Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=139325&book=5550#2c70d2
أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بن سلفة، أبو طاهر السلفي :
من أهل أصبهان، محدّث وقته وشيخ زمانه. سمع بأصبهان الرئيس أبا عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي وأبا الحسن مكي بن منصور الكرجي وأبا نصر عبد الرحمن
ابن محمد بن يوسف النضري وأبا العباس أحمد بن أشتة. وسافر إلى بغداد في شبابه وسمع بها أبا الخطاب نصر بن البطر القاري وأبا عبد الله الحسين بن علي بن البسري وأبا المعالي ثابت بن بندار، سافر إلى الحجاز ، وسمع بمكة والمدينة والكوفة وواسط والبصرة وهمذان وزنجان، ومضى إلى الشام، ودخل دمشق وسمع بها كثيرا، ثم إنه دخل ديار مصر وأحيا بها الحديث، وكان حافظا ثقة حجة نبيلا، ختم هذا العلم، وكانت الرحلة إليه من الأقطار، وعمّر حتى ألحق الصغار بالكبار.
وحدّث ببغداد وهو شاب، وسمع منه الحفاظ والأكابر.
أنشدني عبد الرحيم بن يوسف الدمشقي بالقاهرة من ديار مصر، قال: أنشدنا أبو طاهر أَحْمَد بن مُحَمَّد السلفي لنفسه:
إذا بنى فرط تجافيه ... وعذل عذالي معا فيه
دعوا ملامي وانظروا ظرفه ... في طرفه والدر في فيه
ولاحظوا الحسن بألبابكم ... كي تعذروا قلب مصافيه
ثم اعذلوني بعد أن كان ... ما أصابني العقل ينافيه
أنشدني أبو القاسم الصوفي بديار مصر، قال: أنشدنا السلفي لنفسه:
لم تذق عيني مذ أبصرته ... من شقائي طول ليل وسنا
ولها في ذاك عذر واضح ... فهو كالبدر سناء وسنا
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّهَاوِيُّ الحافظ، فيما سألني به وأذن لي في روايته عنه بحرّان قال: شيخنا الحافظ الإمام أبو طاهر السلفي الأصبهاني سمع الحديث بأصبهان من سنة ثمان وثمانين وأربعمائة إلى سنة ثلاث وتسعين، وحج ورجع إلى بغداد فأقام بها إلى سنة خمسمائة، فقرأ الحديث والفقه والنحو واللغة، سمع بقراءته الأئمة كالحافظ يحيى بن مندة والمؤتمن الساجي ومحمد بن منصور السمعاني وأبي نصر الأصبهاني وغيرهم.
سمعته يقول: كنت بالكوفة مريضا، فكان يجعل لي مخادا أستند إليها وأكتب الحديث؛ ثم خرج من بغداد سنة خمسمائة إلى واسط والبصرة ودخل نهاوند ومضى إلى همذان وقزوين وزنجان وساوة، ومضى إلى الري، ثم مضى إلى الدربند، وهو آخر
بلاد الإسلام، ثم صعد إلى دمشق ودخل ديار مصر- كل هذه البلاد يكتب بها الحديث في إحدى عشرة سنة- فلما وصل إلى الإسكندرية رآه كبراؤها وفضلاؤها، فاستحسنوا علمه وأخلاقه وآدابه، فأكرموه، ثم بعث إلى أصبهان فجاء يكتبه إليه.
وسمعته يقول: كنت أسمع الحديث بالحريم، فسمعت ليلة ثم جئت إلى مسجد، فوضعت الكيس الذي فيه الأجزاء تحت رأسي، فوقع عليّ شيء ثقيل يشبه الكابوس، فجعل يكبسني حتى ضاق نفسي، وقال: أتدري أيش صنعت؟ تضع أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت رأسك؟ قال: فقمت فنحيت الكيس، ووضعت تحت رأسي آجرة، وجعلت الكيس في حضني ونمت، وبلغني أنه في هذه المدة التي كان بالإسكندرية- وهي ستون سنة- ما خرج إلى بستان ولا فرجة غير مرة واحدة، بل كان عامة دهره لازما بيته ومدرسته، وما كان ندخل عليه إلا نراه مطالعا في شيء، وكان حليما متحملا لجفاء الغرباء.
سمعت أبا علي الأوقي بالقدس يقول: سمعت شيخنا أبا طاهر السلفي يقول: لي ستون سنة بالإسكندرية: ما رأيت منارتها إلا من هذه الطاقة- وأشار إلى طاقة في غرفة، وكان يجلس فيها.
قال الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي: مولده- شيخنا السلفي الحافظ- بعد السبعين والأربعمائة، ووفاته في ليلة الجمعة الخامس من شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة. وحدّث قبل بلوغ العشرين، وكان قدومه الإسكندرية في سنة إحدى عشرة وخمسمائة، ولم يزل مقصودا للسماع منه والرواية عنه أكثر من ستين سنة، وكتب بخطه شيئا كثيرا، وكان أكثر أصوله بخطه.
سمعته يقول: متى لم يكن أصلي بخطي، لم أفرح به. وكان جيد الضبط، حسن الخط، كثير البحث عما يشكل عليه إلى أن يجرده على ما يصح لديه، رحمة الله عليه.