ابن مكمل ويقال ابن مكيتل روى عن يزيد بن أبي حبيب روى عنه ابن جريج.
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl - ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 17284 393. ابن مربع الانصاري2 394. ابن مسعدة2 395. ابن مطر2 396. ابن معيز السعدي1 397. ابن مكرز2 398. ابن مكمل1399. ابن مهران2 400. ابن نمران2 401. ابن يحيى بن عفيف الكندي2 402. ابن يناق1 403. ابن جارية ويقال ابن خارجة الانصاري1 404. ابنا قريظة1 405. ابو ابراهيم الاشهلي الانصاري2 406. ابو ابراهيم السباءي1 407. ابو ابراهيم المصري2 408. ابو ادريس5 409. ابو ادريس الازدي1 410. ابو ادريس السكوني2 411. ابو ادريس العبدي2 412. ابو اراكة3 413. ابو ارطاة4 414. ابو اروى1 415. ابو اسحاق9 416. ابو اسحاق الفزاري1 417. ابو اسحاق الكوفي4 418. ابو اسحاق مولى بنى هاشم المديني1 419. ابو اسماء2 420. ابو اسماء مولى عبد الله بن جعفر2 421. ابو اسماعيل السكوني4 422. ابو افلح الهمداني2 423. ابو الابرد مولى بني خطمة2 424. ابو الابيض2 425. ابو الاحوص مولى بنى غفار1 426. ابو الاخضر العبدي2 427. ابو الاسود البصري2 428. ابو الاسود الزبادي2 429. ابو الاسود الغفاري3 430. ابو الاشعث4 431. ابو الاشعث العطار2 432. ابو الاشهب3 433. ابو الاشهب جعفر بن حيان2 434. ابو الاصبغ2 435. ابو الاصبغ مولى بنى سليم1 436. ابو البختري4 437. ابو البختري الازدي2 438. ابو البختري الهجيمي2 439. ابو البداح بن عاصم بن عدى1 440. ابو البياع2 441. ابو الجارود4 442. ابو الجبر بن تميم بن حذلم2 443. ابو الجراح الاشجعي2 444. ابو الجراح المهري1 445. ابو الجراح مولى ام حبيبة3 446. ابو الجعد الضمري6 447. ابو الجنيد2 448. ابو الجنيد الضرير4 449. ابو الجهم الايادي3 450. ابو الجهم بن صخير1 451. ابو الحارث الانصاري4 452. ابو الحارث الغفاري2 453. ابو الحارث الكرماني2 454. ابو الحجاج بن سعيد الثقفي1 455. ابو الحسن13 456. ابو الحسن الاسدي2 457. ابو الحسن البراد مولى تميم1 458. ابو الحسن العسقلاني2 459. ابو الحسن اللحام2 460. ابو الحسن المازني1 461. ابو الحسن مولى عبد الله بن الحارث1 462. ابو الحصين5 463. ابو الحصين المكي1 464. ابو الحكم7 465. ابو الحكم التنوخي4 466. ابو الحكم الليثي2 467. ابو الحكم مولى عبد الله بن عمرو2 468. ابو الحكم مولى عثمان بن ابي العاص1 469. ابو الحمراء2 470. ابو الخطاب12 471. ابو الخطاب الهجري2 472. ابو الخليل5 473. ابو الخنساء2 474. ابو الدرداء الرهاوي2 475. ابو الدهقان2 476. ابو الربيع الكوفي2 477. ابو الربيع المديني2 478. ابو الردين3 479. ابو الرقاد3 480. ابو الرقاد شيخ1 481. ابو الرمداء البلوي1 482. ابو الزبير8 483. ابو الزبير محمد بن مسلم1 484. ابو الزعراء7 485. ابو الزعزعة كاتب مروان1 486. ابو الزهراء خادم انس1 487. ابو السكن الهجري2 488. ابو السمح6 489. ابو السنابل بن بعكك6 490. ابو السوار السلمي1 491. ابو الشعثاء الكوفي2 492. ابو الشمال بن ضباب2 ◀ Prev. 100▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 17284 393. ابن مربع الانصاري2 394. ابن مسعدة2 395. ابن مطر2 396. ابن معيز السعدي1 397. ابن مكرز2 398. ابن مكمل1399. ابن مهران2 400. ابن نمران2 401. ابن يحيى بن عفيف الكندي2 402. ابن يناق1 403. ابن جارية ويقال ابن خارجة الانصاري1 404. ابنا قريظة1 405. ابو ابراهيم الاشهلي الانصاري2 406. ابو ابراهيم السباءي1 407. ابو ابراهيم المصري2 408. ابو ادريس5 409. ابو ادريس الازدي1 410. ابو ادريس السكوني2 411. ابو ادريس العبدي2 412. ابو اراكة3 413. ابو ارطاة4 414. ابو اروى1 415. ابو اسحاق9 416. ابو اسحاق الفزاري1 417. ابو اسحاق الكوفي4 418. ابو اسحاق مولى بنى هاشم المديني1 419. ابو اسماء2 420. ابو اسماء مولى عبد الله بن جعفر2 421. ابو اسماعيل السكوني4 422. ابو افلح الهمداني2 423. ابو الابرد مولى بني خطمة2 424. ابو الابيض2 425. ابو الاحوص مولى بنى غفار1 426. ابو الاخضر العبدي2 427. ابو الاسود البصري2 428. ابو الاسود الزبادي2 429. ابو الاسود الغفاري3 430. ابو الاشعث4 431. ابو الاشعث العطار2 432. ابو الاشهب3 433. ابو الاشهب جعفر بن حيان2 434. ابو الاصبغ2 435. ابو الاصبغ مولى بنى سليم1 436. ابو البختري4 437. ابو البختري الازدي2 438. ابو البختري الهجيمي2 439. ابو البداح بن عاصم بن عدى1 440. ابو البياع2 441. ابو الجارود4 442. ابو الجبر بن تميم بن حذلم2 443. ابو الجراح الاشجعي2 444. ابو الجراح المهري1 445. ابو الجراح مولى ام حبيبة3 446. ابو الجعد الضمري6 447. ابو الجنيد2 448. ابو الجنيد الضرير4 449. ابو الجهم الايادي3 450. ابو الجهم بن صخير1 451. ابو الحارث الانصاري4 452. ابو الحارث الغفاري2 453. ابو الحارث الكرماني2 454. ابو الحجاج بن سعيد الثقفي1 455. ابو الحسن13 456. ابو الحسن الاسدي2 457. ابو الحسن البراد مولى تميم1 458. ابو الحسن العسقلاني2 459. ابو الحسن اللحام2 460. ابو الحسن المازني1 461. ابو الحسن مولى عبد الله بن الحارث1 462. ابو الحصين5 463. ابو الحصين المكي1 464. ابو الحكم7 465. ابو الحكم التنوخي4 466. ابو الحكم الليثي2 467. ابو الحكم مولى عبد الله بن عمرو2 468. ابو الحكم مولى عثمان بن ابي العاص1 469. ابو الحمراء2 470. ابو الخطاب12 471. ابو الخطاب الهجري2 472. ابو الخليل5 473. ابو الخنساء2 474. ابو الدرداء الرهاوي2 475. ابو الدهقان2 476. ابو الربيع الكوفي2 477. ابو الربيع المديني2 478. ابو الردين3 479. ابو الرقاد3 480. ابو الرقاد شيخ1 481. ابو الرمداء البلوي1 482. ابو الزبير8 483. ابو الزبير محمد بن مسلم1 484. ابو الزعراء7 485. ابو الزعزعة كاتب مروان1 486. ابو الزهراء خادم انس1 487. ابو السكن الهجري2 488. ابو السمح6 489. ابو السنابل بن بعكك6 490. ابو السوار السلمي1 491. ابو الشعثاء الكوفي2 492. ابو الشمال بن ضباب2 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl - ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155484&book=5525#01cbe5
ابْنُ الحَنَفِيَّةِ أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ القُرَشِيُّ
وَابْنَاهُ السَّيِّدُ، الإِمَامُ، أَبُو القَاسِمِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابْنُ الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ شَيْبَةَ بنِ هَاشِمٍ عَمْرِو بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المَدَنِيُّ، أَخُو الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ.
وَأُمُّهُ: مِنْ سَبْيِ اليَمَامَةِ زَمَنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَهِيَ خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرٍ الحَنَفِيَّةُ.
فَرَوَى: الوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ:
رَأَيْتُ الحَنَفِيَّةَ وَهِيَ سَوْدَاءُ، مُشْرَطَةٌ، حَسَنَةُ الشَّعْرِ، اشْتَرَاهَا عَلِيٌّ بِذِي المَجَازِ، مَقْدَمَهُ مِنَ اليَمَنِ، فَوَهَبَهَا لِفَاطِمَةَ، فَبَاعَتْهَا، فَاشْتَرَاهَا مُكَمَّلٌ الغِفَارِيُّ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَوْنَةَ.
وَقِيْلَ: بَلْ تَزَوَّجَ بِهَا مُكَمَّلٌ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَوْنَةَ.وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَهَبَهَا عَلِيّاً.
وُلِدَ: فِي العَامِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ أَبُو بَكْرٍ.
وَرَأَى عُمَرَ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ: أَبِيْهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُثْمَانَ، وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَالحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَعَوْنٌ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ، وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، وَعَمرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ قَيْسِ بنِ مَخْرمَةَ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَامِرٍ الثَّعْلَبِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
وَكَانَتِ الشِّيْعَةُ فِي زَمَانِهِ تَتَغَالَى فِيْهِ، وَتَدَّعِي إِمَامَتَهُ، وَلَقَّبُوْهُ: بِالمَهْدِيِّ، وَيَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ.
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: صَرَعَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ مَرْوَانَ يَوْمَ الجَمَلِ، وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ.
قَالَ: فَلَمَّا وَفَدَ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ لَهُ: أَتَذْكُرُ يَوْمَ جَلَسْتَ عَلَى صَدْرِ مَرْوَانَ؟
قَالَ: عَفْواً يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ: أَمْ وَاللهِ مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ، وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أُكَافِئَكَ، لَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَبَنَى دَارَهُ بِالبَقِيْعِ، كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الوُفُوْدِ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَوَفَدَ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ إِلَى دِمَشْقَ، فَأَنْزَلَهُ بِقُرْبِهِ.
وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ فِي إِذْنِ العَامَّةِ،
فَيُسَلِّمُ مَرَّةً وَيَجْلُسُ، وَمَرَّةً يَنْصَرِفُ.فَلَمَّا مَضَى شَهْرٌ، كَلَّمَ عَبْدَ المَلِكِ خَالِياً، فَذَكَرَ قَرَابَتَهُ وَرَحِمَهُ، وَذَكَرَ دَيْناً، فَوَعَدَهُ بِقَضَائِهِ، ثُمَّ قَضَاهُ، وَقَضَى جَمِيْعَ حَوَائِجِهِ.
قُلْتُ: كَانَ مَائِلاً لِعَبْدِ المَلِكِ؛ لإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ، وَلإِسَاءةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَيْهِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: سَمَّتْهُ الشِّيْعَةُ المَهْدِيَّ.
فَأَخْبَرَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ، قَالَ: قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
هُوَ المَهْدِيُّ أَخْبَرَنَاهُ كَعْبٌ ... أَخُو الأَحْبَارِ فِي الحِقَبِ الخَوَالِي
فَقِيْلَ لَهُ: أَلَقِيْتَ كَعْباً؟
قَالَ: قُلْتُهُ بِالتَّوَهُّمِ.
وَقَالَ أَيْضاً:
أَلاَ إِنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ ... وُلاَةَ الحَقِّ أَرْبعَةٌ سَوَاءُ
عَلِيٌّ وَالثَّلاَثَةُ مِنْ بَنِيْهِ ... هُمُ الأَسْبَاطُ لَيْسَ بِهِم خَفَاءُ
فَسِبْطٌ سِبْطُ إِيْمَانٍ وَبِرٍّ ... وَسِبْطٌ غَيَّبَتْهُ كَرْبُلاَءُ
وَسِبْطٌ لاَ تَرَاهُ العَيْنُ حَتَّى ... يَقُوْدَ الخَيْلَ يَقْدُمُهَا لِوَاءُ
تَغَيَّبَ - لاَ يُرَى - عَنْهُم زَمَاناً ... بِرَضْوَى عِنْدَهُ عَسَلٌ وَمَاءُ
وَقَدْ رَوَاهَا: عُمَرُ بنُ عُبَيْدَةَ لِكَثِيْرِ بنِ كَثِيْرٍ السَّهْمِيِّ.
قَالَ الزُّبَيْرُ : كَانَتْ شِيْعَةُ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ.وَفِيْهِ يَقُوْلُ السَّيِّدُ الحِمْيَرِيُّ:
أَلاَ قُلْ لِلوَصِيِّ: فَدَتْكَ نَفْسِي ... أَطَلْتَ بِذَلِكَ الجَبَلِ المُقَامَا
أَضَرَّ بِمَعْشَرٍ وَالَوْكَ مِنَّا ... وَسَمَّوْكَ الخَلِيْفَةَ وَالإِمَامَا
وَعَادَوْا فِيْكَ أَهْلَ الأَرْضِ طُرّاً ... مُقَامُكَ عَنْهُم سِتِّيْنَ عَامَا
وَمَا ذَاقَ ابْنُ خَوْلَةَ طَعْمَ مَوْتٍ ... وَلاَ وَارَتْ لَهُ أَرْضٌ عِظَامَا
لَقَدْ أَمْسَى بِمُوْرِقِ شِعْبِ رَضْوَى ... تُرَاجِعُهُ المَلاَئِكَةُ الكَلاَمَا
وَإِنَّ لَهُ بِهِ لَمَقِيْلَ صِدْقٍ ... وَأَنْدِيَةً تُحَدِّثُهُ كِرَامَا
هَدَانَا اللهُ إِذْ خُزْتُمْ لأَمْرٍ ... بِهِ وَعَلَيْهِ نَلْتَمِسُ التَّمَامَا
تَمَامَ مَوَدَّةِ المَهْدِيِّ حَتَّى ... تَرَوْا رَايَاتِنَا تَتْرَى نِظَامَا
وَلِلسَّيِّدِ الحِمْيَرِيِّ:
يَا شِعْبَ رَضْوَى مَا لِمَنْ بِكَ لاَ يُرَى ... وَبِنَا إِلَيْهِ مِنَ الصَّبَابَةِ أَوْلَقُ
حَتَّى مَتَى؟ وَإِلَى مَتَى؟ وَكَمِ المَدَى؟ ... يَا ابنَ الوَصِيِّ وَأَنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ.الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ:
رَأَيْتُ أُمَّ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ سِنْدِيَّةً سَوْدَاءَ، كَانَتْ أَمَةً لِبَنِي حَنِيْفَةَ، لَمْ تَكُنْ مِنْهُم، وَإِنَّمَا صَالَحَهُم خَالِدٌ عَلَى الرَّقِيْقِ، وَلَمْ يُصَالِحْهُم عَلَى أَنْفُسِهِم.
وَكَنَّاهُ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيْرُ، وَالبُخَارِيُّ: أَبَا القَاسِمِ.
قَالَ فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ: عَنْ مُنْذِرٍ، سَمِعَ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَقُوْلُ:
كَانَتْ رُخْصَةً لِعَلِيٍّ، قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنْ وُلِدَ لِي بَعْدَكَ وَلَدٌ أُسَمَّيْهِ بِاسْمِكَ، وَأُكَنِّيْهِ بِكُنْيَتِكَ؟
قَالَ: (نَعَمْ ) .
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ:
أَنَّهُ كَانَ مَعَ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ، فَقُلْتُ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ - وَكَنَّاهُ بِهَا -.
النَّسَائِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ، وَرَوَى ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ الأَبْرَشُ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ:
قُلْتُ لابْنِ المُسَيِّبِ: ابْنُ كَمْ كُنْتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ؟
قَالَ: وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا منْ خِلاَفَتِهِ.
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَقَالَ: ذَاكَ مَوْلِدِي.
رَوَى: الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:وَقَعَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ كَلاَمٌ، فَقَالَ طَلْحَةُ: لِجُرْأَتِكَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمَّيْتَ بِاسْمِهِ، وَكَنَّيْتَ بِكُنْيَتِهِ، وَقَدْ نَهَى أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَحَدٌ.
قَالَ: إِنَّ الجَرِيْءَ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ، اذْهَبْ يَا فُلاَنُ، فَادْعُ لِي فُلاَناً وَفُلاَناً - لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ -.
فَجَاؤُوا، فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُوْنَ؟
قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (سَيُوْلَدُ لَكَ بَعْدِي غُلاَمٌ، فَقَدْ نَحَلْتُهُ اسْمِي وَكُنْيَتِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَهُ ) .
رَوَاهُ: ثِقَتَانِ، عَنِ الرَّبِيْعِ، وَهُوَ مُرْسَلٌ.
زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَقُوْلُ:
دَخَلَ عُمَرُ، وَأَنَا عِنْدَ أُخْتِي أُمِّ كُلْثُوْمٍ، فَضَمَّنِي، وَقَالَ: أَلْطِفِيْهِ بِالحَلْوَاءِ.
سَالِمُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ: عَنْ مُنْذِرٍ، عَنْ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ:
حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ خَيْرٌ مِنِّي، وَلَقَدْ عَلِمَا أَنَّهُ كَانَ يَسْتَخْلِيْنِي دُوْنَهُمَا؛ وَإِنِّي صَاحِبُ البَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الجُنَيْدِ: لاَ نَعْلَمُ أَحَداً أَسْنَدَ عَنْ عَلِيٍّ أَكْثَرَ وَلاَ أَصَحَّ مِمَّا أَسْنَدَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ.
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى:
أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى: أَبَا القَاسِمِ، وَكَانَ وَرِعاً، كَثِيْرَ العِلْمِ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ : قَالَ أَبُو اليَقْظَانِ:كَانَتْ رَايَةُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمَّا سَارَ مِنْ ذِي قَارٍ، مَعَ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ.
ابْنُ سَعْدٍ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا فِطْرٌ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَقَالَ: مَا أَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ بِالنَّجَاةِ، وَلاَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ عَلَى أَبِي.
فَنَظَرَ إِلَيْهِ القَوْمُ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ فِي النَّاسِ مِثْلَ عَلِيٍّ سَبَقَ لَهُ كَذَا، سَبَقَ لَهُ كَذَا.
أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ: عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ، عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ:
أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ العَرَبِ يَتَّخِذُهُمَا النَّاسُ أَنْدَاداً مِنْ دُوْنِ اللهِ: نَحْنُ، وَبَنُوْ عَمِّنَا هَؤُلاَءِ - يُرِيْدُ بَنِي أُمَيَّةَ -.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ أَبُو زُبَيْدٍ، عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ نَتَّخِذُ مِنْ دُوْنِ اللهِ أَنْدَاداً: نَحْنُ، وَبَنُوْ أُمَيَّةَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَتَبَ عَبْدُ المَلِكِ: مِنْ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ.
فَلَمَّا نَظَرَ مُحَمَّدٌ إِلَى عُنْوَانِ الكِتَابِ، قَالَ: إِنَّا للهِ، الطُّلَقَاءُ وَلُعَنَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المَنَابِرِ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لأُمُوْرٌ لَمْ يَقِرَّ قَرَارُهَا.
قُلْتُ: كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْتَمِيْلُهُ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَاتَّسَقَ الأَمْرُ لِعَبْدِ المَلِكِ، بَايَعَ مُحَمَّدٌ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي عَوْنٍ:قَالَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ: وَفَدْتُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، فَقَضَى حَوَائِجِي، وَوَدَّعْتُهُ، فَلَمَّا كِدْتُ أَنْ أَتَوَارَى، نَادَانِي: يَا أَبَا القَاسِمِ، يَا أَبَا القَاسِمِ.
فَرَجَعْتُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّكَ يَوْمَ تَصْنَعُ بِالشَّيْخِ مَا تَصْنَعُ ظَالِمٌ لَهُ -يَعْنِي: لَمَّا أَخَذَ يَوْمَ الدَّارِ مَرْوَانَ، فَدَغَتَهُ بِرِدَائِهِ-.
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: وَأَنَا أَنْظُرُ يَوْمئِذٍ وَلِي ذُؤَابَةٌ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعَ الزُهْرِيَّ يَقُوْلُ:
قَالَ رَجُلٌ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: مَا بَالُ أَبِيْكَ كَانَ يَرْمِي بِكَ فِي مَرَامٍ لاَ يَرْمِي فِيْهَا الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ؟
قَالَ: لأَنَّهُمَا كَانَا خَدَّيْهُ، وَكُنْتُ يَدَهُ، فَكَانَ يَتَوَقَّى بِيَدَيْهِ عَنْ خَدَّيْهِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ بَيَانٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ:
لَيْسَ بِحَكِيْمٍ مَنْ لَمْ يُعَاشِرْ بِالمَعْرُوْفِ مَنْ لاَ يَجِدُ مِنْ مُعَاشَرَتِهِ بُدّاً حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ مِنْ أَمْرِهِ فَرَجاً -أَوْ قَالَ: مَخْرَجاً -.
وَعَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ، لَمْ يَكُنْ لِلدُّنْيَا عِنْدَهٌ قَدْرٌ.
وَعَنْهُ: أَنَّ اللهَ جَعَلَ الجَنَّةَ ثَمَناً لأَنْفُسِكُم، فَلاَ تَبِيْعُوْهَا بِغَيْرِهَا.
وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ:
لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، كَانَ بِهَا الحُسَيْنُ، وَابْنُ الحَنَفِيَّةِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ، فَخَرَجَ الحُسَيْنُ
وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ، وَأَقَامَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ، فَلَمَّا سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشِ مُسْرفٍ زَمَنَ الحَرَّةِ، رَحَلَ إِلَى مَكَّةَ، وَأَقَامَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ.فَلَمَّا مَاتَ يَزِيْدُ، بُوْيِعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَدَعَاهُمَا إِلَى بَيْعَتِهِ، فَقَالاَ: لاَ، حَتَّى تَجْتَمِعَ لَكَ البِلاَدُ.
فَكَانَ مَرَّةً يُكَاشِرُهُمَا، وَمَرَّةً يَلِيْنُ لَهُمَا، ثُمَّ غَلُظَ عَلَيْهِمَا، وَوَقَعَ بَيْنَهُم حَتَّى خَافَاهُ، وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، فَأَسَاءَ جِوَارَهُم، وَحَصَرَهُم، وَقَصَدَ مُحَمَّداً، فَأَظْهَرَ شَتْمَهُ وَعَيْبَهُ، وَأَمَرَهُم وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَلْزَمُوا شِعْبَهُم، وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ، وَقَالَ فِيْمَا يَقُوْلُ: وَاللهِ لَتُبَايِعُنَّ، أَوْ لأُحَرِّقَنَّكُم، فَخَافُوا.
قَالَ سُلَيْمٌ أَبُو عَامِرٍ: فَرَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ مَحْبُوْساً فِي زَمْزَمَ، وَالنَّاسُ يُمْنَعُوْنَ مِنَ الدُّخُوْلِ عَلَيْهِ.
فَقُلْتُ: وَاللهِ لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ.
فَقُلْتُ: مَا بَالُكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟
قَالَ: دَعَانِي إِلَى البَيْعَةِ، فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا مِنَ المُسْلِمِيْنَ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ، فَأَنَا كَأَحَدِهِم، فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا مِنِّي، فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَقُلْ: مَا تَرَى؟
قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ ذَاهِبُ البَصَرِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: أَنْصَارِيٌّ.
قَالَ: رُبَّ أَنْصَارِيٍّ هُوَ أَشَدُّ عَلَيْنَا مِنْ عَدُوِّنَا.
قُلْتُ: لاَ تَخَفْ، أَنَا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ.
قَالَ: هَاتِ.
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: قُلْ لَهُ: لاَ تُطِعْهُ وَلاَ نُعْمَةَ عَيْنٍ إِلاَّ مَا قُلْتَ، وَلاَ تَزِدْهُ عَلَيْهِ.
فَأَبْلَغْتُهُ، فَهَمَّ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ أَنْ يَسِيْرَ إِلَى الكُوْفَةِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ المُخْتَارَ، فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُوْمُهُ، فَقَالَ:
إِنَّ فِي المَهْدِيِّ عَلاَمَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُم هَذَا، فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ فِي السُّوْقِ بِالسَّيْفِ لاَ يَضُرُّهُ وَلاَ يَحِيْكُ فِيْهِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الحَنَفِيَّة، فَأَقَامَ، فَقِيْلَ لَهُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيْعَتِكَ بِالكُوْفَةِ، فَأَعْلَمْتَهُم مَا أَنْتَ فِيْهِ.
فَبَعَثَ أَبَا الطُّفَيْلِ إِلَى شِيْعَتِهِمْ، فَقَالَ لَهُم: إِنَّا لاَ نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاَءِ.
وَأَخْبَرَهُم بِمَا هُمْ فِيْهِ مِنَ الخَوْفِ، فَقَطَعَ المُخْتَارُ بَعْثاً إِلَى مَكَّةَ، فَانْتَدَبَ مَعَهُ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، فَعَقَدَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيِّ عَلَيْهِم،
وَقَالَ لَهُ:سِرْ، فَإِنْ وَجَدْتَ بَنِي هَاشِمٍ فِي حَيَاةٍ، فَكُنْ لَهُم عَضُداً، وَانْفُذْ لِمَا أَمَرُوْكَ بِهِ، وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُم، فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ لاَ تَدَعْ لآلِ الزُّبَيْرِ شَعْراً وَلاَ ظُفُراً.
وَقَالَ: يَا شُرْطَةَ اللهِ، لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللهُ بِهَذَا المَسِيْرِ، وَلَكُم بِهَذَا الوَجْهِ عَشْرُ حِجَجٍ، وَعَشْرُ عُمَرٍ.
وَسَارُوا حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ، فَجَاءَ المُسْتَغِيْثُ: عَجِّلُوا، فَمَا أُرَاكُم تُدْرِكُوْنَهُم.
فَانْتَدَبَ مِنْهُم ثَمَانِ مائَةٍ، رَأْسُهُم عَطِيَّةُ بنُ سَعْدٍ العَوْفِيُّ، حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ، فَكَبَّرُوا تَكَبِيْرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَهَرَبَ إِلَى دَارِ النَّدْوَةِ - وَيُقَالُ: تَعَلَّقَ بَأْسْتَارِ الكَعْبَةِ - وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللهِ.
قَالَ عَطِيَّةُ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الحنفِيَّةِ وَأَصْحَابِهِمَا فِي دُوْرٍ قَدْ جُمِعَ لَهُمُ الحَطَبُ، فَأُحِيْطَ بِهِمْ حَتَّى سَاوَى الجُدُرَ، لَوْ أَنَّ نَاراً تَقَعُ فِيْهِ مَا رُئِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ، وَعَجِلَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ، فَأَسْرَعَ فِي الحَطَبِ لِيَخْرُجَ، فَأَدْمَاهُ.
وَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكُنَّا صَفَّيْنِ، نَحْنُ وَهُمْ فِي المَسْجِدِ نَهَارَنَا، لاَ نَنْصَرِفُ إِلَى صَلاَةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا، وَقَدِمَ الجَدَلِيُّ فِي الجَيْشِ، فَقُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الحَنَفِيَّةِ: ذَرُوْنَا نُرِحِ النَّاسَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
فَقَالاَ: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللهُ، مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ إِلاَّ لِنَبِيِّهِ سَاعَةً، فَامْنَعُوْنَا، وَأَجِيْرُوْنَا.
قَالَ: فَتَحَمَّلُوا، وَإِنَّ مُنَادِياً لَيُنَادِي فِي الجَبَلِ: مَا غَنِمَتْ سَرِيَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا، مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ، إِنَّ السَّرِيَّةَ تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ، وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءنَا.
فَخَرَجُوا بِهِم، فَأَنْزَلُوْهُمْ مِنَىً، فَأَقَامُوا مُدَّةً، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الطَّائِفِ، وَبِهَا تُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ، فَبَقِيْنَا معَهُ.
فَلَمَّا كَانَ الحَجُّ، وَافَى مُحَمَّدٌ بِأَصْحَابِهِ، فَوَقَفَ، وَوقَفَ نَجْدَةُ بنُ عَامِرٍ الحَنَفِيُّ فِي الخوَارِجِ نَاحِيَةً، وَحَجَّتْ بَنُوْ أُمَيَّةَ عَلَى لِوَاءٍ، فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ الَّذِي أَقَامَ الحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ.وَحَجَّ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ فِي الخَشَبِيَّةِ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنَىً، فَخِفْتُ الفِتْنَةَ، فَجِئْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ، فَقُلْتُ:
يَا أَبَا القَاسِمِ، اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّا فِي مَشْعَرٍ حَرَامٍ، فِي بَلَدٍ حَرَامٍ، وَالنَّاسُ وَفْدُ اللهِ، فَلاَ تُفْسِدْ عَلَيْهِم حَجَّهُمْ.
فَقَالَ: وَاللهِ مَا أُرِيْدُ ذَلِكَ، وَلَكِنِّي أَدْفَعُ عَنْ نَفْسِي، وَمَا أَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ إِلاَّ أَنْ لاَ يَخْتَلِفَ عَلَيَّ فِيْهِ اثْنَانِ، فَائْتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَكَلِّمْهُ، عَلَيْكَ بِنَجْدَةَ، فَكَلِّمْهُ.
فَجِئْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: أَنَا أَرْجِعُ! قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ وَبَايَعَنِي النَّاسُ، وَهَؤُلاَءِ أَهْلُ خِلاَفٍ.
قُلْتُ: إِنَّ خَيْراً لَكَ الكَفُّ.
قَالَ: أَفْعَلُ.
ثُمَّ جِئْتُ نَجْدَةَ الحَرُوْرِيَّ، فَأَجِدُهُ فِي أَصْحَابِهِ، وَعِكْرِمَةُ عِنْدَهُ، فَقُلْتُ: اسْتَأذِنْ لِي عَلَيْهِ.
قَالَ: فَدَخَلَ، فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ، فَعَظَّمْتُ عَلَيْهِ، وَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَبْتَدِئَ أَحَداً بِقِتَالٍ، فَلاَ.
قُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلِيْنِ لاَ يُرِيْدَانِ قِتَالَكَ.
ثُمَّ جِئْتُ شِيْعَةَ بَنِي أُمَيَّةَ، فَكَلَّمْتُهُم، فَقَالُوا: لاَ نُقَاتِلُ، فَلَمْ أَرَ فِي تِلْكَ الأَلْوِيَةِ أَسْكَنَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ.
وَوَقَفْتُ تِلْكَ العَشِيَّةَ إِلَى جَنْبِهِ، فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ، الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ! ادْفَعْ.
فَدَفَعْتُ مَعَهُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ : فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ إِلَى بِيْعَتِهِ، فَأَبَى، فَحَصَرَهُ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ، وَتَوَعَّدَهُمْ، حَتَّى بَعَثَ المُخْتَارُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيَّ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، سَنَةَ سِتٍّ، فَأَقَامُوا مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ المُخْتَارُ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ.
الوَاقِدِيُّ : حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ.وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا:
كَانَ المُخْتَارُ أَشدَّ شَيْءٍ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ ظَلَمَهُ، وَجَعَلَ يُعَظِّمُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ، فَيُبَايِعُوْنَهُ سِرّاً.
فَشَكَّ قَوْمٌ، وَقَالُوا: أَعْطَيْنَا هَذَا عُهُوْدَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُوْلُ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ لَيْسَ مِنَّا بِبَعِيْدٍ.
فَشَخَصَ إِلَيْهِ قَوْمٌ، فَأَعْلَمُوْهُ أَمْرَ المُخْتَارِ، فَقَالَ: نَحْنُ قَوْمٌ حَيْثُ تَرَوْنَ مَحْبُوْسُوْنَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي سُلْطَانَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ يَشَاءُ، فَاحْذَرُوا الكَذَّابِيْنَ.
قَالَ: وَكَتَبَ المُخْتَارُ كِتَاباً عَلَى لِسَانِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَشْتَرِ، وَجَاءهُ يَسْتَأْذِنُ - وَقِيْلَ: المُخْتَارُ أَمِيْنُ آلِ مُحَمَّدٍ وَرَسُوْلُهُمْ - فَأَذِنَ لَهُ، وَرحَّبَ بِهِ، فَتَكَلَّمَ المُخْتَارُ - وَكَانَ مُفَوَّهاً - ثُمَّ قَالَ:
إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ، قَدْ أَكْرَمَكُمُ اللهُ بِنُصْرَةِ آلِ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ رُكِبَ مِنْهُم مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْكَ المَهْدِيُّ كِتَاباً، وَهَؤُلاَءِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ، وَرَأَيْنَاهُ حِيْنَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ.
فَقَرَأَهُ إِبْرَاهِيْمُ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيْبُ، قَدْ أُمِرْنَا بِطَاعَتِكَ وَمُؤَازَرَتِكَ، فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ.
ثُمَّ كَانَ يَرْكَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَزَرَعَ ذَلِكَ فِي الصُّدُوْرِ.
وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَتَنَكَّرَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ.
وَجَعَلَ أَمْرُ المُخْتَارِ يَغْلُظُ؛ وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الحُسَيْنِ، فَقَتَلَهُمْ، وَجْهَّزَ ابْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فَظَفِرَ بِهِ ابْنُ الأَشْتَرِ، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى المُخْتَارِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، فَدَعَتْ بَنُوْ هَاشِمٍ لِلْمُخْتَارِ، وَكَانَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ لاَ يُحِبُّ كَثِيْراً مِمَّا يَأْتِي بِهِ، وَكَتَبَ المُخْتَارُ
إِلَيْهِ: لِمُحَمَّدٍ المَهْدِيِّ مِنَ المُخْتَارِ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ.أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ زِيَادٍ، عَنِ الأَسْوَدِ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
لَقِيْتُ رَجُلاً مِنْ عَنَزَةَ، فَقَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ.
قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ.
قُلْتُ: إِنَّ لِي حَاجَةً.
فَلَمَّا قَامَ، دَخَلْتُ مَعَهُ، فَقُلْتُ: مَا زَالَ بِنَا الشَّيْنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الأَعْنَاقُ، وَشُرِّدْنَا فِي البِلاَدِ، وَأُوْذِيْنَا، وَلَقَدْ كَانَتْ تَبْلُغُنَا عَنْكَ أَحَادِيْثُ مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَكَ.
فَقَالَ: إِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الأَحَادِيْثَ، وَعَلَيْكُم بِكِتَابِ اللهِ، فَإِنَّهُ بِهِ هُدِيَ أَوَّلُكُم، وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ، وَلَئِنْ أُوْذِيْتُمْ، لَقَدْ أُوْذِيَ مَنْ كَانَ خَيْراً مِنْكُمْ، وَلأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ أَبْيَنُ مِنْ طُلُوْعِ الشَّمْسِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو الجَحَّافِ - شِيْعِيٌّ - عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ، قَالَ:
أَتَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ حِيْنَ خَرَجَ المُخْتَارُ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا خَرَجَ عِنْدَنَا يَدْعُو إِلَيْكُمْ، فَإِنْ كَانَ عَنْ أَمْرِكُمُ، اتَّبَعْنَاهُ.
قَالَ: سَآمُرُكَ بِمَا أَمَرْتُ بِهِ ابْنِي هَذَا، إِنَّا - أَهْلَ بَيْتٍ - لاَ نَبْتَزُّ هَذِهِ الأُمَّةَ أَمْرَهَا، وَلاَ نَأْتِيْهَا مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا، وَإِنَّ عَلِيّاً كَانَ يَرَى أَنَّهُ لَهُ، وَلَكِنْ لَمْ يُقَاتِلْ حَتَّى جَرَتْ لَهُ بَيْعَةٌ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: لاَ حَرَجَ إِلاَّ فِي دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ.
فَقُلْتُ: يَطْعَنُ عَلَى أَبِيْكَ.
قَالَ: لاَ، بَايَعَهُ أُوْلُوْ الأَمْرِ، فَنَكَثَ نَاكِثٌ، فَقَاتَلَهُ، وَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَحْسُدُنِي عَلَى مَكَانِي، وَدَّ أَنِّي أَلْحَدُ فِي الحَرَمِ كَمَا أَلْحَدَ.
الثَّوْرِيُّ: عَنِ الحَارِثِ الأَزْدِيِّ، قَالَ:قَالَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ: رَحِمَ اللهُ امْرَأً أَغْنَى نَفْسَهُ، وَكَفَّ يَدَهُ، وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ، وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ، لَهُ مَا احْتَسَبَ، وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ، أَلاَ إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيْهِم مِنْ سُيُوْفِ المُسْلِمِيْنَ، أَلاَ إِنَّ لأَهْلِ الحَقِّ دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللهُ إِذَا شَاءَ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ، كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّهْمِ الأَعْلَى، وَمَنْ يَمُتْ، فَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى.
أَبُو عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، قَالَ:
كَانُوا يَقُوْلُوْنَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: سَلاَمٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ.
فَقَالَ: أَجَلْ، أَنَا مَهْدِيٌّ، أَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ وَالخَيْرِ، اسْمِي مُحَمَّدٌ.
فَقَالُوا: سَلاَمٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، أَوْ يَا أَبَا القَاسِمِ.
رَوَى: الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحَنَفِيَّةِ: لَوَدِدْتُ أَنِّي فَدَيْتُ شِيْعَتَنَا هَؤُلاَءِ بِبَعْضِ دَمِي.
ثُمَّ قَالَ: بِحَدِيْثِهِمُ الكَذِبَ، وَإِذَاعَتِهْمُ السِّرَّ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ أُمُّ أَحَدِهِمْ، لأَغْرَى بِهَا حَتَّى تُقْتَلَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : قُتِلَ المُخْتَارُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ، وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَخَاهُ عُرْوَةَ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، يَقُوْلُ:
إِنِّي غَيْرُ تَارِكِكَ أَبَداً حَتَّى تُبَايِعَنِي، أَوْ أُعِيْدَكَ فِي الحَبْسِ، وَقَدْ قَتَلَ اللهُ الكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ العِرَاقِ عَلَيَّ، فَبَايِعْ.
فَقَالَ: يَا عُرْوَةُ، مَا أَسْرَعَ أَخَاكَ إِلَى قَطْعِ الرَّحِمِ، وَالاسْتِخْفَافِ بِالحَقِّ! وَمَا أَغْفَلَهُ عَنْ تَعْجِيْلِ عُقُوْبَةِ اللهِ! مَا يَشُكُّ أَخُوْكَ فِي الخُلُوْدِ، وَوَاللهِ مَا بُعِثَ المُخْتَارُ دَاعِياً وَلاَ نَاصِراً، وَلَهُوَ -
كَانَ - أَشَدُّ إِلَيْهِ انْقِطَاعاً مِنْهُ إِلَيْنَا، فَإِنْ كَانَ كَذَّاباً، فَطَالَمَا قَرَّبَهُ عَلَى كَذِبِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ، وَمَا عِنْدِي خِلاَفٌ مَا أَقَمْتُ فِي جِوَارِهِ، وَلَوْ كَانَ، لَخَرَجْتُ إِلَى مَنْ يَدْعُوْنِي، وَلَكِنْ هَا هُنَا لأَخِيْكَ قِرْنٌ - وَكِلاَهُمَا يُقَاتِلاَنِ عَلَى الدُّنْيَا - عَبْدُ المَلِكِ، فَلَكَأَنَّكَ بِجُيُوْشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيْكَ، وَإِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ جِوَارَهُ خَيْرٌ مِنْ جِوَارِكُمْ، وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قِبَلَهُ، وَيَدْعُوْنِي إِلَيْهِ.قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ؟
قَالَ: أَسْتخِيْرُ اللهَ، وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَاحِبِكَ.
فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ: وَاللهِ لَوْ أَطَعْتَنَا، لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ.
فَقَالَ: وَعَلَى مَاذَا؟ رَجُلٌ جَاءَ بِرِسَالَةٍ مِنْ أَخِيْهِ، وَأَنْتُم تَعْلَمُوْنَ أَنَّ رَأْيِيَ لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ سِوَى إِنْسَانٍ لَمَا قَاتَلْتُهُ.
فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ، وَأَخْبَرَ أَخَاهُ، وَقَالَ: مَا أَرَى لَكَ أَنْ تَعْرِضَ لَهُ، دَعْهُ، فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ، فَعَبْدُ المَلِكِ أَمَامَهُ، لاَ يَتْرُكُهُ يَحُلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ، وَهُوَ فَلاَ يُبَايِعُهُ أَبَداً حَتَّى يُجْمِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ:
سِرْنَا مَعَ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَ عَبْدُ المَلِكِ قَدْ كَتَبَ لَهُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَتَّفِقَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَهْدِ اللهِ وَمِيْثَاقِهِ ... - فِي كَلاَمٍ طَوِيْلٍ - فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ الشَّامَ، كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ:
إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي، وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي - وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ آلاَفٍ -.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ: عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي.
فَفَعَلَ، فَقَامَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:
اللهُ وَلِيُّ الأُمُوْرِ كُلِّهَا وَحَاكِمُهَا، مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَيَعُوْدَنَّ فِيْهِ الأَمْرُ كَمَا بَدَأَ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي حَقَنَ دِمَاءكُم، وَأَحْرَزَ دِيْنَكُم، مَنْ أَحَبَّ مِنْكُم أَنْ يَأْتِيَ مَأْمَنَهُ إِلَى بَلَدِهِ
آمِناً مَحْفُوْظاً، فَلْيَفْعَلْ، كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيْبٌ، عَجِلْتُم بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُوْلِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ فِي أَصْلاَبِكُم لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ، مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ، أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخِرٌ.قَالَ: فَبَقِيَ فِي تِسْعِ مائَةٍ، فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَقَلَّدَ هَدْياً، فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنَّ نَدْخُلَ الحَرَمَ، تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ:
لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيْدُ قِتَالاً، وَرَجَعْتُ كَذَلِكَ، دَعْنَا نَدْخُلْ، فَلْنَقْضِ نُسُكَنَا، ثُمَّ لْنَخْرُجْ عَنْكَ، فَأَبَى.
قَالَ: وَمَعَنَا البُدْنَ مُقَلَّدَةً، فَرَجَعْنَا إِلَى المَدِيْنَةِ، فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الحَجَّاجُ، وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى العِرَاقِ، فَلَمَّا سَارَ، مَضَيْنَا، فَقَضَيْنَا نُسُكَنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ القَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ.
قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى المَدِيْنَةِ، فَمَكَثَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تُوُفِّيَ.
إِسْنَادُهَا ثَابِتٌ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، قَالَ:
وَفَدْتُ مَعَ أَبَانٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، وَعِنْدَهُ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ، فَدَعَا عَبْدُ المَلِكِ بِسَيْفِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَعَا بِصَيْقَلٍ، فَنَظَر، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ حَدِيْدَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْهَا.
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: وَلاَ وَاللهِ مَا رَأَى النَّاسُ مِثْلَ صَاحِبِهَا! يَا مُحَمَّدُ، هَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: أَيُّنَا أَحَقُّ بِهِ، فَلْيَأْخُذْهُ.
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: إِنْ كَانَ لَكَ قَرَابَةٌ، فَلِكُلٍّ قَرَابَةٌ.
فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدٌ إِيَّاهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّ هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى الحَجَّاجِ - قَدِ اسْتَخَفَّ بِي، وَآذَانِي، وَلَوْ كَانَتْ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فِيْهَا.
قَالَ: لاَ إِمْرَةَ لَهُ عَلَيْكَ.
فَلَمَّا وَلَّى مُحَمَّدٌ، قَالَ عَبْدُ المَلِكِ لِلْحَجَّاجِ: أَدْرِكْهُ، فَسُلَّ سَخِيْمَتَهُ.
فَأَدْرَكَهُ، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لأَسُلَّ سَخِيْمَتَكَ، وَلاَ مَرْحَباً بِشَيْءٍ سَاءكَ.
قَالَ: وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ! اتَّقِ اللهَ، وَاحْذَرْهُ، مَا مِنْ صَبَاحٍ إِلاَّ وَللهِ فِي كُلِّ عَبْدٍ مِنْ
عِبَادِه ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ لَحْظَةً، إِنْ أَخَذَ، أَخَذَ بِمَقْدِرَةٍ، وَإِنْ عَفَا، عَفَا بِحِلْمٍ، فَاحْذَرِ اللهَ.فَقَالَ: لاَ تَسْأَلُنِي شَيْئاً إِلاَّ أَعْطَيْتُكَهُ.
قَالَ: وَتَفْعَلُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: صُرْمُ الدَّهْرِ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ الحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى المَقَامِ، فَزَجَرَهُ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ، وَنَهَاهُ.
إِسْرَائِيْلُ: حَدَّثَنَا ثُوَيْرٌ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ.
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ: أَنَّهُ رَأَى ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَرْمِي الجِمَارَ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ.
وَرَوَى: الثَّوْرِيُّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَصْفَرَ بِعَرَفَةَ.
وَعَنْ رِشْدِيْنَ بنِ كُرَيْبٍ: رَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، وَيُرْخِيْهَا شِبْراً أَوْ دُوْنَهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الحنفِيَّةِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ.
وَقِيْلَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: لِمَ تَخْضِبُ؟
قَالَ: أَتَشَبَّبُ بِهِ لِلنِّسَاءِ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، قَالَ:
أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَإِذَا هُوَ مُكَحَّلٌ، مَصْبُوْغُ اللِّحْيَةِ بِحُمْرَةٍ، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ لأَبِي: بَعَثْتَنِي
إِلَى شَيْخٍ مُخَنَّثٍ؟!قَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ، ذَاكَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا رَبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَأَرَادَ أَنَّ يَتَوَضَّأَ، فَنَزَعَ خُفَّيْهِ، وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ.
قُلْتُ: هَذَا قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الإِمَامِيَّةُ، وَبِظَاهِرِ الآيَةِ، لَكِنْ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ شَرْعٌ لاَزِمٌ، بَيَّنَهُ لَنَا الرَّسُوْلُ - اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ - وَقَالَ: (وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ) ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الأُمَّةِ، وَلاَ اعْتِبَارَ بِمَنْ شَذَّ.
قَالَ رَافِضِيٌّ: فَأَنْتُم تَرَوْنَ مَسْحَ مَوْضِعَ ثَلاَثِ شَعَرَاتٍ، بَلْ شَعْرَةٌ مِنَ الرَّأْسِ يُجْزِئُ، وَالنَّصُّ فَلاَ يَحْتَمِلُ هَذَا، وَلاَ يُسَمَّى مَنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ مَاسِحاً لِرَأْسِهِ عُرْفاً، وَلاَ رَأَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِهِ اجْتَزَأَ بِذَلِكَ، وَلاَ جَوَّزَهُ.
فَالجَوَابُ: أَنَّ البَاءَ لِلتَّبْعِيْضِ فِي قَوْلِهِ: (بِرُؤُوْسِكُمْ) ، وَلَيْسَ المَوْضِعُ يَحْتَمِلُ تَقرِيْرَ هَذِهِ المَسْأَلَةِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ:
لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الحَجَّاجَ، لَمَّا قُتِل ابْنُ الزُّبَيْرِ، بَعَثَ الحَجَّاجُ إِلَيْهِ: أَنْ قَدْ قُتِلَ عَدُوُّ اللهِ، فَقَالَ: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ، بَايَعْتُ.
قَالَ: وَاللهِ لأَقْتُلَنَّكَ.
قَالَ: إِنَّ للهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاَثَ مائَةٍ وَسِتِّيْنَ نَظْرَةً، فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ قَضِيَّةً، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكْفِيْنَاكَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ.
وَكَتَبَ الحَجَّاجُ فِيْهِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بِذَلِكَ، فَأَعَجْبَ عَبْدَ المَلِكِ
قَوْلُهُ، وَكَتَبَ بِمِثْلِهَا إِلَى طَاغِيَةِ الرُّوْمِ، وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّوْمِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يَتَهَدَّدُهُ بِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوْعاً كَثِيْرَةً.وَكَتَبَ إِلَى الحَجَّاجِ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّداً لَيْسَ عِنْدَهُ خِلاَفٌ، فَارْفُقْ بِهِ، فَسَيُبَايِعُكَ.
فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، وَبَايَعَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِمُحَمَّدٍ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ، فَبَايِعْ.
فَكَتَبَ بِالبَيْعَةِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ، وَهِيَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الأُمَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتْ، اعْتَزَلْتُهُم، فَلَمَّا أَفْضَى الأَمْرُ إِلَيْكَ، وَبَايَعَكَ النَّاسُ، كُنْتُ كَرَجُلٍ مِنْهُم، فَقَدْ بَايَعْتُكَ، وَبَايَعْتُ الحَجَّاجَ لَكَ، وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُؤَمِّنَنَا، وَتُعْطِيَنَا مِيْثَاقاً عَلَى الوَفَاءِ، فَإِنَّ الغَدْرَ لاَ خَيْرَ فِيْهِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ: إِنَّكَ عِنْدَنَا مَحْمُوْدٌ، أَنْتَ أَحَبُّ إِلَيْنَا، وَأَقْرَبُ بِنَا رَحِماً مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَكَ ذِمَّةُ اللهِ وَرَسُوْلِهِ أَنْ لاَ تُهَاجَ وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: مَاتَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا زَيْدُ بنُ السَّائِبِ، قَالَ:
سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ: أَيْنَ دُفِنَ أَبُوْكَ؟
قَالَ: بِالبَقِيْعِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ، فِي المُحَرَّمِ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، فَجَاءَ أَبَانُ بنُ عُثْمَانَ وَالِي المَدِيْنَةِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَخِي: مَا تَرَى؟
فَقَالَ أَبَانٌ: أَنْتُمْ أَوْلَى بِجَنَازَتِكُمْ.
فَقُلْنَا: تَقَدَّمْ، فَصَلِّ، فَتَقَدَّمَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، سَمِعْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ يَقُوْلُ:
لِي خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، جَاوَزْتُ سِنَّ أَبِي، فَمَاتَ تِلْكَ السَّنَةَ.
وَفِيْهَا أَرَّخَهُ: أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ.وَانْفَرَدَ المَدَائِنِيُّ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
ابْنَاه
ُ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ الهَاشِمِيُّ (ع)
الإِمَامُ، أَبُو هَاشِمٍ الهَاشِمِيُّ، العَلَوِيُّ، المَدَنِيُّ.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ حَدِيْثَ تَحْرِيْمِ المُتْعَةِ.
رَوَى عَنْه: الزُهْرِيِّ، وَعَمرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ أَبُو هَاشِمٍ صَاحِبَ الشِّيْعَةِ، فَأَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ كُتُبَهُ، وَمَاتَ عِنْدَهُ، وَانْقَرَضَ عَقِبُهُ، وَأَمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : كَانَ ثِقَةً، قَلِيْلَ الحَدِيْثِ، وَكَانَتِ الشِّيْعَةُ تَنْتَحِلُهُ.
وَلَمَّا احْتُضِرَ، أَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، وَقَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأَمْرِ، وَهُوَ فِي وَلَدِكَ.
وَصَرَفَ الشِّيْعَةَ إِلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ كُتُبَهُ.
مَاتَ: فِي خِلاَفَةِ سُلَيْمَانَ.
قَالَ البُخَارِيُّ، قَالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا الزُهْرِيُّ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ أَوْثَقَهُمَا، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَتْبَعِ السَّبَائِيَّةَ.
رَوَاهُ: الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَلَفْظُهُ: كَانَ يَجْمَعُ أَحَادِيْثَ السَّبَائِيَّةِ.وَقَالَ العِجْلِيُّ: هُمَا ثِقَتَانِ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: أَنَّ أَحَدَهُمَا شِيْعِيٌّ وَالآخَرَ مُرْجِئٌ.
وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ: أَنَّ سُلَيْمَانَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ دَسَّ مَنْ سَقَى أَبَا هَاشِمٍ سُمّاً، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
قُلْتُ: مَاتَ كَهْلاً.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَوَّلُ مَنْ أَلَّفَ شَيْئاً فِي الإِرْجَاءِ.
وَابْنَاهُ السَّيِّدُ، الإِمَامُ، أَبُو القَاسِمِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابْنُ الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ شَيْبَةَ بنِ هَاشِمٍ عَمْرِو بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المَدَنِيُّ، أَخُو الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ.
وَأُمُّهُ: مِنْ سَبْيِ اليَمَامَةِ زَمَنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَهِيَ خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرٍ الحَنَفِيَّةُ.
فَرَوَى: الوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ:
رَأَيْتُ الحَنَفِيَّةَ وَهِيَ سَوْدَاءُ، مُشْرَطَةٌ، حَسَنَةُ الشَّعْرِ، اشْتَرَاهَا عَلِيٌّ بِذِي المَجَازِ، مَقْدَمَهُ مِنَ اليَمَنِ، فَوَهَبَهَا لِفَاطِمَةَ، فَبَاعَتْهَا، فَاشْتَرَاهَا مُكَمَّلٌ الغِفَارِيُّ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَوْنَةَ.
وَقِيْلَ: بَلْ تَزَوَّجَ بِهَا مُكَمَّلٌ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَوْنَةَ.وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَهَبَهَا عَلِيّاً.
وُلِدَ: فِي العَامِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ أَبُو بَكْرٍ.
وَرَأَى عُمَرَ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ: أَبِيْهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُثْمَانَ، وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَالحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَعَوْنٌ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ، وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، وَعَمرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ قَيْسِ بنِ مَخْرمَةَ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَامِرٍ الثَّعْلَبِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
وَكَانَتِ الشِّيْعَةُ فِي زَمَانِهِ تَتَغَالَى فِيْهِ، وَتَدَّعِي إِمَامَتَهُ، وَلَقَّبُوْهُ: بِالمَهْدِيِّ، وَيَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ.
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: صَرَعَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ مَرْوَانَ يَوْمَ الجَمَلِ، وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ.
قَالَ: فَلَمَّا وَفَدَ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ لَهُ: أَتَذْكُرُ يَوْمَ جَلَسْتَ عَلَى صَدْرِ مَرْوَانَ؟
قَالَ: عَفْواً يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ: أَمْ وَاللهِ مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ، وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أُكَافِئَكَ، لَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَبَنَى دَارَهُ بِالبَقِيْعِ، كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الوُفُوْدِ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَوَفَدَ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ إِلَى دِمَشْقَ، فَأَنْزَلَهُ بِقُرْبِهِ.
وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ فِي إِذْنِ العَامَّةِ،
فَيُسَلِّمُ مَرَّةً وَيَجْلُسُ، وَمَرَّةً يَنْصَرِفُ.فَلَمَّا مَضَى شَهْرٌ، كَلَّمَ عَبْدَ المَلِكِ خَالِياً، فَذَكَرَ قَرَابَتَهُ وَرَحِمَهُ، وَذَكَرَ دَيْناً، فَوَعَدَهُ بِقَضَائِهِ، ثُمَّ قَضَاهُ، وَقَضَى جَمِيْعَ حَوَائِجِهِ.
قُلْتُ: كَانَ مَائِلاً لِعَبْدِ المَلِكِ؛ لإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ، وَلإِسَاءةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَيْهِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: سَمَّتْهُ الشِّيْعَةُ المَهْدِيَّ.
فَأَخْبَرَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ، قَالَ: قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
هُوَ المَهْدِيُّ أَخْبَرَنَاهُ كَعْبٌ ... أَخُو الأَحْبَارِ فِي الحِقَبِ الخَوَالِي
فَقِيْلَ لَهُ: أَلَقِيْتَ كَعْباً؟
قَالَ: قُلْتُهُ بِالتَّوَهُّمِ.
وَقَالَ أَيْضاً:
أَلاَ إِنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ ... وُلاَةَ الحَقِّ أَرْبعَةٌ سَوَاءُ
عَلِيٌّ وَالثَّلاَثَةُ مِنْ بَنِيْهِ ... هُمُ الأَسْبَاطُ لَيْسَ بِهِم خَفَاءُ
فَسِبْطٌ سِبْطُ إِيْمَانٍ وَبِرٍّ ... وَسِبْطٌ غَيَّبَتْهُ كَرْبُلاَءُ
وَسِبْطٌ لاَ تَرَاهُ العَيْنُ حَتَّى ... يَقُوْدَ الخَيْلَ يَقْدُمُهَا لِوَاءُ
تَغَيَّبَ - لاَ يُرَى - عَنْهُم زَمَاناً ... بِرَضْوَى عِنْدَهُ عَسَلٌ وَمَاءُ
وَقَدْ رَوَاهَا: عُمَرُ بنُ عُبَيْدَةَ لِكَثِيْرِ بنِ كَثِيْرٍ السَّهْمِيِّ.
قَالَ الزُّبَيْرُ : كَانَتْ شِيْعَةُ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ.وَفِيْهِ يَقُوْلُ السَّيِّدُ الحِمْيَرِيُّ:
أَلاَ قُلْ لِلوَصِيِّ: فَدَتْكَ نَفْسِي ... أَطَلْتَ بِذَلِكَ الجَبَلِ المُقَامَا
أَضَرَّ بِمَعْشَرٍ وَالَوْكَ مِنَّا ... وَسَمَّوْكَ الخَلِيْفَةَ وَالإِمَامَا
وَعَادَوْا فِيْكَ أَهْلَ الأَرْضِ طُرّاً ... مُقَامُكَ عَنْهُم سِتِّيْنَ عَامَا
وَمَا ذَاقَ ابْنُ خَوْلَةَ طَعْمَ مَوْتٍ ... وَلاَ وَارَتْ لَهُ أَرْضٌ عِظَامَا
لَقَدْ أَمْسَى بِمُوْرِقِ شِعْبِ رَضْوَى ... تُرَاجِعُهُ المَلاَئِكَةُ الكَلاَمَا
وَإِنَّ لَهُ بِهِ لَمَقِيْلَ صِدْقٍ ... وَأَنْدِيَةً تُحَدِّثُهُ كِرَامَا
هَدَانَا اللهُ إِذْ خُزْتُمْ لأَمْرٍ ... بِهِ وَعَلَيْهِ نَلْتَمِسُ التَّمَامَا
تَمَامَ مَوَدَّةِ المَهْدِيِّ حَتَّى ... تَرَوْا رَايَاتِنَا تَتْرَى نِظَامَا
وَلِلسَّيِّدِ الحِمْيَرِيِّ:
يَا شِعْبَ رَضْوَى مَا لِمَنْ بِكَ لاَ يُرَى ... وَبِنَا إِلَيْهِ مِنَ الصَّبَابَةِ أَوْلَقُ
حَتَّى مَتَى؟ وَإِلَى مَتَى؟ وَكَمِ المَدَى؟ ... يَا ابنَ الوَصِيِّ وَأَنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ.الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ:
رَأَيْتُ أُمَّ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ سِنْدِيَّةً سَوْدَاءَ، كَانَتْ أَمَةً لِبَنِي حَنِيْفَةَ، لَمْ تَكُنْ مِنْهُم، وَإِنَّمَا صَالَحَهُم خَالِدٌ عَلَى الرَّقِيْقِ، وَلَمْ يُصَالِحْهُم عَلَى أَنْفُسِهِم.
وَكَنَّاهُ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيْرُ، وَالبُخَارِيُّ: أَبَا القَاسِمِ.
قَالَ فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ: عَنْ مُنْذِرٍ، سَمِعَ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَقُوْلُ:
كَانَتْ رُخْصَةً لِعَلِيٍّ، قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنْ وُلِدَ لِي بَعْدَكَ وَلَدٌ أُسَمَّيْهِ بِاسْمِكَ، وَأُكَنِّيْهِ بِكُنْيَتِكَ؟
قَالَ: (نَعَمْ ) .
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ:
أَنَّهُ كَانَ مَعَ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ، فَقُلْتُ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ - وَكَنَّاهُ بِهَا -.
النَّسَائِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ، وَرَوَى ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ الأَبْرَشُ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ:
قُلْتُ لابْنِ المُسَيِّبِ: ابْنُ كَمْ كُنْتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ؟
قَالَ: وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا منْ خِلاَفَتِهِ.
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَقَالَ: ذَاكَ مَوْلِدِي.
رَوَى: الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:وَقَعَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ كَلاَمٌ، فَقَالَ طَلْحَةُ: لِجُرْأَتِكَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمَّيْتَ بِاسْمِهِ، وَكَنَّيْتَ بِكُنْيَتِهِ، وَقَدْ نَهَى أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَحَدٌ.
قَالَ: إِنَّ الجَرِيْءَ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ، اذْهَبْ يَا فُلاَنُ، فَادْعُ لِي فُلاَناً وَفُلاَناً - لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ -.
فَجَاؤُوا، فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُوْنَ؟
قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (سَيُوْلَدُ لَكَ بَعْدِي غُلاَمٌ، فَقَدْ نَحَلْتُهُ اسْمِي وَكُنْيَتِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَهُ ) .
رَوَاهُ: ثِقَتَانِ، عَنِ الرَّبِيْعِ، وَهُوَ مُرْسَلٌ.
زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَقُوْلُ:
دَخَلَ عُمَرُ، وَأَنَا عِنْدَ أُخْتِي أُمِّ كُلْثُوْمٍ، فَضَمَّنِي، وَقَالَ: أَلْطِفِيْهِ بِالحَلْوَاءِ.
سَالِمُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ: عَنْ مُنْذِرٍ، عَنْ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ:
حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ خَيْرٌ مِنِّي، وَلَقَدْ عَلِمَا أَنَّهُ كَانَ يَسْتَخْلِيْنِي دُوْنَهُمَا؛ وَإِنِّي صَاحِبُ البَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الجُنَيْدِ: لاَ نَعْلَمُ أَحَداً أَسْنَدَ عَنْ عَلِيٍّ أَكْثَرَ وَلاَ أَصَحَّ مِمَّا أَسْنَدَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ.
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى:
أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى: أَبَا القَاسِمِ، وَكَانَ وَرِعاً، كَثِيْرَ العِلْمِ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ : قَالَ أَبُو اليَقْظَانِ:كَانَتْ رَايَةُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمَّا سَارَ مِنْ ذِي قَارٍ، مَعَ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ.
ابْنُ سَعْدٍ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا فِطْرٌ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَقَالَ: مَا أَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ بِالنَّجَاةِ، وَلاَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ عَلَى أَبِي.
فَنَظَرَ إِلَيْهِ القَوْمُ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ فِي النَّاسِ مِثْلَ عَلِيٍّ سَبَقَ لَهُ كَذَا، سَبَقَ لَهُ كَذَا.
أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ: عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ، عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ:
أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ العَرَبِ يَتَّخِذُهُمَا النَّاسُ أَنْدَاداً مِنْ دُوْنِ اللهِ: نَحْنُ، وَبَنُوْ عَمِّنَا هَؤُلاَءِ - يُرِيْدُ بَنِي أُمَيَّةَ -.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ أَبُو زُبَيْدٍ، عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ نَتَّخِذُ مِنْ دُوْنِ اللهِ أَنْدَاداً: نَحْنُ، وَبَنُوْ أُمَيَّةَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَتَبَ عَبْدُ المَلِكِ: مِنْ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ.
فَلَمَّا نَظَرَ مُحَمَّدٌ إِلَى عُنْوَانِ الكِتَابِ، قَالَ: إِنَّا للهِ، الطُّلَقَاءُ وَلُعَنَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المَنَابِرِ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لأُمُوْرٌ لَمْ يَقِرَّ قَرَارُهَا.
قُلْتُ: كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْتَمِيْلُهُ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَاتَّسَقَ الأَمْرُ لِعَبْدِ المَلِكِ، بَايَعَ مُحَمَّدٌ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي عَوْنٍ:قَالَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ: وَفَدْتُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، فَقَضَى حَوَائِجِي، وَوَدَّعْتُهُ، فَلَمَّا كِدْتُ أَنْ أَتَوَارَى، نَادَانِي: يَا أَبَا القَاسِمِ، يَا أَبَا القَاسِمِ.
فَرَجَعْتُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّكَ يَوْمَ تَصْنَعُ بِالشَّيْخِ مَا تَصْنَعُ ظَالِمٌ لَهُ -يَعْنِي: لَمَّا أَخَذَ يَوْمَ الدَّارِ مَرْوَانَ، فَدَغَتَهُ بِرِدَائِهِ-.
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: وَأَنَا أَنْظُرُ يَوْمئِذٍ وَلِي ذُؤَابَةٌ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعَ الزُهْرِيَّ يَقُوْلُ:
قَالَ رَجُلٌ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: مَا بَالُ أَبِيْكَ كَانَ يَرْمِي بِكَ فِي مَرَامٍ لاَ يَرْمِي فِيْهَا الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ؟
قَالَ: لأَنَّهُمَا كَانَا خَدَّيْهُ، وَكُنْتُ يَدَهُ، فَكَانَ يَتَوَقَّى بِيَدَيْهِ عَنْ خَدَّيْهِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ بَيَانٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ:
لَيْسَ بِحَكِيْمٍ مَنْ لَمْ يُعَاشِرْ بِالمَعْرُوْفِ مَنْ لاَ يَجِدُ مِنْ مُعَاشَرَتِهِ بُدّاً حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ مِنْ أَمْرِهِ فَرَجاً -أَوْ قَالَ: مَخْرَجاً -.
وَعَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ، لَمْ يَكُنْ لِلدُّنْيَا عِنْدَهٌ قَدْرٌ.
وَعَنْهُ: أَنَّ اللهَ جَعَلَ الجَنَّةَ ثَمَناً لأَنْفُسِكُم، فَلاَ تَبِيْعُوْهَا بِغَيْرِهَا.
وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ:
لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، كَانَ بِهَا الحُسَيْنُ، وَابْنُ الحَنَفِيَّةِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ، فَخَرَجَ الحُسَيْنُ
وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ، وَأَقَامَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ، فَلَمَّا سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشِ مُسْرفٍ زَمَنَ الحَرَّةِ، رَحَلَ إِلَى مَكَّةَ، وَأَقَامَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ.فَلَمَّا مَاتَ يَزِيْدُ، بُوْيِعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَدَعَاهُمَا إِلَى بَيْعَتِهِ، فَقَالاَ: لاَ، حَتَّى تَجْتَمِعَ لَكَ البِلاَدُ.
فَكَانَ مَرَّةً يُكَاشِرُهُمَا، وَمَرَّةً يَلِيْنُ لَهُمَا، ثُمَّ غَلُظَ عَلَيْهِمَا، وَوَقَعَ بَيْنَهُم حَتَّى خَافَاهُ، وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، فَأَسَاءَ جِوَارَهُم، وَحَصَرَهُم، وَقَصَدَ مُحَمَّداً، فَأَظْهَرَ شَتْمَهُ وَعَيْبَهُ، وَأَمَرَهُم وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَلْزَمُوا شِعْبَهُم، وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ، وَقَالَ فِيْمَا يَقُوْلُ: وَاللهِ لَتُبَايِعُنَّ، أَوْ لأُحَرِّقَنَّكُم، فَخَافُوا.
قَالَ سُلَيْمٌ أَبُو عَامِرٍ: فَرَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ مَحْبُوْساً فِي زَمْزَمَ، وَالنَّاسُ يُمْنَعُوْنَ مِنَ الدُّخُوْلِ عَلَيْهِ.
فَقُلْتُ: وَاللهِ لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ.
فَقُلْتُ: مَا بَالُكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟
قَالَ: دَعَانِي إِلَى البَيْعَةِ، فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا مِنَ المُسْلِمِيْنَ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ، فَأَنَا كَأَحَدِهِم، فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا مِنِّي، فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَقُلْ: مَا تَرَى؟
قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ ذَاهِبُ البَصَرِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: أَنْصَارِيٌّ.
قَالَ: رُبَّ أَنْصَارِيٍّ هُوَ أَشَدُّ عَلَيْنَا مِنْ عَدُوِّنَا.
قُلْتُ: لاَ تَخَفْ، أَنَا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ.
قَالَ: هَاتِ.
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: قُلْ لَهُ: لاَ تُطِعْهُ وَلاَ نُعْمَةَ عَيْنٍ إِلاَّ مَا قُلْتَ، وَلاَ تَزِدْهُ عَلَيْهِ.
فَأَبْلَغْتُهُ، فَهَمَّ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ أَنْ يَسِيْرَ إِلَى الكُوْفَةِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ المُخْتَارَ، فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُوْمُهُ، فَقَالَ:
إِنَّ فِي المَهْدِيِّ عَلاَمَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُم هَذَا، فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ فِي السُّوْقِ بِالسَّيْفِ لاَ يَضُرُّهُ وَلاَ يَحِيْكُ فِيْهِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الحَنَفِيَّة، فَأَقَامَ، فَقِيْلَ لَهُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيْعَتِكَ بِالكُوْفَةِ، فَأَعْلَمْتَهُم مَا أَنْتَ فِيْهِ.
فَبَعَثَ أَبَا الطُّفَيْلِ إِلَى شِيْعَتِهِمْ، فَقَالَ لَهُم: إِنَّا لاَ نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاَءِ.
وَأَخْبَرَهُم بِمَا هُمْ فِيْهِ مِنَ الخَوْفِ، فَقَطَعَ المُخْتَارُ بَعْثاً إِلَى مَكَّةَ، فَانْتَدَبَ مَعَهُ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، فَعَقَدَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيِّ عَلَيْهِم،
وَقَالَ لَهُ:سِرْ، فَإِنْ وَجَدْتَ بَنِي هَاشِمٍ فِي حَيَاةٍ، فَكُنْ لَهُم عَضُداً، وَانْفُذْ لِمَا أَمَرُوْكَ بِهِ، وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُم، فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ لاَ تَدَعْ لآلِ الزُّبَيْرِ شَعْراً وَلاَ ظُفُراً.
وَقَالَ: يَا شُرْطَةَ اللهِ، لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللهُ بِهَذَا المَسِيْرِ، وَلَكُم بِهَذَا الوَجْهِ عَشْرُ حِجَجٍ، وَعَشْرُ عُمَرٍ.
وَسَارُوا حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ، فَجَاءَ المُسْتَغِيْثُ: عَجِّلُوا، فَمَا أُرَاكُم تُدْرِكُوْنَهُم.
فَانْتَدَبَ مِنْهُم ثَمَانِ مائَةٍ، رَأْسُهُم عَطِيَّةُ بنُ سَعْدٍ العَوْفِيُّ، حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ، فَكَبَّرُوا تَكَبِيْرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَهَرَبَ إِلَى دَارِ النَّدْوَةِ - وَيُقَالُ: تَعَلَّقَ بَأْسْتَارِ الكَعْبَةِ - وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللهِ.
قَالَ عَطِيَّةُ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الحنفِيَّةِ وَأَصْحَابِهِمَا فِي دُوْرٍ قَدْ جُمِعَ لَهُمُ الحَطَبُ، فَأُحِيْطَ بِهِمْ حَتَّى سَاوَى الجُدُرَ، لَوْ أَنَّ نَاراً تَقَعُ فِيْهِ مَا رُئِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ، وَعَجِلَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ، فَأَسْرَعَ فِي الحَطَبِ لِيَخْرُجَ، فَأَدْمَاهُ.
وَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكُنَّا صَفَّيْنِ، نَحْنُ وَهُمْ فِي المَسْجِدِ نَهَارَنَا، لاَ نَنْصَرِفُ إِلَى صَلاَةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا، وَقَدِمَ الجَدَلِيُّ فِي الجَيْشِ، فَقُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الحَنَفِيَّةِ: ذَرُوْنَا نُرِحِ النَّاسَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
فَقَالاَ: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللهُ، مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ إِلاَّ لِنَبِيِّهِ سَاعَةً، فَامْنَعُوْنَا، وَأَجِيْرُوْنَا.
قَالَ: فَتَحَمَّلُوا، وَإِنَّ مُنَادِياً لَيُنَادِي فِي الجَبَلِ: مَا غَنِمَتْ سَرِيَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا، مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ، إِنَّ السَّرِيَّةَ تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ، وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءنَا.
فَخَرَجُوا بِهِم، فَأَنْزَلُوْهُمْ مِنَىً، فَأَقَامُوا مُدَّةً، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الطَّائِفِ، وَبِهَا تُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ، فَبَقِيْنَا معَهُ.
فَلَمَّا كَانَ الحَجُّ، وَافَى مُحَمَّدٌ بِأَصْحَابِهِ، فَوَقَفَ، وَوقَفَ نَجْدَةُ بنُ عَامِرٍ الحَنَفِيُّ فِي الخوَارِجِ نَاحِيَةً، وَحَجَّتْ بَنُوْ أُمَيَّةَ عَلَى لِوَاءٍ، فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ الَّذِي أَقَامَ الحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ.وَحَجَّ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ فِي الخَشَبِيَّةِ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنَىً، فَخِفْتُ الفِتْنَةَ، فَجِئْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ، فَقُلْتُ:
يَا أَبَا القَاسِمِ، اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّا فِي مَشْعَرٍ حَرَامٍ، فِي بَلَدٍ حَرَامٍ، وَالنَّاسُ وَفْدُ اللهِ، فَلاَ تُفْسِدْ عَلَيْهِم حَجَّهُمْ.
فَقَالَ: وَاللهِ مَا أُرِيْدُ ذَلِكَ، وَلَكِنِّي أَدْفَعُ عَنْ نَفْسِي، وَمَا أَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ إِلاَّ أَنْ لاَ يَخْتَلِفَ عَلَيَّ فِيْهِ اثْنَانِ، فَائْتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَكَلِّمْهُ، عَلَيْكَ بِنَجْدَةَ، فَكَلِّمْهُ.
فَجِئْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: أَنَا أَرْجِعُ! قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ وَبَايَعَنِي النَّاسُ، وَهَؤُلاَءِ أَهْلُ خِلاَفٍ.
قُلْتُ: إِنَّ خَيْراً لَكَ الكَفُّ.
قَالَ: أَفْعَلُ.
ثُمَّ جِئْتُ نَجْدَةَ الحَرُوْرِيَّ، فَأَجِدُهُ فِي أَصْحَابِهِ، وَعِكْرِمَةُ عِنْدَهُ، فَقُلْتُ: اسْتَأذِنْ لِي عَلَيْهِ.
قَالَ: فَدَخَلَ، فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ، فَعَظَّمْتُ عَلَيْهِ، وَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَبْتَدِئَ أَحَداً بِقِتَالٍ، فَلاَ.
قُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلِيْنِ لاَ يُرِيْدَانِ قِتَالَكَ.
ثُمَّ جِئْتُ شِيْعَةَ بَنِي أُمَيَّةَ، فَكَلَّمْتُهُم، فَقَالُوا: لاَ نُقَاتِلُ، فَلَمْ أَرَ فِي تِلْكَ الأَلْوِيَةِ أَسْكَنَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ.
وَوَقَفْتُ تِلْكَ العَشِيَّةَ إِلَى جَنْبِهِ، فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ، الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ! ادْفَعْ.
فَدَفَعْتُ مَعَهُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ : فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ إِلَى بِيْعَتِهِ، فَأَبَى، فَحَصَرَهُ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ، وَتَوَعَّدَهُمْ، حَتَّى بَعَثَ المُخْتَارُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيَّ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، سَنَةَ سِتٍّ، فَأَقَامُوا مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ المُخْتَارُ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ.
الوَاقِدِيُّ : حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ.وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا:
كَانَ المُخْتَارُ أَشدَّ شَيْءٍ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ ظَلَمَهُ، وَجَعَلَ يُعَظِّمُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ، فَيُبَايِعُوْنَهُ سِرّاً.
فَشَكَّ قَوْمٌ، وَقَالُوا: أَعْطَيْنَا هَذَا عُهُوْدَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُوْلُ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ لَيْسَ مِنَّا بِبَعِيْدٍ.
فَشَخَصَ إِلَيْهِ قَوْمٌ، فَأَعْلَمُوْهُ أَمْرَ المُخْتَارِ، فَقَالَ: نَحْنُ قَوْمٌ حَيْثُ تَرَوْنَ مَحْبُوْسُوْنَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي سُلْطَانَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ يَشَاءُ، فَاحْذَرُوا الكَذَّابِيْنَ.
قَالَ: وَكَتَبَ المُخْتَارُ كِتَاباً عَلَى لِسَانِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَشْتَرِ، وَجَاءهُ يَسْتَأْذِنُ - وَقِيْلَ: المُخْتَارُ أَمِيْنُ آلِ مُحَمَّدٍ وَرَسُوْلُهُمْ - فَأَذِنَ لَهُ، وَرحَّبَ بِهِ، فَتَكَلَّمَ المُخْتَارُ - وَكَانَ مُفَوَّهاً - ثُمَّ قَالَ:
إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ، قَدْ أَكْرَمَكُمُ اللهُ بِنُصْرَةِ آلِ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ رُكِبَ مِنْهُم مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْكَ المَهْدِيُّ كِتَاباً، وَهَؤُلاَءِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ، وَرَأَيْنَاهُ حِيْنَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ.
فَقَرَأَهُ إِبْرَاهِيْمُ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيْبُ، قَدْ أُمِرْنَا بِطَاعَتِكَ وَمُؤَازَرَتِكَ، فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ.
ثُمَّ كَانَ يَرْكَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَزَرَعَ ذَلِكَ فِي الصُّدُوْرِ.
وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَتَنَكَّرَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ.
وَجَعَلَ أَمْرُ المُخْتَارِ يَغْلُظُ؛ وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الحُسَيْنِ، فَقَتَلَهُمْ، وَجْهَّزَ ابْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فَظَفِرَ بِهِ ابْنُ الأَشْتَرِ، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى المُخْتَارِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، فَدَعَتْ بَنُوْ هَاشِمٍ لِلْمُخْتَارِ، وَكَانَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ لاَ يُحِبُّ كَثِيْراً مِمَّا يَأْتِي بِهِ، وَكَتَبَ المُخْتَارُ
إِلَيْهِ: لِمُحَمَّدٍ المَهْدِيِّ مِنَ المُخْتَارِ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ.أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ زِيَادٍ، عَنِ الأَسْوَدِ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
لَقِيْتُ رَجُلاً مِنْ عَنَزَةَ، فَقَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ.
قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ.
قُلْتُ: إِنَّ لِي حَاجَةً.
فَلَمَّا قَامَ، دَخَلْتُ مَعَهُ، فَقُلْتُ: مَا زَالَ بِنَا الشَّيْنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الأَعْنَاقُ، وَشُرِّدْنَا فِي البِلاَدِ، وَأُوْذِيْنَا، وَلَقَدْ كَانَتْ تَبْلُغُنَا عَنْكَ أَحَادِيْثُ مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَكَ.
فَقَالَ: إِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الأَحَادِيْثَ، وَعَلَيْكُم بِكِتَابِ اللهِ، فَإِنَّهُ بِهِ هُدِيَ أَوَّلُكُم، وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ، وَلَئِنْ أُوْذِيْتُمْ، لَقَدْ أُوْذِيَ مَنْ كَانَ خَيْراً مِنْكُمْ، وَلأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ أَبْيَنُ مِنْ طُلُوْعِ الشَّمْسِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو الجَحَّافِ - شِيْعِيٌّ - عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ، قَالَ:
أَتَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ حِيْنَ خَرَجَ المُخْتَارُ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا خَرَجَ عِنْدَنَا يَدْعُو إِلَيْكُمْ، فَإِنْ كَانَ عَنْ أَمْرِكُمُ، اتَّبَعْنَاهُ.
قَالَ: سَآمُرُكَ بِمَا أَمَرْتُ بِهِ ابْنِي هَذَا، إِنَّا - أَهْلَ بَيْتٍ - لاَ نَبْتَزُّ هَذِهِ الأُمَّةَ أَمْرَهَا، وَلاَ نَأْتِيْهَا مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا، وَإِنَّ عَلِيّاً كَانَ يَرَى أَنَّهُ لَهُ، وَلَكِنْ لَمْ يُقَاتِلْ حَتَّى جَرَتْ لَهُ بَيْعَةٌ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: لاَ حَرَجَ إِلاَّ فِي دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ.
فَقُلْتُ: يَطْعَنُ عَلَى أَبِيْكَ.
قَالَ: لاَ، بَايَعَهُ أُوْلُوْ الأَمْرِ، فَنَكَثَ نَاكِثٌ، فَقَاتَلَهُ، وَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَحْسُدُنِي عَلَى مَكَانِي، وَدَّ أَنِّي أَلْحَدُ فِي الحَرَمِ كَمَا أَلْحَدَ.
الثَّوْرِيُّ: عَنِ الحَارِثِ الأَزْدِيِّ، قَالَ:قَالَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ: رَحِمَ اللهُ امْرَأً أَغْنَى نَفْسَهُ، وَكَفَّ يَدَهُ، وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ، وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ، لَهُ مَا احْتَسَبَ، وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ، أَلاَ إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيْهِم مِنْ سُيُوْفِ المُسْلِمِيْنَ، أَلاَ إِنَّ لأَهْلِ الحَقِّ دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللهُ إِذَا شَاءَ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ، كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّهْمِ الأَعْلَى، وَمَنْ يَمُتْ، فَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى.
أَبُو عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، قَالَ:
كَانُوا يَقُوْلُوْنَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: سَلاَمٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ.
فَقَالَ: أَجَلْ، أَنَا مَهْدِيٌّ، أَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ وَالخَيْرِ، اسْمِي مُحَمَّدٌ.
فَقَالُوا: سَلاَمٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، أَوْ يَا أَبَا القَاسِمِ.
رَوَى: الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحَنَفِيَّةِ: لَوَدِدْتُ أَنِّي فَدَيْتُ شِيْعَتَنَا هَؤُلاَءِ بِبَعْضِ دَمِي.
ثُمَّ قَالَ: بِحَدِيْثِهِمُ الكَذِبَ، وَإِذَاعَتِهْمُ السِّرَّ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ أُمُّ أَحَدِهِمْ، لأَغْرَى بِهَا حَتَّى تُقْتَلَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : قُتِلَ المُخْتَارُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ، وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَخَاهُ عُرْوَةَ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، يَقُوْلُ:
إِنِّي غَيْرُ تَارِكِكَ أَبَداً حَتَّى تُبَايِعَنِي، أَوْ أُعِيْدَكَ فِي الحَبْسِ، وَقَدْ قَتَلَ اللهُ الكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ العِرَاقِ عَلَيَّ، فَبَايِعْ.
فَقَالَ: يَا عُرْوَةُ، مَا أَسْرَعَ أَخَاكَ إِلَى قَطْعِ الرَّحِمِ، وَالاسْتِخْفَافِ بِالحَقِّ! وَمَا أَغْفَلَهُ عَنْ تَعْجِيْلِ عُقُوْبَةِ اللهِ! مَا يَشُكُّ أَخُوْكَ فِي الخُلُوْدِ، وَوَاللهِ مَا بُعِثَ المُخْتَارُ دَاعِياً وَلاَ نَاصِراً، وَلَهُوَ -
كَانَ - أَشَدُّ إِلَيْهِ انْقِطَاعاً مِنْهُ إِلَيْنَا، فَإِنْ كَانَ كَذَّاباً، فَطَالَمَا قَرَّبَهُ عَلَى كَذِبِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ، وَمَا عِنْدِي خِلاَفٌ مَا أَقَمْتُ فِي جِوَارِهِ، وَلَوْ كَانَ، لَخَرَجْتُ إِلَى مَنْ يَدْعُوْنِي، وَلَكِنْ هَا هُنَا لأَخِيْكَ قِرْنٌ - وَكِلاَهُمَا يُقَاتِلاَنِ عَلَى الدُّنْيَا - عَبْدُ المَلِكِ، فَلَكَأَنَّكَ بِجُيُوْشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيْكَ، وَإِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ جِوَارَهُ خَيْرٌ مِنْ جِوَارِكُمْ، وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قِبَلَهُ، وَيَدْعُوْنِي إِلَيْهِ.قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ؟
قَالَ: أَسْتخِيْرُ اللهَ، وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَاحِبِكَ.
فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ: وَاللهِ لَوْ أَطَعْتَنَا، لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ.
فَقَالَ: وَعَلَى مَاذَا؟ رَجُلٌ جَاءَ بِرِسَالَةٍ مِنْ أَخِيْهِ، وَأَنْتُم تَعْلَمُوْنَ أَنَّ رَأْيِيَ لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ سِوَى إِنْسَانٍ لَمَا قَاتَلْتُهُ.
فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ، وَأَخْبَرَ أَخَاهُ، وَقَالَ: مَا أَرَى لَكَ أَنْ تَعْرِضَ لَهُ، دَعْهُ، فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ، فَعَبْدُ المَلِكِ أَمَامَهُ، لاَ يَتْرُكُهُ يَحُلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ، وَهُوَ فَلاَ يُبَايِعُهُ أَبَداً حَتَّى يُجْمِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ:
سِرْنَا مَعَ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَ عَبْدُ المَلِكِ قَدْ كَتَبَ لَهُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَتَّفِقَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَهْدِ اللهِ وَمِيْثَاقِهِ ... - فِي كَلاَمٍ طَوِيْلٍ - فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ الشَّامَ، كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ:
إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي، وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي - وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ آلاَفٍ -.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ: عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي.
فَفَعَلَ، فَقَامَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:
اللهُ وَلِيُّ الأُمُوْرِ كُلِّهَا وَحَاكِمُهَا، مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَيَعُوْدَنَّ فِيْهِ الأَمْرُ كَمَا بَدَأَ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي حَقَنَ دِمَاءكُم، وَأَحْرَزَ دِيْنَكُم، مَنْ أَحَبَّ مِنْكُم أَنْ يَأْتِيَ مَأْمَنَهُ إِلَى بَلَدِهِ
آمِناً مَحْفُوْظاً، فَلْيَفْعَلْ، كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيْبٌ، عَجِلْتُم بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُوْلِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ فِي أَصْلاَبِكُم لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ، مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ، أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخِرٌ.قَالَ: فَبَقِيَ فِي تِسْعِ مائَةٍ، فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَقَلَّدَ هَدْياً، فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنَّ نَدْخُلَ الحَرَمَ، تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ:
لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيْدُ قِتَالاً، وَرَجَعْتُ كَذَلِكَ، دَعْنَا نَدْخُلْ، فَلْنَقْضِ نُسُكَنَا، ثُمَّ لْنَخْرُجْ عَنْكَ، فَأَبَى.
قَالَ: وَمَعَنَا البُدْنَ مُقَلَّدَةً، فَرَجَعْنَا إِلَى المَدِيْنَةِ، فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الحَجَّاجُ، وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى العِرَاقِ، فَلَمَّا سَارَ، مَضَيْنَا، فَقَضَيْنَا نُسُكَنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ القَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ.
قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى المَدِيْنَةِ، فَمَكَثَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تُوُفِّيَ.
إِسْنَادُهَا ثَابِتٌ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، قَالَ:
وَفَدْتُ مَعَ أَبَانٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، وَعِنْدَهُ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ، فَدَعَا عَبْدُ المَلِكِ بِسَيْفِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَعَا بِصَيْقَلٍ، فَنَظَر، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ حَدِيْدَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْهَا.
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: وَلاَ وَاللهِ مَا رَأَى النَّاسُ مِثْلَ صَاحِبِهَا! يَا مُحَمَّدُ، هَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: أَيُّنَا أَحَقُّ بِهِ، فَلْيَأْخُذْهُ.
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: إِنْ كَانَ لَكَ قَرَابَةٌ، فَلِكُلٍّ قَرَابَةٌ.
فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدٌ إِيَّاهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّ هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى الحَجَّاجِ - قَدِ اسْتَخَفَّ بِي، وَآذَانِي، وَلَوْ كَانَتْ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فِيْهَا.
قَالَ: لاَ إِمْرَةَ لَهُ عَلَيْكَ.
فَلَمَّا وَلَّى مُحَمَّدٌ، قَالَ عَبْدُ المَلِكِ لِلْحَجَّاجِ: أَدْرِكْهُ، فَسُلَّ سَخِيْمَتَهُ.
فَأَدْرَكَهُ، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لأَسُلَّ سَخِيْمَتَكَ، وَلاَ مَرْحَباً بِشَيْءٍ سَاءكَ.
قَالَ: وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ! اتَّقِ اللهَ، وَاحْذَرْهُ، مَا مِنْ صَبَاحٍ إِلاَّ وَللهِ فِي كُلِّ عَبْدٍ مِنْ
عِبَادِه ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ لَحْظَةً، إِنْ أَخَذَ، أَخَذَ بِمَقْدِرَةٍ، وَإِنْ عَفَا، عَفَا بِحِلْمٍ، فَاحْذَرِ اللهَ.فَقَالَ: لاَ تَسْأَلُنِي شَيْئاً إِلاَّ أَعْطَيْتُكَهُ.
قَالَ: وَتَفْعَلُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: صُرْمُ الدَّهْرِ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ الحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى المَقَامِ، فَزَجَرَهُ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ، وَنَهَاهُ.
إِسْرَائِيْلُ: حَدَّثَنَا ثُوَيْرٌ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ.
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ: أَنَّهُ رَأَى ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَرْمِي الجِمَارَ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ.
وَرَوَى: الثَّوْرِيُّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَصْفَرَ بِعَرَفَةَ.
وَعَنْ رِشْدِيْنَ بنِ كُرَيْبٍ: رَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، وَيُرْخِيْهَا شِبْراً أَوْ دُوْنَهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الحنفِيَّةِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ.
وَقِيْلَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: لِمَ تَخْضِبُ؟
قَالَ: أَتَشَبَّبُ بِهِ لِلنِّسَاءِ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، قَالَ:
أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَإِذَا هُوَ مُكَحَّلٌ، مَصْبُوْغُ اللِّحْيَةِ بِحُمْرَةٍ، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ لأَبِي: بَعَثْتَنِي
إِلَى شَيْخٍ مُخَنَّثٍ؟!قَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ، ذَاكَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا رَبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَأَرَادَ أَنَّ يَتَوَضَّأَ، فَنَزَعَ خُفَّيْهِ، وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ.
قُلْتُ: هَذَا قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الإِمَامِيَّةُ، وَبِظَاهِرِ الآيَةِ، لَكِنْ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ شَرْعٌ لاَزِمٌ، بَيَّنَهُ لَنَا الرَّسُوْلُ - اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ - وَقَالَ: (وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ) ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الأُمَّةِ، وَلاَ اعْتِبَارَ بِمَنْ شَذَّ.
قَالَ رَافِضِيٌّ: فَأَنْتُم تَرَوْنَ مَسْحَ مَوْضِعَ ثَلاَثِ شَعَرَاتٍ، بَلْ شَعْرَةٌ مِنَ الرَّأْسِ يُجْزِئُ، وَالنَّصُّ فَلاَ يَحْتَمِلُ هَذَا، وَلاَ يُسَمَّى مَنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ مَاسِحاً لِرَأْسِهِ عُرْفاً، وَلاَ رَأَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِهِ اجْتَزَأَ بِذَلِكَ، وَلاَ جَوَّزَهُ.
فَالجَوَابُ: أَنَّ البَاءَ لِلتَّبْعِيْضِ فِي قَوْلِهِ: (بِرُؤُوْسِكُمْ) ، وَلَيْسَ المَوْضِعُ يَحْتَمِلُ تَقرِيْرَ هَذِهِ المَسْأَلَةِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ:
لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الحَجَّاجَ، لَمَّا قُتِل ابْنُ الزُّبَيْرِ، بَعَثَ الحَجَّاجُ إِلَيْهِ: أَنْ قَدْ قُتِلَ عَدُوُّ اللهِ، فَقَالَ: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ، بَايَعْتُ.
قَالَ: وَاللهِ لأَقْتُلَنَّكَ.
قَالَ: إِنَّ للهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاَثَ مائَةٍ وَسِتِّيْنَ نَظْرَةً، فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ قَضِيَّةً، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكْفِيْنَاكَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ.
وَكَتَبَ الحَجَّاجُ فِيْهِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بِذَلِكَ، فَأَعَجْبَ عَبْدَ المَلِكِ
قَوْلُهُ، وَكَتَبَ بِمِثْلِهَا إِلَى طَاغِيَةِ الرُّوْمِ، وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّوْمِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يَتَهَدَّدُهُ بِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوْعاً كَثِيْرَةً.وَكَتَبَ إِلَى الحَجَّاجِ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّداً لَيْسَ عِنْدَهُ خِلاَفٌ، فَارْفُقْ بِهِ، فَسَيُبَايِعُكَ.
فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، وَبَايَعَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِمُحَمَّدٍ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ، فَبَايِعْ.
فَكَتَبَ بِالبَيْعَةِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ، وَهِيَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الأُمَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتْ، اعْتَزَلْتُهُم، فَلَمَّا أَفْضَى الأَمْرُ إِلَيْكَ، وَبَايَعَكَ النَّاسُ، كُنْتُ كَرَجُلٍ مِنْهُم، فَقَدْ بَايَعْتُكَ، وَبَايَعْتُ الحَجَّاجَ لَكَ، وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُؤَمِّنَنَا، وَتُعْطِيَنَا مِيْثَاقاً عَلَى الوَفَاءِ، فَإِنَّ الغَدْرَ لاَ خَيْرَ فِيْهِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ: إِنَّكَ عِنْدَنَا مَحْمُوْدٌ، أَنْتَ أَحَبُّ إِلَيْنَا، وَأَقْرَبُ بِنَا رَحِماً مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَكَ ذِمَّةُ اللهِ وَرَسُوْلِهِ أَنْ لاَ تُهَاجَ وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: مَاتَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا زَيْدُ بنُ السَّائِبِ، قَالَ:
سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ: أَيْنَ دُفِنَ أَبُوْكَ؟
قَالَ: بِالبَقِيْعِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ، فِي المُحَرَّمِ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، فَجَاءَ أَبَانُ بنُ عُثْمَانَ وَالِي المَدِيْنَةِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَخِي: مَا تَرَى؟
فَقَالَ أَبَانٌ: أَنْتُمْ أَوْلَى بِجَنَازَتِكُمْ.
فَقُلْنَا: تَقَدَّمْ، فَصَلِّ، فَتَقَدَّمَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، سَمِعْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ يَقُوْلُ:
لِي خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، جَاوَزْتُ سِنَّ أَبِي، فَمَاتَ تِلْكَ السَّنَةَ.
وَفِيْهَا أَرَّخَهُ: أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ.وَانْفَرَدَ المَدَائِنِيُّ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
ابْنَاه
ُ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ الهَاشِمِيُّ (ع)
الإِمَامُ، أَبُو هَاشِمٍ الهَاشِمِيُّ، العَلَوِيُّ، المَدَنِيُّ.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ حَدِيْثَ تَحْرِيْمِ المُتْعَةِ.
رَوَى عَنْه: الزُهْرِيِّ، وَعَمرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ أَبُو هَاشِمٍ صَاحِبَ الشِّيْعَةِ، فَأَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ كُتُبَهُ، وَمَاتَ عِنْدَهُ، وَانْقَرَضَ عَقِبُهُ، وَأَمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : كَانَ ثِقَةً، قَلِيْلَ الحَدِيْثِ، وَكَانَتِ الشِّيْعَةُ تَنْتَحِلُهُ.
وَلَمَّا احْتُضِرَ، أَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، وَقَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأَمْرِ، وَهُوَ فِي وَلَدِكَ.
وَصَرَفَ الشِّيْعَةَ إِلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ كُتُبَهُ.
مَاتَ: فِي خِلاَفَةِ سُلَيْمَانَ.
قَالَ البُخَارِيُّ، قَالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا الزُهْرِيُّ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ أَوْثَقَهُمَا، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَتْبَعِ السَّبَائِيَّةَ.
رَوَاهُ: الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَلَفْظُهُ: كَانَ يَجْمَعُ أَحَادِيْثَ السَّبَائِيَّةِ.وَقَالَ العِجْلِيُّ: هُمَا ثِقَتَانِ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: أَنَّ أَحَدَهُمَا شِيْعِيٌّ وَالآخَرَ مُرْجِئٌ.
وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ: أَنَّ سُلَيْمَانَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ دَسَّ مَنْ سَقَى أَبَا هَاشِمٍ سُمّاً، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
قُلْتُ: مَاتَ كَهْلاً.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَوَّلُ مَنْ أَلَّفَ شَيْئاً فِي الإِرْجَاءِ.