الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن قَالَ بن الْمَدِينِيّ تركُوا حَدِيثه قَالَ الذَّهَبِيّ لَعَلَّه الاحتياطي فَإِنَّهُ غير مُعْتَمد وَقيل أَنه الْحسن كَمَا مر ثمَّ ذكر فِي تَرْجَمته حديثين وَقَالَ فِي آخرهما قلت هَذَا بَاطِل وَالْمُتَّهَم بِهِ حُسَيْن انْتهى.
Burhān al-Dīn al-Ḥalabī (d. 1438 CE) - al-Kashf al-ḥathīth ʿamman rumiya bi-waḍʿ al-ḥadīth - برهان الدين الحلبي - الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 872 212. الحسين بن الحسن الأشقر الكوفي1 213. الحسين بن المبارك الطبراني3 214. الحسين بن حميد بن الربيع الكوفي1 215. الحسين بن داود أبو علي البلخي1 216. الحسين بن سليمان النحوي1 217. الحسين بن عبد الرحمن3218. الحسين بن عبيد الله العجلي أبو علي1 219. الحسين بن عبيد الله بن الخصيب الأبزاري البغدادي...1 220. الحسين بن علوان الكلبي1 221. الحسين بن يحيى الحنائي1 222. الحكم بن ظهير5 223. الحكم بن عبد الله أبو مطيع البلخي الفقيه...1 224. الحكم بن عبد الله بن خطاف أبو سلمة1 225. الحكم بن مصعب3 226. الخصيب بن جحدر2 227. الخليل بن زكريا البصري2 228. الزبير بن بكار1 229. السري بن عاصم بن سهل أبو عاصم الهمداني مؤدب المعتز بالله...1 230. الصقر بن عبد الرحمن أبو بهز1 231. الضحاك بن حجوة2 232. العباس بن الضحاك البلخي1 233. العباس بن بكار الضبي1 234. العلاء بن زيدل الثقفي1 235. العلاء بن عبد الرحمن5 236. العلاء بن عبد الرحمن الحرقي1 237. العلاء بن مسلمة الرواس1 238. العلاء بن هلال الباهلي الرقي1 239. الفضل بن عبد الله بن مسعود اليشكري الهروي...1 240. الفضل بن محمد العطار2 241. القاسم بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن متكلم...1 242. القاسم بن عبد الله المكفوف2 243. القاسم بن عبد الله بن عمر العمري4 244. القاسم بن عمر بن عبد الله بن مالك بن أبي أيوب الأنصاري...1 245. القاسم بن محمد بن أبي شيبة العبسي1 246. المسيب بن عبد الكريم1 247. المظفر بن عاصم1 248. المغيرة بن سعيد الكوفي1 249. النضر بن سلمة بن شاذان المروزي1 250. النعمان بن المنذر4 251. النعمان بن شبل الباهلي1 252. الهيثم بن أحمد بن محمد بن سالم المهري...1 253. الهيثم بن حبيب2 254. الهيثم بن عبد الغفار الطائي5 255. الوليد بن سلمة الطبراني الأردني1 256. الوليد بن موسى الدمشقي4 257. بركة بن محمد الحلبي2 258. برية بن محمد1 259. بزيع بن حسان3 260. بشر بن إبراهيم الأنصاري المفلوج أبو عمرو...1 261. بشر بن رافع أبو الأسباط النجراني1 262. بشر بن عبد الوهاب الأموي1 263. بشر بن ميمون الواسطي الخراساني1 264. بشر بن نمير القشيري البصري3 265. بشير بن زاذان5 266. بشير بن ميمون الخراساني ثم الواسطي أبو صيفي...1 267. بكر بن خنيس الكوفي العابد1 268. بكر بن زياد الباهلي3 269. بن أبي فاطمة1 270. بنوس بن أحمد الواسطي1 271. بهرام المرغيناني1 272. بهلول بن عبيد الله الكندي1 273. بوري بن الفضل الهرمزي1 274. تليد بن سليمان الكوفي الأعرج1 275. تمام بن نجيح3 276. ثابت بن حماد3 277. جابر6 278. جابر بن سليم6 279. جار عبد الله بن صالح كاتب الليث1 280. جامع بن سوادة1 281. جبرون بن واقد الإفريقي1 282. جرير بن أيوب البجلي1 283. جرير بن عتبة بن عبد الرحمن الحرستاني...1 284. جعفر بن أبان المصري1 285. جعفر بن أحمد بن علي بن بيان بن زيد بن سيابة أبو الفضل الغافقي الم...1 286. جعفر بن الزبير7 287. جعفر بن جسر بن فرقد أبو سليمان القصاب...1 288. جعفر بن عامر البغدادي1 289. جعفر بن عبد الله البغدادي1 290. جعفر بن عبد الواحد الهاشمي القاضي1 291. جعفر بن محمد بن بكارة الموصلي1 292. جعفر بن نسطور يأتي1 293. جعفر بن نصر4 294. جميع بن عمير التيمي تيم الله بن ثعلبة الكوفي...1 295. جنادة بن مروان1 296. حامد بن آدم المروزي عدة أحمد بن علي السليماني...1 297. حامد بن حماد العسكري1 298. حبيب بن أبي حبيب الخرططي المروزي1 299. حبيب بن أبي حبيب المصري1 300. حسان بن غالب2 301. حصين بن مخارق بن ورقاء أبو جنادة1 302. حفص بن أسلم الأصفر1 303. حفص بن سالم أبو مقاتل السمرقندي1 304. حفص بن سليمان8 305. حفص بن سليمان المنقري3 306. حلبس الكلبي1 307. حماد بن عمرو النصيبي3 308. حمزة بن أبي حمزة الجزري النصيبي1 309. حميد بن علي بن هارون القيسي3 310. خالد بن إسماعيل المخزومي المدني أبو الوليد...1 311. خالد بن القاسم المدائني أبو الهيثم1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 872 212. الحسين بن الحسن الأشقر الكوفي1 213. الحسين بن المبارك الطبراني3 214. الحسين بن حميد بن الربيع الكوفي1 215. الحسين بن داود أبو علي البلخي1 216. الحسين بن سليمان النحوي1 217. الحسين بن عبد الرحمن3218. الحسين بن عبيد الله العجلي أبو علي1 219. الحسين بن عبيد الله بن الخصيب الأبزاري البغدادي...1 220. الحسين بن علوان الكلبي1 221. الحسين بن يحيى الحنائي1 222. الحكم بن ظهير5 223. الحكم بن عبد الله أبو مطيع البلخي الفقيه...1 224. الحكم بن عبد الله بن خطاف أبو سلمة1 225. الحكم بن مصعب3 226. الخصيب بن جحدر2 227. الخليل بن زكريا البصري2 228. الزبير بن بكار1 229. السري بن عاصم بن سهل أبو عاصم الهمداني مؤدب المعتز بالله...1 230. الصقر بن عبد الرحمن أبو بهز1 231. الضحاك بن حجوة2 232. العباس بن الضحاك البلخي1 233. العباس بن بكار الضبي1 234. العلاء بن زيدل الثقفي1 235. العلاء بن عبد الرحمن5 236. العلاء بن عبد الرحمن الحرقي1 237. العلاء بن مسلمة الرواس1 238. العلاء بن هلال الباهلي الرقي1 239. الفضل بن عبد الله بن مسعود اليشكري الهروي...1 240. الفضل بن محمد العطار2 241. القاسم بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن متكلم...1 242. القاسم بن عبد الله المكفوف2 243. القاسم بن عبد الله بن عمر العمري4 244. القاسم بن عمر بن عبد الله بن مالك بن أبي أيوب الأنصاري...1 245. القاسم بن محمد بن أبي شيبة العبسي1 246. المسيب بن عبد الكريم1 247. المظفر بن عاصم1 248. المغيرة بن سعيد الكوفي1 249. النضر بن سلمة بن شاذان المروزي1 250. النعمان بن المنذر4 251. النعمان بن شبل الباهلي1 252. الهيثم بن أحمد بن محمد بن سالم المهري...1 253. الهيثم بن حبيب2 254. الهيثم بن عبد الغفار الطائي5 255. الوليد بن سلمة الطبراني الأردني1 256. الوليد بن موسى الدمشقي4 257. بركة بن محمد الحلبي2 258. برية بن محمد1 259. بزيع بن حسان3 260. بشر بن إبراهيم الأنصاري المفلوج أبو عمرو...1 261. بشر بن رافع أبو الأسباط النجراني1 262. بشر بن عبد الوهاب الأموي1 263. بشر بن ميمون الواسطي الخراساني1 264. بشر بن نمير القشيري البصري3 265. بشير بن زاذان5 266. بشير بن ميمون الخراساني ثم الواسطي أبو صيفي...1 267. بكر بن خنيس الكوفي العابد1 268. بكر بن زياد الباهلي3 269. بن أبي فاطمة1 270. بنوس بن أحمد الواسطي1 271. بهرام المرغيناني1 272. بهلول بن عبيد الله الكندي1 273. بوري بن الفضل الهرمزي1 274. تليد بن سليمان الكوفي الأعرج1 275. تمام بن نجيح3 276. ثابت بن حماد3 277. جابر6 278. جابر بن سليم6 279. جار عبد الله بن صالح كاتب الليث1 280. جامع بن سوادة1 281. جبرون بن واقد الإفريقي1 282. جرير بن أيوب البجلي1 283. جرير بن عتبة بن عبد الرحمن الحرستاني...1 284. جعفر بن أبان المصري1 285. جعفر بن أحمد بن علي بن بيان بن زيد بن سيابة أبو الفضل الغافقي الم...1 286. جعفر بن الزبير7 287. جعفر بن جسر بن فرقد أبو سليمان القصاب...1 288. جعفر بن عامر البغدادي1 289. جعفر بن عبد الله البغدادي1 290. جعفر بن عبد الواحد الهاشمي القاضي1 291. جعفر بن محمد بن بكارة الموصلي1 292. جعفر بن نسطور يأتي1 293. جعفر بن نصر4 294. جميع بن عمير التيمي تيم الله بن ثعلبة الكوفي...1 295. جنادة بن مروان1 296. حامد بن آدم المروزي عدة أحمد بن علي السليماني...1 297. حامد بن حماد العسكري1 298. حبيب بن أبي حبيب الخرططي المروزي1 299. حبيب بن أبي حبيب المصري1 300. حسان بن غالب2 301. حصين بن مخارق بن ورقاء أبو جنادة1 302. حفص بن أسلم الأصفر1 303. حفص بن سالم أبو مقاتل السمرقندي1 304. حفص بن سليمان8 305. حفص بن سليمان المنقري3 306. حلبس الكلبي1 307. حماد بن عمرو النصيبي3 308. حمزة بن أبي حمزة الجزري النصيبي1 309. حميد بن علي بن هارون القيسي3 310. خالد بن إسماعيل المخزومي المدني أبو الوليد...1 311. خالد بن القاسم المدائني أبو الهيثم1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Burhān al-Dīn al-Ḥalabī (d. 1438 CE) - al-Kashf al-ḥathīth ʿamman rumiya bi-waḍʿ al-ḥadīth - برهان الدين الحلبي - الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=89601&book=5574#aaaf61
الحسين بن عبد الرحمن ويقال عبد الرحمن بن الحسين ويقال حسيل
ابن عبد الرحمن الأشجعي روى عن سعد بن أبي وقاص سمعت أبي يقول ذلك.
ابن عبد الرحمن الأشجعي روى عن سعد بن أبي وقاص سمعت أبي يقول ذلك.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132800&book=5574#d031eb
الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن بن عَبْد الرَّحْمَنِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأنطاكي :
قاضي ثغور الشام ويعرف بابن الصابوني. قدم بَغْدَاد وحدث بها عَنْ أَبِي حميد أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ المغيرة الحمصي، وحميد بن عياش الرملي، ومحمد بن سليمان ابن أَبِي فاطمة، ومحمد بن أصبغ بن الفرج. رَوَى عَنْهُ أَبو بَكْر الشَّافِعِيّ، ومحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الشخير، وَأَبُو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو حفص بْن شاهين، ويوسف بْن عمر القواس، وغيرهم، وكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ البجلي، وأبو طالب محمّد بن عليّ ابن الفتح الحربي. قَالا: سمعنا أبا الْحَسَن الدارقطني ذكر القاضي أبا عبد الله الحسين ابن الْحُسَيْن بن عَبْد الرَّحْمَنِ الأنطاكي فَقَالَ: كَانَ من الثقات.
حَدَّثَنِي الخلال أن يوسف بْن عُمَرَ القواس ذكر الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن قاضي الثغور فِي جملة شيوخه الثقات.
ذكرت لأبي بكر البرقاني الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن الأنطاكي فَقَالَ: ثقة.
حَدَّثَنِي عبيد اللَّه بْن أَبِي الفتح عَن طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر أن الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن بن الصابوني مات فِي سنة تسع عشرة وثلاثمائة.
قُلْتُ: وببغداد توفي.
قاضي ثغور الشام ويعرف بابن الصابوني. قدم بَغْدَاد وحدث بها عَنْ أَبِي حميد أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ المغيرة الحمصي، وحميد بن عياش الرملي، ومحمد بن سليمان ابن أَبِي فاطمة، ومحمد بن أصبغ بن الفرج. رَوَى عَنْهُ أَبو بَكْر الشَّافِعِيّ، ومحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الشخير، وَأَبُو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو حفص بْن شاهين، ويوسف بْن عمر القواس، وغيرهم، وكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ البجلي، وأبو طالب محمّد بن عليّ ابن الفتح الحربي. قَالا: سمعنا أبا الْحَسَن الدارقطني ذكر القاضي أبا عبد الله الحسين ابن الْحُسَيْن بن عَبْد الرَّحْمَنِ الأنطاكي فَقَالَ: كَانَ من الثقات.
حَدَّثَنِي الخلال أن يوسف بْن عُمَرَ القواس ذكر الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن قاضي الثغور فِي جملة شيوخه الثقات.
ذكرت لأبي بكر البرقاني الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن الأنطاكي فَقَالَ: ثقة.
حَدَّثَنِي عبيد اللَّه بْن أَبِي الفتح عَن طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر أن الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن بن الصابوني مات فِي سنة تسع عشرة وثلاثمائة.
قُلْتُ: وببغداد توفي.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=150675&book=5574#04968f
الحسين بن الحسين بن عبد الرحمن
أبو عبد الله الأنطاكي قاضي الثغور ويعرف بابن الصابوني روى عن أبي محمد سعد بن محمد الأزدي بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا ينظر الله إلى مسبل.
توفي الحسين بن الحسين الصابوني في سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
أبو عبد الله الأنطاكي قاضي الثغور ويعرف بابن الصابوني روى عن أبي محمد سعد بن محمد الأزدي بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا ينظر الله إلى مسبل.
توفي الحسين بن الحسين الصابوني في سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132835&book=5574#febe2a
الْحُسَيْن بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن الْحُسَيْن، أَبُو مُحَمَّد الهروي:
قدم بَغْدَاد وَحَدَّثَ بها عَنْ أَبِيهِ عَنْ كنانة بن جبلة. روى عنه مُحَمَّد بن مخلد.
قدم بَغْدَاد وَحَدَّثَ بها عَنْ أَبِيهِ عَنْ كنانة بن جبلة. روى عنه مُحَمَّد بن مخلد.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155377&book=5574#f71bef
الحُسَيْنُ الشَّهِيْدُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ
الإِمَامُ، الشَّرِيْفُ، الكَامِلُ، سِبْطُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَيْحَانتُهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَحبُوْبُهُ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ ابْنُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: جَدِّه، وَأَبَوَيْهِ، وَصِهْرِهِ عُمَرَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدَاهُ؛ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ، وَعُبَيْدُ بنُ حُنَيْنٍ، وَهَمَّامٌ الفَرَزْدَقُ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَطَلْحَةُ العُقَيْلِيُّ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ زَيْدُ بنُ الحَسَنِ، وَحَفِيْدُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَاقِرُ - وَلَمْ يُدْرِكْهُ - وَبِنْتُهُ سُكَيْنَةُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ: مَوْلِدُهُ فِي خَامِسِ شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الهِجْرَةِ.
قَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: بَيْنَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ فِي الحَمْلِ طُهْرٌ وَاحِدٌ.
قَدْ مَرَّتْ فِي تَرْجَمَةِ الحَسَنِ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالحُسَيْنِ.
رَوَى: هَانِئُ بنُ هَانِئ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
الحُسَيْنُ أَشبَهُ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ صَدْرِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
شَهِدْتُ ابْنَ زِيَادٍ حَيْثُ أُتِيَ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ، فَجَعَلَ يَنكُتُ بِقَضِيْبٍ مَعَهُ، فَقُلْتُ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ أَشْبَهَهُمَا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.وَرَوَاهُ: جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ.
وَأَمَّا النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، فَرَوَاهُ: عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيْرِيْنَ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ، وَقَالَ: يَنْكُتُ بِقَضِيْبٍ فِي أَنفِهِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَزِيْدَ، قَالَ:
رَأَيْتُ الحُسَيْنَ بنَ عَلِيٍّ أَسودَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، إِلاَّ شَعرَاتٍ فِي مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عُمَرَ بنِ عَطَاءٍ:
رَأَيْتُ الحُسَيْنَ يَصبغُ بِالوَسِمَةِ، كَانَ رَأْسُهُ وَلِحْيتُهُ شَدِيدَيِ السَّوَادِ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَعْقُوْبَ: عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ البَعُوضِ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟
فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ.
قَالَ: انظُرْ إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ البَعُوضِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا).
رَوَاهُ: جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، عَنْهُ.عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ:
دَخَلتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ يَلْعَبَانِ عَلَى صَدْرِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَتُحِبُّهُمَا؟!
قَالَ: (كَيْفَ لاَ أُحِبُّهُمَا، وَهُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا) .
رَوَاهُ: الطَّبَرَانِيُّ فِي (المُعْجَمِ).
وَعَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، مَرْفُوعاً: (الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ: سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ ) .
وَيُرْوَى عَنْ: شُرَيْحٍ، عَنْ عَلِيٍّ.
وَفِي البَابِ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَمَالِكِ بنِ الحُوَيْرِثِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَنَسٍ، وَجَابِرٍ مِنْ وُجُوهٍ يُقَوِّي بَعضُهَا بَعْضاً.
مُوْسَى بنُ عُثْمَانَ الحَضْرَمِيُّ - شِيْعِيٌّ وَاهٍ -: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ الحُسَيْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يُحبُّهُ حُبّاً شَدِيداً، فَقَالَ: (اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ) .
فَقُلْتُ: أَذْهبُ مَعَهُ؟
فَقَالَ: (لاَ) .
فَجَاءتْ بَرْقَةٌ، فَمَشَى فِي ضَوئِهَا حَتَّى بَلغَ إِلَى أُمِّهِ.
وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا رَبِيْع بنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرٍ:
أَنَّهُ قَالَ - وَقَدْ دَخَلَ الحُسَيْنُ المَسْجِدَ -: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى سَيِّدِ شَبَابِ
أَهْلِ الجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا) .سَمِعتُه مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
تَابَعَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، عَنْ رَبِيْعٍ الجُعْفِيِّ.
أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) .
وَقَالَ شَهْرٌ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ:
إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَّلَ عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَابْنَيْهِمَا بِكسَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِ بِنْتِي وَحَامَتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيْراً) .
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَنَا مِنْهُم؟
قَالَ: (إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ ) .
إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عَنْ شَهْرٍ.
وَفِي بَعضِهَا يَقُوْلُ: دَخَلتُ عَلَيْهَا أُعَزِّيْهَا عَلَى الحُسَيْنِ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: الأَعْمَشُ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَكِيْمِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
وَرَوَى: شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ، قِصَّةَ الكِسَاءِ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى العَامِرِيِّ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ، مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ حُسَيْناً) .
وَفِي لَفظٍ: (أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً).
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخذَ بِيدِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، وَيَقُوْلُ: (هَذَانِ ابْنَايَ؛ فَمَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي ) .
وَرَوَى مِثْلَهُ: أَبُو الجَحَّافِ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَغَيرُهُمَا، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً.
وَفِي البَابِ: عَنْ أُسَامَةَ، وَسَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بنِ أَرْقَمَ.
عَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهَبِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَعدَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْضِعَ الجَنَائِزِ، فَطَلَعَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ، فَاعْتَرَكَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِيْهاً حَسَنُ) .
فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَعَلَى حُسَيْنٍ تُوَالِيهِ؟
فَقَالَ: (هَذَا جِبْرِيْلُ يَقُوْلُ: إِيْهاً حُسَيْنُ ) .
وَيُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً، نَحْوُهُ.
وَفِي مَرَاسِيْلِ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ حُسَيْناً يَبْكِي، فَقَالَ لأُمِّهِ: (أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ بُكَاءهُ يُؤْذِيْنِي).
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ حُنَيْنٍ، عَنِ الحُسَيْنِ، قَالَ:صَعِدتُ المِنْبَرَ إِلَى عُمَرَ، فَقُلْتُ: انزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِي، وَاذْهَبْ إِلَى مِنْبَرِ أَبِيْكَ.
فَقَالَ: إِنَّ أَبِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْبَرٌ!
فَأَقْعَدَنِي مَعَهُ، فَلَمَّا نَزَلَ، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! مَنْ علَّمَكَ هَذَا؟
قُلْتُ: مَا عَلَّمَنِيْهِ أَحَدٌ.
قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! وَهَلْ أَنْبتَ عَلَى رُؤُوْسِنَا الشَّعْرَ إِلاَّ اللهُ ثُمَّ أَنْتُم!
وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ! لَوْ جَعَلْتَ تَأْتِينَا وَتَغْشَانَا.
إِسْنَادُه صَحِيْحٌ.
رَوَى: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ عُمَرَ جَعلَ لِلْحُسَيْنِ مِثْلَ عَطَاءِ عَلِيٍّ، خَمْسَةَ آلاَفٍ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ:
أَنَّ عُمَرَ كَسَا أَبْنَاءَ الصَّحَابَةِ؛ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَا يَصلُحُ لِلْحَسَنِ وَالحُسَيْنِ؛ فَبَعثَ إِلَى اليَمَنِ، فَأُتِي بِكِسْوَةٍ لَهُمَا، فَقَالَ: الآنَ طَابَتْ نَفْسِي.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ عُمَرَ أَلحقَ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ بِفرِيضَةِ أَبِيهِمَا؛ لِقَرَابَتِهِمَا مِنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةُ آلاَفٍ.
يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ: عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُرَيْثٍ، قَالَ:
بَيْنَا عَمْرُو بنُ العَاصِ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، إِذْ رَأَى الحُسَيْنَ، فَقَالَ: هَذَا أَحبُّ أَهْلِ الأَرْضِ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ اليَوْمَ.
فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى عَمْرٍو، فَقَالَ: عَلَيَّ رَقَبَةٌ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيْلَ.فَقَالَ: مَا أَعْلَمُهَا إِلاَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ.
قُلْتُ: مَا فَهِمْتُه.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَافِعٍ: عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ:
كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيْلَ، قَالَ: عَلَيْكَ بِالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ.
هَوْذَةُ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الأَزْرَقِ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسْقُفُ نَجْرَانَ وَالعَاقِبُ، فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الإِسْلاَمَ، فَقَالاَ: كُنَّا مُسْلِمَينِ قَبْلكَ.
قَالَ: (كَذَبْتُمَا! إِنَّهُ مَنَعَ الإِسْلاَمَ مِنْكُمَا ثَلاَثٌ؛ قَوْلُكُمَا: اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً، وَأَكْلُكُمَا الخِنْزِيْرَ، وَسُجُوْدُكُمَا لِلصَّنَمِ) .
قَالاَ: فَمَنْ أَبُو عِيْسَى؟
فَمَا عَرَفَ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ: {إِنَّ مَثَلَ عِيْسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ} ... ، إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ القَصَصُ الحَقُّ} [آلُ عِمْرَانَ: 59 - 63] .
فَدَعَاهُمَا إِلَى المُلاَعَنَةِ، وَأَخَذَ بِيَدِ فَاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، وَقَالَ: (هَؤُلاَءِ بَنِيَّ) .
قَالَ: فَخَلاَ أَحَدُهُمَا بِالآخرِ، فَقَالَ: لاَ تُلاَعِنْهُ، فَإِنْ كَانَ نَبِيّاً فَلاَ بَقِيَّةَ.
فَقَالاَ: لاَ حَاجَةَ لَنَا فِي الإِسْلاَمِ وَلاَ فِي مُلاَعَنَتِكَ، فَهَلْ مِنْ ثَالِثَةٍ؟
قَالَ: (نَعَمْ؛ الجِزْيَةُ) .
فَأَقَرَّا بِهَا، وَرَجَعَا.
مَعْمَرٌ: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:لَمَّا أَرَادَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَاهِلَ أَهْلَ نَجْرَانَ، أَخذَ بِيَدِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ: (اتْبَعِيْنَا) .
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَعْدَاءُ الله، رَجَعُوا.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ، عَنِ المُسَيَّبِ بنِ نَجَبَةَ:
سَمِعَ عَلِيّاً يَقُوْلُ: أَلاَ أُحدِّثُكُم عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيتِي؟ أَمَّا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ؛ فَصَاحِبُ لَهْوٍ، وَأَمَّا الحَسَنُ، فَصَاحِبُ جَفْنَةٍ مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ؛ لَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلَقتَا البِطَانِ لَمْ يُغْنِ فِي الحَرْبِ عَنْكُم، وَأَمَّا أَنَا وَحُسَيْنٌ؛ فَنَحْنُ مِنْكُم، وَأَنْتُم مِنَّا.
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
وَعَنْ سَعِيْدِ بنِ عَمْرٍو: أَنَّ الحَسَنَ قَالَ لِلْحُسَيْنِ: وَدِدْتُ أَنَّ لِي بَعضَ شِدَّةِ قَلْبِكَ.
فَيَقُوْلُ الحُسَيْنُ: وَأَنَا وَدِدْتُ أَنَّ لِي بَعضَ مَا بُسِطَ مِنْ لِسَانِكَ.
عَنْ أَبِي المُهَزِّمِ، قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ، فَأَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَنْفُضُ بِثَوْبِهِ التُّرَابَ عَنْ قَدَمِ الحُسَيْنِ.
وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: حَجَّ الحُسَيْنُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ حَجَّةً مَاشياً.
وَكَذَا رَوَى: عُبَيْدُ اللهِ الوَصَّافِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَزَادَ: وَنجَائِبُه تُقَادُ مَعَهُ.لَكنِ اخْتلَفتِ الرِّوَايَةُ عَنِ الوَصَّافِيِّ، فَقَالَ يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ، عَنْهُ: الحَسَنُ، وَرَوَى عَنْهُ: زُهَيْرٌ نَحوَهُ، فَقَالَ فِيْهِ: الحَسَنُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ المُثَنَّى: كَانَ عَلَى المَيْسَرَةِ يَوْمَ الجَمَلِ الحُسَيْنُ.
أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا شُرَحْبِيْلُ بنُ مُدْرِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نُجَيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ سَارَ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ صَاحِبَ مَطهَرَتِه، فَلَمَّا حَاذَى نِيْنَوَى، وَهُوَ سَائِرٌ إِلَى صِفِّيْنَ، نَادَاهُ عَلِيٌّ: اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللهِ بِشَطِّ الفُرَاتِ.
قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ، وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ، فَقَالَ: (قَامَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيْلُ، فَحَدَّثَنِي أَنَّ الحُسَيْنَ يُقْتَلُ، وَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبتِه؟
قُلْتُ: نَعَم.
فَمدَّ يَدهُ، فَقَبضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ.
قَالَ: فَأَعْطَانِيْهَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنِي.
هَذَا غَرِيْبٌ، وَلَهُ شُوَيْهِدٌ.
يَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ:
أَنَّ عَلِيّاً قَالَ وَهُوَ بِشَطِّ الفُرَاتِ: صَبْراً أَبَا عَبْدِ اللهِ.
عُمَارَةُ بنُ زَاذَانَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
استَأْذنَ مَلَكُ القَطْرِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يَا أُمَّ سَلَمَةَ! احْفَظِي عَلَيْنَا البَابَ) .
فَجَاءَ الحُسَيْنُ، فَاقْتَحَمَ، وَجَعلَ يَتَوَثَّبُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَسُوْلُ اللهِ يُقَبِّلُهُ.
فَقَالَ المَلَكُ: أَتُحِبُّهُ؟
قَالَ: (نَعَمْ) .
قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتلُه، إِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ
المَكَانَ الَّذِي يُقتَلُ فِيْهِ.قَالَ: (نَعَم) .
فَجَاءهُ بِسَهْلَةٍ، أَوْ تُرَابٍ أَحْمَرَ.
قَالَ ثَابِتٌ: كُنَّا نَقُوْلُ: إِنَّهَا كَرْبَلاَءُ.
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنسَائِهِ: (لاَ تُبَكُّوا هَذَا) .
يَعْنِي: حُسَيْناً.
فَكَانَ يَوْمُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيْلُ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ لأُمِّ سَلَمَةَ: (لاَ تَدَعِي أَحَداً يَدْخُلُ) .
فَجَاءَ حُسَيْنٌ، فَبَكَى؛ فَخَلَّتْهُ يَدْخُلُ، فَدَخَلَ حَتَّى جَلَسَ فِي حَجْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَقَالَ جِبْرِيْلُ: إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتلُهُ.
قَالَ: (يَقْتُلُوْنَهُ وَهُمْ مُؤْمِنُوْنَ؟) .
قَالَ: نَعَمْ.
وَأَرَاهُ تُرْبَتَهُ.
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ يَعْقُوْبَ، عَنْ هَاشِمِ بنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبِ بنِ زَمْعَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اضْطَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَاسْتيقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ، ثُمَّ رَقَدَ، ثُمَّ اسْتيقَظَ خَاثِراً، ثُمَّ رَقَدَ، ثُمَّ اسْتيقَظَ، وَفِي يَدِهِ تُربَةٌ حَمْرَاءُ، وَهُوَ يُقَلِّبُهَا.
قُلْتُ: مَا هَذِهِ؟
قَالَ: (أَخْبَرَنِي جِبْرِيْلُ أَنَّ هَذَا يُقْتَلُ بِأَرْضِ العِرَاقِ، لِلْحُسَيْنِ، وَهَذِهِ تُرْبتُهَا).
وَرَوَاهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبَّادِ بنِ إِسْحَاقَ، عَنْ هَاشِمٍ، وَلَمْ يَذكُرِ: اضْطَجَعَ.أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: (لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ البَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ: إِنَّ حُسَيْناً مَقْتُوْلٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ التُّرْبَةَ ... ) ، الحَدِيْثَ.
وَرَوَاهُ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ مِثْلَهُ، وَقَالَ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَلَمْ يَشُكَّ.
وَيُرْوَى عَنْ: أَبِي وَائِلٍ، وَعَنْ: شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
وَرَوَاهُ: ابْنُ سَعْدٍ مِنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ.
وَلَهُ طُرُقٌ أُخَرُ.
وَعَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُمْهَانَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُ جِبْرِيْلُ بِتُرَابٍ مِنَ التُّرْبَةِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا الحُسَيْنُ.
وَقِيْلَ: اسْمُهَا كَرْبَلاَءُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (كَرْبٌ وَبَلاَءٌ ) .
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئ بنِ هَانِئ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
لَيُقْتَلَنَّ الحُسَيْنُ قَتْلاً، وَإِنِّي لأَعْرفُ تُرَابَ الأَرْضِ الَّتِي يُقتَلُ بِهَا.
أَبُو نُعَيْمٍ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ العَبَّاسِ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ: أَنَّ
كَعْباً مَرَّ عَلَى عَلَيٍّ، فَقَالَ: يُقتَلُ مِنْ وَلَدِ هَذَا رَجُلٌ فِي عِصَابَةٍ لاَ يَجِفُّ عَرَقُ خَيْلِهِم حَتَّى يَرِدُوا عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.فَمرَّ حَسَنٌ، فَقِيْلَ: هَذَا؟
قَالَ: لاَ.
فَمَرَّ حُسَيْنٌ، فَقِيْلَ: هَذَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: عَنِ العَلاَءِ بنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ رَأْسِ الجَالُوْتِ، قَالَ:
كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهُ يُقتَلُ بِكَرْبَلاَءَ ابْنُ نَبِيٍّ.
المُطَّلِبُ بنُ زِيَادٍ: عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ:
رَأَيْتُ الحُسَيْنَ وَلَهُ جُمَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تَحْتِ عِمَامَتِهِ.
وَقَالَ العَيْزَارُ بنُ حُرَيْثٍ: رَأَيْتُ عَلَى الحُسَيْنِ مِطْرَفاً مِنْ خَزٍّ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ الحُسَيْنَ يَتَخَتَّمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.
وَرَوَى جَمَاعَةٌ: أَنَّ الحُسَيْنَ كَانَ يَخْضِبُ بِالوَسِمَةِ، وَأَنَّ خِضَابَهُ أَسْودُ.
بلَغَنَا أَنَّ الحُسَيْنَ لَمْ يُعجِبْهُ مَا عَمِلَ أَخُوْهُ الحَسَنُ مِنْ تَسْلِيمِ الخِلاَفَةِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، بَلْ كَانَ رَأْيُهُ القِتَالَ، وَلَكِنَّهُ كَظَمَ وَأَطَاعَ أَخَاهُ، وَبَايَعَ.
وَكَانَ يَقبَلُ جَوَائِزَ مُعَاوِيَةَ، وَمُعَاوِيَةُ يَرَى لَهُ، وَيَحتَرِمُهُ، وَيُجِلُّهُ، فَلَمَّا أَنْ فَعلَ مُعَاوِيَةُ مَا فَعلَ بَعْدَ وَفَاةِ السَّيِّدِ الحَسَنِ مِنَ العَهْدِ بِالخِلاَفَةِ إِلَى وَلَدِهِ يَزِيْدَ، تَأَلَّمَ
الحُسَيْنُ، وَحُقَّ لَهُ، وَامتنَعَ هُوَ وَابْنُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ المُبَايعَةِ، حَتَّى قَهَرَهُم مُعَاوِيَةُ، وَأَخَذَ بَيْعتَهُم مُكْرَهِيْنَ، وَغُلِبُوا، وَعَجَزُوا عَنْ سُلْطَانِ الوَقْتِ.فَلَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ، تَسَلَّمَ الخِلاَفَةَ يَزِيْدُ، وَبَايَعَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَلَمْ يُبَايِعْ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَلاَ الحُسَيْنُ، وَأَنِفُوا مِنْ ذَلِكَ، وَرَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الأَمْرَ لِنَفْسِهِ، وَسَارَا فِي اللَّيْلِ مِنَ المَدِيْنَةِ.
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُوْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
اسْتَشَارَنِي الحُسَيْنُ فِي الخُرُوْجِ، فَقُلْتُ: لَوْلاَ أَنْ يُزْرَى بِي وَبِكَ، لَنَشَبْتُ يَدِي فِي رَأْسِكَ.
فَقَالَ: لأَنْ أُقتَلَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا أَحبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَسْتحِلَّ حُرمَتَهَا -يَعْنِي: مَكَّةَ -.
وَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي سَلَّى نَفْسِي عَنْهُ.
يَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ البَجَلِيُّ : حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ قَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَأُخبِرَ أَنَّ الحُسَيْنَ قَدْ تَوجَّهَ إِلَى العِرَاقِ، فَلَحِقَهُ عَلَى مَسِيْرَةِ لَيْلَتَيْنِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيْدُ؟
قَالَ: العِرَاقَ.
وَمَعَهُ طَوَامِيْرُ وَكُتُبٍ، فَقَالَ: لاَ تَأْتِهِم.
قَالَ: هَذِهِ كُتُبُهُم وَبَيْعتُهُم.
فَقَالَ: إِنَّ اللهَ خَيَّرَ نَبِيَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الآخِرَةَ، وَإِنَّكُم بَضْعَةٌ مِنْهُ، لاَ يَلِيهَا أَحَدٌ مِنْكُم أَبَداً، وَمَا صَرَفهَا اللهُ عَنْكُم إِلاَّ لِلَّذِي هُوَ خَيرٌ لَكُم، فَارْجِعُوا.
فَأَبَى، فَاعْتَنَقَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَقَالَ: أَسْتَوْدِعُكَ اللهَ مِنْ قَتِيْلٍ.
زَادَ فِيْهِ الحَسَنُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ يَحْيَى بنِ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ:
نَاشَدَهُ، وَقَالَ: إِنَّ أَهْلَ العِرَاقِ قَوْمٌ مَنَاكِيْرُ، قَتَلُوا أَبَاكَ، وَضَرَبُوا أَخَاكَ، وَفَعَلُوا وَفَعَلُوا.ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ بِشْرِ بنِ غَالِبٍ، أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ لِلْحُسَيْنِ: إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ؟ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَبَاكَ، وَطَعَنُوا أَخَاكَ!
فَقَالَ: لأَنْ أُقتلَ، أَحبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تُسْتَحَلَّ -يَعْنِي: مَكَّةَ -.
أَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ، حَدَّثَنِي الفَرَزْدَقُ؛ قَالَ:
لَمَّا خَرَجَ الحُسَيْنُ، لَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو؛ فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَدْ خَرَجَ، فَمَا تَرَى؟
قَالَ: أَرَى أَنْ تَخْرُجَ مَعَهُ، فَإِنَّكَ إِنْ أَرَدْتَ دُنْيَا، أَصَبْتَهَا، وَإِنْ أَرَدْتَ آخِرَةً، أَصَبْتَهَا.
فَرَحلْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا كُنْتُ فِي بَعْضِ الطَّرِيْقِ، بَلَغَنِي قَتْلُهُ، فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ اللهِ، وَقُلْتُ: أَيْنَ مَا ذَكَرتَ؟
قَالَ: كَانَ رَأْياً رَأَيْتُهُ.
قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَصْوِيبِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو لِلْحُسَيْنِ فِي مَسِيْرِهِ، وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ شَهِدُوا الحَرَّةَ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا الوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَيْرٍ (ح) .
وَأَخْبَرْنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي وَجْزَةَ (ح) ، وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيْهِ - وَسَمَّى طَائِفَةً - ثُمَّ قَالَ:
فَكَتَبْتُ جَوَامِعَ حَدِيثِهِم فِي مَقْتَلِ الحُسَيْنِ.
قَالَ: كَانَ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَكتُبُوْنَ إِلَى الحُسَيْنِ يَدْعُوْنَهُ إِلَى الخُرُوجِ إِلَيْهِم زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَقَدِمَ مِنْهُم قَوْمٌ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ المَسِيْرَ مَعَهُم، فَأَبَى، وَجَاءَ إِلَى الحُسَيْنِ، فَأَخْبَرَهُ،
وَقَالَ: إِنَّ القَوْمَ يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَأكُلُوا بِنَا، وَيَشِيْطُوا دِمَاءنَا.فَأَقَامَ حُسَيْنٌ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مُتَرَدِّدُ العَزْمِ، فَجَاءهُ أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، إِنِّيْ لَكَ نَاصِحٌ وَمُشْفِقٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَاتَبَكَ قَوْمٌ مِنْ شِيْعتِكَ، فَلاَ تَخْرُجْ إِلَيْهِم، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ يَقُوْلُ بِالكُوْفَةِ: وَاللهِ لَقَدْ مَلِلْتُهُم وَمَلُّونِي، وَأَبْغَضْتُهُم وَأَبْغَضُونِي، وَمَا بَلَوْتُ مِنْهُم وَفَاءً، وَلاَ لَهُم ثَبَاتٌ وَلاَ عَزْمٌ وَلاَ صَبرٌ عَلَى السَّيْفِ.
قَالَ: وَقَدِمَ المُسَيَّبُ بنُ نَجَبَةَ وَعِدَّةٌ إِلَى الحُسَيْنِ بَعْدَ وَفَاةِ الحَسَنِ، فَدَعَوْهُ إِلَى خَلْعِ مُعَاوِيَةَ، وَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا رَأْيَكَ وَرَأْيَ أَخِيْكَ.
فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُعطِيَ اللهُ أَخِي عَلَى نِيَّتِهِ، وَأَنْ يُعطِيَنِي عَلَى نِيَّتِي فِي حُبِّي جِهَادَ الظَّالِمِيْنَ.
وَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى مُعَاوِيَةَ: إِنِّيْ لَسْتُ آمَنُ أَنْ يَكُوْنَ الحُسَيْنُ مَرصَداً لِلْفِتْنَةِ، وَأَظُنُّ يَوْمَكُم مِنْهُ طَوِيْلاً.
فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الحُسَيْنِ: إِنَّ مَنْ أَعْطَى اللهَ صَفْقَةَ يَمِينِهِ وَعَهْدَهُ، لَجَدِيرٌ أَنْ يَفِي، وَقَدْ أُنْبِئتُ بِأَنَّ قَوْماً مِنَ الكُوْفَةِ دَعَوْكَ إِلَى الشِّقَاقِ، وَهُمْ مَنْ قَدْ جَرَّبتَ، قَدْ أَفْسَدُوا عَلَى أَبِيْكَ وَأَخِيْكَ، فَاتَّقِ اللهَ، وَاذْكُرِ المِيْثَاقَ، فَإِنَّكَ مَتَى تَكِدْنِي، أَكِدْكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الحُسَيْنُ: أَتَانِي كِتَابُكَ، وَأَنَا بِغَيْرِ الَّذِي بَلَغَكَ جَدِيرٌ، وَمَا أَرَدْتُ لَكَ مُحَارَبَةً وَلاَ خِلاَفاً، وَمَا أَظُنُّ لِي عُذْراً عِنْدَ اللهِ فِي تَرْكِ جِهَادِكِ، وَمَا أَعْلَمُ فِتْنَةً أَعْظَمَ مِنْ وَلاَيَتِكَ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنْ أَثَرْنَا بِأَبِي عَبْدِ اللهِ إِلاَّ أَسَداً.
-وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ، عَنْ مُسَافِعِ بنِ شَيْبَةَ، قَالَ:لَقِيَ الحُسَيْنُ مُعَاوِيَةَ بِمَكَّةَ عِنْدَ الرَّدْمِ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ رَاحِلتِهِ، فَأَنَاخَ بِهِ، ثُمَّ سَارَّهُ طَوِيْلاً، وَانْصَرَفَ، فَزَجَرَ مُعَاوِيَةُ الرَّاحِلَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ يَزِيْدُ: لاَ يَزَالُ رَجُلٌ قَدْ عَرَضَ لَكَ، فَأَنَاخَ بِكَ.
قَالَ: دَعْهُ، لَعَلَّهُ يَطلُبُهَا مِنْ غَيرِي، فَلاَ يُسوِّغُهُ، فَيَقتُلُهُ -.
رَجَعَ الحَدِيْثُ إِلَى الأَوَّلِ :
قَالُوا: وَلَمَّا حُضِرَ مُعَاوِيَةُ، دَعَا يَزِيْدَ، فَأَوْصَاهُ، وَقَالَ:
انظُرْ حُسَيْناً، فَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى النَّاسِ، فَصِلْ رَحِمَهُ، وَارْفُقْ بِهِ، فَإِنْ يَكُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَسَيَكْفِيْكَ اللهُ بِمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ، وَخَذَلَ أَخَاهُ.
وَمَاتَ مُعَاوِيَةُ فِي نِصْفِ رَجَبٍ، وَبَايَعَ النَّاسُ يَزِيْدَ، فَكَتَبَ إِلَى وَالِي المَدِيْنَةِ الوَلِيْدِ بنِ عُتْبَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ: أَنِ ادْعُ النَّاسَ وَبَايِعْهُم، وَابْدَأْ بِالوُجُوهِ، وَارْفُقْ بِالحُسَيْنِ.
فَبَعثَ إِلَى الحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ فِي اللَّيْلِ، وَدَعَاهُمَا إِلَى بَيْعَةِ يَزِيْدَ، فَقَالاَ: نُصبِحُ وَنَنْظُرُ فِيمَا يَعمَلُ النَّاسُ.
وَوَثَبَا، فَخَرَجَا.
وَقَدْ كَانَ الوَلِيْدُ أَغْلَظَ لِلْحُسَيْنِ، فَشَتَمَهُ حُسَيْنٌ، وَأَخَذَ بِعِمَامَتِهِ، فَنَزَعَهَا، فَقَالَ الوَلِيْدُ: إِنْ هِجْنَا بِهَذَا إِلاَّ أَسَداً.
فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ - أَوْ غَيرُهُ -: اقْتُلْهُ.
قَالَ: إِنَّ ذَاكَ لَدَمٌ مَصُونٌ.
وَخَرَجَ الحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لِوَقْتِهِمَا إِلَى مَكَّةَ، وَنَزَلَ الحُسَيْنُ بِمَكَّةَ دَارَ العَبَّاسِ، وَلَزِمَ عَبْدُ اللهِ الحِجْرَ، وَلَبِسَ المَعَافِرِيَّ، وَجَعَلَ يُحرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ يَغْدُو وَيَرُوحُ إِلَى الحُسَيْنِ، وَيُشِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْدَمَ العِرَاقَ، وَيَقُوْلُ: هُم شِيْعَتُكُم.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَنْهَاهُ.
وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُطِيْعٍ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ وَلاَ تَسِرْ، فَوَاللهِ لَئِنْ قُتِلْتَ لَيَتَّخِذُوْنَا خَوَلاً وَعَبِيداً.وَلَقِيَهُمَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ مُنْصَرِفَيْنِ مِنَ العُمْرَةِ، فَقَالَ لَهُمَا: أُذَكِّرُكُمَا اللهَ إِلاَّ رَجَعْتُمَا، فَدَخَلْتُمَا فِي صَالِحِ مَا يَدْخُلُ فِيْهِ النَّاسُ وَتَنْظُرَانِ، فَإِنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ لَمْ تَشُذَّا، وَإِنِ افْترَقَ عَلَيْهِ كَانَ الَّذِي تُرِيْدَانِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِلْحُسَيْنِ: لاَ تَخْرُجْ، فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَاختَارَ الآخِرَةَ، وَإِنَّكَ بَضْعَةٌ مِنْهُ وَلاَ تَنَالُهَا.
ثُمَّ اعْتَنَقَهُ، وَبَكَى، وَوَدَّعَهُ.
فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُوْلُ: غُلِبْنَا بِخُرُوجِهِ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ رَأَى فِي أَبِيْهِ وَأَخِيْهِ عِبْرَةً، وَرَأَى مِنَ الفِتْنَةِ وَخُذْلاَنِ النَّاسِ لَهُم مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لاَ يَتَحَرَّكَ.
وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْنَ تُرِيْدُ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ؟
قَالَ: العِرَاقَ وَشِيْعَتِي.
قَالَ: إِنِّيْ كَارِهٌ لِوَجهِكَ هَذَا، تَخْرُجُ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَبَاكَ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَقَالَ لَهُ أَبُو سَعِيْدٍ: اتَّقِ اللهَ، وألزم بَيْتَكَ.
وَكَلَّمَهُ جَابِرٌ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: لَوْ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ، لَكَانَ خَيراً لَهُ.
قَالَ: وَكَتَبَتْ إِلَيْهِ عَمْرَةُ تُعظِّمُ مَا يُرِيْدُ أَنْ يَصْنَعَ، وَتُخبِرُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُسَاقُ إِلَى مَصْرَعِهِ، وَتَقُوْلُ:
حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَقُوْلُ: (يُقْتَلُ حُسَيْنٌ بِأَرْضِ بَابِلَ) .فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهَا، قَالَ: فَلاَ بُدَّ إِذاً مِنْ مَصْرعِي.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ يُحَذِّرُهُ وَيُنَاشِدُهُ اللهَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
إِنِّيْ رَأَيْتُ رُؤْيَا، رَأَيْتُ فِيْهَا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَنِي بِأَمْرٍ أَنَا مَاضٍ لَهُ.
وَأَبَى الحُسَيْنُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ إِلاَّ المَسِيْرَ إِلَى العِرَاقِ.
وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنِّيْ لأَظنُّكَ سَتُقتَلُ غَداً بَيْنَ نِسَائِكَ وَبَنَاتِكَ كَمَا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَإِنِّي لأَخَافُ أَنْ تَكُوْنَ الَّذِي يُقَادُ بِهِ عُثْمَانُ، فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ.
قَالَ: أَبَا العَبَّاسِ! إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ كَبِرْتَ.
فَقَالَ: لَوْلاَ أَنْ يُزْرَى بِي وَبِكَ، لَنَشَبْتُ يَدِي فِي رَأْسِكِ، وَلَوْ أَعلَمُ أَنَّكَ تُقِيمُ، إِذاً لَفَعَلْتُ.
ثُمَّ بَكَى، وَقَالَ: أَقْرَرْتَ عيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَتَى مَا أَحْبَبْتَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، يَخْرُجُ إِلَى العِرَاقِ، وَيَتْرُكُكَ وَالحِجَازَ:
يَا لَكِ مِنْ قُنْبَرَةٍ بِمَعْمَرِ ... خَلاَ لَكِ البَرُّ فَبِيْضِي وَاصْفِرِي
وَنَقِّرِيْ مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي ...
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَتَبَ الأَحْنَفُ إِلَى الحُسَيْنِ: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ، وَلاَ يَسْتَخِفَنَّكَ الَّذِيْنَ لاَ يُوْقِنُوْنَ} [الرُّوْمُ: 60] .عَوَانَةُ بنُ الحَكَمِ: عَنْ لَبَطَةَ بنِ الفَرَزْدَقِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَقِيتُ الحُسَيْنَ، فَقُلْتُ: القُلُوبُ مَعَكَ، وَالسُّيوفُ مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ لَبَطَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَقِيَنِي الحُسَيْنُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ مَكَّةَ فِي جَمَاعَةٍ عَلَيْهِم يَلاَمِقُ الدِّيبَاجِ؛ فَقَالَ: مَا وَرَاءكَ؟
قَالَ: وَكَانَ فِي لِسَانِهِ ثِقَلٌ مِنْ بِرْسَامٍ عَرَضَ لَهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ مَعَ الحُسَيْنِ وَجَمَاعَتِهِ اثْنَانِ وَثَلاَثُونَ فَرَساً.
وَرَوَى: ابْنُ سَعْدٍ بِأَسَانِيْدِهِ، قَالُوا:
وَأَخَذَ الحُسَيْنُ طَرِيقَ العُذَيْبِ، حَتَّى نَزَلَ قَصْرَ أَبِي مُقَاتِلٍ، فَخَفَقَ خَفْقَةً، ثُمَّ اسْتَرْجَعَ، وَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ فَارِساً يُسَايِرُنَا، وَيَقُوْلُ: القَوْمُ يَسِيْرُوْنَ، وَالمنَايَا تَسْرِي إِلَيْهِم.
ثُمَّ نَزَلَ كَرْبَلاَءَ، فَسَارَ إِلَيْهِ عُمَرُ بنُ سَعْدٍ كَالمُكْرَهِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَقُتلَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ، وَكَانُوا خَمْسِيْنَ، وَتَحوَّلَ إِلَيْهِ مِنْ أُوْلَئِكَ عِشْرُوْنَ، وَبَقِيَ عَامَّةَ نَهَارِهِ لاَ يَقْدَمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَأَحَاطَتْ بِهِ الرَّجَّالَةُ، وَكَانَ يَشُدُّ عَلَيْهِم، فَيَهْزِمُهُم، وَهُم يَكرَهُوْنَ الإِقدَامَ عَلَيْهِ، فَصَرَخَ بِهِم شِمْرٌ: ثَكِلَتْكُم أُمَّهَاتُكُم، مَاذَا تَنْتَظرُوْنَ
بِهِ؟وَطَعَنَهُ سِنَانُ بنُ أَنَسٍ النَّخَعِيُّ فِي ترقُوتِهِ، ثُمَّ طَعَنَهُ فِي صَدْرِهِ، فَخَرَّ، وَاحْتَزَّ رَأْسَهُ خَوْلِيٌّ الأَصْبَحِيُّ - لاَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -.
ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ بِأَسَانِيْدَ لَهُ، قَالُوا:
قَدَّمَ الحُسَيْنُ مُسْلِماً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى هَانِئ بنِ عُرْوَةَ، وَيَكْتُبَ إِلَيْهِ بِخَبَرِ النَّاسِ، فَقَدِمَ الكُوْفَةَ مُسْتَخْفِياً، وَأَتَتْهُ الشِّيْعَةُ، فَأَخَذَ بَيْعَتَهُم، وَكَتَبَ إِلَى الحُسَيْنِ: بَايَعَنِي إِلَى الآنَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفاً، فَعَجِّلْ، فَلَيْسَ دُوْنَ الكُوْفَةِ مَانِعٌ.
فَأَغذَّ السَّيْرَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى زبَالَةَ، فَجَاءتْ رُسُلُ أَهْلِ الكُوْفَةِ إِلَيْهِ بِدِيوَانٍ فِيْهِ أَسْمَاءُ مائَةِ أَلْفٍ، وَكَانَ عَلَى الكُوْفَةِ النُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ، فَخَافَ يَزِيْدُ أَنْ لاَ يُقْدِمَ النُّعْمَانُ عَلَى الحُسَيْنِ.
فَكَتَبَ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ وَهُوَ عَلَى البَصْرَةِ، فَضَمَّ إِلَيْهِ الكُوْفَةَ، وَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانَ لَكَ جَنَاحَانِ، فَطِرْ إِلَى الكُوْفَةِ!
فَبَادَرَ مُتَعَمِّماً مُتَنَكِّراً، وَمَرَّ فِي السُّوقِ، فَلَمَّا رَآهُ السَّفَلَةُ، اشتَدُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ - يَظُنُّونَهُ الحُسَيْنَ - وَصَاحُوا: يَا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ! الحمدُ للهِ الَّذِي أَرَانَاكَ.
وَقَبَّلُوا يَدَهُ وَرِجْلَهُ؛ فَقَالَ: مَا أَشدَّ مَا فَسَدَ هَؤُلاَءِ.
ثُمَّ دَخَلَ المسجِدَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَصَعِدَ المِنْبَرَ، وَكَشَفَ لِثَامَهُ، وَظَفِرَ بِرَسُوْلِ الحُسَيْنِ - وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ بُقْطرٍ - فَقَتَلَهُ.
وَقَدِمَ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ؛ شَرِيْكُ بنُ الأَعْوَرِ - شِيْعِيٌّ -؛ فَنَزَلَ عَلَى هَانِئ بنِ عُرْوَةَ، فَمَرِضَ، فَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ يَعُوْدُهُ، فَهَيَّؤُوا لِعُبَيْدِ اللهِ ثَلاَثِيْنَ رَجُلاً لِيَغتَالُوْهُ، فَلَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ.
وَفَهِمَ عُبَيْدُ اللهِ، فَوَثَبَ، وَخَرَجَ، فَنَمَّ عَلَيْهِم عَبْدٌ لِهَانِئ، فَبَعثَ إِلَى هَانِئ - وَهُوَ شَيْخٌ - فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تُجِيْرَ عَدُوِّي؟
قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، جَاءَ حَقٌّ هُوَ أَحَقُّ مِنْ حَقِّكَ.
فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللهِ بِالعَنَزَةِ حَتَّى غَرزَ رَأْسَهُ بِالحَائِطِ.
وَبَلغَ الخبَرُ مُسلِماً، فَخَرَجَ فِي نَحْوِ الأَرْبَعِ مائَةِ، فَمَا وَصَلَ القَصْرَ إِلاَّ فِي نَحْوِ السِّتِّيْنَ، وَغَربَتِ الشَّمْسُ، فَاقْتَتَلُوا، وَكَثُرَ عَلَيْهِم أَصْحَابُ عُبَيْدِ
اللهِ، وَجَاءَ اللَّيْلُ، فَهَرَبَ مُسْلِمٌ، فَاسْتَجَارَ بِامْرَأَةٍ مِنْ كِنْدَةَ، ثُمَّ جِيْءَ بِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ، فَقَتَلَهُ؛ فَقَالَ: دَعْنِي أُوصِ.قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ لِعُمَرَ بنِ سَعْدٍ: يَا هَذَا! إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، وَلَيْسَ هُنَا قُرَشِيٌّ غَيرُكَ، وَهَذَا الحُسَيْنُ قَدْ أَظَلَّكَ، فَأَرسِلْ إِلَيْهِ لِيَنصَرِفْ، فَإِنَّ القَوْمَ قَدْ غَرُّوهُ، وَكَذَّبُوْهُ، وَعَلَيَّ دَيْنٌ، فَاقْضِهِ عَنِّي، وَوَارِ جُثَّتِي، فَفَعَلَ ذَلِكَ.
وَبَعَثَ رَجُلاً عَلَى نَاقَةٍ إِلَى الحُسَيْنِ، فَلَقِيَهُ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاحِلَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ الأَكْبَرُ: ارْجِعْ يَا أَبَه، فَإِنَّهُم أَهْلُ العِرَاقِ وَغَدْرُهُم وَقِلَّةُ وَفَائِهِم.
فَقَالَتْ بَنُو عَقِيْلٍ: لَيْسَ بِحِينِ رُجُوْعٍ.
وَحَرَّضُوهُ، فَقَالَ حُسَيْنٌ لأَصْحَابِهِ: قَدْ تَرَوْنَ مَا أَتَانَا، وَمَا أَرَى القَوْمَ إِلاَّ سَيَخْذُلُوْنَنَا، فَمَنْ أَحبَّ أَنْ يَرْجِعَ، فَلْيَرْجِعْ.
فَانْصَرَفَ عَنْهُ قَوْمٌ، وَأَمَّا عُبَيْدُ اللهِ فَجَمعَ المُقَاتِلَةَ، وَبَذَلَ لَهُمُ المَالَ، وَجَهَّزَ عُمَرَ بنَ سَعْدٍ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، فَأَبَى، وَكَرِهَ قِتَالَ الحُسَيْنِ، فَقَالَ: لَئِنْ لَمْ تَسِرْ إِلَيْهِ لأَعْزِلَنَّكَ، وَلأَهْدِمَنَّ دَارَكَ، وَأَضْرِبَ عُنُقَكَ.
وَكَانَ الحُسَيْنُ فِي خَمْسِيْنَ رَجُلاً، مِنْهُم تِسْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
وَقَالَ الحُسَيْنُ: يَا هَؤُلاَءِ! دَعُوْنَا نَرجِعْ مِنْ حَيْثُ جِئْنَا.
قَالُوا: لاَ.
وَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَيْدَ اللهِ، فَهَمَّ أَنْ يُخَلِّيَ عَنْهُ، وَقَالَ: وَاللهِ مَا عَرَضَ لِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِي، وَمَا أَرَانِي إِلاَّ مُخْلٍ سَبِيلَهُ يَذْهَبُ حَيْثُ يَشَاءُ.
فَقَالَ شِمْرٌ: إِنْ فَعَلْتَ، وَفَاتَكَ الرَّجُلُ، لاَ تَسْتَقِيلُهَا أَبَداً.
فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ:
الآنَ حَيْثُ تَعَلَّقَتْهُ حِبَالُنَا ... يَرْجُو النَّجَاةَ وَلاَتَ حِيْنَ مَنَاصِ
فَنَاهَضَهُ، وَقَالَ لِشِمْرٍ: سِرْ، فَإِنْ قَاتَلَ عُمَرَ، وَإِلاَّ فَاقْتُلْهُ، وَأَنْتَ عَلَى النَّاسِ.
وَضَبَطَ عُبَيْدُ اللهِ الجِسْرَ، فَمَنَعَ مَنْ يَجُوزُهُ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ نَاساً يَتَسلَّلُوْنَ إِلَى الحُسَيْنِ.
قَالَ: فَرَكِبَ العَسْكَرُ، وَحُسَيْنٌ جَالِسٌ، فَرَآهُم مُقَبِلِيْنَ، فَقَالَ لأَخِيْهِ عَبَّاسٍ: الْقَهُم فَسَلْهُم: مَا لَهُم؟فَسَأَلَهُم، قَالُوا: أَتَانَا كِتَابُ الأَمِيْرِ يَأْمُرُنَا أَنْ نَعرِضَ عَلَيْكَ النُّزَولَ عَلَى حُكْمِهِ، أَوْ نُنَاجِزُكَ.
قَالَ: انْصَرِفُوا عَنَّا العَشِيَّةَ حَتَّى نَنظُرَ اللَّيْلَةَ.
فَانْصَرَفُوا، وَجَمَعَ حُسَيْنٌ أَصْحَابَهُ لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَقَالَ: إِنِّيْ لاَ أَحْسِبُ القَوْمَ إِلاَّ مُقَاتِلِيكُم غَداً، وَقَدْ أَذِنتُ لَكُم جَمِيْعاً، فَأَنْتُم فِي حِلٍّ مِنِّي، وَهَذَا اللَّيْلُ قَدْ غَشِيَكُم، فَمَنْ كَانَتْ لَهُ قُوَّةٌ، فَلْيَضُمَّ إِلَيْهِ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، وَتَفَرَّقُوا فِي سَوَادِكُم، فَإِنَّهُم إِنَّمَا يَطْلبُوْنَنِي، فَإِذَا رَأَوْنِي، لَهَوْا عَنْ طَلَبِكُم.
فَقَالَ أَهْلُ بَيْتِهِ: لاَ أَبْقَانَا اللهُ بَعْدَكَ، وَاللهِ لاَ نُفَارِقُكَ.
وَقَالَ أَصْحَابُهُ كَذَلِكَ.
-الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي الجَحَّافِ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلْحُسَيْنِ: إِنَّ عَلَيَّ دَيْناً، قَالَ: لاَ يُقَاتِلْ مَعِيَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ -.
رَجَعَ الحَدِيْثُ إِلَى الأَوَّلِ:
فَلَمَّا أَصْبَحُوا، قَالَ الحُسَيْنُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرْبٍ، وَرَجَائِي فِي كُلِّ شِدَّةٍ، وَأَنْتَ فِيمَا نَزَلَ بِي ثِقَةٌ، وَأَنْت وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ، وَصَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ.
وَقَالَ لِعُمَرَ وَجُنْدِهِ: لاَ تَعْجَلُوا، وَاللهِ مَا أَتيتُكُم حَتَّى أَتَتْنِي كُتُبُ أَمَاثِلِكُم بِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ أُمِيتَتْ، وَالنِّفَاقَ قَدْ نَجَمَ، وَالحُدُوْدَ قَدْ عُطِّلَتْ؛ فَاقْدَمْ، لَعَلَّ اللهَ يُصلِحُ بِكَ الأُمَّةَ.
فَأَتَيْتُ؛ فَإِذْ كَرِهتُم ذَلِكَ، فَأَنَا رَاجِعٌ، فَارْجِعُوا إِلَى أَنْفُسِكُم؛ هَلْ يَصلُحُ لَكُم قَتْلِي، أَوْ يَحِلُّ دَمِي؟ أَلَسْتُ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكُم وَابْنَ ابْنِ عَمِّهِ؟ أَوَلَيْسَ حَمْزَةُ وَالعَبَّاسُ وَجَعْفَرٌ عُمُوْمَتِي؟ أَلَمْ يَبلُغْكُم قَوْلُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيَّ وَفِي أَخِي: (هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ) ؟فَقَالَ شِمْرٌ: هُوَ يَعَبْدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ إِنْ كَانَ يَدْرِي مَا يَقُوْلُ.
فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ كَانَ أَمرُكَ إِلَيَّ، لأَجَبْتُ.
وَقَالَ الحُسَيْنُ: يَا عُمَرُ! لَيَكُوْنَنَّ لِمَا تَرَى يَوْمٌ يَسُوؤُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ أَهْلَ العِرَاقِ غَرُّوْنِي، وَخَدَعُوْنِي، وَصَنَعُوا بِأَخِي مَا صَنَعُوا، اللَّهُمَّ شَتِّتْ عَلَيْهِم أَمْرَهُم، وَأَحْصِهِمْ عَدَداً.
فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَاتَلَ مَوْلَىً لِعُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فَبَرَزَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ تَمِيْمٍ الكَلْبِيُّ، فَقَتَلَهُ، وَالحُسَيْنُ جَالِسٌ عَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ دَكْنَاءُ، وَالنَّبْلُ يَقعُ حَوْلَهُ، فَوَقَعَتْ نَبْلَةٌ فِي وَلدٍ لَهُ ابْنُ ثَلاَثِ سِنِيْنَ، فَلَبِسَ لأْمَتَهُ، وَقَاتَلَ حَوْلَهُ أَصْحَابُهُ، حَتَّى قُتِلُوا جَمِيْعاً، وَحَمَلَ وَلدُهُ عَلِيٌّ يَرْتَجِزُ:
أَنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيّ ... نَحْنُ وَبَيْتِ اللهِ أَوْلَى بِالنَّبِيّ
فَجَاءتْهُ طَعنَةٌ، وَعَطِشَ حُسَيْنٌ، فَجَاءَ رَجُلٌ بِمَاءٍ، فَتَنَاوَلَهُ، فَرمَاهُ حُصَيْنُ بنُ تَمِيْمٍ بِسَهْمٍ، فَوَقَعَ فِي فِيْهِ، فَجَعَلَ يَتَلقَّى الدَّمَ بِيَدِهِ وَيَحْمَدُ اللهَ.
وَتَوجَّهَ نَحْوَ المُسَنَّاةِ يُرِيْدُ الفُرَاتَ، فَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَاءِ، وَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَأَثبتَهُ فِي حَنَكِهِ، وَبَقِيَ عَامَّةَ يَوْمِهِ لاَ يَقْدَمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، حَتَّى أَحَاطَتْ بِهِ الرَّجَّالَةُ، وَهُوَ رَابطُ الجَأْشِ، يُقَاتِلُ قِتَالَ الفَارِسِ الشُّجَاعِ، إِنْ كَانَ لَيَشُدُّ عَلَيْهِم، فَيَنكَشِفُوْنَ عَنْهُ انكِشَافَ المِعْزَى شَدَّ فِيْهَا الأَسَدُ، حَتَّى صَاحَ بِهِم شِمْرٌ: ثَكلتْكُم أُمَّهَاتُكُم! مَاذَا تَنْتَظرُونَ بِهِ؟
فَانْتَهَى إِلَيْهِ زُرْعَةُ التَّمِيْمِيُّ، فَضَرَبَ كَتِفَهُ، وَضرَبَهُ الحُسَيْنُ عَلَى عَاتقِهِ، فَصَرَعَهُ، وَبرَزَ سِنَانٌ النَّخَعِيُّ، فَطعَنَهُ فِي ترقُوتِهِ وَفِي صَدْرِهِ، فَخَرَّ، ثُمَّ نَزَلَ لِيَحتَزَّ رَأْسَهُ، وَنَزَلَ خَوْلِيٌّ الأَصْبَحِيُّ، فَاحتَزَّ رَأْسَهُ، وَأَتَى بِهِ عُبَيْدَ اللهِ بنَ زِيَادٍ، فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئاً.
قَالَ: وَوُجِدَ بِالحُسَيْنِ ثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ جِرَاحَةً، وَقُتِلَ مِنْ جَيْشِ عُمَرَ بنِ
سَعْدٍ ثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُوْنَ نَفْساً.قَالَ: وَلَمْ يَفْلِتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الحُسَيْنِ سِوَى وَلَدِهِ عَلِيٍّ الأَصْغَرِ - فَالحُسَيْنِيَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ - كَانَ مَرِيضاً.
وَحَسَنُ بنُ حَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ، وَأَخُوْهُ عَمْرٌو، وَلاَ عَقِبَ لَهُ، وَالقَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ، فَقَدِمَ بِهِم وَبِزَيْنَبَ وَفَاطِمَةَ بِنْتَيْ عَلِيٍّ، وَفَاطِمَةَ وَسُكَيْنَةَ بِنْتَيِ الحُسَيْنِ، وَزَوْجَتِهِ الرَّبَابِ الكَلْبِيَّةِ وَالِدَةِ سُكَيْنَةَ، وَأُمِّ مُحَمَّدٍ بِنْتِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَعَبِيدٍ وَإِمَاءٍ لَهُم.
قَالَ: وَأُخِذَ ثَقَلُ الحُسَيْنِ، وَأَخَذَ رَجُلٌ حُلِيَّ فَاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ، وَبَكَى؛ فَقَالَتْ: لِمَ تَبْكِي؟
فَقَالَ: أَأَسْلُبُ بِنْتَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلاَ أَبْكِي؟
قَالَتْ: فَدَعْهُ.
قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَأْخُذَهُ غَيْرِي.
وَأَقْبَلَ عُمَرُ بنُ سَعْدٍ، فَقَالَ: مَا رَجَعَ رَجُلٌ إِلَى أَهْلِهِ بِشَرٍّ مِمَّا رَجَعْتُ بِهِ، أَطَعْتُ ابْنَ زِيَادٍ، وَعَصَيْتُ اللهَ، وَقَطَعْتُ الرَّحِمَ.
وَوَردَ البَشِيْرُ عَلَى يَزِيْدَ؛ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ، دَمَعَتْ عَيْنَاهُ، وَقَالَ: كُنْتُ أَرْضَى مِنْ طَاعَتِكُم بِدُوْنِ قَتْلِ الحُسَيْنِ.
وَقَالَتْ سُكَيْنَةُ: يَا يَزِيْدُ؛ أَبَنَاتُ رَسُوْلِ اللهِ سَبَايَا؟
قَالَ: يَا بِنْتَ أَخِي! هُوَ -وَاللهِ - عَلَيَّ أَشدُّ مِنْهُ عَلَيْكِ، أَقْسَمْتُ وَلَوْ أَنَّ بَيْنَ ابْنِ زِيَادٍ وَبَيْنَ حُسَيْنٍ قَرَابَةٌ مَا أَقدَمَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ فَرَّقَتْ بَيْنَهُ وَبينَهُ سُمَيَّةُ، فَرَحِمَ اللهُ حُسَيْناً، عَجَّلَ عَلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ، أَمَا وَاللهِ لَوْ كُنْتُ صَاحِبَهُ، ثُمَّ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى دَفْعِ القَتْلِ عَنْهُ إِلاَّ بِنَقْصِ بَعْضِ عُمُرِي، لأَحْبَبْتُ أَنْ أَدْفعَهُ عَنْهُ، وَلَوَدِدْتُ أَنْ أُتِيتُ بِهِ سلماً.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، فَقَالَ: أَبُوْكَ قَطَعَ رَحِمِي، وَنَازَعَنِي سُلطَانِي.
فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ سِبَاءهُم لَنَا حَلاَلٌ.
قَالَ عَلِيٌّ: كَذَبْتَ، إِلاَّ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مِلَّتِنَا.
فَأَطْرَقَ يَزِيْدُ، وَأَمَرَ بِالنِّسَاءِ، فَأُدْخِلْنَ عَلَى نِسَائِهِ، وَأَمَرَ
نِسَاءَ آلِ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَقَمْنَ المَأْتَمَ عَلَى الحُسَيْنِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:وَبَكَتْ أُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ، فَقَالَ يَزِيْدُ وَهُوَ زَوْجُهَا: حُقَّ لَهَا أَنْ تُعْوِلَ عَلَى كَبِيْرِ قُرَيْشٍ وَسيِّدِهَا.
جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ: عَنِ الزُّبَيْرِ بن الخِرِّيْتِ، سَمِعَ الفَرَزْدَقَ يَقُوْلُ:
لَقِيتُ الحُسَيْنَ بِذَاتِ عِرْقٍ، فَقَالَ: مَا تَرَى أَهْلَ الكُوْفَةِ صَانِعِيْنَ مَعِي؟ فَإِنَّ مَعِي حِمْلاً مِنْ كُتُبِهِم؟
قُلْتُ: يَخذُلُوْنَكَ، فَلاَ تَذْهَبْ.
وَكَتَبَ يَزِيْدُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَذكُرُ لَهُ خُروجَ الحُسَيْنِ، وَيَقُوْلُ:
نَحسِبُ أَنَّهُ جَاءهُ رِجَالٌ مِنَ المَشْرِقِ، فَمَنَّوْهُ الخِلاَفَةَ، وَعِنْدَكَ مِنْهُم خَبَرُهُ، فَإِنْ فَعلَ، فَقَدْ قَطَعَ القَرَابَةَ وَالرَّحِمَ، وَأَنْتَ كَبِيْرُ أَهْلِ بَيْتِكَ وَالمَنظُورُ إِلَيْهِ، فَاكْفُفْهُ عَنِ السَّعِيِ فِي الفُرْقَةِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنِّيْ لأَرْجُو أَنْ لاَ يَكُوْنَ خُروجُهُ لأَمرٍ تَكرَهُ، وَلَسْتُ أَدَعُ النَّصيحَةَ لَهُ.
وَبَعَثَ حُسَيْنٌ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَلحِقَ بِهِ مَنْ خَفَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ؛ وَهُم تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، وَنِسَاءٌ، وَصِبيَانُ، وَتَبِعَهُم أَخُوْهُ مُحَمَّدٌ، فَأَدْرَكَهُ بِمَكَّةَ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ الخُرُوجَ يَوْمَهُ هَذَا لَيْسَ بِرَأْيٍ، فَأَبَى، فَمَنَعَ مُحَمَّدٌ وَلَدَهُ، فَوجَدَ عَلَيْهِ الحُسَيْنُ، وَقَالَ: تَرغَبُ بوَلَدِكَ عَنْ مَوْضِعٍ أُصَابُ فِيْهِ.
وَبَعَثَ أَهْلُ العِرَاقِ رُسُلاً وَكُتُباً إِلَيْهِ، فَسَارَ فِي آلِهِ، وَفِي سِتِّيْنَ شَيْخاً مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ فِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ.
فَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادِ بنِ أَبِيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الحُسَيْنَ قَدْ تَوجَّهَ إِلَيْكَ، وَتَاللهِ مَا أَحَدٌ يُسلِمهُ اللهُ أَحبُّ إِلَيْنَا مِنَ الحُسَيْنِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَهِيْجَ عَلَى نَفْسِكَ مَا لاَ يَسُدُّه شَيْءٌ.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ الأَشْدَقُ: أَمَّا بَعْدُ؛ فَقَدْ تَوجَّهَ إِلَيْك الحُسَيْنُ، وَفِي مِثْلِهَا تُعتَقُ أَوْ تُستَرَقُّ.الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
خَرَجَ الحُسَيْنُ، فَكَتَبَ يَزِيْدُ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ نَائِبِهِ : إِنَّ حُسَيْناً صَائِرٌ إِلَى الكُوْفَةِ، وَقَدِ ابْتُلِيَ بِهِ زَمَانُكَ مِنْ بَيْنِ الأَزْمَانِ، وَبَلَدُكَ مِنْ بَيْنِ البُلدَانِ، وَأَنْتَ مِنْ بَيْنِ العُمَّالِ، وَعِنْدَهَا تُعتَقُ، أَوْ تَعُوْدُ عَبْداً.
فَقَتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَيْهِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي أَعْرَابِيٌّ يُقَالَ لَهُ: بُجَيْرٌ مِنْ أَهْلِ الثَّعْلَبِيَّة لَهُ مائَةٌ وَسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، قَالَ:
مَرَّ الحُسَيْنُ وَأَنَا غُلاَمٌ، وَكَانَ فِي قِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ أَخِي: يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ! أَرَاكَ فِي قِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ.
فَقَالَ بِالسَّوْطِ - وَأَشَارَ إِلَى حَقِيبَةِ الرَّحْلِ -: هَذِهِ خَلْفِي مَمْلُوْءةٌ كُتُباً.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا شِهَابُ بنُ خِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، قَالَ:
كُنْتُ فِي الجَيْشِ الَّذِيْنَ جَهَّزَهُم عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ إِلَى الحُسَيْنِ، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلاَفٍ يُرِيْدُوْنَ الدَّيْلَمَ، فَصَرَفَهُم عُبَيْدُ اللهِ إِلَى الحُسَيْنِ، فَلَقِيْتُهُ، فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ.
وَكَانَتْ فِيْهِ غُنَّةٌ.
قَالَ شِهَابٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ زَيْدَ بنَ عَلِيٍّ، فَأَعْجَبَهُ؛ وَكَانَتْ فِيْهِ غُنَّةٌ.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ يَزِيْدَ الرِّشْكِ، قَالَ:
حدَّثَنِي مَنْ شَافَهَ الحُسَيْنَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبْنِيَةً مَضْرُوْبَةً لِلْحُسَيْنِ، فَأَتَيْتُ، فَإِذَا شَيْخٌ يَقرَأُ القُرْآنَ، وَالدُّمُوعُ تَسِيْلُ عَلَى خَدَّيْهِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ! مَا أَنْزَلَكَ
هَذِهِ البلاَدَ وَالفَلاَةَ؟قَالَ: هَذِهِ كُتُبُ أَهْلِ الكُوْفَةِ إِلَيَّ، وَلاَ أَرَاهُم إِلاَّ قَاتلِيَّ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، لَمْ يَدَعُوا للهِ حُرمَةً إِلاَّ انْتَهَكُوهَا، فَيُسَلِّطُ اللهُ عَلَيْهِم مَنْ يُذِلُّهُم حَتَّى يَكُوْنُوا أَذلَّ مِنْ فَرَمِ الأَمَةِ - يَعْنِي: مَقنعَتهَا -.
المَدَائِنِيُّ: عَنِ الحَسَنِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، قَالَ:
قَالَ الحُسَيْنُ: وَاللهِ لَيُعْتَدَيَنَّ عَلَيَّ كَمَا اعْتَدَتْ بَنُو إِسْرَائِيْلَ فِي السَّبتِ.
أَحْمَدُ بنُ جَنَابٍ المَصِّيْصِيُّ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ القَسْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ:
قُلْتُ لأَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ: حَدِّثْنِي بِقَتْلِ الحُسَيْنِ.
فَقَالَ: مَاتَ مُعَاوِيَةُ، فَأَرْسَلَ الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ وَالِي المَدِيْنَةِ إِلَى الحُسَيْنِ لِيُبَايِعَ، فَقَالَ: أَخِّرْنِي.
وَرَفَقَ بِهِ، فَأَخَّرهُ، فَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَأَتَاهُ رُسُلُ أَهْلِ الكُوْفَةِ، وَعَلَيْهَا النُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ، فَبَعثَ الحُسَيْنُ ابْنَ عَمِّهِ مُسْلِمَ بنَ عَقِيْلٍ: أَنْ سِرْ، فَانظُرْ مَا كَتَبُوا بِهِ.
فَأَخَذَ مُسْلِمٌ دَليلَيْنِ وَسَارَ، فَعطِشُوا فِي البَرِّيَّةِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا.
وَكَتَبَ مُسْلِمٌ إِلَى الحُسَيْنِ يَسْتَعْفِيهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: امْضِ إِلَى الكُوْفَةِ.
وَلَمْ يُعْفِهِ، فَقَدِمَهَا، فَنَزَلَ عَلَى عَوْسَجَةٍ، فَدَبَّ إِلَيْهِ أَهْلُ الكُوْفَةِ، فَبَايَعَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً.
فَقَامَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمٍ؛ فَقَالَ لِلنُّعْمَانِ: إِنَّكَ لَضَعِيْفٌ!
قَالَ: لأَنْ أَكُوْنَ ضَعيفاً أَحبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُوْنُ قَوِيّاً فِي مَعصِيَةِ اللهِ، وَمَا كُنْتُ لأَهْتِكَ سِتراً سَتَرَهُ اللهُ.
وَكَتَبَ بِقَوْلِهِ إِلَى يَزِيْدَ، وَكَانَ يَزِيْدُ سَاخِطاً عَلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِرِضَاهُ عَنْهُ، وَأَنَّهُ وَلاَّهُ الكُوْفَةَ مُضَافاً إِلَى البَصْرَةِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَقتُلَ مُسْلِماً.
فَأَسرعَ عُبَيْدُ اللهِ فِي وُجُوهِ أَهْلِ البَصْرَةِ إِلَى الكُوْفَةِ مُتَلَثِّماً، فَلاَ يَمرُّ بِمَجْلِسٍ، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِم إِلاَّ قَالُوا: وَعَلَيْكَ
السَّلاَمُ يَا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ - يَظنُّونَهُ الحُسَيْنَ -.فَنَزَلَ القَصْرَ؛ ثُمَّ دَعَا مَوْلَىً لَهُ، فَأَعْطَاهُ ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: اذهَبْ حَتَّى تَسْأَلَ عَنِ الَّذِي يُبَايِعُ أَهْلَ الكُوْفَةِ، فَقُلْ: أَنَا غَرِيْبٌ، جِئْتُ بِهَذَا المَالِ يَتَقْوَّى بِهِ.
فَخَرَجَ، وَتَلَطَّفَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى شَيْخٍ يَلِي البَيْعَةَ، فَأَدخلَهُ عَلَى مُسْلِمٍ، وَأَعْطَاهُ الدَّرَاهِمَ، وَبَايَعَهُ، وَرَجَعَ، فَأَخْبَرَ عُبَيْدَ اللهِ.
وَتَحوَّلَ مُسْلِمٌ إِلَى دَارِ هَانِئ بنِ عُرْوَةَ المُرَادِيِّ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: مَا بَالُ هَانِئ لَمْ يَأْتِنَا؟
فَخَرَجَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ، وَغَيرُهُ، فَقَالُوا: إِنَّ الأَمِيْرَ قَدْ ذَكَرَكَ.
فَرَكِبَ مَعَهُم، وَأَتَاهُ وَعِنْدَهُ شُرَيْحٌ القَاضِي، فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: أَتَتْكَ بِحَائِنٍ رِجْلاَهُ.
فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: يَا هَانِئُ! أَيْنَ مُسْلِمٌ؟
قَالَ: مَا أَدْرِي.
فَخَرَجَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الدَّرَاهمِ، فَلَمَّا رَآهُ، قَطَعَ بِهِ، وَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ! وَاللهِ مَا دَعَوتُهُ إِلَى مَنْزلِي، وَلَكِنَّهُ جَاءَ، فَرَمَى نَفْسَهُ عَلَيَّ.
قَالَ: ائْتِنِي بِهِ.
قَالَ: وَاللهِ لَوْ كَانَ تَحْتَ قَدَمَيَّ، مَا رَفَعْتُهُمَا عَنْهُ.
فَضَرَبَهُ بِعَصاً، فَشَجَّهُ، فَأَهْوَى هَانِئٌ إِلَى سَيْفِ شُرَطِيٍّ يَسْتَلُّهُ، فَمَنَعَهُ، وَقَالَ: قَدْ حَلَّ دَمُكَ.
وَسَجَنَهُ، فطَارَ الخَبرُ إِلَى مَذْحِجٍ، فَإِذَا عَلَى بَابِ القَصْرِ جَلَبَةٌ، وَبلغَ مُسلِماً الخبرُ، فَنَادَى بِشعَارِهِ، فَاجتَمَعَ إِلَيْهِ أَرْبَعُوْنَ أَلْفاً، فَعَبَّأَهُم، وَقَصَدَ القَصْرَ، فَبَعَثَ عُبَيْدُ اللهِ إِلَى وُجُوهِ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَجَمَعَهُم عِنْدَهُ، وَأَمَرَهُم، فَأَشْرَفُوا مِنَ القَصْرِ عَلَى عَشَائِرِهِم، فَجَعَلُوا يُكلِّمُونَهُم، فَجَعَلُوا يَتَسلَّلُوْنَ حَتَّى بَقِيَ مُسْلِمٌ فِي خَمْسِ مائَةٍ، وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَى الحُسَيْنِ لِيُسرِعَ، فَلَمَّا دَخَلَ اللَّيْلُ، ذهبَ أُوْلَئِكَ، حَتَّى بَقِيَ مُسْلِمٌ وَحدَهُ يَتردَّدُ فِي الطُّرُقِ.
فَأَتَى بَيْتاً! فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ، فَقَالَ: اسْقِنِي.
فَسَقَتْهُ، ثُمَّ دَخَلَتْ، وَمَكَثَتْ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ خَرَجَتْ، فَإِذَا بِهِ عَلَى البَابِ، فَقَالَتْ: يَا هَذَا، إِنَّ مَجْلِسَكَ مَجْلِسُ رِيْبَةٍ،
فَقُمْ.فَقَالَ: أَنَا مُسْلِمُ بنُ عَقِيْلٍ، فَهَلْ مَأْوَىً؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
فَأَدَخَلَتْهُ، وَكَانَ ابْنُهَا مَوْلَىً لِمُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ، فَانْطَلقَ إِلَى مَوْلاَهُ، فَأَعلَمَهُ، فَبَعثَ عُبَيْدُ اللهِ الشُّرَطَ إِلَى مُسْلِمٍ، فَخَرَجَ، وَسَلَّ سَيْفَهُ، وَقَاتَلَ، فَأَعْطَاهُ ابْنُ الأَشْعَثِ أَمَاناً، فَسَلَّمَ نَفْسَهُ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ، فَضَربَ عُنُقَهُ، وَأَلقَاهُ إِلَى النَّاسِ، وَقَتَلَ هَانِئاً، فَقَالَ الشَّاعِرُ :
فَإِنْ كُنْتِ لاَ تَدْرِينَ مَا المَوْتُ فَانْظُرِي ... إِلَى هَانِئ فِي السُّوقِ وَابْنِ عَقِيْلِ
أَصَابَهُمَا أَمْرُ الأَمِيْرِ فَأَصْبَحَا ... أَحَادِيْثَ مَنْ يَسْعَى بِكُلِّ سَبِيلِ
أَيَرْكَبُ أَسْمَاءُ الهَمَالَيجَ آمِناً ... وَقَدْ طَلَبَتْهُ مَذْحِجٌ بِقَتِيْلِ
يَعنِي: أَسْمَاءَ بنَ خَارِجَةَ.
قَالَ: وَأَقبلَ حُسَيْنٌ عَلَى كِتَابِ مُسْلِمٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ عَلَى سَاعَةٍ مِنَ القَادِسِيَّةِ، لَقيَهُ رَجُلٌ؛ فَقَالَ لِلْحُسَيْنِ: ارْجِعْ، لَمْ أَدَعْ لَكَ وَرَائِي خَيْراً.
فَهَمَّ أَنْ يَرْجِعَ، فَقَالَ إِخوَةُ مُسْلِمٍ: وَاللهِ لاَ نَرجِعُ حَتَّى نَأْخُذَ بِالثَّأْرِ، أَوْ نُقتَلَ.
فَقَالَ: لاَ خَيْرَ فِي الحَيَاةِ بَعْدَكُم.
وَسَارَ، فَلَقِيَتْهُ خَيلُ عُبَيْدِ اللهِ، فَعَدَلَ إِلَى كَرْبَلاَءَ، وَأَسندَ ظَهْرَهُ إِلَى قُصَمْيَا حَتَّى لاَ يُقَاتَلَ إِلاَّ مِنْ وَجهٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ مَعَهُ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ فَارِساً، وَنَحْوٌ مِنْ مائَةِ رَاجِلٍ.
وَجَاءَ عُمَرُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ - وَقَدْ وَلاَّهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ عَلَى العَسْكَرِ - وَطلبَ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ أَنْ يَعْفِيَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَبَى.
فَقَالَ الحُسَيْنُ: اخْتَارُوا وَاحِدَةً مِنْ ثَلاَثٍ: إِمَّا أَنْ تَدَعُوْنِي، فَأَلْحَقَ بِالثُّغُوْرِ؛ وَإِمَّا أَنْ أَذهَبَ إِلَى يَزِيْدَ، أَوْ أُرَدَّ إِلَى المَدِيْنَةِ.
فَقَبِلَ عُمَرُ ذَلِكَ، وَكَتَبَ بِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: لاَ وَلاَ كرَامَةَ حَتَّى يَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِي.
فَقَالَ الحُسَيْنُ: لاَ وَاللهِ!
وَقَاتَلَ، فَقُتِلَ أَصْحَابُهُ، مِنْهُم بِضْعَةَ عَشَرَ شَابّاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
قَالَ: وَيَجِيْءُ سَهْمٌ، فَيَقَعُ بِابْنٍ لَهُ صَغِيْرٍ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْهُ، وَيَقُوْلُ:اللَّهُمَّ احْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا، دَعَوْنَا لِيَنْصُرُونَا، ثُمَّ يَقْتُلُوْنَنَا.
ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، قَتَلَهُ رَجُلٌ مَذْحِجِيٌّ، وَحَزَّ رَأْسَهُ، وَمَضَى بِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ، فَقَالَ:
أَوْقِرْ رِكَابِي ذَهَبَا ... فَقَدْ قَتَلْتُ المَلِكَ المُحَجَّبَا
قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمّاً وَأَبَا...
فَوفَدَهُ إِلَى يَزِيْدَ وَمَعَهُ الرَّأْسُ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعِنْدَهُ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ؛ فَجَعَلَ يَزِيْدُ يَنكُتُ بِالقَضِيْبِ عَلَى فِيْهِ، وَيَقُوْلُ :
نُفَلِّقُ هَاماً مِنْ أُنَاسٍ أَعِزَّةٍ ... عَلَيْنَا وَهُم كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا
كَذَا قَالَ أَبُو بَرْزَةَ.
وَإِنَّمَا المَحْفُوظُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ عُبَيْدِ اللهِ.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: ارْفَعْ قَضِيبَكَ؛ لَقَدْ رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاهُ عَلَى فِيْهِ.
قَالَ: وَسَرَّحَ عُمَرُ بنُ سَعْدٍ بِحَرِيْمِهِ وَعِيَالِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ.
وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْهُم إِلاَّ غُلاَمٌ كَانَ مَرِيضاً مَعَ النِّسَاءِ، فَأَمَرَ بِهِ عُبَيْدُ اللهِ لِيُقْتَلَ، فَطَرَحَتْ عَمَّتُهُ زَيْنَبُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: لاَ يُقتَلُ حَتَّى تَقْتُلُوْنِي.
فَرَقَّ لَهَا، وَجَهَّزَهُم إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى يَزِيْدَ، جَمَعَ مَنْ كَانَ بِحَضَرتِهِ، وَهَنَّؤُوهُ؛ فَقَامَ رَجُلٌ
أَحْمَرُ أَزرقُ، وَنَظَرَ إِلَى صَبِيَّةٍ مِنْهُم، فَقَالَ: هَبْهَا لِي يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.فَقَالَتْ زَيْنَبُ: لاَ وَلاَ كرَامَةَ لَكَ إِلاَّ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ دِيْنِ اللهِ.
فَقَالَ لَهُ يَزِيْدُ: كُفَّ.
ثُمَّ أَدخَلَهُم إِلَى عِيَالِهِ، فَجَهَّزَهُم، وَحَمَلَهُم إِلَى المَدِيْنَةِ.
إِلَى هُنَا عَنْ: أَحْمَدَ بنِ جَنَابٍ.
الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَسَنٍ:
لَمَّا نَزلَ عُمَرُ بنُ سَعْدٍ بِالحُسَيْنِ، خَطبَ أَصْحَابَهُ، وَقَالَ: قَدْ نَزلَ بِنَا مَا تَرَوْنَ، وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنكَّرَتْ، وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا، وَاسْتُمْرِئَتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ، وَإِلاَّ خَسِيسُ عَيْشٍ كَالمَرْعَى الوَبِيْلِ، أَلاَ تَرَوْنَ الحَقَّ لاَ يُعْمَلُ بِهِ، وَالبَاطِلَ لاَ يُتنَاهَى عَنْهُ؟ لِيَرْغَبَ المُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللهِ، إِنِّيْ لاَ أَرَى المَوْتَ إِلاَّ سَعَادَةً، وَالحيَاةَ مَعَ الظَّالِمِيَنَ إِلاَّ نَدَماً.
خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ:
أَنَّ الحُسَيْنَ لَمَّا أَرهَقَهُ السِّلاَحُ، قَالَ: أَلاَ تَقْبَلُوْنَ مِنِّي مَا كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُ مِنَ المُشْرِكِيْنَ؟ كَانَ إِذَا جَنَحَ أَحَدُهُم، قَبِلَ مِنْهُ.
قَالُوا: لاَ.
قَالَ: فَدَعُوْنِي أَرجِعُ.
قَالُوا: لاَ.
قَالَ: فَدَعُوْنِي آتِي أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَأَخَذَ لَهُ رَجُلٌ السِّلاَحَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْشِرْ بِالنَّارِ.
فَقَالَ: بَلْ - إِنْ شَاءَ اللهُ - بِرَحْمَةِ رَبِّي، وَشَفَاعَةِ نَبِيِّي.
فَقُتِلَ، وَجِيْءَ بِرَأْسِهِ، فَوُضِعَ فِي طَسْتٍ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ زِيَادٍ، فَنَكتَهُ بِقَضِيْبِهِ، وَقَالَ: لَقَدْ كَانَ غُلاَماً صَبِيْحاً.
ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُم قَاتِلُهُ؟
فَقَامَ الرَّجُلُ، فَقَالَ:
وَمَا قَالَ لَكَ؟ ... ، فَأَعَادَ الحَدِيْثَ.قَالَ: فَاسوَدَّ وَجهُهُ.
أَبُو مَعْشَرٍ: عَنْ رِجَالِهِ، قَالَ:
قَالَ الحُسَيْنُ حِيْنَ نَزَلُوا كَرْبَلاَءَ: مَا اسمُ هَذِهِ الأَرْضِ؟
قَالُوا: كَرْبَلاَءَ.
قَالَ: كَرْبٌ وَبَلاَءٌ.
وَبَعَثَ عُبَيْدُ اللهِ لِحَرْبِهِ عُمَرَ بنَ سَعْدٍ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ! اخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى ثَلاَثٍ: إِمَّا أَنْ تَتْرُكَنِي أَرجِعُ، أَوْ فَسَيِّرْنِي إِلَى يَزِيْدَ، فَأَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ، فَإِنْ أَبَيْتَ، فَسَيِّرْنِي إِلَى التُّركِ، فَأُجَاهِدَ حَتَّى أَمُوْتَ.
فَبَعثَ بِذَلِكَ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ، فَهَمَّ أَنْ يُسَيِّرَهُ إِلَى يَزِيْدَ، فَقَالَ لَهُ شِمْرُ بنُ ذِي الجَوْشِنِ: لاَ، إِلاَّ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكمِكَ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَقَالَ الحُسَيْنُ: وَاللهِ لاَ أَفعَلُ.
وَأَبطَأَ عُمَرُ عَنْ قِتَالِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللهِ شِمْرَ بنَ ذِي الجَوْشِنِ، فَقَالَ: إِنْ قَاتَلَ، وَإِلاَّ فَاقْتُلْهُ، وَكُنْ مَكَانَهُ.
وَكَانَ مِنْ جُندِ عُمَرَ ثَلاَثُونَ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَقَالُوا: يَعرِضُ عَلَيْكُم ابْنُ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاَثَ خِصَالٍ فَلاَ تَقْبَلُوْنَ وَاحِدَةً! وَتَحوَّلُوا إِلَى الحُسَيْنِ، فَقَاتَلُوا.
عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ: عَنْ حُصَيْنٍ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ مَقْتَلَ الحُسَيْنِ، فحَدَّثَنِي سَعْدُ بنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ الحُسَيْنَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ برُودٌ، رَمَاهُ رَجُلٌ يُقَالَ لَهُ: عَمْرُو بنُ خَالِدٍ الطُّهَوِيُّ بِسَهْمٍ، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّهْمِ فِي جَنْبِهِ.
هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رَمَى زُرْعَةُ الحُسَيْنَ بِسَهمٍ، فَأَصَابَ حَنَكَهُ، فَجَعلَ يَتَلَقَّى الدَّمَ، ثُمَّ يَقُوْلُ هَكَذَا إِلَى السَّمَاءِ.
وَدَعَا بِمَاءٍ لِيَشْرَبَ، فَلَمَّا رَمَاهُ، حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَاءِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ظَمِّهِ.
قَالَ: فَحَدَّثَنِي مِنْ شَهِدَهُ وَهُوَ يَمُوتُ، وَهُوَ يَصِيحُ مِنَ الحَرِّ فِي بَطْنِهِ وَالبَرْدِ فِي ظَهْرِهِ، وَبَيْنَ
يَدَيْهِ المَرَاوِحُ وَالثَّلجُ وَهُوَ يَقُوْلُ: اسْقُونِي أَهْلَكَنِي العَطَشُ، فَانْقَدَّ بَطْنُهُ.الكَلْبِيُّ: رَافِضِيٌّ، مُتَّهَمٌ.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: أَقْبَلَ مَعَ الحُسَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
وَعَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ يَحْيَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إِلاَّ عَلَى الحُسَيْنِ.
عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ عِيْسَى بنِ الحَارِثِ الكِنْدِيِّ، قَالَ:
لَمَّا قُتِلَ الحُسَيْنُ، مَكَثْنَا أَيَّاماً سَبْعَةً، إِذَا صَلَّينَا العَصرَ، فَنَظَرْنَا إِلَى الشَّمْسِ عَلَى أَطرَافِ الحِيطَانِ كَأَنَّهَا المَلاَحِفُ المُعَصْفَرَةُ، وَنَظَرْنَا إِلَى الكَوَاكبِ يَضرِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً.
المَدَائِنِيُّ: عَنْ عَلِيِّ بنِ مُدْرِكٍ، عَنْ جَدِّهِ الأَسْوَدِ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
احْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ بَعْدَ قَتْلِ الحُسَيْنِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ تُرَى كَالدَّمِ.
هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
تَعْلَمُ هَذِهِ الحُمْرَةُ فِي الأُفُقِ مِمَّ؟ هُوَ مِنْ يَوْمِ قَتْلِ الحُسَيْنِ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنَا أُمُّ سُوْقٍ العَبْديَّةُ؛ قَالَتْ:
حدَّثَتْنِي نَضْرَةُ الأَزْدِيَّةُ، قَالَتْ:
لَمَّا أَنْ قُتِلَ الحُسَيْنُ، مَطَرِتِ السَّمَاءُ مَاءً، فَأَصْبَحْتُ وَكُلُّ شَيْءٍ لَنَا مَلآنُ دَماً.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ: حَدَّثَتْنِي خَالتِي، قَالَتْ:
لَمَّا قُتلَ الحُسَيْنُ، مُطِرْنَا مَطَراً كَالدَّمِ.
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ:قُتِلَ الحُسَيْنُ وَلِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَصَارَ الوَرسُ الَّذِي كَانَ فِي عَسْكَرِهِم رَمَاداً، وَاحْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ، وَنَحَرُوا نَاقَةً فِي عَسكَرِهِم، فَكَانُوا يَرَوْنَ فِي لَحْمِهَا النِّيرَانَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، قَالَتْ:
لَقَدْ رَأَيْتُ الوَرسَ عَادَ رَمَاداً، وَلَقَدْ رَأَيْتُ اللَّحمَ كَأَنَّ فِيْهِ النَّارَ حيَنَ قُتِلَ الحُسَيْنُ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي جَمِيْلُ بنُ مُرَّةَ، قَالَ:
أَصَابُوا إِبِلاً فِي عَسكَرِ الحُسَيْنِ يَوْمَ قُتِلَ، فَطَبَخُوا مِنْهَا، فَصَارَتْ كَالعَلْقَمِ.
قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ العُطَارِدِيَّ، قَالَ:
كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ بَلْهُجَيْمٍ، فَقَدِمَ الكُوْفَةَ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ هَذَا الفَاسِقَ ابْنَ الفَاسِقِ قَتَلَهُ اللهُ -يَعْنِي: الحُسَيْنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
فَرَمَاهُ اللهُ بِكَوْكَبَيْنِ مِنَ السَّمَاءِ، فَطُمِسَ بَصَرُهُ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ الحَلَبِيُّ: قَالَ السُّدِّيُّ:
أَتيتُ كَرْبَلاَءَ تَاجِراً، فَعَمِلَ لَنَا شَيْخٌ مِنْ طَيٍّ طَعَاماً، فَتَعَشَّيْنَا عِنْدَهُ، فَذَكَرْنَا قَتْلَ الحُسَيْنَ، فَقُلْتُ: مَا شَارَكَ أَحَدٌ فِي قَتْلِهِ إِلاَّ مَاتَ مِيْتَةَ سُوءٍ.
فَقَالَ: مَا أَكْذَبَكُم، أَنَا مِمَّنْ شَرَكَ فِي ذَلِكَ.
فَلَمْ نَبْرحْ حَتَّى دَنَا مِنَ السِّرَاجِ وَهُوَ يَتَّقِدُ بِنَفْطٍ، فَذَهَبَ يُخرِجُ الفَتِيْلَةَ بِأُصبُعِهِ، فَأَخَذَتِ النَّارُ فِيْهَا، فَذَهَبَ يُطفِئُهَا بِرِيقِهِ، فَعَلِقَتِ النَّارُ فِي لِحْيتِهِ، فَعَدَا، فَأَلقَى نَفْسَهُ فِي المَاءِ، فَرَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ حُمَمَةً.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حدَّثَتْنِي جدَّتِي أُمُّ أَبِي، قَالَتْ:أَدْرَكتُ رَجُلَيْنِ مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَ الحُسَيْنِ؛ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا؛ فَطَالَ ذَكَرُهُ حَتَّى كَانَ يَلُفُّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ؛ فَكَانَ يَسْتَقبِلُ الرَّاوِيَةَ، فَيَشْرَبُهَا كُلَّهَا.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ:
أَوَّلُ مَا عُرِفَ الزُّهْرِيُّ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي مَجْلِسِ الوَلِيْدِ؛ فَقَالَ الوَلِيْدُ: أَيُّكُم يَعْلَمُ مَا فَعَلَتْ أَحْجَارُ بَيْتِ المَقْدِسِ يَوْمَ قَتْلِ الحُسَيْنِ؟
فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يُقْلَبْ حَجَرٌ إِلاَّ وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيْطٌ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
لَمَّا قُتِلَ الحُسَيْنُ، جِيْءَ بِرَأْسِهِ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيْبٍ عَلَى ثَنَايَاهُ، وَقَالَ: إِنْ كَانَ لَحَسَنَ الثَّغْرِ.
فَقُلْتُ: أَمَا -وَاللهِ - لأَسُوءنَّكَ.
فَقُلْتُ: لَقَدْ رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقبِّلُ مَوْضِعَ قَضِيبِكَ مِنْ فِيْهِ.
الحَاكِمُ فِي (الكُنَى) : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي شَدَّادُ بنُ عَبْدِ اللهِ:
سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بنَ الأَسْقَعِ وَقَدْ جِيْءَ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ، فَلعَنَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَغضِبَ وَاثِلَةَ، وَقَامَ، وَقَالَ:
وَاللهِ لاَ أَزَالُ أُحِبُّ عَلِيّاً وَوَلَدَيْهِ بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي
مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَلْقَى عَلَى فَاطِمَةَ وَابْنَيْهَا وَزَوْجِهَا كِسَاءً خَيْبَرِيّاً، ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيْراً} [الأَحْزَابُ: 33] .سُلَيْمَانُ: ضَعَّفُوهُ، وَالحَنَفِيُّ: مُتَّهَمٌ.
وَيُرْوَى عَنْ: أَبِي دَاوُدَ السَّبِيْعِيِّ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ عُبَيْدِ اللهِ، فَأُتِيَ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ، فَأَخَذَ قَضِيباً، فَجَعَلَ يَفْتَرُّ بِهِ عَنْ شَفَتَيْهِ، فَلَمْ أَرَ ثَغْراً كَانَ أَحْسَنَ مِنْهُ كَأَنَّهُ الدُّرُّ، فَلَمْ أَمْلِكْ أَنْ رَفَعْتُ صَوْتِي بِالبُكَاءِ.
فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ؟
قُلْتُ: يُبكِيْنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَيْتُهُ يَمُصُّ مَوْضِعَ هَذَا القَضِيبِ، وَيَلثُمُهُ، وَيَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ إِنِّيْ أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّومِ نِصْفَ النَّهَارِ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، وَبِيَدِهِ قَارُوْرَةٌ فِيْهَا دَمٌ.
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا هَذَا؟
قَالَ: (هَذَا دَمُ الحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ، لَمْ أَزَلْ مُنْذُ اليَوْمَ أَلتَقِطُهُ) .
فَأُحصِيَ ذَلِكَ اليَوْمُ، فَوَجَدُوْهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ.
ابْنُ سَعْدٍ: عَنِ الوَاقِدِيِّ، وَالمَدَائِنِيِّ، عَنْ رِجَالِهِمَا:
أَنَّ مُحفزَ بنَ ثَعْلَبَةَ العَائِذِيَّ قَدِمَ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ عَلَى يَزِيْدَ، فَقَالَ: أَتَيتُكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ بِرَأْسِ أَحْمَقِ النَّاسِ وَأَلأَمِهِم.
فَقَالَ يَزِيْدُ: مَا وَلدَتْ أُمُّ مُحفزٍ أَحْمَقُ وَأَلأَمُ؛ لَكِنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَتَدَبَّرْ كَلاَمَ اللهِ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آلُ عِمْرَانَ: 26] .
ثُمَّ بَعَثَ يَزِيْدُ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ إِلَى مُتَوَلِّي المَدِيْنَةِ،
فَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ عِنْدَ أُمِّهِ.وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سَعِيْدٍ القَاضِي: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ البَهْرَائِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَيَّةَ الكَلاَعِيَّ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا كَرِبٍ، قَالَ: كُنْتُ فِيْمَنْ تَوثَّبَ عَلَى الوَلِيْدِ بنِ يَزِيْدَ بِدِمَشْقَ، فَأَخذْتُ سَفَطاً، وَقُلْتُ: فِيْهِ غَنَائِي، فَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَخَرَجتُ بِهِ مِنْ بَابِ تُوْمَا.
قَالَ: فَفَتَحْتُهُ، فَإِذَا فِيْهِ رَأْسٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: هَذَا رَأْسُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ، فَحَفَرْتُ لَهُ بِسَيْفِي، فَدَفَنْتُهُ.
أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: حَدَّثَنَا رَزِيْنٌ، حدَّثَتْنِي سَلْمَى، قَالَتْ:
دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ تَبْكِي؛ قُلْتُ: مَا يُبْكِيْكِ؟
قَالَتْ: رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، وَعَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيتِهِ التُّرَابُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (شَهِدْتُ قَتْلَ الحُسَيْنِ آنِفاً ) .
رَزِيْنٌ: هُوَ ابْنُ حَبِيْبٍ، وَثَّقهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ؛ سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُوْلُ:
سَمِعْتُ الجِنَّ يَبكِيْنَ عَلَى حُسَيْنٍ، وَتَنُوحُ عَلَيْهِ.
سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ:
أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ سَمِعَتْ نَوْحَ الجِنِّ عَلَى الحُسَيْنِ.
عُبَيْدُ بنُ جَنَّادٍ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ الكَلْبِيِّ، قَالَ:
أَتيْتُ كَرْبَلاَءَ، فَقُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْ أَشْرَافِ العَربِ: بَلَغَنِي أَنَّكُم تَسْمَعُوْنَ نَوْحَ الجِنِّ!
قَالَ: مَا تَلْقَى حُرّاً وَلاَ عَبْداً إِلاَّ أَخبَرَكَ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَمَا سَمِعْتَ أَنْتَ؟ قَالَ: سَمِعتُهُم يَقُوْلُوْنَ:
مَسَحَ الرَّسولُ جَبِينَهُ ... فَلَهُ بَرِيقٌ فِي الخُدُوْدِأَبَوَاهُ مِنْ عَلْيَا قُرَيْ ـ ... ـشٍ وَجَدُّهُ خَيرُ الجُدُوْدِ
مُحَمَّدُ بنُ جَرِيرٍ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ حَبِيْبٍ، قَالَ:
لَمَّا قَتَلَ عُبَيْدُ اللهِ الحُسَيْنَ وَأَهْلَهُ، بَعثَ بِرُؤُوْسِهِم إِلَى يَزِيْدَ، فَسُرَّ بِقَتْلِهِم أَوَّلاً؛ ثُمَّ لَمْ يَلبَثْ حَتَّى نَدِمَ عَلَى قَتْلِهِم، فَكَانَ يَقُوْلُ: وَمَا عَلَيَّ لَوِ احتَمَلْتُ الأَذَى، وَأَنْزَلتُ الحُسَيْنَ مَعِي، وَحَكَّمْتُه فِيمَا يُرِيْدُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ وَهَنٌ، حِفْظاً لِرَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِعَايَةً لِحَقِّهِ، لَعَنَ اللهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ - يَعْنِي: عُبَيْدَ اللهِ - فَإِنَّهُ أَحْرَجَهُ، وَاضْطَرَّهُ، وَقَدْ كَانَ سَأَلَ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ أَقبَلَ، أَوْ يَأْتِيَنِي، فَيَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِي، أَوْ يَلحَقَ بِثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَتلَهُ، فَأَبغَضَنِي بِقَتْلِهِ المُسْلِمُوْنَ، وَزَرَعَ لِي فِي قُلُوْبِهِمُ العَدَاوَةَ.
جَرِيرٌ: عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ:
تَغوَّطَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَلَى قَبْرِ الحُسَيْنِ، فَأَصَابَ أَهْلَ ذَلِكَ البَيْتِ خَبَلٌ، وَجُنُوْنٌ، وَبَرَصٌ، وَفَقْرٌ، وَجُذَامٌ.
قَالَ هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ: لَمَّا أُجرِيَ المَاءُ عَلَى قَبْرِ الحُسَيْنِ، انْمَحَى أَثَرُ القَبْرِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَتَتَبَّعَهُ، حَتَّى وَقعَ عَلَى أَثَرِ القَبْرِ، فَبَكَى، وَقَالَ:
أَرَادُوا لِيُخْفُوا قَبْرَهُ عَنْ عَدُوِّهِ ... فَطِيْبُ تُرَابِ القَبْرِ دَلَّ عَلَى القَبْرِ
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: قُتلَ عَلِيٌّ وَهُوَ
ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَمَاتَ لَهَا حَسَنٌ، وَقُتِلَ لَهَا حُسَيْنٌ.قُلْتُ: قَوْلُهُ: مَاتَ لَهَا حَسَنٌ: خَطَأٌ، بَلْ عَاشَ سَبْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ الجَمَاعَةُ: مَاتَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ.
زَادَ بَعضُهُم: يَوْمَ السَّبتِ.
وَقِيْلَ: يَوْمَ الجُمُعَةِ.
وَقِيْلَ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ.
وَمَوْلِدُهُ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الهِجْرَةِ.
عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، وَآخرُ ثِقَةٌ: عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَتَاهَا قَتْلُ الحُسَيْنِ، فَقَالَتْ: قَدْ فَعلُوْهَا؟! مَلأَ اللهُ بُيُوتَهُم وَقُبُورَهُم نَاراً.
وَوَقَعَتْ مَغْشِيَّةً عَلَيْهَا، فَقُمْنَا.
وَنَقَلَ: الزُّبَيْرُ لِسُلَيْمَانَ بنِ قَتَّةَ، يَرْثِي الحُسَيْنَ:
وَإِنَّ قَتِيْلَ الطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... أَذَلَّ رِقَاباً مِنْ قُرَيْشٍ فَذَلَّتِ
فَإِنْ يُتْبِعُوْهُ عَائِذَ البَيْتِ يُصْبِحُوا ... كَعَادٍ تَعَمَّتْ عَنْ هُدَاهَا فَضَلَّتِ
مَررْتُ عَلَى أَبْيَاتِ آلِ مُحَمَّدٍ ... فَأَلْفَيْتُهَا أَمْثَالَهَا حِيْنَ حَلَّتِ
وَكَانُوا لَنَا غُنْماً، فَعَادُوا رَزِيَّةً ... لَقَدْ عَظُمَتْ تِلْكَ الرَّزَايَا وَجَلَّتِفَلاَ يُبْعِدِ اللهُ الدِّيَارَ وَأَهْلَهَا ... وَإِنْ أَصْبَحَتْ مِنْهُم بِرَغْمِي تَخَلَّتِ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الأَرْضَ أَضْحَتْ مَرِيضَةً ... لِفَقْدِ حُسَيْنٍ وَالبلاَدُ اقْشَعَرَّتِ
قَوْلُهُ: أَذَلَّ رِقَاباً؛ أَي: لاَ يَرِعُوْنَ عَنْ قَتْلِ قُرَشِيٍّ بَعْدَهُ.
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبِي حَمْزَةُ بنُ يَزِيْدَ الحَضْرَمِيُّ، قَالَ:
رَأَيْتُ امْرَأَةً مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ وَأَعْقَلِهِنَّ، يُقَالُ لَهَا: رَيَّا؛ حَاضِنَةُ يَزِيْدَ - يُقَالَ: بلَغَتْ مائَةَ سَنَةٍ - قَالَتْ:
دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى يَزِيْدَ، فَقَالَ: أَبْشِرْ، فَقَدْ أَمْكَنَكَ اللهُ مِنَ الحُسَيْنِ.
وَجِيْءَ بِرَأْسِهِ، قَالَ: فَوُضِعَ فِي طِسْتٍ، فَأَمَرَ الغُلاَمَ، فَكَشَفَ، فَحِيْنَ رَآهُ، خَمَّرَ وَجْهَهُ، كَأَنَّهُ شَمَّ مِنْهُ.
فَقُلْتُ لَهَا: أَقَرَعَ ثَنَايَاهُ بِقَضِيبٍ؟
قَالَتْ: إِيْ وَاللهِ.
ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: وَقَدْ حَدَّثَنِي بَعضُ أَهْلِنَا: أَنَّهُ رَأَى رَأْسَ الحُسَيْنِ مَصْلُوْباً بِدِمَشْقَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
وَحَدَّثَتْنِي رَيَّا: أَنَّ الرَّأْسَ مَكثَ فِي خَزَائِنِ السِّلاَحِ حَتَّى وَلِيَ سُلَيْمَانُ، فَبَعَثَ، فَجِيْءَ بِهِ، وَقَدْ بَقِيَ عَظْماً أَبْيَضَ، فَجَعَلَهُ فِي سَفَطٍ، وَطَيَّبَهُ، وَكَفَّنَهُ، وَدفَنَهُ فِي مَقَابرِ المُسْلِمِيْنَ.
فَلَمَّا دَخَلَتِ المُسَوِّدَةُ، سَأَلُوا عَنْ مَوْضِعِ الرَّأْسِ، فَنَبَشُوهُ، وَأَخَذُوهُ، فَاللهُ أَعْلَمُ مَا صُنِعَ بِهِ.
وَذَكَرَ باقِي الحِكَايَةِ وَهِيَ قَوِيَّةُ الإِسْنَادِ.
يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ:
أَبَى الحُسَيْنُ أَنْ يَسْتَأسِرَ حَتَّى قُتلَ بِالطَّفِّ، وَانْطَلَقُوا بِبَنِيْهِ: عَلِيٍّ، وَفَاطِمَةَ، وَسُكَيْنَةَ إِلَى يَزِيْدَ، فَجَعَلَ سُكَيْنَةَ خَلْفَ سَرِيْرِهِ، لِئَلاَّ تَرَى رَأْسَ أَبِيْهَا، وَعَلِيٌّ فِي غِلٍّ، فَضَربَ عَلَى ثَنِيَّتَيِ
الحُسَيْنِ، وَتَمثَّلَ بِذَاكَ البَيْتِ.فَقَالَ عَلِيٌّ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيْبَةٍ فِي الأَرْضِ ... } [الحَدِيْدُ: 22] ، الآيَةَ.
فَثَقُلَ عَلَى يَزِيْدَ أَنْ تَمثَّلَ بِبَيْتٍ، وَتَلاَ عَلِيٌّ آيَةً، فَقَالَ: بَلْ: {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيَكُم} [الشُّوْرَى: 30] .
فَقَالَ: أَمَا -وَاللهِ - لَوْ رَآنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَحَبَّ أَنْ يُخَلِّيَنَا.
قَالَ: صَدَقْتَ، فَخَلُّوهُم.
قَالَ: وَلَوْ وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، لأَحَبَّ أَنْ يُقَرِّبَنَا.
قَالَ: صَدَقْتَ، قَرِّبُوْهُم.
فَجَعَلَتْ سُكَيْنَةُ وَفَاطِمَةُ تَتَطَاوَلاَنِ لِتَرَيَا الرَّأْسَ، وَبَقِيَ يَزِيْدُ يَتَطَاوَلُ فِي مَجْلسِهِ لِيَستُرَهُ عَنْهُمَا.
ثُمَّ أَمرَ لَهُم بِجَهَازٍ، وَأَصْلَحَ آلَتَهُم، وَخَرجُوا إِلَى المَدِيْنَةِ.
كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ:
لَمَّا أُتِيَ يَزِيْدُ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ، جَعَلَ يَنكُتُ سِنَّهُ، وَيَقُوْلُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَبَا عَبْدِ اللهِ بَلغَ هَذَا السِّنَّ.
وَإِذَا لِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ قَدْ نَصَلَ مِنَ الخِضَابِ.
وَمِمَّنْ قُتلَ مَعَ الحُسَيْنِ: أُخُوَّته الأَرْبَعَةُ؛ جَعْفَرٌ، وَعَتِيْقٌ، وَمُحَمَّدٌ، وَالعَبَّاسُ الأَكْبَرُ، وَابْنُهُ الكَبِيْرُ عَلِيٌّ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللهِ، وَكَانَ ابْنُهُ عَلِيٌّ زِينُ العَابِدِيْنَ مَرِيضاً، فَسَلِمَ، وَكَانَ يَزِيْدُ يُكرِمُهُ وَيَرعَاهُ.
وَقُتِلَ مَعَ الحُسَيْنِ: ابْنُ أَخِيْهِ؛ القَاسِمُ بنُ الحَسَنِ، وَعَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَا مُسْلِمِ بنِ عَقِيْلِ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدٌ وَعَوْنٌ ابْنَا عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بن أَبِي طَالِبٍ.
المَدَائِنِيُّ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قُتلَ الحُسَيْنُ، وَأُدخِلْنَا الكُوْفَةَ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ، فَأَدْخَلَنَا مَنْزِلَهُ، فَأَلْحَفَنَا، فَنِمْتُ، فَلَمْ أَسْتيقِظْ إِلاَّ بِحِسِّ الخَيلِ فِي الأَزِقَّةِ، فَحُمِلْنَا إِلَى يَزِيْدَ، فَدمعَتْ عَينُهُ حِيْنَ رَآنَا، وَأَعْطَانَا مَا شِئْنَا، وَقَالَ: إِنَّهُ سَيَكُوْنُ فِي قَوْمِكَ أُمُوْرٌ، فَلاَ تَدْخُلْ مَعَهُم.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الحَرَّةِ مَا كَانَ؛ كَتَبَ
مَعَ مُسْلِمِ بنِ عُقْبَةَ بِأَمَانِي، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ القِتَالِ مُسْلِمٌ، بَعثَ إِلَيَّ، فَجِئْتُهُ، فَرَمَى إِلَيَّ بِالكِتَابِ، وَإِذَا فِيْهِ:اسْتوصِ بعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ خَيراً، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُم فِي أَمرِهِم، فَأَمِّنْهُ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُم، فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ.
فَأَولاَدُ الحُسَيْنِ هُمْ: عَلِيٌّ الأَكْبَرُ الَّذِي قُتِلَ مَعَ أَبِيْهِ، وَعَلِيٌّ زِينُ العَابِديْنَ، وَذُرِّيَتُهُ عَدَدٌ كَثِيْرٌ، وَجَعْفَرٌ وَعَبْدُ اللهِ، وَلَمْ يُعْقِبَا.
فَوُلِدَ لِزَيْنِ العَابِدِيْنَ: الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ مَاتَا صَغِيْرَيْنِ، وَمُحَمَّدٌ البَاقِرُ، وَعَبْدُ اللهِ، وَزَيْدٌ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَمُحَمَّدٌ الأَوْسَطُ وَلَمْ يُعْقِبْ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَحُسَيْنٌ الصَّغِيْرُ، وَالقَاسِمُ وَلَمْ يُعْقِبْ.
الإِمَامُ، الشَّرِيْفُ، الكَامِلُ، سِبْطُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَيْحَانتُهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَحبُوْبُهُ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ ابْنُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: جَدِّه، وَأَبَوَيْهِ، وَصِهْرِهِ عُمَرَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدَاهُ؛ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ، وَعُبَيْدُ بنُ حُنَيْنٍ، وَهَمَّامٌ الفَرَزْدَقُ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَطَلْحَةُ العُقَيْلِيُّ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ زَيْدُ بنُ الحَسَنِ، وَحَفِيْدُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَاقِرُ - وَلَمْ يُدْرِكْهُ - وَبِنْتُهُ سُكَيْنَةُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ: مَوْلِدُهُ فِي خَامِسِ شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الهِجْرَةِ.
قَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: بَيْنَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ فِي الحَمْلِ طُهْرٌ وَاحِدٌ.
قَدْ مَرَّتْ فِي تَرْجَمَةِ الحَسَنِ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالحُسَيْنِ.
رَوَى: هَانِئُ بنُ هَانِئ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
الحُسَيْنُ أَشبَهُ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ صَدْرِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
شَهِدْتُ ابْنَ زِيَادٍ حَيْثُ أُتِيَ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ، فَجَعَلَ يَنكُتُ بِقَضِيْبٍ مَعَهُ، فَقُلْتُ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ أَشْبَهَهُمَا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.وَرَوَاهُ: جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ.
وَأَمَّا النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، فَرَوَاهُ: عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيْرِيْنَ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ، وَقَالَ: يَنْكُتُ بِقَضِيْبٍ فِي أَنفِهِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَزِيْدَ، قَالَ:
رَأَيْتُ الحُسَيْنَ بنَ عَلِيٍّ أَسودَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، إِلاَّ شَعرَاتٍ فِي مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عُمَرَ بنِ عَطَاءٍ:
رَأَيْتُ الحُسَيْنَ يَصبغُ بِالوَسِمَةِ، كَانَ رَأْسُهُ وَلِحْيتُهُ شَدِيدَيِ السَّوَادِ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَعْقُوْبَ: عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ البَعُوضِ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟
فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ.
قَالَ: انظُرْ إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ البَعُوضِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا).
رَوَاهُ: جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، عَنْهُ.عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ:
دَخَلتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ يَلْعَبَانِ عَلَى صَدْرِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَتُحِبُّهُمَا؟!
قَالَ: (كَيْفَ لاَ أُحِبُّهُمَا، وَهُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا) .
رَوَاهُ: الطَّبَرَانِيُّ فِي (المُعْجَمِ).
وَعَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، مَرْفُوعاً: (الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ: سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ ) .
وَيُرْوَى عَنْ: شُرَيْحٍ، عَنْ عَلِيٍّ.
وَفِي البَابِ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَمَالِكِ بنِ الحُوَيْرِثِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَنَسٍ، وَجَابِرٍ مِنْ وُجُوهٍ يُقَوِّي بَعضُهَا بَعْضاً.
مُوْسَى بنُ عُثْمَانَ الحَضْرَمِيُّ - شِيْعِيٌّ وَاهٍ -: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ الحُسَيْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يُحبُّهُ حُبّاً شَدِيداً، فَقَالَ: (اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ) .
فَقُلْتُ: أَذْهبُ مَعَهُ؟
فَقَالَ: (لاَ) .
فَجَاءتْ بَرْقَةٌ، فَمَشَى فِي ضَوئِهَا حَتَّى بَلغَ إِلَى أُمِّهِ.
وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا رَبِيْع بنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرٍ:
أَنَّهُ قَالَ - وَقَدْ دَخَلَ الحُسَيْنُ المَسْجِدَ -: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى سَيِّدِ شَبَابِ
أَهْلِ الجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا) .سَمِعتُه مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
تَابَعَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، عَنْ رَبِيْعٍ الجُعْفِيِّ.
أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) .
وَقَالَ شَهْرٌ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ:
إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَّلَ عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَابْنَيْهِمَا بِكسَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِ بِنْتِي وَحَامَتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيْراً) .
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَنَا مِنْهُم؟
قَالَ: (إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ ) .
إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عَنْ شَهْرٍ.
وَفِي بَعضِهَا يَقُوْلُ: دَخَلتُ عَلَيْهَا أُعَزِّيْهَا عَلَى الحُسَيْنِ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: الأَعْمَشُ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَكِيْمِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
وَرَوَى: شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ، قِصَّةَ الكِسَاءِ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى العَامِرِيِّ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ، مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ حُسَيْناً) .
وَفِي لَفظٍ: (أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً).
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخذَ بِيدِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، وَيَقُوْلُ: (هَذَانِ ابْنَايَ؛ فَمَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي ) .
وَرَوَى مِثْلَهُ: أَبُو الجَحَّافِ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَغَيرُهُمَا، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً.
وَفِي البَابِ: عَنْ أُسَامَةَ، وَسَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بنِ أَرْقَمَ.
عَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهَبِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَعدَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْضِعَ الجَنَائِزِ، فَطَلَعَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ، فَاعْتَرَكَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِيْهاً حَسَنُ) .
فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَعَلَى حُسَيْنٍ تُوَالِيهِ؟
فَقَالَ: (هَذَا جِبْرِيْلُ يَقُوْلُ: إِيْهاً حُسَيْنُ ) .
وَيُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً، نَحْوُهُ.
وَفِي مَرَاسِيْلِ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ حُسَيْناً يَبْكِي، فَقَالَ لأُمِّهِ: (أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ بُكَاءهُ يُؤْذِيْنِي).
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ حُنَيْنٍ، عَنِ الحُسَيْنِ، قَالَ:صَعِدتُ المِنْبَرَ إِلَى عُمَرَ، فَقُلْتُ: انزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِي، وَاذْهَبْ إِلَى مِنْبَرِ أَبِيْكَ.
فَقَالَ: إِنَّ أَبِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْبَرٌ!
فَأَقْعَدَنِي مَعَهُ، فَلَمَّا نَزَلَ، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! مَنْ علَّمَكَ هَذَا؟
قُلْتُ: مَا عَلَّمَنِيْهِ أَحَدٌ.
قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! وَهَلْ أَنْبتَ عَلَى رُؤُوْسِنَا الشَّعْرَ إِلاَّ اللهُ ثُمَّ أَنْتُم!
وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ! لَوْ جَعَلْتَ تَأْتِينَا وَتَغْشَانَا.
إِسْنَادُه صَحِيْحٌ.
رَوَى: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ عُمَرَ جَعلَ لِلْحُسَيْنِ مِثْلَ عَطَاءِ عَلِيٍّ، خَمْسَةَ آلاَفٍ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ:
أَنَّ عُمَرَ كَسَا أَبْنَاءَ الصَّحَابَةِ؛ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَا يَصلُحُ لِلْحَسَنِ وَالحُسَيْنِ؛ فَبَعثَ إِلَى اليَمَنِ، فَأُتِي بِكِسْوَةٍ لَهُمَا، فَقَالَ: الآنَ طَابَتْ نَفْسِي.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ عُمَرَ أَلحقَ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ بِفرِيضَةِ أَبِيهِمَا؛ لِقَرَابَتِهِمَا مِنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةُ آلاَفٍ.
يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ: عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُرَيْثٍ، قَالَ:
بَيْنَا عَمْرُو بنُ العَاصِ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، إِذْ رَأَى الحُسَيْنَ، فَقَالَ: هَذَا أَحبُّ أَهْلِ الأَرْضِ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ اليَوْمَ.
فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى عَمْرٍو، فَقَالَ: عَلَيَّ رَقَبَةٌ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيْلَ.فَقَالَ: مَا أَعْلَمُهَا إِلاَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ.
قُلْتُ: مَا فَهِمْتُه.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَافِعٍ: عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ:
كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيْلَ، قَالَ: عَلَيْكَ بِالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ.
هَوْذَةُ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الأَزْرَقِ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسْقُفُ نَجْرَانَ وَالعَاقِبُ، فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الإِسْلاَمَ، فَقَالاَ: كُنَّا مُسْلِمَينِ قَبْلكَ.
قَالَ: (كَذَبْتُمَا! إِنَّهُ مَنَعَ الإِسْلاَمَ مِنْكُمَا ثَلاَثٌ؛ قَوْلُكُمَا: اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً، وَأَكْلُكُمَا الخِنْزِيْرَ، وَسُجُوْدُكُمَا لِلصَّنَمِ) .
قَالاَ: فَمَنْ أَبُو عِيْسَى؟
فَمَا عَرَفَ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ: {إِنَّ مَثَلَ عِيْسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ} ... ، إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ القَصَصُ الحَقُّ} [آلُ عِمْرَانَ: 59 - 63] .
فَدَعَاهُمَا إِلَى المُلاَعَنَةِ، وَأَخَذَ بِيَدِ فَاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، وَقَالَ: (هَؤُلاَءِ بَنِيَّ) .
قَالَ: فَخَلاَ أَحَدُهُمَا بِالآخرِ، فَقَالَ: لاَ تُلاَعِنْهُ، فَإِنْ كَانَ نَبِيّاً فَلاَ بَقِيَّةَ.
فَقَالاَ: لاَ حَاجَةَ لَنَا فِي الإِسْلاَمِ وَلاَ فِي مُلاَعَنَتِكَ، فَهَلْ مِنْ ثَالِثَةٍ؟
قَالَ: (نَعَمْ؛ الجِزْيَةُ) .
فَأَقَرَّا بِهَا، وَرَجَعَا.
مَعْمَرٌ: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:لَمَّا أَرَادَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَاهِلَ أَهْلَ نَجْرَانَ، أَخذَ بِيَدِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ: (اتْبَعِيْنَا) .
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَعْدَاءُ الله، رَجَعُوا.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ، عَنِ المُسَيَّبِ بنِ نَجَبَةَ:
سَمِعَ عَلِيّاً يَقُوْلُ: أَلاَ أُحدِّثُكُم عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيتِي؟ أَمَّا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ؛ فَصَاحِبُ لَهْوٍ، وَأَمَّا الحَسَنُ، فَصَاحِبُ جَفْنَةٍ مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ؛ لَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلَقتَا البِطَانِ لَمْ يُغْنِ فِي الحَرْبِ عَنْكُم، وَأَمَّا أَنَا وَحُسَيْنٌ؛ فَنَحْنُ مِنْكُم، وَأَنْتُم مِنَّا.
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
وَعَنْ سَعِيْدِ بنِ عَمْرٍو: أَنَّ الحَسَنَ قَالَ لِلْحُسَيْنِ: وَدِدْتُ أَنَّ لِي بَعضَ شِدَّةِ قَلْبِكَ.
فَيَقُوْلُ الحُسَيْنُ: وَأَنَا وَدِدْتُ أَنَّ لِي بَعضَ مَا بُسِطَ مِنْ لِسَانِكَ.
عَنْ أَبِي المُهَزِّمِ، قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ، فَأَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَنْفُضُ بِثَوْبِهِ التُّرَابَ عَنْ قَدَمِ الحُسَيْنِ.
وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: حَجَّ الحُسَيْنُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ حَجَّةً مَاشياً.
وَكَذَا رَوَى: عُبَيْدُ اللهِ الوَصَّافِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَزَادَ: وَنجَائِبُه تُقَادُ مَعَهُ.لَكنِ اخْتلَفتِ الرِّوَايَةُ عَنِ الوَصَّافِيِّ، فَقَالَ يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ، عَنْهُ: الحَسَنُ، وَرَوَى عَنْهُ: زُهَيْرٌ نَحوَهُ، فَقَالَ فِيْهِ: الحَسَنُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ المُثَنَّى: كَانَ عَلَى المَيْسَرَةِ يَوْمَ الجَمَلِ الحُسَيْنُ.
أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا شُرَحْبِيْلُ بنُ مُدْرِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نُجَيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ سَارَ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ صَاحِبَ مَطهَرَتِه، فَلَمَّا حَاذَى نِيْنَوَى، وَهُوَ سَائِرٌ إِلَى صِفِّيْنَ، نَادَاهُ عَلِيٌّ: اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللهِ بِشَطِّ الفُرَاتِ.
قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ، وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ، فَقَالَ: (قَامَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيْلُ، فَحَدَّثَنِي أَنَّ الحُسَيْنَ يُقْتَلُ، وَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبتِه؟
قُلْتُ: نَعَم.
فَمدَّ يَدهُ، فَقَبضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ.
قَالَ: فَأَعْطَانِيْهَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنِي.
هَذَا غَرِيْبٌ، وَلَهُ شُوَيْهِدٌ.
يَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ:
أَنَّ عَلِيّاً قَالَ وَهُوَ بِشَطِّ الفُرَاتِ: صَبْراً أَبَا عَبْدِ اللهِ.
عُمَارَةُ بنُ زَاذَانَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
استَأْذنَ مَلَكُ القَطْرِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يَا أُمَّ سَلَمَةَ! احْفَظِي عَلَيْنَا البَابَ) .
فَجَاءَ الحُسَيْنُ، فَاقْتَحَمَ، وَجَعلَ يَتَوَثَّبُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَسُوْلُ اللهِ يُقَبِّلُهُ.
فَقَالَ المَلَكُ: أَتُحِبُّهُ؟
قَالَ: (نَعَمْ) .
قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتلُه، إِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ
المَكَانَ الَّذِي يُقتَلُ فِيْهِ.قَالَ: (نَعَم) .
فَجَاءهُ بِسَهْلَةٍ، أَوْ تُرَابٍ أَحْمَرَ.
قَالَ ثَابِتٌ: كُنَّا نَقُوْلُ: إِنَّهَا كَرْبَلاَءُ.
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنسَائِهِ: (لاَ تُبَكُّوا هَذَا) .
يَعْنِي: حُسَيْناً.
فَكَانَ يَوْمُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيْلُ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ لأُمِّ سَلَمَةَ: (لاَ تَدَعِي أَحَداً يَدْخُلُ) .
فَجَاءَ حُسَيْنٌ، فَبَكَى؛ فَخَلَّتْهُ يَدْخُلُ، فَدَخَلَ حَتَّى جَلَسَ فِي حَجْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَقَالَ جِبْرِيْلُ: إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتلُهُ.
قَالَ: (يَقْتُلُوْنَهُ وَهُمْ مُؤْمِنُوْنَ؟) .
قَالَ: نَعَمْ.
وَأَرَاهُ تُرْبَتَهُ.
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ يَعْقُوْبَ، عَنْ هَاشِمِ بنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبِ بنِ زَمْعَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اضْطَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَاسْتيقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ، ثُمَّ رَقَدَ، ثُمَّ اسْتيقَظَ خَاثِراً، ثُمَّ رَقَدَ، ثُمَّ اسْتيقَظَ، وَفِي يَدِهِ تُربَةٌ حَمْرَاءُ، وَهُوَ يُقَلِّبُهَا.
قُلْتُ: مَا هَذِهِ؟
قَالَ: (أَخْبَرَنِي جِبْرِيْلُ أَنَّ هَذَا يُقْتَلُ بِأَرْضِ العِرَاقِ، لِلْحُسَيْنِ، وَهَذِهِ تُرْبتُهَا).
وَرَوَاهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبَّادِ بنِ إِسْحَاقَ، عَنْ هَاشِمٍ، وَلَمْ يَذكُرِ: اضْطَجَعَ.أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: (لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ البَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ: إِنَّ حُسَيْناً مَقْتُوْلٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ التُّرْبَةَ ... ) ، الحَدِيْثَ.
وَرَوَاهُ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ مِثْلَهُ، وَقَالَ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَلَمْ يَشُكَّ.
وَيُرْوَى عَنْ: أَبِي وَائِلٍ، وَعَنْ: شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
وَرَوَاهُ: ابْنُ سَعْدٍ مِنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ.
وَلَهُ طُرُقٌ أُخَرُ.
وَعَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُمْهَانَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُ جِبْرِيْلُ بِتُرَابٍ مِنَ التُّرْبَةِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا الحُسَيْنُ.
وَقِيْلَ: اسْمُهَا كَرْبَلاَءُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (كَرْبٌ وَبَلاَءٌ ) .
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئ بنِ هَانِئ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
لَيُقْتَلَنَّ الحُسَيْنُ قَتْلاً، وَإِنِّي لأَعْرفُ تُرَابَ الأَرْضِ الَّتِي يُقتَلُ بِهَا.
أَبُو نُعَيْمٍ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ العَبَّاسِ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ: أَنَّ
كَعْباً مَرَّ عَلَى عَلَيٍّ، فَقَالَ: يُقتَلُ مِنْ وَلَدِ هَذَا رَجُلٌ فِي عِصَابَةٍ لاَ يَجِفُّ عَرَقُ خَيْلِهِم حَتَّى يَرِدُوا عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.فَمرَّ حَسَنٌ، فَقِيْلَ: هَذَا؟
قَالَ: لاَ.
فَمَرَّ حُسَيْنٌ، فَقِيْلَ: هَذَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: عَنِ العَلاَءِ بنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ رَأْسِ الجَالُوْتِ، قَالَ:
كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهُ يُقتَلُ بِكَرْبَلاَءَ ابْنُ نَبِيٍّ.
المُطَّلِبُ بنُ زِيَادٍ: عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ:
رَأَيْتُ الحُسَيْنَ وَلَهُ جُمَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تَحْتِ عِمَامَتِهِ.
وَقَالَ العَيْزَارُ بنُ حُرَيْثٍ: رَأَيْتُ عَلَى الحُسَيْنِ مِطْرَفاً مِنْ خَزٍّ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ الحُسَيْنَ يَتَخَتَّمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.
وَرَوَى جَمَاعَةٌ: أَنَّ الحُسَيْنَ كَانَ يَخْضِبُ بِالوَسِمَةِ، وَأَنَّ خِضَابَهُ أَسْودُ.
بلَغَنَا أَنَّ الحُسَيْنَ لَمْ يُعجِبْهُ مَا عَمِلَ أَخُوْهُ الحَسَنُ مِنْ تَسْلِيمِ الخِلاَفَةِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، بَلْ كَانَ رَأْيُهُ القِتَالَ، وَلَكِنَّهُ كَظَمَ وَأَطَاعَ أَخَاهُ، وَبَايَعَ.
وَكَانَ يَقبَلُ جَوَائِزَ مُعَاوِيَةَ، وَمُعَاوِيَةُ يَرَى لَهُ، وَيَحتَرِمُهُ، وَيُجِلُّهُ، فَلَمَّا أَنْ فَعلَ مُعَاوِيَةُ مَا فَعلَ بَعْدَ وَفَاةِ السَّيِّدِ الحَسَنِ مِنَ العَهْدِ بِالخِلاَفَةِ إِلَى وَلَدِهِ يَزِيْدَ، تَأَلَّمَ
الحُسَيْنُ، وَحُقَّ لَهُ، وَامتنَعَ هُوَ وَابْنُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ المُبَايعَةِ، حَتَّى قَهَرَهُم مُعَاوِيَةُ، وَأَخَذَ بَيْعتَهُم مُكْرَهِيْنَ، وَغُلِبُوا، وَعَجَزُوا عَنْ سُلْطَانِ الوَقْتِ.فَلَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ، تَسَلَّمَ الخِلاَفَةَ يَزِيْدُ، وَبَايَعَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَلَمْ يُبَايِعْ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَلاَ الحُسَيْنُ، وَأَنِفُوا مِنْ ذَلِكَ، وَرَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الأَمْرَ لِنَفْسِهِ، وَسَارَا فِي اللَّيْلِ مِنَ المَدِيْنَةِ.
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُوْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
اسْتَشَارَنِي الحُسَيْنُ فِي الخُرُوْجِ، فَقُلْتُ: لَوْلاَ أَنْ يُزْرَى بِي وَبِكَ، لَنَشَبْتُ يَدِي فِي رَأْسِكَ.
فَقَالَ: لأَنْ أُقتَلَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا أَحبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَسْتحِلَّ حُرمَتَهَا -يَعْنِي: مَكَّةَ -.
وَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي سَلَّى نَفْسِي عَنْهُ.
يَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ البَجَلِيُّ : حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ قَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَأُخبِرَ أَنَّ الحُسَيْنَ قَدْ تَوجَّهَ إِلَى العِرَاقِ، فَلَحِقَهُ عَلَى مَسِيْرَةِ لَيْلَتَيْنِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيْدُ؟
قَالَ: العِرَاقَ.
وَمَعَهُ طَوَامِيْرُ وَكُتُبٍ، فَقَالَ: لاَ تَأْتِهِم.
قَالَ: هَذِهِ كُتُبُهُم وَبَيْعتُهُم.
فَقَالَ: إِنَّ اللهَ خَيَّرَ نَبِيَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الآخِرَةَ، وَإِنَّكُم بَضْعَةٌ مِنْهُ، لاَ يَلِيهَا أَحَدٌ مِنْكُم أَبَداً، وَمَا صَرَفهَا اللهُ عَنْكُم إِلاَّ لِلَّذِي هُوَ خَيرٌ لَكُم، فَارْجِعُوا.
فَأَبَى، فَاعْتَنَقَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَقَالَ: أَسْتَوْدِعُكَ اللهَ مِنْ قَتِيْلٍ.
زَادَ فِيْهِ الحَسَنُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ يَحْيَى بنِ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ:
نَاشَدَهُ، وَقَالَ: إِنَّ أَهْلَ العِرَاقِ قَوْمٌ مَنَاكِيْرُ، قَتَلُوا أَبَاكَ، وَضَرَبُوا أَخَاكَ، وَفَعَلُوا وَفَعَلُوا.ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ بِشْرِ بنِ غَالِبٍ، أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ لِلْحُسَيْنِ: إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ؟ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَبَاكَ، وَطَعَنُوا أَخَاكَ!
فَقَالَ: لأَنْ أُقتلَ، أَحبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تُسْتَحَلَّ -يَعْنِي: مَكَّةَ -.
أَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ، حَدَّثَنِي الفَرَزْدَقُ؛ قَالَ:
لَمَّا خَرَجَ الحُسَيْنُ، لَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو؛ فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَدْ خَرَجَ، فَمَا تَرَى؟
قَالَ: أَرَى أَنْ تَخْرُجَ مَعَهُ، فَإِنَّكَ إِنْ أَرَدْتَ دُنْيَا، أَصَبْتَهَا، وَإِنْ أَرَدْتَ آخِرَةً، أَصَبْتَهَا.
فَرَحلْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا كُنْتُ فِي بَعْضِ الطَّرِيْقِ، بَلَغَنِي قَتْلُهُ، فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ اللهِ، وَقُلْتُ: أَيْنَ مَا ذَكَرتَ؟
قَالَ: كَانَ رَأْياً رَأَيْتُهُ.
قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَصْوِيبِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو لِلْحُسَيْنِ فِي مَسِيْرِهِ، وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ شَهِدُوا الحَرَّةَ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا الوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَيْرٍ (ح) .
وَأَخْبَرْنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي وَجْزَةَ (ح) ، وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيْهِ - وَسَمَّى طَائِفَةً - ثُمَّ قَالَ:
فَكَتَبْتُ جَوَامِعَ حَدِيثِهِم فِي مَقْتَلِ الحُسَيْنِ.
قَالَ: كَانَ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَكتُبُوْنَ إِلَى الحُسَيْنِ يَدْعُوْنَهُ إِلَى الخُرُوجِ إِلَيْهِم زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَقَدِمَ مِنْهُم قَوْمٌ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ المَسِيْرَ مَعَهُم، فَأَبَى، وَجَاءَ إِلَى الحُسَيْنِ، فَأَخْبَرَهُ،
وَقَالَ: إِنَّ القَوْمَ يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَأكُلُوا بِنَا، وَيَشِيْطُوا دِمَاءنَا.فَأَقَامَ حُسَيْنٌ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مُتَرَدِّدُ العَزْمِ، فَجَاءهُ أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، إِنِّيْ لَكَ نَاصِحٌ وَمُشْفِقٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَاتَبَكَ قَوْمٌ مِنْ شِيْعتِكَ، فَلاَ تَخْرُجْ إِلَيْهِم، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ يَقُوْلُ بِالكُوْفَةِ: وَاللهِ لَقَدْ مَلِلْتُهُم وَمَلُّونِي، وَأَبْغَضْتُهُم وَأَبْغَضُونِي، وَمَا بَلَوْتُ مِنْهُم وَفَاءً، وَلاَ لَهُم ثَبَاتٌ وَلاَ عَزْمٌ وَلاَ صَبرٌ عَلَى السَّيْفِ.
قَالَ: وَقَدِمَ المُسَيَّبُ بنُ نَجَبَةَ وَعِدَّةٌ إِلَى الحُسَيْنِ بَعْدَ وَفَاةِ الحَسَنِ، فَدَعَوْهُ إِلَى خَلْعِ مُعَاوِيَةَ، وَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا رَأْيَكَ وَرَأْيَ أَخِيْكَ.
فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُعطِيَ اللهُ أَخِي عَلَى نِيَّتِهِ، وَأَنْ يُعطِيَنِي عَلَى نِيَّتِي فِي حُبِّي جِهَادَ الظَّالِمِيْنَ.
وَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى مُعَاوِيَةَ: إِنِّيْ لَسْتُ آمَنُ أَنْ يَكُوْنَ الحُسَيْنُ مَرصَداً لِلْفِتْنَةِ، وَأَظُنُّ يَوْمَكُم مِنْهُ طَوِيْلاً.
فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الحُسَيْنِ: إِنَّ مَنْ أَعْطَى اللهَ صَفْقَةَ يَمِينِهِ وَعَهْدَهُ، لَجَدِيرٌ أَنْ يَفِي، وَقَدْ أُنْبِئتُ بِأَنَّ قَوْماً مِنَ الكُوْفَةِ دَعَوْكَ إِلَى الشِّقَاقِ، وَهُمْ مَنْ قَدْ جَرَّبتَ، قَدْ أَفْسَدُوا عَلَى أَبِيْكَ وَأَخِيْكَ، فَاتَّقِ اللهَ، وَاذْكُرِ المِيْثَاقَ، فَإِنَّكَ مَتَى تَكِدْنِي، أَكِدْكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الحُسَيْنُ: أَتَانِي كِتَابُكَ، وَأَنَا بِغَيْرِ الَّذِي بَلَغَكَ جَدِيرٌ، وَمَا أَرَدْتُ لَكَ مُحَارَبَةً وَلاَ خِلاَفاً، وَمَا أَظُنُّ لِي عُذْراً عِنْدَ اللهِ فِي تَرْكِ جِهَادِكِ، وَمَا أَعْلَمُ فِتْنَةً أَعْظَمَ مِنْ وَلاَيَتِكَ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنْ أَثَرْنَا بِأَبِي عَبْدِ اللهِ إِلاَّ أَسَداً.
-وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ، عَنْ مُسَافِعِ بنِ شَيْبَةَ، قَالَ:لَقِيَ الحُسَيْنُ مُعَاوِيَةَ بِمَكَّةَ عِنْدَ الرَّدْمِ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ رَاحِلتِهِ، فَأَنَاخَ بِهِ، ثُمَّ سَارَّهُ طَوِيْلاً، وَانْصَرَفَ، فَزَجَرَ مُعَاوِيَةُ الرَّاحِلَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ يَزِيْدُ: لاَ يَزَالُ رَجُلٌ قَدْ عَرَضَ لَكَ، فَأَنَاخَ بِكَ.
قَالَ: دَعْهُ، لَعَلَّهُ يَطلُبُهَا مِنْ غَيرِي، فَلاَ يُسوِّغُهُ، فَيَقتُلُهُ -.
رَجَعَ الحَدِيْثُ إِلَى الأَوَّلِ :
قَالُوا: وَلَمَّا حُضِرَ مُعَاوِيَةُ، دَعَا يَزِيْدَ، فَأَوْصَاهُ، وَقَالَ:
انظُرْ حُسَيْناً، فَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى النَّاسِ، فَصِلْ رَحِمَهُ، وَارْفُقْ بِهِ، فَإِنْ يَكُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَسَيَكْفِيْكَ اللهُ بِمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ، وَخَذَلَ أَخَاهُ.
وَمَاتَ مُعَاوِيَةُ فِي نِصْفِ رَجَبٍ، وَبَايَعَ النَّاسُ يَزِيْدَ، فَكَتَبَ إِلَى وَالِي المَدِيْنَةِ الوَلِيْدِ بنِ عُتْبَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ: أَنِ ادْعُ النَّاسَ وَبَايِعْهُم، وَابْدَأْ بِالوُجُوهِ، وَارْفُقْ بِالحُسَيْنِ.
فَبَعثَ إِلَى الحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ فِي اللَّيْلِ، وَدَعَاهُمَا إِلَى بَيْعَةِ يَزِيْدَ، فَقَالاَ: نُصبِحُ وَنَنْظُرُ فِيمَا يَعمَلُ النَّاسُ.
وَوَثَبَا، فَخَرَجَا.
وَقَدْ كَانَ الوَلِيْدُ أَغْلَظَ لِلْحُسَيْنِ، فَشَتَمَهُ حُسَيْنٌ، وَأَخَذَ بِعِمَامَتِهِ، فَنَزَعَهَا، فَقَالَ الوَلِيْدُ: إِنْ هِجْنَا بِهَذَا إِلاَّ أَسَداً.
فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ - أَوْ غَيرُهُ -: اقْتُلْهُ.
قَالَ: إِنَّ ذَاكَ لَدَمٌ مَصُونٌ.
وَخَرَجَ الحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لِوَقْتِهِمَا إِلَى مَكَّةَ، وَنَزَلَ الحُسَيْنُ بِمَكَّةَ دَارَ العَبَّاسِ، وَلَزِمَ عَبْدُ اللهِ الحِجْرَ، وَلَبِسَ المَعَافِرِيَّ، وَجَعَلَ يُحرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ يَغْدُو وَيَرُوحُ إِلَى الحُسَيْنِ، وَيُشِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْدَمَ العِرَاقَ، وَيَقُوْلُ: هُم شِيْعَتُكُم.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَنْهَاهُ.
وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُطِيْعٍ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ وَلاَ تَسِرْ، فَوَاللهِ لَئِنْ قُتِلْتَ لَيَتَّخِذُوْنَا خَوَلاً وَعَبِيداً.وَلَقِيَهُمَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ مُنْصَرِفَيْنِ مِنَ العُمْرَةِ، فَقَالَ لَهُمَا: أُذَكِّرُكُمَا اللهَ إِلاَّ رَجَعْتُمَا، فَدَخَلْتُمَا فِي صَالِحِ مَا يَدْخُلُ فِيْهِ النَّاسُ وَتَنْظُرَانِ، فَإِنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ لَمْ تَشُذَّا، وَإِنِ افْترَقَ عَلَيْهِ كَانَ الَّذِي تُرِيْدَانِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِلْحُسَيْنِ: لاَ تَخْرُجْ، فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَاختَارَ الآخِرَةَ، وَإِنَّكَ بَضْعَةٌ مِنْهُ وَلاَ تَنَالُهَا.
ثُمَّ اعْتَنَقَهُ، وَبَكَى، وَوَدَّعَهُ.
فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُوْلُ: غُلِبْنَا بِخُرُوجِهِ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ رَأَى فِي أَبِيْهِ وَأَخِيْهِ عِبْرَةً، وَرَأَى مِنَ الفِتْنَةِ وَخُذْلاَنِ النَّاسِ لَهُم مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لاَ يَتَحَرَّكَ.
وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْنَ تُرِيْدُ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ؟
قَالَ: العِرَاقَ وَشِيْعَتِي.
قَالَ: إِنِّيْ كَارِهٌ لِوَجهِكَ هَذَا، تَخْرُجُ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَبَاكَ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَقَالَ لَهُ أَبُو سَعِيْدٍ: اتَّقِ اللهَ، وألزم بَيْتَكَ.
وَكَلَّمَهُ جَابِرٌ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: لَوْ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ، لَكَانَ خَيراً لَهُ.
قَالَ: وَكَتَبَتْ إِلَيْهِ عَمْرَةُ تُعظِّمُ مَا يُرِيْدُ أَنْ يَصْنَعَ، وَتُخبِرُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُسَاقُ إِلَى مَصْرَعِهِ، وَتَقُوْلُ:
حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَقُوْلُ: (يُقْتَلُ حُسَيْنٌ بِأَرْضِ بَابِلَ) .فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهَا، قَالَ: فَلاَ بُدَّ إِذاً مِنْ مَصْرعِي.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ يُحَذِّرُهُ وَيُنَاشِدُهُ اللهَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
إِنِّيْ رَأَيْتُ رُؤْيَا، رَأَيْتُ فِيْهَا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَنِي بِأَمْرٍ أَنَا مَاضٍ لَهُ.
وَأَبَى الحُسَيْنُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ إِلاَّ المَسِيْرَ إِلَى العِرَاقِ.
وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنِّيْ لأَظنُّكَ سَتُقتَلُ غَداً بَيْنَ نِسَائِكَ وَبَنَاتِكَ كَمَا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَإِنِّي لأَخَافُ أَنْ تَكُوْنَ الَّذِي يُقَادُ بِهِ عُثْمَانُ، فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ.
قَالَ: أَبَا العَبَّاسِ! إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ كَبِرْتَ.
فَقَالَ: لَوْلاَ أَنْ يُزْرَى بِي وَبِكَ، لَنَشَبْتُ يَدِي فِي رَأْسِكِ، وَلَوْ أَعلَمُ أَنَّكَ تُقِيمُ، إِذاً لَفَعَلْتُ.
ثُمَّ بَكَى، وَقَالَ: أَقْرَرْتَ عيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَتَى مَا أَحْبَبْتَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، يَخْرُجُ إِلَى العِرَاقِ، وَيَتْرُكُكَ وَالحِجَازَ:
يَا لَكِ مِنْ قُنْبَرَةٍ بِمَعْمَرِ ... خَلاَ لَكِ البَرُّ فَبِيْضِي وَاصْفِرِي
وَنَقِّرِيْ مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي ...
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَتَبَ الأَحْنَفُ إِلَى الحُسَيْنِ: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ، وَلاَ يَسْتَخِفَنَّكَ الَّذِيْنَ لاَ يُوْقِنُوْنَ} [الرُّوْمُ: 60] .عَوَانَةُ بنُ الحَكَمِ: عَنْ لَبَطَةَ بنِ الفَرَزْدَقِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَقِيتُ الحُسَيْنَ، فَقُلْتُ: القُلُوبُ مَعَكَ، وَالسُّيوفُ مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ لَبَطَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَقِيَنِي الحُسَيْنُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ مَكَّةَ فِي جَمَاعَةٍ عَلَيْهِم يَلاَمِقُ الدِّيبَاجِ؛ فَقَالَ: مَا وَرَاءكَ؟
قَالَ: وَكَانَ فِي لِسَانِهِ ثِقَلٌ مِنْ بِرْسَامٍ عَرَضَ لَهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ مَعَ الحُسَيْنِ وَجَمَاعَتِهِ اثْنَانِ وَثَلاَثُونَ فَرَساً.
وَرَوَى: ابْنُ سَعْدٍ بِأَسَانِيْدِهِ، قَالُوا:
وَأَخَذَ الحُسَيْنُ طَرِيقَ العُذَيْبِ، حَتَّى نَزَلَ قَصْرَ أَبِي مُقَاتِلٍ، فَخَفَقَ خَفْقَةً، ثُمَّ اسْتَرْجَعَ، وَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ فَارِساً يُسَايِرُنَا، وَيَقُوْلُ: القَوْمُ يَسِيْرُوْنَ، وَالمنَايَا تَسْرِي إِلَيْهِم.
ثُمَّ نَزَلَ كَرْبَلاَءَ، فَسَارَ إِلَيْهِ عُمَرُ بنُ سَعْدٍ كَالمُكْرَهِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَقُتلَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ، وَكَانُوا خَمْسِيْنَ، وَتَحوَّلَ إِلَيْهِ مِنْ أُوْلَئِكَ عِشْرُوْنَ، وَبَقِيَ عَامَّةَ نَهَارِهِ لاَ يَقْدَمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَأَحَاطَتْ بِهِ الرَّجَّالَةُ، وَكَانَ يَشُدُّ عَلَيْهِم، فَيَهْزِمُهُم، وَهُم يَكرَهُوْنَ الإِقدَامَ عَلَيْهِ، فَصَرَخَ بِهِم شِمْرٌ: ثَكِلَتْكُم أُمَّهَاتُكُم، مَاذَا تَنْتَظرُوْنَ
بِهِ؟وَطَعَنَهُ سِنَانُ بنُ أَنَسٍ النَّخَعِيُّ فِي ترقُوتِهِ، ثُمَّ طَعَنَهُ فِي صَدْرِهِ، فَخَرَّ، وَاحْتَزَّ رَأْسَهُ خَوْلِيٌّ الأَصْبَحِيُّ - لاَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -.
ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ بِأَسَانِيْدَ لَهُ، قَالُوا:
قَدَّمَ الحُسَيْنُ مُسْلِماً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى هَانِئ بنِ عُرْوَةَ، وَيَكْتُبَ إِلَيْهِ بِخَبَرِ النَّاسِ، فَقَدِمَ الكُوْفَةَ مُسْتَخْفِياً، وَأَتَتْهُ الشِّيْعَةُ، فَأَخَذَ بَيْعَتَهُم، وَكَتَبَ إِلَى الحُسَيْنِ: بَايَعَنِي إِلَى الآنَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفاً، فَعَجِّلْ، فَلَيْسَ دُوْنَ الكُوْفَةِ مَانِعٌ.
فَأَغذَّ السَّيْرَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى زبَالَةَ، فَجَاءتْ رُسُلُ أَهْلِ الكُوْفَةِ إِلَيْهِ بِدِيوَانٍ فِيْهِ أَسْمَاءُ مائَةِ أَلْفٍ، وَكَانَ عَلَى الكُوْفَةِ النُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ، فَخَافَ يَزِيْدُ أَنْ لاَ يُقْدِمَ النُّعْمَانُ عَلَى الحُسَيْنِ.
فَكَتَبَ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ وَهُوَ عَلَى البَصْرَةِ، فَضَمَّ إِلَيْهِ الكُوْفَةَ، وَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانَ لَكَ جَنَاحَانِ، فَطِرْ إِلَى الكُوْفَةِ!
فَبَادَرَ مُتَعَمِّماً مُتَنَكِّراً، وَمَرَّ فِي السُّوقِ، فَلَمَّا رَآهُ السَّفَلَةُ، اشتَدُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ - يَظُنُّونَهُ الحُسَيْنَ - وَصَاحُوا: يَا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ! الحمدُ للهِ الَّذِي أَرَانَاكَ.
وَقَبَّلُوا يَدَهُ وَرِجْلَهُ؛ فَقَالَ: مَا أَشدَّ مَا فَسَدَ هَؤُلاَءِ.
ثُمَّ دَخَلَ المسجِدَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَصَعِدَ المِنْبَرَ، وَكَشَفَ لِثَامَهُ، وَظَفِرَ بِرَسُوْلِ الحُسَيْنِ - وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ بُقْطرٍ - فَقَتَلَهُ.
وَقَدِمَ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ؛ شَرِيْكُ بنُ الأَعْوَرِ - شِيْعِيٌّ -؛ فَنَزَلَ عَلَى هَانِئ بنِ عُرْوَةَ، فَمَرِضَ، فَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ يَعُوْدُهُ، فَهَيَّؤُوا لِعُبَيْدِ اللهِ ثَلاَثِيْنَ رَجُلاً لِيَغتَالُوْهُ، فَلَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ.
وَفَهِمَ عُبَيْدُ اللهِ، فَوَثَبَ، وَخَرَجَ، فَنَمَّ عَلَيْهِم عَبْدٌ لِهَانِئ، فَبَعثَ إِلَى هَانِئ - وَهُوَ شَيْخٌ - فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تُجِيْرَ عَدُوِّي؟
قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، جَاءَ حَقٌّ هُوَ أَحَقُّ مِنْ حَقِّكَ.
فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللهِ بِالعَنَزَةِ حَتَّى غَرزَ رَأْسَهُ بِالحَائِطِ.
وَبَلغَ الخبَرُ مُسلِماً، فَخَرَجَ فِي نَحْوِ الأَرْبَعِ مائَةِ، فَمَا وَصَلَ القَصْرَ إِلاَّ فِي نَحْوِ السِّتِّيْنَ، وَغَربَتِ الشَّمْسُ، فَاقْتَتَلُوا، وَكَثُرَ عَلَيْهِم أَصْحَابُ عُبَيْدِ
اللهِ، وَجَاءَ اللَّيْلُ، فَهَرَبَ مُسْلِمٌ، فَاسْتَجَارَ بِامْرَأَةٍ مِنْ كِنْدَةَ، ثُمَّ جِيْءَ بِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ، فَقَتَلَهُ؛ فَقَالَ: دَعْنِي أُوصِ.قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ لِعُمَرَ بنِ سَعْدٍ: يَا هَذَا! إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، وَلَيْسَ هُنَا قُرَشِيٌّ غَيرُكَ، وَهَذَا الحُسَيْنُ قَدْ أَظَلَّكَ، فَأَرسِلْ إِلَيْهِ لِيَنصَرِفْ، فَإِنَّ القَوْمَ قَدْ غَرُّوهُ، وَكَذَّبُوْهُ، وَعَلَيَّ دَيْنٌ، فَاقْضِهِ عَنِّي، وَوَارِ جُثَّتِي، فَفَعَلَ ذَلِكَ.
وَبَعَثَ رَجُلاً عَلَى نَاقَةٍ إِلَى الحُسَيْنِ، فَلَقِيَهُ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاحِلَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ الأَكْبَرُ: ارْجِعْ يَا أَبَه، فَإِنَّهُم أَهْلُ العِرَاقِ وَغَدْرُهُم وَقِلَّةُ وَفَائِهِم.
فَقَالَتْ بَنُو عَقِيْلٍ: لَيْسَ بِحِينِ رُجُوْعٍ.
وَحَرَّضُوهُ، فَقَالَ حُسَيْنٌ لأَصْحَابِهِ: قَدْ تَرَوْنَ مَا أَتَانَا، وَمَا أَرَى القَوْمَ إِلاَّ سَيَخْذُلُوْنَنَا، فَمَنْ أَحبَّ أَنْ يَرْجِعَ، فَلْيَرْجِعْ.
فَانْصَرَفَ عَنْهُ قَوْمٌ، وَأَمَّا عُبَيْدُ اللهِ فَجَمعَ المُقَاتِلَةَ، وَبَذَلَ لَهُمُ المَالَ، وَجَهَّزَ عُمَرَ بنَ سَعْدٍ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، فَأَبَى، وَكَرِهَ قِتَالَ الحُسَيْنِ، فَقَالَ: لَئِنْ لَمْ تَسِرْ إِلَيْهِ لأَعْزِلَنَّكَ، وَلأَهْدِمَنَّ دَارَكَ، وَأَضْرِبَ عُنُقَكَ.
وَكَانَ الحُسَيْنُ فِي خَمْسِيْنَ رَجُلاً، مِنْهُم تِسْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
وَقَالَ الحُسَيْنُ: يَا هَؤُلاَءِ! دَعُوْنَا نَرجِعْ مِنْ حَيْثُ جِئْنَا.
قَالُوا: لاَ.
وَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَيْدَ اللهِ، فَهَمَّ أَنْ يُخَلِّيَ عَنْهُ، وَقَالَ: وَاللهِ مَا عَرَضَ لِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِي، وَمَا أَرَانِي إِلاَّ مُخْلٍ سَبِيلَهُ يَذْهَبُ حَيْثُ يَشَاءُ.
فَقَالَ شِمْرٌ: إِنْ فَعَلْتَ، وَفَاتَكَ الرَّجُلُ، لاَ تَسْتَقِيلُهَا أَبَداً.
فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ:
الآنَ حَيْثُ تَعَلَّقَتْهُ حِبَالُنَا ... يَرْجُو النَّجَاةَ وَلاَتَ حِيْنَ مَنَاصِ
فَنَاهَضَهُ، وَقَالَ لِشِمْرٍ: سِرْ، فَإِنْ قَاتَلَ عُمَرَ، وَإِلاَّ فَاقْتُلْهُ، وَأَنْتَ عَلَى النَّاسِ.
وَضَبَطَ عُبَيْدُ اللهِ الجِسْرَ، فَمَنَعَ مَنْ يَجُوزُهُ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ نَاساً يَتَسلَّلُوْنَ إِلَى الحُسَيْنِ.
قَالَ: فَرَكِبَ العَسْكَرُ، وَحُسَيْنٌ جَالِسٌ، فَرَآهُم مُقَبِلِيْنَ، فَقَالَ لأَخِيْهِ عَبَّاسٍ: الْقَهُم فَسَلْهُم: مَا لَهُم؟فَسَأَلَهُم، قَالُوا: أَتَانَا كِتَابُ الأَمِيْرِ يَأْمُرُنَا أَنْ نَعرِضَ عَلَيْكَ النُّزَولَ عَلَى حُكْمِهِ، أَوْ نُنَاجِزُكَ.
قَالَ: انْصَرِفُوا عَنَّا العَشِيَّةَ حَتَّى نَنظُرَ اللَّيْلَةَ.
فَانْصَرَفُوا، وَجَمَعَ حُسَيْنٌ أَصْحَابَهُ لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَقَالَ: إِنِّيْ لاَ أَحْسِبُ القَوْمَ إِلاَّ مُقَاتِلِيكُم غَداً، وَقَدْ أَذِنتُ لَكُم جَمِيْعاً، فَأَنْتُم فِي حِلٍّ مِنِّي، وَهَذَا اللَّيْلُ قَدْ غَشِيَكُم، فَمَنْ كَانَتْ لَهُ قُوَّةٌ، فَلْيَضُمَّ إِلَيْهِ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، وَتَفَرَّقُوا فِي سَوَادِكُم، فَإِنَّهُم إِنَّمَا يَطْلبُوْنَنِي، فَإِذَا رَأَوْنِي، لَهَوْا عَنْ طَلَبِكُم.
فَقَالَ أَهْلُ بَيْتِهِ: لاَ أَبْقَانَا اللهُ بَعْدَكَ، وَاللهِ لاَ نُفَارِقُكَ.
وَقَالَ أَصْحَابُهُ كَذَلِكَ.
-الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي الجَحَّافِ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلْحُسَيْنِ: إِنَّ عَلَيَّ دَيْناً، قَالَ: لاَ يُقَاتِلْ مَعِيَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ -.
رَجَعَ الحَدِيْثُ إِلَى الأَوَّلِ:
فَلَمَّا أَصْبَحُوا، قَالَ الحُسَيْنُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرْبٍ، وَرَجَائِي فِي كُلِّ شِدَّةٍ، وَأَنْتَ فِيمَا نَزَلَ بِي ثِقَةٌ، وَأَنْت وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ، وَصَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ.
وَقَالَ لِعُمَرَ وَجُنْدِهِ: لاَ تَعْجَلُوا، وَاللهِ مَا أَتيتُكُم حَتَّى أَتَتْنِي كُتُبُ أَمَاثِلِكُم بِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ أُمِيتَتْ، وَالنِّفَاقَ قَدْ نَجَمَ، وَالحُدُوْدَ قَدْ عُطِّلَتْ؛ فَاقْدَمْ، لَعَلَّ اللهَ يُصلِحُ بِكَ الأُمَّةَ.
فَأَتَيْتُ؛ فَإِذْ كَرِهتُم ذَلِكَ، فَأَنَا رَاجِعٌ، فَارْجِعُوا إِلَى أَنْفُسِكُم؛ هَلْ يَصلُحُ لَكُم قَتْلِي، أَوْ يَحِلُّ دَمِي؟ أَلَسْتُ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكُم وَابْنَ ابْنِ عَمِّهِ؟ أَوَلَيْسَ حَمْزَةُ وَالعَبَّاسُ وَجَعْفَرٌ عُمُوْمَتِي؟ أَلَمْ يَبلُغْكُم قَوْلُ
رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيَّ وَفِي أَخِي: (هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ) ؟فَقَالَ شِمْرٌ: هُوَ يَعَبْدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ إِنْ كَانَ يَدْرِي مَا يَقُوْلُ.
فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ كَانَ أَمرُكَ إِلَيَّ، لأَجَبْتُ.
وَقَالَ الحُسَيْنُ: يَا عُمَرُ! لَيَكُوْنَنَّ لِمَا تَرَى يَوْمٌ يَسُوؤُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ أَهْلَ العِرَاقِ غَرُّوْنِي، وَخَدَعُوْنِي، وَصَنَعُوا بِأَخِي مَا صَنَعُوا، اللَّهُمَّ شَتِّتْ عَلَيْهِم أَمْرَهُم، وَأَحْصِهِمْ عَدَداً.
فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَاتَلَ مَوْلَىً لِعُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فَبَرَزَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ تَمِيْمٍ الكَلْبِيُّ، فَقَتَلَهُ، وَالحُسَيْنُ جَالِسٌ عَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ دَكْنَاءُ، وَالنَّبْلُ يَقعُ حَوْلَهُ، فَوَقَعَتْ نَبْلَةٌ فِي وَلدٍ لَهُ ابْنُ ثَلاَثِ سِنِيْنَ، فَلَبِسَ لأْمَتَهُ، وَقَاتَلَ حَوْلَهُ أَصْحَابُهُ، حَتَّى قُتِلُوا جَمِيْعاً، وَحَمَلَ وَلدُهُ عَلِيٌّ يَرْتَجِزُ:
أَنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيّ ... نَحْنُ وَبَيْتِ اللهِ أَوْلَى بِالنَّبِيّ
فَجَاءتْهُ طَعنَةٌ، وَعَطِشَ حُسَيْنٌ، فَجَاءَ رَجُلٌ بِمَاءٍ، فَتَنَاوَلَهُ، فَرمَاهُ حُصَيْنُ بنُ تَمِيْمٍ بِسَهْمٍ، فَوَقَعَ فِي فِيْهِ، فَجَعَلَ يَتَلقَّى الدَّمَ بِيَدِهِ وَيَحْمَدُ اللهَ.
وَتَوجَّهَ نَحْوَ المُسَنَّاةِ يُرِيْدُ الفُرَاتَ، فَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَاءِ، وَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَأَثبتَهُ فِي حَنَكِهِ، وَبَقِيَ عَامَّةَ يَوْمِهِ لاَ يَقْدَمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، حَتَّى أَحَاطَتْ بِهِ الرَّجَّالَةُ، وَهُوَ رَابطُ الجَأْشِ، يُقَاتِلُ قِتَالَ الفَارِسِ الشُّجَاعِ، إِنْ كَانَ لَيَشُدُّ عَلَيْهِم، فَيَنكَشِفُوْنَ عَنْهُ انكِشَافَ المِعْزَى شَدَّ فِيْهَا الأَسَدُ، حَتَّى صَاحَ بِهِم شِمْرٌ: ثَكلتْكُم أُمَّهَاتُكُم! مَاذَا تَنْتَظرُونَ بِهِ؟
فَانْتَهَى إِلَيْهِ زُرْعَةُ التَّمِيْمِيُّ، فَضَرَبَ كَتِفَهُ، وَضرَبَهُ الحُسَيْنُ عَلَى عَاتقِهِ، فَصَرَعَهُ، وَبرَزَ سِنَانٌ النَّخَعِيُّ، فَطعَنَهُ فِي ترقُوتِهِ وَفِي صَدْرِهِ، فَخَرَّ، ثُمَّ نَزَلَ لِيَحتَزَّ رَأْسَهُ، وَنَزَلَ خَوْلِيٌّ الأَصْبَحِيُّ، فَاحتَزَّ رَأْسَهُ، وَأَتَى بِهِ عُبَيْدَ اللهِ بنَ زِيَادٍ، فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئاً.
قَالَ: وَوُجِدَ بِالحُسَيْنِ ثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ جِرَاحَةً، وَقُتِلَ مِنْ جَيْشِ عُمَرَ بنِ
سَعْدٍ ثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُوْنَ نَفْساً.قَالَ: وَلَمْ يَفْلِتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الحُسَيْنِ سِوَى وَلَدِهِ عَلِيٍّ الأَصْغَرِ - فَالحُسَيْنِيَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ - كَانَ مَرِيضاً.
وَحَسَنُ بنُ حَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ، وَأَخُوْهُ عَمْرٌو، وَلاَ عَقِبَ لَهُ، وَالقَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ، فَقَدِمَ بِهِم وَبِزَيْنَبَ وَفَاطِمَةَ بِنْتَيْ عَلِيٍّ، وَفَاطِمَةَ وَسُكَيْنَةَ بِنْتَيِ الحُسَيْنِ، وَزَوْجَتِهِ الرَّبَابِ الكَلْبِيَّةِ وَالِدَةِ سُكَيْنَةَ، وَأُمِّ مُحَمَّدٍ بِنْتِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَعَبِيدٍ وَإِمَاءٍ لَهُم.
قَالَ: وَأُخِذَ ثَقَلُ الحُسَيْنِ، وَأَخَذَ رَجُلٌ حُلِيَّ فَاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ، وَبَكَى؛ فَقَالَتْ: لِمَ تَبْكِي؟
فَقَالَ: أَأَسْلُبُ بِنْتَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلاَ أَبْكِي؟
قَالَتْ: فَدَعْهُ.
قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَأْخُذَهُ غَيْرِي.
وَأَقْبَلَ عُمَرُ بنُ سَعْدٍ، فَقَالَ: مَا رَجَعَ رَجُلٌ إِلَى أَهْلِهِ بِشَرٍّ مِمَّا رَجَعْتُ بِهِ، أَطَعْتُ ابْنَ زِيَادٍ، وَعَصَيْتُ اللهَ، وَقَطَعْتُ الرَّحِمَ.
وَوَردَ البَشِيْرُ عَلَى يَزِيْدَ؛ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ، دَمَعَتْ عَيْنَاهُ، وَقَالَ: كُنْتُ أَرْضَى مِنْ طَاعَتِكُم بِدُوْنِ قَتْلِ الحُسَيْنِ.
وَقَالَتْ سُكَيْنَةُ: يَا يَزِيْدُ؛ أَبَنَاتُ رَسُوْلِ اللهِ سَبَايَا؟
قَالَ: يَا بِنْتَ أَخِي! هُوَ -وَاللهِ - عَلَيَّ أَشدُّ مِنْهُ عَلَيْكِ، أَقْسَمْتُ وَلَوْ أَنَّ بَيْنَ ابْنِ زِيَادٍ وَبَيْنَ حُسَيْنٍ قَرَابَةٌ مَا أَقدَمَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ فَرَّقَتْ بَيْنَهُ وَبينَهُ سُمَيَّةُ، فَرَحِمَ اللهُ حُسَيْناً، عَجَّلَ عَلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ، أَمَا وَاللهِ لَوْ كُنْتُ صَاحِبَهُ، ثُمَّ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى دَفْعِ القَتْلِ عَنْهُ إِلاَّ بِنَقْصِ بَعْضِ عُمُرِي، لأَحْبَبْتُ أَنْ أَدْفعَهُ عَنْهُ، وَلَوَدِدْتُ أَنْ أُتِيتُ بِهِ سلماً.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، فَقَالَ: أَبُوْكَ قَطَعَ رَحِمِي، وَنَازَعَنِي سُلطَانِي.
فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ سِبَاءهُم لَنَا حَلاَلٌ.
قَالَ عَلِيٌّ: كَذَبْتَ، إِلاَّ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مِلَّتِنَا.
فَأَطْرَقَ يَزِيْدُ، وَأَمَرَ بِالنِّسَاءِ، فَأُدْخِلْنَ عَلَى نِسَائِهِ، وَأَمَرَ
نِسَاءَ آلِ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَقَمْنَ المَأْتَمَ عَلَى الحُسَيْنِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:وَبَكَتْ أُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ، فَقَالَ يَزِيْدُ وَهُوَ زَوْجُهَا: حُقَّ لَهَا أَنْ تُعْوِلَ عَلَى كَبِيْرِ قُرَيْشٍ وَسيِّدِهَا.
جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ: عَنِ الزُّبَيْرِ بن الخِرِّيْتِ، سَمِعَ الفَرَزْدَقَ يَقُوْلُ:
لَقِيتُ الحُسَيْنَ بِذَاتِ عِرْقٍ، فَقَالَ: مَا تَرَى أَهْلَ الكُوْفَةِ صَانِعِيْنَ مَعِي؟ فَإِنَّ مَعِي حِمْلاً مِنْ كُتُبِهِم؟
قُلْتُ: يَخذُلُوْنَكَ، فَلاَ تَذْهَبْ.
وَكَتَبَ يَزِيْدُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَذكُرُ لَهُ خُروجَ الحُسَيْنِ، وَيَقُوْلُ:
نَحسِبُ أَنَّهُ جَاءهُ رِجَالٌ مِنَ المَشْرِقِ، فَمَنَّوْهُ الخِلاَفَةَ، وَعِنْدَكَ مِنْهُم خَبَرُهُ، فَإِنْ فَعلَ، فَقَدْ قَطَعَ القَرَابَةَ وَالرَّحِمَ، وَأَنْتَ كَبِيْرُ أَهْلِ بَيْتِكَ وَالمَنظُورُ إِلَيْهِ، فَاكْفُفْهُ عَنِ السَّعِيِ فِي الفُرْقَةِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنِّيْ لأَرْجُو أَنْ لاَ يَكُوْنَ خُروجُهُ لأَمرٍ تَكرَهُ، وَلَسْتُ أَدَعُ النَّصيحَةَ لَهُ.
وَبَعَثَ حُسَيْنٌ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَلحِقَ بِهِ مَنْ خَفَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ؛ وَهُم تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، وَنِسَاءٌ، وَصِبيَانُ، وَتَبِعَهُم أَخُوْهُ مُحَمَّدٌ، فَأَدْرَكَهُ بِمَكَّةَ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ الخُرُوجَ يَوْمَهُ هَذَا لَيْسَ بِرَأْيٍ، فَأَبَى، فَمَنَعَ مُحَمَّدٌ وَلَدَهُ، فَوجَدَ عَلَيْهِ الحُسَيْنُ، وَقَالَ: تَرغَبُ بوَلَدِكَ عَنْ مَوْضِعٍ أُصَابُ فِيْهِ.
وَبَعَثَ أَهْلُ العِرَاقِ رُسُلاً وَكُتُباً إِلَيْهِ، فَسَارَ فِي آلِهِ، وَفِي سِتِّيْنَ شَيْخاً مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ فِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ.
فَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادِ بنِ أَبِيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الحُسَيْنَ قَدْ تَوجَّهَ إِلَيْكَ، وَتَاللهِ مَا أَحَدٌ يُسلِمهُ اللهُ أَحبُّ إِلَيْنَا مِنَ الحُسَيْنِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَهِيْجَ عَلَى نَفْسِكَ مَا لاَ يَسُدُّه شَيْءٌ.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ الأَشْدَقُ: أَمَّا بَعْدُ؛ فَقَدْ تَوجَّهَ إِلَيْك الحُسَيْنُ، وَفِي مِثْلِهَا تُعتَقُ أَوْ تُستَرَقُّ.الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
خَرَجَ الحُسَيْنُ، فَكَتَبَ يَزِيْدُ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ نَائِبِهِ : إِنَّ حُسَيْناً صَائِرٌ إِلَى الكُوْفَةِ، وَقَدِ ابْتُلِيَ بِهِ زَمَانُكَ مِنْ بَيْنِ الأَزْمَانِ، وَبَلَدُكَ مِنْ بَيْنِ البُلدَانِ، وَأَنْتَ مِنْ بَيْنِ العُمَّالِ، وَعِنْدَهَا تُعتَقُ، أَوْ تَعُوْدُ عَبْداً.
فَقَتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَيْهِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي أَعْرَابِيٌّ يُقَالَ لَهُ: بُجَيْرٌ مِنْ أَهْلِ الثَّعْلَبِيَّة لَهُ مائَةٌ وَسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، قَالَ:
مَرَّ الحُسَيْنُ وَأَنَا غُلاَمٌ، وَكَانَ فِي قِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ أَخِي: يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ! أَرَاكَ فِي قِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ.
فَقَالَ بِالسَّوْطِ - وَأَشَارَ إِلَى حَقِيبَةِ الرَّحْلِ -: هَذِهِ خَلْفِي مَمْلُوْءةٌ كُتُباً.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا شِهَابُ بنُ خِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، قَالَ:
كُنْتُ فِي الجَيْشِ الَّذِيْنَ جَهَّزَهُم عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ إِلَى الحُسَيْنِ، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلاَفٍ يُرِيْدُوْنَ الدَّيْلَمَ، فَصَرَفَهُم عُبَيْدُ اللهِ إِلَى الحُسَيْنِ، فَلَقِيْتُهُ، فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ.
وَكَانَتْ فِيْهِ غُنَّةٌ.
قَالَ شِهَابٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ زَيْدَ بنَ عَلِيٍّ، فَأَعْجَبَهُ؛ وَكَانَتْ فِيْهِ غُنَّةٌ.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ يَزِيْدَ الرِّشْكِ، قَالَ:
حدَّثَنِي مَنْ شَافَهَ الحُسَيْنَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبْنِيَةً مَضْرُوْبَةً لِلْحُسَيْنِ، فَأَتَيْتُ، فَإِذَا شَيْخٌ يَقرَأُ القُرْآنَ، وَالدُّمُوعُ تَسِيْلُ عَلَى خَدَّيْهِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ! مَا أَنْزَلَكَ
هَذِهِ البلاَدَ وَالفَلاَةَ؟قَالَ: هَذِهِ كُتُبُ أَهْلِ الكُوْفَةِ إِلَيَّ، وَلاَ أَرَاهُم إِلاَّ قَاتلِيَّ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، لَمْ يَدَعُوا للهِ حُرمَةً إِلاَّ انْتَهَكُوهَا، فَيُسَلِّطُ اللهُ عَلَيْهِم مَنْ يُذِلُّهُم حَتَّى يَكُوْنُوا أَذلَّ مِنْ فَرَمِ الأَمَةِ - يَعْنِي: مَقنعَتهَا -.
المَدَائِنِيُّ: عَنِ الحَسَنِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، قَالَ:
قَالَ الحُسَيْنُ: وَاللهِ لَيُعْتَدَيَنَّ عَلَيَّ كَمَا اعْتَدَتْ بَنُو إِسْرَائِيْلَ فِي السَّبتِ.
أَحْمَدُ بنُ جَنَابٍ المَصِّيْصِيُّ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ القَسْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ:
قُلْتُ لأَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ: حَدِّثْنِي بِقَتْلِ الحُسَيْنِ.
فَقَالَ: مَاتَ مُعَاوِيَةُ، فَأَرْسَلَ الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ وَالِي المَدِيْنَةِ إِلَى الحُسَيْنِ لِيُبَايِعَ، فَقَالَ: أَخِّرْنِي.
وَرَفَقَ بِهِ، فَأَخَّرهُ، فَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَأَتَاهُ رُسُلُ أَهْلِ الكُوْفَةِ، وَعَلَيْهَا النُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ، فَبَعثَ الحُسَيْنُ ابْنَ عَمِّهِ مُسْلِمَ بنَ عَقِيْلٍ: أَنْ سِرْ، فَانظُرْ مَا كَتَبُوا بِهِ.
فَأَخَذَ مُسْلِمٌ دَليلَيْنِ وَسَارَ، فَعطِشُوا فِي البَرِّيَّةِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا.
وَكَتَبَ مُسْلِمٌ إِلَى الحُسَيْنِ يَسْتَعْفِيهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: امْضِ إِلَى الكُوْفَةِ.
وَلَمْ يُعْفِهِ، فَقَدِمَهَا، فَنَزَلَ عَلَى عَوْسَجَةٍ، فَدَبَّ إِلَيْهِ أَهْلُ الكُوْفَةِ، فَبَايَعَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً.
فَقَامَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمٍ؛ فَقَالَ لِلنُّعْمَانِ: إِنَّكَ لَضَعِيْفٌ!
قَالَ: لأَنْ أَكُوْنَ ضَعيفاً أَحبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُوْنُ قَوِيّاً فِي مَعصِيَةِ اللهِ، وَمَا كُنْتُ لأَهْتِكَ سِتراً سَتَرَهُ اللهُ.
وَكَتَبَ بِقَوْلِهِ إِلَى يَزِيْدَ، وَكَانَ يَزِيْدُ سَاخِطاً عَلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِرِضَاهُ عَنْهُ، وَأَنَّهُ وَلاَّهُ الكُوْفَةَ مُضَافاً إِلَى البَصْرَةِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَقتُلَ مُسْلِماً.
فَأَسرعَ عُبَيْدُ اللهِ فِي وُجُوهِ أَهْلِ البَصْرَةِ إِلَى الكُوْفَةِ مُتَلَثِّماً، فَلاَ يَمرُّ بِمَجْلِسٍ، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِم إِلاَّ قَالُوا: وَعَلَيْكَ
السَّلاَمُ يَا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ - يَظنُّونَهُ الحُسَيْنَ -.فَنَزَلَ القَصْرَ؛ ثُمَّ دَعَا مَوْلَىً لَهُ، فَأَعْطَاهُ ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: اذهَبْ حَتَّى تَسْأَلَ عَنِ الَّذِي يُبَايِعُ أَهْلَ الكُوْفَةِ، فَقُلْ: أَنَا غَرِيْبٌ، جِئْتُ بِهَذَا المَالِ يَتَقْوَّى بِهِ.
فَخَرَجَ، وَتَلَطَّفَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى شَيْخٍ يَلِي البَيْعَةَ، فَأَدخلَهُ عَلَى مُسْلِمٍ، وَأَعْطَاهُ الدَّرَاهِمَ، وَبَايَعَهُ، وَرَجَعَ، فَأَخْبَرَ عُبَيْدَ اللهِ.
وَتَحوَّلَ مُسْلِمٌ إِلَى دَارِ هَانِئ بنِ عُرْوَةَ المُرَادِيِّ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: مَا بَالُ هَانِئ لَمْ يَأْتِنَا؟
فَخَرَجَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ، وَغَيرُهُ، فَقَالُوا: إِنَّ الأَمِيْرَ قَدْ ذَكَرَكَ.
فَرَكِبَ مَعَهُم، وَأَتَاهُ وَعِنْدَهُ شُرَيْحٌ القَاضِي، فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: أَتَتْكَ بِحَائِنٍ رِجْلاَهُ.
فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: يَا هَانِئُ! أَيْنَ مُسْلِمٌ؟
قَالَ: مَا أَدْرِي.
فَخَرَجَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الدَّرَاهمِ، فَلَمَّا رَآهُ، قَطَعَ بِهِ، وَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ! وَاللهِ مَا دَعَوتُهُ إِلَى مَنْزلِي، وَلَكِنَّهُ جَاءَ، فَرَمَى نَفْسَهُ عَلَيَّ.
قَالَ: ائْتِنِي بِهِ.
قَالَ: وَاللهِ لَوْ كَانَ تَحْتَ قَدَمَيَّ، مَا رَفَعْتُهُمَا عَنْهُ.
فَضَرَبَهُ بِعَصاً، فَشَجَّهُ، فَأَهْوَى هَانِئٌ إِلَى سَيْفِ شُرَطِيٍّ يَسْتَلُّهُ، فَمَنَعَهُ، وَقَالَ: قَدْ حَلَّ دَمُكَ.
وَسَجَنَهُ، فطَارَ الخَبرُ إِلَى مَذْحِجٍ، فَإِذَا عَلَى بَابِ القَصْرِ جَلَبَةٌ، وَبلغَ مُسلِماً الخبرُ، فَنَادَى بِشعَارِهِ، فَاجتَمَعَ إِلَيْهِ أَرْبَعُوْنَ أَلْفاً، فَعَبَّأَهُم، وَقَصَدَ القَصْرَ، فَبَعَثَ عُبَيْدُ اللهِ إِلَى وُجُوهِ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَجَمَعَهُم عِنْدَهُ، وَأَمَرَهُم، فَأَشْرَفُوا مِنَ القَصْرِ عَلَى عَشَائِرِهِم، فَجَعَلُوا يُكلِّمُونَهُم، فَجَعَلُوا يَتَسلَّلُوْنَ حَتَّى بَقِيَ مُسْلِمٌ فِي خَمْسِ مائَةٍ، وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَى الحُسَيْنِ لِيُسرِعَ، فَلَمَّا دَخَلَ اللَّيْلُ، ذهبَ أُوْلَئِكَ، حَتَّى بَقِيَ مُسْلِمٌ وَحدَهُ يَتردَّدُ فِي الطُّرُقِ.
فَأَتَى بَيْتاً! فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ، فَقَالَ: اسْقِنِي.
فَسَقَتْهُ، ثُمَّ دَخَلَتْ، وَمَكَثَتْ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ خَرَجَتْ، فَإِذَا بِهِ عَلَى البَابِ، فَقَالَتْ: يَا هَذَا، إِنَّ مَجْلِسَكَ مَجْلِسُ رِيْبَةٍ،
فَقُمْ.فَقَالَ: أَنَا مُسْلِمُ بنُ عَقِيْلٍ، فَهَلْ مَأْوَىً؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
فَأَدَخَلَتْهُ، وَكَانَ ابْنُهَا مَوْلَىً لِمُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ، فَانْطَلقَ إِلَى مَوْلاَهُ، فَأَعلَمَهُ، فَبَعثَ عُبَيْدُ اللهِ الشُّرَطَ إِلَى مُسْلِمٍ، فَخَرَجَ، وَسَلَّ سَيْفَهُ، وَقَاتَلَ، فَأَعْطَاهُ ابْنُ الأَشْعَثِ أَمَاناً، فَسَلَّمَ نَفْسَهُ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ، فَضَربَ عُنُقَهُ، وَأَلقَاهُ إِلَى النَّاسِ، وَقَتَلَ هَانِئاً، فَقَالَ الشَّاعِرُ :
فَإِنْ كُنْتِ لاَ تَدْرِينَ مَا المَوْتُ فَانْظُرِي ... إِلَى هَانِئ فِي السُّوقِ وَابْنِ عَقِيْلِ
أَصَابَهُمَا أَمْرُ الأَمِيْرِ فَأَصْبَحَا ... أَحَادِيْثَ مَنْ يَسْعَى بِكُلِّ سَبِيلِ
أَيَرْكَبُ أَسْمَاءُ الهَمَالَيجَ آمِناً ... وَقَدْ طَلَبَتْهُ مَذْحِجٌ بِقَتِيْلِ
يَعنِي: أَسْمَاءَ بنَ خَارِجَةَ.
قَالَ: وَأَقبلَ حُسَيْنٌ عَلَى كِتَابِ مُسْلِمٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ عَلَى سَاعَةٍ مِنَ القَادِسِيَّةِ، لَقيَهُ رَجُلٌ؛ فَقَالَ لِلْحُسَيْنِ: ارْجِعْ، لَمْ أَدَعْ لَكَ وَرَائِي خَيْراً.
فَهَمَّ أَنْ يَرْجِعَ، فَقَالَ إِخوَةُ مُسْلِمٍ: وَاللهِ لاَ نَرجِعُ حَتَّى نَأْخُذَ بِالثَّأْرِ، أَوْ نُقتَلَ.
فَقَالَ: لاَ خَيْرَ فِي الحَيَاةِ بَعْدَكُم.
وَسَارَ، فَلَقِيَتْهُ خَيلُ عُبَيْدِ اللهِ، فَعَدَلَ إِلَى كَرْبَلاَءَ، وَأَسندَ ظَهْرَهُ إِلَى قُصَمْيَا حَتَّى لاَ يُقَاتَلَ إِلاَّ مِنْ وَجهٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ مَعَهُ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ فَارِساً، وَنَحْوٌ مِنْ مائَةِ رَاجِلٍ.
وَجَاءَ عُمَرُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ - وَقَدْ وَلاَّهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ عَلَى العَسْكَرِ - وَطلبَ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ أَنْ يَعْفِيَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَبَى.
فَقَالَ الحُسَيْنُ: اخْتَارُوا وَاحِدَةً مِنْ ثَلاَثٍ: إِمَّا أَنْ تَدَعُوْنِي، فَأَلْحَقَ بِالثُّغُوْرِ؛ وَإِمَّا أَنْ أَذهَبَ إِلَى يَزِيْدَ، أَوْ أُرَدَّ إِلَى المَدِيْنَةِ.
فَقَبِلَ عُمَرُ ذَلِكَ، وَكَتَبَ بِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: لاَ وَلاَ كرَامَةَ حَتَّى يَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِي.
فَقَالَ الحُسَيْنُ: لاَ وَاللهِ!
وَقَاتَلَ، فَقُتِلَ أَصْحَابُهُ، مِنْهُم بِضْعَةَ عَشَرَ شَابّاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
قَالَ: وَيَجِيْءُ سَهْمٌ، فَيَقَعُ بِابْنٍ لَهُ صَغِيْرٍ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْهُ، وَيَقُوْلُ:اللَّهُمَّ احْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا، دَعَوْنَا لِيَنْصُرُونَا، ثُمَّ يَقْتُلُوْنَنَا.
ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، قَتَلَهُ رَجُلٌ مَذْحِجِيٌّ، وَحَزَّ رَأْسَهُ، وَمَضَى بِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ، فَقَالَ:
أَوْقِرْ رِكَابِي ذَهَبَا ... فَقَدْ قَتَلْتُ المَلِكَ المُحَجَّبَا
قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمّاً وَأَبَا...
فَوفَدَهُ إِلَى يَزِيْدَ وَمَعَهُ الرَّأْسُ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعِنْدَهُ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ؛ فَجَعَلَ يَزِيْدُ يَنكُتُ بِالقَضِيْبِ عَلَى فِيْهِ، وَيَقُوْلُ :
نُفَلِّقُ هَاماً مِنْ أُنَاسٍ أَعِزَّةٍ ... عَلَيْنَا وَهُم كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا
كَذَا قَالَ أَبُو بَرْزَةَ.
وَإِنَّمَا المَحْفُوظُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ عُبَيْدِ اللهِ.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: ارْفَعْ قَضِيبَكَ؛ لَقَدْ رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاهُ عَلَى فِيْهِ.
قَالَ: وَسَرَّحَ عُمَرُ بنُ سَعْدٍ بِحَرِيْمِهِ وَعِيَالِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ.
وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْهُم إِلاَّ غُلاَمٌ كَانَ مَرِيضاً مَعَ النِّسَاءِ، فَأَمَرَ بِهِ عُبَيْدُ اللهِ لِيُقْتَلَ، فَطَرَحَتْ عَمَّتُهُ زَيْنَبُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: لاَ يُقتَلُ حَتَّى تَقْتُلُوْنِي.
فَرَقَّ لَهَا، وَجَهَّزَهُم إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى يَزِيْدَ، جَمَعَ مَنْ كَانَ بِحَضَرتِهِ، وَهَنَّؤُوهُ؛ فَقَامَ رَجُلٌ
أَحْمَرُ أَزرقُ، وَنَظَرَ إِلَى صَبِيَّةٍ مِنْهُم، فَقَالَ: هَبْهَا لِي يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.فَقَالَتْ زَيْنَبُ: لاَ وَلاَ كرَامَةَ لَكَ إِلاَّ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ دِيْنِ اللهِ.
فَقَالَ لَهُ يَزِيْدُ: كُفَّ.
ثُمَّ أَدخَلَهُم إِلَى عِيَالِهِ، فَجَهَّزَهُم، وَحَمَلَهُم إِلَى المَدِيْنَةِ.
إِلَى هُنَا عَنْ: أَحْمَدَ بنِ جَنَابٍ.
الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَسَنٍ:
لَمَّا نَزلَ عُمَرُ بنُ سَعْدٍ بِالحُسَيْنِ، خَطبَ أَصْحَابَهُ، وَقَالَ: قَدْ نَزلَ بِنَا مَا تَرَوْنَ، وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنكَّرَتْ، وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا، وَاسْتُمْرِئَتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ، وَإِلاَّ خَسِيسُ عَيْشٍ كَالمَرْعَى الوَبِيْلِ، أَلاَ تَرَوْنَ الحَقَّ لاَ يُعْمَلُ بِهِ، وَالبَاطِلَ لاَ يُتنَاهَى عَنْهُ؟ لِيَرْغَبَ المُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللهِ، إِنِّيْ لاَ أَرَى المَوْتَ إِلاَّ سَعَادَةً، وَالحيَاةَ مَعَ الظَّالِمِيَنَ إِلاَّ نَدَماً.
خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ:
أَنَّ الحُسَيْنَ لَمَّا أَرهَقَهُ السِّلاَحُ، قَالَ: أَلاَ تَقْبَلُوْنَ مِنِّي مَا كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُ مِنَ المُشْرِكِيْنَ؟ كَانَ إِذَا جَنَحَ أَحَدُهُم، قَبِلَ مِنْهُ.
قَالُوا: لاَ.
قَالَ: فَدَعُوْنِي أَرجِعُ.
قَالُوا: لاَ.
قَالَ: فَدَعُوْنِي آتِي أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَأَخَذَ لَهُ رَجُلٌ السِّلاَحَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْشِرْ بِالنَّارِ.
فَقَالَ: بَلْ - إِنْ شَاءَ اللهُ - بِرَحْمَةِ رَبِّي، وَشَفَاعَةِ نَبِيِّي.
فَقُتِلَ، وَجِيْءَ بِرَأْسِهِ، فَوُضِعَ فِي طَسْتٍ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ زِيَادٍ، فَنَكتَهُ بِقَضِيْبِهِ، وَقَالَ: لَقَدْ كَانَ غُلاَماً صَبِيْحاً.
ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُم قَاتِلُهُ؟
فَقَامَ الرَّجُلُ، فَقَالَ:
وَمَا قَالَ لَكَ؟ ... ، فَأَعَادَ الحَدِيْثَ.قَالَ: فَاسوَدَّ وَجهُهُ.
أَبُو مَعْشَرٍ: عَنْ رِجَالِهِ، قَالَ:
قَالَ الحُسَيْنُ حِيْنَ نَزَلُوا كَرْبَلاَءَ: مَا اسمُ هَذِهِ الأَرْضِ؟
قَالُوا: كَرْبَلاَءَ.
قَالَ: كَرْبٌ وَبَلاَءٌ.
وَبَعَثَ عُبَيْدُ اللهِ لِحَرْبِهِ عُمَرَ بنَ سَعْدٍ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ! اخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى ثَلاَثٍ: إِمَّا أَنْ تَتْرُكَنِي أَرجِعُ، أَوْ فَسَيِّرْنِي إِلَى يَزِيْدَ، فَأَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ، فَإِنْ أَبَيْتَ، فَسَيِّرْنِي إِلَى التُّركِ، فَأُجَاهِدَ حَتَّى أَمُوْتَ.
فَبَعثَ بِذَلِكَ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ، فَهَمَّ أَنْ يُسَيِّرَهُ إِلَى يَزِيْدَ، فَقَالَ لَهُ شِمْرُ بنُ ذِي الجَوْشِنِ: لاَ، إِلاَّ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكمِكَ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَقَالَ الحُسَيْنُ: وَاللهِ لاَ أَفعَلُ.
وَأَبطَأَ عُمَرُ عَنْ قِتَالِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللهِ شِمْرَ بنَ ذِي الجَوْشِنِ، فَقَالَ: إِنْ قَاتَلَ، وَإِلاَّ فَاقْتُلْهُ، وَكُنْ مَكَانَهُ.
وَكَانَ مِنْ جُندِ عُمَرَ ثَلاَثُونَ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَقَالُوا: يَعرِضُ عَلَيْكُم ابْنُ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاَثَ خِصَالٍ فَلاَ تَقْبَلُوْنَ وَاحِدَةً! وَتَحوَّلُوا إِلَى الحُسَيْنِ، فَقَاتَلُوا.
عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ: عَنْ حُصَيْنٍ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ مَقْتَلَ الحُسَيْنِ، فحَدَّثَنِي سَعْدُ بنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ الحُسَيْنَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ برُودٌ، رَمَاهُ رَجُلٌ يُقَالَ لَهُ: عَمْرُو بنُ خَالِدٍ الطُّهَوِيُّ بِسَهْمٍ، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّهْمِ فِي جَنْبِهِ.
هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رَمَى زُرْعَةُ الحُسَيْنَ بِسَهمٍ، فَأَصَابَ حَنَكَهُ، فَجَعلَ يَتَلَقَّى الدَّمَ، ثُمَّ يَقُوْلُ هَكَذَا إِلَى السَّمَاءِ.
وَدَعَا بِمَاءٍ لِيَشْرَبَ، فَلَمَّا رَمَاهُ، حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَاءِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ظَمِّهِ.
قَالَ: فَحَدَّثَنِي مِنْ شَهِدَهُ وَهُوَ يَمُوتُ، وَهُوَ يَصِيحُ مِنَ الحَرِّ فِي بَطْنِهِ وَالبَرْدِ فِي ظَهْرِهِ، وَبَيْنَ
يَدَيْهِ المَرَاوِحُ وَالثَّلجُ وَهُوَ يَقُوْلُ: اسْقُونِي أَهْلَكَنِي العَطَشُ، فَانْقَدَّ بَطْنُهُ.الكَلْبِيُّ: رَافِضِيٌّ، مُتَّهَمٌ.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: أَقْبَلَ مَعَ الحُسَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
وَعَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ يَحْيَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إِلاَّ عَلَى الحُسَيْنِ.
عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ عِيْسَى بنِ الحَارِثِ الكِنْدِيِّ، قَالَ:
لَمَّا قُتِلَ الحُسَيْنُ، مَكَثْنَا أَيَّاماً سَبْعَةً، إِذَا صَلَّينَا العَصرَ، فَنَظَرْنَا إِلَى الشَّمْسِ عَلَى أَطرَافِ الحِيطَانِ كَأَنَّهَا المَلاَحِفُ المُعَصْفَرَةُ، وَنَظَرْنَا إِلَى الكَوَاكبِ يَضرِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً.
المَدَائِنِيُّ: عَنْ عَلِيِّ بنِ مُدْرِكٍ، عَنْ جَدِّهِ الأَسْوَدِ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
احْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ بَعْدَ قَتْلِ الحُسَيْنِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ تُرَى كَالدَّمِ.
هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
تَعْلَمُ هَذِهِ الحُمْرَةُ فِي الأُفُقِ مِمَّ؟ هُوَ مِنْ يَوْمِ قَتْلِ الحُسَيْنِ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
حَدَّثَتْنَا أُمُّ سُوْقٍ العَبْديَّةُ؛ قَالَتْ:
حدَّثَتْنِي نَضْرَةُ الأَزْدِيَّةُ، قَالَتْ:
لَمَّا أَنْ قُتِلَ الحُسَيْنُ، مَطَرِتِ السَّمَاءُ مَاءً، فَأَصْبَحْتُ وَكُلُّ شَيْءٍ لَنَا مَلآنُ دَماً.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ: حَدَّثَتْنِي خَالتِي، قَالَتْ:
لَمَّا قُتلَ الحُسَيْنُ، مُطِرْنَا مَطَراً كَالدَّمِ.
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ:قُتِلَ الحُسَيْنُ وَلِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَصَارَ الوَرسُ الَّذِي كَانَ فِي عَسْكَرِهِم رَمَاداً، وَاحْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ، وَنَحَرُوا نَاقَةً فِي عَسكَرِهِم، فَكَانُوا يَرَوْنَ فِي لَحْمِهَا النِّيرَانَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، قَالَتْ:
لَقَدْ رَأَيْتُ الوَرسَ عَادَ رَمَاداً، وَلَقَدْ رَأَيْتُ اللَّحمَ كَأَنَّ فِيْهِ النَّارَ حيَنَ قُتِلَ الحُسَيْنُ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي جَمِيْلُ بنُ مُرَّةَ، قَالَ:
أَصَابُوا إِبِلاً فِي عَسكَرِ الحُسَيْنِ يَوْمَ قُتِلَ، فَطَبَخُوا مِنْهَا، فَصَارَتْ كَالعَلْقَمِ.
قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ العُطَارِدِيَّ، قَالَ:
كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ بَلْهُجَيْمٍ، فَقَدِمَ الكُوْفَةَ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ هَذَا الفَاسِقَ ابْنَ الفَاسِقِ قَتَلَهُ اللهُ -يَعْنِي: الحُسَيْنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
فَرَمَاهُ اللهُ بِكَوْكَبَيْنِ مِنَ السَّمَاءِ، فَطُمِسَ بَصَرُهُ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ الحَلَبِيُّ: قَالَ السُّدِّيُّ:
أَتيتُ كَرْبَلاَءَ تَاجِراً، فَعَمِلَ لَنَا شَيْخٌ مِنْ طَيٍّ طَعَاماً، فَتَعَشَّيْنَا عِنْدَهُ، فَذَكَرْنَا قَتْلَ الحُسَيْنَ، فَقُلْتُ: مَا شَارَكَ أَحَدٌ فِي قَتْلِهِ إِلاَّ مَاتَ مِيْتَةَ سُوءٍ.
فَقَالَ: مَا أَكْذَبَكُم، أَنَا مِمَّنْ شَرَكَ فِي ذَلِكَ.
فَلَمْ نَبْرحْ حَتَّى دَنَا مِنَ السِّرَاجِ وَهُوَ يَتَّقِدُ بِنَفْطٍ، فَذَهَبَ يُخرِجُ الفَتِيْلَةَ بِأُصبُعِهِ، فَأَخَذَتِ النَّارُ فِيْهَا، فَذَهَبَ يُطفِئُهَا بِرِيقِهِ، فَعَلِقَتِ النَّارُ فِي لِحْيتِهِ، فَعَدَا، فَأَلقَى نَفْسَهُ فِي المَاءِ، فَرَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ حُمَمَةً.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حدَّثَتْنِي جدَّتِي أُمُّ أَبِي، قَالَتْ:أَدْرَكتُ رَجُلَيْنِ مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَ الحُسَيْنِ؛ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا؛ فَطَالَ ذَكَرُهُ حَتَّى كَانَ يَلُفُّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ؛ فَكَانَ يَسْتَقبِلُ الرَّاوِيَةَ، فَيَشْرَبُهَا كُلَّهَا.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ:
أَوَّلُ مَا عُرِفَ الزُّهْرِيُّ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي مَجْلِسِ الوَلِيْدِ؛ فَقَالَ الوَلِيْدُ: أَيُّكُم يَعْلَمُ مَا فَعَلَتْ أَحْجَارُ بَيْتِ المَقْدِسِ يَوْمَ قَتْلِ الحُسَيْنِ؟
فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يُقْلَبْ حَجَرٌ إِلاَّ وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيْطٌ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
لَمَّا قُتِلَ الحُسَيْنُ، جِيْءَ بِرَأْسِهِ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيْبٍ عَلَى ثَنَايَاهُ، وَقَالَ: إِنْ كَانَ لَحَسَنَ الثَّغْرِ.
فَقُلْتُ: أَمَا -وَاللهِ - لأَسُوءنَّكَ.
فَقُلْتُ: لَقَدْ رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقبِّلُ مَوْضِعَ قَضِيبِكَ مِنْ فِيْهِ.
الحَاكِمُ فِي (الكُنَى) : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي شَدَّادُ بنُ عَبْدِ اللهِ:
سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بنَ الأَسْقَعِ وَقَدْ جِيْءَ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ، فَلعَنَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَغضِبَ وَاثِلَةَ، وَقَامَ، وَقَالَ:
وَاللهِ لاَ أَزَالُ أُحِبُّ عَلِيّاً وَوَلَدَيْهِ بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي
مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَلْقَى عَلَى فَاطِمَةَ وَابْنَيْهَا وَزَوْجِهَا كِسَاءً خَيْبَرِيّاً، ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيْراً} [الأَحْزَابُ: 33] .سُلَيْمَانُ: ضَعَّفُوهُ، وَالحَنَفِيُّ: مُتَّهَمٌ.
وَيُرْوَى عَنْ: أَبِي دَاوُدَ السَّبِيْعِيِّ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ عُبَيْدِ اللهِ، فَأُتِيَ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ، فَأَخَذَ قَضِيباً، فَجَعَلَ يَفْتَرُّ بِهِ عَنْ شَفَتَيْهِ، فَلَمْ أَرَ ثَغْراً كَانَ أَحْسَنَ مِنْهُ كَأَنَّهُ الدُّرُّ، فَلَمْ أَمْلِكْ أَنْ رَفَعْتُ صَوْتِي بِالبُكَاءِ.
فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ؟
قُلْتُ: يُبكِيْنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَيْتُهُ يَمُصُّ مَوْضِعَ هَذَا القَضِيبِ، وَيَلثُمُهُ، وَيَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ إِنِّيْ أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّومِ نِصْفَ النَّهَارِ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، وَبِيَدِهِ قَارُوْرَةٌ فِيْهَا دَمٌ.
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا هَذَا؟
قَالَ: (هَذَا دَمُ الحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ، لَمْ أَزَلْ مُنْذُ اليَوْمَ أَلتَقِطُهُ) .
فَأُحصِيَ ذَلِكَ اليَوْمُ، فَوَجَدُوْهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ.
ابْنُ سَعْدٍ: عَنِ الوَاقِدِيِّ، وَالمَدَائِنِيِّ، عَنْ رِجَالِهِمَا:
أَنَّ مُحفزَ بنَ ثَعْلَبَةَ العَائِذِيَّ قَدِمَ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ عَلَى يَزِيْدَ، فَقَالَ: أَتَيتُكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ بِرَأْسِ أَحْمَقِ النَّاسِ وَأَلأَمِهِم.
فَقَالَ يَزِيْدُ: مَا وَلدَتْ أُمُّ مُحفزٍ أَحْمَقُ وَأَلأَمُ؛ لَكِنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَتَدَبَّرْ كَلاَمَ اللهِ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آلُ عِمْرَانَ: 26] .
ثُمَّ بَعَثَ يَزِيْدُ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ إِلَى مُتَوَلِّي المَدِيْنَةِ،
فَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ عِنْدَ أُمِّهِ.وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سَعِيْدٍ القَاضِي: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ البَهْرَائِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَيَّةَ الكَلاَعِيَّ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا كَرِبٍ، قَالَ: كُنْتُ فِيْمَنْ تَوثَّبَ عَلَى الوَلِيْدِ بنِ يَزِيْدَ بِدِمَشْقَ، فَأَخذْتُ سَفَطاً، وَقُلْتُ: فِيْهِ غَنَائِي، فَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَخَرَجتُ بِهِ مِنْ بَابِ تُوْمَا.
قَالَ: فَفَتَحْتُهُ، فَإِذَا فِيْهِ رَأْسٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: هَذَا رَأْسُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ، فَحَفَرْتُ لَهُ بِسَيْفِي، فَدَفَنْتُهُ.
أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: حَدَّثَنَا رَزِيْنٌ، حدَّثَتْنِي سَلْمَى، قَالَتْ:
دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ تَبْكِي؛ قُلْتُ: مَا يُبْكِيْكِ؟
قَالَتْ: رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، وَعَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيتِهِ التُّرَابُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (شَهِدْتُ قَتْلَ الحُسَيْنِ آنِفاً ) .
رَزِيْنٌ: هُوَ ابْنُ حَبِيْبٍ، وَثَّقهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ؛ سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُوْلُ:
سَمِعْتُ الجِنَّ يَبكِيْنَ عَلَى حُسَيْنٍ، وَتَنُوحُ عَلَيْهِ.
سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ:
أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ سَمِعَتْ نَوْحَ الجِنِّ عَلَى الحُسَيْنِ.
عُبَيْدُ بنُ جَنَّادٍ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ الكَلْبِيِّ، قَالَ:
أَتيْتُ كَرْبَلاَءَ، فَقُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْ أَشْرَافِ العَربِ: بَلَغَنِي أَنَّكُم تَسْمَعُوْنَ نَوْحَ الجِنِّ!
قَالَ: مَا تَلْقَى حُرّاً وَلاَ عَبْداً إِلاَّ أَخبَرَكَ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَمَا سَمِعْتَ أَنْتَ؟ قَالَ: سَمِعتُهُم يَقُوْلُوْنَ:
مَسَحَ الرَّسولُ جَبِينَهُ ... فَلَهُ بَرِيقٌ فِي الخُدُوْدِأَبَوَاهُ مِنْ عَلْيَا قُرَيْ ـ ... ـشٍ وَجَدُّهُ خَيرُ الجُدُوْدِ
مُحَمَّدُ بنُ جَرِيرٍ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ حَبِيْبٍ، قَالَ:
لَمَّا قَتَلَ عُبَيْدُ اللهِ الحُسَيْنَ وَأَهْلَهُ، بَعثَ بِرُؤُوْسِهِم إِلَى يَزِيْدَ، فَسُرَّ بِقَتْلِهِم أَوَّلاً؛ ثُمَّ لَمْ يَلبَثْ حَتَّى نَدِمَ عَلَى قَتْلِهِم، فَكَانَ يَقُوْلُ: وَمَا عَلَيَّ لَوِ احتَمَلْتُ الأَذَى، وَأَنْزَلتُ الحُسَيْنَ مَعِي، وَحَكَّمْتُه فِيمَا يُرِيْدُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ وَهَنٌ، حِفْظاً لِرَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِعَايَةً لِحَقِّهِ، لَعَنَ اللهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ - يَعْنِي: عُبَيْدَ اللهِ - فَإِنَّهُ أَحْرَجَهُ، وَاضْطَرَّهُ، وَقَدْ كَانَ سَأَلَ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ أَقبَلَ، أَوْ يَأْتِيَنِي، فَيَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِي، أَوْ يَلحَقَ بِثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَتلَهُ، فَأَبغَضَنِي بِقَتْلِهِ المُسْلِمُوْنَ، وَزَرَعَ لِي فِي قُلُوْبِهِمُ العَدَاوَةَ.
جَرِيرٌ: عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ:
تَغوَّطَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَلَى قَبْرِ الحُسَيْنِ، فَأَصَابَ أَهْلَ ذَلِكَ البَيْتِ خَبَلٌ، وَجُنُوْنٌ، وَبَرَصٌ، وَفَقْرٌ، وَجُذَامٌ.
قَالَ هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ: لَمَّا أُجرِيَ المَاءُ عَلَى قَبْرِ الحُسَيْنِ، انْمَحَى أَثَرُ القَبْرِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَتَتَبَّعَهُ، حَتَّى وَقعَ عَلَى أَثَرِ القَبْرِ، فَبَكَى، وَقَالَ:
أَرَادُوا لِيُخْفُوا قَبْرَهُ عَنْ عَدُوِّهِ ... فَطِيْبُ تُرَابِ القَبْرِ دَلَّ عَلَى القَبْرِ
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: قُتلَ عَلِيٌّ وَهُوَ
ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَمَاتَ لَهَا حَسَنٌ، وَقُتِلَ لَهَا حُسَيْنٌ.قُلْتُ: قَوْلُهُ: مَاتَ لَهَا حَسَنٌ: خَطَأٌ، بَلْ عَاشَ سَبْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ الجَمَاعَةُ: مَاتَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ.
زَادَ بَعضُهُم: يَوْمَ السَّبتِ.
وَقِيْلَ: يَوْمَ الجُمُعَةِ.
وَقِيْلَ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ.
وَمَوْلِدُهُ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الهِجْرَةِ.
عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، وَآخرُ ثِقَةٌ: عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَتَاهَا قَتْلُ الحُسَيْنِ، فَقَالَتْ: قَدْ فَعلُوْهَا؟! مَلأَ اللهُ بُيُوتَهُم وَقُبُورَهُم نَاراً.
وَوَقَعَتْ مَغْشِيَّةً عَلَيْهَا، فَقُمْنَا.
وَنَقَلَ: الزُّبَيْرُ لِسُلَيْمَانَ بنِ قَتَّةَ، يَرْثِي الحُسَيْنَ:
وَإِنَّ قَتِيْلَ الطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... أَذَلَّ رِقَاباً مِنْ قُرَيْشٍ فَذَلَّتِ
فَإِنْ يُتْبِعُوْهُ عَائِذَ البَيْتِ يُصْبِحُوا ... كَعَادٍ تَعَمَّتْ عَنْ هُدَاهَا فَضَلَّتِ
مَررْتُ عَلَى أَبْيَاتِ آلِ مُحَمَّدٍ ... فَأَلْفَيْتُهَا أَمْثَالَهَا حِيْنَ حَلَّتِ
وَكَانُوا لَنَا غُنْماً، فَعَادُوا رَزِيَّةً ... لَقَدْ عَظُمَتْ تِلْكَ الرَّزَايَا وَجَلَّتِفَلاَ يُبْعِدِ اللهُ الدِّيَارَ وَأَهْلَهَا ... وَإِنْ أَصْبَحَتْ مِنْهُم بِرَغْمِي تَخَلَّتِ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الأَرْضَ أَضْحَتْ مَرِيضَةً ... لِفَقْدِ حُسَيْنٍ وَالبلاَدُ اقْشَعَرَّتِ
قَوْلُهُ: أَذَلَّ رِقَاباً؛ أَي: لاَ يَرِعُوْنَ عَنْ قَتْلِ قُرَشِيٍّ بَعْدَهُ.
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبِي حَمْزَةُ بنُ يَزِيْدَ الحَضْرَمِيُّ، قَالَ:
رَأَيْتُ امْرَأَةً مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ وَأَعْقَلِهِنَّ، يُقَالُ لَهَا: رَيَّا؛ حَاضِنَةُ يَزِيْدَ - يُقَالَ: بلَغَتْ مائَةَ سَنَةٍ - قَالَتْ:
دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى يَزِيْدَ، فَقَالَ: أَبْشِرْ، فَقَدْ أَمْكَنَكَ اللهُ مِنَ الحُسَيْنِ.
وَجِيْءَ بِرَأْسِهِ، قَالَ: فَوُضِعَ فِي طِسْتٍ، فَأَمَرَ الغُلاَمَ، فَكَشَفَ، فَحِيْنَ رَآهُ، خَمَّرَ وَجْهَهُ، كَأَنَّهُ شَمَّ مِنْهُ.
فَقُلْتُ لَهَا: أَقَرَعَ ثَنَايَاهُ بِقَضِيبٍ؟
قَالَتْ: إِيْ وَاللهِ.
ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: وَقَدْ حَدَّثَنِي بَعضُ أَهْلِنَا: أَنَّهُ رَأَى رَأْسَ الحُسَيْنِ مَصْلُوْباً بِدِمَشْقَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
وَحَدَّثَتْنِي رَيَّا: أَنَّ الرَّأْسَ مَكثَ فِي خَزَائِنِ السِّلاَحِ حَتَّى وَلِيَ سُلَيْمَانُ، فَبَعَثَ، فَجِيْءَ بِهِ، وَقَدْ بَقِيَ عَظْماً أَبْيَضَ، فَجَعَلَهُ فِي سَفَطٍ، وَطَيَّبَهُ، وَكَفَّنَهُ، وَدفَنَهُ فِي مَقَابرِ المُسْلِمِيْنَ.
فَلَمَّا دَخَلَتِ المُسَوِّدَةُ، سَأَلُوا عَنْ مَوْضِعِ الرَّأْسِ، فَنَبَشُوهُ، وَأَخَذُوهُ، فَاللهُ أَعْلَمُ مَا صُنِعَ بِهِ.
وَذَكَرَ باقِي الحِكَايَةِ وَهِيَ قَوِيَّةُ الإِسْنَادِ.
يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ:
أَبَى الحُسَيْنُ أَنْ يَسْتَأسِرَ حَتَّى قُتلَ بِالطَّفِّ، وَانْطَلَقُوا بِبَنِيْهِ: عَلِيٍّ، وَفَاطِمَةَ، وَسُكَيْنَةَ إِلَى يَزِيْدَ، فَجَعَلَ سُكَيْنَةَ خَلْفَ سَرِيْرِهِ، لِئَلاَّ تَرَى رَأْسَ أَبِيْهَا، وَعَلِيٌّ فِي غِلٍّ، فَضَربَ عَلَى ثَنِيَّتَيِ
الحُسَيْنِ، وَتَمثَّلَ بِذَاكَ البَيْتِ.فَقَالَ عَلِيٌّ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيْبَةٍ فِي الأَرْضِ ... } [الحَدِيْدُ: 22] ، الآيَةَ.
فَثَقُلَ عَلَى يَزِيْدَ أَنْ تَمثَّلَ بِبَيْتٍ، وَتَلاَ عَلِيٌّ آيَةً، فَقَالَ: بَلْ: {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيَكُم} [الشُّوْرَى: 30] .
فَقَالَ: أَمَا -وَاللهِ - لَوْ رَآنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَحَبَّ أَنْ يُخَلِّيَنَا.
قَالَ: صَدَقْتَ، فَخَلُّوهُم.
قَالَ: وَلَوْ وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، لأَحَبَّ أَنْ يُقَرِّبَنَا.
قَالَ: صَدَقْتَ، قَرِّبُوْهُم.
فَجَعَلَتْ سُكَيْنَةُ وَفَاطِمَةُ تَتَطَاوَلاَنِ لِتَرَيَا الرَّأْسَ، وَبَقِيَ يَزِيْدُ يَتَطَاوَلُ فِي مَجْلسِهِ لِيَستُرَهُ عَنْهُمَا.
ثُمَّ أَمرَ لَهُم بِجَهَازٍ، وَأَصْلَحَ آلَتَهُم، وَخَرجُوا إِلَى المَدِيْنَةِ.
كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ:
لَمَّا أُتِيَ يَزِيْدُ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ، جَعَلَ يَنكُتُ سِنَّهُ، وَيَقُوْلُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَبَا عَبْدِ اللهِ بَلغَ هَذَا السِّنَّ.
وَإِذَا لِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ قَدْ نَصَلَ مِنَ الخِضَابِ.
وَمِمَّنْ قُتلَ مَعَ الحُسَيْنِ: أُخُوَّته الأَرْبَعَةُ؛ جَعْفَرٌ، وَعَتِيْقٌ، وَمُحَمَّدٌ، وَالعَبَّاسُ الأَكْبَرُ، وَابْنُهُ الكَبِيْرُ عَلِيٌّ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللهِ، وَكَانَ ابْنُهُ عَلِيٌّ زِينُ العَابِدِيْنَ مَرِيضاً، فَسَلِمَ، وَكَانَ يَزِيْدُ يُكرِمُهُ وَيَرعَاهُ.
وَقُتِلَ مَعَ الحُسَيْنِ: ابْنُ أَخِيْهِ؛ القَاسِمُ بنُ الحَسَنِ، وَعَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَا مُسْلِمِ بنِ عَقِيْلِ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدٌ وَعَوْنٌ ابْنَا عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بن أَبِي طَالِبٍ.
المَدَائِنِيُّ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قُتلَ الحُسَيْنُ، وَأُدخِلْنَا الكُوْفَةَ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ، فَأَدْخَلَنَا مَنْزِلَهُ، فَأَلْحَفَنَا، فَنِمْتُ، فَلَمْ أَسْتيقِظْ إِلاَّ بِحِسِّ الخَيلِ فِي الأَزِقَّةِ، فَحُمِلْنَا إِلَى يَزِيْدَ، فَدمعَتْ عَينُهُ حِيْنَ رَآنَا، وَأَعْطَانَا مَا شِئْنَا، وَقَالَ: إِنَّهُ سَيَكُوْنُ فِي قَوْمِكَ أُمُوْرٌ، فَلاَ تَدْخُلْ مَعَهُم.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الحَرَّةِ مَا كَانَ؛ كَتَبَ
مَعَ مُسْلِمِ بنِ عُقْبَةَ بِأَمَانِي، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ القِتَالِ مُسْلِمٌ، بَعثَ إِلَيَّ، فَجِئْتُهُ، فَرَمَى إِلَيَّ بِالكِتَابِ، وَإِذَا فِيْهِ:اسْتوصِ بعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ خَيراً، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُم فِي أَمرِهِم، فَأَمِّنْهُ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُم، فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ.
فَأَولاَدُ الحُسَيْنِ هُمْ: عَلِيٌّ الأَكْبَرُ الَّذِي قُتِلَ مَعَ أَبِيْهِ، وَعَلِيٌّ زِينُ العَابِديْنَ، وَذُرِّيَتُهُ عَدَدٌ كَثِيْرٌ، وَجَعْفَرٌ وَعَبْدُ اللهِ، وَلَمْ يُعْقِبَا.
فَوُلِدَ لِزَيْنِ العَابِدِيْنَ: الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ مَاتَا صَغِيْرَيْنِ، وَمُحَمَّدٌ البَاقِرُ، وَعَبْدُ اللهِ، وَزَيْدٌ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَمُحَمَّدٌ الأَوْسَطُ وَلَمْ يُعْقِبْ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَحُسَيْنٌ الصَّغِيْرُ، وَالقَاسِمُ وَلَمْ يُعْقِبْ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132758&book=5574#92ed1d
الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن بكير، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصيرفي :
سمع إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الصَّفَّار، وأبو عمرو بن السماك، وأَحْمَد بْن سلمان النجاد، وحمزة بن مُحَمَّد الدهقان، ومكرم بن أَحْمَد الْقَاضِي، وجعفر الخلدي، ومحمد بْن عَبْد اللَّهِ بْن علم الصَّفَّار، وأبا سهل بن زياد الْقَطَّان، وأبا بكر الشَّافِعِيّ، ومن بعدهم. روى عنه أَبُو حفص بن شاهين، وحَدَّثَنَا عنه الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي، وأبو الْقَاسِم الأزهري، وعلي بن المحسن التنوخي، وكان ثقة.
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ، أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بكير الحافظ، حَدَّثَنِي حَامِدُ بْنُ حَمَّادٍ- قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ به- حدّثكم إسحاق بن يسار النصيبي، حدّثنا عبد الجبّار بن سعيد، حَدَّثَنَا يَحْيَى- يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بن هانئ الشخيري- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شهاب الزّهريّ، حَدَّثَنِي أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر مناديا ينادي يَوْمَ خَيْبَرَ بِتَحْرِيمِ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: كَتَبَهُ عَنِّي عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ شَاهِينَ، وأَبُو بَكْرِ بْنُ إسماعيل الورّاق، وغيرهم.
أخبرنا أَبُو الفرج الطناجيري، حَدَّثَنَا عُمَر بْن أَحْمَدَ بن شاهين، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْن عبد الله بن بكير، حدّثني حامد بن حمّاد- بنصيبين- حدّثنا إسحاق بن يسار النصيبي- فذكر مثله- قَالَ لِي أَبُو الْقَاسِمِ الأزهري: كنت أحضر عند عَبْد اللَّهِ بْن بكير وبين يديه أجزاء كبار قد خرج فيها أحاديث، فأنظر فِي بعضها فيقول لِي: أيما أحب إليك؟ تذكر لِي متن ما تريد من هذه الأحاديث حتى أخبرك بإسناده، أو تذكر إسناده حتى أخبرك بمتنه؟ فكنت أذكر لَهُ المتون، فيحَدِّثَنِي بالأسانيد من حفظه كما هي فِي كتابه، وفعلت هذا معه مرارا كثيرة.
وَقَالَ لِي الأزهري: كَانَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن بكير ثقة فحسدوه فتكلموا فيه.
قُلْتُ: وممن تكلم فيه مُحَمَّد بن أَبِي الفوارس، فإنه ذكر أَنَّهُ كَانَ يتساهل فِي الحديث، ويلحق فِي أصول الشيوخ ما ليس فيها، ويوصل المقاطيع، ويزيد الأسماء في الأسانيد.
حَدَّثَنِي أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّد بْنُ الْحُسَيْن بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بكير. قَالَ: مولد أَبِي فِي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وتوفي وله ثلاث وستون سنة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَر. قَالَ: سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، فيها توفي أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن بكير الْحَافِظ.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن أَبِي عَلِيّ، وأحمد بن عَلِيّ بن التوري وهلال بن المحسن قالوا:
مات أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن بكير فِي ليلة الأحد السابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
سمع إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الصَّفَّار، وأبو عمرو بن السماك، وأَحْمَد بْن سلمان النجاد، وحمزة بن مُحَمَّد الدهقان، ومكرم بن أَحْمَد الْقَاضِي، وجعفر الخلدي، ومحمد بْن عَبْد اللَّهِ بْن علم الصَّفَّار، وأبا سهل بن زياد الْقَطَّان، وأبا بكر الشَّافِعِيّ، ومن بعدهم. روى عنه أَبُو حفص بن شاهين، وحَدَّثَنَا عنه الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي، وأبو الْقَاسِم الأزهري، وعلي بن المحسن التنوخي، وكان ثقة.
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ، أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بكير الحافظ، حَدَّثَنِي حَامِدُ بْنُ حَمَّادٍ- قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ به- حدّثكم إسحاق بن يسار النصيبي، حدّثنا عبد الجبّار بن سعيد، حَدَّثَنَا يَحْيَى- يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بن هانئ الشخيري- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شهاب الزّهريّ، حَدَّثَنِي أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر مناديا ينادي يَوْمَ خَيْبَرَ بِتَحْرِيمِ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: كَتَبَهُ عَنِّي عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ شَاهِينَ، وأَبُو بَكْرِ بْنُ إسماعيل الورّاق، وغيرهم.
أخبرنا أَبُو الفرج الطناجيري، حَدَّثَنَا عُمَر بْن أَحْمَدَ بن شاهين، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْن عبد الله بن بكير، حدّثني حامد بن حمّاد- بنصيبين- حدّثنا إسحاق بن يسار النصيبي- فذكر مثله- قَالَ لِي أَبُو الْقَاسِمِ الأزهري: كنت أحضر عند عَبْد اللَّهِ بْن بكير وبين يديه أجزاء كبار قد خرج فيها أحاديث، فأنظر فِي بعضها فيقول لِي: أيما أحب إليك؟ تذكر لِي متن ما تريد من هذه الأحاديث حتى أخبرك بإسناده، أو تذكر إسناده حتى أخبرك بمتنه؟ فكنت أذكر لَهُ المتون، فيحَدِّثَنِي بالأسانيد من حفظه كما هي فِي كتابه، وفعلت هذا معه مرارا كثيرة.
وَقَالَ لِي الأزهري: كَانَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن بكير ثقة فحسدوه فتكلموا فيه.
قُلْتُ: وممن تكلم فيه مُحَمَّد بن أَبِي الفوارس، فإنه ذكر أَنَّهُ كَانَ يتساهل فِي الحديث، ويلحق فِي أصول الشيوخ ما ليس فيها، ويوصل المقاطيع، ويزيد الأسماء في الأسانيد.
حَدَّثَنِي أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّد بْنُ الْحُسَيْن بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بكير. قَالَ: مولد أَبِي فِي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وتوفي وله ثلاث وستون سنة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَر. قَالَ: سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، فيها توفي أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن بكير الْحَافِظ.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن أَبِي عَلِيّ، وأحمد بن عَلِيّ بن التوري وهلال بن المحسن قالوا:
مات أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن بكير فِي ليلة الأحد السابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=145163&book=5574#c183de
الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن فنجويه الدينوري أبو عبد الله
حدث بنيسابور بكتاب السنن لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي عن أحمد بن محمد السني عنه وحدث عن الفضل بن الفضل الكندي،
وعبيد الله بن محمد بن شنبة وأبي القاسم عبد الله بن إبراهيم الجرجاني وله مصنفات.
حدث عنه ابناه أبو القاسم سفيان وأبو بكر محمد وأبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي وأبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمذاني وأبو القاسم عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده وغيرهم وحدث عنه بنيسابور بالسنن لأبي عبد الرحمن أبو سعد عبد الرحمن بن منصور بن رامش العدل.
قال شيرويه في تاريخ همذان الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله فنجويه الثقفي أبو عبد الله الدينوري روى بهمذان عن هارون بن محمد بن هارون وأبي بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني وعبيد الله بن محمد بن شنبه وذكر جماعة وقال حدثنا عنه ابناه أبو القاسم سفيان وأبو بكر محمد وأبو الفتح بن عبدوس وأبو القاسم مكي بن محمد بن دكين وكان ثقة صدوقا كثير الرواية للمناكير حسن الخط كثير التصانيف خرج إلى نيسابور ووقع له بها حشمة جليلة حدث عنه أحمد بن محمد الثعلبي المفسر وكان بها إلى أن مات سنة أربع عشرة واربعمائة سمعت بعض المشايخ يقول وقع فيه أبو الفضل ابن الفلكي وقال ما سمع من عبيد الله بن شنبة فخرج من همذان ساخطا فتبعه أبو الفضل ورجع عن مقالته واعتذر فما قبل عذره سمعت سفيان بن الحسين يقول كان أبي يعد ذلك يصلى بالليل وكنت أسمعه يدعو على أبي الفضل ابن الفلكي وعلى كرام لنا بالدينور لما ناله منها إلى أن مات وسمعته يعني سفيان يقول مات ابن الفلكي بقرية من قرى نيسابور على أسوء حال وما متع بعلمه.
قال شيرويه وكان شيخي أبو الفضل القومساني يقول كان أبو منصور بن ديزويه أحد الحفاظ بالجبل وكان بينه وبين ابن فنجويه ما يكون بين العلماء فما سمعته يطعن فيه غير أنه كثيرا ما يقول إن ابن فنجويه حمار على أربع يعني أنه لا يهتدي لعلوم الحديث ومعرفة رجاله وقال سفيان ابنه أنه عاش سبعا وثمانين سنة.
حدث بنيسابور بكتاب السنن لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي عن أحمد بن محمد السني عنه وحدث عن الفضل بن الفضل الكندي،
وعبيد الله بن محمد بن شنبة وأبي القاسم عبد الله بن إبراهيم الجرجاني وله مصنفات.
حدث عنه ابناه أبو القاسم سفيان وأبو بكر محمد وأبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي وأبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمذاني وأبو القاسم عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده وغيرهم وحدث عنه بنيسابور بالسنن لأبي عبد الرحمن أبو سعد عبد الرحمن بن منصور بن رامش العدل.
قال شيرويه في تاريخ همذان الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله فنجويه الثقفي أبو عبد الله الدينوري روى بهمذان عن هارون بن محمد بن هارون وأبي بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني وعبيد الله بن محمد بن شنبه وذكر جماعة وقال حدثنا عنه ابناه أبو القاسم سفيان وأبو بكر محمد وأبو الفتح بن عبدوس وأبو القاسم مكي بن محمد بن دكين وكان ثقة صدوقا كثير الرواية للمناكير حسن الخط كثير التصانيف خرج إلى نيسابور ووقع له بها حشمة جليلة حدث عنه أحمد بن محمد الثعلبي المفسر وكان بها إلى أن مات سنة أربع عشرة واربعمائة سمعت بعض المشايخ يقول وقع فيه أبو الفضل ابن الفلكي وقال ما سمع من عبيد الله بن شنبة فخرج من همذان ساخطا فتبعه أبو الفضل ورجع عن مقالته واعتذر فما قبل عذره سمعت سفيان بن الحسين يقول كان أبي يعد ذلك يصلى بالليل وكنت أسمعه يدعو على أبي الفضل ابن الفلكي وعلى كرام لنا بالدينور لما ناله منها إلى أن مات وسمعته يعني سفيان يقول مات ابن الفلكي بقرية من قرى نيسابور على أسوء حال وما متع بعلمه.
قال شيرويه وكان شيخي أبو الفضل القومساني يقول كان أبو منصور بن ديزويه أحد الحفاظ بالجبل وكان بينه وبين ابن فنجويه ما يكون بين العلماء فما سمعته يطعن فيه غير أنه كثيرا ما يقول إن ابن فنجويه حمار على أربع يعني أنه لا يهتدي لعلوم الحديث ومعرفة رجاله وقال سفيان ابنه أنه عاش سبعا وثمانين سنة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=145162&book=5574#02aa2d
الحسين بن عبد الملك بن الحسين بن محمد الأثري السني أبو عبد الله الخلال الأصبهاني.
الأديب البارع حدث بالبخاري عن سعيد العيار وبمسند أبي يعلى الموصلي عن إبراهيم بن منصور سبط بحرويه وبمسند محمد بن هارون الروماني عن أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي المقريء.
وقد حدث عن جماعة منهم أحمد بن الفضل الباطرقاني وعبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده.
حدث عنه الأئمة والحفاظ منهم أبو موسى محمد بن عمر المديني وأبو القاسم علي بن الحسين بن عساكر الدمشقي وأبو سعد عبد الكريم بن محمد بن السمعاني وغيرهم وقدم بغداد وحدث بها بصحيح البخاري عن سعيد بن أبي سعيد العيار فسمعه منه جماعة منهم عبد الرحمن بن جامع وعبد الخالق بن عبد الوهاب بن الصابوني وقرأه عليه محمد بن ناصر السلامي الحافظ وحدثنا عنه بأصبهان أبو مسلم هشام بن عبد الرحيم بن الأخوة وزاهر بن أحمد الثقفي وكلاهما سمع منه مسند أبي يعلى الموصلي حدثنا عنه محمود بن أحمد المضري وأبو نجيح فضل الله بن عثمان بن أحمد الجوزداني وتقية بنت أبي سعيد بن أموسان.
مولده بأصبهان في صفر سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وتوفي بها في حادي عشر جمادى الأولى من سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة وكان ثقة.
أخبرنا زاهر بن أحمد الثقفي بأصبهان أنبأ الحسين بن عبد الملك وأنبأ محمود بن أحمد بن عبد الرحمن الإمام قال أنبأ سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قالا أنبأ إبراهيم بن منصور سبط بحرويه قال أنبأ أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ قال أنبأ أبو يعلى الموصلي قال أنبأ محمد بن عباد المكي حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من الدين فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أراك تستعيذ من الدين فقال: "نعم يا عائشة! إن الدائن إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف" 1.
الأديب البارع حدث بالبخاري عن سعيد العيار وبمسند أبي يعلى الموصلي عن إبراهيم بن منصور سبط بحرويه وبمسند محمد بن هارون الروماني عن أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي المقريء.
وقد حدث عن جماعة منهم أحمد بن الفضل الباطرقاني وعبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده.
حدث عنه الأئمة والحفاظ منهم أبو موسى محمد بن عمر المديني وأبو القاسم علي بن الحسين بن عساكر الدمشقي وأبو سعد عبد الكريم بن محمد بن السمعاني وغيرهم وقدم بغداد وحدث بها بصحيح البخاري عن سعيد بن أبي سعيد العيار فسمعه منه جماعة منهم عبد الرحمن بن جامع وعبد الخالق بن عبد الوهاب بن الصابوني وقرأه عليه محمد بن ناصر السلامي الحافظ وحدثنا عنه بأصبهان أبو مسلم هشام بن عبد الرحيم بن الأخوة وزاهر بن أحمد الثقفي وكلاهما سمع منه مسند أبي يعلى الموصلي حدثنا عنه محمود بن أحمد المضري وأبو نجيح فضل الله بن عثمان بن أحمد الجوزداني وتقية بنت أبي سعيد بن أموسان.
مولده بأصبهان في صفر سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وتوفي بها في حادي عشر جمادى الأولى من سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة وكان ثقة.
أخبرنا زاهر بن أحمد الثقفي بأصبهان أنبأ الحسين بن عبد الملك وأنبأ محمود بن أحمد بن عبد الرحمن الإمام قال أنبأ سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قالا أنبأ إبراهيم بن منصور سبط بحرويه قال أنبأ أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ قال أنبأ أبو يعلى الموصلي قال أنبأ محمد بن عباد المكي حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من الدين فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أراك تستعيذ من الدين فقال: "نعم يا عائشة! إن الدائن إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف" 1.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132937&book=5574#845e29
الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج، يكنى أبا مغيث، وقيل: أبا عَبْد اللَّهِ :
وكان جده مجوسيا اسمه محمى من أهل بيضاء فارس. نشأ الْحُسَيْن بواسط، وقيل بتستر وقدم بَغْدَاد، فخالط الصوفية وصحب من مشيختهم الجنيد بن مُحَمَّد، وأبا الحسين النوري، وعمرا المكي.
والصوفية مختلفون فيه، فأكثرهم نفى الحلاج أن يكون منهم، وأبَى أن يعده فيهم، وقبله من متقدميهم أَبُو الْعَبَّاس بن عطاء الْبَغْدَادِيّ، ومحمّد بن حنيف الشيرازي، وإبراهيم بن مُحَمَّد النصراباذي النَّيْسَابُورِيّ. وصححوا لَهُ حاله، ودونوا كلامه، حتى قَالَ ابن حفيف: الْحُسَيْن بن مَنْصُور عالم رباني. ومن نفاه عَنِ الصوفية نسبه إِلَى الشعبذة فِي فعله، وإلى الزندقة فِي عقده. وله إِلَى الآن أصحاب ينسبون إليه، ويغلون فيه. وكان للحلاج حسن عبارة، وحلاوة منطق، وشعر عَلَى طريقة التصوف، وأنا أسوق أخباره عَلَى تفاوت اختلاف القول فيه.
حَدَّثَنِي أَبُو سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجستاني، أنبأنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن عبيد الله بن باكوا الشّيرازيّ- بنيسابور- أخبرني أحمد بن الحسين ابن مَنْصُور بتستر قَالَ: مولد والدي الْحُسَيْن بن مَنْصُور بالبيضاء فِي موضع يقال لَهُ الطور، ونشأ بتستر، وتلمذ لسهل بن عَبْد اللَّهِ التستري سنتين، ثم صعد إِلَى بَغْدَاد وكان بالأوقات يلبس المسوح، وبالأوقات يمشي بخرقتين مصبغ، ويلبس بالأوقات الدراعة والعمامة، ويمشي بالقباء أيضا عَلَى زي الجند، وأول ما سافر من تستر إِلَى البصرة كَانَ لَهُ ثمان عشرة سنة، ثم خرج بخرقتين إِلَى عمرو بن عُثْمَان المكي، وإلى الجنيد بن مُحَمَّد، وأقام مع عمرو المكي ثمانية عشر شهرا، ثم تزوج بوالدتي أم الْحُسَيْن بنت أَبِي يَعْقُوب الأقطع، وتعير عمرو بن عُثْمَان من تزويجه، وجرى بين عمرو وبين أَبِي يَعْقُوب وحشة عظيمة بذلك السبب. ثم اختلف والدي إِلَى الجنيد بن مُحَمَّد وعرض عليه ما فيه من الأذية لأجل ما يجري بين أَبِي يَعْقُوب وبين عمرو، فأمره بالسكون والمراعاة، فصبر عَلَى ذلك مدة. ثم خرج إِلَى مكة وجاور سنة ورجع
إِلَى بَغْدَاد مع جماعة من الفقراء الصوفية، فقصد الجنيد بن مُحَمَّد وسأله عَنْ مسألة فلم يجبه، ونسبه إِلَى أَنَّهُ مدع فيما يسأله، فاستوحش وأخذ والدتي ورجع إِلَى تستر، وأقام نحوا من سنة، ووقع لَهُ عند الناس قبول عظيم حتى حسده جميع من فِي وقته، ولم يزل عمرو بن عُثْمَان يكتب الكتب فِي بابه إِلَى خوزستان، ويتكلم فيه بالعظائم حتى جرد ورمى بثياب الصوفية، ولبس قباء وأخذ فِي صحبة أبناء الدنيا، ثم خرج وغاب عنا خمس سنين بلغ إِلَى خراسان، وما وراء النهر، ودخل إِلَى سجستان، وكرمان، ثم رجع إِلَى فارس. فأخذ يتكلم عَلَى الناس، ويتخذ المجلس، ويدعو الخلق إِلَى اللَّه.
وكان يعرف بفارس بأبي عَبْد اللَّهِ الزاهد، وصنف لهم تصانيف، ثم صعد من فارس إِلَى الأهواز وأنفذ من حملني إِلَى عنده، وتكلم عَلَى الناس، وقبله الخاص والعام، وكان يتكلم عَلَى أسرار الناس وما فِي قلوبهم، ويخبر عنها فسمي بذلك حلاج الأسرار، فصار الحلاج لقبه، ثم خرج إِلَى البصرة وأقام مدة يسيرة وخلفني بالأهواز عند أصحابه، وخرج ثانيا إِلَى مكة، ولبس المرقعة والفوطة، وخرج معه فِي تلك السفرة خلق كثير، وحسده أَبُو يَعْقُوب النهرجوري فتكلم فيه بما تكلم، فرجع إِلَى البصرة وأقام شهرا واحدا، وجاء إِلَى الأهواز وحمل والدتي وحمل جماعة من كبار الأهواز إِلَى بَغْدَاد، وأقام بِبَغْدَادَ سنة واحدة، ثم قَالَ لبعض أصحابه: احفظ ولدي حمد إِلَى أن أعود أنا، فإني قد وقع لِي أن أدخل إِلَى بلاد الشرك وأدعو الخلق إلى الله عز وجل وخرج. فسمعت بخبره أَنَّهُ قصد إِلَى الهند ثم قصد خراسان ثانيا ودخل ما وراء النهر، وتركستان، وإلى ماصين، ودعا الخلق إِلَى اللَّه تعالى، وصنف لهم كتبا لم تقع إلي، إِلا أَنَّهُ لما رجع كانوا يكاتبونه من الهند، بالمغيث، ومن بلاد ماصين وتركستان، بالمقيت، ومن خراسان، بالمميز، ومن فارس، بأبي عَبْد اللَّهِ الزاهد، ومن خوزستان، بالشيخ حلاج الأسرار، وكان بِبَغْدَادَ قوم يسمونه المصطلم، وبالبصرة قوم يسمونه المحير، ثم كثرت الأقاويل عليه بعد رجوعه من هذه السفرة، فقام وحج ثالثا وجاور سنتين ثم رجع وتغير عما كَانَ عليه فِي الأول، واقتنى العقار بِبَغْدَادَ، وبنَى دارا ودعا الناس إِلَى معنى لم أقف إِلا عَلَى شطر منه حتى خرج عليه مُحَمَّد بن داود، وجماعة من أهل العلم، وقبحوا صورته، ووقع بين عَلِيّ بن عِيسَى وبينه لأجل نصر القشوري، ووقع بينه وبين الشبلي، وغيره من مشايخ الصوفية، فكان يَقُولُ قوم: إِنَّهُ ساحر. وقوم يقولون: مجنون، وقوم يقولون: لَهُ الكرامات وإجابة السؤال، واختلفت الألسن في أمره حتى أخذه السلطان وحبسه.
حدّثنا إسماعيل بن أحمد الحيرى، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي قَالَ: الْحُسَيْن بن مَنْصُور قيل: إنما سمي الحلاج لأنه دخل واسطا فتقدم إِلَى حلاج وبعثه فِي شغل لَهُ، فَقَالَ لَهُ الحلاج: أنا مشغول بصنعتي. فَقَالَ: اذهب أنت فِي شغلي حتى أعينك فِي شغلك، فذهب الرجل فلما رجع وجد كل قطن فِي حانوته محلوجا، فسمي بذلك الحلاج! وقيل: إِنَّهُ كَانَ يتكلم في ابتداء أمره من قبل أن ينسب إِلَى ما نسب إليه، عَلَى الأسرار، ويكشف عَنْ أسرار المريدين ويخبر عنها، فسمي بذلك حلاج الأسرار، فغلب عليه اسم الحلاج. وقيل إن أباه كَانَ حلاجا فنسب إليه.
أَخْبَرَنِي أَبُو عَليّ عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أحمد بن فضالة النيسابوري- بالري- أنبأنا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بْنِ عَلِيّ النهاوندي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بن سلامة المروزي قَالَ: سمعت فارسا الْبَغْدَادِيّ يَقُولُ: قَالَ رجل للحسين بن مَنْصُور أوصني قَالَ: عليك بنفسك إن لم تشغلها بالحق، شغلتك عَنِ الحق. وَقَالَ لَهُ آخر:
عظني، فَقَالَ لَهُ: كن مع الحق بحكم ما أوجب.
أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَزَّارُ- بهمذان- حَدَّثَنَا علي بن الحسن الصيقلي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرُّخَانِ يَقُولُ: سمعت الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج يَقُولُ: علم الأولين والآخرين مرجعه إِلَى أربع كلمات: حب الجليل، وبغض القليل، واتباع التنزيل، وخوف التحويل.
حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن عَلِيّ الوراق قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جهم يَقُولُ:
كتب الْحُسَيْن بن مَنْصُور إِلَى أَحْمَد بن عطاء: أطال اللَّه لِي حياتك، وأعدمني وفاتك، على أحسن ما جرى به قدر، أو نطق به خبر، مع ما أن لك في قلبي من لواعج أسرار محبتك، وأفانين ذخائر مودتك، مالا يترجمه كتاب، ولا يحصيه حساب، ولا يفنيه عتاب، وفي ذلك أقول:
كتبت ولم أكتب إليك وإنما ... كتبت إِلَى روحي بغير كتاب
وذلك أن الروح لا فرق بينها ... وبين محبيها بفضل خطاب
فكل كتاب صادر منك وارد ... إليك بما رد الجواب جواب
أنشدنا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن أَحْمَد الأهوازي قَالَ: أنشدنا أَبُو حاتم الطبري للحسين بن مَنْصُور:
جبلت روحك فِي روحي كما ... يجبل العنبر بالمسك الفنق
فإذا مسك شيء مسني ... فإذا أنت أنا لا نفترق
قَالَ: وأنشدنا أَبُو حاتم الطبري أيضا للحسين بن مَنْصُور:
مزجت روحك فِي روحي كما ... تمزج الخمرة بالماء الزلال
فإذا مسك شيء مسني ... فإذا أنت أنا فِي كل حال
أنبأنا رضوان بن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَن الدينوري قَالَ: أنشدني أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد الصيدلاني الْمُقْرِئ قَالَ: أنشدني أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ عمران الْبَغْدَادِيّ قَالَ: أنشدني الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج لنفسه بالبصرة:
قد تحققتك في س ... رى فخاطبك لساني
فاجتمعنا لمعان ... وافترقنا لمعان
إن يكن غيبك التعظي ... م عن لحظ العيان
فلقد صيرك الوج ... د من الأحشاء دان
أنبأنا الْحَسَن بْن عَلِيّ الجوهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الخزاز قَالَ: أنشدنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ الكاتب قَالَ: أنشدني أَبُو مَنْصُور أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ مطر قَالَ: أنشدني أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج لنفسه- وحبست معه فِي المطبق-:
دلال يا مُحَمَّد مستعار ... دلال بعد أن شاب العذار
ملكت وحرمة الخلوات قلبا ... لعبت به وقربه القرار
فلا عين يؤرقها اشتياق ... ولا قلب يقلقله ادكار
نزلت بمنزل الأعداء مني ... وبنت فلا تزور ولا تزار
كما ذهب الحمار بأم عمرو ... فلا رجعت ولا رجع الحمار
أنبأنا رضوان بن محمد الدينوري قَالَ: سمعت معروف بن مُحَمَّد الصوفي بالري يَقُولُ: سمعت الخلدي يَقُولُ: أنشد عند ابن عطاء البيتان اللذان للحسين بن مَنْصُور وهما:
أريدك لا أريدك للثواب ... ولكني أريدك للعقاب
وكل مآربي قد نلت منها ... سوى ملذوذ وجدي بالعذاب
فلما سمع بذلك ابن عطاء قَالَ: هذا مما يتزايد به عذاب الشغف، وهيام الكلف، واحتراق الأسف، وشغف الحب، فإذا صفا ووفا علا إِلَى مشرب عذب، وهطل من الحق دائم سكب.
أنبأنا مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن عَبْد العزيز الهمذاني قَالَ: أنشدني أَبُو الفتح الإسكندري قَالَ: أنشدني القناد قَالَ: أنشدني الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج:
متى سهرت عيني لغيرك أو بكت ... فَلا أعطيت ما منيت وتمنت
وإن أضمرت نفسي سواك فَلا رعت ... رياض المنى من وجنتيك وجنت
أنبأنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله الأردستاني- بمكة- أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي- بنيسابور- قَالَ: سمعت أبا الفضل بن حفص يَقُولُ: سمعت القناد يَقُولُ: لقيت الحلاج يوما فِي حالة رثة، فقلت لَهُ: كيف حالك؟ فأنشأ يَقُولُ:
لئن أمسيت فِي ثوبي عديم ... لقد بليا عَلَى حر كريم
فَلا يحزنك أن أبصرت حالا ... مغيرة عَنِ الحال القديم
فلي نفس ستتلف أو سترقى ... لعمرك بي إِلَى أمر جسيم!
حَدَّثَنِي أَبُو النجيب عَبْد الغفار بْن عَبْد الواحد الأرموي قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الْقَاضِي يَقُولُ: سمعت أَحْمَد بن العلاء الصوفي قَالَ: سمعت عليّ ابن عبد الرحيم القناد قَالَ: رأيت الحلاج ثلاث مرات فِي ثلاث سنين، فأول ما رأيته أني كنت أطلبه لأصحبه، وآخذ عنه، فقيل لِي إِنَّهُ بأصفهان فسألت عنه فقيل لِي كَانَ هاهنا وخرج فخرجت من وقتي وأخذت الطريق فرأيته على بعض جبال أصفهان وعليه مرقعة وبيده ركوة وعكاز، فلما رآني قَالَ: عَلِيّ التوري ؟ ثم أنشا يَقُولُ:
لئن أمسيت فِي ثوبي عديم ... لقد بليا عَلَى حر كريم
فَلا يغررك أن أبصرت حالا ... مغيرة عَنِ الحال القديم
فلي نفس ستتلف أو سترقى ... لعمرك بي إِلَى أمر جسيم!
ثم فارقني وَقَالَ لِي: نلتقي إن شاء اللَّه، وملأ كفي دنينيرات، فلما كَانَ بعد سنة أخرى سألت عنه أصحابه بِبَغْدَادَ، فقالوا: هو بالجبانة، فقصدت الجبانة فسألت عنه فقيل لِي: إِنَّهُ فِي الخان، فدخلت الخان فرأيته وعليه صوف أبيض، فلما رآني قَالَ:
عَلِيّ التوري؟ قلت: نعم، فقلت: الصحبة الصحبة، فأنشدني:
دنبا تغالطني كأني ... لست أعرف حالها
حظر المليك حرامها ... وأنا احتميت حلالها
فوجدتها محتاجة ... فوهبت لذتها لها
ثم أخذ بيدي وخرجنا من الخان فَقَالَ: أريد أن أمضي إِلَى قوم لا تحملهم ولا يحملونك، ولكن نلتقي. وملأ كفي دنينيرات ثم غاب عني، فقيل لِي إِنَّهُ بِبَغْدَادَ بعد سنة فجئته، فقيل لِي: السلطان يطلبه، فبينا أنا فِي الكرخ بين السورين فِي يوم حار، فإذا به من بعيد عليه فوطة رملية متخفيا فيها، فلما رآني بكى وأنشأ يَقُولُ:
متى سهرت عيني لغيرك أو بكت ... فَلا بلغت ما أملت وتمنت
وإن أضمرت نفسي سواك فَلا رعت ... رياض المنى من وجنتيك وجنت
ثم قَالَ: يا عَلِيّ، النجاء، أرجو أن يجمع الله بيننا إن شاء الله.
أنبأنا محمّد بن عليّ بن الفتح، أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن بْن مُوسَى النيسابوري قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شاذان يَقُولُ: سمعت مُحَمَّد بن عَلِيّ الكتاني يَقُولُ: دخل الْحُسَيْن بن مَنْصُور مكة فِي ابتداء أمره، فجهدنا حتى أخذنا مرقعته، قَالَ السوسي: أخذنا منها قملة فوزناها فإذا فيها نصف دانق من كثرة رياضته، وشدة مجاهدته.
حَدَّثَنِي مسعود بن ناصر، أنبأنا ابن باكوا الشيرازي قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد المراري يَقُولُ: سمعت أبا يَعْقُوب النهرجوري يَقُولُ: دخل الحسين ابن مَنْصُور إِلَى مكة وكان أول دخلته، فجلس فِي صحن المسجد سنة لا يبرح من موضعه إِلا للطهارة أو للطواف، ولا يبالي بالشمس ولا بالمطر، وكان يحمل إليه كل عشية كوز ماء للشرب، وقرص من أقراص مكة، فيأخذ القرص ويعض أربع عضات من جوانبه، ويشرب شربتين من الماء: شربة قبل الطعام، وشربة بعده، ثم يضع باقي القرص عَلَى رأس الكوز فيحمل من عنده.
وَقَالَ ابن باكوا: حدّثنا أبو الفوارس الجوزقاني، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن شيبان. قَالَ:
سلم أستاذي- يعني أبا عَبْد اللَّهِ المغربي- عَلَى عمرو بن عُثْمَان المكي، فجاراه فِي مسألة فجرى فِي عرض الكلام أن قَالَ عمرو بن عُثْمَان: هاهنا شاب عَلَى أَبِي قبيس، فلما خرجنا من عند عمرو صعدنا إليه وكان وقت الهاجرة، فدخلنا عليه وإذا هو جالس عَلَى صخرة من أَبِي قبيس فِي الشمس، والعرق يسيل منه عَلَى تلك الصخرة، فلما نظر إليه أَبُو عَبْدِ اللَّهِ المغربي رجع وأشار إلي بيده: ارجع، فخرجنا ونزلنا الوادي ودخلنا المسجد، فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إن عشت ترى ما يلقى هذا، لأن اللَّه يبتليه بلاء لا يطيقه، قعد بحمقه يتصبر مع اللَّه! فسألنا عنه وإذا هو الحلاج.
أنبأنا عليّ بن أبي علي البصريّ، أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عُمَرَ الْقَاضِي قَالَ: حملني خالي معه إِلَى الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج، وهو إذ ذاك فِي جامع البصرة يتعبد ويتصوف ويقرأ قبل أن يدعي تلك الجهالات، ويدخل فِي ذلك وكان أمره إذ ذاك مستورا، إِلا أن الصوفية تدعي لَهُ المعجزات من طريق التصوف وما يسمونه مغوثات، لا من طريق المذاهب. قَالَ: فأخذ خالي يحادثه وأنا صبي جالس معهما أسمع ما يجري، فَقَالَ لخالي: قد عملت عَلَى الخروج من البصرة، فَقَالَ لَهُ خالي: لم؟ قَالَ: قد صير لِي أهل هذا البلد حديثا، فقد ضاق صدري وأريد أبعد منهم، فَقَالَ لَهُ مثل ماذا؟ قَالَ: يروني أفعل أشياء فَلا يسألوني عنها، ولا يكشفونها، فيعلمون أنها ليست كما وقع لهم، ويخرجون فيقولون: الحلاج مجاب الدعوة وله مغوثات، قد تمت عَلَى يده ألطاف ومن أنا حتى يكون لِي هذا؟ بحسبك أن رجلا حمل إلي منذ أيام دراهم وَقَالَ لِي اصرفها إِلَى الفقراء فلم يكن بحضرتي فِي الحال أحد، فجعلتها تحت بارية من بواري الجامع إِلَى جنب أسطوانة عرفتها، وجلست طويلا فلم يجئني أحد، فانصرفت إِلَى منزلي وبت ليلتي، فلما كَانَ من غد جئت إِلَى الأسطوانة وجعلت أصلي. فاحتف بي قوم من الفقراء، فقطعت الصلاة وشلت البارية فأعطيتهم تلك الدراهم، فشنعوا عَلَيَّ بأن قالوا: إني إذا ضربت يدي إِلَى التراب صار فِي يدي دراهم. قَالَ: وأخذ يعدد مثل هذا، فقام خالي عنه وودعه ولم يعد إليه وَقَالَ: هذا منمس وسيكون لَهُ بعد هذا شأن، فما مضى إِلا قليل حتى خرج من البصرة وظهر أمره.
حَدَّثَنِي أَبُو سعيد السجزي، أنبأنا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْد اللَّهِ الصوفي الشيرازي قَالَ: سمعت أبا الْحَسَن بن أبي توبة يقول: سمعت عليّ بن أَحْمَد الحاسب قَالَ: سمعت والدي يَقُولُ: وجهني المعتضد إِلَى الهند لأمور أتعرفها ليقف عليها، وكان معي فِي السفينة رجل يعرف بالحسين بن مَنْصُور، وكان حسن العشرة طيب الصحبة، فلما خرجنا من المركب ونحن عَلَى الساحل والحمالون ينقلون الثياب من المركب إِلَى الشط فقلت لَهُ: أيش جئت إِلَى هاهنا؟ قَالَ: جئت لأتعلم السحر، وأدعو الخلق إِلَى اللَّه تعالى، قَالَ: وكان عَلَى الشط كوخ وفيه شيخ كبير، فسأله الْحُسَيْن بن مَنْصُور: هل عندكم من يعرف شيئا من السحر؟ قَالَ: فأخرج الشيخ كبة غزل وناول طرفه الْحُسَيْن بن مَنْصُور، ثم رمى الكبة فِي الهواء فصارت طاقة واحدة، ثم
صعد عليها ونزل! وَقَالَ للحسين بن مَنْصُور: مثل هذا تريد؟ ثم فارقني ولم أره بعد ذلك إلّا ببغداد.
أنبأنا إسماعيل بن أحمد الحيرى، أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: قَالَ المزين:
رأيت الْحُسَيْن بن مَنْصُور فِي بعض أسفاره قلت لَهُ: إِلَى أين؟ فَقَالَ: إِلَى الهند أتعلم السحر أدعو به الخلق إِلَى اللَّه عَزَّ وجل.
وقال أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ: سمعت أبا عَلِيّ الهمذاني يَقُولُ: سألت إِبْرَاهِيم بن شيبان عَنِ الحلاج فَقَالَ: من أحب أن ينظر إِلَى ثمرات الدعاوى الفاسدة، فلينظر إِلَى الحلاج، وإلى ما صار إليه! قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيم: ما زالت الدعاوى والمعارضات مشئومة عَلَى أربابها مذ قَالَ إبليس أنا خير منه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بن الفتح، أنبأنا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن النيسابوري قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاس الرزاز يَقُولُ: قَالَ لِي بعض أصحابنا قُلْتُ لأبي الْعَبَّاس بن عطاء: ما تقول فِي الْحُسَيْن بن مَنْصُور؟ فَقَالَ: ذاك مخدوم من الجن، قَالَ: فلما كَانَ بعد سنة سألته عنه فقال: ذاك من حق. فقلت: قد سألتك عنه قبل هذا فقلت مخدوم من الجن، وأنت الآن تقول هذا! فَقَالَ: نعم، ليس كل من صحبنا يبقى معنا فيمكننا أن نشرفه عَلَى الأحوال، وسألت عنه وأنت فِي بدء أمرك، وأما الآن وقد تأكد الحال بيننا، فالأمر فيه ما سمعت.
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن: سمعت إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد النصراباذي، وعوتب فِي شيء حكى عنه- يعني عَنِ الحلاج فِي الروح- فَقَالَ لمن عاتبه: إن كَانَ بعد النبيين والصديقين موحد فهو الحلاج.
أنبأنا ابن الفتح، أنبأنا محمّد بن الحسين قال: سمعت المنصور بن عَبْد اللَّهِ يَقُولُ:
سمعت الشبلي يَقُولُ: كنت أنا والحسين بن مَنْصُور شيئا واحدا، إلا أَنَّهُ أظهر وكتمت. قَالَ: وسمعت منصورا يَقُولُ: سمعت بعض أصحابنا يَقُولُ: وقف الشبلي عليه وهو مصلوب، فنظر إليه وَقَالَ: ألم ننهك عن العالمين؟
أنبأنا إسماعيل الحيرى، أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: سمعت جَعْفَر بن أَحْمَد يَقُولُ: سمعت أبا بكر بن أَبِي سعدان يَقُولُ: الْحُسَيْن بن مَنْصُور مموه ممخرق.
قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ: وحكي عَنْ عمرو المكي أَنَّهُ قَالَ: كنت أماشيه فِي بعض أزقة مكة، وكنت أقرأ القرآن فسمع قراءتي فَقَالَ: يمكنني أن أقول مثل هذا، ففارقته.
حدّثني مسعود بن ناصر، أنبأنا ابن باكوا الشيرازي قَالَ: سمعت أبا زرعة الطبري يَقُولُ: الناس فيه- يعني فِي الْحُسَيْن بن مَنْصُور- بين قبول ورد، ولكن سمعت محمّد ابن يَحْيَى الرَّازِيّ يَقُولُ: سمعت عمرو بن عُثْمَان يلعنه ويقول: لو قدرت عليه لقتلته بيدي، فقلت أيش الذي وجد الشيخ عليه؟ قَالَ: قرأت آية من كتاب اللَّه فَقَالَ:
يمكنني أن أؤلف مثله وأتكلم به.
قَالَ: وسمعت أبا زرعة الطبري يَقُولُ: سمعت أبا يَعْقُوب الأقطع يقول: زوجت ابنتي من الْحُسَيْن بن مَنْصُور لما رأيت من حسن طريقته واجتهاده، فبان لِي بعد مدة يسيرة أَنَّهُ ساحر محتال، خبيث كافر.
ذكر بعض ما حكي عن الحلاج من الحيل:
أنبأنا عَلِيّ بن أَبِي عَلِيّ الْمُعَدَّل عَنْ أَبِي الْحَسَن أَحْمَد بن يوسف الأزرق قَالَ:
حَدَّثَنِي غير واحد من الثقات من أصحابنا أن الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج كَانَ قد أنفذ أحد أصحابه إِلَى بلد من بلدان الجبل، ووافقه عَلَى حيلة يعملها، فخرج الرجل فأقام عندهم سنين يظهر النسك والعبادة، ويقرأ القرآن ويصوم، فغلب عَلَى البلد، حتى إذا علم أَنَّهُ قد تمكن أظهر أَنَّهُ قد عمي، فكان يقاد إِلَى مسجده، ويتعامى عَلَى كل أحد شهورا، ثم أظهر أَنَّهُ قد زمن، فكان يحبو ويحمل إِلَى المسجد حتى مضت سنة عَلَى ذلك، وتقرر فِي النفوس زمانته وعماه، فَقَالَ لهم بعد ذلك: إني رأيت فِي النوم كأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِي: إِنَّهُ يطرق هذا البلد عبد لله صالح مجاب الدعوة، يكون عافيتك عَلَى يده وبدعائه، فاطلبوا لِي كل من يجتاز من الفقراء، أو من الصوفية، فلعل اللَّه أن يفرج عني عَلَى يد ذلك العبد وبدعائه، كما وعدني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتعلقت النفوس إِلَى ورود العبد الصالح، وتطلعته القلوب، ومضى الأجل الذي كَانَ بينه وبين الحلاج فقدم البلد فلبس الثياب الصوف الرقاق، وتفرد فِي الجامع بالدعاء والصلاة، وتنبهوا عَلَى خبره، فقالوا للأعمى، فَقَالَ احملوني إليه، فلما حصل عنده وعلم أَنَّهُ الحلاج قَالَ لَهُ: يا عَبْد اللَّهِ إني رأيت فِي المنام كيت وكيت، فتدعو اللَّه لِي، فَقَالَ: ومن أنا وما محلي؟ فما زال به حتى دعا لَهُ ثم مسح يده عليه، فقام المتزامن صحيحا مبصرا! فانقلب البلد، وكثر الناس عَلَى الحلاج فتركهم وخرج من البلد، وأقام المتعامي المتزامن فيه شهورا. ثم قَالَ لهم إن من حق نعمة اللَّه عندي، ورده جوارحي عليّ أن أنفرد بالعبادة إفرادا أكثر من هذا، وأن يكون مقامي فِي الثغر، وقد عملت عَلَى
الخروج إِلَى طرسوس، فمن كانت لَهُ حاجة تحملتها، وإلا فأنا أستودعكم اللَّه، قَالَ:
فأخرج هذا ألف درهم فأعطاه وَقَالَ اغز بها عني وأعطاه هذا مائة دينار، وَقَالَ:
أخرج بها غزاة من هناك، وأعطاه هذا مالا، وهذا مالا حتى اجتمع ألوف دنانير ودراهم، فلحق بالحلاج فقاسمه عليها.
حدّثنا عليّ بن أبي علي، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الشاهد الأهوازي قَالَ: أَخْبَرَنِي فلان المنجم، وأسماه ووصفه بالحذق والفراهة- قَالَ: بلغني خبر الحلاج وما كَانَ يفعله من إظهار تلك العجائب التي يدعي أنها معجزات. فقلت: أمضي وأنظر من أي جنس هي من المخاريق، فجئته كأني مسترشد فِي الدين، فخاطبني وخاطبته ثم قَالَ لِي: تشه الساعة ما شئت حتى أجيئك به، وكنا فِي بعض بلدان الجبل التي لا يكون فيها الأنهار، فقلت لَهُ: أريد سمكا طريا فِي الحياة الساعة، فَقَالَ: أفعل، اجلس مكانك فجلست، وقام فَقَالَ: أدخل البيت وأدعو اللَّه أن يبعث لك به. قَالَ: فدخل بيتا حيالي، وغلق بابه وأبطأ ساعة طويلة، ثم جاءني وقد خاض وحلا إِلَى ركبته وماء، ومعه سمكة تضطرب كبيرة، فقلت لَهُ: ما هذا؟ فَقَالَ:
دعوت اللَّه فأمرني أن أقصد البطائح وأجيئك بهذه، فمضيت إِلَى البطائح فخضت الأهواز، فهذا الطين منها حتى أخذت هذه، فعلمت أن هذه حيلة، فقلت لَهُ: تدعني أدخل البيت فإن لم ينكشف لِي حيلة فيه آمنت بك. فَقَالَ: شأنك، فدخلت البيت وغلقته عَلَى نفسي فلم أجد فيه طريقا ولا حيلة، فندمت، وقلت إن وجدت فيه حيلة فكشفتها؛ لم آمن أن يقتلني فِي الدار، وإن لم أجد طالبني بتصديقه، كيف أعمل؟
قَالَ: وفكرت فِي البيت فرفعت تأزيرة- وكان مؤزرا بإزار ساج- فإذا بعض التأزير فارغا، فحركت جسرية منه خمنت عليها فإذا هي قد انفلقت، فدخلت فيها فإذا هي باب ممر، فولجت فيه إِلَى دار كبيرة، فيها بستان عظيم، فيه صنوف الأشجار والثمار، والريحان، والأنوار التي هي وقتها وما ليس هو وقته مما قد غطي وعتق، واحتيل فِي بقائه. وإذا الخزائن مفتوحة فيها أنواع الأطعمة المفروغ منها والحوائج لما يعمل فِي الحال إذا طلب، وإذا بركة كبيرة فِي الدار فخضتها فإذا هي مملوءة سمكا كبارا وصغارا فاصطدت واحدة كبيرة وخرجت، فإذا رجلي قد صارت بالوحل والماء إِلَى حد ما رأيت رجله، فقلت: الآن إن خرجت ورأى هذا معي قتلني فقلت: أحتال عليه فِي الخروج، فلما رجعت إِلَى البيت أقبلت أقول: آمنت وصدقت، فقال لي: ما لك؟
قُلْتُ: ما هاهنا حيلة، وليس إِلا التصديق بك. قَالَ: فاخرج فخرجت وقد بعد عَنِ
الباب، وتموه عليه قولي. فحين خرجت أقبلت أعدو أطلب باب الدار، ورأى السمكة معي، فقصدني وعلم أني قد عرفت حيلته فأقبل يعدو خلفي فلحقني، فضربت بالسمكة صدره ووجهه، وقلت لَهُ: أتعبتني حتى مضيت إِلَى البحر، فاستخرجت لك هذه منه! قَالَ: واشتغل بصدره وبعينه وما لحقهما من السمكة وخرجت. فلما صرت خارج الدار طرحت نفسي مستلقيا لما لحقني من الجزع والفزع. فخرج إلي وضاحكني وَقَالَ: ادخل. فقلت: هيهات والله لئن دخلت لا تركتني أخرج أبدا.
فَقَالَ: اسمع، والله لئن شئت قتلك عَلَى فراشك لأفعلن، ولئن سمعت بهذه الحكاية لأقتلنك، ولو كنت فِي تخوم الأرض وما دام خبرها مستورا فأنت آمن عَلَى نفسك، امض الآن حيث شئت. وتركني ودخل فعلمت أَنَّهُ يقدر عَلَى ذلك بأن يدس أحد من يطيعه، ويعتقد فيه ما يعتقده فيقتلني، فما حكيت الحكاية إِلَى أن قتل.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن أَبِي عَلِيّ عن ابن الْحَسَن أَحْمَد بن يوسف الأزرق أن الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج لما قدم بَغْدَاد يدعو، استغوى كثيرا من الناس والرؤساء، وكان طمعه فِي الرافضة أقوى لدخوله من طريقهم، فراسل أبا سهل بن نوبخت يستغويه، وكان أَبُو سهل من بينهم مثقفا فهما فطنا، فَقَالَ أَبُو سهل لرسوله: هذه المعجزات التي يظهرها قد تأتي فيها الحيل، ولكن أنا رجل غزل ولا لذة لِي أكبر من النساء وخلوتي بهن، وأنا مبتلي بالصلع حتى إني أطول قحفي وآخذ به إِلَى جبيني وأشده بالعمامة واحتال فيه بحيل، ومبتلى بالخضاب لستر المشيب، فإن جعل لِي شعرا ورد لحيتي سوداء بلا خضاب آمنت بما يدعوني إليه كائنا ما كَانَ، إن شاء قُلْتُ إِنَّهُ باب الإمام، وإن شاء الإمام، وإن شاء قُلْتُ إِنَّهُ النَّبِيّ، وإن شاء قُلْتُ إِنَّهُ اللَّه! قَالَ: فلما سمع الحلاج جوابه أيس منه، وكف عنه. قَالَ أَبُو الْحَسَن: وكان الحلاج يدعو كل قوم إِلَى شيء من هذه الأشياء التي ذكرها أَبُو سهل عَلَى حسب ما يستبله طائفة طائفة. وأَخْبَرَنِي جماعة من أصحابنا أَنَّهُ لما افتتن الناس بالأهواز وكورها بالحلاج وما يخرجه لهم من الأطعمة والأشربة فِي غير حينها، والدراهم التي سماها دراهم القدرة حدث أَبُو عَلِيّ الجبائي بذلك، فَقَالَ لهم: هذه الأشياء محفوظة فِي منازل يمكن الحيل فيها، ولكن أدخلوه بيتا من بيوتكم لا من منزله هو، وكلفوه أن يخرج منه جرزتين شوكا فإن فعل فصدقوه، فبلغ الحلاج قوله وأن قوما قد عملوا عَلَى ذلك فخرج عَنِ الأهواز.
حَدَّثَنِي مسعود بن ناصر، أنبأنا أبو عبد الله بن باكوا الشيرازي قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ بْن حفيف- وقد سأله أَبُو الْحَسَن بن أَبِي توبة عَنِ الْحُسَيْن بن مَنْصُور- فَقَالَ:
سمعت أبا يَعْقُوب النهرجوري يَقُولُ: دخل الْحُسَيْن بن منصور مكة ومعه أربعمائة رجل، فأخذ كل شيخ من شيوخ الصوفية جماعة، قَالَ: وكان فِي سفرته الأولى كنت آمر من يخدمه. قَالَ: ففي هذه الكرة أمرت المشايخ وتشفعت إليهم ليحملوا عنه الجمع العظيم، قَالَ: فلما كَانَ وقت المغرب جئت إليه وقلت لَهُ: قد أمسينا فقم بنا حتى نفطر، فَقَالَ: نأكل عَلَى أَبِي قبيس، فأخذنا ما أردنا من الطعام وصعدنا إِلَى أَبِي قبيس، وقعدنا للأكل، فلما فرغنا من الأكل قَالَ الْحُسَيْن بن مَنْصُور: لم نأكل شيئا حلوا. فقلت: أليس قد أكلنا التمر؟ فَقَالَ: أريد شيئا قد مسته النار، فقام وأخذ ركوته وغاب عنا ساعة ثم رجع ومعه جام حلواء فوضعه بين أيدينا وَقَالَ: بسم الله، فأخذ القوم يأكلون وأنا أقول مع نفسي قد أخذ فِي الصنعة التي نسبها إليه عمرو بن عُثْمَان. قَالَ: فأخذت منه قطعة ونزلت الوادي، ودرت عَلَى الحلاويين أريهم ذلك الحلواء وأسألهم هل يعرفون من يتخذ هذا بمكة؟ فما عرفوه حتى حمل إِلَى جارية طباخة فعرفته، وَقَالَتْ: لا يعمل هذا إِلا بزبيد، فذهبت إِلَى حاج زبيد- وكان لِي فيه صديق- وأريته الحلواء فعرفه وَقَالَ: يعمل هذا عندنا إِلا أَنَّهُ لا يمكن حمله فَلا أدري كيف حمل. وأمرت حتى حمل إليه الجام وتشفعت إليه ليتعرف الخبر بزبيد هل ضاع لأحد من الحلاويين جام علامته كذا وكذا، فرجع الزبيدي إِلَى زبيد، وإذا أَنَّهُ حمل من دكان إنسان حلاوي، فصح عندي أن الرجل مخدوم.
وقال ابن باكوا: حدّثنا أبو عبد الله بن مفلح، حَدَّثَنَا طاهر بن أَحْمَد التستري.
قَالَ: تعجبت من أمر الحلاج فلم أزل أتتبع وأطلب الحيل، وأتعلم النيرنجات لأقف عَلَى ما هو عليه، فدخلت عليه يوما من الأيام، وسلمت وجلست ساعة ثم قَالَ لِي:
يا طاهر لا تتعن، فإن الذي تراه وتسمعه من فعل الأشخاص لا من فعلي، لا تظن أنه كرامة أو شعوذة، فصح عندي أَنَّهُ كما يَقُولُ.
حَدَّثَنِي أَبُو سعيد السجزي، أنبأنا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْد اللَّهِ الصوفي الشيرازي قَالَ: سمعت عَلِيّ بن الْحَسَن الفارسي بالموصل يَقُولُ: سمعت أبا بكر بن سعدان يَقُولُ: قَالَ لِي الْحُسَيْن بن مَنْصُور: تؤمن بي حتى أبعث إليك بعصفورة تطرح من ذرقها وزن حبة عَلَى كذا منا من نحاس فيصير ذهبا؟! قَالَ: فقلت لَهُ: بل أنت تؤمن بي حتى أبعث إليك بفيل يستلقي فتصير قوائمه فِي السماء، فإذا أردت أن تخفيه أخفيته فِي إحدى عينيك؟ قَالَ: فبهت وسكت.
أنبأنا إبراهيم بن مخلد، أنبأنا إِسْمَاعِيل بن عَلِيّ الخطبي- فِي تاريخه- قَالَ: وظهر أمر رجل يعرف بالحلاج يقال لَهُ: الْحُسَيْن بن مَنْصُور، وكان فِي حبس السلطان بسعاية وقعت به فِي وزارة عَلِيّ بن عِيسَى الأولى، وذكر عنه ضروب من الزندقة، ووضع الحيل عَلَى تضليل الناس من جهات تشبه الشعوذة والسحر، وادعاء النبوة، فكشفه عَلِيّ بن عِيسَى عند قبضه عليه، وأنهى خبره إِلَى السلطان- يعني المقتدر بالله- فلم يقر بما رمي به من ذلك، وعاقبه وصلبه حيا أياما متوالية فِي رحبة الجسر فِي كل يوم غدوة، وينادى عليه بما ذكر عنه، ثم ينزل به ثم يحبس، فأقام فِي الحبس سنين كثيرة، ينقل من حبس إِلَى حبس حتى حبس بأخرة فِي دار السلطان فاستغوى جماعة من غلمان السلطان وموه عليهم واستمالهم بضروب من حيله حتى صاروا يحمونه، ويدفعون عنه، ويرفهونه، ثم راسل جماعة من الكتاب وغيرهم بِبَغْدَادَ وغيرها، فاستجابوا لَهُ، وتراقى به الأمر حتى ذكر أنه ادعى الربوبية، وَسُعِيَ بجماعة من أصحابه إِلَى السلطان فقبض عليهم ووجد عند بعضهم كتبا لَهُ تدل عَلَى تصديق ما ذكر عنه، وأقر بعضهم بلسانه بذلك، وانتشر خبره، وتكلم الناس فِي قتله، فأمر أمير المؤمنين بتسليمه إِلَى حامد بن الْعَبَّاس، وأمر أن يكشفه بحضرة القضاة، ويجمع بينه وبين أصحابه، فجرى فِي ذلك خطوب طوال ثم استيقن السلطان أمره، ووقف عَلَى ما ذكر لَهُ عنه، فأمر بقتله وإحراقه بالنار. فأحضر مجلس الشرطة بالجانب الغربي يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة، فضرب بالسياط نحوا من ألف سوط، وقطعت يداه ورجلاه، وضربت عنقه، وحرقت جثته بالنار، ونصب رأسه للناس عَلَى سور السجن الجديد، وعلقت يداه ورجلاه إِلَى جانب رأسه.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن أَبِي الْحَسَن الساحلي عَنْ أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بن مُحَمَّد النسوي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْحَافِظ يَقُولُ: سمعت إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْوَاعِظ يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الرَّازِيّ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حمشاذ: حضر عندنا بالدينور رجل ومعه مخلاة فما كَانَ يفارقها بالليل ولا بالنهار، ففتشوا المخلاة فوجدوا فيها كتابا للحلاج عنوانه: من الرحمن الرحيم إِلَى فلان بن فلان، فوجه إِلَى بَغْدَاد قَالَ: فأحضر وعرض عليه فَقَالَ: هذا خطي وأنا كتبته، فقالوا: كنت تدعي النبوة فصرت تدعي الربوبية؟ فَقَالَ: ما أدعي الربوبية ولكن هذا عين الجمع عندنا، هل الكاتب إِلا اللَّه، وأنا واليد فيه آلة. فقيل: هل معك أحد؟ فَقَالَ: نعم، ابن عطاء، وأبو محمّد الحريريّ، وأبو بكر الشبلي. وأبو محمّد الحريريّ يستتر، والشبلي يستتر، فإن كَانَ
فابن عطاء. فأحضر الحريريّ فسئل فَقَالَ: هذا كافر يقتل، ومن يَقُولُ هذا؟ وسئل الشبلي فَقَالَ: من يَقُولُ هذا يمنع. ثم سئل ابن عطاء عَنْ مقالة الحلاج فَقَالَ بمقالته، فكان سبب قتله.
أنبأنا إسماعيل بن أحمد الحيرى، أنبأنا أبو عبد الرّحمن الشبلي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الرَّازِيّ يقول: كان الوزير حين أحضر الْحُسَيْن بن مَنْصُور للقتل، حامد بن الْعَبَّاس فأمره أن يكتب اعتقاده، فكتب اعتقاده، فعرضه الوزير عَلَى الفقهاء بِبَغْدَادَ فأنكروا ذلك، فقيل للوزير: إن أبا الْعَبَّاس بن عطاء يصوب قوله، فأمر أن يعرض ذلك عَلَى أَبِي الْعَبَّاس بن عطاء، فعرض عليه فَقَالَ: هذا اعتقاد صحيح، وأنا أعتقد هذا الاعتقاد، ومن لا يعتقد هذا فهو بلا اعتقاد. فأمر الوزير بإحضاره فأحضر، وأدخل عليه فجلس فِي صدر المجلس فغاظ الوزير ذلك، ثم أخرج ذلك الخط فَقَالَ:
هذا خطك؟ فَقَالَ: نعم، فَقَالَ: تصوب مثل هذا الاعتقاد؟ فَقَالَ: ما لك ولهذا، عليك بما نصبت لَهُ من أخذ أموال الناس، وظلمهم، وقتلهم، مالك ولكلام هؤلاء السادة. فَقَالَ الوزير: فكيه، فضرب فكاه، فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس اللَّهُمَّ إنك سلطت هذا عَلِيّ عقوبة لدخولي عليه. فَقَالَ الوزير: خفه يا غلام، فنزع خفه فَقَالَ: دماغه، فما زال يضرب رأسه حتى سال الدم من منخريه، ثم قَالَ: الحبس، فقيل أيها الوزير يتشوش العامة لذلك، فحمل إِلَى منزله. فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: اللَّهُمَّ اقتله أخبث قتلة، واقطع يديه ورجليه. فمات أَبُو الْعَبَّاس بعد ذلك بسبعة أيام، وقتل حامد بن العبّاس أفظع قتلة وأوحشها، بعد أن قطعت يداه ورجلاه، وأحرق داره، وكانوا يقولون:
أدركته دعوة أَبِي الْعَبَّاس بن عطاء.
أنبأنا محمّد بن عليّ بن أبي الفتح، أنبأنا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن النيسابوري قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا بكر بن غالب يَقُولُ: سمعت بعض أصحابنا يقول: لما أرادوا قتل الحسين ابن مَنْصُور أحضر لذلك الفقهاء، والعلماء، وأخرجوه، وقدموه بحضرة السلطان، فسألوه فقالوا مسألة، فَقَالَ هاتوا، فقالوا لَهُ: ما البرهان؟ فَقَالَ: البرهان شواهد يلبسها الحق أهل الإخلاص يجذب النفوس إليها جاذب القبول. فقالوا بأجمعهم: هذا كلام أهل الزندقة!! وأشاروا عَلَى السلطان بقتله.
قُلْتُ: قد أحال هذا الحاكي عَنِ الفقهاء بأن هذا كلام أهل الزندقة، وهو رجل مجهول، وقوله غير مقبول، وإنما أوجب الفقهاء قتله بأمر آخر. حَدَّثَنِي مسعود بن
ناصر، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن باكوا الشّيرازي. قال: سمعت ابن بزول القزويني- وقد سأل أبا عَبْد اللَّهِ بْن حفيف عَنْ معنى هذه الأبيات-:
سبحان من أظهر ناسوته ... سر سنا لاهوته الثاقب
ثم بدا فِي خلقه ظاهرا ... فِي صورة الآكل والشارب
حتى لقد عاينه خلقه ... كلحظة الحاجب بالحاجب
فَقَالَ الشيخ: عَلَى قائلها لعنه اللَّه. فَقَالَ عيسى بن بزول: هذا الحسين بن مَنْصُور.
فَقَالَ: إن كَانَ هذا اعتقاده فهو كافر. إِلا أَنَّهُ لم يصح أَنَّهُ لَهُ، ربما يكون مقولا عليه.
قَالَ ابن باكوا: سمعت أبا الْقَاسِم يوسف بن يَعْقُوبَ النعماني يَقُولُ: سمعت والدي يَقُولُ: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بن داود الفقيه الأصبهاني يَقُولُ: إن كَانَ ما أنزل اللَّه عَلَى نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حقا، وما جاء به حقّا، فما يَقُولُ الحلاج باطل. وكان شديدا عليه.
أنبأنا ابن الفتح، أنبأنا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ: سمعت أبا بكر الشاشي يَقُولُ: قَالَ أَبُو الجديد- يعني المصري- لما كَانَ الليلة التي قتل فِي صبيحتها الْحُسَيْن بن مَنْصُور قام من الليل فصلى ما شاء اللَّه، فلما كَانَ آخر الليل قام قائما فتغطى بكسائه، ومد يديه نحو القبلة فتكلم بكلام جائز الحفظ، وكان مما حفظت أن قَالَ: نحن شواهدك فلو دلتنا عزتك لتبدي ما شئت من شانك ومشيئتك، وأنت الذي في السماء إليه وفي الأرض إله. تتجلى لما تشاء مثل تجليك فِي مشيئتك كأحسن الصورة، والصورة فيها الروح الناطقة بالعلم والبيان والقدرة ثم أوعزت إليّ شاهدك، لأني فِي ذاتك الهوى، كيف أنت إذا مثلت بذاتي عند عقيب كراتي، ودعوت إِلَى ذاتي بذاتي، وأبديت حقائق علومي ومعجزاتي، صاعدا فِي معارجي إِلَى عروش أزلياتي، عند القول من برياتي، إني احتضرت وقتلت، وصلبت، وأحرقت، واحتملت سافياتي الذاريات، ونجحت في الجاريات، وإن ذرة من ينجوج مكان هاكول متجلياتي، لأعظم من الراسيات. ثم أنشأ يَقُولُ:
أنعي إليك نفوسا طاح شاهدها ... فيما ورا الحيث أو فِي شاهد القدم
أنعي إليك قلوبا طالما هطلت ... سحائب الوحي فيها أبحر الحكم
أنعي إليك لسان الحق منك ومن ... أودى وتذكاره فِي الوهم كالعدم
أنعي إليك بيانا يستكين لَهُ ... أقوال كل فصيح مقول فهم
أنعي إليك إشارات العقول معا ... لم يبق منهن إلّا دارس العدم
أنعي- وحبك- أخلاقا لطائفة ... كانت مطاياهم من مكمد الكظم
مضى الجميع فَلا عين ولا أثر ... مضى عاد وفقدان الألى إرم
وخلفوا معشرا يحذون لبستهم ... أعمى من البهم بل أعمى من النعم
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِيّ الصوري قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر بن أَبِي الكرام الْبَزَّاز- بمصر- يَقُولُ: سمعت أبا مُحَمَّد الياقوتي يَقُولُ: رأيت الحلاج عند الجسر وهو عَلَى بقرة ووجهه إلى عجزها، فسمعته يَقُولُ: ما أنا بالحلاج، ألقى عَلَى شبهه وغاب، فلما أدنى إِلَى الخشبة ليصلب عليها سمعته يقول: يا معين الفنا عليّ، أعني عليّ الفنا. أنبأنا الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي قَالَ: لما أخرج الحسين بن منصور ليقتل أنشد:
طلبت المستقر بكل أرض ... فلم أر لِي بأرض مستقرا
أطعت مطامعي فاستعبدتني ... ولو أني قنعت لكنت حرّا
أنبأنا إسماعيل الحيرى، أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَن الْوَرَّاق يَقُولُ: سمعت أبا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد القلانسي الرَّازِيّ يَقُولُ: لما صلب الْحُسَيْن بن مَنْصُور، وقفت عليه وهو مصلوب فقال: إلهي إلهي أصبحت فِي دار الرغائب أنظر إِلَى العجائب، إلهي إنك تتودد إِلَى من يؤذيك، فكيف لا تتودد إِلَى من يؤذى فيك.
وَقَالَ السلمي: سمعت عبد الواحد بن عَلِيّ يَقُولُ: سمعت فارسا الْبَغْدَادِيّ يَقُولُ:
لما حبس الحلاج قيد من كعبه إِلَى ركبته بثلاثة عشر قيدا، وكان يصلي مع ذلك فِي كل يوم وليله ألف ركعة! قَالَ: وسمعت فارسا يَقُولُ: قطعت أعضاؤه يوم قتل عضوا عضوا وما تغير لونه.
وَقَالَ السلمي: سمعتُ أَبَا عَبْد اللَّهِ الرَّازِيّ يَقُولُ: سمعتُ أبا بكر العطوفي يَقُولُ:
كنت أقرب الناس من الحلاج، فضرب كذا وكذا سوطا، وقطعت يداه ورجلاه فما نطق! أنبأنا أبو الفتح، أنبأنا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ: سمعت الْحُسَيْن بن أَحْمَد- يعني الرَّازِيّ- يَقُولُ: سمعت أبا الْعَبَّاس بن عبد العزيز يَقُولُ: كنت أقرب الناس من الحلاج حين ضرب وكان يَقُولُ مع كل صوت: أحد، أحد.
حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَان الصيرفي قَالَ: قَالَ لنا أَبُو عُمَرَ بْن حيويه: لما أخرج حسين الحلاج ليقتل مضيت فِي جملة الناس ولم أزل أزاحم حتى رأيته فَقَالَ لأصحابه: لا يهولنكم هذا، فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوما ثم قتل.
أنبأنا مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ عَبْد اللَّهِ الأردستاني- بمكة- أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي- بنيسابور- قَالَ: سمعت أبا الْعَبَّاس الرزاز يَقُولُ: كَانَ أخي خادما للحسين بن مَنْصُور، فسمعته يَقُولُ: لما كانت الليلة التي وعد من الغد قتله، قُلْتُ لَهُ: يا سيدي أوصني، فَقَالَ لِي: عليك نفسك إن لم تشغلها شغلتك قَالَ:
فلما كَانَ من الغد فأخرج للقتل قال: حسب الواحد أفراد الواحد لَهُ. ثم خرج يتبختر فِي قيده ويقول:
نديمي غير منسوب ... إِلَى شيء من الحيف
سقاني مثل ما يشر ... ب فعل الضيف بالضيف
فلما دارت الكأس ... دعا بالنطع والسيف
كذا من يشرب الراح ... مع التنين فِي الصيف
ثم قَالَ: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ
[الشورى 18] ثم ما نطق بعد ذلك حتى فعل به ما فعل.
أنبأنا ابن الفتح، أنبأنا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ: سمعتُ عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ يَقُولُ:
سمعت عِيسَى القصار يَقُولُ: آخر كلمة تكلم بها الْحُسَيْن بن مَنْصُور عند قتله وصلبه أن قال: حسب الواحد أفراد الواحد لَهُ. فما سمع بهذه الكلمة أحد من المشايخ إِلا رق لَهُ واستحسن هذا الكلام منه.
أنبأنا إسماعيل الحيرى، أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: سمعت أبا بكر البجلي يَقُولُ: سمعت أبا الفاتك الْبَغْدَادِيّ- وكان صاحب الحلاج- قَالَ: رأيت فِي النوم بعد ثلاث من قتل الحلاج، كأني واقف بين يدي ربي تعالى فأقول يا رب ما فعل الْحُسَيْن بن مَنْصُور؟ فَقَالَ: كاشفته بمعنى فدعا الخلق إِلَى نفسه، فأنزلت به ما رأيت.
ذكر أخبار الحلاج بعد حصوله فِي يد حامد بن الْعَبَّاس وشرحها عَلَى التفصيل إِلَى حين مقتله:
قد ذكرنا ما انتهى إلينا من أخبار الحلاج المنثورة وأنا أسوق هاهنا قصته بِبَغْدَادَ مفصلة، وسبب القبض عليه، وشرح ما بعد ذلك إِلَى أن قتل:
فبلغنا أَنَّهُ أقام بِبَغْدَادَ فِي أيام المقتدر بالله زمانا يصحب الصوفية وينتسب إليهم، والوزير إذ ذاك حامد بن الْعَبَّاس فانتهى إليه أن الحلاج قد موه عَلَى جماعة من الحشم والحجاب فِي دار السلطان، وعلى غلمان نصر القشوري الحاجب وأسبابه، بأنه يُحْيي الموتى، وأن الجن يخدمونه ويحضرون ما يختاره ويشتهيه، وأظهر أَنَّهُ قد أحيا عدة من الطير. وأظهر أَبُو عَلِيّ الأوارجي لعلي بن عِيسَى أن مُحَمَّد بن عَلي القنائي- وكان أحد الكتاب- يعبد الحلاج، ويدعو الناس إِلَى طاعته، فوجه عَلِيّ بن عِيسَى إلى محمّد ابن عَلِيّ القنائي من كبس منزله وقبض عليه، وقرره عَلِيّ بن عِيسَى فأقر أَنَّهُ من أصحاب الحلاج، وحمل من داره إِلَى عَلِيّ بن عِيسَى دفاتر ورقاعا بخط الحلاج، فالتمس حامد بن الْعَبَّاس من المقتدر بالله أن يسلم إليه الحلاج ومن وجد من دعاته، فدفع عنه نصر الحاجب، وكان يذكر عنه الميل إِلَى الحلاج، فجرد حامد فِي المسأله، فأمر المقتدر بالله أن يدفع إليه، فقبضه واحتفظ به، وكان يخرجه كل يوم إِلَى مجلسه ويتسقطه ليتعلق عليه بشيء يكون سبيلا لَهُ إِلَى قتله، فكان الحلاج لا يزيد عَلَى إظهار الشهادتين والتوحيد، وشرائع الإسلام، وكان حامد قد سعى إليه بقوم أنهم يعتقدون فِي الحلاج الإلهيه، فقبض حامد عليهم وناظرهم فاعترفوا أنهم من أصحاب الحلاج ودعاته، وذكروا لحامد أنهم قد صح عندهم أَنَّهُ إله، وأنه يُحْيِي الموتى، وكاشفوا الحلاج بذلك فجحده وكذبهم، وَقَالَ: أعوذ بالله أن أدعي الربوبية، أو النبوة، وإنما أنا رجل أعبد اللَّه، وأكثر الصوم، والصلاة، وفعل الخير، ولا أعرف غير ذلك .
حدّثنا عَلِيّ بن المحسن القاضي، عَنْ أبي الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّدِ بْنِ زنجي الكاتب عَنْ أبيه- وهو المعروف بزنجي- بما أسوقه من أخبار الحلاج إِلَى حين مقتله، وكان زنجي يلازم مجلس حامد بن الْعَبَّاس ويرى الحلاج، ويسمع مناظرات أصحابه.
قَالَ زنجي: أول ما انكشف من أمره فِي أيام وزارة حامد بن الْعَبَّاس، أن رجلا شيخا حسن السمت يعرف بالدباس، تنصح فيه، وذكر انتشار أصحابه، وتفرق دعاته فِي النواحي، وأنه كان ممن استجاب له ثم تبين له مخرقته، ففارقه وخرج عَنْ جملته، وتقرب إِلَى اللَّه بكشف أمره، واجتمع معه عَلَى هذه الحال أَبُو عَلِيّ هَارُون بن عبد العزيز الأوارجي الكاتب الأنباري وكان قد عمل كتابا ذكر فيه مخاريق الحلاج،
والحيلة فيها، والحلاج حينئذ مقيم عند نصر القشوري، فِي بعض حجره، موسع عليه، مأذون لمن يدخل إليه، وللحلاج اسمان أحدهما الْحُسَيْن بن منصور، والآخر محمّد ابن أَحْمَد الفارسي. وكان قد استغوى نصرا وجاز تمويهه عليه، حتى كَانَ يسميه العبد الصالح، ويحدث الناس أن علة عرضت للمقتدر بالله فِي جوفه، وقف نصر عَلَى خبرها، فوصفه لَهُ واستأذنه فِي إدخاله إليه فأذن لَهُ، ووضع يده عَلَى الموضع الذي كانت العلة فيه وقرأ عليه، فاتفق أن زالت العلة، ولحق والدة المقتدر بالله مثل تلك العلة، وفعل بها مثل ذلك فزال ما وجدته، فقام للحلاج بذلك سوق فِي الدار، وعند والدة المقتدر والخدم والحاشية وأسباب نصر خاصة، ولما انتشر كلام الدباس وأبي عَلي الأوارجي فِي الحلاج بعث به المقتدر بالله إِلَى أبي الحسن عليّ بن عِيسَى ليناظره فأحضره مجلسه وخاطبه خطابا فيه غلظة، فحكي فِي ذلك الوقت أَنَّهُ تقدم إليه وَقَالَ لَهُ فيما بينه [وبينه] : قف حيث انتهيت ولا تزد عليه شيئا، وإلا قلبت الأرض عليك، أو كلاما فِي هذا المعنى فتهيب عليّ بن عبيس مناظرته واستعفى منه، ونقل حينئذ إِلَى حامد، وكانت بنت السمري صاحب الحلاج قد أدخلت إليه، وأقامت عنده فِي دار السلطان مدة، وبعث بها إِلَى حامد ليسألها عما وقفت عليه، وشاهدته من أحواله، فدخلت إِلَى حامد فِي يوم شات بارد، وهذه المرأة بحضرته- وكانت حسنة العبارة، عذبة الألفاظ، مقبولة الصورة، فسألها عَنْ أمره فذكرت أن أباها السمري حملها إليه، وأنها لما دخلت عليه وهب لها أشياء كثيرة، عددت أصنافها منها ريطة خضراء وَقَالَ لها: قد زوجتك من ابني سُلَيْمَان، وهو أعز ولدي عَلِيّ، وهو مقيم بنيسابور فِي موضع قد ذكرته وأنسيته، وليس يخلو أن يقع بين المرأة وزوجها خلاف، أو تنكر منه حالا من الأحوال، وقد أوصيته بك، فمتى جرى شيء تنكرينه من جهته فصومي يومك، واصعدي آخر النهار إِلَى السطح وقومي عَلَى الرماد واجعلي فطرك عليه وعلى ملح جريش، واستقبليني بوجهك، واذكري لِي ما أنكرتيه منه فإني أسمع وأرى. قَالَتْ: وكنت ليلة نائمة فِي السطح وابنة الحلاج معي فِي دار السلطان، وهو معنا، فلما كَانَ فِي الليل أحسست به وقد غشيني فانتبهت مذعورة منكرة لما كَانَ منه. فَقَالَ: إنما جئتك لأوقظك للصلاة ولما أصبحنا نزلت إِلَى الدار ومعي بنته ونزل هو، فلما صار عَلَى الدرجة بحيث يرانا ونراه قَالَتْ بنته: اسجدي لَهُ، فقلت لها: أو يسجد أحد لغير اللَّه؟! وسمع كلامي لها فَقَالَ: نعم، إله فِي السماء
وإله فِي الأرض، قَالَتْ: ودعاني إليه وأدخل يده فِي كمه وأخرجها مملوءة مسكا فدفعه إلي وفعل هذا مرات، ثم قَالَ: اجعلي هذا فِي طيبك فإن المرأة إذا حصلت عند الرجل احتاجت إِلَى الطيب، قَالَتْ: ثم دعاني وهو جالس فِي بيت البواري فَقَالَ:
ارفعي جانب البارية وخذي من تحته ما تريدين، وأومأ إِلَى زاوية البيت فجئت إليها ورفعت البارية فوجدت الدنانير تحتها مفروشة ملء البيت فبهرني ما رأيت من ذلك.
قَالَ زنجي: وأقامت هذه المرأة معتقلة فِي دار حامد إِلَى أن قتل الحلاج. ولما حصل الحلاج فِي يد حامد جد فِي طلب أصحابه، وأذكى العيون عليهم، وحصل فِي يده منهم، حيدرة، والسمري، ومحمد بن عَلِيّ القنائي، والمعروف بأبي المغيث الهاشمي، واستتر المعروف بابن حَمَّاد وكبس منزله وأخذت منه دفاتر كثيرة، وكذلك من منزل مُحَمَّد بن عَلِيّ القنائي، فِي ورق صيني، وبعضها مكتوب بماء الذهب، مبطنة بالديباج والحرير، مجلدة بالأديم الجيد، وكان فيما خاطبه به حامد- أول ما حمل إليه: ألست تعلم أني قبضت عليك بدور الراسبي وأحضرتك إلى واسط، فذكرت في دفعة أنك المهدي، وذكرت فِي دفعة أخرى أنك رجل صالح، تدعو إِلَى عبادة اللَّه والأمر بالمعروف، فكيف ادعيت بعد الإلهية؟! وكان فِي الكتب الموجودة عجائب من مكاتباته أصحابه النافذين إِلَى النواحي وتوصيتهم بما يدعون الناس إليه وما يأمرهم به من نقلهم من حال إِلَى أخرى، ومرتبة إِلَى مرتبة، حتى يبلغوا الغاية القصوى، وأن يخاطبوا كل قوم عَلَى حسب عقولهم وأفهامهم، وعلى قدر استجابتهم وانقيادهم، وجوابات لقوم كاتبوه بألفاظ مرموزة لا يعرفها إِلا من كتبها ومن كتبت إليه، ومدارج فيها ما يجري هذا المجرى، وفي بعضها صورة فيها اسم اللَّه تعالى مكتوب عَلَى تعويج، وفي داخل ذلك التعويج مكتوب عَلِيّ عليه السلام! كتابة لا يقف عليها إِلا من تأملها. وحضرت مجلس حامد- وقد أحضر السمري صاحب الحلاج وسأله عَنْ أشياء من أمر الحلاج- وَقَالَ لَهُ: حَدَّثَنِي بما شاهدته منه، فَقَالَ لَهُ: إن رأى الوزير أن يعفيني فعل، فأعلمه أَنَّهُ لا يعفيه، وعاود مسألته عما شاهده، فعاود استعفاءه وألح عليه فِي السؤال فلما تردد القول بينهما قَالَ: أعلم أني إن حدثتك كذبتني ولم آمن مكروها يحلقني، فوعده أن لا يلحقه مكروه. فَقَالَ: كنت معه بفارس فخرجنا نريد اصطخر فِي زمان شات، فلما صرنا فِي بعض الطريق أعلمته بأني قد اشتهيت خيارا، فَقَالَ لِي: فِي هذا المكان، وفي مثل هذا الوقت من الزمان؟ فقلت: هو شيء عرض لِي، ولما كَانَ بعد ساعات قَالَ لِي: أنت عَلَى تلك الشهوة؟ فقلت: نعم. قَالَ: وسرنا
إِلَى سفح جبل ثلج فأدخل يده فيه وأخرج إلي منه خيارة خضراء ودفعها إلي. فَقَالَ لَهُ حامد: فأكلتها؟ قَالَ: نعم، فَقَالَ له: كذبت يا ابن مائة ألف زانية فِي مائة ألف زانية، أوجعوا فكه، فأسرع الغلمان إليه فامتثلوا ما أمرهم به وهو يصيح: أليس من هذا خفنا؟ ثم أمر به فأقيم من المجلس، وأقبل حامد يتحدث عَنْ قوم من أصحاب النيرنجات كانوا يعدون بإخراج التين، وما يجرى مجراه من الفواكه، فإذا حصل ذلك فِي يد الإنسان وأراد أن يأكله صار بعرا. وحضرت مجلس حامد وقد أحضر سفط خيازر لطيف حمل من دار مُحَمَّد بن عَلِيّ القنائي- أكبر ظني- فتقدم بفتحه ففتح فإذا فيه قدر جافة خضر، وقوارير فيها شيء لون الزئبق، وكسر خبز جافة، وكان السمري حاضرا جالسا بالقرب من أَبِي، فعجب من تلك القدر وتصييرها فِي سفط مختوم، ومن تلك القوارير- وعندنا أنها أدهان- ومن كسر الخبز، وسأل حامد السمري عَنْ ذلك فدافعه عَنِ الجواب واستعفاه منه، وألح عليه فِي السؤال، فعرفه أن تلك القدر رجيع الحلاج، وأنه يستشفي به، وأن الذي فِي القوارير بوله! فعرف حامد ما قاله فعجب منه من كَانَ فِي المجلس، واتصل القول فِي الطعن عَلَى الحلاج، وأقبل أَبِي يعيد ذكر تلك الكسر ويتعجب منها وفي احتفاظهم بها حتى غاظ السمري ذلك فَقَالَ لَهُ: هو ذا أسمع ما تقول، وأرى تعجبك من هذه الكسر وهي بين يديك فكل منها ما شئت ثم انظر كيف يكون قلبك للحلاج بعد أكلك ما تأكله منها فتهيب أَبِي أن يأكلها، وتخوف أن يكون فيها سم، وأحضر حامد الحلاج وسأله عما كَانَ فِي السفط، وعن احتفاظ أصحابه برجيعه وبوله؟ فذكر أَنَّهُ شيء ما علم به ولا عرفه، وكان يتفق فِي كثير من الأيام جلوس الحلاج فِي مجلس حامد إِلَى جنبي فأسمعه يَقُولُ دائما: سبحانك لا إله إِلا أنت، عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لِي إِنَّهُ لا يغفر الذنوب إِلا أنت، وكانت عليه مدرعة سوداء من صوف، وكنت يوما وأبي بين يدي حامد، ثم نهض عَنْ مجلسه وخرجنا إِلَى دار العامة وجلسنا فِي رواقها، وحضر هَارُون بن عمران الجهبذ فجلس بين يدي أَبِي ولم يحادثه فهو فِي ذاك إذ جاء غلام حامد الذي كَانَ موكلا بالحلاج، وأومأ إِلَى هَارُون بن عمران أن يخرج إليه، فنهض عَنِ المجلس مسرعا ونحن لا ندري ما السبب، فغاب عنا قليلا ثم عاد وهو متغير اللون جدا، فأنكر أَبِي ما رآه منه وسأله عنه فَقَالَ: دعاني الغلام الموكل بالحلاج فخرجت إليه فأعلمني أَنَّهُ دخل إليه ومعه الطبق الذي رسم أن يقدمه إليه فِي كل يوم، فوجده ملأ البيت من سقفه إِلَى أرضه، وملأ جوانبه فهاله ما رأى من ذلك ورمى بالطبق من
يده وخرج من البيت مسرعا، وأن الغلام ارتعد وانتفض وحم!، وبقي هَارُون يتعجب من ذلك. وبلغ حامدا عَنْ بعض أصحاب الحلاج أَنَّهُ ذكر أَنَّهُ دخل إليه إِلَى الموضع الذي هو فيه وخاطبه بما أراده، فأنكر ذلك كل الإنكار، وتقدم بمسألة الحجاب والبوابين عنه وقد كَانَ رسم أن لا يدخل إليه أحد، وضرب بعض البوابين فحلفوا بالإيمان المغلظة أنهم ما أدخلوا أحدا من أصحاب الحلاج إليه ولا اجتاز بهم، وتقدم بافتقاد السطوح وجوانب الحيطان فافتقدوا ذلك أجمع، ولم يوجد لَهُ أثر ولا خلل، فسأل الحلاج عَنْ دخول من دخل إليه فقال: من القدرة نزل، ومن الموضع الذي وصل إِلَي منه خرج. وكان يخرج إِلَى حامد فِي كل يوم دفاتر مما حمل من دور أصحاب الحلاج، ويجعل بين يديه فيدفعها إِلَى أبي ويتقدم إليه بأن يقرأها عليه، فكان يفعل ذلك دائما، فقرأ عليه فِي بعض الأيام من كتب الحلاج والقاضي أَبُو عُمَرَ حاضر والقاضي أَبُو الْحُسَيْنِ بن الأشناني- كتابا حكى فيه أن الإنسان إذا أراد الحج ولم يمكنه أفرد فِي داره بيتا لا يلحقه شيء من النجاسة، ولا يدخله أحد، ومنع من تطرقه فإذا حضرت أيام الحج طاف حوله طوافه حول البيت الحرام فإذا انقضى ذلك، وقضى من المناسك ما يقضى بمكة مثله، جمع ثلاثين يتيما وعمل لهم أمرأ ما يمكنه من الطعام وأحضرهم إِلَى ذلك البيت، وقدم إليهم ذلك الطعام وتولى خدمتهم بنفسه، فإذا فرغوا من أكلهم وغسل أيديهم كسا كل واحد منهم قميصا ودفع إليه سبعة دراهم، أو ثلاثة- الشك مني- فإذا فعل ذلك قام لَهُ مقام الحج. فلما قرأ أَبِي هذا الفصل التفت أَبُو عُمَرَ الْقَاضِي إِلَى الحلاج وَقَالَ لَهُ: من أين لك هذا؟ قَالَ: من كتاب الإخلاص للحسن البصري، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُمَرَ: كذبت يا حلال الدم، قد سمعنا كتاب الإخلاص للحسن البصري بمكة وليس فيه شيء مما ذكرته، فلما قَالَ أَبُو عُمَرَ كذبت يا حلال الدم، قَالَ لَهُ حامد: اكتب بهذا، فتشاغل أَبُو عُمَرَ بخطاب الحلاج، فأقبل حامد يطالبه بالكتاب بما قاله، وهو يدافع ويتشاغل إِلَى أن مد حامد الدواة من بين يديه إِلَى أَبِي عُمَر، ودعا بدرج فدفعه إليه وألح عليه حامد بالمطالبة بالكتاب إلحاحا لم يمكنه معه المخالفة، فكتب بإحلال دمه، وكتب بعده من حضر المجلس، ولما تبين الحلاج الصورة قَالَ: ظهري حمى ودمي حرام، وما يحل لكلم أن تتأولوا عَلَى بما يبيحه، واعتقادي الإسلام، ومذهبي السنة وتفضيل أَبِي بَكْرٍ وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعَبْد الرَّحْمَنِ بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح، ولي كتب فِي السنة موجودة فِي الوراقين، فاللَّه اللَّه فِي دمي، ولم يزل يردد هذا القول
والقوم يكتبون خطوطهم إِلَى أن استكملوا ما احتاجوا إليه، ونهضوا عَنِ المجلس.
ورد الحلاج إِلَى موضعه الذي كَانَ فيه، ودفع حامد ذلك المحضر إِلَى والدي وتقدم إليه أن يكتب إِلَى المقتدر بالله بخبر المجلس وما جرى فيه، وينفذ الجواب عنها، فكتب الرقعتين وأنفذ الفتوى درج الرقعة إِلَى المقتدر بالله، وأبطأ الجواب يومين، فغلظ ذلك عَلَى حامد ولحقه ندم عَلَى ما كتب به، وتخوف أن يكون قد وقع غير موقعه، ولم يجد بدا من نصرة ما عمله فكتب بخط والدي رقعة إِلَى المقتدر بالله فِي اليوم الثالث يقتضى فيها ما تضمنته الأولى ويقول: إن ما جرى فِي المجلس قد شاع وانتشر، ومتى لم يتبعه قتل الحلاج افتتن الناس به، ولم يختلف عليه اثنان، ويستأذن فِي ذلك، وأنفذ الرقعة إلى مفلح، وسأله إيصالها وتنجيز الجواب عنها وإنفاذه إليه، فعاد الجواب من المقتدر بالله من غد ذلك اليوم من جهة مفلح؛ بأن القضاة إذا كانوا قد أفتوا بقتله، وأباحوا دمه، فلتحضر مُحَمَّد بن عبد الصمد صاحب الشرطة، وليتقدم إليه بتسلمه وضربه ألف سوط، فإن تلف تحت الضرب وإلا ضرب عنقه فسر حامد بهذا الجواب، وزال ما كَانَ عليه من الإضطراب، وأحضر مُحَمَّد بن عبد الصمد وأقرأه إياه، وتقدم إليه بتسلم الحلاج، فامتنع من ذلك وذكر أَنَّهُ يتخوف أن ينتزع، فأعلمه حامد أَنَّهُ يبعث معه غلمانه حتى يصيروا به إِلَى مجلس الشرطة فِي الجانب الغربي، ووقع الاتفاق عَلَى أن يحضر بعد عشاء الآخرة ومعه جماعة من أصحابه، وقوم على بغال موكفة يجرون مجرى الساسة، ليجعل عَلَى واحد منها ويدخل فِي غمار القوم، وأوصاه بأن يضربه ألف سوط فإن تلف حز رأسه واحتفظ به، وأحرق جثته، وَقَالَ لَهُ حامد: إن قَالَ لك أجري لك الفرات ذهبا وفضة فَلا تقبل منه! ولا ترفع الضرب عنه، فلما كَانَ بعد عشاء الآخرة وافى مُحَمَّد بن عبد الصمد إِلَى حامد ومعه رجاله والبغال المؤكفة، فتقدم إِلَى غلمانه بالركوب معه حتى يصل إِلَى مجلس الشرطة، وتقدم إِلَى الغلام الموكل به بإخراجه من الموضع الذي هو فيه، وتسليمه إلى أصحاب محمّد ابن عبد الصمد، فحكى الغلام أَنَّهُ لما فتح الباب عنه وأمره بالخروج، وهو وقت لم يكن يفتح عنه فِي مثله، قَالَ لَهُ: من عند الوزير؟ فَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الصمد، فَقَالَ:
ذهبنا والله. وأخرج وأركب بعض تلك البغال الموكفة واختلط بجملة الساسة، وركب غلمان حامد معه حتى أوصلوه إِلَى الجسر ثم انصرفوا، وبات هناك مُحَمَّد بن عبد الصمد، ورجاله مجتمعون حول المجلس فلما أصبح يوم الثلاثاء لست بقين من ذي القعده أخرج الحلاج إِلَى رحبة المجلس، وأمر الجلاد بضربه بالسوط، واجتمع من
العامة خلق كثير لا يحصى عددهم، فضرب إلى تمام الألف السوط وما استعفى ولا تأوه، بل لما بلغ ستمائة سوط. قَالَ لمحمد بن عبد الصمد: ادع بي إليك فإن عندي نصيحة تعدل فتح القسطنطينية، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد: قد قيل لِي إنك ستقول هذا وما هو أكثر منه! وليس إِلَى رفع الضرب عنك سبيل. ولما بلغ ألف سوط قطعت يده، ثم رجله، ثم يده، ثم رجله، وحز رأسه، وأحرقت جثته، وحضرت فِي هذا الوقت وكنت واقفا عَلَى ظهر دابتي خارج المجلس، والجثة تقلب عَلَى الجمر، والنيران تتوقد، ولما صارت رمادا ألقيت فِي دجلة، ونصب الرأس يومين بِبَغْدَادَ عَلَى الجسر ثم حمل إِلَى خراسان وطيف به فِي النواحي، وأقبل أصحابه يعدون أنفسهم برجوعه بعد أربعين يوما، واتفق أن زادت دجلة فِي تلك السنة زيادة فيها فضل، فادعى أصحابه أن ذلك بسببه، ولأن الرماد خالط الماء، وزعم بعض أصحاب الحلاج أن المضروب عدو الحلاج ألقى شبهه عليه، وادعى بعضهم أنهم رأوه فِي ذلك اليوم بعد الذي عاينوه من أمره، والحال الذي جرت عليه، وهو راكب حمارا فِي طريق النهروان ففرحوا به، وَقَالَ: لعلكم مثل هؤلاء البقر الذي ظنوا أني أنا المضروب والمقتول. وزعم بعضهم أن دابة حولت فِي صورته، وكان نصر الحاجب بعد ذلك يظهر الترثي لَهُ ويقول: إِنَّهُ مظلوم، وإنه رجل من العباد. وأحضر جماعة من الوراقين وأحلفوا عَلَى أن لا يبيعوا شيئا من كتب الحلاج ولا يشتروها.
وكان جده مجوسيا اسمه محمى من أهل بيضاء فارس. نشأ الْحُسَيْن بواسط، وقيل بتستر وقدم بَغْدَاد، فخالط الصوفية وصحب من مشيختهم الجنيد بن مُحَمَّد، وأبا الحسين النوري، وعمرا المكي.
والصوفية مختلفون فيه، فأكثرهم نفى الحلاج أن يكون منهم، وأبَى أن يعده فيهم، وقبله من متقدميهم أَبُو الْعَبَّاس بن عطاء الْبَغْدَادِيّ، ومحمّد بن حنيف الشيرازي، وإبراهيم بن مُحَمَّد النصراباذي النَّيْسَابُورِيّ. وصححوا لَهُ حاله، ودونوا كلامه، حتى قَالَ ابن حفيف: الْحُسَيْن بن مَنْصُور عالم رباني. ومن نفاه عَنِ الصوفية نسبه إِلَى الشعبذة فِي فعله، وإلى الزندقة فِي عقده. وله إِلَى الآن أصحاب ينسبون إليه، ويغلون فيه. وكان للحلاج حسن عبارة، وحلاوة منطق، وشعر عَلَى طريقة التصوف، وأنا أسوق أخباره عَلَى تفاوت اختلاف القول فيه.
حَدَّثَنِي أَبُو سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجستاني، أنبأنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن عبيد الله بن باكوا الشّيرازيّ- بنيسابور- أخبرني أحمد بن الحسين ابن مَنْصُور بتستر قَالَ: مولد والدي الْحُسَيْن بن مَنْصُور بالبيضاء فِي موضع يقال لَهُ الطور، ونشأ بتستر، وتلمذ لسهل بن عَبْد اللَّهِ التستري سنتين، ثم صعد إِلَى بَغْدَاد وكان بالأوقات يلبس المسوح، وبالأوقات يمشي بخرقتين مصبغ، ويلبس بالأوقات الدراعة والعمامة، ويمشي بالقباء أيضا عَلَى زي الجند، وأول ما سافر من تستر إِلَى البصرة كَانَ لَهُ ثمان عشرة سنة، ثم خرج بخرقتين إِلَى عمرو بن عُثْمَان المكي، وإلى الجنيد بن مُحَمَّد، وأقام مع عمرو المكي ثمانية عشر شهرا، ثم تزوج بوالدتي أم الْحُسَيْن بنت أَبِي يَعْقُوب الأقطع، وتعير عمرو بن عُثْمَان من تزويجه، وجرى بين عمرو وبين أَبِي يَعْقُوب وحشة عظيمة بذلك السبب. ثم اختلف والدي إِلَى الجنيد بن مُحَمَّد وعرض عليه ما فيه من الأذية لأجل ما يجري بين أَبِي يَعْقُوب وبين عمرو، فأمره بالسكون والمراعاة، فصبر عَلَى ذلك مدة. ثم خرج إِلَى مكة وجاور سنة ورجع
إِلَى بَغْدَاد مع جماعة من الفقراء الصوفية، فقصد الجنيد بن مُحَمَّد وسأله عَنْ مسألة فلم يجبه، ونسبه إِلَى أَنَّهُ مدع فيما يسأله، فاستوحش وأخذ والدتي ورجع إِلَى تستر، وأقام نحوا من سنة، ووقع لَهُ عند الناس قبول عظيم حتى حسده جميع من فِي وقته، ولم يزل عمرو بن عُثْمَان يكتب الكتب فِي بابه إِلَى خوزستان، ويتكلم فيه بالعظائم حتى جرد ورمى بثياب الصوفية، ولبس قباء وأخذ فِي صحبة أبناء الدنيا، ثم خرج وغاب عنا خمس سنين بلغ إِلَى خراسان، وما وراء النهر، ودخل إِلَى سجستان، وكرمان، ثم رجع إِلَى فارس. فأخذ يتكلم عَلَى الناس، ويتخذ المجلس، ويدعو الخلق إِلَى اللَّه.
وكان يعرف بفارس بأبي عَبْد اللَّهِ الزاهد، وصنف لهم تصانيف، ثم صعد من فارس إِلَى الأهواز وأنفذ من حملني إِلَى عنده، وتكلم عَلَى الناس، وقبله الخاص والعام، وكان يتكلم عَلَى أسرار الناس وما فِي قلوبهم، ويخبر عنها فسمي بذلك حلاج الأسرار، فصار الحلاج لقبه، ثم خرج إِلَى البصرة وأقام مدة يسيرة وخلفني بالأهواز عند أصحابه، وخرج ثانيا إِلَى مكة، ولبس المرقعة والفوطة، وخرج معه فِي تلك السفرة خلق كثير، وحسده أَبُو يَعْقُوب النهرجوري فتكلم فيه بما تكلم، فرجع إِلَى البصرة وأقام شهرا واحدا، وجاء إِلَى الأهواز وحمل والدتي وحمل جماعة من كبار الأهواز إِلَى بَغْدَاد، وأقام بِبَغْدَادَ سنة واحدة، ثم قَالَ لبعض أصحابه: احفظ ولدي حمد إِلَى أن أعود أنا، فإني قد وقع لِي أن أدخل إِلَى بلاد الشرك وأدعو الخلق إلى الله عز وجل وخرج. فسمعت بخبره أَنَّهُ قصد إِلَى الهند ثم قصد خراسان ثانيا ودخل ما وراء النهر، وتركستان، وإلى ماصين، ودعا الخلق إِلَى اللَّه تعالى، وصنف لهم كتبا لم تقع إلي، إِلا أَنَّهُ لما رجع كانوا يكاتبونه من الهند، بالمغيث، ومن بلاد ماصين وتركستان، بالمقيت، ومن خراسان، بالمميز، ومن فارس، بأبي عَبْد اللَّهِ الزاهد، ومن خوزستان، بالشيخ حلاج الأسرار، وكان بِبَغْدَادَ قوم يسمونه المصطلم، وبالبصرة قوم يسمونه المحير، ثم كثرت الأقاويل عليه بعد رجوعه من هذه السفرة، فقام وحج ثالثا وجاور سنتين ثم رجع وتغير عما كَانَ عليه فِي الأول، واقتنى العقار بِبَغْدَادَ، وبنَى دارا ودعا الناس إِلَى معنى لم أقف إِلا عَلَى شطر منه حتى خرج عليه مُحَمَّد بن داود، وجماعة من أهل العلم، وقبحوا صورته، ووقع بين عَلِيّ بن عِيسَى وبينه لأجل نصر القشوري، ووقع بينه وبين الشبلي، وغيره من مشايخ الصوفية، فكان يَقُولُ قوم: إِنَّهُ ساحر. وقوم يقولون: مجنون، وقوم يقولون: لَهُ الكرامات وإجابة السؤال، واختلفت الألسن في أمره حتى أخذه السلطان وحبسه.
حدّثنا إسماعيل بن أحمد الحيرى، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي قَالَ: الْحُسَيْن بن مَنْصُور قيل: إنما سمي الحلاج لأنه دخل واسطا فتقدم إِلَى حلاج وبعثه فِي شغل لَهُ، فَقَالَ لَهُ الحلاج: أنا مشغول بصنعتي. فَقَالَ: اذهب أنت فِي شغلي حتى أعينك فِي شغلك، فذهب الرجل فلما رجع وجد كل قطن فِي حانوته محلوجا، فسمي بذلك الحلاج! وقيل: إِنَّهُ كَانَ يتكلم في ابتداء أمره من قبل أن ينسب إِلَى ما نسب إليه، عَلَى الأسرار، ويكشف عَنْ أسرار المريدين ويخبر عنها، فسمي بذلك حلاج الأسرار، فغلب عليه اسم الحلاج. وقيل إن أباه كَانَ حلاجا فنسب إليه.
أَخْبَرَنِي أَبُو عَليّ عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أحمد بن فضالة النيسابوري- بالري- أنبأنا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بْنِ عَلِيّ النهاوندي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بن سلامة المروزي قَالَ: سمعت فارسا الْبَغْدَادِيّ يَقُولُ: قَالَ رجل للحسين بن مَنْصُور أوصني قَالَ: عليك بنفسك إن لم تشغلها بالحق، شغلتك عَنِ الحق. وَقَالَ لَهُ آخر:
عظني، فَقَالَ لَهُ: كن مع الحق بحكم ما أوجب.
أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَزَّارُ- بهمذان- حَدَّثَنَا علي بن الحسن الصيقلي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرُّخَانِ يَقُولُ: سمعت الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج يَقُولُ: علم الأولين والآخرين مرجعه إِلَى أربع كلمات: حب الجليل، وبغض القليل، واتباع التنزيل، وخوف التحويل.
حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن عَلِيّ الوراق قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جهم يَقُولُ:
كتب الْحُسَيْن بن مَنْصُور إِلَى أَحْمَد بن عطاء: أطال اللَّه لِي حياتك، وأعدمني وفاتك، على أحسن ما جرى به قدر، أو نطق به خبر، مع ما أن لك في قلبي من لواعج أسرار محبتك، وأفانين ذخائر مودتك، مالا يترجمه كتاب، ولا يحصيه حساب، ولا يفنيه عتاب، وفي ذلك أقول:
كتبت ولم أكتب إليك وإنما ... كتبت إِلَى روحي بغير كتاب
وذلك أن الروح لا فرق بينها ... وبين محبيها بفضل خطاب
فكل كتاب صادر منك وارد ... إليك بما رد الجواب جواب
أنشدنا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن أَحْمَد الأهوازي قَالَ: أنشدنا أَبُو حاتم الطبري للحسين بن مَنْصُور:
جبلت روحك فِي روحي كما ... يجبل العنبر بالمسك الفنق
فإذا مسك شيء مسني ... فإذا أنت أنا لا نفترق
قَالَ: وأنشدنا أَبُو حاتم الطبري أيضا للحسين بن مَنْصُور:
مزجت روحك فِي روحي كما ... تمزج الخمرة بالماء الزلال
فإذا مسك شيء مسني ... فإذا أنت أنا فِي كل حال
أنبأنا رضوان بن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَن الدينوري قَالَ: أنشدني أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد الصيدلاني الْمُقْرِئ قَالَ: أنشدني أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ عمران الْبَغْدَادِيّ قَالَ: أنشدني الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج لنفسه بالبصرة:
قد تحققتك في س ... رى فخاطبك لساني
فاجتمعنا لمعان ... وافترقنا لمعان
إن يكن غيبك التعظي ... م عن لحظ العيان
فلقد صيرك الوج ... د من الأحشاء دان
أنبأنا الْحَسَن بْن عَلِيّ الجوهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الخزاز قَالَ: أنشدنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ الكاتب قَالَ: أنشدني أَبُو مَنْصُور أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ مطر قَالَ: أنشدني أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج لنفسه- وحبست معه فِي المطبق-:
دلال يا مُحَمَّد مستعار ... دلال بعد أن شاب العذار
ملكت وحرمة الخلوات قلبا ... لعبت به وقربه القرار
فلا عين يؤرقها اشتياق ... ولا قلب يقلقله ادكار
نزلت بمنزل الأعداء مني ... وبنت فلا تزور ولا تزار
كما ذهب الحمار بأم عمرو ... فلا رجعت ولا رجع الحمار
أنبأنا رضوان بن محمد الدينوري قَالَ: سمعت معروف بن مُحَمَّد الصوفي بالري يَقُولُ: سمعت الخلدي يَقُولُ: أنشد عند ابن عطاء البيتان اللذان للحسين بن مَنْصُور وهما:
أريدك لا أريدك للثواب ... ولكني أريدك للعقاب
وكل مآربي قد نلت منها ... سوى ملذوذ وجدي بالعذاب
فلما سمع بذلك ابن عطاء قَالَ: هذا مما يتزايد به عذاب الشغف، وهيام الكلف، واحتراق الأسف، وشغف الحب، فإذا صفا ووفا علا إِلَى مشرب عذب، وهطل من الحق دائم سكب.
أنبأنا مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن عَبْد العزيز الهمذاني قَالَ: أنشدني أَبُو الفتح الإسكندري قَالَ: أنشدني القناد قَالَ: أنشدني الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج:
متى سهرت عيني لغيرك أو بكت ... فَلا أعطيت ما منيت وتمنت
وإن أضمرت نفسي سواك فَلا رعت ... رياض المنى من وجنتيك وجنت
أنبأنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله الأردستاني- بمكة- أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي- بنيسابور- قَالَ: سمعت أبا الفضل بن حفص يَقُولُ: سمعت القناد يَقُولُ: لقيت الحلاج يوما فِي حالة رثة، فقلت لَهُ: كيف حالك؟ فأنشأ يَقُولُ:
لئن أمسيت فِي ثوبي عديم ... لقد بليا عَلَى حر كريم
فَلا يحزنك أن أبصرت حالا ... مغيرة عَنِ الحال القديم
فلي نفس ستتلف أو سترقى ... لعمرك بي إِلَى أمر جسيم!
حَدَّثَنِي أَبُو النجيب عَبْد الغفار بْن عَبْد الواحد الأرموي قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الْقَاضِي يَقُولُ: سمعت أَحْمَد بن العلاء الصوفي قَالَ: سمعت عليّ ابن عبد الرحيم القناد قَالَ: رأيت الحلاج ثلاث مرات فِي ثلاث سنين، فأول ما رأيته أني كنت أطلبه لأصحبه، وآخذ عنه، فقيل لِي إِنَّهُ بأصفهان فسألت عنه فقيل لِي كَانَ هاهنا وخرج فخرجت من وقتي وأخذت الطريق فرأيته على بعض جبال أصفهان وعليه مرقعة وبيده ركوة وعكاز، فلما رآني قَالَ: عَلِيّ التوري ؟ ثم أنشا يَقُولُ:
لئن أمسيت فِي ثوبي عديم ... لقد بليا عَلَى حر كريم
فَلا يغررك أن أبصرت حالا ... مغيرة عَنِ الحال القديم
فلي نفس ستتلف أو سترقى ... لعمرك بي إِلَى أمر جسيم!
ثم فارقني وَقَالَ لِي: نلتقي إن شاء اللَّه، وملأ كفي دنينيرات، فلما كَانَ بعد سنة أخرى سألت عنه أصحابه بِبَغْدَادَ، فقالوا: هو بالجبانة، فقصدت الجبانة فسألت عنه فقيل لِي: إِنَّهُ فِي الخان، فدخلت الخان فرأيته وعليه صوف أبيض، فلما رآني قَالَ:
عَلِيّ التوري؟ قلت: نعم، فقلت: الصحبة الصحبة، فأنشدني:
دنبا تغالطني كأني ... لست أعرف حالها
حظر المليك حرامها ... وأنا احتميت حلالها
فوجدتها محتاجة ... فوهبت لذتها لها
ثم أخذ بيدي وخرجنا من الخان فَقَالَ: أريد أن أمضي إِلَى قوم لا تحملهم ولا يحملونك، ولكن نلتقي. وملأ كفي دنينيرات ثم غاب عني، فقيل لِي إِنَّهُ بِبَغْدَادَ بعد سنة فجئته، فقيل لِي: السلطان يطلبه، فبينا أنا فِي الكرخ بين السورين فِي يوم حار، فإذا به من بعيد عليه فوطة رملية متخفيا فيها، فلما رآني بكى وأنشأ يَقُولُ:
متى سهرت عيني لغيرك أو بكت ... فَلا بلغت ما أملت وتمنت
وإن أضمرت نفسي سواك فَلا رعت ... رياض المنى من وجنتيك وجنت
ثم قَالَ: يا عَلِيّ، النجاء، أرجو أن يجمع الله بيننا إن شاء الله.
أنبأنا محمّد بن عليّ بن الفتح، أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن بْن مُوسَى النيسابوري قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شاذان يَقُولُ: سمعت مُحَمَّد بن عَلِيّ الكتاني يَقُولُ: دخل الْحُسَيْن بن مَنْصُور مكة فِي ابتداء أمره، فجهدنا حتى أخذنا مرقعته، قَالَ السوسي: أخذنا منها قملة فوزناها فإذا فيها نصف دانق من كثرة رياضته، وشدة مجاهدته.
حَدَّثَنِي مسعود بن ناصر، أنبأنا ابن باكوا الشيرازي قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد المراري يَقُولُ: سمعت أبا يَعْقُوب النهرجوري يَقُولُ: دخل الحسين ابن مَنْصُور إِلَى مكة وكان أول دخلته، فجلس فِي صحن المسجد سنة لا يبرح من موضعه إِلا للطهارة أو للطواف، ولا يبالي بالشمس ولا بالمطر، وكان يحمل إليه كل عشية كوز ماء للشرب، وقرص من أقراص مكة، فيأخذ القرص ويعض أربع عضات من جوانبه، ويشرب شربتين من الماء: شربة قبل الطعام، وشربة بعده، ثم يضع باقي القرص عَلَى رأس الكوز فيحمل من عنده.
وَقَالَ ابن باكوا: حدّثنا أبو الفوارس الجوزقاني، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن شيبان. قَالَ:
سلم أستاذي- يعني أبا عَبْد اللَّهِ المغربي- عَلَى عمرو بن عُثْمَان المكي، فجاراه فِي مسألة فجرى فِي عرض الكلام أن قَالَ عمرو بن عُثْمَان: هاهنا شاب عَلَى أَبِي قبيس، فلما خرجنا من عند عمرو صعدنا إليه وكان وقت الهاجرة، فدخلنا عليه وإذا هو جالس عَلَى صخرة من أَبِي قبيس فِي الشمس، والعرق يسيل منه عَلَى تلك الصخرة، فلما نظر إليه أَبُو عَبْدِ اللَّهِ المغربي رجع وأشار إلي بيده: ارجع، فخرجنا ونزلنا الوادي ودخلنا المسجد، فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إن عشت ترى ما يلقى هذا، لأن اللَّه يبتليه بلاء لا يطيقه، قعد بحمقه يتصبر مع اللَّه! فسألنا عنه وإذا هو الحلاج.
أنبأنا عليّ بن أبي علي البصريّ، أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عُمَرَ الْقَاضِي قَالَ: حملني خالي معه إِلَى الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج، وهو إذ ذاك فِي جامع البصرة يتعبد ويتصوف ويقرأ قبل أن يدعي تلك الجهالات، ويدخل فِي ذلك وكان أمره إذ ذاك مستورا، إِلا أن الصوفية تدعي لَهُ المعجزات من طريق التصوف وما يسمونه مغوثات، لا من طريق المذاهب. قَالَ: فأخذ خالي يحادثه وأنا صبي جالس معهما أسمع ما يجري، فَقَالَ لخالي: قد عملت عَلَى الخروج من البصرة، فَقَالَ لَهُ خالي: لم؟ قَالَ: قد صير لِي أهل هذا البلد حديثا، فقد ضاق صدري وأريد أبعد منهم، فَقَالَ لَهُ مثل ماذا؟ قَالَ: يروني أفعل أشياء فَلا يسألوني عنها، ولا يكشفونها، فيعلمون أنها ليست كما وقع لهم، ويخرجون فيقولون: الحلاج مجاب الدعوة وله مغوثات، قد تمت عَلَى يده ألطاف ومن أنا حتى يكون لِي هذا؟ بحسبك أن رجلا حمل إلي منذ أيام دراهم وَقَالَ لِي اصرفها إِلَى الفقراء فلم يكن بحضرتي فِي الحال أحد، فجعلتها تحت بارية من بواري الجامع إِلَى جنب أسطوانة عرفتها، وجلست طويلا فلم يجئني أحد، فانصرفت إِلَى منزلي وبت ليلتي، فلما كَانَ من غد جئت إِلَى الأسطوانة وجعلت أصلي. فاحتف بي قوم من الفقراء، فقطعت الصلاة وشلت البارية فأعطيتهم تلك الدراهم، فشنعوا عَلَيَّ بأن قالوا: إني إذا ضربت يدي إِلَى التراب صار فِي يدي دراهم. قَالَ: وأخذ يعدد مثل هذا، فقام خالي عنه وودعه ولم يعد إليه وَقَالَ: هذا منمس وسيكون لَهُ بعد هذا شأن، فما مضى إِلا قليل حتى خرج من البصرة وظهر أمره.
حَدَّثَنِي أَبُو سعيد السجزي، أنبأنا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْد اللَّهِ الصوفي الشيرازي قَالَ: سمعت أبا الْحَسَن بن أبي توبة يقول: سمعت عليّ بن أَحْمَد الحاسب قَالَ: سمعت والدي يَقُولُ: وجهني المعتضد إِلَى الهند لأمور أتعرفها ليقف عليها، وكان معي فِي السفينة رجل يعرف بالحسين بن مَنْصُور، وكان حسن العشرة طيب الصحبة، فلما خرجنا من المركب ونحن عَلَى الساحل والحمالون ينقلون الثياب من المركب إِلَى الشط فقلت لَهُ: أيش جئت إِلَى هاهنا؟ قَالَ: جئت لأتعلم السحر، وأدعو الخلق إِلَى اللَّه تعالى، قَالَ: وكان عَلَى الشط كوخ وفيه شيخ كبير، فسأله الْحُسَيْن بن مَنْصُور: هل عندكم من يعرف شيئا من السحر؟ قَالَ: فأخرج الشيخ كبة غزل وناول طرفه الْحُسَيْن بن مَنْصُور، ثم رمى الكبة فِي الهواء فصارت طاقة واحدة، ثم
صعد عليها ونزل! وَقَالَ للحسين بن مَنْصُور: مثل هذا تريد؟ ثم فارقني ولم أره بعد ذلك إلّا ببغداد.
أنبأنا إسماعيل بن أحمد الحيرى، أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: قَالَ المزين:
رأيت الْحُسَيْن بن مَنْصُور فِي بعض أسفاره قلت لَهُ: إِلَى أين؟ فَقَالَ: إِلَى الهند أتعلم السحر أدعو به الخلق إِلَى اللَّه عَزَّ وجل.
وقال أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ: سمعت أبا عَلِيّ الهمذاني يَقُولُ: سألت إِبْرَاهِيم بن شيبان عَنِ الحلاج فَقَالَ: من أحب أن ينظر إِلَى ثمرات الدعاوى الفاسدة، فلينظر إِلَى الحلاج، وإلى ما صار إليه! قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيم: ما زالت الدعاوى والمعارضات مشئومة عَلَى أربابها مذ قَالَ إبليس أنا خير منه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بن الفتح، أنبأنا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن النيسابوري قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاس الرزاز يَقُولُ: قَالَ لِي بعض أصحابنا قُلْتُ لأبي الْعَبَّاس بن عطاء: ما تقول فِي الْحُسَيْن بن مَنْصُور؟ فَقَالَ: ذاك مخدوم من الجن، قَالَ: فلما كَانَ بعد سنة سألته عنه فقال: ذاك من حق. فقلت: قد سألتك عنه قبل هذا فقلت مخدوم من الجن، وأنت الآن تقول هذا! فَقَالَ: نعم، ليس كل من صحبنا يبقى معنا فيمكننا أن نشرفه عَلَى الأحوال، وسألت عنه وأنت فِي بدء أمرك، وأما الآن وقد تأكد الحال بيننا، فالأمر فيه ما سمعت.
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن: سمعت إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد النصراباذي، وعوتب فِي شيء حكى عنه- يعني عَنِ الحلاج فِي الروح- فَقَالَ لمن عاتبه: إن كَانَ بعد النبيين والصديقين موحد فهو الحلاج.
أنبأنا ابن الفتح، أنبأنا محمّد بن الحسين قال: سمعت المنصور بن عَبْد اللَّهِ يَقُولُ:
سمعت الشبلي يَقُولُ: كنت أنا والحسين بن مَنْصُور شيئا واحدا، إلا أَنَّهُ أظهر وكتمت. قَالَ: وسمعت منصورا يَقُولُ: سمعت بعض أصحابنا يَقُولُ: وقف الشبلي عليه وهو مصلوب، فنظر إليه وَقَالَ: ألم ننهك عن العالمين؟
أنبأنا إسماعيل الحيرى، أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: سمعت جَعْفَر بن أَحْمَد يَقُولُ: سمعت أبا بكر بن أَبِي سعدان يَقُولُ: الْحُسَيْن بن مَنْصُور مموه ممخرق.
قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ: وحكي عَنْ عمرو المكي أَنَّهُ قَالَ: كنت أماشيه فِي بعض أزقة مكة، وكنت أقرأ القرآن فسمع قراءتي فَقَالَ: يمكنني أن أقول مثل هذا، ففارقته.
حدّثني مسعود بن ناصر، أنبأنا ابن باكوا الشيرازي قَالَ: سمعت أبا زرعة الطبري يَقُولُ: الناس فيه- يعني فِي الْحُسَيْن بن مَنْصُور- بين قبول ورد، ولكن سمعت محمّد ابن يَحْيَى الرَّازِيّ يَقُولُ: سمعت عمرو بن عُثْمَان يلعنه ويقول: لو قدرت عليه لقتلته بيدي، فقلت أيش الذي وجد الشيخ عليه؟ قَالَ: قرأت آية من كتاب اللَّه فَقَالَ:
يمكنني أن أؤلف مثله وأتكلم به.
قَالَ: وسمعت أبا زرعة الطبري يَقُولُ: سمعت أبا يَعْقُوب الأقطع يقول: زوجت ابنتي من الْحُسَيْن بن مَنْصُور لما رأيت من حسن طريقته واجتهاده، فبان لِي بعد مدة يسيرة أَنَّهُ ساحر محتال، خبيث كافر.
ذكر بعض ما حكي عن الحلاج من الحيل:
أنبأنا عَلِيّ بن أَبِي عَلِيّ الْمُعَدَّل عَنْ أَبِي الْحَسَن أَحْمَد بن يوسف الأزرق قَالَ:
حَدَّثَنِي غير واحد من الثقات من أصحابنا أن الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج كَانَ قد أنفذ أحد أصحابه إِلَى بلد من بلدان الجبل، ووافقه عَلَى حيلة يعملها، فخرج الرجل فأقام عندهم سنين يظهر النسك والعبادة، ويقرأ القرآن ويصوم، فغلب عَلَى البلد، حتى إذا علم أَنَّهُ قد تمكن أظهر أَنَّهُ قد عمي، فكان يقاد إِلَى مسجده، ويتعامى عَلَى كل أحد شهورا، ثم أظهر أَنَّهُ قد زمن، فكان يحبو ويحمل إِلَى المسجد حتى مضت سنة عَلَى ذلك، وتقرر فِي النفوس زمانته وعماه، فَقَالَ لهم بعد ذلك: إني رأيت فِي النوم كأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِي: إِنَّهُ يطرق هذا البلد عبد لله صالح مجاب الدعوة، يكون عافيتك عَلَى يده وبدعائه، فاطلبوا لِي كل من يجتاز من الفقراء، أو من الصوفية، فلعل اللَّه أن يفرج عني عَلَى يد ذلك العبد وبدعائه، كما وعدني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتعلقت النفوس إِلَى ورود العبد الصالح، وتطلعته القلوب، ومضى الأجل الذي كَانَ بينه وبين الحلاج فقدم البلد فلبس الثياب الصوف الرقاق، وتفرد فِي الجامع بالدعاء والصلاة، وتنبهوا عَلَى خبره، فقالوا للأعمى، فَقَالَ احملوني إليه، فلما حصل عنده وعلم أَنَّهُ الحلاج قَالَ لَهُ: يا عَبْد اللَّهِ إني رأيت فِي المنام كيت وكيت، فتدعو اللَّه لِي، فَقَالَ: ومن أنا وما محلي؟ فما زال به حتى دعا لَهُ ثم مسح يده عليه، فقام المتزامن صحيحا مبصرا! فانقلب البلد، وكثر الناس عَلَى الحلاج فتركهم وخرج من البلد، وأقام المتعامي المتزامن فيه شهورا. ثم قَالَ لهم إن من حق نعمة اللَّه عندي، ورده جوارحي عليّ أن أنفرد بالعبادة إفرادا أكثر من هذا، وأن يكون مقامي فِي الثغر، وقد عملت عَلَى
الخروج إِلَى طرسوس، فمن كانت لَهُ حاجة تحملتها، وإلا فأنا أستودعكم اللَّه، قَالَ:
فأخرج هذا ألف درهم فأعطاه وَقَالَ اغز بها عني وأعطاه هذا مائة دينار، وَقَالَ:
أخرج بها غزاة من هناك، وأعطاه هذا مالا، وهذا مالا حتى اجتمع ألوف دنانير ودراهم، فلحق بالحلاج فقاسمه عليها.
حدّثنا عليّ بن أبي علي، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الشاهد الأهوازي قَالَ: أَخْبَرَنِي فلان المنجم، وأسماه ووصفه بالحذق والفراهة- قَالَ: بلغني خبر الحلاج وما كَانَ يفعله من إظهار تلك العجائب التي يدعي أنها معجزات. فقلت: أمضي وأنظر من أي جنس هي من المخاريق، فجئته كأني مسترشد فِي الدين، فخاطبني وخاطبته ثم قَالَ لِي: تشه الساعة ما شئت حتى أجيئك به، وكنا فِي بعض بلدان الجبل التي لا يكون فيها الأنهار، فقلت لَهُ: أريد سمكا طريا فِي الحياة الساعة، فَقَالَ: أفعل، اجلس مكانك فجلست، وقام فَقَالَ: أدخل البيت وأدعو اللَّه أن يبعث لك به. قَالَ: فدخل بيتا حيالي، وغلق بابه وأبطأ ساعة طويلة، ثم جاءني وقد خاض وحلا إِلَى ركبته وماء، ومعه سمكة تضطرب كبيرة، فقلت لَهُ: ما هذا؟ فَقَالَ:
دعوت اللَّه فأمرني أن أقصد البطائح وأجيئك بهذه، فمضيت إِلَى البطائح فخضت الأهواز، فهذا الطين منها حتى أخذت هذه، فعلمت أن هذه حيلة، فقلت لَهُ: تدعني أدخل البيت فإن لم ينكشف لِي حيلة فيه آمنت بك. فَقَالَ: شأنك، فدخلت البيت وغلقته عَلَى نفسي فلم أجد فيه طريقا ولا حيلة، فندمت، وقلت إن وجدت فيه حيلة فكشفتها؛ لم آمن أن يقتلني فِي الدار، وإن لم أجد طالبني بتصديقه، كيف أعمل؟
قَالَ: وفكرت فِي البيت فرفعت تأزيرة- وكان مؤزرا بإزار ساج- فإذا بعض التأزير فارغا، فحركت جسرية منه خمنت عليها فإذا هي قد انفلقت، فدخلت فيها فإذا هي باب ممر، فولجت فيه إِلَى دار كبيرة، فيها بستان عظيم، فيه صنوف الأشجار والثمار، والريحان، والأنوار التي هي وقتها وما ليس هو وقته مما قد غطي وعتق، واحتيل فِي بقائه. وإذا الخزائن مفتوحة فيها أنواع الأطعمة المفروغ منها والحوائج لما يعمل فِي الحال إذا طلب، وإذا بركة كبيرة فِي الدار فخضتها فإذا هي مملوءة سمكا كبارا وصغارا فاصطدت واحدة كبيرة وخرجت، فإذا رجلي قد صارت بالوحل والماء إِلَى حد ما رأيت رجله، فقلت: الآن إن خرجت ورأى هذا معي قتلني فقلت: أحتال عليه فِي الخروج، فلما رجعت إِلَى البيت أقبلت أقول: آمنت وصدقت، فقال لي: ما لك؟
قُلْتُ: ما هاهنا حيلة، وليس إِلا التصديق بك. قَالَ: فاخرج فخرجت وقد بعد عَنِ
الباب، وتموه عليه قولي. فحين خرجت أقبلت أعدو أطلب باب الدار، ورأى السمكة معي، فقصدني وعلم أني قد عرفت حيلته فأقبل يعدو خلفي فلحقني، فضربت بالسمكة صدره ووجهه، وقلت لَهُ: أتعبتني حتى مضيت إِلَى البحر، فاستخرجت لك هذه منه! قَالَ: واشتغل بصدره وبعينه وما لحقهما من السمكة وخرجت. فلما صرت خارج الدار طرحت نفسي مستلقيا لما لحقني من الجزع والفزع. فخرج إلي وضاحكني وَقَالَ: ادخل. فقلت: هيهات والله لئن دخلت لا تركتني أخرج أبدا.
فَقَالَ: اسمع، والله لئن شئت قتلك عَلَى فراشك لأفعلن، ولئن سمعت بهذه الحكاية لأقتلنك، ولو كنت فِي تخوم الأرض وما دام خبرها مستورا فأنت آمن عَلَى نفسك، امض الآن حيث شئت. وتركني ودخل فعلمت أَنَّهُ يقدر عَلَى ذلك بأن يدس أحد من يطيعه، ويعتقد فيه ما يعتقده فيقتلني، فما حكيت الحكاية إِلَى أن قتل.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن أَبِي عَلِيّ عن ابن الْحَسَن أَحْمَد بن يوسف الأزرق أن الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج لما قدم بَغْدَاد يدعو، استغوى كثيرا من الناس والرؤساء، وكان طمعه فِي الرافضة أقوى لدخوله من طريقهم، فراسل أبا سهل بن نوبخت يستغويه، وكان أَبُو سهل من بينهم مثقفا فهما فطنا، فَقَالَ أَبُو سهل لرسوله: هذه المعجزات التي يظهرها قد تأتي فيها الحيل، ولكن أنا رجل غزل ولا لذة لِي أكبر من النساء وخلوتي بهن، وأنا مبتلي بالصلع حتى إني أطول قحفي وآخذ به إِلَى جبيني وأشده بالعمامة واحتال فيه بحيل، ومبتلى بالخضاب لستر المشيب، فإن جعل لِي شعرا ورد لحيتي سوداء بلا خضاب آمنت بما يدعوني إليه كائنا ما كَانَ، إن شاء قُلْتُ إِنَّهُ باب الإمام، وإن شاء الإمام، وإن شاء قُلْتُ إِنَّهُ النَّبِيّ، وإن شاء قُلْتُ إِنَّهُ اللَّه! قَالَ: فلما سمع الحلاج جوابه أيس منه، وكف عنه. قَالَ أَبُو الْحَسَن: وكان الحلاج يدعو كل قوم إِلَى شيء من هذه الأشياء التي ذكرها أَبُو سهل عَلَى حسب ما يستبله طائفة طائفة. وأَخْبَرَنِي جماعة من أصحابنا أَنَّهُ لما افتتن الناس بالأهواز وكورها بالحلاج وما يخرجه لهم من الأطعمة والأشربة فِي غير حينها، والدراهم التي سماها دراهم القدرة حدث أَبُو عَلِيّ الجبائي بذلك، فَقَالَ لهم: هذه الأشياء محفوظة فِي منازل يمكن الحيل فيها، ولكن أدخلوه بيتا من بيوتكم لا من منزله هو، وكلفوه أن يخرج منه جرزتين شوكا فإن فعل فصدقوه، فبلغ الحلاج قوله وأن قوما قد عملوا عَلَى ذلك فخرج عَنِ الأهواز.
حَدَّثَنِي مسعود بن ناصر، أنبأنا أبو عبد الله بن باكوا الشيرازي قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ بْن حفيف- وقد سأله أَبُو الْحَسَن بن أَبِي توبة عَنِ الْحُسَيْن بن مَنْصُور- فَقَالَ:
سمعت أبا يَعْقُوب النهرجوري يَقُولُ: دخل الْحُسَيْن بن منصور مكة ومعه أربعمائة رجل، فأخذ كل شيخ من شيوخ الصوفية جماعة، قَالَ: وكان فِي سفرته الأولى كنت آمر من يخدمه. قَالَ: ففي هذه الكرة أمرت المشايخ وتشفعت إليهم ليحملوا عنه الجمع العظيم، قَالَ: فلما كَانَ وقت المغرب جئت إليه وقلت لَهُ: قد أمسينا فقم بنا حتى نفطر، فَقَالَ: نأكل عَلَى أَبِي قبيس، فأخذنا ما أردنا من الطعام وصعدنا إِلَى أَبِي قبيس، وقعدنا للأكل، فلما فرغنا من الأكل قَالَ الْحُسَيْن بن مَنْصُور: لم نأكل شيئا حلوا. فقلت: أليس قد أكلنا التمر؟ فَقَالَ: أريد شيئا قد مسته النار، فقام وأخذ ركوته وغاب عنا ساعة ثم رجع ومعه جام حلواء فوضعه بين أيدينا وَقَالَ: بسم الله، فأخذ القوم يأكلون وأنا أقول مع نفسي قد أخذ فِي الصنعة التي نسبها إليه عمرو بن عُثْمَان. قَالَ: فأخذت منه قطعة ونزلت الوادي، ودرت عَلَى الحلاويين أريهم ذلك الحلواء وأسألهم هل يعرفون من يتخذ هذا بمكة؟ فما عرفوه حتى حمل إِلَى جارية طباخة فعرفته، وَقَالَتْ: لا يعمل هذا إِلا بزبيد، فذهبت إِلَى حاج زبيد- وكان لِي فيه صديق- وأريته الحلواء فعرفه وَقَالَ: يعمل هذا عندنا إِلا أَنَّهُ لا يمكن حمله فَلا أدري كيف حمل. وأمرت حتى حمل إليه الجام وتشفعت إليه ليتعرف الخبر بزبيد هل ضاع لأحد من الحلاويين جام علامته كذا وكذا، فرجع الزبيدي إِلَى زبيد، وإذا أَنَّهُ حمل من دكان إنسان حلاوي، فصح عندي أن الرجل مخدوم.
وقال ابن باكوا: حدّثنا أبو عبد الله بن مفلح، حَدَّثَنَا طاهر بن أَحْمَد التستري.
قَالَ: تعجبت من أمر الحلاج فلم أزل أتتبع وأطلب الحيل، وأتعلم النيرنجات لأقف عَلَى ما هو عليه، فدخلت عليه يوما من الأيام، وسلمت وجلست ساعة ثم قَالَ لِي:
يا طاهر لا تتعن، فإن الذي تراه وتسمعه من فعل الأشخاص لا من فعلي، لا تظن أنه كرامة أو شعوذة، فصح عندي أَنَّهُ كما يَقُولُ.
حَدَّثَنِي أَبُو سعيد السجزي، أنبأنا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْد اللَّهِ الصوفي الشيرازي قَالَ: سمعت عَلِيّ بن الْحَسَن الفارسي بالموصل يَقُولُ: سمعت أبا بكر بن سعدان يَقُولُ: قَالَ لِي الْحُسَيْن بن مَنْصُور: تؤمن بي حتى أبعث إليك بعصفورة تطرح من ذرقها وزن حبة عَلَى كذا منا من نحاس فيصير ذهبا؟! قَالَ: فقلت لَهُ: بل أنت تؤمن بي حتى أبعث إليك بفيل يستلقي فتصير قوائمه فِي السماء، فإذا أردت أن تخفيه أخفيته فِي إحدى عينيك؟ قَالَ: فبهت وسكت.
أنبأنا إبراهيم بن مخلد، أنبأنا إِسْمَاعِيل بن عَلِيّ الخطبي- فِي تاريخه- قَالَ: وظهر أمر رجل يعرف بالحلاج يقال لَهُ: الْحُسَيْن بن مَنْصُور، وكان فِي حبس السلطان بسعاية وقعت به فِي وزارة عَلِيّ بن عِيسَى الأولى، وذكر عنه ضروب من الزندقة، ووضع الحيل عَلَى تضليل الناس من جهات تشبه الشعوذة والسحر، وادعاء النبوة، فكشفه عَلِيّ بن عِيسَى عند قبضه عليه، وأنهى خبره إِلَى السلطان- يعني المقتدر بالله- فلم يقر بما رمي به من ذلك، وعاقبه وصلبه حيا أياما متوالية فِي رحبة الجسر فِي كل يوم غدوة، وينادى عليه بما ذكر عنه، ثم ينزل به ثم يحبس، فأقام فِي الحبس سنين كثيرة، ينقل من حبس إِلَى حبس حتى حبس بأخرة فِي دار السلطان فاستغوى جماعة من غلمان السلطان وموه عليهم واستمالهم بضروب من حيله حتى صاروا يحمونه، ويدفعون عنه، ويرفهونه، ثم راسل جماعة من الكتاب وغيرهم بِبَغْدَادَ وغيرها، فاستجابوا لَهُ، وتراقى به الأمر حتى ذكر أنه ادعى الربوبية، وَسُعِيَ بجماعة من أصحابه إِلَى السلطان فقبض عليهم ووجد عند بعضهم كتبا لَهُ تدل عَلَى تصديق ما ذكر عنه، وأقر بعضهم بلسانه بذلك، وانتشر خبره، وتكلم الناس فِي قتله، فأمر أمير المؤمنين بتسليمه إِلَى حامد بن الْعَبَّاس، وأمر أن يكشفه بحضرة القضاة، ويجمع بينه وبين أصحابه، فجرى فِي ذلك خطوب طوال ثم استيقن السلطان أمره، ووقف عَلَى ما ذكر لَهُ عنه، فأمر بقتله وإحراقه بالنار. فأحضر مجلس الشرطة بالجانب الغربي يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة، فضرب بالسياط نحوا من ألف سوط، وقطعت يداه ورجلاه، وضربت عنقه، وحرقت جثته بالنار، ونصب رأسه للناس عَلَى سور السجن الجديد، وعلقت يداه ورجلاه إِلَى جانب رأسه.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن أَبِي الْحَسَن الساحلي عَنْ أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بن مُحَمَّد النسوي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْحَافِظ يَقُولُ: سمعت إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْوَاعِظ يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الرَّازِيّ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حمشاذ: حضر عندنا بالدينور رجل ومعه مخلاة فما كَانَ يفارقها بالليل ولا بالنهار، ففتشوا المخلاة فوجدوا فيها كتابا للحلاج عنوانه: من الرحمن الرحيم إِلَى فلان بن فلان، فوجه إِلَى بَغْدَاد قَالَ: فأحضر وعرض عليه فَقَالَ: هذا خطي وأنا كتبته، فقالوا: كنت تدعي النبوة فصرت تدعي الربوبية؟ فَقَالَ: ما أدعي الربوبية ولكن هذا عين الجمع عندنا، هل الكاتب إِلا اللَّه، وأنا واليد فيه آلة. فقيل: هل معك أحد؟ فَقَالَ: نعم، ابن عطاء، وأبو محمّد الحريريّ، وأبو بكر الشبلي. وأبو محمّد الحريريّ يستتر، والشبلي يستتر، فإن كَانَ
فابن عطاء. فأحضر الحريريّ فسئل فَقَالَ: هذا كافر يقتل، ومن يَقُولُ هذا؟ وسئل الشبلي فَقَالَ: من يَقُولُ هذا يمنع. ثم سئل ابن عطاء عَنْ مقالة الحلاج فَقَالَ بمقالته، فكان سبب قتله.
أنبأنا إسماعيل بن أحمد الحيرى، أنبأنا أبو عبد الرّحمن الشبلي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الرَّازِيّ يقول: كان الوزير حين أحضر الْحُسَيْن بن مَنْصُور للقتل، حامد بن الْعَبَّاس فأمره أن يكتب اعتقاده، فكتب اعتقاده، فعرضه الوزير عَلَى الفقهاء بِبَغْدَادَ فأنكروا ذلك، فقيل للوزير: إن أبا الْعَبَّاس بن عطاء يصوب قوله، فأمر أن يعرض ذلك عَلَى أَبِي الْعَبَّاس بن عطاء، فعرض عليه فَقَالَ: هذا اعتقاد صحيح، وأنا أعتقد هذا الاعتقاد، ومن لا يعتقد هذا فهو بلا اعتقاد. فأمر الوزير بإحضاره فأحضر، وأدخل عليه فجلس فِي صدر المجلس فغاظ الوزير ذلك، ثم أخرج ذلك الخط فَقَالَ:
هذا خطك؟ فَقَالَ: نعم، فَقَالَ: تصوب مثل هذا الاعتقاد؟ فَقَالَ: ما لك ولهذا، عليك بما نصبت لَهُ من أخذ أموال الناس، وظلمهم، وقتلهم، مالك ولكلام هؤلاء السادة. فَقَالَ الوزير: فكيه، فضرب فكاه، فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس اللَّهُمَّ إنك سلطت هذا عَلِيّ عقوبة لدخولي عليه. فَقَالَ الوزير: خفه يا غلام، فنزع خفه فَقَالَ: دماغه، فما زال يضرب رأسه حتى سال الدم من منخريه، ثم قَالَ: الحبس، فقيل أيها الوزير يتشوش العامة لذلك، فحمل إِلَى منزله. فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: اللَّهُمَّ اقتله أخبث قتلة، واقطع يديه ورجليه. فمات أَبُو الْعَبَّاس بعد ذلك بسبعة أيام، وقتل حامد بن العبّاس أفظع قتلة وأوحشها، بعد أن قطعت يداه ورجلاه، وأحرق داره، وكانوا يقولون:
أدركته دعوة أَبِي الْعَبَّاس بن عطاء.
أنبأنا محمّد بن عليّ بن أبي الفتح، أنبأنا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن النيسابوري قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا بكر بن غالب يَقُولُ: سمعت بعض أصحابنا يقول: لما أرادوا قتل الحسين ابن مَنْصُور أحضر لذلك الفقهاء، والعلماء، وأخرجوه، وقدموه بحضرة السلطان، فسألوه فقالوا مسألة، فَقَالَ هاتوا، فقالوا لَهُ: ما البرهان؟ فَقَالَ: البرهان شواهد يلبسها الحق أهل الإخلاص يجذب النفوس إليها جاذب القبول. فقالوا بأجمعهم: هذا كلام أهل الزندقة!! وأشاروا عَلَى السلطان بقتله.
قُلْتُ: قد أحال هذا الحاكي عَنِ الفقهاء بأن هذا كلام أهل الزندقة، وهو رجل مجهول، وقوله غير مقبول، وإنما أوجب الفقهاء قتله بأمر آخر. حَدَّثَنِي مسعود بن
ناصر، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن باكوا الشّيرازي. قال: سمعت ابن بزول القزويني- وقد سأل أبا عَبْد اللَّهِ بْن حفيف عَنْ معنى هذه الأبيات-:
سبحان من أظهر ناسوته ... سر سنا لاهوته الثاقب
ثم بدا فِي خلقه ظاهرا ... فِي صورة الآكل والشارب
حتى لقد عاينه خلقه ... كلحظة الحاجب بالحاجب
فَقَالَ الشيخ: عَلَى قائلها لعنه اللَّه. فَقَالَ عيسى بن بزول: هذا الحسين بن مَنْصُور.
فَقَالَ: إن كَانَ هذا اعتقاده فهو كافر. إِلا أَنَّهُ لم يصح أَنَّهُ لَهُ، ربما يكون مقولا عليه.
قَالَ ابن باكوا: سمعت أبا الْقَاسِم يوسف بن يَعْقُوبَ النعماني يَقُولُ: سمعت والدي يَقُولُ: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بن داود الفقيه الأصبهاني يَقُولُ: إن كَانَ ما أنزل اللَّه عَلَى نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حقا، وما جاء به حقّا، فما يَقُولُ الحلاج باطل. وكان شديدا عليه.
أنبأنا ابن الفتح، أنبأنا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ: سمعت أبا بكر الشاشي يَقُولُ: قَالَ أَبُو الجديد- يعني المصري- لما كَانَ الليلة التي قتل فِي صبيحتها الْحُسَيْن بن مَنْصُور قام من الليل فصلى ما شاء اللَّه، فلما كَانَ آخر الليل قام قائما فتغطى بكسائه، ومد يديه نحو القبلة فتكلم بكلام جائز الحفظ، وكان مما حفظت أن قَالَ: نحن شواهدك فلو دلتنا عزتك لتبدي ما شئت من شانك ومشيئتك، وأنت الذي في السماء إليه وفي الأرض إله. تتجلى لما تشاء مثل تجليك فِي مشيئتك كأحسن الصورة، والصورة فيها الروح الناطقة بالعلم والبيان والقدرة ثم أوعزت إليّ شاهدك، لأني فِي ذاتك الهوى، كيف أنت إذا مثلت بذاتي عند عقيب كراتي، ودعوت إِلَى ذاتي بذاتي، وأبديت حقائق علومي ومعجزاتي، صاعدا فِي معارجي إِلَى عروش أزلياتي، عند القول من برياتي، إني احتضرت وقتلت، وصلبت، وأحرقت، واحتملت سافياتي الذاريات، ونجحت في الجاريات، وإن ذرة من ينجوج مكان هاكول متجلياتي، لأعظم من الراسيات. ثم أنشأ يَقُولُ:
أنعي إليك نفوسا طاح شاهدها ... فيما ورا الحيث أو فِي شاهد القدم
أنعي إليك قلوبا طالما هطلت ... سحائب الوحي فيها أبحر الحكم
أنعي إليك لسان الحق منك ومن ... أودى وتذكاره فِي الوهم كالعدم
أنعي إليك بيانا يستكين لَهُ ... أقوال كل فصيح مقول فهم
أنعي إليك إشارات العقول معا ... لم يبق منهن إلّا دارس العدم
أنعي- وحبك- أخلاقا لطائفة ... كانت مطاياهم من مكمد الكظم
مضى الجميع فَلا عين ولا أثر ... مضى عاد وفقدان الألى إرم
وخلفوا معشرا يحذون لبستهم ... أعمى من البهم بل أعمى من النعم
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِيّ الصوري قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر بن أَبِي الكرام الْبَزَّاز- بمصر- يَقُولُ: سمعت أبا مُحَمَّد الياقوتي يَقُولُ: رأيت الحلاج عند الجسر وهو عَلَى بقرة ووجهه إلى عجزها، فسمعته يَقُولُ: ما أنا بالحلاج، ألقى عَلَى شبهه وغاب، فلما أدنى إِلَى الخشبة ليصلب عليها سمعته يقول: يا معين الفنا عليّ، أعني عليّ الفنا. أنبأنا الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي قَالَ: لما أخرج الحسين بن منصور ليقتل أنشد:
طلبت المستقر بكل أرض ... فلم أر لِي بأرض مستقرا
أطعت مطامعي فاستعبدتني ... ولو أني قنعت لكنت حرّا
أنبأنا إسماعيل الحيرى، أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَن الْوَرَّاق يَقُولُ: سمعت أبا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد القلانسي الرَّازِيّ يَقُولُ: لما صلب الْحُسَيْن بن مَنْصُور، وقفت عليه وهو مصلوب فقال: إلهي إلهي أصبحت فِي دار الرغائب أنظر إِلَى العجائب، إلهي إنك تتودد إِلَى من يؤذيك، فكيف لا تتودد إِلَى من يؤذى فيك.
وَقَالَ السلمي: سمعت عبد الواحد بن عَلِيّ يَقُولُ: سمعت فارسا الْبَغْدَادِيّ يَقُولُ:
لما حبس الحلاج قيد من كعبه إِلَى ركبته بثلاثة عشر قيدا، وكان يصلي مع ذلك فِي كل يوم وليله ألف ركعة! قَالَ: وسمعت فارسا يَقُولُ: قطعت أعضاؤه يوم قتل عضوا عضوا وما تغير لونه.
وَقَالَ السلمي: سمعتُ أَبَا عَبْد اللَّهِ الرَّازِيّ يَقُولُ: سمعتُ أبا بكر العطوفي يَقُولُ:
كنت أقرب الناس من الحلاج، فضرب كذا وكذا سوطا، وقطعت يداه ورجلاه فما نطق! أنبأنا أبو الفتح، أنبأنا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ: سمعت الْحُسَيْن بن أَحْمَد- يعني الرَّازِيّ- يَقُولُ: سمعت أبا الْعَبَّاس بن عبد العزيز يَقُولُ: كنت أقرب الناس من الحلاج حين ضرب وكان يَقُولُ مع كل صوت: أحد، أحد.
حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَان الصيرفي قَالَ: قَالَ لنا أَبُو عُمَرَ بْن حيويه: لما أخرج حسين الحلاج ليقتل مضيت فِي جملة الناس ولم أزل أزاحم حتى رأيته فَقَالَ لأصحابه: لا يهولنكم هذا، فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوما ثم قتل.
أنبأنا مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ عَبْد اللَّهِ الأردستاني- بمكة- أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي- بنيسابور- قَالَ: سمعت أبا الْعَبَّاس الرزاز يَقُولُ: كَانَ أخي خادما للحسين بن مَنْصُور، فسمعته يَقُولُ: لما كانت الليلة التي وعد من الغد قتله، قُلْتُ لَهُ: يا سيدي أوصني، فَقَالَ لِي: عليك نفسك إن لم تشغلها شغلتك قَالَ:
فلما كَانَ من الغد فأخرج للقتل قال: حسب الواحد أفراد الواحد لَهُ. ثم خرج يتبختر فِي قيده ويقول:
نديمي غير منسوب ... إِلَى شيء من الحيف
سقاني مثل ما يشر ... ب فعل الضيف بالضيف
فلما دارت الكأس ... دعا بالنطع والسيف
كذا من يشرب الراح ... مع التنين فِي الصيف
ثم قَالَ: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ
[الشورى 18] ثم ما نطق بعد ذلك حتى فعل به ما فعل.
أنبأنا ابن الفتح، أنبأنا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ: سمعتُ عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ يَقُولُ:
سمعت عِيسَى القصار يَقُولُ: آخر كلمة تكلم بها الْحُسَيْن بن مَنْصُور عند قتله وصلبه أن قال: حسب الواحد أفراد الواحد لَهُ. فما سمع بهذه الكلمة أحد من المشايخ إِلا رق لَهُ واستحسن هذا الكلام منه.
أنبأنا إسماعيل الحيرى، أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: سمعت أبا بكر البجلي يَقُولُ: سمعت أبا الفاتك الْبَغْدَادِيّ- وكان صاحب الحلاج- قَالَ: رأيت فِي النوم بعد ثلاث من قتل الحلاج، كأني واقف بين يدي ربي تعالى فأقول يا رب ما فعل الْحُسَيْن بن مَنْصُور؟ فَقَالَ: كاشفته بمعنى فدعا الخلق إِلَى نفسه، فأنزلت به ما رأيت.
ذكر أخبار الحلاج بعد حصوله فِي يد حامد بن الْعَبَّاس وشرحها عَلَى التفصيل إِلَى حين مقتله:
قد ذكرنا ما انتهى إلينا من أخبار الحلاج المنثورة وأنا أسوق هاهنا قصته بِبَغْدَادَ مفصلة، وسبب القبض عليه، وشرح ما بعد ذلك إِلَى أن قتل:
فبلغنا أَنَّهُ أقام بِبَغْدَادَ فِي أيام المقتدر بالله زمانا يصحب الصوفية وينتسب إليهم، والوزير إذ ذاك حامد بن الْعَبَّاس فانتهى إليه أن الحلاج قد موه عَلَى جماعة من الحشم والحجاب فِي دار السلطان، وعلى غلمان نصر القشوري الحاجب وأسبابه، بأنه يُحْيي الموتى، وأن الجن يخدمونه ويحضرون ما يختاره ويشتهيه، وأظهر أَنَّهُ قد أحيا عدة من الطير. وأظهر أَبُو عَلِيّ الأوارجي لعلي بن عِيسَى أن مُحَمَّد بن عَلي القنائي- وكان أحد الكتاب- يعبد الحلاج، ويدعو الناس إِلَى طاعته، فوجه عَلِيّ بن عِيسَى إلى محمّد ابن عَلِيّ القنائي من كبس منزله وقبض عليه، وقرره عَلِيّ بن عِيسَى فأقر أَنَّهُ من أصحاب الحلاج، وحمل من داره إِلَى عَلِيّ بن عِيسَى دفاتر ورقاعا بخط الحلاج، فالتمس حامد بن الْعَبَّاس من المقتدر بالله أن يسلم إليه الحلاج ومن وجد من دعاته، فدفع عنه نصر الحاجب، وكان يذكر عنه الميل إِلَى الحلاج، فجرد حامد فِي المسأله، فأمر المقتدر بالله أن يدفع إليه، فقبضه واحتفظ به، وكان يخرجه كل يوم إِلَى مجلسه ويتسقطه ليتعلق عليه بشيء يكون سبيلا لَهُ إِلَى قتله، فكان الحلاج لا يزيد عَلَى إظهار الشهادتين والتوحيد، وشرائع الإسلام، وكان حامد قد سعى إليه بقوم أنهم يعتقدون فِي الحلاج الإلهيه، فقبض حامد عليهم وناظرهم فاعترفوا أنهم من أصحاب الحلاج ودعاته، وذكروا لحامد أنهم قد صح عندهم أَنَّهُ إله، وأنه يُحْيِي الموتى، وكاشفوا الحلاج بذلك فجحده وكذبهم، وَقَالَ: أعوذ بالله أن أدعي الربوبية، أو النبوة، وإنما أنا رجل أعبد اللَّه، وأكثر الصوم، والصلاة، وفعل الخير، ولا أعرف غير ذلك .
حدّثنا عَلِيّ بن المحسن القاضي، عَنْ أبي الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّدِ بْنِ زنجي الكاتب عَنْ أبيه- وهو المعروف بزنجي- بما أسوقه من أخبار الحلاج إِلَى حين مقتله، وكان زنجي يلازم مجلس حامد بن الْعَبَّاس ويرى الحلاج، ويسمع مناظرات أصحابه.
قَالَ زنجي: أول ما انكشف من أمره فِي أيام وزارة حامد بن الْعَبَّاس، أن رجلا شيخا حسن السمت يعرف بالدباس، تنصح فيه، وذكر انتشار أصحابه، وتفرق دعاته فِي النواحي، وأنه كان ممن استجاب له ثم تبين له مخرقته، ففارقه وخرج عَنْ جملته، وتقرب إِلَى اللَّه بكشف أمره، واجتمع معه عَلَى هذه الحال أَبُو عَلِيّ هَارُون بن عبد العزيز الأوارجي الكاتب الأنباري وكان قد عمل كتابا ذكر فيه مخاريق الحلاج،
والحيلة فيها، والحلاج حينئذ مقيم عند نصر القشوري، فِي بعض حجره، موسع عليه، مأذون لمن يدخل إليه، وللحلاج اسمان أحدهما الْحُسَيْن بن منصور، والآخر محمّد ابن أَحْمَد الفارسي. وكان قد استغوى نصرا وجاز تمويهه عليه، حتى كَانَ يسميه العبد الصالح، ويحدث الناس أن علة عرضت للمقتدر بالله فِي جوفه، وقف نصر عَلَى خبرها، فوصفه لَهُ واستأذنه فِي إدخاله إليه فأذن لَهُ، ووضع يده عَلَى الموضع الذي كانت العلة فيه وقرأ عليه، فاتفق أن زالت العلة، ولحق والدة المقتدر بالله مثل تلك العلة، وفعل بها مثل ذلك فزال ما وجدته، فقام للحلاج بذلك سوق فِي الدار، وعند والدة المقتدر والخدم والحاشية وأسباب نصر خاصة، ولما انتشر كلام الدباس وأبي عَلي الأوارجي فِي الحلاج بعث به المقتدر بالله إِلَى أبي الحسن عليّ بن عِيسَى ليناظره فأحضره مجلسه وخاطبه خطابا فيه غلظة، فحكي فِي ذلك الوقت أَنَّهُ تقدم إليه وَقَالَ لَهُ فيما بينه [وبينه] : قف حيث انتهيت ولا تزد عليه شيئا، وإلا قلبت الأرض عليك، أو كلاما فِي هذا المعنى فتهيب عليّ بن عبيس مناظرته واستعفى منه، ونقل حينئذ إِلَى حامد، وكانت بنت السمري صاحب الحلاج قد أدخلت إليه، وأقامت عنده فِي دار السلطان مدة، وبعث بها إِلَى حامد ليسألها عما وقفت عليه، وشاهدته من أحواله، فدخلت إِلَى حامد فِي يوم شات بارد، وهذه المرأة بحضرته- وكانت حسنة العبارة، عذبة الألفاظ، مقبولة الصورة، فسألها عَنْ أمره فذكرت أن أباها السمري حملها إليه، وأنها لما دخلت عليه وهب لها أشياء كثيرة، عددت أصنافها منها ريطة خضراء وَقَالَ لها: قد زوجتك من ابني سُلَيْمَان، وهو أعز ولدي عَلِيّ، وهو مقيم بنيسابور فِي موضع قد ذكرته وأنسيته، وليس يخلو أن يقع بين المرأة وزوجها خلاف، أو تنكر منه حالا من الأحوال، وقد أوصيته بك، فمتى جرى شيء تنكرينه من جهته فصومي يومك، واصعدي آخر النهار إِلَى السطح وقومي عَلَى الرماد واجعلي فطرك عليه وعلى ملح جريش، واستقبليني بوجهك، واذكري لِي ما أنكرتيه منه فإني أسمع وأرى. قَالَتْ: وكنت ليلة نائمة فِي السطح وابنة الحلاج معي فِي دار السلطان، وهو معنا، فلما كَانَ فِي الليل أحسست به وقد غشيني فانتبهت مذعورة منكرة لما كَانَ منه. فَقَالَ: إنما جئتك لأوقظك للصلاة ولما أصبحنا نزلت إِلَى الدار ومعي بنته ونزل هو، فلما صار عَلَى الدرجة بحيث يرانا ونراه قَالَتْ بنته: اسجدي لَهُ، فقلت لها: أو يسجد أحد لغير اللَّه؟! وسمع كلامي لها فَقَالَ: نعم، إله فِي السماء
وإله فِي الأرض، قَالَتْ: ودعاني إليه وأدخل يده فِي كمه وأخرجها مملوءة مسكا فدفعه إلي وفعل هذا مرات، ثم قَالَ: اجعلي هذا فِي طيبك فإن المرأة إذا حصلت عند الرجل احتاجت إِلَى الطيب، قَالَتْ: ثم دعاني وهو جالس فِي بيت البواري فَقَالَ:
ارفعي جانب البارية وخذي من تحته ما تريدين، وأومأ إِلَى زاوية البيت فجئت إليها ورفعت البارية فوجدت الدنانير تحتها مفروشة ملء البيت فبهرني ما رأيت من ذلك.
قَالَ زنجي: وأقامت هذه المرأة معتقلة فِي دار حامد إِلَى أن قتل الحلاج. ولما حصل الحلاج فِي يد حامد جد فِي طلب أصحابه، وأذكى العيون عليهم، وحصل فِي يده منهم، حيدرة، والسمري، ومحمد بن عَلِيّ القنائي، والمعروف بأبي المغيث الهاشمي، واستتر المعروف بابن حَمَّاد وكبس منزله وأخذت منه دفاتر كثيرة، وكذلك من منزل مُحَمَّد بن عَلِيّ القنائي، فِي ورق صيني، وبعضها مكتوب بماء الذهب، مبطنة بالديباج والحرير، مجلدة بالأديم الجيد، وكان فيما خاطبه به حامد- أول ما حمل إليه: ألست تعلم أني قبضت عليك بدور الراسبي وأحضرتك إلى واسط، فذكرت في دفعة أنك المهدي، وذكرت فِي دفعة أخرى أنك رجل صالح، تدعو إِلَى عبادة اللَّه والأمر بالمعروف، فكيف ادعيت بعد الإلهية؟! وكان فِي الكتب الموجودة عجائب من مكاتباته أصحابه النافذين إِلَى النواحي وتوصيتهم بما يدعون الناس إليه وما يأمرهم به من نقلهم من حال إِلَى أخرى، ومرتبة إِلَى مرتبة، حتى يبلغوا الغاية القصوى، وأن يخاطبوا كل قوم عَلَى حسب عقولهم وأفهامهم، وعلى قدر استجابتهم وانقيادهم، وجوابات لقوم كاتبوه بألفاظ مرموزة لا يعرفها إِلا من كتبها ومن كتبت إليه، ومدارج فيها ما يجري هذا المجرى، وفي بعضها صورة فيها اسم اللَّه تعالى مكتوب عَلَى تعويج، وفي داخل ذلك التعويج مكتوب عَلِيّ عليه السلام! كتابة لا يقف عليها إِلا من تأملها. وحضرت مجلس حامد- وقد أحضر السمري صاحب الحلاج وسأله عَنْ أشياء من أمر الحلاج- وَقَالَ لَهُ: حَدَّثَنِي بما شاهدته منه، فَقَالَ لَهُ: إن رأى الوزير أن يعفيني فعل، فأعلمه أَنَّهُ لا يعفيه، وعاود مسألته عما شاهده، فعاود استعفاءه وألح عليه فِي السؤال فلما تردد القول بينهما قَالَ: أعلم أني إن حدثتك كذبتني ولم آمن مكروها يحلقني، فوعده أن لا يلحقه مكروه. فَقَالَ: كنت معه بفارس فخرجنا نريد اصطخر فِي زمان شات، فلما صرنا فِي بعض الطريق أعلمته بأني قد اشتهيت خيارا، فَقَالَ لِي: فِي هذا المكان، وفي مثل هذا الوقت من الزمان؟ فقلت: هو شيء عرض لِي، ولما كَانَ بعد ساعات قَالَ لِي: أنت عَلَى تلك الشهوة؟ فقلت: نعم. قَالَ: وسرنا
إِلَى سفح جبل ثلج فأدخل يده فيه وأخرج إلي منه خيارة خضراء ودفعها إلي. فَقَالَ لَهُ حامد: فأكلتها؟ قَالَ: نعم، فَقَالَ له: كذبت يا ابن مائة ألف زانية فِي مائة ألف زانية، أوجعوا فكه، فأسرع الغلمان إليه فامتثلوا ما أمرهم به وهو يصيح: أليس من هذا خفنا؟ ثم أمر به فأقيم من المجلس، وأقبل حامد يتحدث عَنْ قوم من أصحاب النيرنجات كانوا يعدون بإخراج التين، وما يجرى مجراه من الفواكه، فإذا حصل ذلك فِي يد الإنسان وأراد أن يأكله صار بعرا. وحضرت مجلس حامد وقد أحضر سفط خيازر لطيف حمل من دار مُحَمَّد بن عَلِيّ القنائي- أكبر ظني- فتقدم بفتحه ففتح فإذا فيه قدر جافة خضر، وقوارير فيها شيء لون الزئبق، وكسر خبز جافة، وكان السمري حاضرا جالسا بالقرب من أَبِي، فعجب من تلك القدر وتصييرها فِي سفط مختوم، ومن تلك القوارير- وعندنا أنها أدهان- ومن كسر الخبز، وسأل حامد السمري عَنْ ذلك فدافعه عَنِ الجواب واستعفاه منه، وألح عليه فِي السؤال، فعرفه أن تلك القدر رجيع الحلاج، وأنه يستشفي به، وأن الذي فِي القوارير بوله! فعرف حامد ما قاله فعجب منه من كَانَ فِي المجلس، واتصل القول فِي الطعن عَلَى الحلاج، وأقبل أَبِي يعيد ذكر تلك الكسر ويتعجب منها وفي احتفاظهم بها حتى غاظ السمري ذلك فَقَالَ لَهُ: هو ذا أسمع ما تقول، وأرى تعجبك من هذه الكسر وهي بين يديك فكل منها ما شئت ثم انظر كيف يكون قلبك للحلاج بعد أكلك ما تأكله منها فتهيب أَبِي أن يأكلها، وتخوف أن يكون فيها سم، وأحضر حامد الحلاج وسأله عما كَانَ فِي السفط، وعن احتفاظ أصحابه برجيعه وبوله؟ فذكر أَنَّهُ شيء ما علم به ولا عرفه، وكان يتفق فِي كثير من الأيام جلوس الحلاج فِي مجلس حامد إِلَى جنبي فأسمعه يَقُولُ دائما: سبحانك لا إله إِلا أنت، عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لِي إِنَّهُ لا يغفر الذنوب إِلا أنت، وكانت عليه مدرعة سوداء من صوف، وكنت يوما وأبي بين يدي حامد، ثم نهض عَنْ مجلسه وخرجنا إِلَى دار العامة وجلسنا فِي رواقها، وحضر هَارُون بن عمران الجهبذ فجلس بين يدي أَبِي ولم يحادثه فهو فِي ذاك إذ جاء غلام حامد الذي كَانَ موكلا بالحلاج، وأومأ إِلَى هَارُون بن عمران أن يخرج إليه، فنهض عَنِ المجلس مسرعا ونحن لا ندري ما السبب، فغاب عنا قليلا ثم عاد وهو متغير اللون جدا، فأنكر أَبِي ما رآه منه وسأله عنه فَقَالَ: دعاني الغلام الموكل بالحلاج فخرجت إليه فأعلمني أَنَّهُ دخل إليه ومعه الطبق الذي رسم أن يقدمه إليه فِي كل يوم، فوجده ملأ البيت من سقفه إِلَى أرضه، وملأ جوانبه فهاله ما رأى من ذلك ورمى بالطبق من
يده وخرج من البيت مسرعا، وأن الغلام ارتعد وانتفض وحم!، وبقي هَارُون يتعجب من ذلك. وبلغ حامدا عَنْ بعض أصحاب الحلاج أَنَّهُ ذكر أَنَّهُ دخل إليه إِلَى الموضع الذي هو فيه وخاطبه بما أراده، فأنكر ذلك كل الإنكار، وتقدم بمسألة الحجاب والبوابين عنه وقد كَانَ رسم أن لا يدخل إليه أحد، وضرب بعض البوابين فحلفوا بالإيمان المغلظة أنهم ما أدخلوا أحدا من أصحاب الحلاج إليه ولا اجتاز بهم، وتقدم بافتقاد السطوح وجوانب الحيطان فافتقدوا ذلك أجمع، ولم يوجد لَهُ أثر ولا خلل، فسأل الحلاج عَنْ دخول من دخل إليه فقال: من القدرة نزل، ومن الموضع الذي وصل إِلَي منه خرج. وكان يخرج إِلَى حامد فِي كل يوم دفاتر مما حمل من دور أصحاب الحلاج، ويجعل بين يديه فيدفعها إِلَى أبي ويتقدم إليه بأن يقرأها عليه، فكان يفعل ذلك دائما، فقرأ عليه فِي بعض الأيام من كتب الحلاج والقاضي أَبُو عُمَرَ حاضر والقاضي أَبُو الْحُسَيْنِ بن الأشناني- كتابا حكى فيه أن الإنسان إذا أراد الحج ولم يمكنه أفرد فِي داره بيتا لا يلحقه شيء من النجاسة، ولا يدخله أحد، ومنع من تطرقه فإذا حضرت أيام الحج طاف حوله طوافه حول البيت الحرام فإذا انقضى ذلك، وقضى من المناسك ما يقضى بمكة مثله، جمع ثلاثين يتيما وعمل لهم أمرأ ما يمكنه من الطعام وأحضرهم إِلَى ذلك البيت، وقدم إليهم ذلك الطعام وتولى خدمتهم بنفسه، فإذا فرغوا من أكلهم وغسل أيديهم كسا كل واحد منهم قميصا ودفع إليه سبعة دراهم، أو ثلاثة- الشك مني- فإذا فعل ذلك قام لَهُ مقام الحج. فلما قرأ أَبِي هذا الفصل التفت أَبُو عُمَرَ الْقَاضِي إِلَى الحلاج وَقَالَ لَهُ: من أين لك هذا؟ قَالَ: من كتاب الإخلاص للحسن البصري، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُمَرَ: كذبت يا حلال الدم، قد سمعنا كتاب الإخلاص للحسن البصري بمكة وليس فيه شيء مما ذكرته، فلما قَالَ أَبُو عُمَرَ كذبت يا حلال الدم، قَالَ لَهُ حامد: اكتب بهذا، فتشاغل أَبُو عُمَرَ بخطاب الحلاج، فأقبل حامد يطالبه بالكتاب بما قاله، وهو يدافع ويتشاغل إِلَى أن مد حامد الدواة من بين يديه إِلَى أَبِي عُمَر، ودعا بدرج فدفعه إليه وألح عليه حامد بالمطالبة بالكتاب إلحاحا لم يمكنه معه المخالفة، فكتب بإحلال دمه، وكتب بعده من حضر المجلس، ولما تبين الحلاج الصورة قَالَ: ظهري حمى ودمي حرام، وما يحل لكلم أن تتأولوا عَلَى بما يبيحه، واعتقادي الإسلام، ومذهبي السنة وتفضيل أَبِي بَكْرٍ وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعَبْد الرَّحْمَنِ بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح، ولي كتب فِي السنة موجودة فِي الوراقين، فاللَّه اللَّه فِي دمي، ولم يزل يردد هذا القول
والقوم يكتبون خطوطهم إِلَى أن استكملوا ما احتاجوا إليه، ونهضوا عَنِ المجلس.
ورد الحلاج إِلَى موضعه الذي كَانَ فيه، ودفع حامد ذلك المحضر إِلَى والدي وتقدم إليه أن يكتب إِلَى المقتدر بالله بخبر المجلس وما جرى فيه، وينفذ الجواب عنها، فكتب الرقعتين وأنفذ الفتوى درج الرقعة إِلَى المقتدر بالله، وأبطأ الجواب يومين، فغلظ ذلك عَلَى حامد ولحقه ندم عَلَى ما كتب به، وتخوف أن يكون قد وقع غير موقعه، ولم يجد بدا من نصرة ما عمله فكتب بخط والدي رقعة إِلَى المقتدر بالله فِي اليوم الثالث يقتضى فيها ما تضمنته الأولى ويقول: إن ما جرى فِي المجلس قد شاع وانتشر، ومتى لم يتبعه قتل الحلاج افتتن الناس به، ولم يختلف عليه اثنان، ويستأذن فِي ذلك، وأنفذ الرقعة إلى مفلح، وسأله إيصالها وتنجيز الجواب عنها وإنفاذه إليه، فعاد الجواب من المقتدر بالله من غد ذلك اليوم من جهة مفلح؛ بأن القضاة إذا كانوا قد أفتوا بقتله، وأباحوا دمه، فلتحضر مُحَمَّد بن عبد الصمد صاحب الشرطة، وليتقدم إليه بتسلمه وضربه ألف سوط، فإن تلف تحت الضرب وإلا ضرب عنقه فسر حامد بهذا الجواب، وزال ما كَانَ عليه من الإضطراب، وأحضر مُحَمَّد بن عبد الصمد وأقرأه إياه، وتقدم إليه بتسلم الحلاج، فامتنع من ذلك وذكر أَنَّهُ يتخوف أن ينتزع، فأعلمه حامد أَنَّهُ يبعث معه غلمانه حتى يصيروا به إِلَى مجلس الشرطة فِي الجانب الغربي، ووقع الاتفاق عَلَى أن يحضر بعد عشاء الآخرة ومعه جماعة من أصحابه، وقوم على بغال موكفة يجرون مجرى الساسة، ليجعل عَلَى واحد منها ويدخل فِي غمار القوم، وأوصاه بأن يضربه ألف سوط فإن تلف حز رأسه واحتفظ به، وأحرق جثته، وَقَالَ لَهُ حامد: إن قَالَ لك أجري لك الفرات ذهبا وفضة فَلا تقبل منه! ولا ترفع الضرب عنه، فلما كَانَ بعد عشاء الآخرة وافى مُحَمَّد بن عبد الصمد إِلَى حامد ومعه رجاله والبغال المؤكفة، فتقدم إِلَى غلمانه بالركوب معه حتى يصل إِلَى مجلس الشرطة، وتقدم إِلَى الغلام الموكل به بإخراجه من الموضع الذي هو فيه، وتسليمه إلى أصحاب محمّد ابن عبد الصمد، فحكى الغلام أَنَّهُ لما فتح الباب عنه وأمره بالخروج، وهو وقت لم يكن يفتح عنه فِي مثله، قَالَ لَهُ: من عند الوزير؟ فَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الصمد، فَقَالَ:
ذهبنا والله. وأخرج وأركب بعض تلك البغال الموكفة واختلط بجملة الساسة، وركب غلمان حامد معه حتى أوصلوه إِلَى الجسر ثم انصرفوا، وبات هناك مُحَمَّد بن عبد الصمد، ورجاله مجتمعون حول المجلس فلما أصبح يوم الثلاثاء لست بقين من ذي القعده أخرج الحلاج إِلَى رحبة المجلس، وأمر الجلاد بضربه بالسوط، واجتمع من
العامة خلق كثير لا يحصى عددهم، فضرب إلى تمام الألف السوط وما استعفى ولا تأوه، بل لما بلغ ستمائة سوط. قَالَ لمحمد بن عبد الصمد: ادع بي إليك فإن عندي نصيحة تعدل فتح القسطنطينية، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد: قد قيل لِي إنك ستقول هذا وما هو أكثر منه! وليس إِلَى رفع الضرب عنك سبيل. ولما بلغ ألف سوط قطعت يده، ثم رجله، ثم يده، ثم رجله، وحز رأسه، وأحرقت جثته، وحضرت فِي هذا الوقت وكنت واقفا عَلَى ظهر دابتي خارج المجلس، والجثة تقلب عَلَى الجمر، والنيران تتوقد، ولما صارت رمادا ألقيت فِي دجلة، ونصب الرأس يومين بِبَغْدَادَ عَلَى الجسر ثم حمل إِلَى خراسان وطيف به فِي النواحي، وأقبل أصحابه يعدون أنفسهم برجوعه بعد أربعين يوما، واتفق أن زادت دجلة فِي تلك السنة زيادة فيها فضل، فادعى أصحابه أن ذلك بسببه، ولأن الرماد خالط الماء، وزعم بعض أصحاب الحلاج أن المضروب عدو الحلاج ألقى شبهه عليه، وادعى بعضهم أنهم رأوه فِي ذلك اليوم بعد الذي عاينوه من أمره، والحال الذي جرت عليه، وهو راكب حمارا فِي طريق النهروان ففرحوا به، وَقَالَ: لعلكم مثل هؤلاء البقر الذي ظنوا أني أنا المضروب والمقتول. وزعم بعضهم أن دابة حولت فِي صورته، وكان نصر الحاجب بعد ذلك يظهر الترثي لَهُ ويقول: إِنَّهُ مظلوم، وإنه رجل من العباد. وأحضر جماعة من الوراقين وأحلفوا عَلَى أن لا يبيعوا شيئا من كتب الحلاج ولا يشتروها.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132895&book=5574#222348
الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم بن محرز بن إبراهيم أبو علي
سمع يحيى بن معين ومحمد بن سعد كاتب الواقدي روى عنه احمد بن معروف الخشاب مولده سنة إحدى عشرة ومائتين.
أخبرنا يحيى بن عبد الرحمن الدمنهوري فيما قرأت عليه بدمنهور الوحش قال أنبأ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي بالإسكندرية قال أنبأ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي بن علي الجوهري قال أنبا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه إجازة قال أنبأ أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي قال سياق مقبوضي سنة تسع وثمانين ومائتين وأبو علي الحسين بن فهم كتب عن خلف بن سالم ويحيى بن معين وأبي خيثمة وعن البصريين أيضا كان يمتنع من الحديث إلا لمن لزمه وأكثر لزومه وكان جلساؤه يذكر بعضهم بعضا ما يسمعونه يرويه على جهة الفتوى والمذاكرة توفي أيضا في رجب.
سمع يحيى بن معين ومحمد بن سعد كاتب الواقدي روى عنه احمد بن معروف الخشاب مولده سنة إحدى عشرة ومائتين.
أخبرنا يحيى بن عبد الرحمن الدمنهوري فيما قرأت عليه بدمنهور الوحش قال أنبأ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي بالإسكندرية قال أنبأ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي بن علي الجوهري قال أنبا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه إجازة قال أنبأ أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي قال سياق مقبوضي سنة تسع وثمانين ومائتين وأبو علي الحسين بن فهم كتب عن خلف بن سالم ويحيى بن معين وأبي خيثمة وعن البصريين أيضا كان يمتنع من الحديث إلا لمن لزمه وأكثر لزومه وكان جلساؤه يذكر بعضهم بعضا ما يسمعونه يرويه على جهة الفتوى والمذاكرة توفي أيضا في رجب.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132895&book=5574#873b71
الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن فهم بن محرز بن إِبْرَاهِيم أَبُو عَلِيّ :
سمع خلف بن هشام البزار، ويحيى بن معين، ومصعبا الزبيري، ومحمد بْن سعد كاتب الواقدي، ومحمد بْن سلام الجمحي، وأبا خيثمة زهير بن حرب، والحسين بن حَمَّاد سجادة، ومحرز بن عون، وسليمان بن أَبِي شيخ، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر القواريري.
رَوَى عَنْهُ أَحْمَد بن معروف الخشاب، وأحمد بن كامل الْقَاضِي، وإسماعيل بن عَلِيّ الخطبي، وأبو عليّ الطوماري.
وكان ثقة، وكان عسرا فِي الرواية متمنعا إِلا لمن أكثر ملازمته. وكان لَهُ جلساء من أهل العلم يذاكرهم، فكتب جماعة عنه عَلَى سبيل المذاكرة، وكان يسكن الجانب الشرقي ناحية الرصافة.
وذكره الدارقطني فَقَالَ: ليس بالقوي.
أَخْبَرَنِي أَبُو الفرج الطناجيري، حدّثني عليّ بن عمر التّمّار، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ كامل الْقَاضِي قَالَ: سمعت حسين بن فهم يَقُولُ: اشهد عَلِيّ يا بني أني متى فعلت خلة من ثلاث خلال فأنا مجنون، إن شهدت عند الحاكم، أو حدثت العوام، أو قبلت الوديعة.
أخبرني الأزهري، حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال: سمعتُ مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوب بْن شيبة يَقُولُ: سمعت أبا بكر بن أَبِي خيثمة يَقُولُ: لما ولد فهم- يعني والد الْحُسَيْن بن فهم- أخذ أبوه المصحف فجعل يبخت لَهُ، فجعل كلما صفح ورقة يخرج، فهم لا يعقلون، فهم لا يعلمون، فهم لا يبصرون، فهم لا يسمعون، فضجر فسماه فهما! أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق، أنبأنا إِسْمَاعِيل بن عَلِيّ الخطبي قَالَ: سألت أبا عَلِيّ الْحُسَيْن بن فهم عَنْ مولده فَقَالَ: ولدت فِي شهر رمضان سنة إحدى عشرة ومائتين.
وأنبأنا ابن رزق، أنبأنا إِسْمَاعِيل الخطبي قَالَ: مات أَبُو عَلِيّ حسين بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن فهم يوم الجمعة بالعشي، ودفن يوم السبت بالغداة فِي رجب من سنة تسع وثمانين ومائتين، ودفن بباب البردان، وكان يومئذ بمدينة السلام زلزلة شديدة.
حَدَّثَنَا الْحَسَن بن أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَحْمَد بن كامل الْقَاضِي قَالَ: توفي الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَن بْن فهم عشية الجمعة، ودفن يوم السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وثمانين ومائتين، وبلغ ثمانيا وسبعين سنة، ولم يغير شيبه وكان حسن المجلس مفتيا مفتنا فِي العلوم، كثير الحفظ للحديث مسنده ومقطوعه ولأصناف الأخبار والنسب والشعر، والمعرفة بالرجال، فصيحا متوسطا فِي الفقه، يميل إِلَى مذهب العراقيين، وسمعته يقول: صحبت يحيى بن معين وأخذت عنه معرفة الرجال، وصحبت مصعب بن عَبْد اللَّهِ فأخذت عنه النسب، وصحبت أبا خيثمة فأخذت المسند، وصحبت الْحَسَن بن حَمَّاد سجادة فأخذت عنه الفقه.
سمع خلف بن هشام البزار، ويحيى بن معين، ومصعبا الزبيري، ومحمد بْن سعد كاتب الواقدي، ومحمد بْن سلام الجمحي، وأبا خيثمة زهير بن حرب، والحسين بن حَمَّاد سجادة، ومحرز بن عون، وسليمان بن أَبِي شيخ، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر القواريري.
رَوَى عَنْهُ أَحْمَد بن معروف الخشاب، وأحمد بن كامل الْقَاضِي، وإسماعيل بن عَلِيّ الخطبي، وأبو عليّ الطوماري.
وكان ثقة، وكان عسرا فِي الرواية متمنعا إِلا لمن أكثر ملازمته. وكان لَهُ جلساء من أهل العلم يذاكرهم، فكتب جماعة عنه عَلَى سبيل المذاكرة، وكان يسكن الجانب الشرقي ناحية الرصافة.
وذكره الدارقطني فَقَالَ: ليس بالقوي.
أَخْبَرَنِي أَبُو الفرج الطناجيري، حدّثني عليّ بن عمر التّمّار، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ كامل الْقَاضِي قَالَ: سمعت حسين بن فهم يَقُولُ: اشهد عَلِيّ يا بني أني متى فعلت خلة من ثلاث خلال فأنا مجنون، إن شهدت عند الحاكم، أو حدثت العوام، أو قبلت الوديعة.
أخبرني الأزهري، حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال: سمعتُ مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوب بْن شيبة يَقُولُ: سمعت أبا بكر بن أَبِي خيثمة يَقُولُ: لما ولد فهم- يعني والد الْحُسَيْن بن فهم- أخذ أبوه المصحف فجعل يبخت لَهُ، فجعل كلما صفح ورقة يخرج، فهم لا يعقلون، فهم لا يعلمون، فهم لا يبصرون، فهم لا يسمعون، فضجر فسماه فهما! أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق، أنبأنا إِسْمَاعِيل بن عَلِيّ الخطبي قَالَ: سألت أبا عَلِيّ الْحُسَيْن بن فهم عَنْ مولده فَقَالَ: ولدت فِي شهر رمضان سنة إحدى عشرة ومائتين.
وأنبأنا ابن رزق، أنبأنا إِسْمَاعِيل الخطبي قَالَ: مات أَبُو عَلِيّ حسين بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن فهم يوم الجمعة بالعشي، ودفن يوم السبت بالغداة فِي رجب من سنة تسع وثمانين ومائتين، ودفن بباب البردان، وكان يومئذ بمدينة السلام زلزلة شديدة.
حَدَّثَنَا الْحَسَن بن أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَحْمَد بن كامل الْقَاضِي قَالَ: توفي الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَن بْن فهم عشية الجمعة، ودفن يوم السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وثمانين ومائتين، وبلغ ثمانيا وسبعين سنة، ولم يغير شيبه وكان حسن المجلس مفتيا مفتنا فِي العلوم، كثير الحفظ للحديث مسنده ومقطوعه ولأصناف الأخبار والنسب والشعر، والمعرفة بالرجال، فصيحا متوسطا فِي الفقه، يميل إِلَى مذهب العراقيين، وسمعته يقول: صحبت يحيى بن معين وأخذت عنه معرفة الرجال، وصحبت مصعب بن عَبْد اللَّهِ فأخذت عنه النسب، وصحبت أبا خيثمة فأخذت المسند، وصحبت الْحَسَن بن حَمَّاد سجادة فأخذت عنه الفقه.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=89589&book=5574#85c291
الحسين بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله عليه السلام له صحبة روى عنه ابنه علي بن الحسين وابنته فاطمة بنت الحسين سمعت أبي يقول ذلك.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=89589&book=5574#d94f60
الحسين بن علي بن أبي طالب
أمه فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يكنى أبا عَبْد الله، ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع، وقيل سنة ثلاث، هذا قول الواقدي وطائفة معه.
قَالَ الواقدي: علقت فاطمة بالحسين بعد مولد الحسن بخمسين ليلة.
وروى جعفر بن مُحَمَّد عن أبيه قَالَ: لم يكن بين الحسن والحسين إلا طهر واحد. وقال قتادة: ولد الحسين بعد الحسن بسنة وعشرة أشهر لخمس سنين وستة أشهر من التاريخ ، وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ كما عق عن أخيه، وكان الحسين فاضلا دينًا كثير الصيام والصلاة والحج.
قتل رضي الله عنه يوم الجمعة لعشر خلت من المحرم يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بموضع يقال له كربلاء من أرض العراق بناحية الكوفة، ويعرف الموضع أيضًا بالطف، قتله سنان بن أنس النخعي، ويقال له أيضًا سنان بن أبي سنان النخعي، وهو جد شريك القاضي.
ويقال: بل الذي قتله رجل من مذحج. وقيل: بل قتله شمر بن ذي الجوشن، وكان أبرص، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير، جز رأسه وأتى به عبيد الله بن زياد وقال:
أوقر ركابي فضة وذهبًا ... إني قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أمًا وأبًا ... وخيرهم إذ ينسبون نسبا
وقال يحيى بن معين: أهل الكوفة يقولون: إن الذي قتل الحسين عمر ابن سعد بن أبي وقاص، قَالَ يحيى: وكان إبراهيم بن سعد يروى فيه حديثًا إنه لم يقتله عمر بن سعد.
وقال أبو عمر: إنما نسب قتل الحسين إلى عمر بن سعد لأنه كان الأمير على الخيل التي أخرجها عبيد الله بن زياد إلى قتال الحسين، [وأمر عليهم عمر ابن سعد] ، ووعده أن يوليه الري إن ظفر بالحسين وقتله، وكان في تلك الخيل- والله أعلم- قوم من مضر ومن اليمن.
وفي شعر سليمان بن قتة الخزاعي. وقيل: إنها لأبي الرميح الخزاعي ما يدل على الاشتراك في دم الحسين، فمن قوله في ذلك :
مررت على أبيات آل مُحَمَّد ... فلم أر من أمثالها حين حلت
فلا يبعد الله البيوت وأهلها ... وإن أصبحت منهم برغمي تخلت
وكانوا رجاء ثم عادوا رزية ... لقد عظمت تلك الرزايا وجلت
أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم ... ولم تنك في أعدائهم حين سلت
وإن قتيل الطف من آل هاشم ... أذل رقابا من قريش فذلت
وفيها يقول:
إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها ... وتقتلنا قيس إذا النعل زلت
وعند غني قطرة من دمائنا ... سنجزيهم يومًا بها حيث حلت
ومنها أو من غيرها:
ألم تر أن الأرض أضحت مريضة ... لفقد حسين والبلاد اقشعرّت
وقد أعولت تبكي السماء لفقده ... وأنجمها ناحت عليه وصلت
في أبيات كثيرة.
وقال خليفة بن خياط: الذي ولى قتل الحسين بن علي شمر بن ذي الجوشن وأمير الجيش عمر بن سعد.
وقال مصعب: الذي ولى قتل الحسين بن علي سنان بن أبي سنان النخعي، لا رحمه الله، ويصدق ذلك قول الشاعر:
وأي رزية عدلت حسينًا ... غداة تبيره كفا سنان
وقال منصور النمري:
ويلك يا قاتل الحسين لقد ... بؤت بحمل ينوء بالحامل
أي حباء حبوت أحمد في ... حفرته من حرارة الثاكل
تعال فاطلب غدًا شفاعته ... وانهض فرد حوضه مع الناهل
ما الشك عندي في حال قاتله ... لكنني قد أشك في الخاذل
كأنما أنت تعجبين ألا ... تنزل بالقوم نقمة العاجل
لا يعجل الله إن عجلت وما ... ربك عما ترين بالغافل
ما حصلت لامرئ سعادته ... حقت عليه عقوبة الآجل
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ
النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ نِصْفَ النَّهَارِ وَهُوَ قَائِمٌ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، بِيَدِهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ فقلت: يا أبى أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا هَذَا؟ قَالَ:
هَذَا دَمُ الْحُسَيْنِ لَمْ أَزَلْ أَلْتَقِطُهُ مُنْذُ الْيَوْمِ، فَوُجِدَ قَدْ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ.
وهذا البيت زعموا قديمًا لا يدرى قائله:
أترجو أمة قتلت حسينًا ... شفاعة جده يوم الحساب
وبكى الناس الحسين فأكثروا.
وروى فطر، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية قَالَ: قتل مع الحسين سبعة عشر رجلا كلهم من ولد فاطمة وقال أبو موسى، عن الحسن البصري: أصيب مع الحسين بن علي ستة عشر رجلا من أهل بيته ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبة.
وقيل: إنه قتل مع الحسين من ولده وإخوته وأهل بيته ثلاثة وعشرون رجلا.
وقال أبو عمر: لما مات معاوية وأفضت الخلافة إلى يزيد، وذلك في في سنة ستين، ووردت بيعته على الوليد بن عقبة بالمدينة ليأخذ البيعة على أهلها أرسل إلى الحسين بن علي وإلى عَبْد الله بن الزبير ليلا فأتى بهما، فقال: بايعا، فقالا: مثلنا لا يبايع سرًا، ولكننا نبايع على رءوس الناس إذا أصبحنا. فرجعا إلى بيوتهما، وخرجا من ليلتهما إلى مكة، وذلك ليلة الأحد لليلتين بقيتا من رجب، فأقام الحسين بمكة شعبان ورمضان وشوال وذا القعده، وخرج يوم التروية يريد الكوفة، فكان سبب هلاكه.
قتل يوم الأحد لعشر مضين من المحرم يوم عاشوراء سنة إحدى
وستين بموضع من أرض الكوفة يدعى كربلاء قرب الطف، وقضى الله عز وجل أن قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء سنة سبع وستين، قتله إبراهيم بن الأشتر في الحرب، وبعث برأسه إلى المختار، وبعث به المختار إلى ابن الزبير، فبعث به ابن الزبير إلى علي بن الحسين.
واختلف في سنّ الحسين يوم قتله: فقيل: قتل وهو ابن سبع وخمسين.
وقيل: قتل وهو ابن ثمان وخمسين.
قَالَ قتادة: قتل الحسين وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر، وذكر المازني، عن الشافعي، عن سفيان بن عيينة، قَالَ: قَالَ لي جعفر بن مُحَمَّد: توفي علي بن أبي طالب، وهو ابن ثمان وخمسين سنة. وقتل الحسين بن علي وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وتوفي علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وتوفي مُحَمَّد بن علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
قَالَ سفيان: وقال لي جعفر بن مُحَمَّد وأنا بهذه السنة في ثمان وخمسين فتوفى فيها رحمه الله.
قَالَ مصعب الزبيري: حج الحسين بن علي خمسًا وعشرين حجة ماشيًا، وَذَكَرَ أَسَدٌ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ هَاتَانِ، وَسَمِعَتْ أُذُنَايَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَهُوَ آخِذٌ بِكَفَّيْ حُسَيْنٍ، وَقَدَمَاهُ عَلَى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةٍ. قَالَ: فَرَقَّى الْغُلامُ حَتَّى وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ
رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: افْتَحْ فَاكَ، ثُمَّ قَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ أَحِبَّهُ، فَإِنِّي أُحِبُّهُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَوْلَهُ: مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ. هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ الْعُمَرِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكرنا الاختلاف [في إسناد هذا الحديث في] كتاب التمهيد لحديث رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في الموطأ، والحمد للَّه.
وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن سنان ابن أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا في ابن صائد: اختلفتم وأما بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، فَأَنْتُمْ بَعْدِي أَشَدُّ اخْتِلافًا. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ غَالِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَسْأَلُ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي فِكَاكِ الأَسِيرِ عَلَى مَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ أَعَانَهُمْ، وَرُبَّمَا قَالَ: قَاتَلَ مَعَهُمْ. قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي يُقَاتِلُ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَيُفَكُّ مِنْ جِزْيَتِهِمْ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَتَى يَجِبُ عَطَاءُ الصَّبِيِّ؟ قَالَ:
إذا استهلّ وجب عطاؤه ورزقه.
وَسَأَلَهُ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا فَدَعَا بِلِقْحَةٍ لَهُ فَحُلِبَتْ وَشَرِبَ قَائِمًا وَنَاوَلَهُ، وَكَانَ يُعَلِّقُ الشَّاةَ الْمَصْلِيَّةَ فَيُطْعِمُنَا مِنْهَا وَنَحْنُ نَمْشِي مَعَهُ.
أمه فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يكنى أبا عَبْد الله، ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع، وقيل سنة ثلاث، هذا قول الواقدي وطائفة معه.
قَالَ الواقدي: علقت فاطمة بالحسين بعد مولد الحسن بخمسين ليلة.
وروى جعفر بن مُحَمَّد عن أبيه قَالَ: لم يكن بين الحسن والحسين إلا طهر واحد. وقال قتادة: ولد الحسين بعد الحسن بسنة وعشرة أشهر لخمس سنين وستة أشهر من التاريخ ، وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ كما عق عن أخيه، وكان الحسين فاضلا دينًا كثير الصيام والصلاة والحج.
قتل رضي الله عنه يوم الجمعة لعشر خلت من المحرم يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بموضع يقال له كربلاء من أرض العراق بناحية الكوفة، ويعرف الموضع أيضًا بالطف، قتله سنان بن أنس النخعي، ويقال له أيضًا سنان بن أبي سنان النخعي، وهو جد شريك القاضي.
ويقال: بل الذي قتله رجل من مذحج. وقيل: بل قتله شمر بن ذي الجوشن، وكان أبرص، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير، جز رأسه وأتى به عبيد الله بن زياد وقال:
أوقر ركابي فضة وذهبًا ... إني قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أمًا وأبًا ... وخيرهم إذ ينسبون نسبا
وقال يحيى بن معين: أهل الكوفة يقولون: إن الذي قتل الحسين عمر ابن سعد بن أبي وقاص، قَالَ يحيى: وكان إبراهيم بن سعد يروى فيه حديثًا إنه لم يقتله عمر بن سعد.
وقال أبو عمر: إنما نسب قتل الحسين إلى عمر بن سعد لأنه كان الأمير على الخيل التي أخرجها عبيد الله بن زياد إلى قتال الحسين، [وأمر عليهم عمر ابن سعد] ، ووعده أن يوليه الري إن ظفر بالحسين وقتله، وكان في تلك الخيل- والله أعلم- قوم من مضر ومن اليمن.
وفي شعر سليمان بن قتة الخزاعي. وقيل: إنها لأبي الرميح الخزاعي ما يدل على الاشتراك في دم الحسين، فمن قوله في ذلك :
مررت على أبيات آل مُحَمَّد ... فلم أر من أمثالها حين حلت
فلا يبعد الله البيوت وأهلها ... وإن أصبحت منهم برغمي تخلت
وكانوا رجاء ثم عادوا رزية ... لقد عظمت تلك الرزايا وجلت
أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم ... ولم تنك في أعدائهم حين سلت
وإن قتيل الطف من آل هاشم ... أذل رقابا من قريش فذلت
وفيها يقول:
إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها ... وتقتلنا قيس إذا النعل زلت
وعند غني قطرة من دمائنا ... سنجزيهم يومًا بها حيث حلت
ومنها أو من غيرها:
ألم تر أن الأرض أضحت مريضة ... لفقد حسين والبلاد اقشعرّت
وقد أعولت تبكي السماء لفقده ... وأنجمها ناحت عليه وصلت
في أبيات كثيرة.
وقال خليفة بن خياط: الذي ولى قتل الحسين بن علي شمر بن ذي الجوشن وأمير الجيش عمر بن سعد.
وقال مصعب: الذي ولى قتل الحسين بن علي سنان بن أبي سنان النخعي، لا رحمه الله، ويصدق ذلك قول الشاعر:
وأي رزية عدلت حسينًا ... غداة تبيره كفا سنان
وقال منصور النمري:
ويلك يا قاتل الحسين لقد ... بؤت بحمل ينوء بالحامل
أي حباء حبوت أحمد في ... حفرته من حرارة الثاكل
تعال فاطلب غدًا شفاعته ... وانهض فرد حوضه مع الناهل
ما الشك عندي في حال قاتله ... لكنني قد أشك في الخاذل
كأنما أنت تعجبين ألا ... تنزل بالقوم نقمة العاجل
لا يعجل الله إن عجلت وما ... ربك عما ترين بالغافل
ما حصلت لامرئ سعادته ... حقت عليه عقوبة الآجل
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ
النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ نِصْفَ النَّهَارِ وَهُوَ قَائِمٌ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، بِيَدِهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ فقلت: يا أبى أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا هَذَا؟ قَالَ:
هَذَا دَمُ الْحُسَيْنِ لَمْ أَزَلْ أَلْتَقِطُهُ مُنْذُ الْيَوْمِ، فَوُجِدَ قَدْ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ.
وهذا البيت زعموا قديمًا لا يدرى قائله:
أترجو أمة قتلت حسينًا ... شفاعة جده يوم الحساب
وبكى الناس الحسين فأكثروا.
وروى فطر، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية قَالَ: قتل مع الحسين سبعة عشر رجلا كلهم من ولد فاطمة وقال أبو موسى، عن الحسن البصري: أصيب مع الحسين بن علي ستة عشر رجلا من أهل بيته ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبة.
وقيل: إنه قتل مع الحسين من ولده وإخوته وأهل بيته ثلاثة وعشرون رجلا.
وقال أبو عمر: لما مات معاوية وأفضت الخلافة إلى يزيد، وذلك في في سنة ستين، ووردت بيعته على الوليد بن عقبة بالمدينة ليأخذ البيعة على أهلها أرسل إلى الحسين بن علي وإلى عَبْد الله بن الزبير ليلا فأتى بهما، فقال: بايعا، فقالا: مثلنا لا يبايع سرًا، ولكننا نبايع على رءوس الناس إذا أصبحنا. فرجعا إلى بيوتهما، وخرجا من ليلتهما إلى مكة، وذلك ليلة الأحد لليلتين بقيتا من رجب، فأقام الحسين بمكة شعبان ورمضان وشوال وذا القعده، وخرج يوم التروية يريد الكوفة، فكان سبب هلاكه.
قتل يوم الأحد لعشر مضين من المحرم يوم عاشوراء سنة إحدى
وستين بموضع من أرض الكوفة يدعى كربلاء قرب الطف، وقضى الله عز وجل أن قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء سنة سبع وستين، قتله إبراهيم بن الأشتر في الحرب، وبعث برأسه إلى المختار، وبعث به المختار إلى ابن الزبير، فبعث به ابن الزبير إلى علي بن الحسين.
واختلف في سنّ الحسين يوم قتله: فقيل: قتل وهو ابن سبع وخمسين.
وقيل: قتل وهو ابن ثمان وخمسين.
قَالَ قتادة: قتل الحسين وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر، وذكر المازني، عن الشافعي، عن سفيان بن عيينة، قَالَ: قَالَ لي جعفر بن مُحَمَّد: توفي علي بن أبي طالب، وهو ابن ثمان وخمسين سنة. وقتل الحسين بن علي وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وتوفي علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وتوفي مُحَمَّد بن علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
قَالَ سفيان: وقال لي جعفر بن مُحَمَّد وأنا بهذه السنة في ثمان وخمسين فتوفى فيها رحمه الله.
قَالَ مصعب الزبيري: حج الحسين بن علي خمسًا وعشرين حجة ماشيًا، وَذَكَرَ أَسَدٌ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ هَاتَانِ، وَسَمِعَتْ أُذُنَايَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَهُوَ آخِذٌ بِكَفَّيْ حُسَيْنٍ، وَقَدَمَاهُ عَلَى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةٍ. قَالَ: فَرَقَّى الْغُلامُ حَتَّى وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ
رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: افْتَحْ فَاكَ، ثُمَّ قَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ أَحِبَّهُ، فَإِنِّي أُحِبُّهُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَوْلَهُ: مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ. هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ الْعُمَرِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكرنا الاختلاف [في إسناد هذا الحديث في] كتاب التمهيد لحديث رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في الموطأ، والحمد للَّه.
وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن سنان ابن أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا في ابن صائد: اختلفتم وأما بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، فَأَنْتُمْ بَعْدِي أَشَدُّ اخْتِلافًا. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ غَالِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَسْأَلُ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي فِكَاكِ الأَسِيرِ عَلَى مَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ أَعَانَهُمْ، وَرُبَّمَا قَالَ: قَاتَلَ مَعَهُمْ. قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي يُقَاتِلُ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَيُفَكُّ مِنْ جِزْيَتِهِمْ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَتَى يَجِبُ عَطَاءُ الصَّبِيِّ؟ قَالَ:
إذا استهلّ وجب عطاؤه ورزقه.
وَسَأَلَهُ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا فَدَعَا بِلِقْحَةٍ لَهُ فَحُلِبَتْ وَشَرِبَ قَائِمًا وَنَاوَلَهُ، وَكَانَ يُعَلِّقُ الشَّاةَ الْمَصْلِيَّةَ فَيُطْعِمُنَا مِنْهَا وَنَحْنُ نَمْشِي مَعَهُ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=89589&book=5574#65a16a
الحسين بن على بن أبى طالب بن فاطمة الزهراء كنيته أبو عبد الله كان بينه وبين الحسن طهر واحد ثم حملت فاطمة به قتل يوم عاشوراء بكربلاء يوم السبت سنة إحدى وستين وهو عطشان في امارة يزيد بن معاوية وحمل رأسه إلى الشام واختلف في موضع رأسه فمنهم من زعم أن رأسه في البرج الثالث من السور على باب الفراديس بدمشق ومنهم من زعم أن رأسه على رأس عمود في مسجد جامع دمشق عن يمين القبلة بجنب القبة الخضراء وقد رأيت ذلك العمود ومنهم من زعم ان رأسه في قبر معاوية وذاك ان يزيد بن معاوية دفن رأسه في قبر أبيه وقال احصنه بعد الممات به فأما جثته فبكربلاء لا شك فيه
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=89589&book=5574#8cc155
الْحُسَيْن بْن عَليّ بْن أبي طَالب بْن عَبْد الْمطلب بْن هَاشم بْن فَاطِمَة الزهراء كنيته أَبُو عَبْد اللَّه وَكَانَ بَينه وَبَين الْحسن طهر وَاحِد كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أحبهما فأحبهما
قتل يَوْم عَاشُورَاء بكربلاء يَوْم السبت وَهُوَ عطشان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَحمل رَأسه إِلَى الشَّام وَكَانَ لَهُ يَوْم قتل ثَمَان وَخَمْسُونَ سنة وَقد قيل سِتّ وَخَمْسُونَ وَالَّذِي قَتله يَوْمئِذٍ سِنَان بْن أنس النَّخعِيّ وَكَانَ الْحُسَيْن بْن عَليّ يخضب بِالسَّوَادِ وَاخْتلف فِي مَوضِع رَأسه فَمنهمْ من زعم أَن رَأسه على رَأس عَمُود فِي مَسْجِد جَامع دمشق عَن يَمِين الْقبْلَة وَقد رَأَيْت ذَلِك العمود وَمِنْهُم من زعم أَن رَأسه فِي البرج الثَّالِث من السُّور على بَاب الفراديس بِدِمَشْق وَمِنْهُم من زعم أَن رَأسه بِقَبْر مُعَاوِيَة وَذَلِكَ أَن يزِيد دفن رَأسه فِي قبر أَبِيه وَقَالَ أحصنه بعد الْمَمَات فَأَما جثته فبكربلاء وَفِي قَتله أَخْبَار كَثِيرَة تنكبنا ذكرهَا لِأَن شرطنا فِي هَذَا الْكتاب الِاخْتِصَار وَلُزُوم الِاقْتِصَار وَالله أعلم
قتل يَوْم عَاشُورَاء بكربلاء يَوْم السبت وَهُوَ عطشان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَحمل رَأسه إِلَى الشَّام وَكَانَ لَهُ يَوْم قتل ثَمَان وَخَمْسُونَ سنة وَقد قيل سِتّ وَخَمْسُونَ وَالَّذِي قَتله يَوْمئِذٍ سِنَان بْن أنس النَّخعِيّ وَكَانَ الْحُسَيْن بْن عَليّ يخضب بِالسَّوَادِ وَاخْتلف فِي مَوضِع رَأسه فَمنهمْ من زعم أَن رَأسه على رَأس عَمُود فِي مَسْجِد جَامع دمشق عَن يَمِين الْقبْلَة وَقد رَأَيْت ذَلِك العمود وَمِنْهُم من زعم أَن رَأسه فِي البرج الثَّالِث من السُّور على بَاب الفراديس بِدِمَشْق وَمِنْهُم من زعم أَن رَأسه بِقَبْر مُعَاوِيَة وَذَلِكَ أَن يزِيد دفن رَأسه فِي قبر أَبِيه وَقَالَ أحصنه بعد الْمَمَات فَأَما جثته فبكربلاء وَفِي قَتله أَخْبَار كَثِيرَة تنكبنا ذكرهَا لِأَن شرطنا فِي هَذَا الْكتاب الِاخْتِصَار وَلُزُوم الِاقْتِصَار وَالله أعلم
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=89589&book=5574#a238e1
الْحُسَيْن بن عَلّي بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَبُو عبد الله أَخُو أبي مُحَمَّد الْحسن الْهَاشِمِي الْمدنِي وأمهما فَاطِمَة بنت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع أَبَاهُ عَلّي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا رَوَى عَنهُ ابْنه عَلّي بن الْحُسَيْن الْأَصْغَر فِي التَّهَجُّد وَالْخمس وَغير مَوضِع ولد سنة أَربع من الْهِجْرَة قَالَ الْوَاقِدِيّ وَمَاتَتْ فَاطِمَة لَيْلَة الثُّلَاثَاء ولثلاث خلون من شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى عشرَة من الْهِجْرَة وَهِي ابْنة تسع وَعشْرين سنة أَو نَحْوهَا وَيروَى عَن جَعْفَر عَن أَبِيه قَالَ لم يكن بَين الْحسن وَالْحُسَيْن إِلَّا طهر ولد الْحُسَيْن سنة أَربع من الْهِجْرَة بعد أَخِيه الْحسن وَولد أَخُوهُ سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة قَالَ خَليفَة وَقتل يَوْم عَاشُورَاء يَوْم الْأَرْبَعَاء سنة 61 وَهُوَ ابْن سِتّ وَخمسين سنة وَقَالَ الذهلي قَالَ يَحْيَى بن بكير قتل فِي صفر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ سنه سنة وَخَمْسُونَ
وَقَالَ ابْن بكير مرّة سنة ثَمَان وَخمسين وَيُقَال مَاتَ وَهُوَ ابْن خمس وَسِتِّينَ سنة وَيُقَال ابْن 57 وَقَالَ أَبُو عِيسَى قتل يَوْم السبت يَوْم عَاشُورَاء سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَقَالَ الْوَاقِدِيّ والثبت عندنَا أَنه قتل فِي الْمحرم يَوْم السبت يَوْم عَاشُورَاء وَهُوَ ابْن 55 سنة وَقَالَ خَليفَة ابْن سِتّ وَأَرْبَعين وَأشهر وَمَات الْحسن فِي شهر ربيع الأول سنة 49 وَهُوَ ابْن سبع وَأَرْبَعين سنة وَكَانَ قد سقِِي سما قَالَه الْوَاقِدِيّ وَقَالَ ابْن نمير مثله قَالَ الْوَاقِدِيّ وفيهَا يَعْنِي سنة ثَلَاث ولد الْحسن بن عَلّي فِي النّصْف من شهر رَمَضَان وفيهَا علقت فَاطِمَة بالْحسنِ بَين علوقها وَبَين ولادَة الْحسن خَمْسُونَ لَيْلَة قَالَ الْوَاقِدِيّ فِيهَا ولد الْحُسَيْن يَعْنِي سنة أَربع من الْهِجْرَة فِي لَيَال خلون من شعْبَان وَقَالَ ابْن أبي شيبَة قتل يَوْم عَاشُورَاء سنة 61 وَقَالَ ابْن نمير قتل فِي عشر من الْمحرم سنة 61 وَهُوَ ابْن 55 سنة
وَقَالَ ابْن بكير مرّة سنة ثَمَان وَخمسين وَيُقَال مَاتَ وَهُوَ ابْن خمس وَسِتِّينَ سنة وَيُقَال ابْن 57 وَقَالَ أَبُو عِيسَى قتل يَوْم السبت يَوْم عَاشُورَاء سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَقَالَ الْوَاقِدِيّ والثبت عندنَا أَنه قتل فِي الْمحرم يَوْم السبت يَوْم عَاشُورَاء وَهُوَ ابْن 55 سنة وَقَالَ خَليفَة ابْن سِتّ وَأَرْبَعين وَأشهر وَمَات الْحسن فِي شهر ربيع الأول سنة 49 وَهُوَ ابْن سبع وَأَرْبَعين سنة وَكَانَ قد سقِِي سما قَالَه الْوَاقِدِيّ وَقَالَ ابْن نمير مثله قَالَ الْوَاقِدِيّ وفيهَا يَعْنِي سنة ثَلَاث ولد الْحسن بن عَلّي فِي النّصْف من شهر رَمَضَان وفيهَا علقت فَاطِمَة بالْحسنِ بَين علوقها وَبَين ولادَة الْحسن خَمْسُونَ لَيْلَة قَالَ الْوَاقِدِيّ فِيهَا ولد الْحُسَيْن يَعْنِي سنة أَربع من الْهِجْرَة فِي لَيَال خلون من شعْبَان وَقَالَ ابْن أبي شيبَة قتل يَوْم عَاشُورَاء سنة 61 وَقَالَ ابْن نمير قتل فِي عشر من الْمحرم سنة 61 وَهُوَ ابْن 55 سنة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=89589&book=5574#6df2d4
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَيْحَانَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَبِيهُهُ، أَذَّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُذُنِهِ حِينَ وُلِدَ، سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، خَامِسُ أَهْلِ الْكِسَاءِ، وَابْنُ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ، أَبُوهُ الذَّائِدُ عَنِ الْحَوْضِ، وَعَمُّهُ ذُو
الْجَنَاحَيْنِ، غَذَتْهُ أَكُفُّ النُّبُوَّةِ، وَنَشَأَ فِي حِجْرِ الْإِسْلَامِ، أَرْضَعَتْهُ ثُدِيُّ الْإِيمَانِ، وَكَانَ يُشْبِهُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُنُقِهِ إِلَى كَعْبِهِ خَلْقًا وَلَوْنًا، وَسَمَّاهُ حُسَيْنًا، يَخْضِبُ بِالْوَسْمَةِ، وَقِيلَ: بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، وَيَدَعُ عَنْفَقَتَهُ، يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ. وُلِدَ لِخَمْسِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ: ابْنُ تِسْعٍ، قُتِلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقِيلَ: يَوْمَ السَّبْتِ، الْعَاشِرَ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ، قَتَلَهُ سِنَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ النَّخَعِيُّ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ خَوْلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الْأَصْبَحِيُّ، مِنْ حِمْيَرَ، أَعْلَمَ الْأَمِينُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَهُ، وَأَرَاهُ تُرْبَتَهُ، احْمَرَّتِ السَّمَاءُ لِقَتْلِهِ، وَكُسِفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَوْتِهِ، وَصَارَ الْوَرْسُ فِي عَسْكَرِهِ رَمَادًا، وَالْمَنْحُورُ مِنْ جَذْرِهِ دَمًا، لَمْ يُرْفَعْ حَجَرٌ بِالشَّامِ إِلَّا رُئِيَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ، وَنَاحَتِ الْجِنُّ لِرَزِيَّتِهِ وَفَقْدِهِ، حَجَّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ حَجَّةً مَاشِيًا، كَانَ تَقِيًّا نَقِيًّا فِي ذَاتِ اللهِ، مُجِدًّا قَوِيًّا، ذَا لِسَانٍ وَبَيَانٍ، وَنَجْدَةٍ وَجَنَانٍ، كَانَ كَمَا مَدَحَهُ الْفَرَزْدَقُ حِينَ قَالَ فِيهِ:
[البحر البسيط]
يُغْضِي حَيَاءً وَيُغْضَى مِنْ مَهَابَتِهِ ... فَمَا يُكَلَّمُ إِلَّا حِينَ يَبْتَسِمُ
مُشْتَقَّةً مِنْ رَسُولِ اللهِ نَبْعَتُهُ ... طَابَتْ عَنَاصِرُهُ وَالْخِيمُ وَالشِّيَمُ
هُوَ ابْنُ خَيْرِ عِبَادِ اللهِ كُلِّهِمُ ... هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ الْعَلَمُ
إِذَا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ قَالَ قَائِلُهَا ... إِلَى مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي الْكَرَمُ
مُحِبُّهُ حَبِيبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُبْغِضُهُ بِغَيْضُهُ
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَرِيكٍ، عَن بِشْرِ بْنِ غَالِبٍ، قَالَ: " لَقِيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ "
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَن ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسُئِلَ عَنِ الْمُحْرِمِ، يَقْتُلُ الذُّبَابَ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ تَسْأَلُونَ عَنِ الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ الذُّبَابَ، وَقَدْ قَتَلْتُمُ ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا»
- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ، ثنا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَن سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ يَلْعَبَانِ عَلَى ظَهْرِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُحِبُّهُمَا؟ فَقَالَ: «وَمَالِي لَا أُحِبُّهُمَا، وَإِنَّهُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا»
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمُرْهِبِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ، عَن عَلِيٍّ، قَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَشْبَهِ النَّاسِ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ عُنُقِهِ إِلَى وَجْهِهِ وَسَمْعِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى الْحَسَنِ، وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَشْبَهِ النَّاسِ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ عُنُقِهِ إِلَى كَعْبِهِ خَلْقًا وَلَوْنًا فَلْيَنْظُرْ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الطَّبَّاعِ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: شَهِدْتُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيَادٍ وَأُتِيَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: «أَمَا إِنَّهُ كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ، وَجُبَارَةُ، قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَن أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ حِينَ وُلِدَا»
- حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ، ثنا فَيْضُ بْنُ الْوَثِيقِ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ الشَّيْبَانِيُّ، ثنا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ»
- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، ثنا أَبُو حُصَيْنٍ الْوَادِعِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ثنا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ، أَخْبَرَنِي بَرْذَعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَن سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَمَّى هَارُونُ ابْنَيِهِ شِبْرًا، وَشُبَيْرًا، وَإِنِّي سَمَّيْتُ ابْنَايَ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ، بِاسْمِ ابْنَي هَارُونَ شِبْرًا، وَشُبَيْرًا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «أُتِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ، فَجُعِلَ فِي طَسْتٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ عَلَيْهِ، وَكَانَ مَخْضُوبًا بِالْوَسْمَةِ»
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو هَمَّامٍ، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَن الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ يَتَخَضَّبُ»
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو حَامِدٍ الصَّائِغُ قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُزُرْجٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ يَتَخَضَّبَانِ بِالسَّوَادِ إِلَّا أَنِّي رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ لَهُ عَنْفَقَةٌ بَيْضَاءُ»
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: «رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يُسَوِّدُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ إِلَّا غُرَّةً عِنْدَ عَنْفَقَتِهِ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، قَالَا: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَن الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ يَخْضِبَانِ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمَ»
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو حَامِدٍ الصَّائِغُ قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ فِي خَاتَمِ الْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ ذِكْرُ اللهِ، وَكَانَا يَتَخَتَّمَانِ فِي يَسَارِهِمَا»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: " وُلِدَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ لِخَمْسِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَقُتِلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْمُحَرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، قَتَلَهُ سِنَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ النَّخَعِيُّ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ خَوْلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الْهَجَرِيُّ الْأَصْبَحِيُّ الْحِمْيَرِيُّ مِنْ حِمْيَرَ، وَحَزَّ رَأْسَهُ، فَأَتَى بِهِ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيَادٍ فَقَالَ:
[البحر الرجز]
أَوْقِرْ رِكَابِي فِضَّةً وَذَهَبَا
إِنِّي قَتَلْتُ الْمَلِكَ الْمُحَبَّبَا
قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمًّا وَأَبَا"
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو حَامِدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو الْأَشْعَثِ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَن قَتَادَةَ، قَالَ: «وَلَدَتْ فَاطِمَةُ حُسَيْنًا بَعْدَ الْحَسَنِ بِسَنَةٍ وَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، فَوَلَدَتْهُ لَسْتِ سِنِينَ وَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ مِنَ التَّارِيخِ، وَقُتِلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو زِنْبَاعٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: «وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُهُ، لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً»
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: «مَاتَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، يَوْمَ السَّبْتِ سَنَةَ سِتِّينَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو بَحْرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانَ، ثنا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «اسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْقَطْرِ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُذِنَ لَهُ فَقَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ» احْفَظِي عَلَيْنَا الْبَابَ، لَا يَدْخُلَنَّ أَحَدٌ " قَالَ: فَجَاءَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَوَثَبَ حَتَّى دَخَلَ، فَجَعَلَ يَقْعُدُ عَلَى مَنْكِبَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: أَتُحِبُّهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَإِنَّ فِي أُمَّتِكَ مَنْ يَقْتُلُهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ الْمَكَانَ الَّذِي يُقْتَلُ فِيهِ، قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ، فَأَرَاهُ تُرَابًا أَحْمَرَ، فَأَخَذَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَصَرَّتْهُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهَا، قَالَ: كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِكَرْبَلَاءَ "
- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، ثنا أَبُو حُصَيْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَن أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا ذَاتَ يَوْمٍ فِي بَيْتِي فَقَالَ: «لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيَّ أَحَدٌ» فَانْتَظَرْتُ فَدَخَلَ الْحُسَيْنُ، فَسَمِعْتُ نَشِيجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي فَاطَّلَعْتُ، فَإِذَا الْحُسَيْنُ فِي حِجْرِهِ أَوْ إِلَى جَنْبِهِ، يَمْسَحُ رَأْسَهُ، وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: وَاللهِ مَا عَلِمْتُ بِهِ حَتَّى دَخَلَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ مَعَنَا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ: أَتُحِبُّهُ؟ فَقُلْتُ: " أَمَّا مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا فَنَعَمْ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُ هَذَا بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهُ: كَرْبَلَاءُ " فَتَنَاوَلَ جِبْرِيلُ مِنْ تُرَابِهَا، فَأَرَاهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُحِيطَ بِالْحُسَيْنِ حِينَ قُتِلَ، قَالَ: مَا اسْمُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ قَالُوا: أَرْضُ كَرْبَلَاءَ، قَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَرْضُ كَرِبٍ وَبَلَاءٍ»
- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، ثنا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَرْزُوقٍ، ثنا عَفَّانُ، ح وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، ثنا أَبُو حُصَيْنٍ، ثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا هِشَامٌ، عَن مُحَمَّدٍ، قَالَ: «لَمْ تُرَ هَذِهِ الْحُمْرَةُ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ حَتَّى قُتِلَ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا قَيْسُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ الْبُخَارِيُّ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَن أَبِي قَبِيلٍ، قَالَ: «لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ كَسْفَةً، حَتَّى بَدَتِ الْكَوَاكِبُ نِصْفَ النَّهَارِ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا هِيَ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَن يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: «شَهِدْتُ مَقْتَلَ الْحُسَيْنِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَصَارَ الْوَرْسُ فِي عَسْكَرِهِمْ رَمَادًا»
- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أُمُّ عُيَيْنَةَ: أَنَّ حَمَّالًا، كَانَ يَحْمِلُ وَرْسًا , وَهُوَ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ , فَصَارَ وَرْسُهُ رَمَادًا "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، ثنا زُوَيْدٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ انْتُهِبَ مِنْ عَسْكَرِهِ جَزُورٌ , فَلَمَّا طُبِخَتْ , إِذَا هِيَ دَمٌ فَأَكْفَئُوهَا»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: «مَا رُفِعَ بِالشَّامِ حَجَرٌ يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ إِلَّا عَنْ دَمٍ» رَوَاهُ الْهُذَيْلُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَهُ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَن مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: «سَمِعْتُ الْجِنَّ، تَنُوحُ عَلَى الْحُسَيْنِ»
- وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الضَّحَّاكِ، ثنا هُدْبَةُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَن أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «سَمِعْتُ الْجِنَّ، تَنُوحُ عَلَى الْحُسَيْنِ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ وَاصِلٍ، عَن حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: " سُمِعَتِ الْجِنُّ، تَنُوحُ عَلَى الْحُسَيْنِ، وَهِيَ تَقُولُ:
[البحر الكامل]
مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِينَهُ ... فَلَهُ بَرِيقٌ فِي الْخُدُودِ
أَبَوَاهُ مِنْ عَلْيَا قُرَيْشٍ ... جَدُّهُ خَيْرُ الْجُدُودِ"
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الطُّفَيْلِ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْفُقَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي جِبَابٍ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْجَصَّاصُونَ قَالُوا: " كُنَّا إِذَا خَرَجْنَا بِاللَّيْلِ إِلَى الْجَبَّانَةِ عِنْدَ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ، سَمِعْنَا الْجِنَّ يَنُوحُونَ عَلَيْهِ يَقُولُونَ:
مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِينَهُ ... فَلَهُ بَرِيقٌ فِي الْخُدُودِ
أَبَوَاهُ مِنْ عَلْيَاءِ قُرَيْشٍ ... جَدُّهُ خَيْرُ الْجُدُودِ"
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَفٍ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَيْسَرَةَ أَبُو لَيْلَى، عَنْ مَزِيدَةَ بْنِ جَابِرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: سُمِعَتِ الْجِنُّ، تَنُوحُ عَلَى الْحُسَيْنِ تَقُولُ:
[البحر الرجز]
أَبَغَى حُسَيْنٌ هَبَلَا ... كَانَ حُسَيْنٌ جَبَلَا"
- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ قَالَ: «حَجَّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ حَجَّةً مَاشِيًا»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ الطُّوسِيُّ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، بِحُسَيْنٍ، وَأَيْقَنَ أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ، قَامَ فِي أَصْحَابِهِ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «قَدْ نَزَلَ مَا تَرَوْنَ مِنَ الْأَمْرِ وَإِنَّ الدُّنْيَا تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ، وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا وَاسْتَمَرَّتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ إِلَّا خَسِيسَ عَيْشٍ، كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ، أَلَا تَرَوْنَ الْحَقَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ، وَالْبَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنْهُ؟ لِيَرْغَبِ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللهِ، وَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً، وَالْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَمًا»
- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، ثنا أَبُو حُصَيْنٍ الْوَادِعِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رُسْتُمَ، عَنْ زَاذَانَ، عَن سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ مَنْ أَحَبَّهُمَا أَحْبَبْتُهُ، وَمَنْ أَحَبَبْتُهُ أَحَبَّهُ اللهُ، وَمَنْ أَحَبَّهُ اللهُ أَدْخَلَهُ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا أَوْ بَغَى عَلَيْهِمَا أَبْغَضْتُهُ، وَمَنْ أَبْغَضْتُهُ أَبْغَضَهُ اللهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُ اللهُ أَدْخَلَهُ نَارَ جَهَنَّمَ، وَلَهُ عَذَابٌ مُقِيمٌ» رَوَاهُ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَكَثِيرٌ النَّوَّاءُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حجَّتِهِمَا نَحْوَهُ مُخْتَصَرًا
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الرَّافِعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي رَافِعٍ، عَن فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهَا أَتَتْ أَبَاهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ فِي شَكْوَاهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا. فَقَالَت: تُوَرِّثُهُمَا يَا رَسُولَ اللهِ شَيْئًا، فَقَالَ: «أَمَّا الْحَسَنُ فَلَهُ هَيْبَتِي وَسُؤْدَدِي، وَأَمَّا الْحُسَيْنُ فَلَهُ جُرْأَتِي وَجُودِي»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، وَمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ، قَالُوا: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ الْمَدِينِيُّ، ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ حُرُمَاتٍ ثَلَاثًا، مَنْ حَفِظَهُنَّ حَفِظَ اللهُ لَهُ أَمْرَ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْهُنَّ لَمْ يَحْفَظِ اللهُ لَهُ شَيْئًا، حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ، وَحُرْمَتِي، وَحُرْمَةُ رَحِمِي»
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا ابْنُ أَبِي الْمَوَالِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَن عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سِتَّةٌ لَعَنْتُهُمْ، لَعَنَهُمُ اللهُ، وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَابٌ، الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللهِ، وَالْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرُوتِ؛ لِيُذِلَّ بِذَلِكَ مَنْ أَعَزَّ اللهُ، وَلِيُعِزَّ بِهِ مَنْ أَذَلَّ اللهُ، وَالْمُسْتَحِلُّ لِحُرَمِ اللهِ، وَالْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللهُ، وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو الزِّنْبَاعِ، ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «قَدْ أُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْكَوْثَرُ؟ قَالَ: «نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ عَرْضُهُ وَطُولُهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، لَا يَشْرَبُ مِنْهُ أَحَدٌ فَيَظْمَأُ، وَلَا يَتَوَضَّأُ مِنْهُ أَحَدٌ فَيَشْعَثُ أَبَدًا، لَا يَشْرَبُهُ إِنْسَانٌ أَخْفَرَ ذِمَّتِي، وَلَا قَتَلَ أَهْلَ بَيْتِي»
وَمِمَّا أَسْنَدَ
- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، ثنا أَبُو حُصَيْنٍ الْقَاضِي، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ الْمَدَنِيَّانِ، عَنْ عُمَارَةَ
- حَدَّثَنَا فارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنِي مِصْعَبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، ثنا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الْجَوْنِيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، ثنا قَزْعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالَا يَعْنِيهِ» اخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِيهِ عَلَى أَقَاوِيلَ، وَصَوَابُهُ مُرْسَلٌ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ كَاسِبٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَن الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، قَالَ: " لَمَّا أُحِيطَ بِالْحُسَيْنِ، قَالَ: مَا اسْمُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ فَقِيلَ: كَرْبَلَاءُ، فَقَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هِيَ أَرْضُ كَرِبٍ وَبَلَاءٍ "
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132927&book=5574#7b3b68
الْحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَر بن الْحَسَن بن مُحَمَّدِ بْنِ عبد الباقي، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشاعر المعروف بالخالع :
رافقي الأصل سكن الجانب الشرقي من بَغْدَاد وحدث عَن أَحْمَد بْن الفضل بْن خزيمة، وأحمد بن كامل الْقَاضِي، وأبي عُمَر الزاهد، وأبي سهل بن زياد، وأبي عَلِيّ الطوماري، وسليمان بن أَحْمَد الطَّبَرَانِيّ. وعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ، وغيرهم. كتبت عنه.
أخبرنا الخالع، أنبأنا أَحْمَد بْن كَامِلِ بْن خَلَفِ بْنِ شَجَرَةَ القاضي، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ بِشْرُ بْنُ مُوسَى الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: انْتَهَى عَجَبِي عِنْدَ ثَلاثٍ؛ الْمَرْءُ يَفِرُّ مِنَ الْقَدَرِ وَهُوَ لاقِيهِ، وَالرَّجُلُ يَرَى فِي عَيْنِ أَخِيهِ الْقَذَاةَ فَيَعِيبُهَا، وَيَكُونُ فِي عَيْنِهِ مِثْلُ الْجِذْعِ فَلا يَعِيبُهُ، وَالرَّجُلُ يَكُونُ فِي دَابَّتِهِ الصَّعَرُ فَيُقَوِّمُهَا جَهْدَهُ، وَيَكُونُ فِي نَفْسِهِ الصَّعَرُ فَلا يُقَوِّمُ نَفْسَهُ! سمعت أبا بكر أَحْمَد بن مُحَمَّد الغزال ذكر الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الخالع فحكى عنه أَنَّهُ قَالَ: سمعت كتب أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الدنيا المصنفة من أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ عنه.
وحكى لِي عنه أيضا أَنَّهُ قَالَ: سمعت من مُحَمَّد بن عَلِيّ بن سهل الإمام كتاب «الموطأ» ، وحَدَّثَنَا به عَنْ أَحْمَد بن ملاعب عَنْ يَحْيَى بن بكير عَنْ مالك.
قَالَ الغزال: فذكرت ذلك لأبي الفتح بن أَبِي الفوارس فتعجب، وَقَالَ: قد سمعت من ابن سهل الإمام عظم ما كَانَ عنده وما لقيت أحدا سمع من أَحْمَد بن ملاعب- أو كما قَالَ- رأيت بخط الخالع جزءا ذكر أَنَّهُ سمعه من أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ وفيه أحاديث عَنِ الشَّافِعِيّ عَنْ أبوي الْعَبَّاس ثعلب والمبرد وعن الْحُسَيْن بن فهم، وعن يموت بن المزرع، ولا نعلم أن الشَّافِعِيّ روى عَنْ واحد من هؤلاء شيئا.
قَالَ لِي أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصواف المصري: لم أكتب بِبَغْدَادَ عمن أطلق عَلَيْهِ الكذب من المشايخ غير أربعة أحدهم أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الخالع.
مات الخالع فِي يوم الاثنين العاشر من شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وكان يذكر أَنَّهُ ولد فِي يوم السبت مستهل جمادى الأولى من سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
رافقي الأصل سكن الجانب الشرقي من بَغْدَاد وحدث عَن أَحْمَد بْن الفضل بْن خزيمة، وأحمد بن كامل الْقَاضِي، وأبي عُمَر الزاهد، وأبي سهل بن زياد، وأبي عَلِيّ الطوماري، وسليمان بن أَحْمَد الطَّبَرَانِيّ. وعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ، وغيرهم. كتبت عنه.
أخبرنا الخالع، أنبأنا أَحْمَد بْن كَامِلِ بْن خَلَفِ بْنِ شَجَرَةَ القاضي، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ بِشْرُ بْنُ مُوسَى الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: انْتَهَى عَجَبِي عِنْدَ ثَلاثٍ؛ الْمَرْءُ يَفِرُّ مِنَ الْقَدَرِ وَهُوَ لاقِيهِ، وَالرَّجُلُ يَرَى فِي عَيْنِ أَخِيهِ الْقَذَاةَ فَيَعِيبُهَا، وَيَكُونُ فِي عَيْنِهِ مِثْلُ الْجِذْعِ فَلا يَعِيبُهُ، وَالرَّجُلُ يَكُونُ فِي دَابَّتِهِ الصَّعَرُ فَيُقَوِّمُهَا جَهْدَهُ، وَيَكُونُ فِي نَفْسِهِ الصَّعَرُ فَلا يُقَوِّمُ نَفْسَهُ! سمعت أبا بكر أَحْمَد بن مُحَمَّد الغزال ذكر الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الخالع فحكى عنه أَنَّهُ قَالَ: سمعت كتب أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الدنيا المصنفة من أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ عنه.
وحكى لِي عنه أيضا أَنَّهُ قَالَ: سمعت من مُحَمَّد بن عَلِيّ بن سهل الإمام كتاب «الموطأ» ، وحَدَّثَنَا به عَنْ أَحْمَد بن ملاعب عَنْ يَحْيَى بن بكير عَنْ مالك.
قَالَ الغزال: فذكرت ذلك لأبي الفتح بن أَبِي الفوارس فتعجب، وَقَالَ: قد سمعت من ابن سهل الإمام عظم ما كَانَ عنده وما لقيت أحدا سمع من أَحْمَد بن ملاعب- أو كما قَالَ- رأيت بخط الخالع جزءا ذكر أَنَّهُ سمعه من أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ وفيه أحاديث عَنِ الشَّافِعِيّ عَنْ أبوي الْعَبَّاس ثعلب والمبرد وعن الْحُسَيْن بن فهم، وعن يموت بن المزرع، ولا نعلم أن الشَّافِعِيّ روى عَنْ واحد من هؤلاء شيئا.
قَالَ لِي أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصواف المصري: لم أكتب بِبَغْدَادَ عمن أطلق عَلَيْهِ الكذب من المشايخ غير أربعة أحدهم أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الخالع.
مات الخالع فِي يوم الاثنين العاشر من شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وكان يذكر أَنَّهُ ولد فِي يوم السبت مستهل جمادى الأولى من سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132928&book=5574#d47301
الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بن جَعْفَر بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سعيد بن مصلح، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصيرفي المعروف بابن البزري :
حدث عَنْ أَبِي الفرج الأصبهاني، وأحمد بن نصر الذارع النهرواني، وأبي الفتح مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الأزدي، وأبي الفرج أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ الصامت، وأحمد بن أَبِي طالب الكاتب، ومنصور بن ملاعب الصيرفي.
كتبت عنه، وكان أصم شديد الصمم، وكان ينزل بالجانب الشرقي ناحية الرصافة.
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ- مِنْ لَفْظِهِ- قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ الْحَافِظُ- بِانْتِقَاءِ ابْنِ الْمُظَفَّرِ- حدّثني أبو طلحة الوساوسي، حدّثنا نصر بن عليّ الجهضمي، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حوشب عن سليمان بن أبي سلمة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى غَيْرِهِ، كَفَضْلِ النَّبِيِّ عَلَى أُمَّتِهِ »
. حَدَّثَنِي عِيسَى بن أَحْمَد الهمذاني أن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد البزري حضر عند أَبِي الْحَسَن بن الحمامي الْمُقْرِئ يوما فذكر أَبُو طاهر بن أَبِي هاشم فَقَالَ ابن البزري:
سمعت منه كذا، وسمعت منه كذا، فَقَالَ ابن الحمامي: انظروا إِلَى هذا الشيخ! والله ما رأيته عند أَبِي طاهر قط، وسنه لا يحتمل أن يكون أدركه- أو كما قَالَ-.
قَالَ لِي أَبُو الفتح المصري: لم أكتب بِبَغْدَادَ عمن أطلق عَلَيْهِ الكذب من المشايخ غير أربعة، منهم الْحُسَيْن بن مُحَمَّد البزري.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عَلِيّ الصوري أن ابن البزري قدم عليهم مصر فخلط تخليطا قبيحا، وادعى أشياء بأن فيها كذبه.
قال: وحدّثنا عَنْ أَبِي بَكْرٍِ الشَّافِعِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْفٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ: وَمِمَّا رُوِيَ لَنَا بِمِصْرَ أَيْضًا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْمُفِيدُ حَدَّثَهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّقْطِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا آكُلُ مُتَكِئًا »
. قَالَ الصوري: وقد اشتهر بمصر بالتهتك فِي الدين، والدخول فِي الفساد.
انتهى إلينا الخبر بوفاة ابن البزري بمصر في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
حدث عَنْ أَبِي الفرج الأصبهاني، وأحمد بن نصر الذارع النهرواني، وأبي الفتح مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الأزدي، وأبي الفرج أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ الصامت، وأحمد بن أَبِي طالب الكاتب، ومنصور بن ملاعب الصيرفي.
كتبت عنه، وكان أصم شديد الصمم، وكان ينزل بالجانب الشرقي ناحية الرصافة.
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ- مِنْ لَفْظِهِ- قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ الْحَافِظُ- بِانْتِقَاءِ ابْنِ الْمُظَفَّرِ- حدّثني أبو طلحة الوساوسي، حدّثنا نصر بن عليّ الجهضمي، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حوشب عن سليمان بن أبي سلمة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى غَيْرِهِ، كَفَضْلِ النَّبِيِّ عَلَى أُمَّتِهِ »
. حَدَّثَنِي عِيسَى بن أَحْمَد الهمذاني أن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد البزري حضر عند أَبِي الْحَسَن بن الحمامي الْمُقْرِئ يوما فذكر أَبُو طاهر بن أَبِي هاشم فَقَالَ ابن البزري:
سمعت منه كذا، وسمعت منه كذا، فَقَالَ ابن الحمامي: انظروا إِلَى هذا الشيخ! والله ما رأيته عند أَبِي طاهر قط، وسنه لا يحتمل أن يكون أدركه- أو كما قَالَ-.
قَالَ لِي أَبُو الفتح المصري: لم أكتب بِبَغْدَادَ عمن أطلق عَلَيْهِ الكذب من المشايخ غير أربعة، منهم الْحُسَيْن بن مُحَمَّد البزري.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عَلِيّ الصوري أن ابن البزري قدم عليهم مصر فخلط تخليطا قبيحا، وادعى أشياء بأن فيها كذبه.
قال: وحدّثنا عَنْ أَبِي بَكْرٍِ الشَّافِعِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْفٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ: وَمِمَّا رُوِيَ لَنَا بِمِصْرَ أَيْضًا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْمُفِيدُ حَدَّثَهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّقْطِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا آكُلُ مُتَكِئًا »
. قَالَ الصوري: وقد اشتهر بمصر بالتهتك فِي الدين، والدخول فِي الفساد.
انتهى إلينا الخبر بوفاة ابن البزري بمصر في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132876&book=5574#15d431
الْحُسَيْن بْن عُمَرَ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ العلاف :
سمع أبا بكر الشَّافِعِيّ، ويحيى بن وصيف الخواص، وأحمد بن جَعْفَر بن سلم، وإسحاق بن مُحَمَّد النعالي، ومحمّد بن عليّ الخراز المالكي. كتبنا عنه وكان ثقة يسكن الجانب الشرقي في درب السقايين قريبا من سوق السلاح.
حدّثنا الحسين بن عمر العلّاف، أنبأنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدّثنا محمّد ابن غالب بن حرب، حدّثنا عبد الرّحمن بن المبارك، حدّثنا يوسف بن خالد، حَدَّثَنَا الأَعْمَشِ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْتَجِمُ فِي رَمَضَانَ.
قَالَ لنا الْحُسَيْن بْن عُمَرَ العلاف: ولدت فِي يوم الخميس الثالث من شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة.
ومات فِي رجب من سنة ست وعشرين وأربعمائة.
سمع أبا بكر الشَّافِعِيّ، ويحيى بن وصيف الخواص، وأحمد بن جَعْفَر بن سلم، وإسحاق بن مُحَمَّد النعالي، ومحمّد بن عليّ الخراز المالكي. كتبنا عنه وكان ثقة يسكن الجانب الشرقي في درب السقايين قريبا من سوق السلاح.
حدّثنا الحسين بن عمر العلّاف، أنبأنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدّثنا محمّد ابن غالب بن حرب، حدّثنا عبد الرّحمن بن المبارك، حدّثنا يوسف بن خالد، حَدَّثَنَا الأَعْمَشِ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْتَجِمُ فِي رَمَضَانَ.
قَالَ لنا الْحُسَيْن بْن عُمَرَ العلاف: ولدت فِي يوم الخميس الثالث من شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة.
ومات فِي رجب من سنة ست وعشرين وأربعمائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=150696&book=5574#2f25b2
الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام
سبط رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وريحانته من الدنيا، وفد على معاوية، وتوجه غازياً إلى القسطنطينية في الجيش الذي كان أميره يزيد بن معاوية.
روت فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين بن علي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة، وإن قدم عهدها، فيحدث لها استرجاعاً إلا أحدث الله له عند ذلك وأعطاه ثواب ما وعده عليها يوم أصيب بها.
حدث أبو هشام القناد البصري قال: كنت أحمل المتاع من البصرة إلى الحسين بن علي بن أبي طالب فكان يماكسني فيه، ولعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عامته، قلت: يا بن رسول الله أجيئك بالمتاع من البصرة تماكسني فيه فلعلي لا أقوم حتى تهب عامته؟ فقال: إن أبي حدثني، يرفع الحديث إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: المغبون لا محمود ولا مأجور.
وقد روي هذا الحديث عن الحسن بن علي عليه السلام، وتقدم في ترجمته.
قال عبد الله بن بريدة: دخل الحسن والحسين عليهما السلام على معاوية، فأمر لهما في وقته بمئتي ألف درهم وقال: خذاها وأنا ابن هند، ما أعطاها أحد قبلي، ولا يعطيها أحد بعدي. قال: فأما الحسن عليه السلام فكان رجلاً سكيتاً، وأما الحسين عليه السلام فقال: والله ما أعطى أحد قبلك ولا أحد بعدك لرجلين أشرف ولا أفضل منا.
وعن أم الفضل بنت الحارث أنها رأت فيما يرى النائم أن عضواً من أعضاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتي، فقصصتها على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
خيراً رأيت، تلد فاطمة غلاماً فترضعينه بلبن قثم.
قالت: فولدت فاطمة عليها السلام غلاماً فسماه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حسيناً، ودفعه إلى أم الفضل، وكانت ترضعه بلبن قثم.
قال أبو بكر بن المبرقي: ولد الحسين بن علي عليهما السلام في ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.
قال جعفر بن محمد:
كان بين الحسن والحسين طهر واحد، وعلقت فاطمة بالحسين لخمس خلون من ذي القعدة سنة ثلاث من الهجرة، فكان بين ذلك وبين ولاد الحسن خمسون ليلة.
قال قتادة: ولدت فاطمة حسيناً بعد حسن بسنة وعشرة اشهر، فمولده لست سنين وخمسة أشهر ونصف من التاريخ، وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر ونصف، وقيل ابن تسع وخمسين سنة.
وعن علي بن أبي طالب عليه السلام: أنه سمى ابنه الأكبر حمزة وسمى حسيناً بعمه جعفر قال: فدعاني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني أمرت أن أغير اسم ابني هذين فقلت: الله ورسوله أعلم، فسماهما: حسناً وحسيناً.
وعن علي قال: لما ولد الحسن سميته حرباً، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قال: قلت: حرباً، قال: بل هو حسن، فلما ولد حسين سماه حرباً، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قال: قلت: حرباً، فقال: بل هو حسين، فلما ولد
الثالث سميته حرباً، فجاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أروني ابني، ما سميتوه؟ قلت: حرباً قال: بل هو محسن. ثم قال: سميتهم بأسماء ولد هارون: شبر، وشبير، ومشبر.
قال عكرمة: لما ولدت فاطمة الحسن أتت به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسماه: حسناً، فلما ولدت حسيناً أتت به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: هذا أحسن من هذا، فشق له من اسمه وقال: هذا حسين.
وكنية الحسين عليه السلام: أبو عبد الله.
وعن عاصم بن كليب عن أبيه قال: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرته لابن عباس فقال: أذكرت حسين بن علي حين رأيته؟ قلت نعم، والله ذكرته بابنه حين رأيته يمشي، قال: إنا كنا نشبهه بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن علي بن أبي طالب قال: كان الحسن بن علي أشبههم برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من شعر رأسه إلى سرته، وكان الحسين بن علي أشبههم برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من لدن قدميه إلى سرته، اقتسما شبهه.
قال أنس بن مالك: كنت عند ابن زياد فجيء برأس الحسين، قال: فجعل يقول بقضيبه في أنفه ويقول: ما رأيت مثل هذا حسناً قلت: أما إنه كان أشبههم برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال محمد بن الضحاك الحزامي: كان وجه الحسن بن علي يشبه وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال سفيان: قلت لعبيد الله بن أبي يزيد: رأيت حسين بن علي؟ قال: نعم: أسود الرأس واللحية إلا شعرات ههنا في مقدم لحيته، فلا أدري أخضب وترك ذلك المكان شبهاً برسول
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو لم يكن شاب منه غير ذلك. قال: ورأيت حسناً وقد أقيمت الصلاة، وقد شجر بين الإمام وبين بعض الناس فقيل له: اجلس. فقال: قد قامت الصلاة.
وعن أبي رافع: أن فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحسن والحسين فقالت: ابناك وابناي انحلهما، قال: نعم. أما الحسن: فقد نحلته حلمي وهيئتي. وأما الحسين: فقد نحلته نجدتي وجودي. قالت: رضيت يا رسول الله.
قال ابن أبي نعم: كنت جالساً إلى ابن عمر فقال له رجل: ما تقول في دم البعوض يكون في الثوب، أفأصلي فيه؟ قال: ممن أنت؟ قال: من أهل العراق. قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا.
وعن أبي أيوب الأنصاري قال: دخلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والحسن والحسين يلعبان بين يديه وفي حجره فقلت: يا رسول الله أتحبهما؟ قال: وكيف لا أحبهما وهما ريحانتاي من الدنيا، أشمهما.
قال الحسين بن علي عليهما السلام: سمعت جدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا تسبوا أبا بكر وعمر فإنهما سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين، ولا تسبوا الحسن والحسين فإنهما سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين، ولا تسبوا علياً، فإنه من سب علياً فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله، ومن سب الله عذبه الله.
وعن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما.
وعن حذيفة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتاني ملك فسلم علي، نزل من السماء، لم ينزل قبلها فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى ويحيى عليهما السلام.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أراد أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسين بن علي.
وعن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قالت: فأرسل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين فقال: هؤلاء أهلي.
وفي رواية: أهل بيتي. قالت: فقلت يا رسول الله، أما أنا من أهل البيت؟ قال: بلى إن شاء الله.
قال شهر بن حوشب: أتيت أم سلمة أعزيها على الحسين فقالت: دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجلس على منامة له، فجاءته فاطمة بشيء فوضعته فقال: ادعي لي حسناً وحسيناً وابن عمك علياً، فلما اجتمعوا عنده قال: اللهم هؤلاء خاصتي وأهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
وعن أم سلمة قالت: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندنا منكساً رأسه، فعملت له فاطمة خزيرة، فجاءت ومعها
حسن وحسين، فقال لها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أين زوجك؟ اذهبي فادعيه، فجاءت به فأكلوا، فأخذ كساءً فأداره عليهم، فأمسك طرفه بيده اليسرى ثم رفع يده اليمنى إلى السماء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. أنا حرب لمن حاربتم، سلم لمن سالمتم، عدو لمن عاداكم.
وعن عمرة بنت أفعى قالت سمعت أم سلمة تقول: نزلت هذه الآية في بيتي: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " وفي البيت سبعة: جبريل وميكائيل، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي وفاطمة والحسن والحسين قالت: وأنا على باب البيت، فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: إنك على خير، إنك من أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما قال: إنك من أهل البيت.
قال يعلى بن مرة: خرجت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدعينا إلى طعام، فإذا الحسين يلعب في الطريق، فأسرع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمام القوم، ثم بسط يديه فجعل الحسين يفر مرة ههنا، ومرة ههنا، يضاحكه حتى أخذه، فجعل إحدى يديه في ذقنه، والأخرى بين رأسه وأذنيه، ثم اعتنقه فقبله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حسين مني وأنا منه، أحب الله من أحبه، الحسن والحسين سبطان من الأسباط.
وعن ابن مسعود قال: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد الحسن والحسين يقول: هذان ابناي فمن أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني.
وعن أنس قال: سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي أهل بيتك أحب إليك؟ قال: الحسن والحسين، قال: وكان يقول لفاطمة: ادعي لي بابني، فيشمهما ويضمهما.
قال زيد بن أرقم: كنت عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالساً، فمرت فاطمة عليها السلام، وهي خارجة من
بيتها إلى حجرة نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعها ابناها: الحسن والحسين، وعلي في آثارهم، فنظر إليهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: من أحب هؤلاء فقد أحبني، ومن أبغضهم فقد أبغضني.
قال أبو هريرة: كنت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سوق من أسواق المدينة فانصرف وانصرفت معه فقال: ادع الحسين بن علي، فجاء الحسين بن علي يمشي، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده هكذا فقال الحسين بيده هكذا، فالتزمه فقال: اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه. قال أبو هريرة: فما كان بعد أحد أحب إلي من الحسين بن علي بعدما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قال.
وعن سلمان قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحسن والحسين من أحبهما أحببته، ومن أحببته أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم، ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته، ومن أبغضته أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله نار جهنم، وله عذاب مقيم.
وعن أبي هريرة قال:
كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي، فإذا سجد ركب الحسن والحسين على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما بيده أخذاً رفيقاً، فوضع أحدهما على فخذه والآخر في حجره، فقلت: يا رسول الله، أذهب بهما إلى أمهما؟ قال: لا: فبرقت برقة، فقال: الحقا بأمكما، فلم يزالا في ضوء تلك البرقة حتى لحقا بأمهما.
وعن شداد بن الهاد قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر وهو حامل حسناً أو حسيناً، فتقدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضعه، ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها قال: رفعت رأسي، فإذا الصبي على ظهر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ساجد، فرجعت في سجودي، فلما قضى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة، قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك، قال: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.
وعن بريدة قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطبنا، فجاء الحسين والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله ورسوله " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.
وعن عمر قال: رأيت الحسن والحسين على عاتقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: نعم الفرس تحتكما، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ونعم الفارسان هما.
وعن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على علي وفاطمة والحسن والحسين فاضطجع معهم، فاستسقى الحسن فقام إلى لقوح فحلبها، فاستسقى الحسين فقال: يا بني استسقى أخوك قبلك نسقيه ثم نسقيك، قالت فاطمة: كأنه أحبهما إليك يا رسول الله، قال: ما هو بأحبهما إلي: إني وأنت وهما وهذا المضطجع في مكان واحد يوم القيامة.
وفي حديث آخر: في مكان واحد في الجنة.
وعن علي قال: قعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موضع الجنائز، وأنا معه، فطلع الحسن والحسين، فاعتركا، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إيها حسن خذ حسيناً، فقال علي: يا رسول الله، أعلى حسين تواليه وهو أكبرهما؟ فقال: هذا جبريل يقول: إيها حسين.
وعن البراء بن عازب قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحسن أو الحسين هذا مني وأنا منه، وهو يحرم عليه ما يحرم علي.
وعن أم سلمة قالت: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى صرحة هذا المسجد فقال: ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا حائض إلا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ألا قد بينت لكم الأسماء أن تضلوا.
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري: قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلي بن أبي طالب: سلام عليك يا أبا الريحانتين من الدنيا، فعن قليل ينهد ركناك، والله خليفتي عليك.
فلما قبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: هذا أحد الركنين اللذين قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما ماتت فاطمة قال: هذا الركن الآخر الذي قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث آخر: سلام عليك أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتي من الدنيا.
وعن عبد الله قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خير رجالكم علي بن أبي طالب وخير شبابكم الحسن والحسين، وخير نسائكم فاطمة بنت محمد.
وعن علي قال: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين خرج لمباهلة النصارى بي وبفاطمة والحسن والحسين.
وعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأذني، وإلا فصمتا، وهو يقول: أنا شجرة، وفاطمة حملها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، والمحبون أهل البيت ورقها من الجنة حقاً حقاً.
وعن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: لا تسألوني قبل أن تشوب الأحاديث الأباطيل. قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنا الشجرة، وفاطمة أصلها، أو فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها، فالشجرة أصلها في عدن والأصل والفرع واللقاح والورق والثمر في الجنة.
وعن علي قال:
شكوت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حسد الناس إياي، فقال: يا علي إن أول أربعة يدخلون الجنة: أنا وأنت والحسن والحسين، وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، قال: قلت: يا رسول الله فأين شيعتنا؟ قال: شيعتكم من ورائكم.
وعن أبي هريرة قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمص لسان الحسين بن علي كما يمص الصبي التمرة.
وعن أنس بن مالك قال: جاءت فاطمة ومعها الحسن والحسين إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المرض الذي قبض فيه، فانكبت عليه فاطمة وألصقت صدرها بصدره وجعلت تبكي، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مه يا فاطمة، ونهاها عن البكاء، فانطلقت إلى البيت، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يستعبر الدموع: اللهم أهل بيتي، وأنا مستودعهم كل مؤمن، ثلاث مرات.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله، علي حب الله، الحسن والحسين صفوة الله، فاطمة أمة الله، على باغضهم لعنة الله.
أنكر الخطيب هذا الحديث بهذا الإسناد.
وعن فاطمة: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتاها يوماً فقال: أين ابناي؟ يعني حسناً وحسيناً، فقالت: أصبحنا وليس في بيتنا شيء يذوقه ذائق، فقال علي: أذهب بهما فإني أتخوف أن يبكيا عليك، وليس عندك شيء، فذهب إلى فلان اليهودي، فتوجه إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوجدهما يلعبان في شربة، بين أيديهما فضل من تمر، فقال: يا علي ألا قلبت ابني قبل أن يشتد
عليهما الحر؟ فقال علي: أصبحنا وليس في بيتنا شيء، فلو جلست حتى أجمع لفاطمة تمرات، فجلس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي ينزع لليهودي دلواً بتمرة، حتى اجتمع له شيء من تمر، فجعله في حجرته ثم أقبل، فحمل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدهما، وعلي الآخر حتى قلبهما.
قال يزيد بن أبي زياد: خرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة فسمع حسيناً يبكي فقال: ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني.
وعن حبشي بن جادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله تعالى اصطفى العرب من جميع الناس، واصطفى قريشاً من العرب، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من قريش، واختارني في نفر من أهل بيتي: علي وحمزة وجعفر والحسن والحسين.
وعن عبد الله بن عمر قال: كان على الحسن والحسين تعويذان فيهما من زغب جناح جبريل عليه السلام.
وعن ربيعة السعدي قال: لما اختلف الناس في التفضيل، رحلت راحلتي وأخذت زادي وخرجت حتى دخلت المدينة، فدخلت على حذيفة بن اليمان، فقال لي: من الرجل؟ قلت: من أهل العراق، فقال لي: من أي العراق؟ قال: قلت: رجل من أهل الكوفة. قال: مرحباً بكم يا أهل الكوفة. قال: قلت اختلف الناس علينا في التفضيل، فجئت لأسألك عن ذلك.
فقال لي: على الخبير سقطت. أما إني لا أحدثك إلا بما سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي.
خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأني أنظر إليه، كما أنظر إليك الساعة حامل الحسين بن علي على عاتقه، كأني أنظر إلى كفه الطيبة واضعها على قدمه يلصقها بصدره فقال: يا أيها الناس، لأعرفن ما اختلفتم في الخيار بعدي، هذا الحسين بن علي خير الناس جداً، وخير الناس جدة، جده محمد رسول الله سيد النبيين، وجدته خديجة بنة خويلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله، هذا الحسين بن علي خير الناس أباً وخير الناس أماً، أبوه
علي بن أبي طالب أخو رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووزيره وابن عمه وسابق رجال العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله، وأمه فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين. هذا الحسين بن علي خير الناس عماً، وخير الناس عمة، عمه جعفر بن أبي طالب المزين بالجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء، وعمته أم هانئ بنت أبي طالب. هذا الحسين بن علي خير الناس خالاً، وخير الناس خالة. خاله: القاسم بن محمد رسول الله، وخالته زينب بنت محمد رسول الله، ثم وضعه عن عاتقه، فدرج بين يديه وحبا.
ثم قال: يا أيها الناس، هذا الحسين بن علي: جده وجدته في الجنة، وأبوه وأمه في الجنة، وعمه وعمته في الجنة، وخاله وخالته في الجنة، وهو وأخوه في الجنة، إنه لم يؤت أحد من ذرية النبيين ما أوتي الحسين بن علي ما خلا يوسف بن يعقوب.
وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن فاطمة أحصنت فرجها، فحرمها الله وذريتها على النار.
وعن مجاهد قال: جاء رجل إلى الحسن والحسين فسألهما فقالا: إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لحاجة مجحفة، أو لحمالة مثقلة، أو دين فادح، فأعطياه، ثم أتى ابن عمر فأعطاه ولم يسأله عن شيء فقال: أتيت ابني عمرك فهما أصغر سناً منك فسألاني وقالا لي، وأنت لم تسألني عن شيءٍ، قال: ابنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنهما كانا يغران العلم غرا.
قال يحيى بن سعيد: أمر عمر حسين بن علي أن يأتيه في بعض الحاجة، فقال حسين، فلقيه عبد الله بن عمر فقال له حسين: من أين جئت؟ قال: قد استأذنت على عمر فلم يؤذن لي؛ فرجع حسين، فلقيه عمر فقال له: ما منعك يا حسين أن تأتيني؟ قال: قد أتيتك، ولكن أخبرني عبد الله بن عمر أنه لم يؤذن له عليك فرجعت، فقال عمر: وأنت عندي مثله؟! وأنت عندي مثله؟! وهل أنبت الشعر على الرأس غيركم؟
وعن حسين بن علي قال: صعدت إلى عمر وهو على المنبر، فقلت: انزل عن منبر أبي، واذهب إلى منبر أبيك، فقال: من علمك هذا؟ قلت: ما علمنيه أحد، قال: منبر أبيك والله، منبر أبيك والله، وهل أنبت على رؤوسنا الشعر إلا أنتم، جعلت تأتينا، وجعلت تغشانا.
وعن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي: أن عمر بن الخطاب لما دون الديوان وفرض العطاء، ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما مع أهل بدر، لقرابتهما برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففرض لكل واحد منهما خمسة آلاف.
حدث جعفر بن محمد عن أبيه قال: قدم على عمر حلل من اليمن فكسا الناس، فراحوا في الحلل وهو بين القبر والمنبر جالس، والناس يأتونه فيسلمون عليه ويدعون، فخرج الحسن والحسين ابنا علي من بيت أمهما فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يتخطيان الناس، وكان بيت فاطمة في جوف المسجد ليس عليهما من تلك الحلل شيء، وعمر قاطبٌ صار بين عينيه، ثم قال: والله ما هناني ما كسوتكم، قالوا: لم يا أمير المؤمنين؟ كسوت رعيتك وأحسنت، قال: من أجل الغلامين، يتخطيان الناس ليس عليهما منها شيء، كبرت عنهما، وصغرا عنها.
ثم كتب إلى صاحب اليمن أن ابعث إلي بحلتين لحسن وحسين وعجل، فبعث إليه بحلتين فكساهما.
قال مسافع بن شيبة: عرض حسين بن علي لمعاوية بالردم، ومعاوية على راحلته فكلمه بكلام شديد، فسكت عنه معاوية، فقال له يزيدك يجترئ عليك هذا، يكلمك بمثل هذا، فقال: دعه، فقد أقتلته، يريد أني كلم بهذا الكلام سواي فلا يحتلمه له.
قال مسافع بن شيبة: حج معاوية، فلما كان عند الردم أخذ حسين بخطامه فأناخ به ثم ساره طويلاً، ثم انصرف، وزجر معاوية راحلته فسار، فقال عمرو بن عثمان: ينبح بك الحسين وتكف عنه
وهو ابن أبي طالب؟ فقال معاوية: دعني من علي، فوالله ما فارقني حتى خفت أن يقتلني، ولو قتلني لما أفلحتم، وإن لكم من بني هاشم ليوماً.
وعن علي أنه قال: إن ابني هذا سيخرج من هذا الأمر، وأشبه أهلي بي الحسين.
وعن المسيب بن نجبة قال: قال علي: ألا أحدثكم عن خاصة نفسي وأهل بيتي؟ قلنا: بلى. قال: أما حسن فصاحب جفنة وخوان، وفتى من الفتيان، ولو قد التقت حلقتا البطان لم يغن عنكم في الحرب حثالة عصفور، وأما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو وباطل، ولا يغرنكم ابنا عباس، وأما أنا وحسين فإنا منكم وأنتم منا، والله لقد خشيت أن يدال هؤلاء القوم عليكم بصلاحهم في أرضهم، وفسادكم في أرضكم، وبأدائهم الأمانة وخيانتكم، وطواعيتهم إمامهم ومعصيتكم له، واجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم حتى تطول دولتهم، حتى لا يدعوا لله محرماً إلا استحلوه، ولا يبقى بيت مدر، ولا وبر إلا دخله ظلمهم، وحتى يكون أحدكم تابعاً لهم، وحتى تكون نصرة أحدكم منهم كنصرة العبد من سيده: إذا شهد أطاعه، وإذا غاب عنه سبه، وحتى يكون أعظمهم فيها غناء أحسنكم بالله ظنا، وإن أتاكم الله بعافية فاقبلوا، وإن ابتليتم فاصبروا فإن العاقبة للمتقين.
كان الحسن يقول للحسين: أي أخ! والله لوددت أن لي بعض شدة قلبك، فيقول له الحسين: وأنا والله وددت أن لي بعض ما بسط لك من لسانك.
قال مدرك بن عمارة:
رأيت ابن عباس آخذاً بركاب الحسن والحسين فقيل له: أتأخذ بركابهما وأنت أسن منهما؟ فقال: إن هذين ابنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أوليس من سعادتي أن آخذ بركابيهما؟ قال أبو المهزم: كنا مع جنازة امرأة ومعنا أبو هريرة، فجيء بجنازة رجل فجعله بينه وبين المرأة، فصلى عليها، فلما أقبلنا أعيا الحسين فقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه، فقال الحسين: يا أبا هريرة وأنت تفعل هذا؟! قال أبو هريرة: دعني، فوالله لو يعلم الناس منك ما أعلم، لحملوك على رقابهم.
حدث جعفر بن محمد عن أبيه: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بايع الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر وهم صغار لم يبلغوا، قال: ولم يبايع صغيراً إلا منا.
وحدث عن أبيه أيضاً: أن الحسين بن علي حج ماشياً خمساً وعشرين حجة ونجائبه تقاد معه.
وقد روي ذلك عن الحسن بن علي وتقدم في ترجمته.
وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: مر الحسن بمساكين يأكلون في الصفة فقالوا: الغداء، فنزل وقال: إن الله لا يحب المتكبرين، فتغدى ثم قال لهم: قد أجبتكم فأجيبوني، قالوا: نعم، فمضى بهم إلى منزله، فقال للرباب: أخرجي ما كنت تدخرين.
قال أبو الحسن المدائني: جرى بين الحسن بن علي وأخيه الحسين كلام حتى تهاجرا، فلما أتى على الحسن ثلاثة أيام تأثم من هجر أخيه، فأقبل إلى الحسين وهو جالس فأكب على رأسه فقبله، فلما جلس الحسن قال له الحسين: إن الذي منعني من ابتدائك والقيام إليك أنك أحق بالفضل مني، فكرهت أن أنازعك ما أنت أحق به.
قال ابن عون: كتب الحسن إلى الحسين يعيب عليه إعطاء الشعراء، قال: فكتب إليه: إن خير المال ما وقى العرض.
قال الأسود بن قيس العبدي: قيل لمحمد بن بشير الحضرمي: قد أسر ابنك بثغر الري. قال: عند الله أحتسبه ونفسي، ما كنت أحب أن يؤسر، ولا أن أبقى بعده. فسمع قوله الحسين، فقال له: رحمك الله، أنت في حل من بيعتي، فاعمل في فكاك ابنك. قال: أكلتني السباع حياً إن
فارقتك. قال: فأعط ابنك هذه الأثواب البرود يستعن بها في فداء أخيه، فأعطاه خمسةً أيام قيمتها ألف دينار.
قال أبو عون: لما خرج الحسين بن علي من المدينة يريد مكة، مر بابن مطيع وهو يحفر بئره فقال له: أين فداك أبي وأمي؟ قال: أردت مكة. قال: وذكر له أنه كتب إليه شيعته بها، فقال له ابن مطيع: إني فداك أبي وأمي، متعنا بنفسك ولا تسر إليهم، فأبى حسين، فقال له ابن مطيع: إن بئري هذه قد رشحتها، وهذا اليوم أوار، ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء، فلو دعوت الله لنا فيها بالبركة، قال: هات من مائها، فأتى من مائها في الدلو، فشرب منه ثم تمضمض ثم رده في البئر فأعذب وأمري.
وعن عكرمة عن ابن عباس: بينما هو يحدث الناس، إذ قام إليه نافع بن الأزرق فقال له: يا بن عباس تفتي الناس في النملة والقملة، صف لي إلهك الذي تعبد، فأطرق ابن عباس إعظاماً لقوله، وكان الحسين بن علي جالساً ناحية، فقال: إلي يا بن الأزرق، قال: لست إياك أسأل.
قال ابن عباس: يا بن الأزرق إنه من أهل بيت النبوة، وهم ورثة العلم، فأقبل نافع نحو الحسين، فقال له الحسين: يا نافع، إن من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في التباس، سائلاً ناكباً عن المنهاج طاعناً بالاعوجاج، ضالاً عن السبيل، قائلاً غير الجميل، يا بن الأزرق: أصف إلهي بما وصف به نفسه، وأعرفه بما عرف به نفسه، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، قريب غير ملتصق، بعيد غير منتقص، يوحد ولا يبعض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال.
فبكى ابن الأزرق وقال: يا حسين ما أحسن كلامك! قال له الحسين: بلغني أنك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعلي. قال ابن الأزرق: أما والله يا حسين، لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام، ونجوم الأحكام.
فقال له الحسين: إني سائلك عن مسألة، قال: سل. فسأله عن هذه الآية: " وأما
الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة ". يا بن الأزرق من حفظ في الغلامين؟ قال ابن الأزرق: أبوهما. قال الحسين: فأبوهما خير أم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال ابن الأزرق: قد أنبأ الله تعالى أنكم قوم خصمون.
وعن الحسين بن علي قال:
من أحبنا لله وردنا نحن وهو على نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هكذا، وضم أصبعيه، ومن أحبنا للدنيا، فإن الدنيا تسع البر والفاجر.
قال الذيال بن حرمة: خرج سائل يتخطى أزقة المدينة، حتى أتى باب الحسين بن علي، فقرع الباب وأنشد يقول: من المنسرح
لم يخب اليوم من رجاك ومن ... حرّك من خلف بابك الحلقه
وأنت جودٌ، وأنت معدنه ... أبوك ما كان قاتل الفسقه
قال: وكان الحسين بن علي واقفاً يصلي، فخفف من صلاته وخرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر ضر وفاقة، فرجع ونادى بقنبر فأجابه: لبيك يا بن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ما تبقى معك من نفقتنا؟ قال: مئتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك، قال: فهاتها، فقد أتى من هو أحق بها منهم، فأخذها وخرج فدفعها إلى الأعرابي، وأنشأ يقول: من المنسرح
خذها فإني إليك معتذرٌ ... واعلم بأني عليك ذو شفقه
لو كان في سيرنا عصا تمد إذاً ... كانت سمانا عليك مندفقه
لكنّ ريب المنون ذو نكدٍ ... والكفّ منّا قليلة النّفقه
قال: فأخذها الأعرابي وولى وهو يقول: من البسيط
مطهّرون، نقيّاتٌ جيوبهم ... تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
فأنتم أنتم الأعلون، عندكم ... علم الكتاب وما جاءت به السور
من لم يكن علويّاً حين تنسبه ... فماله في جميع الناس مفتخر
ومن شعر سيدنا الحسين بن علي عليه السلام: من السريع
اغن عن المخلوق بالخالق ... تغن عن الكاذب والصادق
واسترزق الرحمن من فضله ... فليس غير الله من رازق
من ظنّ أنّ الناس يغنونه ... فليس بالرحمن بالواثق
أوظنّ أنّ المال من كسبه ... زلّت به النعلان من حالق
ومن شعره أيضاً: من الخفيف.
كلّما زيد صاحب المال مالاً ... زيد في همّه وفي الاشتغال
قد عرفناك يا منغّصة العي ... ش ويا دار كلّ فانٍ وبال
ليس يصفوا لزاهد طلب الزهد ... إذا كان مثقلاً بالعيال
قال إسحاق بن إبراهيم: بلغني أن الحسين بن علي أتى مقابر الشهداء بالبقيع فطاف بها وقال: من الكامل
ناديت سكّان القبور فأسكتوا ... وأجابني عن صمتهم ندب الجثى
قالت: أتدري ما صنعت بساكنيّ ... مزقت ألحمهم وخرّقت الكسا
وحشوت أعينهم تراباً بعدما ... كانت تأذّى باليسير من القذى
أما العظام فإنني فرّقتها ... حتى تباينت المفاصل والشّوى
قطّعت ذا من ذا ومن هذا كذا ... فتركتها رمماً يطول بها البلى
ومن شعر الحسين بن علي عليهما السلام: من الطويل
لئن كانت الدنيا تعدّ نفيسةً ... فدار ثواب الله أعلى وأنبل
وإن كانت الأبدان للموت أنشئت ... فقتلٌ، سبيل الله، بالسيف أفضل
وإن كانت الأرزاق شيئاً مقدّراً ... فقلّة سعي المرء في الكسب أجمل
وإن كانت الأموال للتّرك جمّعت ... فما بال متروكٍ به المرء يبخل
وكان الحسين بن علي يوم الجمل على الميسرة.
حدث عبد الله بني يحيى عن أبيه: أنه سافر مع علي بن أبي طالب وكان صاحب مطهرته، فلما حاذوا بنينوى، وهو منطلق إلى صفين، نادى علي: صبراً أبا عبد الله، صبراً أبا عبد الله بشط الفرات، قلت: ومن ذا أبو عبد الله؟ قال: دخلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعيناه تفيضان، فقلت: يا نبي الله أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات، وقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قال: قلت: نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم يسعني أملك عيني أن فاضتا.
قال أبو أمامة: قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنسائه:
لا تبكوا هذا الصبي، يعني حسيناً، قال: فكان يوم أم سلمة، فنزل جبريل فدخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الداخل، وقال لأم سلمة: لا تدعي أحداً يدخل علي، فجاء الحسين، فلما نظر إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في البيت أراد أن يدخل، فأخذته أم سلمة فاحتضنته وجعلت تناغيه وتسكته، فلما اشتد في البكاء خلت عنه، فدخل حتى جلس في حجر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال جبريل للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أمتك ستقتل ابنك هذا، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يقتلونه وهم مؤمنون بي؟ قال: نعم، يقتلونه، فتناول جبريل تربة فقال: بمكان كذا وكذا.
فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد احتضن حسيناً كاسف البال، مهموماً، فظنت أم سلمة أنه غضب من دخول الصبي عليه، فقالت: يا نبي الله، جعلت لك الفداء، إنك قلت لنا:
لا تبكوا هذا الصبي، وأمرتني أن لا أدع أحداً يدخل عليك، فجاء فخليت عنه، فلم يرد عليها.
فخرج إلى أصحابه وهم جلسو فقال لهم: إن أمتي يقتلون هذا، ففي القوم أبو بكر وعمر وكانا أجرأ القوم عليه، فقالا: يا نبي الله، يقتلونه وهم مؤمنون؟ قال: نعم، هذه تربته، فأراهم إياها.
وعن أم سلمة قالت: كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتي، فنزل جبريل فقال: يا محمد! إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك، وأومأ بيده إلى الحسين، فبكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضمه إلى صدره، ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وديعة عندك هذه التربة، فشمها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: ريح كرب وبلاء، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن ابني قد قتل، قال: فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم، يعني، وتقول: إن يوماً تحولين دماً ليوم عظيم.
قالت أم سلمة: دخل الحسين على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففزع، فقالت أم سلمة: مالك يا رسول الله؟ قال: إن جبريل أخبرني أن ابني هذا يقتل، وإنه اشتد غضب الله عل من يقتله.
وفي حديث آخر بالمعنى الأول: وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها، فأراه إياه، فإذا الأرض يقال لها كربلاء.
وفي حديث آخر بالمعنى قال: فضرب بجناحه فأتاني بهذه التربة قالت: وإذا في يده تربة حمراء وهو يبكي ويقول: يا ليت شعري، من يقتلك بعدي؟ وفي حديث آخر: وقيل: اسمها كربلاء، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كرب وبلاء.
وعن محمد بن صالح: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أخبره جبريل أن أمته ستقتل حسين بن علي، فقال: يا جبريل أفلا أراجع فيه، قال: لا؛ لأنه أمر قد كتبه الله.
وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يقتل الحسين على رأس ستين من مهاجرتي.
قال أبو عبد الله الضبي: دخلنا على ابن هرثم الضبي حين أقبل من صفين، وهو مع علي، وهو جالس على دكان له، وله امرأة يقال لها: جرداء، هي أشد حباً لعلي وأشد لقوله تصديقاً، فجاءت شاة له فبعرت فقال: لقد ذكرني بعر هذه الشاة حديثاً لعلي، قالوا: وما علم علي بهذا؟ قال: أقبلنا مرجعنا من صفين، فنزلنا كربلاء، فصلى بنا علي صلاة الفجر بين شجرات ودوحات حرمل، ثم أخذ كفاً من بعر الغزلان فشمه، ثم قال: أوه أوه، يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنة بغير حساب، قال: قالت جرداء: وما تنكر من هذا؟ هو أعلم بما قال منك، نادت بذلك وهي في جوف البيت.
قال عمار الدهني: مر علي على كعب فقال: يخرج من ولد هذا رجل، يقتل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمر حسن فقالوا: هذا هو يا أبا إسحاق، قال: لا. فمر حسين فقالوا: هذا هو. قال: نعم.
حدث العلاء بن أبي عائشة عن أبيه عن رأس الحالوب قال: كنا نسمع أنه يقتل بكربلاء ابن نبي، فكنت إذا دخلتها ركضت فرسي حتى أجوز عنها، فلما قتل حسين جعلت أسير بعد ذلك على هينتي.
حدث الشعبي عن ابن عمر:
أنه كان بماله، فبلغه أن الحسين بن علي قد توجه إلى العراق، فلحقه على مسيرة ثلاث ليال فقال له: أين تريد؟ فقال: العراق. وإذا معه طوامير كتب، فقال: هذه كتبهم وبيعتهم فقال: لا تأتهم، فأبى، قال: إني محدثك حديثاً: إن جبريل أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخيره
بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنكم بضعة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله لا يليها أحد منكم أبداً، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير، فأبى أن يرجع، قال: فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال: أستودعك الله من قتيل.
وعن سعيد بن مثنى: أن عبد الله بن عمر قال: عجل حسين قدره، عجل حسين قدره، والله لو أدركته ما كان ليخرج إلا أن يغلبني، ببني هاشم فتح، وببني هاشم ختم، فإذا رأيت الهاشمي قد ملك فقد ذهب الزمان.
قال أبو سعيد المقبري: والله لرأيت الحسين وإنه ليمشي بين رجلين، يعتمد على هذا مرة وعلى هذا مرة وعلى هذا أخرى حتى دخل مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: من الخفيف
لا ذعرت السّوام في غبش الصب ... ح مغيراً ولا دعيت يزيدا
يوم أعطي مخافة الموت ضيماً ... والمنايا يرصدنني أن أحيدا
قال: فعلمت عند ذلك أن لا يلبث إلا قليلاً حتى يخرج، فما لبث أن خرج حتى لحق بمكة.
سبط رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وريحانته من الدنيا، وفد على معاوية، وتوجه غازياً إلى القسطنطينية في الجيش الذي كان أميره يزيد بن معاوية.
روت فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين بن علي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة، وإن قدم عهدها، فيحدث لها استرجاعاً إلا أحدث الله له عند ذلك وأعطاه ثواب ما وعده عليها يوم أصيب بها.
حدث أبو هشام القناد البصري قال: كنت أحمل المتاع من البصرة إلى الحسين بن علي بن أبي طالب فكان يماكسني فيه، ولعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عامته، قلت: يا بن رسول الله أجيئك بالمتاع من البصرة تماكسني فيه فلعلي لا أقوم حتى تهب عامته؟ فقال: إن أبي حدثني، يرفع الحديث إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: المغبون لا محمود ولا مأجور.
وقد روي هذا الحديث عن الحسن بن علي عليه السلام، وتقدم في ترجمته.
قال عبد الله بن بريدة: دخل الحسن والحسين عليهما السلام على معاوية، فأمر لهما في وقته بمئتي ألف درهم وقال: خذاها وأنا ابن هند، ما أعطاها أحد قبلي، ولا يعطيها أحد بعدي. قال: فأما الحسن عليه السلام فكان رجلاً سكيتاً، وأما الحسين عليه السلام فقال: والله ما أعطى أحد قبلك ولا أحد بعدك لرجلين أشرف ولا أفضل منا.
وعن أم الفضل بنت الحارث أنها رأت فيما يرى النائم أن عضواً من أعضاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتي، فقصصتها على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
خيراً رأيت، تلد فاطمة غلاماً فترضعينه بلبن قثم.
قالت: فولدت فاطمة عليها السلام غلاماً فسماه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حسيناً، ودفعه إلى أم الفضل، وكانت ترضعه بلبن قثم.
قال أبو بكر بن المبرقي: ولد الحسين بن علي عليهما السلام في ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.
قال جعفر بن محمد:
كان بين الحسن والحسين طهر واحد، وعلقت فاطمة بالحسين لخمس خلون من ذي القعدة سنة ثلاث من الهجرة، فكان بين ذلك وبين ولاد الحسن خمسون ليلة.
قال قتادة: ولدت فاطمة حسيناً بعد حسن بسنة وعشرة اشهر، فمولده لست سنين وخمسة أشهر ونصف من التاريخ، وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر ونصف، وقيل ابن تسع وخمسين سنة.
وعن علي بن أبي طالب عليه السلام: أنه سمى ابنه الأكبر حمزة وسمى حسيناً بعمه جعفر قال: فدعاني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني أمرت أن أغير اسم ابني هذين فقلت: الله ورسوله أعلم، فسماهما: حسناً وحسيناً.
وعن علي قال: لما ولد الحسن سميته حرباً، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قال: قلت: حرباً، قال: بل هو حسن، فلما ولد حسين سماه حرباً، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قال: قلت: حرباً، فقال: بل هو حسين، فلما ولد
الثالث سميته حرباً، فجاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أروني ابني، ما سميتوه؟ قلت: حرباً قال: بل هو محسن. ثم قال: سميتهم بأسماء ولد هارون: شبر، وشبير، ومشبر.
قال عكرمة: لما ولدت فاطمة الحسن أتت به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسماه: حسناً، فلما ولدت حسيناً أتت به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: هذا أحسن من هذا، فشق له من اسمه وقال: هذا حسين.
وكنية الحسين عليه السلام: أبو عبد الله.
وعن عاصم بن كليب عن أبيه قال: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرته لابن عباس فقال: أذكرت حسين بن علي حين رأيته؟ قلت نعم، والله ذكرته بابنه حين رأيته يمشي، قال: إنا كنا نشبهه بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن علي بن أبي طالب قال: كان الحسن بن علي أشبههم برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من شعر رأسه إلى سرته، وكان الحسين بن علي أشبههم برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من لدن قدميه إلى سرته، اقتسما شبهه.
قال أنس بن مالك: كنت عند ابن زياد فجيء برأس الحسين، قال: فجعل يقول بقضيبه في أنفه ويقول: ما رأيت مثل هذا حسناً قلت: أما إنه كان أشبههم برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال محمد بن الضحاك الحزامي: كان وجه الحسن بن علي يشبه وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال سفيان: قلت لعبيد الله بن أبي يزيد: رأيت حسين بن علي؟ قال: نعم: أسود الرأس واللحية إلا شعرات ههنا في مقدم لحيته، فلا أدري أخضب وترك ذلك المكان شبهاً برسول
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو لم يكن شاب منه غير ذلك. قال: ورأيت حسناً وقد أقيمت الصلاة، وقد شجر بين الإمام وبين بعض الناس فقيل له: اجلس. فقال: قد قامت الصلاة.
وعن أبي رافع: أن فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحسن والحسين فقالت: ابناك وابناي انحلهما، قال: نعم. أما الحسن: فقد نحلته حلمي وهيئتي. وأما الحسين: فقد نحلته نجدتي وجودي. قالت: رضيت يا رسول الله.
قال ابن أبي نعم: كنت جالساً إلى ابن عمر فقال له رجل: ما تقول في دم البعوض يكون في الثوب، أفأصلي فيه؟ قال: ممن أنت؟ قال: من أهل العراق. قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا.
وعن أبي أيوب الأنصاري قال: دخلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والحسن والحسين يلعبان بين يديه وفي حجره فقلت: يا رسول الله أتحبهما؟ قال: وكيف لا أحبهما وهما ريحانتاي من الدنيا، أشمهما.
قال الحسين بن علي عليهما السلام: سمعت جدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا تسبوا أبا بكر وعمر فإنهما سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين، ولا تسبوا الحسن والحسين فإنهما سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين، ولا تسبوا علياً، فإنه من سب علياً فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله، ومن سب الله عذبه الله.
وعن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما.
وعن حذيفة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتاني ملك فسلم علي، نزل من السماء، لم ينزل قبلها فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى ويحيى عليهما السلام.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أراد أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسين بن علي.
وعن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قالت: فأرسل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين فقال: هؤلاء أهلي.
وفي رواية: أهل بيتي. قالت: فقلت يا رسول الله، أما أنا من أهل البيت؟ قال: بلى إن شاء الله.
قال شهر بن حوشب: أتيت أم سلمة أعزيها على الحسين فقالت: دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجلس على منامة له، فجاءته فاطمة بشيء فوضعته فقال: ادعي لي حسناً وحسيناً وابن عمك علياً، فلما اجتمعوا عنده قال: اللهم هؤلاء خاصتي وأهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
وعن أم سلمة قالت: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندنا منكساً رأسه، فعملت له فاطمة خزيرة، فجاءت ومعها
حسن وحسين، فقال لها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أين زوجك؟ اذهبي فادعيه، فجاءت به فأكلوا، فأخذ كساءً فأداره عليهم، فأمسك طرفه بيده اليسرى ثم رفع يده اليمنى إلى السماء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. أنا حرب لمن حاربتم، سلم لمن سالمتم، عدو لمن عاداكم.
وعن عمرة بنت أفعى قالت سمعت أم سلمة تقول: نزلت هذه الآية في بيتي: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " وفي البيت سبعة: جبريل وميكائيل، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي وفاطمة والحسن والحسين قالت: وأنا على باب البيت، فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: إنك على خير، إنك من أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما قال: إنك من أهل البيت.
قال يعلى بن مرة: خرجت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدعينا إلى طعام، فإذا الحسين يلعب في الطريق، فأسرع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمام القوم، ثم بسط يديه فجعل الحسين يفر مرة ههنا، ومرة ههنا، يضاحكه حتى أخذه، فجعل إحدى يديه في ذقنه، والأخرى بين رأسه وأذنيه، ثم اعتنقه فقبله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حسين مني وأنا منه، أحب الله من أحبه، الحسن والحسين سبطان من الأسباط.
وعن ابن مسعود قال: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد الحسن والحسين يقول: هذان ابناي فمن أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني.
وعن أنس قال: سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي أهل بيتك أحب إليك؟ قال: الحسن والحسين، قال: وكان يقول لفاطمة: ادعي لي بابني، فيشمهما ويضمهما.
قال زيد بن أرقم: كنت عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالساً، فمرت فاطمة عليها السلام، وهي خارجة من
بيتها إلى حجرة نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعها ابناها: الحسن والحسين، وعلي في آثارهم، فنظر إليهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: من أحب هؤلاء فقد أحبني، ومن أبغضهم فقد أبغضني.
قال أبو هريرة: كنت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سوق من أسواق المدينة فانصرف وانصرفت معه فقال: ادع الحسين بن علي، فجاء الحسين بن علي يمشي، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده هكذا فقال الحسين بيده هكذا، فالتزمه فقال: اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه. قال أبو هريرة: فما كان بعد أحد أحب إلي من الحسين بن علي بعدما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قال.
وعن سلمان قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحسن والحسين من أحبهما أحببته، ومن أحببته أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم، ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته، ومن أبغضته أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله نار جهنم، وله عذاب مقيم.
وعن أبي هريرة قال:
كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي، فإذا سجد ركب الحسن والحسين على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما بيده أخذاً رفيقاً، فوضع أحدهما على فخذه والآخر في حجره، فقلت: يا رسول الله، أذهب بهما إلى أمهما؟ قال: لا: فبرقت برقة، فقال: الحقا بأمكما، فلم يزالا في ضوء تلك البرقة حتى لحقا بأمهما.
وعن شداد بن الهاد قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر وهو حامل حسناً أو حسيناً، فتقدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضعه، ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها قال: رفعت رأسي، فإذا الصبي على ظهر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ساجد، فرجعت في سجودي، فلما قضى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة، قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك، قال: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.
وعن بريدة قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطبنا، فجاء الحسين والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله ورسوله " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.
وعن عمر قال: رأيت الحسن والحسين على عاتقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: نعم الفرس تحتكما، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ونعم الفارسان هما.
وعن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على علي وفاطمة والحسن والحسين فاضطجع معهم، فاستسقى الحسن فقام إلى لقوح فحلبها، فاستسقى الحسين فقال: يا بني استسقى أخوك قبلك نسقيه ثم نسقيك، قالت فاطمة: كأنه أحبهما إليك يا رسول الله، قال: ما هو بأحبهما إلي: إني وأنت وهما وهذا المضطجع في مكان واحد يوم القيامة.
وفي حديث آخر: في مكان واحد في الجنة.
وعن علي قال: قعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موضع الجنائز، وأنا معه، فطلع الحسن والحسين، فاعتركا، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إيها حسن خذ حسيناً، فقال علي: يا رسول الله، أعلى حسين تواليه وهو أكبرهما؟ فقال: هذا جبريل يقول: إيها حسين.
وعن البراء بن عازب قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحسن أو الحسين هذا مني وأنا منه، وهو يحرم عليه ما يحرم علي.
وعن أم سلمة قالت: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى صرحة هذا المسجد فقال: ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا حائض إلا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ألا قد بينت لكم الأسماء أن تضلوا.
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري: قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلي بن أبي طالب: سلام عليك يا أبا الريحانتين من الدنيا، فعن قليل ينهد ركناك، والله خليفتي عليك.
فلما قبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: هذا أحد الركنين اللذين قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما ماتت فاطمة قال: هذا الركن الآخر الذي قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث آخر: سلام عليك أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتي من الدنيا.
وعن عبد الله قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خير رجالكم علي بن أبي طالب وخير شبابكم الحسن والحسين، وخير نسائكم فاطمة بنت محمد.
وعن علي قال: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين خرج لمباهلة النصارى بي وبفاطمة والحسن والحسين.
وعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأذني، وإلا فصمتا، وهو يقول: أنا شجرة، وفاطمة حملها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، والمحبون أهل البيت ورقها من الجنة حقاً حقاً.
وعن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: لا تسألوني قبل أن تشوب الأحاديث الأباطيل. قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أنا الشجرة، وفاطمة أصلها، أو فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها، فالشجرة أصلها في عدن والأصل والفرع واللقاح والورق والثمر في الجنة.
وعن علي قال:
شكوت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حسد الناس إياي، فقال: يا علي إن أول أربعة يدخلون الجنة: أنا وأنت والحسن والحسين، وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، قال: قلت: يا رسول الله فأين شيعتنا؟ قال: شيعتكم من ورائكم.
وعن أبي هريرة قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمص لسان الحسين بن علي كما يمص الصبي التمرة.
وعن أنس بن مالك قال: جاءت فاطمة ومعها الحسن والحسين إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المرض الذي قبض فيه، فانكبت عليه فاطمة وألصقت صدرها بصدره وجعلت تبكي، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مه يا فاطمة، ونهاها عن البكاء، فانطلقت إلى البيت، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يستعبر الدموع: اللهم أهل بيتي، وأنا مستودعهم كل مؤمن، ثلاث مرات.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله، علي حب الله، الحسن والحسين صفوة الله، فاطمة أمة الله، على باغضهم لعنة الله.
أنكر الخطيب هذا الحديث بهذا الإسناد.
وعن فاطمة: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتاها يوماً فقال: أين ابناي؟ يعني حسناً وحسيناً، فقالت: أصبحنا وليس في بيتنا شيء يذوقه ذائق، فقال علي: أذهب بهما فإني أتخوف أن يبكيا عليك، وليس عندك شيء، فذهب إلى فلان اليهودي، فتوجه إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوجدهما يلعبان في شربة، بين أيديهما فضل من تمر، فقال: يا علي ألا قلبت ابني قبل أن يشتد
عليهما الحر؟ فقال علي: أصبحنا وليس في بيتنا شيء، فلو جلست حتى أجمع لفاطمة تمرات، فجلس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي ينزع لليهودي دلواً بتمرة، حتى اجتمع له شيء من تمر، فجعله في حجرته ثم أقبل، فحمل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدهما، وعلي الآخر حتى قلبهما.
قال يزيد بن أبي زياد: خرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة فسمع حسيناً يبكي فقال: ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني.
وعن حبشي بن جادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله تعالى اصطفى العرب من جميع الناس، واصطفى قريشاً من العرب، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من قريش، واختارني في نفر من أهل بيتي: علي وحمزة وجعفر والحسن والحسين.
وعن عبد الله بن عمر قال: كان على الحسن والحسين تعويذان فيهما من زغب جناح جبريل عليه السلام.
وعن ربيعة السعدي قال: لما اختلف الناس في التفضيل، رحلت راحلتي وأخذت زادي وخرجت حتى دخلت المدينة، فدخلت على حذيفة بن اليمان، فقال لي: من الرجل؟ قلت: من أهل العراق، فقال لي: من أي العراق؟ قال: قلت: رجل من أهل الكوفة. قال: مرحباً بكم يا أهل الكوفة. قال: قلت اختلف الناس علينا في التفضيل، فجئت لأسألك عن ذلك.
فقال لي: على الخبير سقطت. أما إني لا أحدثك إلا بما سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي.
خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأني أنظر إليه، كما أنظر إليك الساعة حامل الحسين بن علي على عاتقه، كأني أنظر إلى كفه الطيبة واضعها على قدمه يلصقها بصدره فقال: يا أيها الناس، لأعرفن ما اختلفتم في الخيار بعدي، هذا الحسين بن علي خير الناس جداً، وخير الناس جدة، جده محمد رسول الله سيد النبيين، وجدته خديجة بنة خويلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله، هذا الحسين بن علي خير الناس أباً وخير الناس أماً، أبوه
علي بن أبي طالب أخو رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووزيره وابن عمه وسابق رجال العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله، وأمه فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين. هذا الحسين بن علي خير الناس عماً، وخير الناس عمة، عمه جعفر بن أبي طالب المزين بالجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء، وعمته أم هانئ بنت أبي طالب. هذا الحسين بن علي خير الناس خالاً، وخير الناس خالة. خاله: القاسم بن محمد رسول الله، وخالته زينب بنت محمد رسول الله، ثم وضعه عن عاتقه، فدرج بين يديه وحبا.
ثم قال: يا أيها الناس، هذا الحسين بن علي: جده وجدته في الجنة، وأبوه وأمه في الجنة، وعمه وعمته في الجنة، وخاله وخالته في الجنة، وهو وأخوه في الجنة، إنه لم يؤت أحد من ذرية النبيين ما أوتي الحسين بن علي ما خلا يوسف بن يعقوب.
وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن فاطمة أحصنت فرجها، فحرمها الله وذريتها على النار.
وعن مجاهد قال: جاء رجل إلى الحسن والحسين فسألهما فقالا: إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لحاجة مجحفة، أو لحمالة مثقلة، أو دين فادح، فأعطياه، ثم أتى ابن عمر فأعطاه ولم يسأله عن شيء فقال: أتيت ابني عمرك فهما أصغر سناً منك فسألاني وقالا لي، وأنت لم تسألني عن شيءٍ، قال: ابنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنهما كانا يغران العلم غرا.
قال يحيى بن سعيد: أمر عمر حسين بن علي أن يأتيه في بعض الحاجة، فقال حسين، فلقيه عبد الله بن عمر فقال له حسين: من أين جئت؟ قال: قد استأذنت على عمر فلم يؤذن لي؛ فرجع حسين، فلقيه عمر فقال له: ما منعك يا حسين أن تأتيني؟ قال: قد أتيتك، ولكن أخبرني عبد الله بن عمر أنه لم يؤذن له عليك فرجعت، فقال عمر: وأنت عندي مثله؟! وأنت عندي مثله؟! وهل أنبت الشعر على الرأس غيركم؟
وعن حسين بن علي قال: صعدت إلى عمر وهو على المنبر، فقلت: انزل عن منبر أبي، واذهب إلى منبر أبيك، فقال: من علمك هذا؟ قلت: ما علمنيه أحد، قال: منبر أبيك والله، منبر أبيك والله، وهل أنبت على رؤوسنا الشعر إلا أنتم، جعلت تأتينا، وجعلت تغشانا.
وعن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي: أن عمر بن الخطاب لما دون الديوان وفرض العطاء، ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما مع أهل بدر، لقرابتهما برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففرض لكل واحد منهما خمسة آلاف.
حدث جعفر بن محمد عن أبيه قال: قدم على عمر حلل من اليمن فكسا الناس، فراحوا في الحلل وهو بين القبر والمنبر جالس، والناس يأتونه فيسلمون عليه ويدعون، فخرج الحسن والحسين ابنا علي من بيت أمهما فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يتخطيان الناس، وكان بيت فاطمة في جوف المسجد ليس عليهما من تلك الحلل شيء، وعمر قاطبٌ صار بين عينيه، ثم قال: والله ما هناني ما كسوتكم، قالوا: لم يا أمير المؤمنين؟ كسوت رعيتك وأحسنت، قال: من أجل الغلامين، يتخطيان الناس ليس عليهما منها شيء، كبرت عنهما، وصغرا عنها.
ثم كتب إلى صاحب اليمن أن ابعث إلي بحلتين لحسن وحسين وعجل، فبعث إليه بحلتين فكساهما.
قال مسافع بن شيبة: عرض حسين بن علي لمعاوية بالردم، ومعاوية على راحلته فكلمه بكلام شديد، فسكت عنه معاوية، فقال له يزيدك يجترئ عليك هذا، يكلمك بمثل هذا، فقال: دعه، فقد أقتلته، يريد أني كلم بهذا الكلام سواي فلا يحتلمه له.
قال مسافع بن شيبة: حج معاوية، فلما كان عند الردم أخذ حسين بخطامه فأناخ به ثم ساره طويلاً، ثم انصرف، وزجر معاوية راحلته فسار، فقال عمرو بن عثمان: ينبح بك الحسين وتكف عنه
وهو ابن أبي طالب؟ فقال معاوية: دعني من علي، فوالله ما فارقني حتى خفت أن يقتلني، ولو قتلني لما أفلحتم، وإن لكم من بني هاشم ليوماً.
وعن علي أنه قال: إن ابني هذا سيخرج من هذا الأمر، وأشبه أهلي بي الحسين.
وعن المسيب بن نجبة قال: قال علي: ألا أحدثكم عن خاصة نفسي وأهل بيتي؟ قلنا: بلى. قال: أما حسن فصاحب جفنة وخوان، وفتى من الفتيان، ولو قد التقت حلقتا البطان لم يغن عنكم في الحرب حثالة عصفور، وأما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو وباطل، ولا يغرنكم ابنا عباس، وأما أنا وحسين فإنا منكم وأنتم منا، والله لقد خشيت أن يدال هؤلاء القوم عليكم بصلاحهم في أرضهم، وفسادكم في أرضكم، وبأدائهم الأمانة وخيانتكم، وطواعيتهم إمامهم ومعصيتكم له، واجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم حتى تطول دولتهم، حتى لا يدعوا لله محرماً إلا استحلوه، ولا يبقى بيت مدر، ولا وبر إلا دخله ظلمهم، وحتى يكون أحدكم تابعاً لهم، وحتى تكون نصرة أحدكم منهم كنصرة العبد من سيده: إذا شهد أطاعه، وإذا غاب عنه سبه، وحتى يكون أعظمهم فيها غناء أحسنكم بالله ظنا، وإن أتاكم الله بعافية فاقبلوا، وإن ابتليتم فاصبروا فإن العاقبة للمتقين.
كان الحسن يقول للحسين: أي أخ! والله لوددت أن لي بعض شدة قلبك، فيقول له الحسين: وأنا والله وددت أن لي بعض ما بسط لك من لسانك.
قال مدرك بن عمارة:
رأيت ابن عباس آخذاً بركاب الحسن والحسين فقيل له: أتأخذ بركابهما وأنت أسن منهما؟ فقال: إن هذين ابنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أوليس من سعادتي أن آخذ بركابيهما؟ قال أبو المهزم: كنا مع جنازة امرأة ومعنا أبو هريرة، فجيء بجنازة رجل فجعله بينه وبين المرأة، فصلى عليها، فلما أقبلنا أعيا الحسين فقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه، فقال الحسين: يا أبا هريرة وأنت تفعل هذا؟! قال أبو هريرة: دعني، فوالله لو يعلم الناس منك ما أعلم، لحملوك على رقابهم.
حدث جعفر بن محمد عن أبيه: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بايع الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر وهم صغار لم يبلغوا، قال: ولم يبايع صغيراً إلا منا.
وحدث عن أبيه أيضاً: أن الحسين بن علي حج ماشياً خمساً وعشرين حجة ونجائبه تقاد معه.
وقد روي ذلك عن الحسن بن علي وتقدم في ترجمته.
وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: مر الحسن بمساكين يأكلون في الصفة فقالوا: الغداء، فنزل وقال: إن الله لا يحب المتكبرين، فتغدى ثم قال لهم: قد أجبتكم فأجيبوني، قالوا: نعم، فمضى بهم إلى منزله، فقال للرباب: أخرجي ما كنت تدخرين.
قال أبو الحسن المدائني: جرى بين الحسن بن علي وأخيه الحسين كلام حتى تهاجرا، فلما أتى على الحسن ثلاثة أيام تأثم من هجر أخيه، فأقبل إلى الحسين وهو جالس فأكب على رأسه فقبله، فلما جلس الحسن قال له الحسين: إن الذي منعني من ابتدائك والقيام إليك أنك أحق بالفضل مني، فكرهت أن أنازعك ما أنت أحق به.
قال ابن عون: كتب الحسن إلى الحسين يعيب عليه إعطاء الشعراء، قال: فكتب إليه: إن خير المال ما وقى العرض.
قال الأسود بن قيس العبدي: قيل لمحمد بن بشير الحضرمي: قد أسر ابنك بثغر الري. قال: عند الله أحتسبه ونفسي، ما كنت أحب أن يؤسر، ولا أن أبقى بعده. فسمع قوله الحسين، فقال له: رحمك الله، أنت في حل من بيعتي، فاعمل في فكاك ابنك. قال: أكلتني السباع حياً إن
فارقتك. قال: فأعط ابنك هذه الأثواب البرود يستعن بها في فداء أخيه، فأعطاه خمسةً أيام قيمتها ألف دينار.
قال أبو عون: لما خرج الحسين بن علي من المدينة يريد مكة، مر بابن مطيع وهو يحفر بئره فقال له: أين فداك أبي وأمي؟ قال: أردت مكة. قال: وذكر له أنه كتب إليه شيعته بها، فقال له ابن مطيع: إني فداك أبي وأمي، متعنا بنفسك ولا تسر إليهم، فأبى حسين، فقال له ابن مطيع: إن بئري هذه قد رشحتها، وهذا اليوم أوار، ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء، فلو دعوت الله لنا فيها بالبركة، قال: هات من مائها، فأتى من مائها في الدلو، فشرب منه ثم تمضمض ثم رده في البئر فأعذب وأمري.
وعن عكرمة عن ابن عباس: بينما هو يحدث الناس، إذ قام إليه نافع بن الأزرق فقال له: يا بن عباس تفتي الناس في النملة والقملة، صف لي إلهك الذي تعبد، فأطرق ابن عباس إعظاماً لقوله، وكان الحسين بن علي جالساً ناحية، فقال: إلي يا بن الأزرق، قال: لست إياك أسأل.
قال ابن عباس: يا بن الأزرق إنه من أهل بيت النبوة، وهم ورثة العلم، فأقبل نافع نحو الحسين، فقال له الحسين: يا نافع، إن من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في التباس، سائلاً ناكباً عن المنهاج طاعناً بالاعوجاج، ضالاً عن السبيل، قائلاً غير الجميل، يا بن الأزرق: أصف إلهي بما وصف به نفسه، وأعرفه بما عرف به نفسه، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، قريب غير ملتصق، بعيد غير منتقص، يوحد ولا يبعض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال.
فبكى ابن الأزرق وقال: يا حسين ما أحسن كلامك! قال له الحسين: بلغني أنك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعلي. قال ابن الأزرق: أما والله يا حسين، لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام، ونجوم الأحكام.
فقال له الحسين: إني سائلك عن مسألة، قال: سل. فسأله عن هذه الآية: " وأما
الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة ". يا بن الأزرق من حفظ في الغلامين؟ قال ابن الأزرق: أبوهما. قال الحسين: فأبوهما خير أم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال ابن الأزرق: قد أنبأ الله تعالى أنكم قوم خصمون.
وعن الحسين بن علي قال:
من أحبنا لله وردنا نحن وهو على نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هكذا، وضم أصبعيه، ومن أحبنا للدنيا، فإن الدنيا تسع البر والفاجر.
قال الذيال بن حرمة: خرج سائل يتخطى أزقة المدينة، حتى أتى باب الحسين بن علي، فقرع الباب وأنشد يقول: من المنسرح
لم يخب اليوم من رجاك ومن ... حرّك من خلف بابك الحلقه
وأنت جودٌ، وأنت معدنه ... أبوك ما كان قاتل الفسقه
قال: وكان الحسين بن علي واقفاً يصلي، فخفف من صلاته وخرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر ضر وفاقة، فرجع ونادى بقنبر فأجابه: لبيك يا بن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ما تبقى معك من نفقتنا؟ قال: مئتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك، قال: فهاتها، فقد أتى من هو أحق بها منهم، فأخذها وخرج فدفعها إلى الأعرابي، وأنشأ يقول: من المنسرح
خذها فإني إليك معتذرٌ ... واعلم بأني عليك ذو شفقه
لو كان في سيرنا عصا تمد إذاً ... كانت سمانا عليك مندفقه
لكنّ ريب المنون ذو نكدٍ ... والكفّ منّا قليلة النّفقه
قال: فأخذها الأعرابي وولى وهو يقول: من البسيط
مطهّرون، نقيّاتٌ جيوبهم ... تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
فأنتم أنتم الأعلون، عندكم ... علم الكتاب وما جاءت به السور
من لم يكن علويّاً حين تنسبه ... فماله في جميع الناس مفتخر
ومن شعر سيدنا الحسين بن علي عليه السلام: من السريع
اغن عن المخلوق بالخالق ... تغن عن الكاذب والصادق
واسترزق الرحمن من فضله ... فليس غير الله من رازق
من ظنّ أنّ الناس يغنونه ... فليس بالرحمن بالواثق
أوظنّ أنّ المال من كسبه ... زلّت به النعلان من حالق
ومن شعره أيضاً: من الخفيف.
كلّما زيد صاحب المال مالاً ... زيد في همّه وفي الاشتغال
قد عرفناك يا منغّصة العي ... ش ويا دار كلّ فانٍ وبال
ليس يصفوا لزاهد طلب الزهد ... إذا كان مثقلاً بالعيال
قال إسحاق بن إبراهيم: بلغني أن الحسين بن علي أتى مقابر الشهداء بالبقيع فطاف بها وقال: من الكامل
ناديت سكّان القبور فأسكتوا ... وأجابني عن صمتهم ندب الجثى
قالت: أتدري ما صنعت بساكنيّ ... مزقت ألحمهم وخرّقت الكسا
وحشوت أعينهم تراباً بعدما ... كانت تأذّى باليسير من القذى
أما العظام فإنني فرّقتها ... حتى تباينت المفاصل والشّوى
قطّعت ذا من ذا ومن هذا كذا ... فتركتها رمماً يطول بها البلى
ومن شعر الحسين بن علي عليهما السلام: من الطويل
لئن كانت الدنيا تعدّ نفيسةً ... فدار ثواب الله أعلى وأنبل
وإن كانت الأبدان للموت أنشئت ... فقتلٌ، سبيل الله، بالسيف أفضل
وإن كانت الأرزاق شيئاً مقدّراً ... فقلّة سعي المرء في الكسب أجمل
وإن كانت الأموال للتّرك جمّعت ... فما بال متروكٍ به المرء يبخل
وكان الحسين بن علي يوم الجمل على الميسرة.
حدث عبد الله بني يحيى عن أبيه: أنه سافر مع علي بن أبي طالب وكان صاحب مطهرته، فلما حاذوا بنينوى، وهو منطلق إلى صفين، نادى علي: صبراً أبا عبد الله، صبراً أبا عبد الله بشط الفرات، قلت: ومن ذا أبو عبد الله؟ قال: دخلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعيناه تفيضان، فقلت: يا نبي الله أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات، وقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قال: قلت: نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم يسعني أملك عيني أن فاضتا.
قال أبو أمامة: قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنسائه:
لا تبكوا هذا الصبي، يعني حسيناً، قال: فكان يوم أم سلمة، فنزل جبريل فدخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الداخل، وقال لأم سلمة: لا تدعي أحداً يدخل علي، فجاء الحسين، فلما نظر إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في البيت أراد أن يدخل، فأخذته أم سلمة فاحتضنته وجعلت تناغيه وتسكته، فلما اشتد في البكاء خلت عنه، فدخل حتى جلس في حجر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال جبريل للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أمتك ستقتل ابنك هذا، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يقتلونه وهم مؤمنون بي؟ قال: نعم، يقتلونه، فتناول جبريل تربة فقال: بمكان كذا وكذا.
فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد احتضن حسيناً كاسف البال، مهموماً، فظنت أم سلمة أنه غضب من دخول الصبي عليه، فقالت: يا نبي الله، جعلت لك الفداء، إنك قلت لنا:
لا تبكوا هذا الصبي، وأمرتني أن لا أدع أحداً يدخل عليك، فجاء فخليت عنه، فلم يرد عليها.
فخرج إلى أصحابه وهم جلسو فقال لهم: إن أمتي يقتلون هذا، ففي القوم أبو بكر وعمر وكانا أجرأ القوم عليه، فقالا: يا نبي الله، يقتلونه وهم مؤمنون؟ قال: نعم، هذه تربته، فأراهم إياها.
وعن أم سلمة قالت: كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتي، فنزل جبريل فقال: يا محمد! إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك، وأومأ بيده إلى الحسين، فبكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضمه إلى صدره، ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وديعة عندك هذه التربة، فشمها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: ريح كرب وبلاء، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن ابني قد قتل، قال: فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم، يعني، وتقول: إن يوماً تحولين دماً ليوم عظيم.
قالت أم سلمة: دخل الحسين على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففزع، فقالت أم سلمة: مالك يا رسول الله؟ قال: إن جبريل أخبرني أن ابني هذا يقتل، وإنه اشتد غضب الله عل من يقتله.
وفي حديث آخر بالمعنى الأول: وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها، فأراه إياه، فإذا الأرض يقال لها كربلاء.
وفي حديث آخر بالمعنى قال: فضرب بجناحه فأتاني بهذه التربة قالت: وإذا في يده تربة حمراء وهو يبكي ويقول: يا ليت شعري، من يقتلك بعدي؟ وفي حديث آخر: وقيل: اسمها كربلاء، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كرب وبلاء.
وعن محمد بن صالح: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أخبره جبريل أن أمته ستقتل حسين بن علي، فقال: يا جبريل أفلا أراجع فيه، قال: لا؛ لأنه أمر قد كتبه الله.
وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يقتل الحسين على رأس ستين من مهاجرتي.
قال أبو عبد الله الضبي: دخلنا على ابن هرثم الضبي حين أقبل من صفين، وهو مع علي، وهو جالس على دكان له، وله امرأة يقال لها: جرداء، هي أشد حباً لعلي وأشد لقوله تصديقاً، فجاءت شاة له فبعرت فقال: لقد ذكرني بعر هذه الشاة حديثاً لعلي، قالوا: وما علم علي بهذا؟ قال: أقبلنا مرجعنا من صفين، فنزلنا كربلاء، فصلى بنا علي صلاة الفجر بين شجرات ودوحات حرمل، ثم أخذ كفاً من بعر الغزلان فشمه، ثم قال: أوه أوه، يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنة بغير حساب، قال: قالت جرداء: وما تنكر من هذا؟ هو أعلم بما قال منك، نادت بذلك وهي في جوف البيت.
قال عمار الدهني: مر علي على كعب فقال: يخرج من ولد هذا رجل، يقتل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمر حسن فقالوا: هذا هو يا أبا إسحاق، قال: لا. فمر حسين فقالوا: هذا هو. قال: نعم.
حدث العلاء بن أبي عائشة عن أبيه عن رأس الحالوب قال: كنا نسمع أنه يقتل بكربلاء ابن نبي، فكنت إذا دخلتها ركضت فرسي حتى أجوز عنها، فلما قتل حسين جعلت أسير بعد ذلك على هينتي.
حدث الشعبي عن ابن عمر:
أنه كان بماله، فبلغه أن الحسين بن علي قد توجه إلى العراق، فلحقه على مسيرة ثلاث ليال فقال له: أين تريد؟ فقال: العراق. وإذا معه طوامير كتب، فقال: هذه كتبهم وبيعتهم فقال: لا تأتهم، فأبى، قال: إني محدثك حديثاً: إن جبريل أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخيره
بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنكم بضعة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله لا يليها أحد منكم أبداً، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير، فأبى أن يرجع، قال: فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال: أستودعك الله من قتيل.
وعن سعيد بن مثنى: أن عبد الله بن عمر قال: عجل حسين قدره، عجل حسين قدره، والله لو أدركته ما كان ليخرج إلا أن يغلبني، ببني هاشم فتح، وببني هاشم ختم، فإذا رأيت الهاشمي قد ملك فقد ذهب الزمان.
قال أبو سعيد المقبري: والله لرأيت الحسين وإنه ليمشي بين رجلين، يعتمد على هذا مرة وعلى هذا مرة وعلى هذا أخرى حتى دخل مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: من الخفيف
لا ذعرت السّوام في غبش الصب ... ح مغيراً ولا دعيت يزيدا
يوم أعطي مخافة الموت ضيماً ... والمنايا يرصدنني أن أحيدا
قال: فعلمت عند ذلك أن لا يلبث إلا قليلاً حتى يخرج، فما لبث أن خرج حتى لحق بمكة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=89598&book=5574#43bdbe
الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس روى عن عكرمة وكريب روى عنه الثوري وابن إسحاق وشريك وأبو أويس سمعت أبي يقول ذلك.
حدثنا عبد الرحمن أنا علي بن أبي طاهر فيما كتب إلى [نا الأثرم - ] قال سمعت أبا عبد الله وذكر له حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس فقال: له أشياء منكرة.
حدثنا عبد الرحمن أنا ابن أبي خيثمة [فيما كتاب إلى - ] قال سئل ( ك) يحيى بن معين عن الحسين بن عبد الله الذي يحدث عن عكرمة فقال: هو ضعيف.
حدثنا عبد الرحمن أنا يعقوب بن إسحاق [الهروي - ] فيما كتب إلى ثنا عثمان بن سعيد [الدارمي - ] قال سألت يحيى [ابن معين - ] عن
حسين بن عبد الله الذي يروي عنه ابن جريج هو الحسين بن عبد الله الذي يروي عنه ابن إسحاق؟ قال: هو هو.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال قال على ابن المديني: تركت حديث الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس.
حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبي عن الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس فقال: هو ضعيف الحديث وهو أحب إلى من حسين ابن قيس الرحبي يكتب حديثه ولا يحتج به.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: الحسين بن عبد الله ليس بقوي.
حدثنا عبد الرحمن أنا علي بن أبي طاهر فيما كتب إلى [نا الأثرم - ] قال سمعت أبا عبد الله وذكر له حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس فقال: له أشياء منكرة.
حدثنا عبد الرحمن أنا ابن أبي خيثمة [فيما كتاب إلى - ] قال سئل ( ك) يحيى بن معين عن الحسين بن عبد الله الذي يحدث عن عكرمة فقال: هو ضعيف.
حدثنا عبد الرحمن أنا يعقوب بن إسحاق [الهروي - ] فيما كتب إلى ثنا عثمان بن سعيد [الدارمي - ] قال سألت يحيى [ابن معين - ] عن
حسين بن عبد الله الذي يروي عنه ابن جريج هو الحسين بن عبد الله الذي يروي عنه ابن إسحاق؟ قال: هو هو.
حدثنا عبد الرحمن نا أبي قال قال على ابن المديني: تركت حديث الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس.
حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبي عن الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس فقال: هو ضعيف الحديث وهو أحب إلى من حسين ابن قيس الرحبي يكتب حديثه ولا يحتج به.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: الحسين بن عبد الله ليس بقوي.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132772&book=5574#03a98e
الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بن سعيد بن أبان، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الضبي الْقَاضِي المحاملي :
سمع يوسف بن مُوسَى الْقَطَّان، وأبا هشام الرفاعي، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الدورقي، والحسن بْن الصَّبَّاح البزار، وعمرو بن عَلِيّ الفلاس، ومحمد بن المثنّى العنبريّ، وأبا الأشعث العجلي، وإسحاق بن بهلول التنوخي، وحفص بن عمرو الربالي، والحسن بن خلف، والحسن بن شاذان الواسطي، وإسحاق بن حاتم المدائني، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن يونس السراج، وأبا حذافة السهمي، والفضل بن سهل الأعرج، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إشكاب، ومحمد بن عَمْرِو بْنِ أَبِي مذعور، ومحمد بن إِسْمَاعِيل المحاربي، وزياد بن أَيُّوبَ، وخلقا من هذه الطبقة ومن بعدها. روى عنه دعلج بن أَحْمَد، ومحمد بن عمر الجعابي، ومحمد بن المظفر، وأبو الفضل الزهري، وأَبُو بَكْرِ بْنُ شاذان، وأبو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، وأبو حَفْص بْن شاهين، وَأَبُو حَفْص الكتاني، وغيرهم. وَحَدَّثَنَا عنه أَبُو عُمَرَ بْن مَهْدِيٍّ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ
الصلت الأهوازيّ، وأبو الحسن بن متيم. وكان فاضلا صادقا، دينا. وأول سماعه الحديث فِي سنة أربع وأربعين ومائتين وله عشر سنين، وشهد عند القضاة وله عشرون سنة، وولي قضاء الكوفة ستين سنة.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِيّ الصوري قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جميع يَقُولُ:
سمعت الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل المحاملي يَقُولُ: ولدت فِي سنة خمس وثلاثين ومائتين.
قَالَ: ومات فِي سنة ثلاثين وثلاثمائة، وكان ابن مخلد أكبر منه بسنة.
قُلْتُ: وذكر مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الفياض عَنِ المحاملي أنه أخبر أَنَّهُ ولد فِي أول المحرم من سنة خمس وثلاثين.
حَدَّثَنِي الصوري. قَالَ: قَالَ لِي ابن جميع: كَانَ عند المحاملي سبعون رجلا من أصحاب ابن عيينة.
أخبرني الأزهري، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيم بن شاذان، عَنْ أَبِي عبيد المحاملي.
قَالَ: قَالَ الشاعر بن حجاج يوما لأخي: ما اسمك؟ قَالَ: حسين، قَالَ: زادني اسمك لك حبا- أو قَالَ قربا-.
ذكر حمزة بن مُحَمَّدِ بْنِ طاهر أَنَّهُ سمع أبا حفص بن شاهين يَقُولُ: حضر معنا محمّد بن المظفر يوما مجلس الْقَاضِي أَبِي عَبْد اللَّهِ المحاملي- وذلك بعد رجوعه من سفره إِلَى الشام- فلما أملى المحاملي المجلس التفت إلي ابن المظفر وَقَالَ لِي: يا أبا حفص ما عدمنا من أَبِي مُحَمَّد- يعني ابن صاعد- إِلا عينيه.
قُلْتُ: أراد بذلك أن شيوخ المحاملي هم شيوخ ابن صاعد.
حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْن عُثْمَان قَالَ: سمعت أبا بكر الداودي يَقُولُ: كَانَ يحضر مجلس المحاملي عشرة آلاف رجل.
أَخْبَرَنِي الأزهري قَالَ: ذكر مُحَمَّد بن جَعْفَر النجار عَنْ أَحْمَد بن مُحَمَّد- شيخ لَهُ، قَالَ: اجتمع المبرد، وأحمد بن يَحْيَى- يعني ثعلبا- عند مُحَمَّد بن طاهر أمير بغداد فتناظرا فِي مسألة من أصول النحو عقلية ودققا، وكان الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل المحاملي جالسا. فقالا: إن رأى الْقَاضِي أن يحكم بيننا؟ فَقَالَ: لا يسعني الحكومة بينكما، لأنكما تجاوزتما ما أعرفه، ولا يجوز حكمي إِلا بعد معرفة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمّد العتيقي، حدّثنا أبو الفضل عبيد الله بن عمر الزّهريّ، حَدَّثَنَا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ. قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ عَبْدُونَ
وَهُوَ يَكْتُبُ لِبَدْرٍ، وَعِنْدَهُ جَمْعٌ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ الدَّاوُدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْمَادَرَائِيُّ- فَذَكَرَ قِصَّةَ مُنَاظَرَتِهِ مَعَ الدَّاوُدِيِّ فِي التَّفْضِيلِ إِلَى أَنْ قَالَ-: فَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: وَاللَّهِ مَا نَقْدِرُ نَذْكُرُ مَقَامَاتِ عَلِيٍّ مَعَ هَذِهِ الْعَامَةِ، قُلْتُ: أَنَا وَاللَّهِ أَعْرِفُهَا، مَقَامَهُ بِبَدْرٍ، وَأُحُدٍ، وَالْخَنْدَقِ، ويوم حنين، وَيَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ: فَإِن عرفتها ينفعني أن تقدمه عَلَى أَبِي بَكْرٍ وعمر؟ قُلْتُ: قد عرفتها، ومنه قدمت أبا بكر وعمر عليه. قَالَ: من أين؟ قُلْتُ: أَبُو بَكْر كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى العريش يوم بدر، مقامه مقام الرئيس، والرئيس ينهزم به الجيش، وعلي مقامه مقام مبارز والمبارز لا ينهزم به الجيش، وجعل يذكر فضائله، وأذكر فضائل أبي بكر، قلت: كم تكثر هذه الفضائل؟ لهما حق، ولكن الذين أخذنا عنهم القرآن والسنن أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدموا أبا بكر فقدمناه لتقديمهم، فالتفت أَحْمَد بن خالد وَقَالَ: ما أدري لم فعلوا هذا؟ فقلت: إن لم تدر فأنا أدري، قَالَ: لم فعلوا؟ فقلت: إن السؤدد والرياسة فِي الجاهلية كانتا لا تعدوان منزلين، إما رجل كانت لَهُ عشيرة تحميه، وإما رجل كَانَ لَهُ مال يفضل به، ثم جاء الإسلام فجاء باب الدين، فمات النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس لأبي بكر مال، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ، مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ »
. ولم تكن تيم لها مع عبد مناف ومخزوم تلك الحال، وإذا بطل اليسار الذي به كان رئيس أهل الجاهلية لم يبق إِلا باب الدين، فقدموه له، فأفحم [ابن خالد] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الضّبّيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن الدارقطني قَالَ:
الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْنُ إِسْمَاعِيلَ المحامليّ بن محمّد بن إسماعيل بن سعيد ابن أبان الضّبّيّ- من ضبة- سمعت أبا نصر الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الشاهد يَقُولُ وذكر الْقَاضِي أبا عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل وكان به عالما قديم الصحبة لَهُ، فأثنى عليه بأحسن الثناء وَقَالَ: الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تجر فحمد، وأتمن فحمد، وشهد فحمد، وولي القضاء فحمد، وأفتى فحمد، وحدث فحمد، قَالَ أَبُو الْحَسَن: ولي قضاء الكوفة فحمد آثاره فِي ولايته، وولي قضاء فارس وأعمالها مضافا إِلَى الكوفة فلم يزل عَلَى القضاء إِلَى أن لزم دار السلطان يستعفي قبل سنة عشرين وثلاثمائة. إِلَى أن أجيب إِلَى ذلك. وكان مولده فِي سنة خمس وثلاثين ومائتين. وكانت وفاته في سنة ثلاثين
وثلاثمائة، وعمر داره مجلسا للفقه فِي سنة سبعين ومائتين فلم يزل أهل العلم والنظر يختلفون إليه، ويتناظرون بحضرته فِي كل أسبوع فِي يوم الأربعاء إِلَى أن توفي.
حدثت عَنْ أَبِي الفضل نصر بن أَبِي نصر الطوسي قَالَ: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الإسكاف الفقيه يَقُولُ: كنت ببغداد محتارا فِي أمر أَبِي عَبْد اللَّهِ المحاملي وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي حاتم الرَّازِيّ فكنت أنا أفضل ابن أَبِي حاتم عَلَى المحاملي، فرأيت تلك الليلة فيما يرى النائم كأن قائلا يَقُولُ لِي: استغفر فِي أمر المحاملي فإن اللَّه ليدفع البلاء عَنْ أهل بغداد به. فَلا تستصغر أمره.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أَبِي جَعْفَر قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَن أَحْمَد بْن الفرج بْن مَنْصُور ابن الحجاج يَقُولُ: توفي الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل المحاملي يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الآخر سنة ثلاثين وثلاثمائة.
حدّثني أحمد بن الحسن بن العبّاس الكرخي، أخبرنا عبد الله بن عبد الله الكاتب.
قَالَ: أملى علينا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ المحاملي فِي يوم الأحد لاثني عشر خلون من شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين وثلاثمائة- وهو آخر مجلس أملاه، ومرض أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بعد أن حدث بهذا اليوم أحد عشر يوما، وتوفي يوم الأربعاء قبل المغرب، ودفناه يوم الخميس وقت العصر لثمان بقين من شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين وثلاثمائة.
سمع يوسف بن مُوسَى الْقَطَّان، وأبا هشام الرفاعي، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الدورقي، والحسن بْن الصَّبَّاح البزار، وعمرو بن عَلِيّ الفلاس، ومحمد بن المثنّى العنبريّ، وأبا الأشعث العجلي، وإسحاق بن بهلول التنوخي، وحفص بن عمرو الربالي، والحسن بن خلف، والحسن بن شاذان الواسطي، وإسحاق بن حاتم المدائني، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن يونس السراج، وأبا حذافة السهمي، والفضل بن سهل الأعرج، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إشكاب، ومحمد بن عَمْرِو بْنِ أَبِي مذعور، ومحمد بن إِسْمَاعِيل المحاربي، وزياد بن أَيُّوبَ، وخلقا من هذه الطبقة ومن بعدها. روى عنه دعلج بن أَحْمَد، ومحمد بن عمر الجعابي، ومحمد بن المظفر، وأبو الفضل الزهري، وأَبُو بَكْرِ بْنُ شاذان، وأبو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، وأبو حَفْص بْن شاهين، وَأَبُو حَفْص الكتاني، وغيرهم. وَحَدَّثَنَا عنه أَبُو عُمَرَ بْن مَهْدِيٍّ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ
الصلت الأهوازيّ، وأبو الحسن بن متيم. وكان فاضلا صادقا، دينا. وأول سماعه الحديث فِي سنة أربع وأربعين ومائتين وله عشر سنين، وشهد عند القضاة وله عشرون سنة، وولي قضاء الكوفة ستين سنة.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِيّ الصوري قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جميع يَقُولُ:
سمعت الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل المحاملي يَقُولُ: ولدت فِي سنة خمس وثلاثين ومائتين.
قَالَ: ومات فِي سنة ثلاثين وثلاثمائة، وكان ابن مخلد أكبر منه بسنة.
قُلْتُ: وذكر مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الفياض عَنِ المحاملي أنه أخبر أَنَّهُ ولد فِي أول المحرم من سنة خمس وثلاثين.
حَدَّثَنِي الصوري. قَالَ: قَالَ لِي ابن جميع: كَانَ عند المحاملي سبعون رجلا من أصحاب ابن عيينة.
أخبرني الأزهري، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيم بن شاذان، عَنْ أَبِي عبيد المحاملي.
قَالَ: قَالَ الشاعر بن حجاج يوما لأخي: ما اسمك؟ قَالَ: حسين، قَالَ: زادني اسمك لك حبا- أو قَالَ قربا-.
ذكر حمزة بن مُحَمَّدِ بْنِ طاهر أَنَّهُ سمع أبا حفص بن شاهين يَقُولُ: حضر معنا محمّد بن المظفر يوما مجلس الْقَاضِي أَبِي عَبْد اللَّهِ المحاملي- وذلك بعد رجوعه من سفره إِلَى الشام- فلما أملى المحاملي المجلس التفت إلي ابن المظفر وَقَالَ لِي: يا أبا حفص ما عدمنا من أَبِي مُحَمَّد- يعني ابن صاعد- إِلا عينيه.
قُلْتُ: أراد بذلك أن شيوخ المحاملي هم شيوخ ابن صاعد.
حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْن عُثْمَان قَالَ: سمعت أبا بكر الداودي يَقُولُ: كَانَ يحضر مجلس المحاملي عشرة آلاف رجل.
أَخْبَرَنِي الأزهري قَالَ: ذكر مُحَمَّد بن جَعْفَر النجار عَنْ أَحْمَد بن مُحَمَّد- شيخ لَهُ، قَالَ: اجتمع المبرد، وأحمد بن يَحْيَى- يعني ثعلبا- عند مُحَمَّد بن طاهر أمير بغداد فتناظرا فِي مسألة من أصول النحو عقلية ودققا، وكان الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل المحاملي جالسا. فقالا: إن رأى الْقَاضِي أن يحكم بيننا؟ فَقَالَ: لا يسعني الحكومة بينكما، لأنكما تجاوزتما ما أعرفه، ولا يجوز حكمي إِلا بعد معرفة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمّد العتيقي، حدّثنا أبو الفضل عبيد الله بن عمر الزّهريّ، حَدَّثَنَا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ. قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ عَبْدُونَ
وَهُوَ يَكْتُبُ لِبَدْرٍ، وَعِنْدَهُ جَمْعٌ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ الدَّاوُدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْمَادَرَائِيُّ- فَذَكَرَ قِصَّةَ مُنَاظَرَتِهِ مَعَ الدَّاوُدِيِّ فِي التَّفْضِيلِ إِلَى أَنْ قَالَ-: فَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: وَاللَّهِ مَا نَقْدِرُ نَذْكُرُ مَقَامَاتِ عَلِيٍّ مَعَ هَذِهِ الْعَامَةِ، قُلْتُ: أَنَا وَاللَّهِ أَعْرِفُهَا، مَقَامَهُ بِبَدْرٍ، وَأُحُدٍ، وَالْخَنْدَقِ، ويوم حنين، وَيَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ: فَإِن عرفتها ينفعني أن تقدمه عَلَى أَبِي بَكْرٍ وعمر؟ قُلْتُ: قد عرفتها، ومنه قدمت أبا بكر وعمر عليه. قَالَ: من أين؟ قُلْتُ: أَبُو بَكْر كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى العريش يوم بدر، مقامه مقام الرئيس، والرئيس ينهزم به الجيش، وعلي مقامه مقام مبارز والمبارز لا ينهزم به الجيش، وجعل يذكر فضائله، وأذكر فضائل أبي بكر، قلت: كم تكثر هذه الفضائل؟ لهما حق، ولكن الذين أخذنا عنهم القرآن والسنن أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدموا أبا بكر فقدمناه لتقديمهم، فالتفت أَحْمَد بن خالد وَقَالَ: ما أدري لم فعلوا هذا؟ فقلت: إن لم تدر فأنا أدري، قَالَ: لم فعلوا؟ فقلت: إن السؤدد والرياسة فِي الجاهلية كانتا لا تعدوان منزلين، إما رجل كانت لَهُ عشيرة تحميه، وإما رجل كَانَ لَهُ مال يفضل به، ثم جاء الإسلام فجاء باب الدين، فمات النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس لأبي بكر مال، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ، مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ »
. ولم تكن تيم لها مع عبد مناف ومخزوم تلك الحال، وإذا بطل اليسار الذي به كان رئيس أهل الجاهلية لم يبق إِلا باب الدين، فقدموه له، فأفحم [ابن خالد] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الضّبّيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن الدارقطني قَالَ:
الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْنُ إِسْمَاعِيلَ المحامليّ بن محمّد بن إسماعيل بن سعيد ابن أبان الضّبّيّ- من ضبة- سمعت أبا نصر الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الشاهد يَقُولُ وذكر الْقَاضِي أبا عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل وكان به عالما قديم الصحبة لَهُ، فأثنى عليه بأحسن الثناء وَقَالَ: الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تجر فحمد، وأتمن فحمد، وشهد فحمد، وولي القضاء فحمد، وأفتى فحمد، وحدث فحمد، قَالَ أَبُو الْحَسَن: ولي قضاء الكوفة فحمد آثاره فِي ولايته، وولي قضاء فارس وأعمالها مضافا إِلَى الكوفة فلم يزل عَلَى القضاء إِلَى أن لزم دار السلطان يستعفي قبل سنة عشرين وثلاثمائة. إِلَى أن أجيب إِلَى ذلك. وكان مولده فِي سنة خمس وثلاثين ومائتين. وكانت وفاته في سنة ثلاثين
وثلاثمائة، وعمر داره مجلسا للفقه فِي سنة سبعين ومائتين فلم يزل أهل العلم والنظر يختلفون إليه، ويتناظرون بحضرته فِي كل أسبوع فِي يوم الأربعاء إِلَى أن توفي.
حدثت عَنْ أَبِي الفضل نصر بن أَبِي نصر الطوسي قَالَ: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الإسكاف الفقيه يَقُولُ: كنت ببغداد محتارا فِي أمر أَبِي عَبْد اللَّهِ المحاملي وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي حاتم الرَّازِيّ فكنت أنا أفضل ابن أَبِي حاتم عَلَى المحاملي، فرأيت تلك الليلة فيما يرى النائم كأن قائلا يَقُولُ لِي: استغفر فِي أمر المحاملي فإن اللَّه ليدفع البلاء عَنْ أهل بغداد به. فَلا تستصغر أمره.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أَبِي جَعْفَر قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَن أَحْمَد بْن الفرج بْن مَنْصُور ابن الحجاج يَقُولُ: توفي الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل المحاملي يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الآخر سنة ثلاثين وثلاثمائة.
حدّثني أحمد بن الحسن بن العبّاس الكرخي، أخبرنا عبد الله بن عبد الله الكاتب.
قَالَ: أملى علينا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ المحاملي فِي يوم الأحد لاثني عشر خلون من شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين وثلاثمائة- وهو آخر مجلس أملاه، ومرض أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بعد أن حدث بهذا اليوم أحد عشر يوما، وتوفي يوم الأربعاء قبل المغرب، ودفناه يوم الخميس وقت العصر لثمان بقين من شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين وثلاثمائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=89599&book=5574#a3b2d1
الحسين بن عبد الله بن ضميرة بن أبي ضميرة واسم ابى
ضميرة سعد الحميري من آل ذي يزن المديني روى عن أبيه وعبد الرحمن بن يحيى بن عباد بن خلاد الزرقي روى عنه زيد بن الحباب وشمر بن نمير وابن ( م ) أبي أويس والقعنبي [ويحيى بن الأندلسي - ] .
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد روى عن حسين بن عبد الله بن ضميره ابن أبي ذئب.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سمعت عبد العزيز الأويسي يقول لما خرج إسماعيل بن أبي أويس إلى حسين بن ضميرة فبلغ مالكا فهجره أربعين يوما.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب يقول سألت أحمد بن حنبل عن حسين بن عبد الله بن ضميرة قال: متروك الحديث.
حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد
الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول: الحسين بن ضميرة بن أبي ضميرة ليس بشئ.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول: ترك الناس حديث الحسين بن ضميرة وهو عندي متروك الحديث كذاب.
حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن الحسين بن عبد الله بن ضميرة فقال: ليس بشئ ضعيف الحديث، اضرب على حديثه.
ضميرة سعد الحميري من آل ذي يزن المديني روى عن أبيه وعبد الرحمن بن يحيى بن عباد بن خلاد الزرقي روى عنه زيد بن الحباب وشمر بن نمير وابن ( م ) أبي أويس والقعنبي [ويحيى بن الأندلسي - ] .
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد روى عن حسين بن عبد الله بن ضميره ابن أبي ذئب.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سمعت عبد العزيز الأويسي يقول لما خرج إسماعيل بن أبي أويس إلى حسين بن ضميرة فبلغ مالكا فهجره أربعين يوما.
حدثنا عبد الرحمن نا محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب يقول سألت أحمد بن حنبل عن حسين بن عبد الله بن ضميرة قال: متروك الحديث.
حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد
الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول: الحسين بن ضميرة بن أبي ضميرة ليس بشئ.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول: ترك الناس حديث الحسين بن ضميرة وهو عندي متروك الحديث كذاب.
حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن الحسين بن عبد الله بن ضميرة فقال: ليس بشئ ضعيف الحديث، اضرب على حديثه.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132945&book=5574#0f5c93
الْحُسَيْن بن الوليد، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ القرشي النّيسابوري :
سمع ابن جريج، وابن أَبِي ذئب، ومالك بن أنس، وعبد العزيز بن أَبِي رواد، وعكرمة بن عمار، وهشام بن سعد، وعَبْد اللَّهِ بْن لهيعة، ومسعر بن كدام، وسفيان الثوري، وإبراهيم بن سعد، وإسرائيل بن يونس، وزائدة بن قدامة، وزهير بن معاوية، وشعبة، والحمادين، وإبراهيم بن طهمان، وجرير بن حازم، وإسماعيل بن عياش، وخارجة بن مصعب، وعَبْد اللَّهِ بْن المؤمل المخزومي. روى عنه يَحْيَى بن يَحْيَى، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن يَحْيَى الذهلي.
وقدم بَغْدَاد وحدث بها. فروى عنه من أهلها أَحْمَد بن حنبل، وأحمد بن نصر الخزاعي الشهيد، ومحمد بن حاتم بن ميمون، وكان ثقة فقيها، قارئا للقرآن. قرأ عَلَى عَلِيّ بن حمزة الكسائي، وكان سخيا جوادا. وكان يغزو الترك فِي كل ثلاث سنين، ويحج في كل خمس سنين.
أنبأنا أبو حازم عمر بن أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ العبدوي- بنيسابور- أنبأنا أبو عبد الله
ابن عبد الله البوزجاني، أنبأنا محمّد بن نصر بن سليمان الهرويّ، حدّثنا محمّد بن يزيد، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ- وَرَوَى لَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. قَالَ: وَهُوَ أَوْثَقُ مَنْ بِخُرَاسَانَ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ يَجْزِلُ الْعَطِيَّةَ لِلنَّاسِ، وَكَانَ صَاحِبَ مَالٍ. وَيَقُولُ:
مَنْ تَعَشَّى عِنْدِي فَقَدْ أَكْرَمَنِي. ثُمَّ إِذَا تعشوا أخرج إليهم الصرة. قال:
حدّثنا إبراهيم ابن سَعْدٍ عَنْ بِشْرِ الْحَنَفِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَسُبُّوا أصحابي فإنه يجيء فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَسُبُّونَ أَصْحَابِي فَإِنْ مَرِضُوا فَلا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلا تَشْهَدُوهُمْ، وَلا تُنَاكِحُوهُمْ، وَلا تَوَارَثُوهُمْ، وَلا تُسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ وَلا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ »
. وأنبأنا أبو حازم، أنبأنا مُحَمَّد بن يزيد العدل قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَان يَقُولُ: سمعت مُحَمَّد بن يَحْيَى يَقُولُ: أول ما دخلت عَلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن مهدي سألني عَنِ الْحُسَيْن بن الوليد، ثم بعد ذلك عَنْ يَحْيَى بن يحيى وعن هؤلاء.
أنبأنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصّيرفيّ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أبي قال: حدّثني حسين ابن الوليد النّيسابوري. قال أبي: ثقة.
أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بن أَحْمَد الطَّبَرَانِيّ- إِمْلاءً- قَالَ: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: سمعت أَبِي يَقُولُ: الْحُسَيْن بن الوليد النَّيْسَابُورِيّ ثقة.
أَنْبَأَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله الكاتب، أنبأنا محمد بن حميد المخرمي قال:
حدثنا علي بن الْحُسَيْن بن حيان قَالَ: وجدت فِي كتاب أبي بخط يده. قال: أبو زكريا حسين بن الوليد النَّيْسَابُورِيّ شيخ كَانَ بقطيعة الربيع، كَانَ يقال لَهُ أخو السطيح، وكان ثقة لم أكتب عنه شيئا.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بن أحمد بن يعقوب، أنبأنا مُحَمَّد بن نعيم الضبي قَالَ: قرأت بخط أَبِي عَمْرو المستملي، سمعت مُحَمَّد بن عبد الوهاب يَقُولُ: مات أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن ابن الوليد في سنة اثنتين ومائتين.
أنبأنا ابن الفضل القطّان، أنبأنا عليّ بن إبراهيم المستملي، حدّثنا أبو أحمد بن
فارس، حَدَّثَنَا البخاري قَالَ: حسين بن الوليد أَبُو عَلِيّ النَّيْسَابُورِيّ القرشي مات سنة ثلاث ومائتين.
حرف الهاء من آباء الحسينين
سمع ابن جريج، وابن أَبِي ذئب، ومالك بن أنس، وعبد العزيز بن أَبِي رواد، وعكرمة بن عمار، وهشام بن سعد، وعَبْد اللَّهِ بْن لهيعة، ومسعر بن كدام، وسفيان الثوري، وإبراهيم بن سعد، وإسرائيل بن يونس، وزائدة بن قدامة، وزهير بن معاوية، وشعبة، والحمادين، وإبراهيم بن طهمان، وجرير بن حازم، وإسماعيل بن عياش، وخارجة بن مصعب، وعَبْد اللَّهِ بْن المؤمل المخزومي. روى عنه يَحْيَى بن يَحْيَى، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن يَحْيَى الذهلي.
وقدم بَغْدَاد وحدث بها. فروى عنه من أهلها أَحْمَد بن حنبل، وأحمد بن نصر الخزاعي الشهيد، ومحمد بن حاتم بن ميمون، وكان ثقة فقيها، قارئا للقرآن. قرأ عَلَى عَلِيّ بن حمزة الكسائي، وكان سخيا جوادا. وكان يغزو الترك فِي كل ثلاث سنين، ويحج في كل خمس سنين.
أنبأنا أبو حازم عمر بن أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ العبدوي- بنيسابور- أنبأنا أبو عبد الله
ابن عبد الله البوزجاني، أنبأنا محمّد بن نصر بن سليمان الهرويّ، حدّثنا محمّد بن يزيد، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ- وَرَوَى لَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. قَالَ: وَهُوَ أَوْثَقُ مَنْ بِخُرَاسَانَ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ يَجْزِلُ الْعَطِيَّةَ لِلنَّاسِ، وَكَانَ صَاحِبَ مَالٍ. وَيَقُولُ:
مَنْ تَعَشَّى عِنْدِي فَقَدْ أَكْرَمَنِي. ثُمَّ إِذَا تعشوا أخرج إليهم الصرة. قال:
حدّثنا إبراهيم ابن سَعْدٍ عَنْ بِشْرِ الْحَنَفِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَسُبُّوا أصحابي فإنه يجيء فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَسُبُّونَ أَصْحَابِي فَإِنْ مَرِضُوا فَلا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلا تَشْهَدُوهُمْ، وَلا تُنَاكِحُوهُمْ، وَلا تَوَارَثُوهُمْ، وَلا تُسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ وَلا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ »
. وأنبأنا أبو حازم، أنبأنا مُحَمَّد بن يزيد العدل قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَان يَقُولُ: سمعت مُحَمَّد بن يَحْيَى يَقُولُ: أول ما دخلت عَلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن مهدي سألني عَنِ الْحُسَيْن بن الوليد، ثم بعد ذلك عَنْ يَحْيَى بن يحيى وعن هؤلاء.
أنبأنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصّيرفيّ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أبي قال: حدّثني حسين ابن الوليد النّيسابوري. قال أبي: ثقة.
أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بن أَحْمَد الطَّبَرَانِيّ- إِمْلاءً- قَالَ: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: سمعت أَبِي يَقُولُ: الْحُسَيْن بن الوليد النَّيْسَابُورِيّ ثقة.
أَنْبَأَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله الكاتب، أنبأنا محمد بن حميد المخرمي قال:
حدثنا علي بن الْحُسَيْن بن حيان قَالَ: وجدت فِي كتاب أبي بخط يده. قال: أبو زكريا حسين بن الوليد النَّيْسَابُورِيّ شيخ كَانَ بقطيعة الربيع، كَانَ يقال لَهُ أخو السطيح، وكان ثقة لم أكتب عنه شيئا.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بن أحمد بن يعقوب، أنبأنا مُحَمَّد بن نعيم الضبي قَالَ: قرأت بخط أَبِي عَمْرو المستملي، سمعت مُحَمَّد بن عبد الوهاب يَقُولُ: مات أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن ابن الوليد في سنة اثنتين ومائتين.
أنبأنا ابن الفضل القطّان، أنبأنا عليّ بن إبراهيم المستملي، حدّثنا أبو أحمد بن
فارس، حَدَّثَنَا البخاري قَالَ: حسين بن الوليد أَبُو عَلِيّ النَّيْسَابُورِيّ القرشي مات سنة ثلاث ومائتين.
حرف الهاء من آباء الحسينين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132836&book=5574#2a0a2a
الْحُسَيْن بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شاكر، أَبُو عَلِيّ السمرقندي:
سكن بَغْدَاد وحدث بها عَنْ إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزامي، ومحمد بن مهران الجمال، ومحمد بن رمح المصري وأحمد بن مُحَمَّدِ بْنِ عون القواس الْمُقْرِئ المكي، ومُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن أَبِي عُمَر العَدَني، وأبي حمة مُحَمَّد بن يوسف اليماني، وأحمد ابن حفص بن عَبْد اللَّهِ النَّيْسَابُورِيّ. روى عنه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الباغندي، ومُحَمَّد بن مخلد الدوري، وأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ.
وذكره الدارقطني فقال: ضعيف.
أخبرنا الحسين بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ. قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن إبراهيم، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاكِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَهْرَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْجَمَّالُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مَصَادِ بْنِ عَقْبَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ، رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأخرى.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْن مُحَمَّد أخو الخلال عَن أبي سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي. قَالَ: الْحُسَيْن بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شاكر السمرقندي، كَانَ وراق داود بن عَلِيّ الأصبهاني، وكان فاضلا ثقة، كثير الحديث حسن الرواية.
أَخْبَرَنَا السّمسار، أخبرنا الصّفّار، حدّثنا ابن قانع: أن الحسين بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شاكر مات فِي سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد، حَدَّثَنَا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن الْمُنَادِي وأنا أسمع قَالَ: وتوفي الْحُسَيْن بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شاكر وراق داود بن عَلِيّ الأصبهاني فِي هذه الأيام- يعني فِي شوال- سنة ثلاث وثمانين ومائتين.
سكن بَغْدَاد وحدث بها عَنْ إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزامي، ومحمد بن مهران الجمال، ومحمد بن رمح المصري وأحمد بن مُحَمَّدِ بْنِ عون القواس الْمُقْرِئ المكي، ومُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن أَبِي عُمَر العَدَني، وأبي حمة مُحَمَّد بن يوسف اليماني، وأحمد ابن حفص بن عَبْد اللَّهِ النَّيْسَابُورِيّ. روى عنه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الباغندي، ومُحَمَّد بن مخلد الدوري، وأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ.
وذكره الدارقطني فقال: ضعيف.
أخبرنا الحسين بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ. قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن إبراهيم، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاكِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَهْرَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْجَمَّالُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مَصَادِ بْنِ عَقْبَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ، رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأخرى.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْن مُحَمَّد أخو الخلال عَن أبي سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي. قَالَ: الْحُسَيْن بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شاكر السمرقندي، كَانَ وراق داود بن عَلِيّ الأصبهاني، وكان فاضلا ثقة، كثير الحديث حسن الرواية.
أَخْبَرَنَا السّمسار، أخبرنا الصّفّار، حدّثنا ابن قانع: أن الحسين بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شاكر مات فِي سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد، حَدَّثَنَا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن الْمُنَادِي وأنا أسمع قَالَ: وتوفي الْحُسَيْن بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شاكر وراق داود بن عَلِيّ الأصبهاني فِي هذه الأيام- يعني فِي شوال- سنة ثلاث وثمانين ومائتين.