أَبُو أمين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ روى عَنْهُ أَبُو الوازع جَابِر.
Al-Bukhārī (d. 870 CE) - al-Tārikh al-kabīr - البخاري - التاريخ الكبير
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
[
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 13266 31. أبو أمية ابن الأخنس1 32. أبو أمية الأنصاري1 33. أبو أمية الثقفي1 34. أبو أمية المخزومي1 35. أبو أمية بن الأخنس1 36. أبو أمين237. أبو أويس2 38. أبو أيوب الأزدي العتكي1 39. أبو أيوب الأنصاري2 40. أبو أيوب الإفريقي1 41. أبو أيوب والد سعيد بن أبي أيوب1 42. أبو إبراهيم الأشهلي الأنصاري1 43. أبو إبراهيم الشيباني أو السنباني1 44. أبو إبراهيم المصري1 45. أبو إدريس الأودي1 46. أبو إدريس الخولاني4 47. أبو إدريس السكوني1 48. أبو إدريس العبدي1 49. أبو إدريس المرهبي1 50. أبو إسحاق2 51. أبو إسحاق الشيباني5 52. أبو إسحاق الكوفي2 53. أبو إسرائيل الخشني1 54. أبو إمامة الباهلي1 55. أبو إياس البجلي1 56. أبو اسحاق السبيعى1 57. أبو اسماء1 58. أبو اسماء الرجى الشامي1 59. أبو اسمعيل السكوني1 60. أبو اسيد ابن ثابت الأنصاري1 61. أبو الأبرد1 62. أبو الأبيض1 63. أبو الأحوص6 64. أبو الأخضر العبدي1 65. أبو الأسود الدؤلي3 66. أبو الأسود الرياضي1 67. أبو الأسود الغفاري1 68. أبو الأشعث1 69. أبو الأشعث الصنعاني4 70. أبو الأشعث العطار1 71. أبو الأشعر العبدي1 72. أبو الأشهب2 73. أبو الأصبغ2 74. أبو الأعسر الخولاني الدمشقي1 75. أبو الاسواد البصري1 76. أبو الاشعث1 77. أبو الافلح الهمداني1 78. أبو البداح بن عاصم بن عدي الأنصاري1 79. أبو البلاد2 80. أبو البياع1 81. أبو الجارود1 82. أبو الجراح2 83. أبو الجراح المهري1 84. أبو الجزل1 85. أبو الجعاد1 86. أبو الجعد الضمري1 87. أبو الجلاس2 88. أبو الجميهر1 89. أبو الجنوب الأسدي2 90. أبو الجنيد1 91. أبو الجهم2 92. أبو الجهم الأيادي1 93. أبو الجودي1 94. أبو الجوزاء البصري1 95. أبو الجون1 96. أبو الحارث1 97. أبو الحارث الأنصاري1 98. أبو الحارث الكرماني1 99. أبو الحسن2 100. أبو الحسن البزاز1 101. أبو الحسن العسقلاني1 102. أبو الحسن المازني جد يحيى بن عمارة1 103. أبو الحصين1 104. أبو الحصين المكي1 105. أبو الحكم3 106. أبو الحكم التنوخي1 107. أبو الحكم الليثي1 108. أبو الحلال العتكي الأزدي البصري1 109. أبو الحمراء3 110. أبو الحواري1 111. أبو الحواري العمي البصري1 112. أبو الحوراء السعدي1 113. أبو الخضيب1 114. أبو الخطاب5 115. أبو الخطاب العتكي1 116. أبو الخطاب الهجري1 117. أبو الخطاب 1 118. أبو الخليل4 119. أبو الدرداء5 120. أبو الدرداء الرهاوي1 121. أبو الدهقان2 122. أبو الدهماء2 123. أبو الرباب1 124. أبو الربيع الأسدي1 125. أبو الربيع المدني3 126. أبو الرجال3 127. أبو الرحال2 128. أبو الرقاد1 129. أبو الرقاد شيخ1 130. أبو الزاهرية2 ◀ Prev. 100▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 13266 31. أبو أمية ابن الأخنس1 32. أبو أمية الأنصاري1 33. أبو أمية الثقفي1 34. أبو أمية المخزومي1 35. أبو أمية بن الأخنس1 36. أبو أمين237. أبو أويس2 38. أبو أيوب الأزدي العتكي1 39. أبو أيوب الأنصاري2 40. أبو أيوب الإفريقي1 41. أبو أيوب والد سعيد بن أبي أيوب1 42. أبو إبراهيم الأشهلي الأنصاري1 43. أبو إبراهيم الشيباني أو السنباني1 44. أبو إبراهيم المصري1 45. أبو إدريس الأودي1 46. أبو إدريس الخولاني4 47. أبو إدريس السكوني1 48. أبو إدريس العبدي1 49. أبو إدريس المرهبي1 50. أبو إسحاق2 51. أبو إسحاق الشيباني5 52. أبو إسحاق الكوفي2 53. أبو إسرائيل الخشني1 54. أبو إمامة الباهلي1 55. أبو إياس البجلي1 56. أبو اسحاق السبيعى1 57. أبو اسماء1 58. أبو اسماء الرجى الشامي1 59. أبو اسمعيل السكوني1 60. أبو اسيد ابن ثابت الأنصاري1 61. أبو الأبرد1 62. أبو الأبيض1 63. أبو الأحوص6 64. أبو الأخضر العبدي1 65. أبو الأسود الدؤلي3 66. أبو الأسود الرياضي1 67. أبو الأسود الغفاري1 68. أبو الأشعث1 69. أبو الأشعث الصنعاني4 70. أبو الأشعث العطار1 71. أبو الأشعر العبدي1 72. أبو الأشهب2 73. أبو الأصبغ2 74. أبو الأعسر الخولاني الدمشقي1 75. أبو الاسواد البصري1 76. أبو الاشعث1 77. أبو الافلح الهمداني1 78. أبو البداح بن عاصم بن عدي الأنصاري1 79. أبو البلاد2 80. أبو البياع1 81. أبو الجارود1 82. أبو الجراح2 83. أبو الجراح المهري1 84. أبو الجزل1 85. أبو الجعاد1 86. أبو الجعد الضمري1 87. أبو الجلاس2 88. أبو الجميهر1 89. أبو الجنوب الأسدي2 90. أبو الجنيد1 91. أبو الجهم2 92. أبو الجهم الأيادي1 93. أبو الجودي1 94. أبو الجوزاء البصري1 95. أبو الجون1 96. أبو الحارث1 97. أبو الحارث الأنصاري1 98. أبو الحارث الكرماني1 99. أبو الحسن2 100. أبو الحسن البزاز1 101. أبو الحسن العسقلاني1 102. أبو الحسن المازني جد يحيى بن عمارة1 103. أبو الحصين1 104. أبو الحصين المكي1 105. أبو الحكم3 106. أبو الحكم التنوخي1 107. أبو الحكم الليثي1 108. أبو الحلال العتكي الأزدي البصري1 109. أبو الحمراء3 110. أبو الحواري1 111. أبو الحواري العمي البصري1 112. أبو الحوراء السعدي1 113. أبو الخضيب1 114. أبو الخطاب5 115. أبو الخطاب العتكي1 116. أبو الخطاب الهجري1 117. أبو الخطاب 1 118. أبو الخليل4 119. أبو الدرداء5 120. أبو الدرداء الرهاوي1 121. أبو الدهقان2 122. أبو الدهماء2 123. أبو الرباب1 124. أبو الربيع الأسدي1 125. أبو الربيع المدني3 126. أبو الرجال3 127. أبو الرحال2 128. أبو الرقاد1 129. أبو الرقاد شيخ1 130. أبو الزاهرية2 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Al-Bukhārī (d. 870 CE) - al-Tārikh al-kabīr - البخاري - التاريخ الكبير are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63886&book=5519#73d9ba
أبو بكر الصديق, رضوان الله عليه
- أبو بكر الصديق, رضوان الله عليه. اسمه: عبد الله, ويقال: عتيق بن أبي قحافة. واسم أبي قحافة: عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة, أمه أم الخير بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة. مات بالمدينة في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة, وصلى عليه عمر بن الخطاب.
- أبو بكر الصديق, رضوان الله عليه. اسمه: عبد الله, ويقال: عتيق بن أبي قحافة. واسم أبي قحافة: عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة, أمه أم الخير بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة. مات بالمدينة في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة, وصلى عليه عمر بن الخطاب.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63886&book=5519#ea08da
أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- قال العجلي: سألت الفريابي ما تقول أبو بكر أفضل أو لقمان؟ قال: ما سمعت هذا إلا منك، أبو بكر أفضل من لقمان -رضي الله عنهما.
قال: عاتب الله الخلق في هذه الآية ما خلا أبا بكر الصديق {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} واسمه عبد الله بن عثمان، ولقبه عتيق من عتق وجهه، وكان أعلم قريش بأنسابها رضوان الله عليه.
قال: عاتب الله الخلق في هذه الآية ما خلا أبا بكر الصديق {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} واسمه عبد الله بن عثمان، ولقبه عتيق من عتق وجهه، وكان أعلم قريش بأنسابها رضوان الله عليه.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63886&book=5519#f47c45
أبو بكر الصديق
- أبو بكر الصديق. عليه السلام. واسمه عبد الله بن أبي قحافة. وَاسْمُهُ عُثْمَان بْن عَامِرِ بْن عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بن مرة. وأمه أم الخير واسمها سلمى بنت صخر بْن عامر بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّة. وكان لأبي بَكْر من الولد عَبْد الله وأسماء ذات النطاقين وأمهما قُتَيْلَةُ بِنْت عَبْد الْعُزَّى بْن عَبْد أَسْعَدَ بْن نضر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وعبد الرَّحْمَن وعائشة وأمهما أُمُّ رُومَانَ بِنْت عَامِرِ بْن عُوَيْمِرِ بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَتَّابِ بْن أذينة بْن سبيع بْن دهمان بْن الْحَارِث بْن غنم بن مالك بن كنانة. ويقال بل هي أم رومان بنت عامر بن عميرة بن ذهل بْن دهمان بْن الْحَارِث بْن غنم بْن مالك بْن كنانة. ومحمد بْن أبي بَكْر وأمه أَسْمَاءُ بِنْت عُمَيْسِ بْن مَعْدِ بْن تَيْمِ بْن الْحَارِث بْن كعب بْن مالك بْن قحافة بْن عامر بْن مالك بْن نسر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن حلف بْن أفتل. وهو خثعم. وأم كلثوم بِنْت أبي بَكْر وأمها حبيبة بِنْت خارجة بْن زيد بن أبي زهير من بني الحارث بْن الخزرج. وكانت بها نسأ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْر ولدت بعده. . قَالَ: وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَقَالَ: أَبُو قُحَافَةَ كَانَ اسْمُهُ عَتِيقًا. وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ غَيْرُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَرْسَلْتُ إِلَى ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصديق ما كَانَ اسْمُهُ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كَانَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ وَإِنَّمَا كَانَ عَتِيقٌ كَذَا وَكَذَا يَعْنِي لَقَبًا. قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: اسْمُ أَبِي بَكْرٍ عَتِيقُ بْنُ عُثْمَانَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينِ قَالَتْ: إِنِّي . . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ سَمَّيْتُمُوهُ الصِّدِّيقَ وَأَصَبْتُمُ اسْمَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ قَالَ: إِنَّا نُعَاتِبُ لا أَبَا لَكَ عُصْبَةً ... عَلَقُوا الْفِرَى وَبَرَوْا مِنَ الصِّدِّيقِ وَبَرَوْا سَفَاهًا مِنْ وَزِيرِ نَبِيِّهِمْ ... تَبًّا لِمَنْ يَبْرَا مِنَ الْفَارُوقِ إِنِّي عَلَى رَغْمَ العداة لقائل ... دانى بدين الصادق المصدوق أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُسَمَّى الأَوَّاهُ لِرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ. ذِكْرُ إِسْلامِ أَبِي بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ: قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيِّ عَنْ أَبِي أَرْوَى الدَّوْسِيِّ قَالُوا: أَوَّلُ مَنْ أسلم أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: أَسْلَمَ أَبِي أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ وَلا وَاللَّهِ مَا عَقَلْتُ أَبِي إِلا وَهُوَ يَدِينُ الدين. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا عَقَلْتُ أَبَوَيَّ إِلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَمَا مَرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ قَطُّ إِلا وَرَسُولُ اللَّهِ يَأْتِينَا فِيهِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِبِلالٍ: مَنْ سَبَقَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالَ: مَنْ صَلَّى؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: قَالَ الرَّجُلُ إِنَّمَا أَعْنِي فِي الْخَيْلِ. قَالَ بِلالٌ: وَأَنَا إِنَّمَا أَعْنِي فِي الْخَيْرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ أَسْلَمَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعْرُوفًا بِالتِّجَارَةِ. لَقَدْ بُعِثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَكَانَ يُعْتِقُ مِنْهَا وَيُقَوِّي الْمُسْلِمِينَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِخَمْسَةِ آلافِ دِرْهَمٍ ثُمَّ كَانَ يَفْعَلُ فِيهَا مَا كَانَ يَفْعَلُ بِمَكَّةَ. ذِكْرُ الْغَارِ وَالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ: قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَكَانَ لأَبِي بَكْرٍ بَعِيرٌ. وَاشْتَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بعيرا آخر فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعِيرًا وركب أبو بكر بعيرا وركب آخَرَ فِيمَا يَعْلَمُ حَمَّادٌ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بعيرا. فكان رسول الله. ص. عَلَى بَعِيرِ أَبِي بَكْرٍ. وَيَتَحَوَّلُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى بَعِيرِ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ. وَيَتَحَوَّلُ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ إِلَى بَعِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَاسْتَقْبَلَتْهُمَا هَدِيَّةٌ مِنَ الشَّامِ مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِيهَا ثِيَابُ بَيَاضٌ مِنْ ثِيَابِ الشام فلبساها فدخلا المدينة في ثياب بياض. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أن عبد الله بْنَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِالطَّعَامِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَهُمَا فِي الْغَارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي معمر عن الزهري عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ خُرُوجُ أَبِي بَكْرٍ لِلْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَمَعَهُمَا دَلِيلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ الدِّيلِيُّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْكُفْرِ وَلَكِنَّهُمَا أَمِنَاهُ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَطُوفِ الْجَزَرِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى حَبِيبِ بْنِ يَسَافٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: نَزَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: نَزَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ وَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُ وَلَمْ يَزَلْ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بِالسُّنْحِ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ آخَى بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. . . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: لَمَّا أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ جَعَلَ لأَبِي بَكْرٍ مَوْضِعَ دَارِهِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي صَارَتْ لآلِ معمر. قَالُوا: وَشَهِدَ أَبُو بَكْرٍ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَايَتَهُ الْعُظْمَى يَوْمَ تَبُوكَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَكَانَتْ سَوْدَاءَ وَأَطْعَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ مِائَةَ وَسْقٍ. وَكَانَ فِي مَنْ ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد حين وَلَّى النَّاسُ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ إِلَى نَجْدٍ وأمره علينا فَبَيَّتْنَا نَاسًا مِنْ هَوَازِنٍ فَقَتَلْتُ بِيَدَيَّ سَبْعَةَ أَهْلَ أَبْيَاتٍ. وَكَانَ شِعَارُنَا أَمِتْ أَمِتْ. . . . . . . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ أَغْيَرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أبو بكر. . قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ أن النبي. ص. لَمْ يَحُجَّ عَامَ الْفَتْحِ وَأَنَّهُ أَمَّرَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَلَى الْحَجِّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: أخبرنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ فِي أَوَّلِ حَجَّةٍ كَانَتْ فِي الإِسْلامِ. ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ. فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ اسْتَعْمَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ مِنْ قَابِلٍ. فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ عَلَى الْحَجِّ. ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عُمَرُ يَحُجُّ سِنِيهُ كُلَّهَا حَتَّى قُبِضَ فَاسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ فَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ عَلَى الْحَجِّ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْخَزَّازُ الْوَاسِطِيُّ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي صَدَقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بعد النبي ص أَهْيَبَ لِمَا لا يُعْلَمُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ. وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ أَهْيَبَ لِمَا لا يُعْلَمُ مِنْ عُمَرَ. وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ نَزَلَتْ بِهِ قَضِيَّةٌ لَمْ نَجِدْ لَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَصْلا وَلا فِي السُّنَّةِ أَثَرًا فَقَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. . . ذِكْرُ الصَّلاةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أَبَا بَكْرٍ عِنْدَ وَفَاتِهِ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتِ الأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. قَالَ فَأَتَاهُمْ عُمَرُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟ قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ. . فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. قَالَتْ فَأَمَرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلاةَ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من نَفْسِهِ خِفَّةً فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلاهُ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ. فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُمْ كَمَا أَنْتَ. قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِصَلاةِ أَبِي بَكْرٍ. . فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قال: أخبرنا أبو إِسْرَائِيلَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ قَالَ: صَلَّى أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ ثَلاثًا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْجُعْفِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ عَفَّانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَسُئِلَتْ: يا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ مُسْتَخْلِفًا لَوِ اسْتَخْلَفَ؟ قَالَتْ: أَبَا بَكْرٍ. ثُمَّ قِيلَ لَهَا: مِنْ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَتْ: عُمَرُ. ثُمَّ قِيلَ لَهَا: مِنْ بَعْدَ عُمَرَ؟ قَالَتْ: أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. قَالَ ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى ذَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَكَانَ إِذَا وَجَدَ خِفَّةً صَلَّى وَإِذَا ثَقُلَ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ. ذِكْرُ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ: قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى عُمَرُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: ابْسُطْ يَدَكَ فَلأُبَايِعْكَ فَإِنَّكَ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِعُمَرَ: مَا رَأَيْتُ لَكَ فَهَّةً قَبْلَهَا مُنْذُ أَسْلَمْتُ. أَتُبَايِعُنِي وَفِيكُمُ الصِّدِّيقُ وَثَانِيَ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - أتوا أبا عبيدة قال: أَتَأْتُونِي وَفِيكُمْ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ؟ قَالَ أَبُو عَوْنٍ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ مَا ثَالِثُ ثَلاثَةٍ؟ قَالَ: أَلَمْ تر تِلْكَ الآيَةِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. وَذَكَرَ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: وَلَيْسَ فِيكُمْ مَنْ تُقْطَعَ إِلَيْهِ الأَعْنَاقُ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ قَالَ: لَمَّا أَبْطَأَ النَّاسُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنِّي؟ أَلَسْتُ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى؟ أَلَسْتُ أَلَسْتُ؟ قَالَ فَذَكَرَ خِصَالا فَعَلَهَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا تُوُفِّيَ اجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. قَالَ: فَقَامَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَكَانَ بَدْرِيًّا فَقَالَ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَنْفَسُ هَذَا الأَمْرَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ وَلَكِنَّا نخاف أَنْ يَلِيَهَا. أَوْ قَالَ يَلِيَهُ. أَقْوَامٌ قَتَلْنَا آبَاءَهُمْ وَإِخْوَتَهُمْ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَمُتْ إِنِ اسْتَطَعْتَ. فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ وَهَذَا الأَمْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ نِصْفَيْنِ كَقَدِّ الأُبْلُمَةَ. يَعْنِي الْخُوصَةَ. فَبَايَعَ أَوَّلُ النَّاسِ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو النُّعْمَانِ. قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ قَسْمًا فَبَعَثَ إِلَى عَجُوزٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ بِقِسْمِهِا مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ قَالَ: قِسْمٌ قَسَمَهُ أَبُو بَكْرٍ لِلنِّسَاءِ. فَقَالَتْ: أَتُرَاشُونِي عَنْ دِينِي؟ فَقَالُوا: لا. فَقَالَتْ: أَتَخَافُونَ أَنْ أَدَعَ مَا أَنَا عَلَيْهِ؟ فَقَالُوا: لا. قالت: فو الله لا آخُذُ مِنْهُ شَيْئًا أَبَدًا. فَرَجَعَ زَيْدٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَتْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَحْنُ لا نَأْخُذُ مِمَّا أَعْطَيْنَاهَا شَيْئًا أَبَدًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَظُنُّهُ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: لَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ وَلِيتُ أَمْرَكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ وَلَكِنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ وَسَنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّنَنَ فَعَلَّمَنَا فَعَلِمْنَا. اعْلَمُوا أَنَّ أَكْيَسَ الْكَيْسِ التَّقْوَى وَأَنَّ أَحْمَقَ الْحُمْقَ الْفُجُورَ. وَأَنَّ أَقْوَاكُمْ عِنْدِيَ الضَّعِيفُ حَتَّى آخِذَ لَهُ بِحَقِّهِ وَأَنَّ أَضْعَفَكُمْ عِنْدِيَ الْقَوِيُّ حَتَّى آخِذَ مِنْهُ الْحَقَّ. أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا مُتَّبِعٌ وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ. فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وَإِنْ زُغْتُ فَقَوِّمُونِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَشُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بن أبي أوفى أوصى رسول الله. ص؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَكَيْفَ كَتَبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةَ وَأُمِرُوا بِهَا؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ: وَقَالَ هُذَيْلٌ: أَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَمَّرُ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ؟ لَوَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقْدًا فَخَزَمَ أَنْفَهُ بِخِزَامَةٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَظَرْنَا فِي أَمْرِنَا فَوَجَدْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ فِي الصَّلاةِ فَرَضِينَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِدِينِنَا فَقَدَّمْنَا أَبَا بَكْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَرْقَمِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ أَخَذَ مِنْ حَيْثُ كَانَ بَلَغَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ القراءة. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ. فقال: لست بخليفة الله ولكني خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ. أَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ الْمَكِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ صَيَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارْتَجَّتْ مَكَّةُ فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَمَنْ وَلِيَ النَّاسَ بَعْدَهُ؟ قَالُوا: ابْنُكَ. قَالَ: أَرَضِيَتْ بِذَلِكَ بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنُو الْمُغِيرَةِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّهُ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ ارْتَجَّتْ مَكَّةُ بِرَجَّةٍ هِيَ دُونَ الأُولَى فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُكَ مَاتَ. فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: هَذَا خَبَرٌ جَلِيلٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ أَصْبَحَ غَادِيًا إِلَى السُّوقِ وَعَلَى رَقَبَتِهِ أَثْوَابٌ يَتَّجِرُ بِهَا فَلَقِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقَالا لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: السُّوقَ. قَالا: تَصْنَعُ مَاذَا وَقَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ أُطْعِمُ عِيَالِي؟ قَالا لَهُ: انْطَلِقْ حَتَّى نَفْرِضَ لَكَ شَيْئًا. فَانْطَلَقَ مَعَهُمَا فَفَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ شَطْرَ شَاةٍ وماكسوه فِي الرَّأْسِ وَالْبَطْنِ. فَقَالَ عُمَرُ: إِلَيَّ الْقَضَاءُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَإِلَيَّ الْفَيْءُ. قَالَ عُمَرُ: فَلَقَدْ كَانَ يَأْتِي عَلَيَّ الشَّهْرُ مَا يَخْتَصِمُ إِلَيَّ فِيهِ اثْنَانِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ رَجُلا رَأَى عَلَى عُنُقِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَبَاءَةً فَقَالَ: مَا هَذَا؟ هَاتِهَا أَكْفِيكَهَا. فَقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي لا تَغُرَّنِي أَنْتَ وَابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ عِيَالِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ: لَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ: افْرِضُوا لِخَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ مَا يُغْنِيهِ. قَالُوا: نَعَمْ. بُرْدَاهُ إِذَا أَخْلَقَهُمَا وَضَعَهُمَا وَأَخَذَ مِثْلَهُمَا وَظَهْرُهُ إِذَا سَافَرَ وَنَفَقَتُهُ عَلَى أَهْلِهِ كَمَا كَانَ يُنْفِقُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخْلَفَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَضِيتُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا اسْتُخْلِفَ رَاحَ إِلَى السُّوقِ يَحْمِلُ أَبْرَادًا لَهُ وَقَالَ: لا تَغُرُّونِي مِنْ عِيَالِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: قَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنَّ حِرْفَتِيَ لَمْ تَكُنْ لِتَعْجَزَ عن مؤونة أَهْلِي وَقَدْ شُغِلْتُ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ وَسَأَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي مَالِهِمْ وَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لما أستخلف أبو بكر جعلوا له ألفين فقال: زيدوني فإن لي عيالاً وقد شغلتموني عن التجارة. قال فزادوه خمسمائة. قال: إما أن تكون ألفين فزادوه خمسمائة أو كانت ألفين وخمسمائة فزادوه خمسمائة. ذكر بيعة أبي بكر. رحمه اللَّهِ: قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَبِيحَةَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَغَيْرُ هَؤُلاءِ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي بِبَعْضِهِ فَدَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَوْمَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مَنْزِلَهُ بِالسُّنْحِ عِنْدَ زَوْجَتِهِ حَبِيبَةَ بِنْتِ خَارِجَةَ بْنِ زيد بن أبي زهير من بني الحارث بْنِ الْخَزْرَجِ. وَكَانَ قَدْ حَجَّرَ عَلَيْهِ حُجْرَةً مِنْ شَعْرٍ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَحَوَّلَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِالْمَدِينَةِ فَأَقَامَ هُنَاكَ بِالسُّنْحِ بعد ما بُويِعَ لَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَغْدُو عَلَى رِجْلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَرُبَّمَا رَكِبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ مُمَشَّقٌ فَيُوافِي الْمَدِينَةَ فَيُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِالنَّاسِ فَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ بِالسُّنْحِ. فَكَانَ إِذَا حَضَرَ صَلَّى بِالنَّاسِ وَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ صَلَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَكَانَ يُقِيمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي صَدْرِ النَّهَارِ بِالسُّنْحِ يَصْبُغُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ ثُمَّ يَرُوحُ لِقَدَرِ الْجُمُعَةِ فَيُجَمِّعُ بِالنَّاسِ. وَكَانَ رَجُلا تَاجِرًا فَكَانَ يَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ السُّوقَ فَيَبِيعَ وَيَبْتَاعَ. وَكَانَتْ لَهُ قِطْعَةُ غَنْمٍ تَرُوحُ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا خَرَجَ هُوَ نَفْسُهُ فِيهَا وَرُبَّمَا كُفِيَهَا فَرُعِيَتْ لَهُ. وَكَانَ يَحْلُبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ. فَلَمَّا بُويِعَ لَهُ بِالْخِلافَةِ قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنَ الْحَيِّ: الآنَ لا تُحْلَبِ لَنَا مَنَائِحَ دَارِنَا. فَسَمِعَهَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: بَلَى لَعَمْرِي لأَحْلُبَنَّهَا لَكُمْ وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يُغَيِّرُنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ خُلُقٍ كُنْتُ عَلَيْهِ. فَكَانَ يَحْلُبُ لَهُمْ فَرُبَّمَا قَالَ لِلْجَارِيَةِ مِنَ الْحَيِّ: يَا جَارِيَةُ أَتُحِبِّينَ أَنْ أُرْغِيَ لَكِ أَوْ أُصَرِّحَ؟ فَرُبَّمَا قَالَتْ: أَرْغِ. وَرُبَّمَا قَالَتْ: صَرِّحْ. فَأَيُّ ذَلِكَ قَالَتْ فَعَلَ. فَمَكَثَ كَذَلِكَ بِالسُّنْحِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَامَ بِهَا وَنَظَرَ فِي أَمَرِهِ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ مَا يُصْلِحُ أَمْرَ النَّاسِ التِّجَارَةُ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمْ إِلا التَّفَرُّغُ وَالنَّظَرُ فِي شَأْنِهِمْ وَمَا بُدٌّ لِعِيَالِي مِمَّا يُصْلِحُهُمْ. فَتَرَكَ التِّجَارَةَ وَاسْتَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مَا يُصْلِحُهُ وَيُصْلِحُ عِيَالَهُ يَوْمًا بِيَوْمٍ وَيَحُجُّ وَيَعْتَمِرُ. وَكَانَ الَّذِي فَرَضُوا لَهُ كُلَّ سَنَةٍ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَمٍ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: رُدُّوا مَا عِنْدَنَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنِّي لا أُصِيبُ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْئًا. وَإِنَّ أَرْضِيَ الَّتِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا لِلْمُسْلِمِينَ بِمَا أَصَبْتُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. فَدُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ وَلَقُوحٌ وَعَبْدٌ صَيْقَلٌ وَقَطِيفَةٌ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمٍ فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ. قَالُوا: وَاسْتَعْمَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. ثُمَّ اعْتَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فِي رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فَدَخَلَ مَكَّةَ ضَحْوَةً فَأَتَى مَنْزِلَهُ وَأَبُو قُحَافَةَ جَالِسٌ عَلَى بَابِ دَارِهِ مَعَهُ فِتْيَانٌ أَحْدَاثٌ يُحَدِّثُهُمْ إِلَى أَنْ قِيلَ لَهُ هَذَا ابْنُكَ. فَنَهَضَ قَائِمًا وَعَجَّلَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُنِيخَ رَاحِلَتَهُ فَنَزَلَ عَنْهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا أَبَتِ لا تَقُمْ. ثُمَّ لاقَاهُ فَالْتَزَمَهُ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْ أَبِي قُحَافَةَ وَجَعَلَ الشَّيْخُ يَبْكِي فَرَحًا بِقُدُومِهِ. وَجَاءَ إِلَى مَكَّةَ عَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ وَسُهَيْلُ بْن عَمْرو وَعِكْرِمَةُ بْن أَبِي جَهْلٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ: سلام عليك يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَى أَبِي قُحَافَةَ فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: يَا عَتِيقُ هَؤُلاءِ الْمَلأُ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا أَبَتِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ! طُوِّقْتُ عَظِيمًا مِنَ الأَمْرِ لا قُوَّةَ لِي بِهِ وَلا يَدَانِ إِلا بِاللَّهِ. ثُمَّ دَخَلَ فَاغْتَسَلَ وَخَرَجَ وَتَبِعَهُ أَصْحَابُهُ فَنَحَّاهُمْ ثُمَّ قَالَ: امْشُوا عَلَى رِسْلِكُمْ. وَلَقِيَهُ النَّاسُ يَتَمَشَّوْنَ فِي وَجْهِهِ وَيُعَزُّونَهُ بِنَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَبْكِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ فَاضْطَبَعَ بِرِدَائِهِ ثُمَّ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ طَافَ سَبْعًا وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَلَمَّا كَانَ الظُّهْرُ خَرَجَ فَطَافَ أَيْضًا بِالْبَيْتِ. ثُمَّ جَلَسَ قَرِيبًا مِنْ دَارِ النَّدْوَةِ فَقَالَ: هَلْ مِنْ أَحَدٍ يَتَشَكَّى مِنْ ظُلامَةٍ أَوْ يَطْلُبُ حَقًّا؟ فَمَا أَتَاهُ أَحَدٌ وَأَثْنَى النَّاسُ عَلَى وَالِيهِمْ خَيْرًا. ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ وَجَلَسَ فَوَدَّعَهُ النَّاسُ. ثُمَّ خَرَجَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا كَانَ وَقْتَ الْحَجِّ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ تِلْكَ السَّنَةَ وَأَفْرَدَ الْحَجَّ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ. ذِكْرُ صِفَةِ أَبِي بَكْرٍ: قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ رَجُلا نَحِيفًا خَفِيفَ اللَّحْمِ أَبْيَضَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَظَرَتْ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ مَارًّا وَهِيَ فِي هَوْدَجِهَا فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَشْبَهَ بِأَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا. فَقُلْنَا: صِفِي لَنَا أَبَا بَكْرٍ. فَقَالَتْ: رَجُلٌ أَبْيَضُ. نَحِيفٌ. خَفِيفُ الْعَارِضَيْنِ. أَجْنَأُ لا يَسْتَمْسِكُ إِزَارَهُ يَسْتَرْخِي عَنْ حَقْوَتِهِ. مَعْرُوقُ الْوَجْهِ. غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ. نَاتِئُ الْجَبْهَةِ. عَارِي الأَشَاجِعِ. هَذِهِ صِفَتُهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ يَذْكُرُ هَذِهِ الصِّفَةَ بِعَيْنِهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: مَرَرْتُ بِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ خَلِيفَةٌ يَوْمَئِذٍ وَلِحْيَتُهُ حَمْرَاءُ قَانِيَةٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاسِلِ كَأَنَّ لِحْيَتَهُ لُهَابِ الْعَرْفَجِ. شَيْخًا خَفِيفًا أَبْيَضَ. عَلَى نَاقَةٍ لَهُ أَدْمَاءَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَأَنَّهُمَا جَمْرُ الْغَضَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ. وَكَانَ جَلِيسًا لَهُمْ. كَانَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَغَدَا عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ حَمَّرَهَا فَقَالَ لَهُ القوم: هذا أحسن. فقال: إِنَّ أُمِّي عَائِشَةُ أَرْسَلَتْ إِلَيَّ الْبَارِحَةَ جَارِيَتَهَا نُخَيْلَةَ فَأَقْسَمَتْ عَلَيَّ لأَصْبُغَنَّ وَأَخْبَرَتْنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَصْبُغُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ صَبَغَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَذُكِرَ عِنْدَهَا رَجُلٌ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ فَقَالَتْ إِنْ يَخْضِبْ فَقَدْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ قَبْلَهُ بِالْحِنَّاءِ. قَالَ الْقَاسِمُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَضَبَ لَبَدَأْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَتْهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَخَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَمْ يَشِنْهُ الشَّيْبُ وَلَكِنْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَخَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَخْتَضِبُ أَبُو بَكْرٍ؟ قَالَ: بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: قُلْتُ فَعُمَرُ؟ قال: بالحناء. قال: قلت فالنبي. ص؟ قَالَ: لَمْ يُدْرِكْ ذَاكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خضب أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَصْبُغُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي خَيْثَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ خَضَبَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْضِبُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَدْ كَانَ يُغَيِّرُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَشْيَاخٍ مِنَ الأَنْصَارِ بِمَكَّةَ فَسَأَلَهُمْ عُبَيْدُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ أَكَانَ عُمَرُ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ؟ فَقَالُوا: أَخْبَرَنَا فُلانٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُبَيْلٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ وَكَأَنَّ لِحْيَتَهُ ضِرَامُ عَرْفَجٍ مِنْ شِدَّةَ الْحُمْرَةِ مِنَ الْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ عَنْ رَجُلٍ أَظُنُّهُ قَالَ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ وَسَّاجٍ حدثه عن أنس خادم النبي. ص. قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة وليس في أصحابه غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ فَغَلَّفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ سِيرِينَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ هَلْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْضِبُ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: حَسْبِي. ذكر وصية أبي بكر: قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ أَبُو بَكْرٍ مَرَضُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ: انْظُرُوا مَا زَادَ فِي مَالِي مُنْذُ دَخَلْتُ الإِمَارَةَ فَابْعَثُوا بِهِ إِلَى الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِي فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ أَسْتَحِلُّهُ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ أَسْتَصْلِحُهُ جَهْدِي. وَكُنْتُ أُصِيبُ مِنَ الْوَدَكِ نَحْوًا مِمَّا كُنْتُ أُصِيبُ فِي التِّجَارَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا مَاتَ نَظَرْنَا فَإِذَا عَبْدٌ نُوبِيُّ كَانَ يَحْمِلُ صِبْيَانَهُ وَإِذَا نَاضِحٌ كَانَ يَسْنِي عَلَيْهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ: نَاضِحٌ كَانَ يَسْقِي بُسْتَانًا لَهُ. قَالَتْ فَبَعَثْنَا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ. قَالَتْ فَأَخْبَرَنِي جَدِّي أَنَّ عُمَرَ بَكَى وَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ تَعَبًا شَدِيدًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عبيد الله عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ: إِنِّي لا أَعْلَمُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ اللِّقْحَةِ وَغَيْرَ هَذَا الْغُلامِ الصَّيْقَلِ كَانَ يَعْمَلُ سُيُوفَ الْمُسْلِمِينَ وَيَخْدُمُنَا فَإِذَا مُتُّ فَادْفَعِيهِ إِلَى عُمَرَ. فَلَمَّا دَفَعْتُهُ إِلَى عُمَرَ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بكر لقد أتعب من بعده. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَطَفْنَا بِغُرْفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي مَرْضَتِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا. قَالَ: فَقُلْنَا كَيْفَ أَصْبَحَ أَوْ كَيْفَ أَمْسَى خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ. ص؟ قَالَ: فَاطَّلَعَ عَلَيْنَا إِطِّلاعَةً فَقَالَ: أَلَسْتُمْ تَرْضَوْنَ بِمَا أَصْنَعُ؟ قُلْنَا: بَلَى قَدْ رَضِينَا. قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ هِيَ تُمَرِّضُهُ. قَالَ فَقَالَ: أَمَا إِنِّي قَدْ كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أُوَفِّرَ لِلْمُسْلِمِينَ فَيْئَهُمْ مَعَ أَنِّي قَدْ أَصَبْتُ مِنَ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ فَانْظُرُوا إِذَا رَجَعْتُمْ مِنِّي فَانْظُرُوا مَا كَانَ عِنْدَنَا فَأَبْلِغُوهُ عُمَرَ. قَالَ: فَذَاكَ حيث عرفوه أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ. قَالَ: وَمَا كَانَ عِنْدَهُ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ. مَا كَانَ إِلا خَادِمٌ وَلَقْحَةٌ وَمِحْلَبٌ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ يُحْمَلُ إِلَيْهِ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعَلَيْهِ سِتَّةُ آلافٍ كَانَ أَخَذَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَدَعْنِي حَتَّى أَصَبْتُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَإِنَّ حَائِطِيَ الَّذِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا فِيهَا. فَلَمَّا تُوُفِّيَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَحَبَّ أَنْ لا يدع لأَحَدٍ بَعْدَهُ مَقَالا وَأَنَا وَالِي الأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَقَدْ رَدَدْتُهَا عَلَيْكُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ سُمَيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ مَا عِنْدِي مِنْ مَالٍ إِلا لِقْحَةٌ وَقَدَحٌ فَإِذَا مُتُّ فَاذْهَبُوا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ. فَلَمَّا مَاتَ ذَهَبُوا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أبا بكر لقد أتعب من بعده. . قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نِيَارٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَسَمَ أَبِي أَوَّلَ عَامٍ الْفَيْءَ فَأَعْطَى الْحَرَّ عَشَرَةً وَأَعْطَى الْمَمْلُوكَ عَشَرَةً وَالْمَرْأَةَ عَشَرَةً وَأَمَتَهَا عَشَرَةً. ثُمَّ قَسَمَ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَأَعْطَاهُمْ عِشْرِينَ عِشْرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ أُسَيْرٍ قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي مَرَضِهِ فَقُلْتُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ اعْهَدْ إِلَيَّ عَهْدًا فَإِنِّي لا أَرَاكَ تَعْهَدُ إِلَيَّ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا. قَالَ: أَجَلْ يَا سَلْمَانُ إِنَّهَا سَتَكُونُ فُتُوحٌ فَلا أَعْرِفَنَّ مَا كَانَ مِنْ حَظِّكَ مِنْهَا مَا جَعَلْتَ فِي بَطْنِكَ أَوْ أَلْقَيْتَهُ عَلَى ظَهْرِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَإِنَّهُ يُصْبِحُ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ. فَلا تَقْتُلَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ ذِمَّةِ اللَّهِ فَيَطْلُبَكَ اللَّهُ بِذِمَّتِهِ فَيُكِبَّكَ اللَّهُ عَلَى وَجْهِكَ فِي النَّارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عَزَّةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى بِخُمْسِ مَالِهِ. أَوْ قَالَ آخُذُ مِنْ مَالِي مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِي مِنْ مَالِي مَا رَضِيَ رَبِّي مِنَ الْغَنِيمَةِ فَأَوْصَى بِالْخُمُسِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى بِالْخُمُسِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا حَضَرَ أَبَا بَكْرٍ الْوَفَاةُ جَلَسَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا بُنَيَّةُ فَإِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ غِنًى إِلَيَّ بَعْدِي أَنْتِ وَإِنَّ أَعَزَّ النَّاسِ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي أَنْتِ وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِي فَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنَّكِ حُزْتِهِ وَأَخَذْتِهِ فَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الْوَارِثِ وَهُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ. قَالَتْ: قُلْتُ هَذَا أَخَوَايَ فَمَنْ أُخْتَايَ؟ قَالَ: ذَاتُ بَطْنِ ابْنَةَ خَارِجَةَ فَإِنِّي أَظُنُّهَا جَارِيَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْكِبَاشِ الْكِنْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا أَنْ ثَقُلَ قَالَ لِعَائِشَةَ: إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِي أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكِ وَقَدْ كُنْتُ أَقْطَعْتُكِ أَرْضًا بِالْبَحْرَيْنِ وَلا أُرَاكِ رَزَأْتِ مِنْهَا شَيْئًا. قَالَتْ لَهُ: أَجَلْ. قَالَ: فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَابْعَثِي بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ. وَكَانَتْ تُرْضِعُ ابْنَهُ. وَهَاتَيْنِ اللِّقْحَتَيْنِ وَحَالِبَهُمَا إِلَى عُمَرَ. وَكَانَ يَسْقِي لَبَنَهُمَا جُلَسَاءَهُ. وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ شَيْءٌ. فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ بَعَثَتْ عَائِشَةُ بِالْغُلامِ وَاللَّقْحَتَيْنِ وَالْجَارِيَةِ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ. فَقَبِلَ اللِّقْحَتَيْنِ وَالْغُلامَ وَرَدَّ الْجَارِيَةَ عَلَيْهِمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَاهَا فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي أَهْلِي بَعْدِي أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ غِنًى مِنْكِ وَلا أَعَزَّ عَلَيَّ فَقْرًا مِنْكِ وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ مِنْ أَرْضٍ بِالْعَالِيَةِ جِدَادَ. يَعْنِي صِرَامَ. عِشْرِينَ وَسْقًا فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِهِ تَمْرًا عَامًا وَاحِدًا انْحَازَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الْوَارِثِ وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ. فَقُلْتُ: إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ. فَقَالَ: وَذَاتُ بَطْنِ ابْنَةَ خَارِجَةَ قَدْ أُلْقِيَ فِي رُوعِيَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ فَاسْتَوْصِي بِهَا خَيْرًا. فَوَلَدَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْمَالُ الَّذِي نَحَلَ عَائِشَةَ بِالْعَالِيَةِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ بِئْرَ حُجْرٍ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ ذَلِكَ الْمَالَ فَأَصْلَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَغَرَسَ فِيهِ وَدِيًّا. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ نَضَّرُ بْنُ بَابٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا احْتُضِرَ قَالَ لِعَائِشَةَ: أَيْ بُنَيَّةُ قَدْ عَلِمْتِ أَنَّكِ كُنْتِ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ وَأَعَزَّهُمْ وَأَنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ أَرْضِيَ الَّتِي تَعْلَمِينَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا وَأَنَا أَحَبُّ أَنْ تَرُدِّيهَا عَلَيَّ فَيَكُونَ ذَلِكَ قِسْمَةٌ بَيْنَ وَلَدِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَأَلْقَى رَبِّي حِينَ أَلْقَاهُ وَلَمْ أُفَضِّلْ بَعْضَ وَلَدِي عَلَى بَعْضٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَبُو أُسَامَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قَالَتْ: مَا تَرَكَ أَبُو بَكْرٍ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا ضَرَبَ اللَّهُ سِكَّتَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ مَوْلَى الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا حُضِرَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ كَلِمَةً مِنْ قَوْلِ حَاتِمٍ: لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ فَقَالَ: لا تَقُولِي هَكَذَا يَا بُنَيَّةَ وَلَكِنْ قُولِي: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. انظروا ملاءتي هاتين فإذا مت فاغسلوها وَكَفِّنُونِي فِيهِمَا فَإِنَّ الْحَيَّ أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مُوسَى الْجُهَنِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: جَاءَتْ عَائِشَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يُعَالِجُ مَا يُعَالِجُ الْمَيِّتُ وَنَفَسُهُ فِي صَدْرِهِ فَتَمَثَّلْتُ هَذَا الْبَيْتَ: لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ فَنَظَرَ إِلَيْهَا كَالْغَضْبَانِ ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنْ وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. إِنِّي قَدْ كُنْتُ نَحَلْتُكِ حَائِطًا وَإِنَّ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْئًا فَرُدِّيهِ إِلَى الْمِيرَاثِ. قَالَتْ: نَعَمْ فَرَدَدْتُهُ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّا مُنْذُ وَلِينَا أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ نَأْكُلْ لَهُمْ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَلَكِنَّا قَدْ أَكَلْنَا مِنْ جَرِيشِ طَعَامُهُمْ فِي بُطُونِنَا وَلَبِسْنَا مِنْ خَشِنِ ثِيَابِهِمْ عَلَى ظُهُورِنَا وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ قَلِيلٌ وَلا كَثِيرٌ إِلا هَذَا الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ وَهَذَا الْبَعِيرُ النَّاضِحُ وَجَرْدُ هَذِهِ الْقَطِيفَةِ فَإِذَا مُتُّ فَابْعَثِي بِهِنَّ إِلَى عُمَرَ وَابْرَئِي مِنْهُنَّ. فَفَعَلْتُ. فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ عُمَرَ بَكَى حَتَّى جَعَلَتْ دُمُوعُهُ تَسِيلُ فِي الأَرْضِ وَيَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ. رَحِمَ الله أبا بكر لقد أتعب من بعده. يَا غُلامُ ارْفَعْهُنَّ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ تَسْلُبُ عِيَالَ أَبِي بَكْرٍ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَبَعِيرًا نَاضِحًا وَجَرْدَ قَطِيفَةٍ ثَمَنَ خَمْسَةِ الدَّرَاهِمِ؟ قَالَ: فَمَا تَأْمُرُ؟ قَالَ: تَرُدُّهُنَّ عَلَى عِيَالِهِ. فَقَالَ: لا وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ. أَوْ كَمَا حَلَفَ. لا يَكُونُ هَذَا في وِلايَتِي أَبَدًا وَلا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مِنْهُنَّ عِنْدَ الْمَوْتِ وَأَرُدُّهُنَّ أَنَا عَلَى عِيَالِهِ. الْمَوْتُ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ لا يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعًا ... فَإِنَّهُ لا بُدَّ مَرَّةً مَدْفُوقُ فَقَالَ أبو بكر: ليس كذلك أي بنية ولكن جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَتَتْهُ عَائِشَةُ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ هَذَا كَمَا قَالَ حَاتِمٌ: إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ قَوْلُ الله أصدق. جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. إِذَا أَنَا مُتُّ فَاغْسِلِي أَخْلاقِي فَاجْعَلِيهَا أَكْفَانِي. فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ قَدْ رَزَقَ اللَّهُ وَأَحْسَنَ. نكفنك في جديد. قَالَ: إِنَّ الْحَيَّ هُوَ أَحْوَجُ يَصُونُ نَفْسَهُ وَيُقَنِّعُهَا مِنَ الْمَيِّتِ. إِنَّمَا يَصِيرُ إِلَى الصَّدِيدِ وَإِلَى الْبِلَى. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا مَرِضَ فَثَقُلَ قَعَدَتْ عَائِشَةُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَتْ: كُلُّ ذِي إِبِلٍ مَوْرُوثُهَا ... وَكُلُّ ذِي سَلَبٍ مَسْلُوبُ فَقَالَ: لَيْسَ كَمَا قُلْتِ يَا بِنْتَاهُ وَلَكِنْ كَمَا قَالَ اللَّهُ. وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا تَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْتِ وَأَبُو بَكْرٍ يَقْضِي: وَأَبْيَضُ يَسْتَسْقِي الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ سُمَيَّةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَنْ لا يَزَالُ مُقَنَّعًا ... فَإِنَّهُ لا بُدَّ مَرَّةً مَدْفُوقُ فَقَالَ أبو بكر: جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ: لا تَزَالُ تَنْعَى حَبِيبًا حَتَّى تَكُونَهُ ... وَقَدْ يَرْجُو الْفَتَى الرَّجَا يَمُوتُ دُونَهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي السَّفَرِ قَالَ: مَرِضَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالُوا أَلا نَدْعُو الطَّبِيبَ؟ فَقَالَ: قَدْ رَآنِي فَقَالَ إِنِّي فَعَّالٌ لِمَا أُرِيدُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي خَضِرَةٌ تَأَكُلُنِي الدَّوَابُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَالْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ كَانَا يَأْكُلانِ خَزِيرَةً أُهْدِيَتْ لأَبِي بَكْرٍ فَقَالَ الْحَارِثُ لأَبِي بَكْرٍ: ارْفَعْ يَدَكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ. وَاللَّهِ إِنَّ فِيهَا لَسَمُّ سَنَةٍ وَأَنَا وَأَنْتَ نَمُوتُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. قَالَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَلَمْ يَزَالا عَلِيلَيْنِ حَتَّى مَاتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لأَنْ أُوصِيَ بِالْخُمُسِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُوصِيَ بِالرُّبُعِ. وَلأَنْ أُوصِيَ بِالرُّبُعِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُوصِيَ بِالثُّلُثِ. وَمَنْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ فَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بَرَدَانُ بْنُ أَبِي النَّضْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا اسْتُعِزَّ بِهِ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا تَسْأَلُنِي عَنْ أَمْرٍ إِلا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: هُوَ وَاللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ رَأْيِكَ فِيهِ. ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ. فَقَالَ: أَنْتَ أَخْبَرُنَا بِهِ. فَقَالَ: عَلَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: اللَّهُمَّ عِلْمِي بِهِ أَنَّ سَرِيرَتَهُ خَيْرٌ مِنْ عَلانِيَتِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِينَا مِثْلَهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. وَاللَّهِ لَوْ تَرَكْتُهُ مَا عَدَوْتُكَ. وَشَاوَرَ مَعَهُمَا سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ أَبَا الأَعْوَرِ وَأُسَيْدَ بْنَ الْحُضَيْرِ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ فَقَالَ أُسَيْدٌ: اللَّهُمَّ أَعْلَمُهُ الْخَيْرَةَ بَعْدَكَ. يَرْضَى لِلرِّضَى وَيَسْخَطُ لِلسُّخْطِ. الَّذِي يُسِرُّ خَيْرٌ مِنَ الَّذِي يُعْلِنُ. وَلَمْ يَلِ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ أَقْوَى عَلَيْهِ مِنْهُ. وَسَمِعَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدُخُولِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانَ عَلَى أَبِي بكر وخلوتهما به فدخلوا بِهِ فَدَخَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مِنْهُمْ: مَا أَنْتَ قَائِلٌ لِرَبِّكَ إِذَا سَأَلَكَ عَنِ اسْتِخْلافِكَ عُمَرَ؟ لِعُمَرَ عَلَيْنَا وَقَدْ تَرَى غِلْظَتَهُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْلِسُونِي. أَبِاللَّهِ تُخَوِّفُونِي؟ خَابَ مَنْ تَزَوَّدَ مِنْ أَمْرِكُمْ بِظُلْمٍ. أَقُولُ اللَّهُمَّ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرُ أَهْلِكَ. أَبْلِغْ عَنِّي مَا قُلْتُ لَكَ مَنْ وَرَاءَكَ. ثُمَّ اضْطَجَعَ وَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ فِي آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا خَارِجًا مِنْهَا وَعِنْدَ أَوَّلِ عَهْدِهِ بِالآخِرَةِ دَاخِلا فِيهَا حَيْثُ يُؤْمِنُ الْكَافِرُ وَيُوقِنُ الْفَاجِرُ وَيُصَدِّقُ الْكَاذِبَ. إِنِّي اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. وَإِنِّي لَمْ آلُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَدِينَهُ وَنَفْسِي وَإِيَّاكُمْ خَيْرًا. فَإِنْ عَدَلَ فَذَلِكَ ظَنِّي بِهِ وَعِلْمِي فِيهِ. وَإِنْ بَدَّلَ فَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ. وَالْخَيْرُ أَرَدْتُ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ. سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. ثُمَّ أَمَرَ بِالْكِتَابِ فَخَتَمَهُ. ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لَمَّا أَمْلَى أَبُو بَكْرٍ صَدْرَ هَذَا الْكِتَابِ: بَقِيَ ذِكْرُ عُمَرَ فَذَهَبَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَ أَحَدًا. فَكَتَبَ عُثْمَانُ: إِنِّي قَدِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. ثُمَّ أَفَاقَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَيَّ مَا كَتَبْتَ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ ذِكْرَ عُمَرَ فَكَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: أَرَاكَ خِفْتَ إِنْ أَقْبَلَتْ نَفْسِي فِي غَشْيَتِي تِلْكَ يَخْتَلِفُ النَّاسُ فجزاك الله عن الإسلام مَخْتُومًا وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأُسَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْقُرَظِيُّ فَقَالَ عُثْمَانُ لِلنَّاسِ: أَتُبَايِعُونَ لِمَنْ فِي هَذَا الْكِتَابِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ عَلِمْنَا بِهِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَلِيٌّ الْقَائِلُ وَهُوَ عُمَرُ. فَأَقَرُّوا بِذَلِكَ جَمِيعًا وَرَضُوا بِهِ وَبَايَعُوا ثُمَّ دَعَا أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ خَالِيًا فَأَوْصَاهُ بِمَا أَوْصَاهُ بِهِ. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدَهُ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ مَدًّا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ إِلا صَلاحَهُمْ وَخِفْتُ عَلَيْهِمُ الْفِتْنَةَ فَعَمِلْتُ فِيهِمْ بِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ وَاجْتَهَدْتُ لَهُمْ رَأْيِي فَوَلَّيْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَهُمْ وَأَقْوَاهُمْ عَلَيْهِمْ وَأَحْرَصَهُمْ عَلَى مَا أَرْشَدَهُمْ وَقَدْ حَضَرَنِي مِنْ أَمْرِكَ مَا حَضَرَ فَاخْلُفْنِي فِيهِمْ فَهُمْ عِبَادُكَ وَنَوَاصِيهِمْ بِيَدِكَ أَصْلِحْ لَهُمْ وَإِلَيْهِمْ وَاجْعَلْهُ مِنْ خُلَفَائِكَ الرَّاشِدِينَ يَتَّبِعْ هُدَى نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَهُدَى الصَّالِحِينَ بَعْدَهُ وَأَصْلِحْ لَهُ رَعِيَّتَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالَتْ: قُلْنَا يَوْمُ الاثْنَيْنِ. قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ قُبِضَ رسول الله. ص؟ قَالَتْ: قُلْنَا قُبِضَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ. قَالَ: فَإِنِّي أَرْجُو مَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ. قَالَتْ وَكَانَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ فِيهِ رَدْعٌ مِنْ مِشْقٍ فَقَالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَاغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَضُمُّوا إِلَيْهِ ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ وَكَفِّنُونِي فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. فَقُلْنَا: أَلا نَجْعَلُهَا جُدُدًا كُلَّهَا؟ قَالَ فَقَالَ: لا. إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ. الْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. قَالَتْ فَمَاتَ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ. رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا: فِي أَيِّ يَوْمٍ مَاتَ رسول الله. ص؟ قَالَتْ: فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ. قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ. إِنِّي لأَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ. قَالَ: فَفِيمَ كَفَّنْتُمُوهُ؟ قَالَتْ: فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ يَمَانِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: انْظُرِي ثَوْبِي هَذَا فِيهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ أَوْ مِشْقٌ فَاغْسِلِيهِ وَاجْعَلِي مَعَهُ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا أَبَتِ هُوَ خَلَقٌ. فَقَالَ: إِنَّ الْحَيَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَعْطَاهُمْ حُلَّةً حِبَرَةً فَأُدْرِجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجُوهُ مِنْهَا فَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ. فَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ الْحُلَّةَ فَقَالَ: لأُكَفِّنَنَّ نَفْسِي فِي شَيْءٍ مَسَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَاللَّهِ لا أُكَفَّنُ فِي شَيْءٍ مَنَعَهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُكَفَّنَ فِيهِ. وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ وَدُفِنَ لَيْلا. وَمَاتَتْ عَائِشَةُ لَيْلا فَدَفَنَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ اللَّيْثِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ مَوْلَى آلِ مَظْعُونٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالُوا: كَانَ أَوَّلُ بَدْءِ مَرَضِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ اغْتَسَلَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ. وَكَانَ يَوْمًا بَارِدًا. فَحُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لا يَخْرُجُ إِلَى صَلاةٍ. وَكَانَ يَأْمُرُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. وَيَدْخُلُ النَّاسُ عَلَيْهِ يَعُودُونَهُ وَهُوَ يَثْقُلُ كُلَّ يَوْمٍ وَهُوَ نَازِلٌ يَوْمَئِذٍ فِي دَارِهِ الَّتِي قَطَعَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وِجَاهَ دَارِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ الْيَوْمَ. وَكَانَ عُثْمَانُ أَلْزَمَهُمْ لَهُ فِي مَرَضِهِ. وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ. مَسَاءَ لَيْلَةِ الثُّلاثَاءِ لِثَمَانِي لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ مِنْ مُهَاجِرِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَتْ خِلافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَثَلاثَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ. وَكَانَ أَبُو مَعْشَرٍ يَقُولُ سَنَتَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إِلا أَرْبَعَ لَيَالٍ. وَتُوُفِّيَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. مُجْمَعٌ عَلَى ذَلِكَ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا. اسْتَوْفَى سِنِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وُلِدَ بَعْدَ الْفِيلِ بِثَلاثِ سِنِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: اسْتَكْمَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي خِلافَتِهِ سِنِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو بَكْرٍ وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ غَسَّلَتْهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ امرأته أسماء. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ أَسْمَاءُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ غَسَّلَتْهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ أَنْ تَغْسِلَهُ إِذَا مَاتَ وَعَزَمَ عَلَيْهَا: لَمَا أَفْطَرْتِ لأَنَّهُ أَقْوَى لَكِ. فَذَكَرَتْ يَمِينَهُ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فَدَعَتْ بِمَاءٍ فَشَرِبَتْ وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لا أُتْبِعُهُ الْيَوْمَ حِنْثًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا أَشْعَثُ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ صَبِرَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ فَإِنْ عَجَزَتْ أَعَانَهَا ابْنُهَا مِنْهُ. مُحَمَّدٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا وَهَلٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: هَذَا خَطَأٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ تَغْسِلَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعِ اسْتَعَانَتْ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا الثَّبْتُ. وَكَيْفَ يُعِينُهَا مُحَمَّدٌ ابْنُهَا وَإِنَّمَا وَلَدَتْهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ وَكَانَ لَهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ ثَلاثُ سِنِينَ أو نحوها؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ غَسَّلَتْهُ أسماء بنت عميس. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ امْرَأَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ غَسَلَتْ أَبَا بَكْرٍ حِينَ تُوُفِّيَ ثُمَّ خَرَجَتْ فَسَأَلَتْ مَنْ حَضَرَهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَتْ: إِنِّي صَائِمَةٌ وَهَذَا يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ فَهَلْ عَلَيَّ غُسْلٌ؟ قَالُوا: لا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ حَاجِبِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: غَسَّلْتُهُ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ فَسَأَلَتْ عُثْمَانَ هَلْ عَلَيْهَا غُسْلٌ؟ فَقَالَ: لا. وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ وَلا يُنْكِرُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي رَيْطَتَيْنِ. رَيْطَةٌ بَيْضَاءُ وَرَيْطَةٌ مُمَصَّرَةٌ. وَقَالَ: الْحَيُّ أَحْوَجُ إِلَى الْكِسْوَةِ مِنَ الْمَيِّتِ. إِنَّمَا هُوَ لِمَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْفِهِ وَفِيهِ. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا ثَوْبٌ مُمَصَّرٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لِعَائِشَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ: في كم كفن رسول الله. ص؟ قَالَتْ: فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خُذُوا هَذَا الثَّوْبَ. لِثَوْبٍ عَلَيْهِ قَدْ أَصَابَهُ مِشْقٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ. فَاغْسِلُوهُ ثُمَّ كَفِّنُونِي فِيهِ مَعَ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَمَا هَذَا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْحَيُّ أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِنْدَلٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ غَسِيلَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي كَمْ كُفِّنَ. قَالَ: فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكُمْ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زهير عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ. قَالَ شَرِيكٌ مُعَقَّدَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ الْمَوْصُولَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَرَهُمْ أَنْ يَرْحَضُوا أَخْلاقَهُ فَيَدْفِنُوهُ فِيهَا. قَالَ: وَدُفِنَ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ كُنْتُ أُصَلِّي فِيهِمَا وَاغْسِلُوهُمَا فَإِنَّهُمَا لِلْمُهْلَةِ وَالتُّرَابِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَكَفِّنُونِي فِيهِ فَإِنَّ الْحَيَّ أَفْقَرُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ غَسِيلَيْنِ سَحُولِيَّيْنِ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْحَيُّ أَوْلَى بِالْجَدِيدِ. إِنَّمَا الْكَفَنُ لِلْمُهْلَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا غَسِيلٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُكَفَّنَ بِثَوْبَيْنِ عَلَيْهِ كَانَ يَلْبَسُهُمَا. قَالَ: كَفِّنُونِي فِيهِمَا فَإِنَّ الْحَيَّ هُوَ أَفْقَرُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا غَسِيلٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: أَيْنَ صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ: بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ. قَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ؟ قَالَ: عُمَرُ. قَالَ: كَمْ كَبَّرَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: أَرْبَعًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: صلى عمرو عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ الله بن حنطب أن أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَسْجِدِ تُجَاهَ الْمِنْبَرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ وَكِيعٌ أَوْ غَيْرُهُ شَكَّ هِشَامٌ. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَشُكُّ. أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صُلِّيَ عَلَيْهِ في المسجد. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَمَرَّ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ فَقَالَ: أَيْنَ صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ: بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ. قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ عن أبيه أَنَّ عُمَرَ كَبَّرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَرْبَعًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حفص بن غياث عن ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُلانِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُمَرَ حِينَ صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي الْمَسْجِدِ رَجَّعَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالا: الَّذِي صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَصَلَّى صُهَيْبٌ عَلَى عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صَلَّى عُمَرُ عَلَى أبي بكر. قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ. شَكَّ هِشَامٌ. أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلا فَدَفَنَّاهُ قَبْلَ أَنْ نُصْبِحَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سُئِلَ أَيُقْبَرُ الْمَيِّتُ لَيْلا؟ فَقَالَ: قَدْ قُبِرَ أَبُو بَكْرٍ بِاللَّيْلِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ عُمَرَ دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ لَيْلا ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَوْتَرَ بِثَلاثٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا. قال: أخبرنا محمد بن مصعب القرقساني عن الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دُفِنَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ دُفِنَ لَيْلا. أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا. دَفَنَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الأَيْلِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَضَرْتُ دَفْنَ أَبِي بَكْرٍ فَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَطَلْحَةُ بن عبد اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْزِلَ فَقَالَ عُمَرُ كُفِيتَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ أَقَامَتْ عَلَيْهِ عَائِشَةُ النَّوْحَ فَبَلَغَ عُمَرَ فَجَاءَ فَنَهَاهُنَّ عَنِ النَّوْحِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ. فَأَبَيْنَ أَنْ يَنْتَهِينَ. فَقَالَ لِهِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَخْرِجْ إِلَيَّ ابْنَةَ أَبِي قُحَافَةَ. فَعَلاهَا بِالدِّرَّةِ ضَرَبَاتٍ فَتَفَرَّقَ النَّوَائِحِ حِينَ سَمِعْنَ ذَلِكَ. وَقَالَ: تُرِدْنَ أَنْ يُعَذَّبَ أَبُو بَكْرٍ بِبُكَائِكُنَّ؟ إِنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَأَصْبَحْنَا فَاجْتَمَعَ نِسَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَأَقَامُوا النَّوْحَ وَأَبُو بَكْرٍ يُغْسَلُ وَيُكَفَّنُ. فَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ الخطاب بالنوح ففرقن فو الله عَلَى ذَلِكَ إِنْ كُنَّ لَيُفَرَّقْنَ وَيَجْتَمِعْنَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولانِ: أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ عائشة أن يدفن إِلَى جَنْبِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا تُوُفِّيَ حُفِرَ لَهُ وَجُعِلَ رَأْسُهُ عِنْدَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُلْصِقَ اللَّحْدُ بِقَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُبِرَ هُنَاكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: رَأْسُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأْسُ عُمَرَ عِنْدَ حَقْوَيْ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالَ: جُعِلَ قَبْرُ أَبِي بَكْرٍ مِثْلَ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسَطَّحًا وَرُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ هَانِئٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّةَ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ. فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلاثَةِ قُبُورٍ لا مُشْرِفَةٍ وَلا لاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ. قَالَ: فَرَأَيْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقَدَّمًا وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ. وَرَأْسُ عُمَرَ عِنْدَ رِجْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ فَوَصَفَ الْقَاسِمُ قُبُورَهُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بن أنس عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُو لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيَّادٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: سَمِعَ أَبُوَ قُحَافَةَ الْهَائِعَةَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: تُوُفِّيَ ابْنُكَ. قَالَ: رُزْءٌ جَلِيلٌ. مَنْ قَامَ بِالأَمْرِ بَعْدَهُ؟ قَالُوا: عُمَرُ. قَالَ: صَاحِبُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَرِثَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَبُوهُ أَبُو قُحَافَةَ السُّدْسَ وورثه ماله وَلَدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٌ وَعَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ بَنُو أَبِي بَكْرٍ وَامْرَأَتَاهُ أسماء بنت عميس وحبيبة ابنة خارجة بن زيد بن أبي زهير من بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. وَهِيَ أُمُّ أُمِّ كُلْثُومٍ وَكَانَتْ بِهَا نَسْأً حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ. رحمه اللَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: كُلِّمَ أَبُو قُحَافَةَ فِي مِيرَاثِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فَقَالَ: قَدْ رَدَدْتُ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ. قَالُوا: ثُمَّ لَمْ يَعِشْ أَبُو قُحَافَةَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ إِلا سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامًا. وَتُوُفِّيَ فِي الْمُحْرِمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ عَنْ حِبَّانِ الصَّائِغِ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ أَبِي بَكْرٍ نِعْمَ الْقَادِرُ اللَّهُ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: مَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنْ بِسْطَامِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ: ابْسُطْ يَدَكَ نُبَايِعْ لَكَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَنْتَ أَقْوَى مِنِّي. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَنْتَ أَقْوَى مِنِّي. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّ قُوَّتِي لَكَ مَعَ فَضْلِكَ. قَالَ فَبَايَعَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُشَيْرٍ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَقَدْ قَصِعَتْ لِحْيَتِي فَقَالَ: مَا لَكَ عَنِ الْخِضَابِ؟ قَالَ: قُلْتُ أَكْرَهُهُ فِي هَذَا الْبَلَدِ. قَالَ: فَاصْبِغْ بِالْوَسِمَةِ فَإِنِّي كُنْتُ أَخْضِبُ بِهَا حَتَّى تَحَرَّكَ فَمِي. ثُمَّ قَالَ إِنَّ أُنَاسًا مِنْ حَمْقَى قُرَّائِكُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ خِضَابَ اللِّحَى حَرَامٌ وَأَنَّهُمْ سَأَلُوا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَوِ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ. قَالَ زُهَيْرٌ الشَّكُّ مِنْ غَيْرِي. عَنْ خِضَابِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَهَذَا الصِّدِّيقُ قَدْ خَضَبَ. قَالَ: قُلْتُ الصِّدِّيقُ؟ قَالَ: نَعَمْ وَرَبِّ هَذِهِ الْقِبْلَةِ أَوِ الْكَعْبَةِ إِنَّهُ الصديق. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ قَامَ خَطِيبًا فَلا وَاللَّهِ مَا خَطَبَ خُطْبَتَهُ أَحَدٌ بَعْدُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي وُلِّيتُ هَذَا الأمر وأنا له كاره وو الله لَوَدِدْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ كَفَانِيهِ. أَلا وَإِنَّكُمْ إِنْ كَلَّفْتُمُونِي أَنْ أَعْمَلَ فِيكُمْ بِمِثْلِ عَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ أَقِمْ به. كان رسول الله. ص. عَبْدًا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِالْوَحْيِ وَعَصَمَهُ بِهِ. أَلا وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَلَسْتُ بِخَيْرٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ فَرَاعُونِي. فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَقَمْتُ فَاتَّبِعُونِي وَإِنْ رَأَيْتُمُونِي زِغْتُ فَقَوِّمُونِي. وَاعْلَمُوا أَنَّ لِيَ شَيْطَانًا يَعْتَرِينِي فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي غَضِبْتُ فَاجْتَنِبُونِي لا أُؤَثِّرُ فِي أَشْعَارِكُمْ وَأَبْشَارِكُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَتْ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ رَجُلا مِنْكُمْ قَرَنَ مَعَهُ رَجُلا مِنَّا فَنَرَى أَنْ يَلِيَ هَذَا الأَمْرَ رَجُلانِ أَحَدُهُمَا مِنْكُمْ وَالآخَرُ مِنَّا. قَالَ فَتَتَابَعَتْ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ عَلَى ذَلِكَ فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَإِنَّ الإِمَامَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ كَمَا كُنَّا أَنْصَارَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: جَزَاكُمُ اللَّهُ مِنْ حَيٍّ خَيْرًا يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ وَثَبَّتَ قَائِلَكُمْ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ غَيْرَ ذَلِكَ لَمَا صَالَحْنَاكُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ صَبِيحَةَ التَّيْمِيِّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ جَدِّهِ صَبِيحَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ عَنْ أَبِيهِ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بعض. أن أبا بكر الصِّدِّيقَ كَانَ لَهُ بَيْتُ مَالٍ بِالسُّنْحِ مَعْرُوفٌ لَيْسَ يَحْرُسُهُ أَحَدٌ. فَقِيلَ لَهُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلا تَجْعَلُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مَنْ يَحْرُسُهُ؟ فَقَالَ: لا يُخَافُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: عَلَيْهِ قُفْلٌ. قَالَ: وَكَانَ يُعْطِي مَا فِيهِ حَتَّى لا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ. فَلَمَّا تَحَوَّلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ حَوَّلَهُ فَجَعَلَ بَيْتَ مَالِهِ فِي الدَّارِ الَّتِي كَانَ فِيهَا. وَكَانَ قَدِمَ عَلَيْهِ مَالٌ مِنْ مَعْدِنِ الْقَبَلِيَّةِ وَمِنْ مَعَادِنِ جُهَيْنَةَ كَثِيرٌ وَانْفَتَحَ مَعْدِنُ بَنِي سُلَيْمٍ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَدِمَ عَلَيْهِ مِنْهُ بِصَدَقَتِهِ فَكَانَ يُوضَعُ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُهُ عَلَى النَّاسِ نُقَرًا نُقَرًا فَيُصِيبُ كُلُّ مِائَةِ إِنْسَانٍ كَذَا وَكَذَا. وَكَانَ يُسَوِّي بَيْنَ النَّاسِ فِي الْقَسْمِ الْحَرُّ وَالْعَبْدُ وَالذَّكَرُ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ فِيهِ سَوَاءٌ. وَكَانَ يَشْتَرِي الإِبِلَ وَالْخَيْلَ وَالسِّلاحَ فَيَحْمِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَاشْتَرَى عَامًا قَطَائِفَ أَتَى بِهَا مِنَ الْبَادِيَةِ فَفَرَّقَهَا فِي أَرَامِلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الشِّتَاءِ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَدُفِنَ دَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الأُمَنَاءَ وَدَخَلَ بِهِمْ بَيْتَ مَالِ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَغَيْرُهُمَا فَفَتَحُوا بَيْتَ الْمَالِ فَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَوَجَدُوا خَيْشَةً لِلْمَالِ فَنُقِضَتْ فَوَجَدُوا فِيهَا دِرْهَمًا فَرَحَّمُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ. وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ وَزَّانٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَزِنُ مَا كَانَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ مَالٍ. فَسُئِلَ الْوَزَّانُ كَمْ بَلَغَ ذَلِكَ الْمَالُ الَّذِي وَرَدَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَ: مِائَتَيْ أَلْفٍ.
- أبو بكر الصديق. عليه السلام. واسمه عبد الله بن أبي قحافة. وَاسْمُهُ عُثْمَان بْن عَامِرِ بْن عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بن مرة. وأمه أم الخير واسمها سلمى بنت صخر بْن عامر بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّة. وكان لأبي بَكْر من الولد عَبْد الله وأسماء ذات النطاقين وأمهما قُتَيْلَةُ بِنْت عَبْد الْعُزَّى بْن عَبْد أَسْعَدَ بْن نضر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وعبد الرَّحْمَن وعائشة وأمهما أُمُّ رُومَانَ بِنْت عَامِرِ بْن عُوَيْمِرِ بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَتَّابِ بْن أذينة بْن سبيع بْن دهمان بْن الْحَارِث بْن غنم بن مالك بن كنانة. ويقال بل هي أم رومان بنت عامر بن عميرة بن ذهل بْن دهمان بْن الْحَارِث بْن غنم بْن مالك بْن كنانة. ومحمد بْن أبي بَكْر وأمه أَسْمَاءُ بِنْت عُمَيْسِ بْن مَعْدِ بْن تَيْمِ بْن الْحَارِث بْن كعب بْن مالك بْن قحافة بْن عامر بْن مالك بْن نسر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن حلف بْن أفتل. وهو خثعم. وأم كلثوم بِنْت أبي بَكْر وأمها حبيبة بِنْت خارجة بْن زيد بن أبي زهير من بني الحارث بْن الخزرج. وكانت بها نسأ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْر ولدت بعده. . قَالَ: وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَقَالَ: أَبُو قُحَافَةَ كَانَ اسْمُهُ عَتِيقًا. وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ غَيْرُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَرْسَلْتُ إِلَى ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصديق ما كَانَ اسْمُهُ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كَانَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ وَإِنَّمَا كَانَ عَتِيقٌ كَذَا وَكَذَا يَعْنِي لَقَبًا. قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: اسْمُ أَبِي بَكْرٍ عَتِيقُ بْنُ عُثْمَانَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينِ قَالَتْ: إِنِّي . . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ سَمَّيْتُمُوهُ الصِّدِّيقَ وَأَصَبْتُمُ اسْمَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ قَالَ: إِنَّا نُعَاتِبُ لا أَبَا لَكَ عُصْبَةً ... عَلَقُوا الْفِرَى وَبَرَوْا مِنَ الصِّدِّيقِ وَبَرَوْا سَفَاهًا مِنْ وَزِيرِ نَبِيِّهِمْ ... تَبًّا لِمَنْ يَبْرَا مِنَ الْفَارُوقِ إِنِّي عَلَى رَغْمَ العداة لقائل ... دانى بدين الصادق المصدوق أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُسَمَّى الأَوَّاهُ لِرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ. ذِكْرُ إِسْلامِ أَبِي بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ: قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيِّ عَنْ أَبِي أَرْوَى الدَّوْسِيِّ قَالُوا: أَوَّلُ مَنْ أسلم أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: أَسْلَمَ أَبِي أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ وَلا وَاللَّهِ مَا عَقَلْتُ أَبِي إِلا وَهُوَ يَدِينُ الدين. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا عَقَلْتُ أَبَوَيَّ إِلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَمَا مَرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ قَطُّ إِلا وَرَسُولُ اللَّهِ يَأْتِينَا فِيهِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِبِلالٍ: مَنْ سَبَقَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالَ: مَنْ صَلَّى؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: قَالَ الرَّجُلُ إِنَّمَا أَعْنِي فِي الْخَيْلِ. قَالَ بِلالٌ: وَأَنَا إِنَّمَا أَعْنِي فِي الْخَيْرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ أَسْلَمَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعْرُوفًا بِالتِّجَارَةِ. لَقَدْ بُعِثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَكَانَ يُعْتِقُ مِنْهَا وَيُقَوِّي الْمُسْلِمِينَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِخَمْسَةِ آلافِ دِرْهَمٍ ثُمَّ كَانَ يَفْعَلُ فِيهَا مَا كَانَ يَفْعَلُ بِمَكَّةَ. ذِكْرُ الْغَارِ وَالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ: قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَكَانَ لأَبِي بَكْرٍ بَعِيرٌ. وَاشْتَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - بعيرا آخر فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعِيرًا وركب أبو بكر بعيرا وركب آخَرَ فِيمَا يَعْلَمُ حَمَّادٌ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بعيرا. فكان رسول الله. ص. عَلَى بَعِيرِ أَبِي بَكْرٍ. وَيَتَحَوَّلُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى بَعِيرِ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ. وَيَتَحَوَّلُ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ إِلَى بَعِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَاسْتَقْبَلَتْهُمَا هَدِيَّةٌ مِنَ الشَّامِ مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِيهَا ثِيَابُ بَيَاضٌ مِنْ ثِيَابِ الشام فلبساها فدخلا المدينة في ثياب بياض. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أن عبد الله بْنَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِالطَّعَامِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَهُمَا فِي الْغَارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي معمر عن الزهري عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ خُرُوجُ أَبِي بَكْرٍ لِلْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَمَعَهُمَا دَلِيلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ الدِّيلِيُّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْكُفْرِ وَلَكِنَّهُمَا أَمِنَاهُ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَطُوفِ الْجَزَرِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى حَبِيبِ بْنِ يَسَافٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: نَزَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: نَزَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ وَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُ وَلَمْ يَزَلْ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بِالسُّنْحِ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ آخَى بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. . . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: لَمَّا أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ جَعَلَ لأَبِي بَكْرٍ مَوْضِعَ دَارِهِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي صَارَتْ لآلِ معمر. قَالُوا: وَشَهِدَ أَبُو بَكْرٍ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَايَتَهُ الْعُظْمَى يَوْمَ تَبُوكَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَكَانَتْ سَوْدَاءَ وَأَطْعَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ مِائَةَ وَسْقٍ. وَكَانَ فِي مَنْ ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد حين وَلَّى النَّاسُ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ إِلَى نَجْدٍ وأمره علينا فَبَيَّتْنَا نَاسًا مِنْ هَوَازِنٍ فَقَتَلْتُ بِيَدَيَّ سَبْعَةَ أَهْلَ أَبْيَاتٍ. وَكَانَ شِعَارُنَا أَمِتْ أَمِتْ. . . . . . . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ أَغْيَرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أبو بكر. . قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ أن النبي. ص. لَمْ يَحُجَّ عَامَ الْفَتْحِ وَأَنَّهُ أَمَّرَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَلَى الْحَجِّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: أخبرنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ فِي أَوَّلِ حَجَّةٍ كَانَتْ فِي الإِسْلامِ. ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ. فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ اسْتَعْمَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ مِنْ قَابِلٍ. فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ عَلَى الْحَجِّ. ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عُمَرُ يَحُجُّ سِنِيهُ كُلَّهَا حَتَّى قُبِضَ فَاسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ فَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ عَلَى الْحَجِّ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْخَزَّازُ الْوَاسِطِيُّ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي صَدَقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بعد النبي ص أَهْيَبَ لِمَا لا يُعْلَمُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ. وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ أَهْيَبَ لِمَا لا يُعْلَمُ مِنْ عُمَرَ. وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ نَزَلَتْ بِهِ قَضِيَّةٌ لَمْ نَجِدْ لَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَصْلا وَلا فِي السُّنَّةِ أَثَرًا فَقَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. . . ذِكْرُ الصَّلاةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أَبَا بَكْرٍ عِنْدَ وَفَاتِهِ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتِ الأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. قَالَ فَأَتَاهُمْ عُمَرُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟ قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ. . فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. قَالَتْ فَأَمَرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلاةَ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من نَفْسِهِ خِفَّةً فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلاهُ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ. فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُمْ كَمَا أَنْتَ. قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِصَلاةِ أَبِي بَكْرٍ. . فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قال: أخبرنا أبو إِسْرَائِيلَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ قَالَ: صَلَّى أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ ثَلاثًا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْجُعْفِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ عَفَّانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَسُئِلَتْ: يا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ مُسْتَخْلِفًا لَوِ اسْتَخْلَفَ؟ قَالَتْ: أَبَا بَكْرٍ. ثُمَّ قِيلَ لَهَا: مِنْ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَتْ: عُمَرُ. ثُمَّ قِيلَ لَهَا: مِنْ بَعْدَ عُمَرَ؟ قَالَتْ: أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. قَالَ ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى ذَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَكَانَ إِذَا وَجَدَ خِفَّةً صَلَّى وَإِذَا ثَقُلَ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ. ذِكْرُ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ: قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى عُمَرُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: ابْسُطْ يَدَكَ فَلأُبَايِعْكَ فَإِنَّكَ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِعُمَرَ: مَا رَأَيْتُ لَكَ فَهَّةً قَبْلَهَا مُنْذُ أَسْلَمْتُ. أَتُبَايِعُنِي وَفِيكُمُ الصِّدِّيقُ وَثَانِيَ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - أتوا أبا عبيدة قال: أَتَأْتُونِي وَفِيكُمْ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ؟ قَالَ أَبُو عَوْنٍ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ مَا ثَالِثُ ثَلاثَةٍ؟ قَالَ: أَلَمْ تر تِلْكَ الآيَةِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. وَذَكَرَ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: وَلَيْسَ فِيكُمْ مَنْ تُقْطَعَ إِلَيْهِ الأَعْنَاقُ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ قَالَ: لَمَّا أَبْطَأَ النَّاسُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنِّي؟ أَلَسْتُ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى؟ أَلَسْتُ أَلَسْتُ؟ قَالَ فَذَكَرَ خِصَالا فَعَلَهَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا تُوُفِّيَ اجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. قَالَ: فَقَامَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَكَانَ بَدْرِيًّا فَقَالَ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَنْفَسُ هَذَا الأَمْرَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ وَلَكِنَّا نخاف أَنْ يَلِيَهَا. أَوْ قَالَ يَلِيَهُ. أَقْوَامٌ قَتَلْنَا آبَاءَهُمْ وَإِخْوَتَهُمْ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَمُتْ إِنِ اسْتَطَعْتَ. فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ وَهَذَا الأَمْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ نِصْفَيْنِ كَقَدِّ الأُبْلُمَةَ. يَعْنِي الْخُوصَةَ. فَبَايَعَ أَوَّلُ النَّاسِ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو النُّعْمَانِ. قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ قَسْمًا فَبَعَثَ إِلَى عَجُوزٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ بِقِسْمِهِا مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ قَالَ: قِسْمٌ قَسَمَهُ أَبُو بَكْرٍ لِلنِّسَاءِ. فَقَالَتْ: أَتُرَاشُونِي عَنْ دِينِي؟ فَقَالُوا: لا. فَقَالَتْ: أَتَخَافُونَ أَنْ أَدَعَ مَا أَنَا عَلَيْهِ؟ فَقَالُوا: لا. قالت: فو الله لا آخُذُ مِنْهُ شَيْئًا أَبَدًا. فَرَجَعَ زَيْدٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَتْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَحْنُ لا نَأْخُذُ مِمَّا أَعْطَيْنَاهَا شَيْئًا أَبَدًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَظُنُّهُ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: لَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ وَلِيتُ أَمْرَكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ وَلَكِنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ وَسَنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّنَنَ فَعَلَّمَنَا فَعَلِمْنَا. اعْلَمُوا أَنَّ أَكْيَسَ الْكَيْسِ التَّقْوَى وَأَنَّ أَحْمَقَ الْحُمْقَ الْفُجُورَ. وَأَنَّ أَقْوَاكُمْ عِنْدِيَ الضَّعِيفُ حَتَّى آخِذَ لَهُ بِحَقِّهِ وَأَنَّ أَضْعَفَكُمْ عِنْدِيَ الْقَوِيُّ حَتَّى آخِذَ مِنْهُ الْحَقَّ. أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا مُتَّبِعٌ وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ. فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وَإِنْ زُغْتُ فَقَوِّمُونِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَشُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بن أبي أوفى أوصى رسول الله. ص؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَكَيْفَ كَتَبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةَ وَأُمِرُوا بِهَا؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ: وَقَالَ هُذَيْلٌ: أَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَمَّرُ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ؟ لَوَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقْدًا فَخَزَمَ أَنْفَهُ بِخِزَامَةٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَظَرْنَا فِي أَمْرِنَا فَوَجَدْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ فِي الصَّلاةِ فَرَضِينَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِدِينِنَا فَقَدَّمْنَا أَبَا بَكْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَرْقَمِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ أَخَذَ مِنْ حَيْثُ كَانَ بَلَغَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ القراءة. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ. فقال: لست بخليفة الله ولكني خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ. أَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ الْمَكِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ صَيَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارْتَجَّتْ مَكَّةُ فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَمَنْ وَلِيَ النَّاسَ بَعْدَهُ؟ قَالُوا: ابْنُكَ. قَالَ: أَرَضِيَتْ بِذَلِكَ بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنُو الْمُغِيرَةِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّهُ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ ارْتَجَّتْ مَكَّةُ بِرَجَّةٍ هِيَ دُونَ الأُولَى فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُكَ مَاتَ. فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: هَذَا خَبَرٌ جَلِيلٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ أَصْبَحَ غَادِيًا إِلَى السُّوقِ وَعَلَى رَقَبَتِهِ أَثْوَابٌ يَتَّجِرُ بِهَا فَلَقِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقَالا لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: السُّوقَ. قَالا: تَصْنَعُ مَاذَا وَقَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ أُطْعِمُ عِيَالِي؟ قَالا لَهُ: انْطَلِقْ حَتَّى نَفْرِضَ لَكَ شَيْئًا. فَانْطَلَقَ مَعَهُمَا فَفَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ شَطْرَ شَاةٍ وماكسوه فِي الرَّأْسِ وَالْبَطْنِ. فَقَالَ عُمَرُ: إِلَيَّ الْقَضَاءُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَإِلَيَّ الْفَيْءُ. قَالَ عُمَرُ: فَلَقَدْ كَانَ يَأْتِي عَلَيَّ الشَّهْرُ مَا يَخْتَصِمُ إِلَيَّ فِيهِ اثْنَانِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ رَجُلا رَأَى عَلَى عُنُقِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَبَاءَةً فَقَالَ: مَا هَذَا؟ هَاتِهَا أَكْفِيكَهَا. فَقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي لا تَغُرَّنِي أَنْتَ وَابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ عِيَالِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ: لَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ: افْرِضُوا لِخَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ مَا يُغْنِيهِ. قَالُوا: نَعَمْ. بُرْدَاهُ إِذَا أَخْلَقَهُمَا وَضَعَهُمَا وَأَخَذَ مِثْلَهُمَا وَظَهْرُهُ إِذَا سَافَرَ وَنَفَقَتُهُ عَلَى أَهْلِهِ كَمَا كَانَ يُنْفِقُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخْلَفَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَضِيتُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا اسْتُخْلِفَ رَاحَ إِلَى السُّوقِ يَحْمِلُ أَبْرَادًا لَهُ وَقَالَ: لا تَغُرُّونِي مِنْ عِيَالِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: قَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنَّ حِرْفَتِيَ لَمْ تَكُنْ لِتَعْجَزَ عن مؤونة أَهْلِي وَقَدْ شُغِلْتُ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ وَسَأَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي مَالِهِمْ وَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لما أستخلف أبو بكر جعلوا له ألفين فقال: زيدوني فإن لي عيالاً وقد شغلتموني عن التجارة. قال فزادوه خمسمائة. قال: إما أن تكون ألفين فزادوه خمسمائة أو كانت ألفين وخمسمائة فزادوه خمسمائة. ذكر بيعة أبي بكر. رحمه اللَّهِ: قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَبِيحَةَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَغَيْرُ هَؤُلاءِ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي بِبَعْضِهِ فَدَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَوْمَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الاثْنَيْنِ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مَنْزِلَهُ بِالسُّنْحِ عِنْدَ زَوْجَتِهِ حَبِيبَةَ بِنْتِ خَارِجَةَ بْنِ زيد بن أبي زهير من بني الحارث بْنِ الْخَزْرَجِ. وَكَانَ قَدْ حَجَّرَ عَلَيْهِ حُجْرَةً مِنْ شَعْرٍ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَحَوَّلَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِالْمَدِينَةِ فَأَقَامَ هُنَاكَ بِالسُّنْحِ بعد ما بُويِعَ لَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَغْدُو عَلَى رِجْلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَرُبَّمَا رَكِبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ مُمَشَّقٌ فَيُوافِي الْمَدِينَةَ فَيُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِالنَّاسِ فَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ بِالسُّنْحِ. فَكَانَ إِذَا حَضَرَ صَلَّى بِالنَّاسِ وَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ صَلَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَكَانَ يُقِيمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي صَدْرِ النَّهَارِ بِالسُّنْحِ يَصْبُغُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ ثُمَّ يَرُوحُ لِقَدَرِ الْجُمُعَةِ فَيُجَمِّعُ بِالنَّاسِ. وَكَانَ رَجُلا تَاجِرًا فَكَانَ يَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ السُّوقَ فَيَبِيعَ وَيَبْتَاعَ. وَكَانَتْ لَهُ قِطْعَةُ غَنْمٍ تَرُوحُ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا خَرَجَ هُوَ نَفْسُهُ فِيهَا وَرُبَّمَا كُفِيَهَا فَرُعِيَتْ لَهُ. وَكَانَ يَحْلُبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ. فَلَمَّا بُويِعَ لَهُ بِالْخِلافَةِ قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنَ الْحَيِّ: الآنَ لا تُحْلَبِ لَنَا مَنَائِحَ دَارِنَا. فَسَمِعَهَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: بَلَى لَعَمْرِي لأَحْلُبَنَّهَا لَكُمْ وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يُغَيِّرُنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ خُلُقٍ كُنْتُ عَلَيْهِ. فَكَانَ يَحْلُبُ لَهُمْ فَرُبَّمَا قَالَ لِلْجَارِيَةِ مِنَ الْحَيِّ: يَا جَارِيَةُ أَتُحِبِّينَ أَنْ أُرْغِيَ لَكِ أَوْ أُصَرِّحَ؟ فَرُبَّمَا قَالَتْ: أَرْغِ. وَرُبَّمَا قَالَتْ: صَرِّحْ. فَأَيُّ ذَلِكَ قَالَتْ فَعَلَ. فَمَكَثَ كَذَلِكَ بِالسُّنْحِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَامَ بِهَا وَنَظَرَ فِي أَمَرِهِ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ مَا يُصْلِحُ أَمْرَ النَّاسِ التِّجَارَةُ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمْ إِلا التَّفَرُّغُ وَالنَّظَرُ فِي شَأْنِهِمْ وَمَا بُدٌّ لِعِيَالِي مِمَّا يُصْلِحُهُمْ. فَتَرَكَ التِّجَارَةَ وَاسْتَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مَا يُصْلِحُهُ وَيُصْلِحُ عِيَالَهُ يَوْمًا بِيَوْمٍ وَيَحُجُّ وَيَعْتَمِرُ. وَكَانَ الَّذِي فَرَضُوا لَهُ كُلَّ سَنَةٍ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَمٍ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: رُدُّوا مَا عِنْدَنَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنِّي لا أُصِيبُ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْئًا. وَإِنَّ أَرْضِيَ الَّتِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا لِلْمُسْلِمِينَ بِمَا أَصَبْتُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. فَدُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ وَلَقُوحٌ وَعَبْدٌ صَيْقَلٌ وَقَطِيفَةٌ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمٍ فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ. قَالُوا: وَاسْتَعْمَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. ثُمَّ اعْتَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فِي رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فَدَخَلَ مَكَّةَ ضَحْوَةً فَأَتَى مَنْزِلَهُ وَأَبُو قُحَافَةَ جَالِسٌ عَلَى بَابِ دَارِهِ مَعَهُ فِتْيَانٌ أَحْدَاثٌ يُحَدِّثُهُمْ إِلَى أَنْ قِيلَ لَهُ هَذَا ابْنُكَ. فَنَهَضَ قَائِمًا وَعَجَّلَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُنِيخَ رَاحِلَتَهُ فَنَزَلَ عَنْهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا أَبَتِ لا تَقُمْ. ثُمَّ لاقَاهُ فَالْتَزَمَهُ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْ أَبِي قُحَافَةَ وَجَعَلَ الشَّيْخُ يَبْكِي فَرَحًا بِقُدُومِهِ. وَجَاءَ إِلَى مَكَّةَ عَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ وَسُهَيْلُ بْن عَمْرو وَعِكْرِمَةُ بْن أَبِي جَهْلٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ: سلام عليك يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَى أَبِي قُحَافَةَ فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: يَا عَتِيقُ هَؤُلاءِ الْمَلأُ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا أَبَتِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ! طُوِّقْتُ عَظِيمًا مِنَ الأَمْرِ لا قُوَّةَ لِي بِهِ وَلا يَدَانِ إِلا بِاللَّهِ. ثُمَّ دَخَلَ فَاغْتَسَلَ وَخَرَجَ وَتَبِعَهُ أَصْحَابُهُ فَنَحَّاهُمْ ثُمَّ قَالَ: امْشُوا عَلَى رِسْلِكُمْ. وَلَقِيَهُ النَّاسُ يَتَمَشَّوْنَ فِي وَجْهِهِ وَيُعَزُّونَهُ بِنَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَبْكِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ فَاضْطَبَعَ بِرِدَائِهِ ثُمَّ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ طَافَ سَبْعًا وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَلَمَّا كَانَ الظُّهْرُ خَرَجَ فَطَافَ أَيْضًا بِالْبَيْتِ. ثُمَّ جَلَسَ قَرِيبًا مِنْ دَارِ النَّدْوَةِ فَقَالَ: هَلْ مِنْ أَحَدٍ يَتَشَكَّى مِنْ ظُلامَةٍ أَوْ يَطْلُبُ حَقًّا؟ فَمَا أَتَاهُ أَحَدٌ وَأَثْنَى النَّاسُ عَلَى وَالِيهِمْ خَيْرًا. ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ وَجَلَسَ فَوَدَّعَهُ النَّاسُ. ثُمَّ خَرَجَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا كَانَ وَقْتَ الْحَجِّ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ تِلْكَ السَّنَةَ وَأَفْرَدَ الْحَجَّ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ. ذِكْرُ صِفَةِ أَبِي بَكْرٍ: قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ رَجُلا نَحِيفًا خَفِيفَ اللَّحْمِ أَبْيَضَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَظَرَتْ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ مَارًّا وَهِيَ فِي هَوْدَجِهَا فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَشْبَهَ بِأَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا. فَقُلْنَا: صِفِي لَنَا أَبَا بَكْرٍ. فَقَالَتْ: رَجُلٌ أَبْيَضُ. نَحِيفٌ. خَفِيفُ الْعَارِضَيْنِ. أَجْنَأُ لا يَسْتَمْسِكُ إِزَارَهُ يَسْتَرْخِي عَنْ حَقْوَتِهِ. مَعْرُوقُ الْوَجْهِ. غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ. نَاتِئُ الْجَبْهَةِ. عَارِي الأَشَاجِعِ. هَذِهِ صِفَتُهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ يَذْكُرُ هَذِهِ الصِّفَةَ بِعَيْنِهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: مَرَرْتُ بِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ خَلِيفَةٌ يَوْمَئِذٍ وَلِحْيَتُهُ حَمْرَاءُ قَانِيَةٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاسِلِ كَأَنَّ لِحْيَتَهُ لُهَابِ الْعَرْفَجِ. شَيْخًا خَفِيفًا أَبْيَضَ. عَلَى نَاقَةٍ لَهُ أَدْمَاءَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَأَنَّهُمَا جَمْرُ الْغَضَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ. وَكَانَ جَلِيسًا لَهُمْ. كَانَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَغَدَا عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ حَمَّرَهَا فَقَالَ لَهُ القوم: هذا أحسن. فقال: إِنَّ أُمِّي عَائِشَةُ أَرْسَلَتْ إِلَيَّ الْبَارِحَةَ جَارِيَتَهَا نُخَيْلَةَ فَأَقْسَمَتْ عَلَيَّ لأَصْبُغَنَّ وَأَخْبَرَتْنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَصْبُغُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ صَبَغَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَذُكِرَ عِنْدَهَا رَجُلٌ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ فَقَالَتْ إِنْ يَخْضِبْ فَقَدْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ قَبْلَهُ بِالْحِنَّاءِ. قَالَ الْقَاسِمُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَضَبَ لَبَدَأْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَتْهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَخَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَمْ يَشِنْهُ الشَّيْبُ وَلَكِنْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَخَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَخْتَضِبُ أَبُو بَكْرٍ؟ قَالَ: بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: قُلْتُ فَعُمَرُ؟ قال: بالحناء. قال: قلت فالنبي. ص؟ قَالَ: لَمْ يُدْرِكْ ذَاكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خضب أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَصْبُغُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي خَيْثَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ خَضَبَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْضِبُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَدْ كَانَ يُغَيِّرُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَشْيَاخٍ مِنَ الأَنْصَارِ بِمَكَّةَ فَسَأَلَهُمْ عُبَيْدُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ أَكَانَ عُمَرُ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ؟ فَقَالُوا: أَخْبَرَنَا فُلانٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُبَيْلٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ وَكَأَنَّ لِحْيَتَهُ ضِرَامُ عَرْفَجٍ مِنْ شِدَّةَ الْحُمْرَةِ مِنَ الْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ عَنْ رَجُلٍ أَظُنُّهُ قَالَ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ وَسَّاجٍ حدثه عن أنس خادم النبي. ص. قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة وليس في أصحابه غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ فَغَلَّفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ سِيرِينَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ هَلْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْضِبُ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: حَسْبِي. ذكر وصية أبي بكر: قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ أَبُو بَكْرٍ مَرَضُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ: انْظُرُوا مَا زَادَ فِي مَالِي مُنْذُ دَخَلْتُ الإِمَارَةَ فَابْعَثُوا بِهِ إِلَى الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِي فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ أَسْتَحِلُّهُ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ أَسْتَصْلِحُهُ جَهْدِي. وَكُنْتُ أُصِيبُ مِنَ الْوَدَكِ نَحْوًا مِمَّا كُنْتُ أُصِيبُ فِي التِّجَارَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا مَاتَ نَظَرْنَا فَإِذَا عَبْدٌ نُوبِيُّ كَانَ يَحْمِلُ صِبْيَانَهُ وَإِذَا نَاضِحٌ كَانَ يَسْنِي عَلَيْهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ: نَاضِحٌ كَانَ يَسْقِي بُسْتَانًا لَهُ. قَالَتْ فَبَعَثْنَا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ. قَالَتْ فَأَخْبَرَنِي جَدِّي أَنَّ عُمَرَ بَكَى وَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ تَعَبًا شَدِيدًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عبيد الله عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ: إِنِّي لا أَعْلَمُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ اللِّقْحَةِ وَغَيْرَ هَذَا الْغُلامِ الصَّيْقَلِ كَانَ يَعْمَلُ سُيُوفَ الْمُسْلِمِينَ وَيَخْدُمُنَا فَإِذَا مُتُّ فَادْفَعِيهِ إِلَى عُمَرَ. فَلَمَّا دَفَعْتُهُ إِلَى عُمَرَ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بكر لقد أتعب من بعده. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَطَفْنَا بِغُرْفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي مَرْضَتِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا. قَالَ: فَقُلْنَا كَيْفَ أَصْبَحَ أَوْ كَيْفَ أَمْسَى خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ. ص؟ قَالَ: فَاطَّلَعَ عَلَيْنَا إِطِّلاعَةً فَقَالَ: أَلَسْتُمْ تَرْضَوْنَ بِمَا أَصْنَعُ؟ قُلْنَا: بَلَى قَدْ رَضِينَا. قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ هِيَ تُمَرِّضُهُ. قَالَ فَقَالَ: أَمَا إِنِّي قَدْ كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أُوَفِّرَ لِلْمُسْلِمِينَ فَيْئَهُمْ مَعَ أَنِّي قَدْ أَصَبْتُ مِنَ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ فَانْظُرُوا إِذَا رَجَعْتُمْ مِنِّي فَانْظُرُوا مَا كَانَ عِنْدَنَا فَأَبْلِغُوهُ عُمَرَ. قَالَ: فَذَاكَ حيث عرفوه أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ. قَالَ: وَمَا كَانَ عِنْدَهُ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ. مَا كَانَ إِلا خَادِمٌ وَلَقْحَةٌ وَمِحْلَبٌ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ يُحْمَلُ إِلَيْهِ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعَلَيْهِ سِتَّةُ آلافٍ كَانَ أَخَذَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَدَعْنِي حَتَّى أَصَبْتُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَإِنَّ حَائِطِيَ الَّذِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا فِيهَا. فَلَمَّا تُوُفِّيَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَحَبَّ أَنْ لا يدع لأَحَدٍ بَعْدَهُ مَقَالا وَأَنَا وَالِي الأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَقَدْ رَدَدْتُهَا عَلَيْكُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ سُمَيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ مَا عِنْدِي مِنْ مَالٍ إِلا لِقْحَةٌ وَقَدَحٌ فَإِذَا مُتُّ فَاذْهَبُوا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ. فَلَمَّا مَاتَ ذَهَبُوا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أبا بكر لقد أتعب من بعده. . قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نِيَارٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَسَمَ أَبِي أَوَّلَ عَامٍ الْفَيْءَ فَأَعْطَى الْحَرَّ عَشَرَةً وَأَعْطَى الْمَمْلُوكَ عَشَرَةً وَالْمَرْأَةَ عَشَرَةً وَأَمَتَهَا عَشَرَةً. ثُمَّ قَسَمَ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَأَعْطَاهُمْ عِشْرِينَ عِشْرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ أُسَيْرٍ قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي مَرَضِهِ فَقُلْتُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ اعْهَدْ إِلَيَّ عَهْدًا فَإِنِّي لا أَرَاكَ تَعْهَدُ إِلَيَّ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا. قَالَ: أَجَلْ يَا سَلْمَانُ إِنَّهَا سَتَكُونُ فُتُوحٌ فَلا أَعْرِفَنَّ مَا كَانَ مِنْ حَظِّكَ مِنْهَا مَا جَعَلْتَ فِي بَطْنِكَ أَوْ أَلْقَيْتَهُ عَلَى ظَهْرِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَإِنَّهُ يُصْبِحُ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ. فَلا تَقْتُلَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ ذِمَّةِ اللَّهِ فَيَطْلُبَكَ اللَّهُ بِذِمَّتِهِ فَيُكِبَّكَ اللَّهُ عَلَى وَجْهِكَ فِي النَّارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عَزَّةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى بِخُمْسِ مَالِهِ. أَوْ قَالَ آخُذُ مِنْ مَالِي مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِي مِنْ مَالِي مَا رَضِيَ رَبِّي مِنَ الْغَنِيمَةِ فَأَوْصَى بِالْخُمُسِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى بِالْخُمُسِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا حَضَرَ أَبَا بَكْرٍ الْوَفَاةُ جَلَسَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا بُنَيَّةُ فَإِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ غِنًى إِلَيَّ بَعْدِي أَنْتِ وَإِنَّ أَعَزَّ النَّاسِ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي أَنْتِ وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِي فَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنَّكِ حُزْتِهِ وَأَخَذْتِهِ فَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الْوَارِثِ وَهُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ. قَالَتْ: قُلْتُ هَذَا أَخَوَايَ فَمَنْ أُخْتَايَ؟ قَالَ: ذَاتُ بَطْنِ ابْنَةَ خَارِجَةَ فَإِنِّي أَظُنُّهَا جَارِيَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْكِبَاشِ الْكِنْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا أَنْ ثَقُلَ قَالَ لِعَائِشَةَ: إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِي أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكِ وَقَدْ كُنْتُ أَقْطَعْتُكِ أَرْضًا بِالْبَحْرَيْنِ وَلا أُرَاكِ رَزَأْتِ مِنْهَا شَيْئًا. قَالَتْ لَهُ: أَجَلْ. قَالَ: فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَابْعَثِي بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ. وَكَانَتْ تُرْضِعُ ابْنَهُ. وَهَاتَيْنِ اللِّقْحَتَيْنِ وَحَالِبَهُمَا إِلَى عُمَرَ. وَكَانَ يَسْقِي لَبَنَهُمَا جُلَسَاءَهُ. وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ شَيْءٌ. فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ بَعَثَتْ عَائِشَةُ بِالْغُلامِ وَاللَّقْحَتَيْنِ وَالْجَارِيَةِ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ. فَقَبِلَ اللِّقْحَتَيْنِ وَالْغُلامَ وَرَدَّ الْجَارِيَةَ عَلَيْهِمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَاهَا فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي أَهْلِي بَعْدِي أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ غِنًى مِنْكِ وَلا أَعَزَّ عَلَيَّ فَقْرًا مِنْكِ وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ مِنْ أَرْضٍ بِالْعَالِيَةِ جِدَادَ. يَعْنِي صِرَامَ. عِشْرِينَ وَسْقًا فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِهِ تَمْرًا عَامًا وَاحِدًا انْحَازَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الْوَارِثِ وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ. فَقُلْتُ: إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ. فَقَالَ: وَذَاتُ بَطْنِ ابْنَةَ خَارِجَةَ قَدْ أُلْقِيَ فِي رُوعِيَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ فَاسْتَوْصِي بِهَا خَيْرًا. فَوَلَدَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْمَالُ الَّذِي نَحَلَ عَائِشَةَ بِالْعَالِيَةِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ بِئْرَ حُجْرٍ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ ذَلِكَ الْمَالَ فَأَصْلَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَغَرَسَ فِيهِ وَدِيًّا. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ نَضَّرُ بْنُ بَابٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا احْتُضِرَ قَالَ لِعَائِشَةَ: أَيْ بُنَيَّةُ قَدْ عَلِمْتِ أَنَّكِ كُنْتِ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ وَأَعَزَّهُمْ وَأَنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ أَرْضِيَ الَّتِي تَعْلَمِينَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا وَأَنَا أَحَبُّ أَنْ تَرُدِّيهَا عَلَيَّ فَيَكُونَ ذَلِكَ قِسْمَةٌ بَيْنَ وَلَدِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَأَلْقَى رَبِّي حِينَ أَلْقَاهُ وَلَمْ أُفَضِّلْ بَعْضَ وَلَدِي عَلَى بَعْضٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَبُو أُسَامَةَ قَالا: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قَالَتْ: مَا تَرَكَ أَبُو بَكْرٍ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا ضَرَبَ اللَّهُ سِكَّتَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ مَوْلَى الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا حُضِرَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ كَلِمَةً مِنْ قَوْلِ حَاتِمٍ: لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ فَقَالَ: لا تَقُولِي هَكَذَا يَا بُنَيَّةَ وَلَكِنْ قُولِي: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. انظروا ملاءتي هاتين فإذا مت فاغسلوها وَكَفِّنُونِي فِيهِمَا فَإِنَّ الْحَيَّ أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مُوسَى الْجُهَنِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: جَاءَتْ عَائِشَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يُعَالِجُ مَا يُعَالِجُ الْمَيِّتُ وَنَفَسُهُ فِي صَدْرِهِ فَتَمَثَّلْتُ هَذَا الْبَيْتَ: لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ فَنَظَرَ إِلَيْهَا كَالْغَضْبَانِ ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنْ وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. إِنِّي قَدْ كُنْتُ نَحَلْتُكِ حَائِطًا وَإِنَّ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْئًا فَرُدِّيهِ إِلَى الْمِيرَاثِ. قَالَتْ: نَعَمْ فَرَدَدْتُهُ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّا مُنْذُ وَلِينَا أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ نَأْكُلْ لَهُمْ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَلَكِنَّا قَدْ أَكَلْنَا مِنْ جَرِيشِ طَعَامُهُمْ فِي بُطُونِنَا وَلَبِسْنَا مِنْ خَشِنِ ثِيَابِهِمْ عَلَى ظُهُورِنَا وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ قَلِيلٌ وَلا كَثِيرٌ إِلا هَذَا الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ وَهَذَا الْبَعِيرُ النَّاضِحُ وَجَرْدُ هَذِهِ الْقَطِيفَةِ فَإِذَا مُتُّ فَابْعَثِي بِهِنَّ إِلَى عُمَرَ وَابْرَئِي مِنْهُنَّ. فَفَعَلْتُ. فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ عُمَرَ بَكَى حَتَّى جَعَلَتْ دُمُوعُهُ تَسِيلُ فِي الأَرْضِ وَيَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ. رَحِمَ الله أبا بكر لقد أتعب من بعده. يَا غُلامُ ارْفَعْهُنَّ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ تَسْلُبُ عِيَالَ أَبِي بَكْرٍ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَبَعِيرًا نَاضِحًا وَجَرْدَ قَطِيفَةٍ ثَمَنَ خَمْسَةِ الدَّرَاهِمِ؟ قَالَ: فَمَا تَأْمُرُ؟ قَالَ: تَرُدُّهُنَّ عَلَى عِيَالِهِ. فَقَالَ: لا وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ. أَوْ كَمَا حَلَفَ. لا يَكُونُ هَذَا في وِلايَتِي أَبَدًا وَلا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مِنْهُنَّ عِنْدَ الْمَوْتِ وَأَرُدُّهُنَّ أَنَا عَلَى عِيَالِهِ. الْمَوْتُ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ لا يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعًا ... فَإِنَّهُ لا بُدَّ مَرَّةً مَدْفُوقُ فَقَالَ أبو بكر: ليس كذلك أي بنية ولكن جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَتَتْهُ عَائِشَةُ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ هَذَا كَمَا قَالَ حَاتِمٌ: إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ قَوْلُ الله أصدق. جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. إِذَا أَنَا مُتُّ فَاغْسِلِي أَخْلاقِي فَاجْعَلِيهَا أَكْفَانِي. فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ قَدْ رَزَقَ اللَّهُ وَأَحْسَنَ. نكفنك في جديد. قَالَ: إِنَّ الْحَيَّ هُوَ أَحْوَجُ يَصُونُ نَفْسَهُ وَيُقَنِّعُهَا مِنَ الْمَيِّتِ. إِنَّمَا يَصِيرُ إِلَى الصَّدِيدِ وَإِلَى الْبِلَى. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا مَرِضَ فَثَقُلَ قَعَدَتْ عَائِشَةُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَتْ: كُلُّ ذِي إِبِلٍ مَوْرُوثُهَا ... وَكُلُّ ذِي سَلَبٍ مَسْلُوبُ فَقَالَ: لَيْسَ كَمَا قُلْتِ يَا بِنْتَاهُ وَلَكِنْ كَمَا قَالَ اللَّهُ. وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا تَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْتِ وَأَبُو بَكْرٍ يَقْضِي: وَأَبْيَضُ يَسْتَسْقِي الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ سُمَيَّةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَنْ لا يَزَالُ مُقَنَّعًا ... فَإِنَّهُ لا بُدَّ مَرَّةً مَدْفُوقُ فَقَالَ أبو بكر: جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ: لا تَزَالُ تَنْعَى حَبِيبًا حَتَّى تَكُونَهُ ... وَقَدْ يَرْجُو الْفَتَى الرَّجَا يَمُوتُ دُونَهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي السَّفَرِ قَالَ: مَرِضَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالُوا أَلا نَدْعُو الطَّبِيبَ؟ فَقَالَ: قَدْ رَآنِي فَقَالَ إِنِّي فَعَّالٌ لِمَا أُرِيدُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي خَضِرَةٌ تَأَكُلُنِي الدَّوَابُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَالْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ كَانَا يَأْكُلانِ خَزِيرَةً أُهْدِيَتْ لأَبِي بَكْرٍ فَقَالَ الْحَارِثُ لأَبِي بَكْرٍ: ارْفَعْ يَدَكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ. وَاللَّهِ إِنَّ فِيهَا لَسَمُّ سَنَةٍ وَأَنَا وَأَنْتَ نَمُوتُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. قَالَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَلَمْ يَزَالا عَلِيلَيْنِ حَتَّى مَاتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لأَنْ أُوصِيَ بِالْخُمُسِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُوصِيَ بِالرُّبُعِ. وَلأَنْ أُوصِيَ بِالرُّبُعِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُوصِيَ بِالثُّلُثِ. وَمَنْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ فَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بَرَدَانُ بْنُ أَبِي النَّضْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا اسْتُعِزَّ بِهِ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا تَسْأَلُنِي عَنْ أَمْرٍ إِلا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: هُوَ وَاللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ رَأْيِكَ فِيهِ. ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ. فَقَالَ: أَنْتَ أَخْبَرُنَا بِهِ. فَقَالَ: عَلَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: اللَّهُمَّ عِلْمِي بِهِ أَنَّ سَرِيرَتَهُ خَيْرٌ مِنْ عَلانِيَتِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِينَا مِثْلَهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. وَاللَّهِ لَوْ تَرَكْتُهُ مَا عَدَوْتُكَ. وَشَاوَرَ مَعَهُمَا سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ أَبَا الأَعْوَرِ وَأُسَيْدَ بْنَ الْحُضَيْرِ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ فَقَالَ أُسَيْدٌ: اللَّهُمَّ أَعْلَمُهُ الْخَيْرَةَ بَعْدَكَ. يَرْضَى لِلرِّضَى وَيَسْخَطُ لِلسُّخْطِ. الَّذِي يُسِرُّ خَيْرٌ مِنَ الَّذِي يُعْلِنُ. وَلَمْ يَلِ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ أَقْوَى عَلَيْهِ مِنْهُ. وَسَمِعَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدُخُولِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانَ عَلَى أَبِي بكر وخلوتهما به فدخلوا بِهِ فَدَخَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مِنْهُمْ: مَا أَنْتَ قَائِلٌ لِرَبِّكَ إِذَا سَأَلَكَ عَنِ اسْتِخْلافِكَ عُمَرَ؟ لِعُمَرَ عَلَيْنَا وَقَدْ تَرَى غِلْظَتَهُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْلِسُونِي. أَبِاللَّهِ تُخَوِّفُونِي؟ خَابَ مَنْ تَزَوَّدَ مِنْ أَمْرِكُمْ بِظُلْمٍ. أَقُولُ اللَّهُمَّ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرُ أَهْلِكَ. أَبْلِغْ عَنِّي مَا قُلْتُ لَكَ مَنْ وَرَاءَكَ. ثُمَّ اضْطَجَعَ وَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ فِي آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا خَارِجًا مِنْهَا وَعِنْدَ أَوَّلِ عَهْدِهِ بِالآخِرَةِ دَاخِلا فِيهَا حَيْثُ يُؤْمِنُ الْكَافِرُ وَيُوقِنُ الْفَاجِرُ وَيُصَدِّقُ الْكَاذِبَ. إِنِّي اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. وَإِنِّي لَمْ آلُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَدِينَهُ وَنَفْسِي وَإِيَّاكُمْ خَيْرًا. فَإِنْ عَدَلَ فَذَلِكَ ظَنِّي بِهِ وَعِلْمِي فِيهِ. وَإِنْ بَدَّلَ فَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ. وَالْخَيْرُ أَرَدْتُ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ. سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. ثُمَّ أَمَرَ بِالْكِتَابِ فَخَتَمَهُ. ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لَمَّا أَمْلَى أَبُو بَكْرٍ صَدْرَ هَذَا الْكِتَابِ: بَقِيَ ذِكْرُ عُمَرَ فَذَهَبَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَ أَحَدًا. فَكَتَبَ عُثْمَانُ: إِنِّي قَدِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. ثُمَّ أَفَاقَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَيَّ مَا كَتَبْتَ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ ذِكْرَ عُمَرَ فَكَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: أَرَاكَ خِفْتَ إِنْ أَقْبَلَتْ نَفْسِي فِي غَشْيَتِي تِلْكَ يَخْتَلِفُ النَّاسُ فجزاك الله عن الإسلام مَخْتُومًا وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأُسَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْقُرَظِيُّ فَقَالَ عُثْمَانُ لِلنَّاسِ: أَتُبَايِعُونَ لِمَنْ فِي هَذَا الْكِتَابِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ عَلِمْنَا بِهِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَلِيٌّ الْقَائِلُ وَهُوَ عُمَرُ. فَأَقَرُّوا بِذَلِكَ جَمِيعًا وَرَضُوا بِهِ وَبَايَعُوا ثُمَّ دَعَا أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ خَالِيًا فَأَوْصَاهُ بِمَا أَوْصَاهُ بِهِ. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدَهُ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ مَدًّا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ إِلا صَلاحَهُمْ وَخِفْتُ عَلَيْهِمُ الْفِتْنَةَ فَعَمِلْتُ فِيهِمْ بِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ وَاجْتَهَدْتُ لَهُمْ رَأْيِي فَوَلَّيْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَهُمْ وَأَقْوَاهُمْ عَلَيْهِمْ وَأَحْرَصَهُمْ عَلَى مَا أَرْشَدَهُمْ وَقَدْ حَضَرَنِي مِنْ أَمْرِكَ مَا حَضَرَ فَاخْلُفْنِي فِيهِمْ فَهُمْ عِبَادُكَ وَنَوَاصِيهِمْ بِيَدِكَ أَصْلِحْ لَهُمْ وَإِلَيْهِمْ وَاجْعَلْهُ مِنْ خُلَفَائِكَ الرَّاشِدِينَ يَتَّبِعْ هُدَى نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَهُدَى الصَّالِحِينَ بَعْدَهُ وَأَصْلِحْ لَهُ رَعِيَّتَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالَتْ: قُلْنَا يَوْمُ الاثْنَيْنِ. قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ قُبِضَ رسول الله. ص؟ قَالَتْ: قُلْنَا قُبِضَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ. قَالَ: فَإِنِّي أَرْجُو مَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ. قَالَتْ وَكَانَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ فِيهِ رَدْعٌ مِنْ مِشْقٍ فَقَالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَاغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَضُمُّوا إِلَيْهِ ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ وَكَفِّنُونِي فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. فَقُلْنَا: أَلا نَجْعَلُهَا جُدُدًا كُلَّهَا؟ قَالَ فَقَالَ: لا. إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ. الْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. قَالَتْ فَمَاتَ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ. رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا: فِي أَيِّ يَوْمٍ مَاتَ رسول الله. ص؟ قَالَتْ: فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ. قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ. إِنِّي لأَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ. قَالَ: فَفِيمَ كَفَّنْتُمُوهُ؟ قَالَتْ: فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ يَمَانِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: انْظُرِي ثَوْبِي هَذَا فِيهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ أَوْ مِشْقٌ فَاغْسِلِيهِ وَاجْعَلِي مَعَهُ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا أَبَتِ هُوَ خَلَقٌ. فَقَالَ: إِنَّ الْحَيَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَعْطَاهُمْ حُلَّةً حِبَرَةً فَأُدْرِجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجُوهُ مِنْهَا فَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ. فَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ الْحُلَّةَ فَقَالَ: لأُكَفِّنَنَّ نَفْسِي فِي شَيْءٍ مَسَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَاللَّهِ لا أُكَفَّنُ فِي شَيْءٍ مَنَعَهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُكَفَّنَ فِيهِ. وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ وَدُفِنَ لَيْلا. وَمَاتَتْ عَائِشَةُ لَيْلا فَدَفَنَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ اللَّيْثِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ مَوْلَى آلِ مَظْعُونٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالُوا: كَانَ أَوَّلُ بَدْءِ مَرَضِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ اغْتَسَلَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ. وَكَانَ يَوْمًا بَارِدًا. فَحُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لا يَخْرُجُ إِلَى صَلاةٍ. وَكَانَ يَأْمُرُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. وَيَدْخُلُ النَّاسُ عَلَيْهِ يَعُودُونَهُ وَهُوَ يَثْقُلُ كُلَّ يَوْمٍ وَهُوَ نَازِلٌ يَوْمَئِذٍ فِي دَارِهِ الَّتِي قَطَعَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وِجَاهَ دَارِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ الْيَوْمَ. وَكَانَ عُثْمَانُ أَلْزَمَهُمْ لَهُ فِي مَرَضِهِ. وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ. رَحِمَهُ اللَّهُ. مَسَاءَ لَيْلَةِ الثُّلاثَاءِ لِثَمَانِي لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ مِنْ مُهَاجِرِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَتْ خِلافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَثَلاثَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ. وَكَانَ أَبُو مَعْشَرٍ يَقُولُ سَنَتَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إِلا أَرْبَعَ لَيَالٍ. وَتُوُفِّيَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. مُجْمَعٌ عَلَى ذَلِكَ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا. اسْتَوْفَى سِنِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وُلِدَ بَعْدَ الْفِيلِ بِثَلاثِ سِنِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: اسْتَكْمَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي خِلافَتِهِ سِنِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو بَكْرٍ وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ غَسَّلَتْهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ امرأته أسماء. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ أَسْمَاءُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ غَسَّلَتْهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ أَنْ تَغْسِلَهُ إِذَا مَاتَ وَعَزَمَ عَلَيْهَا: لَمَا أَفْطَرْتِ لأَنَّهُ أَقْوَى لَكِ. فَذَكَرَتْ يَمِينَهُ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فَدَعَتْ بِمَاءٍ فَشَرِبَتْ وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لا أُتْبِعُهُ الْيَوْمَ حِنْثًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا أَشْعَثُ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ صَبِرَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ فَإِنْ عَجَزَتْ أَعَانَهَا ابْنُهَا مِنْهُ. مُحَمَّدٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا وَهَلٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: هَذَا خَطَأٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ تَغْسِلَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعِ اسْتَعَانَتْ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا الثَّبْتُ. وَكَيْفَ يُعِينُهَا مُحَمَّدٌ ابْنُهَا وَإِنَّمَا وَلَدَتْهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ وَكَانَ لَهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ ثَلاثُ سِنِينَ أو نحوها؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ غَسَّلَتْهُ أسماء بنت عميس. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ امْرَأَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ غَسَلَتْ أَبَا بَكْرٍ حِينَ تُوُفِّيَ ثُمَّ خَرَجَتْ فَسَأَلَتْ مَنْ حَضَرَهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَتْ: إِنِّي صَائِمَةٌ وَهَذَا يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ فَهَلْ عَلَيَّ غُسْلٌ؟ قَالُوا: لا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ حَاجِبِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: غَسَّلْتُهُ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ فَسَأَلَتْ عُثْمَانَ هَلْ عَلَيْهَا غُسْلٌ؟ فَقَالَ: لا. وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ وَلا يُنْكِرُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي رَيْطَتَيْنِ. رَيْطَةٌ بَيْضَاءُ وَرَيْطَةٌ مُمَصَّرَةٌ. وَقَالَ: الْحَيُّ أَحْوَجُ إِلَى الْكِسْوَةِ مِنَ الْمَيِّتِ. إِنَّمَا هُوَ لِمَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْفِهِ وَفِيهِ. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا ثَوْبٌ مُمَصَّرٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لِعَائِشَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ: في كم كفن رسول الله. ص؟ قَالَتْ: فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خُذُوا هَذَا الثَّوْبَ. لِثَوْبٍ عَلَيْهِ قَدْ أَصَابَهُ مِشْقٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ. فَاغْسِلُوهُ ثُمَّ كَفِّنُونِي فِيهِ مَعَ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَمَا هَذَا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْحَيُّ أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مِنْدَلٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ غَسِيلَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي كَمْ كُفِّنَ. قَالَ: فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ. قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكُمْ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زهير عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ. قَالَ شَرِيكٌ مُعَقَّدَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ الْمَوْصُولَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَرَهُمْ أَنْ يَرْحَضُوا أَخْلاقَهُ فَيَدْفِنُوهُ فِيهَا. قَالَ: وَدُفِنَ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ كُنْتُ أُصَلِّي فِيهِمَا وَاغْسِلُوهُمَا فَإِنَّهُمَا لِلْمُهْلَةِ وَالتُّرَابِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَكَفِّنُونِي فِيهِ فَإِنَّ الْحَيَّ أَفْقَرُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ غَسِيلَيْنِ سَحُولِيَّيْنِ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْحَيُّ أَوْلَى بِالْجَدِيدِ. إِنَّمَا الْكَفَنُ لِلْمُهْلَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا غَسِيلٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُكَفَّنَ بِثَوْبَيْنِ عَلَيْهِ كَانَ يَلْبَسُهُمَا. قَالَ: كَفِّنُونِي فِيهِمَا فَإِنَّ الْحَيَّ هُوَ أَفْقَرُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا غَسِيلٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: أَيْنَ صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ: بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ. قَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ؟ قَالَ: عُمَرُ. قَالَ: كَمْ كَبَّرَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: أَرْبَعًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: صلى عمرو عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ الله بن حنطب أن أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَسْجِدِ تُجَاهَ الْمِنْبَرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ وَكِيعٌ أَوْ غَيْرُهُ شَكَّ هِشَامٌ. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَشُكُّ. أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صُلِّيَ عَلَيْهِ في المسجد. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَمَرَّ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ فَقَالَ: أَيْنَ صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ: بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ. قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ عن أبيه أَنَّ عُمَرَ كَبَّرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَرْبَعًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حفص بن غياث عن ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُلانِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُمَرَ حِينَ صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي الْمَسْجِدِ رَجَّعَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالا: الَّذِي صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَصَلَّى صُهَيْبٌ عَلَى عُمَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صَلَّى عُمَرُ عَلَى أبي بكر. قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ. شَكَّ هِشَامٌ. أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلا فَدَفَنَّاهُ قَبْلَ أَنْ نُصْبِحَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سُئِلَ أَيُقْبَرُ الْمَيِّتُ لَيْلا؟ فَقَالَ: قَدْ قُبِرَ أَبُو بَكْرٍ بِاللَّيْلِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ عُمَرَ دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ لَيْلا ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَوْتَرَ بِثَلاثٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا. قال: أخبرنا محمد بن مصعب القرقساني عن الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دُفِنَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ دُفِنَ لَيْلا. أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دُفِنَ لَيْلا. دَفَنَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الأَيْلِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ لَيْلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَضَرْتُ دَفْنَ أَبِي بَكْرٍ فَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَطَلْحَةُ بن عبد اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْزِلَ فَقَالَ عُمَرُ كُفِيتَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ أَقَامَتْ عَلَيْهِ عَائِشَةُ النَّوْحَ فَبَلَغَ عُمَرَ فَجَاءَ فَنَهَاهُنَّ عَنِ النَّوْحِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ. فَأَبَيْنَ أَنْ يَنْتَهِينَ. فَقَالَ لِهِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَخْرِجْ إِلَيَّ ابْنَةَ أَبِي قُحَافَةَ. فَعَلاهَا بِالدِّرَّةِ ضَرَبَاتٍ فَتَفَرَّقَ النَّوَائِحِ حِينَ سَمِعْنَ ذَلِكَ. وَقَالَ: تُرِدْنَ أَنْ يُعَذَّبَ أَبُو بَكْرٍ بِبُكَائِكُنَّ؟ إِنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَأَصْبَحْنَا فَاجْتَمَعَ نِسَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَأَقَامُوا النَّوْحَ وَأَبُو بَكْرٍ يُغْسَلُ وَيُكَفَّنُ. فَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ الخطاب بالنوح ففرقن فو الله عَلَى ذَلِكَ إِنْ كُنَّ لَيُفَرَّقْنَ وَيَجْتَمِعْنَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سبرة عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولانِ: أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ عائشة أن يدفن إِلَى جَنْبِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا تُوُفِّيَ حُفِرَ لَهُ وَجُعِلَ رَأْسُهُ عِنْدَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُلْصِقَ اللَّحْدُ بِقَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُبِرَ هُنَاكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: رَأْسُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأْسُ عُمَرَ عِنْدَ حَقْوَيْ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالَ: جُعِلَ قَبْرُ أَبِي بَكْرٍ مِثْلَ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسَطَّحًا وَرُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ هَانِئٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّةَ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ. فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلاثَةِ قُبُورٍ لا مُشْرِفَةٍ وَلا لاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ. قَالَ: فَرَأَيْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقَدَّمًا وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ. وَرَأْسُ عُمَرَ عِنْدَ رِجْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ فَوَصَفَ الْقَاسِمُ قُبُورَهُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بن أنس عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُو لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيَّادٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: سَمِعَ أَبُوَ قُحَافَةَ الْهَائِعَةَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: تُوُفِّيَ ابْنُكَ. قَالَ: رُزْءٌ جَلِيلٌ. مَنْ قَامَ بِالأَمْرِ بَعْدَهُ؟ قَالُوا: عُمَرُ. قَالَ: صَاحِبُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَرِثَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَبُوهُ أَبُو قُحَافَةَ السُّدْسَ وورثه ماله وَلَدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٌ وَعَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ بَنُو أَبِي بَكْرٍ وَامْرَأَتَاهُ أسماء بنت عميس وحبيبة ابنة خارجة بن زيد بن أبي زهير من بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. وَهِيَ أُمُّ أُمِّ كُلْثُومٍ وَكَانَتْ بِهَا نَسْأً حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ. رحمه اللَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: كُلِّمَ أَبُو قُحَافَةَ فِي مِيرَاثِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فَقَالَ: قَدْ رَدَدْتُ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ. قَالُوا: ثُمَّ لَمْ يَعِشْ أَبُو قُحَافَةَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ إِلا سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامًا. وَتُوُفِّيَ فِي الْمُحْرِمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ عَنْ حِبَّانِ الصَّائِغِ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ أَبِي بَكْرٍ نِعْمَ الْقَادِرُ اللَّهُ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: مَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنْ بِسْطَامِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ: ابْسُطْ يَدَكَ نُبَايِعْ لَكَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَنْتَ أَقْوَى مِنِّي. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَنْتَ أَقْوَى مِنِّي. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّ قُوَّتِي لَكَ مَعَ فَضْلِكَ. قَالَ فَبَايَعَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُشَيْرٍ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَقَدْ قَصِعَتْ لِحْيَتِي فَقَالَ: مَا لَكَ عَنِ الْخِضَابِ؟ قَالَ: قُلْتُ أَكْرَهُهُ فِي هَذَا الْبَلَدِ. قَالَ: فَاصْبِغْ بِالْوَسِمَةِ فَإِنِّي كُنْتُ أَخْضِبُ بِهَا حَتَّى تَحَرَّكَ فَمِي. ثُمَّ قَالَ إِنَّ أُنَاسًا مِنْ حَمْقَى قُرَّائِكُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ خِضَابَ اللِّحَى حَرَامٌ وَأَنَّهُمْ سَأَلُوا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَوِ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ. قَالَ زُهَيْرٌ الشَّكُّ مِنْ غَيْرِي. عَنْ خِضَابِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَهَذَا الصِّدِّيقُ قَدْ خَضَبَ. قَالَ: قُلْتُ الصِّدِّيقُ؟ قَالَ: نَعَمْ وَرَبِّ هَذِهِ الْقِبْلَةِ أَوِ الْكَعْبَةِ إِنَّهُ الصديق. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ قَامَ خَطِيبًا فَلا وَاللَّهِ مَا خَطَبَ خُطْبَتَهُ أَحَدٌ بَعْدُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي وُلِّيتُ هَذَا الأمر وأنا له كاره وو الله لَوَدِدْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ كَفَانِيهِ. أَلا وَإِنَّكُمْ إِنْ كَلَّفْتُمُونِي أَنْ أَعْمَلَ فِيكُمْ بِمِثْلِ عَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ أَقِمْ به. كان رسول الله. ص. عَبْدًا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِالْوَحْيِ وَعَصَمَهُ بِهِ. أَلا وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَلَسْتُ بِخَيْرٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ فَرَاعُونِي. فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَقَمْتُ فَاتَّبِعُونِي وَإِنْ رَأَيْتُمُونِي زِغْتُ فَقَوِّمُونِي. وَاعْلَمُوا أَنَّ لِيَ شَيْطَانًا يَعْتَرِينِي فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي غَضِبْتُ فَاجْتَنِبُونِي لا أُؤَثِّرُ فِي أَشْعَارِكُمْ وَأَبْشَارِكُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَتْ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ رَجُلا مِنْكُمْ قَرَنَ مَعَهُ رَجُلا مِنَّا فَنَرَى أَنْ يَلِيَ هَذَا الأَمْرَ رَجُلانِ أَحَدُهُمَا مِنْكُمْ وَالآخَرُ مِنَّا. قَالَ فَتَتَابَعَتْ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ عَلَى ذَلِكَ فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَإِنَّ الإِمَامَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ كَمَا كُنَّا أَنْصَارَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: جَزَاكُمُ اللَّهُ مِنْ حَيٍّ خَيْرًا يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ وَثَبَّتَ قَائِلَكُمْ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ غَيْرَ ذَلِكَ لَمَا صَالَحْنَاكُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ صَبِيحَةَ التَّيْمِيِّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ جَدِّهِ صَبِيحَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ عَنْ أَبِيهِ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بعض. أن أبا بكر الصِّدِّيقَ كَانَ لَهُ بَيْتُ مَالٍ بِالسُّنْحِ مَعْرُوفٌ لَيْسَ يَحْرُسُهُ أَحَدٌ. فَقِيلَ لَهُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلا تَجْعَلُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مَنْ يَحْرُسُهُ؟ فَقَالَ: لا يُخَافُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: عَلَيْهِ قُفْلٌ. قَالَ: وَكَانَ يُعْطِي مَا فِيهِ حَتَّى لا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ. فَلَمَّا تَحَوَّلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ حَوَّلَهُ فَجَعَلَ بَيْتَ مَالِهِ فِي الدَّارِ الَّتِي كَانَ فِيهَا. وَكَانَ قَدِمَ عَلَيْهِ مَالٌ مِنْ مَعْدِنِ الْقَبَلِيَّةِ وَمِنْ مَعَادِنِ جُهَيْنَةَ كَثِيرٌ وَانْفَتَحَ مَعْدِنُ بَنِي سُلَيْمٍ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَدِمَ عَلَيْهِ مِنْهُ بِصَدَقَتِهِ فَكَانَ يُوضَعُ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُهُ عَلَى النَّاسِ نُقَرًا نُقَرًا فَيُصِيبُ كُلُّ مِائَةِ إِنْسَانٍ كَذَا وَكَذَا. وَكَانَ يُسَوِّي بَيْنَ النَّاسِ فِي الْقَسْمِ الْحَرُّ وَالْعَبْدُ وَالذَّكَرُ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ فِيهِ سَوَاءٌ. وَكَانَ يَشْتَرِي الإِبِلَ وَالْخَيْلَ وَالسِّلاحَ فَيَحْمِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَاشْتَرَى عَامًا قَطَائِفَ أَتَى بِهَا مِنَ الْبَادِيَةِ فَفَرَّقَهَا فِي أَرَامِلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الشِّتَاءِ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَدُفِنَ دَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الأُمَنَاءَ وَدَخَلَ بِهِمْ بَيْتَ مَالِ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَغَيْرُهُمَا فَفَتَحُوا بَيْتَ الْمَالِ فَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَوَجَدُوا خَيْشَةً لِلْمَالِ فَنُقِضَتْ فَوَجَدُوا فِيهَا دِرْهَمًا فَرَحَّمُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ. وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ وَزَّانٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَزِنُ مَا كَانَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ مَالٍ. فَسُئِلَ الْوَزَّانُ كَمْ بَلَغَ ذَلِكَ الْمَالُ الَّذِي وَرَدَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَ: مِائَتَيْ أَلْفٍ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63886&book=5519#76130f
أبو بكر الصديق عبد الله بن عثمان القرشي التيمي
خليفة رسول الله. نذكره في حرف العين. عن سراقة بن جعثم قال: لما خرج رسول الله من مكة مهاجراً إلى المدينة جعلت قريش لمن يرده مئة ناقة. قال: فبينا أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا فقال: والله لقد رأيت ركبة ثلاثة، مروا علي آنفاً، إني لأراهم محمداً وأصحابه قال: فأهويت له يعني أن اسكت. قال: وقلت: إنما هم بنوا فلان يبغون ضالة لهم. قال: لعله، ثم سكت. فمكثت قليلاً ثم قمت فأمرت بفرسي فقيد إلى بطن الوادي، وأخرجت سلاحي من وراء حجرتي، ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها ثم لبست لأمتي ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها، فخرج القسم الذي أكره: لا يضره، قال: وكنت أرجو أن أرده فآخذ المئة ناقة. قال: فركبت في أثره. قال: فبينا فرسي يشتد حتى عثر، فسقطت عنه. قال: فأخرجت قداحي فاستقسمت فخرج السهم الذي أكره: لا يضره. قال: فأبيت إلا أن أتبعه فركبت. فلما بدا لي القوم ونظرت إليهم عثر فرسي وذهبت يداه في الأرض وسقطت عنه، واستخرج يديه واتبعهما دخانٌ مثل الإعصار، فعرفت أنه قد منع مني وأنه ظاهر فناديتهم فقلت: انظروا فو الله لأريبنكم ولايأتيكم مني شيء تكرهونه، فقال رسول الله: قل له ماذا تبتغي؟ فقلت: اكتب لي كتاباً يكون بيني وبينك آية. قال: اكتب له يا أبا بكر. فكتب ثم ألقاه إلي فرجعت، فسكت. فلم أذكر شيئاً مما كان حتى إذا فتح الله عز وجل على رسوله مكة وفرغ من حنين خرجت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لألقاه، ومعي الكتاب الذي كتب لي. قال: فبينا أنا عامد له دخلت بين ظهران كتيبة من كتائب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو على ناقة أنظر إلى ساقه في غرزة كأنها جمارة قال: فرفعت يدي بالكتاب. فقلت: يا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا كتابك. قال: فقال رسول الله: هذا يوم وفاء وبر ادنه. قال: فأسلمت. ثم ذكرت شيئاً أسأل عنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما ذكرت شيئاً إلا أني
قلت: يا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الضالة تغشى حياضنا قد ملأتها لإبلي، هل لي من أجر أن أسقيها؟ فقال رسول الله: نعم، لك في كل ذات كبد حرى أجر. قال: فانصرفت، وسقت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدقتي.
خليفة رسول الله. نذكره في حرف العين. عن سراقة بن جعثم قال: لما خرج رسول الله من مكة مهاجراً إلى المدينة جعلت قريش لمن يرده مئة ناقة. قال: فبينا أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا فقال: والله لقد رأيت ركبة ثلاثة، مروا علي آنفاً، إني لأراهم محمداً وأصحابه قال: فأهويت له يعني أن اسكت. قال: وقلت: إنما هم بنوا فلان يبغون ضالة لهم. قال: لعله، ثم سكت. فمكثت قليلاً ثم قمت فأمرت بفرسي فقيد إلى بطن الوادي، وأخرجت سلاحي من وراء حجرتي، ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها ثم لبست لأمتي ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها، فخرج القسم الذي أكره: لا يضره، قال: وكنت أرجو أن أرده فآخذ المئة ناقة. قال: فركبت في أثره. قال: فبينا فرسي يشتد حتى عثر، فسقطت عنه. قال: فأخرجت قداحي فاستقسمت فخرج السهم الذي أكره: لا يضره. قال: فأبيت إلا أن أتبعه فركبت. فلما بدا لي القوم ونظرت إليهم عثر فرسي وذهبت يداه في الأرض وسقطت عنه، واستخرج يديه واتبعهما دخانٌ مثل الإعصار، فعرفت أنه قد منع مني وأنه ظاهر فناديتهم فقلت: انظروا فو الله لأريبنكم ولايأتيكم مني شيء تكرهونه، فقال رسول الله: قل له ماذا تبتغي؟ فقلت: اكتب لي كتاباً يكون بيني وبينك آية. قال: اكتب له يا أبا بكر. فكتب ثم ألقاه إلي فرجعت، فسكت. فلم أذكر شيئاً مما كان حتى إذا فتح الله عز وجل على رسوله مكة وفرغ من حنين خرجت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لألقاه، ومعي الكتاب الذي كتب لي. قال: فبينا أنا عامد له دخلت بين ظهران كتيبة من كتائب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو على ناقة أنظر إلى ساقه في غرزة كأنها جمارة قال: فرفعت يدي بالكتاب. فقلت: يا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا كتابك. قال: فقال رسول الله: هذا يوم وفاء وبر ادنه. قال: فأسلمت. ثم ذكرت شيئاً أسأل عنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما ذكرت شيئاً إلا أني
قلت: يا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الضالة تغشى حياضنا قد ملأتها لإبلي، هل لي من أجر أن أسقيها؟ فقال رسول الله: نعم، لك في كل ذات كبد حرى أجر. قال: فانصرفت، وسقت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدقتي.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155145&book=5519#439e4c
أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
.ابْنِ الجَرَّاحِ بنِ هِلاَلِ بنِ أُهَيْبِ بنِ ضَبَّةَ بنِ الحَارِثِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ كِنَانَةَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ مُدْرِكَةَ بنِ إِلْيَاسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ القُرَشِيُّ، الفِهْرِيُّ، المَكِّيُّ.
أَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمَنْ عَزَمَ الصِّدِّيْقُ عَلَى تَوْلِيَتِهِ الخِلاَفَةَ، وَأَشَارَ بِهِ يَوْمَ
السَّقِيْفَةِ؛ لِكَمَالِ أَهْلِيَّتِهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ.يَجْتَمِعُ فِي النَّسَبِ هُوَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِهْرٍ.
شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالجَنَّةِ، وَسَمَّاهُ: أَمِيْنَ الأُمَّةِ، وَمَنَاقِبُهُ شَهِيْرَةٌ جَمَّةٌ.
رَوَى أَحَادِيْثَ مَعْدُوْدَةً، وَغَزَا غَزَوَاتٍ مَشْهُوْدَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ، وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ، وَسَمُرَةُ بنُ جُنْدَبٍ، وَأَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، وَآخَرُوْنَ.
لَهُ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) حَدِيْثٌ وَاحِدٌ، وَلَهُ فِي (جَامِعِ أَبِي عِيْسَى) حَدِيْثٌ، وَفِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ) لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً.
الرِّوَايَةُ عَنْهُ:
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ، قِرَاءةً عَلَيْهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ أَبُو القَاسِمِ المَعَرِّيُّ، فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مَائَةٍ بِهَرَاةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سُرَاقَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ لَمْ
يَكُنْ نَبِيٌّ بَعْدَ نُوْحٍ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ، وَإِنِّي أُنْذِرُكُمُوْهُ) .فَوَصَفَهُ لَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (لَعَلَّهُ سَيُدْرِكُهُ بَعْضُ مَنْ رَآنِي، أَوْ سَمِعَ كَلاَمِي) .
قَالُوْا: يَا رَسُوْلَ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ! كَيْفَ قُلُوْبُنَا يَوْمَئِذٍ؟ أَمِثْلُهَا اليَوْمَ؟
قَالَ: (أَوْ خَيْرٌ ) .
أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الجُمَحِيِّ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَقَالَ: وَفِي البَابِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ، وَغَيْرِهِ.
وَهَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي عُبَيْدَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي (الطَّبَقَاتِ) : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ مَالِكِ بنِ يَخَامِرَ:
أَنَّهُ وَصَفَ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: كَانَ رَجُلاً نَحِيْفاً، مَعْرُوْقَ الوَجْهِ، خَفِيْفَ اللِّحْيَةِ، طُوَالاً، أَحْنَى، أَثْرَمَ الثَّنِيَّتَيْنِ.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ: انْطَلَقَ ابْنُ مَظْعُوْنٍ، وَعُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ
بنُ عَبْدِ الأَسَدِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ حَتَّى أَتَوْا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلاَمَ، وَأَنْبَأَهُمْ بِشَرَائِعِهِ، فَأَسْلَمُوا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ دُخُوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.وَقَدْ شَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَدْراً، فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبَاهُ، وَأَبْلَى يَوْمَ أُحُدٍ بَلاَءً حَسَناً، وَنَزَعَ يَوْمَئِذٍ الحَلْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَخَلَتَا مِنَ المِغْفَرِ فِي وَجْنَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ، فَانْقَلَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَحَسُنَ ثَغْرُهُ بِذَهَابِهِمَا، حَتَّى قِيْلَ: مَا رُئِيَ هَتْمٌ قَطُّ أَحْسَنُ مِنْ هَتْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ وَقْتَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَقِيْفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ:
قَدْ رَضِيْتُ لَكُم أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: عُمَرَ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: قَدِ انْقَرَضَ نَسْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَوَلَدُ إِخْوَتِهِ جَمِيْعاً، وَكَانَ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ.
قَالَهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ، وَالوَاقِدِيُّ.
قُلْتُ: إِنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُطِلْ بِهَا اللَّبْثَ.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْدُوْداً فِيْمَنْ جَمَعَ القُرْآنَ العَظِيْمَ.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِي (مَغَازِيْهِ) : غَزْوَةُ عَمْرِو بنِ العَاصِ هِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، مِنْ مَشَارِفِ الشَّامِ، فَخَافَ عَمْرٌو مِنْ جَانِبِهِ ذَلِكَ، فَاسْتَمَدَّ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْتَدَبَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي سَرَاةٍ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ، فَأَمَّرَ نَبِيُّ اللهِ عَلَيْهِم أَبَا عُبَيْدَةَ.فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ: أَنَا أَمِيْرُكُم.
فَقَالَ المُهَاجِرُوْنَ: بَلْ أَنْتَ أَمِيْرُ أَصْحَابِكَ، وَأَمِيْرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ.
فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّمَا أَنْتُم مَدَدٌ أُمْدِدْتُ بِكُم.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الخُلُقِ، لَيِّنَ الشِّيْمَةِ، مُتَّبِعاً لأَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَهْدِهِ، فَسَلَّمَ الإِمَارَةَ لِعَمْرٍو.
وَثَبَتَ مِنْ وُجُوْهٍ عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَغَيْرُهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا حَنْبَلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيْحِ بنِ عُبَيْدٍ، وَرَاشِدِ بنِ سَعْدٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا:
لَمَّا بَلَغَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ سَرْغَ، حُدِّثَ أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيْداً، فَقَالَ: إِنْ أَدْرَكَنِي
أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
قَالَ: فَأَنْكَرَ القَوْمُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا بَالُ عَلْيَاءِ قُرَيْشٍ؟
يَعْنُوْنَ: بَنِي فِهْرٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، أَسْتَخْلِفْ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ:
إِنِّي سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَي العُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ ) .
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قِيْلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُو بَكْرٍ) .
قِيْلَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: (ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
كَذَا يَرْوِيْهِ حَمَّادٌ.
وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ، فَرَوَوْهُ عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُّ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ؟
قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ، بِقِرَاءتِهِ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَكُم مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ صِلَةَ بنَ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنِّي أَبْعَثُ إِلَيْكُم رَجُلاً أَمِيْناً) .
فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ.
اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ شُعْبَةَ.
وَاتَّفَقَا مِنْ حَدِيْثِ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ رَوَاحَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْفِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ البَاقِلاَنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الفَاكِهِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عِيْسَى الوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنْتُ
فِي الجَيْشِ الَّذِيْنَ مَعَ خَالِدٍ، الَّذِيْنَ أَمَدَّ بِهِم أَبَا عُبَيْدَةَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دِمَشْقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِم قَالَ لِخَالِدٍ: تَقَدَّمْ، فَصَلِّ، فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ؛ لأَنَّكَ جِئْتَ تَمُدُّنِي.فَقَالَ خَالِدٌ: مَا كُنْتُ لأَتَقَدَّمَ رَجُلاً سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسْقُفَا نَجْرَانَ: العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، فَقَالاَ: ابْعَثْ مَعَنَا أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ.
فَقَالَ: (لأَبْعَثَنَّ مَعَكُم رَجُلاً أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ) .
فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ، فَقَالَ: (قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ) .
فَأَرْسَلَهُ مَعَهُم.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، نَحْوَهُ.
التَّرْقُفِيُّ فِي (جُزْئِهِ) : حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو حِسْبَةَ مُسْلِمُ بنُ أَكْيَسَ مَوْلَى ابْنِ كُرَيْزٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: ذَكَرَ لِي مَنْ
دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟قَالَ: يُبْكِيْنِي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ يَوْماً مَا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، حَتَّى ذَكَرَ الشَّامَ، فَقَالَ: (إِنْ نَسَأَ اللهُ فِي أَجَلِكَ، فَحَسْبُكَ مِنَ الخَدَمِ ثَلاَثَةٌ: خَادِمٌ يَخْدُمُكَ، وَخَادِمٌ يُسَافِرُ مَعَكَ، وَخَادِمٌ يَخْدمُ أَهْلَكَ، وَحَسْبُكَ مِنَ الدَّوَابِّ ثَلاَثَةٌ: دَابَّةٌ لِرَحْلِكَ، وَدَابَّةٌ لِثِقَلِكَ، وَدَابَّةٌ لِغُلاَمِكَ) .
ثُمَّ هَا أَنَا ذَا أَنْظُرُ إِلَى بَيْتِي قَدِ امْتَلأَ رَقِيْقاً، وَإِلَى مَرْبَطِي قَدِ امْتَلأَ خَيْلاً، فَكَيْفَ أَلْقَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَهَا؟ وَقَدْ أَوْصَانَا: (إِنَّ أَحَبَّكُم إِلَيَّ، وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي، مَنْ لَقِيَنِي عَلَى مِثْلِ الحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكُمْ عَلَيْهَا ) .
حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
رَوَاهُ أَيْضاً: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) ، عَنْ أَبِي المُغِيْرَةِ.
وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ: مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنِ الحَسَنِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ لأَخَذْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ خُلُقِهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ) .
هَذَا مُرْسَلٌ.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَوْصُوْفاً بِحُسْنِ الخُلُقِ، وَبِالحِلْمِ الزَائِدِ، وَالتَّوَاضُعِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ
أَبِي نَجِيْحٍ: قَالَ عُمَرُ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنُّوْا.فَتَمَنَّوْا، فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتاً مُمْتَلِئاً رِجَالاً مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الحَسَنِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْ أَصْحَابِي أَحَدٌ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ أَخَذْتُ عَليْهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ ) .
وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: أَخِلاَّئِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ.
خَالَفَهُ غَيْرُهُ، فَفِي (الجَعْدِيَاتِ) : أَنْبَأَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي
الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ... ، فَذَكَرَهُ.قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ بَيْتَ المَالِ.
قُلْتُ: يَعْنِي: أَمْوَالَ المُسْلِمِيْنَ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ عُمِلَ بَيْتُ مَالٍ، فَأَوَّلُ مِنِ اتَّخَذَهُ عُمَرُ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: ثُمَّ وَجَّهَهُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الشَّامِ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ أَمِيْراً، وَفِيْهَا استُخْلِفَ عُمَرُ، فَعَزَلَ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ، وَوَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ يَزِيْدَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بنِ فَيَّاضٍ، عَنْ تَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ:
أَنَّ عُمَرَ لَقِي أَبَا عُبَيْدَةَ، فَصَافَحَهُ، وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَتَنَحَّيَا يَبْكِيَانِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الجِهَادِ) لَهُ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حُصِرَ بِالشَّامِ، وَنَالَ مِنْهُ العَدُوُّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ شِدَّةٌ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَعْدَهَا فَرَجاً، وَإِنَّهُ لاَ يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} ، الآيَةَ [آلُ عِمْرَانَ: 200] .
قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} ، إِلَى قَوْلِهِ: {مَتَاعُ الغُرُوْرِ} [الحَدِيْدُ: 20] .
قَالَ: فَخَرَجَ عُمَرُ
بِكِتَابِهِ، فَقَرَأَهُ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ! إِنَّمَا يُعَرِّضُ بِكُم أَبُو عُبَيْدَةَ أَوْ بِي، ارْغَبُوا فِي الجِهَادِ.
ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاذاً سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ خَالدُ بنُ الوَلِيْدِ، مَا كَانَ بِالنَّاسِ دَوْكٍ.
وَذَلِكَ فِي حَصْرِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالَ مُعَاذٌ: فَإِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ تَضْطَرُّ المُعْجِزَةُ لاَ أَبَا لَكَ! وَاللهِ إِنَّهُ لَخَيْرُ مَنْ بَقِيَ عَلَى الأَرْضِ.
رَوَاهُ: البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) ، وَابْنُ سَعْدٍ.
وَفِي (الزُّهْدِ) لابْنِ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ، فَتَلَقَّاهُ الأُمَرَاءُ وَالعُظَمَاءُ.
فَقَالَ: أَيْنَ أَخِي أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالُوا: يَأْتِيْكَ الآنَ.
قَالَ: فَجَاءَ عَلَى نَاقَةٍ مَخْطُوْمَةٍ بِحَبْلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْصَرِفُوا عَنَّا.
فَسَارَ مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ وَرَحْلَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوِ اتَّخَذْتَ مَتَاعاً، أَوْ قَالَ: شَيْئاً.
فَقَالَ: يَا
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ هَذَا سَيُبَلِّغُنَا المَقِيْلَ.ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ عُمَرَ حِيْنَ قَدِمَ الشَّامَ، قَالَ لأَبِي عُبَيْدَةَ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى مَنْزِلِكَ.
قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ عِنْدِي؟ مَا تُرِيْدُ إِلاَّ أَنْ تُعَصِّرَ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ.
قَالَ: فَدَخَلَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئاً، قَالَ: أَيْنَ مَتَاعُكَ؟ لاَ أَرَى إِلاَّ لِبْداً وَصَحْفَةً وَشَنّاً، وَأَنْتَ أَمِيْرٌ، أَعِنْدَكَ طَعَامٌ؟
فَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى جَوْنَةٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا كُسَيْرَاتٍ، فَبَكَى عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَدْ قُلْتُ لَكَ: إِنَّكَ سَتَعْصِرُ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يَكْفِيْكَ مَا يُبَلِّغُكَ المَقِيْل.
قَالَ عُمَرُ: غَيَّرَتْنَا الدُّنْيَا كُلَّنَا، غَيْرَكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ.
وَهَذَا -وَاللهِ- هُوَ الزُّهْدُ الخَالِصُ، لاَ زُهْدُ مَنْ كَانَ فَقِيْراً مُعْدِماً.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: عَنْ مَالِكٍ:
أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، أَوْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بِهَا.
قَالَ: فَقَسَّمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا.
قَالَ: فَقَسَّمَهَا، إِلاَّ شَيْئاً قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُوْلُ عُمَرَ، قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الإِسْلاَمِ مَنْ يَصْنَعُ
هَذَا.الفَسَوِيُّ : حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، عَنْ جَرِيْرِ بنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ عِمْرَانَ بنِ نِمْرَانَ:
أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ يَسِيْرُ فِي العَسْكَرِ، فَيَقُوْلُ: أَلاَ رُبَّ مُبَيِّضٍ لِثِيَابِهِ، مُدَنِّسٍ لِدِيْنِهِ! أَلاَ رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِيْنٌ! بَادِرُوا السَّيِّئَاتِ القَدِيْمَاتِ بِالحَسَنَاتِ الحَدِيْثَاتِ.
وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَمَا مِنْكُم مِنْ أَحْمَرَ وَلاَ أَسْوَدَ يَفْضُلُنِي بِتَقْوَى، إِلاَّ وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاَخِهِ.
مَعْمَرٌ: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ:
وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ كَبْشاً، فَيَذْبَحُنِي أَهْلِي، فَيَأْكُلُوْنَ لَحْمِي، ويَحْسُوْنَ مَرَقِي.
وَقَالَ عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ: وَدِدْتُ أَنِّي رَمَادٌ تَسْفِيْنِي الرِّيْحُ.
شُعْبَةُ: عَنْ قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقٍ:
أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الطَّاعُوْنِ: إِنَّهُ قَدْ عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ، وَلاَ غِنَى بِي عَنْكَ فِيْهَا، فَعَجِّلْ إِلَيَّ.
فَلَمَّا قَرَأَ الكِتَابَ، قَالَ: عَرَفْتُ حَاجَةَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ مَنْ لَيْسَ بِبَاقٍ.
فَكَتَبَ: إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ، فَحَلِّلْنِي مِنْ عَزِيْمَتك، فَإِنِّي فِي جُنْدٍ
مِنْ أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ، لاَ أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنْهُم.فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الكِتَابَ، بَكَى، فَقِيْلَ لَهُ: مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالَ: لاَ، وَكَأَنْ قَدْ.
قَالَ: فَتُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَانْكَشَفَ الطَّاعُوْنُ.
قَالَ أَبُو المُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو المَرْوَزِيُّ: زَعَمُوا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ فِي سِتَّةٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفاً مِنَ الجُنْدِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُم إِلاَّ سِتَّةُ آلاَفِ رَجُلٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَيْفٍ المَخْزُوْمِيِّ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -شَامِيٌّ، فَقِيْهٌ- عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ فِي مَرَضِهِ، وَامْرَأَتُهُ تُحَيْفَةُ جَالِسَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَهُوَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى الجِدَارِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالَتْ: بَاتَ بِأَجْرٍ.
فَقَالَ: إِنِّي -وَاللهِ- مَا بِتُّ بِأَجْرٍ!
فَكَأَنَّ القَوْمَ سَاءهُمْ، فَقَالَ: أَلاَ تَسْأَلُوْنِي عَمَّا قُلْتُ؟
قَالُوا: إِنَّا لَمْ يُعْجِبْنَا مَا قُلْتَ، فَكَيْفَ نَسْأَلُكَ؟
قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَبِسَبْعِ مَائَةٍ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ، أَوْ عَادَ مَرِيْضاً، أَوْ مَاز أَذَىً، فَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالصَّوْمُ
جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا، وَمَنِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ، فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ ) .أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا ابْنُ طَبَرْزَدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنِي جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنِي بَشَّارُ بنُ أَبِي سَيْفٍ، حَدَّثَنِي الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ، قَالَ:
مَرِضَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُوْدُهُ، فَقَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا ) .
وَقَدِ اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا عُبَيْدَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ، مِنْهَا المَرَّةُ الَّتِي جَاعَ فِيْهَا عَسْكَرُهُ، وَكَانُوا ثَلاَثَ مَائَةٍ، فَأَلْقَى لَهُمُ البَحْرُ الحُوْتَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: العَنْبَرُ.
فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ميتَةٌ.
ثُمَّ قَالَ: لاَ، نَحْنُ رُسُلُ رَسُوْلِ اللهِ، وَفِي سَبِيْلِ اللهِ، فَكُلُوا ... ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
وَهُوَ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ).
وَلَمَّا تَفَرَّغَ الصِّدِّيْقُ مِنْ حَرْبِ أَهْل الرِّدَّةِ، وَحَرْبِ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ، جَهَّزَ أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ لِفَتْحِ الشَّامِ.فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ، وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَمْرَو بنَ العَاصِ، وَشُرَحْبِيْلَ بنَ حَسَنَةَ، فَتَمَّتْ وَقْعَةُ أَجْنَادِيْنَ بِقُرْبِ الرَّمْلَةِ، وَنَصَرَ اللهُ المُؤْمِنِيْنَ، فَجَاءتِ البُشْرَى، وَالصِّدِّيْقُ فِي مَرَضِ المَوْتِ، ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةُ فِحْلٍ، وَوَقْعَةُ مَرْجِ الصُفَّرِ، وَكَانَ قَدْ سَيَّرَ أَبُو بَكْرٍ خَالِداً لِغَزْوِ العِرَاقِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ لِيُنْجِدَ مَنْ بِالشَّامِ.
فَقَطَعَ المَفَاوِزَ عَلَى بَرِّيَّةِ السَّمَاوَةِ، فَأَمَّرُهُ الصِّدِّيْقُ عَلَى الأُمَرَاءِ كُلِّهِم، وَحَاصَرُوا دِمَشْقَ، وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ.
فَبَادَرَ عُمَرُ بِعَزْلِ خَالِدٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الكُلِّ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَجَاءهُ التَّقْلِيْدُ، فَكَتَمَهُ مُدَّةً، وَكُلُّ هَذَا مِنْ دِيْنِهِ وِلِيْنِهِ وَحِلْمِهِ، فَكَانَ فَتْحُ دِمَشْقَ عَلَى يَدِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَظْهَرَ التَّقْلِيْدَ، لِيَعْقِدَ
الصُّلْحَ لِلرُّوْمِ، فَفَتَحُوا لَهُ بَابَ الجَابِيَةِ صُلْحاً، وَإِذَا بِخَالِدٍ قَدِ افْتَتَحَ البَلَدَ عَنْوَةً مِنَ البَابِ الشَّرْقِيِّ، فَأَمْضَى لَهُم أَبُو عُبَيْدَةَ الصُّلْحَ.فَعَنِ المُغِيْرَةِ: أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ صَالَحَهُم عَلَى أَنْصَافِ كَنَائِسِهِم وَمَنَازِلَهِم، ثُمَّ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ رَأْسَ الإِسْلاَمِ يَوْمَ وَقْعَةِ اليَرْمُوْكِ؛ الَّتِي اسْتَأْصَلَ اللهُ فِيْهَا جُيُوْشَ الرُّوْمِ، وَقُتِلَ مِنْهُم خَلْقٌ عَظِيْمٌ.
رَوَى ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الزُّهْدِ) لَهُ، قَالَ:
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، عَنْ حَدِيْثِ الحَارِثِ بنِ عُمَيْرَةَ، قَالَ:
أَخَذَ بِيَدِي مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، فَسَأَلَهُ: كَيْفَ هُوَ! وَقَدْ طُعِنَّا؟
فَأَرَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ طَعْنَةً خَرَجَتْ فِي كَفِّهِ، فَتَكَاثَرَ شَأْنُهَا فِي نَفْسِ الحَارِثِ، وَفَرَقَ مِنْهَا حِيْنَ رَآهَا، فَأَقْسَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِاللهِ: مَا يُحِبُّ أَنَّ لَهُ مَكَانَهَا حُمْرَ النَّعَمِ.
وَعَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ وَجَعَ عَمَوَاسَ كَانَ مُعَافَىً مِنْهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَهْلُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَصِيْبَكَ فِي آلِ أَبِي عُبَيْدَةَ!
قَالَ: فَخَرَجْتُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ، فِي خَنْصَرِهِ بَثْرَةٌ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ.
فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُبَارِكَ اللهُ فِيْهَا، فَإِنَّهُ إِذَا بَارَكَ فِي القَلِيْلِ، كَانَ كَثِيْراً.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي المُخَارِقِ، قَالَ:
انْطَلَقَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنَ الجَابِيَةِ إِلَى بَيْتَ المَقْدِسِ لِلصَّلاَةِ،
فَاسْتَخْلَفَ عَلَى النَّاسِ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ.قَالَ الوَلِيْدُ: فَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عُرْوَةَ بنَ رُوَيْمٍ، قَالَ:
فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِفِحْلٍ، فَتُوُفِّيَ بِهَا بِقُرْبِ بَيْسَانَ.
طَاعُوْنُ عَمَوَاسَ: مَنْسُوْبٌ إِلَى قَرْيَةِ عَمَوَاسَ، وَهِيَ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْنَ بَيْتِ المَقْدِسِ.
وَأَمَّا الأَصْمَعِيُّ، فَقَالَ : هُوَ مِنْ قَوْلِهِم زَمَنَ الطَّاعُوْنِ: عَمَّ، وَآسَى.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ، وَكَانَ لَهُ عَقِيْصَتَانِ.
وَقَالَ كَذَلِكَ فِي وَفَاتِهِ جَمَاعَةٌ.
وَانْفَرَدَ ابْنُ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، أَنَّهُ قَرَأَ فِي كِتَابِ يَزِيْدَ بنِ عُبَيْدَةَ: أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ.
.ابْنِ الجَرَّاحِ بنِ هِلاَلِ بنِ أُهَيْبِ بنِ ضَبَّةَ بنِ الحَارِثِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ كِنَانَةَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ مُدْرِكَةَ بنِ إِلْيَاسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ القُرَشِيُّ، الفِهْرِيُّ، المَكِّيُّ.
أَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمَنْ عَزَمَ الصِّدِّيْقُ عَلَى تَوْلِيَتِهِ الخِلاَفَةَ، وَأَشَارَ بِهِ يَوْمَ
السَّقِيْفَةِ؛ لِكَمَالِ أَهْلِيَّتِهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ.يَجْتَمِعُ فِي النَّسَبِ هُوَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِهْرٍ.
شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالجَنَّةِ، وَسَمَّاهُ: أَمِيْنَ الأُمَّةِ، وَمَنَاقِبُهُ شَهِيْرَةٌ جَمَّةٌ.
رَوَى أَحَادِيْثَ مَعْدُوْدَةً، وَغَزَا غَزَوَاتٍ مَشْهُوْدَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ، وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ، وَسَمُرَةُ بنُ جُنْدَبٍ، وَأَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، وَآخَرُوْنَ.
لَهُ فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) حَدِيْثٌ وَاحِدٌ، وَلَهُ فِي (جَامِعِ أَبِي عِيْسَى) حَدِيْثٌ، وَفِي (مُسْنَدِ بَقِيٍّ) لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً.
الرِّوَايَةُ عَنْهُ:
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ، قِرَاءةً عَلَيْهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ أَبُو القَاسِمِ المَعَرِّيُّ، فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مَائَةٍ بِهَرَاةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سُرَاقَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ لَمْ
يَكُنْ نَبِيٌّ بَعْدَ نُوْحٍ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ، وَإِنِّي أُنْذِرُكُمُوْهُ) .فَوَصَفَهُ لَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (لَعَلَّهُ سَيُدْرِكُهُ بَعْضُ مَنْ رَآنِي، أَوْ سَمِعَ كَلاَمِي) .
قَالُوْا: يَا رَسُوْلَ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ! كَيْفَ قُلُوْبُنَا يَوْمَئِذٍ؟ أَمِثْلُهَا اليَوْمَ؟
قَالَ: (أَوْ خَيْرٌ ) .
أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الجُمَحِيِّ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَقَالَ: وَفِي البَابِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ، وَغَيْرِهِ.
وَهَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي عُبَيْدَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي (الطَّبَقَاتِ) : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ مَالِكِ بنِ يَخَامِرَ:
أَنَّهُ وَصَفَ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: كَانَ رَجُلاً نَحِيْفاً، مَعْرُوْقَ الوَجْهِ، خَفِيْفَ اللِّحْيَةِ، طُوَالاً، أَحْنَى، أَثْرَمَ الثَّنِيَّتَيْنِ.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ: انْطَلَقَ ابْنُ مَظْعُوْنٍ، وَعُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ
بنُ عَبْدِ الأَسَدِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ حَتَّى أَتَوْا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلاَمَ، وَأَنْبَأَهُمْ بِشَرَائِعِهِ، فَأَسْلَمُوا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ دُخُوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.وَقَدْ شَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَدْراً، فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبَاهُ، وَأَبْلَى يَوْمَ أُحُدٍ بَلاَءً حَسَناً، وَنَزَعَ يَوْمَئِذٍ الحَلْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَخَلَتَا مِنَ المِغْفَرِ فِي وَجْنَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ، فَانْقَلَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَحَسُنَ ثَغْرُهُ بِذَهَابِهِمَا، حَتَّى قِيْلَ: مَا رُئِيَ هَتْمٌ قَطُّ أَحْسَنُ مِنْ هَتْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ وَقْتَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَقِيْفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ:
قَدْ رَضِيْتُ لَكُم أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: عُمَرَ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: قَدِ انْقَرَضَ نَسْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَوَلَدُ إِخْوَتِهِ جَمِيْعاً، وَكَانَ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ.
قَالَهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ، وَالوَاقِدِيُّ.
قُلْتُ: إِنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُطِلْ بِهَا اللَّبْثَ.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْدُوْداً فِيْمَنْ جَمَعَ القُرْآنَ العَظِيْمَ.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِي (مَغَازِيْهِ) : غَزْوَةُ عَمْرِو بنِ العَاصِ هِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، مِنْ مَشَارِفِ الشَّامِ، فَخَافَ عَمْرٌو مِنْ جَانِبِهِ ذَلِكَ، فَاسْتَمَدَّ رَسُوْلَ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْتَدَبَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي سَرَاةٍ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ، فَأَمَّرَ نَبِيُّ اللهِ عَلَيْهِم أَبَا عُبَيْدَةَ.فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ: أَنَا أَمِيْرُكُم.
فَقَالَ المُهَاجِرُوْنَ: بَلْ أَنْتَ أَمِيْرُ أَصْحَابِكَ، وَأَمِيْرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ.
فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّمَا أَنْتُم مَدَدٌ أُمْدِدْتُ بِكُم.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الخُلُقِ، لَيِّنَ الشِّيْمَةِ، مُتَّبِعاً لأَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَهْدِهِ، فَسَلَّمَ الإِمَارَةَ لِعَمْرٍو.
وَثَبَتَ مِنْ وُجُوْهٍ عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَغَيْرُهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا حَنْبَلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيْحِ بنِ عُبَيْدٍ، وَرَاشِدِ بنِ سَعْدٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا:
لَمَّا بَلَغَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ سَرْغَ، حُدِّثَ أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيْداً، فَقَالَ: إِنْ أَدْرَكَنِي
أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
قَالَ: فَأَنْكَرَ القَوْمُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا بَالُ عَلْيَاءِ قُرَيْشٍ؟
يَعْنُوْنَ: بَنِي فِهْرٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، أَسْتَخْلِفْ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ:
إِنِّي سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَي العُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ ) .
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قِيْلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُو بَكْرٍ) .
قِيْلَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: (ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
كَذَا يَرْوِيْهِ حَمَّادٌ.
وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ، فَرَوَوْهُ عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُّ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ؟
قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ، بِقِرَاءتِهِ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَكُم مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ صِلَةَ بنَ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنِّي أَبْعَثُ إِلَيْكُم رَجُلاً أَمِيْناً) .
فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ.
اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ شُعْبَةَ.
وَاتَّفَقَا مِنْ حَدِيْثِ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ رَوَاحَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْفِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ البَاقِلاَنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الفَاكِهِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عِيْسَى الوَاسِطِيُّ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنْتُ
فِي الجَيْشِ الَّذِيْنَ مَعَ خَالِدٍ، الَّذِيْنَ أَمَدَّ بِهِم أَبَا عُبَيْدَةَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دِمَشْقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِم قَالَ لِخَالِدٍ: تَقَدَّمْ، فَصَلِّ، فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ؛ لأَنَّكَ جِئْتَ تَمُدُّنِي.فَقَالَ خَالِدٌ: مَا كُنْتُ لأَتَقَدَّمَ رَجُلاً سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ ) .
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسْقُفَا نَجْرَانَ: العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، فَقَالاَ: ابْعَثْ مَعَنَا أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ.
فَقَالَ: (لأَبْعَثَنَّ مَعَكُم رَجُلاً أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ) .
فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ، فَقَالَ: (قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ) .
فَأَرْسَلَهُ مَعَهُم.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، نَحْوَهُ.
التَّرْقُفِيُّ فِي (جُزْئِهِ) : حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو حِسْبَةَ مُسْلِمُ بنُ أَكْيَسَ مَوْلَى ابْنِ كُرَيْزٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: ذَكَرَ لِي مَنْ
دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟قَالَ: يُبْكِيْنِي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ يَوْماً مَا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، حَتَّى ذَكَرَ الشَّامَ، فَقَالَ: (إِنْ نَسَأَ اللهُ فِي أَجَلِكَ، فَحَسْبُكَ مِنَ الخَدَمِ ثَلاَثَةٌ: خَادِمٌ يَخْدُمُكَ، وَخَادِمٌ يُسَافِرُ مَعَكَ، وَخَادِمٌ يَخْدمُ أَهْلَكَ، وَحَسْبُكَ مِنَ الدَّوَابِّ ثَلاَثَةٌ: دَابَّةٌ لِرَحْلِكَ، وَدَابَّةٌ لِثِقَلِكَ، وَدَابَّةٌ لِغُلاَمِكَ) .
ثُمَّ هَا أَنَا ذَا أَنْظُرُ إِلَى بَيْتِي قَدِ امْتَلأَ رَقِيْقاً، وَإِلَى مَرْبَطِي قَدِ امْتَلأَ خَيْلاً، فَكَيْفَ أَلْقَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَهَا؟ وَقَدْ أَوْصَانَا: (إِنَّ أَحَبَّكُم إِلَيَّ، وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي، مَنْ لَقِيَنِي عَلَى مِثْلِ الحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكُمْ عَلَيْهَا ) .
حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
رَوَاهُ أَيْضاً: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) ، عَنْ أَبِي المُغِيْرَةِ.
وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ: مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنِ الحَسَنِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ لأَخَذْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ خُلُقِهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ) .
هَذَا مُرْسَلٌ.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَوْصُوْفاً بِحُسْنِ الخُلُقِ، وَبِالحِلْمِ الزَائِدِ، وَالتَّوَاضُعِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ
أَبِي نَجِيْحٍ: قَالَ عُمَرُ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنُّوْا.فَتَمَنَّوْا، فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتاً مُمْتَلِئاً رِجَالاً مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الحَسَنِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْ أَصْحَابِي أَحَدٌ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ أَخَذْتُ عَليْهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ ) .
وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: أَخِلاَّئِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ.
خَالَفَهُ غَيْرُهُ، فَفِي (الجَعْدِيَاتِ) : أَنْبَأَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي
الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ... ، فَذَكَرَهُ.قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ بَيْتَ المَالِ.
قُلْتُ: يَعْنِي: أَمْوَالَ المُسْلِمِيْنَ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ عُمِلَ بَيْتُ مَالٍ، فَأَوَّلُ مِنِ اتَّخَذَهُ عُمَرُ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: ثُمَّ وَجَّهَهُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الشَّامِ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ أَمِيْراً، وَفِيْهَا استُخْلِفَ عُمَرُ، فَعَزَلَ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ، وَوَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ يَزِيْدَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بنِ فَيَّاضٍ، عَنْ تَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ:
أَنَّ عُمَرَ لَقِي أَبَا عُبَيْدَةَ، فَصَافَحَهُ، وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَتَنَحَّيَا يَبْكِيَانِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الجِهَادِ) لَهُ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حُصِرَ بِالشَّامِ، وَنَالَ مِنْهُ العَدُوُّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ شِدَّةٌ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَعْدَهَا فَرَجاً، وَإِنَّهُ لاَ يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} ، الآيَةَ [آلُ عِمْرَانَ: 200] .
قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} ، إِلَى قَوْلِهِ: {مَتَاعُ الغُرُوْرِ} [الحَدِيْدُ: 20] .
قَالَ: فَخَرَجَ عُمَرُ
بِكِتَابِهِ، فَقَرَأَهُ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ! إِنَّمَا يُعَرِّضُ بِكُم أَبُو عُبَيْدَةَ أَوْ بِي، ارْغَبُوا فِي الجِهَادِ.
ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاذاً سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ خَالدُ بنُ الوَلِيْدِ، مَا كَانَ بِالنَّاسِ دَوْكٍ.
وَذَلِكَ فِي حَصْرِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالَ مُعَاذٌ: فَإِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ تَضْطَرُّ المُعْجِزَةُ لاَ أَبَا لَكَ! وَاللهِ إِنَّهُ لَخَيْرُ مَنْ بَقِيَ عَلَى الأَرْضِ.
رَوَاهُ: البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) ، وَابْنُ سَعْدٍ.
وَفِي (الزُّهْدِ) لابْنِ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ، فَتَلَقَّاهُ الأُمَرَاءُ وَالعُظَمَاءُ.
فَقَالَ: أَيْنَ أَخِي أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالُوا: يَأْتِيْكَ الآنَ.
قَالَ: فَجَاءَ عَلَى نَاقَةٍ مَخْطُوْمَةٍ بِحَبْلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْصَرِفُوا عَنَّا.
فَسَارَ مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ وَرَحْلَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوِ اتَّخَذْتَ مَتَاعاً، أَوْ قَالَ: شَيْئاً.
فَقَالَ: يَا
أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ هَذَا سَيُبَلِّغُنَا المَقِيْلَ.ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ عُمَرَ حِيْنَ قَدِمَ الشَّامَ، قَالَ لأَبِي عُبَيْدَةَ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى مَنْزِلِكَ.
قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ عِنْدِي؟ مَا تُرِيْدُ إِلاَّ أَنْ تُعَصِّرَ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ.
قَالَ: فَدَخَلَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئاً، قَالَ: أَيْنَ مَتَاعُكَ؟ لاَ أَرَى إِلاَّ لِبْداً وَصَحْفَةً وَشَنّاً، وَأَنْتَ أَمِيْرٌ، أَعِنْدَكَ طَعَامٌ؟
فَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى جَوْنَةٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا كُسَيْرَاتٍ، فَبَكَى عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَدْ قُلْتُ لَكَ: إِنَّكَ سَتَعْصِرُ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يَكْفِيْكَ مَا يُبَلِّغُكَ المَقِيْل.
قَالَ عُمَرُ: غَيَّرَتْنَا الدُّنْيَا كُلَّنَا، غَيْرَكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) ، مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ.
وَهَذَا -وَاللهِ- هُوَ الزُّهْدُ الخَالِصُ، لاَ زُهْدُ مَنْ كَانَ فَقِيْراً مُعْدِماً.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: عَنْ مَالِكٍ:
أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، أَوْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بِهَا.
قَالَ: فَقَسَّمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا.
قَالَ: فَقَسَّمَهَا، إِلاَّ شَيْئاً قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُوْلُ عُمَرَ، قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الإِسْلاَمِ مَنْ يَصْنَعُ
هَذَا.الفَسَوِيُّ : حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، عَنْ جَرِيْرِ بنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ عِمْرَانَ بنِ نِمْرَانَ:
أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ يَسِيْرُ فِي العَسْكَرِ، فَيَقُوْلُ: أَلاَ رُبَّ مُبَيِّضٍ لِثِيَابِهِ، مُدَنِّسٍ لِدِيْنِهِ! أَلاَ رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِيْنٌ! بَادِرُوا السَّيِّئَاتِ القَدِيْمَاتِ بِالحَسَنَاتِ الحَدِيْثَاتِ.
وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَمَا مِنْكُم مِنْ أَحْمَرَ وَلاَ أَسْوَدَ يَفْضُلُنِي بِتَقْوَى، إِلاَّ وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاَخِهِ.
مَعْمَرٌ: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ:
وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ كَبْشاً، فَيَذْبَحُنِي أَهْلِي، فَيَأْكُلُوْنَ لَحْمِي، ويَحْسُوْنَ مَرَقِي.
وَقَالَ عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ: وَدِدْتُ أَنِّي رَمَادٌ تَسْفِيْنِي الرِّيْحُ.
شُعْبَةُ: عَنْ قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقٍ:
أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الطَّاعُوْنِ: إِنَّهُ قَدْ عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ، وَلاَ غِنَى بِي عَنْكَ فِيْهَا، فَعَجِّلْ إِلَيَّ.
فَلَمَّا قَرَأَ الكِتَابَ، قَالَ: عَرَفْتُ حَاجَةَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ مَنْ لَيْسَ بِبَاقٍ.
فَكَتَبَ: إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ، فَحَلِّلْنِي مِنْ عَزِيْمَتك، فَإِنِّي فِي جُنْدٍ
مِنْ أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ، لاَ أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنْهُم.فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الكِتَابَ، بَكَى، فَقِيْلَ لَهُ: مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالَ: لاَ، وَكَأَنْ قَدْ.
قَالَ: فَتُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَانْكَشَفَ الطَّاعُوْنُ.
قَالَ أَبُو المُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو المَرْوَزِيُّ: زَعَمُوا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ فِي سِتَّةٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفاً مِنَ الجُنْدِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُم إِلاَّ سِتَّةُ آلاَفِ رَجُلٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَيْفٍ المَخْزُوْمِيِّ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -شَامِيٌّ، فَقِيْهٌ- عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ فِي مَرَضِهِ، وَامْرَأَتُهُ تُحَيْفَةُ جَالِسَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَهُوَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى الجِدَارِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟
قَالَتْ: بَاتَ بِأَجْرٍ.
فَقَالَ: إِنِّي -وَاللهِ- مَا بِتُّ بِأَجْرٍ!
فَكَأَنَّ القَوْمَ سَاءهُمْ، فَقَالَ: أَلاَ تَسْأَلُوْنِي عَمَّا قُلْتُ؟
قَالُوا: إِنَّا لَمْ يُعْجِبْنَا مَا قُلْتَ، فَكَيْفَ نَسْأَلُكَ؟
قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَبِسَبْعِ مَائَةٍ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ، أَوْ عَادَ مَرِيْضاً، أَوْ مَاز أَذَىً، فَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالصَّوْمُ
جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا، وَمَنِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ، فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ ) .أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا ابْنُ طَبَرْزَدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنِي جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنِي بَشَّارُ بنُ أَبِي سَيْفٍ، حَدَّثَنِي الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ، قَالَ:
مَرِضَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُوْدُهُ، فَقَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا ) .
وَقَدِ اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا عُبَيْدَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ، مِنْهَا المَرَّةُ الَّتِي جَاعَ فِيْهَا عَسْكَرُهُ، وَكَانُوا ثَلاَثَ مَائَةٍ، فَأَلْقَى لَهُمُ البَحْرُ الحُوْتَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: العَنْبَرُ.
فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ميتَةٌ.
ثُمَّ قَالَ: لاَ، نَحْنُ رُسُلُ رَسُوْلِ اللهِ، وَفِي سَبِيْلِ اللهِ، فَكُلُوا ... ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
وَهُوَ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ).
وَلَمَّا تَفَرَّغَ الصِّدِّيْقُ مِنْ حَرْبِ أَهْل الرِّدَّةِ، وَحَرْبِ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ، جَهَّزَ أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ لِفَتْحِ الشَّامِ.فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ، وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَمْرَو بنَ العَاصِ، وَشُرَحْبِيْلَ بنَ حَسَنَةَ، فَتَمَّتْ وَقْعَةُ أَجْنَادِيْنَ بِقُرْبِ الرَّمْلَةِ، وَنَصَرَ اللهُ المُؤْمِنِيْنَ، فَجَاءتِ البُشْرَى، وَالصِّدِّيْقُ فِي مَرَضِ المَوْتِ، ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةُ فِحْلٍ، وَوَقْعَةُ مَرْجِ الصُفَّرِ، وَكَانَ قَدْ سَيَّرَ أَبُو بَكْرٍ خَالِداً لِغَزْوِ العِرَاقِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ لِيُنْجِدَ مَنْ بِالشَّامِ.
فَقَطَعَ المَفَاوِزَ عَلَى بَرِّيَّةِ السَّمَاوَةِ، فَأَمَّرُهُ الصِّدِّيْقُ عَلَى الأُمَرَاءِ كُلِّهِم، وَحَاصَرُوا دِمَشْقَ، وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ.
فَبَادَرَ عُمَرُ بِعَزْلِ خَالِدٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الكُلِّ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَجَاءهُ التَّقْلِيْدُ، فَكَتَمَهُ مُدَّةً، وَكُلُّ هَذَا مِنْ دِيْنِهِ وِلِيْنِهِ وَحِلْمِهِ، فَكَانَ فَتْحُ دِمَشْقَ عَلَى يَدِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَظْهَرَ التَّقْلِيْدَ، لِيَعْقِدَ
الصُّلْحَ لِلرُّوْمِ، فَفَتَحُوا لَهُ بَابَ الجَابِيَةِ صُلْحاً، وَإِذَا بِخَالِدٍ قَدِ افْتَتَحَ البَلَدَ عَنْوَةً مِنَ البَابِ الشَّرْقِيِّ، فَأَمْضَى لَهُم أَبُو عُبَيْدَةَ الصُّلْحَ.فَعَنِ المُغِيْرَةِ: أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ صَالَحَهُم عَلَى أَنْصَافِ كَنَائِسِهِم وَمَنَازِلَهِم، ثُمَّ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ رَأْسَ الإِسْلاَمِ يَوْمَ وَقْعَةِ اليَرْمُوْكِ؛ الَّتِي اسْتَأْصَلَ اللهُ فِيْهَا جُيُوْشَ الرُّوْمِ، وَقُتِلَ مِنْهُم خَلْقٌ عَظِيْمٌ.
رَوَى ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الزُّهْدِ) لَهُ، قَالَ:
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، عَنْ حَدِيْثِ الحَارِثِ بنِ عُمَيْرَةَ، قَالَ:
أَخَذَ بِيَدِي مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، فَسَأَلَهُ: كَيْفَ هُوَ! وَقَدْ طُعِنَّا؟
فَأَرَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ طَعْنَةً خَرَجَتْ فِي كَفِّهِ، فَتَكَاثَرَ شَأْنُهَا فِي نَفْسِ الحَارِثِ، وَفَرَقَ مِنْهَا حِيْنَ رَآهَا، فَأَقْسَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِاللهِ: مَا يُحِبُّ أَنَّ لَهُ مَكَانَهَا حُمْرَ النَّعَمِ.
وَعَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ وَجَعَ عَمَوَاسَ كَانَ مُعَافَىً مِنْهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَهْلُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَصِيْبَكَ فِي آلِ أَبِي عُبَيْدَةَ!
قَالَ: فَخَرَجْتُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ، فِي خَنْصَرِهِ بَثْرَةٌ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ.
فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُبَارِكَ اللهُ فِيْهَا، فَإِنَّهُ إِذَا بَارَكَ فِي القَلِيْلِ، كَانَ كَثِيْراً.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي المُخَارِقِ، قَالَ:
انْطَلَقَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنَ الجَابِيَةِ إِلَى بَيْتَ المَقْدِسِ لِلصَّلاَةِ،
فَاسْتَخْلَفَ عَلَى النَّاسِ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ.قَالَ الوَلِيْدُ: فَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عُرْوَةَ بنَ رُوَيْمٍ، قَالَ:
فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِفِحْلٍ، فَتُوُفِّيَ بِهَا بِقُرْبِ بَيْسَانَ.
طَاعُوْنُ عَمَوَاسَ: مَنْسُوْبٌ إِلَى قَرْيَةِ عَمَوَاسَ، وَهِيَ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْنَ بَيْتِ المَقْدِسِ.
وَأَمَّا الأَصْمَعِيُّ، فَقَالَ : هُوَ مِنْ قَوْلِهِم زَمَنَ الطَّاعُوْنِ: عَمَّ، وَآسَى.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ، وَكَانَ لَهُ عَقِيْصَتَانِ.
وَقَالَ كَذَلِكَ فِي وَفَاتِهِ جَمَاعَةٌ.
وَانْفَرَدَ ابْنُ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، أَنَّهُ قَرَأَ فِي كِتَابِ يَزِيْدَ بنِ عُبَيْدَةَ: أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=156403&book=5519#bf543a
أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ دُكَيْنٍ التَّيْمِيُّ الطَّلحيُّ
الحَافِظُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، الفَضْلُ بنُ عَمْرِو بنِ حَمَّادِ بنِ زُهَيْرِ بنِ دِرْهَمٍ، التَّيْمِيُّ، الطَّلحيُّ، القُرَشِيُّ مَوْلاَهُمْ، الكُوْفِيُّ، المُلاَئِيُّ، الأَحْوَلُ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
وَكَانَ شَرِيْكاً لِعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ المُلاَئِيِّ، كَانَا فِي حَانُوْتٍ بِالكُوْفَةِ، يَبِيْعَانِ المُلاَءَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَكَانَ كَذَلِكَ غَالِبُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ، إِنَّمَا يُنْفِقُوْنَ مِنْ كَسْبِهِمْ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ فِي كِتَابِهِمْ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوْساً مَعَ حُذَيْفَةَ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ رَجُلاً يَرْفَعُ الحَدِيْثَ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ) .
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ.
أَنْبَأَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِيْذَةَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُرَيْثٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا عَائِشَةُ تَرْفَعُ عَلَيْهِ صَوتَهَا، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ فُلاَنَة! تَرْفَعِيْنَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.فَحَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَرَضَّاهَا، فَقَالَ: (أَلَمْ تَرَينِي حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ) .
ثُمَّ استَأَذَنَ أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً أُخْرَى، فسَمِعَ تَضَاحُكَهُمَا، فَقَالَ: أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيْثِ يُوْنُسَ.
وَبِهِ إِلَى سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبِشْرُ بنُ مُوْسَى، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ المِقْدَامِ أَبِي كَرِيمَةَ الشَّامِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَيْلَةُ الضَّيفِ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، إِنْ شَاءَ اقتَضَاهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ).
روَاهُمَا أَحْمَدُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ.وَفِي (الطَّبَقَاتِ ) لابْنِ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُوْسُ بنُ كَامِلٍ، قَالَ: دُفِنَ أَبُو نُعَيْمٍ يَوْمَ سَلْخِ شَعْبَانَ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهُ، قَالَ: اشْتَكَى قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بِيَوْمٍ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ، فَمَا تَكَلَّمَ إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ تَكلَّمَ فَأَوْصَى ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بِبُنَيِّ ابْنٍ يُقَالُ لَهُ: مَيْثَمٍ، كَانَ مَاتَ قَبْلَهُ، فَلَمَّا أَمْسَى طُعِنَ فِي عُنُقِهِ، وَظهرَ بِهِ وَرْشَكَيْن فِي يَدِهِ، فَتُوُفِّيَ لَيْلَتَئِذٍ، وَأُخْرِجَ بُكرَةً، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ جَاءَ الوَالِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مُوْسَى الهَاشِمِيُّ فلاَمهُمْ إِذْ لَمْ يُخْبِرُوهُ، ثُمَّ تَنَحَّى بِهِ عَنِ القَبْرِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُلاعِبٍ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَزَكَرِيَّا بنَ أَبِي زَائِدَةَ، وَجَعْفَرَ بنَ بُرْقَانَ، وَعُمَرَ بنَ ذَرٍّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُسْلِمٍ العَبْدِيَّ، وَطَلْحَةَ بنَ عَمْرٍو، وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ أَيْمَنَ، وَبَشِيْرَ بنَ المُهَاجِرِ، وَفِطْرَ بنَ خَلِيْفَةَ، وَمَالِكَ بنَ مِغْوَلٍ، وَأَبَا خَلْدَةَ خَالِدَ بنَ دِيْنَارٍ، وَسُلَيْمَانَ بنَ سَيْفٍ المَكِّيَّ، وَمُوْسَى بنَ عَلِيٍّ، وَيُوْنُسَ بنَ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمِسْعَرَ بنَ كِدَامٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَشُعْبَةَ، وَالحَسَنَ بنَ صَالِحٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ حَبِيْبٍ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَزَمْعَةَ بنَ صَالِحٍ، وَإِسْرَائِيْلَ، وَشَرِيْكاً، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الغَسِيْلِ، وَابْنَ أَبِي رَوَّادٍ، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بنَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَإِيَاسَ بنَ دَغْفَلٍ، وَأَبَانَ بنَ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ نَافِعٍ المَكِّيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ سَعِيْدٍ القُرَشِيَّ،
وَبَدْرَ بنَ عُثْمَانَ، وَحَبِيْبَ بنَ جُرَيٍّ، وَالحَكَمَ بنَ مُعَاذٍ، وَخَالِدَ بنَ طَهْمَانَ، وَسَعْدَ بنَ أَوْسٍ، وَعِصَامَ بنَ قُدَامَةَ، وَالمَسْعُوْدِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الصُّفَيْرَاءِ، وَجَرِيْرَ بنَ حَازِمٍ، وَسَعِيْدَ بنَ عُبَيْدٍ الطَّائِيَّ، وَعَبِيْدَةَ بنَ أَبِي رَائِطَةَ، وَأَبَا حَنِيْفَةَ، وَابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَشَيْبَانَ النَّحْوِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ قَيْسٍ الأَسَدِيَّ، وَسَلَمَةَ بنَ نُبَيْطٍ، وَيَعْلَى بنَ الحَارِثِ المُحَارِبِيَّ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ وَأَثبَاتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ كَثِيْراً، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ مَشْيَخَتِهِ، وَرَوَى هُوَ وَالجَمَاعَةُ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَالذُّهْلِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَالدِّمَشْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَنْجَرَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ الفُرَاتِ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ سَمُّوْيَه، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مَهْدِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَبِشْرُ بنُ مُوْسَى، وَإِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيُّ، وَعُمَيْرُ بنُ مِرْدَاسٍ، وَأَحْمَدُ بنُ الهَيْثَمِ بنِ خَالِدٍ البَزَّازُ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدُوَيْه البَغْدَادِيُّ شَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ الطَّبَّاعِ، وَأَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الوَزَّانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيُّ، وَالحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ، وَفُضَيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ المَلَطِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ خُلَيدٍ الحَلَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ سَمَاعَةَ الحَضْرَمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّوْطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُوْسَى الحَمَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ القَتَّاتُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَاهَانَ المُزَنِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَحْمَسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ جَعْفَرٍ الوَشَّاءُ، وَأُمَمٌ سِوَاهُمُ.وَتَبَقَّى صِغَارُ أَصْحَابِهِ إِلَى بُعَيْدِ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ القَتَّاتِ فِي الوَفَاةِ مائَةُ عَامٍ وَعِشْرُوْنَ عَاماً.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنِ الأَعْمَشِ مِنَ الثِّقَاتِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: شَارَكْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِيْنَ شَيْخاً.
وَأَمَّا حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَتَبْتُ عَنْ نَيِّفٍ وَمائَةِ شَيْخٍ مِمَّنْ كَتَبَ عَنْهُمْ سُفْيَانَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدَةَ بنِ سُلَيْمَانَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ: يَا أَبَا نُعَيْمٍ! إِنَّمَا حَمَلْتَ عَنِ الأَعْمَشِ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ؟
فَقَالَ: وَمَنْ كُنْتُ أَنَا عِنْدَ الأَعْمَشِ؟ كُنْتُ قِرْداً بِلاَ ذَنَبٍ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: قُلْتُ لأَبِي: وَكِيْعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَيْنَ يَقَعُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: يَجِيْءُ حَدِيْثُهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ هَؤُلاَءِ، إِلاَّ أَنَّهُ كَيِّسٌ يَتَحَرَّى الصِّدْقَ.
قُلْتُ: فَأَبُو نُعَيْمٍ أَثْبَتُ
أَوْ وَكِيْعٌ؟فَقَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ أَقَلُّ خَطَأً.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ أَعْلَمُ بِالشُّيُوْخِ وَأَنسَابِهِم، وَبَالرِّجَالِ، وَوَكِيْعٌ أَفْقَهُ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: أَبُو نُعَيْمٍ أَثْبَتُ مِنْ وَكِيْعٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: أَخْطَأَ وَكِيْعٌ فِي خَمْسِ مائَةِ حَدِيْثٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: إِذَا مَاتَ أَبُو نُعَيْمٍ صَارَ كِتَابُهُ إِمَاماً، إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي شَيْءٍ فَزِعُوا إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَثْبَتَ مِنْ رَجُلَيْنِ: أَبِي نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحِ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مُحَدِّثاً أَصْدَقَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ كَانَ غَايَةً فِي الإِتْقَانِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ حَافِظاً، مُتْقِناً، لَمْ أَرَ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ مَنْ يَحْفَظُ وَيَأْتِي بِالحَدِيْثِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ لاَ يُغَيِّرُهُ سِوَى قَبِيْصَةَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي حَدِيْثِ الثَّوْرِيِّ، وَكَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَحْفَظُ حَدِيْثَ الثَّوْرِيِّ حِفْظاً جَيِّداً -يَعْنِي: الَّذِي عِنْدَهُ عَنْهُ-.قَالَ: وَهُوَ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مائَةِ حَدِيْثٍ، وَيَحْفَظُ حَدِيْثَ مِسْعَرٍ، وَهُوَ خَمْسُ مائَةِ حَدِيْثٍ، وَكَانَ لاَ يُلَقَّنُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ: خَرَجْتُ مَعَ أَحْمَدَ وَيَحْيَى إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ خَادِماً لَهُمَا.
قَالَ: فَلَمَّا عُدْنَا إِلَى الكُوْفَةِ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: أُرِيْدُ أَنْ أَختَبِرَ أَبَا نُعَيْمٍ.
فَقَالَ أَحْمَدُ: لاَ تُرِدْ، فَالرَّجُلُ ثِقَةٌ.
قَالَ يَحْيَى: لاَ بُدَّ لِي، فَأَخَذَ وَرَقَةً، فَكَتَبَ فِيْهَا ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً، وَجَعَلَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ عَشرَةٍ مِنْهَا حَدِيْثاً لَيْسَ مِنْ حَدِيْثِهِ.
ثُمَّ إِنَّهُمْ جَاؤُوا إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، فَخَرَجَ وَجَلَسَ عَلَى دُكَّانِ طِيْنٍ، وَأَخَذَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَيَحْيَى عَنْ يَسَارِهِ، وَجلَسْتُ أَسْفَلَ الدُّكَّانِ.
ثُمَّ أَخْرَجَ يَحْيَى الطَّبَقَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ عَشْرَةَ أَحَادِيْثَ، فَلَمَّا قَرَأَ الحَادِيَ عَشَرَ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيْثِي، اضرِبْ عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ الثَّانِي، وَأَبُو نُعَيْمٍ سَاكِتٌ، فَقَرَأَ الحَدِيْثَ الثَّانِيَ، فَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيْثِي، فَاضرِبْ عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ الثَّالِثَ ثُمَّ قَرَأَ الحَدِيْثَ الثَّالِثَ، فَتَغيَّرَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَانقَلَبَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى يَحْيَى، فَقَالَ: أَمَّا هَذَا - وَذِرَاعُ أَحْمَدَ بِيَدِهِ - فَأَوْرَعُ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ مِثْلَ هَذَا، وَأَمَّا هَذَا - يُرِيْدُنِي - فَأَقَلُّ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ ذَاكَ، وَلَكِنْ هَذَا مِنْ فِعْلِكَ يَا فَاعِلُ، وَأَخْرَجَ رِجْلَهُ فَرَفَسَ يَحْيَى، فَرَمَى بِهِ مِنَ
الدُّكَّانِ، وَقَامَ، فَدَخَلَ دَارَهُ.فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ ليَحْيَى: أَلَمْ أَمْنَعْكَ، وَأَقُلْ لَكَ إِنَّهُ ثَبْتٌ.
قَالَ: وَاللهِ لَرَفْسَتُهُ لِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَفْرَتِي.
قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: شَيْخَانِ كَانَ النَّاسُ يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِمَا، وَيَذْكُرُونَهُمَا، وَكُنَّا نَلْقَى مِنَ النَّاسِ فِي أَمرِهِمَا مَا اللهُ بِهِ عَلِيْمُ، قَامَا للهِ بِأَمرٍ لَمْ يَقُمْ بِهِ كَبِيْرُ أَحَدٍ: عَفَّانُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: عَنِ الكُدَيْمِيِّ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ أَبُو نُعَيْمٍ عَلَى الوَالِي لِيَمْتَحِنَهُ، وثَمَّ يُوْنُسُ، وَأَبُو غَسَّانَ، وَغَيْرُهُمَا، فَأَوَّلُ مَنِ امتُحِنَ فُلاَنٌ، فَأَجَابَ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ: قَدْ أجَابَ هَذَا، فَمَا تَقُوْلُ؟
فَقَالَ: وَاللهِ مَا زِلْتُ أتَّهِمُ جَدَّهُ بِالزَّنْدَقَةِ، وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ يَقُوْلُ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَرْمِيَ الجَمْرَةَ بِالقَوَارِيْرِ.
أَدْرَكْتُ الكُوْفَةَ وَبِهَا أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِ مائَةِ شَيْخٍ، الأَعْمَشُ فَمَنْ دُوْنَهُ يَقُوْلُوْنَ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، وَعُنُقِي أَهْوَنُ مِنْ زِرِّي هَذَا.
فَقَامَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ - وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَحْنَاءُ - وَقَالَ: جَزَاكَ اللهُ مِنْ شَيْخٍ خَيْراً.
أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، لَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: سَمِعْتُ صُليحَةَ بِنْتَ أَبِي نُعَيْمٍ تَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَنْ قَالَ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ.
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ فِي كِتَابِ (مِرْآةِ الزَّمَانِ) : قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ المُهْتَدِي: لَمَّا دَخَلَ المَأْمُوْنُ بَغْدَادَ، نَادَى بِتَرْكِ الأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وَذَلِكَ لأَنَّ الشُّيُوْخَ بَقَوا يَضْرِبُوْنَ وَيَحْبِسُوْنَ، فَنَهَاهُمُ المَأْمُوْنُ، وَقَالَ: قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ، فَمَرَّ أَبُو نُعَيْمٍ، فَرَأَى جُنْدِياً وَقَدْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ بَيْنَ فَخِذَي امْرَأَةٍ، فَنَهَاهُ بِعُنْفٍ، فَحَمَلَهُ إِلَى الوَالِي، فَيَحْمِلُهُ الوَالِي إِلَى المَأْمُوْنِ.قَالَ: فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ بُكرَةً وَهُوَ يُسبِّحُ، فَقَالَ: تَوَضَّأْ.
فَتَوَضَّأْتُ ثَلاَثاً ثَلاَثاً، عَلَى مَا رَوَاهُ عبدُ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، فصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ.
فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ؟
فَقُلْتُ: لِلأُمِّ الثُّلُثُ، وَمَا بَقِيَ لِلأَبِ.
قَالَ: فَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْهِ وَأَخَاهُ؟
قُلْتُ: المَسْأَلَةُ بحَالِهَا، وَسَقَطَ الأَخُ.
قَالَ: فَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ؟
قُلْتُ: لِلأُمِّ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ لِلأَبِ.
قَالَ: فِي قَوْلِ النَّاسِ كُلِّهِم؟
قُلْتُ: لاَ، إِنَّ جَدَّكَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مَا حَجَبَ الأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ، إِلاَّ بِثَلاَثَةِ إِخْوَةٍ.
فَقَالَ: يَا هَذَا مَنْ نَهَى مِثْلَكَ عَنِ الأَمرِ بِالمَعْرُوْفِ؟ إِنَّمَا نَهَيْنَا أَقْوَاماً يَجْعَلُوْنَ المَعْرُوْفَ مُنْكَراً، ثُمَّ خَرَجْتُ.
رَوَى المَرُّوْذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: إِنَّمَا رَفَعَ اللهُ عَفَّانَ وَأَبَا نُعَيْمِ بِالصِّدْقِ، حَتَّى نَوَّهَ بِذِكْرِهِمَا.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قُلْتُ لأَبِي دَاوُدَ: كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ حَافِظاً؟
قَالَ: جِدّاً.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءِ: كُنَّا نَهَابُ أَبَا نُعَيْمٍ أَشدَّ مِنْ هَيْبَةِ الأَمِيْرِ.قُلْتُ: وَكَانَ فِي أَبِي نُعَيْمٍ تَشَيُّعٌ خَفِيْفٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُلاعِبٍ: حَدَّثَنِي ثِقَةٌ قَالَ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَا كَتَبَتْ عَلَيَّ الحفظَةُ أَنِّي سَبَبْتُ مُعَاوِيَةَ.
وَبَلَغَنَا عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّهُ، قَالَ: حُبُّ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عبَادَةٌ، وَخَيْرُ العِبَادَةِ مَا كُتِمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ القَطَّانَ يَقُوْلُ: إِذَا وَافَقَنِي هَذَا الأَحْوَلُ -يَعْنِي: أَبَا نُعَيْمٍ- مَا أُبَالِي مَنْ خَالَفَنِي.
قَالَ يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: نُزَاحمُ بِهِ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ أَبُو نُعَيْمٍ شَهِيْداً، فَإِنَّهُ طُعِنَ فِي عُنُقِهِ، وَحَصَلَ لَهُ وَرشكين.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّنُ: رَأَيْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، وَكَلَّمْتُهُ.
قَالَ: وَمَاتَ يَوْمَ الشَّكِّ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ: إِنَّ أَبَا نُعَيْمٍ مَاتَ بِالكُوْفَةِ، لَيْلَةَ الثَّلاَثَاءِ، لانسِلاخِ شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ.
قُلْتُ: شَذَّ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى الزَّمِنُ، فَقَالَ: مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَمَانِ
عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.قَالَ بِشْرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ: رَأَيْتُ أَبَا نُعَيْمٍ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ -يَعْنِي: فِيْمَا كَانَ يَأْخُذُ عَلَى الحَدِيْثِ-.
فَقَالَ: نَظَرَ القَاضِي فِي أَمْرِي، فَوَجَدَنِي ذَا عِيَالٍ، فَعَفَا عَنِّي.
قُلْتُ: ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عَلَى الحَدِيْثِ شَيْئاً قَلِيْلاً لِفَقْرِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُوْلُ: يَلُوْمُونَنِي عَلَى الأَخْذِ وَفِي بَيْتِي ثَلاَثَةَ عَشَرَ نَفْساً، وَمَا فِي بَيْتِي رَغِيْفٌ.
قُلْتُ: لاَمُوهُ عَلَى الأَخْذِ يَعْنِي: مِنَ الإِمَامِ، لاَ مِنَ الطَّلَبَةِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو اليَمَنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ القَطِيْعِيُّ قِرَاءةً عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ، وَأَكْلَهُ، وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِيْنَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ حِيْنَ يَلْقَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ) .
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي التَّوْحِيْدِ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَحَدِيْثُ أَبِي نُعَيْمٍ كَثِيْرُ الوقُوْعِ فِي الكُتُبِ وَالأَجْزَاءِ، وَقَدْ جَمَعَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ مَا وَقَعَ لَهُ عَالِياً مِنْ حَدِيْثِ أَبِي نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، فِي جُزْءٍ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ، صَدَّرَهُ بِمَا حَدَّثَهُ ابْنُ فَارِسِ، عَنِ ابْنِ الفُرَاتِ، وَسَمُّوْيَه، كِلاَهُمَا عَنْهُ، وَعِدَّةُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُوْنَ حَدِيْثاً، بَعْضُهَا آثَارٌ.أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ قَيْمَازٍ الدَّقِيْقِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ قَوامٍ، أَخْبَرَنَا خَلِيْلُ بنُ بَدْرٍ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مجَاهِدِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الدَّوَاءِ الخَبِيْثِ.
غَرِيْبٌ، وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ الوَاسِطِيُّ، وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً، قَالُوا: أَخْبَرْنَا ابْنُ بَهْرُوزَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوْبَ -يَعْنِي: القَرَّابُ- حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الأَزْهَرِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُوْلُ:
يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ هَذَا الشَّأْنُ عَمَّنْ كَتَبَ الحَدِيْثَ يَوْمَ كَتَبَ يَدْرِي مَا كَتَبَ، صَدُوْقٌ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ، يُحَدِّثُ يَوْمَ يُحَدِّثُ يَدْرِي مَا يُحَدِّثُ.قَالَ البَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا الحَاكِمُ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا العَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَبِي مَطَرٍ البَلْخِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَابْنِ مَهْدِيٍّ، وَوَكِيْعٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَجَدُّ مِنْ وَكِيْعٍ، وَكفَاكَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ مَعْرِفَةً وَإِتقَاناً، وَمَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَوْزَنَ بِقَومٍ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ، وَأَشَدَّ تَثَبُّتاً فِي أُمُورِ الرِّجَالِ مِنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ: فَأَقَلُّ الأَرْبَعَةِ خَطَأً، وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ، مَوْضِعُ الحُجَّةِ فِي الحَدِيْثِ.
أَحْمَدُ بنُ مُلاعِبٍ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، يَقُوْلُ: لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُؤخَذَ الحَدِيْثُ إِلاَّ مِنْ حَافِظٍ لَهُ، أَمِيْنٍ لَهُ، عَارِفٍ بِالرِّجَالِ.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ ذَا دُعَابَةٍ، فَرَوَى عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ المُقَانِعِيُّ، سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ عَمْرٍو العَنْقَزِيَّ يَقُوْلُ: دَقَّ رَجُلٌ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ البَابَ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟
قَالَ: أَنَا.
قَالَ: مَنْ أَنَا؟
قَالَ: رَجُلٌ مِن وَلدِ آدَمَ.
فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو نُعَيْمٍ، وَقَبَّلَه، وَقَالَ: مَرْحَباً وَأَهْلاً، مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ هَذَا النَّسْلِ أَحَدٌ.
قُلْتُ: عَدَدُ شُيُوْخِهِ فِي (التَّهْذِيبِ) مِئَتَانِ وَثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ القَتَّاتُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الأَحْوَلُ مِنَ العَيْنَيْنِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ.رَوَى: جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الهَاشِمِيُّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: عِنْدِي عَنْ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ سُفْيَانَ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ.
الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ: أَيَجْرِي عِنْدَكَ ابْنُ فُضَيْلٍ مَجْرَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى؟
قَالَ: لاَ، كَانَ ابْنُ فُضَيْلٍ أَسْتَرُ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ صَاحِبُ تَخْلِيْطٍ، رَوَى أَحَادِيْثَ سُوْءٍ.
قُلْتُ: فَأَبُو نُعَيْمٍ، يَجْرِي مَجْرَاهُمَا؟
قَالَ: لاَ، أَبُو نُعَيْمٍ يَقْظَانُ فِي الحَدِيْثِ، وَقَامَ فِي الأَمْرِ -يَعْنِي: المِحْنَةَ-.
ثُمَّ قَالَ: إِذَا رَفَعْتَ أَبَا نُعَيْمٍ مِنَ الحَدِيْثِ، فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَرَوَى المَرُّوْذِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ: يَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحُجَّةُ، الثَّبْتُ.
وَرَوَى المَيْمُوْنِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ أَثْنَى عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ، وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، يَقْظَانَ فِي الحَدِيْثِ، عَارِفاً بِهِ، ثُمَّ قَامَ فِي أَمْرِ الامْتِحَانِ، مَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ، عَافَاهُ اللهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: أَبُو نُعَيْمٍ مُتْقِنٌ حَافِظٌ، إِذَا رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ، فَحَدِيْثُهُ حُجَّةٌ أَحَجُّ مَا يَكُوْنُ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ مَرَّةً: حَدَّثَنَا الأَسَدُ.فَقِيْلَ: مَنْ؟
قَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَأَلْتُ عَلِيّاً: مَنْ أَوْثَقُ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ؟
قَالَ: يَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَوَكِيْعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، يَحْفَظُ حَدِيْثَ الثَّوْرِيِّ وَمِسْعَرٍ حِفْظاً جَيِّداً، كَانَ يَحْزُرُ حَدِيْثَ الثَّوْرِيِّ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مائَةٍ، وَحَدِيْثَ مِسْعَرٍ نَحْوَ خَمْسِ مائَةٍ، كَانَ يَأْتِي بِحَدِيْثِ الثَّوْرِيِّ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ لاَ يُغَيِّرُهُ، وَكَانَ لاَ يُلَقَّنُ، وَكَانَ حَافِظاً، مُتْقِناً.
وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: نَظَرَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي كُتُبِي، فَقَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَصَحَّ مِنْ كُتُبِكَ.
أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، سَمِعْتُ الكُدَيْمِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُوْلُ: كَثُرَ تَعَجُّبِي مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ: ذَهَبَ الَّذِيْنَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمُ، لَكِنِّي أَقُوْلُ:
ذَهَبَ النَّاسُ فَاسْتَقَلُّوا وَصِرْنَا ... خَلَفاً فِي أَرَاذِلِ النَّسْنَاسِ
فِي أُنَاسٍ نَعُدُّهُم مِنْ عَدِيدٍ ... فَإِذَا فُتِّشُوا فَلَيْسُوا بِنَاسِكُلَّمَا جِئْتُ أَبْتَغِي النَّيْلَ مِنْهُم ... بَدَرُوْنِي قَبْلَ السُّؤَالِ بِيَاسِ
وَبَكَوْا لِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي ... مِنْهُم قَدِ افْلَتُّ رَأْساً بِرَاسِ
الحَافِظُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، الفَضْلُ بنُ عَمْرِو بنِ حَمَّادِ بنِ زُهَيْرِ بنِ دِرْهَمٍ، التَّيْمِيُّ، الطَّلحيُّ، القُرَشِيُّ مَوْلاَهُمْ، الكُوْفِيُّ، المُلاَئِيُّ، الأَحْوَلُ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
وَكَانَ شَرِيْكاً لِعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ المُلاَئِيِّ، كَانَا فِي حَانُوْتٍ بِالكُوْفَةِ، يَبِيْعَانِ المُلاَءَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَكَانَ كَذَلِكَ غَالِبُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ، إِنَّمَا يُنْفِقُوْنَ مِنْ كَسْبِهِمْ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ فِي كِتَابِهِمْ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوْساً مَعَ حُذَيْفَةَ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ رَجُلاً يَرْفَعُ الحَدِيْثَ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ) .
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ.
أَنْبَأَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِيْذَةَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُرَيْثٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا عَائِشَةُ تَرْفَعُ عَلَيْهِ صَوتَهَا، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ فُلاَنَة! تَرْفَعِيْنَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.فَحَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَرَضَّاهَا، فَقَالَ: (أَلَمْ تَرَينِي حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ) .
ثُمَّ استَأَذَنَ أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً أُخْرَى، فسَمِعَ تَضَاحُكَهُمَا، فَقَالَ: أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيْثِ يُوْنُسَ.
وَبِهِ إِلَى سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبِشْرُ بنُ مُوْسَى، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ المِقْدَامِ أَبِي كَرِيمَةَ الشَّامِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَيْلَةُ الضَّيفِ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، إِنْ شَاءَ اقتَضَاهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ).
روَاهُمَا أَحْمَدُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ.وَفِي (الطَّبَقَاتِ ) لابْنِ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُوْسُ بنُ كَامِلٍ، قَالَ: دُفِنَ أَبُو نُعَيْمٍ يَوْمَ سَلْخِ شَعْبَانَ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهُ، قَالَ: اشْتَكَى قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بِيَوْمٍ لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ، فَمَا تَكَلَّمَ إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ تَكلَّمَ فَأَوْصَى ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بِبُنَيِّ ابْنٍ يُقَالُ لَهُ: مَيْثَمٍ، كَانَ مَاتَ قَبْلَهُ، فَلَمَّا أَمْسَى طُعِنَ فِي عُنُقِهِ، وَظهرَ بِهِ وَرْشَكَيْن فِي يَدِهِ، فَتُوُفِّيَ لَيْلَتَئِذٍ، وَأُخْرِجَ بُكرَةً، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ جَاءَ الوَالِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مُوْسَى الهَاشِمِيُّ فلاَمهُمْ إِذْ لَمْ يُخْبِرُوهُ، ثُمَّ تَنَحَّى بِهِ عَنِ القَبْرِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُلاعِبٍ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَزَكَرِيَّا بنَ أَبِي زَائِدَةَ، وَجَعْفَرَ بنَ بُرْقَانَ، وَعُمَرَ بنَ ذَرٍّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُسْلِمٍ العَبْدِيَّ، وَطَلْحَةَ بنَ عَمْرٍو، وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ أَيْمَنَ، وَبَشِيْرَ بنَ المُهَاجِرِ، وَفِطْرَ بنَ خَلِيْفَةَ، وَمَالِكَ بنَ مِغْوَلٍ، وَأَبَا خَلْدَةَ خَالِدَ بنَ دِيْنَارٍ، وَسُلَيْمَانَ بنَ سَيْفٍ المَكِّيَّ، وَمُوْسَى بنَ عَلِيٍّ، وَيُوْنُسَ بنَ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمِسْعَرَ بنَ كِدَامٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَشُعْبَةَ، وَالحَسَنَ بنَ صَالِحٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ حَبِيْبٍ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَزَمْعَةَ بنَ صَالِحٍ، وَإِسْرَائِيْلَ، وَشَرِيْكاً، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الغَسِيْلِ، وَابْنَ أَبِي رَوَّادٍ، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بنَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَإِيَاسَ بنَ دَغْفَلٍ، وَأَبَانَ بنَ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ نَافِعٍ المَكِّيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ سَعِيْدٍ القُرَشِيَّ،
وَبَدْرَ بنَ عُثْمَانَ، وَحَبِيْبَ بنَ جُرَيٍّ، وَالحَكَمَ بنَ مُعَاذٍ، وَخَالِدَ بنَ طَهْمَانَ، وَسَعْدَ بنَ أَوْسٍ، وَعِصَامَ بنَ قُدَامَةَ، وَالمَسْعُوْدِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الصُّفَيْرَاءِ، وَجَرِيْرَ بنَ حَازِمٍ، وَسَعِيْدَ بنَ عُبَيْدٍ الطَّائِيَّ، وَعَبِيْدَةَ بنَ أَبِي رَائِطَةَ، وَأَبَا حَنِيْفَةَ، وَابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَشَيْبَانَ النَّحْوِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ قَيْسٍ الأَسَدِيَّ، وَسَلَمَةَ بنَ نُبَيْطٍ، وَيَعْلَى بنَ الحَارِثِ المُحَارِبِيَّ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ وَأَثبَاتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ كَثِيْراً، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ مَشْيَخَتِهِ، وَرَوَى هُوَ وَالجَمَاعَةُ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَالذُّهْلِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَالدِّمَشْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَنْجَرَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ الفُرَاتِ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ سَمُّوْيَه، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مَهْدِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَبِشْرُ بنُ مُوْسَى، وَإِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيُّ، وَعُمَيْرُ بنُ مِرْدَاسٍ، وَأَحْمَدُ بنُ الهَيْثَمِ بنِ خَالِدٍ البَزَّازُ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدُوَيْه البَغْدَادِيُّ شَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ الطَّبَّاعِ، وَأَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الوَزَّانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيُّ، وَالحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ، وَفُضَيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ المَلَطِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ خُلَيدٍ الحَلَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ سَمَاعَةَ الحَضْرَمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّوْطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُوْسَى الحَمَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ القَتَّاتُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَاهَانَ المُزَنِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَحْمَسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ جَعْفَرٍ الوَشَّاءُ، وَأُمَمٌ سِوَاهُمُ.وَتَبَقَّى صِغَارُ أَصْحَابِهِ إِلَى بُعَيْدِ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ القَتَّاتِ فِي الوَفَاةِ مائَةُ عَامٍ وَعِشْرُوْنَ عَاماً.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنِ الأَعْمَشِ مِنَ الثِّقَاتِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: شَارَكْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِيْنَ شَيْخاً.
وَأَمَّا حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَتَبْتُ عَنْ نَيِّفٍ وَمائَةِ شَيْخٍ مِمَّنْ كَتَبَ عَنْهُمْ سُفْيَانَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدَةَ بنِ سُلَيْمَانَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ: يَا أَبَا نُعَيْمٍ! إِنَّمَا حَمَلْتَ عَنِ الأَعْمَشِ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ؟
فَقَالَ: وَمَنْ كُنْتُ أَنَا عِنْدَ الأَعْمَشِ؟ كُنْتُ قِرْداً بِلاَ ذَنَبٍ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: قُلْتُ لأَبِي: وَكِيْعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَيْنَ يَقَعُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: يَجِيْءُ حَدِيْثُهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ هَؤُلاَءِ، إِلاَّ أَنَّهُ كَيِّسٌ يَتَحَرَّى الصِّدْقَ.
قُلْتُ: فَأَبُو نُعَيْمٍ أَثْبَتُ
أَوْ وَكِيْعٌ؟فَقَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ أَقَلُّ خَطَأً.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ أَعْلَمُ بِالشُّيُوْخِ وَأَنسَابِهِم، وَبَالرِّجَالِ، وَوَكِيْعٌ أَفْقَهُ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: أَبُو نُعَيْمٍ أَثْبَتُ مِنْ وَكِيْعٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: أَخْطَأَ وَكِيْعٌ فِي خَمْسِ مائَةِ حَدِيْثٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: إِذَا مَاتَ أَبُو نُعَيْمٍ صَارَ كِتَابُهُ إِمَاماً، إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي شَيْءٍ فَزِعُوا إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَثْبَتَ مِنْ رَجُلَيْنِ: أَبِي نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحِ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مُحَدِّثاً أَصْدَقَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ كَانَ غَايَةً فِي الإِتْقَانِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ حَافِظاً، مُتْقِناً، لَمْ أَرَ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ مَنْ يَحْفَظُ وَيَأْتِي بِالحَدِيْثِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ لاَ يُغَيِّرُهُ سِوَى قَبِيْصَةَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي حَدِيْثِ الثَّوْرِيِّ، وَكَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَحْفَظُ حَدِيْثَ الثَّوْرِيِّ حِفْظاً جَيِّداً -يَعْنِي: الَّذِي عِنْدَهُ عَنْهُ-.قَالَ: وَهُوَ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مائَةِ حَدِيْثٍ، وَيَحْفَظُ حَدِيْثَ مِسْعَرٍ، وَهُوَ خَمْسُ مائَةِ حَدِيْثٍ، وَكَانَ لاَ يُلَقَّنُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ: خَرَجْتُ مَعَ أَحْمَدَ وَيَحْيَى إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ خَادِماً لَهُمَا.
قَالَ: فَلَمَّا عُدْنَا إِلَى الكُوْفَةِ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: أُرِيْدُ أَنْ أَختَبِرَ أَبَا نُعَيْمٍ.
فَقَالَ أَحْمَدُ: لاَ تُرِدْ، فَالرَّجُلُ ثِقَةٌ.
قَالَ يَحْيَى: لاَ بُدَّ لِي، فَأَخَذَ وَرَقَةً، فَكَتَبَ فِيْهَا ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً، وَجَعَلَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ عَشرَةٍ مِنْهَا حَدِيْثاً لَيْسَ مِنْ حَدِيْثِهِ.
ثُمَّ إِنَّهُمْ جَاؤُوا إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، فَخَرَجَ وَجَلَسَ عَلَى دُكَّانِ طِيْنٍ، وَأَخَذَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَيَحْيَى عَنْ يَسَارِهِ، وَجلَسْتُ أَسْفَلَ الدُّكَّانِ.
ثُمَّ أَخْرَجَ يَحْيَى الطَّبَقَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ عَشْرَةَ أَحَادِيْثَ، فَلَمَّا قَرَأَ الحَادِيَ عَشَرَ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيْثِي، اضرِبْ عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ الثَّانِي، وَأَبُو نُعَيْمٍ سَاكِتٌ، فَقَرَأَ الحَدِيْثَ الثَّانِيَ، فَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيْثِي، فَاضرِبْ عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ الثَّالِثَ ثُمَّ قَرَأَ الحَدِيْثَ الثَّالِثَ، فَتَغيَّرَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَانقَلَبَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى يَحْيَى، فَقَالَ: أَمَّا هَذَا - وَذِرَاعُ أَحْمَدَ بِيَدِهِ - فَأَوْرَعُ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ مِثْلَ هَذَا، وَأَمَّا هَذَا - يُرِيْدُنِي - فَأَقَلُّ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ ذَاكَ، وَلَكِنْ هَذَا مِنْ فِعْلِكَ يَا فَاعِلُ، وَأَخْرَجَ رِجْلَهُ فَرَفَسَ يَحْيَى، فَرَمَى بِهِ مِنَ
الدُّكَّانِ، وَقَامَ، فَدَخَلَ دَارَهُ.فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ ليَحْيَى: أَلَمْ أَمْنَعْكَ، وَأَقُلْ لَكَ إِنَّهُ ثَبْتٌ.
قَالَ: وَاللهِ لَرَفْسَتُهُ لِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَفْرَتِي.
قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: شَيْخَانِ كَانَ النَّاسُ يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِمَا، وَيَذْكُرُونَهُمَا، وَكُنَّا نَلْقَى مِنَ النَّاسِ فِي أَمرِهِمَا مَا اللهُ بِهِ عَلِيْمُ، قَامَا للهِ بِأَمرٍ لَمْ يَقُمْ بِهِ كَبِيْرُ أَحَدٍ: عَفَّانُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: عَنِ الكُدَيْمِيِّ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ أَبُو نُعَيْمٍ عَلَى الوَالِي لِيَمْتَحِنَهُ، وثَمَّ يُوْنُسُ، وَأَبُو غَسَّانَ، وَغَيْرُهُمَا، فَأَوَّلُ مَنِ امتُحِنَ فُلاَنٌ، فَأَجَابَ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ: قَدْ أجَابَ هَذَا، فَمَا تَقُوْلُ؟
فَقَالَ: وَاللهِ مَا زِلْتُ أتَّهِمُ جَدَّهُ بِالزَّنْدَقَةِ، وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ يَقُوْلُ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَرْمِيَ الجَمْرَةَ بِالقَوَارِيْرِ.
أَدْرَكْتُ الكُوْفَةَ وَبِهَا أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِ مائَةِ شَيْخٍ، الأَعْمَشُ فَمَنْ دُوْنَهُ يَقُوْلُوْنَ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، وَعُنُقِي أَهْوَنُ مِنْ زِرِّي هَذَا.
فَقَامَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ - وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَحْنَاءُ - وَقَالَ: جَزَاكَ اللهُ مِنْ شَيْخٍ خَيْراً.
أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، لَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: سَمِعْتُ صُليحَةَ بِنْتَ أَبِي نُعَيْمٍ تَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَنْ قَالَ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ.
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ فِي كِتَابِ (مِرْآةِ الزَّمَانِ) : قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ المُهْتَدِي: لَمَّا دَخَلَ المَأْمُوْنُ بَغْدَادَ، نَادَى بِتَرْكِ الأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وَذَلِكَ لأَنَّ الشُّيُوْخَ بَقَوا يَضْرِبُوْنَ وَيَحْبِسُوْنَ، فَنَهَاهُمُ المَأْمُوْنُ، وَقَالَ: قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ، فَمَرَّ أَبُو نُعَيْمٍ، فَرَأَى جُنْدِياً وَقَدْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ بَيْنَ فَخِذَي امْرَأَةٍ، فَنَهَاهُ بِعُنْفٍ، فَحَمَلَهُ إِلَى الوَالِي، فَيَحْمِلُهُ الوَالِي إِلَى المَأْمُوْنِ.قَالَ: فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ بُكرَةً وَهُوَ يُسبِّحُ، فَقَالَ: تَوَضَّأْ.
فَتَوَضَّأْتُ ثَلاَثاً ثَلاَثاً، عَلَى مَا رَوَاهُ عبدُ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، فصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ.
فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ؟
فَقُلْتُ: لِلأُمِّ الثُّلُثُ، وَمَا بَقِيَ لِلأَبِ.
قَالَ: فَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْهِ وَأَخَاهُ؟
قُلْتُ: المَسْأَلَةُ بحَالِهَا، وَسَقَطَ الأَخُ.
قَالَ: فَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ؟
قُلْتُ: لِلأُمِّ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ لِلأَبِ.
قَالَ: فِي قَوْلِ النَّاسِ كُلِّهِم؟
قُلْتُ: لاَ، إِنَّ جَدَّكَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مَا حَجَبَ الأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ، إِلاَّ بِثَلاَثَةِ إِخْوَةٍ.
فَقَالَ: يَا هَذَا مَنْ نَهَى مِثْلَكَ عَنِ الأَمرِ بِالمَعْرُوْفِ؟ إِنَّمَا نَهَيْنَا أَقْوَاماً يَجْعَلُوْنَ المَعْرُوْفَ مُنْكَراً، ثُمَّ خَرَجْتُ.
رَوَى المَرُّوْذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: إِنَّمَا رَفَعَ اللهُ عَفَّانَ وَأَبَا نُعَيْمِ بِالصِّدْقِ، حَتَّى نَوَّهَ بِذِكْرِهِمَا.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قُلْتُ لأَبِي دَاوُدَ: كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ حَافِظاً؟
قَالَ: جِدّاً.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءِ: كُنَّا نَهَابُ أَبَا نُعَيْمٍ أَشدَّ مِنْ هَيْبَةِ الأَمِيْرِ.قُلْتُ: وَكَانَ فِي أَبِي نُعَيْمٍ تَشَيُّعٌ خَفِيْفٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُلاعِبٍ: حَدَّثَنِي ثِقَةٌ قَالَ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَا كَتَبَتْ عَلَيَّ الحفظَةُ أَنِّي سَبَبْتُ مُعَاوِيَةَ.
وَبَلَغَنَا عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّهُ، قَالَ: حُبُّ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عبَادَةٌ، وَخَيْرُ العِبَادَةِ مَا كُتِمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ القَطَّانَ يَقُوْلُ: إِذَا وَافَقَنِي هَذَا الأَحْوَلُ -يَعْنِي: أَبَا نُعَيْمٍ- مَا أُبَالِي مَنْ خَالَفَنِي.
قَالَ يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: نُزَاحمُ بِهِ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ أَبُو نُعَيْمٍ شَهِيْداً، فَإِنَّهُ طُعِنَ فِي عُنُقِهِ، وَحَصَلَ لَهُ وَرشكين.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّنُ: رَأَيْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، وَكَلَّمْتُهُ.
قَالَ: وَمَاتَ يَوْمَ الشَّكِّ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ: إِنَّ أَبَا نُعَيْمٍ مَاتَ بِالكُوْفَةِ، لَيْلَةَ الثَّلاَثَاءِ، لانسِلاخِ شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ.
قُلْتُ: شَذَّ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى الزَّمِنُ، فَقَالَ: مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَمَانِ
عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.قَالَ بِشْرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ: رَأَيْتُ أَبَا نُعَيْمٍ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ -يَعْنِي: فِيْمَا كَانَ يَأْخُذُ عَلَى الحَدِيْثِ-.
فَقَالَ: نَظَرَ القَاضِي فِي أَمْرِي، فَوَجَدَنِي ذَا عِيَالٍ، فَعَفَا عَنِّي.
قُلْتُ: ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عَلَى الحَدِيْثِ شَيْئاً قَلِيْلاً لِفَقْرِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُوْلُ: يَلُوْمُونَنِي عَلَى الأَخْذِ وَفِي بَيْتِي ثَلاَثَةَ عَشَرَ نَفْساً، وَمَا فِي بَيْتِي رَغِيْفٌ.
قُلْتُ: لاَمُوهُ عَلَى الأَخْذِ يَعْنِي: مِنَ الإِمَامِ، لاَ مِنَ الطَّلَبَةِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو اليَمَنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ القَطِيْعِيُّ قِرَاءةً عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ، وَأَكْلَهُ، وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِيْنَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ حِيْنَ يَلْقَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ) .
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي التَّوْحِيْدِ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَحَدِيْثُ أَبِي نُعَيْمٍ كَثِيْرُ الوقُوْعِ فِي الكُتُبِ وَالأَجْزَاءِ، وَقَدْ جَمَعَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ مَا وَقَعَ لَهُ عَالِياً مِنْ حَدِيْثِ أَبِي نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، فِي جُزْءٍ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ، صَدَّرَهُ بِمَا حَدَّثَهُ ابْنُ فَارِسِ، عَنِ ابْنِ الفُرَاتِ، وَسَمُّوْيَه، كِلاَهُمَا عَنْهُ، وَعِدَّةُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُوْنَ حَدِيْثاً، بَعْضُهَا آثَارٌ.أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ قَيْمَازٍ الدَّقِيْقِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ قَوامٍ، أَخْبَرَنَا خَلِيْلُ بنُ بَدْرٍ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مجَاهِدِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الدَّوَاءِ الخَبِيْثِ.
غَرِيْبٌ، وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ الوَاسِطِيُّ، وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً، قَالُوا: أَخْبَرْنَا ابْنُ بَهْرُوزَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوْبَ -يَعْنِي: القَرَّابُ- حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الأَزْهَرِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُوْلُ:
يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ هَذَا الشَّأْنُ عَمَّنْ كَتَبَ الحَدِيْثَ يَوْمَ كَتَبَ يَدْرِي مَا كَتَبَ، صَدُوْقٌ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ، يُحَدِّثُ يَوْمَ يُحَدِّثُ يَدْرِي مَا يُحَدِّثُ.قَالَ البَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا الحَاكِمُ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا العَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَبِي مَطَرٍ البَلْخِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَابْنِ مَهْدِيٍّ، وَوَكِيْعٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَجَدُّ مِنْ وَكِيْعٍ، وَكفَاكَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ مَعْرِفَةً وَإِتقَاناً، وَمَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَوْزَنَ بِقَومٍ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ، وَأَشَدَّ تَثَبُّتاً فِي أُمُورِ الرِّجَالِ مِنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ: فَأَقَلُّ الأَرْبَعَةِ خَطَأً، وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ، مَوْضِعُ الحُجَّةِ فِي الحَدِيْثِ.
أَحْمَدُ بنُ مُلاعِبٍ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، يَقُوْلُ: لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُؤخَذَ الحَدِيْثُ إِلاَّ مِنْ حَافِظٍ لَهُ، أَمِيْنٍ لَهُ، عَارِفٍ بِالرِّجَالِ.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ ذَا دُعَابَةٍ، فَرَوَى عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ المُقَانِعِيُّ، سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ عَمْرٍو العَنْقَزِيَّ يَقُوْلُ: دَقَّ رَجُلٌ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ البَابَ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟
قَالَ: أَنَا.
قَالَ: مَنْ أَنَا؟
قَالَ: رَجُلٌ مِن وَلدِ آدَمَ.
فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو نُعَيْمٍ، وَقَبَّلَه، وَقَالَ: مَرْحَباً وَأَهْلاً، مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ هَذَا النَّسْلِ أَحَدٌ.
قُلْتُ: عَدَدُ شُيُوْخِهِ فِي (التَّهْذِيبِ) مِئَتَانِ وَثَلاَثَةُ أَنْفُسٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ القَتَّاتُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الأَحْوَلُ مِنَ العَيْنَيْنِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ.رَوَى: جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الهَاشِمِيُّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: عِنْدِي عَنْ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ سُفْيَانَ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ.
الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ: أَيَجْرِي عِنْدَكَ ابْنُ فُضَيْلٍ مَجْرَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى؟
قَالَ: لاَ، كَانَ ابْنُ فُضَيْلٍ أَسْتَرُ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ صَاحِبُ تَخْلِيْطٍ، رَوَى أَحَادِيْثَ سُوْءٍ.
قُلْتُ: فَأَبُو نُعَيْمٍ، يَجْرِي مَجْرَاهُمَا؟
قَالَ: لاَ، أَبُو نُعَيْمٍ يَقْظَانُ فِي الحَدِيْثِ، وَقَامَ فِي الأَمْرِ -يَعْنِي: المِحْنَةَ-.
ثُمَّ قَالَ: إِذَا رَفَعْتَ أَبَا نُعَيْمٍ مِنَ الحَدِيْثِ، فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَرَوَى المَرُّوْذِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ: يَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحُجَّةُ، الثَّبْتُ.
وَرَوَى المَيْمُوْنِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ أَثْنَى عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ، وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، يَقْظَانَ فِي الحَدِيْثِ، عَارِفاً بِهِ، ثُمَّ قَامَ فِي أَمْرِ الامْتِحَانِ، مَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ، عَافَاهُ اللهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: أَبُو نُعَيْمٍ مُتْقِنٌ حَافِظٌ، إِذَا رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ، فَحَدِيْثُهُ حُجَّةٌ أَحَجُّ مَا يَكُوْنُ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ مَرَّةً: حَدَّثَنَا الأَسَدُ.فَقِيْلَ: مَنْ؟
قَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَأَلْتُ عَلِيّاً: مَنْ أَوْثَقُ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ؟
قَالَ: يَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَوَكِيْعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، يَحْفَظُ حَدِيْثَ الثَّوْرِيِّ وَمِسْعَرٍ حِفْظاً جَيِّداً، كَانَ يَحْزُرُ حَدِيْثَ الثَّوْرِيِّ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مائَةٍ، وَحَدِيْثَ مِسْعَرٍ نَحْوَ خَمْسِ مائَةٍ، كَانَ يَأْتِي بِحَدِيْثِ الثَّوْرِيِّ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ لاَ يُغَيِّرُهُ، وَكَانَ لاَ يُلَقَّنُ، وَكَانَ حَافِظاً، مُتْقِناً.
وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: نَظَرَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي كُتُبِي، فَقَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَصَحَّ مِنْ كُتُبِكَ.
أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، سَمِعْتُ الكُدَيْمِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُوْلُ: كَثُرَ تَعَجُّبِي مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ: ذَهَبَ الَّذِيْنَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمُ، لَكِنِّي أَقُوْلُ:
ذَهَبَ النَّاسُ فَاسْتَقَلُّوا وَصِرْنَا ... خَلَفاً فِي أَرَاذِلِ النَّسْنَاسِ
فِي أُنَاسٍ نَعُدُّهُم مِنْ عَدِيدٍ ... فَإِذَا فُتِّشُوا فَلَيْسُوا بِنَاسِكُلَّمَا جِئْتُ أَبْتَغِي النَّيْلَ مِنْهُم ... بَدَرُوْنِي قَبْلَ السُّؤَالِ بِيَاسِ
وَبَكَوْا لِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي ... مِنْهُم قَدِ افْلَتُّ رَأْساً بِرَاسِ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=154967&book=5519#b91872
أبو طالب عبد مناف
وقيل شيبة بن عبد المطلب، شيبة الحمل بن هاشم، واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قيل: إنه أسلم. قال المصنف: ولا يصح إسلامه.
قدم بصري مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحكى عنه. روى علي قال: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمد بن أخي وكان والله صدوقاً قال: قلت له: بما بعثت يا محمد؟ قال: بصلة الأرحام، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. وقال أبو طالب: حدثني محمد أن الله أمره بصلة الأرحام، وأن نعبد الله وحده، ولا نعبد معه أحداً، ومحمد عندي الصدوق الأمين. قال أبو طالب: كنت بذي المجاز مع ابن أخي يعني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأدركني العطش، فشكوت إليه
فقلت: يا ابن أخي قد عطشت، وما قلت له ذلك وأنا أرى عنده شيئاً إلا الجزع قال: فثنى وركه ثم نزل فقال: يا عم، أعطشت؟ قال: قلت: نعم. قال: فأهوى بعقبه إلى الأرض، فإذا أنا بالماء، فقال: اشرب يا عم. قال: فشربت. وفي آخر قال: أرويت يا عم؟ قلت: نعم. وكان سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجر عمه أبي طالب بعد جده عبد المطلب، وإلى أبي طالب أوصى عبد المطلب برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال أبو طالب حين توجه إلى بصرى: من الطويل
بكى طرباً لما رآنا محمد ... كأن لا يراني راجعاً لمعاد
فبت يجافيني تهلل دمعه ... وقربته من مضجعي ووسادي
فقلت له قرب قعودك وارتحل ... ولا تخش مني جفوة ببلادي
وخل زمان العيس وارتحلن بنا ... على عزمة من أمرنا ورشاد
ورح رائحاً في الراشدين مشيعاً ... لذي رحمٍ في القوم غير معاد
فرحنا مع العير التي راح ركبها ... يؤمون من غوري أرض إياد
وحتى رأوا أخبار كل مدينة ... سجوداً له من عصبة وفراد
فما رجعوا حتى رأوا من محمد ... أحاديث تجلو غم كل فؤاد
زبيراً وتماماً وقد كلن شاهداً ... دريساً وهموا كلهم بفساد
فقال لهم قولاً بحيراً وأيقنوا ... له بعد تكذيب وطول تعاد
كما قال للرهط الذين تهودوا ... وجاهدهم في الله كل جهاد
فقال ولم يملك له النصح: رده ... فإن له أرصاد كل مضاد
فإني أخاف الحاسدين وإنه ... أخو الكتب مكتوب بكل مداد
قالوا: ولم يكن أحد يسود في الجاهلية إلا بمال إلا أبو طالب، وعتبة بن ربيعة. وقيل لتأبط شراً: أخبرنا عن أشراف العرب فقال: أفعل، سيد قريش ذو مالها، وإنما يسود في قريش ذو المال بالفعال. قال عمر بن الخطاب: إذا كان هذا المال في قريش فاض، وإذا كان في غيرها غاض. وكانت بيده السقاية، ثم أسلمها إلى العباس بن عبد المطلب، وكان نديمه مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس. وكان مسافر قد حبن، فخرج ليتداوى بالحيرة، فمات بهبالة. فقال أبو طالب يرثيه: من الخفيف
ليت شعري مسافر ابن أبي عم ... رو، وليت يقولها المحزون
كيف كانت مذاقة الموت إذ ... مت، وماذا بعد الممات يكون؟
رحل الركب قافلين إلينا ... وخليلي في مرمس مدفون
بورك الميت الغريب كما بو ... رك نضر الريحان والزيتون
ميت رزء على هبالة قد حا ... لت فياف من دونه وحزون
مدره يدفع الخصوم بأيدٍ ... وبوجه يزينه العرنين
كم خليل وصاحب وابن عمٍ ... وحميم قفت عليه المنون
فتعزيت بالجلادة والصب ... ر، وإني بصاحبي لضنين
كل من كان بالأباطح والجل ... س عليه من شيبه توشين
أصبحوا بعده كدابغة اله ... ناء منها معين وعطين
ولما هلك مسافر نادم أبو طالب عمرو بن عبد بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي. ولذلك قال عمرو بن عبد لعلي بن أبي طالب يوم الخندق حين دعاه إلى البراز: إن أباك كان لي صديقاً. وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بعثت ولي أربع عمومة، فأما العباس فيكنى بأبي الفضل، ولولده الفضل إلى يوم القيامة، وأما حمزة فيكنى بأبي يعلى، فأعلى الله قدره في الدنيا والآخرة، وأما عبد العزى فيكنى بأبي لهب، فأدخله الله النار وألهبها عليه، وأما عبد مناف فيكنى بأبي طالب، فله ولولده المطاولة والرفعة إلى يوم القيامة. وعن حبة العرني قال: رأيت علياً ضحك على المنبر ضحكاً لم أره ضحك ضحكاً أكثر منه، حتى بدت نواجذه، ثم قال: ذكرت قول أبي طالب، ظهر علينا أبو طالب، وأنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن ببطن نخلة زاد في رواية: نصلي فقال: ماذا تصنعان يا بن أخي؟ فدعاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام. فقال: ما بالذي تصنعان بأس، أو بالذي تقولان بأس، ولكن والله لا تعلوني استي أبداً. فضحك تعجباً بقول أبيه، ثم قال: اللهم لا أعرف أن عبداً لك من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك، لقد صليت قبل أن يصلي الناس سبعاً. وكان أبو طالب بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفيقاً شفيقاً، يمنعه من مشركي قريش. جاؤوه ذات صباح بعمارة بن الوليد، فقالوا له: قد عرفت حال عمارة بن الوليد في قريش،
ونحن ندفعه إليك مكان محمد، وادفعه إلينا. فقال: ما أنصفتموني، أعطيكم ابن أخي تقتلونه، وتعطوني ابن أخيكم أغذوه لكم؟! وهو الذي يقول: من الطويل
عجبت لحلمٍ يا بن شيبة حادث ... وأحلام أقوامٍ لديك سخاف
يقولون شايع من أراد محمداً ... بسوء، وقم في أمره بخلاف
أضاميم: إما حاسد ذو خيانة ... وإما قريب منك غير مصاف
فلا تركبن الدهر منك ظلامة ... وأنت امرؤ من خير عبد مناف
فإن له قربى إليك وسيلة ... وليس بذي حلف ولا بمضاف
ولكنه من هاشم في صميمها ... إلى أبحر فوق البحور طواف
فإن غضبت فيه قريش فقل لها ... بني عمنا ما قومكم بضعاف
فما قومكم بالقوم يغشون ظلمهم ... وما نحن فيما ساءكم بخفاف
وقال أبو طالب: من الطويل
كذبتم وبيت الله نبزى محمداً ... ولما نطا عن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض قوم نحوكم غير عزلٍ ... يبيض حديث عهدها بالصياقل
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى، عصمة للأرامل
جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك قد آذانا في نادينا ومسجدنا، فانهه عنا، فقال: يا عقيل، انطلق فأتني بمحمد. فانطلقت إليه، فاستخرجته من كبسٍ أو قال: حفش يقول: بيت صغير فجاء به في الظهيرة، في شدة الحر، فجعل يطلب
الفيء يمشي فيه من شدة الحر، فلما أتاهم قال أبو طالب: إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم. فحلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببصره إلى السماء فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم، قال: فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها شعلة. فقال أبو طالب: والله ما كذبنا ابن أخي، فارجعوا وفي رواية ما كذبت ابن أخي قط.
قالوا: وازداد البلاء من قبل قريش على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فائتمروا بينهم أن يكلموا أبا طالب في ابن أخيه، فإن فعل، وإلا تعاقدوا على عقد ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم حتى يدفعوه إليهم، فكتبوا في صحيفتهم عهداً بينهم ألا يناكحوا من بني عبد المطلب، ولا يبايعوهم، ولا يجالسواهم، ولا يكلموهم حتى يدفعوا إليهم محمداً، فيقتلونه. فمشوا إلى أبي طالب، وقد كتبوا كتابهم: قالوا: يا بن عبد المطلب، أنت أفضل قريش اليوم حلماً، وأكبرهم سناً، وأعظمهم شرفاً، وقد رأيت صنع ابن أخيك، والسفهاء الذين معه، الصباة المخلطين لأمرهم، إن قومك قد نفروا إلى أمر فيه صلاح قومك، وصلاحهم لك صلاح إن فعلت، وإن أبيت فقد أبلغوا إليك في العذر، وفيه هلاكك وهلاك أهل بيتك، لا يعدوكم ذلك إلى أحد غيركم، قد كتب قومك كتاباً فيه الذي تكرهون إن أبيتم أن تدفعوا إليهم حاجتهم. قال: وما حاجتكم فيما قبلي؟ قالوا: حاجتنا أن تدفع إلينا هذا الصابئ الذي فرق كلمتنا، وأفسد جماعتنا، وقطع أرحامنا، فنقتله، ونعطيك ديته. قال: لا تطيب بذلك نفسي أن أرى قاتل ابن أخي يمشي بمكة وقد أكلت ديته. قالوا: فإنا ندفعه إلى بعض العرب فيكون هو يقتله، وندفع إليك ديته، ونعطيك أي أبنائنا شئت، فيكون لك ولداً مكان هذا الصابئ. فقال لهم: ما أنصفتموني، تقتلون ابني وأغذو أولادكم؟ أولا تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لم تحن إلى غيره؟ ولكن أمر هو أجمع لكم مما أراكم تخوضون فيه، تجمعون شباب قريش، من كان منهم بسن محمد، فتقتلونهم جميعاً، وتقتلون معهم محمداً، قالوا: لا لعمر أبيك، لا لا نقتل أبناءنا وإخواننا من أجل هذا
الصابئ، ولكن سنقتله سراً أو علانية، فائتمر لذلك أمرك. فعند ذلك قال: من الطويل
كذبتم وبيت الله نترك محمداً ... ولما نضارب دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض نهضاً في نحوركم القنا ... كنهض الروايا في طريق حلاحل
وحتى نرى ذا الدرع يركب ردعه ... من الطعن مشي الأنكب المتحامل
في قولٍ كثيرٍ يقول لهم. فلما سمعت بذلك قريش، عرفوا منه الجد، يئسوا منه، وأظهروا لبني عبد المطلب العداوة، واللفظ القبيح، والشتم، وأقسموا ليقتلنه سراً أو علانية. فلما عرف أبو طالب أن القوم قاتلوا ابن أخيه إن استطاعوا، خافهم وتتابعت معهم القبائل كلها، فلما رأى ذلك أبو طالب، جمع رهطه، فانطلق بهم، فقاموا بين الأستار والكعبة، فدعوا الله على ظلمة قومهم في قطيعتهم أرحامهم، وانتهاكهم محارمهم، وتناولهم سفك دمائهم، فقال أبو طالب:
إن أبى قومنا إلا البغي علينا، فعجل نصرنا، وحل بينهم وبين الذي يريدون من قتل ابن أخي. ثم أقبل إلى جمع قريش، وهم ينظرون إليه وإلى أصحابه. فقال لهم: إنا قد دعونا رب هذا البيت على القاطع، المنتهك المحارم، والله، لتنتهن عن الذي تريدون، أو لينزلن الله بكم في قطيعتنا بعض الذي تكرهون. قال: فأجابوه أن يا بن عبد المطلب، لا صلح بيننا وبينكم أبداً، ولا رحم، إلا على قتل الصابئ السفيه. ثم عمد فدخل الشعب بابن أخيه وبني أبيه، ومن اتبعهم من بين مؤمنٍ دخل لنصر الله ونصر رسوله، ومن بين مشركٍ يحمي أنفاً، فدخلوا شعبهم، وهو شعب أبي طالب، ناحية مكة. ودعا على قومه في شعره.
قال: هشام بن عمرو العامري؛ الذي قام في نقض الصحيفة التي كتب مشركو قريش على بني هاشم في نفر قاموا معهم، منهم: مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، وزمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، وأبو البختري بن هاشم بن الحارث بن أسد بن عبد العزى، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة. تبرؤوا من الصحيفة. وفي ذلك يقول أبو طالب: من الطويل
جزى الله رهطاً من لؤي تتابعوا ... على ملأ يهدي لحزمٍ ويرشد
قعوداً لدى جنب الحطيم كأنهم ... مقاولة، بل هم أعز وأمجد
هم رجعوا سهل بن بيضاء راضياً ... فسر أبو بكر بها ومحمد
ألم يأتكم أن الصحيفة مزقت ... وأن كل ما لم يرضه الله مفسد
أعان عليها كل صقر كأنه ... شهاب بكفي قابسٍ يتوقد
جريءٍ على جل الأمور كأنه ... إذا ما مشى في رفرف الدرع أحرد
وكان سهل بن بيضاء الفهري الذي مشى إليهم في ذلك حتى اجتمعوا عليه. قالوا: وقال أبو جهل، وعتبة، وشيبة ابنا ربيعة، والعاص بن سعيد، وأمية بن خلف: يا معشر قريش، إن هذا الأمر يزداد، وإن أبا طالب ذو رأي وشرف وسن، وهو على دينكم، وهو اليوم مدنف، فامشوا إليه، فأعطوه السواء يأخذ لكم وعليكم في ابن أخيه، فإنكم إن خلوتم بعمر بن الخطاب، وحمزة بن عبد المطلب، وقد خالفا دينكم تكون الحرب بينكم وبين قومكم. فجاؤوا أبا طالب فقالوا: أنت سيدنا، وأنصفنا في أنفسنا، وقد رأيت هؤلاء السفهاء مع ابن أخيك من تركهم آلهتنا، وطعنهم في ديننا، وقد
فرق بيننا، وأكفر آلهتنا، وسب آباءنا، فأرسل إلى ابن أخيك، فأنت بيننا عدل. فأرسل أبو طالب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاه، فقال له: هؤلاء قومك وذوو أسنانهم، وأهل الشرف منهم، وهم يعطونك السواء فلا تمل عليهم كل الميل، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قولوا أسمع قولكم. فقال أبو جهل بن هشام: ترفضنا من ذكرك، ولا تكن منا ولا من آلهتنا في شيء، وندعك وربك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أعطيتكم ما سألتم، أمعطي أنتم كلمة واحدة لكم فيها خير، تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم؟ فقال أبو جهل وهو مستهزئ: نعم، لله أبوك لكلمة نعطيها وعشرة أمثالها فقال: قولوا لا إله إلا الله وحده لا شريك له. فنفروا من كلامه، وخرجوا مفارقين له. وقالوا: " امشوا، واصبروا على آلهتكم، إن هذا لشيء يراد، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق إلى قوله بل لما يذوقوا عذاب ". فكان ممشاهم إلى أبي طالب لما لقوا من عمر وسمعوا منه. وعن ابن عباس في قوله عز وجل " وهم ينهون عنه وينأون عنه " قال: نزلت في أبي طالب، كان ينهى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤذى، وينأى ويجفوا عما جاء به " وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون " يعني أبا طالب.
ولما حضرت أبا طالب الوفاة قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليك بأخوالك بني النجار، فإنهم أمنع الناس لما في بيوتهم. وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرس، وكان يرسل معه أبو طالب كل يوم رجالاً من بني هاشم يحرسونه، حتى نزلت عليه هذه الآية " والله يعصمك من الناس " فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه فقال: يا عماه، إن الله قد عصمني من الجن والأنس.
وعن أنس بن مالك قال: مرض أبو طالب، فعاده النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا بن أخي، ادع لي ربك الذي تعبده أن يعافيني. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم اشف عمي. فقام أبو طالب كأنما نشط من عقال، فقال: يا بن أخي، إن ربك الذي تعبده ليعطيك. قال: وأنت يا عماه، إن أطعت الله ليعطيك. وعنه قال: لما مرض أبو طالب مرضه الذي مات فيه، أرسل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادع ربك أن يشفيني، فإن ربك ليعطيك، وابعث إلي بقطاف من قطاف الجنة. فأرسل إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت يا عم، إن أطعت الله أطاعك. وعن عبد الله بن عمر، قال: جاء أبو بكر بأبي قحافة يقوده إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيخاً أعمى يوم الفتح، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا تركت الشيخ حتى نأتيه؟ قال: أردت يا رسول الله أن يأجره الله، أما والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحاً بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي، ألتمس بذلك قرة عينك. قال: صدقت. ولما اشتكى أبو طالب شكواه التي قبض فيها، قالت له قريش: يا أبا طالب، أرسل إلى ابن أخيك، فيرسل إليك من هذه الجنة التي ذكر شيئاً يكون لك شفاء. فخرج الرسول حتى وجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر جالساً معه، فقال: يا محمد، إن عمك يقول لك: يا بن أخي، إني كبير ضعيف سقيم، فأرسل إلي من جنتك هذه التي تذكر من طعامها وشرابها شيئاً يكون لي فيه شفاء. فقال أبو بكر: إن الله حرمهما على الكافرين. فرجع إليهم الرسول، فأخبرهم، فحملوا أنفسهم عليه حتى أرسل رسولاً من عنده، فوجده الرسول في مجلسه، فقال له مثل ذلك. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله حرمهما على الكافرين، طعامها وشرابها. ثم قام في إثر الرسول حتى دخل معه بيت أبي طالب فوجده مملوءاً رجالاً. فقال: خلوا بيني وبين عمي. قالوا: ما نحن بفاعلين، ما أنت بأحق به منا، إن كانت لك قرابة فلنا قرابة مثل قرابتك. فجلس إليه، فقال: يا عم، جزيت عني خيراً، كفلتني صغيراً وحطتني كبيراً، جزيت عني خيراً، يا عم، أعني على نفسك بكلمة واحدة أشفع لك
بها عند الله يوم القيامة. قال: وما هي يا بن أخي؟ قال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له. قال: إنك لي ناصح، والله لولا أن نعير بها فيقال خرع عمك من الموت لأقررت بها عينك. فصاح القوم: يا أبا طالب، أنت رأس الحنيفية، ملة الأشياخ. فقال: لا تحدث بيننا قريش أن عمك جزع عند الموت. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا أزال أستغفر لك ربي حتى يردني. فاستغفر له بعد ما مات، فقال المسلمون: ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا، ولذوي قرابتنا؟ قد استغفر إبراهيم لأبيه، وهذا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستغفر لعمه. فاستغفروا للمشركين حتى نزلت " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ". وفي حديث فقالوا: قد استغفر إبراهيم لأبيه، فنزلت: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " قال: لما مات على كفره تبين أنه عدو الله. قالوا: قال أبو طالب:
يا بن أخي، والله لولا رهبة أن تقول قريش دهرني الجزع، فيكون سبة عليك وعلى بني أبيك لفعلت الذي تقول، وأقررت عينك بها، لما أرى من شكرك، ووجدك بي ونصيحتك لي. ثم إن أبا طالب دعا بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد، وما اتبعتم أمره، فاتبعوه وأعينوه ترشدوا. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتأمرهم بها وتدعها لنفسك؟ فقال أبو طالب: أما إنك لو سألتني الكلمة وأنا صحيح لتابعتك على الذي تقول، ولكني أكره أن أجزع عند الموت، فترى قريش أنني أخذتها جزعاً، ورددتها في صحتي. وقيل: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رأى تكذيبهم بالحق قال: لقد دعوت قومي إلى أمر ما اشتططت في القول. فقال عمه: أجل لم تشتط. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ذلك، وأعجبه قول عمه: يا عم، لك علي كرامة، ويدك عندي حسنة، ولست أجد اليوم
ما أجزيك به، غير أني أسألك كلمة تحل لي بها الشفاعة عند ربي، أن تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تصيب بها الكرامة عند الممات، فقد حيل بينك وبين الدنيا، وتنزل بكلمتك هذه الشرف الأعلى في الآخرة الحديث، وزاد في آخره فأنزل الله عز وجل " أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين ". وعن العباس بن عبد المطلب قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، قال له نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا عم، قل كلمة واحدة أشفع لك بها يوم القيامة، لا إله إلا الله. فقال: لولا أن تكون عليك وعلى بني أبيك عبد الله غضاضة لأقررت بعينيك، ولو سألتني هذه في الحياة لفعلت. قال: وعنده جميلة ابنة حرب، حمالة الحطب، وهي تقول له: يا أبا طالب، مت على دين الأشياخ قال: فلما خفت صوته، فلم يبق منه شيء: قال: حرك شفتيه، فقال العباس: فأصغيت إليه، فقال قولاً خفياً: لا إله إلا الله. فقال العباس للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا بن أخي قد والله قال أخي الذي سألته. فقال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لم أسمعه. وعن المسيب قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، دخل عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية فقال: أي عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله. قال أبو جهل وعبد اله بن أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فنزلت " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ".
وعن علي قال: لما توفي أبو طالب أتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: إن عمك الشيخ قد مات. قال: اذهب فواره، ولا تحدث من أمره شيئاً حتى تأتيني. فواريته ثم أتيته. فقال: اذهب فاغتسل، ولا تحدث شيئاً حتى تأتيني. فاغتسلت ثم أتيته، فدعا لي بدعوات ما يسرني بهن حمر النعم وسودها. قالوا: وكان علياً إذا غسل ميتاً اغتسل. وفي رواية أخرى: إن عمك الشيخ الضال قد مات. وفي رواية: الكافر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذهب فواره. فقلت: والله لا أواريه. قال: فمن يواريه إن لم تواره؟ فانطلق فواره، فقلت له: والله، لا أواريه. فقال: فمن يواريه إن لم تواره؟ فانطلق فواره، ثم لا تحدث شيئاً حتى تأتيني الحديث ثم إنه قال: دعا لي بدعوات ما أحب لي بهن ما على الأرض من شيء. وعن ابن عباس قال: عارض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جنازة أبي طالب فقال: وصلتك رحم، جزاك الله خيراً يا عم. وعن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن لأبي طالب عندي رحماً سأبلها ببلاها.
وعن العباس أنه سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما ترجو لأبي طالب؟ قال: كل الخير أرجو من ربي. وعن علي قال: أخبرت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بموت أبي طالب فبكى، ثم قال: اذهب فغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه. ففعلت، وجعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستغفر له أياماً، ولا يخرج من بيته، حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " قال علي: وأمرني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاغتسلت.
قال الحسن: لما مات أبو طالب، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن إبراهيم ليستغفر لأبيه وهو مشرك، وأنا أستغفر لعمي حتى أبلغ، فأنزل الله عز وجل " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " يعني به أبا طالب، فاشتد على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال الله عز وجل لنبيه: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " يعني حين قال " سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا " " فلما تبين له أنه عدو الله " يعني مات على الشرك " تبرأ منه " " إن إبراهيم لحليم أواه منيب " يعني بالحليم: السيد. والأواه: الدعاء إلى الله. والمنيب: المستغفر. ذهب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي بن أبي طالب إلى قبر أبي طالب ليستغفرا له، فأنزل الله عز وجل: " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " فاشتد على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موت أبي طالب على الكفر، فأنزل الله على نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنك لا تهدي من أحببت " يعني به: أبا طالب " ولكن الله يهدي من يشاء " يعني به العباس بن عبد المطلب. وكان العباس أحب عمومة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أبي طالب إليه، لأنه كان يتيماً في حجره. ولما مات أبو طالب عرض لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سفيه من سفهاء قريش، فألقى عليه تراباً، فرجع إلى بيته، فأتته امرأة من بناته، تمسح عن وجهه التراب وتبكي. قال: فجعل يقول: أي بنية، لا تبكين، فإن الله مانع أباك. ويقول ما بين ذلك: ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب.
وعن أبي هريرة قال: لما مات أبو طالب ضرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ما أسرع ما وجدت فقدك يا عم. وعن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما زالت قريش كافة عني وفي رواية كاعةً عني حتى توفي أبو طالب. كاعة جمع كائع: وهو الجبان. يريد أنه كان يحوط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويذب عنه، وكانت قريش تكيع وتجبن عن أذاه. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمي أبي طالب، وأخٍ لي كان في الجاهلية. وعن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله ما أغنيت عن عمك، فقد كان يحوطك، ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاحٍ من النار، ولولا أنا كان في الدرك الأسفل من النار. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر عنده أبو طالب فقال: تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار، يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه.
وفي حديث: كان يحوطك وينفعك فهل تنفعه؟ قال: نعم، وجدته في غمرات النار، فأخرجته إلى ضحضاح. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن أهون أهل النار عذاباً أبو طالب، في رجليه نعلان من نارٍ يغلي منهما دماغه.
وفي حديث: وسئل عن خديجة لأنها ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن. قال: أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. وفي حديث: فقيل: إن فيها لضحضاحاً وغمراً. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نعم، إن أدنى أهل النار منزلة لمن يحذى له منها نعلان من نار يغلي من وهجهما دماغه، حتى يسيل على قوائمه. وقيل: إنه ينادي. يرى أنه لا يعذب أحد عذابه من شدة ما هو فيه. وقال علي يرثي أباه أبا طالب: من الطويل
أرقت لنوح آخر الليل غردا ... لشيخي ينعى والرئيس المسددا
أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندى ... وذا الحلم لا جلفاً ولم يك قعددا
أخا الهلك خلى ثلمةً سيدها ... بنو هاشم أو تستباح وتضهدا
فأمست قريش يفرحون لفقده ... ولست أرى حياً لشيء مخلدا
أرادت أموراً زينتها حلومهم ... ستوردهم يوماً من الغي موردا
يرجون تكذيب النبي وقتله ... وأن يفتروا بهتاً عليه ويجحدا
كذبتم وبيت الله حتى نذيقكم ... صدور العوالي والصفيح المهندا
ويبدو منا منظر ذو كريهةٍ ... إذا ما تسربلنا الحديد المسردا
فإما تبيدونا وإما نبيدكم ... وإما تروا سلم العشيرة أرشدا
وإلا فإن الحي دون محمد ... بنو هاشم خير البرية محتدا
فإن له منكم من الله ناصراً ... ولست بلاقٍ صاحب الله أوحدا
نبي أتى من كل وحي بخطةٍ ... فسماه ربي في الكتاب محمدا
أغر كنور البدر صورة وجهه ... جلا الغيم عنه ضوؤه فتعددا
أمين على ما استودع الله قلبه ... وإن قال قولاً كان فيه مسددا
توفي أبو طالب في نصف شوال في السنة العاشرة من حين تنبي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يومئذٍ ابن بضع وثمانين سنة. وتوفيت خديجة بعده بشهر وخمسة أيام، وهي يومئذٍ بنت خمس وستين سنة. فاجتمعت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصيبتان: موت خديجة، وموت أبي طالب عمه. وقيل: إن خديجة توفيت قبل أبي طالب بخمس وثلاثين ليلة.
وقيل شيبة بن عبد المطلب، شيبة الحمل بن هاشم، واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قيل: إنه أسلم. قال المصنف: ولا يصح إسلامه.
قدم بصري مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحكى عنه. روى علي قال: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمد بن أخي وكان والله صدوقاً قال: قلت له: بما بعثت يا محمد؟ قال: بصلة الأرحام، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. وقال أبو طالب: حدثني محمد أن الله أمره بصلة الأرحام، وأن نعبد الله وحده، ولا نعبد معه أحداً، ومحمد عندي الصدوق الأمين. قال أبو طالب: كنت بذي المجاز مع ابن أخي يعني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأدركني العطش، فشكوت إليه
فقلت: يا ابن أخي قد عطشت، وما قلت له ذلك وأنا أرى عنده شيئاً إلا الجزع قال: فثنى وركه ثم نزل فقال: يا عم، أعطشت؟ قال: قلت: نعم. قال: فأهوى بعقبه إلى الأرض، فإذا أنا بالماء، فقال: اشرب يا عم. قال: فشربت. وفي آخر قال: أرويت يا عم؟ قلت: نعم. وكان سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجر عمه أبي طالب بعد جده عبد المطلب، وإلى أبي طالب أوصى عبد المطلب برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال أبو طالب حين توجه إلى بصرى: من الطويل
بكى طرباً لما رآنا محمد ... كأن لا يراني راجعاً لمعاد
فبت يجافيني تهلل دمعه ... وقربته من مضجعي ووسادي
فقلت له قرب قعودك وارتحل ... ولا تخش مني جفوة ببلادي
وخل زمان العيس وارتحلن بنا ... على عزمة من أمرنا ورشاد
ورح رائحاً في الراشدين مشيعاً ... لذي رحمٍ في القوم غير معاد
فرحنا مع العير التي راح ركبها ... يؤمون من غوري أرض إياد
وحتى رأوا أخبار كل مدينة ... سجوداً له من عصبة وفراد
فما رجعوا حتى رأوا من محمد ... أحاديث تجلو غم كل فؤاد
زبيراً وتماماً وقد كلن شاهداً ... دريساً وهموا كلهم بفساد
فقال لهم قولاً بحيراً وأيقنوا ... له بعد تكذيب وطول تعاد
كما قال للرهط الذين تهودوا ... وجاهدهم في الله كل جهاد
فقال ولم يملك له النصح: رده ... فإن له أرصاد كل مضاد
فإني أخاف الحاسدين وإنه ... أخو الكتب مكتوب بكل مداد
قالوا: ولم يكن أحد يسود في الجاهلية إلا بمال إلا أبو طالب، وعتبة بن ربيعة. وقيل لتأبط شراً: أخبرنا عن أشراف العرب فقال: أفعل، سيد قريش ذو مالها، وإنما يسود في قريش ذو المال بالفعال. قال عمر بن الخطاب: إذا كان هذا المال في قريش فاض، وإذا كان في غيرها غاض. وكانت بيده السقاية، ثم أسلمها إلى العباس بن عبد المطلب، وكان نديمه مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس. وكان مسافر قد حبن، فخرج ليتداوى بالحيرة، فمات بهبالة. فقال أبو طالب يرثيه: من الخفيف
ليت شعري مسافر ابن أبي عم ... رو، وليت يقولها المحزون
كيف كانت مذاقة الموت إذ ... مت، وماذا بعد الممات يكون؟
رحل الركب قافلين إلينا ... وخليلي في مرمس مدفون
بورك الميت الغريب كما بو ... رك نضر الريحان والزيتون
ميت رزء على هبالة قد حا ... لت فياف من دونه وحزون
مدره يدفع الخصوم بأيدٍ ... وبوجه يزينه العرنين
كم خليل وصاحب وابن عمٍ ... وحميم قفت عليه المنون
فتعزيت بالجلادة والصب ... ر، وإني بصاحبي لضنين
كل من كان بالأباطح والجل ... س عليه من شيبه توشين
أصبحوا بعده كدابغة اله ... ناء منها معين وعطين
ولما هلك مسافر نادم أبو طالب عمرو بن عبد بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي. ولذلك قال عمرو بن عبد لعلي بن أبي طالب يوم الخندق حين دعاه إلى البراز: إن أباك كان لي صديقاً. وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بعثت ولي أربع عمومة، فأما العباس فيكنى بأبي الفضل، ولولده الفضل إلى يوم القيامة، وأما حمزة فيكنى بأبي يعلى، فأعلى الله قدره في الدنيا والآخرة، وأما عبد العزى فيكنى بأبي لهب، فأدخله الله النار وألهبها عليه، وأما عبد مناف فيكنى بأبي طالب، فله ولولده المطاولة والرفعة إلى يوم القيامة. وعن حبة العرني قال: رأيت علياً ضحك على المنبر ضحكاً لم أره ضحك ضحكاً أكثر منه، حتى بدت نواجذه، ثم قال: ذكرت قول أبي طالب، ظهر علينا أبو طالب، وأنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن ببطن نخلة زاد في رواية: نصلي فقال: ماذا تصنعان يا بن أخي؟ فدعاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام. فقال: ما بالذي تصنعان بأس، أو بالذي تقولان بأس، ولكن والله لا تعلوني استي أبداً. فضحك تعجباً بقول أبيه، ثم قال: اللهم لا أعرف أن عبداً لك من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك، لقد صليت قبل أن يصلي الناس سبعاً. وكان أبو طالب بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفيقاً شفيقاً، يمنعه من مشركي قريش. جاؤوه ذات صباح بعمارة بن الوليد، فقالوا له: قد عرفت حال عمارة بن الوليد في قريش،
ونحن ندفعه إليك مكان محمد، وادفعه إلينا. فقال: ما أنصفتموني، أعطيكم ابن أخي تقتلونه، وتعطوني ابن أخيكم أغذوه لكم؟! وهو الذي يقول: من الطويل
عجبت لحلمٍ يا بن شيبة حادث ... وأحلام أقوامٍ لديك سخاف
يقولون شايع من أراد محمداً ... بسوء، وقم في أمره بخلاف
أضاميم: إما حاسد ذو خيانة ... وإما قريب منك غير مصاف
فلا تركبن الدهر منك ظلامة ... وأنت امرؤ من خير عبد مناف
فإن له قربى إليك وسيلة ... وليس بذي حلف ولا بمضاف
ولكنه من هاشم في صميمها ... إلى أبحر فوق البحور طواف
فإن غضبت فيه قريش فقل لها ... بني عمنا ما قومكم بضعاف
فما قومكم بالقوم يغشون ظلمهم ... وما نحن فيما ساءكم بخفاف
وقال أبو طالب: من الطويل
كذبتم وبيت الله نبزى محمداً ... ولما نطا عن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض قوم نحوكم غير عزلٍ ... يبيض حديث عهدها بالصياقل
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى، عصمة للأرامل
جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك قد آذانا في نادينا ومسجدنا، فانهه عنا، فقال: يا عقيل، انطلق فأتني بمحمد. فانطلقت إليه، فاستخرجته من كبسٍ أو قال: حفش يقول: بيت صغير فجاء به في الظهيرة، في شدة الحر، فجعل يطلب
الفيء يمشي فيه من شدة الحر، فلما أتاهم قال أبو طالب: إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم. فحلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببصره إلى السماء فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم، قال: فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها شعلة. فقال أبو طالب: والله ما كذبنا ابن أخي، فارجعوا وفي رواية ما كذبت ابن أخي قط.
قالوا: وازداد البلاء من قبل قريش على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فائتمروا بينهم أن يكلموا أبا طالب في ابن أخيه، فإن فعل، وإلا تعاقدوا على عقد ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم حتى يدفعوه إليهم، فكتبوا في صحيفتهم عهداً بينهم ألا يناكحوا من بني عبد المطلب، ولا يبايعوهم، ولا يجالسواهم، ولا يكلموهم حتى يدفعوا إليهم محمداً، فيقتلونه. فمشوا إلى أبي طالب، وقد كتبوا كتابهم: قالوا: يا بن عبد المطلب، أنت أفضل قريش اليوم حلماً، وأكبرهم سناً، وأعظمهم شرفاً، وقد رأيت صنع ابن أخيك، والسفهاء الذين معه، الصباة المخلطين لأمرهم، إن قومك قد نفروا إلى أمر فيه صلاح قومك، وصلاحهم لك صلاح إن فعلت، وإن أبيت فقد أبلغوا إليك في العذر، وفيه هلاكك وهلاك أهل بيتك، لا يعدوكم ذلك إلى أحد غيركم، قد كتب قومك كتاباً فيه الذي تكرهون إن أبيتم أن تدفعوا إليهم حاجتهم. قال: وما حاجتكم فيما قبلي؟ قالوا: حاجتنا أن تدفع إلينا هذا الصابئ الذي فرق كلمتنا، وأفسد جماعتنا، وقطع أرحامنا، فنقتله، ونعطيك ديته. قال: لا تطيب بذلك نفسي أن أرى قاتل ابن أخي يمشي بمكة وقد أكلت ديته. قالوا: فإنا ندفعه إلى بعض العرب فيكون هو يقتله، وندفع إليك ديته، ونعطيك أي أبنائنا شئت، فيكون لك ولداً مكان هذا الصابئ. فقال لهم: ما أنصفتموني، تقتلون ابني وأغذو أولادكم؟ أولا تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لم تحن إلى غيره؟ ولكن أمر هو أجمع لكم مما أراكم تخوضون فيه، تجمعون شباب قريش، من كان منهم بسن محمد، فتقتلونهم جميعاً، وتقتلون معهم محمداً، قالوا: لا لعمر أبيك، لا لا نقتل أبناءنا وإخواننا من أجل هذا
الصابئ، ولكن سنقتله سراً أو علانية، فائتمر لذلك أمرك. فعند ذلك قال: من الطويل
كذبتم وبيت الله نترك محمداً ... ولما نضارب دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض نهضاً في نحوركم القنا ... كنهض الروايا في طريق حلاحل
وحتى نرى ذا الدرع يركب ردعه ... من الطعن مشي الأنكب المتحامل
في قولٍ كثيرٍ يقول لهم. فلما سمعت بذلك قريش، عرفوا منه الجد، يئسوا منه، وأظهروا لبني عبد المطلب العداوة، واللفظ القبيح، والشتم، وأقسموا ليقتلنه سراً أو علانية. فلما عرف أبو طالب أن القوم قاتلوا ابن أخيه إن استطاعوا، خافهم وتتابعت معهم القبائل كلها، فلما رأى ذلك أبو طالب، جمع رهطه، فانطلق بهم، فقاموا بين الأستار والكعبة، فدعوا الله على ظلمة قومهم في قطيعتهم أرحامهم، وانتهاكهم محارمهم، وتناولهم سفك دمائهم، فقال أبو طالب:
إن أبى قومنا إلا البغي علينا، فعجل نصرنا، وحل بينهم وبين الذي يريدون من قتل ابن أخي. ثم أقبل إلى جمع قريش، وهم ينظرون إليه وإلى أصحابه. فقال لهم: إنا قد دعونا رب هذا البيت على القاطع، المنتهك المحارم، والله، لتنتهن عن الذي تريدون، أو لينزلن الله بكم في قطيعتنا بعض الذي تكرهون. قال: فأجابوه أن يا بن عبد المطلب، لا صلح بيننا وبينكم أبداً، ولا رحم، إلا على قتل الصابئ السفيه. ثم عمد فدخل الشعب بابن أخيه وبني أبيه، ومن اتبعهم من بين مؤمنٍ دخل لنصر الله ونصر رسوله، ومن بين مشركٍ يحمي أنفاً، فدخلوا شعبهم، وهو شعب أبي طالب، ناحية مكة. ودعا على قومه في شعره.
قال: هشام بن عمرو العامري؛ الذي قام في نقض الصحيفة التي كتب مشركو قريش على بني هاشم في نفر قاموا معهم، منهم: مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، وزمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، وأبو البختري بن هاشم بن الحارث بن أسد بن عبد العزى، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة. تبرؤوا من الصحيفة. وفي ذلك يقول أبو طالب: من الطويل
جزى الله رهطاً من لؤي تتابعوا ... على ملأ يهدي لحزمٍ ويرشد
قعوداً لدى جنب الحطيم كأنهم ... مقاولة، بل هم أعز وأمجد
هم رجعوا سهل بن بيضاء راضياً ... فسر أبو بكر بها ومحمد
ألم يأتكم أن الصحيفة مزقت ... وأن كل ما لم يرضه الله مفسد
أعان عليها كل صقر كأنه ... شهاب بكفي قابسٍ يتوقد
جريءٍ على جل الأمور كأنه ... إذا ما مشى في رفرف الدرع أحرد
وكان سهل بن بيضاء الفهري الذي مشى إليهم في ذلك حتى اجتمعوا عليه. قالوا: وقال أبو جهل، وعتبة، وشيبة ابنا ربيعة، والعاص بن سعيد، وأمية بن خلف: يا معشر قريش، إن هذا الأمر يزداد، وإن أبا طالب ذو رأي وشرف وسن، وهو على دينكم، وهو اليوم مدنف، فامشوا إليه، فأعطوه السواء يأخذ لكم وعليكم في ابن أخيه، فإنكم إن خلوتم بعمر بن الخطاب، وحمزة بن عبد المطلب، وقد خالفا دينكم تكون الحرب بينكم وبين قومكم. فجاؤوا أبا طالب فقالوا: أنت سيدنا، وأنصفنا في أنفسنا، وقد رأيت هؤلاء السفهاء مع ابن أخيك من تركهم آلهتنا، وطعنهم في ديننا، وقد
فرق بيننا، وأكفر آلهتنا، وسب آباءنا، فأرسل إلى ابن أخيك، فأنت بيننا عدل. فأرسل أبو طالب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاه، فقال له: هؤلاء قومك وذوو أسنانهم، وأهل الشرف منهم، وهم يعطونك السواء فلا تمل عليهم كل الميل، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قولوا أسمع قولكم. فقال أبو جهل بن هشام: ترفضنا من ذكرك، ولا تكن منا ولا من آلهتنا في شيء، وندعك وربك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أعطيتكم ما سألتم، أمعطي أنتم كلمة واحدة لكم فيها خير، تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم؟ فقال أبو جهل وهو مستهزئ: نعم، لله أبوك لكلمة نعطيها وعشرة أمثالها فقال: قولوا لا إله إلا الله وحده لا شريك له. فنفروا من كلامه، وخرجوا مفارقين له. وقالوا: " امشوا، واصبروا على آلهتكم، إن هذا لشيء يراد، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق إلى قوله بل لما يذوقوا عذاب ". فكان ممشاهم إلى أبي طالب لما لقوا من عمر وسمعوا منه. وعن ابن عباس في قوله عز وجل " وهم ينهون عنه وينأون عنه " قال: نزلت في أبي طالب، كان ينهى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤذى، وينأى ويجفوا عما جاء به " وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون " يعني أبا طالب.
ولما حضرت أبا طالب الوفاة قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليك بأخوالك بني النجار، فإنهم أمنع الناس لما في بيوتهم. وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرس، وكان يرسل معه أبو طالب كل يوم رجالاً من بني هاشم يحرسونه، حتى نزلت عليه هذه الآية " والله يعصمك من الناس " فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه فقال: يا عماه، إن الله قد عصمني من الجن والأنس.
وعن أنس بن مالك قال: مرض أبو طالب، فعاده النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا بن أخي، ادع لي ربك الذي تعبده أن يعافيني. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم اشف عمي. فقام أبو طالب كأنما نشط من عقال، فقال: يا بن أخي، إن ربك الذي تعبده ليعطيك. قال: وأنت يا عماه، إن أطعت الله ليعطيك. وعنه قال: لما مرض أبو طالب مرضه الذي مات فيه، أرسل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادع ربك أن يشفيني، فإن ربك ليعطيك، وابعث إلي بقطاف من قطاف الجنة. فأرسل إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت يا عم، إن أطعت الله أطاعك. وعن عبد الله بن عمر، قال: جاء أبو بكر بأبي قحافة يقوده إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيخاً أعمى يوم الفتح، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا تركت الشيخ حتى نأتيه؟ قال: أردت يا رسول الله أن يأجره الله، أما والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحاً بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي، ألتمس بذلك قرة عينك. قال: صدقت. ولما اشتكى أبو طالب شكواه التي قبض فيها، قالت له قريش: يا أبا طالب، أرسل إلى ابن أخيك، فيرسل إليك من هذه الجنة التي ذكر شيئاً يكون لك شفاء. فخرج الرسول حتى وجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر جالساً معه، فقال: يا محمد، إن عمك يقول لك: يا بن أخي، إني كبير ضعيف سقيم، فأرسل إلي من جنتك هذه التي تذكر من طعامها وشرابها شيئاً يكون لي فيه شفاء. فقال أبو بكر: إن الله حرمهما على الكافرين. فرجع إليهم الرسول، فأخبرهم، فحملوا أنفسهم عليه حتى أرسل رسولاً من عنده، فوجده الرسول في مجلسه، فقال له مثل ذلك. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله حرمهما على الكافرين، طعامها وشرابها. ثم قام في إثر الرسول حتى دخل معه بيت أبي طالب فوجده مملوءاً رجالاً. فقال: خلوا بيني وبين عمي. قالوا: ما نحن بفاعلين، ما أنت بأحق به منا، إن كانت لك قرابة فلنا قرابة مثل قرابتك. فجلس إليه، فقال: يا عم، جزيت عني خيراً، كفلتني صغيراً وحطتني كبيراً، جزيت عني خيراً، يا عم، أعني على نفسك بكلمة واحدة أشفع لك
بها عند الله يوم القيامة. قال: وما هي يا بن أخي؟ قال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له. قال: إنك لي ناصح، والله لولا أن نعير بها فيقال خرع عمك من الموت لأقررت بها عينك. فصاح القوم: يا أبا طالب، أنت رأس الحنيفية، ملة الأشياخ. فقال: لا تحدث بيننا قريش أن عمك جزع عند الموت. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا أزال أستغفر لك ربي حتى يردني. فاستغفر له بعد ما مات، فقال المسلمون: ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا، ولذوي قرابتنا؟ قد استغفر إبراهيم لأبيه، وهذا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستغفر لعمه. فاستغفروا للمشركين حتى نزلت " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ". وفي حديث فقالوا: قد استغفر إبراهيم لأبيه، فنزلت: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " قال: لما مات على كفره تبين أنه عدو الله. قالوا: قال أبو طالب:
يا بن أخي، والله لولا رهبة أن تقول قريش دهرني الجزع، فيكون سبة عليك وعلى بني أبيك لفعلت الذي تقول، وأقررت عينك بها، لما أرى من شكرك، ووجدك بي ونصيحتك لي. ثم إن أبا طالب دعا بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد، وما اتبعتم أمره، فاتبعوه وأعينوه ترشدوا. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتأمرهم بها وتدعها لنفسك؟ فقال أبو طالب: أما إنك لو سألتني الكلمة وأنا صحيح لتابعتك على الذي تقول، ولكني أكره أن أجزع عند الموت، فترى قريش أنني أخذتها جزعاً، ورددتها في صحتي. وقيل: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رأى تكذيبهم بالحق قال: لقد دعوت قومي إلى أمر ما اشتططت في القول. فقال عمه: أجل لم تشتط. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ذلك، وأعجبه قول عمه: يا عم، لك علي كرامة، ويدك عندي حسنة، ولست أجد اليوم
ما أجزيك به، غير أني أسألك كلمة تحل لي بها الشفاعة عند ربي، أن تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تصيب بها الكرامة عند الممات، فقد حيل بينك وبين الدنيا، وتنزل بكلمتك هذه الشرف الأعلى في الآخرة الحديث، وزاد في آخره فأنزل الله عز وجل " أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين ". وعن العباس بن عبد المطلب قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، قال له نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا عم، قل كلمة واحدة أشفع لك بها يوم القيامة، لا إله إلا الله. فقال: لولا أن تكون عليك وعلى بني أبيك عبد الله غضاضة لأقررت بعينيك، ولو سألتني هذه في الحياة لفعلت. قال: وعنده جميلة ابنة حرب، حمالة الحطب، وهي تقول له: يا أبا طالب، مت على دين الأشياخ قال: فلما خفت صوته، فلم يبق منه شيء: قال: حرك شفتيه، فقال العباس: فأصغيت إليه، فقال قولاً خفياً: لا إله إلا الله. فقال العباس للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا بن أخي قد والله قال أخي الذي سألته. فقال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لم أسمعه. وعن المسيب قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، دخل عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية فقال: أي عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله. قال أبو جهل وعبد اله بن أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فنزلت " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ".
وعن علي قال: لما توفي أبو طالب أتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: إن عمك الشيخ قد مات. قال: اذهب فواره، ولا تحدث من أمره شيئاً حتى تأتيني. فواريته ثم أتيته. فقال: اذهب فاغتسل، ولا تحدث شيئاً حتى تأتيني. فاغتسلت ثم أتيته، فدعا لي بدعوات ما يسرني بهن حمر النعم وسودها. قالوا: وكان علياً إذا غسل ميتاً اغتسل. وفي رواية أخرى: إن عمك الشيخ الضال قد مات. وفي رواية: الكافر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذهب فواره. فقلت: والله لا أواريه. قال: فمن يواريه إن لم تواره؟ فانطلق فواره، فقلت له: والله، لا أواريه. فقال: فمن يواريه إن لم تواره؟ فانطلق فواره، ثم لا تحدث شيئاً حتى تأتيني الحديث ثم إنه قال: دعا لي بدعوات ما أحب لي بهن ما على الأرض من شيء. وعن ابن عباس قال: عارض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جنازة أبي طالب فقال: وصلتك رحم، جزاك الله خيراً يا عم. وعن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن لأبي طالب عندي رحماً سأبلها ببلاها.
وعن العباس أنه سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما ترجو لأبي طالب؟ قال: كل الخير أرجو من ربي. وعن علي قال: أخبرت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بموت أبي طالب فبكى، ثم قال: اذهب فغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه. ففعلت، وجعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستغفر له أياماً، ولا يخرج من بيته، حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " قال علي: وأمرني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاغتسلت.
قال الحسن: لما مات أبو طالب، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن إبراهيم ليستغفر لأبيه وهو مشرك، وأنا أستغفر لعمي حتى أبلغ، فأنزل الله عز وجل " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " يعني به أبا طالب، فاشتد على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال الله عز وجل لنبيه: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " يعني حين قال " سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا " " فلما تبين له أنه عدو الله " يعني مات على الشرك " تبرأ منه " " إن إبراهيم لحليم أواه منيب " يعني بالحليم: السيد. والأواه: الدعاء إلى الله. والمنيب: المستغفر. ذهب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي بن أبي طالب إلى قبر أبي طالب ليستغفرا له، فأنزل الله عز وجل: " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " فاشتد على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موت أبي طالب على الكفر، فأنزل الله على نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنك لا تهدي من أحببت " يعني به: أبا طالب " ولكن الله يهدي من يشاء " يعني به العباس بن عبد المطلب. وكان العباس أحب عمومة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أبي طالب إليه، لأنه كان يتيماً في حجره. ولما مات أبو طالب عرض لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سفيه من سفهاء قريش، فألقى عليه تراباً، فرجع إلى بيته، فأتته امرأة من بناته، تمسح عن وجهه التراب وتبكي. قال: فجعل يقول: أي بنية، لا تبكين، فإن الله مانع أباك. ويقول ما بين ذلك: ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب.
وعن أبي هريرة قال: لما مات أبو طالب ضرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ما أسرع ما وجدت فقدك يا عم. وعن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما زالت قريش كافة عني وفي رواية كاعةً عني حتى توفي أبو طالب. كاعة جمع كائع: وهو الجبان. يريد أنه كان يحوط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويذب عنه، وكانت قريش تكيع وتجبن عن أذاه. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمي أبي طالب، وأخٍ لي كان في الجاهلية. وعن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله ما أغنيت عن عمك، فقد كان يحوطك، ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاحٍ من النار، ولولا أنا كان في الدرك الأسفل من النار. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر عنده أبو طالب فقال: تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار، يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه.
وفي حديث: كان يحوطك وينفعك فهل تنفعه؟ قال: نعم، وجدته في غمرات النار، فأخرجته إلى ضحضاح. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن أهون أهل النار عذاباً أبو طالب، في رجليه نعلان من نارٍ يغلي منهما دماغه.
وفي حديث: وسئل عن خديجة لأنها ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن. قال: أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. وفي حديث: فقيل: إن فيها لضحضاحاً وغمراً. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نعم، إن أدنى أهل النار منزلة لمن يحذى له منها نعلان من نار يغلي من وهجهما دماغه، حتى يسيل على قوائمه. وقيل: إنه ينادي. يرى أنه لا يعذب أحد عذابه من شدة ما هو فيه. وقال علي يرثي أباه أبا طالب: من الطويل
أرقت لنوح آخر الليل غردا ... لشيخي ينعى والرئيس المسددا
أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندى ... وذا الحلم لا جلفاً ولم يك قعددا
أخا الهلك خلى ثلمةً سيدها ... بنو هاشم أو تستباح وتضهدا
فأمست قريش يفرحون لفقده ... ولست أرى حياً لشيء مخلدا
أرادت أموراً زينتها حلومهم ... ستوردهم يوماً من الغي موردا
يرجون تكذيب النبي وقتله ... وأن يفتروا بهتاً عليه ويجحدا
كذبتم وبيت الله حتى نذيقكم ... صدور العوالي والصفيح المهندا
ويبدو منا منظر ذو كريهةٍ ... إذا ما تسربلنا الحديد المسردا
فإما تبيدونا وإما نبيدكم ... وإما تروا سلم العشيرة أرشدا
وإلا فإن الحي دون محمد ... بنو هاشم خير البرية محتدا
فإن له منكم من الله ناصراً ... ولست بلاقٍ صاحب الله أوحدا
نبي أتى من كل وحي بخطةٍ ... فسماه ربي في الكتاب محمدا
أغر كنور البدر صورة وجهه ... جلا الغيم عنه ضوؤه فتعددا
أمين على ما استودع الله قلبه ... وإن قال قولاً كان فيه مسددا
توفي أبو طالب في نصف شوال في السنة العاشرة من حين تنبي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يومئذٍ ابن بضع وثمانين سنة. وتوفيت خديجة بعده بشهر وخمسة أيام، وهي يومئذٍ بنت خمس وستين سنة. فاجتمعت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصيبتان: موت خديجة، وموت أبي طالب عمه. وقيل: إن خديجة توفيت قبل أبي طالب بخمس وثلاثين ليلة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155938&book=5519#d5fdd9
أَبُو حَنِيْفَةَ النُّعْمَانُ بنُ ثَابِتِ التَّيْمِيُّ
الإِمَامُ، فَقِيْهُ المِلَّةِ، عَالِمُ العِرَاقِ، أَبُو حَنِيْفَةَ النُّعْمَانُ بنُ ثَابِتِ بنِ زُوْطَى التَّيْمِيُّ، الكُوْفِيُّ، مَوْلَى بَنِي تَيْمِ اللهِ بنِ ثَعْلَبَةَ.
يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ أَبْنَاءِ الفُرسِ.
وُلدَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ، فِي حَيَاةِ صِغَارِ الصَّحَابَةِ.وَرَأَى: أَنَسَ بنَ مَالِكٍ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمُ الكُوْفَةَ، وَلَمْ يَثبُتْ لَهُ حَرفٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُم.
وَرَوَى عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ، وَأَفْضَلُهُم - عَلَى مَا قَالَ -.
وَعَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَعَنْ: طَاوُوْسٍ - وَلَمْ يَصِحَّ -.
وَعَنْ: جَبَلَةَ بنِ سُحَيْمٍ، وَعَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، وَعِكْرِمَةَ - وَفِي لُقِيِّهِ لَهُ نَظَرٌ - وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بنِ نَافِعٍ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَقَتَادَةَ، وَقَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، وَعَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، وَالقَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَمُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، وَالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، وَعَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، وَعَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، وَعَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، وَحَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ - وَبِهِ تَفَقَّهَ - وَزِيَادِ
بنِ عِلاَقَةَ، وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، وَعَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَسَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ، وَابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَمُسْلِمٍ البَطِيْنِ، وَيَزِيْدَ بنِ صُهَيْبٍ الفَقِيْرِ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَأَبِي حَصِيْنٍ الأَسَدِيِّ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَنَاصِحٍ المُحَلِّمِيِّ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.حَتَّى إِنَّهُ رَوَى عَنْ: شَيْبَانَ النَّحْوِيِّ - وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ - وَعَنْ: مَالِكِ بنِ أَنَسٍ - وَهُوَ كَذَلِكَ -.
وَعُنِيَ بِطَلَبِ الآثَارِ، وَارْتَحَلَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الفِقْهُ وَالتَّدْقِيْقُ فِي الرَّأْيِ وَغوَامِضِهِ، فَإِلَيْهِ المُنْتَهَى، وَالنَّاسُ عَلَيْهِ عِيَالٌ فِي ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: خَلْقٌ كَثِيْرٌ، ذَكَرَ مِنْهُم شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِي (تَهْذِيْبِهِ) هَؤُلاَءِ عَلَى المُعْجَمِ:إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ - عَالِمُ خُرَاسَانَ - وَأَبْيَضُ بنُ الأَغَرِّ بنِ الصَّبَّاحِ المِنْقَرِيُّ، وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، وَأَسَدُ بنُ عَمْرٍو البَجَلِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ يَحْيَى الصَّيْرَفِيُّ، وَأَيُّوْبُ بنُ هَانِئ.
وَالجَارُوْدُ بنُ يَزِيْدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ.
وَالحَارِثُ بنُ نَبْهَانَ، وَحَيَّانُ بنُ عَلِيٍّ العَنَزِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ فُرَاتٍ القَزَّازُ، وَالحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَطِيَّةَ العَوْفِيُّ، وَحَفْصُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَاضِي، وَحَكَّامُ بنُ سَلْمٍ، وَأَبُو مُطِيْعٍ الحَكَمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَابْنُهُ؛ حَمَّادُ بنُ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ -.
وَخَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ.
وَزُفَرُ بنُ الهُذَيْلِ التَّمِيْمِيُّ الفَقِيْهُ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ.
وَسَابِقٌ الرَّقِّيُّ، وَسَعْدُ بنُ الصَّلْتِ القَاضِي، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي الجَهْمِ القَابُوْسِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ سَلاَّمٍ العَطَّارُ، وَسَلْمُ بنُ سَالِمٍ البَلْخِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَمْرٍو النَّخَعِيُّ، وَسَهْلُ بنُ مُزَاحِمٍ.
وَشُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ، وَالصَّبَّاحُ بنُ مُحَارِبٍ، وَالصَّلْتُ بنُ الحَجَّاجِ.
وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَعَامِرُ بنُ الفُرَاتِ، وَعَائِذُ بنُ حَبِيْبٍ، وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ المُقْرِئُ، وَأَبُو يَحْيَى عَبْدُ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ خَالِدٍ - تِرْمِذِيٌّ - وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيُّ، وَعَبْدُ المَجِيْدِ بنُ أَبِي رَوَّادٍ، وَعَبْدُ الوَارِثِ التَّنُّوْرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ القُرَشِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَعَتَّابُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بنُ ظَبْيَانَ القَاضِي، وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ القَاضِي، وَعَمْرُو بنُ مُحَمَّدٍ العَنْقَزِيُّ، وَأَبُو قُطْنٍ عَمْرُو بنُ الهَيْثَمِ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
وَالفَضْلُ بنُ مُوْسَى، وَالقَاسِمُ بنُ الحَكَمِ العُرَنِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ.
وَمُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ العَنْبَرِيُّ - كُوْفِيٌّ - وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَتَشَ، وَمُحَمَّدُ
بنُ الحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ عَطِيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ الأَسَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَسْرُوْقٍ الكُوْفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الوَاسِطِيُّ، وَمَرْوَانُ بنُ سَالِمٍ، وَمُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، وَالمُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ.وَنَصْرُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ البَلْخِيُّ الصَّيْقَلُ، وَنَصْرُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ العَتَكِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ النَّضْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَزْدِيُّ، وَالنَّضْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، وَالنُّعْمَانُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَنُوْحُ بنُ دَرَّاجٍ القَاضِي، وَنُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الجَامِعُ، وَهُشَيْمٌ، وَهَوْذَةُ، وَهَيَّاجُ بنُ بِسْطَامَ، وَوَكِيْعٌ، وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ المِصْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ نَصْرِ بنِ حَاجِبٍ، وَيَحْيَى بنُ يَمَانٍ، وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَيُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ، وَأَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، وَأَبُو مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو يُوْسُفَ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: أَبُو حَنِيْفَةَ: تَيْمِيٌّ، مِنْ رَهطِ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، كَانَ خَزَّازاً يَبِيْعُ الخَزَّ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ حَمَّادِ بنِ أَبِي حَنِيْفَةَ: أَمَّا زُوْطَى: فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ كَابُلَ، وَوُلِدَ ثَابِتٌ عَلَى الإِسْلاَمِ.
وَكَانَ زُوْطَى مَمْلُوْكاً لِبَنِي تَيْمِ اللهِ بنِ ثَعْلَبَةَ، فَأُعتِقَ، فَوَلاَؤُهُ لَهُم، ثُمَّ لِبَنِي قَفْلٍ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ خَزَّازاً، وَدُكَّانُه مَعْرُوْفٌ فِي دَارِ عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ.
وَقَالَ النَّضْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ: عَنْ يَحْيَى بنِ النَّضْرِ، قَالَ: كَانَ وَالِدُ أَبِي حَنِيْفَةَ مِنْ نَسَا.
وَرَوَى: سُلَيْمَانُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنِ الحَارِثِ بنِ إِدْرِيْسَ، قَالَ: أَبُو حَنِيْفَةَ أَصلُهُ مِنْ تِرْمِذَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِي: أَبُو حَنِيْفَةَ مِنْ أَهْلِ بَابِلَ.
وَرَوَى: أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ البُهْلُوْلِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: ثَابِتٌ وَالِدُ أَبِي حَنِيْفَةَ مِنْ أَهْلِ الأَنْبَارِ.مُكْرَمُ بنُ أَحْمَدَ القَاضِي: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ شَاذَانَ المَرْوَزِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ:
أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمَّادِ بنِ أَبِي حَنِيْفَةَ النُّعْمَانِ بنِ ثَابِتِ بنِ المَرْزُبَانِ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ الأَحرَارِ، وَاللهِ مَا وَقَعَ عَلَيْنَا رِقٌّ قَطُّ.
وُلدَ جَدِّي فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ، وَذَهَبَ ثَابِتٌ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ صَغِيْرٌ، فَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ فِيْهِ وَفِي ذُرِّيَتِه، وَنَحْنُ نَرْجُو مِنَ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ اسْتَجَابَ ذَلِكَ لِعَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِيْنَا.
قَالَ: وَالنُّعْمَانُ بنُ المَرْزُبَانِ وَالِدُ ثَابِتٍ هُوَ الَّذِي أَهْدَى لِعَلِيٍّ الفَالُوْذَجَ فِي يَوْمِ النَّيْرُوْزِ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: نَوْرِزُوْنَا كُلَّ يَوْمٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ ذَلِكَ فِي المَهرجَانِ، فَقَالَ: مَهْرِجُوْنَا كُلَّ يَوْمٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ العَوْفِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ ثِقَةً، لاَ يُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ إِلاَّ بِمَا يَحْفَظُه، وَلاَ يُحَدِّثُ بِمَا لاَ يَحْفَظُ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ ثِقَةً فِي الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بن مُحْرِزٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ، وَلَمْ يُتَّهَمْ بِالكَذِبِ، وَلَقَدْ ضَرَبَه ابْنُ هُبَيْرَةَ عَلَى القَضَاءِ، فَأَبَى أَنْ يَكُوْنَ قَاضِياً.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَلاَّنَ كِتَابَةً، أَنْبَأَنَا الكِنْدِيُّ، أَنْبَأَنَا القَزَّازُ، أَنْبَأَنَا الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا الخَلاَّلُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ عَمْرٍو الحَرِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَاسٍ النَّخَعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الصَّيْدَنَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ شُجَاعِ بنِ الثَّلْجِيِّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِي يُوْسُفَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: لَمَّا أَرَدْتُ طَلَبَ العِلْمِ، جَعَلتُ أَتَخَيَّرُ العُلُوْمَ، وَأَسْأَلُ عَنْ عَوَاقِبِهَا. فَقِيْلَ: تَعَلَّمِ
القُرْآنَ.فَقُلْتُ: إِذَا حَفِظتُه فَمَا يَكُوْنَ آخِرُهُ؟
قَالُوا: تَجْلِسُ فِي المَسْجِدِ، فَيَقرَأُ عَلَيْكَ الصِّبْيَانُ وَالأَحدَاثُ، ثُمَّ لاَ يَلْبَثُ أَنْ يَخْرُجَ فِيْهِم مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْكَ، أَوْ مُسَاوِيكَ، فَتَذهَبُ رِئَاسَتُكَ.
قُلْتُ: مَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِلرِّئَاسَةِ قَدْ يُفِكِّرُ فِي هَذَا، وَإِلاَّ فَقَدْ ثَبَتَ قَوْلُ المُصْطَفَى - صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِ -: (أَفْضَلُكُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) .
يَا سُبْحَانَ اللهِ! وَهَلْ مَحَلٌّ أَفْضَلُ مِنَ المَسْجِدِ؟ وَهَلْ نَشْرٌ لِعِلمٍ يُقَارِبُ تَعْلِيْمَ القُرْآنِ؟ كَلاَّ وَاللهِ، وَهَلْ طَلَبَةٌ خَيْرٌ مِنَ الصِّبْيَانِ الَّذِيْنَ لَمْ يَعْمَلُوا الذُّنُوبَ؟!
وَأَحسِبُ هَذِهِ الحِكَايَةَ مَوْضُوْعَةً، فَفِي إِسْنَادِهَا مَنْ لَيْسَ بِثِقَةٍ.
تَتِمَّةُ الحِكَايَةِ: قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ سَمِعْتُ الحَدِيْثَ وَكَتَبتُه حَتَّى لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا أَحْفَظُ مِنِّي؟
قَالُوا: إِذَا كَبِرتَ وَضَعُفْتَ، حَدَّثتَ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْكَ هَؤُلاَءِ الأَحْدَاثُ وَالصِّبْيَانُ، ثُمَّ لَمْ تَأمَنْ أَنْ تَغلَطَ، فَيَرمُوكَ بِالكَذِبِ، فَيَصِيْرُ عَاراً عَلَيْكَ فِي عَقِبِكَ.
فَقُلْتُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِي هَذَا.
قُلْتُ: الآنَ كَمَا جَزَمتُ بِأَنَّهَا حِكَايَةٌ مُختَلَقَةٌ، فَإِنَّ الإِمَامَ أَبَا حَنِيْفَةَ طَلَبَ الحَدِيْثَ، وَأَكْثَرَ مِنْهُ فِي سَنَةِ مائَةٍ وَبَعدَهَا، وَلَمْ يَكُنْ إِذْ ذَاكَ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ الصِّبْيَانُ، هَذَا اصْطِلاَحٌ وُجِدَ بَعْدَ ثَلاَثِ مائَةِ سَنَةٍ، بَلْ كَانَ يَطْلُبُه كِبَارُ العُلَمَاءِ، بَلْ لَمْ يَكُنْ لِلْفُقَهَاءِ عِلْمٌ بَعْدَ القُرْآنِ سِوَاهُ، وَلاَ كَانَتْ قَدْ دُوِّنَتْ كُتُبُ الفِقْهِ أَصلاً.
ثُمَّ قَالَ: قُلْتُ: أَتَعَلَّمُ النَّحْوَ.
فَقُلْتُ: إِذَا حَفِظتُ النَّحْوَ وَالعَرَبِيَّةَ، مَا يَكُوْنَ
آخِرُ أَمْرِي؟قَالُوا: تَقعُدُ مُعَلِّماً، فَأَكْثَرُ رِزْقِكَ دِيْنَارَانِ إِلَى ثَلاَثَةٍ.
قُلْتُ: وَهَذَا لاَ عَاقِبَةَ لَهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ نَظَرتُ فِي الشِّعرِ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشعَرُ مِنِّي؟
قَالُوا: تَمدَحُ هَذَا فَيَهَبُ لَكَ، أَوْ يَخلَعُ عَلَيْكَ، وَإِنْ حَرَمَكَ هَجَوتَه.
قُلْتُ: لاَ حَاجَةَ فِيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ نَظَرتُ فِي الكَلاَمِ، مَا يَكُوْنُ آخِرُ أَمرِهِ؟
قَالُوا: لاَ يَسْلَمُ مَنْ نَظَرَ فِي الكَلاَمِ مِنْ مُشَنَّعَاتِ الكَلاَمِ، فَيُرمَى بِالزَّنْدَقَةِ، فَيُقتَلُ، أَوْ يَسلَمُ مَذْمُوْماً.
قُلْتُ: قَاتَلَ اللهُ مَنْ وَضَعَ هَذِهِ الخُرَافَةَ، وَهَلْ كَانَ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ وُجِدَ عِلْمُ الكَلاَمِ؟!!
قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ تَعَلَّمتُ الفِقْهَ؟
قَالُوا: تُسْأَلُ، وَتُفتِي النَّاسَ، وَتُطلَبُ لِلْقَضَاءِ، وَإِنْ كُنْتَ شَابّاً.
قُلْتُ: لَيْسَ فِي العُلُوْمِ شَيْءٌ أَنفَعُ مِنْ هَذَا، فَلَزِمتُ الفِقْهَ، وَتَعَلَّمْتُهُ.
وَبِهِ: إِلَى ابْنِ كَاسٍ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ حَمَّادٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ زُفَرَ بنِ الهُذَيْلِ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَنظُرُ فِي الكَلاَمِ حَتَّى بَلَغتُ فِيْهِ مَبْلَغاً يُشَارُ إِلَيَّ فِيْهِ بِالأَصَابِعِ، وَكُنَّا نَجلِسُ بِالقُرْبِ مِنْ حَلْقَةِ حَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، فَجَاءتْنِي امْرَأَةٌ يَوْماً، فَقَالَتْ لِي: رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ أَمَةٌ، أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِلسُّنَّةِ، كَمْ يُطَلَّقُهَا؟
فَلَمْ أَدرِ مَا أَقُوْلُ، فَأَمَرتُهَا أَنْ تَسْأَلَ حَمَّاداً، ثُمَّ تَرْجِعَ تُخْبِرَنِي.
فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: يُطَلِّقُهَا وَهِيَ طَاهِرٌ مِنَ الحَيْضِ وَالجِمَاعِ تَطْلِيقَةً، ثُمَّ يَترُكُهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَتَيْنِ، فَإِذَا اغْتَسَلتْ، فَقَدْ حَلَّتْ لِلأَزْوَاجِ.
فَرَجَعَتْ، فَأَخْبَرَتْنِي.
فَقُلْتُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِي الكَلاَمِ، وَأَخَذتُ نَعْلِي، فَجَلَستُ إِلَى حَمَّادٍ، فَكُنْتُ أَسْمَعُ مَسَائِلَه، فَأَحْفَظُ قَوْلَه، ثُمَّ يُعِيْدُهَا مِنَ الغَدِ، فَأَحْفَظُهَا، وَيُخْطِئُ أَصْحَابُه.
فَقَالَ: لاَ يَجْلِسْ فِي صَدْرِ الحَلْقَةِ بِحِذَائِي غَيْرُ أَبِي حَنِيْفَةَ.
فَصَحِبتُه عَشْرَ سِنِيْنَ، ثُمَّ نَازَعَتنِي نَفْسِي الطَّلَبَ لِلرِّئَاسَةِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعتَزِلَه وَأَجلِسَ فِي حَلْقَةٍ لِنَفْسِي، فَخَرَجتُ يَوْماً
بِالعَشِيِّ وَعَزمِي أَنْ أَفْعَلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُه، لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَعتَزِلَه.فَجَاءهُ تِلْكَ اللَّيلَةَ نَعْيُ قَرَابَةٍ لَهُ قَدْ مَاتَ بِالبَصْرَةِ، وَتَرَكَ مَالاً، وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَجلِسَ مَكَانَه.
فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ خَرَجَ حَتَّى وَرَدَتْ عَلَيَّ مَسَائِلُ لَمْ أَسْمَعْهَا مِنْهُ، فَكُنْتُ أُجِيْبُ وَأَكتُبُ جَوَابِي، فَغَابَ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ قَدِمَ.
فَعَرَضتُ عَلَيْهِ المَسَائِلَ، وَكَانَتْ نَحْواً مِنْ سِتِّيْنَ مَسْأَلَةً، فَوَافَقَنِي فِي أَرْبَعِيْنَ، وَخَالَفَنِي فِي عِشْرِيْنَ، فَآلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَلاَّ أُفَارِقَه حَتَّى يَمُوْتَ.
وَهَذِهِ أَيْضاً اللهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا، وَمَا عَلِمْنَا أَنَّ الكَلاَمَ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ كَانَ لَهُ وَجُوْدٌ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: قَدِمْتُ البَصْرَةَ، فَظَنَنْتُ أَنِّي لاَ أُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَجَبتُ فِيْهِ، فَسَأَلُونِي عَنْ أَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي فِيْهَا جَوَابٌ، فَجَعَلتُ عَلَى نَفْسِي أَلاَّ أُفَارِقَ حَمَّاداً حَتَّى يَمُوْتَ، فَصَحِبتُه ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً.
شُعَيْبُ بنُ أَيُّوْبَ الصَّرِيْفِيْنِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ رُؤْيَا أَفزَعَتْنِي، رَأَيْتُ كَأَنِّي أَنبُشُ قَبْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَيْتُ البَصْرَةَ، فَأَمَرتُ رَجُلاً يَسْأَلُ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ.
فَسَأَلَه، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ يَنبُشُ أَخْبَارَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
المُحَدِّثُ مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُزَاحِمٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
لَوْلاَ أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي بِأَبِي حَنِيْفَةَ وَسُفْيَانَ، كُنْتُ كَسَائِرِ النَّاسِ.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ، حَدَّثَنِي حُجْرُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، قَالَ:
قِيْلَ لِلْقَاسِمِ بنِ مَعْنٍ: تَرضَى أَنْ تَكُوْنَ مِنْ غِلمَانِ أَبِي حَنِيْفَةَ؟
قَالَ: مَا جَلَسَ النَّاسُ إِلَى أَحَدٍ أَنْفَعَ مِنْ مُجَالَسَةِ أَبِي حَنِيْفَةَ.
وَقَالَ لَهُ القَاسِمُ: تَعَالَ مَعِي
إِلَيْهِ.فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ، لَزِمَه، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا.
مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضَّرِيْسِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الصَّبَّاحِ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ قَالَ:
قِيْلَ لِمَالِكٍ: هَلْ رَأَيْتَ أَبَا حَنِيْفَةَ؟
قَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ رَجُلاً لَوْ كُلَّمَكَ فِي هَذِهِ السَّارِيَةِ أَنْ يَجْعَلَهَا ذَهَباً، لَقَامَ بِحُجَّتِه.
وَعَنْ أَسَدِ بنِ عَمْرٍو: أَنَّ أَبَا حَنِيْفَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- صَلَّى العِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوْءِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَرَوَى: بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ، عَنِ القَاضِي أَبِي يُوْسُفَ، قَالَ:
بَيْنَمَا أَنَا أَمشِي مَعَ أَبِي حَنِيْفَةَ، إِذْ سَمِعْتُ رَجُلاً يَقُوْلُ لآخَرَ: هَذَا أَبُو حَنِيْفَةَ لاَ يَنَامُ اللَّيلَ.
فَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: وَاللهِ لاَ يُتَحَدَّثُ عَنِّي بِمَا لَمْ أَفْعَلْ، فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاَةً، وَتَضَرُّعاً، وَدُعَاءً.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَنَّ أَبَا حَنِيْفَةَ قَرَأَ القُرْآنَ كُلَّهُ فِي رَكْعَةٍ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُغِيْرَةِ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ شَيْخاً يُفْتِي النَّاسَ بِمَسْجِدِ الكُوْفَةِ، عَلَى رَأْسِهِ قَلَنْسُوَةٌ سَوْدَاءُ طَوِيْلَةٌ.
وَعَنِ النَّضْرِ بنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ جَمِيْلَ الوَجْهِ، سَرِيَّ الثَّوْبِ، عَطِرَ الرِّيحِ، أَتَيْتُهُ فِي حَاجَةٍ، وَعَلَيَّ كِسَاءٌ قرمسِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِسرَاجِ بَغلِه، وَقَالَ: أَعْطِنِي كِسَاءكَ، وَخُذْ كِسَائِي.
فَفَعَلتُ، فَلَمَّا رَجَعَ، قَالَ: يَا نَضْرُ! خَجلْتَنِي بِكِسَائِكَ، هُوَ غَلِيْظٌ.
قَالَ: وَكُنْتُ أَخَذْتُهُ بِخَمْسَةِ دَنَانِيْرَ، ثُمَّ إِنِّي رَأَيْتُه وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ قَوَّمْتُهُ ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً.
وَعَنْ أَبِي يُوْسُفَ، قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ رَبْعَةً، مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُوْرَةً، وَأَبلَغِهِم نُطْقاً، وَأَعذَبِهِم نَغمَةً، وَأَبْيَنِهِم عَمَّا فِي نَفْسِهِ.
وَعَنْ حَمَّادِ بنِ أَبِي حَنِيْفَةَ، قَالَ:
كَانَ أَبِي جَمِيْلاً، تَعلُوْهُ سُمْرَةٌ، حَسَنَ
الهَيْئَةِ، كَثِيْرَ التَّعَطُّرِ، هَيُوْباً، لاَ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ جَوَاباً، وَلاَ يَخُوضُ -رَحِمَهُ اللهُ- فِيْمَا لاَ يَعْنِيْهِ.وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَوقَرَ فِي مَجْلِسِهِ، وَلاَ أَحْسَنَ سَمتاً وَحِلماً مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ: عَنِ المُثَنَّى بنِ رَجَاءٍ، قَالَ:
جَعَلَ أَبُو حَنِيْفَةَ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ حَلَفَ بِاللهِ صَادِقاً أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِيْنَارٍ، وَكَانَ إِذَا أَنفَقَ عَلَى عِيَالِهِ نَفَقَةً، تَصَدَّقَ بِمِثْلِهَا.
وَرَوَى: جُبَارَةُ بنُ المُغَلِّسِ، عَنْ قَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ، قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ وَرِعاً، تَقِيّاً، مُفْضِلاً عَلَى إِخْوَانِه.
قَالَ الخُرَيْبِيُّ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيْفَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنِّي وَضَعتُ كِتَاباً عَلَى خَطِّكَ إِلَى فُلاَنٍ، فَوَهَبَ لِي أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
فَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: إِنْ كُنْتُم تَنْتَفِعُوْنَ بِهَذَا، فَافْعَلُوْهُ.
وَعَنْ شَرِيْكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ طَوِيْلَ الصَّمْتِ، كَثِيْرَ العَقْلِ.
وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ يُسَمَّى الوَتِدَ؛ لِكَثْرَةِ صَلاَتِه.
وَرَوَى: ابْنُ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، عَنِ القَاضِي أَبِي يُوْسُفَ، قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ يَخْتِمُ القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَكْعَةٍ.
يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيُّ: عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهُ صَحِبَ أَبَا حَنِيْفَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.
قَالَ: فَمَا رَأَيْتُه صَلَّى الغَدَاةَ إِلاَّ بِوُضُوْءِ عِشَاءِ الآخِرَةِ، وَكَانَ يَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَ السَّحَرِ.
وَعَنْ زَيْدِ بنِ كُمَيْتٍ، سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْلُ لأَبِي حَنِيْفَةَ: اتَّقِ اللهَ.
فَانْتَفَضَ، وَاصفَرَّ، وَأَطرَقَ، وَقَالَ: جَزَاكَ اللهَ خَيْراً، مَا أَحوَجَ النَّاسَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى مَنْ يَقُوْلُ لَهُم مِثْلَ هَذَا.
وَيُرْوَى: أَنَّ أَبَا حَنِيْفَةَ خَتَمَ القُرْآنَ سَبْعَةَ آلاَفِ مَرَّةٍ.
قَالَ مِسْعَرُ بنُ كِدَامٍ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ قَرَأَ القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ.ابْنُ سَمَاعَةَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مَعْنٍ:
أَنَّ أَبَا حَنِيْفَةَ قَامَ لَيْلَةً يُرَدِّدُ قَوْلَه تَعَالَى: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القَمَرُ: 46] ، وَيَبْكِي، وَيَتَضَرَّعُ إِلَى الفَجْرِ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: أَنَّ الإِمَامَ أَبَا حَنِيْفَةَ ضُرِبَ غَيْرَ مَرَّةٍ عَلَى أَنْ يَلِيَ القَضَاءَ، فَلَمْ يُجِبْ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ.
وَعَنِ الحَسَنِ بنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: إِذَا ارْتَشَى القَاضِي، فَهُوَ مَعْزُوْلٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ.
وَرَوَى: نُوْحٌ الجَامِعُ، عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ، أَنَّهُ قَالَ:
مَا جَاءَ عَنِ الرَّسُوْلِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَى الرَّأْسِ وَالعَيْنِ، وَمَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ، اخْتَرْنَا، وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُم رِجَالٌ وَنَحْنُ رِجَالٌ.
قَالَ وَكِيْعٌ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ يَقُوْلُ: البَوْلُ فِي المَسْجِدِ أَحْسَنُ مِنْ بَعْضِ القِيَاسِ.
وَقَالَ أَبُو يُوْسُفَ: قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ:
لاَ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُحَدِّثَ إِلاَّ بِمَا يَحْفَظُه مِنْ وَقْتِ مَا سَمِعَهُ.
وَعَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ، قَالَ: حُبُّ أَبِي حَنِيْفَةَ مِنَ السُّنَّةِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ بِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ، قَالَ:
طَلَبَ المَنْصُوْرُ أَبَا حَنِيْفَةَ، فَأَرَادَه عَلَى القَضَاءِ، وَحَلَفَ لَيَلِيَنَّ، فَأَبَى، وَحَلَفَ: إِنِّي لاَ أَفْعَلُ.
فَقَالَ الرَّبِيْعُ الحَاجِبُ: تَرَى أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَحلِفُ وَأَنْتَ تَحلِفُ؟
قَالَ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلَى كَفَّارَةِ يَمِيْنِه أَقْدَرُ مِنِّي.
فَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ، فَمَاتَ فِيْهِ بِبَغْدَادَ.
وَقِيْلَ: دَفَعَهُ أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى صَاحِبِ شُرطَتِه حُمَيْدٍ الطُّوْسِيِّ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ!
إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَدفَعُ إِلَيَّ الرَّجُلَ، فَيَقُوْلُ لِي: اقْتُلْه، أَوِ اقْطَعْه، أَوِ اضْرِبْه، وَلاَ أَعْلَمُ بِقِصَّتِه، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟فَقَالَ: هَلْ يَأمُرُكُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بِأَمرٍ قَدْ وَجَبَ، أَوْ بِأَمرٍ لَمْ يَجِبْ؟
قَالَ: بَلْ بِمَا قَدْ وَجَبَ.
قَالَ: فَبَادِرْ إِلَى الوَاجِبِ.
وَعَنْ مُغِيْثِ بنِ بُدَيْلٍ، قَالَ: دَعَا المَنْصُوْرُ أَبَا حَنِيْفَةَ إِلَى القَضَاءِ، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أَتَرغَبُ عَمَّا نَحْنُ فِيْهِ؟
فَقَالَ: لاَ أَصْلُحُ.
قَالَ: كَذَبتَ.
قَالَ: فَقَدْ حَكَمَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلَيَّ أَنِّي لاَ أَصْلُحُ، فَإِنْ كُنْتُ كَاذِباً، فَلاَ أَصلُحُ، وَإِنْ كُنْتُ صَادِقاً، فَقَدْ أَخْبَرتُكُم أَنِّي لاَ أَصلُحُ.
فَحَبَسَهُ.
وَرَوَى نَحْوَهَا: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنِ الرَّبِيْعِ الحَاجِبِ، وَفِيْهَا:
قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: وَاللهِ مَا أَنَا بِمَأْمُوْنِ الرِّضَى، فَكَيْفَ أَكُوْنُ مَأْمُوْنَ الغَضَبِ، فَلاَ أَصلُحُ لِذَلِكَ.
قَالَ المَنْصُوْرُ: كَذَبتَ، بَلْ تَصلُحُ.
فَقَالَ: كَيْفَ يَحِلُّ أَنْ تُوَلِّيَ مَنْ يَكْذِبُ؟
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا حَنِيْفَةَ وَلِيَ لَهُ، فَقَضَى قَضِيَّةً وَاحِدَةً، وَبَقِيَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ اشْتَكَى سِتَّةَ أَيَّامٍ، وَتُوُفِّيَ.
وَقَالَ الفَقِيْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّيْمَرِيُّ: لَمْ يَقْبَلِ العَهْدَ بِالقَضَاءِ، فَضُرِبَ، وَحُبِسَ، وَمَاتَ فِي السِّجْنِ.
وَرَوَى: حَيَّانُ بنُ مُوْسَى المَرْوَزِيُّ، قَالَ:
سُئِلَ ابْنُ المُبَارَكِ: مَالِكٌ أَفْقَهُ، أَوْ أَبُو حَنِيْفَةَ؟
قَالَ: أَبُو حَنِيْفَةَ.
وَقَالَ الخُرَيْبِيُّ: مَا يَقَعُ فِي أَبِي حَنِيْفَةَ إِلاَّ حَاسِدٌ، أَوْ جَاهِلٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: لاَ نَكذِبُ اللهَ، مَا سَمِعنَا أَحْسَنَ مِنْ رَأْيِ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَقَدْ أَخَذنَا بِأَكْثَرِ أَقْوَالِه.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ: لَوْ وُزِنَ عِلْمُ الإِمَامِ أَبِي حَنِيْفَةَ بِعِلْمِ أَهْلِ زَمَانِهِ، لَرَجَحَ عَلَيْهِم.وَقَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: كَلاَمُ أَبِي حَنِيْفَةَ فِي الفِقْهِ، أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ، لاَ يَعِيبُه إِلاَّ جَاهِلٌ.
وَرُوِيَ عَنِ الأَعْمَشُ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ:
إِنَّمَا يُحسِنُ هَذَا النُّعْمَانُ بنُ ثَابِتٍ الخَزَّازُ، وَأَظُنُّه بُورِكَ لَهُ فِي عِلْمِهِ.
وَقَالَ جَرِيْرٌ: قَالَ لِي مُغِيْرَةُ: جَالِسْ أَبَا حَنِيْفَةَ، تَفْقَهْ، فَإِنَّ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيَّ لَوْ كَانَ حَيّاً، لَجَالَسَه.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: أَبُو حَنِيْفَةَ أَفْقَهُ النَّاسِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّاسُ فِي الفِقْهِ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيْفَةَ.
قُلْتُ: الإِمَامَةُ فِي الفِقْهِ وَدَقَائِقِه مُسَلَّمَةٌ إِلَى هَذَا الإِمَامِ، وَهَذَا أَمرٌ لاَ شَكَّ فِيْهِ.
وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي الأَذْهَانِ شَيْءٌ ... إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَلِيْلِ
وَسِيْرَتُه تَحْتَمِلُ أَنْ تُفرَدَ فِي مُجَلَّدَيْنِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَرَحِمَهُ -.
تُوُفِّيَ: شَهِيْداً، مَسْقِيّاً، فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَلَهُ سَبْعُوْنَ سَنَةً، وَعَلَيْهِ قُبَّةٌ عَظِيْمَةٌ، وَمَشْهَدٌ فَاخِرٌ بِبَغْدَادَ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَابْنُهُ الفَقِيْهُ حَمَّادُ بنُ أَبِي حَنِيْفَةَ، كَانَ ذَا عِلْمٍ، وَدِيْنٍ، وَصَلاَحٍ، وَوَرَعٍ تَامٍّ.
لَمَّا تُوُفِّيَ وَالِدُه، كَانَ عِنْدَه وَدَائِعُ كَثِيْرَةٌ، وَأَهْلُهَا غَائِبُوْنَ، فَنَقَلَهَا حَمَّادٌ إِلَى الحَاكِمِ لِيَتَسَلَّمَهَا، فَقَالَ: بَلْ دَعْهَا عِنْدَك، فَإِنَّكَ أَهْلٌ.
فَقَالَ: زِنْهَا، وَاقْبِضْهَا حَتَّى تَبرَأَ مِنْهَا ذِمَّةُ الوَالِدِ، ثُمَّ افعَلْ مَا تَرَى.
فَفَعَلَ القَاضِي ذَلِكَ، وَبَقِيَ فِي وَزْنِهَا وَحِسَابِهَا أَيَّاماً، وَاسْتَتَرَ حَمَّادٌ، فَمَا ظَهَرَ حَتَّى أَوْدَعَهَا القَاضِي عِنْدَ أَمِيْنٍ.
تُوُفِّيَ حَمَّادٌ: سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، كَهْلاً.
لَهُ رِوَايَةٌ عَنْ: أَبِيْهِ، وَغَيْرِه.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ الإِمَامُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمَّادٍ، قَاضِي البَصْرَةِ.
الإِمَامُ، فَقِيْهُ المِلَّةِ، عَالِمُ العِرَاقِ، أَبُو حَنِيْفَةَ النُّعْمَانُ بنُ ثَابِتِ بنِ زُوْطَى التَّيْمِيُّ، الكُوْفِيُّ، مَوْلَى بَنِي تَيْمِ اللهِ بنِ ثَعْلَبَةَ.
يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ أَبْنَاءِ الفُرسِ.
وُلدَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ، فِي حَيَاةِ صِغَارِ الصَّحَابَةِ.وَرَأَى: أَنَسَ بنَ مَالِكٍ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمُ الكُوْفَةَ، وَلَمْ يَثبُتْ لَهُ حَرفٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُم.
وَرَوَى عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ، وَأَفْضَلُهُم - عَلَى مَا قَالَ -.
وَعَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَعَنْ: طَاوُوْسٍ - وَلَمْ يَصِحَّ -.
وَعَنْ: جَبَلَةَ بنِ سُحَيْمٍ، وَعَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، وَعِكْرِمَةَ - وَفِي لُقِيِّهِ لَهُ نَظَرٌ - وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بنِ نَافِعٍ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَقَتَادَةَ، وَقَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، وَعَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، وَالقَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَمُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، وَالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، وَعَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، وَعَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، وَعَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، وَحَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ - وَبِهِ تَفَقَّهَ - وَزِيَادِ
بنِ عِلاَقَةَ، وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، وَعَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَسَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ، وَابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَمُسْلِمٍ البَطِيْنِ، وَيَزِيْدَ بنِ صُهَيْبٍ الفَقِيْرِ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَأَبِي حَصِيْنٍ الأَسَدِيِّ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَنَاصِحٍ المُحَلِّمِيِّ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.حَتَّى إِنَّهُ رَوَى عَنْ: شَيْبَانَ النَّحْوِيِّ - وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ - وَعَنْ: مَالِكِ بنِ أَنَسٍ - وَهُوَ كَذَلِكَ -.
وَعُنِيَ بِطَلَبِ الآثَارِ، وَارْتَحَلَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الفِقْهُ وَالتَّدْقِيْقُ فِي الرَّأْيِ وَغوَامِضِهِ، فَإِلَيْهِ المُنْتَهَى، وَالنَّاسُ عَلَيْهِ عِيَالٌ فِي ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: خَلْقٌ كَثِيْرٌ، ذَكَرَ مِنْهُم شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ فِي (تَهْذِيْبِهِ) هَؤُلاَءِ عَلَى المُعْجَمِ:إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ - عَالِمُ خُرَاسَانَ - وَأَبْيَضُ بنُ الأَغَرِّ بنِ الصَّبَّاحِ المِنْقَرِيُّ، وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، وَأَسَدُ بنُ عَمْرٍو البَجَلِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ يَحْيَى الصَّيْرَفِيُّ، وَأَيُّوْبُ بنُ هَانِئ.
وَالجَارُوْدُ بنُ يَزِيْدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ.
وَالحَارِثُ بنُ نَبْهَانَ، وَحَيَّانُ بنُ عَلِيٍّ العَنَزِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ فُرَاتٍ القَزَّازُ، وَالحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَطِيَّةَ العَوْفِيُّ، وَحَفْصُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَاضِي، وَحَكَّامُ بنُ سَلْمٍ، وَأَبُو مُطِيْعٍ الحَكَمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَابْنُهُ؛ حَمَّادُ بنُ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ -.
وَخَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ.
وَزُفَرُ بنُ الهُذَيْلِ التَّمِيْمِيُّ الفَقِيْهُ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ.
وَسَابِقٌ الرَّقِّيُّ، وَسَعْدُ بنُ الصَّلْتِ القَاضِي، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي الجَهْمِ القَابُوْسِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ سَلاَّمٍ العَطَّارُ، وَسَلْمُ بنُ سَالِمٍ البَلْخِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَمْرٍو النَّخَعِيُّ، وَسَهْلُ بنُ مُزَاحِمٍ.
وَشُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ، وَالصَّبَّاحُ بنُ مُحَارِبٍ، وَالصَّلْتُ بنُ الحَجَّاجِ.
وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَعَامِرُ بنُ الفُرَاتِ، وَعَائِذُ بنُ حَبِيْبٍ، وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ المُقْرِئُ، وَأَبُو يَحْيَى عَبْدُ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ خَالِدٍ - تِرْمِذِيٌّ - وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيُّ، وَعَبْدُ المَجِيْدِ بنُ أَبِي رَوَّادٍ، وَعَبْدُ الوَارِثِ التَّنُّوْرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ القُرَشِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَعَتَّابُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بنُ ظَبْيَانَ القَاضِي، وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ القَاضِي، وَعَمْرُو بنُ مُحَمَّدٍ العَنْقَزِيُّ، وَأَبُو قُطْنٍ عَمْرُو بنُ الهَيْثَمِ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
وَالفَضْلُ بنُ مُوْسَى، وَالقَاسِمُ بنُ الحَكَمِ العُرَنِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ.
وَمُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ العَنْبَرِيُّ - كُوْفِيٌّ - وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَتَشَ، وَمُحَمَّدُ
بنُ الحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ عَطِيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ الأَسَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَسْرُوْقٍ الكُوْفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الوَاسِطِيُّ، وَمَرْوَانُ بنُ سَالِمٍ، وَمُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، وَالمُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ.وَنَصْرُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ البَلْخِيُّ الصَّيْقَلُ، وَنَصْرُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ العَتَكِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ النَّضْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَزْدِيُّ، وَالنَّضْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، وَالنُّعْمَانُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَنُوْحُ بنُ دَرَّاجٍ القَاضِي، وَنُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الجَامِعُ، وَهُشَيْمٌ، وَهَوْذَةُ، وَهَيَّاجُ بنُ بِسْطَامَ، وَوَكِيْعٌ، وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ المِصْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ نَصْرِ بنِ حَاجِبٍ، وَيَحْيَى بنُ يَمَانٍ، وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَيُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ، وَأَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، وَأَبُو مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو يُوْسُفَ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: أَبُو حَنِيْفَةَ: تَيْمِيٌّ، مِنْ رَهطِ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، كَانَ خَزَّازاً يَبِيْعُ الخَزَّ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ حَمَّادِ بنِ أَبِي حَنِيْفَةَ: أَمَّا زُوْطَى: فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ كَابُلَ، وَوُلِدَ ثَابِتٌ عَلَى الإِسْلاَمِ.
وَكَانَ زُوْطَى مَمْلُوْكاً لِبَنِي تَيْمِ اللهِ بنِ ثَعْلَبَةَ، فَأُعتِقَ، فَوَلاَؤُهُ لَهُم، ثُمَّ لِبَنِي قَفْلٍ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ خَزَّازاً، وَدُكَّانُه مَعْرُوْفٌ فِي دَارِ عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ.
وَقَالَ النَّضْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ: عَنْ يَحْيَى بنِ النَّضْرِ، قَالَ: كَانَ وَالِدُ أَبِي حَنِيْفَةَ مِنْ نَسَا.
وَرَوَى: سُلَيْمَانُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنِ الحَارِثِ بنِ إِدْرِيْسَ، قَالَ: أَبُو حَنِيْفَةَ أَصلُهُ مِنْ تِرْمِذَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِي: أَبُو حَنِيْفَةَ مِنْ أَهْلِ بَابِلَ.
وَرَوَى: أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ البُهْلُوْلِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: ثَابِتٌ وَالِدُ أَبِي حَنِيْفَةَ مِنْ أَهْلِ الأَنْبَارِ.مُكْرَمُ بنُ أَحْمَدَ القَاضِي: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ شَاذَانَ المَرْوَزِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ:
أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمَّادِ بنِ أَبِي حَنِيْفَةَ النُّعْمَانِ بنِ ثَابِتِ بنِ المَرْزُبَانِ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ الأَحرَارِ، وَاللهِ مَا وَقَعَ عَلَيْنَا رِقٌّ قَطُّ.
وُلدَ جَدِّي فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ، وَذَهَبَ ثَابِتٌ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ صَغِيْرٌ، فَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ فِيْهِ وَفِي ذُرِّيَتِه، وَنَحْنُ نَرْجُو مِنَ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ اسْتَجَابَ ذَلِكَ لِعَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِيْنَا.
قَالَ: وَالنُّعْمَانُ بنُ المَرْزُبَانِ وَالِدُ ثَابِتٍ هُوَ الَّذِي أَهْدَى لِعَلِيٍّ الفَالُوْذَجَ فِي يَوْمِ النَّيْرُوْزِ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: نَوْرِزُوْنَا كُلَّ يَوْمٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ ذَلِكَ فِي المَهرجَانِ، فَقَالَ: مَهْرِجُوْنَا كُلَّ يَوْمٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ العَوْفِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ ثِقَةً، لاَ يُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ إِلاَّ بِمَا يَحْفَظُه، وَلاَ يُحَدِّثُ بِمَا لاَ يَحْفَظُ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ ثِقَةً فِي الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بن مُحْرِزٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ، وَلَمْ يُتَّهَمْ بِالكَذِبِ، وَلَقَدْ ضَرَبَه ابْنُ هُبَيْرَةَ عَلَى القَضَاءِ، فَأَبَى أَنْ يَكُوْنَ قَاضِياً.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَلاَّنَ كِتَابَةً، أَنْبَأَنَا الكِنْدِيُّ، أَنْبَأَنَا القَزَّازُ، أَنْبَأَنَا الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا الخَلاَّلُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ عَمْرٍو الحَرِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَاسٍ النَّخَعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الصَّيْدَنَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ شُجَاعِ بنِ الثَّلْجِيِّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِي يُوْسُفَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: لَمَّا أَرَدْتُ طَلَبَ العِلْمِ، جَعَلتُ أَتَخَيَّرُ العُلُوْمَ، وَأَسْأَلُ عَنْ عَوَاقِبِهَا. فَقِيْلَ: تَعَلَّمِ
القُرْآنَ.فَقُلْتُ: إِذَا حَفِظتُه فَمَا يَكُوْنَ آخِرُهُ؟
قَالُوا: تَجْلِسُ فِي المَسْجِدِ، فَيَقرَأُ عَلَيْكَ الصِّبْيَانُ وَالأَحدَاثُ، ثُمَّ لاَ يَلْبَثُ أَنْ يَخْرُجَ فِيْهِم مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْكَ، أَوْ مُسَاوِيكَ، فَتَذهَبُ رِئَاسَتُكَ.
قُلْتُ: مَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِلرِّئَاسَةِ قَدْ يُفِكِّرُ فِي هَذَا، وَإِلاَّ فَقَدْ ثَبَتَ قَوْلُ المُصْطَفَى - صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِ -: (أَفْضَلُكُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) .
يَا سُبْحَانَ اللهِ! وَهَلْ مَحَلٌّ أَفْضَلُ مِنَ المَسْجِدِ؟ وَهَلْ نَشْرٌ لِعِلمٍ يُقَارِبُ تَعْلِيْمَ القُرْآنِ؟ كَلاَّ وَاللهِ، وَهَلْ طَلَبَةٌ خَيْرٌ مِنَ الصِّبْيَانِ الَّذِيْنَ لَمْ يَعْمَلُوا الذُّنُوبَ؟!
وَأَحسِبُ هَذِهِ الحِكَايَةَ مَوْضُوْعَةً، فَفِي إِسْنَادِهَا مَنْ لَيْسَ بِثِقَةٍ.
تَتِمَّةُ الحِكَايَةِ: قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ سَمِعْتُ الحَدِيْثَ وَكَتَبتُه حَتَّى لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا أَحْفَظُ مِنِّي؟
قَالُوا: إِذَا كَبِرتَ وَضَعُفْتَ، حَدَّثتَ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْكَ هَؤُلاَءِ الأَحْدَاثُ وَالصِّبْيَانُ، ثُمَّ لَمْ تَأمَنْ أَنْ تَغلَطَ، فَيَرمُوكَ بِالكَذِبِ، فَيَصِيْرُ عَاراً عَلَيْكَ فِي عَقِبِكَ.
فَقُلْتُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِي هَذَا.
قُلْتُ: الآنَ كَمَا جَزَمتُ بِأَنَّهَا حِكَايَةٌ مُختَلَقَةٌ، فَإِنَّ الإِمَامَ أَبَا حَنِيْفَةَ طَلَبَ الحَدِيْثَ، وَأَكْثَرَ مِنْهُ فِي سَنَةِ مائَةٍ وَبَعدَهَا، وَلَمْ يَكُنْ إِذْ ذَاكَ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ الصِّبْيَانُ، هَذَا اصْطِلاَحٌ وُجِدَ بَعْدَ ثَلاَثِ مائَةِ سَنَةٍ، بَلْ كَانَ يَطْلُبُه كِبَارُ العُلَمَاءِ، بَلْ لَمْ يَكُنْ لِلْفُقَهَاءِ عِلْمٌ بَعْدَ القُرْآنِ سِوَاهُ، وَلاَ كَانَتْ قَدْ دُوِّنَتْ كُتُبُ الفِقْهِ أَصلاً.
ثُمَّ قَالَ: قُلْتُ: أَتَعَلَّمُ النَّحْوَ.
فَقُلْتُ: إِذَا حَفِظتُ النَّحْوَ وَالعَرَبِيَّةَ، مَا يَكُوْنَ
آخِرُ أَمْرِي؟قَالُوا: تَقعُدُ مُعَلِّماً، فَأَكْثَرُ رِزْقِكَ دِيْنَارَانِ إِلَى ثَلاَثَةٍ.
قُلْتُ: وَهَذَا لاَ عَاقِبَةَ لَهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ نَظَرتُ فِي الشِّعرِ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشعَرُ مِنِّي؟
قَالُوا: تَمدَحُ هَذَا فَيَهَبُ لَكَ، أَوْ يَخلَعُ عَلَيْكَ، وَإِنْ حَرَمَكَ هَجَوتَه.
قُلْتُ: لاَ حَاجَةَ فِيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ نَظَرتُ فِي الكَلاَمِ، مَا يَكُوْنُ آخِرُ أَمرِهِ؟
قَالُوا: لاَ يَسْلَمُ مَنْ نَظَرَ فِي الكَلاَمِ مِنْ مُشَنَّعَاتِ الكَلاَمِ، فَيُرمَى بِالزَّنْدَقَةِ، فَيُقتَلُ، أَوْ يَسلَمُ مَذْمُوْماً.
قُلْتُ: قَاتَلَ اللهُ مَنْ وَضَعَ هَذِهِ الخُرَافَةَ، وَهَلْ كَانَ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ وُجِدَ عِلْمُ الكَلاَمِ؟!!
قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ تَعَلَّمتُ الفِقْهَ؟
قَالُوا: تُسْأَلُ، وَتُفتِي النَّاسَ، وَتُطلَبُ لِلْقَضَاءِ، وَإِنْ كُنْتَ شَابّاً.
قُلْتُ: لَيْسَ فِي العُلُوْمِ شَيْءٌ أَنفَعُ مِنْ هَذَا، فَلَزِمتُ الفِقْهَ، وَتَعَلَّمْتُهُ.
وَبِهِ: إِلَى ابْنِ كَاسٍ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ حَمَّادٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ زُفَرَ بنِ الهُذَيْلِ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَنظُرُ فِي الكَلاَمِ حَتَّى بَلَغتُ فِيْهِ مَبْلَغاً يُشَارُ إِلَيَّ فِيْهِ بِالأَصَابِعِ، وَكُنَّا نَجلِسُ بِالقُرْبِ مِنْ حَلْقَةِ حَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، فَجَاءتْنِي امْرَأَةٌ يَوْماً، فَقَالَتْ لِي: رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ أَمَةٌ، أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِلسُّنَّةِ، كَمْ يُطَلَّقُهَا؟
فَلَمْ أَدرِ مَا أَقُوْلُ، فَأَمَرتُهَا أَنْ تَسْأَلَ حَمَّاداً، ثُمَّ تَرْجِعَ تُخْبِرَنِي.
فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: يُطَلِّقُهَا وَهِيَ طَاهِرٌ مِنَ الحَيْضِ وَالجِمَاعِ تَطْلِيقَةً، ثُمَّ يَترُكُهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَتَيْنِ، فَإِذَا اغْتَسَلتْ، فَقَدْ حَلَّتْ لِلأَزْوَاجِ.
فَرَجَعَتْ، فَأَخْبَرَتْنِي.
فَقُلْتُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِي الكَلاَمِ، وَأَخَذتُ نَعْلِي، فَجَلَستُ إِلَى حَمَّادٍ، فَكُنْتُ أَسْمَعُ مَسَائِلَه، فَأَحْفَظُ قَوْلَه، ثُمَّ يُعِيْدُهَا مِنَ الغَدِ، فَأَحْفَظُهَا، وَيُخْطِئُ أَصْحَابُه.
فَقَالَ: لاَ يَجْلِسْ فِي صَدْرِ الحَلْقَةِ بِحِذَائِي غَيْرُ أَبِي حَنِيْفَةَ.
فَصَحِبتُه عَشْرَ سِنِيْنَ، ثُمَّ نَازَعَتنِي نَفْسِي الطَّلَبَ لِلرِّئَاسَةِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعتَزِلَه وَأَجلِسَ فِي حَلْقَةٍ لِنَفْسِي، فَخَرَجتُ يَوْماً
بِالعَشِيِّ وَعَزمِي أَنْ أَفْعَلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُه، لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَعتَزِلَه.فَجَاءهُ تِلْكَ اللَّيلَةَ نَعْيُ قَرَابَةٍ لَهُ قَدْ مَاتَ بِالبَصْرَةِ، وَتَرَكَ مَالاً، وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَجلِسَ مَكَانَه.
فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ خَرَجَ حَتَّى وَرَدَتْ عَلَيَّ مَسَائِلُ لَمْ أَسْمَعْهَا مِنْهُ، فَكُنْتُ أُجِيْبُ وَأَكتُبُ جَوَابِي، فَغَابَ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ قَدِمَ.
فَعَرَضتُ عَلَيْهِ المَسَائِلَ، وَكَانَتْ نَحْواً مِنْ سِتِّيْنَ مَسْأَلَةً، فَوَافَقَنِي فِي أَرْبَعِيْنَ، وَخَالَفَنِي فِي عِشْرِيْنَ، فَآلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَلاَّ أُفَارِقَه حَتَّى يَمُوْتَ.
وَهَذِهِ أَيْضاً اللهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا، وَمَا عَلِمْنَا أَنَّ الكَلاَمَ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ كَانَ لَهُ وَجُوْدٌ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: قَدِمْتُ البَصْرَةَ، فَظَنَنْتُ أَنِّي لاَ أُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَجَبتُ فِيْهِ، فَسَأَلُونِي عَنْ أَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي فِيْهَا جَوَابٌ، فَجَعَلتُ عَلَى نَفْسِي أَلاَّ أُفَارِقَ حَمَّاداً حَتَّى يَمُوْتَ، فَصَحِبتُه ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً.
شُعَيْبُ بنُ أَيُّوْبَ الصَّرِيْفِيْنِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ رُؤْيَا أَفزَعَتْنِي، رَأَيْتُ كَأَنِّي أَنبُشُ قَبْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَيْتُ البَصْرَةَ، فَأَمَرتُ رَجُلاً يَسْأَلُ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ.
فَسَأَلَه، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ يَنبُشُ أَخْبَارَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
المُحَدِّثُ مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُزَاحِمٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
لَوْلاَ أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي بِأَبِي حَنِيْفَةَ وَسُفْيَانَ، كُنْتُ كَسَائِرِ النَّاسِ.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ، حَدَّثَنِي حُجْرُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، قَالَ:
قِيْلَ لِلْقَاسِمِ بنِ مَعْنٍ: تَرضَى أَنْ تَكُوْنَ مِنْ غِلمَانِ أَبِي حَنِيْفَةَ؟
قَالَ: مَا جَلَسَ النَّاسُ إِلَى أَحَدٍ أَنْفَعَ مِنْ مُجَالَسَةِ أَبِي حَنِيْفَةَ.
وَقَالَ لَهُ القَاسِمُ: تَعَالَ مَعِي
إِلَيْهِ.فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ، لَزِمَه، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا.
مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضَّرِيْسِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الصَّبَّاحِ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ قَالَ:
قِيْلَ لِمَالِكٍ: هَلْ رَأَيْتَ أَبَا حَنِيْفَةَ؟
قَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ رَجُلاً لَوْ كُلَّمَكَ فِي هَذِهِ السَّارِيَةِ أَنْ يَجْعَلَهَا ذَهَباً، لَقَامَ بِحُجَّتِه.
وَعَنْ أَسَدِ بنِ عَمْرٍو: أَنَّ أَبَا حَنِيْفَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- صَلَّى العِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوْءِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَرَوَى: بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ، عَنِ القَاضِي أَبِي يُوْسُفَ، قَالَ:
بَيْنَمَا أَنَا أَمشِي مَعَ أَبِي حَنِيْفَةَ، إِذْ سَمِعْتُ رَجُلاً يَقُوْلُ لآخَرَ: هَذَا أَبُو حَنِيْفَةَ لاَ يَنَامُ اللَّيلَ.
فَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: وَاللهِ لاَ يُتَحَدَّثُ عَنِّي بِمَا لَمْ أَفْعَلْ، فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاَةً، وَتَضَرُّعاً، وَدُعَاءً.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَنَّ أَبَا حَنِيْفَةَ قَرَأَ القُرْآنَ كُلَّهُ فِي رَكْعَةٍ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُغِيْرَةِ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ شَيْخاً يُفْتِي النَّاسَ بِمَسْجِدِ الكُوْفَةِ، عَلَى رَأْسِهِ قَلَنْسُوَةٌ سَوْدَاءُ طَوِيْلَةٌ.
وَعَنِ النَّضْرِ بنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ جَمِيْلَ الوَجْهِ، سَرِيَّ الثَّوْبِ، عَطِرَ الرِّيحِ، أَتَيْتُهُ فِي حَاجَةٍ، وَعَلَيَّ كِسَاءٌ قرمسِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِسرَاجِ بَغلِه، وَقَالَ: أَعْطِنِي كِسَاءكَ، وَخُذْ كِسَائِي.
فَفَعَلتُ، فَلَمَّا رَجَعَ، قَالَ: يَا نَضْرُ! خَجلْتَنِي بِكِسَائِكَ، هُوَ غَلِيْظٌ.
قَالَ: وَكُنْتُ أَخَذْتُهُ بِخَمْسَةِ دَنَانِيْرَ، ثُمَّ إِنِّي رَأَيْتُه وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ قَوَّمْتُهُ ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً.
وَعَنْ أَبِي يُوْسُفَ، قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ رَبْعَةً، مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُوْرَةً، وَأَبلَغِهِم نُطْقاً، وَأَعذَبِهِم نَغمَةً، وَأَبْيَنِهِم عَمَّا فِي نَفْسِهِ.
وَعَنْ حَمَّادِ بنِ أَبِي حَنِيْفَةَ، قَالَ:
كَانَ أَبِي جَمِيْلاً، تَعلُوْهُ سُمْرَةٌ، حَسَنَ
الهَيْئَةِ، كَثِيْرَ التَّعَطُّرِ، هَيُوْباً، لاَ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ جَوَاباً، وَلاَ يَخُوضُ -رَحِمَهُ اللهُ- فِيْمَا لاَ يَعْنِيْهِ.وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَوقَرَ فِي مَجْلِسِهِ، وَلاَ أَحْسَنَ سَمتاً وَحِلماً مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ: عَنِ المُثَنَّى بنِ رَجَاءٍ، قَالَ:
جَعَلَ أَبُو حَنِيْفَةَ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ حَلَفَ بِاللهِ صَادِقاً أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِيْنَارٍ، وَكَانَ إِذَا أَنفَقَ عَلَى عِيَالِهِ نَفَقَةً، تَصَدَّقَ بِمِثْلِهَا.
وَرَوَى: جُبَارَةُ بنُ المُغَلِّسِ، عَنْ قَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ، قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ وَرِعاً، تَقِيّاً، مُفْضِلاً عَلَى إِخْوَانِه.
قَالَ الخُرَيْبِيُّ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيْفَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنِّي وَضَعتُ كِتَاباً عَلَى خَطِّكَ إِلَى فُلاَنٍ، فَوَهَبَ لِي أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
فَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: إِنْ كُنْتُم تَنْتَفِعُوْنَ بِهَذَا، فَافْعَلُوْهُ.
وَعَنْ شَرِيْكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ طَوِيْلَ الصَّمْتِ، كَثِيْرَ العَقْلِ.
وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ يُسَمَّى الوَتِدَ؛ لِكَثْرَةِ صَلاَتِه.
وَرَوَى: ابْنُ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، عَنِ القَاضِي أَبِي يُوْسُفَ، قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ يَخْتِمُ القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَكْعَةٍ.
يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيُّ: عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهُ صَحِبَ أَبَا حَنِيْفَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.
قَالَ: فَمَا رَأَيْتُه صَلَّى الغَدَاةَ إِلاَّ بِوُضُوْءِ عِشَاءِ الآخِرَةِ، وَكَانَ يَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَ السَّحَرِ.
وَعَنْ زَيْدِ بنِ كُمَيْتٍ، سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْلُ لأَبِي حَنِيْفَةَ: اتَّقِ اللهَ.
فَانْتَفَضَ، وَاصفَرَّ، وَأَطرَقَ، وَقَالَ: جَزَاكَ اللهَ خَيْراً، مَا أَحوَجَ النَّاسَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى مَنْ يَقُوْلُ لَهُم مِثْلَ هَذَا.
وَيُرْوَى: أَنَّ أَبَا حَنِيْفَةَ خَتَمَ القُرْآنَ سَبْعَةَ آلاَفِ مَرَّةٍ.
قَالَ مِسْعَرُ بنُ كِدَامٍ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ قَرَأَ القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ.ابْنُ سَمَاعَةَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مَعْنٍ:
أَنَّ أَبَا حَنِيْفَةَ قَامَ لَيْلَةً يُرَدِّدُ قَوْلَه تَعَالَى: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القَمَرُ: 46] ، وَيَبْكِي، وَيَتَضَرَّعُ إِلَى الفَجْرِ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: أَنَّ الإِمَامَ أَبَا حَنِيْفَةَ ضُرِبَ غَيْرَ مَرَّةٍ عَلَى أَنْ يَلِيَ القَضَاءَ، فَلَمْ يُجِبْ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ.
وَعَنِ الحَسَنِ بنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: إِذَا ارْتَشَى القَاضِي، فَهُوَ مَعْزُوْلٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ.
وَرَوَى: نُوْحٌ الجَامِعُ، عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ، أَنَّهُ قَالَ:
مَا جَاءَ عَنِ الرَّسُوْلِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَى الرَّأْسِ وَالعَيْنِ، وَمَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ، اخْتَرْنَا، وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُم رِجَالٌ وَنَحْنُ رِجَالٌ.
قَالَ وَكِيْعٌ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ يَقُوْلُ: البَوْلُ فِي المَسْجِدِ أَحْسَنُ مِنْ بَعْضِ القِيَاسِ.
وَقَالَ أَبُو يُوْسُفَ: قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ:
لاَ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُحَدِّثَ إِلاَّ بِمَا يَحْفَظُه مِنْ وَقْتِ مَا سَمِعَهُ.
وَعَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ، قَالَ: حُبُّ أَبِي حَنِيْفَةَ مِنَ السُّنَّةِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ بِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ، قَالَ:
طَلَبَ المَنْصُوْرُ أَبَا حَنِيْفَةَ، فَأَرَادَه عَلَى القَضَاءِ، وَحَلَفَ لَيَلِيَنَّ، فَأَبَى، وَحَلَفَ: إِنِّي لاَ أَفْعَلُ.
فَقَالَ الرَّبِيْعُ الحَاجِبُ: تَرَى أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَحلِفُ وَأَنْتَ تَحلِفُ؟
قَالَ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلَى كَفَّارَةِ يَمِيْنِه أَقْدَرُ مِنِّي.
فَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ، فَمَاتَ فِيْهِ بِبَغْدَادَ.
وَقِيْلَ: دَفَعَهُ أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى صَاحِبِ شُرطَتِه حُمَيْدٍ الطُّوْسِيِّ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ!
إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَدفَعُ إِلَيَّ الرَّجُلَ، فَيَقُوْلُ لِي: اقْتُلْه، أَوِ اقْطَعْه، أَوِ اضْرِبْه، وَلاَ أَعْلَمُ بِقِصَّتِه، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟فَقَالَ: هَلْ يَأمُرُكُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بِأَمرٍ قَدْ وَجَبَ، أَوْ بِأَمرٍ لَمْ يَجِبْ؟
قَالَ: بَلْ بِمَا قَدْ وَجَبَ.
قَالَ: فَبَادِرْ إِلَى الوَاجِبِ.
وَعَنْ مُغِيْثِ بنِ بُدَيْلٍ، قَالَ: دَعَا المَنْصُوْرُ أَبَا حَنِيْفَةَ إِلَى القَضَاءِ، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أَتَرغَبُ عَمَّا نَحْنُ فِيْهِ؟
فَقَالَ: لاَ أَصْلُحُ.
قَالَ: كَذَبتَ.
قَالَ: فَقَدْ حَكَمَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلَيَّ أَنِّي لاَ أَصْلُحُ، فَإِنْ كُنْتُ كَاذِباً، فَلاَ أَصلُحُ، وَإِنْ كُنْتُ صَادِقاً، فَقَدْ أَخْبَرتُكُم أَنِّي لاَ أَصلُحُ.
فَحَبَسَهُ.
وَرَوَى نَحْوَهَا: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنِ الرَّبِيْعِ الحَاجِبِ، وَفِيْهَا:
قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: وَاللهِ مَا أَنَا بِمَأْمُوْنِ الرِّضَى، فَكَيْفَ أَكُوْنُ مَأْمُوْنَ الغَضَبِ، فَلاَ أَصلُحُ لِذَلِكَ.
قَالَ المَنْصُوْرُ: كَذَبتَ، بَلْ تَصلُحُ.
فَقَالَ: كَيْفَ يَحِلُّ أَنْ تُوَلِّيَ مَنْ يَكْذِبُ؟
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا حَنِيْفَةَ وَلِيَ لَهُ، فَقَضَى قَضِيَّةً وَاحِدَةً، وَبَقِيَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ اشْتَكَى سِتَّةَ أَيَّامٍ، وَتُوُفِّيَ.
وَقَالَ الفَقِيْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّيْمَرِيُّ: لَمْ يَقْبَلِ العَهْدَ بِالقَضَاءِ، فَضُرِبَ، وَحُبِسَ، وَمَاتَ فِي السِّجْنِ.
وَرَوَى: حَيَّانُ بنُ مُوْسَى المَرْوَزِيُّ، قَالَ:
سُئِلَ ابْنُ المُبَارَكِ: مَالِكٌ أَفْقَهُ، أَوْ أَبُو حَنِيْفَةَ؟
قَالَ: أَبُو حَنِيْفَةَ.
وَقَالَ الخُرَيْبِيُّ: مَا يَقَعُ فِي أَبِي حَنِيْفَةَ إِلاَّ حَاسِدٌ، أَوْ جَاهِلٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: لاَ نَكذِبُ اللهَ، مَا سَمِعنَا أَحْسَنَ مِنْ رَأْيِ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَقَدْ أَخَذنَا بِأَكْثَرِ أَقْوَالِه.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ: لَوْ وُزِنَ عِلْمُ الإِمَامِ أَبِي حَنِيْفَةَ بِعِلْمِ أَهْلِ زَمَانِهِ، لَرَجَحَ عَلَيْهِم.وَقَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: كَلاَمُ أَبِي حَنِيْفَةَ فِي الفِقْهِ، أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ، لاَ يَعِيبُه إِلاَّ جَاهِلٌ.
وَرُوِيَ عَنِ الأَعْمَشُ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ:
إِنَّمَا يُحسِنُ هَذَا النُّعْمَانُ بنُ ثَابِتٍ الخَزَّازُ، وَأَظُنُّه بُورِكَ لَهُ فِي عِلْمِهِ.
وَقَالَ جَرِيْرٌ: قَالَ لِي مُغِيْرَةُ: جَالِسْ أَبَا حَنِيْفَةَ، تَفْقَهْ، فَإِنَّ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيَّ لَوْ كَانَ حَيّاً، لَجَالَسَه.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: أَبُو حَنِيْفَةَ أَفْقَهُ النَّاسِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّاسُ فِي الفِقْهِ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيْفَةَ.
قُلْتُ: الإِمَامَةُ فِي الفِقْهِ وَدَقَائِقِه مُسَلَّمَةٌ إِلَى هَذَا الإِمَامِ، وَهَذَا أَمرٌ لاَ شَكَّ فِيْهِ.
وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي الأَذْهَانِ شَيْءٌ ... إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَلِيْلِ
وَسِيْرَتُه تَحْتَمِلُ أَنْ تُفرَدَ فِي مُجَلَّدَيْنِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَرَحِمَهُ -.
تُوُفِّيَ: شَهِيْداً، مَسْقِيّاً، فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَلَهُ سَبْعُوْنَ سَنَةً، وَعَلَيْهِ قُبَّةٌ عَظِيْمَةٌ، وَمَشْهَدٌ فَاخِرٌ بِبَغْدَادَ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَابْنُهُ الفَقِيْهُ حَمَّادُ بنُ أَبِي حَنِيْفَةَ، كَانَ ذَا عِلْمٍ، وَدِيْنٍ، وَصَلاَحٍ، وَوَرَعٍ تَامٍّ.
لَمَّا تُوُفِّيَ وَالِدُه، كَانَ عِنْدَه وَدَائِعُ كَثِيْرَةٌ، وَأَهْلُهَا غَائِبُوْنَ، فَنَقَلَهَا حَمَّادٌ إِلَى الحَاكِمِ لِيَتَسَلَّمَهَا، فَقَالَ: بَلْ دَعْهَا عِنْدَك، فَإِنَّكَ أَهْلٌ.
فَقَالَ: زِنْهَا، وَاقْبِضْهَا حَتَّى تَبرَأَ مِنْهَا ذِمَّةُ الوَالِدِ، ثُمَّ افعَلْ مَا تَرَى.
فَفَعَلَ القَاضِي ذَلِكَ، وَبَقِيَ فِي وَزْنِهَا وَحِسَابِهَا أَيَّاماً، وَاسْتَتَرَ حَمَّادٌ، فَمَا ظَهَرَ حَتَّى أَوْدَعَهَا القَاضِي عِنْدَ أَمِيْنٍ.
تُوُفِّيَ حَمَّادٌ: سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، كَهْلاً.
لَهُ رِوَايَةٌ عَنْ: أَبِيْهِ، وَغَيْرِه.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ الإِمَامُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمَّادٍ، قَاضِي البَصْرَةِ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63920&book=5519#4bbae4
أبو عبيدة بن الجراح
- أبو عبيدة بن الجراح. واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن وهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك. أمه امرأة من بني الحارث بن فهر, أدركت الإسلام وأسلمت. مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة.
- أبو عبيدة بن الجراح. واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن وهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك. أمه امرأة من بني الحارث بن فهر, أدركت الإسلام وأسلمت. مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63920&book=5519#54dff7
أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ
- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. رضي الله عنه. وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ بْن هلال بْن أهيب بْن ضبة بْن الْحَارِث بْن فهر. وأمه أميمة بِنْت غنم بن جابر بن عبد العزى بن عامر بن عميرة. أسلم أبو عبيدة قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - دار الأرقم وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية. ثم قدم فشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً فِي ثَلاثِمِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ إِلَى حَيٍّ مِنْ جهينة بساحل البحر وهي غزوة الخبط. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالا: حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الخطاب. رضي الله عَنْهُ. وَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ الشَّامَ فَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ وَهُوَ أَمِيرُ النَّاسِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ أَنَّهُ وَصَفَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: كَانَ رَجُلا نَحِيفًا مَعْرُوقَ الْوَجْهِ خَفِيفَ اللِّحْيَةِ طُوَالا أَجْنَأَ أَثْرَمَ الثَّنِيَّتَيْنِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. وَمَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَأَبُو عُبَيْدَةَ يَوْمَ مَاتَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقَبْرُهُ بِعَمَوَاسَ وَهُوَ مِنَ الرَّمْلَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِمَّا يَلِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَصْبُغُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ عُمَرَ. رضي الله عنه.
- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. رضي الله عنه. وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ بْن هلال بْن أهيب بْن ضبة بْن الْحَارِث بْن فهر. وأمه أميمة بِنْت غنم بن جابر بن عبد العزى بن عامر بن عميرة. أسلم أبو عبيدة قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - دار الأرقم وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية. ثم قدم فشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً فِي ثَلاثِمِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ إِلَى حَيٍّ مِنْ جهينة بساحل البحر وهي غزوة الخبط. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالا: حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الخطاب. رضي الله عَنْهُ. وَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ الشَّامَ فَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ وَهُوَ أَمِيرُ النَّاسِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ أَنَّهُ وَصَفَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: كَانَ رَجُلا نَحِيفًا مَعْرُوقَ الْوَجْهِ خَفِيفَ اللِّحْيَةِ طُوَالا أَجْنَأَ أَثْرَمَ الثَّنِيَّتَيْنِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. وَمَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَأَبُو عُبَيْدَةَ يَوْمَ مَاتَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقَبْرُهُ بِعَمَوَاسَ وَهُوَ مِنَ الرَّمْلَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِمَّا يَلِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَصْبُغُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ عُمَرَ. رضي الله عنه.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=63920&book=5519#e37c8a
أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ
- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجراح بن هلال ابن أهيب بْن ضبة بْن الْحَارِث بْن فهر وأمه أميمة بِنْت غنم بْن جَابِر بْن عَبْد العزى بْن عامرة بْن عميرة وأمها دعد بنت هلال بْن أهيب بْن ضبة بْن الْحَارِث بن فهر. وكان لأبي عبيدة من الولد يزيد وعمير وأمهما هند بِنْت جَابِر بْن وهب بْن ضباب بن حجير ابن عَبْدِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ فدرج ولد أبي عبيدة بن الجراح فليس له عقب. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأَصْحَابِهِمْ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ. قَالُوا: وَهَاجَرَ أَبُو عبيدة إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر ولم يذكره موسى بن عقبة وأبو معشر. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ. قَالَ محمد بن عمر: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أبي عبيدة بن الجراح ومحمد ابن مَسْلَمَةَ وَشَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَثَبَتَ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ انْهَزَمَ النَّاسُ وَوَلَّوْا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَرُمِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَجْهِهِ حَتَّى دَخَلَتْ فِي أُجْنَتَيْهِ حَلَقَتَانِ مِنَ الْمِغْفَرِ فَأَقْبَلْتُ أَسْعَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وَإِنْسَانٌ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ يَطِيرُ طَيَرَانًا. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ طَاعَةً. حَتَّى تَوَافَيْنَا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ قَدْ بَدَرَنِي فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ يَا أَبَا بَكْرٍ إِلا تَرَكْتَنِي فَأَنْزِعَهُ مِنْ وَجْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَتَرَكْتُهُ فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِثَنِيَّةِ إِحْدَى حَلْقَتَيِ الْمِغْفَرِ فَنَزَعَهَا وَسَقَطَ عَلَى ظَهْرِهِ وَسَقَطَتْ ثَنِيَّةُ أَبِي عُبَيْدَةَ ثُمَّ أَخَذَ الْحَلْقَةَ الأُخْرَى فَسَقَطَتْ. فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي النَّاسِ أَثْرَمَ. قَالُوا: وَشَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان من عِلْيَةِ أَصْحَابِهِ وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى ذِي الْقَصَّةِ سَرِيَّةً فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ سَرِيَّةً فِي ثَلاثِمِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ إِلَى حَيٍّ مِنْ جُهَيْنَةَ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ وَهِيَ غَزْوَةُ الْخَبَطِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَنَحْنُ ثَلاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ فَأَعْطَانَا مِنْهُ قُبْضَةً قُبْضَةً. فَلَمَّا أَنْجَزْنَاهُ أَعْطَانَا تَمْرَةً تَمْرَةً. فَلَمَّا فَقَدْنَاهَا وَجَدْنَا فَقْدَهَا ثُمَّ كُنَّا نَخْبِطُ الْخَبَطَ بِقِسِيِّنَا وَنَسَفُّهُ وَنَشْرَبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى سُمِّينَا جَيْشَ الْخَبَطِ. ثُمَّ أَخَذْنَا عَلَى السَّاحِلِ فَإِذَا دَابَّةٌ مَيِّتَةٌ مِثْلُ الْكَثِيبِ يُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرُ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ لا تَأْكُلُوا. ثُمَّ قَالَ: جَيْشُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَنَحْنُ مُضْطَرُّونَ. فَأَكَلْنَا مِنْهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَاصْطَنَعْنَا مِنْهُ وَشِيقَةً. قَالَ وَلَقَدْ جَلَسَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنَّا فِي مَوْضِعِ عَيْنِهِ وَأَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاعِهِ فَرَحَّلَ أَجْسَمَ بَعِيرٍ مِنْ أَبَاعِرِ الْقَوْمِ فَأَجَازَهُ تَحْتَهُ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلُوهُ أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُمْ رَجُلا يُعَلِّمُهُمُ السُّنَّةَ وَالإِسْلامَ. قَالَ فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَلا إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرٍ الْعَبْسِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ . قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ جَمِيعًا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ . قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ كَانَ: الْخُمُسُ لِلَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الشَّامِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَحْمَرَ وَلا أَسْوَدَ يَفْضُلُنِي بِتَقْوَى إِلا وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاخِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنَّوْا. فَتَمَنَّوْا. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتًا مُمْتَلِئًا رِجَالا مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ. قَالَ سُفْيَانُ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا أَلَوْتُ الإِسْلامَ. فَقَالَ: ذَاكَ الَّذِي أَرَدْتُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ أَدْرَكْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَاسْتَخْلَفْتُهُ فَسَأَلَنِي عَنْهُ رَبِّي لَقُلْتُ . قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ أَدْرَكْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ لاسْتَخْلَفْتُهُ وَمَا شَاوَرْتُ فَإِنْ سُئِلْتُ عَنْهُ قُلْتُ اسْتَخْلَفْتُ أَمِينَ اللَّهِ وَأَمِينَ رَسُولِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي كَبْشٌ فَذَبَحَنِي أَهْلِي فَأَكَلُوا لَحْمِي وَحَسَوْا مَرَقِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: عَرَضْنَا عَلَى مالك بن أنس أن عمر بن الخطاب أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ. وَقَالَ لِلرَّسُولِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ. قَالَ فَقَسَمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا وَقَالَ لِلرَّسُولِ مِثْلَ مَا قَالَ. فَقَسَمَهَا مُعَاذٌ إِلا شَيْئًا قَالَتِ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ سَمِعَ رَجُلا يَقُولُ: لَوْ كَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَا كَانَ بِالْبَأْسِ ذُو كَوْنٍ. وَذَلِكَ فِي حَصَرِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ. قَالَ وَكُنْتُ أَسْمَعُ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ: فَقَالَ مُعَاذٌ فَإِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ تَضْطَرُّ الْمُعْجِزَةُ لا أَبَا لَكَ. وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ خَيْرِ مَنْ عَلَى الأَرْضِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّبَذِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيِّ مِنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ لَمَّا أُصِيبَ اسْتَخْلَفَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَذَلِكَ عَامَ عَمَوَاسَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ السَّارِيَةِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فِي مَرَضِهِ الذي ماتت فِيهِ وَهُوَ يَمُوتُ فَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رُجُوعَهُ مِنْ سَرْغَ. ثُمَّ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ أَنَّهُ وَصَفَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: كَانَ رَجُلا نَحِيفًا. مَعْرُوقَ الْوَجْهِ. خَفِيفَ اللِّحْيَةِ. طُوَالا. أَجْنَأَ. أَثْرَمَ الثَّنِيَّتَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَمَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ فِي خلافة عمر بن الْخَطَّابِ. وَأَبُو عُبَيْدَةَ يَوْمَ مَاتَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَكَانَ يَصْبُغُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجراح بن هلال ابن أهيب بْن ضبة بْن الْحَارِث بْن فهر وأمه أميمة بِنْت غنم بْن جَابِر بْن عَبْد العزى بْن عامرة بْن عميرة وأمها دعد بنت هلال بْن أهيب بْن ضبة بْن الْحَارِث بن فهر. وكان لأبي عبيدة من الولد يزيد وعمير وأمهما هند بِنْت جَابِر بْن وهب بْن ضباب بن حجير ابن عَبْدِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ فدرج ولد أبي عبيدة بن الجراح فليس له عقب. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: أسلم أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأَصْحَابِهِمْ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الأَرْقَمِ. قَالُوا: وَهَاجَرَ أَبُو عبيدة إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر ولم يذكره موسى بن عقبة وأبو معشر. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ابن قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ. قَالَ محمد بن عمر: آخى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أبي عبيدة بن الجراح ومحمد ابن مَسْلَمَةَ وَشَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَثَبَتَ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ انْهَزَمَ النَّاسُ وَوَلَّوْا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَرُمِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَجْهِهِ حَتَّى دَخَلَتْ فِي أُجْنَتَيْهِ حَلَقَتَانِ مِنَ الْمِغْفَرِ فَأَقْبَلْتُ أَسْعَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وَإِنْسَانٌ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ يَطِيرُ طَيَرَانًا. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ طَاعَةً. حَتَّى تَوَافَيْنَا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ قَدْ بَدَرَنِي فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ يَا أَبَا بَكْرٍ إِلا تَرَكْتَنِي فَأَنْزِعَهُ مِنْ وَجْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَتَرَكْتُهُ فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِثَنِيَّةِ إِحْدَى حَلْقَتَيِ الْمِغْفَرِ فَنَزَعَهَا وَسَقَطَ عَلَى ظَهْرِهِ وَسَقَطَتْ ثَنِيَّةُ أَبِي عُبَيْدَةَ ثُمَّ أَخَذَ الْحَلْقَةَ الأُخْرَى فَسَقَطَتْ. فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي النَّاسِ أَثْرَمَ. قَالُوا: وَشَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان من عِلْيَةِ أَصْحَابِهِ وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى ذِي الْقَصَّةِ سَرِيَّةً فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ سَرِيَّةً فِي ثَلاثِمِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ إِلَى حَيٍّ مِنْ جُهَيْنَةَ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ وَهِيَ غَزْوَةُ الْخَبَطِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَنَحْنُ ثَلاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ فَأَعْطَانَا مِنْهُ قُبْضَةً قُبْضَةً. فَلَمَّا أَنْجَزْنَاهُ أَعْطَانَا تَمْرَةً تَمْرَةً. فَلَمَّا فَقَدْنَاهَا وَجَدْنَا فَقْدَهَا ثُمَّ كُنَّا نَخْبِطُ الْخَبَطَ بِقِسِيِّنَا وَنَسَفُّهُ وَنَشْرَبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى سُمِّينَا جَيْشَ الْخَبَطِ. ثُمَّ أَخَذْنَا عَلَى السَّاحِلِ فَإِذَا دَابَّةٌ مَيِّتَةٌ مِثْلُ الْكَثِيبِ يُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرُ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ لا تَأْكُلُوا. ثُمَّ قَالَ: جَيْشُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَنَحْنُ مُضْطَرُّونَ. فَأَكَلْنَا مِنْهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَاصْطَنَعْنَا مِنْهُ وَشِيقَةً. قَالَ وَلَقَدْ جَلَسَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنَّا فِي مَوْضِعِ عَيْنِهِ وَأَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاعِهِ فَرَحَّلَ أَجْسَمَ بَعِيرٍ مِنْ أَبَاعِرِ الْقَوْمِ فَأَجَازَهُ تَحْتَهُ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلُوهُ أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُمْ رَجُلا يُعَلِّمُهُمُ السُّنَّةَ وَالإِسْلامَ. قَالَ فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالا: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَلا إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرٍ الْعَبْسِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ . قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ جَمِيعًا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ . قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالا: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ كَانَ: الْخُمُسُ لِلَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الشَّامِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَحْمَرَ وَلا أَسْوَدَ يَفْضُلُنِي بِتَقْوَى إِلا وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاخِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنَّوْا. فَتَمَنَّوْا. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتًا مُمْتَلِئًا رِجَالا مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ. قَالَ سُفْيَانُ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا أَلَوْتُ الإِسْلامَ. فَقَالَ: ذَاكَ الَّذِي أَرَدْتُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ أَدْرَكْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَاسْتَخْلَفْتُهُ فَسَأَلَنِي عَنْهُ رَبِّي لَقُلْتُ . قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ أَدْرَكْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ لاسْتَخْلَفْتُهُ وَمَا شَاوَرْتُ فَإِنْ سُئِلْتُ عَنْهُ قُلْتُ اسْتَخْلَفْتُ أَمِينَ اللَّهِ وَأَمِينَ رَسُولِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي كَبْشٌ فَذَبَحَنِي أَهْلِي فَأَكَلُوا لَحْمِي وَحَسَوْا مَرَقِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: عَرَضْنَا عَلَى مالك بن أنس أن عمر بن الخطاب أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ. وَقَالَ لِلرَّسُولِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ. قَالَ فَقَسَمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا وَقَالَ لِلرَّسُولِ مِثْلَ مَا قَالَ. فَقَسَمَهَا مُعَاذٌ إِلا شَيْئًا قَالَتِ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ سَمِعَ رَجُلا يَقُولُ: لَوْ كَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَا كَانَ بِالْبَأْسِ ذُو كَوْنٍ. وَذَلِكَ فِي حَصَرِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ. قَالَ وَكُنْتُ أَسْمَعُ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ: فَقَالَ مُعَاذٌ فَإِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ تَضْطَرُّ الْمُعْجِزَةُ لا أَبَا لَكَ. وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ خَيْرِ مَنْ عَلَى الأَرْضِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّبَذِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيِّ مِنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ لَمَّا أُصِيبَ اسْتَخْلَفَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَذَلِكَ عَامَ عَمَوَاسَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ السَّارِيَةِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فِي مَرَضِهِ الذي ماتت فِيهِ وَهُوَ يَمُوتُ فَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رُجُوعَهُ مِنْ سَرْغَ. ثُمَّ قَالَ: . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ أَنَّهُ وَصَفَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: كَانَ رَجُلا نَحِيفًا. مَعْرُوقَ الْوَجْهِ. خَفِيفَ اللِّحْيَةِ. طُوَالا. أَجْنَأَ. أَثْرَمَ الثَّنِيَّتَيْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَمَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ فِي خلافة عمر بن الْخَطَّابِ. وَأَبُو عُبَيْدَةَ يَوْمَ مَاتَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَكَانَ يَصْبُغُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155588&book=5519#977f1d
أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدِ
ابْنِ عَمْرِو - أَوْ عَامِرِ - بنِ نَاتِلِ بنِ مَالِكٍ، الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، البَصْرِيُّ.
وَجَرْمٌ: بَطْنٌ مِنَ الحَافِ بنِ قُضَاعَةَ.
قَدِمَ الشَّامَ، وَانْقَطَعَ بِدَارَيَّا، مَا عَلِمْتُ مَتَى وُلِدَ.
حَدَّثَ عَنْ: ثَابِتِ بنِ الضَّحَّاكِ فِي الكُتُبِ كُلِّهَا.
وَعَنْ: أَنَسٍ كَذَلِكَ، وَمَالِكِ بنِ الحُوَيْرِثِ كَذَلِكَ.
وَعَنْ: حُذَيْفَةَ فِي (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ) - وَلَمْ يَلْحَقْهُ - وَسَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ فِي (سُنَنِ النَّسَائِيِّ) ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ فِي (سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ) ، وَعَنْبَسَةَ بنِ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ فِي (البُخَارِيِّ) وَ (مُسْلِمٍ) ، وَعَنْ زَهْدَمِ بنِ مُضَرِّبٍ، وَعَمِّهِ؛ أَبِي المُهَلَّبِ الجَرْمِيِّ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي (سُنَنِ النَّسَائِيِّ) ، وَمُعَاذَةَ العَدَوِيَّةِ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعَائِشَةَ الكُبْرَى فِي (مُسْلِمٍ) وَ (التِّرْمِذِيِّ) وَ (النَّسَائِيِّ) ، وَمُعَاوِيَةَ فِي (أَبِي دَاوُدَ) وَ (النَّسَائِيِّ) ، وَعَمْرِو بنِ سَلِمَةَ الجَرْمِيِّ فِي (البُخَارِيِّ) وَ (سُنَن النَّسَائِيِّ) ، وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ فِي (أَبِي دَاوُدَ) وَ (النَّسَائِيِّ) وَ (ابْنِ
مَاجَه) ، وَقَبِيْصَةَ بنِ مُخَارِقٍ فِي (أَبِي دَاوُدَ) وَ (النَّسَائِيِّ) ، وَعَنْ خَلْقٍ سِوَاهُم.وَهُوَ يُدَلِّسُ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الهُدَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَوْلاَهُ؛ أَبُو رَجَاءٍ سَلْمَانُ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَعِمْرَانُ بنُ حُدَيْرٍ، وَالمُثَنَّى بنُ سَعِيْدٍ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، وَمَيْمُوْنُ القَنَّادُ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَحَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ، وَأَبُو عَامِرٍ الخَزَّارُ، وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ دِيْوَانُهُ بِالشَّامِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي حَمَلَةَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ دِمَشْقَ، فَقُلْنَا لَهُ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، لَوْ عَلِمَ اللهُ أَنَّ بِالعِرَاقِ مَنْ هُوَ أَفَضْلُ مِنْكَ لَجَاءنَا بِهِ.
فَقَالَ: كَيْفَ لَوْ رَأَيْتُم عَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدٍ أَبَا قِلاَبَةَ الجَرْمِيَّ!
قَالَ: فَمَا ذَهَبَتِ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو قِلاَبَةَ.
قَالَ القَاضِي عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الخَوْلاَنِيُّ فِي (تَارِيْخِ دَارِيَّا ) :
مَوْلِدُ أَبِي قِلاَبَةَ بِالبَصْرَةِ، وَقَدِمَ الشَّامَ، فَنَزَلَ دَارِيَّا، وَسَكَنَ بِهَا عِنْدَ ابْنِ عَمِّهِ بَيْهَسِ بنِ صُهَيْبِ بنِ عَامِلِ بنِ نَاتِلٍ.
رَوَى: أَشْهَبُ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
مَاتَ ابْنُ المُسَيِّبِ وَالقَاسِمُ وَلَمْ يَتْرُكُوا كُتُباً، وَمَاتَ أَبُو قِلاَبَةَ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ تَرَكَ حِمْلَ بَغْلٍ كُتُباً.
وَرَوَى: أَيُّوْبُ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ، قَالَ: لَوْ كَانَ أَبُو قِلاَبَةَ مِنَ العَجَمِ،
لَكَانَ مُوْبَذَ مُوْبَذَانَ -يَعْنِي: قَاضِي القُضَاةِ -.وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي خُشَيْنَةَ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، قَالَ:
ذُكِرَ أَبُو قِلاَبَةَ عِنْدَ ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: ذَاكَ أَخِي حَقّاً.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ذَكَرَ أَيُّوْبُ لِمُحَمَّدٍ حَدِيْثَ أَبِي قِلاَبَةَ، فَقَالَ:
أَبُو قِلاَبَةَ - إِنْ شَاءَ اللهُ - ثِقَةٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ، وَلَكِنْ عَمَّنْ ذَكَرَهُ أَبُو قِلاَبَةَ.
قَالَ حَمَّادٌ: سَمِعْتُ أَيُّوْبَ ذَكَرَ أَبَا قِلاَبَةَ، فَقَالَ:
كَانَ -وَاللهِ- مِنَ الفُقَهَاءِ ذَوِي الأَلْبَابِ، إِنِّي وَجَدْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالقَضَاءِ أَشَدَّهُم مِنْهُ فِرَاراً، وَأَشَدَّهُم مِنْهُ فَرَقاً؛ وَمَا أَدْرَكْتُ بِهَذَا المِصْرِ أَعْلَمَ بِالقَضَاءِ مِنْ أَبِي قِلاَبَةَ، لاَ أَدْرِي مَا مُحَمَّدٌ.
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أُذَيْنَةَ -يَعْنِي: قَاضِي البَصْرَةِ- زَمَنَ شُرَيْحٍ، ذُكِرَ أَبُو قِلاَبَةَ لِلْقَضَاءِ، فَهَرَبَ حَتَّى أَتَى اليَمَامَةَ.
قَالَ: فَلَقِيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:
مَا وَجَدْتُ مَثَلَ القَاضِي العَالِمِ إِلاَّ مَثَلَ رَجُلٍ وَقَعَ فِي بَحْرٍ، فَمَا عَسَى أَنْ يَسْبَحَ حَتَّى يَغْرَقَ.
وَقَالَ خَالِدٌ الحَذَّاءُ: كَانَ أَبُو قِلاَبَةَ إِذَا حَدَّثَنَا بِثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ، قَالَ: قَدْ أَكْثَرْتُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: بَصْرِيٌّ، تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ، كَانَ يَحْمِلُ عَلَى عَلِيٍّ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ شَيْئاً، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ ثَوْبَانَ شَيْئاً.وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةُ مِنْ أَبِي قِلاَبَةَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: أَبُو قِلاَبَةَ عَرَبِيٌّ مِنْ جَرْمٍ، مَاتَ بِالشَّامِ، وَأَدْرَكَ خِلاَفَةَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
أَبُو رَجَاءٍ: عَنْ مَوْلاَهُ؛ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَذَكَرُوا القَسَامَةَ، فَحَدَّثْتُهُ عَنْ أَنَسٍ بِقِصَّةِ العُرَنِيِّيْنَ.
قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا دَامَ فِيْكُم هَذَا، أَوْ مِثْلُ هَذَا.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: رَوَى أَبُو قِلاَبَةَ عَنْ سَمُرَةَ، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَرَوَى عَنْ هِشَامِ بنِ عَامِرٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، فَكَانَ يُرْسِلُ كَثِيْراً.قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: رَآنِي أَبُو قِلاَبَةَ وَقَدِ اشْتَرَيْتُ تَمْراً رَدِيْئاً، فَقَالَ:
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ نَزَعَ مِنْ كُلِّ رَدِيْءٍ بَرَكَتَهُ.
وَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: لَيْسَ شَيْءٌ أَطْيَبَ مِنَ الرُّوْحِ، مَا انْتُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَنْتَنَ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، حَدَّثَنَا اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: لاَ تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهْوَاءِ، وَلاَ تُحَادِثُوْهُم، فَإِنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يَغْمُرُوْكُم فِي ضَلاَلَتِهِم، أَوْ يُلْبِسُوا عَلَيْكُم مَا كُنْتُم تَعْرِفُوْنَ.
وَعَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ:
إِذَا حَدَّثْتَ الرَّجُلَ بِالسُّنَّةِ، فَقَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذَا وَهَاتِ كِتَابَ اللهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ ضَالٌّ.
قُلْتُ أَنَا: وَإِذَا رَأَيْتَ المُتَكَلِّمَ المُبْتَدِعَ يَقُوْلُ: دَعْنَا مِنَ الكِتَابِ وَالأَحَادِيْثِ الآحَادِ وَهَاتِ العَقْلَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ أَبُو جَهْلٍ، وَإِذَا رَأَيْتَ السَّالِكَ التَّوْحِيْدِيَّ يَقُوْلُ: دَعْنَا مِنَ النَّقْلِ وَمِنَ العَقْلِ وَهَاتِ الذَّوْقَ وَالوَجْدَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ إِبْلِيْسُ قَدْ ظَهَرَ بِصُوْرَةِ بَشَرٍ، أَوْ قَدْ حَلَّ فِيْهِ، فَإِنْ جَبُنْتَ مِنْهُ، فَاهْرُبْ، وَإِلاَّ فَاصْرَعْهُ، وَابْرُكْ عَلَى صَدْرِهِ، وَاقْرَأْ عَلَيْهِ آيَةَ الكُرْسِيِّ، وَاخْنُقْهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ القَوَارِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ:دَخَلَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ عَلَى أَبِي قِلاَبَةَ يَعُوْدُهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا قِلاَبَةَ، تَشَدَّدْ، لاَ يَشْمَتْ بِنَا المُنَافِقُوْنَ.
رَوَى: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، قَالَ:
قِيْلَ لِعَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ: هَذَا أَبُو قِلاَبَةَ.
قَالَ: مَا أَقْدَمَهُ؟
قَالُوا: مُتَعَوِّذاً مِنَ الحَجَّاجِ، أَرَادَهُ عَلَى القَضَاءِ، فَكَتَبَ إِلَى الحَجَّاجِ بِالوَصَاةِ بِهِ.
فَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: لَنْ أَخْرُجَ مِنَ الشَّامِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : لاَ يُعْرَفُ لأَبِي قِلاَبَةَ تَدْلِيْسٌ.
قُلْتُ: مَعْنَى هَذَا: أَنَّهُ إِذَا رَوَى شَيْئاً عَنْ عُمَرَ أَوْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَثَلاً مُرْسَلاً لاَ يَدْرِي مَنِ الَّذِي حَدَّثَهُ بِهِ، بِخِلاَفِ تَدْلِيْسِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ، ثُمَّ يُسْقِطُهُم، كَعَلِيِّ بنِ زَيْدٍ تِلْمِيْذِهِ.
وَيُرْوَى: أَنَّ أَبَا قِلاَبَةَ عَطِشَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكْرَمَهُ اللهُ لَمَّا دَعَا بِأَنْ أَظَلَّتْهُ سَحَابَةٌ، وَأَمْطَرَتْ عَلَى جَسَدِهِ، فَذَهَبَ عَطَشُهُ.
قَالَ سَلَمَةُ بنُ وَاصِلٍ: مَاتَ أَبُو قِلاَبَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- بِالشَّامِ، فَأَوْصَى بِكُتُبِهِ لأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، فَحُمِلَتْ إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَيُّوْبُ: فَلَمَّا جَاءتْنِي الكُتُبُ، أَخْبَرْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ، وَقُلْتُ لَهُ: أُحَدِّثُ مِنْهَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
ثُمَّ قَالَ: لاَ آمُرُكَ، وَلاَ أَنْهَاكَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَيُّوْبَ وَزَنَ كِرَاءَ حِمْلِهَا بِضْعَةَ عَشَرَ دِرْهَماً، فَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: جِيْءَ بِهَا فِي عِدْلِ رَاحِلَةٍ.وَقَدْ أَخْبَرَنِي عَبْدُ المُؤْمِنِ شَيْخُنَا: أَنَّ أَبَا قِلاَبَةَ مِمَّنْ ابْتُلِيَ فِي بَدَنِهِ وَدِيْنِهِ، أُرِيْدَ عَلَى القَضَاءِ، فَهَرَبَ إِلَى الشَّامِ، فَمَاتَ بِعَرِيْشِ مِصْرَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقَدْ ذَهَبَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاَهُ وَبَصَرُهُ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ حَامِدٌ شَاكِرٌ.
وَكَذَا أَرَّخَ مَوْتَهُ: شَبَابٌ، وَأَبُو عُبَيْدٍ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: سَنَةَ أَرْبَعٍ، أَوْ خَمْسٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ، أَوْ سَبْعٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ، أَنْبَأَنَا مَحْمُوْدٌ الأَزْدِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ الجَرَّاحِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو العَبَّاسِ المَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي: أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُم فِي أَمْرِ اللهِ: عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُم حَيَاءً: عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُم لِكِتَابِ اللهِ: أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُم: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُم بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ: مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، أَلاَ وَإِنَّ أَمِيْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجرَّاحِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، صَحِيْحٌ.
وَبِهِ فِي (سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ) : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ دَاوُدَ العَطَّارِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي: أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُم فِي دِيْنَ اللهِ: عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُم حَيَاءً: عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُم بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ: مُعَاذٌ، وَأَفْرَضُهُم: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُم: أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
قُلْتُ: سُفْيَانُ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
ابْنِ عَمْرِو - أَوْ عَامِرِ - بنِ نَاتِلِ بنِ مَالِكٍ، الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، البَصْرِيُّ.
وَجَرْمٌ: بَطْنٌ مِنَ الحَافِ بنِ قُضَاعَةَ.
قَدِمَ الشَّامَ، وَانْقَطَعَ بِدَارَيَّا، مَا عَلِمْتُ مَتَى وُلِدَ.
حَدَّثَ عَنْ: ثَابِتِ بنِ الضَّحَّاكِ فِي الكُتُبِ كُلِّهَا.
وَعَنْ: أَنَسٍ كَذَلِكَ، وَمَالِكِ بنِ الحُوَيْرِثِ كَذَلِكَ.
وَعَنْ: حُذَيْفَةَ فِي (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ) - وَلَمْ يَلْحَقْهُ - وَسَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ فِي (سُنَنِ النَّسَائِيِّ) ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ فِي (سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ) ، وَعَنْبَسَةَ بنِ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ فِي (البُخَارِيِّ) وَ (مُسْلِمٍ) ، وَعَنْ زَهْدَمِ بنِ مُضَرِّبٍ، وَعَمِّهِ؛ أَبِي المُهَلَّبِ الجَرْمِيِّ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي (سُنَنِ النَّسَائِيِّ) ، وَمُعَاذَةَ العَدَوِيَّةِ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعَائِشَةَ الكُبْرَى فِي (مُسْلِمٍ) وَ (التِّرْمِذِيِّ) وَ (النَّسَائِيِّ) ، وَمُعَاوِيَةَ فِي (أَبِي دَاوُدَ) وَ (النَّسَائِيِّ) ، وَعَمْرِو بنِ سَلِمَةَ الجَرْمِيِّ فِي (البُخَارِيِّ) وَ (سُنَن النَّسَائِيِّ) ، وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ فِي (أَبِي دَاوُدَ) وَ (النَّسَائِيِّ) وَ (ابْنِ
مَاجَه) ، وَقَبِيْصَةَ بنِ مُخَارِقٍ فِي (أَبِي دَاوُدَ) وَ (النَّسَائِيِّ) ، وَعَنْ خَلْقٍ سِوَاهُم.وَهُوَ يُدَلِّسُ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الهُدَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَوْلاَهُ؛ أَبُو رَجَاءٍ سَلْمَانُ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَعِمْرَانُ بنُ حُدَيْرٍ، وَالمُثَنَّى بنُ سَعِيْدٍ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، وَمَيْمُوْنُ القَنَّادُ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَحَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ، وَأَبُو عَامِرٍ الخَزَّارُ، وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ دِيْوَانُهُ بِالشَّامِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي حَمَلَةَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ دِمَشْقَ، فَقُلْنَا لَهُ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، لَوْ عَلِمَ اللهُ أَنَّ بِالعِرَاقِ مَنْ هُوَ أَفَضْلُ مِنْكَ لَجَاءنَا بِهِ.
فَقَالَ: كَيْفَ لَوْ رَأَيْتُم عَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدٍ أَبَا قِلاَبَةَ الجَرْمِيَّ!
قَالَ: فَمَا ذَهَبَتِ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو قِلاَبَةَ.
قَالَ القَاضِي عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الخَوْلاَنِيُّ فِي (تَارِيْخِ دَارِيَّا ) :
مَوْلِدُ أَبِي قِلاَبَةَ بِالبَصْرَةِ، وَقَدِمَ الشَّامَ، فَنَزَلَ دَارِيَّا، وَسَكَنَ بِهَا عِنْدَ ابْنِ عَمِّهِ بَيْهَسِ بنِ صُهَيْبِ بنِ عَامِلِ بنِ نَاتِلٍ.
رَوَى: أَشْهَبُ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
مَاتَ ابْنُ المُسَيِّبِ وَالقَاسِمُ وَلَمْ يَتْرُكُوا كُتُباً، وَمَاتَ أَبُو قِلاَبَةَ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ تَرَكَ حِمْلَ بَغْلٍ كُتُباً.
وَرَوَى: أَيُّوْبُ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ، قَالَ: لَوْ كَانَ أَبُو قِلاَبَةَ مِنَ العَجَمِ،
لَكَانَ مُوْبَذَ مُوْبَذَانَ -يَعْنِي: قَاضِي القُضَاةِ -.وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي خُشَيْنَةَ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، قَالَ:
ذُكِرَ أَبُو قِلاَبَةَ عِنْدَ ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: ذَاكَ أَخِي حَقّاً.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ذَكَرَ أَيُّوْبُ لِمُحَمَّدٍ حَدِيْثَ أَبِي قِلاَبَةَ، فَقَالَ:
أَبُو قِلاَبَةَ - إِنْ شَاءَ اللهُ - ثِقَةٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ، وَلَكِنْ عَمَّنْ ذَكَرَهُ أَبُو قِلاَبَةَ.
قَالَ حَمَّادٌ: سَمِعْتُ أَيُّوْبَ ذَكَرَ أَبَا قِلاَبَةَ، فَقَالَ:
كَانَ -وَاللهِ- مِنَ الفُقَهَاءِ ذَوِي الأَلْبَابِ، إِنِّي وَجَدْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالقَضَاءِ أَشَدَّهُم مِنْهُ فِرَاراً، وَأَشَدَّهُم مِنْهُ فَرَقاً؛ وَمَا أَدْرَكْتُ بِهَذَا المِصْرِ أَعْلَمَ بِالقَضَاءِ مِنْ أَبِي قِلاَبَةَ، لاَ أَدْرِي مَا مُحَمَّدٌ.
ابْنُ عُلَيَّةَ: عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أُذَيْنَةَ -يَعْنِي: قَاضِي البَصْرَةِ- زَمَنَ شُرَيْحٍ، ذُكِرَ أَبُو قِلاَبَةَ لِلْقَضَاءِ، فَهَرَبَ حَتَّى أَتَى اليَمَامَةَ.
قَالَ: فَلَقِيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:
مَا وَجَدْتُ مَثَلَ القَاضِي العَالِمِ إِلاَّ مَثَلَ رَجُلٍ وَقَعَ فِي بَحْرٍ، فَمَا عَسَى أَنْ يَسْبَحَ حَتَّى يَغْرَقَ.
وَقَالَ خَالِدٌ الحَذَّاءُ: كَانَ أَبُو قِلاَبَةَ إِذَا حَدَّثَنَا بِثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ، قَالَ: قَدْ أَكْثَرْتُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: بَصْرِيٌّ، تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ، كَانَ يَحْمِلُ عَلَى عَلِيٍّ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ شَيْئاً، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ ثَوْبَانَ شَيْئاً.وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةُ مِنْ أَبِي قِلاَبَةَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: أَبُو قِلاَبَةَ عَرَبِيٌّ مِنْ جَرْمٍ، مَاتَ بِالشَّامِ، وَأَدْرَكَ خِلاَفَةَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
أَبُو رَجَاءٍ: عَنْ مَوْلاَهُ؛ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَذَكَرُوا القَسَامَةَ، فَحَدَّثْتُهُ عَنْ أَنَسٍ بِقِصَّةِ العُرَنِيِّيْنَ.
قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا دَامَ فِيْكُم هَذَا، أَوْ مِثْلُ هَذَا.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: رَوَى أَبُو قِلاَبَةَ عَنْ سَمُرَةَ، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَرَوَى عَنْ هِشَامِ بنِ عَامِرٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، فَكَانَ يُرْسِلُ كَثِيْراً.قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: رَآنِي أَبُو قِلاَبَةَ وَقَدِ اشْتَرَيْتُ تَمْراً رَدِيْئاً، فَقَالَ:
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ نَزَعَ مِنْ كُلِّ رَدِيْءٍ بَرَكَتَهُ.
وَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: لَيْسَ شَيْءٌ أَطْيَبَ مِنَ الرُّوْحِ، مَا انْتُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَنْتَنَ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، حَدَّثَنَا اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: لاَ تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهْوَاءِ، وَلاَ تُحَادِثُوْهُم، فَإِنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يَغْمُرُوْكُم فِي ضَلاَلَتِهِم، أَوْ يُلْبِسُوا عَلَيْكُم مَا كُنْتُم تَعْرِفُوْنَ.
وَعَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ:
إِذَا حَدَّثْتَ الرَّجُلَ بِالسُّنَّةِ، فَقَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذَا وَهَاتِ كِتَابَ اللهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ ضَالٌّ.
قُلْتُ أَنَا: وَإِذَا رَأَيْتَ المُتَكَلِّمَ المُبْتَدِعَ يَقُوْلُ: دَعْنَا مِنَ الكِتَابِ وَالأَحَادِيْثِ الآحَادِ وَهَاتِ العَقْلَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ أَبُو جَهْلٍ، وَإِذَا رَأَيْتَ السَّالِكَ التَّوْحِيْدِيَّ يَقُوْلُ: دَعْنَا مِنَ النَّقْلِ وَمِنَ العَقْلِ وَهَاتِ الذَّوْقَ وَالوَجْدَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ إِبْلِيْسُ قَدْ ظَهَرَ بِصُوْرَةِ بَشَرٍ، أَوْ قَدْ حَلَّ فِيْهِ، فَإِنْ جَبُنْتَ مِنْهُ، فَاهْرُبْ، وَإِلاَّ فَاصْرَعْهُ، وَابْرُكْ عَلَى صَدْرِهِ، وَاقْرَأْ عَلَيْهِ آيَةَ الكُرْسِيِّ، وَاخْنُقْهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ القَوَارِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ:دَخَلَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ عَلَى أَبِي قِلاَبَةَ يَعُوْدُهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا قِلاَبَةَ، تَشَدَّدْ، لاَ يَشْمَتْ بِنَا المُنَافِقُوْنَ.
رَوَى: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، قَالَ:
قِيْلَ لِعَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ: هَذَا أَبُو قِلاَبَةَ.
قَالَ: مَا أَقْدَمَهُ؟
قَالُوا: مُتَعَوِّذاً مِنَ الحَجَّاجِ، أَرَادَهُ عَلَى القَضَاءِ، فَكَتَبَ إِلَى الحَجَّاجِ بِالوَصَاةِ بِهِ.
فَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: لَنْ أَخْرُجَ مِنَ الشَّامِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : لاَ يُعْرَفُ لأَبِي قِلاَبَةَ تَدْلِيْسٌ.
قُلْتُ: مَعْنَى هَذَا: أَنَّهُ إِذَا رَوَى شَيْئاً عَنْ عُمَرَ أَوْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَثَلاً مُرْسَلاً لاَ يَدْرِي مَنِ الَّذِي حَدَّثَهُ بِهِ، بِخِلاَفِ تَدْلِيْسِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ، ثُمَّ يُسْقِطُهُم، كَعَلِيِّ بنِ زَيْدٍ تِلْمِيْذِهِ.
وَيُرْوَى: أَنَّ أَبَا قِلاَبَةَ عَطِشَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكْرَمَهُ اللهُ لَمَّا دَعَا بِأَنْ أَظَلَّتْهُ سَحَابَةٌ، وَأَمْطَرَتْ عَلَى جَسَدِهِ، فَذَهَبَ عَطَشُهُ.
قَالَ سَلَمَةُ بنُ وَاصِلٍ: مَاتَ أَبُو قِلاَبَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- بِالشَّامِ، فَأَوْصَى بِكُتُبِهِ لأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، فَحُمِلَتْ إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَيُّوْبُ: فَلَمَّا جَاءتْنِي الكُتُبُ، أَخْبَرْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ، وَقُلْتُ لَهُ: أُحَدِّثُ مِنْهَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
ثُمَّ قَالَ: لاَ آمُرُكَ، وَلاَ أَنْهَاكَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَيُّوْبَ وَزَنَ كِرَاءَ حِمْلِهَا بِضْعَةَ عَشَرَ دِرْهَماً، فَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: جِيْءَ بِهَا فِي عِدْلِ رَاحِلَةٍ.وَقَدْ أَخْبَرَنِي عَبْدُ المُؤْمِنِ شَيْخُنَا: أَنَّ أَبَا قِلاَبَةَ مِمَّنْ ابْتُلِيَ فِي بَدَنِهِ وَدِيْنِهِ، أُرِيْدَ عَلَى القَضَاءِ، فَهَرَبَ إِلَى الشَّامِ، فَمَاتَ بِعَرِيْشِ مِصْرَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقَدْ ذَهَبَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاَهُ وَبَصَرُهُ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ حَامِدٌ شَاكِرٌ.
وَكَذَا أَرَّخَ مَوْتَهُ: شَبَابٌ، وَأَبُو عُبَيْدٍ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: سَنَةَ أَرْبَعٍ، أَوْ خَمْسٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ، أَوْ سَبْعٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ، أَنْبَأَنَا مَحْمُوْدٌ الأَزْدِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ الجَرَّاحِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو العَبَّاسِ المَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي: أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُم فِي أَمْرِ اللهِ: عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُم حَيَاءً: عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُم لِكِتَابِ اللهِ: أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُم: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُم بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ: مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، أَلاَ وَإِنَّ أَمِيْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجرَّاحِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، صَحِيْحٌ.
وَبِهِ فِي (سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ) : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ دَاوُدَ العَطَّارِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي: أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُم فِي دِيْنَ اللهِ: عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُم حَيَاءً: عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُم بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ: مُعَاذٌ، وَأَفْرَضُهُم: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُم: أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
قُلْتُ: سُفْيَانُ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=114516&book=5519#647edc
أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح اسْمه عَامر بن عبد الله
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=114516&book=5519#5a164b
أبو عبيدة بن الجراح اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر قال النبي صلى الله عليه وسلم لكل أمة أمين وأمين هذه الامة أبو عبيدة بن الجراح توفى في طاعون عمواس بالشام سنة ثماني عشرة في خلافة عمر بن الخطاب
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=114516&book=5519#d76de1
أبو عُبَيدة بن الجَرَّاح . اسمه عامر بن عبد اللَّه بن الجراح وقيل: عبد اللَّه بن عامر بن الجراح، والأول أكثر وأشهر. قد نسبناه في باب من اسمه عامر من كتاب الصحابة من بنى فِهْر من قريش. كان أحد فضلاء الصحابة، شهد بدرًا وما بعدها من المشاهد، وذكره ابن إسحاق والواقدى في من هاجر إلى أرض الحبشة ولم يذكره فيهم موسى بن عقبة، وقد ذكرنا طرفًا من فضائله في بابه في الصحابة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=114516&book=5519#55b8b0
أبو عبيدة بن الجراح
ب ع س: أبو عبيدة بزيادة هاء هو أبو عبيدة بن الجراح قيل اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح وقيل عبد الله بن عامر والأول أصح.
وهو: عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر القرشي الفهري.
أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وشهد بدرا، وأحدا، وسائر المشاهد مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية.
(1912) أخبرنا عبيد الله بن أحمد، بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة من بني الحارث بن فهر: أبو عبيدة وهو: عامر بن عبد الله بن الجراح
(1913) وبالإسناد عن ابن إسحاق فيمن شهد بدرا: أبو عبيدة وهو عامر بن عبد الله بن الجراح ولما دخل عمر بن الخطاب الشام، ورأى عيش أبي عبيدة، وما هو عليه من شدة العيش، قال له: كلنا غيرته الدنيا غيرك يا أبا عبيدة.
وقد ذكرناه في عامر بن عبد الله، وتوفي في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة وصلى عليه معاذ بن جبل.
قال سعيد بن عبد الرحمن بن حسان: مات في طاعون عمواس خمسة وعشرون ألفا وقيل: مات من آل صخر عشرون فتى، ومن آل المغيرة عشرون فتى، وقيل: بل من ولد خالد بن الوليد.
أخرجه أبو عمر، وأبو نعيم، وأبو موسى.
ب ع س: أبو عبيدة بزيادة هاء هو أبو عبيدة بن الجراح قيل اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح وقيل عبد الله بن عامر والأول أصح.
وهو: عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر القرشي الفهري.
أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وشهد بدرا، وأحدا، وسائر المشاهد مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية.
(1912) أخبرنا عبيد الله بن أحمد، بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة من بني الحارث بن فهر: أبو عبيدة وهو: عامر بن عبد الله بن الجراح
(1913) وبالإسناد عن ابن إسحاق فيمن شهد بدرا: أبو عبيدة وهو عامر بن عبد الله بن الجراح ولما دخل عمر بن الخطاب الشام، ورأى عيش أبي عبيدة، وما هو عليه من شدة العيش، قال له: كلنا غيرته الدنيا غيرك يا أبا عبيدة.
وقد ذكرناه في عامر بن عبد الله، وتوفي في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة وصلى عليه معاذ بن جبل.
قال سعيد بن عبد الرحمن بن حسان: مات في طاعون عمواس خمسة وعشرون ألفا وقيل: مات من آل صخر عشرون فتى، ومن آل المغيرة عشرون فتى، وقيل: بل من ولد خالد بن الوليد.
أخرجه أبو عمر، وأبو نعيم، وأبو موسى.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=114516&book=5519#2dc209
أَبُو عبيدة بْن الجراح
قيل اسمه عامر بن الجراح وقيل: عبد الله ابن عامر بْن الجراح. والصحيح أن اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال ابْن أهيب بْن ضبة بْن الحارث بْن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي الفهري. شهد بدرا مع النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما بعدها من المشاهد كلها.
وذكر ابْن إِسْحَاق والواقدي أنه هاجر الهجرة الثانية إِلَى أرض الحبشة، ولم يذكر ذلك ابْن عقبة ولا غيره.
وَهُوَ الَّذِي انتزع من وجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلقتي الدرع يوم أحد فسقطت ثنيتاه، وَكَانَ لذلك أثرم، وَكَانَ نحيفًا معروق الوجه، طوالًا أجنأ، وَهُوَ أحد العشرة الَّذِينَ شهد لهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة، وَكَانَ من كبار الصحابة وفضلائهم، وأهل السابقة منهم رضوان اللَّه عليهم
أجمعين قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة
أَبُو عبيدة بْن الجراح. وَقَالَ أَبُو بَكْر الصديق يوم السقيفة: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين- يعني عمر وأبا عبيدة. وَقَالَ عمر إذ دخل عَلَيْهِ الشام وَهُوَ أميرها: كلنا غيرته الدنيا غيرك يَا أبا عبيدة. وله فضائل جمة.
توفي رضي اللَّه عنه وَهُوَ ابْن ثمان وخمسين سنة فِي طاعون عمواس سنة ثمان عشرة بالأردن من الشام وبها قبره، وصلى عَلَيْهِ معاذ بْن جبل، ونزل فِي قبره معاذ، وعمرو بْن العاص، والضحاك بْن قيس وذكر المدائني، عَنِ العجلاني، عَنْ سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن حسان- قَالَ: مات فِي طاعون عمواس ستة وعشرون ألفًا. ويقال: مات فيه من آل صخر عشرون فتى، ومن آل الوليد بْن الْمُغِيرَةِ عشرون فتى. وقيل: بل من ولد خالد بْن الوليد.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَهْلِ نَجْرَانَ: لأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ، فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. وَرَوَى عَفَّانُ وَغَيْرُهُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنّ أَهْلَ الْيَمَنِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلا يُعَلِّمُنَا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَقَالَ: هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
قيل اسمه عامر بن الجراح وقيل: عبد الله ابن عامر بْن الجراح. والصحيح أن اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال ابْن أهيب بْن ضبة بْن الحارث بْن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي الفهري. شهد بدرا مع النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما بعدها من المشاهد كلها.
وذكر ابْن إِسْحَاق والواقدي أنه هاجر الهجرة الثانية إِلَى أرض الحبشة، ولم يذكر ذلك ابْن عقبة ولا غيره.
وَهُوَ الَّذِي انتزع من وجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلقتي الدرع يوم أحد فسقطت ثنيتاه، وَكَانَ لذلك أثرم، وَكَانَ نحيفًا معروق الوجه، طوالًا أجنأ، وَهُوَ أحد العشرة الَّذِينَ شهد لهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة، وَكَانَ من كبار الصحابة وفضلائهم، وأهل السابقة منهم رضوان اللَّه عليهم
أجمعين قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة
أَبُو عبيدة بْن الجراح. وَقَالَ أَبُو بَكْر الصديق يوم السقيفة: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين- يعني عمر وأبا عبيدة. وَقَالَ عمر إذ دخل عَلَيْهِ الشام وَهُوَ أميرها: كلنا غيرته الدنيا غيرك يَا أبا عبيدة. وله فضائل جمة.
توفي رضي اللَّه عنه وَهُوَ ابْن ثمان وخمسين سنة فِي طاعون عمواس سنة ثمان عشرة بالأردن من الشام وبها قبره، وصلى عَلَيْهِ معاذ بْن جبل، ونزل فِي قبره معاذ، وعمرو بْن العاص، والضحاك بْن قيس وذكر المدائني، عَنِ العجلاني، عَنْ سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن حسان- قَالَ: مات فِي طاعون عمواس ستة وعشرون ألفًا. ويقال: مات فيه من آل صخر عشرون فتى، ومن آل الوليد بْن الْمُغِيرَةِ عشرون فتى. وقيل: بل من ولد خالد بْن الوليد.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَهْلِ نَجْرَانَ: لأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ، فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. وَرَوَى عَفَّانُ وَغَيْرُهُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنّ أَهْلَ الْيَمَنِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلا يُعَلِّمُنَا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَقَالَ: هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ.