أبو عمرو الرازى . روى عن ابن عجلان وزيد بن أسلم. هو عندهم مجهول.
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 2074 1564. ابو عمرة الجهني1 1565. ابو عمرو10 1566. ابو عمرو الازدي1 1567. ابو عمرو الاوزاعي1 1568. ابو عمرو الجملي3 1569. ابو عمرو الرازي11570. ابو عمرو السيباني2 1571. ابو عمرو الشيباني6 1572. ابو عمرو الشيباني النحوي1 1573. ابو عمرو العبدي1 1574. ابو عمرو العدوي1 1575. ابو عمرو الموصلي2 1576. ابو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان...2 1577. ابو عمرو بن حريث1 1578. ابو عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله...2 1579. ابو عمرو بن حماس بن عمرو الليثي1 1580. ابو عمرو بن عاصم بن عدي الانصاري المدني...1 1581. ابو عمرو مولى بني امية2 1582. ابو عمرو مولى عائشة ام المؤمنين وخادمها...1 1583. ابو عمير2 1584. ابو عمير بن ابي طلحة الانصاري2 1585. ابو عمير بن انس بن مالك2 1586. ابو عمير بن سريع1 1587. ابو عنان1 1588. ابو عنبة الخولاني7 1589. ابو عنبسة2 1590. ابو عوانة يحيى بن معلى1 1591. ابو عوانه وضاح مولى يزيد1 1592. ابو عوسجة3 1593. ابو عون1 1594. ابو عون الثقفي محمد بن عبيد الله2 1595. ابو عون الزيادي البصري1 1596. ابو عون النمري بشار بن ابراهيم1 1597. ابو عون الهجيمي1 1598. ابو عون بن ابي حازم2 1599. ابو عون بن ابي ركبة3 1600. ابو عون بن ابي عبد الله الانصاري2 1601. ابو عون بن ابي عبيد2 1602. ابو عياش2 1603. ابو عياش الزرقي الانصاري1 1604. ابو عياض6 1605. ابو عيسى6 1606. ابو عيسى الاسواري5 1607. ابو عيسى الحارثي الانصاري2 1608. ابو عيسى الخراساني1 1609. ابو عيسى الدمشقي1 1610. ابو عيسى الناجي3 1611. ابو عيش2 1612. ابو غاضرة الغنوي محمد بن ابي بكر1 1613. ابو غالب4 1614. ابو غالب الباهلي البصرى1 1615. ابو غالب الخراساني1 1616. ابو غالب المكي2 1617. ابو غانم2 1618. ابو غرارة محمد بن عبد الرحمن بن ابى1 1619. ابو غزية الانصاري4 1620. ابو غزية المدني محمد بن موسى1 1621. ابو غسان5 1622. ابو غسان المدني محمد بن مطرف الليثي1 1623. ابو غسان المرادي1 1624. ابو غسان النهدي مالك بن اسماعيل بن زياد...1 1625. ابو غطفان بن طريف المري3 1626. ابو غطيف2 1627. ابو غطيف الهذلي3 1628. ابو غفار المثني بن الطائي1 1629. ابو غلاب يونس بن جبير الباهلي1 1630. ابو غياث البصري1 1631. ابو غياث العتكي1 1632. ابو فاختة سعيد بن علاقة1 1633. ابو فاطمة8 1634. ابو فاطمة الطاحي1 1635. ابو فاطمة الليثي2 1636. ابو فالج الانماري حمصى1 1637. ابو فراس الاسلمي6 1638. ابو فراس النهدي1 1639. ابو فرقد2 1640. ابو فروة10 1641. ابو فروة الزهاوي1 1642. ابو فروة النهدي1 1643. ابو فروة الهمداني الدمشقي1 1644. ابو فروة الهمداني الكوفي1 1645. ابو فروة مولى انس بن مالك1 1646. ابو فريعة السلمي3 1647. ابو فزارة4 1648. ابو فزارة العبسي3 1649. ابو فزارة العنزي2 1650. ابو فضالة الانصاري5 1651. ابو فهر2 1652. ابو فوزة السلمي1 1653. ابو فوزة حدير السلمي1 1654. ابو قابوس2 1655. ابو قبيس1 1656. ابو قبيصة6 1657. ابو قبيصة العنزي2 1658. ابو قبيل حى بن هانئ المعافري1 1659. ابو قتادة6 1660. ابو قتادة الانصاري5 1661. ابو قتادة الحراني1 1662. ابو قتادة الشامي1 1663. ابو قتيبة مسلم بن قتيبة الشعيري1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 2074 1564. ابو عمرة الجهني1 1565. ابو عمرو10 1566. ابو عمرو الازدي1 1567. ابو عمرو الاوزاعي1 1568. ابو عمرو الجملي3 1569. ابو عمرو الرازي11570. ابو عمرو السيباني2 1571. ابو عمرو الشيباني6 1572. ابو عمرو الشيباني النحوي1 1573. ابو عمرو العبدي1 1574. ابو عمرو العدوي1 1575. ابو عمرو الموصلي2 1576. ابو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان...2 1577. ابو عمرو بن حريث1 1578. ابو عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله...2 1579. ابو عمرو بن حماس بن عمرو الليثي1 1580. ابو عمرو بن عاصم بن عدي الانصاري المدني...1 1581. ابو عمرو مولى بني امية2 1582. ابو عمرو مولى عائشة ام المؤمنين وخادمها...1 1583. ابو عمير2 1584. ابو عمير بن ابي طلحة الانصاري2 1585. ابو عمير بن انس بن مالك2 1586. ابو عمير بن سريع1 1587. ابو عنان1 1588. ابو عنبة الخولاني7 1589. ابو عنبسة2 1590. ابو عوانة يحيى بن معلى1 1591. ابو عوانه وضاح مولى يزيد1 1592. ابو عوسجة3 1593. ابو عون1 1594. ابو عون الثقفي محمد بن عبيد الله2 1595. ابو عون الزيادي البصري1 1596. ابو عون النمري بشار بن ابراهيم1 1597. ابو عون الهجيمي1 1598. ابو عون بن ابي حازم2 1599. ابو عون بن ابي ركبة3 1600. ابو عون بن ابي عبد الله الانصاري2 1601. ابو عون بن ابي عبيد2 1602. ابو عياش2 1603. ابو عياش الزرقي الانصاري1 1604. ابو عياض6 1605. ابو عيسى6 1606. ابو عيسى الاسواري5 1607. ابو عيسى الحارثي الانصاري2 1608. ابو عيسى الخراساني1 1609. ابو عيسى الدمشقي1 1610. ابو عيسى الناجي3 1611. ابو عيش2 1612. ابو غاضرة الغنوي محمد بن ابي بكر1 1613. ابو غالب4 1614. ابو غالب الباهلي البصرى1 1615. ابو غالب الخراساني1 1616. ابو غالب المكي2 1617. ابو غانم2 1618. ابو غرارة محمد بن عبد الرحمن بن ابى1 1619. ابو غزية الانصاري4 1620. ابو غزية المدني محمد بن موسى1 1621. ابو غسان5 1622. ابو غسان المدني محمد بن مطرف الليثي1 1623. ابو غسان المرادي1 1624. ابو غسان النهدي مالك بن اسماعيل بن زياد...1 1625. ابو غطفان بن طريف المري3 1626. ابو غطيف2 1627. ابو غطيف الهذلي3 1628. ابو غفار المثني بن الطائي1 1629. ابو غلاب يونس بن جبير الباهلي1 1630. ابو غياث البصري1 1631. ابو غياث العتكي1 1632. ابو فاختة سعيد بن علاقة1 1633. ابو فاطمة8 1634. ابو فاطمة الطاحي1 1635. ابو فاطمة الليثي2 1636. ابو فالج الانماري حمصى1 1637. ابو فراس الاسلمي6 1638. ابو فراس النهدي1 1639. ابو فرقد2 1640. ابو فروة10 1641. ابو فروة الزهاوي1 1642. ابو فروة النهدي1 1643. ابو فروة الهمداني الدمشقي1 1644. ابو فروة الهمداني الكوفي1 1645. ابو فروة مولى انس بن مالك1 1646. ابو فريعة السلمي3 1647. ابو فزارة4 1648. ابو فزارة العبسي3 1649. ابو فزارة العنزي2 1650. ابو فضالة الانصاري5 1651. ابو فهر2 1652. ابو فوزة السلمي1 1653. ابو فوزة حدير السلمي1 1654. ابو قابوس2 1655. ابو قبيس1 1656. ابو قبيصة6 1657. ابو قبيصة العنزي2 1658. ابو قبيل حى بن هانئ المعافري1 1659. ابو قتادة6 1660. ابو قتادة الانصاري5 1661. ابو قتادة الحراني1 1662. ابو قتادة الشامي1 1663. ابو قتيبة مسلم بن قتيبة الشعيري1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn ʿAbd al-Barr (d. 1071 CE) - al-Istighnāʾ fī maʿrifat al-mashhūrīn min ḥamalat al-ʿilm bi-l-kunā - ابن عبد البر - الاستغناء are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=157052&book=5548#7c9487
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ
الإِمَامُ، سَيِّدُ الحُفَّاظِ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ يَزِيْدَ بنِ فَرُّوْخٍ: مُحَدِّثُ الرَّيِّ.
وَدُخُوْلُ (الزَّاي) فِي نِسْبَتِهِ غَيْرُ مَقِيْسٍ، كَالمَرْوَزِيِّ.
مَوْلِدُهُ: بَعْدَ نَيِّفٍ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَطِيَّةَ بنِ نَجِيْحٍ، وَهُمَا مِمَّن تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فِيمَا بَلَغَنِي.
فإِمَّا وَقَعَ غَلَطٌ فِي وَفَاتِهِمَا، وَإِمَّا فِي مَوْلِدِهِ، وَإِمَّا فِي لُقِيِّهِ لَهُمَا.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ سَابِقٍ، وَقُرَّةَ بنِ حَبِيْبٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالقَعْنَبِيِّ، وَخَلاَّدِ بنِ يَحْيَى، وَعَمْرِو بنِ هَاشِمٍ، وَعِيْسَى بنِ مِينَاقَالُوْنَ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيِّ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَكَّارٍ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَطَبَقَتِهِم.قَالَ لَنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِي (تَهْذِيْبِهِ ) : هُوَ مَوْلَى عَيَّاشِ بنِ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيِّ.... ثُمَّ سَرَدَ شُيُوْخَهُ، وَمِنْهُم:
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ بِشْرٍ البَجَلِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُوْرَانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضيُّ، وَالرَّبِيْعُ بنُ يَحْيَى الأُشنَانِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بَكَّارٍ الدَّارِمِيُّ، وَشَاذُ بنُ فَيَّاضٍ، وَقَبِيْصَةُ بنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِيهِم: أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيْلَ، وَهَذَا وَهْمٌ، لَمْ يُدْرِكْهُ، وَلاَ سَمِعَ مِنْهُ، وَلاَ دَخَلَ البَصْرَةَ، إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ بَأَعْوَامٍ.
وَطَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ وَهُوَ حَدَثٌ، وَارْتَحَلَ إِلَى الحِجَازِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَخُرَاسَانَ، وَكَتَبَ مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَحَرْمَلَةُ بنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعُ المُرَادِيُّ - وَهُم مِنْ شُيُوْخِهِ - وَابْنُ وَارَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ، وَخَلْقٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ
الذَّهَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَعَدِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ وَالِدُ الحَافِظِ أَبِي أَحْمَدَ، وَمُوْسَى بنُ العَبَّاسِ الجُوَيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّارَكِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَابْنُ سَابِقٍ - شَيْخُهُ - وَهُوَ: مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
فَذَكَرَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ، أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ، قَالَ: لاَ أَعْلَمُ صَفَا لِي رِبَاطُ يَوْمٍ قَطُّ، أَمَّا بَيْرُوْتُ: فَأَرَدْنَا العَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ، وَأَمَّا عَسْقلاَنُ: فَأَرَدْنَا مُحَمَّدَ بنَ أَبِي السَّرِيِّ، وَأَمَّا قَزْوِيْنَ: فمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: فَرُّوْخٌ؛ جَدُّ أَبِي زُرْعَةَ هُوَ مَوْلَى عَبَّاسِ بنِ مُطَرِّفٍ القُرَشِيِّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: سَمِعَ أَبُو زُرْعَةَ مِنْ: مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ.
قَالَ: وَكَانَ إِمَاماً رَبَّانِيّاً، حَافِظاً مُتْقِناً مُكْثِراً ... جَالَسَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَذَاكَرَهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَقَاسمٌ المُطَرِّزُ.
قَالَ تَمَّامٌ الرَّازِيُّ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ دِمَشْقَ قَدِيْماً، مِنْهُم: أَبُو يَحْيَى فَرْخَوَيْه، فَلَمَّا انصَرَفُوا - فِيمَا أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُم: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ - رَأَوْا هَذَا الفَتَى قَدْ كَاسَ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ- فَقَالُوا لَهُ: نُكَنِّيْكَ بِكُنْيَةِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ.
ثُمَّ لَقِيَنِي أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ يُذَكِّرُنِي
هَذَا الحَدِيْثَ، وَيَقُوْلُ: بِكُنْيَتِكَ اكْتَنَيْتُ.قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَطَّةَ: سَمِعْتُ النَّجَّادَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ، يَقُوْلُ: لَمَّا وَرَدَ عَلَيْنَا أَبُو زُرْعَةَ، نَزَلَ عِنْدَنَا، فَقَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَي! قَدِ اعْتَضْتُ بِنَوَافِلِي مُذَاكرَةَ هَذَا الشَّيْخِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الرَّازِيِّ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ مائَةَ أَلْفٍ.
فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، تَقْدِرُ أَنْ تُمْلِي عَلَيَّ أَلْفَ حَدِيْثٍ مِنْ حِفْظٍ؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِن إِذَا أُلْقِيَ عَلَيَّ عَرَفْتُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُلْتُ لأَبِي زُرْعَةَ: يَجُوْزُ مَا كَتَبْتَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى مائَةَ أَلْفٍ؟
قَالَ: مائَةُ أَلْفٍ كَثِيْرٌ.
قُلْتُ: فَخَمْسِيْنَ أَلْفاً؟
قَالَ: نَعَمْ، وَسِتِّيْنَ وَسَبْعِيْنَ أَلْفاً.
حَدَّثَنِي مَنْ عَدَّ كِتَابَ الوُضُوْءِ وَالصَّلاَةِ، فَبَلَغَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ حَمْكَوَيْه بِالرَّيِّ، يَقُوْلُ:
سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلاَقِ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ هَلْ حَنِثَ؟
فَقَالَ: لاَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ، كَمَا يَحْفَظُ الإِنسَانُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاصُ: 1] وَفِي المُذَاكَرَةِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُرْسَلَةٌ، وَحِكَايَةُ صَالِحٍ جَزَرَةَ أَصَحُّ.رَوَى الخَطِيْبُ هَذِهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ السُّوذَرْجَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَنْدَةَ يَقُوْلُ ذَلِكَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالرَّيِّ، وَأَنَا غُلاَمٌ فِي البَزَّازِيْنَ، فَحَلَفَ رَجُلٌ بِطَلاَقِ امرَأَتِهِ: أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
فَذَهَبَ قَوْمٌ - أَنَا فِيهِم - إِلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَسَأَلنَاهُ.
فَقَالَ: مَا حَمَلَهُ عَلَى الحَلْفِ بِالطَّلاَقِ؟
قِيْلَ: قَدْ جَرَى الآنَ مِنْهُ ذَلِكَ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لِيُمْسِكِ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ التُّسْتَرِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
كُلُّ شَيْءٍ قَالَ الحَسَنُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَدْتُ لَهُ أَصْلاً، إِلاَّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: عَجِبْتُ مِمَّنْ يُفْتِي فِي مَسَائِلَ الطَّلاَقِ، يَحْفَظُ أَقَلَّ مِنْ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الرَّازِيَّ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ إِسْحَاقَ بِنَيْسَابُوْرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ العِرَاقِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
صَحَّ مِنَ الحَدِيْثِ سَبْعُ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ وَكَسْرٌ، وَهَذَا الفَتَى -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- قَدْ حَفِظَ سِتَّ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: أَبُو جَعْفَرٍ لَيْسَ بِثِقَةٍ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنِي الحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَقِيْلَ لَهُ: مَنْ أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتَ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ.
ابْنُ المُقْرِئِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِينِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيَّ، يَقُوْلُ:
أَبُو زُرْعَةَ يُشَبَّهُ بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، مُسْنَدِهَا وَمُنْقَطَعِهَا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَكَذَلِكَ سَائِرِ العُلُوْمِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَقَالَ: إِمَامٌ.
قَالَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ القَطَّانُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُوْلُ:
مَا جَاوَزَ الجِسْرَ أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَلاَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، يَقُوْلُ:
مَا سَمِعْنَا بِذِكْرِ أَحَدٍ فِي الحِفْظِ، إِلاَّ كَانَ اسْمُهُ أَكْبَرَ مِنْ رُؤْيَتِهِ، إِلاَّ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، فَإِنَّ مُشَاهَدَتَهُ كَانَتْ أَعْظَمَ مِنِ اسْمِهِ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ حِفْظَ الأَبْوَابِ وَالشُّيُوْخِ وَالتَّفْسِيْرِ، كَتَبْنَا بَانتِخَابِهِ بِوَاسِطَ سِتَّةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ شِمْرٍ، سَمِعْتُ سُوَيْدَ بنَ غَفَلَةَ، يَقُوْلُ : وعِيْسٍ عِيْنٍ.يُرِيْدُ: {حُوْرٍ عِيْنٍ} [الوَاقِعَةُ: 22] .
قَالَ صَالِحٌ: فَأَلقَيْتُ هَذَا عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَبَقِيَ مُتَعَجِّباً، فَقَالَ: أَنَا أَحْفَظُ فِي القِرَاءاتِ عَشْرَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: فَتَحْفَظُ هَذَا؟
قَالَ: لاَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، يَقُوْلُ:
كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، فلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ، يَقُوْلُ:
لَمَّا انصَرَفَ قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ إِلَى الرَّيِّ، سَأَلُوهُ أَنْ يُحَدِّثَهُم، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكُم بَعْدَ أَنْ حَضَرَ مَجْلِسِي أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ؟
قَالُوا لَهُ: فَإِنَّ عِنْدَنَا غُلاَماً يَسْرُدُ كُلَّ مَا حَدَّثْتَ بِهِ، مَجْلِساً مَجْلِساً، قُمْ يَا أَبَا زُرْعَةَ.
قَالَ: فَقَامَ، فَسَرَدَ كُلَّ مَا حَدَّثَ بِهِ قُتَيْبَةُ، فَحَدَّثَهُم قُتَيْبَةُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ البَصْرَةَ، فَحَضَرْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَرَوَى حَدِيْثاً
فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ.ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ.
فَقُلْتُ: هَذَا وَهْمٌ، وَهِمَ فِيْهِ إِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعْدٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جُبَيْرٍ.
قَالَ: مَنْ يَقُوْلُ هَذَا؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ.
فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِي: مَا تَقُوْلُ فِيْمَنْ جَعَلَ الأَذَانَ مَكَانَ الإِقَامَةِ؟
قُلْتُ: يُعِيْدُ.
قَالَ: مَنْ قَالَ هَذَا؟
قُلْتُ: الشَّعْبِيُّ.
قَالَ: مَنْ عَنِ الشَّعْبِيِّ؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
قَالَ: وَمَنْ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: إِبْرَاهِيْمُ، وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْهُ.
قَالَ: أَخْطَأْتَ. قُلْتُ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ.قَالَ: أَخْطَأْتَ.
قُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كدينَةَ، عَنْ مُغِيْرَةَ.
قَالَ: أَصَبْتَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: اشتَبَهَ عَلِيَّ، وَكَتَبْتُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ الثَّلاَثَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَمَا طَالَعْتُهَا مُنْذُ كَتَبْتُهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الحَسَنِ.
قَالَ: هَذَا سَرَقْتَهَ مِنِّي - وَصَدَقَ - كَانَ ذَاكَرَنِي بِهِ رَجُلٌ بِبَغْدَادَ، فَحَفِظتُهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ جَزَرَةُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: مُرَّ بِنَا إِلَى سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيِّ نُذَاكِرُهُ.
قَالَ: فَذَهَبْنَا، فَمَا زَالَ يُذَاكِرُهُ حَتَّى عَجَزَ الشَّاذَكُوْنِيُّ عَنْ حِفْظِهِ، فَلَمَّا أَعيَاهُ، أَلقَى عَلَيْهِ حَدِيْثاً مِنْ حَدِيْثِ الرَّازِيِّينَ، فَلَم يَعْرِفْهُ أَبُو زُرْعَةَ.
فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! حَدِيْثُ بَلَدِكَ، هَذَا مَخْرَجُهُ مِنْ عِنْدِكُم!؟ وَأَبُو زُرْعَةَ سَاكِتٌ، وَالشَّاذَكُوْنِيُّ يُخْجِلُهُ، وَيُرِي مَنْ حَضَرَ أَنَّهُ قَدْ عَجَزَ.
فَلَمَّا خَرَجْنَا، رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ قَدِ اغْتَمَّ، وَيَقُوْلُ: لاَ أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ بِهَذَا؟
فَقُلْتُ لَهُ: وَضَعَهُ فِي الوَقْتِ كِي تَعْجِزَ وتَخْجَلَ.
قَالَ: هَكَذَا؟
قُلْتُ: نَعَم، فَسُرِّيَ عَنْهُ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئَ، سَمِعْتُ فَضْلَكَ الصَّائِغَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ المَدِيْنَةَ، فَصِرْتُ إِلَى بَابِ أَبِي مُصْعَبٍ، فَخَرَجَ إِليَّ شَيْخٌ مَخْضُوبٌ، وَكُنْتُ نَاعِساً، فَحَرَّكَنِي، وَقَالَ: يَا مردريك ! مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ أَيُّ شَيْءٍ تَنَامُ؟
قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، أَنَا مِنَ الرَّيِّ، مِنْ بَعْضِ شَاكردي أَبِي زُرْعَةَ.
فَقَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئتَنِي؟ لَقِيْتُ مَالِكاً
وَغَيْرَهُ، فَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ.قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى الرَّبِيْعِ بِمِصْرَ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ؟
قُلْتُ: مِنَ الرَّيِّ.
قَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئْتَ؟ إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ آيَةٌ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا جَعَلَ إِنسَاناً آيَةً، أَبَانَهُ مِنْ شَكْلِهِ، حَتَّى لاَ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ تَوَاضُعاً مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، هُوَ وَأَبُو حَاتِمٍ إِمَامَا خُرَاسَان.
وَقَالَ يُوْسُفُ المَيَانَجِيُّ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيَّ القَاضِي، يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى يَوْماً، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ.
فَقِيْلَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ أَشْهَرُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَدْعُو اللهَ لأَبِي زُرْعَةَ.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِد بنَ غِيَاثٍ، يَقُوْلُ: مَا رَأَى أَبُو زُرْعَةَ مِثْلَ نَفْسِهِ.
سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ:
لاَ يَزَالُ المُسْلِمُوْنَ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَى اللهُ لَهُم مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ، وَمَا كَانَ اللهُ لِيَتْرُكَ الأَرْضَ إِلاَّ وَفِيْهَا مِثْلُ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ مَا جَهِلُوهُ.
عَلَّقَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيْدٍ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمَانَ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ، وَمَا خَلَّفَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، عِلْماً وَفَهْماً وَصِيَانَةً وَحِذْقاً، وَهَذَا مَا لاَ يُرْتَابُ فِيْهِ، وَلاَ أَعْلَمُ مِنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ مَنْ كَانَ يَفْهَمُ هَذَا الشَّأْنَ مِثْلَهُ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ صَفْوَانَ، سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
أَزْهَدُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةٌ: آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَذَكَرَ آخَرَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَبُو زُرْعَةَ رَازِيٌّ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ ابْنَ خِرَاشٍ يَقُوْلُ:
كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ أَنْ أُبَكِّرَ عَلَيْهِ، فَأُذَاكِرَهُ، فَبَكَّرتُ، فَمَرَرْتُ بِأَبِي حَاتِمٍ وَهُوَ قَاعِدٌ وَحدَهُ؛ فَأَجلَسَنِي مَعَهُ يُذَاكُرُنِي، حَتَّى أَضحَى النَّهَارُ.
فَقُلْتُ: بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ، فَجِئْتُ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ وَالنَّاسُ مُنْكَبُّوْنَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: تَأَخَرَّتَ عَنِ المَوْعِدِ.
قُلْتُ: بَكَّرْتُ، فَمَرَرْتُ بِهَذَا المُسْتَرْشِدِ، فَدَعَانِي، فَرَحِمْتُهُ لِوَحْدَتِهِ، وَهُوَ أَعْلَى إِسْنَاداً مِنْكَ، وَصِرْتَ أَنْتَ بِالدِّسْتِ.
أَوْ كَمَا قَالَ.
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا حَالُكَ؟ قَالَ: أَحْمَدُ اللهَ عَلَى الأَحْوَالِ
كُلِّهَا، إِنِّيْ حَضَرْتُ، فَوَقَفْت بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ لِي: يَا عُبَيْدَ اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ فِي القَوْلِ فِي عِبَادِي؟قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
فَقَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخَلْقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ، وَبأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَان، وَمَالِك، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ.
رَوَاهَا عَنِ ابْنِ وَارَةَ أَيْضاً ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ أَخِي أَبِي زُرْعَةَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَرَّاقُ أَبِي زُرْعَةَ: حَضَرْنَا أَبَا زُرْعَةَ بِمَاشهرَان، وَهُوَ فِي السَّوْقِ، وَعِنْدَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَالمُنْذِرُ بنُ شَاذَانَ، وَغَيْرُهُم، فَذَكَرُوا حَدِيْثَ التَّلْقِيْن: (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ) وَاسْتَحْيَوا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنْ يُلَقِّنُوهُ، فَقَالُوا: تَعَالَوا نَذْكُرِ الحَدِيْثَ.
فَقَالَ ابْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: ابْنُ أَبِي، وَلَمْ يُجَاوزْهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَار، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ، وَالبَاقُوْنَ سَكَتُوا، فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَهُوَ فِي السَّوقِ:
حَدَّثَنَا بُنْدارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ
بنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ ) ، وَتُوُفِّيَ -رَحِمَهُ اللهُ -.رَوَاهَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الوَرَّاقِ الرَّازِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بِهَذَا.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:
تُوُفِّيَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَوْلِدُهُ كَانَ فِي سَنَةِ مائَتَيْنِ.
وأَمَّا الحَاكِمُ، فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيٍّ الرَّازِيِّ المُعَمَّرِ:
هَذَا الشَّيْخُ عِنْدِي صَدُوْقٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ.
فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ رَأَيتَهُ؟
فَقَالَ: أَسْوَدُ اللِّحْيَةِ، نَحِيْفٌ، أَسْمَرُ، وَهَذِهِ صِفَةُ أَبِي زُرْعَةَ، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: أَحْسَبُ أَبَا عَبْدِ اللهِ وَهِمَ فِي مقدَار سِنِّ أَبِي زُرْعَةَ، فَإِنَّهُ قَدِ ارْتَحَلَ بِنَفْسِهِ، وَسَمِعَ مِنْ: قَبِيْصَة، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَقَدْ ذَكَرَ الحَاكِمُ فِي كِتَابِ: (الجَامِعِ لِذِكْرِ أَئِمَّةِ الأَعصَارِ المُزَكِّيْنَ لِرُوَاةِ الأَخْبَارِ) : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ الرَّازِيَّ الحَافِظَ يَقُوْلُ: وُلِدَ أَبُو زُرْعَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَارْتَحَلَ مِنَ الرَّيِّ، وَهُوَ ابْنُ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَقَامَ بِالكُوْفَةِ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرَّيِّ، ثُمَّ خَرَجَ فِي رِحْلَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَغَابَ عَنْ وَطَنِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَلَسَ للتَّحْدِيْثِ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَهَذَا القَوْلُ خطَأٌ فِي وَفَاتِهِ، وَالصَّحِيْحُ مَا مَرَّ.
وَذَكَرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَرْبٍ العَسْكرِيُّ أَنَّهُ رَأَى أَبَا زُرْعةَ الرَّازِيَّ، وَهُوَ يَؤُمُّ المَلاَئِكَةَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَقُلْتُ: بِمَ نِلْتَ هَذِهِ المَنْزِلَةَ؟
قَالَ: بِرَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ القُرَشِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: ذَاكَرْتُ أَبِي لَيْلَةً الحُفَّاظَ، فَقَالَ: يَا بُنَي! قَدْ كَانَ الحِفْظُ عِنْدَنَا، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى خُرَاسَانَ، إِلَى هَؤُلاَءِ الشَّبَابِ الأَرْبَعَةِ.
قُلْتُ: مَنْ هُم؟
قَالَ: أَبُو زُرْعَةَ ذَاكَ الرَّازيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ ذَاكَ البُخَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَاكَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ ذَاكَ البَلْخِيُّ.
قُلْتُ: يَا أَبَه فَمَنْ أَحْفَظُ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَمَّا أَبُو زُرْعَةَ؛ فَأَسْرَدُهُم، وَأَمَّا البُخَارِيُّ؛ فَأَعْرَفُهُم، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ -يَعْنِي: الدَّارِمِيَّ-؛ فَأَتقنهُم، وَأَمَّا ابْنُ شُجَاع؛ فَأَجْمَعُهُم للأَبْوَابِ.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ أُصَلِّي، وَأَنَا أَقْرَأُ {وَذَرُوَا مَا بَقِيَ
مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ ... } الآيَةَ فَوَقَفْتُ مُتَعَجِّباً مِنْ هَذَا الوَعِيْدِ سَاعَةً، وَرَجَعْتُ إِلَى أَوَّلِ الآيَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا كَانَتِ المَرَّةُ الثَّالِثَةُ وَقَعَتْ هَدَّةٌ مِنَ الزَّلْزَلَةِ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُم عَدُّوا بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ جِنَازَةٍ، حُمِلَتْ مِنَ الغَد بِالرَّيِّ.قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
إِذَا مَرِضْتُ شَهْراً أَوْ شَهْرَيْنِ، تَبَيَّنَ عَليَّ فِي حِفْظِ القُرْآنِ، وَأَمَّا الحَدِيْثُ، فَإِذَا تَرَكْتَ أَيَّاماً تَبَيَّنَ عَلَيْكَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: نَرَى قَوْماً مِنْ أَصْحَابِنَا، كَتَبُوا الحَدِيْثَ، تَرَكُوا المُجَالَسَةَ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، أَوِ أَقَلَّ، إِذَا جَلَسُوا اليَوْمَ مَعَ الأَحَدَاثِ كَأَنَّهُم لاَ يَعْرِفُونَ، أَوْ لاَ يُحْسِنُوْنَ الحَدِيْثَ.
ثُمَّ قَالَ: الحَدِيْثُ مِثْلُ الشَّمْسِ، إِذَا حُبِسَ عَنِ الشَّرْقِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، لاَ يَعْرِفُ السَّفَرَ، فَهَذَا الشَّانُ يَحْتَاجُ أَنْ تَتَعَاهَدَهُ أَبَداً.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
اخْتِيَارُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَمَا أَعْرِفُ فِي أَصْحَابِنَا أَسْودَ الرّأْسِ أَفْقَهَ مِنْ أَحْمَدَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ - وَسُئِلَ عَنْ مُرْسَلاتِ الثَّوْرِيِّ، وَمُرْسَلاَتِ شُعبَةَ - فَقَالَ: الثَّوْرِيُّ تَسَاهَلَ فِي الرِّجَالِ، وَشُعْبَةُ لاَ يُدَلِّسُ وَلاَ يُرْسِلُ.
قِيْلَ لَهُ: فَمَالِكٌ مُرْسَلاَتُهُ أَثْبَتُ أَمِ الأَوْزَاعِيُّ؟
قَالَ: مَالِكٌ لاَ يكَادُ يُرْسِلُ إِلاَّ عَنْ قَوْمٍ ثِقَاتٍ، مَالِكٌ مُتَثَبِّتٌ فِي أَهْلِ بَلَدِه جِدّاً، فَإِنْ تَسَاهَلَ، فَإِنَّمَا يَتَسَاهَلُ فِي قَوْمٍ غُرَبَاءَ لاَ يَعْرِفُهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
السَّيَّارِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ بنَ يَزِيْدَ الرَّازِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:ارْتَحَلْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ المِصْرِيِّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، مَعَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَتَذَاكَرْنَا إِلَى أَنْ ضَاقَ الوَقْتُ، ثُمَّ أَخرَجْتُ مِنْ كُمِّي أَطْرَافاً، فِيْهَا أَحَادِيْثُ سَأَلتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ لِي: تَعُودُ.
فَعُدْتُ مِنَ الغَد، وَمعِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَأَخْرَجْتُ الأَطرَافَ، وَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: تَعُودُ.
فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قُلْتَ لِي بِالأَمْسِ: تَعُودُ؟! مَا عِنْدَك مِمَّا يُكْتَبُ، أَوْرِدْ عَلَيَّ مُسْنَداً أَوْ مُرْسَلاً أَوْ حَرْفاً مِمَّا أَسْتَفِيْدُ، فَإِنْ لَمْ أَرْوِهِ لَكَ عَمَّنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْكَ، فلَسْتُ بِأَبِي زُرْعَةَ، ثُمَّ قُلْتُ : مَنْ هَا هُنَا مِمَّنْ نَكْتُبُ عَنْهُ؟
قَالُوا: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ.
ابْنُ جَوْصَا: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيَّ يَقُوْلُ:
كُنَّا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا أَيَّاماً، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: بَلَغَنِي وُرُوْدُ هَذَا الغُلاَمِ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- فَدَرَسْتُ للالْتِقَاءِ بِهِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَعَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ لاَ يَأْكُلُ الجُبْنَ، وَلاَ الخَلَّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي بِالمُذَاكَرَةِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَحْمِلُوا خَطَأً، هَذَا ابْنُ المُبَارَكِ كَرِهَ أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُ بِالمذَاكَرَةِ، وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى: لاَ تَحْمِلُوا عَنِّي بِالمذَاكرَةِ شَيْئاً.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: إِذَا انْفَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالحَدِيْثِ، لاَ يَكُونُ حُجَّةً.
ثُمَّ رَوَى لَهُ حَدِيْثَ القِرَاءةِ خَلْفَ الإِمَامِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ
الحَوضيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَقَبِيْصَةُ، يَقْدِرُوْنَ عَلَى الحِفْظِ، يَجِيْؤُونَ بِالحَدِيْثِ بِتَمَامٍ.وَذَكَرَ عَنْ قَبِيْصَةَ كَأَنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ كِتَابٍ.
قُلْتُ: يُعْجِبُنِي كَثِيْراً كَلاَمَ أَبِي زُرْعَةَ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ، يَبِيْنُ عَلَيْهِ الوَرَعُ وَالمَخْبَرَةُ، بِخِلاَفِ رَفِيْقِهِ أَبِي حَاتِمٍ، فَإِنَّهُ جَرَّاحٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الفَقِيْهُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاهِدُ، وَسِتُّ القُضَاةِ؛ بِنْتُ يَحْيَى، قِرَاءةً، قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الخَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغْبَان فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفَجْأَةِ نَقْمَتِكَ، وَجَمِيْعِ سَخَطِكَ) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوِّ دَرَجَةٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنْبَاعِ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ دَاوُدَ، عَنْ يَعْقُوْبَ، نَحْوهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ فِي كِتَابِهِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِر بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ الحَسَنِ بِأَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ العَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عبِيَدِةَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ وَاصِلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ البُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ نَوْفَل، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لِلأَنْبِيَاءِ مَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْلِسُوْنَ عَلَيْهَا، وَيَبْقَى مِنْبَرِيْ لَا أَجْلِسُ عَلَيْهِ) .
أَوْ قَالَ: (لَا أَقْعُدُ عَلَيْهِ، فِيمَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- مُنْتَصِباً، مَخَافَةَ أَنْ يُذْهَبَ بِي إِلَى الجَنَّةِ وَتَبْقَى أُمَّتِي، فَأَقُوْلُ: رَبِّ، أُمَّتِي، أُمَّتِي، فَيَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى: وَمَا تُرِيْدُ أَنْ أَصْنَعَ بِأُمَّتِكَ؟ فَأَقُولُ: يَا رَبُّ!
عَجِّلْ حِسَابَهُمْ.فَيُدْعَى بِهِمْ، فَيُحَاسَبُوْنَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللهِ، وَمِنْهُم مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَتِي، فَمَا أَزَالُ أَشْفَعُ، حَتَّى أُعْطَى صَكّاً بِرِجَالٍ قَدْ بُعِثَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، حَتَّى إِنَّ مَالِكاً خَازِنَ النَّارِ يَقُوْلُ:
يَا مُحَمَّدُ! مَاْ تَرَكْتَ لِلنَّارِ وَلِغَضَبِ رَبِّكَ فِي أُمَّتِكَ مِنْ نَقْمَةٍ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ مُنْكَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ ؛ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، قَالَ البُخَارِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَرَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحْدَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّاعِدِيُّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، وَبَالإِسْنَادِ إِلَى يَعْقُوْبَ، قَالَ:
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَرْزُوْقٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ يُوْنُسَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، أَخْبَرَنَا شَدَّادٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ أنْ تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُوْلُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى).
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ نوش، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ:سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ، فَقَالاَ: أَدْرَكْنَا العُلَمَاءَ فِي جَمِيْعِ الأَمْصَارِ، فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِم: أَنَّ اللهَ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، بِلاَ كَيْفٍ، أَحَاطَ بِكُلِّ شِيءٍ عِلْماً.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ البُنَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الهَيْثَمِ الفَسَوِيُّ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ حَمْدُوْنُ البَرْذَعِيُّ عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، لِكِتَابَةِ الحَدِيْثِ، دَخَلَ، فَرَأَى فِي دَارِهِ أَوَانِيَ وَفُرُشاً كَثِيْرَةً، وَكَانَ ذَلِكَ لأَخِيْهِ، قَالَ: فَهَمَّ أَنْ يَرْجِعَ وَلاَ يَكْتب، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ، رَأَى كَأَنَّهُ عَلَى شَطِّ بِرْكَةٍ، وَرَأَى ظِلَّ شَخْصٍ فِي المَاءِ، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي زَهِدْتَ فِي أَبِي زُرْعَةَ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ كَانَ مِنَ الأَبْدَالِ، فَلَمَّا مَاتَ أَبْدَلَ اللهُ مَكَانَهُ أَبَا زُرْعَةَ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعَدَّلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ:
مَا حَالُكَ يَا أَبَا زُرْعَةَ؟قَالَ أَحْمُدُ اللهَ عَلَى أَحْوَالِهِ كُلِّهَا، إِنِّي حَضَرْتُ فَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ: يَا عُبَيْد اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ القَوْلَ فِي عِبَادِي؟
قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
قَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخُلقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي تَعَالَى، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلْحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ: أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
قُلْتُ: إِسْنَادُهَا كَالشَّمْسِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الخَلاَّلِ، أَخْبَرَنَا الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَالِكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الحَافِظُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الفَرَضِي، سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنَ، سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَافِظَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
حَضَرْتُ أَنَا وَأَبُو حَاتِمٍ عِنْدَ وَفَاةِ أَبِي زُرْعَةَ، فَقُلْنَا: كَيْفَ تُلَقِّنُ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ؟
فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَارُ فِي آخَرِيْنَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ:
حَدَّثَنَا بُنْدَارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إلَهَ إِلاَّ الله) ، وَخَرَجَ رُوْحُهُ مَعَهُ.
الإِمَامُ، سَيِّدُ الحُفَّاظِ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ يَزِيْدَ بنِ فَرُّوْخٍ: مُحَدِّثُ الرَّيِّ.
وَدُخُوْلُ (الزَّاي) فِي نِسْبَتِهِ غَيْرُ مَقِيْسٍ، كَالمَرْوَزِيِّ.
مَوْلِدُهُ: بَعْدَ نَيِّفٍ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَطِيَّةَ بنِ نَجِيْحٍ، وَهُمَا مِمَّن تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فِيمَا بَلَغَنِي.
فإِمَّا وَقَعَ غَلَطٌ فِي وَفَاتِهِمَا، وَإِمَّا فِي مَوْلِدِهِ، وَإِمَّا فِي لُقِيِّهِ لَهُمَا.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ سَابِقٍ، وَقُرَّةَ بنِ حَبِيْبٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالقَعْنَبِيِّ، وَخَلاَّدِ بنِ يَحْيَى، وَعَمْرِو بنِ هَاشِمٍ، وَعِيْسَى بنِ مِينَاقَالُوْنَ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيِّ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَكَّارٍ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَطَبَقَتِهِم.قَالَ لَنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِي (تَهْذِيْبِهِ ) : هُوَ مَوْلَى عَيَّاشِ بنِ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيِّ.... ثُمَّ سَرَدَ شُيُوْخَهُ، وَمِنْهُم:
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ بِشْرٍ البَجَلِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُوْرَانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضيُّ، وَالرَّبِيْعُ بنُ يَحْيَى الأُشنَانِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بَكَّارٍ الدَّارِمِيُّ، وَشَاذُ بنُ فَيَّاضٍ، وَقَبِيْصَةُ بنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِيهِم: أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيْلَ، وَهَذَا وَهْمٌ، لَمْ يُدْرِكْهُ، وَلاَ سَمِعَ مِنْهُ، وَلاَ دَخَلَ البَصْرَةَ، إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ بَأَعْوَامٍ.
وَطَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ وَهُوَ حَدَثٌ، وَارْتَحَلَ إِلَى الحِجَازِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَخُرَاسَانَ، وَكَتَبَ مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَحَرْمَلَةُ بنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعُ المُرَادِيُّ - وَهُم مِنْ شُيُوْخِهِ - وَابْنُ وَارَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ، وَخَلْقٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ
الذَّهَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَعَدِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ وَالِدُ الحَافِظِ أَبِي أَحْمَدَ، وَمُوْسَى بنُ العَبَّاسِ الجُوَيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّارَكِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَابْنُ سَابِقٍ - شَيْخُهُ - وَهُوَ: مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
فَذَكَرَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ، أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ، قَالَ: لاَ أَعْلَمُ صَفَا لِي رِبَاطُ يَوْمٍ قَطُّ، أَمَّا بَيْرُوْتُ: فَأَرَدْنَا العَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ، وَأَمَّا عَسْقلاَنُ: فَأَرَدْنَا مُحَمَّدَ بنَ أَبِي السَّرِيِّ، وَأَمَّا قَزْوِيْنَ: فمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ سَابِقٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: فَرُّوْخٌ؛ جَدُّ أَبِي زُرْعَةَ هُوَ مَوْلَى عَبَّاسِ بنِ مُطَرِّفٍ القُرَشِيِّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: سَمِعَ أَبُو زُرْعَةَ مِنْ: مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ.
قَالَ: وَكَانَ إِمَاماً رَبَّانِيّاً، حَافِظاً مُتْقِناً مُكْثِراً ... جَالَسَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَذَاكَرَهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَقَاسمٌ المُطَرِّزُ.
قَالَ تَمَّامٌ الرَّازِيُّ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ دِمَشْقَ قَدِيْماً، مِنْهُم: أَبُو يَحْيَى فَرْخَوَيْه، فَلَمَّا انصَرَفُوا - فِيمَا أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُم: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ - رَأَوْا هَذَا الفَتَى قَدْ كَاسَ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ- فَقَالُوا لَهُ: نُكَنِّيْكَ بِكُنْيَةِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ.
ثُمَّ لَقِيَنِي أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ يُذَكِّرُنِي
هَذَا الحَدِيْثَ، وَيَقُوْلُ: بِكُنْيَتِكَ اكْتَنَيْتُ.قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَطَّةَ: سَمِعْتُ النَّجَّادَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ، يَقُوْلُ: لَمَّا وَرَدَ عَلَيْنَا أَبُو زُرْعَةَ، نَزَلَ عِنْدَنَا، فَقَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَي! قَدِ اعْتَضْتُ بِنَوَافِلِي مُذَاكرَةَ هَذَا الشَّيْخِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الرَّازِيِّ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ مائَةَ أَلْفٍ.
فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، تَقْدِرُ أَنْ تُمْلِي عَلَيَّ أَلْفَ حَدِيْثٍ مِنْ حِفْظٍ؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِن إِذَا أُلْقِيَ عَلَيَّ عَرَفْتُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: قُلْتُ لأَبِي زُرْعَةَ: يَجُوْزُ مَا كَتَبْتَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى مائَةَ أَلْفٍ؟
قَالَ: مائَةُ أَلْفٍ كَثِيْرٌ.
قُلْتُ: فَخَمْسِيْنَ أَلْفاً؟
قَالَ: نَعَمْ، وَسِتِّيْنَ وَسَبْعِيْنَ أَلْفاً.
حَدَّثَنِي مَنْ عَدَّ كِتَابَ الوُضُوْءِ وَالصَّلاَةِ، فَبَلَغَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ حَمْكَوَيْه بِالرَّيِّ، يَقُوْلُ:
سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلاَقِ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ هَلْ حَنِثَ؟
فَقَالَ: لاَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَحْفَظُ مائَتَي أَلفِ حَدِيْثٍ، كَمَا يَحْفَظُ الإِنسَانُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاصُ: 1] وَفِي المُذَاكَرَةِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُرْسَلَةٌ، وَحِكَايَةُ صَالِحٍ جَزَرَةَ أَصَحُّ.رَوَى الخَطِيْبُ هَذِهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ السُّوذَرْجَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَنْدَةَ يَقُوْلُ ذَلِكَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالرَّيِّ، وَأَنَا غُلاَمٌ فِي البَزَّازِيْنَ، فَحَلَفَ رَجُلٌ بِطَلاَقِ امرَأَتِهِ: أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ يَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
فَذَهَبَ قَوْمٌ - أَنَا فِيهِم - إِلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَسَأَلنَاهُ.
فَقَالَ: مَا حَمَلَهُ عَلَى الحَلْفِ بِالطَّلاَقِ؟
قِيْلَ: قَدْ جَرَى الآنَ مِنْهُ ذَلِكَ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لِيُمْسِكِ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ التُّسْتَرِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
كُلُّ شَيْءٍ قَالَ الحَسَنُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَدْتُ لَهُ أَصْلاً، إِلاَّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: عَجِبْتُ مِمَّنْ يُفْتِي فِي مَسَائِلَ الطَّلاَقِ، يَحْفَظُ أَقَلَّ مِنْ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الرَّازِيَّ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ إِسْحَاقَ بِنَيْسَابُوْرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ العِرَاقِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
صَحَّ مِنَ الحَدِيْثِ سَبْعُ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ وَكَسْرٌ، وَهَذَا الفَتَى -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- قَدْ حَفِظَ سِتَّ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: أَبُو جَعْفَرٍ لَيْسَ بِثِقَةٍ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنِي الحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَقِيْلَ لَهُ: مَنْ أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتَ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ.
ابْنُ المُقْرِئِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِينِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيَّ، يَقُوْلُ:
أَبُو زُرْعَةَ يُشَبَّهُ بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، مُسْنَدِهَا وَمُنْقَطَعِهَا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَكَذَلِكَ سَائِرِ العُلُوْمِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَقَالَ: إِمَامٌ.
قَالَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ القَطَّانُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُوْلُ:
مَا جَاوَزَ الجِسْرَ أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَلاَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، يَقُوْلُ:
مَا سَمِعْنَا بِذِكْرِ أَحَدٍ فِي الحِفْظِ، إِلاَّ كَانَ اسْمُهُ أَكْبَرَ مِنْ رُؤْيَتِهِ، إِلاَّ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، فَإِنَّ مُشَاهَدَتَهُ كَانَتْ أَعْظَمَ مِنِ اسْمِهِ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ حِفْظَ الأَبْوَابِ وَالشُّيُوْخِ وَالتَّفْسِيْرِ، كَتَبْنَا بَانتِخَابِهِ بِوَاسِطَ سِتَّةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ شِمْرٍ، سَمِعْتُ سُوَيْدَ بنَ غَفَلَةَ، يَقُوْلُ : وعِيْسٍ عِيْنٍ.يُرِيْدُ: {حُوْرٍ عِيْنٍ} [الوَاقِعَةُ: 22] .
قَالَ صَالِحٌ: فَأَلقَيْتُ هَذَا عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، فَبَقِيَ مُتَعَجِّباً، فَقَالَ: أَنَا أَحْفَظُ فِي القِرَاءاتِ عَشْرَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: فَتَحْفَظُ هَذَا؟
قَالَ: لاَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عُثْمَانَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، يَقُوْلُ:
كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، فلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ، يَقُوْلُ:
لَمَّا انصَرَفَ قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ إِلَى الرَّيِّ، سَأَلُوهُ أَنْ يُحَدِّثَهُم، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكُم بَعْدَ أَنْ حَضَرَ مَجْلِسِي أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ؟
قَالُوا لَهُ: فَإِنَّ عِنْدَنَا غُلاَماً يَسْرُدُ كُلَّ مَا حَدَّثْتَ بِهِ، مَجْلِساً مَجْلِساً، قُمْ يَا أَبَا زُرْعَةَ.
قَالَ: فَقَامَ، فَسَرَدَ كُلَّ مَا حَدَّثَ بِهِ قُتَيْبَةُ، فَحَدَّثَهُم قُتَيْبَةُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ البَصْرَةَ، فَحَضَرْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَرَوَى حَدِيْثاً
فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ.ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ.
فَقُلْتُ: هَذَا وَهْمٌ، وَهِمَ فِيْهِ إِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعْدٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جُبَيْرٍ.
قَالَ: مَنْ يَقُوْلُ هَذَا؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي غنيَةَ.
فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِي: مَا تَقُوْلُ فِيْمَنْ جَعَلَ الأَذَانَ مَكَانَ الإِقَامَةِ؟
قُلْتُ: يُعِيْدُ.
قَالَ: مَنْ قَالَ هَذَا؟
قُلْتُ: الشَّعْبِيُّ.
قَالَ: مَنْ عَنِ الشَّعْبِيِّ؟
قُلْتُ: حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
قَالَ: وَمَنْ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: إِبْرَاهِيْمُ، وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْهُ.
قَالَ: أَخْطَأْتَ. قُلْتُ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ.قَالَ: أَخْطَأْتَ.
قُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كدينَةَ، عَنْ مُغِيْرَةَ.
قَالَ: أَصَبْتَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: اشتَبَهَ عَلِيَّ، وَكَتَبْتُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ الثَّلاَثَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَمَا طَالَعْتُهَا مُنْذُ كَتَبْتُهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ غَيْرُ هَذَا؟
قُلْتُ: مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الحَسَنِ.
قَالَ: هَذَا سَرَقْتَهَ مِنِّي - وَصَدَقَ - كَانَ ذَاكَرَنِي بِهِ رَجُلٌ بِبَغْدَادَ، فَحَفِظتُهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ جَزَرَةُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: مُرَّ بِنَا إِلَى سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيِّ نُذَاكِرُهُ.
قَالَ: فَذَهَبْنَا، فَمَا زَالَ يُذَاكِرُهُ حَتَّى عَجَزَ الشَّاذَكُوْنِيُّ عَنْ حِفْظِهِ، فَلَمَّا أَعيَاهُ، أَلقَى عَلَيْهِ حَدِيْثاً مِنْ حَدِيْثِ الرَّازِيِّينَ، فَلَم يَعْرِفْهُ أَبُو زُرْعَةَ.
فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! حَدِيْثُ بَلَدِكَ، هَذَا مَخْرَجُهُ مِنْ عِنْدِكُم!؟ وَأَبُو زُرْعَةَ سَاكِتٌ، وَالشَّاذَكُوْنِيُّ يُخْجِلُهُ، وَيُرِي مَنْ حَضَرَ أَنَّهُ قَدْ عَجَزَ.
فَلَمَّا خَرَجْنَا، رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ قَدِ اغْتَمَّ، وَيَقُوْلُ: لاَ أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ بِهَذَا؟
فَقُلْتُ لَهُ: وَضَعَهُ فِي الوَقْتِ كِي تَعْجِزَ وتَخْجَلَ.
قَالَ: هَكَذَا؟
قُلْتُ: نَعَم، فَسُرِّيَ عَنْهُ.
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئَ، سَمِعْتُ فَضْلَكَ الصَّائِغَ، يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ المَدِيْنَةَ، فَصِرْتُ إِلَى بَابِ أَبِي مُصْعَبٍ، فَخَرَجَ إِليَّ شَيْخٌ مَخْضُوبٌ، وَكُنْتُ نَاعِساً، فَحَرَّكَنِي، وَقَالَ: يَا مردريك ! مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ أَيُّ شَيْءٍ تَنَامُ؟
قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، أَنَا مِنَ الرَّيِّ، مِنْ بَعْضِ شَاكردي أَبِي زُرْعَةَ.
فَقَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئتَنِي؟ لَقِيْتُ مَالِكاً
وَغَيْرَهُ، فَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ.قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى الرَّبِيْعِ بِمِصْرَ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ؟
قُلْتُ: مِنَ الرَّيِّ.
قَالَ: تَرَكْتَ أَبَا زُرْعَةَ وَجِئْتَ؟ إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ آيَةٌ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا جَعَلَ إِنسَاناً آيَةً، أَبَانَهُ مِنْ شَكْلِهِ، حَتَّى لاَ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ تَوَاضُعاً مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، هُوَ وَأَبُو حَاتِمٍ إِمَامَا خُرَاسَان.
وَقَالَ يُوْسُفُ المَيَانَجِيُّ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيَّ القَاضِي، يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى يَوْماً، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ.
فَقِيْلَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: إِنَّ أَبَا زُرْعَةَ أَشْهَرُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَدْعُو اللهَ لأَبِي زُرْعَةَ.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِد بنَ غِيَاثٍ، يَقُوْلُ: مَا رَأَى أَبُو زُرْعَةَ مِثْلَ نَفْسِهِ.
سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ:
لاَ يَزَالُ المُسْلِمُوْنَ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَى اللهُ لَهُم مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ، وَمَا كَانَ اللهُ لِيَتْرُكَ الأَرْضَ إِلاَّ وَفِيْهَا مِثْلُ أَبِي زُرْعَةَ، يُعَلِّمُ النَّاسَ مَا جَهِلُوهُ.
عَلَّقَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيْدٍ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمَانَ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ، وَمَا خَلَّفَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، عِلْماً وَفَهْماً وَصِيَانَةً وَحِذْقاً، وَهَذَا مَا لاَ يُرْتَابُ فِيْهِ، وَلاَ أَعْلَمُ مِنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ مَنْ كَانَ يَفْهَمُ هَذَا الشَّأْنَ مِثْلَهُ.ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ صَفْوَانَ، سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
أَزْهَدُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةٌ: آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَذَكَرَ آخَرَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَبُو زُرْعَةَ رَازِيٌّ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ ابْنَ خِرَاشٍ يَقُوْلُ:
كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ أَنْ أُبَكِّرَ عَلَيْهِ، فَأُذَاكِرَهُ، فَبَكَّرتُ، فَمَرَرْتُ بِأَبِي حَاتِمٍ وَهُوَ قَاعِدٌ وَحدَهُ؛ فَأَجلَسَنِي مَعَهُ يُذَاكُرُنِي، حَتَّى أَضحَى النَّهَارُ.
فَقُلْتُ: بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ مَوْعِدٌ، فَجِئْتُ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ وَالنَّاسُ مُنْكَبُّوْنَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: تَأَخَرَّتَ عَنِ المَوْعِدِ.
قُلْتُ: بَكَّرْتُ، فَمَرَرْتُ بِهَذَا المُسْتَرْشِدِ، فَدَعَانِي، فَرَحِمْتُهُ لِوَحْدَتِهِ، وَهُوَ أَعْلَى إِسْنَاداً مِنْكَ، وَصِرْتَ أَنْتَ بِالدِّسْتِ.
أَوْ كَمَا قَالَ.
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا حَالُكَ؟ قَالَ: أَحْمَدُ اللهَ عَلَى الأَحْوَالِ
كُلِّهَا، إِنِّيْ حَضَرْتُ، فَوَقَفْت بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ لِي: يَا عُبَيْدَ اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ فِي القَوْلِ فِي عِبَادِي؟قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
فَقَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخَلْقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ، وَبأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَان، وَمَالِك، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ.
رَوَاهَا عَنِ ابْنِ وَارَةَ أَيْضاً ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ أَخِي أَبِي زُرْعَةَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَرَّاقُ أَبِي زُرْعَةَ: حَضَرْنَا أَبَا زُرْعَةَ بِمَاشهرَان، وَهُوَ فِي السَّوْقِ، وَعِنْدَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَالمُنْذِرُ بنُ شَاذَانَ، وَغَيْرُهُم، فَذَكَرُوا حَدِيْثَ التَّلْقِيْن: (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ) وَاسْتَحْيَوا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنْ يُلَقِّنُوهُ، فَقَالُوا: تَعَالَوا نَذْكُرِ الحَدِيْثَ.
فَقَالَ ابْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: ابْنُ أَبِي، وَلَمْ يُجَاوزْهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَار، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ، وَالبَاقُوْنَ سَكَتُوا، فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَهُوَ فِي السَّوقِ:
حَدَّثَنَا بُنْدارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ
بنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ ) ، وَتُوُفِّيَ -رَحِمَهُ اللهُ -.رَوَاهَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الوَرَّاقِ الرَّازِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بِهَذَا.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ:
تُوُفِّيَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَوْلِدُهُ كَانَ فِي سَنَةِ مائَتَيْنِ.
وأَمَّا الحَاكِمُ، فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيٍّ الرَّازِيِّ المُعَمَّرِ:
هَذَا الشَّيْخُ عِنْدِي صَدُوْقٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ.
فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ رَأَيتَهُ؟
فَقَالَ: أَسْوَدُ اللِّحْيَةِ، نَحِيْفٌ، أَسْمَرُ، وَهَذِهِ صِفَةُ أَبِي زُرْعَةَ، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: أَحْسَبُ أَبَا عَبْدِ اللهِ وَهِمَ فِي مقدَار سِنِّ أَبِي زُرْعَةَ، فَإِنَّهُ قَدِ ارْتَحَلَ بِنَفْسِهِ، وَسَمِعَ مِنْ: قَبِيْصَة، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَقَدْ ذَكَرَ الحَاكِمُ فِي كِتَابِ: (الجَامِعِ لِذِكْرِ أَئِمَّةِ الأَعصَارِ المُزَكِّيْنَ لِرُوَاةِ الأَخْبَارِ) : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ
مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ الرَّازِيَّ الحَافِظَ يَقُوْلُ: وُلِدَ أَبُو زُرْعَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَارْتَحَلَ مِنَ الرَّيِّ، وَهُوَ ابْنُ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَقَامَ بِالكُوْفَةِ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرَّيِّ، ثُمَّ خَرَجَ فِي رِحْلَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَغَابَ عَنْ وَطَنِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَلَسَ للتَّحْدِيْثِ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَهَذَا القَوْلُ خطَأٌ فِي وَفَاتِهِ، وَالصَّحِيْحُ مَا مَرَّ.
وَذَكَرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَرْبٍ العَسْكرِيُّ أَنَّهُ رَأَى أَبَا زُرْعةَ الرَّازِيَّ، وَهُوَ يَؤُمُّ المَلاَئِكَةَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَقُلْتُ: بِمَ نِلْتَ هَذِهِ المَنْزِلَةَ؟
قَالَ: بِرَفْعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ القُرَشِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: ذَاكَرْتُ أَبِي لَيْلَةً الحُفَّاظَ، فَقَالَ: يَا بُنَي! قَدْ كَانَ الحِفْظُ عِنْدَنَا، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى خُرَاسَانَ، إِلَى هَؤُلاَءِ الشَّبَابِ الأَرْبَعَةِ.
قُلْتُ: مَنْ هُم؟
قَالَ: أَبُو زُرْعَةَ ذَاكَ الرَّازيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ ذَاكَ البُخَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَاكَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ ذَاكَ البَلْخِيُّ.
قُلْتُ: يَا أَبَه فَمَنْ أَحْفَظُ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَمَّا أَبُو زُرْعَةَ؛ فَأَسْرَدُهُم، وَأَمَّا البُخَارِيُّ؛ فَأَعْرَفُهُم، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ -يَعْنِي: الدَّارِمِيَّ-؛ فَأَتقنهُم، وَأَمَّا ابْنُ شُجَاع؛ فَأَجْمَعُهُم للأَبْوَابِ.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ أُصَلِّي، وَأَنَا أَقْرَأُ {وَذَرُوَا مَا بَقِيَ
مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ ... } الآيَةَ فَوَقَفْتُ مُتَعَجِّباً مِنْ هَذَا الوَعِيْدِ سَاعَةً، وَرَجَعْتُ إِلَى أَوَّلِ الآيَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا كَانَتِ المَرَّةُ الثَّالِثَةُ وَقَعَتْ هَدَّةٌ مِنَ الزَّلْزَلَةِ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُم عَدُّوا بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ جِنَازَةٍ، حُمِلَتْ مِنَ الغَد بِالرَّيِّ.قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
إِذَا مَرِضْتُ شَهْراً أَوْ شَهْرَيْنِ، تَبَيَّنَ عَليَّ فِي حِفْظِ القُرْآنِ، وَأَمَّا الحَدِيْثُ، فَإِذَا تَرَكْتَ أَيَّاماً تَبَيَّنَ عَلَيْكَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: نَرَى قَوْماً مِنْ أَصْحَابِنَا، كَتَبُوا الحَدِيْثَ، تَرَكُوا المُجَالَسَةَ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، أَوِ أَقَلَّ، إِذَا جَلَسُوا اليَوْمَ مَعَ الأَحَدَاثِ كَأَنَّهُم لاَ يَعْرِفُونَ، أَوْ لاَ يُحْسِنُوْنَ الحَدِيْثَ.
ثُمَّ قَالَ: الحَدِيْثُ مِثْلُ الشَّمْسِ، إِذَا حُبِسَ عَنِ الشَّرْقِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، لاَ يَعْرِفُ السَّفَرَ، فَهَذَا الشَّانُ يَحْتَاجُ أَنْ تَتَعَاهَدَهُ أَبَداً.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
اخْتِيَارُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَمَا أَعْرِفُ فِي أَصْحَابِنَا أَسْودَ الرّأْسِ أَفْقَهَ مِنْ أَحْمَدَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ - وَسُئِلَ عَنْ مُرْسَلاتِ الثَّوْرِيِّ، وَمُرْسَلاَتِ شُعبَةَ - فَقَالَ: الثَّوْرِيُّ تَسَاهَلَ فِي الرِّجَالِ، وَشُعْبَةُ لاَ يُدَلِّسُ وَلاَ يُرْسِلُ.
قِيْلَ لَهُ: فَمَالِكٌ مُرْسَلاَتُهُ أَثْبَتُ أَمِ الأَوْزَاعِيُّ؟
قَالَ: مَالِكٌ لاَ يكَادُ يُرْسِلُ إِلاَّ عَنْ قَوْمٍ ثِقَاتٍ، مَالِكٌ مُتَثَبِّتٌ فِي أَهْلِ بَلَدِه جِدّاً، فَإِنْ تَسَاهَلَ، فَإِنَّمَا يَتَسَاهَلُ فِي قَوْمٍ غُرَبَاءَ لاَ يَعْرِفُهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
السَّيَّارِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ بنَ يَزِيْدَ الرَّازِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:ارْتَحَلْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ المِصْرِيِّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، مَعَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَتَذَاكَرْنَا إِلَى أَنْ ضَاقَ الوَقْتُ، ثُمَّ أَخرَجْتُ مِنْ كُمِّي أَطْرَافاً، فِيْهَا أَحَادِيْثُ سَأَلتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ لِي: تَعُودُ.
فَعُدْتُ مِنَ الغَد، وَمعِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَأَخْرَجْتُ الأَطرَافَ، وَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: تَعُودُ.
فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قُلْتَ لِي بِالأَمْسِ: تَعُودُ؟! مَا عِنْدَك مِمَّا يُكْتَبُ، أَوْرِدْ عَلَيَّ مُسْنَداً أَوْ مُرْسَلاً أَوْ حَرْفاً مِمَّا أَسْتَفِيْدُ، فَإِنْ لَمْ أَرْوِهِ لَكَ عَمَّنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْكَ، فلَسْتُ بِأَبِي زُرْعَةَ، ثُمَّ قُلْتُ : مَنْ هَا هُنَا مِمَّنْ نَكْتُبُ عَنْهُ؟
قَالُوا: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ.
ابْنُ جَوْصَا: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيَّ يَقُوْلُ:
كُنَّا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا أَيَّاماً، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: بَلَغَنِي وُرُوْدُ هَذَا الغُلاَمِ -يَعْنِي: أَبَا زُرْعَةَ- فَدَرَسْتُ للالْتِقَاءِ بِهِ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَعَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ لاَ يَأْكُلُ الجُبْنَ، وَلاَ الخَلَّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي بِالمُذَاكَرَةِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَحْمِلُوا خَطَأً، هَذَا ابْنُ المُبَارَكِ كَرِهَ أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُ بِالمذَاكَرَةِ، وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى: لاَ تَحْمِلُوا عَنِّي بِالمذَاكرَةِ شَيْئاً.
وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: إِذَا انْفَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالحَدِيْثِ، لاَ يَكُونُ حُجَّةً.
ثُمَّ رَوَى لَهُ حَدِيْثَ القِرَاءةِ خَلْفَ الإِمَامِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ
الحَوضيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَقَبِيْصَةُ، يَقْدِرُوْنَ عَلَى الحِفْظِ، يَجِيْؤُونَ بِالحَدِيْثِ بِتَمَامٍ.وَذَكَرَ عَنْ قَبِيْصَةَ كَأَنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ كِتَابٍ.
قُلْتُ: يُعْجِبُنِي كَثِيْراً كَلاَمَ أَبِي زُرْعَةَ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ، يَبِيْنُ عَلَيْهِ الوَرَعُ وَالمَخْبَرَةُ، بِخِلاَفِ رَفِيْقِهِ أَبِي حَاتِمٍ، فَإِنَّهُ جَرَّاحٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الفَقِيْهُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاهِدُ، وَسِتُّ القُضَاةِ؛ بِنْتُ يَحْيَى، قِرَاءةً، قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الخَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغْبَان فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنَا
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفَجْأَةِ نَقْمَتِكَ، وَجَمِيْعِ سَخَطِكَ) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوِّ دَرَجَةٍ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنْبَاعِ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ دَاوُدَ، عَنْ يَعْقُوْبَ، نَحْوهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ فِي كِتَابِهِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِر بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ الحَسَنِ بِأَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ العَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللهِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عبِيَدِةَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ وَاصِلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ البُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ نَوْفَل، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لِلأَنْبِيَاءِ مَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْلِسُوْنَ عَلَيْهَا، وَيَبْقَى مِنْبَرِيْ لَا أَجْلِسُ عَلَيْهِ) .
أَوْ قَالَ: (لَا أَقْعُدُ عَلَيْهِ، فِيمَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- مُنْتَصِباً، مَخَافَةَ أَنْ يُذْهَبَ بِي إِلَى الجَنَّةِ وَتَبْقَى أُمَّتِي، فَأَقُوْلُ: رَبِّ، أُمَّتِي، أُمَّتِي، فَيَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى: وَمَا تُرِيْدُ أَنْ أَصْنَعَ بِأُمَّتِكَ؟ فَأَقُولُ: يَا رَبُّ!
عَجِّلْ حِسَابَهُمْ.فَيُدْعَى بِهِمْ، فَيُحَاسَبُوْنَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللهِ، وَمِنْهُم مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَتِي، فَمَا أَزَالُ أَشْفَعُ، حَتَّى أُعْطَى صَكّاً بِرِجَالٍ قَدْ بُعِثَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، حَتَّى إِنَّ مَالِكاً خَازِنَ النَّارِ يَقُوْلُ:
يَا مُحَمَّدُ! مَاْ تَرَكْتَ لِلنَّارِ وَلِغَضَبِ رَبِّكَ فِي أُمَّتِكَ مِنْ نَقْمَةٍ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ مُنْكَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ ؛ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، قَالَ البُخَارِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَرَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحْدَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّاعِدِيُّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، وَبَالإِسْنَادِ إِلَى يَعْقُوْبَ، قَالَ:
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَرْزُوْقٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ يُوْنُسَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، أَخْبَرَنَا شَدَّادٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ أنْ تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُوْلُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى).
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ نوش، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ:سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ، فَقَالاَ: أَدْرَكْنَا العُلَمَاءَ فِي جَمِيْعِ الأَمْصَارِ، فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِم: أَنَّ اللهَ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، بِلاَ كَيْفٍ، أَحَاطَ بِكُلِّ شِيءٍ عِلْماً.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ البُنَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الهَيْثَمِ الفَسَوِيُّ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ حَمْدُوْنُ البَرْذَعِيُّ عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، لِكِتَابَةِ الحَدِيْثِ، دَخَلَ، فَرَأَى فِي دَارِهِ أَوَانِيَ وَفُرُشاً كَثِيْرَةً، وَكَانَ ذَلِكَ لأَخِيْهِ، قَالَ: فَهَمَّ أَنْ يَرْجِعَ وَلاَ يَكْتب، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ، رَأَى كَأَنَّهُ عَلَى شَطِّ بِرْكَةٍ، وَرَأَى ظِلَّ شَخْصٍ فِي المَاءِ، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي زَهِدْتَ فِي أَبِي زُرْعَةَ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ كَانَ مِنَ الأَبْدَالِ، فَلَمَّا مَاتَ أَبْدَلَ اللهُ مَكَانَهُ أَبَا زُرْعَةَ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعَدَّلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ:
مَا حَالُكَ يَا أَبَا زُرْعَةَ؟قَالَ أَحْمُدُ اللهَ عَلَى أَحْوَالِهِ كُلِّهَا، إِنِّي حَضَرْتُ فَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ: يَا عُبَيْد اللهِ! لِمَ تَذَرَّعْتَ القَوْلَ فِي عِبَادِي؟
قُلْتُ: يَا رَبِّ! إِنَّهُم حَاوَلُوا دِيْنَكَ.
قَالَ: صَدَقْتَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِطَاهِرٍ الخُلقَانِي، فَاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي تَعَالَى، فَضُرِبَ الحَدَّ مائَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الحَبْسِ، ثُمَّ قَالَ: أَلْحِقُوا عُبَيْدَ اللهِ بِأَصْحَابِهِ: أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
قُلْتُ: إِسْنَادُهَا كَالشَّمْسِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الخَلاَّلِ، أَخْبَرَنَا الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَالِكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الحَافِظُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الفَرَضِي، سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنَ، سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَافِظَ، سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ، يَقُوْلُ:
حَضَرْتُ أَنَا وَأَبُو حَاتِمٍ عِنْدَ وَفَاةِ أَبِي زُرْعَةَ، فَقُلْنَا: كَيْفَ تُلَقِّنُ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ؟
فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بُنْدَارُ فِي آخَرِيْنَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ:
حَدَّثَنَا بُنْدَارُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَبِي عَرِيْبٍ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إلَهَ إِلاَّ الله) ، وَخَرَجَ رُوْحُهُ مَعَهُ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=157132&book=5548#57ae26
أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ المُنْذِر بنِ دَاوُدَ بنِ مِهْرَانَ
(د، س، ت) وَابْنُهُالإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، الحَنْظَلِيُّ الغَطَفَانِيُّ، مِنْ تَمِيْمِ بنِ حَنْظَلَةَ بنِ يَرْبُوْع.
وَقِيْلَ: عُرِفَ بِالحَنْظَلِيِّ لأَنَّهُ كَانَ يَسْكُنُ فِي دَرْبِ حَنْظَلَةَ، بِمَدِيْنَة الرَّيِّ.
كَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، طَوَّفَ البِلاَدَ، وَبَرَعَ فِي المَتْنِ وَالإِسْنَادِ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَجَرَحَ وَعَدَّلَ، وَصَحَّحَ وَعَلَّلَ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأَوَّلُ كِتَابِهِ لِلْحَدِيْثِ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ مِنْ نُظَرَاءِ البُخَارِيِّ، وَمِنْ طَبَقَتِهِ، وَلَكِنَّهُ عُمِّرَ بَعْدَهُ أَزْيَدَ مِن عِشْرِيْنَ عَاماً.
سَمِعَ: عُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ، وَالأَصْمَعِيَّ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ، وَعُثْمَانَ بنَ الهَيْثَمِ المُؤَذِّن، وَأَبَا مُسْهِرٍ الغَسَّانِيَّ، وَأَبَا اليَمَانِ، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ، وَزُهَيْرَ بنَ عَبَّادٍ، وَيَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ، وَأَبَا الوَلِيْدِ، وَآدَمَ بنَ أَبِي إِيَاسٍ، وثَابِتَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدَ، وَأَبَا زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ النَّحْوِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ صَالِحٍ العِجْلِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ صَالِحٍ الكَاتِبَ، وَأَبَا الجُمَاهِرِ مُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ، وَهَوْذَةَ بنَ خَلِيْفَةَ، وَيَحْيَى
الوُحَاظِيَّ، وَأَبَا تَوْبَةَ الحَلَبِيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.وَيَنْزِلُ إِلَى: بُنْدَارٍ، وَأَبِي حَفْصٍ الفَلاَّسِ، وَالرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ، ثُمَّ إِلَى ابْنِ وَارَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَوْفٍ.
وَيَتَعَذَّرُ اسْتِقْصَاءُ سَائِرَ مَشَايِخِهِ.
فَقَدْ قَالَ الخَلِيْلِيُّ: قَالَ لِي أَبُو حَاتِمٍ اللَّبَّانُ الحَافِظُ: قَدْ جَمَعْتُ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، فَبَلَغُوا قَرِيْباً مِنْ ثَلاَثَةِ آلاَفٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ الحَافِظُ الإِمَامُ؛ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ المُؤَذِّنُ شَيْخَاهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ رَفِيْقُهُ وَقَرَابَتُهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَأَحْمَدُ الرَّمَادِيُّ، وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ - فِيْمَا قِيْلَ - وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ فِي (سُنَنِهِمَا) ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَحَاجِبُ بنُ أَرْكِيْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكِنَانِيُّ، وَزَكَرِيَّا بنُ أَحْمَدَ البَلْخِيُّ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَطَّانُ، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَكِيْمٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ الفَامِي، وَالقَاسِمُ بنُ صَفْوَانَ، وَأَبُو بِشْرٍ الدُّوْلابِي، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ حَسْنَوَيه، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ فِي رَحْلاَتِهِ بِأَمَاكِنَ، وَارْتَحَلَ بَابْنِهِ، وَلَقِيَ بِهِ أَصْحَابَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَوَكِيْعٍ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ
المُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ الجَعْفَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (خَيْرُ نِسَاءِ العَالِمِيْنَ مَرْيَمُ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَخَدِيْجَةُ، وَفَاطِمَةُ ) .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو حَاتِمٍ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ عَنِّي، عَنْ أَبِي الجُمَاهِرِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَرْفَعُهُ، قَالَ: (رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ ) .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ عِنْدِي هَذَا فِي قِرْطَاسٍ فَضَاعَ.
رَوَاهُ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا صَالِحٌ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ مُوْسَى بنَ إِسْحَاقَ القَاضِي يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ وَالِدِكَ.وَكَانَ قَدْ لَقِيَ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنَ نُمَيْرٍ، وَابْنَ مَعِيْنٍ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيَّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَبُو حَاتِمٍ أَحَدَ الأَئِمَّةِ الحُفَّاظِ الأَثبَاتِ ... أَوَّلُ سَمَاعِهِ سَنَةَ تِسْعٍ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ الحَافِظُ: حَكَى لَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
نَحْنُ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، مِنْ قَرْيَةِ جُرْوَكَانَ، وَأَهْلُنَا كَانُوا يَقْدُمُوْنَ عَلَيْنَا فِي حَيَاةِ أَبِي، ثُمَّ انقَطَعُوا عَنَّا.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: كَانَ أَبُو حَاتِمٍ عَالِماً بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ، وَفِقْهِ التَّابِعِيْنَ، وَمَنْ بَعْدَهُم، سَمِعْتُ جَدِّي وَجَمَاعَةً، سَمِعُوا عَلِيَّ بنَ إِبْرَاهِيْمَ القَطَّانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي حَاتِمٍ!
فَقُلْنَا لَهُ: قَدْ رَأَيْتَ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ القَاضِي؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَجْمَعَ مِنْ أَبِي حَاتِمٍ، وَلاَ أَفْضَلَ مِنْهُ.
عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّقَّامُ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ الحُسَيْنِ الدَّارِسْتِيْنِيَّ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ، يَقُوْلُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحْرَصَ عَلَى طَلَبِ الحَدِيْثِ مِنْكَ.
فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنِي لَحَرِيْصٌ.
فَقَالَ: (مَنْ أَشْبَهَ أَبَاهُ فَمَا ظَلَم ) . قَالَ الرَّقَّامُ:
فَسَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنِ اتِّفَاقِ كَثْرَةِ السَّمَاعِ لَهُ، وَسُؤَالاَتِهِ لأَبِيهِ، فَقَالَ:رُبَّمَا كَانَ ي?أْكُلُ وَأَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَيَمْشِي وَأَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَيَدْخُلُ الخَلاَءَ وَأَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَيَدْخُلُ البَيْتَ فِي طَلَبِ شَيْءٍ وَأَقْرَأُ عَلَيْهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ بَعْدَ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى أَحْفَظَ لِلْحَدِيْثِ مِنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَلاَ أَعْلَمَ بِمَعَانِيه.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ صَفْوَانَ، سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
أَوْرَعُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةً:
آدَمُ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ.
قَالَ القَاسِمُ: فَذَكَرْتُهُ لِعُثْمَانَ بنِ خُرَّزَاذَ، فَقَالَ: أَنَا أَقُوْلُ أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةً:
مُحَمَّدُ بنُ المِنْهَالِ الضَّرِيْرُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَرْعَرَةَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُوْلُ:
أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ إِمَامَا خُرَاسَانَ، وَدَعَا لَهُمَا، وَقَالَ: بَقَاؤُهُمَا صَلاَحٌ لِلْمُسْلِمِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُكْرَمٍ: سَمِعْتُ حَجَّاجَ بنَ الشَّاعِرِ، وَذَكَرْتُ لَهُ أَبَا زُرْعَةَ، وَابْنَ وَارَةَ، وَأَبَا جَعْفَرٍ الدَّارِمِيَّ، فَقَالَ: مَا بِالمَشْرِقِ أَنْبَلُ مِنْهُم.ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ لِي هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، أَيُّ شَيْء تَحْفَظُ مِنَ الأَذْوَاءِ؟
قُلْتُ: ذُو الأَصَابِعِ، وَذُو الجَوْشَنِ، وَذُو الزَّوَائِدِ، وَذُو اليَدَيْنِ، وَذُو اللِّحْيَةِ الكِلابِيّ، وَعَدَدْتُ لَهُ سِتَّة، فَضَحِكَ، وَقَالَ: حَفِظْنَا نَحْنُ ثَلاَثَةً، وَزِدْتَ أَنْتَ ثَلاَثَةً.
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: كَانَ أَبُو حَاتِمٍ مِنْ أَهْلِ الأَمَانَةِ وَالمَعْرِفَةِ.
وَقَالَ هِبَةُ اللهِ اللاَّلْكَائِيُّ : كَانَ أَبُو حَاتِمٍ إِمَاماً حَافِظاً مُتَثَبِّتاً.
وَذَكَرَهُ اللاَّلْكَائِيُّ فِي شُيُوْخِ البُخَارِيِّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ يَوْماً تَمْيِّيزُ الحَدِيْثِ وَمَعْرِفَتُهُ، فَجَعَلَ يَذْكُرُ أَحَادِيْثَ وَعلَلَهَا، وَكَذَلِكَ كُنْتُ أَذْكُرُ أَحَادِيْثَ خَطَأ وَعللهَا، وَخَطَأ الشُّيُوْخِ، فَقَالَ لِي:
يَا أَبَا حَاتِمٍ! قَلَّ مَنْ يَفْهُم هَذَا، مَا أَعَزُّ هَذَا! إِذَا رَفَعْتَ هَذَا مِنْ وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ فَمَا أَقَلَّ مَنْ تَجِدُ مَنْ يُحْسِنُ هَذَا! وَرُبَّمَا أَشُكُّ فِي شَيْءٍ، أَوْ يَتَخَالَجُنِي فِي حَدِيْثٍ، فَإِلَى أَنْ أَلْتَقِي مَعَكَ لاَ أَجِدُ مَنْ يَشْفِينِي مِنْهُ.
قَالَ أَبِي: وَكَذَلِكَ كَانَ أَمْرِي.
صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ:تَرْفَعُ يَدَيْكَ فِي القُنُوْتِ؟
قُلْتُ: لاَ، فَتَرْفَعُ أَنْتَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَمَا حُجَّتُكَ؟
قَالَ: حَدِيْثُ ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
قُلْتُ : رَوَاهُ لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ.
قَالَ : فَحَدِيْثُ أَبِي هُرَيْرَةَ؟
قُلْتُ : رَوَاهُ ابْنُ لَهِيْعَةَ.
قَالَ: حَدِيْثُ ابْنِ عَبَّاسٍ؟
قُلْتُ: رَوَاهُ عَوْفٌ.
قَالَ: فَمَا حُجَّتُكَ فِي تَرْكِهِ؟
قُلْتُ: حَدِيْثَ أَنَسَ بنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (كَانَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ، إِلاَّ فِي الاسْتِسْقَاء) .
فَسَكَتَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ (الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ ) لَهُ:
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: جَاءنِي رَجُلٌ مِنْ جِلَّةِ أَصْحَابِ الرَّأْي، مِنْ أَهْلِ الفَهْمِ مِنْهُم، وَمَعَهُ دَفْتَرٌ، فَعَرَضَهُ عَلَيَّ، فَقُلْتُ فِي بَعْضِه: هَذَا حَدِيْثٌ خَطَأٌ، قَدْ دَخَلَ لِصَاحِبِهِ حَدِيْثٌ فِي حَدِيْثٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ، وَهَذَا مُنْكَرٌ، وَسَائِرُ ذَلِكَ صِحَاح.
فَقَالَ: مِنَ أَيْنَ عَلِمْتَ أَنَّ ذَاكَ خَطَأٌ، وَذَاكَ بَاطِلٌ، وَذَاكَ كَذِبٌ؟ أَأَخْبَرَكَ رَاوِي هَذَا الكِتَابِ بِأَنِّي غَلِطْتُ، أَوْ بِأَنِي كَذَبْتُ فِي حَدِيْثِ كَذَا؟
قُلْتُ: لاَ، مَا أَدْرِي هَذَا الجُزْء مَنْ رَاوِيْهِ، غَيْرَ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الحَدِيْثَ خَطَأٌ، وَأَنَّ
هَذَا بَاطِلٌ.فَقَالَ: تَدَّعِي الغَيْبَ؟
قُلْتُ: مَا هَذَا ادِّعَاءُ غَيْبٍ.
قَالَ: فَمَا الدَّلِيْلُ عَلَى مَا قُلْتَ؟
قُلْتُ: سَلْ عَمَّا قُلْتُ، مَنْ يُحْسِنُ مِثْلَ مَا أُحْسِنُ، فَإِنْ اتَّفَقْنَا عَلِمْتَ أَنَّا لَمْ نُجَازِفْ وَلَمْ نَقُلْهُ إِلاَّ بِفَهْمٍ.
قَالَ : وَيَقُوْلُ أَبُو زُرْعَةَ كَقَوْلِكَ؟
قُلْتُ: نَعْم.
قَالَ: هَذَا عَجَبٌ.
قَالَ: فَكَتَبَ فِي كَاغَد أَلفَاظِي فِي تِلْكَ الأَحَادِيْثَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ، وَقَدْ كَتَبَ أَلْفَاظَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَبُو زُرْعَةَ فِي تِلْكَ الأَحَادِيْثَ، فَقَالَ: مَا قُلْتَ إِنَّهُ كَذِبٌ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ بَاطِلٌ.
قُلْتُ: الكَذِبُ وَالبَاطِلُ وَاحِدٌ.
قَالَ: وَمَا قُلْتَ إِنَّهُ مُنْكَرٌ، قَالَ: هُوَ مُنْكَرٌ، كَمَا قُلْتَ، وَمَا قُلْتَ: إِنَّهُ صَحِيْحٌ، قَالَ: هُوَ صَحِيْحٌ.
ثُمَّ قَالَ: مَا أَعَجَبَ هَذَا! تَتَّفَقَان مِنْ غَيْر مُوَاطَأَةٍ فِيمَا بَيْنَكُمَا.
قُلْتُ: فَعِنْدَ ذَلِكَ عَلِمْتَ أَنَّا لَمْ نُجَازِفْ، وَأَنَّا قُلْنَا بِعِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ قَدْ أُوْتِيْنَاهُ، وَالدَّلِيْلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُوْلُهُ أَنَّ دِيْنَاراً بَهْرَجاً يُحْمَلُ إِلَى النَّاقِدِ، فَيَقُوْلُ: هَذَا بَهْرَجٌ.
فَإِنْ قِيْلَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ: إِنَّ هَذَا بَهْرَجٌ؟ هَلْ كُنْتَ حَاضِراً حِيْنَ بُهْرِجَ هَذَا الدِّينَارُ؟
قَالَ: لاَ.
وإِنْ قِيْلَ: أَخْبَرَكَ الَّذِي بَهْرَجَهُ؟
قَالَ: لاَ.
قِيْلَ: فَمَنْ أَيْنَ قُلْت؟
قَالَ: عِلْماً رُزِقْتُهُ.
وَكَذَلِكَ نَحْنُ رُزِقْنَا مَعْرِفَةَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِذَا حُمِلَ إِلَى جَوْهَرِيٍّ فَصُّ يَاقُوْتٍ، وَفَصُّ زُجَاجٍ، يَعرِفُ ذَا مِنْ ذَا، وَيَقُوْلُ كَذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ نَحْنُ رُزِقْنَا عِلْماً، لاَ يتَهَيَّأُ لَهُ أَنْ نُخْبِرُكَ كَيْفَ عَلِمْنَا بِأَنَّ هَذَا كَذِبٌ، أَوْ هَذَا مُنْكَرٌ، فَنَعْلَمُ صِحَّةَ الحَدِيْثِ بِعَدَالَةِ نَاقِلِيْهِ، وَأَنْ يَكُوْنَ كَلاَماً يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كَلاَمَ النُّبُوَّةِ، وَنَعْرِفُ سَقَمَهُ وَإِنْكَارَهُ بتَفَرَّدِ مَنْ لَمْ تَصِحَّ عَدَالَتُهُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: قُلْتُ عَلَى بَابِ أَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ:مَنْ أَغْرَبَ عَلَيَّ حَدِيْثاً غَرِيْباً مُسْنَداً لَمْ أَسْمَعْ بِهِ صَحِيْحاً فَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَكَانَ ثَمَّ خَلْقٌ:
أَبُو زُرْعَةَ، فَمَنْ دُوْنَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ مُرَادِي أَن يُلْقَى عَلَيَّ مَا لَمْ أَسْمَعْ بِهِ، فَيَقُوْلُوْنَ: هُوَ عِنْدَ فُلاَنٍ، فَأَذْهَبُ وَأَسْمَعَهُ، فَلَمْ يَتَهَيَّأَ لأَحَدٍ أَن يُغْرِبَ عَلَيَّ حَدِيْثاً.
وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الأَسْفَاطِيُّ قَدْ وَلِعَ بِالتَّفْسِيْرِ وَتَحَفُّظِهِ، فَقَالَ يَوْماً: مَا تَحْفَظُوْنَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنَقَّبُوا فِي البِلاَدِ} [ق: 36] .
فَبَقِيَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ يَنْظُرُ بَعْضُهُم إِلَى بَعْضٍ، فَقُلْتُ:
حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَرَبُوا فِي البِلاَدِ.
فَاسْتحسنَ.
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ الرَّيَّ، فَأَلقَيْتُ عَلَيْهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، فَلَمْ يَعْرِفْ مِنْهَا إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ، وَسَائِرُ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَعْرِفْهَا.
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَوَّلُ سنَةٍ خَرَجْتُ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ، أَقَمْتُ سَبْعَ سِنِيْنَ، أَحْصَيْتُ مَا مَشَيْتُ عَلَى قَدَمِي زِيَادَةً عَلَى أَلفِ فَرْسَخٍ.
قُلْتُ: مَسَافَةُ ذَلِكَ نَحْوُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، سَيْرَ الجَادَّة.
قَالَ: ثُمَّ تَرَكْتُ العَدَدَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَخَرَجْتُ مِنَ البَحْرَيْنِ إِلَى مِصْرَ مَاشِياً، ثُمَّ إِلَى الرَّمْلَةِ مَاشِياً، ثُمَّ إِلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ أَنْطَاكِيَةَ وَطَرَسُوْسَ، ثُمَّ
رَجَعْتُ إِلَى حِمْصَ، ثُمَّ إِلَى الرَّقَّةِ، ثُمَّ رَكِبْتُ إِلَى العِرَاقِ، كُلُّ هَذَا فِي سَفَرِي الأَوَّل وَأَنَا ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً.خَرَجْتُ مِنَ الرَّيِّ، فَدَخَلْتُ الكُوْفَةَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَجَاءنَا نَعِيُّ المُقْرِئ وَأَنَا بِالكُوْفَةِ، ثُمَّ رَحَلْتُ ثَانِياً سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى الرَّيِّ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَحَجَجْتُ رَابِعَ حِجَّةٍ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَحَجَّ فِيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ؛ ابْنُهُ.
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَتَبَ عَنِّي مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى جُزْءاً انتَخَبَهُ.
وَكَلَّمَنِي دُحَيْمٌ فِي حَدِيْثِ أَهْلِ طَبَرِيَّةَ، وَكَانُوا سَأَلُوْنِي التَّحْدِيْثَ، فَقُلْتُ: بَلْدَةٌ يَكُونُ فِيْهَا مِثْلُ دُحَيْمٍ القَاضِي أُحَدِّثُ أَنَا بِهَا؟!
فَكَلَّمَنِي دُحَيْمٌ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ بَلْدَةٌ نَائِيَةٌ عَنْ جَادَّةِ الطَّرِيْقِ، فَقَلَّ مَنْ يَقْدَمُ عَلَيْهِم يُحَدِّثُهُم.
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: بَقِيْتُ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ فِي نَفْسِي أَنْ أُقِيْمَ سَنَةً، فَانْقَطَعَتْ نَفَقَتِي، فَجَعَلْتُ أَبِيْعُ ثِيَابِي حَتَّى نَفِدَتْ، وَبَقَيْتُ بِلاَ نَفَقَةٍ، وَمَضَيْتُ أَطُوْفُ مَعَ صَدِيْقٍ لِي إِلَى المَشْيَخَةِ، وَأَسْمَعُ إِلَى المَسَاءِ، فَانْصَرَفَ رَفِيْقِي، وَرجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، فَجَعَلْتُ أَشْرَبُ المَاءَ مِنَ الجُوْعِ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ، فَغَدَا عَلَيَّ رَفِيْقِي، فَجَعَلْتُ أَطُوْفُ مَعَهُ فِي سَمَاعِ الحَدِيْثِ عَلَى جُوْعٍ شَدِيْدٍ، وَانصَرَفْتُ جَائِعاً، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ،
غَدَا عَلَيَّ، فَقَالَ: مُرَّ بِنَا إِلَى المَشَايِخِ.قُلْتُ: أَنَا ضَعِيْفٌ لاَ يُمْكِنُنِي.
قَالَ: مَا ضَعْفُكَ؟
قُلْتُ: لاَ أَكْتُمُكُ أَمْرِي، قَدْ مَضَى يَوْمَان مَا طَعمتُ فِيْهِمَا شَيْئاً.
فَقَالَ: قَدْ بَقِيَ مَعِيَ دِيْنَارٌ، فَنِصْفُهُ لَكَ، وَنَجْعَلُ النِّصْفَ الآخَرَ فِي الكِرَاءِ، فَخَرَجْنَا مِنَ البَصْرَةِ، وَأَخَذْتُ مِنْهُ النِّصْفَ دِيْنَار.
وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: خَرَجْنَا مِنَ المَدِيْنَةِ، مِنْ عِنْدِ دَاوُدَ الجَعْفَرِيِّ، وَصِرْنَا إِلَى الجَارِ وَرَكِبْنَا البَحْرَ، فَكَانَتِ الرِّيْحُ فِي وَجُوْهِنَا، فَبَقِيْنَا فِي البَحْرِ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، وَضَاقتْ صُدُوْرُنَا، وَفَنِيَ مَا كَانَ مَعَنَا، وَخَرَجْنَا إِلَى البَرِّ نَمْشِي أَيَّاماً، حَتَّى فَنِيَ مَا تَبَقَّى مَعَنَا مِنَ الزَّادِ وَالمَاءِ، فَمَشَيْنَا يَوْماً لَمْ نَأْكلْ وَلَمْ نَشْرَبْ، وَيَوْمَ الثَّانِي كَمثل، وَيَوْمَ الثَّالِثِ، فَلَمَّا كَانَ يَكُوْنُ المَسَاءَ صَلَّيْنَا، وَكُنَّا نُلْقِي بِأَنْفُسِنَا حَيْثُ كُنَّا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ، جَعَلنَا نَمْشِي عَلَى قَدْرِ طَاقَتِنَا، وَكُنَّا ثَلاَثَةَ أَنْفُسٍ: شَيْخٌ نَيْسَابُورِيٌّ، وَأَبُو زُهَيْرٍ المَرْوَرُّوْذِيُّ، فَسَقَطَ الشَّيْخُ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَجِئْنَا نُحَرِّكُهُ وَهُوَ لاَ يَعْقِلُ، فَتَرَكْنَاهُ، وَمَشَيْنَا قَدْرَ فَرْسَخٍ، فَضَعُفْتُ، وَسَقَطْتُ مَغْشِيّاً عَلِيَّ، وَمَضَى صَاحِبِي يَمْشِي، فَبَصُرَ مِنْ بُعْدٍ قَوْماً، قَرَّبُوا سَفِيْنَتَهُم مِنَ البِرِّ، وَنَزَلُوا عَلَى بِئْرِ مُوْسَى، فَلَمَّا عَايَنَهُم، لَوَّحَ بِثَوْبِهِ إِلَيْهِم، فَجَاؤُوهُ مَعَهُم مَاءٌ فِي إِدْاوَةٍ.
فَسَقَوْهُ وَأَخَذُوا بِيَدِهِ.
فَقَالَ لَهُم: الحَقُوا رَفِيْقَيْنِ لِي، فَمَا شَعَرْتُ إِلاَّ بِرَجُلٍ يَصُبُّ المَاءَ عَلَى وَجْهِي، فَفَتَحْتُ عَيْنِيَّ، فَقُلْتُ: اسقِنِي، فَصَبَّ مِنَ المَاءِ فِي مَشْربَةٍ قَلِيْلاً، فَشَرِبْتُ، وَرَجَعَتْ إِليَّ نَفْسِي، ثُمَّ سَقَانِي قَلِيْلاً، وَأَخَذَ بِيَدِي، فَقُلْتُ: وَرَائِي شَيْخٌ مُلْقَى، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَيْهِ، وَأَخَذَ بِيَدِي، وَأَنَا
أَمشِي وَأَجُرُّ رِجْلَيَّ، حَتَّى إِذَا بَلغْتُ إِلَى عِنْدِ سَفِيْنَتِهِم، وَأَتَوا بِالشَّيْخِ، وَأَحْسَنُوا إِليْنَا، فَبَقِينَا أَيَّاماً حَتَّى رَجَعَتْ إِلَيْنَا أَنْفُسُنَا، ثُمَّ كَتَبُوا لَنَا كِتَاباً إِلَى مَدِيْنَةٍ يُقَالُ لَهَا: رَايَة، إِلَى وَالِيهِم، وَزَوَّدُونَا مِنَ الكَعْكِ وَالسَوِيْقِ وَالمَاءِ.فَلَمْ نَزَلْ نَمْشِي حَتَّى نَفِدَ مَا كَانَ مَعَنَا مِنَ المَاءِ وَالقُوْتِ، فَجَعَلْنَا نَمْشِي جِيَاعاً عَلَى شَطِّ البَحْرِ، حَتَّى دُفِعْنَا إِلَى سُلَحْفَاةٍ مِثْلَ التُّرْسِ، فَعَمَدْنَا إِلَى حَجَرٍ كَبِيْرٍ، فَضَرَبْنَا عَلَى ظَهْرِهَا، فَانْفَلَقَ، فَإِذَا فِيْهَا مِثْلُ صُفْرَةِ البَيْضِ، فَتَحَسَّيْنَاهُ حَتَّى سَكَنَ عَنَّا الجُوْعَ ٌ ثُمَّ وَصَلْنَا إِلَى مَدِيْنَةِ الرَّايَةِ، وَأَوْصَلْنَا الكِتَابَ إِلَى عَامِلِهَا، فَأَنْزَلَنَا فِي دَارِهِ، فَكَانَ يُقَدِّمُ لَنَا كُلَّ يَوْمٍ القَرْعَ، وَيَقُوْلُ لخَادِمِهِ: هَاتِي لَهُم اليَقْطِيْنَ المُبَارَكِ، فَيُقَدِّمُهُ مَعَ الخُبْزِ أَيَّاماً.
فَقَالَ وَاحِدٌ مِنَّا: أَلاَ تَدْعُو بِاللَّحْمِ المَشْؤُومِ؟! فسَمِعَ صَاحِبُ الدَّارِ، فَقَالَ: أَنَا أُحْسِنُ بِالفَارِسِيَّةِ، فَإِنَّ جَدَّتِي كَانَتْ هَرَوِيَّة، وَأَتَانَا بَعْدَ ذَلِكَ بِاللَّحْمِ، ثُمَّ زَوَّدَنَا إِلَى مِصْرَ.
وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَتَبْتُ الحَدِيْثَ سَنَةَ تِسْعٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَتَبْتُ عَنْ عَتَّابِ بنِ زِيَادٍ المَرْوَزِيِّ سَنَةَ عَشْرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا حَاجّاً وَكُنْتُ أُفِيْدُ النَّاسَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئ، وَأَنَا بِالرَّيِّ، فَيَخْرُجُ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَيَسْمَعُوْنَ مِنْهُ، وَيَرْجِعُوْنَ وَأَنَا بِالرَّيِّ.
وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عِنْدَ عَارِمٍ وَهُوَ يَقْرَأُ.وَكَتَبْتُ عِنْدَ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ وَهُوَ يَقْرَأُ، وَسِرْتُ مِنَ الكُوْفَةِ إِلَى بَغْدَادَ مَا لاَ أُحْصِي كَمْ مَرَّةً.
ابْنُ حِبَّانَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ:
كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَوْماً جَالِساً، وَرَجُلٌ فِي نَاحِيَةِ المَجْلِسِ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ:
فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَبُو نُعَيْمٍ، وَقَالَ: كَذَبَ الدَّجَّالُ، مَا سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ شَيْئاً.
ابْنُ حِبَّانَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بنُ يَهَاب، عَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، قَالَ:
كَانَ بِوَاسِطَ رَجُلٌ يَرْوِي عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، أَحْرُفاً، ثُمَّ قِيْلَ: إِنَّهُ أَخْرَجَ كِتَاباً عَنْ أَنَسٍ، فَأَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا لَهُ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الأَحْرُفُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، عِنْدِي كِتَابٌ عَنْ أَنَسٍ.
فَقُلْنَا: أَخْرِجْهُ، فَأَخْرَجَهُ، فَنَظَرْنَا فَإِذَا هِيَ أَحَادِيْثُ شَرِيْكِ بنِ عَبْدِ اللهِ، فجَعَلَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ.
فَقُلْنَا: هَذِهِ أَحَادِيْثُ شَرِيْكٍ.
فَقَالَ: صَدَقْتُم، حَدَّثَنَا أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، عَنْ شَرِيْكٍ، قَالَ: فَأَفْسَدَ عَلَيْنَا تِلْكَ الأَحْرُفَ الَّتِي سَمِعْنَاهَا مِنْهُ، وَقُمْنَا عَنْهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ (الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ) ، لَهُ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَأَبُو زُرْعَةَ، قَالَ:
كَانَ يُحْكَى لَنَا أَنَّ هُنَا رَجُلاً مِنْ قِصَّتِهِ هَذَا، فَحَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ:
كَانَ بِالبَصْرَةِ رَجُلٌ، وَأَنَا مُقِيْمٌ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَحَدَّثَنِي عُثْمَانُ بنِ عَمْرِو بنِ الضَّحَّاكِ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ:
إِنْ لَمْ يَكُنِ القُرْآنُ مَخْلُوْقاً فَمَحَا اللهُ مَا فِي صَدْرِي مِنَ القُرْآن.
وَكَانَ مِنْ قُرَّاءِ القُرْآن، فَنَسِيَ القُرْآنَ حَتَّى كَانَ يُقَالُ لَهُ: قُل: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} فَيَقُوْلُ:
مَعْرُوْفٌ مَعْرُوْفٌ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ بِهِ.قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَجَهِدُوا بِهِ أَنْ أَرَاهُ، فَلَمْ أَرَهُ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ اللاَّلْكَائِيُّ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ الحَنْظَلِيِّ، مِمَّا سَمِعَ مِنْهُ، يَقُوْلُ: مَذْهَبُنَا وَاخْتِيَارُنَا اتِّبَاعُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِيْنَ، وَالتَّمَسُّكُ بِمَذَاهِبِ أَهْلِ الأَثَرِ، مِثْل الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَلُزُوْمُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَنَعْتَقِدُ أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى عَرْشِهِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ} [الشُّوْرَى: 11] وَأَنَّ الإِيْمَانَ يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ، وَنُؤمِنُ بعَذَابِ القَبْرِ، وَبَالحَوْضِ، وَبَالمُسَائَلَةِ فِي القَبْرِ، وَبَالشَّفَاعَةِ، وَنَتَرَحَّمُ عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ.... وَذَكَرَ أَشْيَاءً.
إِذَا وَثَّقَ أَبُو حَاتِمٍ رَجُلاً فَتَمَسَّكْ بِقَولِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يُوَثِّقُ إِلاَّ رَجُلاً صَحِيْحَ الحَدِيْثِ، وَإِذَا لَيَّنَ رَجُلاً، أَوْ قَالَ فِيْهِ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ، فَتَوَقَّفْ حَتَّى تَرَى مَا قَالَ غَيْرُهُ فِيْهِ، فَإِنْ وَثَّقَهُ أَحَدٌ، فَلاَ تَبْنِ عَلَى تَجْرِيْحِ أَبِي حَاتِمٍ، فَإِنَّهُ مُتَعَنِّتٌ فِي الرِّجَالِ، قَدْ قَالَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ رِجَالِ (الصِّحَاحِ) : لَيْسَ بِحُجَّةٍ، لَيْسَ بِقَوِيٍّ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ.
وَآخِرُ مِنْ حَدَّثَ عَنْهُ هُوَ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُوْسَى الرَّازِيُّ، عَاشَ إِلَى بَعْدَ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ المُؤَيَّدِ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ يَحْيَى بنِ هِبَة
اللهِ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ قَفَرْجَل، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، قَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ الفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي بَحِيْرُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ابْنُ آدَمَ! ارْكَعْ لِي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ ) .
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ عَلاَّنَ كِتَابَةً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ الحُبَابِ بِالشَّامِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (احْتَجَّ آدَمُ وَمُوْسَى، فَحَجَّ آدمُ مُوْسَى).
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَة، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ الحَنْبَلِيُّ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ؛ ابْنَا عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، قَالاَ:أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَرَضِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَكِيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
افتَتَحَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- (البَقَرَةَ) ، فِي يَوْمِ عِيْدِ فِطْرٍ أَوِ أَضْحَى، فَقُلْتُ: يَقْرَأُ عَشْرَ آيَاتٍ، فَلَمَّا جَاوَزَ العَشْرَ، قُلْنَا: يَقْرَأُ مائَةَ آيَةٍ، حَتَّى قَرَأَهَا، فرَأَيْتُ أَشْيَاخَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمِيلُوْنَ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي، وَغَيْرُهُ: مَاتَ الحَافِظُ أَبُو حَاتِمٍ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: عَاشَ ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَلأَبِي مُحَمَّدٍ الإِيَادِي الشَّاعِرُ مَرْثِيَّةٌ طَوِيْلَةٌ فِي أَبِي حَاتِمٍ، رَوَاهَا عَنْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، أَوَّلُهَا:
أَنَفْسِي مَالَكِ لاَ تَجْزَعِيْنَا ... وَعَيْنِيَ مَالَكِ لاَ تَدْمَعِيْنَا
أَلَمْ تَسْمَعِي بِكُسُوْفِ العُلُو ... مِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ مُحقاً مَدِيْنَا
أَلَمْ تَسْمَعِي خَبَرَ المُرْتَضَى ... أَبِي حَاتِمٍ أَعْلَم العَالَمِيْنَا
(د، س، ت) وَابْنُهُالإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، الحَنْظَلِيُّ الغَطَفَانِيُّ، مِنْ تَمِيْمِ بنِ حَنْظَلَةَ بنِ يَرْبُوْع.
وَقِيْلَ: عُرِفَ بِالحَنْظَلِيِّ لأَنَّهُ كَانَ يَسْكُنُ فِي دَرْبِ حَنْظَلَةَ، بِمَدِيْنَة الرَّيِّ.
كَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، طَوَّفَ البِلاَدَ، وَبَرَعَ فِي المَتْنِ وَالإِسْنَادِ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَجَرَحَ وَعَدَّلَ، وَصَحَّحَ وَعَلَّلَ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأَوَّلُ كِتَابِهِ لِلْحَدِيْثِ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ مِنْ نُظَرَاءِ البُخَارِيِّ، وَمِنْ طَبَقَتِهِ، وَلَكِنَّهُ عُمِّرَ بَعْدَهُ أَزْيَدَ مِن عِشْرِيْنَ عَاماً.
سَمِعَ: عُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ، وَالأَصْمَعِيَّ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ، وَعُثْمَانَ بنَ الهَيْثَمِ المُؤَذِّن، وَأَبَا مُسْهِرٍ الغَسَّانِيَّ، وَأَبَا اليَمَانِ، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ، وَزُهَيْرَ بنَ عَبَّادٍ، وَيَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ، وَأَبَا الوَلِيْدِ، وَآدَمَ بنَ أَبِي إِيَاسٍ، وثَابِتَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدَ، وَأَبَا زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ النَّحْوِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ صَالِحٍ العِجْلِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ صَالِحٍ الكَاتِبَ، وَأَبَا الجُمَاهِرِ مُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ، وَهَوْذَةَ بنَ خَلِيْفَةَ، وَيَحْيَى
الوُحَاظِيَّ، وَأَبَا تَوْبَةَ الحَلَبِيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.وَيَنْزِلُ إِلَى: بُنْدَارٍ، وَأَبِي حَفْصٍ الفَلاَّسِ، وَالرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ، ثُمَّ إِلَى ابْنِ وَارَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَوْفٍ.
وَيَتَعَذَّرُ اسْتِقْصَاءُ سَائِرَ مَشَايِخِهِ.
فَقَدْ قَالَ الخَلِيْلِيُّ: قَالَ لِي أَبُو حَاتِمٍ اللَّبَّانُ الحَافِظُ: قَدْ جَمَعْتُ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، فَبَلَغُوا قَرِيْباً مِنْ ثَلاَثَةِ آلاَفٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ الحَافِظُ الإِمَامُ؛ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ المُؤَذِّنُ شَيْخَاهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ رَفِيْقُهُ وَقَرَابَتُهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَأَحْمَدُ الرَّمَادِيُّ، وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ - فِيْمَا قِيْلَ - وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ فِي (سُنَنِهِمَا) ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَحَاجِبُ بنُ أَرْكِيْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكِنَانِيُّ، وَزَكَرِيَّا بنُ أَحْمَدَ البَلْخِيُّ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَطَّانُ، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَكِيْمٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ الفَامِي، وَالقَاسِمُ بنُ صَفْوَانَ، وَأَبُو بِشْرٍ الدُّوْلابِي، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ حَسْنَوَيه، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ فِي رَحْلاَتِهِ بِأَمَاكِنَ، وَارْتَحَلَ بَابْنِهِ، وَلَقِيَ بِهِ أَصْحَابَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَوَكِيْعٍ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ
المُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ الجَعْفَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (خَيْرُ نِسَاءِ العَالِمِيْنَ مَرْيَمُ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَخَدِيْجَةُ، وَفَاطِمَةُ ) .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو حَاتِمٍ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ عَنِّي، عَنْ أَبِي الجُمَاهِرِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَرْفَعُهُ، قَالَ: (رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ ) .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ عِنْدِي هَذَا فِي قِرْطَاسٍ فَضَاعَ.
رَوَاهُ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا صَالِحٌ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ مُوْسَى بنَ إِسْحَاقَ القَاضِي يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ وَالِدِكَ.وَكَانَ قَدْ لَقِيَ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنَ نُمَيْرٍ، وَابْنَ مَعِيْنٍ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيَّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَبُو حَاتِمٍ أَحَدَ الأَئِمَّةِ الحُفَّاظِ الأَثبَاتِ ... أَوَّلُ سَمَاعِهِ سَنَةَ تِسْعٍ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ الحَافِظُ: حَكَى لَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
نَحْنُ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، مِنْ قَرْيَةِ جُرْوَكَانَ، وَأَهْلُنَا كَانُوا يَقْدُمُوْنَ عَلَيْنَا فِي حَيَاةِ أَبِي، ثُمَّ انقَطَعُوا عَنَّا.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: كَانَ أَبُو حَاتِمٍ عَالِماً بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ، وَفِقْهِ التَّابِعِيْنَ، وَمَنْ بَعْدَهُم، سَمِعْتُ جَدِّي وَجَمَاعَةً، سَمِعُوا عَلِيَّ بنَ إِبْرَاهِيْمَ القَطَّانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي حَاتِمٍ!
فَقُلْنَا لَهُ: قَدْ رَأَيْتَ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ القَاضِي؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَجْمَعَ مِنْ أَبِي حَاتِمٍ، وَلاَ أَفْضَلَ مِنْهُ.
عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّقَّامُ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ الحُسَيْنِ الدَّارِسْتِيْنِيَّ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ، يَقُوْلُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحْرَصَ عَلَى طَلَبِ الحَدِيْثِ مِنْكَ.
فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنِي لَحَرِيْصٌ.
فَقَالَ: (مَنْ أَشْبَهَ أَبَاهُ فَمَا ظَلَم ) . قَالَ الرَّقَّامُ:
فَسَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنِ اتِّفَاقِ كَثْرَةِ السَّمَاعِ لَهُ، وَسُؤَالاَتِهِ لأَبِيهِ، فَقَالَ:رُبَّمَا كَانَ ي?أْكُلُ وَأَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَيَمْشِي وَأَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَيَدْخُلُ الخَلاَءَ وَأَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَيَدْخُلُ البَيْتَ فِي طَلَبِ شَيْءٍ وَأَقْرَأُ عَلَيْهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ بَعْدَ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى أَحْفَظَ لِلْحَدِيْثِ مِنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَلاَ أَعْلَمَ بِمَعَانِيه.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ صَفْوَانَ، سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
أَوْرَعُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةً:
آدَمُ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ.
قَالَ القَاسِمُ: فَذَكَرْتُهُ لِعُثْمَانَ بنِ خُرَّزَاذَ، فَقَالَ: أَنَا أَقُوْلُ أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةً:
مُحَمَّدُ بنُ المِنْهَالِ الضَّرِيْرُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَرْعَرَةَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُوْلُ:
أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ إِمَامَا خُرَاسَانَ، وَدَعَا لَهُمَا، وَقَالَ: بَقَاؤُهُمَا صَلاَحٌ لِلْمُسْلِمِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُكْرَمٍ: سَمِعْتُ حَجَّاجَ بنَ الشَّاعِرِ، وَذَكَرْتُ لَهُ أَبَا زُرْعَةَ، وَابْنَ وَارَةَ، وَأَبَا جَعْفَرٍ الدَّارِمِيَّ، فَقَالَ: مَا بِالمَشْرِقِ أَنْبَلُ مِنْهُم.ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ لِي هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، أَيُّ شَيْء تَحْفَظُ مِنَ الأَذْوَاءِ؟
قُلْتُ: ذُو الأَصَابِعِ، وَذُو الجَوْشَنِ، وَذُو الزَّوَائِدِ، وَذُو اليَدَيْنِ، وَذُو اللِّحْيَةِ الكِلابِيّ، وَعَدَدْتُ لَهُ سِتَّة، فَضَحِكَ، وَقَالَ: حَفِظْنَا نَحْنُ ثَلاَثَةً، وَزِدْتَ أَنْتَ ثَلاَثَةً.
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: كَانَ أَبُو حَاتِمٍ مِنْ أَهْلِ الأَمَانَةِ وَالمَعْرِفَةِ.
وَقَالَ هِبَةُ اللهِ اللاَّلْكَائِيُّ : كَانَ أَبُو حَاتِمٍ إِمَاماً حَافِظاً مُتَثَبِّتاً.
وَذَكَرَهُ اللاَّلْكَائِيُّ فِي شُيُوْخِ البُخَارِيِّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ يَوْماً تَمْيِّيزُ الحَدِيْثِ وَمَعْرِفَتُهُ، فَجَعَلَ يَذْكُرُ أَحَادِيْثَ وَعلَلَهَا، وَكَذَلِكَ كُنْتُ أَذْكُرُ أَحَادِيْثَ خَطَأ وَعللهَا، وَخَطَأ الشُّيُوْخِ، فَقَالَ لِي:
يَا أَبَا حَاتِمٍ! قَلَّ مَنْ يَفْهُم هَذَا، مَا أَعَزُّ هَذَا! إِذَا رَفَعْتَ هَذَا مِنْ وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ فَمَا أَقَلَّ مَنْ تَجِدُ مَنْ يُحْسِنُ هَذَا! وَرُبَّمَا أَشُكُّ فِي شَيْءٍ، أَوْ يَتَخَالَجُنِي فِي حَدِيْثٍ، فَإِلَى أَنْ أَلْتَقِي مَعَكَ لاَ أَجِدُ مَنْ يَشْفِينِي مِنْهُ.
قَالَ أَبِي: وَكَذَلِكَ كَانَ أَمْرِي.
صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ:تَرْفَعُ يَدَيْكَ فِي القُنُوْتِ؟
قُلْتُ: لاَ، فَتَرْفَعُ أَنْتَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَمَا حُجَّتُكَ؟
قَالَ: حَدِيْثُ ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
قُلْتُ : رَوَاهُ لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ.
قَالَ : فَحَدِيْثُ أَبِي هُرَيْرَةَ؟
قُلْتُ : رَوَاهُ ابْنُ لَهِيْعَةَ.
قَالَ: حَدِيْثُ ابْنِ عَبَّاسٍ؟
قُلْتُ: رَوَاهُ عَوْفٌ.
قَالَ: فَمَا حُجَّتُكَ فِي تَرْكِهِ؟
قُلْتُ: حَدِيْثَ أَنَسَ بنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (كَانَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ، إِلاَّ فِي الاسْتِسْقَاء) .
فَسَكَتَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ (الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ ) لَهُ:
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: جَاءنِي رَجُلٌ مِنْ جِلَّةِ أَصْحَابِ الرَّأْي، مِنْ أَهْلِ الفَهْمِ مِنْهُم، وَمَعَهُ دَفْتَرٌ، فَعَرَضَهُ عَلَيَّ، فَقُلْتُ فِي بَعْضِه: هَذَا حَدِيْثٌ خَطَأٌ، قَدْ دَخَلَ لِصَاحِبِهِ حَدِيْثٌ فِي حَدِيْثٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ، وَهَذَا مُنْكَرٌ، وَسَائِرُ ذَلِكَ صِحَاح.
فَقَالَ: مِنَ أَيْنَ عَلِمْتَ أَنَّ ذَاكَ خَطَأٌ، وَذَاكَ بَاطِلٌ، وَذَاكَ كَذِبٌ؟ أَأَخْبَرَكَ رَاوِي هَذَا الكِتَابِ بِأَنِّي غَلِطْتُ، أَوْ بِأَنِي كَذَبْتُ فِي حَدِيْثِ كَذَا؟
قُلْتُ: لاَ، مَا أَدْرِي هَذَا الجُزْء مَنْ رَاوِيْهِ، غَيْرَ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الحَدِيْثَ خَطَأٌ، وَأَنَّ
هَذَا بَاطِلٌ.فَقَالَ: تَدَّعِي الغَيْبَ؟
قُلْتُ: مَا هَذَا ادِّعَاءُ غَيْبٍ.
قَالَ: فَمَا الدَّلِيْلُ عَلَى مَا قُلْتَ؟
قُلْتُ: سَلْ عَمَّا قُلْتُ، مَنْ يُحْسِنُ مِثْلَ مَا أُحْسِنُ، فَإِنْ اتَّفَقْنَا عَلِمْتَ أَنَّا لَمْ نُجَازِفْ وَلَمْ نَقُلْهُ إِلاَّ بِفَهْمٍ.
قَالَ : وَيَقُوْلُ أَبُو زُرْعَةَ كَقَوْلِكَ؟
قُلْتُ: نَعْم.
قَالَ: هَذَا عَجَبٌ.
قَالَ: فَكَتَبَ فِي كَاغَد أَلفَاظِي فِي تِلْكَ الأَحَادِيْثَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ، وَقَدْ كَتَبَ أَلْفَاظَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَبُو زُرْعَةَ فِي تِلْكَ الأَحَادِيْثَ، فَقَالَ: مَا قُلْتَ إِنَّهُ كَذِبٌ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ بَاطِلٌ.
قُلْتُ: الكَذِبُ وَالبَاطِلُ وَاحِدٌ.
قَالَ: وَمَا قُلْتَ إِنَّهُ مُنْكَرٌ، قَالَ: هُوَ مُنْكَرٌ، كَمَا قُلْتَ، وَمَا قُلْتَ: إِنَّهُ صَحِيْحٌ، قَالَ: هُوَ صَحِيْحٌ.
ثُمَّ قَالَ: مَا أَعَجَبَ هَذَا! تَتَّفَقَان مِنْ غَيْر مُوَاطَأَةٍ فِيمَا بَيْنَكُمَا.
قُلْتُ: فَعِنْدَ ذَلِكَ عَلِمْتَ أَنَّا لَمْ نُجَازِفْ، وَأَنَّا قُلْنَا بِعِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ قَدْ أُوْتِيْنَاهُ، وَالدَّلِيْلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُوْلُهُ أَنَّ دِيْنَاراً بَهْرَجاً يُحْمَلُ إِلَى النَّاقِدِ، فَيَقُوْلُ: هَذَا بَهْرَجٌ.
فَإِنْ قِيْلَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ: إِنَّ هَذَا بَهْرَجٌ؟ هَلْ كُنْتَ حَاضِراً حِيْنَ بُهْرِجَ هَذَا الدِّينَارُ؟
قَالَ: لاَ.
وإِنْ قِيْلَ: أَخْبَرَكَ الَّذِي بَهْرَجَهُ؟
قَالَ: لاَ.
قِيْلَ: فَمَنْ أَيْنَ قُلْت؟
قَالَ: عِلْماً رُزِقْتُهُ.
وَكَذَلِكَ نَحْنُ رُزِقْنَا مَعْرِفَةَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِذَا حُمِلَ إِلَى جَوْهَرِيٍّ فَصُّ يَاقُوْتٍ، وَفَصُّ زُجَاجٍ، يَعرِفُ ذَا مِنْ ذَا، وَيَقُوْلُ كَذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ نَحْنُ رُزِقْنَا عِلْماً، لاَ يتَهَيَّأُ لَهُ أَنْ نُخْبِرُكَ كَيْفَ عَلِمْنَا بِأَنَّ هَذَا كَذِبٌ، أَوْ هَذَا مُنْكَرٌ، فَنَعْلَمُ صِحَّةَ الحَدِيْثِ بِعَدَالَةِ نَاقِلِيْهِ، وَأَنْ يَكُوْنَ كَلاَماً يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كَلاَمَ النُّبُوَّةِ، وَنَعْرِفُ سَقَمَهُ وَإِنْكَارَهُ بتَفَرَّدِ مَنْ لَمْ تَصِحَّ عَدَالَتُهُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: قُلْتُ عَلَى بَابِ أَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ:مَنْ أَغْرَبَ عَلَيَّ حَدِيْثاً غَرِيْباً مُسْنَداً لَمْ أَسْمَعْ بِهِ صَحِيْحاً فَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَكَانَ ثَمَّ خَلْقٌ:
أَبُو زُرْعَةَ، فَمَنْ دُوْنَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ مُرَادِي أَن يُلْقَى عَلَيَّ مَا لَمْ أَسْمَعْ بِهِ، فَيَقُوْلُوْنَ: هُوَ عِنْدَ فُلاَنٍ، فَأَذْهَبُ وَأَسْمَعَهُ، فَلَمْ يَتَهَيَّأَ لأَحَدٍ أَن يُغْرِبَ عَلَيَّ حَدِيْثاً.
وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الأَسْفَاطِيُّ قَدْ وَلِعَ بِالتَّفْسِيْرِ وَتَحَفُّظِهِ، فَقَالَ يَوْماً: مَا تَحْفَظُوْنَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنَقَّبُوا فِي البِلاَدِ} [ق: 36] .
فَبَقِيَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ يَنْظُرُ بَعْضُهُم إِلَى بَعْضٍ، فَقُلْتُ:
حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَرَبُوا فِي البِلاَدِ.
فَاسْتحسنَ.
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ الرَّيَّ، فَأَلقَيْتُ عَلَيْهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، فَلَمْ يَعْرِفْ مِنْهَا إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ، وَسَائِرُ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَعْرِفْهَا.
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَوَّلُ سنَةٍ خَرَجْتُ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ، أَقَمْتُ سَبْعَ سِنِيْنَ، أَحْصَيْتُ مَا مَشَيْتُ عَلَى قَدَمِي زِيَادَةً عَلَى أَلفِ فَرْسَخٍ.
قُلْتُ: مَسَافَةُ ذَلِكَ نَحْوُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، سَيْرَ الجَادَّة.
قَالَ: ثُمَّ تَرَكْتُ العَدَدَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَخَرَجْتُ مِنَ البَحْرَيْنِ إِلَى مِصْرَ مَاشِياً، ثُمَّ إِلَى الرَّمْلَةِ مَاشِياً، ثُمَّ إِلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ أَنْطَاكِيَةَ وَطَرَسُوْسَ، ثُمَّ
رَجَعْتُ إِلَى حِمْصَ، ثُمَّ إِلَى الرَّقَّةِ، ثُمَّ رَكِبْتُ إِلَى العِرَاقِ، كُلُّ هَذَا فِي سَفَرِي الأَوَّل وَأَنَا ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً.خَرَجْتُ مِنَ الرَّيِّ، فَدَخَلْتُ الكُوْفَةَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَجَاءنَا نَعِيُّ المُقْرِئ وَأَنَا بِالكُوْفَةِ، ثُمَّ رَحَلْتُ ثَانِياً سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى الرَّيِّ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَحَجَجْتُ رَابِعَ حِجَّةٍ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَحَجَّ فِيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ؛ ابْنُهُ.
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَتَبَ عَنِّي مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى جُزْءاً انتَخَبَهُ.
وَكَلَّمَنِي دُحَيْمٌ فِي حَدِيْثِ أَهْلِ طَبَرِيَّةَ، وَكَانُوا سَأَلُوْنِي التَّحْدِيْثَ، فَقُلْتُ: بَلْدَةٌ يَكُونُ فِيْهَا مِثْلُ دُحَيْمٍ القَاضِي أُحَدِّثُ أَنَا بِهَا؟!
فَكَلَّمَنِي دُحَيْمٌ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ بَلْدَةٌ نَائِيَةٌ عَنْ جَادَّةِ الطَّرِيْقِ، فَقَلَّ مَنْ يَقْدَمُ عَلَيْهِم يُحَدِّثُهُم.
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: بَقِيْتُ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ فِي نَفْسِي أَنْ أُقِيْمَ سَنَةً، فَانْقَطَعَتْ نَفَقَتِي، فَجَعَلْتُ أَبِيْعُ ثِيَابِي حَتَّى نَفِدَتْ، وَبَقَيْتُ بِلاَ نَفَقَةٍ، وَمَضَيْتُ أَطُوْفُ مَعَ صَدِيْقٍ لِي إِلَى المَشْيَخَةِ، وَأَسْمَعُ إِلَى المَسَاءِ، فَانْصَرَفَ رَفِيْقِي، وَرجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، فَجَعَلْتُ أَشْرَبُ المَاءَ مِنَ الجُوْعِ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ، فَغَدَا عَلَيَّ رَفِيْقِي، فَجَعَلْتُ أَطُوْفُ مَعَهُ فِي سَمَاعِ الحَدِيْثِ عَلَى جُوْعٍ شَدِيْدٍ، وَانصَرَفْتُ جَائِعاً، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ،
غَدَا عَلَيَّ، فَقَالَ: مُرَّ بِنَا إِلَى المَشَايِخِ.قُلْتُ: أَنَا ضَعِيْفٌ لاَ يُمْكِنُنِي.
قَالَ: مَا ضَعْفُكَ؟
قُلْتُ: لاَ أَكْتُمُكُ أَمْرِي، قَدْ مَضَى يَوْمَان مَا طَعمتُ فِيْهِمَا شَيْئاً.
فَقَالَ: قَدْ بَقِيَ مَعِيَ دِيْنَارٌ، فَنِصْفُهُ لَكَ، وَنَجْعَلُ النِّصْفَ الآخَرَ فِي الكِرَاءِ، فَخَرَجْنَا مِنَ البَصْرَةِ، وَأَخَذْتُ مِنْهُ النِّصْفَ دِيْنَار.
وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: خَرَجْنَا مِنَ المَدِيْنَةِ، مِنْ عِنْدِ دَاوُدَ الجَعْفَرِيِّ، وَصِرْنَا إِلَى الجَارِ وَرَكِبْنَا البَحْرَ، فَكَانَتِ الرِّيْحُ فِي وَجُوْهِنَا، فَبَقِيْنَا فِي البَحْرِ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، وَضَاقتْ صُدُوْرُنَا، وَفَنِيَ مَا كَانَ مَعَنَا، وَخَرَجْنَا إِلَى البَرِّ نَمْشِي أَيَّاماً، حَتَّى فَنِيَ مَا تَبَقَّى مَعَنَا مِنَ الزَّادِ وَالمَاءِ، فَمَشَيْنَا يَوْماً لَمْ نَأْكلْ وَلَمْ نَشْرَبْ، وَيَوْمَ الثَّانِي كَمثل، وَيَوْمَ الثَّالِثِ، فَلَمَّا كَانَ يَكُوْنُ المَسَاءَ صَلَّيْنَا، وَكُنَّا نُلْقِي بِأَنْفُسِنَا حَيْثُ كُنَّا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ، جَعَلنَا نَمْشِي عَلَى قَدْرِ طَاقَتِنَا، وَكُنَّا ثَلاَثَةَ أَنْفُسٍ: شَيْخٌ نَيْسَابُورِيٌّ، وَأَبُو زُهَيْرٍ المَرْوَرُّوْذِيُّ، فَسَقَطَ الشَّيْخُ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَجِئْنَا نُحَرِّكُهُ وَهُوَ لاَ يَعْقِلُ، فَتَرَكْنَاهُ، وَمَشَيْنَا قَدْرَ فَرْسَخٍ، فَضَعُفْتُ، وَسَقَطْتُ مَغْشِيّاً عَلِيَّ، وَمَضَى صَاحِبِي يَمْشِي، فَبَصُرَ مِنْ بُعْدٍ قَوْماً، قَرَّبُوا سَفِيْنَتَهُم مِنَ البِرِّ، وَنَزَلُوا عَلَى بِئْرِ مُوْسَى، فَلَمَّا عَايَنَهُم، لَوَّحَ بِثَوْبِهِ إِلَيْهِم، فَجَاؤُوهُ مَعَهُم مَاءٌ فِي إِدْاوَةٍ.
فَسَقَوْهُ وَأَخَذُوا بِيَدِهِ.
فَقَالَ لَهُم: الحَقُوا رَفِيْقَيْنِ لِي، فَمَا شَعَرْتُ إِلاَّ بِرَجُلٍ يَصُبُّ المَاءَ عَلَى وَجْهِي، فَفَتَحْتُ عَيْنِيَّ، فَقُلْتُ: اسقِنِي، فَصَبَّ مِنَ المَاءِ فِي مَشْربَةٍ قَلِيْلاً، فَشَرِبْتُ، وَرَجَعَتْ إِليَّ نَفْسِي، ثُمَّ سَقَانِي قَلِيْلاً، وَأَخَذَ بِيَدِي، فَقُلْتُ: وَرَائِي شَيْخٌ مُلْقَى، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَيْهِ، وَأَخَذَ بِيَدِي، وَأَنَا
أَمشِي وَأَجُرُّ رِجْلَيَّ، حَتَّى إِذَا بَلغْتُ إِلَى عِنْدِ سَفِيْنَتِهِم، وَأَتَوا بِالشَّيْخِ، وَأَحْسَنُوا إِليْنَا، فَبَقِينَا أَيَّاماً حَتَّى رَجَعَتْ إِلَيْنَا أَنْفُسُنَا، ثُمَّ كَتَبُوا لَنَا كِتَاباً إِلَى مَدِيْنَةٍ يُقَالُ لَهَا: رَايَة، إِلَى وَالِيهِم، وَزَوَّدُونَا مِنَ الكَعْكِ وَالسَوِيْقِ وَالمَاءِ.فَلَمْ نَزَلْ نَمْشِي حَتَّى نَفِدَ مَا كَانَ مَعَنَا مِنَ المَاءِ وَالقُوْتِ، فَجَعَلْنَا نَمْشِي جِيَاعاً عَلَى شَطِّ البَحْرِ، حَتَّى دُفِعْنَا إِلَى سُلَحْفَاةٍ مِثْلَ التُّرْسِ، فَعَمَدْنَا إِلَى حَجَرٍ كَبِيْرٍ، فَضَرَبْنَا عَلَى ظَهْرِهَا، فَانْفَلَقَ، فَإِذَا فِيْهَا مِثْلُ صُفْرَةِ البَيْضِ، فَتَحَسَّيْنَاهُ حَتَّى سَكَنَ عَنَّا الجُوْعَ ٌ ثُمَّ وَصَلْنَا إِلَى مَدِيْنَةِ الرَّايَةِ، وَأَوْصَلْنَا الكِتَابَ إِلَى عَامِلِهَا، فَأَنْزَلَنَا فِي دَارِهِ، فَكَانَ يُقَدِّمُ لَنَا كُلَّ يَوْمٍ القَرْعَ، وَيَقُوْلُ لخَادِمِهِ: هَاتِي لَهُم اليَقْطِيْنَ المُبَارَكِ، فَيُقَدِّمُهُ مَعَ الخُبْزِ أَيَّاماً.
فَقَالَ وَاحِدٌ مِنَّا: أَلاَ تَدْعُو بِاللَّحْمِ المَشْؤُومِ؟! فسَمِعَ صَاحِبُ الدَّارِ، فَقَالَ: أَنَا أُحْسِنُ بِالفَارِسِيَّةِ، فَإِنَّ جَدَّتِي كَانَتْ هَرَوِيَّة، وَأَتَانَا بَعْدَ ذَلِكَ بِاللَّحْمِ، ثُمَّ زَوَّدَنَا إِلَى مِصْرَ.
وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَتَبْتُ الحَدِيْثَ سَنَةَ تِسْعٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَتَبْتُ عَنْ عَتَّابِ بنِ زِيَادٍ المَرْوَزِيِّ سَنَةَ عَشْرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا حَاجّاً وَكُنْتُ أُفِيْدُ النَّاسَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئ، وَأَنَا بِالرَّيِّ، فَيَخْرُجُ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَيَسْمَعُوْنَ مِنْهُ، وَيَرْجِعُوْنَ وَأَنَا بِالرَّيِّ.
وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عِنْدَ عَارِمٍ وَهُوَ يَقْرَأُ.وَكَتَبْتُ عِنْدَ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ وَهُوَ يَقْرَأُ، وَسِرْتُ مِنَ الكُوْفَةِ إِلَى بَغْدَادَ مَا لاَ أُحْصِي كَمْ مَرَّةً.
ابْنُ حِبَّانَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ:
كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَوْماً جَالِساً، وَرَجُلٌ فِي نَاحِيَةِ المَجْلِسِ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ:
فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَبُو نُعَيْمٍ، وَقَالَ: كَذَبَ الدَّجَّالُ، مَا سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ شَيْئاً.
ابْنُ حِبَّانَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بنُ يَهَاب، عَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، قَالَ:
كَانَ بِوَاسِطَ رَجُلٌ يَرْوِي عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، أَحْرُفاً، ثُمَّ قِيْلَ: إِنَّهُ أَخْرَجَ كِتَاباً عَنْ أَنَسٍ، فَأَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا لَهُ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الأَحْرُفُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، عِنْدِي كِتَابٌ عَنْ أَنَسٍ.
فَقُلْنَا: أَخْرِجْهُ، فَأَخْرَجَهُ، فَنَظَرْنَا فَإِذَا هِيَ أَحَادِيْثُ شَرِيْكِ بنِ عَبْدِ اللهِ، فجَعَلَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ.
فَقُلْنَا: هَذِهِ أَحَادِيْثُ شَرِيْكٍ.
فَقَالَ: صَدَقْتُم، حَدَّثَنَا أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، عَنْ شَرِيْكٍ، قَالَ: فَأَفْسَدَ عَلَيْنَا تِلْكَ الأَحْرُفَ الَّتِي سَمِعْنَاهَا مِنْهُ، وَقُمْنَا عَنْهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ (الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ) ، لَهُ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَأَبُو زُرْعَةَ، قَالَ:
كَانَ يُحْكَى لَنَا أَنَّ هُنَا رَجُلاً مِنْ قِصَّتِهِ هَذَا، فَحَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ:
كَانَ بِالبَصْرَةِ رَجُلٌ، وَأَنَا مُقِيْمٌ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَحَدَّثَنِي عُثْمَانُ بنِ عَمْرِو بنِ الضَّحَّاكِ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ:
إِنْ لَمْ يَكُنِ القُرْآنُ مَخْلُوْقاً فَمَحَا اللهُ مَا فِي صَدْرِي مِنَ القُرْآن.
وَكَانَ مِنْ قُرَّاءِ القُرْآن، فَنَسِيَ القُرْآنَ حَتَّى كَانَ يُقَالُ لَهُ: قُل: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} فَيَقُوْلُ:
مَعْرُوْفٌ مَعْرُوْفٌ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ بِهِ.قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَجَهِدُوا بِهِ أَنْ أَرَاهُ، فَلَمْ أَرَهُ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ اللاَّلْكَائِيُّ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ الحَنْظَلِيِّ، مِمَّا سَمِعَ مِنْهُ، يَقُوْلُ: مَذْهَبُنَا وَاخْتِيَارُنَا اتِّبَاعُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِيْنَ، وَالتَّمَسُّكُ بِمَذَاهِبِ أَهْلِ الأَثَرِ، مِثْل الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَلُزُوْمُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَنَعْتَقِدُ أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى عَرْشِهِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ} [الشُّوْرَى: 11] وَأَنَّ الإِيْمَانَ يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ، وَنُؤمِنُ بعَذَابِ القَبْرِ، وَبَالحَوْضِ، وَبَالمُسَائَلَةِ فِي القَبْرِ، وَبَالشَّفَاعَةِ، وَنَتَرَحَّمُ عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ.... وَذَكَرَ أَشْيَاءً.
إِذَا وَثَّقَ أَبُو حَاتِمٍ رَجُلاً فَتَمَسَّكْ بِقَولِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يُوَثِّقُ إِلاَّ رَجُلاً صَحِيْحَ الحَدِيْثِ، وَإِذَا لَيَّنَ رَجُلاً، أَوْ قَالَ فِيْهِ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ، فَتَوَقَّفْ حَتَّى تَرَى مَا قَالَ غَيْرُهُ فِيْهِ، فَإِنْ وَثَّقَهُ أَحَدٌ، فَلاَ تَبْنِ عَلَى تَجْرِيْحِ أَبِي حَاتِمٍ، فَإِنَّهُ مُتَعَنِّتٌ فِي الرِّجَالِ، قَدْ قَالَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ رِجَالِ (الصِّحَاحِ) : لَيْسَ بِحُجَّةٍ، لَيْسَ بِقَوِيٍّ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ.
وَآخِرُ مِنْ حَدَّثَ عَنْهُ هُوَ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُوْسَى الرَّازِيُّ، عَاشَ إِلَى بَعْدَ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ المُؤَيَّدِ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ يَحْيَى بنِ هِبَة
اللهِ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ قَفَرْجَل، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، قَالَ:أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ الفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي بَحِيْرُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: ابْنُ آدَمَ! ارْكَعْ لِي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ ) .
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ عَلاَّنَ كِتَابَةً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ الحُبَابِ بِالشَّامِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (احْتَجَّ آدَمُ وَمُوْسَى، فَحَجَّ آدمُ مُوْسَى).
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَة، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ الحَنْبَلِيُّ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ؛ ابْنَا عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، قَالاَ:أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَرَضِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَكِيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
افتَتَحَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- (البَقَرَةَ) ، فِي يَوْمِ عِيْدِ فِطْرٍ أَوِ أَضْحَى، فَقُلْتُ: يَقْرَأُ عَشْرَ آيَاتٍ، فَلَمَّا جَاوَزَ العَشْرَ، قُلْنَا: يَقْرَأُ مائَةَ آيَةٍ، حَتَّى قَرَأَهَا، فرَأَيْتُ أَشْيَاخَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمِيلُوْنَ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي، وَغَيْرُهُ: مَاتَ الحَافِظُ أَبُو حَاتِمٍ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: عَاشَ ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَلأَبِي مُحَمَّدٍ الإِيَادِي الشَّاعِرُ مَرْثِيَّةٌ طَوِيْلَةٌ فِي أَبِي حَاتِمٍ، رَوَاهَا عَنْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، أَوَّلُهَا:
أَنَفْسِي مَالَكِ لاَ تَجْزَعِيْنَا ... وَعَيْنِيَ مَالَكِ لاَ تَدْمَعِيْنَا
أَلَمْ تَسْمَعِي بِكُسُوْفِ العُلُو ... مِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ مُحقاً مَدِيْنَا
أَلَمْ تَسْمَعِي خَبَرَ المُرْتَضَى ... أَبِي حَاتِمٍ أَعْلَم العَالَمِيْنَا
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=67128&book=5548#c50df7
أبو جعفر الرازي
- أبو جعفر الرازي واسمه عيسى. بن ماهان. وكان أصله من أهل مرو من قرية يقال لها برز. وهي القرية التي نزلها الربيع بن أنس أولًا وبها سمع أبو جعفر من الربيع بن أنس. ثم تحول أبو جعفر بعد ذلك إلى الري فمات بها فقيل له الرازي. وكان ثقة وكان يقدم بغداد والكوفة للحج فيسمعون منه.
- أبو جعفر الرازي واسمه عيسى. بن ماهان. وكان أصله من أهل مرو من قرية يقال لها برز. وهي القرية التي نزلها الربيع بن أنس أولًا وبها سمع أبو جعفر من الربيع بن أنس. ثم تحول أبو جعفر بعد ذلك إلى الري فمات بها فقيل له الرازي. وكان ثقة وكان يقدم بغداد والكوفة للحج فيسمعون منه.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=67128&book=5548#4b1247
أبو جعفر الرازي مولى بني تميم
اسمه عيسى بن أبي عيسى وأبو عيسى اسمه ماهان قاله يحيى بن معين وغيره وقيل فيه عيسى بن عبد الله بن ماهان ذكر ذلك أبو حاتم الرازي والأكثر على أنه مروزي الأصل
وذكر بعض الناس أنه كان يتجر إلى الري وأن ذلك هو سبب نسبته إليها قاله الأندرشي يروى عن حصين بن عبد الرحمن السلمي والربيع بن أنس الخراساني وسليمان الأعمش وغيرهم وعنه إسحاق بن سليمان الرازي
وخالد بن يزيد العتكي وأبو النضر هاشم ب القاسم ويحيى بن أبي بكير وغيرهم
قال يحيى بن معين صالح وعنه يكتب حديثه لكنه يخلط وعنه الحكم بتوثيقه وأطلق بن المديني ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي القول بتوثيقه وأطلق أبو حاتم القول بتوثيقه وصدقه وصلاح حديثه ووثقه محمد بن سعد وقال بن عدي له أحاديث صالحة وقد روى عنه الناس وأحاديثه عامتها مستقيمة وأرجو أنه لا بأس به قال بن المديني ثقة كان يخلط وقال مرة هو نحو
موسى بن عبيدة وهو يخلط وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش سيء الحفظ صدوق وقال عمرو بن علي هو من أهل الصدق وهو سيء الحفظ وقال أبو زرعة شيخ يهم كثيرا وذكره صاحب الاغتباط روى له البخاري في كتاب الأدب وأبو داود في سننه والترمذي في جامعه والنسائي وابن ماجة في سننهما
النساء.
اسمه عيسى بن أبي عيسى وأبو عيسى اسمه ماهان قاله يحيى بن معين وغيره وقيل فيه عيسى بن عبد الله بن ماهان ذكر ذلك أبو حاتم الرازي والأكثر على أنه مروزي الأصل
وذكر بعض الناس أنه كان يتجر إلى الري وأن ذلك هو سبب نسبته إليها قاله الأندرشي يروى عن حصين بن عبد الرحمن السلمي والربيع بن أنس الخراساني وسليمان الأعمش وغيرهم وعنه إسحاق بن سليمان الرازي
وخالد بن يزيد العتكي وأبو النضر هاشم ب القاسم ويحيى بن أبي بكير وغيرهم
قال يحيى بن معين صالح وعنه يكتب حديثه لكنه يخلط وعنه الحكم بتوثيقه وأطلق بن المديني ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي القول بتوثيقه وأطلق أبو حاتم القول بتوثيقه وصدقه وصلاح حديثه ووثقه محمد بن سعد وقال بن عدي له أحاديث صالحة وقد روى عنه الناس وأحاديثه عامتها مستقيمة وأرجو أنه لا بأس به قال بن المديني ثقة كان يخلط وقال مرة هو نحو
موسى بن عبيدة وهو يخلط وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش سيء الحفظ صدوق وقال عمرو بن علي هو من أهل الصدق وهو سيء الحفظ وقال أبو زرعة شيخ يهم كثيرا وذكره صاحب الاغتباط روى له البخاري في كتاب الأدب وأبو داود في سننه والترمذي في جامعه والنسائي وابن ماجة في سننهما
النساء.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=87398&book=5548#cb697f
ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الرابعة من أهل الري أبي [أبو حاتم - 2] رحمه الله
باب ما ذكر من معرفة أبي رحمه الله بصحة الحديث وسقيمه حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي رحمه الله يقول جاءني رجل من جلة أصحاب الرأي من أهل الفهم منهم ومعه دفتر فعرضه علي فقلت في بعضها: هذا حديث خطأ قد دخل لصاحبه حديث في حديث، وقلت في بعضه: هذا حديث باطل، وقلت في بعضه: هذا (183 م) حديث منكر، وقلت في بعضه: هذا حديث كذب، وسائر ذلك احاديث صحاح.
فقال لي: من أين علمت أن هذا خطأ، وإن هذا باطل، وإن هذا كذب؟ أخبرك راوي هذا الكتاب بأني غلطت وإني كذبت في حديث كذا؟ فقلت: لا، ما أدري هذا الجزء من رواية من هو؟ غير أني اعلم ان هذا خطأ،
وإن هذا الحديث باطل، وإن هذا الحديث كذب، فقال تدعي الغيب؟ قال (96 ك) قلت: ما هذا ادعاء الغيب (1) : قال فما الدليل على ما تقول؟ قلت: سل عما قلت من يحسن مئل ما أحسن، فإن اتفقنا علمت أنا لم نجازف ولم نقله إلا بفهم.
قال: من هو الذي يحسن مثل ما تحسن؟ قلت: أبو زرعة، قال: ويقول أبو زرعة مثل ما قلت؟ قلت: نعم، قال: هذا عجب، فأخذ فكتب في كاغد ألفاظي في تلك الأحاديث ثم رجل إلى وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أبو زرعة في تلك الأحاديث، فما قلت أنه باطل قال أبو زرعة: هو كذب، قلت: الكذب والباطل واحد، وما قلت أنه كذب قال أبو زرعة: هو باطل، وما قلت أنه منكر قال: هو منكر، كما قلت، وما قلت أنه صحاح قال أبو زرعة: [هو - 2] صحاح: فقال: ما أعجب هذا، تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما، فقلت فقد ذلك أنا لم نجازف وإنما قلناه بعلم ومعرفة قد أوتينا، والدليل على صحة ما نقوله بان دينارا نبهرجا يحمل إلى الناقد فيقول: هذا دينار نبهرج، ويقول لدينار: هو جيد، فإن قيل له من أين قلت إن هذا نبهرج؟
هل كنت حاضرا حين بهرج هذا الدينار؟ قال: لا، فان قيل له: فأخبرك (95 د) الرجل الذي بهرجه إني بهرجت هذا الدينار؟ قال: لا، قيل فمن أين قلت إن هذا نبهرج؟ قال: علما رزقت، وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك، قلت [له - 3] فتحمل فص ياقوت إلى واحد من البصراء من الجوهريين فيقول: هذا زجاج، ويقول لمثله: (184 م) هذا ياقوت، فإن قيل له: من أين علمت أن هذا زجاج وإن هذا ياقوت؟ هل حضرت الموضع الذي صنع فيه هذا الزجاج؟
قال: لا، قيل له: فهل أعلمك الذي صاغه بأنه صاغ هذا زجاجا؟ قال: لا، قال: فمن أين علمت؟ قال: هذا علم رزقت، وكذلك نحن رزقنا علما لا يتهيأ لنا أن نخبرك كيف علمنا بأن هذا الحديث كذب وهذا حديث منكر إلا بما نعرفه.
[قال أبو محمد تعرف جودة الدينار بالقياس إلى غيره فإن تخلف عنه في الحمرة والصفاء علم أنه مغشوش، ويعلم جنس الجوهر بالقياس إلى غيره فإن خالفه في الماء والصلابة علم أنه زجاج، ويقاس صحة الحديث بعدالة ناقليه، وأن يكون كلاما يصلح أن يكون من كلام النبوة، ويعلم سقمه وإنكاره بتفرد من لم تصح عدالته بروايته والله أعلم - 1] .
حدثنا عبد الرحمن نا أبو سعيد الأشج بحديث زياد بن الحسن بن
فرات القزاز نحو أربعين حديثا حدثنا عبد الرحمن قال فسمعت أبي يقول: سبعة عشر حديثا من هذا خطأ وغلط، من ذلك حديث [قد - 2] حدثنا به أبو سعيد الأشج عن زياد بن الحسن بن فرات [القزاز - 1] عن أبيه عن جده عن عدي ابن عدي الكندي، وحديث آخر عن زياد بن الحسن عن أبيه عن جده عن التميمي عن ابن عباس، ومن ذلك زياد بن الحسن عن أبيه عن إسحاق عن الحارث عن علي - ثلاثة أحاديث.
[ومن ذلك زياد ابن الحسن عن أبيه عن جده عن الشعبي.
ومن ذلك زياد بن الحسن عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن بن الأسود.
ومن ذلك عن أبيه عن جده عن أبي الأحوص.
ومن ذلك عن أبيه عن جده - 3] عن عمرو بن ميمون وعمرو بن شراحيل (4) .
ومن ذلك عن ابيه عن
جده [عن أبي ميسرة.
ومن ذلك عن أبيه عن جده عن الأسود بن يزيد.
ومن ذلك عن أبيه عن جده - 1] عن الضحاك بن مزاحم.
ومن ذلك عن أبيه عن جده [عن إبراهيم بن يزيد وعلقمة.
ومن ذلك عن أبيه عن جده عن ناجية بن كعب.
ومن ذلك عن أبيه عن جده - 2] عن الأسود بن هلال.
ومن ذلك عن أبيه عن جده عن هبيرة ابن يريم.
حدثنا عبد الرحمن قال (3) قسمعت أبي رحمه الله يقول: كل هذه الأحاديث ليست من حديث فرات القزاز، لم يرو فرات عن هؤلاء المشيخة، إنما هذه أحاديث أبي إسحاق الهمداني عن هؤلاء المشيخة، ولا أعلم فرات القزاز روى عن أحد منهم شيئا ولا ادركهم (185 م) ، وقد سمع فرات القزاز من أبي الطفيل ومن سعيد بن جبير ومن أبي حازم سلمان الأشجعي ومن قيس، فهذه الأحاديث عنهم صحيحة من حديث فرات القزاز.
قلت (4) فما قولك في الحسن بن فرات؟ قال: منكر الحديث.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعنا من محمد بن عزيز الأيلي الجزء السادس من مشايخ عقيل فنظر أبي في كتابي فأخذ القلم فعلم على أربعة وعشرين حديثا خمسة عشر حديثا منها متصلة بعضها ببعض وتسعة أحاديث في آخر الجزء متصلة فسمعته يقول: ليست هذه الأحاديث من حديث عقيل عن هؤلاء المشيخة، إنما ذلك من حديث محمد بن إسحاق عن هؤلاء المشيخة، ونظر إلى أحاديث عن عقيل عن الزهري، وعقيل عن يحيى بن أبي كثير، وعقيل عن عمرو بن شعيب ومكحول، وعقيل
عن أسامة بن زيد الليثي فقال: هذه الأحاديث كلها من حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، والأوزاعي عن نافع، والاوزاعي عن (97 ك)
أسامة بن زيد، والأوزاعي عن مكحول، وإن عقيلا لم يسمع من هؤلاء المشيخة هذه الأحاديث.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ وَحَضَرْتُ أَحْمَدَ بْنَ سِنَانٍ وَقَدْ حدثنا عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي جمرة (1) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي موسى ان روسل الله صلى الله عليه وسلم عَطَسَ فَقِيلَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فقال النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ فَقَالَ أَبِي لأَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ: إِنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ، ثُمَّ صَارَ أَبِي إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عُبَادَةَ فَسَأَلَهُ أَنْ يخرج له حديث يزيد [ابن هَارُونَ - 2] عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ [فَأَخْرَجَ كِتَابَهُ - 3] فَإِذَا هُوَ حَمَّادُ ابن سملة عَنْ أَبِي حَمْزَةَ كَمَا قَالَ أَبِي، فَكَتَبْنَا عَنِ ابْنِ عُبَادَةَ هَذَا الْحَدِيثَ ثُمَّ أَخْبَرَ أَبِي ابْنَيْ أَحْمَدَ (4) بْنِ سِنَانٍ بِأَنَّهُ وَجَدَ فِي كِتَابِ ابْنِ عُبَادَةَ عَنْ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سلمة عن أبي حمزة (186 م) كَمَا قَالَ أَبِي، فَتَحَيَّرَا وَقَالا: نَنْظُرُ فِي الأَصْلِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ حَمَلُوا إِلَى أَبِي أَصْلَ أَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ مُعْجَمًا عَلَى الْحَاءِ وَالزَّايِ كَمَا قَالَ أَبِي، وَقَالا: وَقَعَ الْغَلَطُ فِي التَّحْوِيلِ، فَحدثنا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ مِنَ الرَّأْسِ عَنِ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي [بُرْدَةَ عَنْ أَبِي - 3] مُوسَى كَمَا قَالَ أَبِي، وَاعْتَذَرُوا مِنْ ذَلِكَ.
حدثنا عبد الرحمن قال (5) حضرت أبي رحمه الله وحضره عبد الرحمن
ابن خراش البغدادي فجرى بينهما ذكر حديث أنس [بن مالك - 1] سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر فقال: هو نهر اعطانيه الله عزوجل في الجنة أبيض من اللبن وأحلى من العسل الحديث، فقال أبي: رواه أبو أويس [عن الزهري عن أخيه (2) عبد الله بن مسلم عن أنس، فقال عبد الرحمن بن خراش: ليس فيه الزهري إنما يرويه أبو أويس عن ابن أخي الزهري عن أبيه عن أنس، فقال أبي روى أبو أويس - 3] عن كليهما هذا الحديث، روي (96 د) عن الزهري عن عبد الله بن مسلم عن أنس، وعن ابن أخي الزهري عن أبيه عن أنس حدثنا به أحمد بن صالح عن إسماعيل بن (4) [أبي - 3] أويس عن الزهري عن أخيه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيه عن ابن أخي الزهري عن أنس.
ثم قال لي يا عبد الرحمن أخرج حديث أحمد بن صالح ما سمعناه (5) بأنطاكية، فأخرجت الكتاب فأملى على الناس الحديثين جميعا عن أحمد بن صالح عن إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه كما حكاه، وقال: ما نظرت في هذا منذ يوم سمعت من أحمد بن صالح، فحمل الناس على عبد الرحمن (6) بن خراش فجعلوا يوبخونه فاستغفر الله عزوجل من ساعته.
قال أبو محمد ثم قضى لي الخروج إلى الحج فسمعت هذين الحديثين بهمذان حدثنا بهما حمويه بن أبرك قال نا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني أبي قال ابن شهاب أن أخاه عبد الله (187 م) أخبره أن أنس بن مالك أخبره أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الكوثر؟ فذكر الحديث -
حدثنا عبد الرحمن نا حمويه نا ابن أبي أويس قال حدثني أبي عن ابن أخي الزهري محمد بن عبد الله بن مسلم عن أبيه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله سواء.
باب ما ذكر من علم أبي رحمه الله وفقهه ومعرفته بناقلة الآثار (1) حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت محمد بن العباس مولى بني هاشم أو غيره قال حضرت محمد بن حميد وجاءه رجل يستفتيه في مسألة فقال صر إلى أبي حاتم محمد بن إدريس فسله عنه.
قال أبو محمد وكان في ذلك الوقت مشايخ متوافرون مثل إبراهيم بن موسى ومحمد بن مهران الجمال وأبي حصين بن يحيى بن سليمان وأبي زرعة وغيرهم.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي رحمه الله يقول قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب على حديثا غريبا مسندا صحيحا لم أسمع به فله على درهم يتصدق به وقد حضر على باب أبي الوليد خلق
من الخلق أبو زرعة فمن دونه، وإنما كان مرادي أن يلقي علي ما لم أسمع به فيقولون هو عند فلان فأذهب فأسمع، وكان مرادي أن أستخرج منهم ما ليس عندي، فما تهيأ لأحد منهم أن يغرب على حديثا.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي [يقول: تعجبت من غفلة أبي نعيم الفضل بن دكين حيث جعل يزيد بن خصيفة في الكوفيين وهو مدني، وأدخل عمرو بن يحيى المازني في الكوفيين وهو مدني، وجعل
عثمان البتي في الكوفيين وهو بصري.
سمعت أبي - 1] يقول جرى بيني وبين أبي زرعة يوما تمييز الحديث ومعرفته فجعل يذكر أحاديث [ويذكر - 2] عللها، وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها وخطأ الشيوخ، فقال لي يا أبا حاتم قل من يفهم هذا، ما أعز هذا، إذا رفعت هذا من واحد واثنين فما أقل من تجد من يحسن هذا، وربما أشك في شئ أو يتخالجني شئ في حديث فإلى أن ألتقي معك لا أجد من يشفيني منه.
قال أبي وكذلك (188 م) كان أمري.
[قال أبو محمد - 2] قلت لأبي: محمد بن مسلم؟ قال يحفظ أشياء عن محدثين يؤديها، ليس معرفته (3) للحديث غزيرة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي وجرى عنده معرفة الحديث فقال أبو عبد الله الذي يحدث عنه محمد بن جابر والذي يحدث عن سعيد ابن جبير (98 ك) وعن مصعب بن سعد وعن زاذان هو مسلم الجهي، ومسلم البطين أيضا يكنى أبا عبد الله، غير أنه لا يحتمل أن يكون مسلم الملائي (4) يحدث عن مصعب بن سعد وعن زاذان.
ثم قال: ذهب
الذي كان يحسن هذا، يعني أبا زرعة، وما بقي بمصر ولا بالعراق أحد يحسن [هذا - 2] .
قلت: محمد بن مسلم؟ قال: يفهم طرفا منه.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول وقيل له إن عبد الجبار ابن العلاء روى عن مروان الفزاري عن ابن أبي ذئب، فقال أبي قد نظرت في حديث مروان بالشام الكثير فما رأيت عن ابن أبي ذئب أصلا.
فقال له أبو يحيى (5) الزعفراني: أنكر على أبو زرعة كما انكرت
فحملت إليه كتابي واريته فجعل يتعجب.
قال أبو محمد اتفقا في الإنكار على عبد الجبار بن العلاء روايته عن مروان عن ابن أبي ذئب من غير تواطؤ لمعرفتهما بهذا الشأن.
ما ذكر من حفظ أبي رحمة الله عليه حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: كان محمد بن يزيد الأسفاطي يحفظ التفسير وولع به وكان يلقي علي وعلى أبي زرعة [التفسير - 1] فإذا ذاكرته بشئ لا يحفظه كان يقول يا بني أفدني.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: كان محمد بن يزيد الأسفاطي يحفظ التفسير فقال لنا يوما ما تحفظون في قول الله عزوجل (فنقبوا في البلاد) ؟ فبقي أصحاب الحديث ينظر بعضهم إلى بعض فقلت أنا حدثنا
أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عزوجل (فنقبوا في البلاد) قال: ضربوا في البلاد.
فاستحسن.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت موسى بن إسحاق يقول لي: ما رأيت أحفظ من أبيك رحمه الله.
وقد رأى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبا بكر بن أبي شيبة وابن نمير وغيرهم، فقلت له (97 د) رأيت ابا زرعة؟ (189 م) فقال: لا.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ غَضِبَ أَبُو الْوَلِيدِ يَوْمًا فَقَالَ: لا يَسْأَلُنِي الْيَوْمَ أَحَدٌ إِلا مَنْ حَفِظَهُ، فَدَنَا (2) إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ كَيْفَ حَدِيثُ كَذَا؟ فَجَعَلَ يُلَجْلِجُ، فَقَالَ: قُمْ، فَأَقَامَهُ، ثُمَّ دَنَا آخَرُ فَقَالَ كَيْفَ حَدِيثُ كَذَا؟ فَجَعَلَ أَيْضًا يُلَجْلِجُ، فَقَالَ: قُمْ، فَلَمَّا كَانَ الثَّالِثُ أَوِ الرَّابِعُ دَنَوْتُ أَنَا فَقُلْتُ: كَيْفَ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُ فَهُوَ صَدَقَةٌ؟ فَقَالَ: حدثنا شُعْبَةُ (1) عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُ شُعْبَةُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ عن عبد الله بن يزيد فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ (2) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا [السِّلاحَ - 3] فَقَالَ: حدثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ (4) عَنْ أَبِيهِ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثَنِي بِهِ.
فَلَمْ أَزَلْ أَذْكُرُ [لَهُ - 3] حَدِيثًا بَعْدَ حَدِيثٍ حَتَّى بَلَغَ عَشَرَةَ أَحَادِيثَ فَقَالَ: هَاتِ، فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثًا
آخَرَ فَقَالَ: حَسْبُكَ.
فَظَنَّ أَنِّي تَحَفَّظْتُ عَشَرَةَ أَحَادِيثَ، فَلَمَّا زِدْتُ عَلَى عَشَرَةٍ قَالَ: حَسْبُكَ، ثُمَّ دَنَا أَبُو زُرْعَةَ فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ حَتَّى بَلَغَ عَشَرَةً فَلَمَّا زَادَ عَلَى عَشَرَةِ أَحَادِيثَ قَالَ: حَسْبُكَ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قدم محمد بن يحيى النيسابوري الري فألقيت عليه ثلاثة عشر حديثا من حديث الزهري فلم يعلم منها إلا ثلاثة أحاديث وسائر ذلك لم يكن عنده ولم يعرفها.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قال لي هشام بن عمار: أي شئ تحفظ عن الأذواء؟ قلت له: ذو الأصابع، وذو الجوشن، وذو الزوائد، وذو اليدين، وذو اللحية الكلبي (5) وعددت له ستة
فضحك وقال: حفظنا نحن ثلاثة وزدتنا أنت ثلاثة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول كنت عند والينا ابراهيم
ابن معروف وحضر محمد بن مسلم فقال: يا أبا حاتم ويا أبا عبد الله لو تذاكرتما فكنت أسمع مذاكرتكما، فقلت لا تتهيأ المذاكرة ما لم يجر شئ (190 م) فقال أنا أجريه، قد حبب إلى الصدقة فما تحفظون فيه؟ فقال محمد بن مسلم حدثنا محمد بن سعيد بن سابق عن عمرو بن أبي قيس عن سماك عن عباد بن حبيس عن عدي بن حاتم قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقص، فقلت: لم يسألك الأمير عن إسلام عدي بن حاتم، فقال: صدق إنما سألتك عن فضل الصدقة، فقال: حدثنا أبو نعيم نا سفيان عن عبد الله بن عيسى عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه وإن الرجل وذكر الحديث.
فقلت: ليس إسناده كما ذكرت، (99 ك) قال لم؟ قلت ليس هو سالم بن أبي الجعد، فقال هو عبيد بن أبي الجعد، قلت: ولا [هو - 1] عبيد، فقال من هو؟ وجعل يكرر سالم بن ابي الجعد عبيد بن أبي الجعد فكرر من من فقال الأمير لا تخبره فسكت ساعة فجعل يجهد أن يقع عليه فلم يقع عليه فقال الأمير أخبره الآن قلت عبد الله ابن أبي الجعد عن ثوبان، قال صدقت هو عبد الله بن أبي الجعد.
ما ذكر من رحلة أبي في طلب العلم حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سبع سنين أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ: لم أزل أحصى حتى لما زاد على ألف فرسخ تركته، ما كنت سرت أنا من
الكوفة إلى بغداد فما لا أحصي كم مرة ومن مكة إلى المدينة مرات كثيرة
وخرجت من البحرين من (1) قرب مدينة صلا إلى مصر ماشيا ومن مصر إلى الرملة [ماشيا - 2] ومن الرملة إلى بيت المقدس، ومن الرملة إلى عسقلان ومن الرملة إلى طبرية ومن طبرية إلى دمشق ومن دمشق إلى حمص ومن حمص إلى أنطاكية ومن أنطاكية إلى طرسوس ثم رجعت من طرسوس إلى حمص وكان بقى على شئ من حديث أبي اليمان فسمعت ثم (191 م) خرجت من حمص إلى بيسان ومن بيسان إلى الرقة ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد، وخرجت قبل خروجي إلى الشام من واسط إلى النيل ومن النيل إلى الكوفة، كل ذلك ماشيا كل هذا في سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة أجول سبع سنين، خرجت من الري سنة ثلاث عشرة ومائتين قدمنا الكوفة في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة والمقرئ حي بمكة وجاءنا نعيه ونحن بالكوفة ورجعت سنة إحدى وعشرين ومائتين، وخرجت المرة الثانية سنة اثنتين وأربعين ورجعت سنة خمس وأربعين أقمت ثلاث سنين وقدمت طرسوس سنة سبع (3) عشرة أو ثماني عشرة وكان واليها الحسن بن مصعب وكنت [تنظر - 4] إلى الحسن كأنه محدث أحمر الرأس واللحية عليه قلنسوة حبرة وكنت أشبهه بسنيد بن داود وربما رأيت الوالي فأظن أنه سنيد وربما اجتمعا فلا أميز بينهما وفي هذه السنة فتحت لؤلؤة (5) (98 د) وأنا بطرسوس.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت ابي يقول حجت سنة الاولى
سنة خمس عشرة ومائتين، والحجة الثانية سنة خمس وثلاثين، والثالثة سنة اثنتين وأربعين، والرابعة سنة خمس وخمسين وفيها حج عبد الرحمن ابني.
[باب - 1] ما ذكر من جلالة أبي عند أهل العلم وغيرهم حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سألني أحمد بن حنبل عن مشايخ الري قلت: إبراهيم بن موسى وهو في عافية، قال كيف تركتم أبا زياد؟ كان رفيقي بالبصرة عند معتمر بن سليمان، قلنا: هو في عافية، وسألني عن ابن حميد.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول أتيت محمد بن المصفى الحمصي يوما فقال لي: قد كتبت جزءا من حديثك فحدثني به، فقلت: إنما جئنا لنسمع منك، فلم يدعني حتى قرأت عليه.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي رحمه الله يقول كنا إذا اجتمعنا عند محدث أنا وأبو زرعة كنت أتولى الانتخاب وكنت إذا كتبت حديثا عن ثقة لم اعده وكنت (192 م) أكتب ما ليس عندي، وكان أبو زرعة إذا انتخب يكثر الكتابة، كان إذا رأى حديثا جيدا قد كتبه عن غيره أعاده.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول كلمني دحيم في حديث أهل طبرية وقد [كانوا - 1] سألوني التحديث فأبيت عليهم وقلت بلدة يكون
فيها مثل أبي سعيد دحيم القاضي أحدث أنا؟ فكلمني دحيم فقال إن هذه بلدة نائية عن جادة الطريق فقل من يقدم عليهم، فحدثتهم.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول أتينا مالك بن سعد ابن عم
روح بن عبادة بالبصرة فقلنا أخرج إلينا من حديثك.
فكان يخرج الجزئين والثلاثة، قلنا له أخرج الينا ملء جوالق كتبا حتى ننظر فيها، فأخرج إلينا الشيخ جوالق ملأ كتب (1) في (2) ظهره فوضع بين أيدينا فكتبنا منها حديثا كثيرا ثم أخذت عنه مقدار عشرين جزءا من مصنفات روح وغيره فقلت أحمل وأنظر فيه؟ قال أحمل، وأعدك في وقت أجيئك إلى منزلك فأحدثك ثم، فوعدته ليوم يجئ فكان حدث سبب وبكرت إلى شيخ وجاء الشيخ فقعد ينتظرنا فلم يزل ينتظرنا إلى قريب من وقت الظهر فجئنا نحن في ذلك الوقت فدفعنا إليه ما كان معنا مكتوبا فقرأ علينا.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول كان سلمة بن شبيب قدم البصرة فكتبت بخطى عنه شيئا كثيرا فالتقيت [معه - 3] فأعلمته أني كتبت من حديثه أشياء أريد أن أسمعها، فقال: أنا أجيئك غدا فقضى إني بكرت علي بندار ونسيت ميعاده فأنا عند بندار إذ قد اقبل (4) (100 ك) سلمة فقال له بندار: يا أبا عبد الرحمن كنا نحن أولى أن نأتيك، فقال ليس إياك أتيت (5) إنما جئت بسبب أبي حاتم أقرأ عليه شيئا، قال ابي فشورت مما قال في وجه الشيخ (6) ثم قال ما تشاء؟ قلت إن شئت انتظرت حتى يفرغ بندار من القراءة، وإن شئت مضيت حتى
أجيئك إلى المنزل، فقال لابل أنتظر حتى تفرغ من السماع، فلما فرغت من السماع (193 م) دخلنا مسجدا فأخذ كتابي فقرأ كل شئ كان
معي فعددت ما قرأ على إحدى عشرة ورقة بخطى دقيق.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول وذكر ابن أبي عمر العدني فقال: كان من المصلين، أتيته فيما بين المغرب والعشاء فإذا هو [قائم - 1] يصلي كأنه خشبة فلما رآني خفف وسلم فقال: ما حاجة أبي حاتم؟ قلت كذا وكذا.
وقال أبي أتيت أحمد بن يحيى الصوفي لأسمع منه فإذا قد كتتب جزءا من حديثي فقال: اقرأه على، فقلت إنما جئت لأسمع منك، فلم يدعني حتى قرأت عليه.
باب ما ذكر من كثرة سماع أبي رحمه الله من العلم حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قال [لي - 2] ابن نفيل كم كتبتم عني؟ قلت: لا ندري، قال حزرت ثلاثة عشر ألفا أو أربعة
عشر ألفا أو خمسة عشر ألفا.
باب ما لقي أبي من المقاساة في طلب العلم من الشدة حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: بقيت بالبصرة في سنة أربع عشرة ومائتين ثمانية أشهر وكان في نفسي أن أقيم سنة فانقطع نفقتي فجعلت أبيع ثياب بدني شيئا بعد شئ حتى بقيت بلا نفقة ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة (3) وأسمع منهم إلى المساء فانصرف رفيقي ورجعت إلى بيت خال فجعلت اشرب الماء الجوع ثم أصبحت من الغد وغدا على رفيقي فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على
جوع شديد فانصرف عني وانصرفت جائعا فلما كان من الغد غدا على فقال مر بنا إلى المشايخ قلت أنا ضعيف لا يمكنني قال ما ضعفك؟ قلت لا أكتمك أمري قد مضى يومان ما طعمت فيهما شيئا، فقال [لي - 1] قد بقي معي دينار فأنا أواسيك بنصفه ونجعل النصف الآخر في الكراء فخرجنا من البصرة وقبضت منه (99 د) النصف دينار.
حدثنا عبد الرحمن قال سمععت أبي يقول: كنا في البحر فاحتلمت فأصبحت وأخبرت أصحابي به (2) فقالوا لي أغمس (3) نفسك في البحر قلت إني لا أحسن أن أسبح، فقالوا أنا نشد فيك حبلا ونعلقك من الماء، فشدوا في حبلا (4) وأرسلوني في الماء وانا في الهواء (194 م)
أريد إسباغ (5) الوضوء فلما توضأت قلت لهم أرسلوني قليلا فأرسلوني فغمست نفسي في الماء قلت ارفعوني فرفعوني.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول لما خرجنا من المدينة من عند داود الجعفري صرنا إلى الجار وركبنا البحر وكنا ثلاثة أنفس أبو زهير المرورزذي (6) شيخ، وآخر نيسابوري فركبنا البحر وكانت الريح في وجوهنا فبقينا في البحر ثلاثة أشهر وضاقت صدورنا وفني ما كان معنا من الزاد [وبقيت بقية فخرجنا إلى البر فجعلنا نمشي أياما على البر حتى فني ما كان معنا من الزاد - 7] والماء فمشينا يوما [وليلة - 8] لم يأكل أحد منا شيئا ولا شربنا واليوم الثاني كمثل [واليوم - 10] الثالث كل يوم نمشي إلى الليل فإذا جاء المساء صلينا
وألقينا بأنفسنا حيث كنا وقد ضعفت أبداننا من الجوع والعطش والعياء، فلما أصبحنا اليوم الثالث جعلنا نمشي على قدر طاقتنا فسقط
الشيخ مغشيا عليه فجئنا نحركه وهو لا يعقل فتركناه ومشينا أنا وصاحبي النيسابوري قدر فرسخ أو فرسخين فضعفت وسقطت مغشيا على ومضى صاحبي وتركني فلم يزل هو يمشي إذ بصر من بعيد قوما قد قربوا سفينتهم من البر ونزلوا على بئر موسى صلى الله عليه وسلم فلما عاينهم لوح بثوبه إليهم فجاءوه معهم الماء (1) في إداوة فسقوه وأخذوا بيده فقال لهم الحقوا رفيقين لي قد القوا بأنفسهم مغشيا عليهم فما شعرت إلا برجل يصب الماء على وجهي ففتحت عيني فقلت اسقني فصب من الماء في ركوة أو مشربة شيئا يسيرا فشربت ورجعت إلى نفسي ولم يروني ذلك القدر فقلت اسقني فسقاني شيئا يسيرا وأخذ بيدي فقلت: ورائي شيخ ملقى، قال قد ذهب إلى ذاك جماعة، فأخذ بيدي وأنا أمشي أجر رجلي ويسقيني شيئا بعد شئ حتى إذا بلغت إلى عند سفينتهم وأتوا برفيقي الثالث الشيخ وأحسنوا إلينا أهل السفينة فبقينا أياما حتى رجعت إلينا أنفسنا، ثم كتبوا لنا كتابا إلى مدينة يقال (195 م) لها راية إلى وإليهم وزودونا من الكعك والسويق [والماء - 2] فلم نزل نمشي حتى نفذ ما كان معنا من الماء والسويق والكعك فجعلنا نمشي جياعا (101 ك) عطاشا على شط البحر حتى وقعنا إلى سلحفاة قد رمى به البحر مثل الترس فعمدنا إلى حجر كبير فضربنا على ظهر السلحفاة فانفلق ظهره وإذا فيها مثل صفرة البيض فأخذنا من بعض الأصداف الملقى على شط البحر فجعلنا نغترف من ذلك الاصفر فنتحساه
حتى سكن عنا الجوع والعطش، ثم مررنا وتحملنا حتى دخلنا [مدينة - 1]
الراية وأوصلنا الكتاب إلى عاملهم فأنزلنا في داره وأحسن إلينا وكان يقدم إلينا كل يوم القرع ويقول لخادمه هاتي لهم باليقطين المبارك فيقدم إلينا من ذاك اليقطين مع [الخبز - 2] أياما فقال واحد منا بالفارسية: لا تدعو باللحم المشؤوم؟ وجعل يسمع الرجل صاحب الدار، فقال: أنا أحسن بالفارسية فإن جدتي كانت هروية فأتانا بعد ذلك باللحم، ثم خرجنا من هناك وزودنا إلى أن بلغنا مصر.
باب ما ذكر من بدء كتابة أبي رحمه الله الحديث حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول كتبت الحديث سنة تسع ومائتين وأنا ابن أربع عشرة سنة واختلفت تلك السنة إلى المحدثين وكتبت عن عتاب بن زياد المروزي سنة عشر (3) ومائتين قدم علينا من خراسان يريد الحج، وكتبت عن عبد الله بن عاصم سنة عشر أو نحوها كتاب أبي عوانة وأنا ابن خمس عشرة [سنة - 4] بخطي، وكنت أفيد الناس عن أبي عبد الرحمن المقرى وأنا بالري فيخرج الناس إلى المقرى فيسمعوا منه ويرجعوا وأنا بالري، وكتبت عن بشر بن يزيد (5) بن
أبي الأزهر (1) سنة عشر ومائتين وأنا ابن خمس عشرة وكان نزل على سعيد بن زيرك (2) فطلبوا مستمليا يستملي فلم يحضرهم فأخذت استملي لهم.
(196 م) باب ما ذكر من كتابة ابي ماكان يقرأ المحدث من الحديث في وقت قراءته حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: كتبت (3) عند عارم وهو يقرأ: وكتبت عند عمرو بن مرزوق وهو يقرأ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قال سعيد بن سليمان: عندي عن هشيم (4) عن منصور بن زاذان اربعمائة حديث، فأتاه الأعبر (5) وأصحاب الحديث فأملى علينا وجاء هارون المستملي المقلب بالديك فكان يستملي ولا يرد على أحد ويسرع الكتابة (6) فترك عامة أصحاب الحديث (100 د) الكتابة إلا القليل وكنت أكتب أنا.
(7) [باب ما ظهر لأبي من سيد عمله عند وفاته
حضرت أبي رحمه الله وكان في النزع وأنا لا أعلم فسألته عن عقبة بن عبد الغافر يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: له صحبة؟ فقال
برأسه: لا، فلم اقنع منه فقلت: فهمت عني: له صحبة؟ قال: هو تابعي.
قلت فكان سيد عمله معرفة الحديث وناقلة الآثار فان في عمره يقتبس منه ذلك فأراد الله أن يظهر عند وفاته ما كان عليه في حياته - 1] .
ما أنشد في أبي وأبي زرعة رحمهما الله من الشعر
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول قال بعض الحكماء هذه الأبيات: ليس في الدين مراء * ليس بالحق خفا وعلى الحق لذي الفهم من النور هدى ليس ذوالعرش بمعبو * د برأي وهوى إن يكن هذا كذا * فإذا ليس يرى ديننا في كل يوم * رأى هذا ثم ذا ليس ذو الآثار في الدين وذو الرأي سوا ليس تباع رسول الله * قصا واقتفتا مثل من يتبع نعما * ن على رأى رأي
(197 م) ولو أن الدين رأى * فيه أصبحنا سوا ويهود ونصارى * فيه كانوا شركا ولقد قال بنصح * جاء فيما عنه جا عامر الشعبي قولا * كان فيه ما كفى بل على ما كان رأيا * فكفا كم منه ذا إنما الدين اتباع * لا ابتداع وابتدا (2)
فعليكم بأبي زر * عة ذي العلم الرضا وأبي حاتم التا * بع قول المصطفى فهم أوعية العلم * ليحبوكم حبا من أحاديث رسول الله * عودا وبدا قد رواها ثقة عن ثقة عنه روى وتحاموا صاحب الخا * ن فما يدرى هبا من قعا قيع نعيما * ن الذي كان طغا وعتا (1) في الارض افسا * دا وظلما واعتدا (2) قال أبو محمد وأنشدني أبو محمد الأيادي في ابي رضي الله عنه يرثيه.
أنفسي مالك لا تجزعينا * وعيني مالك لا تدمعينا أنفسي مالك خوارة * كأنك في [غمرة تعمهيننا - 3] أنفسي مالك حيرانة * بأذنك وقر فلا تسمعينا ألم تسمعي لكسوف العلو * م في شهر شعبان حقا مدينا (4)
ألم تسمعي خبر المرتضى * أبي حاتم أعلم العالمينا؟ ألم تسمعي أنه ميت * وأن الأنام به مفجعونا إمام الأنام ثوى ملحدا * فأعظم لمرزئة (5) قد رزينا إمام المشارق والمغربين * وما بين ذلك اضحى رهينا (198 م) إمام الأنام خصصنا به * وعم الورى كلهم اجمعينا
ففي الأرض بالشيخ عرس مقيم * ومن فوقها مأتم المؤمنينا فأضحت سعيدا بجثمانه * وصرنا بفقدانه قد شقينا فيا أرض صرت به روضة * فكوني به برة تسعدينا ويا ري كنت به جنة * فحرت به قفرة ترحمينا لقد فازت الأرض طوبى لها * وصادفت الارض علقا ثمينا (102 ك) مضى شيخنا المضري الذي * ثلبنا به عصب الجاحدينا مضى شيخنا الحنظلي الذي * أبينا به الضيم أن نستكينا فيا آل إدريس ماذا رزئتم؟ * ويا آل إدريس ماذا رزينا؟ سلبنا وإياكم عزنا * فقد عظم الرزء فيكم وفينا دفنتم به علم أسلافنا * وآثار اشياخنا الصالحينا
فمن للسائل والواقعات * وللمشكلات إذا ما بلينا؟ ومن ذا يميز أخبارنا؟ ومن ذا يرد على المارقينا؟ دفنا أبا زرعة اليوم لما * دفنا ابن إدريس في الهالكينا وسفيان أيضا دفنا به * وشعبة إن كنتم تعقلونا وسفيان مكة والأصبحي بحر البحور إذا يذكرونا وحماد من بعد حمادنا * وشيخ الشام شجا الكافرينا وليث بن سعد لهم تاسع * وعبد الا له به يكملونا فكلا فقدنا بفقدانه * وإنا إلى ربنا راجعونا شقينا بموت أبي حاتم * شقاء طويلا وحزنا حزينا فلا حملت بعده حرة * ولا حمل البحر فيه سفينا
فيا عين فاستعبري بعده * وجودي بدمعك لا تبخلينا ويا نفس قولي لأهل الحديث * تعالوا نبكي ابا المسلمينا (199 م) تعالوا نبكي على ربها * بكاء الثكول مع الثاكلينا أيا لهف نفسي على شيخنا * لقد كان للدين حصنا حصينا فيا أهل طرسوس نوحوا عليه * ويا عين زربة لا تخذلونا (1) وقل لزبطرة (2) لا تأمنوا * فقد جاء في الكتب ما توعدونا لموت أبي حاتم فاحذروا * وكونوا على وجل خائفينا ويا اهل مصيصة المنتضا * ة سيف الشام على الكافرينا ويا ثغر مصر وثغر الحجاز * وثغر العراق ألا تندبونا ويا ثغر سند إلى كابل * وزابل فاستيقظوا فاطنينا ويا أهل شاش إلى بنكث * ويا أهل خوارزم لا تأمنونا
ويا اهل جرجان ويحالكم * ويا أهل كلال ما تعقلونا (3) ويا أهل قزوين ما غالكم * وابهر ماذا تروا أن يكونا فقد مات من كان رداء لكم لكم * وللخلق كلهم أجمعينا ويا حرمي ربنا والرسول * ومن بهما أصبحوا قاطنينا هلموا إلى مأتمي كلكم * جميعا ولا تحضروا الملحدينا فقد شمتوا بالذي غالنا * فلا بارك الله في الشامتينا ويا أيها الشامتون اقصروا * فقد خلف الشيخ ابنا رصينا ففي الابن منه عزاء لنا * نقوم بنصرته ما بقينا
فيا ربب أورد أبا حاتم * حياض النبي ع الطيبينا ابي بكر [الخير - 1] صهر النبي * وثانيه في الغر إذ يهربونا وفاروقها عمر بعده * وعثمان ذي النور في الواردينا ويعسوب أمتنا فيهم * أبي حسن سيد المتقينا وطلحة من بعدهم والزبير * وكل له الفضل في السابقينا ولا تنس شيخي بني زهرة * وشيخ عدي به يحسبونا (200 م) فذلك عشر كما جاءنا * وصح لدينا عن السالفينا بحبهم دان من قبلنا * ونحن لهم خلف تابعونا
أيمشي على ظهرها أهلها * وتحت الثرى جسد الصالحينا فسبحان من جعل الموت حتما (2) * وكل إلى حتمه صائرونا (3) باب ما ذكر في مدح أبي زرعة لبعض اهل الادب (101 د) أضاءت بلاد الري نورا وأشرقت * بذكر عبيد الله فالله أكبر فشكرا لمن ابناه فينا وحمده * على أنه فينا التقي المخير لقد نور الري العريضة علمه * بدين رسول الله فالدين أنور إذا غاب غاب العلم والحلم والتقى (4) * وعند حضور القرن يبهى ويزهر تمنى جماعات الرجال وترتجى * أراملها والكف بالجود تمطر فلو كان بالري العريضة كائن * كمثل عبيد الله يا قوم يشكر
أننا بما آنستنا من فوائد * وكنت ضيا ظلماتنا فهي مقمر (181 م) حبانا بك الله العزيز بقدرة * وبصرنا ما لم نكن قبل نبصر ففي حنبلي الرأي لا يتبع الهوى * ولكنه من خشية الله يحذر يؤدي عن الآثار لا الرأي همه * وعن سلف الأخيار ما سيل يخبر وليس كمن يأتي لنعمان دينه * وحجته حماد يوما ومسعر
فتى صيغ من فقه بل الفقه صوغه * مثال عبيد الله ما فيه منكر تمنى رجال أن يكونوا كمثله * وقد شيبتهم في الرياسة أعصر وهيهات أن يستدركوا فضل علمه * ولو مكثوا تسعين حولا وعمروا لكي يدركوه أو تنال اكفهم * مدى النجم من حيث استقل المغور (103 ك) أبا زرعة القمقام أصبحت بارزا * على كل مرجئ بدينك تفخر أبو زرعة شيخ النهى بكمالها * لك السبق إذ أنت الأغر المشهر فمتعك الرحمن بالحلم والتقى * وأبقاك ما دام الدجاج (1) يقرقر فمن مبلغ عني أميري طاهرا * بأن عبيد الله شاه مظفر أقام منار الدين فينا بعلمه * وليس كمن في دينه يتنصر اتيتتك لا أدلي إليك بقربة * سوى قربة الدين الذي هو أكثر فسبقك محمود وشكرك واجب * وعلمك مبسوط وبحرك يزخر وأبقاك ربي ما حييت بغبطة * فأنت نقي العرض ليث غضنفر وقال الحواري يري أبا زرعة رحمة الله عليه نفى النوم عن عيني وما زلت ساهرا * أراعي نجوما في السماء طوالعا
بفقدان حبر مات بالري فاضلا * عليما حليما خيرا متواضعا عنيت عبيد الخالق الجهبذ الذي * أقام لنا آثار أحمد بارعا أقام لنا دين النبي محمد * وأوضح للإسلام حقا وتابعا وأنفى لنا التكذيب والبطل حسبة * ورد على الضلال من كان ضائعا بآثار ختام النبيين أحمد * وكان إماما قدوة كان خاضعا (183 م) فكاد له قلبي يطير مفجعا * غادة نعوه أو تصدع جازععا
وما زلت ذا شجو وهم وعبرة * كثكلى كئيبا دامع العين فاجعا لقد مات محمودا سعيدا ولم نجد له * خلفا في المشرقين مطالعا كمثل عبيد الله ذي الحلم فاضل * أبي زرعة الغواص في العلم شاسعا دفينا (1) كريما تحت رمس وبرزخ * وأورثنا غما إلى الحشر فاظعا فبورك قبر أنت فيه مغيب * ولا زلت في الجنات جذلان راتعا أبا زرعة فجعت من كان عالما * بموتك يا ذا العلم بحرا وجامعا تركت اولي العلم حيارى أذلة * لموتك حتى الحشر فينا جوازعا أبا زرعة يا خير من مات فاقدا * فبعدك قد صرنا نقاسي القوارعا (2) فقل لذوي زور وإفك وباطل * ومن كان أمس شامتا أو مخادعا [تموت كشيخ العلم أبشر بلعنة * فعما قريب خائف الموت جازعا - 2] وتلحقه ذا حسرة وندامة * إذا ما وردت الرمس عجلان قامعا إذا ما وردت الحوض حوض نبينا * وأصحاب آثار تراهم كوارعا لدى حوضه طورا يذودون من عصى * وأبدع في دين الاله البدائعا
فصلى عليك الواحد الفرد ما دعت * حمامة أيك أو يرى النجم ساطعا وصلى عليك الصالحون ملائك * وكل نبي كان في الدهر شافعا وصلى عليك الراسخون فواضل * إلى الحشر مثل الرمل إذ كنت خاشعا (في آخر نسخة د) آخر كتاب تقدمة المعرفة بكتاب الجرح والتعديل
أبا زرعة يا خير من مات فاقدا * فبعدك قد صرنا نقاسي القوارعا (2) فقل لذوي زور وافك وباطل * ومن كان أمس شامتا أو مخادعا [تموت كشيخ العلم أبشر بلعنة * فعما قريب خائف الموت جازعا - 2] وتلحقه ذا حسرة وندامة * إذا ما وردت الرمس عجلان قامعا إذا ما وردت الحوض حوض نبينا * وأصحاب آثار تراهم كوارعا لدى حوضه طورا يذودون من عصى * وأبدع في دين الاله البدائعا
فصلى عليك الواحد الفرد ما دعت * حمامة أيك أو يرى النجم ساطعا وصلى عليك الصالحون ملائك * وكل نبي كان في الدهر شافعا وصلى عليك الراسخون فواضل * إلى الحشر مثل الرمل إذ كنت خاشعا (في آخر نسخة د)
آخر كتاب تقدمة المعرفة بكتاب الجرح والتعديل
من تأليف ابي محمد عبد الرحمن ابن ابي حاتم الرازي رحمه الله
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله
وكتب سلخ شهر ربيع الاول سنة سبع وستمائة (وفي آخر نسخة م)
تم كتاب تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل بحمد الله وعونه
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=156048&book=5548#f550da
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عِيْسَى بنُ مَاهَانَ
عَالِمُ الرَّيِّ.
يُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ يَتَّجِرُ إِلَى الرَّيِّ، وَيُقِيْمُ بِهِ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ التِّسْعِيْنَ، فِي حَيَاة بَقَايَا الصَّحَابَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ الخُرَيْبِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَخَلَفُ بنُ الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَعِدَّةٌ.قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: يَهِمُ كَثِيْراً.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: هُوَ عِيْسَى بنُ أَبِي عِيْسَى، ثِقَةٌ، كَانَ يَخلِطُ.
وَقَالَ مَرَّةً: يُكتَبُ حَدِيْثُه، إِلاَّ أَنَّهُ يُخطِئُ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: عَنْ أَحْمَدَ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ: هُوَ نَحْوُ مُوْسَى بنِ عُبَيْدَةَ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ:
كَانَ عِنْدَنَا ثِقَةً.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: فِيْهِ ضَعْفٌ.
وَقَالَ السَّاجِيُّ: صَدُوْقٌ، لَيْسَ بِمُتْقِنٍ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ الدَّشْتَكِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُوْلُ:
لَمْ أَكْتُبْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، لأَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
ثُمَّ قَالَ الدَّشْتَكِيُّ: زَامَلَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ المَهْدِيَّ، وَلَبِسَ السَّوَادَ.
قُلْتُ: زَاملَ المَهْدِيَّ إِلَى مَكَّةَ.
وَمِمَّا تَفَرَّد بِهِ: حَدِيْثُ القُنُوْتِ.قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَصلُهُ مِنْ مَرْوَ، انْتقَلَ إِلَى الرَّيِّ، كَانَ مِمَّنْ يَتَفَرَّدُ بِالمَنَاكِيْرِ عَنِ المشَاهِيْرِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَطَائِفَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارْمَرْدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبَابَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحاً خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً).
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: (إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ سَجْدَةٍ، ثُمَّ أَحَدَثَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ ) .أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ خَطْباً يَوْم القِيَامَةِ، أَكْثَرُهُمْ خَوْضاً فِي البَاطِلِ).
فَتْحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاحٍ الأَزْدِيُّ المَوْصِلِيُّ زَاهِدُ زَمَانِه ِ، فَتْحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاحٍ الأَزْدِيُّ، المَوْصِلِيُّ، أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ.
لَهُ: عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ.
وَعَنْهُ: المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
وَلَهُ أَحْوَالٌ وَمَقَامَاتٌ، وَقَدَمٌ رَاسخٌ فِي التَّقْوَى.
عَنِ المُعَافَى، قَالَ: لَمْ أَرَ أَعقلَ مِنْهُ.
قِيْلَ: كَانَ يُوقِدُ فِي أَتُّونٍ بَعْد مَا كَانَ يَصِيدُ السَّمَكَ، فَشَغَلَتْهُ سَمَكَةٌ عَنِ الجَمَاعَةِ، فَتَرَكَهُ.
وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ المُعَافَى بِأَلفٍ، فَردَّهَا، وَأَخَذَ مِنْهَا دِرْهَماً وَاحِداً، مَعَ فَقْرِ أَهْلِهِ.
وَقِيْلَ: كَانَ لاَ يَنَامُ إِلاَّ قَاعِداً، وَكَانَ بَكَّاءً، خَوَّافاً، مُتَهَجِّداً.
قِيْلَ: أَتَاهُ مُتولِّي المَوْصِلِ، فَخَرَجَ ابْنُهُ، وَقَالَ: هُوَ نَائِمٌ.
فَصَاحَ: مَا أَنَا نَائِماً، مَا لِي وَلَكَ؟
قَالَ: هَذِهِ عَشْرَةُ آلاَفٍ، خُذْهَا، فَأَبَى.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ.
وَهَذَا هُوَ: فَتْحٌ المَوْصِلِيُّ الكَبِيْرُ.
أَمَّا الصَّغِيْر
ُ أَبُو نَصْرٍ فَتْحُ بنُ سَعِيْدٍ المَوْصِلِيُّ
فَمِنْ أَقْرَانِ بِشْرٍ الحَافِي.
عَالِمُ الرَّيِّ.
يُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ يَتَّجِرُ إِلَى الرَّيِّ، وَيُقِيْمُ بِهِ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ التِّسْعِيْنَ، فِي حَيَاة بَقَايَا الصَّحَابَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ الخُرَيْبِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَخَلَفُ بنُ الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَعِدَّةٌ.قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: يَهِمُ كَثِيْراً.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: هُوَ عِيْسَى بنُ أَبِي عِيْسَى، ثِقَةٌ، كَانَ يَخلِطُ.
وَقَالَ مَرَّةً: يُكتَبُ حَدِيْثُه، إِلاَّ أَنَّهُ يُخطِئُ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: عَنْ أَحْمَدَ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ: هُوَ نَحْوُ مُوْسَى بنِ عُبَيْدَةَ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ:
كَانَ عِنْدَنَا ثِقَةً.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: فِيْهِ ضَعْفٌ.
وَقَالَ السَّاجِيُّ: صَدُوْقٌ، لَيْسَ بِمُتْقِنٍ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ الدَّشْتَكِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُوْلُ:
لَمْ أَكْتُبْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، لأَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
ثُمَّ قَالَ الدَّشْتَكِيُّ: زَامَلَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ المَهْدِيَّ، وَلَبِسَ السَّوَادَ.
قُلْتُ: زَاملَ المَهْدِيَّ إِلَى مَكَّةَ.
وَمِمَّا تَفَرَّد بِهِ: حَدِيْثُ القُنُوْتِ.قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَصلُهُ مِنْ مَرْوَ، انْتقَلَ إِلَى الرَّيِّ، كَانَ مِمَّنْ يَتَفَرَّدُ بِالمَنَاكِيْرِ عَنِ المشَاهِيْرِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَطَائِفَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارْمَرْدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبَابَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحاً خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً).
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: (إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ سَجْدَةٍ، ثُمَّ أَحَدَثَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ ) .أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ خَطْباً يَوْم القِيَامَةِ، أَكْثَرُهُمْ خَوْضاً فِي البَاطِلِ).
فَتْحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاحٍ الأَزْدِيُّ المَوْصِلِيُّ زَاهِدُ زَمَانِه ِ، فَتْحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاحٍ الأَزْدِيُّ، المَوْصِلِيُّ، أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ.
لَهُ: عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ.
وَعَنْهُ: المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
وَلَهُ أَحْوَالٌ وَمَقَامَاتٌ، وَقَدَمٌ رَاسخٌ فِي التَّقْوَى.
عَنِ المُعَافَى، قَالَ: لَمْ أَرَ أَعقلَ مِنْهُ.
قِيْلَ: كَانَ يُوقِدُ فِي أَتُّونٍ بَعْد مَا كَانَ يَصِيدُ السَّمَكَ، فَشَغَلَتْهُ سَمَكَةٌ عَنِ الجَمَاعَةِ، فَتَرَكَهُ.
وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ المُعَافَى بِأَلفٍ، فَردَّهَا، وَأَخَذَ مِنْهَا دِرْهَماً وَاحِداً، مَعَ فَقْرِ أَهْلِهِ.
وَقِيْلَ: كَانَ لاَ يَنَامُ إِلاَّ قَاعِداً، وَكَانَ بَكَّاءً، خَوَّافاً، مُتَهَجِّداً.
قِيْلَ: أَتَاهُ مُتولِّي المَوْصِلِ، فَخَرَجَ ابْنُهُ، وَقَالَ: هُوَ نَائِمٌ.
فَصَاحَ: مَا أَنَا نَائِماً، مَا لِي وَلَكَ؟
قَالَ: هَذِهِ عَشْرَةُ آلاَفٍ، خُذْهَا، فَأَبَى.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ.
وَهَذَا هُوَ: فَتْحٌ المَوْصِلِيُّ الكَبِيْرُ.
أَمَّا الصَّغِيْر
ُ أَبُو نَصْرٍ فَتْحُ بنُ سَعِيْدٍ المَوْصِلِيُّ
فَمِنْ أَقْرَانِ بِشْرٍ الحَافِي.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=87397&book=5548#abe871
ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الرابعة من أهل الري أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد (4)
[ما ذكر من علم أبي زرعة وفقهه - 5]
حدثنا عبد الرحمن نا الحسن [بن أحمد - 5] بن الليث قال سمعت
عبد الواحد بن غياث البصري يقول: ما رأى أبو زرعة بعينه مثل نفسه أحدا.
قال وسمعت الحسن بن أحمد يقول: وكان عبد الواحد كتب عن حماد بن سلمة الكتب، وحماد بن زيد لقي أصحاب الحسن وابن سيرين.
قال أبو محمد قرأت كتاب إسحاق بن راهويه [بخطه - 1] إلى أبي زرعة: إني ازداد بك كل يوم سرورا فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته وهذا من أعظم ما يحتاج إليه اليوم طالب العلم، وأحمد بن إبراهيم لا يزال في ذكرك الجميل (2) حتى يكاد يفرط وإن لم يكن فيك بحمد الله إفراط واقرأني كتابك إليه بنحو ما أوصيتك من إظهار السنة وترك المداهنة فجزاك الله خيرا فدم على ما أوصيتك فإن للباطل جولة [ثم يضمحل وان ممن أحب صلاحه.
1] وزينه (3) وإني أسمع من إخواننا القادمين ما أنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك.
حدثنا عبد الرحمن نا جعفر بن محمد أبو يحيى الزعفراني قال سمعت عمرو بن سهل بن صرخاب يقول - وذكر أبا زرعة فقال: ما ولد في خمسين ومائة سنة مثل أبي زرعة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول: ما خلف أبو زرعة مثله وسمعته يقول بعد وفاة أبي زرعة - وذكر أبا زرعة فقال: كان (4) (167 م) دربندان العلم.
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ ذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو البرذعي (90 ك) قال سمعت محمد بن يحيى النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: لا يَزَالُ الْمُسْلِمُونَ بخير ما
ابقى الله عزوجل لَهُمْ مِثْلَ أَبِي زُرْعَةَ، وَمَا كان الله عزوجل ليترك الارض
إِلا وَفِيهَا مِثْلُ أَبِي زُرْعَةَ يعلم الناس ما جهلوه.
(89 د) ثُمَّ جَعَلَ يُعَظِّمُ عَلَى جُلَسَائِهِ خَطَرَ مَا حَكَى لَهُ مِنْ عِلَّةِ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رَكْعَتَانِ (1) بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةٍ بِغَيْرِ سِوَاكٍ.
قَالَ سَعِيدٌ وَكُنْتُ حَكَيْتُ لَهُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ اصْطَحَبَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى الصَّدَفِيِّ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الرِّيِّ فَسَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي طَرِيقِهِ، وَقَالَ (2) لَمْ اسَتْفَدِ مُنْذُ دَهْرٍ عِلْمًا أَوْقَعَ عِنْدِي وَلا آثَرَ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلَوْ فَهِمْتُمْ عَظِيمَ خَطَرِهَا لاسْتَحْلَيْتُمُوهُ كَمَا اسْتَحْلَيْتُهُ (3) - وَجَعَلَ يَمْدَحُ أَبَا زُرْعَةَ فِي كَلامٍ كَثِيرٍ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة وذكر أحمد بن حنبل وأنه أعطاه دفتره فقلت له: كان أحمد بن حنبل يعرفك حيث دفع كتابه إليك؟ فقال: أي لعمري، كنت أكثر الاختلاف إليه وكنت اسائله وإذا كره ويذاكرني.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسين (4) بن الجنيد يقول: ما رأيت أحدا أعلم بحديث مالك بن أنس مسندها ومنقطعها من أبي زرعة، وكذلك سائر العلوم ولكن خاصة حديث مالك (5) قال
أبو زرعة رأيت فيما يرى النائم كأن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكأني امسح يدي على منبر النبي صلى الله عليه وسلم موضع المقعد والذي يليه والذي يليه ثم أمسكته فقصصته (1) على رجل من أهل سجستان كان معنا بحران فقال هذا أنت تعني بحديث النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وكنت إذ ذاك لا أحفظ كثير شئ من مسائل الأوزاعي ومالك والثوري وغيرهم (2) ثم عنيت به [بعد - 3] .
حدثنا عبد الرحمن قال (168 م) سمعت أبي يقول وذكر له أبو عبد الله الطهراني وأبو زرعة فقال: كان أبو زرعة أفهم من أبي عبد الله الطهراني واعلم منه بكل شئ بالفقه والحديث وغيره.
باب ما ذكر من حفظ أبي زرعة رحمه الله
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت علي بن الحسين بن الجنيد المالكي يقول: ما رأيت أحدا أحفظ لحديث (4) مالك بن أنس لمسنده ومنقطعه من أبي زرعة.
قلت (5) : ما في الموطأ والزيادات التي ليست في الموطأ؟ قال: نعم.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول سمعت أحمد بن حنبل وذكر عن عبد الله بن واقد عن عكرمة بن عمار عن الهرماس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته نحو الشام - فقال أحمد: ما ظننت أن الهرماس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم سوى حديث العضباء حتى جاء أبو قتادة (6) بهذا الحديث، قلت له أنا، وههنا
حديث آخر سوى هذين، قال: ما هو؟ قلت: حدثنا عمرو بن مرزوق عن عكرمة بن عمار عن الهرماس قال: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فمد يده.
قال أبو زرعة: فسكت ولم ينكره.
وقال أبو محمد:
كان أبو زرعة قل يوم إلا يخرج معه إلى المسجد كتابين أو ثلاثة كتب، لكل قوم كتابهم الذي سألوا فيه فيقرأ على [كل 1] قوم ما يتفق له القراءة من كتاب، ثم يقرأ للآخر كتابه الذي قد سأل فيه أوراق (2) ثم يقرأ للثالث كمثل ذلك فإذا رجعوا أولئك في يومهم يكون قد أخرج معه كتابهم فيجئ إلى الموضع الذي كان يقرأ عليهم إلى ذلك المكان فيبتدئ فيقرأ من غير أن يسألهم: إلى أين بلغتم؟ وما أول مجلسكم؟ فكان ذاك دأبه كل يوم لا يستفهم من احد منهم أو مجلسه وهذا بالغداة، وبالعشي كمثل (3) ولا أعلم أحدا من المحدثين قدر على هذا.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة قال حضرت يوما عبيد الله بن (169 م) عائشة فقال: أول من كسا البيت جرهم، قال أبو زرعة فقلت فجرهم كان قبل أو تبع؟ قال: بل تبع، قلت حدثنا إبراهيم بن موسى أنا ابن ثور عن معمر عن تميم بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير قال: أول من كسا البيت نبع فنهى الناس عن سبه، فسكت ثم انبسط بعد ذلك إلى.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: قعدت إلى أبي الوليد يوما فحملت عنه ثمانية عشر حديثا وحدثنا مذاكرة من غير أن كتبت منه حرفا وتحفظت عنه كله.
حدثنا عبد الرحمن سمعت أبا زرعة يقول: سمعت من بعض المشايخ أحاديث فسألني رجل من أصحاب الحديث فأعطيته كتابي فرد علي الكتاب
بعد ستة أشهر فأنظر في الكتاب فإذا إنه قد غير في سبعة مواضع، قال أبو زرعة [فأخذت الكتاب وصرت إلى عنده فقلت ألا تتقي الله
تفعل مثل هذا؟ قال أبو زرعة - 1] فأوقفته على موضع موضع وأخبرته وقلت له أما هذا الذي غيرت فإنه هذا الذي جعلت عن ابن أبي فديك فإنه عن أبي ضمرة (2) مشهور وليس هذا من حديث ابن أبي فديك، وأما هذا فإنه كذا (91 ك) وكذا فإنه لا يجئ عن فلان وإنما هذا كذا، فلم أزل أخبره حتى أوقفته على كله ثم (90 د) قلت له: فإني حفظت جميع ما فيه في الوقت الذي انتخبت على الشيخ، ولو لم أحفظه لكان لا يخفى علي مثل هذا، فاتق الله عزوجل يا رجل.
[قال أبو محمد - 3] فقلت له: من ذلك الرجل الذي فعل هذا؟ (4) فأبى أن يسميه.
حدثنا عبد الرحمن قال وسمعت أبا زرعة يقول دفعت كتاب الصوم إلى رجل بغدادي فرد علي فإذا إنه قد غير حرفا من الإسناد عن جهته، قال أبو زرعة فتعجبت منه فقلت في نفسي يا سبحان الله من يريد أن يفعل هذا بي؟ اي شئ يظن؟ وقلت في نفسي إنه يظن أنه عمل شيئا.
حدثنا عبد الرحمن قال وسمعت أبا زرعة يقول: ودفع إليه رجل حدثنا فقال اقرأ فلما نظر في الحديث قال: من اين (170 م) لك هذا؟ قال وجدته على ظهر كتاب ليوسف الوراق، قال أبو زرعة: هذا الحديث من حديثي غير أني لم أحدث به، قيل له: وأنت تحفظ ما حدثت به مما لم تحدث به؟ قال بلى، ما في بيتي حديث إلا وأنا افهم موضعه.
حدنثا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: مررت يوما ببيروت
فإذا شيخ مخضوب متكئ على عصا فلما نظر إلي قال لرجل: ترى هذا ليس في الدنيا أحفظ من هذا.
قال أبو زرعة ما يدريه؟ عرف حفاظ الدنيا حتى يشهد لي بهذه الشهادة؟ غير أن الناس إذا سمعوا شيئا قالوه.
باب ما ذكر في أبي زرعة أنه إمام زمانه حدثنا عبد الرحمن قال سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان ودعا لهما وقال: بقاؤهما صلاح للمسلمين.
حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبي رحمه الله عن أبي زرعة فقال: إمام.
باب ما ذكر من طهارة خلق أبي زرعة حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: كنت أتولى الانتخاب على أبي الوليد وكنت لا أنتخب ما سمعت من أبي الوليد قديما، فترى قال أبو زرعة يوما أكتب حديثا معادا بسببي؟ وما سمع تلك الأحاديث التي تركتها على العمد إلا بعد خروجي ولو كنت أنا بدله ما كنت أصبر أن ادع جياد حديثه ولا أسمع منه، فلما تيسر لي الخروج من البصرة قلت لأبي زرعة تخرج؟ فقال: لا، إنك تركت أحاديث من حديث أبي الوليد مما كتبت منه سمعت منه قديما فكرهت أن أسأل في شئ يكون عليك معادا فأنا أقيم بعدك حتى أسمع.
باب ما ذكر من كثرة علم أبي زرعة
حدثنا عبد الرحمن قال (1) قلت لأبي زرعة رحمه الله: تحزر ما كتبت
عن إبراهيم بن موسى مائة ألف [حديث؟ قال: مائة ألف - 1] كثير، قلت فخمسين ألفا؟ قال: نعم، وستين ألفا، وسبعين ألفا، أخبرني من عد كتاب الوضوء والصلاة فبلغ ثمانية عشر ألف حديث.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت (171 م) أبا زرعة يقول: لزمنا إبراهيم بن موسى ثماني سنين من سنة أربع عشرة في آخرها إلى سنة اثنتين وعشرين حتى خرجت إلى مكة في رمضان.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: كتبت بالري قبل أن أخرج إلى العراق عن نحو ثلاثين شيخا منهم عبد الله بن الجراح وعبد العزيز بن المغيرة وعبد الصمد بن حسان وجعفر بن عيسى وبشر ابن يزيد وسلمة بن بشير وعبيد بن إسحاق وذكر شيوخا كثيرة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتبت عن ابي سملة التبوذكي عشرة آلاف حديث، أما حديث حماد بن سلمة فعشرة آلاف حديث، وكنا نظن أنه يقرأ كما كان يقرأ قديما فاستكتبنا الكثير ومات فبقي علينا شئ نحو قوصرة فوهبت لقوم بالبصرة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: نظرت في نحو من ثمانين (2) ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر وفي غير مصر ما أعلم إني رأيت [له - 3] حديثا لا أصل له.
باب ما ذكر من معرفة أبي زرعة بعلل الحديث
وبصحيحه من سقيمه حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زُرْعَةَ يَقُولُ: حدثنا أَبُو بَكْرِ بن
أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَاصِمِ (1) بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُهَرْوِلُ إِلَى الْمَسْجِدِ - فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ فَقُلْتُ لَهُ: مِسْعَرٌ لَمْ يَرْوِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ شَيْئًا (2) إِنَّمَا هَذَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ، فَلَجَّ فِيهِ (3) قَالَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ فَطَلَبَهُ فَرَجَعَ فَقَالَ: غَيِّرُوهُ (4) هُوَ عَنْ سُفْيَانَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَأَيْتُ فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الأَصْبَهَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِرُسْتَةَ مِنْ أَصْبَهَانَ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ بِخَطِّهِ: وَإِنِّي كُنْتُ رَوَيْتُ عِنْدَكُمْ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هريرة عن النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَقُلْتُ: هَذَا غَلَطُ، النَّاسِ يَرْوُونَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عن النبي (92 ك) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَعَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِكَ فِي نَفْسِي فَلَمْ أَكُنْ أَنْسَاهُ حَتَّى قَدِمْتُ ونظرت في الاصر فَإِذَا هُوَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ خَفَ عَلَيْكَ فَأَعْلِمْ ابا حاتم عافاه الله (172 م) وَمَنْ سَأَلَكَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّكَ فِي ذَلِكَ مَأْجُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالْعَارُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ أَتَيْنَا أَبَا عُمَرَ الْحَوْضِيَّ وَقَدْ دَخَلَ قَوْمٌ عليه وهو يحدثهم (91 د) وَأَنَا وَأَبُو حَاتِمٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَّا (5) خَارِجٌ نَتَسَمَّعُ فَوَقَعَ فِي مَسَامِعِنَا وَهُوَ يَقُولُ: حدثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ
عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم: إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ فَصِحْنَا مِنْ وَرَاءِ [الْبَابِ - 6] فَقُلْنَا يَا ابا عمر
هَذَا عَنْ جَابِرٍ، فَقَالَ: صَدَقْتُمْ، ادْخُلُوا.
حدثنا عبد الرحمن قال (1) حضر عند أبي زرعة محمد بن مسلم [والفضل بن العباس المعروف بالصائغ فجرى بينهم مذاكرة، فذكر محمد ابن مسلم - 2] حديثا فأنكر فضل الصائغ فقال يا أبا عبد الله ليس هكذا هو، فقال كيف هو؟ فذكر رواية أخرى، فقال محمد بن مسلم بل الصحيح ما قلت والخطأ ما قلت، قال فضل فأبو زرعة الحاكم بيننا، فقال محمد بن مسلم لأبي زرعة أيش تقول أينا المخطئ؟ فسكت أبو زرعة ولم يجب فقال محمد بن مسلم: مالك سكت، تكلم، فجعل أبو زرعة يتغافل، فألح عليه محمد بن مسلم وقال: لا أعرف لسكوتك معنى، إن كنت أنا المخطئ فأخبر وإن كان هو المخطئ [فأخبر - 2] ، فقال هاتوا أبا القاسم
ابن أخي فدعى به فقال اذهب وادخل بيت الكتب دفع القمطر الاول والقمطر الثاني والقطمر الثالث وعد ستة عشر جزءا وائتني بالجزء السابع عشر، فذهب فجاء بالدفتر فدفعه إليه فأخذ أبو زرعة فتصفح الأوراق وأخرج الحديث ودفعه إلى محمد بن مسلم فقرأه محمد بن مسلم: فقال نعم غلطنا فكان ماذا؟.
حدثنا عبد الرحمن قال (3) قيل لأبي زرعة بلغنا عنك أنك قلت لم أر [أحدا - 4] أحفظ من ابن أبي شيبة؟ فقال، نعم في الحفظ ولكن في الحديث كأنه لم يحمده، فقال: روى مرة حديث حذيفة في الإزار فقال حدثنا أبو الأحوص عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي معلى عن حذيفة، [فقلت له إنما هو أبو إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة، وذاك الذي ذكرت (173 م)
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي المعلى عن حذيفة - 1] قال كنت ذرب اللسان، فبقي، فقلت للوراق أحضروا المسند، فأتوا بمسند حذيفة فأصابه كما قلت.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: كنا عند أبي بكر بن ابي شعيبة ومعنا كيلجة فقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ابن (2) عيينة عن عبد الله بن أبي بكر عن أنس أنه قال يتبع الميت ثلاث.
فقال كيلجة هو عن عبيد الله بن أبي بكر فقال: عن عبيد الله بن أبي بكر فقلت يا أبا بكر تركت الصواب وتلقنت الخطأ إنما روى هو عن عبد الله بن أبي بكر
وسفيان لم يلق عبيد الله بن أبي بكر، فقال لقنني [هذا - 3] ، فقلت: كلما لقنك هذا تريد أن تقبله؟.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يَقُولُ حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة مرة عن وكيع عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عبيد الله [قال رأيت سالما توضأ مرة، فقلت إنما هو وكيع عن سفيان، فقال، لا حدثنا وكيع عن مسعر عن عاصم بن عبيد الله - 4] فقلت ليس هذا من حديث مسعر، حدثنا أبو نعيم ومحمد بن كثير عن سفيان عن عاصم، ولم يسمع مسعر من عاصم بن عبيد الله شيئا، فقال: بلى مسعر عن عاصم عن الشعبي، فقلت: هذا عاصم وذكر عاصما آخر إنما قلت لك عاصم بن عبيد الله لم يسمع مسعر منه شيئا، فسكت فلما كان بالعشي قال قد أصبته [هو - 5] كما قلت أنت حدثنا وكيع والفضل بن دكين عن سفيان.
وقال له رجل يوما يا أبا بكر منذ قدم أبو زرعة صحح لنا سبعين حديثا، فحجل، ثم قال أبو زرعة [يكون - 1] مثل هذا كثير.
هذا علي ابن
المديني ذاكر بباب لعبد الرحمن بن مهدي في التسليم واحدة وعبد الرحمن كان له في هذا باب فقال علي: هذا كله كذب، فلما كان بعد أيام
روى الباب عن عبد الرحمن.
باب ما ذكر من فراسة عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي في أبي زرعة [وهو صغير - 1]
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول ذهب بي أبي إلى عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي فلما رأيته نفرت من هيبته فتقدم أبي إليه فسلم عليه وقعد (174 م) بجنبه فلم أزل أدنو وأنظر إليه ولا أجسر من الهيبة أن أدنو منه فلما رآني أتقدم قال لأبي من هذا؟ قال هذا ابني، قال ادعوه، فدعاني فجئت حتى دنوت من أبي فقال لي عبد الرحمن ادن مني، وأنا أدنو شيئا بعد شئ، فلم يزل يقول ادن، حتى دنوت فأظنه أقعدني على فخذه أو أقعدني بجنبه فقال لي أخرج يدك فأخرجت يدي فنظر إلى شقوق باطن أصابعي فتفرس [في - 1] فقال لأبي: إن ابنك هذا سيكون له شان ويحفظ القرآن (93 ك) والعلم، وذكر أشياء.
باب ما ذكر من رحلة أبي زرعة في طلب العلم حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة في أي سنة كتبتم (2) عن أبي نعيم؟ قال في سنة أربع عشرة ومائتين، ومات في سنة ثماني عشرة ومائتين.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول خرجت من الري المرة
الثانية سنة سبع وعشرين ومائتين ورجعت سنة اثنتين وثلاثين في أولها، بدأت فحججت ثم خرجت إلى مصر فأقمت بمصر خمسة عشر شهرا وكنت عزمت في بدو قدومي مصر أني أقل المقام بها، فلما رأيت كثرة العلم بها وكثرة الاستفادة عزمت على المقام ولم أكن عزمت على سماع كتب الشافعي، فلما عزمت على المقام وجهت إلى أعرف (1) رجل بمصر بكتب الشافعي (92 د) فقبلتها منه بثمانين درهما أن يكتبها كلها وأعطيته الكاغذ وكنت حملت معي ثوبين ديبقيين (2) لأقطعهما لنفسي فلما عزمت على كتابتها أمرت ببيعهما فبيعا بستين درهما واشتريت مائة ورقة كاغذ بعشرة دراهم كتبت فيها كتبت الشافعي.
ثم خرجت إلى الشام فأقمت بها ما أقمت، ثم خرجت إلى الجزيرة وأقمت ما أقمت، ثم رجعت إلى بغداد سنة ثلاثين في آخرها، ورجعت إلى الكوفة وأقمت [بها ما أقمت - 3] وقدمت البصرة فكتبت بها عن شيبان وعبد الأعلى.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن عوف يقول: كان أبو زرعة عندنا بحمص سنة ثلاثين ومائتين.
حدثنا عبد الرحمن قال (175 م) سمعت أبا زرعة يقول أقمت في خرجتي الثالثة بالشام والعراق ومصر أربع سنين وستة أشهر فما أعلم أني طبخت فيها قدرا بيد نفسي.
باب ما ذكر من جلالة أبي زرعة عند العلماء حدثنا عبد الرحمن نا الحسن بن أحمد بن الليث قال سمعت احمد ابن حنبل وسأله رجل فقال: بالري شاب يقال له أبو زرعة، فغضب أحمد وقال: تقول شاب؟ كالمنكر عليه، ثم رفع يديه وجعل يدعو الله عزوجل لأبي زرعة ويقول: اللهم انصره على [من - 1] يغي عليه، اللهم عافه، اللهم ادفع عنه البلاء، اللهم، اللهم، في دعاء كثير.
قال الحسن فلما قدمت حكيت ذلك لأبي زرعة وحملت إليه دعاء أحمد بن حنبل [له - 2] وكنت كتبته [عنه - 3] فكتبه أبو زرعة وقال [لي - 3] أبو زرعة: ما وقعت في بلية فذكرت دعاء أحمد إلا ظننت ان الله عزوجل يفرج بدعائه عني.
حدثنا عبد الرحمن قال رأيت في كتاب عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني الْمَعْرُوفُ بِرُسْتَةَ مِنْ أَصْبَهَانَ إِلَى أبي زرعة [بخطه - 3] :
أعلم رحمك الله إني ما [أكاد - 4] أنساك في الدعاء [لك - 3] ليلي ونهاري أن يمتع المسلمون بطول بقائك فأنه لا يزال الناس بخير ما بقي من يعرف العلم وحقه من باطله، ولولا ذاك لذهب العلم وصار الناس إلى الجهل، وقد جاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
وقد جعلك الله منهم فأحمد الله على ذلك فقد وجب لله عزوجل عليك الشكر في ذلك.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: أردت الخروج من
مصر فجئت لأودع يحيى بن عبد الله بن بكير فقلت تأمر بشئ؟ قال: أخلف الله علينا بخير.
حدثنا عبد الرحمن نا أبو زرعة قال سمعت إبراهيم بن موسى يقول لي: أجد منك ريح الولد.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول بعد وفاة أبي زرعة بنحو من شهرين يقول: ما قاتني الدعاء لابي زرعة في شئ من [صلوات - 1] الفرائض منذ مات أبو زرعة (176 م) الا امس فابي كنت في التشهد فدخل على بعض الناص فاشتغل به قلبي فنسيت الدعاء ثم دعوت له بعد ما صليت.
قيل له ويجوز الدعاء في الفرائض؟ قال: نعم [أنا - 2] أدعو لأبي زرعة واسميه في صلواتي.
حدثنا عبد الرحمن قال كتب إلي أبو الحسين أحمد بن سليمان الرهاوي قال: ما احد احب الي ان اراهد من أبي زرعة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتب إلى اسحاق ابن راهويه: لا يهولنك الباطل فإن للباطل جولة ثم يتلاشى.
حدثنا عبد الرحمن قال قلت لأبي زرعة كتب إليك حين حدثت؟ قال: نعم، لم أكن انبسطت في مكاشفة القوم حينئذ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زُرْعَةَ يَقُولُ: ذَكَرْتُ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثَ أَبِي دَاوُدَ عَنْ بِشْرِ بِنْ الْفَضْلِ (3) عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يُبَاشِرُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إِلا وَهُمَا زَانِيَانِ، وَلا تُبَاشِرُ
الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ إِلا وَهُمَا زَانِيَتَانِ.
فَقَالَ [لِي - 4] أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَنْ بشر
هَذَا؟ قُلْتُ: رَأَيْتُ الْمِصْرِيِّينَ (1) يُحَدِّثُونَ عَنْ بِشْرٍ هَذَا، فَقَالَ أَحْمَدُ، [كَأَنَّ - 2] هَذَا الشَّيْخَ (3) بَصْرِيٌّ وَقَعَ إِلَيْهِمْ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: [لما - 4] أتيت محمد بن عائذ وكان رجلا جافيا ومعي جماعة فرفع صوته فقال: من اين 94 ك) أنتم؟ قلنا: من بلدان مختلفة، من خراسان من الري من كذا وكذا، قال، أنتم أمثل من أهل العراق (5) ، قال ما تريدون؟ ورفع صوته قلنا، شيئا من حديث يحيى بن حمزة، فلم أزل أرفق به وأداريه حتى حدثني بما معي، ثم قال: خذ الكتاب فانظر فيه - فأعطاني كتابه فنظرت فيه وكتبت منه أحاديث، ثم قال: خذ الكتاب فاذهب [به - 4] معك، قال أبو زرعة: فدعوت له وشكرته على ما فعل، قلت: أنا أجل كتابك عن حمله، وأنا أصيب نسخة هذا عند أصحابنا، فذهبت فأخذت من بعض أصحاب الحديث فنسخته على الوجه، وسألته كتاب الهيثم بن حميد [فأخرج إلى جزءا عن الهيثم بن حميد وكان عند هشام بن عمار (177 م) عن الهيثم بن حميد - 6] شئ يسير فأخرج هو جزءا عن الهيثم فاستغنمته (93 د) وكتبته على الوجه، وسألته كتاب الفتن عن الوليد بن مسلم فأجابني، وتعجب الدمشقيون مما يفعل بي، ونسخت كتاب الفتن فأتيته مع رفقائي فقال: إنما أجبتك ولم أجب هؤلاء، فلم أزل أرفق به وأداريه (7) حتى حدثنا بد وسمعوا مغي.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعنا (8) أبا زرعة يقول: دفع إلى احمد ابن حنبل جزئين [فنظرت - 4] فإذا أحاديث المعتمر بن سليمان وبشر
ابن المفضل أحاديث قد كتبتها عن غيره فأقبلت (1) أتفكر وانظر إليه فأقول مرة أكتبه، وأقول مرة قد سمعتها (2) من غيره لا أكتبه، ففطن رحمه الله فقال: اراك قد سمعتها من غيرنا؟ قلت: نعم، قال عمن كتبتها؟ فقلت: عن مسدد، فقال: مسدد [ثقة - 3] اصفح، فصفحت فرأيت أحاديث حسانا عن غندر وغيره.
وقال: أحاديث خالد بن ذكوان عن الربيع عمن كتبتها؟ قلت.
عن مسدد.
(4) حدثنا عبد الرحمن قال قرأت كتاب إسحاق بن راهويه إلى أبي زرعة بخطه: أعلم أبقاك الله إني كنت أسمع من إخواننا القادمين علينا ومن غيرهم حالك وما أنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك و [إني - 5] ازداد بك كل يوم سرورا فالحمد لله الذي جعلك ممن
يحفظ سنته، وهو (6) من أعظم ما يحتاج إليه الطالب اليوم، وأحمد بن إبراهيم لا يزال في ذكرك بالجميل حتى يكاد يفرط حبا لك وإن لم يكن فيك بحمد الله إفراط.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول كتب إلى أبو ثور فقال في كتابه: كان الأمر قديما أمر أصحابك - يعني في التفقه - حتى نشأ قوم فاشتغلوا بعدد الأحاديث وتركوا التفقه.
قال وسمعت أبا زرعة يقول: وقد عاد [قوم - 7] في التفقه وهو الأصل.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة - وقلت له أخبرت أنه قرأ عليك الربيع بالليل فقال: ما اعلم اني سمعت منه بالليل إلا مجلسا واحدا
رافقني رجل فلما تهيأ خروجي امتنع من الخروج قلت مالك؟ قال قد بقي علي شئ من كتب الشافعي وكان [قد - 1] سمع كتب الشافعي من حرملة فقلت لرفيقي: ترضى أن يقرأ عليك الربيع؟ قال: نعم، قال أبو زرعة فلقيت الربيع فأخبرته بالقصة وسألته أن يجيئنا ليلا فيقرأ على رفيقي
ما بقي عليه فجاءنا ليلا فقرأ علينا.
قلت: أخبرت أن الربيع قرأها عليك في أربعين يوما؟ قال: لا يبني، إنما كنت أسمع منه في وقت أتفرغ فيه إليه وكنت آخذ ميعاده في مسجد الجامع فربما أبطأت عليه وربما لم اجئ [فلا ينصرف - 2] (178 م) فيقول إذا لم يمكنك المجئ فاكتب على الإسطوانة حتى أمضى.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول: أنا أحقر في نفسي من أن ينزلني الله عزوجل منزلة أبي زرعة.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قال لنا أبو الوليد الطيالسي: إذا كان عندنا قوم فلا تستأذنوا فليس عليكم حجاب.
وربما دخلنا عليه وهو يأكل فيشدد علينا أن كلوا.
باب ما ظهر لأبي زرعة من سيد عمله عند وفاته حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يَقُولُ: مَاتَ أَبُو زُرْعَةَ مَطْعُونًا مَبْطُونًا يَعْرَقُ جَبِينُهُ فِي النَّزْعِ فَقُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ: مَا تَحْفَظُ فِي تَلْقِينِ الْمَوْتَى لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: يُرْوَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - فَمَنْ (3) قَبِلَ أَنْ يَسْتَتِمَّ رَفَعَ أَبُو زُرْعَةَ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي النَّزْعِ فَقَالَ: رَوَى عبد الحميد
ابن جَعْفَرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُعَاذٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ.
فَصَارَ الْبَيْتُ ضَجَّةً بِبُكَاءِ مَنْ حَضَرَ.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أحمد بن إسماعيل ابن عم أبي زرعة يقول سمعت أبا زرعة يقول في مرضه الذي مات فيه: اللهم إني أشتاق إلى رؤيتك، فإن قال لي بأي عمل اشتقت إلي؟ قلت: برحمتك يا رب.
باب ما رئي لأبي زرعة من الرؤيا قبل وفاته وبعدها حدثنا عبد الرحمن قال سمعت محمد بن مسلم يقول رأيت أبا زرعة رحمه الله في المنام فقلت ما فعل بك ربك؟ فقال قربني وأدناني وقربني وأدناني حتى - هكذا وأومأ بيده، ثم قال [لي - 1] يا عبيد الله تدرعت بالكلام؟ قلت لانهم حاولوا دينك، (95 ك) قال ألحقوه بأبي عبد الله وأبي عبد الله وأبي عبد الله.
قال محمد بن مسلم فوقع في نفسي (2) في النوم أن أبا عبد الله سفيان الثوري وإن أبا عبد الله مالك بن أنس وإن أبا عبد الله أحمد بن حنبل.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول رأيت في المنام كأن علي ثوب برد له خطوط دقاق.
قال أبو محمد (3) (179 م) تعبيره (4) أن يشتهر فاشتهر بالخير والعلم.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة في سنة اثنتين وستين ومائتين
يقول: كنت منذ سنين نحو عشرين سنة ربما خطر ببالي تقصير [ي وتقصير الناس - 1] في الأعمال في النوافل والحج والصيام والجهاد فكثر ذلك في قلبي فرأيت ليلة فيما يرى النائم كأن آتيا أتاني فضرب يده (2) بين كتفي فقال: قد أكثرت من العبادة، وأي عبادة أفضل من الصلوات الخمس في جماعة؟.
باب ما ذكر من بد ومكاشفة أبي زرعة لاهل الرأي واظهاره السنن ومقاساته اذى القوم (94 د) حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قال [لي - 3] أبو جعفر الجمال: مالهم - يعني أصحاب الرأي سواك.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: ما رغبت قط في سكني الري وما كاشفت القوم وأنا أريد مزاحمتهم في دنيا ولا مال ولا في ضيعة وقلت في نفسي أنا لست براغب في شئ من هذا فأقاسي إظهار السنن فإن كان كون خرجت وهربت إلى طرسوس.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول قال لي السري بن معاذ: لو أني قبلت لأعطيت مائة ألف درهم قبل الليل فيك وفي ابن مسلم من غير أن أحبسكم ولا أضربكم أكثر من أن أمنعكم من التحديث (4) .
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول وقلت له أنهم كانوا يقولون إن رجلا بصريا يحمل إليك الكلام الذي ترويه في ابن مقاتل فقال: يفرغ ابن مقاتل من مجلسه يوم الجمعة إلى قرب المغرب وأرد عليه من الغد بكرة، من وضع لي؟ وددت إني كنت أرى في
[ذلك - 1] الوقت الذي دفع إلى ما روى في مجلسه [رجلا - 1] .
باب ما ذكر من زهد أبي زرعة وظلف نفسه عن الدنيا حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: لو كان لي صحة بدن على ما أريد كنت أتصدق بمالي كله واخرج إلى طرسوس أو إلى ثعر من الثغور وآكل من المباحات والزمها، ثم قال: إني لألبس الثياب لكي إذا نظر إلى الناس لا يقولون قد (180 م) ترك أبو زرعة الدنيا ولبس الثياب الدون، وإني لآكل ما يقدم إلى من الطيبات والحلواء لكي لا يقول الناس (2) إن أبا زرعة لا يأكل الطيبات لزهده، واني لآكل الشئ الطيب وما مجراه عندي ومجرى غيره من الأدم إلا واحد، وألبس الثياب الجياد (3) ودونه من الثياب عندي واحد، لأن جميعا يعملان عملا واحدا، ومن أحب أن يسلم من لبسه الثياب يلبسه لستر عورته فأنه إذا نوى هذا ولم ينو غيره سلم.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: كنت فيما مضى وأنا صحيح وربما أخذتني الحمى فاضعف وأجد لذلك ألما، وأنا اليوم ربما حممت وربما لم أحم فلا أجد لشئ مما أنا فيه ألما، أظن في نفسي أنه كذا ينبغي أن يكون.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: أعلم أن عمي إسماعيل طبخ قدرا بقرية روده وبوسته مغمى فقال لي ألق فيه شيئا من الملح فأخذت كفا من الملح وألقيت فيه فصار القدر كله مرا ولم يذق أحد منا منه، فقيل لي: لم ألقيت كثرة هذا الملح في هذا؟ فقلت لهم لم توقتوا
لي فيه شيئا ولم ادركم ألقى فيها.
قال أبو زرعة دخلت مرة البيت فنظرت فإذا قنينة فيها دهن شيرج فنظرت إليه فظننت أنه فقاع فأخذت القدح فصببت منه حتى قيل لي: هذا دهن، فنظرت فإذا هو دهن (1) .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=148323&book=5548#77528c
أبو محمد الرَّازي
أبو محمد بختيار بن محمد بن الحسين بن محمد بن علي الخلال الرازي من أهل أصبهان.
وهو ابن عم شيخنا الأديب أبي عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال، كان شيخاً، صالحاً، معمراً. أخرج لنا الأديب إجازته عن أبي
الطيب عبد الرزاق بن عمرو بن شمة التاجر، فقرأت عليه بإفادته ستة أحاديث، وكانت ولادته سنة نيف وخمسين وأربعمئة، ووفاته بعد سنة إحدى وثلاثين وخمسمئة.
أبو محمد بختيار بن محمد بن الحسين بن محمد بن علي الخلال الرازي من أهل أصبهان.
وهو ابن عم شيخنا الأديب أبي عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال، كان شيخاً، صالحاً، معمراً. أخرج لنا الأديب إجازته عن أبي
الطيب عبد الرزاق بن عمرو بن شمة التاجر، فقرأت عليه بإفادته ستة أحاديث، وكانت ولادته سنة نيف وخمسين وأربعمئة، ووفاته بعد سنة إحدى وثلاثين وخمسمئة.