ابْنُ قُتَيْبَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمٍ الدِّيْنَوَرِيُّ
العَلاَّمَةُ، الكَبِيْرُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمِ بنِ قُتَيْبَةَ
الدِّيْنَوَرِيُّ.وَقِيْلَ: المَرْوَزِيُّ، الكَاتِبُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
نَزَلَ بَغْدَادَ، وَصَنَّفَ وَجَمَعَ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الزِّيَادِيِّ، وَزِيَادِ بنِ يَحْيَى الحَسَّانِيِّ، وَأَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ القَاضِي؛ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، بِدِيَارِ مِصْرَ، وَعُبَيْدُ اللهِ السُّكَّرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَكْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ دُرُسْتَوَيْه النَّحْوِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً دَيِّناً فَاضِلاً.
ذِكْرُ تَصَانِيْفِهِ: (غَرِيْبُ القُرْآنِ) ، (غَرِيْبُ الحَدِيْثِ) ، كِتَابُ (المعَارِفِ) ، كِتَابُ (مُشْكِلِ القُرْآنِ) ، كِتَابُ (مُشْكِلِ الحَدِيْثِ) ، كِتَابُ (أَدَبِ الكَاتِبِ) ، كِتَابُ (عُيُوْنِ الأَخْبَارِ) ، كِتَابُ (طَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ) ، كِتَابُ (إِصْلاَحِ الغَلَطِ) ، كِتَابُ (الفَرَسِ) ، كِتَابُ (الهَجْو) ، كِتَابُ (المَسَائِلِ) ، كِتَابُ (أَعْلاَمِ النُّبُوَّةِ) ، كِتَابُ (المَيْسِرِ) ، كِتَابُ (الإِبلِ) ، كِتَابُ (الوَحْشِ) ، كِتَابُ (الرُّؤيَا) ، كِتَابُ (الفِقْهِ) ، كِتَابُ (معَانِي الشِّعْرِ) ، كِتَابُ (جَامِعِ النَّحْوِ) ، كِتَابُ (الصِّيَامِ) ، كِتَابُ (أَدَبِ القَاضِي) ، كِتَابُ (الرَّدِ عَلَى مَنْ يَقُوْلُ بِخَلْقِ القُرْآنِ) ، كِتَابُ (إِعْرَابِ
القُرْآنِ) ، كِتَابُ (القِرَاءاتِ) ، كِتَابُ (الأَنوَاءِ) ، كِتَابُ (التَّسْوِيَةِ بَيْنَ العَرَبِ وَالعَجَمِ) ، كِتَابُ (الأَشرِبَةِ ) .وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ الدِّيْنَوَرَ، وَكَانَ رَأْساً فِي عِلْمِ اللِّسَانِ العَرَبِي، وَالأَخْبَارِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ: كَانَ يَرَى رَأْيَ الكَرَّامِيَّةِ.
وَنَقَلَ صَاحِبُ (مِرْآةِ الزَّمَانِ) ، بِلاَ إِسْنَادٍ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ قَالَ:
كَانَ ابْنُ قُتَيْبَةَ يَمِيْلُ إِلَى التَّشْبِيْهِ.
قُلْتُ: هَذَا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ صَحَّ عَنْهُ، فَسُحْقاً لَهُ، فَمَا فِي الدِّيْنِ مُحَابَاةٌ.
وَقَالَ مَسْعُوْدٌ السِّجْزِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ يَقُوْلُ:أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى أَنَّ القُتَبِيَّ كَذَّابٌ.
قُلْتُ: هَذِهِ مُجَازَفَةٌ وَقِلَّةُ وَرَعٍ، فَمَا عَلِمْتُ أَحَداً اتَّهَمَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ هَذِهِ القَوْلَة، بَلْ قَالَ الخَطِيْبُ: إِنَّهُ ثِقَةٌ.
وَقَدْ أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ الحَرَّانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ السِّلَفِيَّ يُنْكِرُ عَلَى الحَاكِمِ فِي قَوْلِهِ: لاَ تَجُوْزُ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ.
وَيَقُوْلُ: ابْنُ قُتَيْبَةَ مِنَ الثِّقَاتِ، وَأَهْلِ السُّنَّةِ.
ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ الحَاكِمَ قَصْدُهُ لأَجْلِ المَذْهَبِ.
قُلْتُ: عَهْدِي بِالحَاكِمِ يَمِيْلُ إِلَى الكَرَّامِيَّةِ، ثُمَّ مَا رَأَيْتُ لأَبِي مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِ (مُشْكِلِ الحَدِيْثِ) مَا يُخَالِفُ طَرِيقَةَ المُثْبِتَةِ وَالحَنَابِلَةِ، وَمِنْ أَنَّ أَخْبَارَ الصِّفَاتِ تُمَرُّ وَلاَ تُتَأَوَّلُ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَ ابْنُهُ؛ أَحْمَدُ حُفَظَةً، فَحَفِظَ مُصَنَّفَاتِ أَبِيْهِ، وَحَدَّثَ بِهَا بِمِصْرَ لَمَّا وَلِيَ قَضَاءَهَا مِنْ حِفْظِهِ، وَاجتَمَعَ لِسَمَاعِهَا الخَلْقُ سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنَّ وَالِدَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَّنَهُ إِيَّاهَا.
وَمَا أَحسَنَ قَوْلَ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، الَّذِي سَمِعنَاهُ بِأَصَحِّ إِسْنَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُوْلُ:
مَنْ شَبَّهَ اللهُ بِخَلْقِهِ، فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ أَنْكَرَ مَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ، فَقَدْ كَفَرَ، وَلَيْسَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَلاَ رَسُوْلَهُ تَشْبِيْهاً.
قُلْتُ: أَرَادَ أَنَّ الصِّفَاتِ تَابِعَةٌ لِلمَوْصُوْفِ، فَإِذَا كَانَ المَوْصُوْفُ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّوْرَى: 11] ، فِي ذَاتِهِ المُقَدَّسَةِ، فَكَذَلِكَ
صِفَاتِهِ لاَ مِثْلَ لَهَا، إِذْ لاَ فَرْقَ بَيْنَ القَوْلِ فِي الذَّاتِ وَالقَوْلِ فِي الصِّفَاتِ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ.قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ المُنَادِي: مَاتَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُتَيْبَةَ فُجَاءةً، صَاحَ صَيْحَةً سُمِعَتْ مِنْ بُعْدٍ، ثُمَّ أُغمِيَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَكَلَ هَرِيْسَةً، فَأَصَابَ حَرَارَةً، فَبَقِيَ إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ اضطَرَبَ سَاعَةً، ثُمَّ هَدَأَ فَمَا زَالَ يَتَشَهَّدُ إِلَى السَّحَرِ، وَمَاتَ - سَامَحَهُ اللهُ - وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَالرَّجُلُ لَيْسَ بِصَاحِبِ حَدِيْثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ المَشْهُوْرِيْنَ، عِنْدَهُ فُنُوْنٌ جَمَّةٌ، وَعُلُوْمٌ مُهِمَّةٌ.
قَرَأْتُ عَلَى مُسْنِدِ حَلَبَ أَبِي سَعِيْدٍ سُنْقُرَ بنِ عَبْدِ اللهِ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ المُرَقَّعَاتِي، أَخْبَرَنَا جَدِّي لأُمِّي ثَابِتُ بنُ بُنْدَارٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ اللَّبَّانُ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَربَعِ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الهَيْثَمُ بنُ كُلَيْبٍ بِبُخَارَى سَنَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمِ بنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنِي الزِّيَادِيُّ، حَدَّثَنِي عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عبْدِ خَيْرٍ، قَالَ:
قَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَعْلَى القَدَمَ أَحَقُّ مِنْ بَاطِنِهَا، حَتَّى رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْسَحُ عَلَى قَدَمَيْهِ.
قَالَ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ: سَمِعْتُ ابْنَ قُتَيْبَةَ يَقُوْلُ:أَنَا أَكْثَرُ أَوضَاعاً مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ، لَهُ اثْنَانِ وَعِشْرُوْنَ وَضْعاً، وَلِي سَبْعَةٌ وَعِشْرُوْنَ.
ثُمَّ قَالَ قَاسِمٌ: وَلَهُ فِي الفِقْهِ كِتَابٌ، وَلَهُ عَنِ ابْنِ رَاهْوَيْه شَيْءٌ كَثِيْرٌ.
قِيْلَ لابْنِ أَصْبَغَ: فَكِتَابُهُ فِي الفِقْهِ كَانَ ينفقُ عَنْهُ؟
قَالَ: لاَ وَاللهِ، لَقَدْ ذَاكَرْتُ الطَّبَرِيَّ، وَابْنَ سُرَيْجٍ، وَكَانَا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ، وَقُلْتُ: كَيْفَ كِتَابُ ابْنِ قُتَيْبَةَ فِي الفِقْهِ؟
فَقَالاَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلاَ كِتَابُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي الفِقْهِ، أَمَا تَرَى كِتَابَهُ فِي (الأَمْوَالِ) ، وَهُوَ أَحْسَنُ كُتُبِهِ، كَيْفَ بُنِي عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ، وَاحتَجَّ بِغَيْرِ صَحِيْحٍ.
ثُمَّ قَالاَ: لَيْسَ هَؤُلاَءِ لِهَذَا، بِالحَرَى أَنْ تَصِحَّ لَهُمَا اللُّغَة، فَإِذَا أَرَدْتَ الفِقْهَ، فَكُتُبُ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُدَ وَنُظرَائِهِمَا.
قَالَ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ قُتَيْبَةَ، فَأَتَوْهُ بِأَيدِيهِم المحَابر، فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَلِّمنَا مِنْهُم.
فَقَعَدُوا، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا - رَحِمَكَ اللهُ -.
قَالَ: لَيْسَ أَنَا مِمَّنْ يُحَدِّثُ، إِنَّمَا هَذِهِ الأَوْضَاعُ، فَمَنْ أَحَبَّ؟
قَالُوا لَهُ: مَا يَحِلُّ لَكَ هَذَا، فَحَدِّثْنَا بِمَا عِنْدَك عَنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، فَإِنَّا لاَ نَجِدُ فِيْهِ إِلاَّ طَبَقَتَكَ، وَأَنْتَ
عِنْدَنَا أَوْثَقُ.قَالَ: لَسْتُ أُحَدِّثُ.
ثُمَّ قَالَ لَهُم: تَسْأَلُونِي أَنْ أُحَدِّثَ، وَبِبَغْدَادَ ثَمَانِ مائَة مُحَدِّثٍ، كُلُّهُم مِثْلُ مَشَايِخِي! لَسْتُ أَفْعَلُ.
فَلَمْ يُحَدِّثْهُم بِشَيْءٍ.
العَلاَّمَةُ، الكَبِيْرُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمِ بنِ قُتَيْبَةَ
الدِّيْنَوَرِيُّ.وَقِيْلَ: المَرْوَزِيُّ، الكَاتِبُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
نَزَلَ بَغْدَادَ، وَصَنَّفَ وَجَمَعَ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الزِّيَادِيِّ، وَزِيَادِ بنِ يَحْيَى الحَسَّانِيِّ، وَأَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ القَاضِي؛ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، بِدِيَارِ مِصْرَ، وَعُبَيْدُ اللهِ السُّكَّرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَكْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ دُرُسْتَوَيْه النَّحْوِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً دَيِّناً فَاضِلاً.
ذِكْرُ تَصَانِيْفِهِ: (غَرِيْبُ القُرْآنِ) ، (غَرِيْبُ الحَدِيْثِ) ، كِتَابُ (المعَارِفِ) ، كِتَابُ (مُشْكِلِ القُرْآنِ) ، كِتَابُ (مُشْكِلِ الحَدِيْثِ) ، كِتَابُ (أَدَبِ الكَاتِبِ) ، كِتَابُ (عُيُوْنِ الأَخْبَارِ) ، كِتَابُ (طَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ) ، كِتَابُ (إِصْلاَحِ الغَلَطِ) ، كِتَابُ (الفَرَسِ) ، كِتَابُ (الهَجْو) ، كِتَابُ (المَسَائِلِ) ، كِتَابُ (أَعْلاَمِ النُّبُوَّةِ) ، كِتَابُ (المَيْسِرِ) ، كِتَابُ (الإِبلِ) ، كِتَابُ (الوَحْشِ) ، كِتَابُ (الرُّؤيَا) ، كِتَابُ (الفِقْهِ) ، كِتَابُ (معَانِي الشِّعْرِ) ، كِتَابُ (جَامِعِ النَّحْوِ) ، كِتَابُ (الصِّيَامِ) ، كِتَابُ (أَدَبِ القَاضِي) ، كِتَابُ (الرَّدِ عَلَى مَنْ يَقُوْلُ بِخَلْقِ القُرْآنِ) ، كِتَابُ (إِعْرَابِ
القُرْآنِ) ، كِتَابُ (القِرَاءاتِ) ، كِتَابُ (الأَنوَاءِ) ، كِتَابُ (التَّسْوِيَةِ بَيْنَ العَرَبِ وَالعَجَمِ) ، كِتَابُ (الأَشرِبَةِ ) .وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ الدِّيْنَوَرَ، وَكَانَ رَأْساً فِي عِلْمِ اللِّسَانِ العَرَبِي، وَالأَخْبَارِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ: كَانَ يَرَى رَأْيَ الكَرَّامِيَّةِ.
وَنَقَلَ صَاحِبُ (مِرْآةِ الزَّمَانِ) ، بِلاَ إِسْنَادٍ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ قَالَ:
كَانَ ابْنُ قُتَيْبَةَ يَمِيْلُ إِلَى التَّشْبِيْهِ.
قُلْتُ: هَذَا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ صَحَّ عَنْهُ، فَسُحْقاً لَهُ، فَمَا فِي الدِّيْنِ مُحَابَاةٌ.
وَقَالَ مَسْعُوْدٌ السِّجْزِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ يَقُوْلُ:أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى أَنَّ القُتَبِيَّ كَذَّابٌ.
قُلْتُ: هَذِهِ مُجَازَفَةٌ وَقِلَّةُ وَرَعٍ، فَمَا عَلِمْتُ أَحَداً اتَّهَمَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ هَذِهِ القَوْلَة، بَلْ قَالَ الخَطِيْبُ: إِنَّهُ ثِقَةٌ.
وَقَدْ أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ الحَرَّانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ السِّلَفِيَّ يُنْكِرُ عَلَى الحَاكِمِ فِي قَوْلِهِ: لاَ تَجُوْزُ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ.
وَيَقُوْلُ: ابْنُ قُتَيْبَةَ مِنَ الثِّقَاتِ، وَأَهْلِ السُّنَّةِ.
ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ الحَاكِمَ قَصْدُهُ لأَجْلِ المَذْهَبِ.
قُلْتُ: عَهْدِي بِالحَاكِمِ يَمِيْلُ إِلَى الكَرَّامِيَّةِ، ثُمَّ مَا رَأَيْتُ لأَبِي مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِ (مُشْكِلِ الحَدِيْثِ) مَا يُخَالِفُ طَرِيقَةَ المُثْبِتَةِ وَالحَنَابِلَةِ، وَمِنْ أَنَّ أَخْبَارَ الصِّفَاتِ تُمَرُّ وَلاَ تُتَأَوَّلُ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَ ابْنُهُ؛ أَحْمَدُ حُفَظَةً، فَحَفِظَ مُصَنَّفَاتِ أَبِيْهِ، وَحَدَّثَ بِهَا بِمِصْرَ لَمَّا وَلِيَ قَضَاءَهَا مِنْ حِفْظِهِ، وَاجتَمَعَ لِسَمَاعِهَا الخَلْقُ سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنَّ وَالِدَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ لَقَّنَهُ إِيَّاهَا.
وَمَا أَحسَنَ قَوْلَ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، الَّذِي سَمِعنَاهُ بِأَصَحِّ إِسْنَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُوْلُ:
مَنْ شَبَّهَ اللهُ بِخَلْقِهِ، فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ أَنْكَرَ مَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ، فَقَدْ كَفَرَ، وَلَيْسَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَلاَ رَسُوْلَهُ تَشْبِيْهاً.
قُلْتُ: أَرَادَ أَنَّ الصِّفَاتِ تَابِعَةٌ لِلمَوْصُوْفِ، فَإِذَا كَانَ المَوْصُوْفُ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّوْرَى: 11] ، فِي ذَاتِهِ المُقَدَّسَةِ، فَكَذَلِكَ
صِفَاتِهِ لاَ مِثْلَ لَهَا، إِذْ لاَ فَرْقَ بَيْنَ القَوْلِ فِي الذَّاتِ وَالقَوْلِ فِي الصِّفَاتِ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ.قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ المُنَادِي: مَاتَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُتَيْبَةَ فُجَاءةً، صَاحَ صَيْحَةً سُمِعَتْ مِنْ بُعْدٍ، ثُمَّ أُغمِيَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَكَلَ هَرِيْسَةً، فَأَصَابَ حَرَارَةً، فَبَقِيَ إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ اضطَرَبَ سَاعَةً، ثُمَّ هَدَأَ فَمَا زَالَ يَتَشَهَّدُ إِلَى السَّحَرِ، وَمَاتَ - سَامَحَهُ اللهُ - وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَالرَّجُلُ لَيْسَ بِصَاحِبِ حَدِيْثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ المَشْهُوْرِيْنَ، عِنْدَهُ فُنُوْنٌ جَمَّةٌ، وَعُلُوْمٌ مُهِمَّةٌ.
قَرَأْتُ عَلَى مُسْنِدِ حَلَبَ أَبِي سَعِيْدٍ سُنْقُرَ بنِ عَبْدِ اللهِ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ المُرَقَّعَاتِي، أَخْبَرَنَا جَدِّي لأُمِّي ثَابِتُ بنُ بُنْدَارٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ اللَّبَّانُ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَربَعِ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الهَيْثَمُ بنُ كُلَيْبٍ بِبُخَارَى سَنَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمِ بنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنِي الزِّيَادِيُّ، حَدَّثَنِي عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عبْدِ خَيْرٍ، قَالَ:
قَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَعْلَى القَدَمَ أَحَقُّ مِنْ بَاطِنِهَا، حَتَّى رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْسَحُ عَلَى قَدَمَيْهِ.
قَالَ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ: سَمِعْتُ ابْنَ قُتَيْبَةَ يَقُوْلُ:أَنَا أَكْثَرُ أَوضَاعاً مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ، لَهُ اثْنَانِ وَعِشْرُوْنَ وَضْعاً، وَلِي سَبْعَةٌ وَعِشْرُوْنَ.
ثُمَّ قَالَ قَاسِمٌ: وَلَهُ فِي الفِقْهِ كِتَابٌ، وَلَهُ عَنِ ابْنِ رَاهْوَيْه شَيْءٌ كَثِيْرٌ.
قِيْلَ لابْنِ أَصْبَغَ: فَكِتَابُهُ فِي الفِقْهِ كَانَ ينفقُ عَنْهُ؟
قَالَ: لاَ وَاللهِ، لَقَدْ ذَاكَرْتُ الطَّبَرِيَّ، وَابْنَ سُرَيْجٍ، وَكَانَا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ، وَقُلْتُ: كَيْفَ كِتَابُ ابْنِ قُتَيْبَةَ فِي الفِقْهِ؟
فَقَالاَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلاَ كِتَابُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي الفِقْهِ، أَمَا تَرَى كِتَابَهُ فِي (الأَمْوَالِ) ، وَهُوَ أَحْسَنُ كُتُبِهِ، كَيْفَ بُنِي عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ، وَاحتَجَّ بِغَيْرِ صَحِيْحٍ.
ثُمَّ قَالاَ: لَيْسَ هَؤُلاَءِ لِهَذَا، بِالحَرَى أَنْ تَصِحَّ لَهُمَا اللُّغَة، فَإِذَا أَرَدْتَ الفِقْهَ، فَكُتُبُ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُدَ وَنُظرَائِهِمَا.
قَالَ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ قُتَيْبَةَ، فَأَتَوْهُ بِأَيدِيهِم المحَابر، فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَلِّمنَا مِنْهُم.
فَقَعَدُوا، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا - رَحِمَكَ اللهُ -.
قَالَ: لَيْسَ أَنَا مِمَّنْ يُحَدِّثُ، إِنَّمَا هَذِهِ الأَوْضَاعُ، فَمَنْ أَحَبَّ؟
قَالُوا لَهُ: مَا يَحِلُّ لَكَ هَذَا، فَحَدِّثْنَا بِمَا عِنْدَك عَنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، فَإِنَّا لاَ نَجِدُ فِيْهِ إِلاَّ طَبَقَتَكَ، وَأَنْتَ
عِنْدَنَا أَوْثَقُ.قَالَ: لَسْتُ أُحَدِّثُ.
ثُمَّ قَالَ لَهُم: تَسْأَلُونِي أَنْ أُحَدِّثَ، وَبِبَغْدَادَ ثَمَانِ مائَة مُحَدِّثٍ، كُلُّهُم مِثْلُ مَشَايِخِي! لَسْتُ أَفْعَلُ.
فَلَمْ يُحَدِّثْهُم بِشَيْءٍ.