Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=131304&book=5540#6cfce8
أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن غالب، أَبُو بَكْر الخوارزمي، المعروف بالبرقاني :
سمع ببلده من أبي العبّاس بن حمّاد النيسابوري، ومحمد بْن علي الحساني، وأَحْمَد بْن إبراهيم بْن حباب الخوارزميين.
ثم ورد بغداد فسمع من مُحَمَّد بْن جعفر بْن هيثم البندار، وأبي علي بن الصواف، وأبي بحر بْن كوثر البربهاري، وأبي بكر بن مالك القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وأَحْمَد بْن جعفر بْن سلم، ومن بعدهم.
ثم خرج إلى جرجان فسمع من أبي بكر الإسماعيلي ونحوه، وكتب بأسفرايين عَن بشر بْن أَحْمَد وعدة سواه، وكتب بنيسابور، عَن أَبِي عمرو بْن حَمدان، وأبي أحمد الحافظ، وجماعة غيرهما.
وكتب بهراة عَن أَبِي الفضل بْن خميرويه، وأبي حاتم محمد بن يعقوب، وأبي منصور الأزهري. وكتب بمرو عَن عَبْد اللَّه بْن عمر بْن عليك، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن الصديق، وأبي صخر مُحَمَّد بْن مالك السعدي وسمع في بلاد أخرى من خلق يطول ذكرهم.
ثم عاد إلى بغداد فاستوطنها وحدث بها. فكتبنا عنه وكَانَ ثقة ورعا، متقنا متثبتا فهما، لم ير في شيوخنا أثبت منه، حافظا للقرآن، عارفا بالفقه، له حظ من علم
العربية. كثير الحديث، حسن الفهم له، وَالبصيرة فِيهِ، وصنف مسندا ضمنه ما اشتمل عَلَيْهِ صحيح البخاري ومسلم، وجمع حديث سفيان الثوري، وشعبة، وأيّوب، وعبيد الله بن عمرو، وعبد الملك بْن عمير، وبيان بْن بشر، ومطر الوراق، وغيرهم من الشيوخ. ولم يقطع التصنيف إلى حين وفاته، ومات وهو يجمع حديث مسعر.
وكَانَ حريصا عَلَى العلم منصرف الهمة إليه، وسمعته يوما يقول لرجل من الفقهاء- معروف بالصلاح وقد حضر عنده- ادع اللَّه أن ينزع شهوة الحديث من قلبي. فإن حبه قد غلب علي فليس لي اهتمام بالليل وَالنهار إلا بِهِ، أو نحو هذا من القول. وكنت كثيرا أذاكره بالأحاديث فيكتبها عنى ويضمنها مجموعه.
ولقد حَدَّثَنِي أَبُو الفضل عيسى بْن أَحْمَد الهمذاني، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غالب الخوارزميّ- في سنة عشرين وأربعمائة- قال: حدّثني أحمد بن علي ابن ثابت الخطيب، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّد بْن مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ- بِنَيْسَابُورَ- حدّثنا محمّد بن يعقوب الأصم، حدّثنا محمّد بن إسحاق الصاغاني، حدّثنا أبو يزيد الهرويّ، حَدَّثَنَا شعبة، عَن مُحَمَّد بْن أَبِي النوار قال: سمعت رجلا من بني سليم يقال له خفاف قَالَ: سألت ابْن عمر عَن صوم ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجعتم. قَالَ:
إذا رجعت إلى أهلك. قَالَ أَبُو بَكْر- يعني الصاغاني- لم يرو هذا الحديث إلا أَبُو زيد الهروي.
ثم سمعت أَنَا أبا بكر البرقاني يرويه عنى بعد أن حَدَّثَنِيهِ عيسى عنه، وكَانَ أَبُو بَكْر قد كتبه عنى في سنة تسع عشرة وأربعمائة، وَقَالَ لي: لم أكتب هذا الحديث إلا عنك. وكتب عنى بعد ذلك شيئا كثيرا من حديث التوزي ومسعر وغيرهما، مما كنت أذاكره بِهِ.
سمعت أبا القاسم الأزهري يقول: البرقاني إمام، وإذا مات ذهب هذا الشأن- يَعْنِي الحديث-.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن غانم الحمامي- وكَانَ شيخا صالحا يديم الحضور معنا في مجالس الحديث-. قَالَ: انتقل أَبُو بَكْر البرقاني من الكرخ إلى قرب باب الشعير فسألني أن أشرف عَلَى حمالي كتبه وَقَالَ: إن سئلت عنها في الكرخ فعرفهم أنها دفاتر لئلا يظن أنها إبريسم، وكَانَت ثلاثة وستين سفطا وصندوقين، كل ذلك مملوء كتبا! وَقَالَ لي عيسى بْن أَحْمَد الهمذاني: لم ينظر في كتب البرقاني كلها من أصحاب
الحديث غير أَبِي الحسن النعيمي، فإنه نظر في جميعها وعلق منها.
سألت الأزهري فقلت: هل رأيت في الشيوخ أتقن من البرقاني؟ فقال: لا.
سمعت أبا مُحَمَّد الخلال ذكر البرقاني فقال: كَانَ نسيج وحده.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يحيى الكرماني الفقيه. قَالَ: ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادة من البرقاني.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر البرقاني. قَالَ: دخلت إسفرايين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم واحد فضاعت الدنانير مني وبقي معي الدرهم حسب، فدفعته إلى بقال، وكنت آخذ منه في كل يوم رغيفين، وآخذ من بشر بْن أَحْمَد جزءا من حديثه، وأدخل مسجد الجامع فأكتبه وأنصرف بالعشي وقد فرغت منه، فكتبت في مدة شهر ثلاثين جزءا، ثم نفد ما كَانَ لي عند البقال فخرجت عَنِ البلد.
وَقَالَ لنا أيضا: كَانَ أَبُو بَكْر الإسماعيلي يقرأ لكل واحد ممن يحضره ورقة بلفظه، ثم يقرأ عَلَيْهِ، وكَانَ يقرأ لي ورقتين ويقول للحاضرين: إنما أفضله عليكم لأنه فقيه.
أنشدنا البرقاني لنفسه:
أعلل نفسي بكتب الحدي ... ث وأحمل فيه لها الموعدا
وأشغل نفسي بتصنيفه ... وتدبيجه دائما سرمدا
فطورا أصنفه في الشيو ... خ وطورا أصنفه مسندا
وأقفو البخاريّ فيما نحا ... وصنفه جاهدا مجهدا
ومسلم إذ كَانَ زين الأنا ... م بتصنيفه مسلما مرشدا
ومالي فِيهِ سوى أنني ... أراه هوى صادف المقصدا
وأرجو الثواب بكتب الصلا ... ة عَلَى السيد المصطفى أحمدا
وأسال ربي إله العبا ... د جريا على ما به عودا
سمعت البرقاني يقول: ولدت في آخر سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.
ومات رحمه اللَّه في يوم الأربعاء أول يوم من رجب سنة خمس وعشرين وأربعمائة، ودفن في بكرة غد وهو يوم الخميس، وصلى عَلَيْهِ في جامع المنصور، وحضرت الصلاة عليه، وكان الإمام القاضي أبا علي بْن أَبِي موسى الهاشمي، ودفن في مقبرة الجامع مما يلي باب سكة الخرقي.
وَقَالَ لي مُحَمَّد بْن علي الصوري: دخلت عَلَى البرقاني قبل وفاته بأربعة أيام أعوده فقال لي: هذا اليوم السادس وَالعشرون من جمادى الآخرة، وقد سألت اللَّه تعالى أن يؤخر وفاتي حتى يهل رجب، فقد روى أن لله فِيهِ عتقاء من النار. عسى أن أكون منهم.
قَالَ الصوري: وكَانَ هذا القول يوم السبت، فتوفي صبيحة يوم الأربعاء مستهل رجب.