محمد بن شهاب الزهري الامام العالم المشهور ومشهور به وقد قبل الائمة قوله عن.
Burhān al-Dīn al-Ḥalabī (d. 1438 CE) - al-Tabyīn li-asmāʾ al-mudallisīn - برهان الدين الحلبي - التبيين لأسماء المدلسين
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
ز
س
ش
ط
ع
ق
ل
م
ه
ي
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 93 2. أبو حرة الرقاشي3 3. أبو سعد البقال5 4. أبو قلابة عبد اللبن زيد الجرمي1 5. إبراهيم بن يزيد النخعي6 6. إسماعيل بن أبي خالد5 7. ابن شهاب الزهري48. الحسن بن أبي الحسن البصري3 9. الحسن بن ذكوان9 10. الحسن بن مسعود بن الحسن أبو علي بن الوزير الدمشقي...2 11. الحسين بن واقد المروزي4 12. الحكم بن عتيبة13 13. المبارك بن فضالة6 14. الوليد بن مسلم الدمشقي3 15. بشير بن المهاجر الغنوي4 16. بقية بن الوليد8 17. بكير بن سليمان الكوفي1 18. تليد بن سليمان رايته1 19. ثور بن يزيد4 20. جبير بن نفير3 21. حبيب بن أبي ثابت9 22. حجاج بن أرطاة6 23. حسين بن عطاء بن يسار2 24. حفص بن غياث الكوفي3 25. حميد الطويل9 26. حميد بن الربيع بن مالك بن سجين اللخمي الخزاز...1 27. خارجة بن مصعب الخراساني2 28. زكريا بن أبي زائدة7 29. سالم بن أبي الجعد6 30. سعيد بن أبي عروبة10 31. سعيد بن المرزبان3 32. سعيد بن عبد العزيز2 33. سفيان الثوري4 34. سفيان بن عيينة18 35. سليمان التيمي8 36. سليمان بن داود أبو داود الطيالسي محمد بن المنهال...1 37. سليمان بن مهران الأعمش6 38. سويد بن سعيد الحدثاني6 39. شباك الضبي6 40. شريك بن عبد الله النخعي القاضي5 41. شعيب بن أيوب الصريفيني3 42. طاوس بن كيسان الفقيه1 43. طلحة بن نافع أبو سفيان4 44. عاصم بن عمر بن قتادة الظفري العلامة1 45. عباد بن منصور الناجي5 46. عبد الجليل بن عطية القيسي3 47. عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي2 48. عبد الرحمن بن محمد المحاربي11 49. عبد الله بن أبي نجيح المكي2 50. عبد الله بن لهيعة7 51. عبد الله بن مروان الحراني1 52. عبد الله بن معاوية بن عاصم2 53. عبد الملك بن جريج الامام المشهور مكثر منه...1 54. عبد الملك بن عمير12 55. عبد الوهاب بن عطاء الخفاف10 56. عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي المؤدب1 57. عكرمة بن خالد3 58. عكرمة بن عمار9 59. علي بن غالب النهودي1 60. علي بن غراب أبو الحسن الكوفي2 61. عمر بن علي المقدمي4 62. عمرو بن عيد الله أبو الحسن السبيعي1 63. عيسى بن موسى أبو أحمد التيمي1 64. قتادة بن دعامة السدوسي5 65. لاحق بن حميد السدوسي أبو مجلز1 66. محرز بن عبد الله أبو رجاء1 67. محمد بن إسحاق بن يسار4 68. محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المثيرة...1 69. محمد بن الحسين البخاري3 70. محمد بن خازم أبو معاوية الضرير3 71. محمد بن صدقة الفدكي أبو عبد الله3 72. محمد بن عبد الرحمن الطفاوي8 73. محمد بن عبد الملك الواسطي الكبير1 74. محمد بن عجلان المدني5 75. محمد بن عيسى بن الطباع4 76. محمد بن عيسى بن سميع2 77. محمد بن محمد بن سليمان الباغندي1 78. محمد بن مسلم أبو الزبير المكي1 79. مروان بن معاوية الفزاري6 80. مسلم بن الحجاج بن مسلم2 81. مصعب بن سعيد1 82. مغيرة بن مقسم الضبي4 83. مكحول الدمشقي5 84. موسى بن عقبة10 85. ميمون بن أبي شبيب متكلم1 86. ميمون بن موسى المرئي4 87. هشام بن عروة11 88. هشيم بن بشير7 89. يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي6 90. يحيى بن أبي كثير4 91. يحيى بن سعيد الانصاري5 92. يزيد بن أبي مالك4 93. يعقوب بن عطاء بن أبي رباح4 ◀ Prev. 100
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Burhān al-Dīn al-Ḥalabī (d. 1438 CE) - al-Tabyīn li-asmāʾ al-mudallisīn - برهان الدين الحلبي - التبيين لأسماء المدلسين are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155958&book=5567#210be3
ابْنُ إِسْحَاقَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارِ بنِ خِيَارٍ الأَخْبَارِيُّ
وَقِيْلَ: ابْنُ كُوْثَانَ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، الأَخْبَارِيُّ، أَبُو بَكْرٍ -
وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ - القُرَشِيُّ، المُطَّلِبِيُّ مَوْلاَهُم، المَدَنِيُّ، صَاحِبُ (السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ) .
وَكَانَ جَدُّهُ يَسَارٌ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ، فِي دَوْلَةِ خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ مَوْلَى قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.وُلِدَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
وَرَأَى: أَنَسَ بنَ مَالِكٍ بِالمَدِيْنَةِ، وَسَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَمِّه؛ مُوْسَى بنِ يَسَارٍ.
وَعَنْ: أَبَانِ بنِ عُثْمَانَ - فِيْمَا قِيْلَ -.
وَعَنْ: بُشَيْرِ بنِ يَسَارٍ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وَأَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بنِ نَافِعٍ، وَعَبَّاسِ بن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ، وَمَكْحُوْلٍ الهُذَلِيِّ، وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - إِنْ صَحَّ - وَفَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَمَعْبَدِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ - فِيْمَا قِيْلَ - وَعِكْرِمَةَ بنِ خَالِدٍ المَخْزُوْمِيِّ، وَسَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَسَعِيْدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ السَّبَّاقِ، وَعَاصِمِ بنِ عَمْرِو بنِ قَتَادَةَ، وَصَدَقَةَ بنِ يَسَارٍ، وَالصَّلْتِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نَوْفَلِ بنِ الحَارِثِ الهَاشِمِيِّ، وَعُبَادَةَ بنِ الوَلِيْدِ بنِ عُبَادَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ النَّخَعِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ يَزِيْدَ بنِ رُكَانَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ، وَنُبَيْهِ بنِ وَهْبٍ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، وَيَعْقُوْبَ بنِ عُتْبَةَ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ الحَنْظَلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ سُحَيْمٍ، وَابْنِ طَاوُوْسٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
إِلَى أَنْ يَنْزِلَ إِلَى: صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ السَّائِبِ الكَلْبِيِّ، وَرَوْحِ بنِ القَاسِمِ، وَشُعْبَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ العِلْمَ بِالمَدِيْنَةِ، وَذَلِكَ قَبْلَ مَالِكٍ وَذَوِيْهِ، وَكَانَ فِي العِلْمِ بَحْراً عَجَّاجاً، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِالمُجَوِّدِ كَمَا يَنْبَغِي.حَدَّثَ عَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ - شَيْخُهُ - وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ - وَهُمَا مِنَ التَّابِعِيْنَ وِفَاقاً - وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالحَمَّادَانِ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَهُشَيْمٌ، وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وَأَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، وَيَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَمُوْسَى بنُ أَعْيَنَ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ - وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ - وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، وَابْنُ إِدْرِيْسَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَزِيَادٌ البَكَّائِيُّ، وَسَلَمَةُ الأَبْرَشُ، وَسَعْدَانُ بنُ يَحْيَى، وَعَبْدُ الأَعْلَى السَّامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ الحَرَّانِيُّ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الوَاسِطِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَيُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، وَيَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ، وَأَخُوْهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، وَأَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بنُ وَاضِحٍ، وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم يَشُقُّ اسْتِقصَاؤُهُم، وَيَبعُدُ إِحصَاؤُهُم.
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: يَسَارٌ مَوْلَى قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ، مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ، وَهُوَ أَوَّلُ سَبْيٍ دَخَلَ المَدِيْنَةَ مِنَ العِرَاقِ.
وَرَوَى: سَلَمَةُ بنُ الفَضْلِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:
رَأَيتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَالصِّبْيَانُ يَشتَدُّونَ، وَيَقُوْلُوْنَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَمُوتُ حَتَّى يَلْقَى الدَّجَّالَ.
مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ: عَنْ جَرِيْرٍ، قَالَ: رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
قَالَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، حَسَنَ الحَدِيْثِ.
فَقُلْتُ: إِنَّهُم يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ رَأَى سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ؟
فَقَالَ: إِنَّهُ لَقَدِيْمٌ.وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
قَدْ سَمِعَ أَبَانَ بنَ عُثْمَانَ، وَمِنْ عَطَاءٍ، وَمِنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمِنَ القَاسِمِ.
قَالَ: وَسَمِعَ مِنْ: مَكْحُوْلٍ، وَمِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
لاَ يَزَالُ بِالمَدِيْنَةِ عِلْمٌ مَا بَقِيَ هَذَا - عَنَى: ابْنَ إِسْحَاقَ -.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَدَارُ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِتَّةٌ: ... ، فَذَكَرهُم، ثُمَّ قَالَ:
فَصَارَ عِلْمُ السِّتَّةِ عِنْدَ اثْنَيْ عَشَرَ: أَحَدُهُم مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
رَأَيتُ الزُّهْرِيَّ أَتَاهُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، فَاسْتَبطَأَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ؟
قَالَ: وَهَلْ يَصِلُ إِلَيْكَ أَحَدٌ مَعَ حَاجِبِكَ؟
قَالَ: فَدَعَا حَاجِبَهُ، فَقَالَ لَهُ: لاَ تَحْجِبْهُ إِذَا جَاءَ.
وَقَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ:
سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُوْلُ: لاَ يَزَالُ بِالمَدِيْنَةِ عِلْمٌ جَمٌّ مَا دَامَ فِيْهِمُ ابْنُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ عَلِيٌّ: عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ - وَسُئِلَ عَنْ مَغَازِيه - فَقَالَ: هَذَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا -يَعْنِي: ابْنَ إِسْحَاقَ-.
وَرَوَى: حَرْمَلَةُ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ:
مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَبَحَّرَ فِي المَغَازِي، فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ:
قَالَ عَاصِمُ بنُ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ: لاَ يَزَالُ فِي النَّاسِ عِلْمٌ مَا عَاشَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ.
ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ مَعْرُوْفٍ، سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ، فَكَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ أَوْ أَكْثَرُ، فَاسْتَودَعَهَا عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: احْفَظْهَا عَلَيَّ، فَإِنْ نَسِيتُهَا، كُنْتَ قَدْ حَفِظتَهَا عَلَيَّ.قَالَ الخَلِيْلِيُّ: قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ الحَافِظُ:
كَيْفَ لاَ يَكُوْنُ ابْنُ إِسْحَاقَ ثِقَةً، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الأَعْرَجِ، وَيَرْوِي عَنْهُ، ثُمَّ يَرْوِي عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، عَنْهُ، ثُمَّ يَرْوِي عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْهُ؟
ثُمَّ قَالَ الخَلِيْلِيُّ: رَوَى عَنِ: ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ أُسْتَاذَيْهِ: الزُّهْرِيُّ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، وَعُقَيْلٌ، وَيُوْنُسُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ - وَرَأَى ابْنَ إِسْحَاقَ مُقْبِلاً -:
لاَ يَزَالُ بِالحِجَازِ عِلْمٌ كَثِيْرٌ مَا دَامَ هَذَا الأَحْوَلُ.
النُّفَيْلِيُّ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ فَائِدٍ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، فَأَخَذَ فِي فَنٍّ مِنَ العِلْمِ، قَضَى مَجْلِسَه فِي ذَلِكَ الفَنِّ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ فِي المَغَازِي عَلاَّمَةً.
قَالَ المَيْمُوْنِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بِحَدِيْثٍ اسْتَحسَنَهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقُلْتُ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! مَا أَحْسَنَ هَذِهِ القَصَصَ الَّتِي يَجِيْءُ بِهَا ابْنُ إِسْحَاقَ!
فَتَبَسَّمَ إِلَيَّ مُتَعَجِّباً.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ - وَسُئِلَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ -: لِمَ لَمْ يَروِ أَهْلُ المَدِيْنَةِ عَنْهُ؟
فَقَالَ: جَالَسْتُ ابْنَ إِسْحَاقَ مُنْذُ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَمَا يَتَّهِمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَلاَ يَقُوْلُ فِيْهِ شَيْئاً.
فَقُلْتُ لَهُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُجَالِسُ فَاطِمَةَ بِنْتَ المُنْذِرِ؟
فَقَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ، وَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الذَّهَبِيِّ : هُوَ صَادِقٌ فِي ذَلِكَ بِلاَ رَيْبٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ البَاهِلِيُّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ يَقُوْلُ: تَحدَّثَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ امْرَأَتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، وَاللهِ إِنْ رَآهَا قَطُّ.
قُلْتُ: هِشَامٌ صَادِقٌ فِي يَمِيْنِه، فَمَا رَآهَا، وَلاَ زَعَمَ الرَّجُلُ أَنَّهُ رَآهَا، بَلْ ذَكرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْه، وَقَدْ سَمِعْنَا مِنْ عِدَّةِ نِسْوَةٍ، وَمَا رَأَيْتُهُنَّ.
وَكَذَلِكَ رَوَى عِدَّةٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ عَنْ عَائِشَةَ، وَمَا رَأَوْا لَهَا صُوْرَةً أَبَداً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِحَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: وَلِمَ يُنْكِرُ هِشَامٌ؟ لَعَلَّهُ جَاءَ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا، فَأَذِنَتْ لَهُ -يَعْنِي: وَلَمْ يَعْلَمْ-.
قَالَ الأَثْرَمُ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: هُوَ حَسَنُ الحَدِيْثِ.
ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ، وَذَكَرَهُ، فَقَالَ: دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: ذَكرَ بَعْضُهُم: أَنَّ مَالِكاً عَابَه جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي زَمَانِهِ بِإِطلاَقِ لِسَانِه فِي قَوْمٍ مَعْرُوْفِيْنَ بِالصَّلاَحِ، وَالدِّيَانَةِ، وَالثِّقَةِ، وَالأَمَانَةِ.
قُلْتُ: كَلاَّ، مَا عَابَهُم إِلاَّ وَهُم عِنْدَهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُثَابٌ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ أَخْطَأَ اجْتِهَادُه - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ -.
ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ: أَنْبَأَنَا البَرْقَانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الآدَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الإِيَادِيُّ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحٍ، قَالَ:
قَالَ لِي مَالِكٌ: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ كَذَّابٌ.
قَالَ أَحْمَدُ - وَهُوَ الأَثْرَمُ
إِنْ شَاءَ اللهُ -: فَسَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، فَقَالَ:عَسَى أَرَادَ فِي الكَلاَمِ، أَمَّا فِي الحَدِيْثِ فَثِقَةٌ، وَهُوَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ.
قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَابْنُ المَاجَشُوْنِ، وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ يَتَكَلَّمُوْنَ فِي مَالِكٍ، وَكَانَ أَشَدَّهُم فِيْهِ كَلاَماً مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، كَانَ يَقُوْلُ: ائْتُونِي بِبَعْضِ كُتُبِه حَتَّى أُبَيِّنَ عُيُوبَه، أَنَا بَيْطَارُ كُتُبِه.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَمَّا كَلاَمُ مَالِكٍ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ فَمَشْهُوْرٌ، وَأَمَّا حِكَايَةُ ابْنِ فُلَيْحٍ عَنْهُ فِي هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، فَلَيْسَتْ بِالمَحْفُوْظَةِ، وَرَاوِيهَا عَنِ ابْنِ المُنْذِر لاَ يُعرَفُ.
قُلْتُ: فَهِيَ مَرْدُوْدَةٌ.
وَقَدْ أَمْسَكَ عَنِ الاحْتِجَاجِ بِرِوَايَاتِ ابْنِ إِسْحَاقَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ العُلَمَاءِ، لأَشْيَاءَ مِنْهَا: تَشَيُّعُه، وَنُسِبَ إِلَى القَدَرِ، وَيُدَلِّسُ فِي حَدِيْثِهِ، فَأَمَّا الصِّدْقُ فَلَيْسَ بِمَدْفُوْعٍ عَنْهُ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: رَأَيتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ اللهِ يَحتَجُّ بِحَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
وذَكَرَ عَنْ سُفْيَانَ: أَنَّهُ مَا رَأَى أَحَداً يَتَّهِمُهُ.
قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ:
أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ تَلَقَّفَ المَغَازِيَ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِيْمَا يُحَدِّثُه عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ، وَالَّذِي يُذكَرُ عَنْ مَالِكٍ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ، لاَ يَكَادُ يَتَبَيَّنُ، وَكَانَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ مِنْ أَتْبَعِ مَنْ رَأَينَا لِمَالِكٍ، أَخْرَجَ إِلَيَّ كُتُبَ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيْهِ فِي المَغَازِي وَغَيْرِهَا، فَانْتخَبتُ مِنْهَا كَثِيْراً.
قَالَ: وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَمْزَةَ: كَانَ عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَحَوٌ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلفَ حَدِيْثٍ فِي الأَحكَامِ، سِوَى المَغَازِي.
قُلْتُ: يَعْنِي بِتِكرَارِ طُرُقِ الأَحَادِيْثِ، فَأَمَّا المُتُوْنُ الأَحكَامِيَّةُ الَّتِي رَوَاهَا، فَمَا تَبلُغُ عُشْرَ ذَلِكَ.وَذَكَرَ البُخَارِيُّ هُنَا فَصلاً حَسَناً عَنْ رِجَالِهِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، فَقَدْ أَكْثَرَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
قَالَ البُخَارِيُّ: وَلَوْ صَحَّ عَنْ مَالِكٍ تَنَاوُلُهُ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَلَرُبَّمَا تَكَلَّمَ الإِنْسَانُ، فَيَرْمِي صَاحِبَهُ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَلاَ يَتَّهِمُهُ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا.
قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ فُلَيْحٍ:
نَهَانِي مَالِكٌ عَنْ شَيْخَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُمَا فِي (المُوَطَّأِ) ، وَهُمَا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِمَا، وَلَمْ يَنجُ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ كَلاَمِ بَعْضِ النَّاسِ فِيْهِم، نَحْوَ مَا يُذْكَرُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ مِنْ كَلاَمِه فِي الشَّعْبِيِّ، وَكَلاَمِ الشَّعْبِيِّ فِي عِكْرِمَةَ، وَفِيْمَنْ كَانَ قَبْلَهُم، وَتَنَاوَلَ بَعْضُهُم فِي العِرْضِ وَالنَّفْسِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ أَهْلُ العِلْمِ فِي هَذَا النَّحوِ إِلاَّ بِبَيَانٍ وَحُجَّةٍ، وَلَمْ تَسقُطْ عَدَالَتُهُم إِلاَّ بِبُرْهَانٍ ثَابِتٍ، وَحُجَّةٍ، وَالكَلاَمُ فِي هَذَا كَثِيْرٌ.
قُلْتُ: لَسْنَا نَدَّعِي فِي أَئِمَّةِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ العِصْمَةَ مِنَ الغَلَطِ النَّادِرِ، وَلاَ مِنَ الكَلاَمِ بنَفَسٍ حَادٍّ فِيْمَنْ بَيْنَهُم وَبَيْنَهُ شَحنَاءُ وَإِحْنَةٌ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كَثِيْراً مِنْ كَلاَمِ الأَقْرَانِ بَعْضِهِم فِي بَعْضٍ مُهدَرٌ، لاَ عِبْرَةَ بِهِ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا وَثَّقَ
الرَّجُلَ جَمَاعَةٌ يَلُوحُ عَلَى قَوْلِهُمُ الإِنصَافُ.وَهَذَانِ الرَّجُلاَنِ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ نَالَ مِنْ صَاحِبِه، لَكِنْ أَثَّرَ كَلاَمُ مَالِكٍ فِي مُحَمَّدٍ بَعْضَ اللِّيْنِ، وَلَمْ يُؤثِّرْ كَلاَمُ مُحَمَّدٍ فِيْهِ وَلاَ ذَرَّةٍ، وَارتَفَعَ مَالِكٌ، وَصَارَ كَالنَّجمِ، فَلَهُ ارْتفَاعٌ بِحَسْبِهِ، وَلاَ سِيَّمَا فِي السِّيَرِ، وَأَمَّا فِي أَحَادِيْثِ الأَحكَامِ، فَيَنحَطُّ حَدِيْثُه فِيْهَا عَنْ رُتْبَةِ الصِّحَّةِ إِلَى رُتْبَةِ الحَسَنِ، إِلاَّ فِيْمَا شَذَّ فِيْهِ، فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُنْكَراً، هَذَا الَّذِي عِنْدِي فِي حَالِهِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ أَمِيْرُ المُحَدِّثِيْنَ لِحِفْظِهِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: نَظَرْتُ فِي كُتُبِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَمَا وَجَدْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ فِي حَدِيْثَيْنِ، وَيُمكِنُ أَنْ يَكُوْنَا صَحِيْحَيْنِ.
وَقَالَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ: الَّذِي يُذكَرُ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ مِنْ قَوْلِهِ: كَيْفَ يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَتِي؟ لَوْ صَحَّ هَذَا مِنْ هِشَامٍ، لَجَازَ أَنْ تَكتُبَ إِلَيْهِ، فَإِنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ يَرَوْنَ الكِتَابَ جَائِزاً:
لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ لأَمِيْرِ السَّرِيَّةِ كِتَاباً، فَقَالَ لَهُ: (لاَ تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ كَذَا وَكَذَا) .
فَلَمَّا بَلَغَهُ، قَرَأَهُ، وَعَمِلَ بِهِ. وَكَذَلِكَ
الخُلَفَاءُ وَالأَئِمَّةُ يُفْضُونَ بِكِتَابِ بَعْضِهِم إِلَى بَعْضٍ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُوْنَ سَمِعَ مِنْهَا وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ فِي غَيْبَةِ زَوْجِهَا.قُلْتُ: ذَاكَ الظَّنُّ بِهِمَا، كَمَا أَخَذَ خَلْقٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ عَنِ الصَّحَابِيَّاتِ، مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُوْنَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَرَآهَا وَهُوَ صَبِيٌّ، فَحَفِظَ عَنْهَا، مَعَ احْتمَالِ أَنْ يَكُوْنَ أَخَذَ عَنْهَا حِيْنَ كَبِرَتْ وَعَجِزَتْ، وَكَذَا يَنْبَغِي، فَإِنَّهَا أَكْبَرُ مِنْ هِشَامٍ بِأَزْيَدَ مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ.
فَقَدْ سَمِعَتْ مِنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ، وَلَمَّا رَوَتْ لابْنِ إِسْحَاقَ، كَانَ لَهَا قَرِيْبٌ مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ رَجُلٌ قَدِ اجْتَمَعَ الكُبَرَاءُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى الأَخْذِ عَنْهُ، مِنْهُم: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالحَمَّادَانِ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَقَدِ اخْتَبَرَهُ أَهْلُ الحَدِيْثِ، فَرَأَوْا صِدْقاً وَخَيْراً، مَعَ مَدْحِ ابْنِ شِهَابٍ لَهُ.
وَقَدْ ذَاكَرتُ دُحَيْماً قَوْلَ مَالِكٍ، فَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْحَدِيْثِ، إِنَّمَا هُوَ لأَنَّهُ اتُّهِمَ بِالقَدَرِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ، النَّاسُ يَشْتَهُوْنَ حَدِيْثَهُ، وَكَانَ يُرْمَى بِغَيْرِ نَوعٍ مِنَ البِدَعِ.وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ: عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ:
كُنَّا فِي مَجْلِسِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَتَعَلَّمُ، فَأَغْفَى إِغْفَاءةً، فَقَالَ: إِنِّيْ رَأَيتُ فِي المَنَامِ السَّاعَةَ، كَأَنَّ إِنْسَاناً دَخَلَ المَسْجِدَ وَمَعَهُ حَبلٌ، فَوَضَعَهُ فِي عُنُقِ حِمَارٍ، فَأَخْرَجَهُ، فَمَا لَبِثْنَا أَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ رَجُلٌ مَعَهُ حَبلٌ، حَتَّى وَضَعَهُ فِي عُنُقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَأَخْرَجَهُ.
قَالَ: فَذُهِبَ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ، فَجُلِدَ.
قَالَ الزُّبَيْرِيُّ: مَنْ أَجْلِ القَدَرِ.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ بنِ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُرمَى بِالقَدَرِ، وَكَانَ أَبعَدَ النَّاسِ مِنْهُ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ نُمَيْرٍ - وَذُكِرَ ابْنُ إِسْحَاقَ - فَقَالَ:
إِذَا حَدَّثَ عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ مِنَ المَعْرُوْفِيْنَ، فَهُوَ حَسَنُ الحَدِيْثِ، صَدُوْقٌ، وَإِنَّمَا أُتِيَ مِنْ أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنِ المَجْهُوْلِيْنَ أَحَادِيْثَ بَاطِلَةً.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ البُخَارِيُّ الحَافِظُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ:
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ لَهُ أَلفُ حَدِيْثٍ يَنْفَرِدُ بِهَا، لاَ يُشَارِكُه فِيْهَا أَحَدٌ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ الجَلاَّبُ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ: تَكَلَّمَ أَحَدٌ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ؟
فَقَالَ: أَمَّا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، فَكَانَ يَقُوْلُ -يَعْنِي: عَنِ الزُّهْرِيِّ-:
لاَ يَزَالُ بِالمَدِيْنَةِ عِلْمٌ مَا عَاشَ هَذَا الغُلاَمُ -يَعْنِي: ابْنَ إِسْحَاقَ- وَلَكِنْ حَدَّثَنِي مُصْعَبٌ، قَالَ: كَانُوا يَطعَنُوْنَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الحَدِيْثِ.وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَأَلْتُ عَلِيّاً: كَيْفَ حَدِيْثُ ابْنِ إِسْحَاقَ عِنْدَك، صَحِيْحٌ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، حَدِيْثُه عِنْدِي صَحِيْحٌ.
قُلْتُ: فَكَلاَمُ مَالِكٍ فِيْهِ؟
قَالَ: مَالِكٌ لَمْ يُجَالِسْهُ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَأَيَّ شَيْءٍ حَدَّثَ بِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالمَدِيْنَةِ؟!
قُلْتُ: فَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، قَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ؟
فَقَالَ عَلِيٌّ: الَّذِي قَالَ هِشَامٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، لَعَلَّهُ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِه وَهُوَ غُلاَمٌ، فَسَمِعَ مِنْهَا، إِنَّ حَدِيْثَه لَيُتَبَيَّنُ فِيْهِ الصِّدْقُ، يَرْوِي مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، وَمَرَّةً: ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ، وَيَرْوِي عَنْ رَجُلٍ، عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ : (صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ ) ، وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ: (فِي سَلَفٍ وَبَيْعٍ ) ، وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ عَمْرٍو.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ أَجِدْ لابْنِ إِسْحَاقَ إِلاَّ حَدِيْثَينِ مُنْكَرَيْنِ:نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُم يَوْمَ الجُمُعَةِ... ) .
وَالزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ : (إِذَا مَسَّ أَحَدُكُم فَرْجَهُ... ) .
هَذَانِ لَمْ يَرْوِهِمَا عَنْ أَحَدٍ، وَالبَاقُوْنَ يَقُوْلُ: ذَكَرَ فُلاَنٌ، وَلَكِنَّ هَذَا فِيْهِ: حَدَّثَنَا.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ أَيْضاً: سَمِعْتُ بَعْضَ وَلَدِ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ - وَكَانَ مُلاَزِماً لِعَلِيٍّ - قَالَ:
سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: وَقَعَ إِلَيَّ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ شَيْءٌ، فَمَا أَنْكَرتُ مِنْهُ إِلاَّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ، ظَنَنْتُ أَنَّ بَعْضَه مِنْهُ، وَبَعْضَه لَيْسَ مِنْهُ.
أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَشْتَهِي الحَدِيْثَ، فَيَأْخُذُ كُتُبَ النَّاسِ، فَيَضَعُهَا فِي كُتُبِه.قُلْتُ: هَذَا الفِعْلُ سَائِغٌ، فَهَذَا (الصَّحِيْحُ) لِلْبُخَارِيِّ، فِيْهِ تَعلِيقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: ابْنُ إِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُوْسَى بنِ عُبَيْدَةَ.
قُلْتُ: مُوْسَى ضَعَّفُوهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُدَلِّسُ، إِلاَّ أَنَّ كِتَابَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ إِذَا كَانَ سَمَاعٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ، قَالَ: قَالَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: قَدِمَ ابْنُ إِسْحَاقَ بَغْدَادَ، فَكَانَ لاَ يُبَالِي عَمَّنْ يَحكِي، عَنِ الكَلْبِيِّ، وَعَنْ غَيْرِه، وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
كَانَ أَبِي يَتَّبِعُ حَدِيْثَ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَيَكتُبُهُ كَثِيْراً بِالعُلُوِّ وَالنُزُولِ، وَيُخَرِّجُهُ فِي (المُسْنَدِ) ، وَمَا رَأَيتُهُ أَبْقَى حَدِيْثَه قَطُّ.
قِيْلَ لَهُ: يُحتَجُّ بِهِ؟
قَالَ: لَمْ يَكُنْ يُحتَجُّ بِهِ فِي السُّنَنِ.
وَقَالَ أَيُّوْبُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ سَافِرِيٍّ : سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقُلْتُ: إِذَا انْفَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِحَدِيْثٍ، تَقْبَلُهُ؟
قَالَ: لاَ وَاللهِ، إِنِّيْ رَأَيتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ جَمَاعَةٍ بِالحَدِيْثِ الوَاحِدِ، وَلاَ يَفصِلُ كَلاَمَ ذَا مِنْ كَلاَمِ ذَا.
قَالَ: وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، فَكَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ، وَيُقَدِّمُهُ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ العَبْسِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ: هُوَ صَالِحٌ، وَسَطٌ.
وَرَوَى: ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِذَاكَ. وَسَمِعْتُ
يَحْيَى مَرَّةً أُخْرَى يَقُوْلُ: هُوَ عِنْدِي سَقِيْمٌ، لَيْسَ بِقَوِيٍّ.وَقَالَ المَيْمُوْنِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: ابْنُ إِسْحَاقَ ضَعِيْفٌ.
وَرَوَى: المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: هُوَ ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، إِنَّمَا الحُجَّةُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ ... ، وَذَكَرَ جَمَاعَةً.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: فِي نَفْسِكَ مِنْ صِدْقِهِ شَيْءٌ؟
قَالَ: لاَ، هُوَ صَدُوْقٌ.
وَرَوَى: عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: مَدَنِيٌّ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ فَائِدٍ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ، فَأَخَذَ فِي فَنٍّ مِنَ العِلْمِ، قَضَى مَجْلِسَه فِيْهِ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ البَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ:
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
أَحْمَدُ الأَبَّارُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدٍ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ:
لَوْ سُوِّدَ أَحَدٌ فِي الحَدِيْثِ، لَسُوِّدَ ابْنُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، وَمِنْهُم مَنْ يَتَكَلَّمُ فِيْهِ، وَكَانَ خَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ قَدِيْماً، فَأَتَى الجَزِيْرَةَ، وَالكُوْفَةَ، وَالرَّيَّ، وَبَغْدَادَ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَاتَ فِي سَنَةِ 151.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: قَدِمَ ابْنُ إِسْحَاقَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، مِنْهُم: عُبَيْدُ اللهِ بنُ المُغِيْرَةِ، وَيَزِيْدُ بنُ
أَبِي حَبِيْبٍ، وَثُمَامَةُ بنُ شُفَيٍّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ قرمَانَ، وَالسَّكَنُ بنُ أَبِي كَرِيْمَةَ، رَوَى عَنْهُم أَحَادِيْثَ لَمْ يَرْوِهَا عَنْهُم غَيْرُه - فِيْمَا عَلِمتُ -.رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ الأَكَابِرُ، مِنْهُم: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي يَزِيْدَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ مَغَازِيَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ قَدِيْماً، فَلَمْ يَروِ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْهُم، غَيْرُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَكَانَ مَعَ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ بِالجَزِيْرَةِ، وَأَتَى أَبَا جَعْفَرٍ بِالحِيْرَةِ، فَكَتَبَ لَهُ المَغَازِي، فَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ بِذَلِكَ السَّبَبِ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الرَّيِّ، فَرُوَاتُهُ مِنْ هَؤُلاَءِ البُلْدَانِ أَكْثَرُ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لابْنِ إِسْحَاقَ مِنَ الفَضْلِ إِلاَّ أَنَّهُ صَرَفَ المُلُوْكَ عَنِ الاشتِغَالِ بِكُتُبٍ لاَ يَحصُلُ مِنْهَا شَيْءٌ، إِلَى الاشتِغَالِ بِمَغَازِي رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَبْعَثِهُ، وَمُبتَدَأِ الخَلْقِ، لَكَانَتْ هَذِهِ فَضِيلَةٌ سَبَقَ بِهَا، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ صَنَّفَهَا قَوْمٌ آخَرُوْنَ، فَلَمْ يَبلُغُوا مَبلَغَ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْهَا.
وَقَدْ فَتَّشتُ أَحَادِيْثَهُ كَثِيْراً، فَلَمْ أَجِدْ مِنْ أَحَادِيْثِه مَا يَتَهَيَّأُ أَنْ يُقطَعَ عَلَيْهِ بِالضَّعفِ، وَرُبَّمَا أَخْطَأَ، أَوْ يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ، كَمَا يُخطِئُ غَيْرُه، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ الثِّقَاتُ وَالأَئِمَّةُ، وَهُوَ لاَ بَأْسَ بِهِ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ يَقُوْلُ:
ابْن إِسْحَاقَ كَذَّابٌ.
عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ، حَدَّثَنِي وُهَيْبٌ، قَالَ:سَأَلْتُ مَالِكاً عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ، وَقَالَ ... ، وَاتَّهَمَهُ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ زَاجٌ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ وَمَالِكٌ يَجْرَحَانِ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ.
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ أَبِي الوَضَّاحِ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ العِرَاقِ يَرْوُونَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ!
فَقَالَ يَحْيَى: تَروُونَ العِلْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟ تَرْوُونَ العِلْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟!
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي الفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ:
قَالَ لِي يَحْيَى القَطَّانُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ كَذَّابٌ.
قُلْتُ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: قَالَ لِي وُهَيْبٌ.
فَقُلْتُ لِوُهَيْبٍ: مَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
فَقَالَ: قَالَ لِي هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ.
قُلْتُ لِهِشَامٍ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: حَدَّثَ عَنِ امْرَأَتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، وَدخَلَتْ عَلَيَّ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِيْنَ، وَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَتِ اللهَ.
قُلْتُ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ يَحْيَى وَهَؤُلاَءِ بَدَا مِنْهُم هَذَا بِنَاءً عَلَى أَصلٍ فَاسِدٍ وَاهٍ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الخُرَافَةَ مِنْ صَنْعَةِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ الشَّاذَكُوْنِيُّ - لاَ صَبَّحَهُ اللهُ بِخَيْرٍ - فَإِنَّهُ - مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي الحِفْظِ - مُتَّهَمٌ عِنْدَهُم بِالكَذِبِ، وَانظُرْ كَيْفَ قَدْ سَلْسَلَ الحِكَايَةَ.
وَيُبَيِّنُ لَكَ بُطلاَنَهَا: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ المُنْذِرِ لَمَّا كَانَتْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِيْنَ، لَمْ يَكُنْ زَوجُهَا هِشَامٌ خُلِقَ بَعْدُ، فَهِيَ أَكْبَرُ مِنْهُ بِنَيِّفَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَسْنَدُ
مِنْهُ، فَإِنَّهَا رَوَتْ - كَمَا ذَكرْنَا - عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَحَّ أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ سَمِعَ مِنْهَا، وَمَا عَرَفَ بِذَلِكَ هِشَامٌ.أَفَبِمِثْلِ هَذَا القَوْلِ الوَاهِي يُكَذَّبُ الصَّادِقُ، كَلاَّ وَاللهِ، نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الهَوَى وَالمُكَابِرَةِ، وَلَكِنْ صَدَقَ القَاضِي أَبُو يُوْسُفَ إِذْ يَقُوْلُ:
مَنْ تَتبَّعَ غَرِيْبَ الحَدِيْثِ كُذِّبَ، وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ ذُنُوبِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَإِنَّهُ يَكْتُبُ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَلاَ يَتَوَرَّعُ - سَامَحَهُ اللهُ -.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قُلْتُ لِهِشَامٍ: ابْنُ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ.
قَالَ: أَهُوَ كَانَ يَصِلُ إِلَيْهَا؟
قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُوْنَ إِحْدَى خَالاَتِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا، وَمَا عَلِمَ هِشَامٌ بِأَنَّهَا خَالَةٌ لَهُ، أَوْ عَمَّةٌ.
يَحْيَى بنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
اعْرِضُوا عَلَيَّ عِلْمَ مَالِكٍ، فَإِنِّي بَيْطَارُهُ.
فَقَالَ مَالِكٌ: انْظُرُوا إِلَى دَجَّالٍ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ: اعْرِضُوا عَلَيَّ عِلْمَ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: فَمَا رَأَيتُ أَحَداً جَمَعَ الدَّجَّالِيْنَ قَبْلَه.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الخَلاَّلِ: أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ، أَنْبَأَنَا السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ مَاكَ، أَنْبَأَنَا الخَلِيْلِيُّ، سَمِعْتُ جَدِّي، وَالقَاسِمَ بنَ عَلْقَمَةَ، سَمِعنَا ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا ابْنُ رَاهَوَيْه، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ آدَمَ، سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: كُنْتُ بِالرَّيِّ عِنْدَ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ وَزِيْرِ المَهْدِيِّ، فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:
هَاتُوا اعْرِضُوا عَلَيَّ عُلُوْمَ مَالِكٍ، فَإِنِّي أَنَا بَيْطَارُهَا.
فَقَالَ مَالِكٌ: دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ هَذَا.
قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: لَمْ أَسْمَعْ بِجَمعِ الدَّجَّالِ إِلاَّ مِنْهُ.
وَبِهِ: إِلَى ابْنِ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ بِنَحْوِهَا، فَقَالَ مَالِكٌ:دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ هَكَذَا؟! نَحْنُ نَفَيْنَاهُ مِنَ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ هَارُوْنُ بنُ مَعْرُوْفٍ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَحْفَظَ النَّاسِ، وَكَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ أَوْ أَكْثَرُ، جَاءَ وَاسْتَودَعَهَا ابْنَ إِسْحَاقَ، يَقُوْلُ: احْفَظْهَا عَنِّي، فَإِنْ نَسِيْتُهَا، كُنْتَ قَدْ حَفِظْتَهَا عَلَيَّ.
وَعَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ الحَافِظِ، قَالَ:
كَيْفَ لاَ يَكُوْنُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ ثِقَةً، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الأَعْرَجِ، ثُمَّ يَرْوِي عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، عَنْهُ، ثُمَّ يَرْوِي عَنِ: ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْهُ؟!
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: إِنَّهُ لَيَبِيْنُ فِي حَدِيْثِهِ الصِّدْقُ، يَقُوْلُ مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، وَمَرَّةً ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ - وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ - عَنْ أَبِي النَّضْرِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ فِي: (سَلَفٍ وَبَيْعٍ ) وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاس عَنْ عَمْرٍو.
وَلَمْ أَجِدْ لَهُ سِوَى حَدِيْثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ:
نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي: (النُّعَاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ) .
وَالزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ: (مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ ) .
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ، وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَ بِكَذَا وَكَذَا عَنْ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: كَذَبَ الخَبِيْثُ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ سُفْيَانُ:
رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَرَانِي مَعَهُ أَحَدٌ، فَقَالَ: أَنَا أَرْصُدُ ابْنَ خُصَيْفَةَ، أَبْغِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَمَّا
حَدَّثَنِي عَنْهُ.ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: اتَّهَمُوْهُ بِالقَدَرِ.
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ: مَا رَويتُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ إِلاَّ بِاضْطِرَارٍ.
الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ إِسْحَاقَ:
كَيْفَ حَدِيْثُ شُرَحْبِيْلَ بنِ سَعْدٍ؟
فَقَالَ: وَأَحَدٌ يُحَدِّثُ عَنْ شُرَحْبِيْلَ؟
ثُمَّ قَالَ الفَلاَّسُ: العَجَبُ مِنْ رَجُلٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وَيَرغَبُ عَنْ شُرَحْبِيْلَ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَمَطَرٌ، وَأَبُو مَعْشَرٍ المَدِيْنِيُّ.
الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ لِعُبَيْدِ اللهِ: إِلَى أَيْنَ تَذهَبُ؟
قَالَ: أَذهَبُ إِلَى وَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، أَكْتُبُ السِّيْرَةَ.
قَالَ: يَكْتُبُ كَذِباً كَثِيْراً.
قُلْتُ: كَانَ وَهْبٌ يَروِيهَا عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَأَشَارَ يَحْيَى القَطَّانُ إِلَى مَا فِي السِّيْرَةِ مِنَ الوَاهِي مِنَ الشِّعْرِ، وَمِنْ بَعْضِ الآثَارِ المُنْقَطِعَةِ المُنْكَرَةِ، فَلَوْ حُذِفَ مِنْهَا ذَلِكَ، لَحَسُنَتْ، وَثَمَّ أَحَادِيْثُ جَمَّةٌ فِي الصِّحَاحِ وَالمَسَانِيْدِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالسِّيْرَةِ وَالمَغَازِي يَنْبَغِي أَنْ تُضَمَّ إِلَيْهَا وَتُرَتَّبَ، وَقَدْ فَعَلَ غَالِبَ هَذَا الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي (دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ) لَهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ شَيْئاً، كَانَ يُضَعِّفُهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طَلْحَةَ بنِ نَافِعٍ شَيْئاً.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
قَالَ إِنْسَانٌ لِلأَعْمَشِ: إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَنِ ابْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيْهِ، بِكَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ: كَذَبَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَكَذَبَ ابْنُ الأَسْوَدِ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بِكَذَا وَكَذَا.
قَالَ عَلِيٌّ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: الحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ -يَعْنِي: سَوَاءٌ- وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ دُوْنَهُمَا.وَقَالَ: تَرَكتُ ابْنَ إِسْحَاقَ مُتَعَمِّداً.
إِبْرَاهِيْمُ الحِزَامِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ:
رَأَيتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَكْتُبُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ.
قُلْتُ: هَذَا يُشَنَّعُ بِهِ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ حَمَلَ أَلوَاناً عَنِ الذِّمَّةِ مُتَرَخِّصاً بِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ وَلاَ حَرَجَ ) .
أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، قَالَ:
قَالَ أَبِي: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: يَا أَهْلَ العِرَاقِ! مَنْ يَغُتُّ عَلَيْكُم بَعْدَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي الخَضِرُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ:قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَا تَقُوْلُ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ؟
قَالَ: هُوَ كَثِيْرُ التَّدْلِيْسِ جِدّاً.
قُلْتُ: فَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي، وَحَدَّثَنِي، فَهُوَ ثِقَةٌ؟
قَالَ: هُوَ يَقُوْلُ أَخْبَرَنِي، فَيُخَالِفُ.
فَقِيْلَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ؟
فَقَالَ: لاَ، كَالمُنْكِرِ لِذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يَسْتَخِفُّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
بُنْدَارٌ: سَمِعْتُ مُعَاذاً يَقُوْلُ:
رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ إِزَارٌ رَقِيْقٌ مُتَخَلِّقٌ، وَخِصْيَتُهُ مُدَلاَّةٌ.
بُنْدَارٌ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَدِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَلْعَبُ بِالدُّيُوْكِ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَالمَدَائِنِيُّ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارِ بنِ خِيَارٍ، وَكَانَ خِيَارٌ لِقَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ يَقُوْلُ:
لَوْ كَانَ لِي سُلْطَانٌ، لأَمَّرْتُ ابْنَ إِسْحَاقَ عَلَى المُحَدِّثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ قُدَامَةَ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رِبْحِ بنِ سُلَيْمَانَ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاَةِ الظُّهرِ أَوِ العَصْرِ - شَكَّ يَزِيْدُ - وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي العَاصِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَضَعَهَا، ثُمَّ رَكَعَ، فَإِذَا قَامَ، حَمَلَهَا، فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ.
فَهَذَا أَعْلَى مَا يَقَعُ لَنَا مِنْ
حَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ.قَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، وَإِبْرَاهِيْمُ نَفْطَوَيْه، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ ابْنُ إِسْحَاقَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَغَيْرُهُم: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ شَبَابٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثٍ.
رَوَى لَهُ: مُسْلِمٌ فِي المُتَابَعَاتِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ: البُخَارِيُّ، وَأَخْرَجَ أَرْبَابُ السُّنَنِ لَهُ.
وَالوَهْبِيُّ: هُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: ابْنُ كُوْثَانَ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، الأَخْبَارِيُّ، أَبُو بَكْرٍ -
وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ - القُرَشِيُّ، المُطَّلِبِيُّ مَوْلاَهُم، المَدَنِيُّ، صَاحِبُ (السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ) .
وَكَانَ جَدُّهُ يَسَارٌ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ، فِي دَوْلَةِ خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ مَوْلَى قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.وُلِدَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
وَرَأَى: أَنَسَ بنَ مَالِكٍ بِالمَدِيْنَةِ، وَسَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَمِّه؛ مُوْسَى بنِ يَسَارٍ.
وَعَنْ: أَبَانِ بنِ عُثْمَانَ - فِيْمَا قِيْلَ -.
وَعَنْ: بُشَيْرِ بنِ يَسَارٍ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وَأَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بنِ نَافِعٍ، وَعَبَّاسِ بن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ، وَمَكْحُوْلٍ الهُذَلِيِّ، وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ، وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - إِنْ صَحَّ - وَفَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَمَعْبَدِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ - فِيْمَا قِيْلَ - وَعِكْرِمَةَ بنِ خَالِدٍ المَخْزُوْمِيِّ، وَسَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَسَعِيْدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ السَّبَّاقِ، وَعَاصِمِ بنِ عَمْرِو بنِ قَتَادَةَ، وَصَدَقَةَ بنِ يَسَارٍ، وَالصَّلْتِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نَوْفَلِ بنِ الحَارِثِ الهَاشِمِيِّ، وَعُبَادَةَ بنِ الوَلِيْدِ بنِ عُبَادَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ النَّخَعِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ يَزِيْدَ بنِ رُكَانَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ، وَنُبَيْهِ بنِ وَهْبٍ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، وَيَعْقُوْبَ بنِ عُتْبَةَ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ الحَنْظَلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ سُحَيْمٍ، وَابْنِ طَاوُوْسٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
إِلَى أَنْ يَنْزِلَ إِلَى: صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ السَّائِبِ الكَلْبِيِّ، وَرَوْحِ بنِ القَاسِمِ، وَشُعْبَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ العِلْمَ بِالمَدِيْنَةِ، وَذَلِكَ قَبْلَ مَالِكٍ وَذَوِيْهِ، وَكَانَ فِي العِلْمِ بَحْراً عَجَّاجاً، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِالمُجَوِّدِ كَمَا يَنْبَغِي.حَدَّثَ عَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ - شَيْخُهُ - وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ - وَهُمَا مِنَ التَّابِعِيْنَ وِفَاقاً - وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالحَمَّادَانِ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَهُشَيْمٌ، وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وَأَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، وَيَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَمُوْسَى بنُ أَعْيَنَ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ - وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ - وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، وَابْنُ إِدْرِيْسَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَزِيَادٌ البَكَّائِيُّ، وَسَلَمَةُ الأَبْرَشُ، وَسَعْدَانُ بنُ يَحْيَى، وَعَبْدُ الأَعْلَى السَّامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ الحَرَّانِيُّ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الوَاسِطِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَيُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، وَيَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ، وَأَخُوْهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، وَأَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بنُ وَاضِحٍ، وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم يَشُقُّ اسْتِقصَاؤُهُم، وَيَبعُدُ إِحصَاؤُهُم.
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: يَسَارٌ مَوْلَى قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ، مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ، وَهُوَ أَوَّلُ سَبْيٍ دَخَلَ المَدِيْنَةَ مِنَ العِرَاقِ.
وَرَوَى: سَلَمَةُ بنُ الفَضْلِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:
رَأَيتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَالصِّبْيَانُ يَشتَدُّونَ، وَيَقُوْلُوْنَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَمُوتُ حَتَّى يَلْقَى الدَّجَّالَ.
مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ: عَنْ جَرِيْرٍ، قَالَ: رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
قَالَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، حَسَنَ الحَدِيْثِ.
فَقُلْتُ: إِنَّهُم يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ رَأَى سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ؟
فَقَالَ: إِنَّهُ لَقَدِيْمٌ.وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ:
قَدْ سَمِعَ أَبَانَ بنَ عُثْمَانَ، وَمِنْ عَطَاءٍ، وَمِنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمِنَ القَاسِمِ.
قَالَ: وَسَمِعَ مِنْ: مَكْحُوْلٍ، وَمِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
لاَ يَزَالُ بِالمَدِيْنَةِ عِلْمٌ مَا بَقِيَ هَذَا - عَنَى: ابْنَ إِسْحَاقَ -.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَدَارُ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِتَّةٌ: ... ، فَذَكَرهُم، ثُمَّ قَالَ:
فَصَارَ عِلْمُ السِّتَّةِ عِنْدَ اثْنَيْ عَشَرَ: أَحَدُهُم مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
رَأَيتُ الزُّهْرِيَّ أَتَاهُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، فَاسْتَبطَأَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ؟
قَالَ: وَهَلْ يَصِلُ إِلَيْكَ أَحَدٌ مَعَ حَاجِبِكَ؟
قَالَ: فَدَعَا حَاجِبَهُ، فَقَالَ لَهُ: لاَ تَحْجِبْهُ إِذَا جَاءَ.
وَقَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ:
سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُوْلُ: لاَ يَزَالُ بِالمَدِيْنَةِ عِلْمٌ جَمٌّ مَا دَامَ فِيْهِمُ ابْنُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ عَلِيٌّ: عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ - وَسُئِلَ عَنْ مَغَازِيه - فَقَالَ: هَذَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا -يَعْنِي: ابْنَ إِسْحَاقَ-.
وَرَوَى: حَرْمَلَةُ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ:
مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَبَحَّرَ فِي المَغَازِي، فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ:
قَالَ عَاصِمُ بنُ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ: لاَ يَزَالُ فِي النَّاسِ عِلْمٌ مَا عَاشَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ.
ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ مَعْرُوْفٍ، سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ، فَكَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ أَوْ أَكْثَرُ، فَاسْتَودَعَهَا عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: احْفَظْهَا عَلَيَّ، فَإِنْ نَسِيتُهَا، كُنْتَ قَدْ حَفِظتَهَا عَلَيَّ.قَالَ الخَلِيْلِيُّ: قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ الحَافِظُ:
كَيْفَ لاَ يَكُوْنُ ابْنُ إِسْحَاقَ ثِقَةً، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الأَعْرَجِ، وَيَرْوِي عَنْهُ، ثُمَّ يَرْوِي عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، عَنْهُ، ثُمَّ يَرْوِي عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْهُ؟
ثُمَّ قَالَ الخَلِيْلِيُّ: رَوَى عَنِ: ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ أُسْتَاذَيْهِ: الزُّهْرِيُّ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، وَعُقَيْلٌ، وَيُوْنُسُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ - وَرَأَى ابْنَ إِسْحَاقَ مُقْبِلاً -:
لاَ يَزَالُ بِالحِجَازِ عِلْمٌ كَثِيْرٌ مَا دَامَ هَذَا الأَحْوَلُ.
النُّفَيْلِيُّ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ فَائِدٍ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، فَأَخَذَ فِي فَنٍّ مِنَ العِلْمِ، قَضَى مَجْلِسَه فِي ذَلِكَ الفَنِّ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ فِي المَغَازِي عَلاَّمَةً.
قَالَ المَيْمُوْنِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بِحَدِيْثٍ اسْتَحسَنَهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقُلْتُ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! مَا أَحْسَنَ هَذِهِ القَصَصَ الَّتِي يَجِيْءُ بِهَا ابْنُ إِسْحَاقَ!
فَتَبَسَّمَ إِلَيَّ مُتَعَجِّباً.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ - وَسُئِلَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ -: لِمَ لَمْ يَروِ أَهْلُ المَدِيْنَةِ عَنْهُ؟
فَقَالَ: جَالَسْتُ ابْنَ إِسْحَاقَ مُنْذُ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَمَا يَتَّهِمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَلاَ يَقُوْلُ فِيْهِ شَيْئاً.
فَقُلْتُ لَهُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُجَالِسُ فَاطِمَةَ بِنْتَ المُنْذِرِ؟
فَقَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ، وَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الذَّهَبِيِّ : هُوَ صَادِقٌ فِي ذَلِكَ بِلاَ رَيْبٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ البَاهِلِيُّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ يَقُوْلُ: تَحدَّثَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ امْرَأَتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، وَاللهِ إِنْ رَآهَا قَطُّ.
قُلْتُ: هِشَامٌ صَادِقٌ فِي يَمِيْنِه، فَمَا رَآهَا، وَلاَ زَعَمَ الرَّجُلُ أَنَّهُ رَآهَا، بَلْ ذَكرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْه، وَقَدْ سَمِعْنَا مِنْ عِدَّةِ نِسْوَةٍ، وَمَا رَأَيْتُهُنَّ.
وَكَذَلِكَ رَوَى عِدَّةٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ عَنْ عَائِشَةَ، وَمَا رَأَوْا لَهَا صُوْرَةً أَبَداً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِحَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: وَلِمَ يُنْكِرُ هِشَامٌ؟ لَعَلَّهُ جَاءَ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا، فَأَذِنَتْ لَهُ -يَعْنِي: وَلَمْ يَعْلَمْ-.
قَالَ الأَثْرَمُ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: هُوَ حَسَنُ الحَدِيْثِ.
ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ، وَذَكَرَهُ، فَقَالَ: دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: ذَكرَ بَعْضُهُم: أَنَّ مَالِكاً عَابَه جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي زَمَانِهِ بِإِطلاَقِ لِسَانِه فِي قَوْمٍ مَعْرُوْفِيْنَ بِالصَّلاَحِ، وَالدِّيَانَةِ، وَالثِّقَةِ، وَالأَمَانَةِ.
قُلْتُ: كَلاَّ، مَا عَابَهُم إِلاَّ وَهُم عِنْدَهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُثَابٌ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ أَخْطَأَ اجْتِهَادُه - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ -.
ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ: أَنْبَأَنَا البَرْقَانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الآدَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الإِيَادِيُّ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحٍ، قَالَ:
قَالَ لِي مَالِكٌ: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ كَذَّابٌ.
قَالَ أَحْمَدُ - وَهُوَ الأَثْرَمُ
إِنْ شَاءَ اللهُ -: فَسَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، فَقَالَ:عَسَى أَرَادَ فِي الكَلاَمِ، أَمَّا فِي الحَدِيْثِ فَثِقَةٌ، وَهُوَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ.
قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَابْنُ المَاجَشُوْنِ، وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ يَتَكَلَّمُوْنَ فِي مَالِكٍ، وَكَانَ أَشَدَّهُم فِيْهِ كَلاَماً مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، كَانَ يَقُوْلُ: ائْتُونِي بِبَعْضِ كُتُبِه حَتَّى أُبَيِّنَ عُيُوبَه، أَنَا بَيْطَارُ كُتُبِه.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَمَّا كَلاَمُ مَالِكٍ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ فَمَشْهُوْرٌ، وَأَمَّا حِكَايَةُ ابْنِ فُلَيْحٍ عَنْهُ فِي هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، فَلَيْسَتْ بِالمَحْفُوْظَةِ، وَرَاوِيهَا عَنِ ابْنِ المُنْذِر لاَ يُعرَفُ.
قُلْتُ: فَهِيَ مَرْدُوْدَةٌ.
وَقَدْ أَمْسَكَ عَنِ الاحْتِجَاجِ بِرِوَايَاتِ ابْنِ إِسْحَاقَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ العُلَمَاءِ، لأَشْيَاءَ مِنْهَا: تَشَيُّعُه، وَنُسِبَ إِلَى القَدَرِ، وَيُدَلِّسُ فِي حَدِيْثِهِ، فَأَمَّا الصِّدْقُ فَلَيْسَ بِمَدْفُوْعٍ عَنْهُ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: رَأَيتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ اللهِ يَحتَجُّ بِحَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
وذَكَرَ عَنْ سُفْيَانَ: أَنَّهُ مَا رَأَى أَحَداً يَتَّهِمُهُ.
قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ:
أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ تَلَقَّفَ المَغَازِيَ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِيْمَا يُحَدِّثُه عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ، وَالَّذِي يُذكَرُ عَنْ مَالِكٍ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ، لاَ يَكَادُ يَتَبَيَّنُ، وَكَانَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ مِنْ أَتْبَعِ مَنْ رَأَينَا لِمَالِكٍ، أَخْرَجَ إِلَيَّ كُتُبَ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيْهِ فِي المَغَازِي وَغَيْرِهَا، فَانْتخَبتُ مِنْهَا كَثِيْراً.
قَالَ: وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَمْزَةَ: كَانَ عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَحَوٌ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلفَ حَدِيْثٍ فِي الأَحكَامِ، سِوَى المَغَازِي.
قُلْتُ: يَعْنِي بِتِكرَارِ طُرُقِ الأَحَادِيْثِ، فَأَمَّا المُتُوْنُ الأَحكَامِيَّةُ الَّتِي رَوَاهَا، فَمَا تَبلُغُ عُشْرَ ذَلِكَ.وَذَكَرَ البُخَارِيُّ هُنَا فَصلاً حَسَناً عَنْ رِجَالِهِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، فَقَدْ أَكْثَرَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
قَالَ البُخَارِيُّ: وَلَوْ صَحَّ عَنْ مَالِكٍ تَنَاوُلُهُ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَلَرُبَّمَا تَكَلَّمَ الإِنْسَانُ، فَيَرْمِي صَاحِبَهُ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَلاَ يَتَّهِمُهُ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا.
قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ فُلَيْحٍ:
نَهَانِي مَالِكٌ عَنْ شَيْخَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُمَا فِي (المُوَطَّأِ) ، وَهُمَا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِمَا، وَلَمْ يَنجُ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ كَلاَمِ بَعْضِ النَّاسِ فِيْهِم، نَحْوَ مَا يُذْكَرُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ مِنْ كَلاَمِه فِي الشَّعْبِيِّ، وَكَلاَمِ الشَّعْبِيِّ فِي عِكْرِمَةَ، وَفِيْمَنْ كَانَ قَبْلَهُم، وَتَنَاوَلَ بَعْضُهُم فِي العِرْضِ وَالنَّفْسِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ أَهْلُ العِلْمِ فِي هَذَا النَّحوِ إِلاَّ بِبَيَانٍ وَحُجَّةٍ، وَلَمْ تَسقُطْ عَدَالَتُهُم إِلاَّ بِبُرْهَانٍ ثَابِتٍ، وَحُجَّةٍ، وَالكَلاَمُ فِي هَذَا كَثِيْرٌ.
قُلْتُ: لَسْنَا نَدَّعِي فِي أَئِمَّةِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ العِصْمَةَ مِنَ الغَلَطِ النَّادِرِ، وَلاَ مِنَ الكَلاَمِ بنَفَسٍ حَادٍّ فِيْمَنْ بَيْنَهُم وَبَيْنَهُ شَحنَاءُ وَإِحْنَةٌ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كَثِيْراً مِنْ كَلاَمِ الأَقْرَانِ بَعْضِهِم فِي بَعْضٍ مُهدَرٌ، لاَ عِبْرَةَ بِهِ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا وَثَّقَ
الرَّجُلَ جَمَاعَةٌ يَلُوحُ عَلَى قَوْلِهُمُ الإِنصَافُ.وَهَذَانِ الرَّجُلاَنِ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ نَالَ مِنْ صَاحِبِه، لَكِنْ أَثَّرَ كَلاَمُ مَالِكٍ فِي مُحَمَّدٍ بَعْضَ اللِّيْنِ، وَلَمْ يُؤثِّرْ كَلاَمُ مُحَمَّدٍ فِيْهِ وَلاَ ذَرَّةٍ، وَارتَفَعَ مَالِكٌ، وَصَارَ كَالنَّجمِ، فَلَهُ ارْتفَاعٌ بِحَسْبِهِ، وَلاَ سِيَّمَا فِي السِّيَرِ، وَأَمَّا فِي أَحَادِيْثِ الأَحكَامِ، فَيَنحَطُّ حَدِيْثُه فِيْهَا عَنْ رُتْبَةِ الصِّحَّةِ إِلَى رُتْبَةِ الحَسَنِ، إِلاَّ فِيْمَا شَذَّ فِيْهِ، فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُنْكَراً، هَذَا الَّذِي عِنْدِي فِي حَالِهِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ أَمِيْرُ المُحَدِّثِيْنَ لِحِفْظِهِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: نَظَرْتُ فِي كُتُبِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَمَا وَجَدْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ فِي حَدِيْثَيْنِ، وَيُمكِنُ أَنْ يَكُوْنَا صَحِيْحَيْنِ.
وَقَالَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ: الَّذِي يُذكَرُ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ مِنْ قَوْلِهِ: كَيْفَ يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَتِي؟ لَوْ صَحَّ هَذَا مِنْ هِشَامٍ، لَجَازَ أَنْ تَكتُبَ إِلَيْهِ، فَإِنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ يَرَوْنَ الكِتَابَ جَائِزاً:
لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ لأَمِيْرِ السَّرِيَّةِ كِتَاباً، فَقَالَ لَهُ: (لاَ تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ كَذَا وَكَذَا) .
فَلَمَّا بَلَغَهُ، قَرَأَهُ، وَعَمِلَ بِهِ. وَكَذَلِكَ
الخُلَفَاءُ وَالأَئِمَّةُ يُفْضُونَ بِكِتَابِ بَعْضِهِم إِلَى بَعْضٍ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُوْنَ سَمِعَ مِنْهَا وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ فِي غَيْبَةِ زَوْجِهَا.قُلْتُ: ذَاكَ الظَّنُّ بِهِمَا، كَمَا أَخَذَ خَلْقٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ عَنِ الصَّحَابِيَّاتِ، مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُوْنَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَرَآهَا وَهُوَ صَبِيٌّ، فَحَفِظَ عَنْهَا، مَعَ احْتمَالِ أَنْ يَكُوْنَ أَخَذَ عَنْهَا حِيْنَ كَبِرَتْ وَعَجِزَتْ، وَكَذَا يَنْبَغِي، فَإِنَّهَا أَكْبَرُ مِنْ هِشَامٍ بِأَزْيَدَ مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ.
فَقَدْ سَمِعَتْ مِنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ، وَلَمَّا رَوَتْ لابْنِ إِسْحَاقَ، كَانَ لَهَا قَرِيْبٌ مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ رَجُلٌ قَدِ اجْتَمَعَ الكُبَرَاءُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى الأَخْذِ عَنْهُ، مِنْهُم: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالحَمَّادَانِ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَقَدِ اخْتَبَرَهُ أَهْلُ الحَدِيْثِ، فَرَأَوْا صِدْقاً وَخَيْراً، مَعَ مَدْحِ ابْنِ شِهَابٍ لَهُ.
وَقَدْ ذَاكَرتُ دُحَيْماً قَوْلَ مَالِكٍ، فَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْحَدِيْثِ، إِنَّمَا هُوَ لأَنَّهُ اتُّهِمَ بِالقَدَرِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ، النَّاسُ يَشْتَهُوْنَ حَدِيْثَهُ، وَكَانَ يُرْمَى بِغَيْرِ نَوعٍ مِنَ البِدَعِ.وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ: عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ:
كُنَّا فِي مَجْلِسِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَتَعَلَّمُ، فَأَغْفَى إِغْفَاءةً، فَقَالَ: إِنِّيْ رَأَيتُ فِي المَنَامِ السَّاعَةَ، كَأَنَّ إِنْسَاناً دَخَلَ المَسْجِدَ وَمَعَهُ حَبلٌ، فَوَضَعَهُ فِي عُنُقِ حِمَارٍ، فَأَخْرَجَهُ، فَمَا لَبِثْنَا أَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ رَجُلٌ مَعَهُ حَبلٌ، حَتَّى وَضَعَهُ فِي عُنُقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَأَخْرَجَهُ.
قَالَ: فَذُهِبَ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ، فَجُلِدَ.
قَالَ الزُّبَيْرِيُّ: مَنْ أَجْلِ القَدَرِ.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ بنِ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُرمَى بِالقَدَرِ، وَكَانَ أَبعَدَ النَّاسِ مِنْهُ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ نُمَيْرٍ - وَذُكِرَ ابْنُ إِسْحَاقَ - فَقَالَ:
إِذَا حَدَّثَ عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ مِنَ المَعْرُوْفِيْنَ، فَهُوَ حَسَنُ الحَدِيْثِ، صَدُوْقٌ، وَإِنَّمَا أُتِيَ مِنْ أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنِ المَجْهُوْلِيْنَ أَحَادِيْثَ بَاطِلَةً.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ البُخَارِيُّ الحَافِظُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ:
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ لَهُ أَلفُ حَدِيْثٍ يَنْفَرِدُ بِهَا، لاَ يُشَارِكُه فِيْهَا أَحَدٌ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ الجَلاَّبُ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ: تَكَلَّمَ أَحَدٌ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ؟
فَقَالَ: أَمَّا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، فَكَانَ يَقُوْلُ -يَعْنِي: عَنِ الزُّهْرِيِّ-:
لاَ يَزَالُ بِالمَدِيْنَةِ عِلْمٌ مَا عَاشَ هَذَا الغُلاَمُ -يَعْنِي: ابْنَ إِسْحَاقَ- وَلَكِنْ حَدَّثَنِي مُصْعَبٌ، قَالَ: كَانُوا يَطعَنُوْنَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الحَدِيْثِ.وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَأَلْتُ عَلِيّاً: كَيْفَ حَدِيْثُ ابْنِ إِسْحَاقَ عِنْدَك، صَحِيْحٌ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، حَدِيْثُه عِنْدِي صَحِيْحٌ.
قُلْتُ: فَكَلاَمُ مَالِكٍ فِيْهِ؟
قَالَ: مَالِكٌ لَمْ يُجَالِسْهُ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَأَيَّ شَيْءٍ حَدَّثَ بِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالمَدِيْنَةِ؟!
قُلْتُ: فَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، قَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ؟
فَقَالَ عَلِيٌّ: الَّذِي قَالَ هِشَامٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، لَعَلَّهُ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِه وَهُوَ غُلاَمٌ، فَسَمِعَ مِنْهَا، إِنَّ حَدِيْثَه لَيُتَبَيَّنُ فِيْهِ الصِّدْقُ، يَرْوِي مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، وَمَرَّةً: ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ، وَيَرْوِي عَنْ رَجُلٍ، عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ : (صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ ) ، وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ: (فِي سَلَفٍ وَبَيْعٍ ) ، وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ عَمْرٍو.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ أَجِدْ لابْنِ إِسْحَاقَ إِلاَّ حَدِيْثَينِ مُنْكَرَيْنِ:نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُم يَوْمَ الجُمُعَةِ... ) .
وَالزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ : (إِذَا مَسَّ أَحَدُكُم فَرْجَهُ... ) .
هَذَانِ لَمْ يَرْوِهِمَا عَنْ أَحَدٍ، وَالبَاقُوْنَ يَقُوْلُ: ذَكَرَ فُلاَنٌ، وَلَكِنَّ هَذَا فِيْهِ: حَدَّثَنَا.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ أَيْضاً: سَمِعْتُ بَعْضَ وَلَدِ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ - وَكَانَ مُلاَزِماً لِعَلِيٍّ - قَالَ:
سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: وَقَعَ إِلَيَّ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ شَيْءٌ، فَمَا أَنْكَرتُ مِنْهُ إِلاَّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ، ظَنَنْتُ أَنَّ بَعْضَه مِنْهُ، وَبَعْضَه لَيْسَ مِنْهُ.
أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَشْتَهِي الحَدِيْثَ، فَيَأْخُذُ كُتُبَ النَّاسِ، فَيَضَعُهَا فِي كُتُبِه.قُلْتُ: هَذَا الفِعْلُ سَائِغٌ، فَهَذَا (الصَّحِيْحُ) لِلْبُخَارِيِّ، فِيْهِ تَعلِيقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: ابْنُ إِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُوْسَى بنِ عُبَيْدَةَ.
قُلْتُ: مُوْسَى ضَعَّفُوهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُدَلِّسُ، إِلاَّ أَنَّ كِتَابَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ إِذَا كَانَ سَمَاعٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ، قَالَ: قَالَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: قَدِمَ ابْنُ إِسْحَاقَ بَغْدَادَ، فَكَانَ لاَ يُبَالِي عَمَّنْ يَحكِي، عَنِ الكَلْبِيِّ، وَعَنْ غَيْرِه، وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
كَانَ أَبِي يَتَّبِعُ حَدِيْثَ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَيَكتُبُهُ كَثِيْراً بِالعُلُوِّ وَالنُزُولِ، وَيُخَرِّجُهُ فِي (المُسْنَدِ) ، وَمَا رَأَيتُهُ أَبْقَى حَدِيْثَه قَطُّ.
قِيْلَ لَهُ: يُحتَجُّ بِهِ؟
قَالَ: لَمْ يَكُنْ يُحتَجُّ بِهِ فِي السُّنَنِ.
وَقَالَ أَيُّوْبُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ سَافِرِيٍّ : سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقُلْتُ: إِذَا انْفَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِحَدِيْثٍ، تَقْبَلُهُ؟
قَالَ: لاَ وَاللهِ، إِنِّيْ رَأَيتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ جَمَاعَةٍ بِالحَدِيْثِ الوَاحِدِ، وَلاَ يَفصِلُ كَلاَمَ ذَا مِنْ كَلاَمِ ذَا.
قَالَ: وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، فَكَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ، وَيُقَدِّمُهُ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ العَبْسِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ: هُوَ صَالِحٌ، وَسَطٌ.
وَرَوَى: ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِذَاكَ. وَسَمِعْتُ
يَحْيَى مَرَّةً أُخْرَى يَقُوْلُ: هُوَ عِنْدِي سَقِيْمٌ، لَيْسَ بِقَوِيٍّ.وَقَالَ المَيْمُوْنِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: ابْنُ إِسْحَاقَ ضَعِيْفٌ.
وَرَوَى: المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: هُوَ ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، إِنَّمَا الحُجَّةُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ ... ، وَذَكَرَ جَمَاعَةً.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: فِي نَفْسِكَ مِنْ صِدْقِهِ شَيْءٌ؟
قَالَ: لاَ، هُوَ صَدُوْقٌ.
وَرَوَى: عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: مَدَنِيٌّ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ فَائِدٍ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ، فَأَخَذَ فِي فَنٍّ مِنَ العِلْمِ، قَضَى مَجْلِسَه فِيْهِ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ البَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ:
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
أَحْمَدُ الأَبَّارُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدٍ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ:
لَوْ سُوِّدَ أَحَدٌ فِي الحَدِيْثِ، لَسُوِّدَ ابْنُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، وَمِنْهُم مَنْ يَتَكَلَّمُ فِيْهِ، وَكَانَ خَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ قَدِيْماً، فَأَتَى الجَزِيْرَةَ، وَالكُوْفَةَ، وَالرَّيَّ، وَبَغْدَادَ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَاتَ فِي سَنَةِ 151.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: قَدِمَ ابْنُ إِسْحَاقَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، مِنْهُم: عُبَيْدُ اللهِ بنُ المُغِيْرَةِ، وَيَزِيْدُ بنُ
أَبِي حَبِيْبٍ، وَثُمَامَةُ بنُ شُفَيٍّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ قرمَانَ، وَالسَّكَنُ بنُ أَبِي كَرِيْمَةَ، رَوَى عَنْهُم أَحَادِيْثَ لَمْ يَرْوِهَا عَنْهُم غَيْرُه - فِيْمَا عَلِمتُ -.رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ الأَكَابِرُ، مِنْهُم: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي يَزِيْدَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ مَغَازِيَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ قَدِيْماً، فَلَمْ يَروِ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْهُم، غَيْرُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَكَانَ مَعَ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ بِالجَزِيْرَةِ، وَأَتَى أَبَا جَعْفَرٍ بِالحِيْرَةِ، فَكَتَبَ لَهُ المَغَازِي، فَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ بِذَلِكَ السَّبَبِ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الرَّيِّ، فَرُوَاتُهُ مِنْ هَؤُلاَءِ البُلْدَانِ أَكْثَرُ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لابْنِ إِسْحَاقَ مِنَ الفَضْلِ إِلاَّ أَنَّهُ صَرَفَ المُلُوْكَ عَنِ الاشتِغَالِ بِكُتُبٍ لاَ يَحصُلُ مِنْهَا شَيْءٌ، إِلَى الاشتِغَالِ بِمَغَازِي رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَبْعَثِهُ، وَمُبتَدَأِ الخَلْقِ، لَكَانَتْ هَذِهِ فَضِيلَةٌ سَبَقَ بِهَا، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ صَنَّفَهَا قَوْمٌ آخَرُوْنَ، فَلَمْ يَبلُغُوا مَبلَغَ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْهَا.
وَقَدْ فَتَّشتُ أَحَادِيْثَهُ كَثِيْراً، فَلَمْ أَجِدْ مِنْ أَحَادِيْثِه مَا يَتَهَيَّأُ أَنْ يُقطَعَ عَلَيْهِ بِالضَّعفِ، وَرُبَّمَا أَخْطَأَ، أَوْ يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ، كَمَا يُخطِئُ غَيْرُه، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ الثِّقَاتُ وَالأَئِمَّةُ، وَهُوَ لاَ بَأْسَ بِهِ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ يَقُوْلُ:
ابْن إِسْحَاقَ كَذَّابٌ.
عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ، حَدَّثَنِي وُهَيْبٌ، قَالَ:سَأَلْتُ مَالِكاً عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ، وَقَالَ ... ، وَاتَّهَمَهُ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ زَاجٌ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ وَمَالِكٌ يَجْرَحَانِ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ.
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ أَبِي الوَضَّاحِ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ العِرَاقِ يَرْوُونَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ!
فَقَالَ يَحْيَى: تَروُونَ العِلْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟ تَرْوُونَ العِلْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟!
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي الفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ:
قَالَ لِي يَحْيَى القَطَّانُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ كَذَّابٌ.
قُلْتُ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: قَالَ لِي وُهَيْبٌ.
فَقُلْتُ لِوُهَيْبٍ: مَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
فَقَالَ: قَالَ لِي هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ.
قُلْتُ لِهِشَامٍ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: حَدَّثَ عَنِ امْرَأَتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، وَدخَلَتْ عَلَيَّ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِيْنَ، وَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَتِ اللهَ.
قُلْتُ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ يَحْيَى وَهَؤُلاَءِ بَدَا مِنْهُم هَذَا بِنَاءً عَلَى أَصلٍ فَاسِدٍ وَاهٍ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الخُرَافَةَ مِنْ صَنْعَةِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ الشَّاذَكُوْنِيُّ - لاَ صَبَّحَهُ اللهُ بِخَيْرٍ - فَإِنَّهُ - مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي الحِفْظِ - مُتَّهَمٌ عِنْدَهُم بِالكَذِبِ، وَانظُرْ كَيْفَ قَدْ سَلْسَلَ الحِكَايَةَ.
وَيُبَيِّنُ لَكَ بُطلاَنَهَا: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ المُنْذِرِ لَمَّا كَانَتْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِيْنَ، لَمْ يَكُنْ زَوجُهَا هِشَامٌ خُلِقَ بَعْدُ، فَهِيَ أَكْبَرُ مِنْهُ بِنَيِّفَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَسْنَدُ
مِنْهُ، فَإِنَّهَا رَوَتْ - كَمَا ذَكرْنَا - عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَحَّ أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ سَمِعَ مِنْهَا، وَمَا عَرَفَ بِذَلِكَ هِشَامٌ.أَفَبِمِثْلِ هَذَا القَوْلِ الوَاهِي يُكَذَّبُ الصَّادِقُ، كَلاَّ وَاللهِ، نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الهَوَى وَالمُكَابِرَةِ، وَلَكِنْ صَدَقَ القَاضِي أَبُو يُوْسُفَ إِذْ يَقُوْلُ:
مَنْ تَتبَّعَ غَرِيْبَ الحَدِيْثِ كُذِّبَ، وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ ذُنُوبِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَإِنَّهُ يَكْتُبُ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَلاَ يَتَوَرَّعُ - سَامَحَهُ اللهُ -.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قُلْتُ لِهِشَامٍ: ابْنُ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ.
قَالَ: أَهُوَ كَانَ يَصِلُ إِلَيْهَا؟
قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُوْنَ إِحْدَى خَالاَتِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا، وَمَا عَلِمَ هِشَامٌ بِأَنَّهَا خَالَةٌ لَهُ، أَوْ عَمَّةٌ.
يَحْيَى بنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
اعْرِضُوا عَلَيَّ عِلْمَ مَالِكٍ، فَإِنِّي بَيْطَارُهُ.
فَقَالَ مَالِكٌ: انْظُرُوا إِلَى دَجَّالٍ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ: اعْرِضُوا عَلَيَّ عِلْمَ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: فَمَا رَأَيتُ أَحَداً جَمَعَ الدَّجَّالِيْنَ قَبْلَه.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الخَلاَّلِ: أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ، أَنْبَأَنَا السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ مَاكَ، أَنْبَأَنَا الخَلِيْلِيُّ، سَمِعْتُ جَدِّي، وَالقَاسِمَ بنَ عَلْقَمَةَ، سَمِعنَا ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا ابْنُ رَاهَوَيْه، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ آدَمَ، سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: كُنْتُ بِالرَّيِّ عِنْدَ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ وَزِيْرِ المَهْدِيِّ، فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:
هَاتُوا اعْرِضُوا عَلَيَّ عُلُوْمَ مَالِكٍ، فَإِنِّي أَنَا بَيْطَارُهَا.
فَقَالَ مَالِكٌ: دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ هَذَا.
قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: لَمْ أَسْمَعْ بِجَمعِ الدَّجَّالِ إِلاَّ مِنْهُ.
وَبِهِ: إِلَى ابْنِ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ بِنَحْوِهَا، فَقَالَ مَالِكٌ:دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ هَكَذَا؟! نَحْنُ نَفَيْنَاهُ مِنَ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ هَارُوْنُ بنُ مَعْرُوْفٍ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَحْفَظَ النَّاسِ، وَكَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ أَوْ أَكْثَرُ، جَاءَ وَاسْتَودَعَهَا ابْنَ إِسْحَاقَ، يَقُوْلُ: احْفَظْهَا عَنِّي، فَإِنْ نَسِيْتُهَا، كُنْتَ قَدْ حَفِظْتَهَا عَلَيَّ.
وَعَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ الحَافِظِ، قَالَ:
كَيْفَ لاَ يَكُوْنُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ ثِقَةً، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الأَعْرَجِ، ثُمَّ يَرْوِي عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، عَنْهُ، ثُمَّ يَرْوِي عَنِ: ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْهُ؟!
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: إِنَّهُ لَيَبِيْنُ فِي حَدِيْثِهِ الصِّدْقُ، يَقُوْلُ مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، وَمَرَّةً ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ - وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ - عَنْ أَبِي النَّضْرِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ فِي: (سَلَفٍ وَبَيْعٍ ) وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاس عَنْ عَمْرٍو.
وَلَمْ أَجِدْ لَهُ سِوَى حَدِيْثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ:
نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي: (النُّعَاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ) .
وَالزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ: (مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ ) .
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ، وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَ بِكَذَا وَكَذَا عَنْ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: كَذَبَ الخَبِيْثُ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ سُفْيَانُ:
رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَرَانِي مَعَهُ أَحَدٌ، فَقَالَ: أَنَا أَرْصُدُ ابْنَ خُصَيْفَةَ، أَبْغِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَمَّا
حَدَّثَنِي عَنْهُ.ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: اتَّهَمُوْهُ بِالقَدَرِ.
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ: مَا رَويتُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ إِلاَّ بِاضْطِرَارٍ.
الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ إِسْحَاقَ:
كَيْفَ حَدِيْثُ شُرَحْبِيْلَ بنِ سَعْدٍ؟
فَقَالَ: وَأَحَدٌ يُحَدِّثُ عَنْ شُرَحْبِيْلَ؟
ثُمَّ قَالَ الفَلاَّسُ: العَجَبُ مِنْ رَجُلٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وَيَرغَبُ عَنْ شُرَحْبِيْلَ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَمَطَرٌ، وَأَبُو مَعْشَرٍ المَدِيْنِيُّ.
الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ لِعُبَيْدِ اللهِ: إِلَى أَيْنَ تَذهَبُ؟
قَالَ: أَذهَبُ إِلَى وَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، أَكْتُبُ السِّيْرَةَ.
قَالَ: يَكْتُبُ كَذِباً كَثِيْراً.
قُلْتُ: كَانَ وَهْبٌ يَروِيهَا عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَأَشَارَ يَحْيَى القَطَّانُ إِلَى مَا فِي السِّيْرَةِ مِنَ الوَاهِي مِنَ الشِّعْرِ، وَمِنْ بَعْضِ الآثَارِ المُنْقَطِعَةِ المُنْكَرَةِ، فَلَوْ حُذِفَ مِنْهَا ذَلِكَ، لَحَسُنَتْ، وَثَمَّ أَحَادِيْثُ جَمَّةٌ فِي الصِّحَاحِ وَالمَسَانِيْدِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالسِّيْرَةِ وَالمَغَازِي يَنْبَغِي أَنْ تُضَمَّ إِلَيْهَا وَتُرَتَّبَ، وَقَدْ فَعَلَ غَالِبَ هَذَا الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي (دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ) لَهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ شَيْئاً، كَانَ يُضَعِّفُهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طَلْحَةَ بنِ نَافِعٍ شَيْئاً.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
قَالَ إِنْسَانٌ لِلأَعْمَشِ: إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَنِ ابْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيْهِ، بِكَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ: كَذَبَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَكَذَبَ ابْنُ الأَسْوَدِ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بِكَذَا وَكَذَا.
قَالَ عَلِيٌّ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: الحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ -يَعْنِي: سَوَاءٌ- وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ دُوْنَهُمَا.وَقَالَ: تَرَكتُ ابْنَ إِسْحَاقَ مُتَعَمِّداً.
إِبْرَاهِيْمُ الحِزَامِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ:
رَأَيتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَكْتُبُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ.
قُلْتُ: هَذَا يُشَنَّعُ بِهِ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ حَمَلَ أَلوَاناً عَنِ الذِّمَّةِ مُتَرَخِّصاً بِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ وَلاَ حَرَجَ ) .
أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، قَالَ:
قَالَ أَبِي: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: يَا أَهْلَ العِرَاقِ! مَنْ يَغُتُّ عَلَيْكُم بَعْدَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي الخَضِرُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ:قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَا تَقُوْلُ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ؟
قَالَ: هُوَ كَثِيْرُ التَّدْلِيْسِ جِدّاً.
قُلْتُ: فَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي، وَحَدَّثَنِي، فَهُوَ ثِقَةٌ؟
قَالَ: هُوَ يَقُوْلُ أَخْبَرَنِي، فَيُخَالِفُ.
فَقِيْلَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ؟
فَقَالَ: لاَ، كَالمُنْكِرِ لِذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يَسْتَخِفُّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
بُنْدَارٌ: سَمِعْتُ مُعَاذاً يَقُوْلُ:
رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ إِزَارٌ رَقِيْقٌ مُتَخَلِّقٌ، وَخِصْيَتُهُ مُدَلاَّةٌ.
بُنْدَارٌ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَدِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَلْعَبُ بِالدُّيُوْكِ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَالمَدَائِنِيُّ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارِ بنِ خِيَارٍ، وَكَانَ خِيَارٌ لِقَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ يَقُوْلُ:
لَوْ كَانَ لِي سُلْطَانٌ، لأَمَّرْتُ ابْنَ إِسْحَاقَ عَلَى المُحَدِّثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ قُدَامَةَ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رِبْحِ بنِ سُلَيْمَانَ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاَةِ الظُّهرِ أَوِ العَصْرِ - شَكَّ يَزِيْدُ - وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي العَاصِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَضَعَهَا، ثُمَّ رَكَعَ، فَإِذَا قَامَ، حَمَلَهَا، فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ.
فَهَذَا أَعْلَى مَا يَقَعُ لَنَا مِنْ
حَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ.قَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، وَإِبْرَاهِيْمُ نَفْطَوَيْه، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ ابْنُ إِسْحَاقَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَغَيْرُهُم: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ شَبَابٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثٍ.
رَوَى لَهُ: مُسْلِمٌ فِي المُتَابَعَاتِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ: البُخَارِيُّ، وَأَخْرَجَ أَرْبَابُ السُّنَنِ لَهُ.
وَالوَهْبِيُّ: هُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155988&book=5567#2cb00c
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَامِرِيُّ
ابْنِ المُغِيْرَةِ بنِ الحَارِثِ بنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَاسْمُ أَبِي
ذِئْبٍ: هِشَامُ بنُ شُعْبَةَ.الإِمَام، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الحَارِثِ القُرَشِيُّ، العَامِرِيُّ، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ.
سَمِعَ: عِكْرِمَةَ، وَشُرَحْبِيْلَ بنَ سَعْدٍ، وَسَعِيْداً المَقْبُرِيَّ، وَنَافِعاً العُمَرِيَّ، وَأَسِيْدَ بن أَبِي أَسِيْدٍ البَرَّادَ، وَصَالِحاً مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَشُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَخَالَهُ؛ الحَارِثَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيَّ، وَمُسْلِمَ بنَ جُنْدَبٍ، وَابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ، وَالقَاسِمَ بنَ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ قَيْسٍ، وَإِسْحَاقَ بنَ يَزِيْدَ الهُذَلِيَّ، وَالزِّبْرِقَانَ بنَ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ سَمْعَانَ، وَعُثْمَانَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ سُرَاقَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ قُسَيْطٍ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، ثِقَةً، فَاضِلاً، قَوَّالاً بِالحَقِّ، مَهِيْباً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَشَبَابَةُ بنُ سَوَّارٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، وَحَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَوَكِيْعٌ، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَالمُقْرِئُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ يُشَبَّهُ بِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
فَقِيْلَ لأَحْمَدَ: خَلَّفَ مِثْلَهُ؟
قَالَ: لاَ.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ أَفْضَلَ مِنْ مَالِكٍ، إِلاَّ أَنَّ مَالِكاً -رَحِمَهُ اللهُ- أَشَدُّ تَنْقِيَةً لِلرِّجَالِ مِنْهُ.
قُلْتُ: وَهُوَ أَقدَمُ لُقْيَا لِلْكِبَارِ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنَّ مَالِكاً أَوسَعُ دَائِرَةً فِي العِلْمِ، وَالفُتْيَا، وَالحَدِيْثِ، وَالإِتقَانِ مِنْهُ بِكَثِيْرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ: وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَورَعِ النَّاسِ وَأَوْدَعِهِم.
وَرُمِيَ بِالقَدَرِ، وَمَا كَانَ قَدَرِيّاً، لقَدْ كَانَ يَتَّقِي قَوْلَهُم وَيَعِيبُهُ،
وَلَكِنَّهُ كَانَ رَجُلاً كَرِيْماً، يَجلِسُ إِلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ وَيَغشَاهُ، فَلاَ يَطرُدُهُ، وَلاَ يَقُوْلُ لَهُ شَيْئاً، وَإِنْ مَرِضَ، عَادَهُ، فَكَانُوا يَتَّهِمُونَه بِالقَدَرِ لِهَذَا وَشِبْهِهِ.قُلْتُ: كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَكْفَهِرَّ فِي وُجُوْهِهِم، وَلَعَلَّهُ كَانَ حَسَنَ الظَّنِّ بِالنَّاسِ.
ثُمَّ قَالَ الوَاقِدِيُّ تِلْمِيْذُهُ: وَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ أَجْمَعَ، وَيَجْتَهِدُ فِي العِبَادَةِ، وَلَوْ قِيْلَ لَهُ: إِنَّ القِيَامَةَ تَقُوْمُ غَداً، مَا كَانَ فِيْهِ مَزِيْدٌ مِنَ الاجْتِهَادِ.
أَخْبَرَنِي أَخُوْهُ، قَالَ: كَانَ أَخِي يَصُوْمُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً، ثُمَّ سَرَدَ الصَّوْمَ، وَكَانَ شَدِيْدَ الحَالِ، يَتَعَشَّى الخُبْزَ وَالزَّيْتَ، وَلَهُ قَمِيْصٌ وَطَيْلَسَانُ يَشْتُو فِيْهِ وَيَصِيْفُ.
قَالَ: وَكَانَ مِنْ رِجَالِ النَّاسِ صَرَامَةً، وَقَوْلاً بِالحَقِّ، وَكَانَ يَحفَظُ حَدِيْثَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ، وَكَانَ يَرُوحُ إِلَى الجُمُعُةِ بَاكِراً، فَيُصَلِّي إِلَى أَنْ يَخْرُجَ الإِمَامُ، وَرَأَيتُهُ يَأْتِي دَارَ أَجْدَادِهِ عِنْدَ الصَّفَا، فَيَأْخُذُ كِرَاءهَا، وَكَانَ لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
وَلَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، لَزِمَ بَيْتَه إِلَى أَنْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ، وَكَانَ أَمِيْرُ المَدِيْنَةِ الحَسَنُ بنُ زَيْدٍ يُجْرِي عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَنَانِيْرَ، وَقَدْ دَخَلَ مَرَّةً عَلَى وَالِي المَدِيْنَةِ، فَكَلَّمَه، وَهُوَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيٍّ عَمُّ المَنْصُوْرِ، فَكَلَّمَه فِي شَيْءٍ.
فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيٍّ: إِنِّيْ لأَرَاكَ مُرَائِياً.
فَأَخَذَ عُوْداً، وَقَالَ: مَنْ أُرَائِي، فَوَاللهِ لَلنَّاسُ عِنْدِي أَهَوْنُ مِنْ هَذَا.
وَلَمَّا وَلِيَ المَدِيْنَةَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِمائَةِ دِيْنَارٍ، فَاشْتَرَى مِنْهَا سَاجاً كُرْدِيّاً بِعَشْرَةِ دَنَانِيْرَ، فَلَبِسَه عُمُرَهُ، وَقَدِمَ بِهِ عَلَيْهِم بَغْدَادَ،
فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَبِلَ مِنْهُم، فَأَعْطَوْهُ أَلفَ دِيْنَارٍ -يَعْنِي: الدَّوْلَةَ- فَلَمَّا رَجَعَ، مَاتَ بِالكُوْفَةِ -رَحِمَهُ اللهُ-.نَقَلَ هَذَا كُلَّهُ: ابْنُ سَعْدٍ فِي (الطَّبَقَاتِ) ، عَنِ الوَاقِدِيِّ، وَالوَاقِدِيُّ - وَإِنْ كَانَ لاَ نِزَاعَ فِي ضَعْفِهِ - فَهُوَ صَادِقُ اللِّسَانِ، كَبِيْرُ القَدْرِ.
وَفِي (مُسْنَدِ) الشَّافِعِيِّ سَمَاعُنَا: أَخْبَرَنِي أَبُو حَنِيْفَةَ بنُ سِمَاكٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيْلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِنْ أَحَبَّ، أَخَذَ العَقْلَ، وَإِنْ أَحَبَّ، فَلَهُ القَوَدُ ) .
قُلْتُ لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: أَتَأْخُذُ بِهَذَا؟
فَضَرَبَ صَدْرِي، وَصَاحَ كَثِيْراً، وَنَالَ مِنِّي، وَقَالَ:
أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَقُوْلُ: تَأْخُذُ بِهِ؟! نَعَمْ، آخُذُ بِهِ، وَذَلِكَ الفَرْضُ عَلَيَّ وَعَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ، إِنَّ اللهَ اخْتَارَ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّاسِ، فَهَدَاهُم بِهِ، وَعَلَى يَدَيْهِ، فَعَلَى الخَلْقِ أَنْ يَتَّبِعُوْهُ طَائِعِيْنَ أَوْ دَاخِرِيْنَ، لاَ مَخْرَجَ لِمُسْلِمٍ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: بَلَغَ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ مَالِكاً لَمْ يَأْخُذْ بِحَدِيْثِ: (البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ ) .
فَقَالَ: يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَوْرَعُ وَأَقْوَلُ بِالحَقِّ مِنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: لَوْ كَانَ وَرِعاً كَمَا يَنْبَغِي، لَمَا قَالَ هَذَا الكَلاَمَ القَبِيْحَ فِي حَقِّ إِمَامٍ
عَظِيْمٍ، فَمَالِكٌ إِنَّمَا لَمْ يَعْمَلْ بِظَاهِرِ الحَدِيْثِ؛ لأَنَّهُ رَآهُ مَنْسُوْخاً.وَقِيْلَ: عَمِلَ بِهِ، وَحَمَلَ قَوْلَه: (حَتَّى يَتَفَرَّقَا) عَلَى التَّلَفُّظِ بِالإِيجَابِ وَالقَبُولِ، فَمَالِكٌ فِي هَذَا الحَدِيْثِ، وَفِي كُلِّ حَدِيْثٍ لَهُ أَجْرٌ وَلاَ بُدَّ، فَإِنْ أَصَابَ، ازْدَادَ أَجراً آخَرَ، وَإِنَّمَا يَرَى السَّيْفَ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ الحَرُوْرِيَّةُ.
وَبِكُلِّ حَالٍ: فَكَلاَمُ الأَقْرَانِ بَعْضِهِم فِي بَعْضٍ لاَ يُعَوَّلُ عَلَى كَثِيْرٍ مِنْهُ، فَلاَ نَقَصَتْ جَلاَلَةُ مَالِكٍ بِقَوْلِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِيْهِ، وَلاَ ضَعَّفَ العُلَمَاءُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ بِمَقَالَتِهِ هَذِهِ، بَلْ هُمَا عَالِمَا المَدِيْنَةِ فِي زَمَانِهِمَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.
وَلَمْ يُسنِدْهَا الإِمَامُ أَحْمَدُ، فَلَعَلَّهَا لَمْ تَصِحَّ.
كَتَبَ إِلَيَّ مُؤَمَّلٌ البَالِسِيُّ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ أَبَا اليُمْنِ الكِنْدِيَّ أَخْبَرَهُم، أَنْبَأَنَا القَزَّازُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ سَمِعَ عِكْرِمَةَ.
وَبِهِ: قَالَ الخَطِيْبُ: أَنْبَأَنَا الجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا المَرْزُبَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى، حَدَّثَنَا أَبُو العَيْنَاءِ، قَالَ:
لَمَّا حَجَّ المَهْدِيُّ، دَخَلَ مَسْجِدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ، إِلاَّ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ.
فَقَالَ لَهُ المُسَيِّبُ بنُ زُهَيْرٍ: قُمْ، هَذَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: إِنَّمَا يَقُوْمُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالِمِيْنَ.
فَقَالَ المَهْدِيُّ: دَعْهُ، فَلَقَدْ قَامَتْ كُلُّ شَعْرَةٍ فِي رَأْسِي.
وَبِهِ: قَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ لِلْمَنْصُوْرِ: قَدْ هَلَكَ النَّاسُ، فَلَوْ أَعَنْتَهُم مِنَ الفَيْءِ.
فَقَالَ: وَيْلَكَ! لَوْلاَ مَا سَدَدْتُ مِنَ الثُّغُورِ، لَكُنْتَ تُؤْتَى فِي مَنْزِلِكَ، فَتُذْبَحَ.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: قَدْ سَدَّ الثُّغُورَ، وَأَعْطَى النَّاسَ مَنْ هُوَ
خَيْرٌ مِنْكَ: عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.فَنَكَسَ المَنْصُوْرُ رَأْسَه - وَالسَّيْفُ بِيَدِ المُسَيِّبِ - ثُمَّ قَالَ: هَذَا خَيْرُ أَهْلِ الحِجَازِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ثِقَةٌ.
قَدْ دَخَلَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ، فَلَمْ يَهُلْهُ أَنْ قَالَ لَهُ الحَقَّ، وَقَالَ: الظُّلْمُ بِبَابِكَ فَاشٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَبُو جَعْفَرٍ.
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فَقِيْهَ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ البَغَوِيُّ: حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ سُفْيَانَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَجَجْتُ عَامَ حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ، وَمَعَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ، فَدَعَا ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، فَأَقعَدَهُ مَعَهُ عَلَى دَارِ النَّدْوَةِ، فَقَالَ لَهُ:
مَا تَقُوْلُ فِي الحَسَنِ بنِ زَيْدِ بنِ حَسَنٍ -يَعْنِي: أَمِيْرَ المَدِيْنَةِ-؟
فَقَالَ: إِنَّهُ لَيَتَحَرَّى العَدْلَ.
فَقَالَ لَهُ: مَا تَقُوْلُ فِيَّ - مَرَّتَيْنِ -؟
فَقَالَ: وَرَبِّ هَذِهِ البَنِيَّةِ، إِنَّكَ لَجَائِرٌ.
قَالَ: فَأَخَذَ الرَّبِيْعُ الحَاجِبُ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: كُفَّ يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ.
ثُمَّ أَمَرَ لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِثَلاَثِ مائَةِ دِيْنَارٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيِّبِ الأَرْغِيَانِيُّ : سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ:
مَا فَاتَنِي أَحَدٌ فَأَسِفْتُ عَلَيْهِ، مَا أَسِفْتُ عَلَى اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ.
قُلْتُ: أَمَّا فَوَاتُ اللَّيْثِ، فَنَعَمْ، وَأَمَّا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَمَا فَرَّطَ فِي الارْتِحَالِ إِلَيْهِ؛ لأَنَّهُ مَاتَ وَلِلشَّافِعِيِّ تِسْعَةُ أَعْوَامٍ.
عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ
عَسِراً، أَعْسَرَ أَهْلِ الدُّنْيَا، إِنْ كَانَ مَعَكَ الكِتَابُ، قَالَ: اقْرَأْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَكَ كِتَابٌ، فَإِنَّمَا هُوَ حِفْظٌ.فَقُلْتُ لِيَحْيَى: كَيْفَ كُنْتَ تَصْنَعُ فِيْهِ؟
قَالَ: كُنْتُ أَتَحَفَّظُهَا، وَأَكْتُبُهَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
فَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، سَمَاعُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، أَعَرْضٌ هُوَ؟
قَالَ: لاَ يُبَالِي كَيْفَ كَانَ.
قُلْتُ: كَانَ يُلَيِّنُهُ فِي الزُّهْرِيِّ بِهَذِهِ المَقَالَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالمُجَوِّدِ فِي الزُّهْرِيِّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ: سَأَلْتُ مُصْعَباً عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَقَالَ:
مَعَاذَ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ قَدَرِيّاً، إِنَّمَا كَانَ فِي زَمَنِ المَهْدِيِّ قَدْ أَخَذُوا أَهْلَ القَدَرِ، وَضَرَبُوْهُم، وَنَفَوْهُم، فَجَاءَ مِنْهُم قَوْمٌ إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَجَلَسُوا إِلَيْهِ، وَاعْتَصَمُوا بِهِ مِنَ الضَّربِ.
فَقِيْلَ: هُوَ قَدَرِيٌّ لأَجْلِ ذَلِكَ، لقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ: مَا تَكَلَّمَ فِيْهِ قَطُّ.
وَجَاءَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ، فَوَثَّقَهُ، وَلَمْ يَرضَهُ فِي الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
أَيُّمَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ: ابْنُ عَجْلاَنَ، أَوِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ؟
فَقَالَ: مَا فِيْهِمَا إِلاَّ ثِقَةٌ.
قَدِمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بَغْدَادَ، فَحَمَلُوا عَنْهُ العِلْمَ، وَأَجَازَه المَهْدِيُّ بِذَهَبٍ جَيِّدٍ، ثُمَّ رُدَّ إِلَى بِلاَدِهِ، فَأَدْرَكَهُ الأَجَلُ بِالكُوْفَةِ غَرِيْباً، وَذَاكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ البَغَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ رَجُلاً صَالِحاً، قَوَّالاً بِالحَقِّ، يُشَبَّهُ بِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
وَكَانَ قَلِيْلَ الحَدِيْثِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ البُخَارِيِّ، وَغَيْرُهُ كِتَابَةً، قَالُوا: أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ
الدَّارَقَزِّيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارْمَرْدَ الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ سَمْعَانَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَبَا قَتَادَةَ:عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يُبَايَعُ لِرَجُلٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، وَلَنْ يَسْتَحِلَّ البَيْتَ إِلاَّ أَهْلُهُ، فَإِذَا اسْتَحَلُّوْهُ، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ هَلَكَةِ العَرَبِ، ثُمَّ تَأْتِي الحَبَشَةُ، فَيُخَرِّبُوْنَهُ خَرَاباً لاَ يُعْمَرُ بَعْدَهَا أَبَداً، وَهُمُ الَّذِيْنَ يَسْتَخْرِجُوْنَ كَنْزَهُ ) .
وَبِهِ: أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ - هُوَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - قَالَ:
دَخَلَ المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَلَيْهِ ثَوْبُ إِسْتَبْرَقٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا العَبَّاسِ؟
قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: هَذَا الإِسْتَبْرَقُ.
قَالَ: مَا عَلِمتُ بِهِ، وَلاَ أَظُنُّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْهُ حِيْنَ نَهَى، إِلاَّ لِلتَّجَبُّرِ وَالتَّكَبُّرِ، وَلَسْنَا - بِحَمْدِ اللهِ - كَذَلِكَ.
قَالَ: فَمَا هَذِهِ الطُّيُوْرُ فِي الكَانُوْنِ -يَعْنِي: تَصَاوِيْرَ-؟
قَالَ: أَلاَ تَرَى كَيْفَ أَحرَقْنَاهَا بِالنَّارِ؟
فَلَمَّا خَرَجَ المِسْوَرُ، قَالَ: انْزِعُوا هَذَا الثَّوْبَ عَنِّي، وَاقْطَعُوا رَأْسَ هَذِهِ التَّمَاثِيْلِ وَالطُّيُوْرِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ ابْنُ صَصْرَى، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الكَرِيْمِ المُؤَمَّلُ الكَفَرْطَابِيُّ قِرَاءةً عَلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرٌ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مَعْرُوْفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ القَاضِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ:عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصُوْمُ يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ، وَيَأْمُرُ بِصِيَامِهِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ صَنَّفَ (مُوَطَّأً) ، فَلَمْ يُخْرَجْ.
ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ثِقَةٌ، وَكُلُّ مَنْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَثِقَةٌ، إِلاَّ أَبَا جَابِرٍ البَيَاضِيَّ، وَكُلُّ مَنْ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ ثِقَةٌ، إِلاَّ عَبْدَ الكَرِيْمِ أَبَا أُمَيَّةَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: أَخْذُه عَنِ الزُّهْرِيِّ عَرْضٌ، وَالعَرْضُ عِنْدَ جَمِيْعِ مَنْ أَدْرَكْنَا صَحِيْحٌ.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ وَيَحْيَى يَتَنَاظَرَانِ فِي ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيِّ، فَقَدَّمَ أَحْمَدَ المَخْرَمِيَّ.
فَقَالَ يَحْيَى: المَخْرَمِيُّ شَيْخٌ؟ وَأَيْش عِنْدَهُ؟
وَأَطرَى ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، وَقَدَّمَهُ عَلَى المَخْرَمِيِّ تَقْدِيْماً كَثِيْراً، مُتَفَاوِتاً.
فَذَكَرْتُ هَذَا لِعَلِيٍّ، فَوَافَقَ يَحْيَى.
وَسَأَلْتُ عَلِيّاً عَنْ سَمَاعِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ: هِيَ مُقَارَبَةٌ، وَهِيَ عَرْضٌ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ مِنْ أَورَعِ النَّاسِ، وَأَفَضْلِهِم، وَكَانُوا يَرْمُوْنَهُ بِالقَدَرَ، وَمَا كَانَ قَدَرِيّاً.أَخْبَرَنِي أَخُوْهُ، قَالَ: كَانَ يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً، فَقَدِمَ رَجُلٌ، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجْفَةِ الشَّامِ، فَأَقْبَلَ يُحَدِّثُهُ، وَيَسْتَمِعُ لَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ اليَوْمُ إِفَطَارَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: قُمْ، تَغَدَّ.
قَالَ: دَعْهُ اليَوْمَ.
فَسَرَدَ مِنْ ذَلِكَ اليَوْمِ، إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَكَانَ شَدِيْدَ الحَالِ، وَكَانَ مِنْ رِجَالِ النَّاسِ صَرَامَةً، وَكَانَ يَتَشَبَّبُ فِي حَدَاثتِهِ، حَتَّى كَبِرَ، وَطَلَبَ الحَدِيْثَ، وَقَالَ:
لَوْ طَلَبْتُ وَأَنَا صَغِيْرٌ، كُنْتُ أَدْرَكتُ المَشَايِخَ، فَفَرَّطْتُ فِيْهِم، كُنْتُ أَتَهَاوَنُ.
وَكَانَ يَحفَظُ الحَدِيْثَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ خَالِدٍ: كَانَ يُشَبَّهَ بَابْنِ المُسَيِّبِ، وَمَا كَانَ هُوَ وَمَالِكٌ فِي مَوْضِعٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ، إِلاَّ تَكَلَّمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بِالحَقِّ، وَالأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَمَالِكٌ سَاكِتٌ.
قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: مَا حَالُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِي الزُّهْرِيِّ؟
فَقَالَ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ثِقَةٌ.
قُلْتُ: هُوَ ثِقَةٌ، مَرْضِيٌّ.
وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ: سَأَلْتُ عَلِيّاً عَنْهُ، فَقَالَ:
كَانَ عِنْدَنَا ثِقَةً، وَكَانُوا يُوَهِّنُوْنَهُ فِي أَشْيَاءَ رَوَاهَا عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَسُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ، فَوَثَّقَهُ، وَلَمْ يَرْضَهُ فِي الزُّهْرِيِّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَطَائِفَةٌ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: اشْتَكَى بِالكُوْفَةِ، وَبِهَا مَاتَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ الله، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ:عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَبْعَثُ بِهَا، ثُمَّ لاَ يَجْتَنِبُ شَيْئاً مِمَّا يَجْتَنِبُهُ المُحْرِمُ.
صَحِيْحٌ، عَالٍ.
قِيْلَ: أَلَّفَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ كِتَاباً كَبِيْراً فِي السُّنَنِ.
ابْنِ المُغِيْرَةِ بنِ الحَارِثِ بنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَاسْمُ أَبِي
ذِئْبٍ: هِشَامُ بنُ شُعْبَةَ.الإِمَام، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الحَارِثِ القُرَشِيُّ، العَامِرِيُّ، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ.
سَمِعَ: عِكْرِمَةَ، وَشُرَحْبِيْلَ بنَ سَعْدٍ، وَسَعِيْداً المَقْبُرِيَّ، وَنَافِعاً العُمَرِيَّ، وَأَسِيْدَ بن أَبِي أَسِيْدٍ البَرَّادَ، وَصَالِحاً مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَشُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَخَالَهُ؛ الحَارِثَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيَّ، وَمُسْلِمَ بنَ جُنْدَبٍ، وَابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ، وَالقَاسِمَ بنَ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ قَيْسٍ، وَإِسْحَاقَ بنَ يَزِيْدَ الهُذَلِيَّ، وَالزِّبْرِقَانَ بنَ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ سَمْعَانَ، وَعُثْمَانَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ سُرَاقَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ قُسَيْطٍ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، ثِقَةً، فَاضِلاً، قَوَّالاً بِالحَقِّ، مَهِيْباً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَشَبَابَةُ بنُ سَوَّارٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، وَحَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَوَكِيْعٌ، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَأَسَدُ بنُ مُوْسَى، وَعَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَالمُقْرِئُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ يُشَبَّهُ بِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
فَقِيْلَ لأَحْمَدَ: خَلَّفَ مِثْلَهُ؟
قَالَ: لاَ.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ أَفْضَلَ مِنْ مَالِكٍ، إِلاَّ أَنَّ مَالِكاً -رَحِمَهُ اللهُ- أَشَدُّ تَنْقِيَةً لِلرِّجَالِ مِنْهُ.
قُلْتُ: وَهُوَ أَقدَمُ لُقْيَا لِلْكِبَارِ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنَّ مَالِكاً أَوسَعُ دَائِرَةً فِي العِلْمِ، وَالفُتْيَا، وَالحَدِيْثِ، وَالإِتقَانِ مِنْهُ بِكَثِيْرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ: وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَورَعِ النَّاسِ وَأَوْدَعِهِم.
وَرُمِيَ بِالقَدَرِ، وَمَا كَانَ قَدَرِيّاً، لقَدْ كَانَ يَتَّقِي قَوْلَهُم وَيَعِيبُهُ،
وَلَكِنَّهُ كَانَ رَجُلاً كَرِيْماً، يَجلِسُ إِلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ وَيَغشَاهُ، فَلاَ يَطرُدُهُ، وَلاَ يَقُوْلُ لَهُ شَيْئاً، وَإِنْ مَرِضَ، عَادَهُ، فَكَانُوا يَتَّهِمُونَه بِالقَدَرِ لِهَذَا وَشِبْهِهِ.قُلْتُ: كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَكْفَهِرَّ فِي وُجُوْهِهِم، وَلَعَلَّهُ كَانَ حَسَنَ الظَّنِّ بِالنَّاسِ.
ثُمَّ قَالَ الوَاقِدِيُّ تِلْمِيْذُهُ: وَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ أَجْمَعَ، وَيَجْتَهِدُ فِي العِبَادَةِ، وَلَوْ قِيْلَ لَهُ: إِنَّ القِيَامَةَ تَقُوْمُ غَداً، مَا كَانَ فِيْهِ مَزِيْدٌ مِنَ الاجْتِهَادِ.
أَخْبَرَنِي أَخُوْهُ، قَالَ: كَانَ أَخِي يَصُوْمُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً، ثُمَّ سَرَدَ الصَّوْمَ، وَكَانَ شَدِيْدَ الحَالِ، يَتَعَشَّى الخُبْزَ وَالزَّيْتَ، وَلَهُ قَمِيْصٌ وَطَيْلَسَانُ يَشْتُو فِيْهِ وَيَصِيْفُ.
قَالَ: وَكَانَ مِنْ رِجَالِ النَّاسِ صَرَامَةً، وَقَوْلاً بِالحَقِّ، وَكَانَ يَحفَظُ حَدِيْثَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ، وَكَانَ يَرُوحُ إِلَى الجُمُعُةِ بَاكِراً، فَيُصَلِّي إِلَى أَنْ يَخْرُجَ الإِمَامُ، وَرَأَيتُهُ يَأْتِي دَارَ أَجْدَادِهِ عِنْدَ الصَّفَا، فَيَأْخُذُ كِرَاءهَا، وَكَانَ لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
وَلَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، لَزِمَ بَيْتَه إِلَى أَنْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ، وَكَانَ أَمِيْرُ المَدِيْنَةِ الحَسَنُ بنُ زَيْدٍ يُجْرِي عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَنَانِيْرَ، وَقَدْ دَخَلَ مَرَّةً عَلَى وَالِي المَدِيْنَةِ، فَكَلَّمَه، وَهُوَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيٍّ عَمُّ المَنْصُوْرِ، فَكَلَّمَه فِي شَيْءٍ.
فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيٍّ: إِنِّيْ لأَرَاكَ مُرَائِياً.
فَأَخَذَ عُوْداً، وَقَالَ: مَنْ أُرَائِي، فَوَاللهِ لَلنَّاسُ عِنْدِي أَهَوْنُ مِنْ هَذَا.
وَلَمَّا وَلِيَ المَدِيْنَةَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِمائَةِ دِيْنَارٍ، فَاشْتَرَى مِنْهَا سَاجاً كُرْدِيّاً بِعَشْرَةِ دَنَانِيْرَ، فَلَبِسَه عُمُرَهُ، وَقَدِمَ بِهِ عَلَيْهِم بَغْدَادَ،
فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَبِلَ مِنْهُم، فَأَعْطَوْهُ أَلفَ دِيْنَارٍ -يَعْنِي: الدَّوْلَةَ- فَلَمَّا رَجَعَ، مَاتَ بِالكُوْفَةِ -رَحِمَهُ اللهُ-.نَقَلَ هَذَا كُلَّهُ: ابْنُ سَعْدٍ فِي (الطَّبَقَاتِ) ، عَنِ الوَاقِدِيِّ، وَالوَاقِدِيُّ - وَإِنْ كَانَ لاَ نِزَاعَ فِي ضَعْفِهِ - فَهُوَ صَادِقُ اللِّسَانِ، كَبِيْرُ القَدْرِ.
وَفِي (مُسْنَدِ) الشَّافِعِيِّ سَمَاعُنَا: أَخْبَرَنِي أَبُو حَنِيْفَةَ بنُ سِمَاكٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيْلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِنْ أَحَبَّ، أَخَذَ العَقْلَ، وَإِنْ أَحَبَّ، فَلَهُ القَوَدُ ) .
قُلْتُ لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: أَتَأْخُذُ بِهَذَا؟
فَضَرَبَ صَدْرِي، وَصَاحَ كَثِيْراً، وَنَالَ مِنِّي، وَقَالَ:
أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَقُوْلُ: تَأْخُذُ بِهِ؟! نَعَمْ، آخُذُ بِهِ، وَذَلِكَ الفَرْضُ عَلَيَّ وَعَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ، إِنَّ اللهَ اخْتَارَ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّاسِ، فَهَدَاهُم بِهِ، وَعَلَى يَدَيْهِ، فَعَلَى الخَلْقِ أَنْ يَتَّبِعُوْهُ طَائِعِيْنَ أَوْ دَاخِرِيْنَ، لاَ مَخْرَجَ لِمُسْلِمٍ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: بَلَغَ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ مَالِكاً لَمْ يَأْخُذْ بِحَدِيْثِ: (البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ ) .
فَقَالَ: يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَوْرَعُ وَأَقْوَلُ بِالحَقِّ مِنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: لَوْ كَانَ وَرِعاً كَمَا يَنْبَغِي، لَمَا قَالَ هَذَا الكَلاَمَ القَبِيْحَ فِي حَقِّ إِمَامٍ
عَظِيْمٍ، فَمَالِكٌ إِنَّمَا لَمْ يَعْمَلْ بِظَاهِرِ الحَدِيْثِ؛ لأَنَّهُ رَآهُ مَنْسُوْخاً.وَقِيْلَ: عَمِلَ بِهِ، وَحَمَلَ قَوْلَه: (حَتَّى يَتَفَرَّقَا) عَلَى التَّلَفُّظِ بِالإِيجَابِ وَالقَبُولِ، فَمَالِكٌ فِي هَذَا الحَدِيْثِ، وَفِي كُلِّ حَدِيْثٍ لَهُ أَجْرٌ وَلاَ بُدَّ، فَإِنْ أَصَابَ، ازْدَادَ أَجراً آخَرَ، وَإِنَّمَا يَرَى السَّيْفَ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ الحَرُوْرِيَّةُ.
وَبِكُلِّ حَالٍ: فَكَلاَمُ الأَقْرَانِ بَعْضِهِم فِي بَعْضٍ لاَ يُعَوَّلُ عَلَى كَثِيْرٍ مِنْهُ، فَلاَ نَقَصَتْ جَلاَلَةُ مَالِكٍ بِقَوْلِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِيْهِ، وَلاَ ضَعَّفَ العُلَمَاءُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ بِمَقَالَتِهِ هَذِهِ، بَلْ هُمَا عَالِمَا المَدِيْنَةِ فِي زَمَانِهِمَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.
وَلَمْ يُسنِدْهَا الإِمَامُ أَحْمَدُ، فَلَعَلَّهَا لَمْ تَصِحَّ.
كَتَبَ إِلَيَّ مُؤَمَّلٌ البَالِسِيُّ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ أَبَا اليُمْنِ الكِنْدِيَّ أَخْبَرَهُم، أَنْبَأَنَا القَزَّازُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ سَمِعَ عِكْرِمَةَ.
وَبِهِ: قَالَ الخَطِيْبُ: أَنْبَأَنَا الجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا المَرْزُبَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى، حَدَّثَنَا أَبُو العَيْنَاءِ، قَالَ:
لَمَّا حَجَّ المَهْدِيُّ، دَخَلَ مَسْجِدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ، إِلاَّ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ.
فَقَالَ لَهُ المُسَيِّبُ بنُ زُهَيْرٍ: قُمْ، هَذَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: إِنَّمَا يَقُوْمُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالِمِيْنَ.
فَقَالَ المَهْدِيُّ: دَعْهُ، فَلَقَدْ قَامَتْ كُلُّ شَعْرَةٍ فِي رَأْسِي.
وَبِهِ: قَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ لِلْمَنْصُوْرِ: قَدْ هَلَكَ النَّاسُ، فَلَوْ أَعَنْتَهُم مِنَ الفَيْءِ.
فَقَالَ: وَيْلَكَ! لَوْلاَ مَا سَدَدْتُ مِنَ الثُّغُورِ، لَكُنْتَ تُؤْتَى فِي مَنْزِلِكَ، فَتُذْبَحَ.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: قَدْ سَدَّ الثُّغُورَ، وَأَعْطَى النَّاسَ مَنْ هُوَ
خَيْرٌ مِنْكَ: عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.فَنَكَسَ المَنْصُوْرُ رَأْسَه - وَالسَّيْفُ بِيَدِ المُسَيِّبِ - ثُمَّ قَالَ: هَذَا خَيْرُ أَهْلِ الحِجَازِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ثِقَةٌ.
قَدْ دَخَلَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ، فَلَمْ يَهُلْهُ أَنْ قَالَ لَهُ الحَقَّ، وَقَالَ: الظُّلْمُ بِبَابِكَ فَاشٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَبُو جَعْفَرٍ.
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فَقِيْهَ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ البَغَوِيُّ: حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ سُفْيَانَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَجَجْتُ عَامَ حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ، وَمَعَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ، فَدَعَا ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، فَأَقعَدَهُ مَعَهُ عَلَى دَارِ النَّدْوَةِ، فَقَالَ لَهُ:
مَا تَقُوْلُ فِي الحَسَنِ بنِ زَيْدِ بنِ حَسَنٍ -يَعْنِي: أَمِيْرَ المَدِيْنَةِ-؟
فَقَالَ: إِنَّهُ لَيَتَحَرَّى العَدْلَ.
فَقَالَ لَهُ: مَا تَقُوْلُ فِيَّ - مَرَّتَيْنِ -؟
فَقَالَ: وَرَبِّ هَذِهِ البَنِيَّةِ، إِنَّكَ لَجَائِرٌ.
قَالَ: فَأَخَذَ الرَّبِيْعُ الحَاجِبُ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: كُفَّ يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ.
ثُمَّ أَمَرَ لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِثَلاَثِ مائَةِ دِيْنَارٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيِّبِ الأَرْغِيَانِيُّ : سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ:
مَا فَاتَنِي أَحَدٌ فَأَسِفْتُ عَلَيْهِ، مَا أَسِفْتُ عَلَى اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ.
قُلْتُ: أَمَّا فَوَاتُ اللَّيْثِ، فَنَعَمْ، وَأَمَّا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَمَا فَرَّطَ فِي الارْتِحَالِ إِلَيْهِ؛ لأَنَّهُ مَاتَ وَلِلشَّافِعِيِّ تِسْعَةُ أَعْوَامٍ.
عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ
عَسِراً، أَعْسَرَ أَهْلِ الدُّنْيَا، إِنْ كَانَ مَعَكَ الكِتَابُ، قَالَ: اقْرَأْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَكَ كِتَابٌ، فَإِنَّمَا هُوَ حِفْظٌ.فَقُلْتُ لِيَحْيَى: كَيْفَ كُنْتَ تَصْنَعُ فِيْهِ؟
قَالَ: كُنْتُ أَتَحَفَّظُهَا، وَأَكْتُبُهَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
فَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، سَمَاعُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، أَعَرْضٌ هُوَ؟
قَالَ: لاَ يُبَالِي كَيْفَ كَانَ.
قُلْتُ: كَانَ يُلَيِّنُهُ فِي الزُّهْرِيِّ بِهَذِهِ المَقَالَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالمُجَوِّدِ فِي الزُّهْرِيِّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ: سَأَلْتُ مُصْعَباً عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَقَالَ:
مَعَاذَ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ قَدَرِيّاً، إِنَّمَا كَانَ فِي زَمَنِ المَهْدِيِّ قَدْ أَخَذُوا أَهْلَ القَدَرِ، وَضَرَبُوْهُم، وَنَفَوْهُم، فَجَاءَ مِنْهُم قَوْمٌ إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَجَلَسُوا إِلَيْهِ، وَاعْتَصَمُوا بِهِ مِنَ الضَّربِ.
فَقِيْلَ: هُوَ قَدَرِيٌّ لأَجْلِ ذَلِكَ، لقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ: مَا تَكَلَّمَ فِيْهِ قَطُّ.
وَجَاءَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ، فَوَثَّقَهُ، وَلَمْ يَرضَهُ فِي الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
أَيُّمَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ: ابْنُ عَجْلاَنَ، أَوِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ؟
فَقَالَ: مَا فِيْهِمَا إِلاَّ ثِقَةٌ.
قَدِمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بَغْدَادَ، فَحَمَلُوا عَنْهُ العِلْمَ، وَأَجَازَه المَهْدِيُّ بِذَهَبٍ جَيِّدٍ، ثُمَّ رُدَّ إِلَى بِلاَدِهِ، فَأَدْرَكَهُ الأَجَلُ بِالكُوْفَةِ غَرِيْباً، وَذَاكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ البَغَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ رَجُلاً صَالِحاً، قَوَّالاً بِالحَقِّ، يُشَبَّهُ بِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
وَكَانَ قَلِيْلَ الحَدِيْثِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ البُخَارِيِّ، وَغَيْرُهُ كِتَابَةً، قَالُوا: أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ
الدَّارَقَزِّيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارْمَرْدَ الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ سَمْعَانَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَبَا قَتَادَةَ:عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يُبَايَعُ لِرَجُلٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، وَلَنْ يَسْتَحِلَّ البَيْتَ إِلاَّ أَهْلُهُ، فَإِذَا اسْتَحَلُّوْهُ، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ هَلَكَةِ العَرَبِ، ثُمَّ تَأْتِي الحَبَشَةُ، فَيُخَرِّبُوْنَهُ خَرَاباً لاَ يُعْمَرُ بَعْدَهَا أَبَداً، وَهُمُ الَّذِيْنَ يَسْتَخْرِجُوْنَ كَنْزَهُ ) .
وَبِهِ: أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ - هُوَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - قَالَ:
دَخَلَ المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَلَيْهِ ثَوْبُ إِسْتَبْرَقٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا العَبَّاسِ؟
قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: هَذَا الإِسْتَبْرَقُ.
قَالَ: مَا عَلِمتُ بِهِ، وَلاَ أَظُنُّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْهُ حِيْنَ نَهَى، إِلاَّ لِلتَّجَبُّرِ وَالتَّكَبُّرِ، وَلَسْنَا - بِحَمْدِ اللهِ - كَذَلِكَ.
قَالَ: فَمَا هَذِهِ الطُّيُوْرُ فِي الكَانُوْنِ -يَعْنِي: تَصَاوِيْرَ-؟
قَالَ: أَلاَ تَرَى كَيْفَ أَحرَقْنَاهَا بِالنَّارِ؟
فَلَمَّا خَرَجَ المِسْوَرُ، قَالَ: انْزِعُوا هَذَا الثَّوْبَ عَنِّي، وَاقْطَعُوا رَأْسَ هَذِهِ التَّمَاثِيْلِ وَالطُّيُوْرِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ ابْنُ صَصْرَى، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الكَرِيْمِ المُؤَمَّلُ الكَفَرْطَابِيُّ قِرَاءةً عَلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرٌ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مَعْرُوْفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ القَاضِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ:عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصُوْمُ يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ، وَيَأْمُرُ بِصِيَامِهِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ صَنَّفَ (مُوَطَّأً) ، فَلَمْ يُخْرَجْ.
ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ثِقَةٌ، وَكُلُّ مَنْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَثِقَةٌ، إِلاَّ أَبَا جَابِرٍ البَيَاضِيَّ، وَكُلُّ مَنْ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ ثِقَةٌ، إِلاَّ عَبْدَ الكَرِيْمِ أَبَا أُمَيَّةَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: أَخْذُه عَنِ الزُّهْرِيِّ عَرْضٌ، وَالعَرْضُ عِنْدَ جَمِيْعِ مَنْ أَدْرَكْنَا صَحِيْحٌ.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ وَيَحْيَى يَتَنَاظَرَانِ فِي ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيِّ، فَقَدَّمَ أَحْمَدَ المَخْرَمِيَّ.
فَقَالَ يَحْيَى: المَخْرَمِيُّ شَيْخٌ؟ وَأَيْش عِنْدَهُ؟
وَأَطرَى ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، وَقَدَّمَهُ عَلَى المَخْرَمِيِّ تَقْدِيْماً كَثِيْراً، مُتَفَاوِتاً.
فَذَكَرْتُ هَذَا لِعَلِيٍّ، فَوَافَقَ يَحْيَى.
وَسَأَلْتُ عَلِيّاً عَنْ سَمَاعِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ: هِيَ مُقَارَبَةٌ، وَهِيَ عَرْضٌ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ مِنْ أَورَعِ النَّاسِ، وَأَفَضْلِهِم، وَكَانُوا يَرْمُوْنَهُ بِالقَدَرَ، وَمَا كَانَ قَدَرِيّاً.أَخْبَرَنِي أَخُوْهُ، قَالَ: كَانَ يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً، فَقَدِمَ رَجُلٌ، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجْفَةِ الشَّامِ، فَأَقْبَلَ يُحَدِّثُهُ، وَيَسْتَمِعُ لَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ اليَوْمُ إِفَطَارَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: قُمْ، تَغَدَّ.
قَالَ: دَعْهُ اليَوْمَ.
فَسَرَدَ مِنْ ذَلِكَ اليَوْمِ، إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَكَانَ شَدِيْدَ الحَالِ، وَكَانَ مِنْ رِجَالِ النَّاسِ صَرَامَةً، وَكَانَ يَتَشَبَّبُ فِي حَدَاثتِهِ، حَتَّى كَبِرَ، وَطَلَبَ الحَدِيْثَ، وَقَالَ:
لَوْ طَلَبْتُ وَأَنَا صَغِيْرٌ، كُنْتُ أَدْرَكتُ المَشَايِخَ، فَفَرَّطْتُ فِيْهِم، كُنْتُ أَتَهَاوَنُ.
وَكَانَ يَحفَظُ الحَدِيْثَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ خَالِدٍ: كَانَ يُشَبَّهَ بَابْنِ المُسَيِّبِ، وَمَا كَانَ هُوَ وَمَالِكٌ فِي مَوْضِعٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ، إِلاَّ تَكَلَّمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بِالحَقِّ، وَالأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَمَالِكٌ سَاكِتٌ.
قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: مَا حَالُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِي الزُّهْرِيِّ؟
فَقَالَ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ثِقَةٌ.
قُلْتُ: هُوَ ثِقَةٌ، مَرْضِيٌّ.
وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ: سَأَلْتُ عَلِيّاً عَنْهُ، فَقَالَ:
كَانَ عِنْدَنَا ثِقَةً، وَكَانُوا يُوَهِّنُوْنَهُ فِي أَشْيَاءَ رَوَاهَا عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَسُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ، فَوَثَّقَهُ، وَلَمْ يَرْضَهُ فِي الزُّهْرِيِّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَطَائِفَةٌ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: اشْتَكَى بِالكُوْفَةِ، وَبِهَا مَاتَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ الله، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ:عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَبْعَثُ بِهَا، ثُمَّ لاَ يَجْتَنِبُ شَيْئاً مِمَّا يَجْتَنِبُهُ المُحْرِمُ.
صَحِيْحٌ، عَالٍ.
قِيْلَ: أَلَّفَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ كِتَاباً كَبِيْراً فِي السُّنَنِ.