Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب
Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 5806
3189. الفهري أبيض بن محمد بن أبيض بن أسود بن نافع...1 3190. الفوراني عبد الرحمن بن محمد بن فوران...1 3191. الفيض بن أبي صالح شيرويه1 3192. القائم أبو القاسم محمد ابن المهدي عبيد الله...1 3193. القائم بأمر الله عبد الله ابن القادر بالله بن إسحاق...1 3194. القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله العباسي...13195. القابسي أبو الحسين علي بن محمد بن خلف...1 3196. القادر بالله أحمد ابن الأمير إسحاق بن المقتدر...1 3197. القادسي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد...1 3198. القارئ إسماعيل بن عبد الرحمن بن صالح...1 3199. القاري عبد الرحمن بن عبد المدني1 3200. القاسم بن الفضل أبو المغيرة الحداني1 3201. القاسم بن حمود بن ميمون الإدريسي1 3202. القاسم بن خالد بن قطن أبو سهل المروزي...1 3203. القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي1 3204. القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود...4 3205. القاسم بن عبيد الله بن سليمان الحارثي...1 3206. القاسم بن علي بن الحسن ابن عساكر الدمشقي...1 3207. القاسم بن مالك أبو جعفر المزني1 3208. القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق5 3209. القاسم بن مخيمرة الهمداني4 3210. القاسم بن معن بن عبد الرحمن الهذلي1 3211. القاضي أبو تمام علي بن محمد بن الحسن البغدادي...1 3212. القاضي أبو خازم عبد الحميد بن عبد العزيز السكوني...1 3213. القاضي أبو نعيم الفضل بن عبد الله التميمي...1 3214. القاضي أبو يعلى البغدادي محمد بن الحسين...1 3215. القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري...1 3216. القاضي الخياط محمد بن علي المروزي1 3217. القاضي الزكي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي...1 3218. القاضي الفاضل أبو علي عبد الرحيم بن علي...1 3219. القاضي الفاضل محمود بن علي بن أبي طالب التميمي...1 3220. القاضي حسين بن محمد بن أحمد المروذي1 3221. القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن خليل الهمذاني...1 3222. القاضي عبد الوهاب أبو محمد بن علي التغلبي...1 3223. القاضي علي بن يوسف بن عبد الله الدمشقي...1 3224. القاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي1 3225. القالي أبو علي إسماعيل بن القاسم بن هارون...1 3226. القاهر بالله محمد ابن المعتضد بالله أحمد...1 3227. القاهر مسعود بن أرسلان شاه بن مسعود1 3228. القباب عبد الله بن محمد بن محمد الأصبهاني...1 3229. القباع الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي...1 3230. القباني أبو علي الحسين بن محمد1 3231. القبري عبد الواحد بن محمد بن موهب1 3232. القبيطي أبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن علي بن حمزة...1 3233. القتات أبو عمر محمد بن جعفر الكوفي1 3234. القداح أبو عثمان سعيد بن سالم المكي1 3235. القدوري أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد...1 3236. القراب إسحاق بن إبراهيم بن محمد الهروي...1 3237. القراب إسماعيل بن إبراهيم بن محمد1 3238. القراريطي محمد بن أحمد بن عبد المؤمن...1 3239. القراطيسي أبو يزيد يوسف بن يزيد المصري...1 3240. القرشي أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر...1 3241. القرشي أبو عثمان سعيد بن العباس بن محمد...1 3242. القرطبي أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام...1 3243. القرظي محمد بن كعب بن سليم1 3244. القرمطي أبو طاهر سليمان بن حسن1 3245. القرمطي أبو علي الحسن بن أحمد بن حسن1 3246. القرميسيني أبو إسحاق إبراهيم بن شيبان...1 3247. القرميسيني إبراهيم بن أحمد بن حسن1 3248. القزاز أبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي...1 3249. القزاز عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني...1 3250. القزاز نصر الله بن عبد الرحمان بن محمد...1 3251. القزويني أبو إبراهيم الجليل بن عبد الجبار...1 3252. القزويني أبو الحسن علي بن أحمد بن صالح...1 3253. القزويني أبو الحسن علي بن عمر بن محمد...1 3254. القزويني أبو الفرج محمد بن محمود بن الحسن...1 3255. القزويني أبو المجد محمد بن الحسين بن أحمد...1 3256. القزويني أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد...1 3257. القزويني أبو عمر محمد بن عيسى بن أحمد...1 3258. القزويني كثير بن شهاب القزويني1 3259. القزويني محمد بن أحمد بن إسماعيل1 3260. القزويني محمد بن مسعود بن الحارث1 3261. القسري أبو الهيثم خالد بن عبد الله بن يزيد...1 3262. القشيري أبو محمد الفضل بن محمد بن عبيد...1 3263. القشيري عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك...1 3264. القصاب أبو أحمد محمد بن علي بن محمد1 3265. القصار أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد1 3266. القصار أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد1 3267. القصار أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يحيى...1 3268. القصري أبو محمد عبد الجليل بن موسى الأنصاري...1 3269. القصري عبد الجليل بن موسى بن عبد الجليل...1 3270. القضاعي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر...1 3271. القطائفي أبو بكر أحمد بن عمر بن علي بن حمد...1 3272. القطان أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة...1 3273. القطان أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد...1 3274. القطان أبو بكر محمد بن الحسين بن الحسن...1 3275. القطان أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش...1 3276. القطان أبو علي الحسين بن عبد الله بن يزيد...1 3277. القطان أبو محمد عبد الله بن محمد بن أيوب...1 3278. القطان محمد بن يوسف بن أحمد النيسابوري...1 3279. القطب مسعود بن محمود بن مسعود الطريثيثي...1 3280. القطراني أبو بكر أحمد بن عمرو بن حفص1 3281. القطيعي أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر بن حسين...1 3282. القطيعي أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان...1 3283. القعنبي عبد الله بن مسلمة بن قعنب1 3284. القفال أبو بكر عبد الله بن أحمد بن عبد الله...1 3285. القفال الشاشي محمد بن علي بن إسماعيل...1 3286. القفطي أبو الحسين علي بن يوسف بن إبراهيم...1 3287. القلانسي أبو العز محمد بن الحسين بن بندار...1 3288. القلعي أبو محمد عبد الله بن محمد بن القاسم...1 Prev. 100
«
Previous

القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله العباسي

»
Next
القَائِمُ بِأَمْرِ اللهِ عَبْدُ اللهِ بنُ القَادِرِ بِاللهِ العَبَّاسِيُّ
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، القَائِمُ بِأَمْرِ اللهِ، أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ ابْنُ القَادِر بِاللهِ أَحْمَدَ ابنِ الأَمِيْر إِسْحَاقَ ابنِ المُقْتَدِرِ بِاللهِ جَعْفَرِ بنِ المُعْتَضِدِ العَبَّاسِيُّ البَغْدَادِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَأُمُّه أَرمنِيَّة تسمَّى بدرَ الدُّجَى، وَقِيْلَ: قطرَ النَّدَى.
وَقَدْ مرَّ ذِكْرُهُ اسْتطرَاداً بَعْد العِشْرِيْنَ وَالثَّلاَثِ مائَة، وَأَنَّهُ كَانَ جَمِيْلاً وَسِيماً أَبيضَ بِحُمرَة، ذَا دِينٍ وَخيرٍ وَبرٍّ وَعلم وَعدل، بُوْيِع سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَأَنَّهُ نُكِبَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ فِي كَائِنَة البَسَاسِيرِي، فَفَرَّ إِلَىالبرِّيَة فِي ذِمَام أَمِيْرٍ لِلعرب، ثُمَّ عَادَ إِلَى خِلاَفَته بَعْد عَامٍ بهمَّة السُّلْطَان طُغْرُلْبَك، وَأُزِيلت خُطبَة خَلِيْفَة مِصْر المُسْتنصر بِاللهِ مِنَ العِرَاقِ، وَقُتِلَ البسَاسيرِي.
وَلَمَّا أَن فَرَّ القَائِمُ إِلَى البرِّيَة، رفع قِصَّةً إِلَى رَبّ العَالِمِين مُسْتعدياً عَلَى مَنْ ظلمه، وَنَفَّذَ بِهَا إِلَى البَيْتِ الحَرَام، فَنَفعتْ، وَأَخَذَ الله بِيَدِهِ، وَردَّه إِلَى مَقَرِّ عِزه.
فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ قُهِرَ وَبُغِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِاللهِ تَعَالَى، وَإِنْ صَبر وَغفر، فَإِنَّ فِي الله كفَايَةً وَوِقَايَةً.
وَكَانَ أَبْيَضَ وَسِيماً، عَالِماً مَهِيْباً، فِيْهِ دينٌ وَعدل.ظهر عَلَيْهِ مَاشَرَا، فَافْتصد وَنَام، فَانْفجر فِصَادُه، وَخَرَجَ دَمٌ كَثِيْر، وَضَعُف، وَخَارت قِوَاهُ.
وَكَانَ ذَا حظٍّ مِنْ تَعَبُّدٍ وَصيَام وَتهجُّد، لَمَّا أَنْ أُعيد إِلَى خِلاَفَته قِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يَسْتَرد شَيْئاً مِمَّا نُهب مِنْ قصره، وَلاَ عَاقب مَنْ آذَاهُ، وَاحتسب وَصبر.
وَكَانَ تَاركاً لِلملاَهِي - رَحِمَهُ اللهُ -.
وَكَانَتْ خِلاَفَته خَمْساً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَغسَّله شَيْخُ الحنَابلَة أَبُو جَعْفَرٍ بنُ أَبِي مُوْسَى الهَاشِمِيّ.
وَعَاشَ ستّاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَبُوْيِع بَعْدَهُ ابْنُ ابْنِهِ المُقْتَدِي بِاللهِ.
وَوَزَرَ لِلقَائِم أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّد بن أَيُّوْبَ، وَأَبُو الفَتْحِ بن دَارست، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ المُسلمَة، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ جَهير.
وَكَانَ مُلْكُ بنِي بُوَيْه فِي خِلاَفَتِهِ ضَعِيْفاً، بِحَيْثُ إِن جَلاَل الدَّوْلَة بَاعَ مِنْ ثيَابه الملبوسَة بِبَغْدَادَ، وَقلَّ مَا بِيَدِهِ، وَخَلَتْ دَارُه مِنْ حَاجِب وَفَرَّاش، وَقُطعت النوبَةُ عَلَى بَابه لذهَاب الطَّبالين، وَثَارَ عَلَيْهِ جُنْدُه، ثُمَّ كَاشرُوا لَهُ رَحْمَةً، ثُمَّ جرت فِتْنَةُ البسَاسيرِي، ثُمَّ بدتِ الدَّوْلَةُ السَّلْجُوْقيَّة، وَأَوّل مَا ملكُوا خُرَاسَان، ثُمَّ الْجَبَل، وَعسفُوا وَنهبُوا وَقتلُوا، وَفَعَلُوا القبَائِح - وَهم
تُركمَان -. وَمَاتَ جَلاَلُ الدَّوْلَة سَنَة وَلَهُ نَيِّفٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ عَلَى ذُنُوبه يُعتقد فِي الصُّلَحَاء، وَخَلَّف أَوْلاَداً.وَدَخَلَ أَبُو كَالَيْجَار بَغْدَاد، وَتعَاظم، وَلَمْ يَرْضَ إِلاَّ بِضَرْب الطّبلِ لَهُ فِي أَوقَات الصَّلَوَات الخَمْس، وَكَانَ جَدُّهم عَضُد الدَّوْلَة - مَعَ علو شَأْنه - لَمْ تُضرب لَهُ إِلاَّ ثَلاَثَة أَوقَات.
وَمَاتَ أَبُو كَالَيْجَار سَنَة أَرْبَعِيْنَ، فَولِي المُلكَ بَعْدَهُ وَلَدُه الْملك الرَّحِيْم أَبُو نَصْرٍ ابْن السُّلْطَانِ أَبِي كَالَيْجَار بن سُلْطَان الدَّوْلَة بن بَهَاء الدَّوْلَة بن عَضُدِ الدَّوْلَةِ.
وَفِيْهَا غَزَا يَنَال السَّلْجُوْقِي أَخُو طُغْرُلْبَك بِجُيُوشِهِ، وَوَغل فِي بلاَد الرُّوْم، وَغنم مَا لاَ يُعبَّر عَنْهُ، وَكَانَتْ غَزْوَةً مَشْهُوْدَةً وَفتحاً مبيناً.
فَهَذَا هُوَ أَوّلُ اسْتيلاَء آل سَلْجُوْق مُلُوْكِ الرُّوْم عَلَى الرُّوْم، وَفِي هَذَا الْحِين خَطَبَ مُتَوَلِّي القَيْرَوَان المُعز بنُ بَادِيس لِلقَائِم بِأَمْرِ اللهِ، وَقَطَع خُطبَة العُبَيْدِيَّة، فَبعثَوا مَنْ حَارَبّه، فَتمت فَصولٌ طَوِيْلَة.
وَفِي سَنَةِ عُملت بِبَغْدَادَ مآتمُ عَاشُورَاء، فَجرت فِتْنَةٌ بَيْنَ السّنَة وَالشِّيْعَة تَفوتُ الوَصْفَ مِنَ الْقَتْل وَالجرَاح، وَنُدب أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّسوِي لِشحنكية بَغْدَاد، فَثَارت العَامَّةُ كلهُم، وَاصطلح السّنَةُ وَالشِّيْعَةُ، وَتوَادُّوا وَصَاحُوا: مَتَى وَلِي ابْنُ النَّسَوِي أَحرقنَا الأَسواقَ، وَنزحنَا.
وَترحَّم أَهْلُ الْكَرْخِ عَلَى الصَّحَابَة، وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يُعهد.
وَكَانَ الرّخَاءُ بِبَغْدَادَ بِحَيْثُ إِنَّهُ أُبيع
الكُرُّ بِسَبْعَة دَنَانِيْر.وَمَاتَ صَاحِبُ المَوْصِل مُعتمِد الدَّوْلَة أَبُو المَنِيع، ثُمَّ بَعْدَ سَنَة فَسد مَا بَيْنَ السُّنَّة وَالشِّيْعَة، وَعَمِلَت الشِّيْعَة سوراً عَلَى الْكَرْخِ، وَكتبُوا عَلَيْهِ بِالذَّهَبِ: مُحَمَّد وَعلِيٌّ خَيْرُ البَشَر، فَمَنْ أَبى فَقَدْ كَفَر.
ثُمَّ وَقَعَ القِتَالُ وَالنَّهبُ، وَقَوِيَتِ السّنَةُ، وَفَعَلُوا العظَائِم، وَنُبِشَت قُبُوْر، وَأُحرقت عظَامُ العَوْنِيّ وَالنَّاشِي وَالجذوعِي، وَقُتِلَ مُدَرِّس الحَنَفِيَّة السَّرْخَسِيّ، وَعجزت الدَّوْلَةُ عَنْهُم، وَأَخَذَ طُغْرُلْبَك أَصْبَهَانَ، وَجَعَلهَا دَارَ مُلكه.
وَاقتتل المغَاربَةُ وَجَيْشُ مِصْر، فَقُتل مِنَ المغَاربَة ثَلاَثُونَ أَلْفاً.
وَفِي سَنَةِ هَاجت السّنَةُ عَلَى أَهْلِ الْكَرْخِ، وَأَحرقُوا، وَقتلُوا، وَهلك يَوْمَئِذٍ فِي الزَّحمَة نَيِّفٌ وَأَرْبَعُوْنَ نَفْساً، أَكْثَرهم نسَاء نَظَّارَة، وَجَرَتْ حُرُوْب كَثِيْرَة بَيْنَ جَيْش خُرَاسَان وَبَيْنَ الغُزِّ عَلَى المُلك، وَحَاصَرَ المَلِكُ الرَّحِيْم وَالبسَاسيرِيُّ البَصْرَةَ، وَأَخَذَهَا مِنْ وَلد أَبِي كَالَيْجَار، ثُمَّ اسْتولَى عَسْكَرُ المَلكِ الرَّحِيْم عَلَى شيرَاز بَعْد حِصَارٍ طَوِيْل، وَقَحْطٍ وَبلاَء، حَتَّى قِيْلَ: لَمْ يَبْقَ فِيْهَا إِلاَّ نَحْو أَلف نَفْس، وَدَورُ سُورِهَا اثْنَا عَشرَ أَلف ذِرَاع، وَلَهَا أَحَدَ عشرَ بَاباً.
وَفِي سَنَةِ قبض طُغْرُلْبَك عَلَى الْملك الرَّحِيْم، وَانقضتْ أَيَّامُ بنِي بُويه، وَكَانَ فِيْهَا دُخُوْلُ طُغْرُلْبَك بَغْدَاد، وَكَانَ يَوْماً مَشْهُوْداً بَيْنَ يَدَيْهِ ثَمَانِيَةَ عشرَ فِيلاً، مُظهِراً أَنَّهُ يَحُجُّ، وَيَغزو الشَّام وَمِصْر، وَيُزِيلُ الدَّوْلَة العُبَيْدِيَّة. وَمَاتَ
ذخيرَةُ الدِّين مُحَمَّدُ بنُ الخَلِيْفَةِ وَلِيُّ عهد أَبِيْهِ، وَخلَّف وَلداً طِفْلاً وَهُوَ المُقتدي، وَعَاثت جيوشُ طُغْرُلْبَك بِالقُرَى، بِحَيْثُ لأُبِيعَ الثَّوْرُ بِعَشْرَةِ درَاهم، وَالحِمَارُ بدِرْهَمَيْنِ.وَوَقَعَتِ الفِتْنَةُ بِبَغْدَادَ بَيْنَ الحنَابلَة وَالشَّافِعِيَّة.
وَتَزَوَّجَ الخَلِيْفَةُ بِبنت طُغْرُلْبَك عَلَى مائَة أَلْف دِيْنَار.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ مبدَأُ فِتْنَة البسَاسيرِي، وَخَطَبَ بِالكُوْفَةِ وَوَاسط وَبَعْضِ القرَى لِلمُسْتنصر العُبيدي، وَكَانَ القَحْطُ عَظِيْماً بِمِصْرَ وَبَالأَنْدَلُس، وَمَا عُهِدَ قَحْطٌ وَلاَ وَبَاءٌ مِثْله بقُرْطُبَة، حَتَّى بَقِيَت المَسَاجِدُ مغلقَة بِلاَ مُصَلٍّ، وَسُمِّيَ عَام الْجُوع الكَبِيْر.
وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ أَخَذَ طُغْرُلْبَك المَوْصِل، وَسلَّمَهَا إِلَى أَخِيْهِ يَنَال، وَكَتَبَ فِي أَلقَابه: ملك المَشْرِق وَالمَغْرِب.
وَفِيْهَا كَانَ الجوعُ المُفرط بِبَغْدَادَ وَالفنَاء، وَكَذَلِكَ بِبُخَارَى وَسَمَرْقَنْد حَتَّى يُقَالَ: هَلَكَ بِمَا وَرَاء النَّهْر أَلفُ أَلفٍ وَسِتُّ مائَةِ أَلْف.
وَفِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ أَخَذَ البسَاسيرِيُّ بَغْدَاد كَمَا قَدَّمْنَا، وَخَطَبَ لصَاحِب
مِصْر، فَأَقْبَل فِي أَرْبَعِ مائَة فَارِس فِي وَهْنٍ وَضَعف وَمَعَهُ قُرَيْش أَمِيْر العَرَب فِي مائَتَيْ فَارِس بَعْدَ أَنْ حَاصرَا المَوْصِل، وَأَخَذَاهَا، وَهَدَمَا قلعتهَا.وَاشْتَغَل طُغْرُلْبَك بِحَرب أَخِيْهِ، فَمَالتِ العَامَّة إِلَى البسَاسيرِي لِمَا فَعَلت بِهِم الغُّز، وَفَرِحتْ بِهِ الرَّافِضَّةُ، فَحضر الهَمَذَانِيُّ عِنْد رَئِيْس الرُّؤَسَاء الوَزِيْر، وَاسْتَأْذَنَه فِي الحَرْب، وَضمن لَهُ قتل البسَاسيرِي، فَأَذن لَهُ.
وَكَانَ رَأْيُ عَمِيْدِ العِرَاق المُطَاولَة رَجَاءَ نَجدَةِ طُغْرُلْبَك، فَبرز الهَمَذَانِيُّ بِالهَاشِمِيين وَالخدم وَالعوَام إِلَى الحلبَة، فَتقهقر البسَاسيرِيُّ، وَاسْتجرَّهُم، ثُمَّ كرَّ عَلَيْهِم، فَهَرَبُوا، وَقُتِلَ عِدَّة، وَنُهِبَ بَابُ الأَزج، وَأَغلقَ الوَزِيْرُ عَلَيْهِم، وَلطم العَمِيْد كَيْفَ اسْتبدَ الوَزِيْرُ بِالأَمْرِ وَلاَ مَعْرِفَةَ لهُ بِالحَرْب، فَطَلبَ الخَلِيْفَةُ العَمِيْدَ، وَأَمرهُ بِالقِتَال عَلَى سور الحرِيْم، فَلَمْ يَرُعْهم إِلاَّ الصرِيخُ وَنهبُ الحرِيْم، وَدخلُوا مِنْ بَاب النوبَى، فَرَكِبَ الخَلِيْفَةُ وَعَلَى كَتِفِهِ البُرْدَة، وَبِيَدِهِ السَّيْفُ، وَحَوْلَهُ عددٌ، فَرَجَعَ نَحْو العَمِيْد، فَوَجَدهُ قَدِ اسْتَأْمن إِلَى قُرَيْش، فَصَعِدَ المَنْظَرَة فَصَاح رَئِيْس الرُّؤَسَاء بِقُرَيْش: يَا عَلَمَ الدِّين: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَسْتَدنِيكَ.
فَدنَا فَقَالَ: قَدْ أَنَالكَ الله رُتْبَةً لَمْ يُنِلهَا أَحَد، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يَسْتَذِمُّ مِنْكَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَصْحَابِهِ بذمَام الله وَرَسُوْله وَذمَامِ العَرَب.
قَالَ: نَعَمْ.
وَخلعَ قَلَنْسَوَتَهُ، فَأَعْطَاهَا الخَلِيْفَةَ، وَأَعْطَى الوَزِيْر مِخْصَرَتَهُ، فَنَزَلاَ إِلَيْهِ، وَذَهَبَا مَعَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ البسَاسيرِي: أَتخَالفُ مَا تَقرَّر بَيْنَنَا؟
قَالَ: لاَ.
ثُمَّ اتفقَا عَلَى تَسْلِيم الوَزِيْر، فَلَمَّا أَتَاهُ؛ قَالَ: مَرْحَباً بِمُهلك الدُّول.
قَالَ: العفوُ عِنْدَ القُدرَة.
قَالَ: أَنْتَ قدرتَ فَمَا عَفْوتَ، وَركبتَ الْقَبِيح مَعَ أَطفَالِي، فَكَيْفَ أَعفُو وَأَنَا رَبُّ سَيْف!؟
وَحَمَلَ قُرَيْشٌ الخَلِيْفَةَ إِلَى مُخَيَّمه، وَسَلَّمَ زوجَتَه إِلَى ابْنِ جَرْدَة، وَنُهبت دورُ الخِلاَفَة، فَسَلَّمَ قُرَيْشٌ الخَلِيْفَةَ إِلَى ابْنِ عَمّه مهَارش بنُ مجلِّي، فَسَارَ بِهِ فِي هودجٍ إِلَى الحَدِيْثَة، وَسَارَ حَاشيَة الخَلِيْفَة عَلَى حَمِيَّة إِلَى طُغْرُلْبَك، وَشكَا الخَلِيْفَةُ البردَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُتَوَلِّي الأَنبار جُبَّةً وَلحَافاً. وَلاَ
رِيب أَنَّ اللهَ لطَفَ بِالقَائِم لدينِهِ.حكَى المُحَدِّثُ أَبُو الحَسَنِ بنُ عَبْدِ السَّلاَم: سَمِعْتُ الأُسْتَاذ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ عَامِرٍ قَالَ:
دَخَلْتُ إِلَى الخزَانَة، فَأَعْطونِي عِدَّة قصَص، حَتَّى امتلأَ كُمِّي، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ الخَلِيْفَةُ أَخِي لضَجر مِنِّي، وَأَلقيتُهَا فِي البركَة.
وَكَانَ القَائِمُ يَنْظُرُ، وَلَمْ أَدرِ.
قَالَ: فَأَمر بِأَخَذِ الرِّقَاع، فَنُشِرَتْ فِي الشَّمْسِ، ثُمَّ وَقَّعَ عَلَى الجمِيْع، وَقَالَ: يَا عَامِّيُّ لِمَ فَعَلتَ هَذَا؟
قَالَ: فَاعْتذرتُ، فَقَالَ: مَا أَطْلَقْنَا شَيْئاً مِنْ أَمْوَالنَا بَلْ نَحْنُ خُزَّانُهُم.
نعم، وَأَحْسَنَ البسَاسيرِيُّ السِّيرَةَ، وَوَصل الفُقَهَاء، وَلَمْ يَتعصب لِلشيعَة، وَرَتَّبَ لأُمِّ الخَلِيْفَةِ رَاتباً.
ثُمَّ بَعْدَ أَيَّام أُخرج الوَزِيْر مُقَيَّداً عَلَيْهِ طُرْطُور، وَفِي رقبته قِلاَدَةُ جُلُود وَهُوَ يَقرَأُ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ} [آل عِمْرَان:26] فَبصق فِي وَجْهِهِ أَهْلُ الرَّفض - فَالأَمْر للهِ - ثُمَّ صُلِبَ، وَجُعِلَ فِي فَكَّيه كَلُّوبَانِ، فَمَاتَ ليَوْمه، وَقتلُوا العَمِيْد أَيْضاً، وَهُوَ الَّذِي بَنَى رِبَاط شَيْخِ الشُّيُوْخ، ثُمَّ سَارَ البسَاسيرِيُّ، فَحكم عَلَى البَصْرَةِ وَوَاسط، وَخَطَبَ بِهَا لِلمُسْتنصر، وَلَكِن قَطَعَ المُسْتنصر مُكَاتَبته، خَوَّفه وَزِيْرُه أَبُو الفَرَجِ ابْنُ أَخِي الوَزِيْر المَغْرِبِيّ، وَكَانَ قَدْ هَرَبَ مِنَ البسَاسيرِي، فَذَمَّ أَفعَاله، وَخَوَّف مِنْ عَوَاقِبه.
وَبِكُلِّ حَالٍ فَنَالَهُ مِنَ المِصْرِيّين نَحْوُ أَلفِ أَلفِ دِيْنَار.
وَفِي سَنَةِ زوَّج القَائِم بِنْته بِطُغْرُلْبَك بَعْد اسْتَعفَاء وَكُرْهٍ، وَغَرِقت بَغْدَاد؛ وَبلغ المَاء أَحَداً وَعِشْرِيْنَ ذرَاعاً.وَفِي سَنَةِ قبض السُّلْطَان أَلب آرسلاَن عَلَى وَزِيْره عَمِيْد الْملك الكُندرِي، وَاسْتَوْزَرَ نِظَامَ المُلْك، وَكَانَ المَصَافُّ بِالرَّيِّ بَيْنَ أَلب آرسلاَن وَقَرَابَته قُتُلْمِش، فَقُتل قُتُلْمِش، وَنَدِمَ السُّلْطَانُ، وَعَمِلَ عزَاءهُ، ثُمَّ سَارَ يَغْزُو الرُّوْم.
وَأُنشِئْت مدينَة بِجَايَة، بنَاهَا النَّاصرُ بنُ عَلنَاس، وَكَانَتْ مرعَىً لِلدوَاب.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ أُنشِئْت نِظَامِيَّةُ بَغْدَاد، وَسلطنَ أَلب آرسلاَن ابْنه مَلِكْشَاه، وَجَعَله وَلِيَّ عَهْدِهِ، وَسَارَ إِلَيْهِ مُسْلِمُ بنُ قُرَيْش بن بَدْرَان صَاحِب المَوْصِل، فَأَقطعه هِيت وَحَرْبَا، وَبنُوا عَلَى قَبْر أَبِي حَنِيْفَةَ قُبَّة عَظِيْمَة.
وَفِي سَنَةِ احْتَرَقَ جَامِعُ دِمَشْق كُلُّه وَدَارُ السّلطنَة الَّتِي
بِالخَضْرَاء، وَذَهَبت مَحَاسِنُ الجَامِع وَزخرفتُهُ الَّتِي تُضرب بِهَا الأَمثَال، مِنْ حَربٍ وَقَعَ بَيْنَ جَيْش مِصْر وَجَيْش العِرَاق.وَفِي سَنَةِ أَقْبَل طَاغِيَةُ الرُّوْم فِي جَيْش لَجِبٍ، حَتَّى أَنَاخَ بِمَنْبِج، فَاسْتبَاحهَا، وَأَسرع الكَرَّةَ لِلغلاَءِ، أُبيع فِي عَسْكَرِهِ رطلُ الْخبز، بدِيْنَار، وَكَانَ بِمِصْرَ الغلاَءُ الْمُفرط وَهِيَ النوبَة الَّتِي قَالَ فِيْهَا صَاحِبُ (المرَآة) :فَخَرَجتِ امْرَأَة بِالقَاهِرَةِ بِيَدِهَا مُدُّ جَوْهَرٍ فَقَالَتْ: مَنْ يَأْخُذُهُ بِمُدِّ قَمْحٍ؟ فَمَا الْتَفَت إِلَيْهَا أَحَد، فَرمته، وَقَالَتْ: مَا نَفعنِي وَقتَ الحَاجَة، فَلاَ أُرِيْدُهُ.
فَمَا كَانَ لَهُ مَنْ يَأْخُذُه، وَكَادَ الخرَابُ أَنْ يَشمَلَ الإِقْلِيْم حَتَّى بِيعَ كلبٌ بِخَمْسَةِ دَنَانِيْر وَالهرُّ بِثَلاَثَة، وَبلغ ثمن الإِرْدَبِّ مائَةَ دِيْنَارٍ، وَأَكل النَّاسُ بَعْضهم بَعْضاً، وَتَشَتَّتَ أَهْل مِصْرَ فِي البِلاَد.
وَفِي سَنَةِ كَانَتِ المَلْحَمَة العُظْمَى بَيْنَ الإِسْلاَم وَالنَّصَارَى.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ :خَرَجَ أَرمَانوس فِي مائَتَيْ أَلف، وَقصد الإِسْلاَم، وَوصل إِلَى بلاَد خِلاَط.
وَكَانَ السُّلْطَان أَلب آرسلاَن بخُوَيّ، فَبَلَغَهُ كَثْرَةُ العَدُوّ، وَهُوَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف فَارِس، فَقَالَ: أَنَا أَلتقيهُم، فَإِنْ سَلِمْتُ
فَبنعمَةِ الله، وَإِن قُتلت فَمَلِكْشَاه وَلِيُّ عَهْدي، فَوَقَعت طلاَئِعُهُ عَلَى طلاَئِعِهِم، فَانْكَسَرَ العَدُوُّ، وَأُسِرَ مُقَدَّمُهُم، فَلَمَّا التَّقَى الجمعَان؛ بَعَثَ السُّلْطَانُ يَطلب الهُدْنَةَ، فَقَالَ أَرمَانوس: لاَ هُدْنَة إِلاَّ بِبذلِ الرَّيِّ.فَانزعج السُّلْطَان، فَقَالَ لَهُ إِمَامُهُ أَبُو نَصْرٍ :إِنَّك تُقَاتلُ عَنْ دينٍ وَعَدَ اللهُ بِنصرِهِ وَإِظهَارِهِ عَلَى الأَديَان، فَأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ الله قَدْ كتب باسمِكَ هَذَا الفَتْحَ، وَالْقهم يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالسَّاعَةَ يَكُوْن الخُطَبَاءُ عَلَى المَنَابِر يَدعُوْنَ لِلمُجَاهِدينَ، فَصَلَّى بِهِ، وَبَكَى السُّلْطَان، وَبَكَى النَّاسُ، وَدَعَا، وَأَمَّنُوا، وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصرفَ فَلينصرف، فَمَا ثَمَّ سُلْطَانٌ يَأْمرُ وَلاَ يَنَهَى، وَرَمَى القوسَ، وَسلَّ السَّيْفَ، وَعَقَدَ بِيَدِهِ ذَنَبَ فَرسِهِ، وَفَعَلَ الجُنْدُ كَذَلِكَ، وَلَبِسَ البيَاضَ، وَتحنَّط، وَقَالَ: إِن قُتلتُ فَهَذَا كَفَنِي.
ثُمَّ حَمَلَ، فَلَمَّا لاَطخ العَدُوّ، تَرَجَّل، وَعَفَّر وَجهَهُ فِي التُّرَاب، وَأَكْثَر التَّضَرُّع، ثُمَّ ركب، وَحصل المُسْلِمُوْنَ فِي الْوسط، فَقتلُوا فِي الرُّوْم كَيْفَ شَاؤُوا، وَنَزَلَ النَّصْرُ، وَتطَايرت الرُّؤُوسُ، وَأُسَرَ مَلِكُ الرُّوْم، وَأُحضر بَيْنَ يَدي السُّلْطَان، فَضَرَبَه بِالمِقْرَعَة، وَقَالَ: أَلَمْ أَسَأَلك الهُدْنَة؟
قَالَ: لاَ تَوَبِّخْ، وَافعل مَا تُرِيْد.
قَالَ: مَا كُنْتَ تَفْعَلُ لَوْ أَسَرْتَنِي؟
قَالَ: أَفْعَلُ القَبيح.
قَالَ: فَمَا تَظُنُّ بِي؟
قَالَ: تَقتُلُنِي أَوْ تُشَهِّرنِي فِي بلاَدك، وَالثَّالِثَةُ بعيدَةٌ، أَنْ تَعفوَ، وَتَأْخَذَ الأَمْوَالَ.
قَالَ: مَا عَزَمْتُ عَلَى غَيْرهَا.
فَفَكَّ نَفْسَهُ بِأَلفِ أَلفِ دِيْنَار وَخَمْس مائَة أَلْفِ دِيْنَار وَبِكُلِّ أَسيرٍ فِي مَمْلَكَته، فَنَزَّله فِي خيمَةٍ، وَخلعَ عَلَيْهِ، وَبَعَثَ لَهُ عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَار يَتَجَهَّز بِهَا، وَأَطلق لَهُ عِدَّة بَطَارِقَة، وَهَادَنَهُ خَمْسِيْنَ سَنَةً، وَشيَّعه، وَأَمَّا جَيْشُهُ، فَمَلَّكُوا مِيخَائِيْل.
وَمَضَى أَرمَانوس، فَبَلَغَهُ ذهَابُ مُلْكِهِ، فَتَرَهَّب، وَلَبِسَ الصُّوف، وَجَمَعَ مَا قدر عَلَيْهِ، مِنَ الذَّهب، فَكَانَ نَحْو ثَلاَثَ مائَة أَلْف دِيْنَار، فَبَعَثَهَا، وَاعْتَذَرَ.
وَفِيْهَا تَمَلَّكَ الشَّام أَتْسِز الخُوَارِزْمِي، وَبدَّع وَأَفسد، وَعثَّر الرَّعِيَّة.وَفِي سَنَةِ قُتل السُّلْطَان أَلب آرسلاَن.
وَفِيْهَا اخْتَلَفَ جَيْشُ مِصْر، وَتحَاربُوا مَرَّات، وَقَوِيَتِ الأَترَاكُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنْ عرب مِصْر، وَاضمحَلَّ دَسْتُ المُسْتنصر، وَذَاق ذُلاًّ وَحَاجَة، وَبَالَغَ فِي إِهَانته نَاصِرُ الدَّوْلَة الحَمْدَانِي، وَعظُمَ، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ مُزعجَة.
وَفِي سَنَةِ غَرِقَتْ بَغْدَاد، وَأُقيمت الجُمُعَةُ فِي السُّفن مرَّتين، وَهَلَكَ خَلْقٌ لاَ يُحصَوْنَ حَتَّى لقيل: إِنَّ المَاء بلغَ ثَلاَثِيْنَ ذرَاعاً.
حَتَّى لقَالَ سِبْطُ ابْنِ الجَوْزِيّ: وَانهدمت مائَةُ أَلْفِ دَار، وَبقيت بَغْدَادُ مَلَقَةً وَاحِدَة.
وَفِي سَنَةِ بَعَثَ المُسْتنصر إِلَى سَاحل الشَّام إِلَى بدر الجمَالِي، ليُغِيثه، فَسَارَ مِنْ عَكَّا فِي البَحْر زَمَن الشِّتَاء، وَخَاطر، وَهجم مِصْر بغتَةً، وَسَمَّاهُ المُسْتنصر أَمِيْر الجُيُوْش، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ، بَعَثَ إِلَى كُلّ أَمِيْر مِنْ أَعْيَانِ الأُمَرَاء طَائِفَةً أَتوهُ بِرَأْسِهِ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهم إِلَى قصر المُسْتنصر، وَأَضَاءت حَالُه، وَسَارَ إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّة، فَحَاصَرَهَا مُدَّةً، وَأَخَذَهَا، وَقُتِلَ طَائِفَةً اسْتولُوا، وَسَارَ إِلَى دمِيَاط، فَفَعَل كَذَلِكَ، وَسَارَ إِلَى الصّعيدِ، فَقَتَلَ بِهِ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّام اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، وَنهب وَبدَّع، فَتَجْمَّعُوا لَهُ بِالصعيد فِي سِتِّيْنَ أَلْفاً مِنْ بَيْنِ فَارِس وَرَاجل، فَبَيَّتَهم ليلاً فَهَزمَهُم، وَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيْر، وَغَرِقَ مِثْلُهُم، وَغُنِمَتْ أَمْوَالهُم.
ثُمَّ التَقَوا ثَانِيَةً، وَنُصِرَ عَلَيْهِم، وَوَقَعَ بِبَغْدَادَ حَرِيْقٌ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، وَذَهَبَ الأَمْوَالُ.
وَمَاتَ القَائِم بِأَمْرِ اللهِ: فِي شَعْبَانَ سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَبَايَعُوا حَفِيْدَهُ، فَنذكُرُه اسْتطرَاداً.
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to Al-Dhahabī (d. 1348 CE) - Siyar aʿlām al-nubalāʾ - الذهبي - سير أعلام النبلاء are being displayed.