُختِ السُّلْطَان مُحَمَّد عَلَى مائَة أَلْف دِيْنَار.
وَفِيْهَا أَخذت الإِسْمَاعِيْليَّةُ شَيْزَر بِحيلَةٍ، فَرَجَعَ صَاحِبُهَا مِنْ مَوْكِبه، فَوَجَد بلدَه قَدْ رَاح مِنْهُ، فَيَعمد نِسَاؤُه مِنَ القُلَّة فَدَلَّوْا حِبالاً، وَاسْتقَوهُ وَأَجنَاده، فَوَقَعَ القِتَالُ، وَاسْتَحَرَّ القتلُ بِالملاَحدَةِ، وَكَانُوا مائَةً، قَدْ خدم أَكْثَرُهُم حَلاَّجِينَ فِي شَيْزَرَ، فَمَا نَجَا مِنْهُم أَحَدٌ، وَقُتِلَ مِنَ الأَجْنَادِ عِدَّة.
وَفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ أُخِذَتْ طَرَابُلُس فِي آخِر السّنَةِ بَعْد حِصَارِ سِتّ سِنِيْنَ أَخَذُوهَا بِأَبرَاجٍ خَشَبٍ صُنِعَتْ وَأُلْصِقَتْ بِسُورِهَا، وَأَخَذُوا بَانِيَاسَ وَجُبيلَ بِالأَمَان، ثُمَّ طَرَسُوْس، وَحِصنَ الأَكرَادِ.
وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ تَنَاحَب عَسَاكِرُ العِرَاق وَالجَزِيْرَة، وَأَقْبَلُوا لِغزو الفِرَنْج، وَعدَّوا الفُرَات، فَقل مَا نَفعُوا، ثُمَّ رَجَعُوا وَالأَعْدَاءُ تَجولُ فِي الشَّام.
وَتَمَّت بِالأَنْدَلُسِ غَزْوَةٌ كُبْرَى - نَصْر اللهِ - وَانحطمتِ الفِرَنْج، وَقُتِلَ ابْنُ مَلِكِهِم.وَفِي سَنَةِ سِتٍّ مَاتَ بَسِيْلٌ مَلِكُ الأَرمَنِ، فَسَارَ صَاحِبُ أَنطَاكيَة تَنكرِي لِيَتَمَلَّك سِيسَ، فَمَرِضَ، وَمَاتَ.
وَمَاتَ قرَاجَا صَاحِبُ حِمْص، فَتَمَلَّكَ ابْنُه خَيْرخَان.
وَفِي أَوّل سَنَةِ سبعٍ أَقْبَلَ عَسْكَرُ الجَزِيْرَة نَجدَةً لِطُغتِكِين، فَالتَقَوُا الفِرَنْجَ بِالأُرْدُنّ، وَصبر الفرِيقَانِ، ثُمَّ اسْتَحَرَّ القتلُ بِالفِرَنْج، وَأُسِرَ طَاغِيتُهُم بغدوين، لَكِن أَسَاء الَّذِي أَسره، فَشلَّحه، وَأَطلقَه جَرِيحاً، ثُمَّ تَرَاجعَ العَدُوّ، وَجَاءتْهُم نَجدَةٌ، فَعملُوا المَصَافَّ مِنَ الغَدِ، وَحَمِي القِتَالُ، وَطَاب المَوْتُ، وَتَحَصَّنَ الكِلاَبُ بِجبلٍ، فَرَابط الجَيْشُ بِإِزَائِهِم يَترَامَوْنَ بِالنُّشَاب وَيَقْتتلُوْنَ، فَدَام ذَلِكَ كَذَلِكَ سِتَّةً وَعِشْرِيْنَ صَبَاحاً حَتَّى عُدِمَتِ الأَقْوَاتُ، وَتَحَاجَزَ الجَمْعَانِ.
وَفِيْهَا وَثَبَ بَاطِنِيٌّ بِجَامِعِ دِمَشْقَ عَلَى صَاحِبِ المَوْصِلِ مَوْدُوْدِ بنِ
أَلتونتِكِين فَقَتَلَهُ، وَهُوَ قَدْ صَلَّى الجُمُعَة مَعَ طُغْتِكِين، وَأُحْرِقَ البَاطِنِي.قَالَ ابْنُ الفُلاَنسِي فِي (تَارِيْخِهِ ) :قَامَ هُوَ وَطُغْتِكِين حَوْلَهُمَا التُّركُ وَالأَحدَاثُ بِأَنْوَاع السِّلاَح مِنَ الصوَارم وَالصمصَامَات وَالخنَاجِر المُجَرَّدَة، كَالأَجمَة المشتبكَة، فَوَثَبَ رَجُل لاَ يُؤْبَهُ لَهُ، وَدَعَا لِمَوْدُوْد، وَشحذ مِنْهُ، وَقَبضَ بَنْدَ قَبَائِهِ، وَضَرَبَه تَحْتَ سُرَّتِه ضَربتَينِ، وَالسُّيوفُ تَنْزِلُ عَلَيْهِ، وَدُفِنَ بِخَانقَاه الطّوَاويس، ثُمَّ نُقِلَ، وَكَانَ بِطَبَرِيَّةَ مُصحفٌ أَرْسَله عُثْمَانُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إِلَيْهَا، فَنَقَلَهُ طُغْتِكِين إِلَى جَامِعِ دِمَشْقَ.
وَفِيْهَا تَملَّكَ حلبَ أَرْسَلاَنُ بنُ رِضوَان السَّلْجُوْقِي بَعْدَ أَبِيْهِ، وَقَتَلَ أَخويه، وَرَأْسَ الإِسْمَاعِيْليَّة أَبَا طَاهِر الصَّائِغ، وَعِدَّةً مِنْهُم.
وَفِي سَنَة ثَمَانٍ وَخَمْسِ مائَةٍ هَلَكَ بغدوين مِنْ جُرحه.
وَقَتَلَتِ البَاطِنِيَّةُ صَاحِبَ مَرَاغَة أَحْمَديل.
وَتَخَنْزَرتِ الفِرَنْجُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ، وَعَاثُوا بِالشَّامِ، وَأَخَذُوا رَفَنِيَّةَ، فَسَاق طُغْتِكِين، وَاسْتنقذهَا، وَكَانَ قَدْ عصَى عَلَى السُّلْطَان، وَحَارَبَ بَعْضَ عَسْكَره، فَنَدِمَ، وَسَارَ بِنَفْسِهِ إِلَى العِرَاقِ بِتُحَفٍ سَنِيَّةٍ، فَرَأَى مِنَ الاحْتِرَام
فَوْقَ آمَالِهِ، وَكَتبُوا لَهُ تَقليداً بِإِمْرَة الشَّام كُلِّه.وَفِي سَنَةِ عَشْرٍ قَدِمَ البُرسُقِي صَاحِبُ المَوْصِل إِلَى الشَّامِ غَازِياً، وَسَارَ مَعَهُ طُغْتِكِين، فَكَبَسُوا الفِرَنْجَ، وَنَزَلَ النَّصْرُ، فَقُتِلَ أُلُوْفٌ مِنَ الفِرَنْج، وَاسْتحكمت المَوَدَّةُ بَيْنَ البُرسُقِي وَبَيْنَ صَاحِب دِمَشْق.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ كَبَسَتِ الفِرَنْجُ حَمَاة، وَقتلُوا مائَة وَعِشْرِيْنَ رَجُلاً، وَبدَّعُوا، وَجَاءَ سَيْلٌ هدم سُورَ سِنجَار، وَغرَّق خَلاَئِقَ، وَأَخَذَ بَابَ المَدِيْنَة، ثُمَّ ظهر تَحْتَ الرملِ بَعْد سِنِيْنَ عَلَى مَسِيرَة بَرِيْد، وَسَلِمَ مَوْلُوْدٌ فِي سَرِيْرِهِ عَامَ بِهِ، وَتَعَلَّق فِي زَيْتونَةٍ.
وَفِيْهَا تَسَلَّطن السُّلْطَانُ مَحْمُوْدٌ بَعْدَ أَبِيْهِ مُحَمَّد، وَأُنفقت خَزَائِنُ أَبِيْهِ فِي العَسَاكِر، فَقِيْلَ: كَانَتْ أَحَدَ عشرَ أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ.
وَتُوُفِّيَ المُسْتظهر بِاللهِ عَنْ سَبْعَة بَنِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُه المُسْترشد بِاللهِ.
وَبعدَه مَاتَتْ جَدَّتُه لأَبِيْهِ أَرْجُوَانُ الأَرمنِيَةُ، وَقَدْ رَأَتِ ابْنهَا خَلِيْفَةً، وَابْنَ ابْنِهَا، وَابْنَ ابْنِ ابْنِهَا، وَمَا اتَّفَقَ هَذَا لِسِوَاهَا.
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to Al-Dhahabī (d. 1348 CE) - Siyar aʿlām al-nubalāʾ - الذهبي - سير أعلام النبلاء are being displayed.