25435. القاضي ابو محمد الحسن بن احمد الحداد البصري...1 25436. القاضي احمد بن موسى بن اسحاق الخطمي1 25437. القاضي الخياط محمد بن علي المروزي1 25438. القاضي الزكي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي...1 25439. القاضي الشهيد ابو القاسم يوسف بن احمد بن كج...1 25440. القاضي الفاضل أبو علي عبد الرحيم بن علي...125441. القاضي الفاضل محمود بن علي بن أبي طالب التميمي...1 25442. القاضي حسين بن محمد بن أحمد المروذي1 25443. القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن خليل الهمذاني...1 25444. القاضي عبد الرحمن بن احمد الطبري1 25445. القاضي عبد الوهاب أبو محمد بن علي التغلبي...1 25446. القاضي علي بن محمد بن ابان1 25447. القاضي علي بن يوسف بن عبد الله الدمشقي...1 25448. القاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي1 25449. القالي أبو علي إسماعيل بن القاسم بن هارون...1 25450. القاهر بالله محمد ابن المعتضد بالله أحمد...1 25451. القاهر مسعود بن أرسلان شاه بن مسعود1 25452. القباب عبد الله بن محمد بن محمد الأصبهاني...1 25453. القباع الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي...1 25454. القباني أبو علي الحسين بن محمد1 25455. القبري عبد الواحد بن محمد بن موهب1 25456. القبيطي أبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن علي بن حمزة...1 25457. القتات أبو عمر محمد بن جعفر الكوفي1 25458. القداح أبو عثمان سعيد بن سالم المكي1 25459. القدوري أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد...1 25460. القراب إسحاق بن إبراهيم بن محمد الهروي...1 25461. القراب إسماعيل بن إبراهيم بن محمد1 25462. القراريطي محمد بن أحمد بن عبد المؤمن...1 25463. القراطيسي أبو يزيد يوسف بن يزيد المصري...1 25464. القرثع1 25465. القرشي أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر...1 25466. القرشي أبو عثمان سعيد بن العباس بن محمد...1 25467. القرطبي أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام...1 25468. القرظي محمد بن كعب بن سليم1 25469. القرمطي أبو طاهر سليمان بن حسن1 25470. القرمطي أبو علي الحسن بن أحمد بن حسن1 25471. القرميسيني أبو إسحاق إبراهيم بن شيبان...1 25472. القرميسيني إبراهيم بن أحمد بن حسن1 25473. القزاز أبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي...1 25474. القزاز عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني...1 25475. القزاز نصر الله بن عبد الرحمان بن محمد...1 25476. القزويني أبو إبراهيم الجليل بن عبد الجبار...1 25477. القزويني أبو الحسن علي بن أحمد بن صالح...1 25478. القزويني أبو الحسن علي بن عمر بن محمد...1 25479. القزويني أبو الفرج محمد بن محمود بن الحسن...1 25480. القزويني أبو المجد محمد بن الحسين بن أحمد...1 25481. القزويني أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد...1 25482. القزويني أبو عمر محمد بن عيسى بن أحمد...1 25483. القزويني كثير بن شهاب القزويني1 25484. القزويني محمد بن أحمد بن إسماعيل1 25485. القزويني محمد بن مسعود بن الحارث1 25486. القسري أبو الهيثم خالد بن عبد الله بن يزيد...1 25487. القشيري أبو محمد الفضل بن محمد بن عبيد...1 25488. القشيري عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك...1 25489. القصاب أبو أحمد محمد بن علي بن محمد1 25490. القصار أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد1 25491. القصار أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد1 25492. القصار أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يحيى...1 25493. القصاف بنت عبد الله بن ضمرة1 25494. القصري أبو محمد عبد الجليل بن موسى الأنصاري...1 25495. القصري عبد الجليل بن موسى بن عبد الجليل...1 25496. القضاعي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر...1 25497. القطائفي أبو بكر أحمد بن عمر بن علي بن حمد...1 25498. القطان أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة...1 25499. القطان أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد...1 25500. القطان أبو بكر محمد بن الحسين بن الحسن...1 25501. القطان أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش...1 25502. القطان أبو علي الحسين بن عبد الله بن يزيد...1 25503. القطان أبو محمد عبد الله بن محمد بن أيوب...1 25504. القطان محمد بن يوسف بن أحمد النيسابوري...1 25505. القطب مسعود بن محمود بن مسعود الطريثيثي...1 25506. القطراني أبو بكر أحمد بن عمرو بن حفص1 25507. القطيعي أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر بن حسين...1 25508. القطيعي أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان...1 25509. القعقاع1 25510. القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي2 25511. القعقاع بن ابي حدرد1 25512. القعقاع بن ابي حدرد الاسلمي2 25513. القعقاع بن الصلت2 25514. القعقاع بن اللجلاج1 25515. القعقاع بن اللجلاج الغطفاني1 25516. القعقاع بن حكيم1 25517. القعقاع بن حكيم الكناني3 25518. القعقاع بن حكيم الكناني المدني2 25519. القعقاع بن حكيم المدني الكناني –1 25520. القعقاع بن سعيد الكندي1 25521. القعقاع بن شور1 25522. القعقاع بن شور بن نعمان1 25523. القعقاع بن عبد الله بن ابي حدرد الاسلمي...2 25524. القعقاع بن عمرو1 25525. القعقاع بن عمرو التميمي3 25526. القعقاع بن معبد2 25527. القعقاع بن معبد التميمي1 25528. القعقاع بن معبد بن زرارة التميمي1 25529. القعقاع بن يزيد الضبي1 25530. القعقاع بن يزيد الضبي كوفى1 25531. القعنبي عبد الله بن مسلمة1 25532. القعنبي عبد الله بن مسلمة بن قعنب1 25533. القفال أبو بكر عبد الله بن أحمد بن عبد الله...1 25534. القفال الشاشي محمد بن علي بن إسماعيل...1 Prev. 100
«
Previous

القاضي الفاضل أبو علي عبد الرحيم بن علي

»
Next
القَاضِي الفَاضِلُ أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَلِيٍّ
المَوْلَى، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ البَلِيْغُ، القَاضِي الفَاضِلُ، مُحْيِي الدِّيْنِ، يَمِيْنُ المَمْلَكَةِ، سَيِّدُ الفُصَحَاءِ، أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ
الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ المُفَرِّجِ اللَّخْمِيُّ، الشَّامِيُّ، البَيْسَانِيُّ الأَصْلِ، العَسْقَلاَنِيُّ المَوْلِدِ، المِصْرِيُّ الدَّارِ، الكَاتِبُ، صَاحِبُ دِيْوَانِ الإِنشَاءِ الصَّلاَحِيِّ.وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ فِي الكُهُوْلَةِ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ العُثْمَانِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ عَسَاكِرَ، وَأَبِي الطَّاهِر بنِ عَوْفٍ، وَعُثْمَانَ بنِ فَرَجٍ العَبْدَرِيِّ،
وَرَوَى: اليَسِيْرَ.
وَفِي انتسَابِهِ إِلَى بيسَانَ تَجوُّزٌ، فَمَا هُوَ مِنْهَا، بَلْ قَدْ وَلِيَ أَبُوْهُ القَاضِي الأَشرفُ أَبُو الحَسَنِ قَضَاءهَا.
انتهتْ إِلَى القَاضِي الفَاضِلِ برَاعَة التَّرسُّلِ، وَبلاغَة الإِنشَاءِ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ الفَنِّ اليَدُ البيضَاءُ، وَالمَعَانِي المبتكرَةُ، وَالبَاعُ الأَطولُ، لاَ يُدركُ شَأؤُهُ، وَلاَ يُشَقُّ غُبَارُهُ مَعَ الكَثْرَةِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ، يُقَالُ: إِنَّ مسوَّدَاتِ رَسَائِلِهِ مَا يَقَصْرُ عَنْ مائَةِ مُجَلَّدٍ، وَلَهُ النَّظْمُ الكَثِيْرُ، وَأَخَذَ الصّنعَةَ عَنِ المُوَفَّقِ يُوْسُفَ بنِ الخَلاَّلِ صَاحِبِ الإِنشَاءِ لِلْعَاضدِ، ثُمَّ خدمَ بِالثَّغْرِ مُدَّةً، ثُمَّ طلبَهُ وَلدُ الصَّالِحِ بنِ رُزّيْكٍ،
وَاسْتخدمَهُ فِي دِيْوَانِ الإِنشَاءِ.قَالَ العِمَادُ: قضَى سعيداً وَلَمْ يُبْقِ عَملاً صَالِحاً إِلاَّ قدَّمَهُ، وَلاَ عهداً فِي الجَنَّةِ إِلاَّ أَحْكَمَهُ، وَلاَ عقْدَ بِرٍّ إِلاَّ أَبرمَهُ، فَإِنَّ صَنَائِعَهُ فِي الرِّقَابِ وَأَوقَافَهُ متجَاوزَةُ الحسَابِ، لاَ سِيَّمَا أَوقَافُهُ لفكَاكِ الأَسرَى، وَأَعَانَ المَالِكيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ بِالمَدْرَسَةِ وَالأَيْتَامَ بِالكُتَّابِ، كَانَ لِلْحُقُوقِ قَاضِياً، وَفِي الحَقَائِق مَاضياً، وَالسُّلْطَانُ لَهُ مُطِيعٌ، مَا افْتَتَحَ الأَقَالِيمَ إِلاَّ بِأَقَاليد آرَائِهِ، وَمقَاليد غِنَاه وَغَنَائِهِ، وَكُنْتُ مِنْ حَسَنَاتِهِ محسوباً، وَإِلَى آلاَئِهِ مَنْسُوْباً، وَكَانَتْ كِتَابَتُهُ كَتَائِبَ النَّصْرِ، وَيَرَاعتُهُ رَائِعَة الدَّهْرِ، وَبرَاعتُهُ بارِيَةً لِلبرِّ، وَعبَارتُهُ نَافثَة فِي عُقَدِ السِّحْرِ، وَبلاغتُهُ لِلدَّولَةِ مُجَمِّلَة، وَللمَمْلَكَةِ مُكَمِّلَة، وَلِلْعصرِ الصَّلاَحِيِّ عَلَى سَائِرِ الأَعصَارِ مُفَضَّلَة، نسخَ أَسَاليبَ القُدَمَاءِ بِمَا أَقدَمَهُ مِنَ الأَسَاليْبِ، وَأَعرَبَهُ مِنَ الإِبدَاعِ، مَا أَلْفَيْتهُ كرَّرَ دُعَاءً فِي مكَاتَبَةٍ، وَلاَ رددَّ لفظاً فِي مخَاطبَةٍ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَإِلَى مَنْ بَعْدَهُ الوِفَادَةُ؟ وَمِمَّنِ الإِفَادَةُ؟ وَفِيْمَنِ السيَادَة؟ وَلِمَنِ السعَادَةُ؟
وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ : وَزَرَ لِلسُّلْطَانِ صَلاَحِ الدِّيْنِ بن أَيُّوْبَ
فَقَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سنَاء الْملك قصيدَةً مِنْهَا:
قَالَ الزَّمَانُ لغَيْرِهِ لَوْ رَامَهَا... تَرِبَتْ يَمِيْنُكَ لَسْتَ مِنْ أَربَابِهَا
اذهَبْ طرِيقَكَ لَسْتَ مِنْ أَربَابِهَا ... وَارْجِعْ وَرَاءكَ لَسْتَ مِنْ أَترَابِهَا
وَبِعِزِّ سيِّدِنَا وَسَيِّدِ غَيرِنَا... ذلَّتْ مِنَ الأَيَّامِ شَمْسُ صِعَابِهَاوَأَتَتْ سعَادتُهُ إِلَى أَبْوَابِهِ ... لاَ كَالَّذِي يَسْعَى إِلَى أَبْوَابِهَا
فَلْتَفْخَرِ الدُّنْيَا بِسَائِسِ مُلْكِهَا ... مِنْهُ وَدَارسِ علمِهَا وَكِتَابِهَا
صوَّامِهَا قوَّامِهَا علاَّمِهَا ... عَمَّالِهَا بِذَّالِهَا وَهَّابِهَا
وَبَلَغَنَا أَنَّ كُتُبَهُ الَّتِي ملكَهَا بلغَتْ مائَة أَلْفِ مُجَلَّدٍ، وَكَانَ يُحصِّلُهَا مِنْ سَائِرِ البِلاَدِ.
حكَى القَاضِي ضِيَاءُ الدِّيْنِ ابْنُ الشَّهْرُزُوْرِيِّ أَنَّ القَاضِي الفَاضِلَ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ العَادلَ أَخَذَ مِصْرَ، دَعَا بِالموتِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَدعيَهُ وَزِيْرُهُ ابْنُ شُكْرٍ، أَوْ يُهِينَهُ، فَأَصْبَحَ مَيْتاً، وَكَانَ ذَا تَهجُّدٍ وَمعَامِلَةٍ.
وَلِلْعِمَادِ فِي (الخريْدَةِ ) : وَقبلَ شروعِي فِي أَعيَانِ مِصْرَ، أُقَدِّمُ ذِكْرَ مَنْ جَمِيْعُ أَفَاضِلِ العصرِ كَالقطرَةِ فِي بحرِهِ، المَوْلَى القَاضِي الفَاضِلُ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَهُوَ كَالشَّرِيعَةِ المحمَّدِيَّةِ، نسخَتِ الشَّرَائِعَ، يَخترعُ الأَفكَارَ، وَيَفترِعُ الأَبكَارَ، هُوَ ضَابطُ المُلكِ بآرَائِهِ، وَرَابطُ السِّلكِ بآلاَئِهِ، إِنْ شَاءَ أَنشَأَ فِي يَوْمٍ مَا لَوْ دُوِّنَ لَكَانَ لأَهْلِ الصِّنَاعَةِ خَيْرَ
بِضَاعَةٍ، أَيْنَ قُسٌّ مِنْ فَصَاحتِهِ، وَقيسٌ فِي حَصَافتِهِ، وَمَنْ حَاتِمٌ وَعَمْرٌو فِي سمَاحتِهِ وَحمَاستِهِ، لاَ مَنَّ فِي فَعلِهِ، وَلاَ مَيْنَ فِي قَوْلِهِ، ذُو الوَفَاءِ وَالمُروءةِ وَالصَّفَاءِ وَالفتوَّةِ، وَهُوَ مِنَ الأَوْلِيَاءِ الَّذِيْنَ خُصُّوا بِالكرَامَةِ، لاَ يَفترُ مَعَ مَا يَتولاَّهُ مِنْ نوَافلِ صَلاَتِهِ، وَنوَافلِ صِلاَتِهِ، يَتلو كُلَّ يَوْمٍ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:وَأَنَا أُوثِرُ أَنْ أُفرِدَ لنظمِهِ وَنثرِهِ كِتَاباً.
قِيْلَ: كَانَ القَاضِي أَحَدبَ، فَحَدَّثَنِي شَيْخُنَا أَبُو إِسْحَاقَ الفَاضِلِيُّ أَنَّ القَاضِي الفَاضِلَ ذهبَ فِي الرُّسليَّةِ إِلَى صَاحِبِ المَوْصِلِ، فَأُحْضِرَتْ فَوَاكهُ، فَقَالَ بَعْضُ الكِبَارِ مُنَكِّتاً: خيَارُكُم أَحَدبُ، يُوَرِّي بِذَلِكَ.
فَقَالَ الفَاضِلُ: خَسُّنَا خَيْرٌ مِنْ خيَارِكُم.
قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ : رَكَنَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ رُكُوناً تَامّاً، وَتَقدَّمَ عِنْدَهُ كَثِيْراً، وَكَانَ كَثِيْرَ البِرِّ، وَلَهُ آثَارٌ جَمِيْلَةٌ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ سَابعِ رَبِيْعٍ الآخَرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَتسعِينَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: كَانُوا ثَلاَثَةَ إخوَةٍ:أَحَدهُم: خدَمَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَخلَّفَ مِنَ الخوَاتِيمِ صنَادِيقَ، وَمِنَ الحُصْرِ وَالقُدُورِ بُيُوتاً مَمْلُوْءةً، وَكَانَ مَتَى سَمِعَ بِخَاتمٍ سَعَى فِي تحصيلِهِ.
وَأَمَّا الآخَرُ: فَكَانَ لَهُ هَوَسٌ مُفْرِطٌ فِي تحصيلِ الكُتُبِ، عِنْدَهُ نَحْوُ مائَتَيْ أَلف كِتَاب.
وَالثَّالِثُ القَاضِي الفَاضِلُ: كَانَ ذَا غرَامٍ بِالكِتَابَةِ وَبِالكُتُبِ أَيْضاً، لَهُ الدِّينُ وَالعفَافُ وَالتُّقَى، موَاظِبٌ عَلَى أَورَادِ اللَّيْلِ وَالصِّيَامِ وَالتِّلاَوَةِ، لَمَّا تَملَّكَ أَسَدُ الدِّيْنِ أَحضرَهُ، فَأُعْجِبَ بِهِ، ثُمَّ اسْتخلَصَهُ صَلاَحُ الدِّيْنِ لِنَفْسِهِ، وَكَانَ قَلِيْلَ اللَّذَّاتِ، كَثِيْرَ الحَسَنَاتِ، دَائِمَ التَّهَجُّدِ، يَشتغلُ بِالتَّفْسِيْرِ وَالأَدبِ، وَكَانَ قَلِيْلَ النَّحْوِ، لَكنَّهُ لَهُ دُرْبَةٌ قويَّةٌ، كتبَ مِنَ الإِنشَاءِ مَا لَمْ يَكتبْهُ أَحَدٌ، أَعْرِفُ عِنْدَ ابْنِ سنَاء الملكِ مِنْ إِنشَائِهِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ مُجَلَّداً، وَعِنْدَ ابْنِ القَطَّانِ عِشْرِيْنَ مُجَلَّداً، وَكَانَ مُتَقَلِّلاً فِي مطعَمِهِ وَمنكحِهِ وَملبسِهِ، لباسُهُ البيَاضُ، وَيَرْكُبُ مَعَهُ غُلاَمٌ وَركَابِيٌّ، وَلاَ يَمكِّنُ أَحَداً أَنْ يَصحبَهُ، وَيُكْثِرُ تَشييعَ الجَنَائِزِ، وَعيَادَةَ المَرْضَى، وَلَهُ مَعْرُوفٌ فِي السِّرِّ وَالعَلاَنِيَةِ، ضَعِيْفُ البُنْيَةِ، رقيقُ الصُّوْرَةِ، لَهُ حَدْبَةٌ يُغَطِّيهَا الطَّيْلَسَانُ، وَكَانَ فِيْهِ سُوءُ خُلُقٍ، يُكْمِدُ بِهِ نَفْسَهُ، وَلاَ يضرُّ أَحَداً بِهِ، وَلأَصْحَابِ العِلْمِ عِنْدَهُ نفَاقٌ يُحْسِنُ إِلَيْهِم، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ انتقَامٌ مِنْ أَعدَائِهِ إِلاَّ بِالإِحسَانِ أَوِ الإِعرَاضِ عَنْهُم، وَكَانَ دَخْلُهُ وَمَعْلُوْمُهُ فِي العَامِ نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ سِوَى مَتَاجر الهِنْدِ وَالمَغْرِبِ، تُوُفِّيَ مَسْكُوتاً، أَحْوَجَ مَا كَانَ إِلَى المَوْتِ عِنْدَ تَوَلِّي الإِقبالِ، وَإِقبالِ الإِدبارِ، وَهَذَا يَدلُّ عَلَى أَنَّ للهِ بِهِ عنَايَة.
قَالَ العِمَادُ: تَمَّتِ الرَّزِيَّةُ بَانتقَالِ القَاضِي الفَاضِلِ مِنْ دَارِ الفنَاءِ إِلَى دَارِ البقَاءِ، فِي مَنْزِلِهِ بِالقَاهِرَةِ، فِي سَادسِ رَبِيْعٍ الآخَرَ، وَكَانَ لَيْلَتَئِذٍ صَلَّى العشَاءَ، وَجَلَسَ مَعَ مُدَرِّسِ مَدْرَسَتِهِ، وَتحدَّثَ مَعَهُ مَا شَاءَ، وَانفصلَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَحِيْحاً.وَقَالَ لغُلاَمِهِ: رَتِّبْ حوَائِجَ الحَمَّامِ، وَعرفنِي حَتَّى أَقضِي مُنَى المَنَامِ، فَوَافَاهُ سَحَراً، فَمَا اكترَثَ بصوتِهِ، فَبَادَرَ إِلَيْهِ وَلدُهُ فَأَلفَاهُ وَهُوَ سَاكِتٌ باهِتٌ، فَلبثَ يَوْمَهُ لاَ يُسْمَعُ لَهُ إِلاَّ أَنِيْنٌ خفِيٌّ، ثُمَّ قضَى -رَحِمَهُ الله-.
قيل: وَقَفَ مُنَجِّمٌ عَلَى طَالعِ القَاضِي، فَقَالَ: هَذِهِ سعَادَةٌ لاَ تَسَعُهَا عَسْقَلاَنُ.
حفظَ القُرْآنَ، وَكَتَبَ ختمَةً، وَوقفَهَا، وَقرَأَ (الجمعَ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ) عَلَى ابْنِ فَرحٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الحُمَيْدِيِّ، وَصَحِبَ أَبَا الفَتْحِ مَحْمُوْدَ بنَ قَادوس المنشِئ، وَكَانَ مَوْتُ أَبِيْهِ سَنَة 46، وَكَانَ لَمَّا جرَى عَلَى أَبِيْهِ نَكبَةً اتَّصَلَتْ بِمَوْتِهِ، ضُرِبَ وَصُودِرَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْء، وَمَضَى إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَصَحِبَ بنِي حديدٍ، فَاسْتَخدمُوْهُ.
قَالَ جَمَالُ الدِّيْنِ ابْنُ نُبَاتَةَ: رَأَيْتُ فِي بَعْضِ تَعَاليقِ القَاضِي: لَمَّا رَكِبْتُ البَحْرَ مِنْ عَسْقَلاَنَ إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، كَانَتْ مَعِي رزمَةٌ فِيْهَا ثِيَابٌ، وَرزمَةٌ فِيْهَا مُسَوَّدَاتٌ، فَاحتَاجَ الرُّكَّابُ أَنْ يُخَفِّفُوا، فَأَردتُ أَنْ أَرمِي رزمَةَ المُسَوَّدَاتِ، فَغلِطْتُ وَرَمَيْتُ رزمَةَ القِمَاشِ.
وَذَكَرَ القَاضِي ابْنُ شَدَّادٍ أَنَّ دَخْلَ القَاضِي كَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً.